حديس التلاتاء..(113)..

حديس التلاتاء..(113)..


11-20-2012, 09:16 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=410&msg=1353399418&rn=0


Post: #1
Title: حديس التلاتاء..(113)..
Author: عبد الرحيم سعيد بابكر
Date: 11-20-2012, 09:16 AM

رواكيب..وأبراج..

عندما أهرب لأصدقائي الكتاب والشعراء المجانين ناس "ديك..وداك"..أجدهم شيدوا أبراجا من عواطف ومشاعر ورؤى في السديم الإنساني..وتجدني "اقيل" تحت رواكيبي..مصافى الهواء والبرد وسموم الصيف الدائم..فاختصم والحرف والكلمات عشان الضل..ضل الوطن..
- على اليمين ضل وطنك التقولو دا اخير منو ضل رواكيبنا الحار دا يا عبضرحيم..
- يا شلوبة..مالك زعلان الليلة كدة..أظنك "وثني" تتشاءم من الرقم تلطاشر بعد المية..
- الما بزعل شنو..إت من جيت قول لي حاجة واحدة عجبتك..وطن شنو وطنبور شنو!!
- إت شلوبة دا برااااك بالدنيا يا أخي..
- أممممممم..وبت عم إبراهيم طيب!!
- ديك مجرة لوحدها بنجومها وكواكبها لا تتهاوى في الليل..كما كواكب الأعشى عند مثارات النقع..
وتركني اهزمه إلى حين..اليأس إيمان خاطئ..والمجتمع القطيع..مجتمع تسكنه الهزيمة..وهكذا انقطع بي الطريق في "ود الحداد وفارس"..فحين كانت تسابق أفكارنا بطوننا على موائد فطور "الناظر" في سنار..إذ بالناس تقول "لا..لشركة الكهرباء وصلفها..لا لشرطة الشغب الغافلة عن نفسها وعن الناس..لا للخدمات المتوفرة فقط في أبراج الدقون..تركنا العربات والبصات المتوقفة كيلومترات بفعل "الاحتجاجات" ومشينا على الترعة لبؤرة الشباب الذين أشعلوا الإطارات..واقفلوا الشارع أمام حركة المرور من وإلى..هكذا المجتمع يشعله الشباب..كل ما تفعلونه صحيح والحق معاكم..وهكذا وصل رأس السوط وشاغب بإصبعه تحت مقاعد كراسي الحكام الوثيرة..في العاصمة العجوز..
أسراب الطيور مبتهجة بالدرت في ضواحي سنار.. إنها "العودة إلى سنار".. في موسم الهجرة والعرس..فتراها من بعيد تتماوج كدخان قاطرة البخار..فرحة بالشمش والنسيم البطئ المتكاسل ..وحقول الذرة تمتد والقناديل على رؤوسها كأنها "عِمم" تلاميذ المدارس بطول متقارب..ألبستهم إدارة المدرسة "الفورم" لتحية "المستقبل"..والحقول تغازل هي الأخرى بطون الجياع..وأدمغة الشاربين "الجاغمين"..التي تكفر بكلام الحكومة وناسها..كما كفروا هم بالوطن..فتجد الدشات ملصوقة على حيطة الغرف في البيوت..من الناحية الغربية كأنها "زراير" جلابية أحد دراويش السياسة لدينا..أدهشني منظر تلك الدشات البيضاء..وهي هكذا ملصقة لا أدري بترتيب أم بالصدفة..لتلتقط أخبار العالم ومبارياته الرياضية..وتصغيرا وتحقيرا لتلفزيون الحكومة وبرامجها المغالطة..

الترعة تتدلى كأفعى فضائية هائلة..توزع الأرزاق المائية للنباتات المحظوظة والكائنات المرزّقة..عندما تقف على حافتها..تجن بعبارات تخرج منك قسرا.. فتضرب بيدك الهواء المجاور فيهتز جزعا..هذا وطن لا ينبغي أن يجوع فيه أحد..هذا وطن لا ينبغي أن يذل فيه أحد..هذا وطن لا ينبغي أن نكره فيه أحد..هذا وطن للحب للريد للسماحة للشرف..هذا وطن خليل فرح الصادح في البرية كما يوحنا المعمدان آكل الجراد والعسل البري..
يا بلادي كم فيك حاذق
غير الهك ما أم رازق
من شعارو دخول المآزق
يتفانى وشرفك تمام
مسرح الغزلان في الحدائق..وفي وديان سنار..وضواحى ومضارب بت عم ابراهيمنا المهاجرة أبدا في الوجدان..

"يتبع"




ديباجة الحديس: القوة والسطوة لا تدوم لفرعون وكذلك الضعف يزول عند الشعوب..