لا يحدثك مثل من رأى وشرب ..

سبحان الذي حبب للناس أوطانهم .. و (من رأى السم لا يشقى كمن شربا) .. ما أن أزمع السفر
للوطن الحبيب حتى تضطرب في نفسي جميع الاشياء وأفقد القدرة على التركيز .. فـ
تاريخ آبائي عليه مسطر ما أملوا ما كابدوا ما ذاقوا ..
ومستقبل أبنائي رهين بما ستؤول إليه أوضاعه .. كل عام وأنتم بخير أصدقائي وغيرهم
والسائلين عني والزاهدين .. الكتابة كنز يوسع الخطى ويجلى النظر يا صاح ..
16 أكتوبر 2012م هبطت أرض الخرطوم .. وقديم قال صديقي الراحل حميد العزيز:
(يا خرطوم مالك؟! مالك؟! ..) ..

كحال الناس في الدينا كل شيء بورقة وقلم وبرنامج .. أخذت معي ورقة سطرت عليها برنامج
إجازتي .. وما أن خرجت من مطار الخرطوم وحتى حين عودتي إليه مغادرا في 16 نوفمبر 2012م
لم ألتزم بالورقة ولا بشيء مما ورد فيها .. بل لم أجد فرصة لفتحها إلا بعد عودتي ..

(فكيف الحال والخرطوم نائمة وأمدرمان)

أصبحت ثورة أكتوبر 1964م في قاع الذاكرة مثلها مثل بقية تواريخنا التي يفترض
أن نحتفي ونحتفل بها ونكتب عنها .. من أراد أن يكتب عن ثورة أكتوبر فليس أمامه
غير أن يراجع كتاب (ثورة شعب) إن وجد وإلا فاليبحث عن بقية الاحياء من شهودها إن
كان في خلايا ذاكراتهم بقية تحفظ التفاصيل .. فقط خمسة أيام تفصلنا عن الذكـــرى
الـ 48 لثورة أكتوبر 1964م ..

الوطن كنز لا يفنى ..
فيهو النيل .. النيل الخالد .. فيهو الخال والعم والوالد

لم يبق أثر لجيل محمد المكي إبراهيم يغني:

من غيرنا يعطى لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر

لا تجعلوا في إستقبالكم عربة أمجاد .. فقد صدر أمر بمنعها من دخول سوح المطار
ولا أدري السبب؟ والعارف يكلمني .. كانت تنتظرني أمجاد صديقي الطيب البرير
وبرفقته إبني خالد .. استأجرنا تكسي لبلوغ أمجادنا .. نواصل

سلامٌ ومحبة


لا نعلم
أيقال (أي أيجوز)
حمداً لله على سلامة
الإياب من الوطن
أم إليه

ظني والحال لا يُشرح
أنه يقال
بتنا كمن ليس لهم وطن


حدثنا إذن
و
حمداً لله على السلامة
من وعثاء السفر
....

تحياتي واحترامي

الاخ بله محمد الفاضل .. تحياتي لك وكل عام والأماني تتحقق
وما ذلك على الله بعزيز .. والحمد لله على كل حال وفي كل المواسم

كتبت أمس في الفيس بوك أن (الوطن هو ما يصنعه الناس
بإرادتهم) .. وإرادتنا أرتهنت لسيل التشتت وضيق الأفق

ولا زال أهل السودان كما وصفهم الراحل الطيب صالح: مثل شجر
السيال لا يسرفون في الحياة .. يرضون بوعود العهد بها أنها
محطات إنتظار لمزيد من الفشل .. قضيت شهرا (ثلثاه أو يزيد
بالوطن .. منزلي .. برفقة والدي شفاه الله ووالدتي والتومات والصادق
وملاذ) وبقية الابناء والبنات والأهل والأقارب والأصدقاء ..
وقد لاحظت تغييرات كثيرة على خارطة المزاج العام .. وأن
الكلام بقى ما في ليهو داعي .. مثل حكمة حبوبتي آمنة عندما
قالت : أنا ما بخاف لكين السكات سمح.

الثلث المتبقى ثلثاه قضيته في مراسم دفن الموتى وبيوت العزاء أو
بيوت الفرح .. ألم يقل حميد: أيه الدنيا غير لمة ناس في
خير أو ساعة حزن .. كثيرة هي ساعات الحزن في بلادي .. وما
الحزن غير الجانب الآخر للفرح والعنصر الأقوى في المشاعر
الانسانية وفي تعميق الوجدان .. كن حزينا إذا أقتضى الحال
تكبر .. مثل قصدي أن أضحك ولكني بكيت .. كل هذا اللف لكوني
محتار في البداية .. بداية هذا البوح المباشر، من أين أبدأ
وماذا أثبت وماذا أخفي .. وعند العقلاء ليس كل ما يعرف يقال
ولكن كثير من الناس لا يفقهون.. ولا زالت أوامر أبنائي الصغار لي:
"أبوي ما تمشي السعودية تاني" ثابت ويزيد..
يتراءى للمشاهد رغم ارتفاع الاسعار وعجز الناس عن الوفاء بالحد
الأدنى الضروري من مطلوباتهم .. أن هناك حالة من قبول النتيجة قسراً
فساد يقين بحال بائس وطمأنينة بحالة لاتطمئن ولا تسر .. ولن أستجيب
لطلب بالشرح فأجمل ما في الحكي كما في الهوى التضمين.

ياوطن عند الشدايد
يا وطن
والوطن ياصديقى
ضاق
واتسعت احزاننا

لم تلتزم ببرنامجك المكتوب إلا بتاريخ العودة للغربة التى أصر أولادك على أن لاتعود لها..ولكن يا أخى هذه الحياة لاندرى إلى أين تقودنا..

الف مرحب بيك وألف حمداً لله على السلامة...هناك لمة بوردابية يوم الجمعة مفتوح ليها بوست..تعال وأحكى لينا...خالص التقدير .

Quote: ولن أستجيب لطلب بالشرح فأجمل ما في الحكي كما في الهوى التضمين

ورغم حزن الكلام إلا أنني يا محمد تبسَمت ليقيني بكمية الغبن البادية فوق وشيكـ " بالأمس "
حالتو حتى السلام كان موجز شديد بسبب زحمتكـ الشفتها .

___
بيريحني السعودي تركي السديري عشان بيشتغل " بالتضمين " دي كتير
آخر مره قريت ليهو أمس هذه العبارة : "

Quote: قبل اختراع السيارات كانت توضع في الطرق بفرنسا التسعيرة التالية: 65 فرنكا للبغل، 55 للحصان، 40 للثور، 35 للإنسان، 30 للحمار. والحمد لله أنني لم أكن ولم أعِش بفرنسا في ذلك الوقت ، لأنني لو كنت وقتها فلن أرضى بأي حال من الأحوال أن تكون تسعيرتي أقل من 65 فرنكا، فالمسألة مسألة كرامة.

" تغيَر الترتيب عندهم " بكل القارة العجوز " إلا أننا صرنا " في الترتيب " بعد الحمار .
لن يخفف عليكـ ما تكتب ، وكل من يقرأ سيعيد لنفسه ذكرياته القاسية .

عمران .. قلتا في نفسي عمران ده سلم علي على الماشي كده ليه؟! هو ما عارف
أني حجيت السودان، وجئت مفعما بسوء ظن في المستقبل ..

الكتابة الحقة تخفف على صاحبها والقراء .. ولكن .. يقطع نفس كتابتنا الحذر
الموروث، نحن نسكت عن أهم ما ينبغي أن يكتب .. وهذا ما دعى (أقرى
جادين) سياسي من جنوب السودان أن يقول في ستينيات القرن الماضي (ما
يفرقنا هو ما لا نقول) .. والنور الجيلاني يغني (يعني كا صارحت مالك؟ نحنا
ما بينا الصراح).. الصراح كنز لا يفنى لأنه مستحيل في حقنا.
=========================================

الخرطوم تتطاول في البنيان والشوارع والإنارة وأمدرمان وبحري تتريفان إلا
بعض بؤر للغطرسة .. ينشط العمل في الشارع الفاصل ما بين أبروف والنيل
حتى كبري الحلفاية و(القماير) أصبحت عمائر .. إنما أيه . أكثر ما يلفـــــــــت
النظر إنحسار الأمل وسط شباب التغيير ، ولا مبالاة تتمدد وعزوف كثيرين عن
الخوض في الشأن العام ظناً منهم بأنهم يمكن أن يحققوا أمانيهم الشخصية فــــي
ظل التردي العام وهيهات في ظني غير الآثم.

أخي إسماعين .. سلام من صبا بردى أرق .. فقد منحتنى بتسهيل الحجز
فرصة أن أقضى ثلاثين يوماً حسوما في وطني (أهلي) ولو أني وجدت أن
تغيير الحجز لأزيد صعبا بما يستلزمه من مال متعثر ووقفة في صف
الخطوط السعودية بالخرطوم لزدتها ولكنها جات كده .. نلتقى في
لمة البورداب لنسعد برؤيتكم.. وشكرا أخي على كل شيء.

سلمى التي خلف البحار .. شكرا لمن نحتوا أمخاخهم ليكون التواصل
ممكنا وأتاح للحزانى أن يقولوا لا في وجه من قالوا نعم .. والتحية
لمن يرون جمال عيون الوطن عند الشدائد .. ولعاطف خيري وهو ينشدنا:

إنه وطن جميل
رغم التناقض في أزقته
ولكن كيف يمكن أن أعود
إلى السماء؟!
فأنا غريب عن دمي
إني غريب

كنت أؤمل في حديث دافيء عن الانتفاضة وتوقفها المريب! لماذا خبا البريق
في عيون الحالمين بالتغيير؟! حتى أشجار الليمون في داري احطوطبت فأضطررت
لدعوة أحمد لإستئصال كل شجرة نشفت أو غصن أحطوطب وحرقها/حرقه مباشرة أو
إعطاءه لمستحقته لتستخدمه في (العواسة) لا يمكن الصبر على الليمون المحطوطب
لابد من غرس شتل ليمون جديد .

وقد قال نزار قباني:

كل ليمونة ستنجب طفلا
وحرام أن ينتهي الليمون

--------------
وقال آخر:

وما حب الديار ملكن قلبي

ولكن حب من سكن الديارا

وقال نزار في قصيدة أخرى:

عندما يصبح الانسان في سريره محاصراً بالخوف والأحزان
يموت كل شيء

كل ما ذكر أعلاه مجرد (لزوم ما لا يلزم) .. فالأمر عطلة في
وطن عز الحريق .. فئة قليلة ناجية من حريق ارتفاع الاسعار
بالنسبة للأغلبية و(وطن ما فيهو أي وطن) ..

الى محمد الذى يكتب بلسان من يكتبون بشقوق ارجلهم ملحمة الحياة على الارض :
حدث ان حديثاً منك يشقينى ويشفينى...
والله يا محمد صار حالنا كالفراشات تهرع نحو الضوء وتموت دونه
ناس دارفور بقولو: الجراض بحرقا ريشا...
ما اذكاءهم وما اغبانا..
صارت الشكوى شى يسخر من معناها فى هذا العهد الغيهب وزمن الضحك فى بيت البكاء
دع عنك بعض رهق واحكى لنا عن بعض نزق ومآرب قضاها امحمد فى الريف الشمالى
اعلم شاءت ارادة المولى ان تقضى بعض ايام هذه الاجازة بدون حميد والزين كلس
لكن حدثنا عن محجوب شريف وعبد القادر الرفاعى ففى ذلك بعض جمال..
انا شخصياً جادى جدا ً احكى لى عن المسكوت عنه ان كان عندك خبره..
فهذا يطربنى اكثر من خبر الذين نصبوا انفسهم ولاة امر وحماة بيضة ، الانبياء الافاكون...
اعنى بالمسكوت عنه ما اعنى ولا جدال...
احكى لى عن مريسة حواء كلاب وخبر بنات سبعه بيوت ..
وايم الحق ان شعر عانة عاهراته لاشرف بكثير من بعض دقون هذه الايام ..
حدثنى عن التويمات ان جنك يرطنن، وتمرد يزيد على الدراسة ، انا اويده فى تمرده هذا
مادام الوليدات الاتعلموا علمن يطير ، لا زال عوج ومحق اللميناه قبييل هين فى هين ..
غنيماتك زادن واللا ياهن فى حويلن داك ياكلن من خشاش الارض الذى ما زاد عن اكياس بلاستيك
فى هذا الزمن الاشتر....
محمد فى اجازتى الفاتت انا ماشى على الحريزاب لاقانى يسار الشارع مخبز تعلوه لوحه كبيره
مكتوب عليها (محبز الاقتحام الجوى ).. ضحكت وقتها على المفارقة بين المنتج والاسم ولكن الان ايقنت
فعلا ان الركض وراء الخبز فى بلدنا اصبح نوع من الاقتحام ما اصدق من أسماه هكذا ...
عليه حدثنى عن ما طلبت منك ويبقى الود،،،،

صديق الموج .. تحياتي لك .. هذا خيط يسير الهوينا فمالك تريد أن أبدأ من النهاية
فتتجربن الحبكة ونحن قوم رضينا من الوطن بالحكي فالنتمهل .. محجوب شريف شفاه الله
وأكرمه ونعمه كان خاتمة ومسك إجازتي التي كادت أن تنتهي دون أن ألتقيه وأحمدل له
بالسلامة بعد عودته مستشفيا من ألمانيا .. سلمت عليه ووجدته أحسن حالا مما رأيـتـه
في إجازتي السابقة قبل سبعة أشهر .. قلت له أن إبن خالتي يعاني نفس مرضه بالرئة
وكان ينوي أن يسافر للعلاج ونصحه طبيب بالأ يسافر فبماذا تنصحه .. فقال محجــــوب
أنصحه بالصمود فهو أقوى مولد للطاقة البشرية أكتشف حتى اليوم أو كما قال ..

كانت معظم الاجازة مع عمك عبدالجليل - أسبل الله عليه ثوب العافية والرضا - فقد عانى
كثيراً ولا زال إبني الصادق يغدق عليه أسئلته المتجددة يا جدو إنتا قفلتا دكانك ليه؟!
فيرد عليه أبي: يا زول ما تنبح فوقي .. والتومات يلطفن الجو بتوقيع قبلة على خد
جدهن تمنحه العافية والطمأنينة.. وأطباء وطبيبات وممرضي وممرضات بل أهل القرية
جميعهم لا يكفون عن زيارته والسؤال عن حاله وبذل كلمات تمسد روحه الطيبة.

في أول أيام الاجازة ذهبت لأسرة حميد في الحاج يوسف .. فطون وابنائها وابناء سيد
احمد أخو حميد .. قبل ثمانية أشهر كنت قد ذهبت لنفس المنزل للعزاء في وفــــاة
الصديق الأستاذ الوفي محمود بكاب .. عليه وعلى حميد ألف رحمة من الله .. مسـالة
العزاء في حميد ومحمود بكاب مسألة لا تعبر عنها الكلمات .. هي شيء ينحت في القلب إلى
ما شاء الله ..

عند وصولي للمطار قابلني الصديق محمد سلمان كان في إنتظار أحد القادمين عندما رآني
بكى بكاءً مراً كما بكيت أنت يا صديق في الأستراحة اليوم الثاني لوفاة حميد .. رحم الله
حميد .. ذهب عنا وسيبقى فينا إنسانا ملهما لكثير من القيم النبيلة .. شكرا لفطون
وأبنائها وأبناء سيداحمد فقد شرفوني بزيارة في منزلي ووجدوا والدي معي .. كما شرفني
حسن محمود بكاب بحضوره حفل تخريج إبنتي سناء محمد عبدالجليل بقاعة بريستيدج بأرض
المعارض .. تخرجت في جامعة التقانة (تخصص هندسة برمجيات) هذا العام ..


صديق أراك قد قلبت خيطي رأساً على عقب .. هل كنت تقصد ذلك أم قدر وصاب .. بكتب بكره
لمت .. لمت وكان ما لمت أنا جاييكم وما ندمان.

إذن يا نيل نكون يانا
نكون أهل البلد بالجد

رحم الله مصطفى سيد أحمد فقد غنى ليعيد التوازن
للوجدان العام وسرعان ما مضى في سبيله .. وبقينا لنشهد
إنفصال الجنوب وإنقلاب قوش ولا زال الليل طفل يحبو
وما بين هذا وذاك أهوال تشيب لهاالبلدان والولدان ..
فبأي أحزان آخر الزمان نكذب.

واصل يا محمد يا عبد الجليل ..
احب دايما الحكي من طرفك .. واترغب عودتك من السودان وكيسك المليان حكاوي ..
ارجو تخصيص شابتر كامل عن صديقي .. ( ماشي ناس العمارة )

تحياتي يا تامبا .. والله صاحبك كبر على المشى للعمارة
واصبح من مدمني البلى ستيشن ويتطلع لقيادة السيارة
وهو في ثالتة إبتدائي .. بالاضافة إلى أن مشاكلو كتيرة .. آخر مرة
جلدوه أولاد في المدرسة وكسروا يدو اليسار في الكوع ..
وهسع برت تمام .. ولكن والدته إضطررت لنقله لمدرسة أخرى
افترضت فيها تقلص مساحات الشغب .. وبالمناسبة طوال
إجازتي كان يدعي المرض ولم يذهب للمدرسة إلا أيام قلائل
يبدو لي أن المدرسة الجديدة لم ترق له بهدوئها وقوة
إنضباطها ، من الصباح يقول بطني واجعاني وعندي وجع
راس وما أن يتأكد أن زمن الذهاب للمدرسة قد ولى هاك
يا لعب وجري .. يده تحسنت كثيرا وفي كل صباح يقول لي شوف
إيدي قربت تبقى زي الثانية. أهم شيء في الموضوع أنه
الاكثر كفاءة في التعامل مع جدو واستعدادا للترويــح
عنه بشتى السبل حتى في هذا الظرف الذي أصبح فيه والدي
يضيق بإزعاج الشفع والكلام الذي كان يروح عنه في بعض
الوقت ولكن مزاجه قد تغير أسأل الله أن يملأه عافية وفرحا
فقد قدم لنا ما لن نستطيع الوفاء به إن كان دينا علينا
وسيتواصل الحكي المباح.

حالة من التطور غير المتكافيء تنتظم الوطن.. ليس بين المركز والهامش
فحسب بل حتى داخل المركز وداخل هوامش المركز .. عالمين داخل القرية
الواحدة .. قرانا التي كانت قبل اليوم هانئة كأنها البنيان المرصوص، شخوصها
على قلب شخص واحد (لا زال كثيرون يحاولون التمسك بتلك الحالة الحلم
وهيهات) .. أصبحت تتجاذبها أنواء الصراع بين اليسر الباذخ والشظف الأعور
وتوابعهما من قيم متنافرة حد العاصفة .. كيف يعبر الانسان بوضوح عن
عالم يتشكل وسط الريح وا ل ك ر ا ه ي ة المنفلتة.. المكان لم يعد المكــــــان
العلاقات أرهقها الزيف .. بعض معانٍ جميلة تتراجع مكرهة لا راغبة ..
الحالمون يهمهمون بأنهم لا يفهمون ما يجري على خشبة المسرح...

Quote: أهم شيء في الموضوع أنه الاكثر كفاءة في التعامل مع جدو واستعدادا للترويــح عنه بشتى السبل حتى في هذا الظرف الذي أصبح فيه والدي يضيق بإزعاج الشفع والكلام الذي كان يروح عنه في بعض الوقت ولكن مزاجه قد تغير أسأل الله أن يملأه عافية وفرحا فقد قدم لنا ما لن نستطيع الوفاء به إن كان دينا علينا وسيتواصل الحكي المباح.

يا سلام يا محمد هذا هو العصب الحي .. وانت فاكر المهمة دي ساهلة ..؟ أو هذا الضرب من الفنون يجيده كل الناس ؟؟
ابهاتنا يا محمد وجدودنا الشباب ديل .. الواحد فيهم كلما يكبر كلما يذداد حكمة وكلما ينير لنا الدرب لطالما كنا ملتصقين وبالقرب منه .. صديقي ود ناس العمارة كما يحلو لي تسميته ما هو إلا امتداد لهذه البركة لطالما قدر ان يفك شفرة جده فابشر بحكمة عالية لهذا الشاب في مقبل حياته إن شاء الله .. فكل هذا الشغب والبللي استيشن ما هو إلا ثقافة مرحلة ..
اسال الله ان يمد في ايام الوالد ويملاه عافية وصحة .. فما حوجتنا لامثالهم ..
والدي الرحيم .. في يوم رحيله أ آخر الساعات التي قضاها بالبيت ..
أخبرني اخي الاصغر .. انه قراء اوراده الصباحية من المصحف كعادته القديمة منذ ان تفتحي عيوني على هذه البسيطة
مازح من مازح فيهم ونفح من نفحه بهباته الصباحية من المال القليل والذي ذهب ولم يترك منه وكان آخر ما تبقى هو ما خلص به ديونه ليذهب نضيفا كانه يعلم بدنو الرحيل وذلك عندما استدعي اخي الاصغر وعهد له بكتابة كل ما له وما عليه على الناس .. وانتهت كل التزاماته بواسطة اخي حتى قبل قليل من ايام رحيله ..
خرج صباحا..
ثم عاد بعد ان استعصت عليه المواصلات للخرطوم وليته عدل عن فكرة الذهاب مرة أخرى ..
عاد .. واستدرك انه بحاجة للتزود مرة اخرى من كتاب الله .. عاد ليقرا من جديد ما تيسر له حتى يقابل به مصير الاولين والآخرين .. قرا ورتل . ومازح الصغار عند الخروج .. ابناء اختي وابناء اخي .. لا يفارقونه لحظة .. وتراه يضحك ويمازحهم كما الطفل بينهم .. يستمد طاقته وقدرته منهم حتى ان نام تجمعوا من حوله وطوقوه باجسامهم الصغيرة .. وان صحى .. استنفزوا كل مخزونه من الضحك واللعب بينهم .. فكان ان تراه نضرا في كل اوقاته مره بكتاب الله .. ومرة بحبه لهم ..
اسال الله ان يرزقنا ما رزقــه .. نهاية طيبة وسيرة عطرة .. وقلبا ابيضا ما حمله غلا ولا سوادا ..
..
اسف يا محمد ربما حميمية ما اجده في بوستاتك ذات الحكي الممتع بنفس اسلوب الوالد .. هي ما جعلتني ان اتحدث عن فقدي الاليم صديقي الوالد .. فقد آثرت على نفسي ألا ابكيه ولو بدمعه .. ولا اتحدث عنه إلا مع نفسي .. لكن احسست الآن اني بحاجة ان اناجيه علنا .. وهو الذي يزورني بأوقات متواصله في صحوي .. وفي منامي ليغني معي .. ويحكي لي آخر القصص .. ويوصيني ببعض الوصايا ويبتسم احيانا في وجهي .. سرعان ما اصحى لأجد الدنيا مشرقة وبهية تحكي ابتسامته ..
انا يا محمد يا صديقي كنت هذا الولد ود ناس العمارة .. والحمد لله كنت قريبا منه .. وكان قريبا مني .. صداقتنا ومحبتنا في هذا الزمن .. لا تحكي عن علاقثة ما بين ابن ووالده ..
فما اصعب رحيل الاصدقاء يا ابوي الحبيب..

أنا ما بخاف لكين السكات سمح.[/B]

الاخ الفنان/ محمد سنى دفع الله .. كل عام والصامتون ينتفضون
من مصراته إلى ميدان التحرير ومن تونس إلى اب جنزير وحبوبتي
آمنة ليست ضد الثورة لكنها ضد الكلام الما ياهو .. عينها دائما
على المحاص ولا تعبا بدكة الفراجة مهما علا صراخهم.

العزيز محمد عبدالجليل .....

ضحكت في نفسي ضحكاً مرّاً لتوقعك أن يذكر الناس أكتوبر.
أظنك رأيت معاناتهم اليومية ... وحتى المهتمين منهم، لم يتبقّ من اكتوبر عندهم سوى ذكرى وبعض أناشيد.

Quote: لا تجعلوا في إستقبالكم عربة أمجاد .. فقد صدر أمر بمنعها من دخول سوح المطار ولا أدري السبب؟ والعارف يكلمني .. كانت تنتظرني أمجاد صديقي الطيب البرير وبرفقته إبني خالد .. استأجرنا تكسي لبلوغ أمجادنا ..

أييييييه يا أمة الأمجاد.

لك عاطر التحية.

Quote: أييييييه يا أمة الأمجاد.

الأخ محمد أبوالعزائم أبوالريش تحياتي .. كان أكتوبر في أمتنا منذ الأزل
كيف بك تسقط و (الماضي العريق) .. يا نشيدا في دمي يحيا ويجري في عروقي

البحث في زوايا الجراب حق مشروع لمن دهتهم الرياح والهزائم والحيرة .
البحث عن وطن فرض عين على الراغبين .. لا يليق لطم الخدود وشق الجيوب والدعاء
بدعاوى اليأس مهما أستبد بالليل سفين المعتدين .. أما (وطن) وإما (كفن) ..

أكتوبر الجريح يا طفلنا الذي جرحه العدا

اصبحت التوسل لأمجادنا بعربة تاكسي .. بعد أن كان بالثورة .. الحرية الحمراء شمس
لا تغيب .. لا تغيب

و شعب (كان) مرجلاً يغلي وبركاناً يثوووووووور

تامبا .. إنه هو (العصب الحي) أحسن تعبير لبعض الحكي .. البعض يحسبه للتسلية للترفيه
لكنه من شغاف الروح .. إحساس تقصر عنه كل الكلمات .. معالم طريق كنه الحياة
أفراح الروح .. احزانها الكبرى وتساؤلاتهاالمستفزة .. قلب شيخ تقي أو طفل بريء.. قرأت
كلماتك عن والدك - يرحمه الله - تأملتها ملياً .. طوفت بعوالم محفورة في ذاكرتي ووجداني
لأتقياء أنقياء ذهبوا ولا زالت حلوقنا تطقطق بكلام حميم معهم إنقطع ولم يكتمل .. في آخر
يوم من حياة عمي عبدالسلام .. ذلك الصوفي الزاهد ذهب لبعض من يطلبونه نقوداً صاحب الدكان
تاجر تواريب الخضروات .. تاجر قطع غيار الوابور وعرف ما عليه وقال لهم لو متا قبل ما
أحل القروش دي دايركم تسامحوني دنيا وآخره وسامحوه وذهب إلى منزله وفي الصباح فوجيء
أبناءه وبناته بأنه قد توفى .. كثير من الناس كان يظنونه صالحاً وولياً من أولياء الله
رحم الله والدك ورحم الله عمي عبدالسلام وسأعود لحكاوى مكر صاحبك الماشي ناس العمارة.

Quote: وايم الحق ان شعر عانة عاهراته لاشرف بكثير من بعض دقون هذه الايام ..

وا موجاه
يا لتغلب


أين انت يا بن كلثوم ...

كنت معكم!!!

كنت ولا زلت وستبقى .. فالدروب هي الدروب والناس والمشاعر
عندما أحكي حكاياي أعرف أن لكل حكاويه أفراحه أحزانه ..
تفاصيله الصغيرة الحميمة عليها يحيا وعليها يموت وبها
يلقى الله.

شوارع العاصمة أمدرمان .. الخرتوم .. الخرتوم بحري
غابت عنها وجوه أبناء جنوب السودان .. كيف تكون مواطنا في بلد
ويصبح عليك الصباح فتجد نفسك مواطنا في بلد آخر .. الاشياء
تتغير بوتائر متسارعة في السودان .. الأسعار .. قيم المدن الحديثة
.. الاخلاق تنسحب للقانون (الحد الأدنى للأخلاق) ..

من أراد أن يحيا ليرى ثورة شعبية خالصة فلن يعيش ليراها ..
فالناس هنا مشغولون بالبحث عن دواء لشخص مريض وآخر يحمل روشتة
لمريض يعاني وقد دار على الصيدليات في مرمى المشي والسيارة
والدواء غير موجود وثالث يده على قلبه لتكملة رسوم البت ورابع في
إنتظار جيش ابنائه المتخرجين لعلهم يجدوا عملاً ويساهموا في
سداد فاتورة المعايش اليومية وعمي حامد مستلق تحت سدرته راض
بما قسم الله غير آبه بما حدث لمصنع اليرموك .. فلما الهلع وقد
رفعت الأقلام وجفت الصحف . كثيرون يقولون البلد إنتهت
خلاص .. البلد دي بعد ده ما نافعة كيلو اللحم بخمسين وكيلو الطمام
أغلى من كيلو التفاح. كيف تحدث الإنتفاضة والناس يدورون كالمروحة
يكابدون البقاء .. المصريين قعدوا بالشهور في ميدان التحرير
وأنجزوا الفصل الأول من ثورتهم وأنتخبوا مرسى وعندما كشر عن
غير ما أنتظروا رجعوا لميدانهم من جديد .. وفي حالتنا لم يحضر
أحدولا وقت للثورة .. الوقت لحصول القوت الضروري فتأمل.. معذرة
للخروج عن النص .. ولابد اني عائد .. أقسمت إني عائد.

صديقي القاسم عزف عن التكالب على ما يتصارع حوله الناس .. لاذ بتأملاته السامية .. ألتقيته
عدة مرات هو واحد من القليلين الذين ينشرون ثقافة اليقين والقناعة بالقليل .. وجهه ينضـــــح
فرحاً وطمأنينة .. ربما ساعدتني لقاءاتي القليلة وحواراتي معه على أن أخلي قلبي ولو إلى حين
من الرغبـة في اللهاث وراء ما يورث التوتر، قمعت توقي إلى التمترس في خنادق المواجهـــة
وآثرت السلام النفسي لأستريح .. لشوط جديد أو لوجه الله .. أحياناً يشعر الإنسان أن غالب مثار
النقع محض شقاوة كتبت علينا .. فماذا يحدث لو قرر الإنسان أن يتنفس الصُعداء قليلا أو كثيراً
كما قرر القاسم.

محمد الذي لا نراه الا في مواضع الادب والجمال ...سلام ...وسلام كتير ...
عارف يا محمد اسوأ ما في الغربة كما قيل
وما غربة الانسان في بعد داره *** ولكنها في قرب من لا يشاكله
ونحن الجيل البعيش غربتين ...
قاعدين مع ناس ما بشبهونا ولما نمش بلدنا برضو بنكون مع ناس ما بشبهونا
حتى الخضرجي بعرفك من محاججتك في السعر وطريقة عدك للقروش انك مغترب
بينما العايشين هناك "ما بسألو"
مفارقات مضحكة مبكية ...
والكتابة وجع مسكوب وسمو عن واقع وانتصار للذات
اكتب ... لاحق وسابق ...سدد وقارب
واحد من عندينا يا محمد قضى عمره في القصور من زمن فاروق الاول والملك حسين في الاردن وختما بي آل سعود ...وهرم وواصبح يتوكأ عصاه
وانحنى ظهره اقترح عليه الناس محاولة زيارة السودان الذي تركه وهو صبي ...رضخ للجهود وحزم امتعته وذهب الى السودان
لكنه عاد بعد اسبوع مطلقاً قولته الشهيرة بعرب مكسر ومخلوط ببعض مصرية ....(دي مش بلد دي ... على ما اظنو ربونا خلق السودان علشان ما يخليش تحت السما فادي)
طول الغربة يا ابو حميد بتقتل حتى الذكريات فما عساها تفعل بالانتماء والحنين والحال الان ... يغني عن السؤال...
واصل ياخي ... اكتب عن المفارقات يا محمد

الاخ العزيز طاهر بدر .. تحياتي تحياتي .. الغربة قصرت الخطى .. الغربة ضيقت العبارة
الغربة .. الغربة .. (لا يعرف أهوال الغربة إلا من عاش دفء الوطن) .. والوطن أصبح
حار جاف صيفاً حار جاف شتاءً .. أبدع قريبك:

(دي مش بلد دي ... على ما اظنو ربونا خلق السودان علشان ما يخليش تحت السما فادي)

فقد أصبح تحت سمانا فائراً ولله الحمد في كل الفصول .. وقدرنا أن نتدفأ بأي نار تصيب
هذه الأرض التي شاء قدر الله (أن يكون ما تحتها فاضي) .. بعض البؤس يستعصي على
التعبير .. العيون الزائغة والحيرة المفتوحة على المجهول لا يصح معها إلا أن ننكتم ونستغفر
الله .. بلد حاصل جمعها لا يستوعب حتى وسع التسديد والمقاربة .. قدها رباعي يا طاهر
مفارقاتها أسكت ساكت .. سوداني بليدنا وكلنا أخوان

بالطبع فإن القاسم صديقي في متعه لو عرفها المنعمون لقاتلوه عليها .. فهو لا يشغل باله بشيء .. لديه يقين
مقيم بأن ما قدر كان وما شاء فعل ففيما إزعاج الخاطر .. وهذا شأو لا ينبغي لأمثالي فما أن استلقى تحت
شجرة الليمون في بيتي وبجنبي والدي والتومات وفي ذهني قراري الخطير بأن أنسى العالم وأبدأ الحياة
لا تلفزيون لا جرائد لا تلفون لا كمبيوتر .. قرار بالإبتعاد عن كل أسباب التوتر حتى أجد الهواجـــــــس
الداخلية المتعلقة بالمكان .. قريتي النوبة .. فهي هامش في قلب المركز المتهم بكل الموبقات التي عصفت
بالوطن البنحلم بيهو لحظاتي .. ولأن الهواجس بلا هوامش أسرح أحيانا مع المهدي الامام الذي أراد
أن يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جوراً .. فطوف من خلاوى متصوفة السودان وحفظ القرآن .. ثم
أعلن عن دوره كقائد صاحب رسالة تنطلق من هذه الأرض المباركة .. وتمت على يديه الإنتصارات
المذهلة حتى دانت له الخرطوم .. واقام عاصمته في البقعة المباركة أمدرمان .. ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟!
مآسي الحاضر ترقد في تجارب الماضي .. (الأشياء ليست الأسماء) ولكن هذه أسماؤها .. توفى المهدي
فور استتباب الأمر .. وتوفى جون قرنق فور توقف حرب الجنوب .. ونحن أهل هذه الأرض شعوب وقبائل
وألسن وأديان وثقافات .. كيف نصبر على طعام ثقافي واحد .. وكيف نتواصى على أحترام حقوق وحدود
بعضنا .. وتدور ساقية الهواجس .. ومن المسؤول؟ هل إستعدال الشأن العام فرض عين؟! لا أدري.

ومالي والشأن العام .. كل الأمر إستعادة ايام عطلة قصيرة كنت اريد فيها أن ألتقى
مع الوطن وجهاً لوجه .. فضاع الأمس مني .. رحم الله إدريس جماع ..

ذهبت إحدى قريباتي إلى مصر مستشفية .. كانت تعاني مشاكل في العيون .. فور وصولها
ظهر أن لديها مرضاً آخر أكثر تعقيدا توفيت على إثره بعد أيام .. سمع والدي بخبر وفاتها
في مصر فسأل شقيقتي .. إنتا المره دي أتوفت في مصر؟
شقيقتي: نعم
والدي: كان عندها شنو؟
شقيقتي: كان عندها مشكلة في العيون وظهر ليها مرض تاني في مصر واتوفت
والدي: الحمد لله أنا عيوني كويسة اليومين ديل

حبيبنا الجليل محمد ..

جلوس على ضفاف حرفك.. الذي يتحدث عنا بعناية ..
افض علينا ببوحك ، حدثنا عن امنيات العودة التي مازالت شاردة
حدثنا عن الوطن الذي لايزهر سوى التعب
فنحن نسير على دروب الغربة حفاة الا من بعض يقين ..


لك السلام وعلى الوطن السلام ..

اخوك/ ألأرباب

الاخ العزيز خالد الأرباب .. تحياتي، مازلت في السطر الأول من حكي الإجازة
وما أدراك ما الاجازة في هذه الأيام .. رضيت من البرنامج العامر بالبقاء في
المنزل غالب الوقت .. مستمسكاً بما أحسنت إيجازه:
(فنحن نسير على دروب الغربة حفاة الا من بعض يقين .. )

أمتع نفسي بالمشاكل الداخلية بين التومات .. تصرخ إحداهن وتجيء إلى تشكي
أن أختها ضربتها .. وأنهض ممثلا دور القاضي الصارم ..
ضربتي أختك ليه؟
التومة: هي ضربتني أول وعارفه أني عيانه!!

فــأجمعهن على طاولة التفاوض وأعلن أننا في المساء سنذهب للـ (السر موز حق
النوبة*) فيتبسمن وينشرحن فأضرب الحديد وهو مبتسم وأطلب منهن أن يتعافين
فيحضن بعض ويذهبن في حالهن ريثما يبدأن معركة جديدة .
-------------------------------------------------------------------------
* محل تجاري (ميني مول) أقيم بجانب محطة البنزين غرب القرية والتومات
اسمينه السري موز النوبة نجراً وتيمنا بالـ (السري مول) الذي أقيم
غرب السروراب ظنا منهن أن مول هي (موز) وكل يغني على ليلاه والحداثة تفتك
بنقاء الريف فتكا.

Quote: 16 أكتوبر 2012م هبطت أرض الخرطوم .. وقديم قال صديقي الراحل حميد العزيز: (يا خرطوم مالك؟! مالك؟! ..) .. كحال الناس في الدينا كل شيء بورقة وقلم وبرنامج .. أخذت معي ورقة سطرت عليها برنامج إجازتي .. وما أن خرجت من مطار الخرطوم وحتى حين عودتي إليه مغادرا في 16 نوفمبر 2012م لم ألتزم بالورقة ولا بشيء مما ورد فيها .. بل لم أجد فرصة لفتحها إلا بعد عودتي .. (فكيف الحال والخرطوم نائمة وأمدرمان)

الرحمة علي حميد الواصف بصدق لاحوال بلد وهو لا يستغني عن السؤال عنها!
كيف وجدتها في غيابه وكان يملا اوقاتك وأنت بها وخارجها؟؟

..............
..............

يا محمد خزن بس!
الورقة والقلم والدفاتر لا تكفي لكي تسجل أهوال البلد ولا قسوة الايام علي أبنائها!
شيئان لا تستطيع فعلهما..
كتابة كل الاحداث امامك في وقتها..
ولا حساب ميزانية لما تحتاجه ويحتاجه غيرك أكثر منك..

الحاج والتومات كيف؟؟

وهذا علي اساس أكثر افراد الاسرة إحتياجا للحب والتدليل..

يا سلام يا محمد عبد الجليل!

هذه كتابة بديعة وغاية في الروعة لا سيما في حضرة الوطن.
كن والوطن جميعا بخير!

الأخ العزيز ابوعسل السيد احمد .. لم يؤخرني عن الرد على مداخلتك المحفزة جدا إلا
الشديد القوي ووفاة بعض القريبات العزيزات أسأل الله أن يسكنهن عالي
الجنان .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
=============================================
سأعود لمواصلة الحديث عن (وطنا حبيبنا .. رغم البيك هي الأشواق)

العزيزة منى خوجلي .. حمداً لله على سلامتك .. ولحظة من فضلك ..

أن يجد نفسه مغتربا طوال النصف الحلو من عمره الواحد لاهثاً خلف حدود الوطن
بحثاً عن الحرية والخبز بعد أن ضاقا في بسطام .. وبسطام هذي هي سلة
غذاء أهل البلاد من المحيط إلى الخليج أو من بريتوريا للإسكندرية وفي رواية
هي سلة غذاء العالم.. ولما لا طالما كلو كلام ولهذا يا سادتي الكرام أصبح عادي أن نرى
إنسان السودان (يتشابى للحاجة حتى إن بقت ما قدرتو) أو كما قمت بتحوير شطر بيت
لشاعر شعبي سوداني مجهول واعظاً مواطنيه أن يعرفوا قدر نفوسهم وقلة حيلتهم
ووقوعهم وسط نفر (عمروا الأرض حيثما قطنوا !) .. ولولا الحزن العاصف لكتبت
كثيراً ولكن .. الحمد لله في كل المواسم.

اتسعت الفجوة بين الامكانيات والمتطلبات، عشعش القلق
الذي يخالطه الخوف من الحاضر والمستقبل الذي لا يمكن
لأقوى عرّاف أن يتنبأ به .. تراجع وقع صدى الموت الاحمر
فالناس ذاهلون عن كل شيء، عدا فئة تعرفهم بكروشهم من
أثر التخمة إنسربوا من ثقوب ضيق الناس وذهولهم وابتدعوا
أشكالا للثراء السهل السريع المريع، فالحياة تمضي والوطن
يضيق والمزاج يضطرب ويتكدر.. ونشأت بين الناس حالة من
الكراهيةالمقنعة والسافرة كسرت إمكانيات الفرح الحلم

نحن لا نبكي ولكنا نناضل .. أو كمال قال .. تسارعت وتيرة الحيرة في الوطن

(مما خلقنا وشفنا خلقنا) كان مر الشكوى جزء من برنامجنا اليومي (دي عيشه
دي) .. ذهب الزهج العابر وحل الخوف المقيم المتصاعد .. (وطن ما فيهو أي
وطن)!

كانت (الباربيصة) مسرحا للصبا ومكانا آمناً ترتع
فيه الماشيةوالأغنام والطير من كل نوع .. حتى القطا
ذلك الطائر الجميل المبرقع المدردم المكتنز، أصبحت
الآن أرضاً جرداء بليدة تنذر بأن مستقبلا جافاً في
إنتظار القادمين.