المسكوت عنه في الحياة السودانية (1)

المسكوت عنه في الحياة السودانية (1)


11-05-2012, 09:26 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=410&msg=1352147192&rn=0


Post: #1
Title: المسكوت عنه في الحياة السودانية (1)
Author: محمد قسم الله محمد
Date: 11-05-2012, 09:26 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

المسكوت عنه في الحياة السودانية (1)


العام 1505 ميلادية وبينما كان عبد الله جماع وعمارة دنقس يؤسسان مُلكاً في السلطنة الزرقاء علي ظهور الخيل كما تروي كتب التاريخ التي درسناها في المرحلة الإبتدائية ، حينها كان الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس قد اكتشف الأمريكتين وأسس ملكاً هنالك علي ظهور السفن في العام 1498 كما تروي كتب التاريخ التي درسناها في المرحلة الثانوية.
وحينما كان الوزير محمد ود عدلان يخاطب إسماعيل كامل باشا إبن محمد علي باشا خديوي مصر بعباراته الشهيرة : (لا يغرنَّك إنتصارك علي الجعليين والشايقية فنحن الملوك وهم الرعية) لم يكترث الباشا للتهديد وزحف حتي دانت له كل البلاد تحت الحكم التركي المصري كما تروي كتب التاريخ التي درسناها في المرحلة الإبتدائية، حينها وفي ذات العام كان العالم الفرنسي شامبليون يكتشف حجر رشيد في مصر ويتمكن من فك طلاسم اللغة الهيروغلوفية كما تروي كتب التاريخ التي درسناها في المرحلة الثانوية، حينها كذلك وفي ذات العام عرف العالم نظرية الكهرومغناطيسية بعد أبحاث طويلة ونظرية الديناميكا الكهربائية علي يد عالم الرياضيات الفرنسي أندريه ماري أمبير بينما كنا هنا نردد بيأسٍ مزمن: (لو كان التُرُك حوض رمله حوض الرمله تب ما بيروي).
وعندما نفحنا الإنجليز بكلية غردون التذكارية أواخر العام 1902 كانت جامعة كامبردج قد تأسست في العام 1209 (وأرجو أن لا تتشقلب الأرقام) فالفارق يقارب السبعمائة عام.
قبلها كان الخليفة عبد الله قد حاول غزو مصر ودعا كذلك الملكة فكتوريا للإسلام والإستسلام وعرض عليها مكافأته لها بتزويجها من الأمير يونس ود الدكيم الذي عارض بعنف فكرة تزويجه من النصرانية .. حينها لم تكترث الملكة فكتوريا غير أنها أرسلت جحافل جيشها الذي اكتسح الخرطوم نهار صيف قائظ في الخامس والعشرين من أغسطس العام 1898 وهو ذات العام الذي اكتشفت فيه ماري كوري عنصر الراديوم المشع الذي نالت بأبحاثها فيه جائزة نوبل في الكيمياء وهو ذات العنصر الذي قتلها فيما بعد نتيجة تأثرها بمرض اللوكيميا الذي تسببت فيه الإشعاعات المنبعثة من الراديوم.
وحينما قذف الخليفة عبد الله (بأولاد البحر) في السجون واعتمد علي ابنه يعقوب وأسماه (جراب الراي) كان العالم قد عرف مجالس الشوري وأنظمة الحكم ولذلك لم يكن مفاجئاً سقوط الدولة المهدية كما درسنا ذلك في المرحلة الإبتدائية حين أنهكتها الصراعات الداخلية بين أولاد البحر وأولاد الغرب حتي قبل أن تنهكها التدخلات الخارجية وسقوط الدولة الرسمي في معركة كرري الذي وثقها شاعرنا قبل أن يستوثق من حقائق التاريخ فيقول: (كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية، خاضوا اللهيب وشتتوا كتل الغزاة الباغية).. نعم كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية تجمعوا من أربعة وأربعين قبيلة سودانية نهار الجمعة ذوداً عن الوطن لكنهم لم يشتتوا كتل الغزاة بل حصدتهم الآلة العسكرية للجيش الغازي .. وسقطت الدولة المهدية .. ومات الخليفة بعدها في أم دبيكرات حين استقبل القبلة و(لزم الفروة) في بسالة نادرة لكنها تنم عن يأس مزمن جعل الخليفة ينتظر حتفه باستسلام مكبلاً بالهزيمة الثقيلة التي تكبدتها جيوش الدولة المهدية.
وهكذا ولأنّ النتائج بمقدماتها يتقدم الآخرون.. ونتأخر.. مات الخليفة وانهارت الدولة المهدية ولا تزال جذوة الصراع مشتعلة بمكوناتها الإثنية التاريخية ذاتها حتي لحظة كتابة هذه السطور. ليس الإصطراع بين أولاد البحر والغرب فحسب كما هو في الدولة المهدية، لكنه صراع إثني ممتد علي طول البلاد وعرضها.
وحينما تفشل النخبة في إيجاد صيغة حكم فهو بالضرورة نتيجة طبيعية للماضي الموروث الموسوم بالفشل كذلك. وحينما نفشل علمياً ومعرفياً منذ أيام عمارة دنقس وعبد الله جماع فإنّ الجينات تفعل فعلتها في الأجيال المتعاقبة التي تتوارث الفشل المزمن.
دعونا نتحدث عن المسكوت عنه في الحياة السودانية ونقد الذات أو قُلْ جلد الذات ، نتحدث كثيراً عن أنفسنا كسودانيين بشئ من التقديس الكذوب ولسنا كلنا خير حتي صرنا مثل السامري وحكاية العجل المقدس في حكايات اليهود.
لماذا نفشل في كل شئ؟! منذ أيام السلطنة الزرقاء والدولة المهدية وسنوات العهد الوطني الذي لا يزال يعاني ويلات السياسة والقداسة والوراثة منذ بزوغ فجر السادة أصحاب السيادة الذين توارثوا هذه الكيانات المسماة أحزاباً وأورثوها وأورثونا الكساح بينما يختلس (العسكرتاريا) السلطة كل حين يشاركون في صنع منظومة كالحة تجعل إدمان الفشل واحدة من متلازمات الشخصية السودانية و... حنانيك بعض الشر أهون من بعض.
نواصل..


Post: #2
Title: Re: المسكوت عنه في الحياة السودانية (1)
Author: سيف النصر محي الدين
Date: 11-06-2012, 00:39 AM
Parent: #1

و ماذا عن ما قبل العام 1505 و ما قبل مؤامرة عمارة دنقس و عبد الله جماع؟
اشارتك يا محمد قسم الله إلى التاريخ كما درسناه في المدارس و كما هو مقرر في مناهج التعليم العام اشارة ذات دلالة مهمة إذ يبدو
أن الهدف من ذلك المنهج قد تحقق بنسبة مائة بالمائة و اصبح السودان في اذهاننا مرتبط بدولة سنار و ما تلاها من تاريخ و انمحى تماما
اي ذكر للفترة ما قبل الدولة السنارية. هل من المعقول أن دولة علوة بكنائسها و مبانيها و ملوكها اختفت من الوجود هكذا دون أن تترك
اثرا و تاريخا يمكن أن ندرسه و أن يصبح جزءا من تاريخنا و مكونا من مكونات شخصيتنا؟؟
أرى أن تاريخ السودان المزور هذا هو السبب في ما نشتكي منه اليوم!

Post: #3
Title: Re: المسكوت عنه في الحياة السودانية (1)
Author: Abuelgasim Mohamed
Date: 11-06-2012, 03:36 AM
Parent: #2

الاخ محمد
تحياتي
ماذكرته هو عين الحقيقه والواقع اللذي نعايشه كشعب ..كنا وما زلنا وسنظل من اضعف امم الارض
انسي المهديه والتاريخ القديم ,لقد ذكرت انت ان بريطانيا انشأت جامعه الخرطوم عام 1902 ,كم من
الاطباء والمهندسين والمعلمين ..الخ..الخ تخرجوا منها وماهو تأثيرهم في حياتنا كأمه اليوم ..(بق زيرو)
كلهم حا يجوا يقولوا ليك الحكومه والامكانيات !!!
Quote: أرى أن تاريخ السودان المزور هذا هو السبب في ما نشتكي منه اليوم!

قول واحد .. تاريخ شنو يا دكتور! نعيب زماننا والعيب فينايا دكتور!