****حسناء****

****حسناء****


01-05-2013, 04:46 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=420&msg=1357400812&rn=0


Post: #1
Title: ****حسناء****
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 01-05-2013, 04:46 PM

كانت تميزها الطيبة اللا متناهية والخوف المهذب..
اعترضت على كثير من وجهات نظرى..
عرفت فيما بعد انها كانت صائبة في ما ذهبت اليه..
فارعة الطول وجميلة ومثقفة..
جمعت بيننا الصدفة عندما كانت برفقة صديقتها..
كانت صديقتها على علاقة بصديقى ..
كان حديثا عابرا..
فى ذات مرة اعدت النظر اليها مرة واثنتين وثلاث ..
غشينى احساس بهيج وانا اراقب حركاتها وسكناتها..
لم تكن ترفع راسها لتنظر الى عندما احادثها..
وجهها مكتسى بكثير من الحياء والخجل ..
تجيد الكتابة والاطلاع..
اكثر ما عرّفنى بشخصيتها الهادئة هو ما اعتادت على كتابته من افكار..
كانت تختار ابيات من الشعر الرصين وترسله ألى..
فيها زخم من الانسانية لا يقاوم .

كانت لقائاتنا ليلية وفى اكثرها تكون السماء مقمرة ..
ويكون القمر فى ابهى صوره ..
فى واد صغير تحفه اشجار المانجو..
وتغطى مجراه الرمال الناعمة الناصعة البياض ..
كانت تختار الزمان الوريف للقاءاتنا..
لذلك تكون هذه اللقاءات فى نقاء وصفاء يستريح له المزاج..
لثقافتها الواسعة واهتمامها ومداومتها على القراءة والاطلاع ..
ياخذ الحوار معها طابعاً مفيداً..
لم تكن لتمرر كل ما اقوله..
لها وقفات يصاحبها المنطق والحكمة والتعقل..
من ملامح وجهها الجميل العامر بالنداوة والبهجة و الفرح..
تخرج الكلمات من ثغرها الفواح معبرة عن ذلك المخزون المعرفى ..
كنا نجلس على جرف ذلك الوادى ونترك ارجلنا تتدلى ..
ونحن فى التصاق حميم وحنين ببعضنا بعضا..
كانت دائما تترك لراسها ان يتكشف..
ليجد ذلك الشعر المسدل سبيلاً للافصاح عن نفسه..
كنت احب مداعبة خُصل شعرها المنساب وكنت اطيل ممارسة تلك اللعبة..
بها خد زئبقى اسيل ..

بطيبتها جعلت دواخلى تستسلم لها تماماً وتستجيب لما تريد..
كنت اضعها على ساعدى كالطفلة الرضيعة..
واقبلها وانظر اليها وضؤ القمر ينسكب على وجهها..
وجه ذو براءة ووسامة ودلال..
ادمنت تعاطى تلك العادة..
كنت قد احسست بنشوى اكسير الحياة..
وانا اغوص بين ثدييها الصغيرين والامس شفتيها الرقيقتين..
فيها من الروعة ما جعلنى انشئ البوماً صغيراًخاصاً بها..
جمعت فيه كل الصور..
الرسائل والهدايا والتحف التى كانت ترسلها لى فى المناسبات المختلفة .

ذات مرة غبت عن الديار ثم عدت فوجدتها كما هى حافظة للعهد والوداد..
فى معيتها تذوب المآسى لانها عاشقة لكل ما هو مشرق فى هذه الحياة..
فى ذات يوم دعوتها ..
بالوادى المخضر هياما وغراماً ..
جائتنى كعادتها هادئة ساكنة غير صاخبة..
ينهمر من بين ثنايا شفتيها معسول الكلام فى سهولة وجمال ..
تحيل عاكر الجو الى سماء صافية و نقاء شفيف ..
كالعافية فى جسد المريض ..
كعود الصندل لا يتأذى منها احد ..
مسامحة وغيورة لا تسمح للريح ان تلامسنى..
كانت امسية حانية ..
قضينا فيها وقتاً رسمنا فيه احرف بنبض قلبينا على الرمال الناعمة ..
روت لى رؤية طافت بها فى ليلة سالفة ..
قالت : البارحة حلمت بك وانت تلبسنى دبلة الخطوبة..
قالت : رددت اسمك كثيراً حتى ااستيقظ كل من كان حولى..
قالت: ومن بين المستيقظين أُمى..
قالت: سالتنى أُمى صباح اليوم التالى : مَنْ (أحمد) هذا الذى تهلوسين باسمه البارحة ؟..
وقد كان بروز الحقيقة للملأ.. حقيقة ذلك الحب العذرى ..
انه من عاشر المستحيلات ان يظل الحق مكبوتاً ..
فقد علمتنا الحكمة ان الحق ابلج و الباطل لجلج..
ومجئ الحق عبر حلم الاميرة نزل علينا برداً وسلاماً..
و اصبح بمثابة اعلان وشهادة وثقت لذلك العشق الخرافى..
اقيم معرضاً ثقافياً بالحارة..
اقامته الرابطة الشبابية للحارة..
انا وهى من ضمن عضوية الرابطة..
مع كوكبة مستنيرة من الشباب والشابات..
وكعادتها ذات اهتمام بالعمل النقابى و الاجتماعى و الثقافى ..
اتت مشارِكة مشارَكة فعالة فى جناح التراث..
وكنت فى جناح الثقافة ..
مرت بى وانا فى دهليز من دهاليز المعرض..
ووجدتنى فى حوار مع احداهن..
من احاورها كانت تزاملنى فى ذات الجناح ..
حبيبتى و عشيقتى هاجت واغتاظت وكان دمها يغلى..
امتنعت عن القاء التحية على..
دلالة على غيرتها ورفضها وشجبها وادانتها لتلك المحاولة التخريبية حسب ظنها..
ارسلت لى رسالة شديدة اللهجة..
صبت فيها جام غضبها مستنكرة اندياحى فى الحديث مع تلك الانثى .
غيرتها مميتة..
خرجت ذات مرة بعطرها الرومانسى الطاغى..
قاصدة الاطلال التى بصمنا عليها بقدسية حبنا العذرى ..
تنسمتُ ذلك العطر الرومانسى من قبل ان ارى اطلالتها..
كان من اجود انواع العطور و ابقاها عبقاً..
انتعشت وجاشت خواطرى بكل تفاصيل هذه الانثى المُلخبِطة للافكار..
وما هى الا دقائق حتى سمعت صوتها المسكون بالارتياح..
تشابكت ايدينا وسلكنا طريقنا..
كان الطريق مؤدياً الى الرمال البيضاء..
رمال ناعمة ومتلألأة نسبة لانعكاس ضؤ القمر منها..
جلسنا على ذات الجرف وتدلت ارجلنا..
كانت تحرك قدميها بطريقة ايقاعية وموسيقية مرتبة..
كانت ليلة من الليالى الاستثنائية..
كنت قد اردت من ذلك اللقاء ان يكون تحية لوداعها..
لعنة الله على التسفار و الترحال..
لم تكن تعلم بالمفاجأة..
وذلك الخبر الصاعقة..
تحدثنا وطربنا بموسيقى الكلام ..
طبعتُ على ثغرها البسّام قبلة شديدة الحرارة و الالتهاب..
قلت لها انى سوف اسافر واغادر هذه الديار..
ضحكت..
قالت : اظنك تريد ان تسافر عبر احلامك وخيالك (لم تصدّق)..
قلت لها بل انه السفر يا من الهمتنى المشاعر الدفيقة يارفيقة يا انيقة...

عندما رأت تفاصيل الجدية مرتسمة على وجهى ..اجهشت بالبكاء ..
كان بكاءً به مرارة حرمان اليتامى..
اهتزت له دواخلى بعنف كعنف تفجير سيارة رفيق الحريرى..
تالمت كثيراً لافصاحى عن تلك الاحرف القاسية..
لكنها الحقيقة و مرارتها..
التى اعتدنا نحن ولد آدم أن نجعلها العلامة الفارقة بين فطرتنا وفطرة بنات حواء..
اخرجت شئ من يدها ومدته الى ..
سالتها: ما هذا ؟
ردت متسائلة : هذا؟....
نظرت الى السماء..
واشارت الى القمر باصبعها المرتجف من رعشة البكاء..
قالت: هذا والقمر اجعلهما جسر للوصال بيننا..
تعانقنا و بكينا..
وكان الوداع الاخير..

Post: #2
Title: Re: ****حسناء****
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 01-06-2013, 09:44 AM
Parent: #1

***

Post: #3
Title: Re: ****حسناء****
Author: إدريس محمد إبراهيم
Date: 01-06-2013, 11:13 AM
Parent: #2

أخي العزيز / إسماعيل ....

تحية ملؤها الود والتجلة ؛؛؛

حقيقة كتابه طاعمه بالحيل ..قرأتها بشغف غريب .. حتى آخر نقطة ...لديك ملكة بارعة في السرد وجزالة الأسلوب ....جسدت تلك الحسناء أمام عيني فكأني أراها رأي العين .. وكدت ألامس معك خصلات شعرها الحريري المنساب الجميل ... أقول ليك شنو بس يا إسماعيل أخوي ... الله يديك العافيه ... وإن شاء الله تسلم ياخ .....

مع خالص ودي وتقديري ؛؛؛؛

Post: #4
Title: Re: ****حسناء****
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 01-06-2013, 01:29 PM
Parent: #3

Quote:
أخي العزيز / إسماعيل ....

تحية ملؤها الود والتجلة ؛؛؛

حقيقة كتابه طاعمه بالحيل ..قرأتها بشغف غريب .. حتى آخر نقطة ...لديك ملكة بارعة في السرد وجزالة الأسلوب ....جسدت تلك الحسناء أمام عيني فكأني أراها رأي العين .. وكدت ألامس معك خصلات شعرها الحريري المنساب الجميل ... أقول ليك شنو بس يا إسماعيل أخوي ... الله يديك العافيه ... وإن شاء الله تسلم ياخ .....

مع خالص ودي وتقديري ؛؛؛؛


سعدت بمرورك الانيق يا اخى ادريس و لك من الود اصفاه..

Post: #5
Title: Re: ****حسناء****
Author: وضاحة
Date: 01-06-2013, 01:41 PM
Parent: #1

Quote: ردت متسائلة : هذا؟....
نظرت الى السماء..
واشارت الى القمر باصبعها المرتجف من رعشة البكاء..
قالت: هذا والقمر اجعلهما جسر للوصال بيننا..
تعانقنا و بكينا..
وكان الوداع الاخير..


لحظة الوداع يا لها من لحظة

لحظة تشوبها الاحزان والالم والحب الممزوج بدموع الفراق والاهات والحسرة

ويبقى الجرح والاشواق والاشتهاء




Post: #6
Title: Re: ****حسناء****
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 01-06-2013, 02:44 PM
Parent: #5

Quote: ويبقى الجرح والاشواق والاشتهاء


يا للروعة يا فجر المشارق..
و الديباجة المصاحبة شئ عجيب..

Post: #7
Title: Re: ****حسناء****
Author: Muna Khugali
Date: 01-06-2013, 02:49 PM
Parent: #6


يعني اسه الزوله دي ..أحمد خلاها وسافر بدون حتي ما تقدر توري أمها أحمد ده منو؟؟

وبعدين اسه احمد ده راجع ولا مشي في سكة تانية للأبد؟؟


غير كده قصة حلوة ومكتوبة بشكل جميل أعجبني وإمكن النهاية كده برضو أحسن!


تحياتي لك..

Post: #8
Title: Re: ****حسناء****
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 01-06-2013, 03:04 PM
Parent: #7

Quote: غير كده قصة حلوة ومكتوبة بشكل جميل أعجبني وإمكن النهاية كده برضو أحسن!


ليك الشكر اخت منى على السياحة فى هذه الخاطرة..