يناير19: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه

يناير19: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه


01-07-2013, 08:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=420&msg=1357545439&rn=1


Post: #1
Title: يناير19: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-07-2013, 08:57 AM
Parent: #0

اليوم السابع من شهر يناير 2013 الذكرى 28 على المحكمة المهزله، التي عقدت للأستاذ محمود محمد طه، وقد كانت عبارة عن تآمر واضح من أشباه وأنصاف رجال، أعماهم الحسد والحقد، فدبروا بليل محكمة حكمها كان جاهزا.. الأستاذ محمود فوت عليهم فرصة اذلاله بعدم تعاونه مع محكمة الموضوع بهذه الكلمات التاريخيه..




سيكون يوم 19 يناير2013 هو يوم الاحتفال بهذه الذكرى العظيمه وسنواليكم بافراد فقرات البرنامج الذي نرجو أن يكون حافلا.. والدعوة مفتوحة للجميع منذ الآن..

Post: #2
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لأغتيال الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-07-2013, 09:19 PM

الأحتفاء بالكلمات النواضر..

Quote: من أقوال الأستاذ محمود محمد طه

بشــارة

الإسلام عائد عما قريب بعون الله وبتوفيقه .. هو عائد ، لأن القران لا يزال بكراً ، لم يفض الأوائل من أختامه غير ختم الغلاف .. وهو عائد لأن البشرية قد تهيأت له ، بالحاجة إليه وبالطاقة به .. وهو سيعود نوراً بلا نار ، لأن ناره ، بفضل الله ثم بفضل الاستعداد البشرى المعاصر ، قد أصبحت كنار إبراهيم برداً وسلاماً .. إن العصر الذى نعيش فيه اليوم عصر مائى ، وقد خلّفنا وراءنا العصر النارى .. هو عصر مائى ، لأنه عصر العلم .. العلم المادى المسيطر اليوم والعلم الدينى - العلم بالله - الذى سيتوّج ويوجه العلم المادى الحاضر غداً .. وفى عصر العلم تصان الحرية وتحقن الدماء وتنصب موازين القيم الصحائح ..

البصيرى إمام المديح يقول :
شيئان لا ينفى الضلال سواهما * نورٌ مفاضٌ أو دمٌ مسفوحُ

وقد خلفنا وراءنا عهد الدم المسفوح ، فى معنى ما خلفنا العصر النارى ، وأصبحنا نستقبل تباليج صبح النور المفاض .. بل أن هذا النور قد إستعلن على القمم الشواهق من طلائع البشرية ، ولن يلبث أن يغمر الأرض من جميع أقطارها .. وسيردد يومئذٍ ، لسان الحال ولسان المقال ، قول الكريم المتعال :
(( الحمد لله الذى صدقنا وعده ، وأورثنا الأرض ، نتبوأ من الجنة حيث نشاء ، فنعم أجر العاملين ))

الأستاذ محمود محمد طه
رسالة الصلاة - إبريل 1979

Post: #3
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لأغتيال الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-07-2013, 09:27 PM
Parent: #2

فوق

Post: #4
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لأغتيال الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-08-2013, 00:31 AM
Parent: #3

الاحتفال سيكون عبارة عن:
انشاد عرفاني
معرض الفكر الجمهوري
عرض لكتب الأستاذ محمود محمد طه
عالمية الفكرة الجمهورية
ركن نقاش مفتوح عن الفكرة الجمهورية - تقديم د. أحمد دالي

تم تخصيص مكان للأطفال أثناء فعاليات الاحتفال..

Post: #5
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لأغتيال الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-08-2013, 09:16 AM
Parent: #4


Post: #6
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لأغتيال الأستاذ محمود محمد طه
Author: rani
Date: 01-08-2013, 09:22 AM
Parent: #5

بنحاول نصلكم كان ربنا سهل

Post: #7
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لأغتيال الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-08-2013, 09:27 AM
Parent: #5

ustazJPG2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #8
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لأغتيال الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-08-2013, 09:30 AM
Parent: #7

تسلم يا راني.. ويا ريت تتمكنوا من مشاركتنا..

لك خالص التحايا

Post: #9
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لأغتيال الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-08-2013, 07:08 PM
Parent: #8

sudansudansudansudan_sudansudansudansudansudan1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #10
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لأغتيال الأستاذ محمود محمد طه
Author: Abureesh
Date: 01-08-2013, 07:48 PM
Parent: #9

سلام يا خالد،
كيفك وبثينـة والعيال..

كل بفهمـه ولا شك فى حسن النوايـا..

لكن

لا يؤذى بصرى وشعورى أكثر من أقرأ ان هناك من (يحتفل) بذكرى إغتيال الأستـاذ..

ما تحتاج ترد او تعلق يا خالد، فقد اهرق مداد كثير فى هـذا الموضوع، ولكن فقط اردت أن أبث حزنى الى الله.

Post: #11
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-09-2013, 09:24 AM
Parent: #10

Thank you Dear Mohamed Osman

Post: #12
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: عبدالله عثمان
Date: 01-09-2013, 09:40 AM
Parent: #11

سلام يا سيدنا خالد
الى الأمام

Post: #13
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-09-2013, 10:02 AM
Parent: #12

Quote: في ذكرى الاستقلال

د. عمر القراي


من زيّف تاريخنا؟! (1-3)

تهتم كل أمة من الأمم بتاريخها، وتحاول أن ترصده بدقة، وبحيدة تكاد تبلغ حدّ التقديس.. ثم تبسطه في مناهج التعليم، في مختلف المراحل، مما يزيد من ارتباط الناشئة بأوطانهم، وشعورهم بالعزة والفخار، لانتمائهم لتلك الأوطان، وكونهم من أحفاد العظماء الذين روى التاريخ مآثرهم.. ولما كانت الأحداث تشمل كل المواطنين، بمختلف تياراتهم الفكرية والسياسية، فإن كتّاب التاريخ في الدول التي تحكمها نظم ديمقراطية، قد درجوا على تقصي الحقائق، وذكر إيجابيات جماعات يختلفون معها فكرياً، أو سياسياً، أو دينياً، فلا يكتب التاريخ بعزل فئة مهما كان إسهامهاً محدوداً..
أما نحن في السودان، فلم نعرف الحياد، فقد درجنا على إدخال توجهاتنا السياسية، وأغراضنا الشخصية، في التاريخ، وكتابته من وجهة نظر متحيّزة، ضيّقة، تحجب مآثر من نظن أنهم أعداءنا، أو خصومنا الفكريين والسياسيين، في محاولة يائسة، للإنتصار عليهم.
ولعل أكبر من حجب تاريخه عن الأجيال، الأستاذ محمود محمد طه.. فلم تدرس مقاومته للاستعمار، ولم يذكر مجرّد ذكر في كتب التاريخ، بل لم يتناول المثقفون والكتاب السودانيون -باستثناء قلة- فكره بالمناقشة أو النقد، مثلما ما فعلوا بكتابات أقل شمولاً وعمقاً.. ولقد تآمروا بصمتهم عن فكره، مع الجهات الرسمية، التي أرادت أن تخفي فكرته بكل سبيل، رغم أنها الفكرة السودانية الوحيدة.. وحتى حين وقف في وجه قوانين سبتمبر، وأعلن أنه يعارضها، لأنها وضعت، واستغلت، لإذلال الشعب، ثم بذل حياته ثمناً لمقاومتها، وثار الشعب لذلك، وأسقط نظام نميري بعد 76 يوماً، استكثر الزعماء وهم يحتفلون بزوال نظام السفاح، وبالمناصب التي تقلّدوها بسبب زواله، أن يذكروا الرجل في مناسباتهم الرسمية، أو يسموا باسمه شارعاً، أو ميداناً أو قاعة في جامعة..
وحتى نقلل من هذا الحيف، وهذا الجور، ونعرّف الشباب بهذه الشخصية، السودانية المجهولة، نود أن نلقي بعض الضوء، على بذله في مناسبة الاستقلال، لعل القراء يعرفون من الذي صنع الاستقلال، ومن الذي نال الشكر والحمد عليه.

السفر الأول:

نشأ الحزب الجمهوري في أكتوبر 1945م، وكان أول ما أعلن به عن ظهوره، كتيب صغير سماه السفر الأول. ولقد كانت الحركة الوطنية، في ذلك الوقت، تتحرّك من مؤتمر الخريجيين نحو تكوين الأحزاب الكبرى. ولقد كان أمل الشعب معلّقاً بهذه الأحزاب وبالمؤتمر، ولذلك لم يقدّم نقداً لهما، يضع يده على الخلل، ويطرح البديل.. ولقد جاء عن ذلك: «...فعندما قيّض الله للبلاد فكرة المؤتمر استجابت لها، والتفت حولها، فدرج المؤتمر مرعياً مرموقاً.. وانخرط الخريجون بزمامه في حماس باد، وأمل عريض.. فدعا إلى إصلاحات جمّة، فأصاب كثيراً من النجاح، ووفق، بوجه خاص، في يوم التعليم.. فقد جمع الأموال وافتتح المدارس في شتى أنحاء القطر، أو، إن أردت الدقة، أنه ساعد العاملين من أبناء مدن القطر على إنشاء المدارس الوسطى التي أرادوها، وقد كان، كلما أنشأ مدرسة، أو ساعد على إنشاء مدرسة، تخلى عنها لمصلحة المعارف تسييرها وفق مناهجها وأولاها ظهره، وتطلّع لغيرها.. فقد جعل وكده إنشاء المدارس ولا شيء بعد ذلك.. ولدت الحركة السياسية في المؤتمر، وذلك يوم بعث بمذكرة للحكومة يطالب فيها إلى جانب حقوق أخرى بحق تقرير المصير.. ولقد أحاط المؤتمر هذه المذكرة بتكتم رصين، عاشت فيه، حتى اللجان الفرعية في ظلام دامس.. ثم أخذ يتداول مع الحكومة الردود بهذا الشأن بدون أن يعنى بأن يقول للجان الفرعية، بل الشعب، كيف يريد أن يكون هذا المصير الذي يطلب أن يمنح حق تقريره.. ثم انقضت فترة، ومشت في المؤتمر روح شعبت أتباعه، شيعاً، على أساس الصداقات، وتجانس الميول، بادئ الرأي، ثم اتخذ كل فريق اسماً سياسياً، وجلس يبحث مبادئه، ودساتيره.. فمنهم من يريد للبلاد اندماجاً مع مصر، ومنهم من يريد لها اتحاداً، ومنهم من يريد لها شيئاً لا هو بهذا، ولا هو بذاك، وإنما هو يختلف عنها اختلافاً، هو على أقل تقدير، في أخلاد أصحابه، كاف ليجعل لهم لوناً يميّزهم عن هؤلاء، وأولئك.. انبثت هذه الأحزاب، وتعددت، واختلفت، فيما يوجب الاختلاف، وفيما لا يوجب الاختلاف.. ولكنها كلها متفقة على الاحتراب على كراسي المؤتمر، وعلى الاستمرار في حرب المذكرات هذه، مع الحكومة. وان الحال لكذلك، وإذا بالخبر يتناقل بقرب مولد حزب جديد. ثم ولد حزب الأمة بالغاً مكتملاً.. وجاء بمبادئ يغاير المعروف منها مبادئ الأحزاب الأخرى مغايرة تامة، ويكشف المجهول منها غموض يثير الريب.. والمؤتمر في دورته هذه بيد الأشقاء، وهم قد كان مبدؤهم الإندماج التام، أول أمرهم، ولكنهم، عندما قدّموا مذكرتهم للحكومة -حسب العادة المتبعة- ظهر أنهم اعتدلوا، وجنحوا إلى الاتحاد، ولكن الحكومة ردت عليهم رداً لا يسر صديقاً.. فعكفوا عليه يتدارسونه حسب العادة أيضاً، ولكن هذه مساعي التوفيق تسعى، بين الأحزاب، لتتحد، وتقدّم مذكرة جديدة للحكومة.. فكانت مساومات وكانت ترضيات.. بين من يريدون الإنجليز، وبين من يريدون المصريين، وظهرت الوثيقة -هكذا أسموها هذه المرة- الوثيقة التي تنص على حكومة ديمقراطية حرة، في اتحاد مع مصر، وتحالف مع بريطانيا.. ولسائل أن يسأل: لماذا لم يسر المؤتمر في التعليم الأهلي على هدى سياسة تعليمية موضوعة، منظور فيها إلى حاجة البلاد كلها في المستقبل القريب والبعيد؟ ولماذا لم يعن المؤتمر، بمناهج الدراسة، كما عني بإنشاء المدارس؟ وله أن يسأل لماذا، عندما ولدت الحركة السياسية في المؤتمر، اتجهت إلى الحكومة تقدّم لها المذكرات تلو المذكرات ولم تتجه إلى الشعب، تجمعه، وتنيره، وتثيره لقضيته؟؟ ولماذا قامت عندنا الأحزاب أولاً، ثم جاءت مبادؤها أخيراً؟؟ ولماذا جاءت هذه المبادئ حين جاءت مختلفة في الوسائل مختلفة في الغايات؟؟ ولماذا يحدث تحوّر، وتطوّر، في مبادئ بعض هذه الأحزاب، بكل هذه السرعة؟ ثم لماذا تقبل هذه الأحزاب المساومة، في مبادئها، مساومة جعلت أمراً كالوثيقة عملاً محتملاً، وقد وقع واستبشر بع بعض الناس؟
نعم لسائل أن يسأل عن منشأ كل هذا -والجواب قريب هو انعدام الذهن الحر، المفكر، تفكيراً دقيقاً، في كل هذه الأمور...» (محمود محمد طه: السفر الأول 1945).

مقاومة الاستعمار:

لقد اتجهت الأحزاب، إلى بلورة الرأي العام، حول الوثيقة التي تدعو للاتحاد مع مصر والتحالف مع بريطانيا، وتكون على أساسها، الوفد الذي أعد ليسافر إلى مصر، فقد جاء «أن الوفد السوداني عقد مؤتمراً صحفياً أعلن فيه: أن مطالب السودانيين تتلخّص في:
(1) إقامة حكومة سودانية ديمقراطية حرّة في اتحاد مع مصر وقد ترك تحديد نوع هذا الاتحاد معلقاً لم يبت فيه.
(2) مصر والسودان سيقرران معاً طبيعة هذا الاتحاد.
(3) عقد محالفة مع بريطانيا العظمى على ضوء هذا الاتحاد المصري السوداني». (جريدة الرأي العام بتاريخ الأربعاء 28/3/1946).
وبين ما كان هذا اتجاه الأحزاب الكبرى، وضع الأستاذ محمود ورفاقه، الأفكار التي يريدونها في دستور حزبهم، ومنشوراته، ثم أخذوا يطبقون رؤيتهم تماماً، حسب ما نقدوا الأحزاب الأخرى، فاتجهوا إلى الشعب مباشرة يثيرونه ضد الاستعمار، بالمواقف الصادقة، وبالرأي السديد.. ومن ذلك مثلاً نقرأ (مثل الأستاذ محمود محمد طه المهندس أمس أمام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهماً من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الإخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقّع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيهاً لمدة عام لا يشتغل خلالها بالسياسة ولا يوزّع منشورات. ويودّع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك.. ولكن الأستاذ محمود رفض التوقيع، مفضلاً السجن، وقد اقتيد لتوّه إلى سجن كوبر (الرأي العام- 3/6/1946م). بهذا الاعتقال أصبح الأستاذ محمود محمد طه، أول معتقل سياسي، في مستهل الحركة الوطنية. ولمّا كان قد فضّل الاعتقال بغرض تصعيد المواجهة، وتحريك الشعب، فقد رفض الانصياع لقوانين السجن، حتى عوقب عقوبات مضاعفة داخل السجن.. وكانت السلطة البريطانية، في حيرة من أمره، لأنها لم تكن لها سابق تجربة مع معتقلين غيره، ولأنه كان قد فاجأها في كل لحظة بما لم تتوقّعه.. فقد رفض أن يعمل كما يعمل المساجين، ليؤرخ لضرورة التمييز بين المعتقل السياسي والمجرم العادي، بل رفض أن يقف لضابط السجن، وأخبره أنه ليس لديه مشكلة معه، ولكنه لم يعص الحكومة في الخارج، ليطيعها في الداخل.. وعن ذلك نقرأ (بيانا رسميا من مكتب السكرتير الإداري عن رئيس الحزب الجمهوري: «ظهرت بيانات في الصحف المحلية حديثاً بخصوص محمود محمد طه الذي هو الآن تحت الحراسة بالخرطوم بحري نتيجة لرفضه أن يمضي كفالة المحافظة على الأمن.. وهذه البيانات قد احتوت على معلومات غير دقيقة، والحقائق كالآتي: لمدة يومين رفض محمود محمد طه أن يشتغل، وهذا يخالف قوانين السجن فلم يعمل له أي شيء في اليوم الأول، أما في المرة الثانية فقد حكم عليه بالبقاء ثلاثة أيام «بالزنزانة» و«الأكل الناشف» ولو أنه رفض أيضاً أن يقف عند الكلام مع ضابط السجن فإن العقوبة التي نالها الآن لم تعط له نتيجة المخالفة لنظام السجن، وبهذه المناسبة يجب أن يعلم أن كل المساجين مهما كانت جنسياتهم يجب أن يقفوا إلى ضابط السجن انجليزياً كان أم سودانياً»). (الرأي العام- 26/6/1946م).
وحين كان الأستاذ محمود يقاوم الاستعمار، من داخل السجن، كان رفاقه في الحزب الجمهوري، يصعّدون المقاومة في الخارج، فقد نشرت جريدة (الرأي العام)، في نفس الأسبوع الذي سجن فيه الأستاذ، الخبر التالي:
(ألقى الأستاذ أمين محمد صديق سكرتير الحزب الجمهوري خطاباً عاما أمس الأول عن الجنوب في الخرطوم بحري في جمهور كبير أمام السينما الوطنية، وأعاد إلقاءه مرة أخرى في نفس الليلة في مكان آخر في الخرطوم بحري، وقد استدعاه البوليس هذا الصباح وحقق معه فاعترف بكل ما حصل وزاد بأن هذا جزء من خطط كبير ينفذه الحزب الجمهوري).
ولما تصاعدت المقاومة من الجمهوريين، على قلة عددهم في ذلك الوقت، خشيت الحكومة البريطانية من تعاطف الشعب معهم، فأطلقت سراح الأستاذ محمود. وبالرغم من أن الحزب الجمهوري قد كان الأصغر، من بين الأحزاب، ألا أن مئات التهاني، وعبارات التضامن والتقدير، للدور الوطني، الذي لعبه رئيسه، قد وردتهم من جميع أنحاء السودان، مما يدل على استعداد الشعب للثورة، لو أن قادته قد كانوا في المستوى المطلوب..
ويكفي أن نذكر بعض تلك البرقيات التي وردت للحزب الجمهوري آنذاك، عرفاناً لأصحابها الأحياء منهم، والأموات، فقد دخلوا بها التاريخ:

(سكرتير الحزب الجمهوري- أم درمان
كان سجن الرئيس درساً وطنياً قيّماً لشباب الجيل في الإيمان والروح وقد سررنا لخروجه لا شفقة عليه ولكن ليواصل الجهاد الوطني.
حسن بابكر- القضارف 24/7/1946).

(محمود محمد طه- الحزب الجمهوري أم درمان:
تأكل النار الصدأ واللمما وبها يسمو كريم الذهب
ويرى الحر العذاب المؤلما لذة في الحق يا للعجب
يا سجيناً قدره قد عظما وسما حتى جثا في السحب.
أحمد محمد عثمان- عطبرة 29/7/1946).

(الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري- أم درمان
أعضاء جبهة المؤتمر الوطنية بالأبيض يرون في خروجك من السجن آية واضحة للإيمان بالوطنية الصادقة ويعدّون جهادكم رمزاً للكرامة السودانية، فبقلوب مفعمة بالغبطة يشاركون إخوانهم الجمهوريين السرور بعودتكم لميدان الجهاد.
السكرتارية 24/7/1946).

(أمين صديق، البوستة الخرطوم للرئيس
دخلته رجلاً وغادرته بطلاً وضربته مثلاً.
علي عبد الرحمن- الأبيض 32/7/1946م).

(سكرتير الحزب الجمهوري- الخرطوم
إن جميع أعضاء الجبهة الوطنية بسنجة مستبشرون بالإفراج عن رئيس حزبكم العظيم وهم جميعاً يبتهلون إلى الله أن يسدد خطاكم ويتمنون للرئيس العافية وحسن الجهاد.
سكرتير عام الجبهة الوطنية- سنجة 2/8/1946م).

(محمود محمد طه- أم درمان
عرفنا فيك المثل الأعلى منذ عهد الطلب، فسرّنا أن يعرف القاصي والداني هذا القلب الكبير.
صديق الشيخ- كوستي 30/7/1946).

(محمود محمد طه- أم درمان
أوفيت كرامة السودان وإبائه حقهما- فلتعش رمزاً صادقاً للوطنية الخالصة، لك تقديرنا وإعجابنا.
اتحاد طلبة كردفان- الأبيض 23/7/1946م).

(محمود محمد طه- أم درمان
لقد سجّلت بعزمك القوي وإيمانك الصادق فخراً للأجيال فلتعش مرفوع الرأس.. لك مني التهاني.
الطيب حسن/ عطبرة 24/7/1946م).

د. عمر القراي

Post: #14
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Sabri Elshareef
Date: 01-09-2013, 11:38 AM
Parent: #13

عاشت ذكري الاستاذ بصيص ضوء يفضي للمعرفة والنور

Post: #15
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: بثينة تروس
Date: 01-10-2013, 00:09 AM
Parent: #14

Quote: محمود الذي عرفت
د. منصور خالد
محمود الذي عرفت

د. منصور خالد

مئوية الأسـتاذ محمـود محمـد طـه 1909م – 2009م
(الذكرى الرابعة والعشرين لإستشهاده 1985م)

مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية
الخرطوم 22/1/ 2009م


عندما جوبهت بسؤال عن الموضوع الذي أتمنى إختياَره للحديث عن شهيد الفكر محمود في مئويته، بل في الذكرى الرابعةِ والعشرين لإستشهاده، توقفت مرة بعد مرةً، فمحمودٌ رجلٌ لكل الفصول (A man for All Seasons)، ذلك وصف أطلقه الفيلسوف الهولندي إيراسموس الملقب بأمير الإنسانويين على شهيد فكر آخر، هو السير توماس مور، رئيس مجلس اللوردات البريطاني في عام 1529م على عهد الملك هنري الثامن. ليس بين الرجلين عُلقةٌ في الفكر، بل تشابهٌ في الصدق مع النفس حتى الموت. وعندما تمنى علىَّ منظمو الحفل أن أتحدثَ عن الفكر السياسي عند محمود إزدَدتُ إحترازاً لأن إقبالَ الأستاذ الشهيد على الفكر السياسي كان مختلفاً جداً عما يُطلِق عليه البعضُ أسم الفكر السياسي في السودان، وهو ليس منه في شئ.

العنوان الذي إخترت للحديث: "محمود محمد طه الذي عرفت" فيه مجالٌ للتوسعة بدلاً عن الحصار والتضييق. و الهدف من الحديث ليس هو شرح او تشريح أفكار الاستاذ، وانما هو القاء اضاءة كاشفة عن تنوع معارفه، وجديته في االإقبال علي القضايا العامة، ثم صدقه مع نفسه في القول و العمل. ولئن سأل سائل: كيف عَرفَتُ الأستاذ، ولماذا حَرَصتُ على معرفته، أجيبُ انني عرفت ذلك المفكر الفهامه أولاً كما ينبغي أن يُعرف المفكرون. المفكر يعرفه الناس من قراءة ما كتب والتملي فيما كتب. والمفكر تشدُ الناسَ اليه نجاعةُ الفكر، وفصاحةُ الأسلوب، وبدائعُ التفسير، ثم البلاغة في تصريف المعاني. كثيرٌ من الذين تصدوا لأفكار الراحل إبتنوا معرفتهم لأفكاره على السماع لم يروموا من ذلك غير غرض واحد هو التشهير. ومن بين أولئك طائفةٌ من المتربصين سارعت إلى قراءةِ ما بين السطور، قبل قراءة السطور، ناهيك عن التمعن فيها، ومن ثَم ذهبت تلك الطائفة إلى إختراص المعاني التي يريدون عبر تلك القراءة الزائفة حتى يُقَدروا عليها الأحكام بالظن، وبعضُ الظن إثم.

سعيتُ من بعد القراءة والتملي فيما قرأتُ إلى لقاء الرجل، ليس فقط رغبة في الحوار معه حول بعضِ أفكاره، وإنما أيضاً لأكتنِه أمرَه: ما الذي كان الأستاذ يبتغي مما يدعو له؟ وعلي أي أساس كان يخاصم ويصطلح؟ وما هو معيارُه في الحكم على البشر، وبخاصة الحواريين من حوله؟ الغاية من ذلك الحوار كانت هي الإدراكُ السليمُ لكيف يستبطنُ المفكرُ الداعيةُ القيمَ التي يدعو لها، أي التعرفَ إلى مخبره قبل مظهره. تعرفت على محمود أيضاً من خلال تجارب اخوة لي لم يكونوا أبداً من بين صحبه وناصريه ولكن شاءت الظروف ان يرافقوا الإستاذ في مرحلة من مراحل حياته فأحبوه، ورأوا فيه من الخصائص والخلال ما لم يروه في غيره من الرجال. هذه هي المداخل التي قادتني للتعرف على رجل هو بكل المعايير رجلُ وَحْدَه.

فمحمودٌ مفكرٌ دينيٌ مجدد ساءه أن يتظنى الأغيار، بل بعضُ المسلمين، ان الإسلام في ازمة، وانه عقبةٌ في سبيل التطور والتحديث. محمود رأي غيرَ ذلك. العقبة في رأيه هي الفهمُ القاصرُ للدين، وليس الدينُ نفسَه. والمأزوم هو المسلمُ المتقاصرُ عن فهم الدين فهما صحيحاً، وليس الإسلام.

محمود أيضاً مثقف موسوعي لم ينبذْ الأفكارَ المعاصرة او يناهضها دون علم و دراية بها، بل ذهب لتقصي إصولها ودارسة تجاربها شأن الباحث المدقق والامين في آن واحد. ذهب لدراسة الماركسية لينفذ الي حسناتها ويبين سيئاتها. من حسناتها في رأيه تحليلها للإقتصاد وإبرازها لدور الإقتصاد في مراحل التطور التاريخي للإنسانية، ومن سيآتها، حسب رأيه، إتخاذ العنف وسيلة للتغيير. كما درس الحضارة الغربية ورأي وجهيها، فحسب قولهَ لتلك الحضارة "وجه حسن مشرق الحسن ووجه دميم". حسنُها في الكشوف العلمية التي اخصبت الحياة البشرية، ودمامتها في القصور عن التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة. وهكذا دواليك كان إقترابه من تحليل اللبرالية والفكر القومي، ومناهج الحكم.

هو أيضاً متصوف زاهد إخشوشنت حياتُه بإختياره حتى خَمُص بطنه ورب مخمصةٍ خيرٌ من التُخَم. ورغم مهنيته التي اثرى منها رفاقُه في المهنة إلا انه لم يوظف مهنَته تلك ليوثِنَ (يكثر) في المال، بل ظل يُبقى منه ما يقيم الأود ثم يعفو ما فاض عن حاجته.

هو سياسي حمله جَدْب البيئة السياسية إلى أن يُرَوي بفكره عَزازَ ارضها. وكان له في ذلك قول يعود الي عهد مؤتمر الخريجين عندما قال في السفر الأول : "أول ما يؤخذ علي الحركة الوطنية انصرافها التام عن المذهبية التي تحدد الغاية وترسم الطريقة التي تحقيقها". ذلك رأي عاد إليه بعد إنتفاضة إكتوبر 1964م فوصفها بأنها فترة إكتملت فيها مرحلة العاطفة السامية التي جمعت الشعب على إرادة التغيير لكن لم تملك بعد فكرة التغيير. من ذلك نستجلي أن الأستاذ كان لا يرى مستقبلاً لأي تطور سياسي إلا أن إهتدى العمل السياسي بفكرة ورؤية. وفي هذا المجال أقبل الاستاذُ على الكتابة في كل ضروب السياسةُ: السياسةُ الحكمية، والسياسة الإجتماعية، والسياسة الثقافية، اي ذهب الي معالجة كل قضايا الناس الحيوية و الحياتية وذلك هو لب السياسة. كان ذلك في وقت لم يتجاوز فيه أهل السياسة التفاصح والتداهي بما ليس فيهم، بحيث أصبحت الفصاحة – والتي هي ليست مرادفاً للبلاغة – هدفاً في حد ذاتها.

لمحمودٍ المجدد، إن ابتغينا التفصيل، رأي في الإسلام، هو ان "الإسلام محاصر في سياج دوغماطي مغلق" ، وذلك تعبير نقتبسه من المفكر الاسلامي الجزائري محمد اركون. ولا سبيل في رأي محمود لفك مغاليق ذلك السياج الا بقراءة جديدة للإسلام وفق فكرة إبتدعها تقوم على التمييز بين فقه الإصول وفقه الفروع، بين آيات الإصول التي تعبر عن القيم الرفيعة والمبادئ الأساسة التي ما جاء الأسلام إلا لتحقيقها، وبين تلك التي لا تكون فيها التكاليف إلا بوسع الناس على تحملها. وعبر كل ما قرأت للأستاذ المجدد لم أقرأ ما يشي بإنكاره لصلاحية الفقه الموروث في زمانه ومكانه، وإنما إرتأى أن ذلك الفقه والقيم المعيارية الملحقة به لا يصلحان لزمان الناس هذا، لما بين الزمنين من فجوة معرفية وقيمية ومعيارية. فهذا زمان تحكمه عهود دولية حول حقوق الإنسان، وتضبط الحكم فيه والعلاقات بين الأمم على إمتداد العالم مواثيق إرتضتها الدول ولم تنكرها واحدة منها وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة. تلك المواثيق والعهود فرضت واجبات لا تملك دولة التخلي عنها بدعوى خصوصياتها الثقافية.

أزاء ذلك التناقض الظاهري بين الدين والقيم المعيارية الجديدة إنقسم المسلمون إلى فرق. فريق يقول أن لا مكان للدين في الحياة، ولهذا فالدين غيرُ ذي موضوع بالنسبة للحياة، أو لمنظومة السلوك الدولي الجديدة. وفريق ثانٍ يرى في كل ما إبتدعته الإنسانية بِدعاً ضِليله، وكل ضلالة للنار. بعض من هؤلا تصاعد في زماننا هذا بتلك الفكرة المدمرة الى تفريق العالم إلى فسطاطين: فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان. وفريق ثالث لا يريد أن يستقيل عن دينه، كما لا يقدر على الإنعزال عن العالم فيلجأ إلى تخريجات مستنبطة من المفاهيم والأحكام الدينية الموروثة وهي تخريجات تؤكد ولا تنفي دعاوي الذين يقولون بعدم صلاحية الدين للعصر لما في مطاوي تلك التخريجات من تناقض داخلي. و في هذا، هم اما مفكرون قاصرون، أو أدعياء منافقون.

محمود كان من أسبق المفكرين للدعوة لحلول مستمدة من إصول الإسلام، ليس فحسب، ليناهض بها الفكر الموروث الذي لم يعد صالحاً لهذا الزمان، بل ايضاً ليدحض بها الفكر الملتبس أو المتيبس للإسلام حماية للإسلام نفسه، خاصة وهو كله آراء رجال وبالتالي لا قدسية له. بدون قراءة جديدة للمفاهيم والأحكام الدينية السائدة ، يستعصي التكامل بين الدين والحياة. في دعوته تلك، إنطلق الأستاذ من قاعدة إصولية هي ان الإسلام غير معاش على الأرض الآن، لا على مستوى تشريعات الدولة الإسلامية ولا في مستوى أخلاقيات المسلمين.

جاء في الحديث "أن للدين صوى(benchmarks) ومنارات كمنار الطريق"، وعن تلك الصوى كان محمود يبحث. بسبب من ذلك انكر تقديس الاحكام التي لم تعد صالحة لزماننا، وأن صلحت كشريعة لمن قبلنا. انكر أيضاً على المعاصرين من حماة ذلك الفكر المتيبس الدور الوسائطي الذي إفترضوه لأنفسهم بين الأنسان وربه. ذلك كهنوت لا يعرفه الإسلام، بل نعيذ الإسلام منه بذاته وبأسمائه. فكل مسلم في رأي الأستاذ رجل دين. كما ليس في الإسلام وظيفة يطلق عليها وظيفة رجل الدين. ودوننا العراقي أبو حنيفة، وهو من أبرع الأئمة في إستخراج الأحكام الفقهية، كان تاجر خز لم يلهه الإجتهاد عن مهنته.

في عودته للإصول لم ينحُ طه للتجريد وإنما تقفى كل القضايا الحياتية التي شغلت، أو ينبغي أن تشغل، الناس، وعلى رأسهم قياداتهم السياسية. ففي السياسة الحكمية كتب محمود في عام 1955م عن الفيدرالية كأصلح المناهج لنظام الحكم في السودان، في الوقت الذي كان غيرُه يصفُ الفيدراليةَ بأنها ذريعةٌ إستعمارية لتفتيت وحدة السودان وكأنا بهؤلاء لم يكونوا يعرفون كيف وحدتْ الفيدراليةُ دولاً مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وكندا، والبرازيل، والمانيا. وفي السياسةِ الإجتماعية تناول قضيةَ المرأة في وقت لم يكن فيه للمرأةِ مكانٌ إلا أن تكون مستردفةً وراء الرجل حتى بالمعنى الحسي للكلمة، إذ كان بعضُ الرجال يومذاك يستنكف أن تجلس زوجته إلى جواره في السيارة. ما فتئ بعض من هؤلاء ينادي بقوامةِ الرجل على المرأة مهما كان مستوى علمِها ودينِها وخلقها، ولا ضير عندهم إن كانت المرأة هي العالمة مدام كوري الحائزة على جائزة نوبل مرتين، أو الكاتبة البريعة إيملي برونتي، أو شهيدة الحرية بنازير بوتو. كما لا ضيرعندهم ان كان الرجل هو أي فحل جلف ليس له من علم او خلق يتحفل به أمام المرأة التي يطمع في الولاية عليها. هذه النظرة التي تجعل من المرأة ضديداً للرجل نسبها الأستاذ، بحق، إلى الجهل ولهذا كتب: "المرأة ليست عدوة الرجل، الجهل عدوهما، معاً". لذلك فإن موقف الإستاذ الشهيد من قضية المرأة كان من أعظم فتوحاته الفكرية في الحقل الإجتماعي. وكان الأستاذ ينظر للمرأة كإنسان ينبغي الإنتصاف لحقه، أين كان. ويروي لي الراحل الحبيب الدكتور خليل عثمان، وكان قد صَحبَ الأستاذَ في محبسه، كيف أن الأستاذ ظل يُتابعُ إنتخابات الرئاسة الأمريكية: رونالد ريقان وجورج بوش ضد والتر مونديل وجيرالدين فيرارو، ويجاهر بتمنياته لفيرارو بالإنتصار. سأله خليل: ما الذي تَعرفُ عن هذه السيدة حتى تؤيدَها؟ قال الاستاذ: "أنا لا اعرفُها البتة لكني اتمنى لها الإنتصار لأن إنتصارَ المرأةِ أمريكا لإحتلال موقعٍ كهذا هو إنتصار للمرأة في كل مكان". ولعل محموداً قد فطن إلى أن في تحرير المراة تحريراً للمجتمع، وأن في صلاحها صلاحاً للأسرة، فالمرأةُ هي الإنسان كما قال الـروائي الألمــاني المعـروف تومـاس مــــان: "الرجـال هـم الرجـال ولكــــن المـرأةَ هي الإنسـان" (Men are men but woman is man).

كان للأستاذ أيضاً رأي في الحرب والسلام ذهب به إلى جَذر المشكل بعقود من الزمان قبل ان نعترف بذلك في إتفاقية السلام الشامل في يناير 2005م . في تلك الإتفاقية إعترف طرفاها بجذور المشكلة التي ظلت كل القوى السياسية الشمالية تعوص على نفسها الإمور برفضها. بدلاً عن الإعتراف بجذر مشكلة الجنوب إستمرأت تلك القوى البحث عن مشاجب خارجية تُعلق عليها أسباب الخيبة. قال الطرفان في ديباجة بروتوكول ماشكوس: ", وإذ يدركان أن النزاع في السودان هو أطول نزاع في افريقيا، وأنه قد سبب خسائر مريعة في الأرواح، ودمر البنى التحتية للبلاد، وأهدر الموارد الإقتصادية، وتسبب في معاناة لم يسبق لها مثيل، ولا سيما فيما يتعلق بشعب جنوب السودان، وشعوراً منهما بأوجه الظلم والتباين التاريخية في التنمية بين مختلف المناطق في السودان". في ذلك إعتراف منا بأن لمشكل الجنوب إسباباً متجذرة في الداخل. وحقاً، حين كان السودانُ كلهُ يتلظى بنيرانِ الحرب، كان بعضٌ من أهله لا يُخفي فرحتَه بما حقق من إنتصار وهمي. في ذات الوقت ما انفك الأستاذُ ينظر إلى الصورة المتكاملة ولا يتوه في تفاصيلها، أو يهرب إلى الإمام من واقعها الكالح. كان كلما تباهى المنتصرون بقولهم: "لقد قضينا على مائة من الخوارج وأستشهد منا خمسة"، يعقب بالقول: "أما نحن فنقول أن السودان فقد مائة وخمسة من رجاله".

بصورة عامة كان محمودٌ في سَرَعَان الناس (أي أسبقهم) إلى إدراك البعد الوطني لما ظللنا نسميه مشكلة الجنوب. كتب في واحدة من رسالاته ازاء الإسراف في الحديث عن مشكلة الجنوب، وكأن هذا الجنوب هو جنوب المريح: "وللشمال مشكلة أيضاً". بذلك سبق قول الراحل جون قرنق:"مشكلة الجنوب هي فرع (Subset) من مشكلة السودان". هذا طرف من قضايا السياسة التي أهَمَت الأستاذ في حين صمت عنها السياسيون اما عجزأً أولا مبالاة. أدهي من ذلك أن اللهاثَ وراءَ السلطة يومذاك كان هو الشغلُ الشاغل لسادة الحكم، دون أي إجتراء من جانبهم على مواجهة النفس ونقد الذات، بل دون أن يقولوا مرة واحدة لمن ولوهم السلطة أو حملوهم الى سدتها، ما الذي يريدون أن يفعلوا بتلك السلطة من أجل قضايا الناس.

وإن كانت نظرةُ الاستاذ الشهيد للمدينة الفاضلة التي قَدرَها وأحب أن يصير إليها السودانُ نظرةً شمولية تكاملية، إلا أنه قَدَر أيضاً ان السودانَ جزءٌ من عالم لا يستطيع السودانُ الإنفكاكَ عنه، كما هو جزء من حضارة إنسانية لا سبيل له للإنخلاع عنها. في ذلك لم يذهبْ مذهبَ الذين يدعون للإنخلاع عن الحضارة المعاصرة بدعوى تناقضها أو تباينها مع خصوصية ثقافية مدعاة، أو نقاء عرقي مزعوم. فهؤلاء مع كل مزاعمهم بفساد تلك الحضارة وجَحدهم لكسبها ومنجزاتها الإنسانية ظلوا يلتهمون نتاجها في المسكن والملبس والمشرب والتواصل والترحال، أي يعيشون كمستهلكي حضارة لا منتجين لها.

شهيد الفكر كان يرمي ببصره بعيدأ ويقول أن الحضارة المعاصرة، حضارة القرن العشرين بلغت نهايات النضج. وان البشرية المعاصرة مجتمع كوكبي إن أصيب جزء منه تداعت لمرضه بقية الأجزاء. هذه النظرة التي جاء بها الأستاذ الشهيد في السبعينات سبقت ما تواصينا عليه بعد عَقد من الزمان في لجنة دولية كان لي شرف المشاركة في رئاستها: اللجنة الدولية للبيئة والتنمية. خرجت تلك اللجنة على الناس بتقرير اصبح هو الميثاق الدولي للبيئة في قمة الارض بريو دي جانيرو. جوهر ذلك الميثاق هو وحدة كوكبِ الأرض بحيثُ ينبغي على كلِ فردٍ في المعمورة ان يفكر عولميا ويعمل محلياً. ثم جاء من بعد فيضان العولمة بخيره وشره، وإنداحت معه الحدود بين البلاد. ولعلني لا اريد أن أتقفى أثر المفكرين المسطحين الذين يحاولون إيجاد نسب لكل فكرة حضارية جديدة، أو ظاهرة علمية مستحدثة بتجارب الدولة الإسلامية وبالقرآن الكريم، ناهيك عن ربطها بأفكار مجتهد معاصر، لا سيما وقد جاء زمان أطل علينا فيه نفر من المتفيقهين الذين لم يستح واحدٌ منهم من أن يفتعل لتخليق النعجة دوللي بالإستنساخ ذِكراً في الكتاب الكريم. كل ما أريد قولَه هو ان الشهيدَ المفكر كان يعالجُ إمور بلاده في محيط كوكبي أرحب لا نملك إلا ان نعيش فيه، ونتفاعل معه، ونؤثر عليه، ونتأثر به، في حين كان غيره لا يبصرون حتى ما تحت أقدامهم بدليل عجزهم عن معالجة أدنى مشاكل الحكم والحياة.

هذه النظرة الكلية لقضايا الإنسان في السودان كانت بارزة أيضاً في ما كتب الأستاذ عن الإقتصاد. من ذلك رسالته حول الضائقة الإقتصادية (1981م). وأمثال تلك الضائقة يتخذها دوماً معارضو الحكم تكأة لتخذيله، أو ذريعة لحمله على الفشل. يفعلون ذلك دون أدنى إهتمام لما لتلك الضائقة من أثر على الوطن والمواطن. في تناوله لتلك الضائقة (والتي نستعرضها كنموذج) تناول الأستاذ البعد الأخلاقي للأزمة: مسئولية الدولة ومسئولية الأفراد؛ الريف والمدينة وأثر إنهيار الإقتصاد الريفي على إنهيار المجتمع الحضر؛ البعد الخارجي: التجارة الدولية، الديون؛ البيئة الطبيعية، الكوارث مثل الجفاف والتصحر. هذه النظرة الموضوعية العلمية لقضايا الناس هي التي يترجاها المواطن من قادته ومفكريه إن كانوا حقاً جادين في تدارس أي أمر ذي بال حتى يصلح حاله وأمره. والا حق قول أبي العلاء بأن الحكم ومذاهبه عند أولئك ليس هو الا وسيلة لجلب الدنيا لسادة الحكم.

إنما هذه المذاهب أسباب لجلب الدنيا إلى الرؤساء

تساءلت ذات مرة عن ما الذي يحول دون هذا المفكر، طالما أهّمَته السياسة، أن ينشئ حزباً سياسياً يتصارع عبره مع الآخرين على الحكم حتى يترجم أفكاره تلك إلى واقع. قال: "غايتنا ليست الحكم هي وإنما خلق المسلم الصالح المتكامل، وبصلاح الناس يصلح المجتمع". وحقاً لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم، وحقاً ايضاً أن لاسراة إذا تسيد الجهل على الناس.

قلت أن الاستاذ المجدد كان يسعى لبناء مدينة فاضلة بخلق النساء والرجال الفاضلين. والرجل الفاضل عنده، فيما تبينت من قوله، هو الإنسان مجدول الخلق الذي يحسن عمله، ويقوم برعاية اهله وذويه، ويؤدي فروض ربه ووطنه. سالته ذات مرة كيف تنتقي ابناءك وبناتك من الجمهوريين، وما الذي تتوخاهُ فيهِم؟ قال: في البدء ان كان ذا مهنةٍ فلابد له من ان يُجود مهنتَه، فالرجلُ الذي لايستجيدُ مهنتَه يفتقدُ القوام الرئيس لقيادة الناس، وقوامُ كلِ شئ هو عِماده. الأمر الثاني هو القدرة على التبليغ، أي نشرالفكرة بين الناس بالتي هي احسن بحيث لايستفزه، عند الحوار، مستفز أو يزعجه مزعج. ثالثاً – وذلك هو بيت القصيد - أن لا يفعل في سره ما يستحي من فعله في علانيته. وكأني بالأستاذ الشهيد أراد ان يجعل من صحبه بشراً يقاربون الأنبياء في سلوكهم. هذا أمر لا أدعي أنني قادر عليه، ولمن قَدِر عليه من صحاب المفكر الشهيد تحية إعجاب.

بُغية الأستاذ المعلم، إذن، كانت هي إعداد بنيه وبناته ليكونوا قدوة صالحة تُكلف نفسها في سبيل الدعوة غاية ما تقدر عليه هذا امر ليس منه بُد إن كانت الدعوة لدين أساسَه الإستقامةَ والإستواء "وذلك هو دين القيَّمة". ولعله في هذا ذهب مذهب إبن رشد القرطبي في نظرته للكمال الإنساني. فعند إبن رشد يتميز الإنسان العاقل بما يحصل عليه من عتاد روحي وثقافي ومعارفي وتتكامل عنده الحكمة والشريعة لما بينهما من إتصال.

لمحمود أيضاً رأي في الإنسان أبدع فيه. قال في واحدة من رسائله "الرجالُ عَندنا ثلاثة: الرجلُ الذي يقولُ ولايعمل لأنه يخافُ من مسئوليةِ قوله، وهذا هو العبد. والرجلُ الذي يَحِبُ ان يقولَ وان يعملَ ولكنه يحاولُ أن يهربَ تحت الظلام فلا يواجهُ مسئوليةَ قوله ولاعمله وهذا هو الفوضوي. والرجل الذي يحب أن يفكرَ وأن يقولَ وأن يعملَ وهو مستعد دائماً لتحمل مسئولية قوله وعمله، وهذا هو الرجلُ الحرّ (الثورة الثقافية)". هذا حديث حكيم شفيف الباطن. إستذكرت الشاعر الراحل محمود درويش (الجدارية) وانا أعاود قراءة كلمات محمود هذه:

انا لستُ مني لو أتيتُ ولم أصل

انا لستُ مني لو نطقتُ ولم أقل

أنا من تقول له الحروفُ الغامضات

أكتُب تكن

إقرأ تَجِد

وإذا أردتَ القولَ فأفعل ، يتحد

ضداك في المعنى

وباطنُك الشفيف هو القصيد

فللأستاذ، إذن، رؤية سوية للإنسان المثال لا إفراط فيها ولاتفريط، وإن كان هو في خاصة نفسه قد غالى، بمعاييرنا، في قمع نفسه حتى عن اللَمَم وتوافه الملذات. روى لي الدكتور الراحل خليل عثمان إبان محاياته للأستاذ وهما في الحبس إلحَافه على الشهيد أن يتناولَ معه كوباً من الشاي فتأبى الأستاذ، ثم رضخ لإلحاف خليل. وفي اليوم التالي كرر خليلٌ الدعوةَ له وهو يذكره بأنه تناول الشايَ البارحة دون أن يلحقَ به ضُر. قال الأستاذ: "لقد فعلتُها بالأمس إكراماً لك ولكني أعرف أن الشاي منبه وإن تناولتَه المرة بعد الاخرى صار شربُه لي عادة وانا لا اريد أن أكون عبداً لأي عادة".

قلت ان في مسلك الأستاذ نسكاً وتصوفاً، يستعيد للذاكرة قول الإمام الغزالي في الأحياء حول الذهد: "هو أن تأتي الدنيا للإنسان راغمة صفوا عفوا وهو قادر على التنعيم بها من غير نقصان جاه، وقبح إسم فيتركها خوفاً من أن يأنس بها فيكون آنسا بغير الله، مخبأ لما سواء، ويكون شركاً لما فيحب الله غيره" لهذا سألته عن رأيه في متصوفة السودان، ولماذا يصب جام غضبه عى الإسلاميين المحدثين لا على المتصوفة. ذلك سؤال قصدت به الإستفزاز الفكري، لا سيما ورأيي في علماء السودان ومتصوفته رأي إيجابي إذ عشت في رحابهم، وتعلمت إصول ديني من أشياخهم، قال الأستاذ: "المتصوفة والعلماء هم الذين قربوا الإسلام إلى نفوس اهل السودان بالحسنى وحببوه إليها بتقوى الله ولهفة المظلوم، ولم يتخذ غالبهم الدين طريقاً للدنيا". أما الطائفيون الذين إتخذوا الدين معبراً للسياسية والمحدثون ممن ينصب أنفسهم دعاة للإسلام فقد أساءوا إلى الإسلام من جانبين: أولاً إحتكار الحقيقة حول الدين بالرغم من سوء فهمهم له؛ وثانياً تبغيض الناس فيه بسبب من الغلواء في الاحكام، لهذا فان مسعاه، كما قال، هو إستنقاذ الاسلام من هؤلاء. هذا الموقف هو ما ظل الأستاذ ثابتاً عليه في كل ما كتب عن الطائفية السياسية ، وكان متسامحاً فيما كتب، بمعنى أن الإصرار على الحوار الفكري، لا إغتيال الشخصية وإلغاء الآخر، هو قمة التسامح. ورغم إختلافه مع الطائفيين والإخوان المسلمين والشيوعيين دعا عند المصالحة الوطنية في عهد نميري (أغسطس 1977م) إلى خلق منابر فكربة تتصارع فيها كل هذه القوى السياسية واسماها بأسمائها: لم يستثن منها واحداً. وكان يومها يتمنى أن يُملأ الفراغ السياسي بالفكر. أما الآخرون الذين تداعوا إلى تلك المصالحة فلم يروا لها إلا وجهاً واحداً هو المشاركة في الحكم عبر إئتلاف حزبي أو حكومة وحدة وطنية أو حكومة قومية.

وعوداً على بدء في موضوع مَنسِك الأستاذِ نقول أن نسكه ان ذا طبيعة خاصة به، كان رجلاً من غمار الناس يمارس كل عوائدهم: ياكل الطعام، ويمشي في الاسواق، ويعود المريض، ويواسي الجريح ، ويعزي في الميت، كما لم يك يحسب نفسه منذوراً للبتولة كالمسيح أو أحبار الكنيسة إذ تزوج وانجب كبقية الخلق. لم يذهب أيضاً مذهب المتصوفة في إقصاء المعارف الدنيوية من حياتهم لأنها تلهيهم عن القربى، أي غقتراب السالك من ربه. فجُل المتصوفة لم يبتغوا من قراءة القرآن وتفسيره إستنباط أحكام فقهية أو عقائد كلامية، بل كانوا يريدون بها خلاصاً شخصياً بتعميق تجربتهم الروحية. بخلاف ذلك، إنغمس الأستاذ حتى أخمص قدميه في المعارف الدنيوية يحاور وينتقد، ويقبل ويرفض. ولم يكن إقترابه من التوحيد من وجهة حلولية شأن كل المتصوفة، بل محاولة فلسفية منه للحصول على معارف واقعية تهدي الإنسان في الحياة الدنيا؛ أي أنه "رأي سبيل الرشد فأتخذه سبيلاً". كما كان سبيله للآخرة هو الإقدام على الفروض والواجبات إقبال رجل يغشى قلبه الوجل من مخافة الله :"إذا ذكر الله وجِلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً" (الأنفال،2). كما كان يدرك أن وراء أداء الشعائر مغزى روحي عميق غير المعنى الظاهري، فتماماً كما أن ليس للصائم من صيامه غير الجوع والعطش، ليس، في حال البعض، للمصلي من صلاته غير القيام والقعود. الدين عند هؤلاء هو حوار أبدي بين الإنسان وخالقه في الليل والنهار حتى يتحقق لهم المقام المحمود: "ومن الليل تتهجد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" (الإسراء 79).

ثم جاءت نهاية شهيد الفكر كنهايات إضراب له واشباه من المفكرين الذين قدموا ارواحهم قرابين في محاريب الفكر، كانت نهايتهم على يد طغاة كحال الأستاذ الشهيد وتوماس مور، أو غوغاء كحال سقراط وغاندي. هؤلاء جميعاً لا ذنب لهم غير المجاهدة حتى يصبح الإنسان إنساناً. فمن قبل محمود ذهب سقراط ضحية إتهامه بتلويث عقول الإثينيين ولكنه، رغم إلحاح إفلاطون وزينوفون عليه كي يهرب - وكانوا يعدون للأمر عدته - رفض ذل الهرب من الموت. ذلك مشهد وصفه شوقي فابدع في الوصف

سقراط أعطى الكأس وهي مليئة شفتي محب يشتهي التقبيلا

عرضوا الحـياة علـيه وهي ذليلة فابى وآثر أن يمـوت نبيلا

أما غاندي الذي لم يعرف للعنف سبيلا فقد مات مغدوراً على يد متطرف هندوكي. بُغضُ غاندي للعنف وحبُه للناس حملاه على أن يقول:"هناك أهداف كثر أنا على إستعداد للموت في سبيل تحقيقها، غير أني لا ارى هدفاً واحداً يمكن أن يدفعني إلى قتل إنسان".نقل نبأ رحيل غاندي لأهل الهند جواهر لال نهرو وهو يقول:"لقد إنطفأ النور من حولنا، فالظلام يعم كل مكان." ثم إستدرك قائلاً:"ما كان لي أن أقول هذا. أنتم لن ترونه بعد اليوم إلا أنه سيبقى بين ظهرانيكم".

توماس مور، رجل كل الفصـــول، آثر الصـمت عندما قضــي هنري الثامن بإعدامه لرفضه التوقيع على القانون الذي يجعل من هنري رئيساً للكنيسة (Act of supremacy). وعندمىا أقتيد إلى المشــــنقة رفض أن ينبس ببنت شـــــــفه لقاضيه وجــلاده عــدا كلماته الاخـيرة التي صـمت بعــدها: "لا يحق لبشــــر زائل أن يكون رئيســــاً للروحــانية" "No temporal man may be head of spirituality". ذلك كان موقف الأستاذ الشهيد، إذ ما أبلغ صمته وأجمل سمته أمام المشنقة، فالجلاد وقضاة النار لم يبتغوا من الدعوة لإستتابته إلا كسر نخوته. ومن الحمق ان يظن ظان رجلاً تمرس بالشدائد، وصهرته المحن، وعرف الحق، أن سيفعل آخر الليالي ما لم يفعله في صباه. الشهيد ذو مِرة، وذو الِمرة لا ينكسر أمام الخطوب.

في تلك الايام الحوالك عشت في لندن مع إخوة لي اغلبهم ممن عرف الاستاذ الشهيد من خلال ما كتب: الراحل حسن محمد علي بليل الإقتصادي المعروف، والراحل ابوبكر البشير الوقيع الإداري النابه، والأستاذ التجاني الكارب، ثم الراحل رفيق محمود، الدكتور خليل عثمان. بليل والكارب لم يكونا يبكيان على رجل ، بل كان بكاؤهما على موت ضمير. قالا سوياً:"هذا هو اليوم الوحيد الذي تمنينا فيه ان لا نكون سودانيين". ما تركنا يومذاك باباً في عواصم العالم الا وطرقناه حتى يُرَد الطاغية عن غيه. ثم ادلهم الظلام وذهب محمود كما يتوقع المرء أن يذهب، مرفوع الرأس كالرواسي الشامخات.

أمثال محمود لا ينتهون بنهاية الوظائف البيولوجية لأجسامهم، وإنما هم باقون بما خلفوا في الرأس وفي الكراس. باقون بما سطروا على الورق، وما تركوا في أدمغة الرجال والنساء. وبهذا يصبح، أو ينبغي أن يصبح، السكون الأبدي لأجسادهم حركة دائبة. لا تهنوا، إذن، أيها الصحاب فأنتم اقوى من أي جلاد جلف، ومن أي قاض ظلوم، ومن أي عالم من أولئك الذين تراكم الصدأ على خلايا عقولهم.

Post: #16
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-12-2013, 00:24 AM
Parent: #15

Quote: لو أن النور يشرق من سناه على الجسد المغيب في اللحود
لأصبح عالماً حيا كليما طليق الوجه يرفل في البرود

فذاك الأقدسي أمام نفسي يسمى وهو حي بالشهيد
وحيد الوقت ليس له نظير فريد الذات من بيت فريد


Ibn Aarabi

Post: #17
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-12-2013, 00:30 AM
Parent: #16


سيذكرني قومي إذا جد جدهم :: وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدرُ


Ustaz.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #18
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: محمد علي عثمان
Date: 01-12-2013, 04:45 AM
Parent: #17

التحية للشهيد الاستاذ محمود محمد طه الذي قدم نفسه فداءا للشعب السوداني

شكرا أخي خالد المهدي




Post: #19
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-14-2013, 05:22 AM
Parent: #18

Quote: إن ما جئت به هو من الجدة بحيث أصبحت به بين أهلي كالغريب وبحسبك أن تعلم أن ما أدعو إليه هو نقطة إلتقاء الأديان جميعها، حيث تنتهي العقيدة ويبدأ العلم، وتلك نقطة يدخل منها الإنسان عهد إنسانيته، ولأول مرة في تاريخه الطويل.
الأستاذ محمود محمد طه - مجلة الأضواء السودانية

Post: #20
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-14-2013, 03:46 PM
Parent: #19


Post: #21
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-15-2013, 08:03 PM
Parent: #20

Ustaz2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #22
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: معاوية المدير
Date: 01-16-2013, 01:33 AM
Parent: #21

سلآمات يا خالد.

كان بودنا نحضر، لكن عصرتوا علينا
بالحيل بحكاية يوم السبت دي.

عموماً نحاول إن شاء الله...

Post: #23
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-16-2013, 08:36 AM
Parent: #22

Quote: يا قدوة الاحرار وافر المدد
فالمجد للاحرار ذاخراً بلا عدد
والمجد للاحرار سرمدا الي الابد

بقلم محمد عوض هلال
ليلة الثالث من يناير2012

Post: #24
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: عبدالله عثمان
Date: 01-16-2013, 08:54 AM
Parent: #23

2_4.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #25
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-17-2013, 08:29 AM
Parent: #24

up

Post: #26
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: يحي ابن عوف
Date: 01-17-2013, 09:38 AM
Parent: #25


Post: #27
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-18-2013, 08:39 AM
Parent: #26

Quote: ابتسامة على حبل المشنقة!

عند الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة الثامن عشر من يناير 1985م ، الموافق للسادس والعشرين من ربيع الآخرة من عام 1405ه ، صعد الاستاذ محمود درجات السلم الى المشنقة تحت سمع وبصر الآلاف من الناس ، وعند ما نزع الغطاء الذى كان يغطى رأسه قبيل التنفيذ، انكشف وجهه عن ابتسامة وضاءة لفتت الأنظار، فانفتحت بموقفه الاسطورى هذا ، وبابتسامة الرضا تلك ، دورة جديدة من دورات انتصار الانسانية على عوامل الشر فى داخلها وفى الآفاق.
فى السادس من أبريل 1985م سقطت سلطة مايو أمام انتفاضة الشعب السودانى ، وفى 18 نوفمبر 1986م أصدرت المحكمة العليا السودانية حكمها بابطال أحكام المحكمة المهزلة ومحكمة الاستئناف المزعومة بحق الاستاذ محمود. وقد أعلنت منظمة حقوق الإنسان فيما بعد يوم 18 يناير يوما لحقوق الإنسان العربي ..

Post: #28
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-18-2013, 08:42 AM
Parent: #27

Quote: الي العارف بالله الأستاذ محمود محمد طه
د. معتصم محمد سيد أحمد (القاضي)

يا صاحب الطوفان هذا شرعهم * من لم يكن منهم يكن زنديقا

مصوا دماء الشعب فهى قصورهم * طالت علوا شاهقا و سحيقا

آتاك ربي العلم فكرا صادقا * فبخلق أهل الحق كنت خليقا

لم يسمعوك و لم يعوا ما قلته * بل زوروه و كذبوا تلفيقا

جعلوا أكفهم على آذآنهم * و أتوا بران بالقلوب لصيقا

لبسوا لباس الدين للدنيا هوى * ورأوا بصدقك عا ئقا ومعيقا

فتدبروا أمرا فنضح اناؤهم * وأتوا عليك بحكمهم تطويقا

ودوا لو أنك ساجدا مستشفعا * فيباد جمعك كله تفريقا

فجهرت قول الحق في قاعاتهم * بهت القضاة مشيرهم و فريقا

لا خوف لا طمع بقلبك سيدا * متعبدا حرا فصرت طليقا

فكشفت عن حوض المعارف حجبها * و سلكت درب العارفين طريقا

ترجو الاله وسالك في دربه * فدنوت من قوسين كنت مطيقا

حسبوك من حبل المشانق جازعا * فشددته لله أنت وثيقا

حشروا فنادوا تلك أبشع موتة * وكذا سيذهب فاسقا هرطيقا

سترون نعلا طائشا من محدث * عاض لسانا بارزا و مريقا

ناداك ربك عندها من تحتهم * أن الق حبلك غالبا صديقا

فوقفت بالوادي المقدس في تقى * رجلا نقيا طاهرا و أنيقا

و خلعت نعلك للاله تأدبا * و مشيت نحو الله أنت رفيقا

ما زاغ بصرك في المنصة ما طغى * هي سدرة للمنتهى تصديقا

جاء التجلي عندها في نوره * وكساك ثغرا باسما ورقيقا

فصعدت في المعراج لطفا رائعا * وذهبت اسراء له تحليقا

وأتاك كوثر عابقا في مسكه * وسقاك مختوما صفا و رحيقا

و الروح كانت في المقام بقربه * و مقام محمود كفى تشويقا

Post: #29
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-18-2013, 05:40 PM
Parent: #28

Quote: يكفيني

الموقفُ أكبرُ من شعري
الحزنُ الرَّابضُ في صدري
الصبرُ الأكبرُ من صبري والعاقلُ من بالذكر ِ أفاقْ
من قبل ِ العاشرة ِ المعلومةِ أشعلُ ذكرًا في الآفاق
يملؤني فخرًا هذا الشـَّـامخُ يفتحُ دربًا للإطلاق
إن ما أشتاقُ لهذا الصَّـابرفي البأساء ِ فلا أشتاق
المؤمن بالشعب ِ العملاق
الباذل للرُّوح ِ الغالي والمطلق من قيدِ الإشفاق
يكفيني أنِّي عشتُ زمانـًا كان له معنىً ومذاق
يكفيني أنـِّي كنتُ جليسَـك رغمَ شعور ِ الابن ِ العاق
فيا من كان بحضرتهِ والفكرُ به قيدٌ ووثاق
حدِّثني عن أخبار ِ الشيخ ِ الباسم ِ في وجهِ الشـَّـنـَّـاق
هل كنتَ تشاهدْ أنَّ الصَّبرَ على البلواء ِ له حُذ َّاق
اليتمُ المرُّ العيشُ الذلُّ الخارجُ من جوف ِ الإملاق
الشعبُ لهُ هذا الإخفاق
السيفُ ، السوط ،ُ الظلمُ له ، الويلُ له إنْ ما ينساق
يا يومًا يُـكشفْ فيهِ السَّـاق
ويجفُّ لسانُ الظـُّـلم ِ غدًا من بَهْـتةِ ذاك الأمر ِ الشـَّـاق
الله ُ لهُ فينا ميثاق
المكرُ السيِّئ ُ كم للهِ بأهل ِ المكر ِ السيِّئ حاق
فسلامٌ يا كنزَ الأفراح ِ ويا علم ِ الحقِّ الخفـَّـاق
أنْ كنتَ رحلتَ فداءَ القوم ِ فإنـِّي مُشتاقٌ مشتاقْ


العوض مصطفى
1985

Post: #30
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: بثينة تروس
Date: 01-19-2013, 07:05 AM
Parent: #29

شرفنا بمدينة كالقري قادما من سياتل - واشنطون الأخ الدكتور عبدالله أيرنست لمشاركتنا الاحتفال بالذكرى السنوية للأستاذ,,, عبدالله ايرنست سيتناول عالمية الفكرة الجمهورية..

Post: #31
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: مامون أحمد إبراهيم
Date: 01-19-2013, 12:54 PM
Parent: #30

الأعزاء / خالد المهدي وبثينة ،

معاكم بقلوبنا وأفئدتنا وكل مشاعرنا

وعاشت ذكرى الأستاذ المفكر البطل محمود محمد طه


وتحيات حاصة من إبنتكم مهاد ومن منى ووشاح وزوجتي فدوى


سلام كتير للعيال و للجميع

Post: #32
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-19-2013, 03:21 PM
Parent: #31

التحيه للأخوان المتابعين لهذا الخيط.. والذي قصدنا به دعوة للجميع لمشاركتنا الأحتفال بذكرى شهيد الفكر..
سلامي أخ مامون لك والأسرة الكريمه ولأبنتنا النابهه مهاد.. توجهاتكم مع احتفالنا مساء اليوم..

Post: #33
Title: Re: مدينة كالقري تحتفل بالذكرى 28 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
Author: Khalid Elmahdi
Date: 01-21-2013, 07:52 AM
Parent: #32

شرفنا بالحضور ليلة أمس عدد من الأخوة الكرام والأخوات الفضليات، فخرج الاحتفال بهيا وحيا.. كان لمشاركة الأخوة والأخوات الأفاضل واثراء النقاش، باثارة شتى القضايا الدور الأكبر في اخراج الاحتفال بالشكل الذي ظهر به.. بلا استثناء عبر المشاركون عن تقديرهم للدورالفكري الذي قام به الاستاذ محمود ، وما قدم من نموذج في الشجاعة والجهر بما يؤمن به أمام السلطان الجائر..
نتقدم بخالص الشكر لكل من ساهم في انجاح الاحتفال، سواء كان بالحضور وخاصة من قدم من المدن المجاورة، حيث قدم البوردابي الدكتور خالد أصيل من هاي ريفر، وعبدالرحيم من ادمنتون، أو بالمساعدة في التجهيز، وأخص الأخوين عامر محمد احمد نور ودكتور عبدالمنعم ابراهيم ، أو بالتوثيق للحفل..
افتقدنا عدد من الكرام، الذين وعدوا بتشريفنا بالحضور، ونحن نقدر تماما ظرف كل من لم يتيسر أمر حضوره، ونرجو أن يكونوا جميعا بخير ودام الود .. نطمع في تنشيط الحياة الفكرية بالمدينة، واخراج نموذج يحتذى في ادارة الحوار بيننا كسودانيين، على اختلاف ألواننا السياسية والفكرية، بكل مسؤليه واحترام وتقبل للآخر..
نوعد برفد الخيط برفع بعض فعاليات الاحتفال من صور وتسجيلات فيديو..