الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث

الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث


11-07-2012, 04:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=404&msg=1411967298&rn=16


Post: #1
Title: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-07-2012, 04:08 PM
Parent: #0


الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود هو إبن خالي وصديقي ، بالإضافة الى ذلك يربطنا إهتمام مشترك بأغاني التراث والحقيبة ، ودائما ما نتبادل المعلومات والأفكار ، وهو شخص موسوعة وقارئ جيد ومتحدث لبق ومثقف له المقدرة على التحليل والسرد والتوثيق ومن أجل ذلك يبذل الكثير من الجهد والفكر والمال في البحث عن المعلومة والحقيقة ، وله الفضل في التوثيق للكثير من أغاني السيرة والحماسة والتراث ، كما له مقال اسبوعي يكتبه بانتظام في جريدة السوداني يوثق فيه لاغاني التراث ويذكر مناسباتها وشعرائها وله برنامج يقدمه باذاعة كردفان عن اغاني التراث يجذب الكثير من المستمعين والمهتمين . ولقد قدمنا معا الكثير من الندوات والمحاضرات عن أغاني الحقيبة والسيرة والحماسة .
وفي كل زيارة لي للابيض يتحفني بمقالاته الثرة والقيمة وسأعمل على نشرها في هذا المنبر لتعم الفائدة الجميع .

ولكم كل الود





Post: #2
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-07-2012, 04:15 PM
Parent: #1

من أغنيات التراث

أبو زينب لي أنا




كتب/ خالد الشيخ حاج محمود

قالت عنه والدته ريا بت أبو زيد (منذ أن ولدته ونشأ ما رأيته مال إلى هوى قط) أنه محمد بن أحمد بن موسى بن بدر المشهور بالعبيد ود بدر وقد طغى الاسم الأخير (ود بدر) وذلك بسبب نسبته لجده بدر حتى أصبح اكثر شيوعاً من العبيد كما ورد في موسوعة أهل الذكر بالسودان.
ولد وترعرع العبيد ود بدر في بيئة بدوية رعوية حيث أهله رعاة مترحلون بين قرى نهر النيل (منطقة الجعليين) واتصف منذ نعومة اظافره بعلامات من الصلاح والتقوى وقد وصفته الروايات الشفوية بأنه كان أقرب للنحافة من البدانة متوسط القامة وضيئ الوجه يجب الأبيض من الثياب ويفترش الأرض في مجلسه ومنامه ولايرتفع صوته مسمعاً ولا يستفيض في الحديث إلا عند مجالس العلمِ والإرشاد إلى جانب انه عرف بالفراسة والذكاء والحكمة وعلو الهِمة والكرم، وقد جاء خروج أهله من مسقط رأسهم هاربين بعد (كتلة شندي) حيث خرجوا من قوز الحوارة لقوز رجب ومنها عبر البطانة مقتربين من الشط الشرقي للنيل الأزرق وكان الشيخ العبيد يزور أحمد ود عيسى في قرية كترانج ويعبر النيل لخلوة الشيخ عوض الجيد في قرية عفينة ويروى ان الشيخ عوض الجيد اصطحب شيخ العبيد في رحلة للبيت الحرام وعندما عادا سلم الشيخ عوض الجيد شيخ العبيد أمانة أهل الله امراً إياه بعبور النيل الأزرق للضفة الشرقية مع تكليف بالدعوى الى الله هناك.
حيث جاء التكليف بمقولة مأثورة من الشيخ عوض الجيد خاطب بها الشيخ العبيد قائلاً: (العاديك تكلنا عليك) تزوج الشيخ العبيد زوجته الاولى ستنا بت العجيل من الحسانية والدة ابنه وخليفته الأول احمد، وعندما بلغ شيخ العبيد تسعة وعشرون عاماً سافر إلى الحجاز وشارك في مساجلات ومناظرات مع الشيخ أحمد بن ادريس (راجل فاس) والميرغني مما حدا بالاخير ان يقنعه بالعودة للسودان لأجل الدعوة وبعد عودته طلق الدنيا وخرج في سياحات مع رفيقه الشيخ محمد المقابلي من ذرية شيخ إدريس ود الأرباب.
وذات ليلة ماطرة وباردة اضر فيها البرد القارص والجوع بالشيخين مما جعلهما يأويان لراعي أطعمهما كسرة بلبن وباتا ليلتهما بخيمة الراعي وطافت بالشيخ العبيد رؤيا رأى فيها كسرة الراعي ترجح في الميزان عبادته وعبادة رفيقه المقابلي حينها هب الشيخ من غفوته معلناً بوادر التكليف بإطعام المساكين والطلاب لذلك استقر بأم ضبان وعندما حانت (حرابة الأتراك) شمر الشيخ العبيد عن ساعد الجد وحاربهم رغماً عن رفضه الخروج من ام ضبان للخرطوم والذي يؤكد ذلك قوله المأثور: (بركة القيوم ما أصل الخرطوم)، وعندما قامت الثورة المهدية كان شيخ العبيد أكبر مناصريها حيث حشد أتباعه وابتدر حصار الخرطوم ولكنه توفى في أكتوبر عام 1884م.
لذلك اشتهر البادراب (أحفاد العبيد) في مناطق شرق النيل بأم ضبان وما حولها لا سيما وقد كانت لهما سلطتان روحية وعشائرية جعلت الشعراء والحكامات يتبارون في مدحهم مثل الاغنية التراثية المشهورة التي قيلت في الشيخ حسب الرسول ود بدر (الكنداكة) ومن مفرداتها الرائعة:
أبوّى وينو بحر الدواية وينو الجاتو العماي
أبوّي وينو البحضر جناي وينو الأيدو عطاي
يا حليلو سيدي البعبر سيد الحلقة التكر
سيد القدح البجر حرسوه للفجــــر
ضويت ليلة القُدر دي الأسمو حسب الرسول ود الشيخ ود بدر
هوي بمدح بجيب أبيات لي ود أشقر أبّخرات
وقت العيش بقى بي الملوات ود آمنة حوبتك جات
كما كتبت حواء حسب النبي المشهورة (بأم برعه) حكامة العبيد ود بدر في الشيخ مصطفى ابنه اغنيتها المشهورة( الشيخ سيرو) وذلك عندما تزوج وكسى حتى الشجر كما يقولون بقصد المبالغة، عندما غنت الاغنية:
النصيحة ديك البريد الشيخ أنا يا ناس بريدو
الشيخ سيروا
ود الشيخ مصطفى العقد الدم بالعصــــى
الشيخ سيروا
ولأن الافراح ظلت مصدراً لإلهام الحكامات والشاعرات لذلك كتبت الشاعرة آمنة بنت مكاوي من الركابية قصيدة في مدح قريبتها (النجف) عندما تزوجت ود عيسى من منطقة الهجيليج بالقرب من الهلالية قالت فيها:
النجف أم جمال أماتك الخيل الأصال وجدودك عمد كردفان
يايتول يا أم سماح يا المسك الفوق نيلو فاح
غفرك داير لي الصباح إنجليز ماسكين السلاح
يا بتول أم رشوم غفرك داير ما بنوم
لباسك غالي الهدوم عِبْدِ اللَّه جاب الشيوم
كما كتب الشاعر والفنان الفرجوني في زواج شقيقه ابراهيم عبد الله البنا
(العديل والزين) رغماً عن أن العديل والزين من تأليف النساء ولكن الفرجوني لحبه وصدقه وفرحته بزواج شقيقه تجاوز ذلك الموروث وكتب في قالب شعري بديع قال فيه:
الليلة العديل والزين إن شاء الله العديلة تقدموا وتبراه
بأسم الله ابتديت بالواحد الفتاح ليك الخير يجيب قولاً محقق صاح
زينة عجبي ليك البيت عمار ورباح و يا قمر السماء البتضوي للبياح
اسمك بالألف انت المنسل حر أبواتك مكوك زي الكواكب غر
سون يا بنات في الريشة قولن يوي يا كاسر نمور شقلد العردت في الهوي
أهلك سيروك يا غرة العينين لي بت البطر بت عزة الطرفين
أخوانك معاك يا ضوي فرحانين ربي يتم ليك بيت مال وزينتو بنين
على تلك الشاكلة ومن وحي الفرح الغامر وبفضل الشجاعة والكرم والعطا ومكارم الأخلاق التي عُرف بها اهل الذكر كتبت الحكامة و الشاعرة المغنية أم برعة قصيدتها الثانية في الشيخ مصطفى ود العبيد ود بدر وذلك عندما انجب ابنته الكبرى زينب و قد اشتهرت الأغنية بـي (أبو زينب لي أنا) خاصة بعد ان غنتها ام برعه بمنطقة شرق النيل على إبقاع الدلوكة وذلك قبل ان تنتقل الاغنية لكل ربوع السودان وتصبح مشاعة لفناني الحماسة ومنهم الفنان الرائع الأستاذ الامين البناء ومن مفردات الاغنية الرائعة قول الشاعرة ام برعة:
أبو زينب لي أنا أسمو الخير ضينا
تغني ليك البنية بنية سمحة وفنجرية
يا أب آمنة ورقية شمر ما تشمت عليّ
هب النسيم جاب هبوبو خيرو كتير ماهو دوبو
الدايرين شرْ إتواعدوبو
لاك حاشي ولا تنيَّ لاشايب لا جنيَّ
مهور العنزة أبو قرناً لي والتلاتة أتدهُجهن ليّ
حنني يمة سيري سيري يمة جرتقي
(حنني يمة سيري سيري يمة جرتقي) هي كسرة الأغنية.
فالله در وطننا العزيز بأبنائه الشجعان ونسائه المحجلات اللائي حفظن كبرياء أبطاله وشحذن الهمم عند المحن والصعاب حتى طالهن قول الشاعر الوطني المرحوم الشريف زين العابدين الهندي عندما قال في (أوبريت سودانية):
شايلك سيف نصر لا يطيش ولاهو يزوع
ورابطك في حشاي من العطش والجوع
راجيك المجد مدخور ليك سنين ودنين
ومن حبوبتك الوقفت ترد الدين
وتطرد حملة الباشا مع الغازيين
حليله مهيرة كاسرة التوب وحد الزين
ولكن.. هل نغرد جميعاً في سرب واحد ونغني مع ود الرضي (البدر الخفى الانجاف اليوم شرف الرجاف) نأمل أن يتحقق ذلك ولو عبر النشرة الجوية مع سيد درمان كافي وإخلاص النوراني.






Post: #3
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-07-2012, 04:45 PM
Parent: #2

من الأغنيات الخالدة
يا بلال تزورني مرة


كتب: خالد الشيخ حاج محمود
سألني الاستاذ عصام سليمان عبيد – المهتم بالتراث والآداب والفنون عن ( البلال الذي ورد ذكره في الاغنية الخالدة (يا بلال تزورني مرة) حيث قال بأنه سمع بأن تلك الأغنية قيلت في أحد أحفاد (حاج عربي) ولعلمي وقناعتي بأن اغلب أهل كردفان يخلطون بين حاج عربي والقاضي عربي لذلك قلت له (أن من قيلت فيه هذه الاغنية هو حفيد القاضي عربي وليس حاج عربي، بل أوضحت له بأن الفقيه حاج عربي ود حمد ابن حبيب نسي الركابي كان أماماً للفتوي الشرعية في عهد المسبعات بكردفان في القرن الثامن عشر الميلادي وله ضريح يزار بحي السجن القديم بمدينة الأبيض أمام منزل حفيده المرحوم (مكاوي أحمد حامد) وعلى يده تتلمذ الشيخ عبد الله ومن بعده ابنه الشيخ اسماعيل الولي ومن نسله بأم درمان الشيخ الفقيه عربي ابن احمد مكاوي والتي انتهت إليه ولأبنائه خلافة الركابية بأم درمان وهو ابن الفقيه احمد مكاوي بن الفقيه عبد الرحيم بن الشيخ حبيب نسي ابن الشيخ محمد قيلي بن الحاج حبيب بن حبيب نسي. وقد تزوج الفكي عربي احمد مكاوي من (فاطمة ادريس كوكو) وانجب منها احد أئمة التقي هو (الخليفة مكي عربي) والذي انجب ابنه الخليفة احمد مكي عربي واخوانه واخواته أما القاضي عربي فهو كما يقول الدكتور عون الشريف في موسوعته (القبائل والانساب في السودان) اشتهر القاضي عربي احمد كنين بن يحي بن احمد البشير بن موسى ود البرد من (الهواره الضكيراب) بكردفان ووالدته حفيدة الشيخ خوجلي ابو الجاز ولد بالأبيض عام 1779م وتوفى والده وهو صغير فكفله جد أبيه بشير موسى ود البرد – صاحب الضريح المشهور بالأبيض، وقد تعلم القاضي عربي –على جده احمد البشير وحسين ود عماري وعلى عدد من العلماء منهم الشيخ (بدوي ود أبو صفية) و(ابراهيم الاستردي) وعمل قاضياً بالأبيض من قبل نائب سلطان الفور المقدوم مسلم حين كانوا حكاماً على كردفان وكان اماماً لمسجد الأبيض واتصل بالطريقة الادريسية عن طريق السيد محمد عثمان الميرغني الكبير حين زيارته لكردفان وعينه الاتراك قاضياً للقضاة وراسله السيد احمد بن ادريس وكان الامام الختم يجله ويقدره لذلك ذكره في توسله المشهير حينما قال:
تعم نقيباً صالحاً صادقاً عربياً ويعقوب وحماد وأهل طريقتي
وصلي بقدر الذات للختم قد جلى على أحمد والصحب وآل ذخيرتي
وللقاضي عربي اربعة وعشرون ولداً وبنتاً وعندما عقد السلطان محمد الفضل العزم على تعينيه قاضياً واماماً وخطيباً وعالماً على كردفان حيث كان الوجهاء واصحاب المناصب واكابر القوم في ترقب وشغف لمعرفة من يعينه السلطان بعد ذهاب الشيخ ود عماري وحينها كان المقدوم مسلم عاملاً على كردفان (والي) في مقابلة مع السلطان محمد الفضل لأخذ المشورة في أمر من يخلف ود عماري وفي تلك اللحظة التي اكتنفها الترقب والانتظار لعودة المقدوم مسلم ومعه حقيقة الامر خرج (القومابية) وهم الاعلاميين في ذلك الوقت يعلنون الناس لمقابلة المقدوم وعندما تقاطر الناس من كل حدب وصوب جماعات ووحدانا والكل يعضد من يراه أهلاً لهذا المنصب إلا عربي أحمد الهواري وقف بعيداً وكان عليه جلباباً من دمورٍ وملفحة شال متواضع على كتفه حينها قال كبير المعلنيين (القومابية) رافعاً عقيرته بأن مولاي السلطان محمد الفضل قد عين مما جعل الصمت يلف الجميع ولكن سرعان ما علموا الشخص الذي تم تعينه هو (عربي احمد الهواري) حيث عين قاضياً واماماً على كردفان وهنا بدأ الهمس والتململ ووسط هذا الجو نزل القومابية من أعلى المنصة باحثين عنه وعندما ابصروه من على البعد أخذوه على اك########م مخترقين به الجموع حتى بلغوا به المنصة امام المقدوم مسلم والذي البسه الجبة والقفطان والعمامة والطربوش المغربي واعطاه (فرماناً) بمعنى وثيقة من السلطان محمد الفضل وذلك حسب افادة الباحث الاديب (موسى شيخ الربع في مرجعه القيم (انارة عن قبيلة الهواره اضواء وتصحيح) ) ومن حينها سطع نجم القاضي عربي وصار علماً ومنارةً بل أضحى عالماً لا يبارى وخطيباً لا يجارى وقاضياً يقيم الوزن بالقسط وعمت سمعته الآفاق والارجاء و اصبح مستشاراً للقضاء في مملكة (تمبوكتو ووداي ) بغرب افريقيا وكان من اوائل خلفاء الختمية بالسودان الى جانب الشيخ اسماعيل الولي وبعد توليه الحكم وسع الجامع الكبير بالأبيض وبناه في المرحلة الأولى بقصب العقيق (عنكوليب) الذي جمعه أولاد حمد كيسان العدوية من منطقة ريفي ابو حراز وفي عام 1810م جدد بناء الجامع بطوب اسمه (الدانقيل) وهو طين اخضر ممزوج بمرقة التيران لمقاومة الامطار وقد تعاقب على امامة الجامع من بعده ابنائه القاضي البلال ثم القاضي عثمان وبعده القاضي الشيخ اليمني ثم الخليفة جعفر وجاء من بعده المأمور حسين عثمان ثم الشيخ محمد الهادي وهو آخر امام من نسل القاضي عربي عام 1967م.
وقد عمل احفاد القاضي عربي في القضاء وكان آخرهم مولانا العالم (حسن اليمني عثمان) والذي كان رئيساً للجهاز القاضي بكردفان ووصل لدرجة قاضي قضاة السودان وتوفى عام 1971م وللقاضي عربي شارعاً يحمل اسمه بمدينة الأبيض كما يوجد للهواره شارعاً بحي العباسية بأم درمان يتقاطع من الجنوب مع شارع الامراء حيث يقيم فيه ابناء (القاضي عربي) وابناء (الصلحي عثمان عربي) وهناك عدداً كبيراً من احفاد القاضي عربي اسهموا في شتى المجالات العلمية في السودان منهم آل الصلحي وآل الياجي والريح العيدروس والعالم البروفيسور (النذير دفع الله الياس باشا ام برير) أمه من نسل القاضي عربي ، كما من احفاد القاضي عربي المقدم (حسن حسين عثمان عربي) وهو قائد الحركة الانقلابية في عهد الرئيس نميري و هنالك من عمل من احفاد القاضي عربي في الشرطة حتى وصل لقيادتها، ولأنه كان كفوءً وأميناً وصادقاً لذلك غنت له الفنانة الشهورة عائشة الفلاتية اغنية (يا بلال تزورني مرة) خاصة وقد اشتهر بقوة الشخصية والصدق و الشفافية إلى جانب أنه كان انيقاً ومهندماً و جامعاً للمكارم كلها علماً بأن الاغنية تلك جاءت في فترة كانت المرأة السودانية فيها تتقيد بالاحكام الاسلامية العريقة وبالعادات والتقاليد العربية لذلك كان دورها ابان فترة الحقيبة قصراً على فئة معينة حيث الظروف الاجتماعية بالأساس هي التي تلعب الدور بأن تكون المرأة فنانة خاصة لأن نظرة المجتمع لفن الموسيقى في البدايات الاولى كانت نظرة ازدراء حيث يعتقد ان من يعمل في ذلك المجال يعتبر من (الصعاليك) إن لم تكن الموسيقى رجساً من عمل الشيطان يجب اجتنابه كما يرى بعض الناس آنذاك، لذلك وجد الرعيل الأول نفسه في مواجهة اجتماعية خطيرة ولو لم تسعفه بعض الايادي المستنيرة التي آمنت بسلامة ذلك الاتجاه العميق لما كتب للابداع والفن ان يري النور، حيث كان موقف الغناء بالنسبة للنساء في ذلك الزمان صعباً ومعقداً ومع ذلك فقد ظلت عائشة الفلاتية ومنذ الثلاثينات تواجه حرباً من عدة جهات منها المجتمع و بعض الزملاء ويكفي ان مطرباً شهيراً بسبب ظهورها في ذلك الوقت هاجر الى اثيوبيا مما جعلها تقرر ترك الغناء ولكنها بدافع الحنين ورباط الارض صمدت وأدت رسالتها واصابت نجاحاً وتميزاً فنياً مشهوداً لا سيما و ان صوتها الغريد ظل يلازمها لآخر أيامها برغم كل التغيرات الفسيولوجية ومحن الزمان وظروفه المتغلبة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً كما يرى الاستاذ الموسيقار (جمعة جابر) مع العلم بأن المطربة عائشة الفلاتية جاءت بعد المغنيتين (فضيل الله) و(زهرة بت تونجي) وقد اشتهرت فضيل الله بأغنية (سهر المنام لي وحدي يا قسيم الريد الريد فوقك النبي) وقبل المطربة عائشة كانت المغنية المشهورة (أم الحسن الشايقية) حيث عاصرت الفلاتية (مهلة العبادية وعائشة كرن ورابحة التم تم وميري شريف والرحمة مكي) وبعدها جاءت (فاطمة الحاج وفاطمة خميس ومنى الخير واماني مراد و الثنائي الكردفاني(ام بلينة السنوسي وفاطمة عيسى) وطيبة الهاشمي و ثنائي النغم (زينب خليفة وخديجة) وثنائي السمر ودوانا عبد القادر والبلابل وجداية موسى والتي كانت عازفة على العود مع شقيقتها الفنانة عائشة موسى (الفلاتية) والتي ولدت بمدينة القضارف عام 1908م بالقرب من جبل ماركو وإن كانت اصولها من منطقة (كدونة) بنيجيريا وجاء ظهورها كمطربة مع نهاية الثلاثينات بعد اقامتها في فريق (فنقر) بحي العباسية بأم درمان ، وقد أجيز صوتها على اغنية الفنان عبد الحميد يوسف (اذكريني يا حمامة) ومن ثم انطلقت بالأغنيات الجميلة كمثل اغنيتها (يا سمسم القضارف) خاصة عندما تردد مقطعها الجميل:
حبيب بريدك ريدة ريدة الحمام لي وليدة
حبيب تعال سمير تعال تعال نتم الريدة ..الخ
كما غنت الفلاتية ايضاً أغنية (الله لي الليمون سقايتو علىّ يا حاج أنا) وهي من الاغنيات التي قيلت ابان الحرب الثانية حيث انفعل المطربون والشعراء معها ويكفي ما سطره يراع احد الشعراء عندما قال:
عقّب يا نسيم التاكا جيب اخبارا وجيب خبر الطلاينة الفارقوها حيارى
المكسيم جعر وام خمسة شبت نارا نركز كالأسود سوداني ما بتضارى
وتبرز الفنانة عائشة الفلاتية من خلال اغنيتها (الليمون سقايتو على) الدور العظيم للسودانيين وهم يقفون مع دول الحلفاء في مواجهة دول المحور وذلك بغرض حث الانجليز على الوفاء بحق تقرير المصير الذي وعدوا به السودانيين بعد الحرب مباشرة لذلك عيرت الاغنية قادة دول المحور (موسوليني وهتلر) من خلال بعض المفردات التي ذكرتها الاغنية كمثل القول:
الله لي موسوليني بنوصيك الله لي دي عطرنا الغاشيك
الله لي هتلر يمين غاشيك كوس ليك زول يحميك
من السلاح راجيك في العاصمة
ولأعجاب المطربة عائشة الفلاتية بالشرطي إبن الهواره غنت له أيضاً رائعتها(الدار الما داري) والتي تقول في بعض مفرداتها:
الدار الما داري أنا ما لي بيه والبلد الما بلدي ما بمشي ليه
الدار الما داري أنا ما لي بيه بس خلاص يا بلالي وانا مالي بيه
بشاور أمي كان ترضى كان تابه ببني لي بيت في حي الجلابة
يا أي يا يمة الجمال شايلة وماشة البديريـــــة
حيث ورد ذكر البديرية وهم يقيمون في مدينة الأبيض بالقرب من حي الجلابة الهواره كما أن اسم الممدوح (البلال) ورد في قالب رمزي بديع ، ولكن اغنية (يا بلال) اعجبت المستمعين لفترة من الزمان خاصة عندما غنتها المطربة عائشة الفلاتية بصوتها الرخيم وايقاعها الجميل فاصبح المطربون والمطربات يؤدونها في المناسبات السعيدة خاصة و انها من الاغنيات الخالدة التي تشجي القلوب وتطرب الوجدان لاحظ بعض مفرداتها التي تقول:
يا بلال تزورني مرة يا الحنان تزورني مرة
يوم قالو ليك وقالو ما عليك قالو جافي وانا راضية بيك
يا بلال تزورني مرة في المحل ده
قلبي حباك ومالي سواك انت صورة ولا بس ملاك
يا بلال تزورني مرة
كلام الاهل سبب زعل كان انت وزة أنا ليك بحر
يا بلال تزورني مرة
قلبي حباك وما لي سواك كان انت طير انا طايرة معاك
يا بلال تزورني مرة في المحـــــــل ده
الناظر للاغنية يلحظ صدق الخطاب الذي جسده العشق والوله خاصة وان الشاعرات والمغنيات في سالف الزمان يلهج لسانهن بالثناء والتقدير لكل من يجدن فيه النخوة والصدق ومكارم الاخلاق والصفات لذلك سارت المطربة عائشة الفلاتية على ذلك النهج لها التحية والرحمة والمغفرة حيث ارتحلت عن هذه الدنيا في السبيعنات وهي بحق ظاهرة فنية شغلت الناس آنذاك وشغفت قلوبهم بالغناء الجميل والفن الاصيل فأصبحت في ذاكرتهم من الخالدات عبر الزمان والمكان.






Post: #4
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: رؤوف جميل
Date: 11-07-2012, 05:56 PM
Parent: #3

بوست جميل جدا
متابعين ومع التقدير
اى حاجة عن كرومة

Post: #5
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-07-2012, 05:58 PM
Parent: #3

من أغنيات التراث
(العوبه)




كتب: خالد الشيخ حاج محمود
ورد في كتاب دكتور بابكر فضل المولى "مظاهر الحضارة في دولة الفونج الإسلامية" (بأن العبدلاب قاموا بدور أساسي في اسقاط مملكة علوة ورغماً عن ذلك أصبحوا في التنظيم الجديد للدولة في المرتبة الثانية ويبدوا أن هذا الوضع كان متفقاً عليه منذ بداية الحلف بينهم والفونج لاسيما وقد قام الحلف على شروط حددت مهمة كل طرف ووضعه في التنظيم الجديد على صيغة الحكم اللامركزي الذي أعطي السيطرة والزعامة للفونج فيما كفل للعبدلاب السيطرة على من دونهم من القبائل والمشيخات في الاقاليم التابعة لهم بحيث يصبح عمارة عوضاً عن ملك علوة ويكون عبد الله جماع في مكان ملك قري).
و كانت العلاقة بين الفونج والعبدلاب على عهدي عمارة وعبد الله يسودها الإخلاء والود والاتفاق حيث يري بعض المؤرخين بأن عمارة وعبد الله كانا كالأخوين وظل ذلك الحال حتى نهاية عهديهما (وذلك وفق ماجاء في مرجع مشيخة العبدلاب) حيث لم يحدث خلاف أو نقض أو حرب إلا فى عهد الملك عبد القادر الثاني ملك الفونج والشيخ عجيب المانجلك شيخ العبدلاب وذلك بسبب ثورة عجيب على ملك الفونج حيث استحال التوافق لنزاع مسلح في أخريات ايام عجيب في قري والملك عدلان ولد آيا في سنار من خلال معركة دارت رحاها بمنطقة (ولد أبي عمارة) بجوار كركوج الواقعة بين بلدة المسيد والخرطوم والتي قتل فيها الشيخ عجيب ومن حينها أضحت العلاقة طابعها الغارات وتأرجحت بين السلم والحرب وفقاً للقوة والضعف وتبعاً للمصلحة الشخصية للطرفين فقد يتعاون شيخ العبدلاب مع ملك الفونج للقضاء على شيخ الهمج و العكس صحيح ولم يعد الصفاء بين الفونج والعبدلاب إلا في عهد الامين ود مسمار المكني بـ(نمر العبدلاب) وبادي أبوشلوخ وإن جاءت تلك الصحوة متأخرة وقد عملا بشعار (أنا وابن عمي على الغريب) خاصة عندما هددت دولة الحبشة سلامة وأمن سلطنة الفونج عام 1744م وذلك عندما زحف ملك الحبشة (اياسو) بجيش كبير للقضاء على تلك السلطنة حينها قاد الامين ود مسمار شيخ العبدلاب جيوش الدولتين بأعتباره القائد العام للجيش وأسندت قيادة الفرسان للشيخ محمد أبولكيلك كبير الهمج ووزير الفونج. وعندما عبر الجيش النيل الازرق لحق به مسانداً جيش أمير الفور (خميس) والذي انضمت قواته لقيادة الامين ود مسمار بالرغم من أن دارفور آنذاك كانت سلطنة مستقلة ودارت حرب حامية ا########س في شرق الدندر في موقع عرف (بالتكينة) وانتهت بنصر حاسم لجيوش السودان وهزيمة ساحقة للغازي اياسو وبسبب ذلك النصر ذاع صيت مملكة سنار وبلغت شهرة واسعة في بلاد مصر والشام والحجاز والهند وتونس وحتى القسطنطينية، واصبحت سيرة البطل الامين ود مسمار على لسان كل الناس لاسيما الشاعرات والحكامات حيث سطرت الشاعرة الحكامة الرحمه قصيدتها التي قالت فيها:
غني لي الفي جرفو أخوي ود البخيت تومي الخلوق بتعرفوا
شال السوط عرض يا جنيات انصرفوا
نمر العبدلاب المابجرف كتفو
فهمك مو قليل يا الهامه الزنود في السموم تقيل
يا رحل الكحل في الثبات تميل جيت يا خيرنا قش دمعي المسيل
وعندما تنامى لسمع الناس النصر الذي حققه ود مسمار على الأحباش كتبت الشاعرة الحكامة رابحة بت ناصر من العبدلاب (حكامة شيخ الامين ود مسمار) قصيدة أشادت فيها بشجاعة ود مسمار وقوته التي شهد بها الاعداء وصارت حديث الركبان، وقد اكد الباحث الأستاذ/ على مصطفى، من خلال رده على مقال كتبه الدكتور الاديب احمد القرشي عبد الرحمن مهدي مؤكداً ما وصلت له من خلال البحوث وافادة مجموعة من المهتمين بالتراث الشعبي منهم المرحوم الفنان بادي محمد الطيب وغيره بأن أغنية العوبة كتبتها الشاعرة رابحة بت ناصر في الامين ود مسمار وقد بدأت الشاعرة قصيدتها بقولها:
اللي بابي لي العوبه يا نديمه
اللي بابي لي العوبه هيا ديبا
(العوبه تعني التجهيز والاستعداد لأي ملمة سواء أن كانت فرحاً أو كرهاً) والنديم عند الشعراء هو نديم الكأس أو ابن الكأس كما يقولون والندامة فيها الاستلطاف لاسيما من المحبوب الذي تسر رؤيته.
وتواصل الشاعرة في رائعتها الحماسية خاصة عندما تقول:
الليلة الاسد جاي من جبال الكر
بتشمشم بكوس بسأل عن العنتر
وكت الشوف بشوف حاجبو اليمين ينصر
سموك ميتة الفجعة ونهار الحر
الليلة الأسد جاي من جبال الفيل
بتشمشم بكوس بسأل عن العنتيل
يارحل الكحل الديمة وزنو تقيل
ياجدري الشمومة الزول تشقو عديل
الليلة النجم طرف السما هدمو
الجرى نسيبتو والبقيف سجمو
الصف التقيل شيخ الامين رجمو
عزرائيل سلام الله وغشى غنمو
(شيخ الامين هو الامين ود مسمار)
وتواصل الشاعرة المجيدة:
الليل اتلت ومرقن تلاتة نجوم
اتنين في الشرق والتالتة في الخرطوم
بتكلم عليك يا ولدة الرحمن
ماكبر السنط ماتك بي محجان
ما اتدلى الجروف ما لقط الاقطان
حقبولو الجفير الفي الجفير قرمان
شدولو البلاوي في اللجام هويان
(ولدة الرحمن بمعنى ولدة الرضى ، ماكبر السنط وماتك بمحجان بمعنى لم يعمل حطابي ولاراعي سارح بالبهائم ، حقبولو بمعني درعولو وقلدوه السيف، في اللجام هويان أي يلاوي في اللجام وهو هائج).
وتواصل الشاعرة مفرداتها القوية:
بتكلم عليك ياخدرة البوسيب
جيبي القول علي الحاشا مو كوشيب
خيولو معبدات للكسب والجيب
ان وقع القدر مابنفع الجقليب
(البوسيب نوع من النبات الاخضر ينمو خارج الماء ، والستيب نبات اخضر ينمو داخل الماء ، اما الكوشيب فهو النبات الذي وقف عن النمو وعادة يكون بعد الحصاد ويسمى بالخلفة ويستفيد منه المساكين ويصبح هدفاً للطير، خيولو معبدات بمعنى محجوزات للجهاد والقتال ويأكلن الدخن ومرتاحات علماً بأن الخيول فيها المترك أي الخامل الذي قال فيه الشاعر:
مترك في الشايه لما الشحم شقاهن
والعبس متل ضريرة العريس في قفاهن
(أما العبس من الخيول فهو الذي يأكل ويشرب ويتمرمق في الأرض ويحمل التراب و روثه على ظهره).
ولابد من تنشير الخيول أي تجهيزها للقتال عندما يسوقها السايس بعد إكتمال صحتها وعند التنشير يصبح الحصان ضامر مثل قول الشاعر الشعبي:
مضروب الزبيدي الانجرح في وركو
أمسى عليهو زي ديك الهضاليم عركو
أسعارك غلت قبل التجار يشتركوا
لغبك كلوة المربوط وريقك بركو
لذلك يصبح المعبد من الخيول سريعاً كالغزال فيطوله قول الشاعر الشعبي:
بهماً فارق اماتو وجفل في النال
أجمل منو بت التايه ذوق وجمال
يا محمد أخوي عجز لساني القال
لتيبه قيف ولاَّ عانس ريل ولاَّ برقاً شال
وتواصل الحكامة شاعريتها الصادقة عندما تقول:
غني وشكريهو الليلة يا أمونة
عجل الهوسكي الساحتو مأمونة
المحرات تكسرو والتانية مدفونة
قول للمرفعيب خلولك الرمم شونه
(الهوسكي منطقة مشهورة بالعجول السريعة والقوية التي تجر الساقية والمحرات ومأمونة بمعنى محروسة داخل الساقية والمشروع وفي عجل الهوسكي يقول الشاعر البطحاني: عجل الهوسكي المرعاه وادي سليمة)
وتختتم الشاعرة قصيدتها الرائعة في بسالة وشجاعة ود مسمار عندما تقول:
غني وشكريهو الليلة يا عشه ** ما اتفخر على توب اللباس فشه
وما اتقنع على الجار القريب خشه ** وكت الشوف بشوف جوادو جات طاشه
دفاع للطرز سيدي برتع الطاشه
(اللباس فشه أي لايلبس الجديد بقصد الافتخار ، الجار القريب خشه لايخون جاره في عرضه، دفاع للطرز ربما مدافعاً للهجوم الذي يأتيه راكباً على الخيل والابل كما يمكن ان يكون كريماً يدفع المطرز أي الحرير بمعني عطاي علماً بأن الابل تسمى بالطرز أي بمعني يجود بالإبل وينحرها، برتع الطاشه بمعني يحفظ البهيمة الهائمة ويعلفها وربما المقصود أيضاً اكرامه للاسرى وعامة أبناء السبيل بمعنى كرمه عام وليس كرم وجوه).
ولكن الحال في حكم الفونج والعبدلاب مضى على ماكان عليه نزاعاً مسلحاً بعد مقتل الامين ود مسمار عام 1205هـ حتى اصبحت سلطنة الفونج ومشيخة العبدلاب لقمة سائغة في أيدي الغزاة الاتراك الذين استلموا الحلفايا من الشيخ ناصر ود الامين دون قتال ومن ثم سقطت سلطنة الفونج في عام 1821م. أغنية العوبة تغني بها أولاد المأمون ومبارك حسن بركات وبادي محمد الطيب وغيرهم.



Post: #6
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-07-2012, 06:22 PM
Parent: #5

Quote:
بوست جميل جدا
متابعين ومع التقدير
اى حاجة عن كرومة


الأخ العزيز / رؤوف جميل

تحياتي

وشكرا جزيلا لحضورك ومتابعتك وتشجيعك

وان شاء الله اكتب عن كرومة بكل تفصيل في بوست توثيقي جديد

لاغاني الحقيبة ولكن اليك كلمات هذه الأغنية الرائعة لمصطفى بطران ولحنها عبدالكيم عدالله مختار الشهير بكرومة

يا شادي قول
كلمات / مصطفى بطران
لحن وغناء / كرومه


يا شادي قول للبى زيل ... وأنعش حياة جسمي الهزيل
واذكر بعاد لبنى وسعاد ... واهديلهم الشوق الجزيل
******
يا شادي قول قولك جميل... وارويه من زهر الخميل
خلى القلوب تخفق تميل .... وخلى العيون تذرى الهميل
******
يا شادي قول نظمك كميل ....صوت البلابل ليك زميل
أشفى الجريح وأسجى الثميل ... وزى ما تميل بى عقولنا ميل
******
يا شادي قول شدوك عديل ... ما بنرضه بى غيرك بديل
صوتك رخيم سجعك عديل .... سجع الحمامه مع الهديل
******
يا شادي قول كيف السبيل ...وأروينا من هذا القبيل
أخرجنا من دائنا الوبيل ... واندب لنا الزمن القبيل
******
ذكرنا طيب يومنا الظليل .... وأوقات صفانا مع الخليل
ارويلو من حالنا القليل ... واسجد هناك خاضع ذليل
*******
بلاهي يا شادينا خيل ... كيف حالنا والظرف البخيل
عاكسنا حين دخل الدخيل ... وأتلاشى زى ظل النخيل

البيت الأخير من القصيدة لم يسجله كرومه وأظن إن السبب هو سعة الاسطوانة و إن مدتها أربع دقائق وكرومه لم يتخطى هذا الزمن في هذه الأغنية حيث انتهى منها بكسرتها في أربع دقائق ولقد استمعت لهذا البيت من الرائع بادي محمد الطيب .

لك كل الود عزيزي رؤوف


Post: #7
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: سلمى الشيخ سلامة
Date: 11-07-2012, 06:55 PM
Parent: #6

شكرا يا ودالقرشى
اتابع هذا الخيط لانه من عصب اهتمامى كما خيوط سابقة لك
منذ العام 88 وحالى حال من يبحث عن ابرة فى قشة
كان مبحثى المقترح للدبلوم العالى " لم يكتمل " عن الشاعر عبد الرحمن الريح الذى فتح لى ابوابا
لاحد لها
وما زلت ابحث فى خيط الغناء السودانى لدرجة ان اكتمل عندى عدة "كتب "
لكنى اعجز عن نشرها
عموما سيكون هذا البوست مرجعا هاما
لك وللاخ خالد المحبة

Post: #8
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-07-2012, 08:01 PM
Parent: #7

Quote: عموما سيكون هذا البوست مرجعا هاما


الأستاذة الفاضلة / سلمى الشيخ سلامة

سلامات

واهلا ومرحبا بك في هذا البوست

ونحن في انتظار نشرك لكتبك

فهي لا شك ستكون اضافة للمكتبة السودانية

وتوثيقا لحركة الغناء السودانية

وحتما ستكون هذه الكتب قيمة لانك من اهل الثقافة والفن

ولك كل الود والتقدير



Post: #9
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبدالمجيد المقابل
Date: 11-07-2012, 08:20 PM
Parent: #8

قرشي : حجا" مبرورا" و ذنبا" مغفورا"
=
الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود حاج الفكي , الباحث في أغاني التراث , رجل يستحق التوثيق له ,,,

Post: #10
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-07-2012, 09:48 PM
Parent: #9

Quote: : حجا" مبرورا" و ذنبا" مغفورا


الأخ العزيز / عبدالمجيد المقابل

سلامات

وعقبالك العام القادم ، وحقيقة لقد اخجلنا الرائع عبدالحميد المقابل

بكرمه وشهامته وحسن خلقه

لك كل الود والتقدير وعبرك للعزيز عبدالحميد المقاابل

مودتي


Post: #11
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-07-2012, 09:58 PM
Parent: #10

نتابع يا احمد اخوى فأنت لا تأتي إلا بالدرر واللآلي

Post: #12
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: رؤوف جميل
Date: 11-07-2012, 10:23 PM
Parent: #11

Quote: لك كل الود عزيزي رؤوف


ولك منى كل الود والتقدير لهذا العمل الجميل
منفعل جدا بما تقوم به
وكم اتمنى ان تبادر الى انشاء اكاديمية مستقلة لكل تواثيق التراث السودانى
وانت اهلا لهذا العمل الذى سيحفظ لنا تراثا عظيما
ابدأ ووفقك الله ونحن معك

Post: #13
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-08-2012, 04:20 AM
Parent: #12

مضروب الزبيدي الانجرح في وركو
أمسى عليهو زي ديك الهضاليم عركو
أسعارك غلت قبل التجار يشتركوا
لغبك كلوة المربوط وريقك بركو
لذلك يصبح المعبد من الخيول سريعاً كالغزال فيطوله قول الشاعر الشعبي:
بهماً فارق اماتو وجفل في النال
أجمل منو بت التايه ذوق وجمال
يا محمد أخوي عجز لساني القال
لتيبه قيف ولاَّ عانس ريل ولاَّ برقاً شال
وتواصل الحكامة شاعريتها الصادقة عندما تقول:
غني وشكريهو الليلة يا أمونة
عجل الهوسكي الساحتو مأمونة
المحرات تكسرو والتانية مدفونة
قول للمرفعيب خلولك الرمم شونه

الدكتور القرشي
لك عاطر التحايا الزاكيات وحجك مبرور .شخصي من المهتمين جدا بثوثيقكم وكتاباتكم انت والاستاذ خالد الشيخ وللاخوة المتداخلين والمتاوقين جمعا عيدكم مبارك وكل عام وانتم بالف خير بوست رائع جدا . ذكر لي صديق بان قبل ايام استضافت قناة الخرطوم الاستاذين الاديبين والاريبين الرائعين خالد الشيخ والحلاج وكانت الحلقة توثيقيةعن ادب كردفان واغانيها التي اشتهر بها البعض وفي رأي المتواضع ان الرجلين ضليعين في التراث وضاربين في العمق وخاصة الاستاذ خالد الشيخ وسوف يزيلان اللبس الذي لازم شعراء اغاني كردفان مثل اغنية اندريا وبعض اغاني الحماس والسيرة ولقد كتبت مقال سابق وذكرت ان اندريا هو موظف في هيئة توفير المياة كما ذكر لي كاتب دونكي سابق عمل في مناطق اهلنا حمر ولقد اكد الاستاذ خالد الشيخ ذلك ولاهمية الحلقة هلا يتكرم احد الاخوة برفد البوست بها

Post: #14
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-08-2012, 06:42 AM
Parent: #13

اخي العبيد الطيب

تخياتي


Quote: ولقد كتبت مقال سابق وذكرت ان اندريا هو موظف في هيئة توفير المياة كما ذكر لي كاتب دونكي سابق عمل في مناطق اهلنا حمر ولقد اكد الاستاذ خالد الشيخ ذلك ولاهمية الحلقة هلا يتكرم احد الاخوة برفد البوست بها


أكرمت يا أخي فنحن في حاجة للتعرف عن شخوص شغلت اسماؤهم ساحتنا الفنية .

تقبل تحيات اخي سالم الكباشي المحامي والرجل الاصيل الذى لم تنتقص المدنية شيئا من اصالته .

Post: #15
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-08-2012, 06:46 AM
Parent: #13

Quote: نتابع يا احمد اخوى فأنت لا تأتي إلا بالدرر واللآلي


شكرا استاذي الطيب شيقوق للحضور والمتابعة

والأستاذ خالد الشيخ كتب كثيرا عن اغاني التراث في مناطق السودان المختلفة

وأعرف أنك من المهتمين بهذا النوع من التراث

وأتمنى أن تجد في هذا البوست ما يسعدك

لك كل الود


Post: #16
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-08-2012, 06:57 AM
Parent: #15

Quote: وكم اتمنى ان تبادر الى انشاء اكاديمية مستقلة لكل تواثيق التراث السودانى
وانت اهلا لهذا العمل الذى سيحفظ لنا تراثا عظيما


شكرا عزيزي رؤوف لحسن ظنك بي

ومثل حديثك يزيدني طاقة ويعطيني دفعة للمزيد من الكتابة والتوثيق

فأنني أسعد كثيرا حينما أعلم أن هنالك من يقرأ ويتابع ما أكتب

سعيد جدا بك عزيزي رؤوف

مودتي




Post: #17
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-08-2012, 07:23 AM

Quote: ولقد كتبت مقال سابق وذكرت ان اندريا هو موظف في هيئة توفير المياة كما ذكر لي كاتب دونكي سابق عمل في مناطق اهلنا حمر ولقد اكد الاستاذ خالد الشيخ ذلك ولاهمية الحلقة هلا يتكرم احد الاخوة برفد البوست بها


الأخ العزيز / عبيد الطيب

سلامات

لقد كتب الأستاذ خالد الشيخ مقالين عن اغنية حلاوة القرطاس ( أندريا )

وكذلك التقى بشاعرة الأغنية ولقد أعطاني صورة لشاعرتها سأنزلها في هذا البوست ان شاء الله

واليك المقال الاول عن هذه الاغنية .

أندريا


خالد الشيخ حاج محمود
قبل شهر تقريباً شرف مدينة الأبيض الأساتذه محمد طه القدال وأحمد طه الجنرال لتخليد ذكري (شيخ شعراء كردفان) قاسم عثمان ومن داخل (فندق زنوبيا) سألنى شاعر الوطن القدال عن الأغنية التراثية (أندريا) والتى تغنت بها الفنانة الواعدة نانسى عجاج وذلك رغماً عن إفادة مجموعة من الباحثين عن الاغنية من خلال المواقع الإلكترونية حيث ذهب بعضهم إلى أن أندريا هو صاحب عربة أغريقى كان يجوب منطقة حمر وقال آخرون بأنه كان موظفاً بشركة شل وهنالك من قال أنه همباتى مشهور بمنطقة مركب أسمه الحقيقى المرضى كان على علاقة حب
بفتاتين إحداهما من مركب والأخري من خماس ولما شاهدنه وأعجبن به ألفن تلك القصيدة هذا إلى جانب مزاعم أخري عن أندريا ظلت تترى من الباحثين ****ر النت ولما كان الجراري من الأغنيات والرقصات الش****ية التى تجد قبولاً واسعاً فى كثير من مناطق حمر الريفية خاصة وأن غناءه ورقصه والصفقة فيه تكون من نصيب النساء ويكون المطلوب من الشبان الكرير والذى هو ****اره عن صوت الحلق الذى يخرج تمويهات صوتية تنبعث من الصدر والحلق أشبه بهديل الحمام وأحياناً صوت الفحل والكرير ولكن من ناحية الأثر التاريخى لا نجد له مثيلاً فى التراث العربى أوالأفريقى مما يبلور فكرة نشأته المحلية لذلك هو أقرب للحركة الدينية والصوفية خاصة المتصوفه وهو عادةً ما نجده فى حلقات الذكر حيث ورد فى كتاب ( طبقات ود ضيف الله ) (أن الفقيه إدريس ود الإزيرق قال خرجت مسافراً إلى الصعيد فوجدت الشيخ حمد فقال لى شايل أربجي أخوانك الفقرا الشيخ يذبح ليهم ويكروا فى الحلبة عاع عاع أهانو الدين الله يهينهم ).
وذلك حسب ما ورد فى كتاب ملامح من (تراث حمر الش****ى) إعداد الأستاذ محمد أحمد إبراهيم لذلك تطور الجراري عند الحمر كما يقول الباحث دوليب محمود دوليب ومن غناءه الجميل الحرد وهو غناء تراثى يتناول العادات والتقاليد بالمنطقة كمثل القول الجميل فيه:-
خشمك حليب فى حليب
وسنك بياض الفيتريب
الخلى أبوي لأبوك قريب
ونتكاملك قبل النصيب
ويكون جراري الحرد فى شكل سيار وتشريفه عند الأفراح كما يوجد عدة أنواع من الجراري منها ( المرحاكه والتجاري والعوالى والعنقالى والسداري والذم والهجاء والخبه والحمبيلى ) ومن غناء الحمبيلى البديع

نسمع حس كركابه الطاير فى سحابه
جيدن جيـت يا يابا دليلم وارد دابا
قليبي الفرّ ونمل وكشح هدوايا إتكمل
زولاً نسانى وهمل عسيل فى الكاس إتجمل
ولأن حياة البدو تطورت وسائلها ووسائطها لذلك تطور الجراري عندهم وأصبح فى قالب المقارنة دوماً كمثل قول حكامة الجراري
هجينك الخرش الزي فتيل الرش
كان حس بى عطش نموص لي القريب فى الطش
مرضانه لى أسبوع من سرجك المجدوع
سامعالى لى موضوع تاري الهجين مبيوع
وعندما تطورت وسائل الحركة ونافست العربات الزوامل كتبت حكامة الجراري قولاً بديعاً خاطبت به الأستاذ شريف ****ادي السياسى المعروف ومعتمد محلية بارا السابق قالت فيه :-
زارعنا فى الصريف وشربان بلا خريف
الديع ما بقيف زي تاتشر الشريف
أحدث دخول العربات صديً كبيراً ببوادي كردفان حتى كاد أن يضاهى بهاء الإبل عندهم كما قالت حكامة منطقة أم جمط
كومر فكى إدريس إشرت ليه ما بقيف
إنا دينى وإيمانى المنقه الفى الصريف
وعندما بحثت عن أغنية ( أندريا) وجدت الأستاذ الباحث محمد على حمد القريش والذى أفادنى بأنه إستمع لها فى قرية البردانه ريفى النهود ولكن الكرير فى الأغنية أشار للمؤشرات التى أفادتنى لمعرفة ماهيتها لأنه على كرير الرمبه وهو كرير أختص بنشل الماء من بئر الرمبه ويجئ على إيقاع الكربته وقد أنتقل إيقاع الرمبه للحمر إبان حفر آبار الشرب فى عهد الفريق إبراهيم ****ود عندما كان حاكم كردفان العسكري فى الستينات من القرن الماضى اللواء زين العابدين حسن الطيب حيث كانت منطقة حمر تعانى من العطش ولا تجد الشراب إلا فى الأضي والرهود والمستنقعات سيما عندما يتم حفر التبلدي والذى يبدأ فيه نشل الماء من حوض التبلديه لداخلها حيث يبدأ نشل الرمبه والذى وظف الكرير فيه ويكون فى بدايته خفيفاً سرعان من يصبح ثقيلاً خاصة عندما تخر قوة الشخص الذى ينشل ذلك الماء مما يجعله يستعين بذلك الإيقاع حتى يصبح له بمثابة تسريه لذلك ألفت الحكامه بلدوسه إبراهيم بنداس من قرية الشراتى شمال النهود أغنية حلاوة القرطاس ( والتى لزمتها (الموسيقية أندريا) وذلك عندما زاع صيت أندريا الجنوبى والذي كان سائقاً لعربة الجيولوجيا فى ستينيات القرن الماضى وكان يجوب تلك المنطقة مع رفقاءه لحفر الآبار ثم أصبح بعد ذلك سائقاً لتنكر ماء تنتظره حتى النعم لتشرب من نقاط ماءه لا سيما وأن تلك المنطقة من العطش الشديد كانوا يبدلون فيها صفيحة الماء بصفيحة من الصمغ العربى ولما كان أندريا يقوم بدورٍ إنساني عظيم حيث يحمل الرسائل بين تلك المناطق وحوالات الطلبة وإحضار الدواء وخلافه لذلك تعاظم دوره عندهم وأصبح لازمه موسيقيه لغناء أهل تلك المنطقة لا سيما وأن أهل البادية يونسهم غرضهم ودرب العيشه ما فيهو نبيشه كما يقولون .
وهنالك ظاهرة فى الجراري أخبرتنى بها (الشاعره حبيبه بت حمدان شاعرة كباشى كان برضى) حيث قالت بأن اللازمة الموسيقية فى الجراري لا تقال إلا فى حاجه مشهوره أو عظيمه لاحظ قول الحكامه
الرمله الدقاقه يا الله فيها الحمام تاقا يا الله
يا روحى المشتاقه يا الله للفارق ما لاقا يا الله
وعند لحظة العشق تقول الحكامات
حمد النيل وين خرف يا بلومى مع الحاشيها معرف يا بلومى
خلى الكوز حنين يا بلومى فى رهوبه ارض الطين يا بلومى
وعندما أصبح اندريا مشهوراً فى المنطقة اصبح لزمه موسيقيه حيث تناولته رفيقة الشاعره بلدوسه من قرية الشراتي وتسمي بقسم الله بت بوره والتى ألفت أغنيه رائعة قالت فيها .
يمه اندريا جي يمه يسقينى مى
كان ما بخاف على يسوقنى لى ام دودلى
· أم دودلى هى (قرية فى مناطق حمر )
وكذلك قالت حكامه أخرى فى اندريا
الوادى الإضليم دى اندريا جقله ام حنين جات بيه اندريا
لو عمرك خايف لى اندريا هاك عمرى اسرح بيه اندريا
لأن منطقة الشراتى بها مجموعة من الحكامات والمغنيات منهن ام جور بت عمر والشيكه بت محمود وقسم الله بت بوره الى جانب بلدوسه والتى عندما تعرضت لموقف عصيب حيث كانت تريد الزواج من إبن عمها فيما كان يريد والدها ان تتزوج بشخص اخر وعندما تمنعت واستطاعت تحقيق هدفها بعدما ساعدها خطيبها الأول وساهم فى تسليك الأمور بينها وبين عشيقها الذى أحس بموقفها مما ولد فيها الشجن والسلوى فألفت تلك القصيدة الرائعة (حلاوة القرطاس) والتى لزمتها الموسيقية اندريا حيث تتطابق أغلب المفردات بينها وبين ما تغنيه المطربه نانسي عجاج مع اختلاف طفيف وقد قالت بلدوسه فى قصيدتها.
يالفقراء الحراس اندريا نشيلكم فوق الرأس اندريا
حلاوة القرطاس اندريا الفى الخشيم تنماص اندريا
نزرع الزهور اندريا نرويه بالبابور اندريا
جنه وعليها قصور اندريا مشتوله فى المجرور اندريا
الصندل البخور اندريا راشينا بالعطور اندريا
التمر الرمه اندريا مندنقر منخومه اندريا
الفريد عند امه اندريا تيرابه منضمه اندريا
خشمك الحليب اندريا ما شوفته فى غريب اندريا
فراقك نار لهيب اندريا راجاك لى نصيب اندريا
هجينك المجبور اندريا شادينا بالباصور اندريا
تاهمينى بيك الزور اندريا يا عسل ابو زمبور اندريا
صقعت لي السحاب اندريا ودنقرت لى التراب اندريا
لقيت نجيمي الغاب اندريا فى ام دروته فاتح باب اندريا
يا روحى شن صابك اندريا والخدرة اسبابك اندريا
لموا الكبار جونى اندريا بالجملة فادونى اندريا
الرقيق بسطونى اندريا همك قلب لونى اندريا
الدكتور على كشف اندريا علاجى ما انعرف اندريا
ابو مصابعاً لف اندريا فى راسي ركب سلف اندريا
كل ما نتلفت غرب اندريا منراعى نيل الشب اندريا يا درهم الدهب اندريا مالك شركنتا القلب اندريا
الساكو بيس خفيف اندريا ****وية الظريف اندريا
يا ****د الرحمن اقيف اندريا لى البردم عيش الريف اندريا
القمرى قوقا وطار اندريا خلا الدباس فى الدار اندريا
خلانى للأفكار اندريا بالكبرى شاشا وطار اندريا
زارعينا فى الصريف اندريا ساقينا بلا خريف اندريا
كان ما الصبر تكليف اندريا من بيتكم ما بنقيف اندريا
اللورى جى منقل شايل قزاز الخل اندريا
نموت ويدفنونى أندريا قدام لشركة شل اندريا
ولكن بعض مفردات الأغنية التى تناولتها بالغناء نانسى عجاج لم توردها بلدوسه مما يرجح بأنها أضيفت للأغنية كشأن أغنيات الجراري دائماً وذلك مثل: -
كان ما كلام الناس أندريا برحل معاك خماس أندريا
منشلعو ومنبني اندريا ما تقولو عاجبنى اندريا
همك طاردنى اندريا تفسيرك غالبنى اندريا
علماً بأن الأغنية بدأت بالنديهه للفقراء عند الحمر حيث يوجد مجوعة من الفقراء الصلاح منهم الشريف الناجى والطاهر ود سلومه وحمد أبو السارى والشريف حسين ومحمد ابو نقيه وقريب ابو عجبنا والفكى الزبان وابو قمرايه وغيرهم كما ان الأغنية تاهت بين مناطق حمر فى قرى خماس والشراتى وام دروته ومجرور عندما كان يتم حفر الآبار فى عيال بخيت وكربله وجوال وابو نتيشه وأم ناله حسب إفادة الباحث دوليب محمود والذى سمع ذلك من جده الشرتاى دوليب ****د الرحيم ابو دقل ولكن السائق اندريا عاد لمدينة الأبيض وعمل فى مكافحة العطش من خلال قيادته لعربة بها تنكر ماء وعندما بلغ من الكبر عتيا أصبح يعمل ميكانيكياً فى جراج عامر المرضي بالمنطقة الصناعية بالإبيض ولكن للأسف غادر قبل سته اشهر لجنوب البلاد فى رحلة نخشى ان تكون نهائية وكل ما نرجوه ان يكون إمتداداً للتواصل والتوافق بين شطري القطر لعله يعيد لنا اسكلة الشاعر محمد ود الرضي من الرجاف لمقرن النيلين


Post: #18
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-08-2012, 07:33 AM

البوسيب نوع من النبات الاخضر ينمو خارج الماء ، والستيب نبات اخضر ينمو داخل الماء ،

حتي يا دكتور القرشي نجد من اكبر مناهل الكبابيش اضاة (أم ستّيب) لكثرة نبات الستيب بها وحسب علمي أن الاستاذ خالد الشيخ زارها ووثق جزء من تراث اهلها

اما الكوشيب فهو النبات الذي وقف عن النمو وعادة يكون بعد الحصاد ويسمى بالخلفة ويستفيد منه المساكين ويصبح هدفاً للطير،
ايضا قيل احد ابناء قدير الكاهلي اسمه (كوشّيب الخاطي العيب)
ايضا في بادية الكبابيش يسمي لبن الابل بعد ان يستخرج منه السّمن (الكَشيب)
خيولو معبدات بمعنى محجوزات للجهاد والقتال ويأكلن الدخن ومرتاحات علماً بأن الخيول فيها المترك أي الخامل الذي قال فيه الشاعر:
مترك في الشايه لما الشحم شقاهن
والعبس متل ضريرة العريس في قفاهن
(أما العبس من الخيول فهو الذي يأكل ويشرب ويتمرمق في الأرض ويحمل التراب و روثه على ظهره). المتداول في البوادي
ان العبس للإبل والعبل لسائر الحيوان
شكرا ليك دكتور القرشي الاف الاف علي هذا الجمال وهذا العبق نتابع بشوق ومحبة البوست

Post: #19
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-08-2012, 07:51 AM
Parent: #18

يالفقراء الحراس اندريا نشيلكم فوق الرأس اندريا
حلاوة القرطاس اندريا الفى الخشيم تنماص اندريا
نزرع الزهور اندريا نرويه بالبابور اندريا
جنه وعليها قصور اندريا مشتوله فى المجرور اندريا
الصندل البخور اندريا راشينا بالعطور اندريا
التمر الرمه اندريا مندنقر منخومه اندريا
الفريد عند امه اندريا تيرابه منضمه اندريا
خشمك الحليب اندريا ما شوفته فى غريب اندريا
فراقك نار لهيب اندريا راجاك لى نصيب اندريا
هجينك المجبور اندريا شادينا بالباصور اندريا
تاهمينى بيك الزور اندريا يا عسل ابو زمبور اندريا
صقعت لي السحاب اندريا ودنقرت لى التراب اندريا
لقيت نجيمي الغاب اندريا فى ام دروته فاتح باب اندريا
يا روحى شن صابك اندريا والخدرة اسبابك اندريا
لموا الكبار جونى اندريا بالجملة فادونى اندريا
الرقيق بسطونى اندريا همك قلب لونى اندريا
الدكتور على كشف اندريا علاجى ما انعرف اندريا
ابو مصابعاً لف اندريا فى راسي ركب سلف اندريا
كل ما نتلفت غرب اندريا منراعى نيل الشب اندريا يا درهم الدهب اندريا مالك شركنتا القلب اندريا
الساكو بيس خفيف اندريا ****وية الظريف اندريا
يا ****د الرحمن اقيف اندريا لى البردم عيش الريف اندريا
القمرى قوقا وطار اندريا خلا الدباس فى الدار اندريا
خلانى للأفكار اندريا بالكبرى شاشا وطار اندريا
زارعينا فى الصريف اندريا ساقينا بلا خريف اندريا
كان ما الصبر تكليف اندريا من بيتكم ما بنقيف اندريا
اللورى جى منقل شايل قزاز الخل اندريا
نموت ويدفنونى أندريا قدام لشركة شل اندريا
ولكن بعض مفردات الأغنية التى تناولتها بالغناء نانسى عجاج لم توردها بلدوسه مما يرجح بأنها أضيفت للأغنية كشأن أغنيات الجراري دائماً وذلك مثل: -
كان ما كلام الناس أندريا برحل معاك خماس أندريا
منشلعو ومنبني اندريا ما تقولو عاجبنى اندريا
همك طاردنى اندريا تفسيرك غالبنى اندريا
علماً بأن الأغنية بدأت بالنديهه للفقراء عند الحمر حيث يوجد مجوعة من الفقراء الصلاح منهم الشريف الناجى والطاهر ود سلومه وحمد أبو السارى والشريف حسين ومحمد ابو نقيه وقريب ابو عجبنا والفكى الزبان وابو قمرايه وغيرهم كما ان الأغنية تاهت بين مناطق حمر فى قرى خماس والشراتى وام دروته ومجرور عندما كان يتم حفر الآبار فى عيال بخيت وكربله وجوال وابو نتيشه وأم ناله حسب إفادة الباحث دوليب محمود والذى سمع ذلك من جده الشرتاى دوليب ****د الرحيم ابو دقل ولكن السائق اندريا عاد لمدينة الأبيض وعمل فى مكافحة العطش من خلال قيادته لعربة بها تنكر ماء وعندما بلغ من الكبر عتيا أصبح يعمل ميكانيكياً فى جراج عامر المرضي بالمنطقة الصناعية بالإبيض ولكن للأسف غادر قبل سته اشهر لجنوب البلاد فى رحلة نخشى ان تكون نهائية وكل ما نرجوه ان يكون إمتداداً للتواصل والتوافق بين شطري القطر لعله يعيد لنا اسكلة الشاعر محمد ود الرضي من الرجاف لمقرن النيلين


كُل ما نِتْلَفَّت غرب يا اندريا بِنْرَاعي نيل الشَّب ..... يادِرْهِم الدَّهب مالك شركت القلب.....
اكاد اجزم اني اجد ريحة الدِّعاش والتبلدي والسّعات...................!
فتح الله عليك فتوح العارفين دكتور القرشي وحيا الاستاذ خالد الشيخ الغمام الاربد

Post: #20
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-08-2012, 09:56 AM
Parent: #19

الأخ العزيز / عبيد الطيب

تحياتي

اليك الجزء الثاني من مقال حلاوة القرطاس والذي اسماه

الأستاذ خالد الشيخ حلاوة القرطاس وبلدوسة بنت بنداس

كتب الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود


لقد تملكني أحساساً بالفخر عندما هاتفني الأديب الباحث دوليب محمود دوليب قبل يومين من قرية الشراتي التي تقع شمال مدينة النهود لاسيما وأن ذلك قد كان في حضرة المغنية الشعبية المشهورة بمنطقة حمر الشاعرة (فاطمة ابراهيم بنداس)
المشهور بـ(بلدوسه) وهي شاعرة ومغنية أغنية (حلاوة القرطاس) والتي لزمتها الفنية أندريا) كما أشرت في مقالي السابق من خلال العدد الاسبوعي بصحيفة السوداني وقد اشادت تلك المغنية بتناولي للاغنية ولكن عندما سألتها عن سبب تسميتها ببلدوسة قالت بأن كلمة بلدوسة عند الحمر تعني الرقيقة الطويلة ذات الشعر الاسود الطويل وكذلك تعني الجرداء من الشوائب أي الصافية علماً بأن الشاعرة بلدوسة من أسرة حمرية من الغريسية وقد ولدت بمنطقة الشراتي شياخة (فرح الدور محمود) الملقب بـ(حِبو) ولها أخوة معروفين بالفراسة والشجاعة ومنهم المرحوم الضي الملقب بـ(دود الغابه) والمرحوم محمود وهو سائق عربة تجارية وكان صديقاً للسائق المشهور كباشي راشد الذي مدحته الشاعرة المرحومة (حبيبة بت حمدان) في رائعتها (كباشي كان برضى) ومن اخوانها أيضاً (جمعة) والذي يقيم في منطقة فاصول، ووالدتها هي (ماكنة بت ضي النعيم) موجودة بالنهود وقد رحلت بلدوسة واسرتها في عام 1960م إلى منطقة (عديد عبد الرازق) وذلك بسبب الزراعة وتزوجت وانجبت اولادها خلال الستينات من القرن الماضي وتعتبر من اشهر مغنيات الجراري بالمنطقة ومن زميلاتها المغنيات اللائي غنن معها (أم جور بت عمر ابو دقل وفاطمة حبيب الله مفرح وعمتها فاطمة بت حبيب وفاطمة التجاني وآمنة حميدة ود جابر ومستورة بت عبد الخير وأم جمعة محمد نور سلامه وقسمة بت بورة والشيكة بت عمر وغيرهن) وكان يصاحبهن بالكرير مجموعة من الشبان منهم (عبد الله الدودو وعبد الله ود مفرح وأحمد سليمان قريب واحمد جاد السيد والضي ابراهيم) وقالت بلدوسة بأنها غنت اغنية حلاوة القرطاس التي لزمتها اندريا في عام 1962م وذاك إبان بداية حفر الآبار بالمنطقة بواسطة عربة الجيولوجيا كما أشرت سابقاً، وتقول بأن مربع الاغنية الاساسي والذي كانت تبدأ به الاغنية تقول فيه:
الفقراء يا الفراس خاطاكم فوق الراس حلاوة القرطاس الفي الخشيم تتماص اندريا
وكان الكورس من خلفها يردد احياناً مفردة (أيوا عشان كده تيرابا بنضما) وأوردت بلدوسه في حديثها المطول للاستاذ دوليب بأن اغنية حلاوة القرطاس كانت في زمن الشباب واشارت للفقراء الذين قصدتهم ومنهم جد حمر (حمد ابو الساري) والذي ذكره الشاعر المرحوم عبد الله الكاظم في قصيدته التي غناها البلوم المطرب عبد الرحمن عبد الله (بسطونة الببيع إلبل) حيث يقول الشاعر:
بسطونة الببيع إلبل شبه خله بجي بقدل
الشيك المن مصر جابو ومن لندن عني موسكو
شيخي يا ابو الساري تجيبو لي في جواري
ولعل ذلك كان في عهد الرئيس المرحوم عبد الناصر عندما كانت حوالة الإبل في ذلك الزمان تأتي للسودان عن طريق موسكو وذلك للعلاقة الطيبة بينه والروس والتي تغيرت في عهد الرئيس انور السادات بعد حرب الاستنزاف في عام 1967م، ومن الفقراء الحراس الذين اشارت لهم بلدوسه (الفكي الطاهر ود سلومه وفكي أيوب وأبو ماطي الرقيق وحامد ود عيسى) وذلك حسب اعتقادها بهم حيث وضعتهم بمنزلة التقرب الى الله بأن ينجدوها في تحقيق امنيتها في الزواج والذي وصفته بـ(حلاوة القرطاس) وربحها أولادها وقد قالت بلدوسه انفعالاً في البداية:
قول لي خالد خليني نتكلم عشان المسكينة ما تندم
كلام الريدة ما بنتم شوق وعذاب فوقا الهم
وذلك بعدما عرفت بأن الفنانة نانسي عجاج غنت اغنيتها تلك ومعلوم بأن فنانات الجراري فيهن الكثير من الحماسة لذلك يجئ اهتمامهن بالحق الأدبي كحق أصيل يجب ابرازه لذلك قالت بلدوسه:
يا خالد قول ليها قبال المصيبة ما تجيها كان بقّت حواليها تحرق اليابس كمان فيها
ولعلها ارادت أن تحملني رسالة للمطربة نانسي عجاج عندما قالت:
يا دوليب شنو المصيبة الجات اندريا غنيتها معايا بنات
دريب اللهيجة الفات الحي معــاي ما مات
وقد ادخلت المغنية بلدوسه بعض اغنياتها ضمن اغنية حلاوة القرطاس بلزمة اندريا وذلك بمصاحبة زميلاتها والكرارين ومن بعض المقاطع التي لم يرد ذكرها في المقال السابق قولها:
لمّو ناس الدين والفقراء الصالحين الأمراء يا المارين قولوا بس آمين
مطيرق الليون عاجبني فيهو اللون الدهب المفتون برقاً شلع في عيون
العويلا يا الفراس ما تكترو الدواس الزول ############ احساس كان مات اخير من حاس
دنقر فويطرا كشم زاد قليبي عشم الليد البتكلم ما سرحو بي بهم
فركة القرمصيص وراها كابي الديس يا الشلتي كلامي رخيص قلبي وراكي هريس
حلاوة القرطاس همك عمل هلواس برجلتي لي الراس قريافاً عايز أمباس
ولأن منطقة الأبالة والغنامة بدار حمر والكبابيش ودار حامد تعتبر موطناً للجراري لذلك ظهرن مطربات كثيرات منهن الشاعرة والمغنية الكباشية (حنانه بت احمد ود شيخ عبد الرحمن ) والتي ألفت وغنت الاغنية المشهورة (أم قجة) وذلك قبل أن يصدح بها كروان كردفان المطرب (صديق عباس) وهي أغنية مرحال مشهورة تتناول مسارهم في الشتاء عندما يتجهون شمالاً حتى منطقة الجزو في أبو سفيان وفي الصيف يتجهون جنوباً صوب بحر العرب بالمسارات في شرق دارفور ويسمى ذلك المسار بالشريط الاحمر لما فيه من مخاطر و صعاب وذلك طلباً للماء والمرعى خاصة وأن تلك المنطقة يوجد فيها قش السنقد والسعدان والحنتوت والبغيل التي تحبها الابل لذا قالت الشاعرة حنانه:
طالت بيك المدة وجافت بيك أم قجة الزول أبو سناً فضة مالو السلام ما برده
عدن بيكي شواقر وفاتن بيكي أم بادر يا ربي الظاهر قادر دمعي اللجَّ بوادر
الدعاش الهب وجانا شايل نفوحو سمانا آه لو يطرانا ريدك كلاش جبخانة
يا الكملتي أم بادر يا الفلستي التاجر وكم كاتلالك راجل في الوادي المتكاجر
كما توجد الشاعرة والمغنية (قسم الله بت بور) في منطقة رغيوة بدار حمر والتي شدت بإغنيات جميلة منها:
المطر الكب في الأبيض أب قبة السلف أبو حبة في خشيمي ما غبّ
المراح الفي الجبيل رهيداً منيل نيل نزرع الهبيل عديدنا هناك عديل
حظي القبيل مهل وداني لي ام عسل الليد خفيف نحل من تركة أبو دقل
قدنك دواديب في الشراتي ما قريب نشرب الحليب في حلة ود دوليب
ومن غنائها الجميل في العشق والشجن اغنية الليمونة والتي تفتتحها بقولها:
الليمونة المحروسة في قلوبنا مدسوسة البنية المعروسة الساكنة في سوسة
المنقة والاناناس مروية بالاحساس يا وليدي ود الناس ريدك بقالي اساس
الشدر الضليل تحتا رتع الريل ود عمي دا السجيل نتعدي معاهو عديل
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يجد الجراري حظه في الانتشار على المستوي العالمي رغماً عن ثرائه في مجال المفردات والالحان والايقاع والرقص كما حدث ذلك للمردوم وكل ايقاعات البقاره بصفة عامة ويرى الاستاذ المطرب عبد الرحمن عبد الله وهو احد الذين غنوا على ايقاع الجراري بأنهم كمغنين لم يقوموا بنشر هذا الغناء على المستوى الدولي كما فعل الدكتور المطرب عبد القادر سالم الذي طاف اوربا بألحانه وايقاعاته الشعبية المصحوبة برقص المردوم والدرملي، لذلك وقف الجراري في محطة الاستماع فقط لكن الباحث الاستاذ دوليب محمود دوليب يقول بأنه عندما كان بحاراً في اليونان في ثمانينيات القرن الماضي كانت لهم فرقة شعبية من ابناء حمر في اثينا وكانوا يقيمون ليالي ساهرة في الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية ويترجمون بعض اغنيات الجراري والكدنداية للانجليزية واليونانية خاصة اغنية (الكنيتة) والتي تقول:
يا ارنب الكنيتة يا حرامية الليلة وين مبيتة مبيتة في الكنيتة شايلة الريدة خيتة
ويرى الباحث دوليب بأن أهل الريف لم يعرفوا اتصالاً بالمدينة إلا متأخراً حيث كانت تأتي لوازمهم للريف مباشرة في سالف الزمان لذلك ظل الجراري حصراً على سكان البوادي ولكن الاغتراب جعل ابناء المنطقة يحملون معهم اشرطة الجراري والتي فيها الكثير من التحنان ويقول دوليب بأن الخواجات في اليونان اعجبهم الكرير في الجراري لذلك ظنوه منبعثاً من آلة موسيقية وليس من حناجر الكرارين. ولم يتأكدوا من تلك الحقيقة إلا عندما شاهدوا الجراري صورة ماثلة امامهم والذي اعجبهم فيه الحركة المصحوبة بالأداء والرقص، وقد ساهم الجراري في عودة الكثيرين لأهلهم لأنه أدب المحنة وذلك مثلما قالت الشاعرة آمنة محمد دوليب وهي ترجو من زوجها محمود دوليب ان يعود لأهله وبيته عندما قالت:
الغربة ما بتندار عاصر عليها الحار بنركب الطيار ومنقادم ابو نزار
كما كان لدخول الآلات الموسيقية على ايقاع الجراري أثرها البالغ لاسيما وأن الجراري على عدة انواع منها (العوالي والحرد والعنقالي والحنبيلي وغيرهم) ولأن الحماسة تمثل اساس نظمه لذلك ألفت الشاعرة بلدوسه بعض المربعات القوية عندما قرأت مقالي بجريدة السوداني قالت فيها:
جابو لي الاكايد ليهو القليب عايد اسمي القبيل قايد في نشرة الجرايد
نس ناسي الفوق الراس داير حجب قاس يا نانسي كفاك خلاص سببتي لي هلواس
جابو الكلام مدروس منقرش ماكلا السوس كما العليّ بحوس الامريكان يدوسو الروس
جابو الكلام مكتوب زاد العليّ مقلوب أصل القبيل منسوب حرق حشاي يا دوب
الشراتي دار جدي فيها الحمام بدّي كان دايرة لي ودي أرجوكي عني أتعدي
ولأني أعرف وصفاء ونقاء الحكامات ومغنيات الجراري لذلك يلزمنا ان نحفظ لهن ذلك الحق والذي هو عرق وخدمة يمين لاسيما وأن غنائهن الجميل ينسرب للدواخل ويشجي الاعماق بدون كلفة وتصنع لذا يحتم علينا الامر الاهتمام بالتوثيق وجمع ذلك الموروث حتى لايندثر ويصبح نسياً منسيا خاصة وأن التراث الغنائي هو ما واكب خمسة اجيال بمعنى اكمل فترة القرن من الزمان، و يعتبر غناء الجراري ملك لمؤلفيه وكل ما نرجوه ألا يحسب الناس بأن كل اغنية مجهولة الهوية والمصدر هي اغنية تراثية والصحيح ان الاغنية التراثية هي التي تخرج من قالب شعبي وفق الآلة والكلمة والايقاع مصحوبة بحياة الناس وقيمهم الفاضلة.





Post: #21
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-08-2012, 11:23 AM
Parent: #20

أن منطقة الأبالة والغنامة بدار حمر والكبابيش ودار حامد تعتبر موطناً للجراري لذلك ظهرن مطربات كثيرات منهن الشاعرة والمغنية الكباشية (حنانه بت احمد ود شيخ عبد الرحمن ) والتي ألفت وغنت الاغنية المشهورة (أم قجة) وذلك قبل أن يصدح بها كروان كردفان المطرب (صديق عباس) وهي أغنية مرحال مشهورة تتناول مسارهم في الشتاء عندما يتجهون شمالاً حتى منطقة الجزو في أبو سفيان وفي الصيف يتجهون جنوباً صوب بحر العرب بالمسارات في شرق دارفور ويسمى ذلك المسار بالشريط الاحمر لما فيه من مخاطر و صعاب وذلك طلباً للماء والمرعى خاصة وأن تلك المنطقة يوجد فيها قش السنقد والسعدان والحنتوت والبغيل التي تحبها الابل لذا قالت الشاعرة حنانه:
طالت بيك المدة وجافت بيك أم قجة الزول أبو سناً فضة مالو السلام ما برده
عدن بيكي شواقر وفاتن بيكي أم بادر يا ربي الظاهر قادر دمعي اللجَّ بوادر
الدعاش الهب وجانا شايل نفوحو سمانا آه لو يطرانا ريدك كلاش جبخانة
يا الكملتي أم بادر يا الفلستي التاجر وكم كاتلالك راجل في الوادي المتكاجر

عدَّن بيك شواقِر وفاتن بيك أم بادِر ياربي الحي قادر دمعي اللَّج بوادر
ريدك كلاش جبخانة أظنها دخيلة علي الاغنية لان الكلاش ظهر في الثمانينات والاغنية في الاربيعينيات
شكرا للتوثيق القيِّم ومثل حنانة بت عبد الرحمن كثيرات في بادية الكبابيش ودونك اللينة بت عبد الخير وداحمد العايدي:-
نحن السنين السود ومالينا فيهن عود وجهي وقفاي مَردود من ردسيب القود
او الحاجة بت جرجور والدة نا ظر الكبابيش الراحل الشيخ حسن وجدّة الامير الحالي التوم حسن عندما تزوجها الراحل الشيخ التوم الشيخ علي التوم وضربت الهوادج وأُنيخت المطايا والجمال لحمل هودجها ونقلها من بيت والدها الي بيت زوجها الشيخ التوم وكان اهلها (الغليان) في اقصي الشمال فقالت مخاطبة صديقتها دريجة:-
يا دريجة واشوقي نوُّلي بي السُّوقي دايرا عرب زوقي وأسمَع حنين نوقي
او تلك الفتاة التي احبَّت عبدالله ود الحاج محمد الكارس الفكي صالح وكان وسيما وقالت:-
المَزروع في بحورو وجنا النَّقَّاق بي ضهورو ودالحاج قولولو وعندك زول بِمْحُولو
الزول مو زول يا لمّه الزول نَقش الأزمَّة الزول كان طوي العِمَّة بِسِل الروح والظُمّة
الزول مو زول يا بادي والزول نقش الحدَّادي الزول سويتو عُبادي والزول جنَّح لي غادي

ولأني أعرف وصفاء ونقاء الحكامات ومغنيات الجراري لذلك يلزمنا ان نحفظ لهن ذلك الحق والذي هو عرق وخدمة يمين لاسيما وأن غنائهن الجميل ينسرب للدواخل ويشجي الاعماق بدون كلفة وتصنع لذا يحتم علينا الامر الاهتمام بالتوثيق وجمع ذلك الموروث حتى لايندثر ويصبح نسياً منسيا خاصة وأن التراث الغنائي هو ما واكب خمسة اجيال بمعنى اكمل فترة القرن من الزمان، و يعتبر غناء الجراري ملك لمؤلفيه وكل ما نرجوه ألا يحسب الناس بأن كل اغنية مجهولة الهوية والمصدر هي اغنية تراثية والصحيح ان الاغنية التراثية هي التي تخرج من قالب شعبي وفق الآلة والكلمة والايقاع مصحوبة بحياة الناس وقيمهم الفاضلة.

وهذا هو مربط الفرس اكرر لك الشكر الجزيل دكتور القرشي وللاخ الاستاذ خالد السيخ حاج محمود ولاسرته الكريمة والتي كانت وما تزال موضع احترام وتقدير لكل اهل المنطقة جمعتني الظروف باحد ابناء الراحل المقيم الشيخ حاج محمود بمنطقة ام سنطة وحمرة الشيخ عندما كنت معلما لا ادري قد يكون الاستاذ خالد او قد يكون احد اخوته لقد طال الزمن ولكنني متأكد لم يكن مالك عندما كان متعهدا لسكر المنطقة وكنت احتفظ بكمية من كراسات التراث واشرطة الكاسيت ولو كنت اعرفه دقيقا ومهتما وباحثا عميقا بهذه الصورة لارسلتها كلها له ويا اسفي يا دكتور عندما رجعت الديار في الاجازة وجدتها اكثرها ضاع وبعضها استلفه بعض الاخوة ولم يتم إرجاعها لكنني احتفظ بالقليل نأسف يا دكتور لكتابتي الكثيرة ومشاركتي الرتيبة او إن كنت ثقيلا عليك وعلي ضيوفك الكرام فبوستكم الرائع نقرش علي سويداء قلبي (ومسَّ حسسنا ما خلا القليب فوق حالو )فلذا كانت هذه(الهضربة) لك محبتي

Post: #22
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-08-2012, 02:07 PM
Parent: #21

Quote: هذا هو مربط الفرس اكرر لك الشكر الجزيل دكتور القرشي وللاخ الاستاذ خالد السيخ حاج محمود ولاسرته الكريمة والتي كانت وما تزال موضع احترام وتقدير لكل اهل المنطقة جمعتني الظروف باحد ابناء الراحل المقيم الشيخ حاج محمود بمنطقة ام سنطة وحمرة الشيخ عندما كنت معلما لا ادري قد يكون الاستاذ خالد او قد يكون احد اخوته لقد طال الزمن ولكنني متأكد لم يكن مالك عندما كان متعهدا لسكر المنطقة وكنت احتفظ بكمية من كراسات التراث واشرطة الكاسيت ولو كنت اعرفه دقيقا ومهتما وباحثا عميقا بهذه الصورة لارسلتها كلها له ويا اسفي يا دكتور عندما رجعت الديار في الاجازة وجدتها اكثرها ضاع وبعضها استلفه بعض الاخوة ولم يتم إرجاعها لكنني احتفظ بالقليل نأسف يا دكتور لكتابتي الكثيرة ومشاركتي الرتيبة او إن كنت ثقيلا عليك وعلي ضيوفك الكرام فبوستكم الرائع نقرش علي سويداء قلبي (ومسَّ حسسنا ما خلا القليب فوق حالو )فلذا كانت هذه(الهضربة) لك محبتي


الأخ العزيز / عبيد الطيب

سلامات

مداخلاتك تزيد البوست متعة ورونقا ،ولقد سعدت بها كثيرا

لي ذكريات كثيرة في ديار الكبابيش والكواهلة حيث عمل والدي بمدينة ام بادر لعشرات السنوات

ولقد زرتها كثيرا وكذلك ارض الكبابيش سودري وحمرة الشيخ وحمرة الوز وام سنطة وغيرها من المناطق

ولي أصدقاء كثر في تلك المناطق ,

لقد كتب الاستاذ خالد الشيخ عدة مقالات عن الشاعر يوسف عبدالماجد المشهور بكريت


وان شاء الله سانزلها في هذا البوست وخاصة قصيدته الشهيرة التي قالها عندما قُتل ###### المر

مودتي


Post: #23
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-08-2012, 03:43 PM
Parent: #22

من أغنيات التراث
مراقد السار



كتب/ خالد الشيخ حاج محمود

أورد الكاتب روبن نيلاند في كتابه (حروب المهدية) بأن أول المشاكل التي واجهت الجنرال لورد وليسيلي بعد وصوله القاهرة في سبتمبر 1884م لقيادة حملة إنقاذ غردون تكمن في تحديد الطريق السالك للخرطوم مع وجود ثلاثة طرق عبر البحر الأحمر والصحراء وطريق النيل مباشرة وكلها محفوفة بالمخاطر ورغماً عن ان طريق البحر الاحمر وبربر هو الاقصر إلا أنه يتطلب عملية مشتركة بين الجيش والبحرية لتحويل إتجاه الحملة بعتادها ومؤنها وذخائرها ومدافعها وخيولها لسواكن ثم على الحملة أن تقطع مسافة مائتين وخمسين ميلاً عبر الصحراء التي يسيطر عليها الانصار بالقرب من بربر لاسيما وأن الآبار في الطريق قد دُمرت ولوثت كما ان الطريق مسدوداً بواسطة جيس عثمان دقنة المرعب والميناء النيلي في بربر سقط في أيدي الانصار بالفعل مما يجعل الحملة تواجه قتالاً من لحظة نزولها للشاطئ وعندما انطلق طابور الصحراء بقيادة السير هيربرت استيورات قاطعاً صحراء بيوضة انطلق طابور النهر بقيادة الجنرال الميجور وليم ايرل ليشق طريقه على النيل مروراً بأي حمد ليحتل بربر قبل الالتقاء بطابور الصحراء في المتمه كما هو مفترض ولكن المقاومة كانت كبيرة مما صعب مهمة إنقاذ غردون خاصة في منطقة عتمور أبوحمد التي ساح في بهائها الشاعر أبو صلاح وكتب رائعته التي تغني بها الفنان على الشايقي عندما قال:
لو كان الغرام البي يا أم تلال ** مقسوم النص بيناتنا قسمة حلال
من نفسي البحر يصبح غفار وتلال** وعتمور أبوحمد من دمعتك شلال
وكانت بربر عصية على الغزاة بقيادة أميرها الشيخ محمد خير أستاذ الامام المهدي الذي ذهب للمهدي في الجزيرة أبا وبعد مبايعته له عينه الامام المهدي أميراً على برير وقام الشيخ محمد خير بتنصيب الملك عبد الماجد والد أيوب بيه قائداً للجيش وينتسب الملك عبد الماجد للملك أبولكيلك ابن الملك نصر الدين ود الصادق بن الصايم جد الميرفاب.
وقد قام الانصار بالهجوم على القيقر في بربر القديمة بهدف القضاء على الاتراك وذلك بعملهم لكوليقة قش ردمية دخلت من خلالها خيول الانصار مما اضعف مقاومة الاتراك كما يقول الباحث الاستاذ محمد رحمه حفيد مختار ود رحمه لذلك تحررت بربر قبل الخرطوم وقد ألفت الشاعرة الحكامة عائشة بت رفاي معجبة ببسالة الارباب اللوبيه عندما قالت:
دار السار اللِزم الارباب يا ناظر القسم
المن تبا قام صغير الرقيق خيط الحرير
سيف الصاقعة المابمسكو الجفير
فوق الهيبه مو من شاش من غير العبايه بلاش
يا مطر السواري الماك هبوبو رشاش
ويانيل التساب الدق لي الحصحاص
طرق لي لساني خليني نتحدث
سيد حكماً عديل يابا الناس تعرف الناس
المبروك سديس الرأي يا سيد عائشة بت رفاي
والميرفاب جدهم محمد ميرف وهم قبيلة كبيرة متفرعة من الجعليين ويسموا بالارابيب انتساباً لجدهم الارباب الصادق ويقطنون المنطقة من العبيدية حتى سيدون بنهر عطبرة حدود نظارتهم التي كان عليها أيوب بيه عبد الماجد ناظراً لعموم الميرفاب ومن عمده العمدة (سليمان أبوحجل) عمدة الرباطاب بأبي حمد وعمدة الباوقه الارنقرياب (احمد ابراهيم حمزه) ومحمد ود النور جد السيد على الميرغني عمد أرتوري ومختار ود رحمه عمدة العبيدية وفي الغرب عمر الفقير عمدة النميراب التي قالت فيه الشاعرة بت عمسيب قصيدتها المشهورة:
دابي السار الرسى يا عديلة فوق ابو درباً قسى ** الليلة فوق ابواتي أنا بجر
حديثاً صح ما فشر ** أبو داؤد صافي حر وكاب للعدمان بصر
تغني ليك الفي العُبك وياخيري بتشكرك** أم باروداً عبك عمر حلال للشبك
أما عمدة الفحلاب فهو ود فحل ودار مالي عمدتهم محمد محمود العجيمي وعمودية الحصى حتى الشقلة كان يقوم عليها محمد ود اللبيه عبد الماجد وكان نعمان ود قمر عمدة المناصير ومن فروع الميرفاب الرحماب والنعيماب والعجيباب والصايماب والحاجاب والفحلاب والنميراب وغيرهم.. وقد كتب الشاعر محمد رحمه كلمات صادقة في حق أهله الميرفاب قال فيها:-
نحنا رحمه ونعيم وعجيب واللوبيه نصر الدين
يعرفنا الصبر يوم الحارة صابرين
نحنا في فارقة ما اجتمعت لمتنا
نحنا في المجالس مسموعة كلمتنا
تيجان الملوك تعمل حساب عمتنا
انتظمت الحفلة والصيد عليها اتدرج
فيهن السادة ام شلخاً معرض
القلب عاودو الهلواس بعد ما دلج
زي بروق العشا البتبلج
انتظمت الحفلة والمنادي رتب دورن
مكنونات نواعم في خبايا خدورن
زي الموج يعومن بالرقاب وصدورن
وفي الاربعينات من القرن الماضي سافر عمدة العبيدية مختار ود رحمه للعاصمة بقصد العلاج ولأنه كان كريماً وشهماً كما يقول الدكتور الاديب احمد القرشي عبد الرحمن: يؤكد ذلك خروجه من منزله ذات يوم لاداء صلاة الصبح ووجد حينها أحد الضيوف نائماً أمام المنزل وكان غريباً عن البلد وعندما ايقظه ود رحمه ليعرف خبره قال الرجل: أتيت للمبيت عند ود رحمه الذي اشتهر بالكرم والشهامة.. وبعدما قام مختار بأكرام الضيف امر اعوانه بتكسير كل ابواب المنزل ماعدا باب الحريم ومن حينها اصبحت داره قبلةً للماشي والغاشي.
وعندما تحرك القطار من محطة بربر قاصداً العاصمة وكان العمدة ود رحمه في قمرة مثل قمرة ملين وان كانت قمرة ملين على وابور البحر والتي تجلى ود الرضي في وصقها حينما قال:
صفر ودع الوابور حاجزين قمرة اتنين دور
بابور مرّ بالمجرور وشال ظبياً سكونو خدور
لكن سرعان ما فقد احد المسافرين في القطار مبلغ عشرة جنيه واتهم العمدة ود رحمه بسرقتها فما كان من العمدة إلا ان اخرج من محفظته مبلغ عشرة جنيه وسلمها له ولكن هنالك امرأة رأت السارق الحقيقي والذي اعترف حينما جرى تفتيشه ووجد المبلغ المسروق عنده مما ادخل الشخص الذي اتهم العمدة في حرج كبير وعندما اراد ارجاع المبلغ له اهدى العمدة المبلغ للمرأة التي شاهدت السارق وبعد عودة العمدة من رحلة العلاج سمعت الحكامة الشاعرة الرحمه بت مختار بقصة العمدة مختار ود رحمه وذلك حسب افادة الاستاذ خالد الفانوب ابن مدينة بربر.
لذلك ألفت الرحمه بن مختار قصيدة حماسية تناولت فيها السيرة العطرة للعمدة مختار ود رحمه وقد اصبحت مفرداتها اغنية تراثية مشهورة حيث تغني بها ابن منطقة بربر بابكر ود السافل كما تغنى بها الاساتذة المطربين منهم كبوشية وقيقم وكدود وغيرهم ومن مفرداتها القوية قول الشاعرة الرحمه:-
عرش دود مراقد السار لي المو فشار ** خايلة الملكه فوق مختار
(عرش دود تعني التمساح الواقف على ارجله) (مراقد السار حجارة في القيف يركز عليها البحر ويقف فيها التمساح عندما يكون تيار الامواج عاتي) (خايلة الملكة بمعني مفصل الملك عليه).
وتواصل الشاعرة:
سيد الابيض النهار سيد المهره والقرقار
ايدك ما بتخون الجار وايدك ترجم الحقار
عرش زي ابوك يا دود واحسب لي تمانية جدود
إت فوق الرجال بالعود ضربك جلة ما بارود
(الابيض النهار: الحصان الجامح و القرقار هو الجمل التلب ، العود : الارض في السابق كانت تقاس بالعود بمعنى هو صاحب اراضي وامتلاك الارض في الماضي يعني القوة والاصالة.
وتواصل الشاعرة مفرداتها القوية وتقول:
قالت امو جيد لي لي ناظر العبيدية ** جدك يغفر السية وخالف للرجال كية
(السية من السوء و بمعنى العفو عند المقدرة و كية الكي بالنار وهو صعب المراس لاسيما عندما نقول كية لي المابينا)
وتواصل الشاعرة كلماتها المتدفقة:
مابدي وبقول اديت مااتفشر وقال سويت
القنديل سراج البيت حمد لله بي سلامتك جيت
العنتيل جي يتفنت من شوفتو الرجال صنت
عرش فوقم اتعنت ما تخيب رجاء الظنت
(العنتيل الاسد) وفيه قالت الشاعرة رابحة بت ناصر:
الليلة الاسد جاي من جبال الفيل ** بتشمشم بكوس بسأل عن العنتيل
واختتمت الشاعرة الرحمه قصيدتها الرائعة في العمدة مختار ود رحمه بقولها:
ميرف ود ملوك بربر خت الكرسي واتحكر
ود المستر اتذكر مك في دارنا ما بتظهر
يا الماسك الدريب طلش ديل ناس رحمه ما تنغش
ضربك جلة ما بي الرش شين جاب الحديد لي القش
(ميرف جد الميرفاب ، مك في دارنا بمعنى لاتصبح حاكم في دارنا ياخواجه، طلش بمعنى طش وراح) وطبعاً لايوازن الحديد القش بحساب ان في الحديد بأسٌ شديد ومنافع للناس.
رحم الله العمدة مختار ود رحمه ناظر العبيدية الذي توفي في ثمانينيات القرن الماضي بعد عمر عامر بجلائل الاعمال والافعال لاسيما الكرم والشجاعة. ولانستغرب تلك الصفات منه خاصة وانه حفيد أيوب بيه عبد الماجد الذى وصفته الشاعرة رحمه بت مختار عندما ألفت قصيدتها الرائعة : قمر العشا الضواية.











Post: #24
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-08-2012, 04:42 PM
Parent: #23

خال فاطنة أصل الأغنية
كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
قبل أيام أرسل لي الخال الاديب الباحث (مكي مجمر عيسى) رسالة قال فيها ( بأن قناة النيل الازرق قامت بتقديم سهرة اشترك فيها الفنان قيقم والاستاذ على مصطفى وفنان شاب صاحب صوت جميل وفي أثناء السهرة ذكر الاستاذ على مصطفى بأن اغنية خال فاطنة من تأليف احدى النساء وذكر اسمها وقامت القناة بتدوين ذلك الاسم على الشريط المصاحب لأداء الشاب للاغنية وبالطبع إذا قامت القناة بإعادة بث الاغنية سيتم ظهور الشريط بأن الاغنية لتلك السيدة وهذا ليس صحيحاً فأغنية خال فاطنة يعود تاريخها للعام 1882م بعد معركة (اسحف) بشمال كردفان في بدايات الثورة المهدية وقامت بتأليفها الشاعرة كلتوم بت جابر محمد عبد الرازق في ابن اختها نقد الله ود عمر ود نقد الله الركابي لأنه قام بإجلاء النساء والاطفال ومعه اشخاص آخرون أثناء المعركة وتم تدريج النساء من اسحف لخندق القيقر ببارا)، ويجئ ردي على الاديب الباحث مكي مجمر عيسى بأن ذلك صحيح باعتبار أن معركة اسحف تلك ذكرها المؤرخون منهم الدكتور مكي شبيكه والاستاذ عصمت حسن زلفو وسلاطين باشا والاستاذ جابر الانصاري عبد الله معروف في كتابه (الجوابره والانصار الخزرج بالسودان) كما ان الاستاذ الباحث محمد كرداوي قام بإجراء استطلاع مع كبيرات السن بحي الركابية ببارا اكدن من خلاله ان اغنية خال فاطنة تعود للشاعرة كلتوم بت جابر محمد عبد الرازق وقام بتدوين ذلك بالصحيفة التي كانت تصدر بمدينة بارا ، والطريف ان احد معارف الاديب مكي مجمر سأله بقوله كيف تعرف شاعرتكم التمساح الذي وصفته (بأب كريك في اللجج سدر حبس الفجج) وكذلك (العشميق) وهو حبل يفتل من سبيطة التمر وجاء رد الاديب مكي بقوله ان وصول قبيلة الجوابرة التي تنتمي لها الشاعرة من شمال السودان لكردفان جاء بعد هجرة الركابية والبديرية والجوابرة وغيرهم لها وعندما لم يجدوا مكاناً لهم ببارا وسواقيها قاموا بتأسيس بلدة اسحف التي تقع غرب بارا ووالد الشاعرة (جابر محمد عبد الرازق) من مؤسسي البلدة بل هو ناظر قبيلتها آنذاك كما ان كل انسان في السودان قديماً وحديثاً يعرف الاسد والنمر ويعرف التمساح ولم يره على علامة (ناست) فقط فالناس يتنقلون من مكان لآخر، كما ان مدينة بارا مشهورة بالنخيل لذلك عرف أهلها العشميق والذي يصنعونه من أشجار النخيل. بيد أن معركة اسحف التي ذكرت في كتب التاريخ باعتبارها من المعارك التي تجلت فيها البطولة حينما غلبت الكثرة الشجاعة قد حدثت بعد الزيارة السرية التي قام بها الامام المهدي ورفيقه عبد الله التعايشي الى تلك المنطقة كان ذلك بهدف التبليغ السري بالدعوة المهدية ولما لم يجد الامام المهدي المناصرة والتأييد أصر ان يكون له نصير ولو (ابو دجانة) مؤذن مسجد اسحف ، ولكنهم لم يوافقوه بحجة انهم انصار النبي (ص) ومن ثم رجع الامام المهدي وصديقه الخليفة عبد الله التعايشي كسيفا البال ويبدو ان لهذا الموقف ما بعده والله اعلم بالسرائر، ومن ثم تعرضت اسحف مركز الجوابرة الاول بكردفان لهجوم إذ تعرض معظم سكانها للابادة والنهب واشعل الثوار النار في المنازل والمزارع والمتاجر كل ذلك كان مع انتشار الثورة المهدية في كردفان وبعد سقوط مركز ابو حراز عام 1882م حسب افادة الاستاذ جابر عبد الله معروف في كتابه القيم (الجوابرة والانصار الخزرج بالسودان) وصار شعار السلب والنهب مصاحباً لحركة الثوار مما جعل (المكي ود ابراهيم) الذي سيطر على حمر يزحف بمجموعة على نقطة اسحف العسكرية وفيها السر سواري (محمد اغا شبو) محافظاً ومعه مائتين من عساكر (الباشبوزق) وكذلك كان النور عنقرة متقاعداً والشيخ عثمان ود حامد عمدة اسحف وجابر اغا الطيب ناظر القسم ومحمد السنجك يعقوب ومسرور افندي نعيم مفتش المركز ومن الفرسان العوني ود عبد الله ومحمد ود عوض وقد خرجوا لقتال المكي ود ابراهيم في شكل مربع جاعلين البلدة في الوسط وكان كل منهم مع رجاله ولكن المكي ود ابراهيم اخترق صفوفهم ودخل المدينة واحرقها مما جعل النور عنقرة ينسحب ببعض اتباعه لبارا وكان معه نحاس (المنصورة) الشهير الوارد ذكره في تاريخ الفور وقد تركه غنيمة للثوار ومن ثم اصبح ذلك النحاس نحاساً للخليفة عبد الله التعايشي، ويقول الدكتور مكي شبيكة بأن محمد اغا شبو انسحب بعساكره بعد كفاح شديد لبارا ودخلها في 20/مايو/1882م وكانت (كتلة اسحف) والتي استمرت لساعتين فقط لان الجموع المهاجمة كانت بالالوف وقد سقط من الشهداء ما يربو عن الثلاثمائه نفس، هذا الى جانب اكثر من عشرين امرأة وكان الاستشهاد اكثر في آل عبد الرحيم بيت العمودية بصفة خاصة وكان على رأس الذين سقطوا في المعركة الشيخ عثمان ساطور ود حامد عمد ة اسحف وزوجته واولاده كما قتل الشيخ ود جابر والد العمدة محمد الشيخ ود جابر(جلد الفيل) وقتل ايضاً بدوي عبد الرازق والد (آمنة بت بدوي) وهي والدة عبد الله معروف واخوانه كما سقط آخرون منهم (صالح قباني ومحمد عبد الله على و محمد احمد سليمان ومحمد نور ود جابر والاخير جد باهي ود ابا مكي ذريته بالبشيري)، آزاء كل ذلك لم يجد أبناء المنطقة بداً من الانسحاب الى مدينة بارا حيث القوة المتمثلة في حاميتي (كنجي واربعجي) بلك ولم تكن مهمة تدريج النساء من اسحف الى خندق القيقر ببارا سهلة لذلك عهد بها للفارس نقد الله ود عمر وقد انجزها بكل بسالة وشجاعة رغماً عن أن أولئك النسوة كن منعمات فصعب عليهن السير حتى وصلن بسلامة للخندق وهنالك نظمت صفوف الفرسان فصدوا الهجمة عن بارا ولكن بعد مدة قليلة شب حريق في مخازن الحبوب ناهيك عن الجوع والمرض ولم يكن هنالك أمل في معونة فطلب جنود الحامية من الحكمدار مسرور افندي ان يسلم المدينة وبالفعل سلمها لود النجومي في يناير 1883م علماً بأن الفارس نقد الله ود عمر عندما كان يقوم بتدريج النساء الى خندق القيقر ألفت فيه الشاعرة كلتوم بت جابر وهي ابنة اخته اغنية (خال فاطنة) وفاطنة التي خالها نقد الله هي (فاطنة بت عمر ود احمد) وكانت آنذاك طفلة رضيعة ومن ثم اشتهرت الاغنية بمنطقة بارا لاسيما عندما كان يشدو بها ود النور وهو اول من غناها (ببارا والبشيري وخرسي والحمرة والطويل) في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي وحينها كان الفنان ود النور يحيى حفلات الافراح ويغني من خلالها اغنيات التراث والحقيبة التي يستمع لها من الفونغراف والتي كان ينقلها له (عبد الباسط مكي) خاصة عندما يزور خالته وأهله بحي السيد المكي بأم درمان سنوياً وكان عبد الباسط كورس ضمن فرقة ود النور وهو أصلاً من مادحي الطريقة الاسماعيلية وصاحب صوت جميل وقد افاد بأن الفنانة المشهورة (مهلة العبادية) قامت بتغيير اللحن واضافت له مفردة (الدناميت الهرس الجبل) كما ادخلت مفردة (ليهم بلالي) وهي لم تكن موجودة من قبل في الاغنية وكان ود النور يؤديها بصوته القوي (نقد الله خال فاطنة البدرج العاطلة) إذن حذف اسم نقد الله وتم استبداله بـ(يسلم لي) كما وضعت لازمة موسيقية (ليهم بلالي) من الفنانة مهلة واختفت مقدمة الاغنية التي كان يستهلها ود النور بقوله:
سام الروح سبلا وأنا اخوي سيد الضرا
سيد ام رطيم ما ضلا فارس الالف نقد الله
نقد الله خال فاطنة بلالي البدرج العاطلة
واذكر أنني اتصلت بالفنانة الشعبية (النحل صباح الخير) في وجود الحاج (احمد طويل) والتي افادتني بأنها قامت بتسليم الاغنية إلى مهلة العبادية عندما شرفت الاخيرة مدينة الأبيض للمشاركة في مناسبة فرح خاصة بأسرة (على كرار العبادي) وقد غنتها مهلة العبادية بالدلوكة على النحو الآتي:
يسلم لي خال فاطنة ليهم بلالي البدرج العاطلة
انت قمر السبوع وانت مطر الرتوع
خال فاطنة ليهم بلالي البدرج العاطلة
انت مطر الرتوع بيت ابوك البسند الجوع خال فاطنة ليهم بلالي
تغني ليك البتول لساني فوقك بقول خال فاطنة
اديتك للرسول ومن تب ما لامو زول خال فاطنة ليهم بلالي
تغني ليك الجدي يا سندي ومقنعي خال فاطنة
اديتك للنبي والببني شال فالي بي خال فاطنة ليهم بلالي
الاسد الضارب خشتهو واب رسوة النتف قصتو خال فاطنة
الضربو في كفتو والبتقولج بوهطو خال فاطنة ليهم بلالي
الولد البمشي هيبه بل هو مقدم واسى الوبر اخو فاطنة
دنميت الهرس الجبل خال فاطنة ليهم بلالي البدرج العاطلة
لاحظ مفردة (خريف الرتوع) والتي تعتبر كردفان منطقته الأولى بالسودان أما البمشي هيبه بل فهي تعني (البمشي حردفي بل ) كما أن البتول المقصودة هي والدة المرحوم عبد الله ود ياسين (خليفة الختمية بحي الركابية ببارا) وهي اصلاً من (حفير مشو) بالشمالية وشقيقتها آمنة والتي سبق ان الفت قصيدة مدحت فيها ادريس ود ياسين شقيق عبد الله وعبد الرحمن ود ياسين بقولها:
ما بضيق كان رزقو قل وما بزح كان تحتو مل
كل صباح جديد شهرنا هل وخيرنا النعيم ودعتو الله
ما بتهشك بكتر قولو دا ود ابو راي في صدرو وزورو
ابو السره خريف في عولو
ادريس يا عيال عارفنو في التايه وما شرب الخمر واتصابا اندايه
مشهور بالكرم معروفو بي كفاية
أما بتول النجف ابنة فاطمة المذكورة في اغنية خال فاطنة فقد مدحتها الشاعرة آمنة بت مكاوي والدة (حاج مهدي العوني وحاج السيد عبد الباقي) بقولها:
يا بتول ام جمال الصافي دهب الجمال اماتك الخيل الاصال
وجدودك عمد كردفان
يا بتول النجف الما نوروك بالصدف والخت من جمالك وقف ..
كما أن (الجدي) الواردة في اغنية خال فاطنة هي تصغير لابنة الممدوح نقد الله (جدية بت نقد الله) وهي والدة (محمد قيلي ومكاوي احمد حامد وشقيقاتهم)، الجدير بالذكر ان الاستاذ الاديب الباحث الدكتور (احمد القرشي عبد الرحمن مهدي) المهتم بالحقيبة واغنيات التراث الشعبي اهداني عند حضوره لمدينة الابيض قبل شهر تقريباً شريط كاست خاص بالفنانة مهلة العبادية على ايقاع الدلوكة وقد لاحظت بأن الفنانة مهلة العبادية عندما تغنت بأغنية خال فاطنة لم تذكر مفردة ( ابكريك في اللجج سدر حبس الفجج عشميق حبل الوجج وأنا اخوي مقلام الحجج خال فاطنة) وأيضاً لاحظت ذلك في بعض التسجيلات بمنطقة بارا والأبيض بصوت المطربين والمطربات (ود النور – النحل – بابكر ود نوبة – بت المدير – التومة البرين – ام بارود – الرحمه مكي جرو – ام بتوتو – زهره الرقاشه) ، وربما تكون الاضافة الحقت بالاغنية لاحقاً كشأن اغنيات التراث الشعبي، على كل ستظل اغنية خال فاطنة رمزاً لعزة أهل بلادنا عند الشدة والبأس ونفتخر بأن الاغنية كردفانية المنبع ، أما خندق القيقر ببارا فهو أساس العزة والفخار كما وصفته الشاعرة زهره بت عبد الله من قرية (مليحة) :
الشقاقة عيال المدى المختوتين للرجاء بيهم مرحبا
مرحب حباب الجدعان الفي الخندق جابوا التيران
البحبو الخير قران البحملوا جروح النيران بيهم مرحبا
وفي الختام التحية لدوباي الفرح الموشى ودنقر الكلمات المندى السمندلي الالمعي الاستاذ الفنان الاديب عبد الكريم الكابلي متعه الله بالصحة والعافية والذى تغنى بتلك الاغنية الخالدة (خال فاطنة) فذاع صيتها وعم القرى والحضر.



Post: #25
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-08-2012, 06:36 PM
Parent: #24

sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan-sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan-.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

صورة بلدوسة بنت بنداس شاعرة أغنية أندريا

Post: #26
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الصادق محمد احمد
Date: 11-08-2012, 06:41 PM
Parent: #25

[B]يا أخي ده بوست رائع وجميل (جمال ما عادي) ،،،،

شكرا استاذ احمد القرشي على هذا الامتاع اللا متناهي،،،،

عاطر التحايا،،،،،

Post: #27
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Osman Musa
Date: 11-08-2012, 06:51 PM
Parent: #26

أبوالحجاج ودالقرشي
والله الشوق بحر
متابعك متابعك . بارك الله فيك ياعزيز

Post: #28
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-08-2012, 09:32 PM
Parent: #27

Quote: يا أخي ده بوست رائع وجميل (جمال ما عادي) ،،،،

شكرا استاذ احمد القرشي على هذا الامتاع اللا متناهي،،،،


الأخ العزيز / الصادق محمد أحمد

سلامات

كلماتك نيشان على صدري وصدر الباحث خالد الشيخ

شكرا جزيلا على حضورك وتشريفك لهذا البوست

مودتي





Post: #29
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-09-2012, 07:40 AM
Parent: #28

Quote: أبوالحجاج ودالقرشي
والله الشوق بحر
متابعك متابعك . بارك الله فيك ياعزيز


الأخ العزيز / عثمان موسى

سلامات

وأتمنى أن تكونوا بخير وصحة جيدة بعد إعصار ساندي

والف مبروك لكم فوز أوباما

لك ولاسرتك كل الود والتقدير

وكنا في انتظارك عند عودتك من السودان لنسعد بك

ولكن الجايات اكتر من الراياحات

لك كل الود


Post: #30
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-09-2012, 10:19 AM
Parent: #29

من أغنيات التراث

يوم طلعت القمره


كتب خالد الشيخ حاج محمود
لقد ورد في كتاب طبقات ود ضيف الله ( أن الحليماب ينسبون للشيخ محمد بن الحاج نور بن الفقيه حمد ود أبو حليمه الركابي ولد بشراو وحفظ الكتاب علي الفقيه حمد بن حميدان وسلك الطريق علي الشيخ شرف الدين ولد بري والذى كان شيخاً صالحاً مرشداً عند الناس مثل الحاج خوجلي الذى كان بينهما خوة واتحاد وقال الشيخ خوجلي أنا والفقيه محمد كاليدين لا سيما وانه ارشد جماعة ليست بفقراء واهدت بهديه كالفقيه ولد قلينج والفقيه حامد ولد أبو شمه ومنصور اخيه ونحوه وقد جلس في مكانة ولده الفقير نور وبعده اخوه الفقيه مدني وكانا عبدين صالحين ودفن في حلته مع ابايه وقبره ظاهر يزار )
وفداسي اساساً هى غابة فحم أي ارض الفحامة وعندما ما مر بها احفاد الحليماب لاحظوا أن الأرض خصبة ومنتجة لذلك قالوا لأهلها أن الأرض فدوس و(فدوس) في لغة النوبة تعنى الأرض الخضراء المنتجة ) فأصبح الاسم فداسي ويسكن مدينة فداسي الحليماب الركابية والبديرية الي جانب فريق الريف الذى يقطنه الجعافرة والمغاربة والسكان الذين جاءوا من الصعيد المصري عن طريق دنقلا وأساساً أصول الحليماب أنهم أبناء عجيب بن ركاب وقد سكنوا الحلفاية من نسل غلام الله الفقيه قش بن سدر بن عبد النبي بن عجيب بن رباط بن غلام الله بن عايد وكان مقيماً مع المغاربة ولما توفي دفن في الحلفاية ثم انتقل أبناؤه من بعده لجزيرة شراو قرب الخوجلاب وذلك بسبب مشاجرة وقعت بينهم والمغاربة فطلبتهم السلطة واليهم تنسب قرية أبو حليمة التي تقع بالقرب من الخوجلاب وابو حليمه هو حمد بن حسن بن قش وقد كني بابنته (حليمة) وعندما اجتمع السودانيون بالحبشة في عهد الأمير هيلا سلاسي وكان اجتماعهم بغرض التنقيب عن الذهب في جبال بني شنقول اختار لهم هيلاسلاسي خوجلي ود الحسن من الحليماب ملكاً لاصوصا وكانت زوجته تسمى الملكة (امنه) والملك يعنى به الأمير او الناظر مثل الملك الصياح ملك جبال ميدوب وكان صاحب سلطة عشائرية كما كان احمد ود غلام الله من الحليماب رئيساً لوزراء تشاد في عهد تمبل باي وكانت زوجته تسمى حياة بت كفلي وكفلي والدها مصرياً كان مؤذناً لمسجد الابيض العتيق في عهد الانجليز وقد تزوجها في مدينة الابيض وما زال أبناء احمد غلام الله يوجدون في انجمينا عاصمة تشاد .
وابان حكم الانجليز لبلادنا أراد الخير ود صالح من أبناء فداسي الحليماب الذى يسكن بفريق الشداداب الزواج من فتاة من قرية أولاد كرار بمنطقة الجزيرة وتحركت السيرة من فداسي لأولاد كرار عند العصر كعادة السيرة التي تتحرك في ذلك الزمن كقول الشاعرة :
السيرة مرقت عصر يا عديلة * ماشه الشيخ ود بدر يا عديلة
وكانت السيرة مصحوبة بإيقاع الدلوكه والعريس علي ظهر حصان محفل وتحفيل الحصان فيه التاج والرتاج وهما مثل (العقال) والمحى وهو لوحة من الودع والسُكسك توضع في وجه الحصان كما يوجد اللباب في رباط العنق من القماش المذهب اللامع والدرع الذى ينزل من اعلي صدر الحصان وحتى ركبته ويربط في السرج وتوجد السجداه من الفرش العجمى وفروة المهيرة ( والمهيره هي صوف غنم المهرية التى توجد في جنوب أفريقيا) وكان العريس يركب علي الحصان وهو لابس جلابية ساكوبيس الي جانب مركوب فاشري احمر كلودوا والطاقية من الحرير ومتلفح بالساري وفي يده اليمنى صوت من العنج وفي اليسري فرع من جريد النخل ومتقلد السيف بي جفيرو ومعه أربعة وزراء هم وزير ملازم ووزير مالي يسمي الخزين ووزير السيرة الذى تكون مهمته تجهيز الخيول ووزير الكفاية (الطعام) وكان يقود الحصان في السيرة خوال العريس أخوان أمه أو أولاد عمها وكانت ضمن النسوه الشاعرة الشاي بت احمد ود عبد الله ولما تأخرن في العودة لفداسي وكان الناس حينها لا يقبلون تأخر بناتهن في المناسبات خافت الشاي حساب الاسرة لها فخاطبت العريس الخير ود صالح بقولها :
يوم طلعت القمرة والخير يا عشاي * تودينا لي اهلنا بسألوك مننا
وطلوع القمرة ميقاتاً هو رمزية للتأخير والشاي بت احمد هى والدة الدكتور بشير عبد الله رضوان الذى يعمل طبيباً بالخليج ولان تلك الشاعرة مشبعة بشاعرية أهل منطقتها والتي جسدها الشاعر محمد صالح شيبة من أهل فداسي عندما كتب قصيده معبرة في رثاء الناظر اسحاق محمد عثمان شداد ناظر بارا الذى توفي بها عام 1937م ولان آل شداد من البديرية وجاؤا لبارا من منطقة فداسي الحليماب واستوطنوا بمدينة بارا ولهم حي بفداسي يسمي بفريق الشداداب لذلك كتب محمد صالح شيبة في رثاء الناظر اسحاق شداد قصيدة معبرة ومن مفرداتها الاخاذة قوله :
الموت كأس دائر لا شك في ريب المنون
والعيش ظلٌ زائل مهما تطاولت السنون
أين الأولي أهل الحمي السابقون الأولون
شداد إني قد رزيت بفقدِ شخصك يا خدل
أنا يا صديقي صابرٌ وبعمرك الغالي ضنين
أقدمت للموت الرهيب بخير إسلام ودين
ودعت أشبال الحمي وذهبت يا ليث العرين
شداد يا بطل الحمي يأيها الحر المعين
يأيها الخل الوفي يا صاحب الخلق الرصين
يا صفوة الأصحاب والأنداد بين العالمين
إني عهدتك مخلصاً ومن الرجال المحسنين
تعطي الجزيل تكرماً وتجود بالدر الثمين
يا نجدة الأصحاب والأنداد من كرب السنين
لذلك كانت قصيدة الشاي معبرة لأنها شربت من معين فحول شعراء منطقتها مثل شيبة وجاءت قصيدتها قوية المعنى والمدلول ويكفي أن الأستاذ الراحل / الطيب صالح طيب الله ثراءه قد ذكر بأن أغنية طلعت القمرة هي من أكثر الأغنيات التي تشده لان فيها شجن جميل لا سيما حينما تقول الشاعرة :
يوم طلعت القمرة والخير يا عشاي تودينا لى اهلنا بسألوك مننا
غنن ليك البنات يا ضو القبايل يا مقنع الكاشفات
والكل بي وراك يا مدرج العاطلات بسألوك مننا
غنت ليك البنية تمساح ابوكبلو الضارب اللي بسألوك مننا
يبلع جب وجب لي خصيمو جيد لي
وشوف الجنى وشوف فعالو في الديوان لافي شالو
يا الدايرين تعرفوا حالو في الكرم ما فيش مثالو بسألوك مننا ....الخ
هذه الأغنية التراثية الرائعة تغنت بها الفنانة الراحله عائشة الفلاتية والفنان النجار مدني صالح الذى كان يقيم في حى ازهرى بكوستي كما تغنى بها الأستاذ الفنان عثمان عوض الله بالعود ومهلة العبادية بالدلوكة ثم أصبحت مشاعة للجميع باعتبارها أغنية تراثية خالدة فتغنى بها مجموعة من المطربين والمطربات لاسيما وان مفردات الأغنية سحرت الألباب وأطربت الوجدان.


Post: #31
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-09-2012, 02:19 PM
Parent: #30

قصة راقصين التويا
خالد الشيخ حاج محمود
فى ندوة أقمناها بكلية التربية بجامعة كردفان قبل عدة أعوام سألنى أحد المهتمين بالثقافة والفنون عن الجهات التى ساهمت فى نشر الفنون والآداب بكردفان وقد كان ردى بأنها عدة جهات أولها جريدة كردفان التى أصدرها المرحوم الأستاذ الفاتح النور رائد الصحافة الإقليمية عام 1945م وثانيها رسالة كردفان الإذاعية التى كان يقدمها الأستاذ / المرحوم عوض محمدانى مصطفى والتى بدأت فى عام 1967م وكانت تحتوى على أخبار سياسية ورياضية الي جانب النشاط الثقافى والإجتماعى بكردفان لاسيما جولة المكفرون وكان زمن الرسالة نصف ساعة مساء كل ثلاثاء بالإذاعة القومية وكان ضمن الرسالة فقرة من أشعارهم وأغنيات تراثية وشعبية وحديثة ويتم مونتاجها على شريط ريل وبعد التغليف ترسل بواسطة سودانير لأم درمان وكان من المخرجين لها الاساتذه / عبد المعطى خلف الله والجيلى الطيب ومكي ميرغنى كما كان للمستمعين ملفات وتحتوى الرسالة على مقطوعات موسيقية من جمعه جابر ومحمدانى مدنى وسليمان فضل المولى وأحمد المصطفى أبو شنب وأستمر تقديم الرسالة حتى عام 1983م عندما أنشئت إذاعة كردفان. كما كان دور فرقة فنون كردفان بارزاً فى نشر الفنون والآداب منذ أن كانت بنادى العمال وكان النادى بحي القبه ومن رواد ه الشاعر قاسم عثمان بريمة وعمر القديل وماضى الطاهر وسعد طه حسن والباقر السيد حسين وحمزه خيال والمطرب خليل إسماعيل وغيرهم ولكن تطور الأمر بإيعاز من الأستاذ / أبو عاقله يوسف وجاء تأسيس وتشييد فرقة فنون كردفان عام 1962م وتم تكوين لجنه لتنفيذ الأمر من السادة عثمان محجوب المراقب المالي ومحمد صالح بركيه وأمين الربيع وعبد الله أبو حسنين كما كان دور معهد كردفان للموسيقى عظيماً فى نشر الفنون لاسيما بعد الموافقه على قيامه من سلطات البلدية عام 1965م بموجب خطاب مؤسسه الموسيقار المرحوم جمعه جابر وفى أكتوبر 1966م تم تكوين مكتب المعهد من السادة المرحوم محمد الحسن قدرى رئيس ونائباً له عبد الرحمن أحمد عيسي وعوض عابدين سكرتيراً ونائبه عبد العزيز عبد النعيم وعبد الكريم حسين جعفر أميناً للصندوق ورابح الصديق نائباً له وعضوية كل من جمعه جابر وممثلين للبلديه والأعلام ولا ننسى دور شعراء الحقيبة وصالون ود القرشى فى نشر الآداب والفنون بكردفان ولما قوي عود فرقة فنون كردفان أنضم لها مجموعة من المطربين منهم صديق عباس الذى غنى أول أغانيه أم قجه وإبراهيم موسي أبا صاحب أغنية العجكو حينها استشعرت أدارة الفرقة أهمية الأغنيات الشعبية والتراثيه لذلك ضمت فى عضويتها بابكر ود نوبه من بارا وعبد الله نور الدين من بابنوسة والعوادى هاشم عبد الهادى كما أنضم للفرقة مجموعة من المطربين منهم عبد القادر سالم وعبد الرحمن عبد الله الى جانب إنضمام مجموعة من الموسيقيين والمطربين فى الستينات مثل عبد المجيد خليفة وحسين محمود وأبو شنب وأحمد هارون وحسن حسان الزبير وأم بلينه السنوسى وفاطمه خميس وزين العابدين خليفة وبشير بلل وسليمان فضل المولى وغيرهم وعندما حدث الانسجام الكامل بين فرقة فنون كردفان ورسالة كردفان الإذاعية أنضم للفرقة فى السبعينات الفنان القامة صلاح محمد الحسن وكانت بدايته بالأغنيات الشعبية والتراثية التى صاغها فى قالب لحنى جميل وأداء بديع طرب له الجميع حيث غنى أغنية كباشى كان برضى والتى أخذها من شاعرتها المرحومه حبيبه بت حمدان وكذلك غنى أغنية دار الريح طاريها مشتول المنقه فيها على إيقاع الجرارى وفى حوالى عام 1972م غنى أغنية راقصين التويه والتى كانت على إيقاع التم تم وقد أحضرها له الدكتور المهتم بالفنون أدم محمد إبراهيم وكذلك غنى بعض الأغنيات العاطفية مثل أغنية .
بقيت تمربينا محال تجى علينا ولا بتقول ديل ناس كانو فى ماضينا
قول لى بحق الريد ايه النقص فينا وايه اللقيتو جديد
وهى من كلمات المهندس أحمد حسين كباشى بالأبيض ومن كلمات الشاعر أسحاق الحلنقى غنى الأستاذ صلاح أغنية عيون البنفسج .
أبكى ياعيون البنفسج ابكى بدموع الندى
وقولى للغيمه المسافره وراحله بالشوق فى المدى
شمعة الريد اللي كانت فى ديارنا معبده
هب ريح فى عزضياها وأنطفى النور البدى
كما أهداه الأستاذ عبد الرحمن عبد الله اغنية المنديل .
منديلى هل تذكر ليلة القمر ضوى يوم كنا بناجى الريد سوى سوى
كما أنعم عليه الشاعر محمد حامد أدم بأغنية طيب السريرة .

تبرى ياطيب السرير وليك تعود العافيه نور
لو بأيدينا نشيل أزاك ياغالى مهما يكون كتير
من بعيد عاشينا طبعك وشوقنا فى الروح والضمير
ياملاك الرحمة تسلم أنت يا طيب الشعور
وعندما اشتهر الفنان صلاح محمد الحسن قام الأستاذ المرحوم عوض محمدانى بإجراء حوار أذاعى معه من خلال برنامج رسالة كردفان فى شهر أكتوبر عام 1972م غنى من خلاله أغنية راقصين التويا وكان مخرج الحلقه الاستاذ مكي ميرغنى وحينها سمعها الناس لأول مرة من الأستاذ صلاح محمد الحسن وهى من كلمات الشاعر السر المقدم الاستاذ بالمدارس الأولية والذى ولد بالجريف غرب وعمل أستاذاً فى مناطق الأباله والبقارة لمدة جاوزت العشرة سنوات وكان مولعاً بحياة البادية فى تلك المناطق وعندما تم نقله من منطقة الاباله للبقارة احس بشجن كبير واعترته حالة من الهيام والذكريات الجميلة التى كان يجسدها الدونكى ملتقى الاحبه مما جعله يصدح بمفردات أغنية راقصين التويا والتى غناها الأستاذ صلاح محمد الحسن على إيقاع التم تم قبل أن يتم تحويلها لإيقاع سريع أقرب للمردوم ومن مفردات الأغنية الاصيله والراسخه فى الوجدان .
راقصين التويا كلمولى أبويا عشان أشيل الدونكى أجيب شوية مويه
زين الشاعر الأغنيه بذكره لراقصين التويا وهى توجد بمناطق الأباله والغنامه فى دار حمر ودار حامد وخلافهم والتويا غناء رجالى يقوم المغنى فيها بأداء الدور المتمثل فى المقاطع الرئسيه للأغنية ويردد الكورس المطلع والذى يتكرر عدة مرات كما يقول الدكتور عبد القادر سالم فى كتابه الغناء والموسيقى التقليدية بكردفان والتويا تؤدى فى صورة دائرية اللحن وتتناول الغزل والهجاء والفخر والطبيعة ولكن راقصات التويا هن الشابات ويشابه رقصهن حركة مشية الناقة كما يقمن بالصفقة والزغاريد والتويا محتفظه بمعالم الرقص العربي الجماعي وتشبه رقصة الدبكه التى توجد فى منطقة الهلال الخصيب وبلاد الرافدين وهنالك تفسير لطريقة الرقص تلك حيث القفز لأعلى يشير لنمو الزرع ودق الأرض يعنى جذوه بداية تشير لطرد القوه الشريرة والدوران فى الرقص يعنى دورة الكون وأساس ذلك الثقافة الكنعانية التى سادت فى منطقة الهلال الخصيب وراقصات التويا يحتاجن لأذن من رب الأسرة لذلك قال الشاعر كلمولى أبويا .
عشان أشيل الدونكى أجيب شوية مويه ، الدونكى يوجد فى مناطق كردفان وهو أساس الحياه بحساب ان الله جعل من الماء كل شئ حي وكذلك الدونكى ملتقى للحبان والعشاق ويكفى ما كتبه الشاعر المرحوم قاسم عثمان رداً على مساجلة الشاعر حدباى والذى أرسلها له حينما حضرن طالبات مدرسة النهود فى عطلة شم النسيم لزيارة دونكى أم روابه وكان حدباى حينها كاتباً لذلك الدونكى قال الشاعر قاسم عثمان .
فى الدونكى العتيق اليوم كتر تحديقا غابت منو ليله فى ليله يبقى حديقة
ويواصل الشاعر السر المقدم فى قصدته الجميله فيقول .
اخويا يالطمبارى ما تغنى لى جرارى ريدك الشاغلنى ودر عليا نهارى

الطنبور من أدب ألغنامه والاباله وهو غناء رجالى عرفته قبائل حمر والجوامعه والبديريه ودار حامد حيث يؤدى المغنى الغناء دون مصاحبة كورس أو آله موسيقيه تقوم الفتيات بالرقص الذى يشابه رقصة الرقبة كما يقمن بدور الممهد للطمبارى بالصفقه والغناء ويوجد فى الطنبور كرير يشبه هدير الفحل وخوار البقرة وذلك بقصد تنوع لحنى علماً بأن الطنبور هو أساس أغنية الحقيبه أما الجرارى والذى أراد الشاعر من الطمبارى أن يغنيه بدلاً عن الطمبور لعلمه بأن من يغنى الطمبور يغنى الجرارى لاسيما أن الجرارى من أدب الأباله والغنامه بشمال كردفان وشمال دارفور والجرارى من جر الكرير وغناء الجرارى فيه شجن جميل ورقص بديع من النساء ومشاركتهن فى الجرارى أكثر من الطمبور والجرارى فيه الخفيف والثقيل والمتوسط ويعبر غناؤه عن أحساسهن تجاه المحبوب ويواصل الشاعر فى مفرداته الأخاذة والمعبرة فيقول ريدك الشاغلنى ودر عليى نهارى ( ضاع نهاره فى الدونكى )
كان سرت فى البوادى علينا أبقى راضى
بغنى ليك برايا وبحاكى لى الشوادى
يا زهرة الرياض الشوقنا ليكى زاد
متين تزورى دارنا وتسعدي العباد
( الباديه مكان الحسن والجمال منذ أن قال فيها المتنبئ قوله.
حسن الحضارة مجلوب بتطرية وفى البداوة حسن غير مجلوب

ويواصل الشاعر المقدم قوله:-
الراكب ألشبريه بالله جود عليا أنا بهجر المدينة وبتابع السعيه
الشبريه عند الأباله بزينتها ومسارها لها وقع خاص وعندما يرنو الشخص ببصره ويشاهد ذلك المنظر الجميل لراكبه الشبريه المحفله يتبادر لخاطره المرحال والخريف الهاطل الذى يحيل كردفان لبهاءٍ وجمالٍ كامل وربما يردد قول الشاعر يوسف كوريت
قويزات أبو زعيمه البقوقى دباسن والشوق لى مقيلن ولى ملاقاة ناسن
طريت عرب الظعينه وتلتلة أجراسن طريت المن عوالى الهيبة ديمه لباسهن
ولكن الفنان الكبير صلاح محمد الحسن هاجر لقطر فى عام 1980 ولم يعود منها إلا عام 1996م ورغماً عن تلك الغيبة إلا أن معجبيه كانوا يتغنون بأغنياته البديعة التى شنفت الأذان وأطربت إنسان كردفان والسودان.




Post: #32
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-09-2012, 03:16 PM
Parent: #31

مداخلاتك تزيد البوست متعة ورونقا ،ولقد سعدت بها كثيرا

لي ذكريات كثيرة في ديار الكبابيش والكواهلة حيث عمل والدي بمدينة ام بادر لعشرات السنوات

ولقد زرتها كثيرا وكذلك ارض الكبابيش سودري وحمرة الشيخ وحمرة الوز وام سنطة وغيرها من المناطق

ولي أصدقاء كثر في تلك المناطق ,

لقد كتب الاستاذ خالد الشيخ عدة مقالات عن الشاعر يوسف عبدالماجد المشهور بكريت


وان شاء الله سانزلها في هذا البوست وخاصة قصيدته الشهيرة التي قالها عندما قُتل ###### المر

مودتي

لك الشكر والتجلة دكتور القرشي وللاستاذ خالد الشيخ المودة والتقدير اكرر بوست رائع بامتياز وبه عرفنا الكثير الكثير
هل والدك هو العم الراحل محمد الحسن القرشي (ابو فاطنة) كما يحلو لأهل البوادي
يا سلام علي الشاعر الراحل يوسف عبد الماجد وعلي شعره الجميل الرائع
دونت واحفظ كثير من شعره لكن امثال (أمَّات رقاباً عوج) لم اعثر عليها وعلها تكون بطرف الاخ خالد ويا اسفي أن رحل الموسوعة في شعر البادية
الرجل الضخم وتاجر أُم قُجة العم يوسف خوجلي وهو مكتبة ضخمة ومجلد ضخم من شعر البادية

Post: #33
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: وضاحة
Date: 11-09-2012, 04:54 PM
Parent: #32


Post: #34
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-09-2012, 07:52 PM
Parent: #33

Quote: هل والدك هو العم الراحل محمد الحسن القرشي (ابو فاطنة) كما يحلو لأهل البوادي


الأخ العزيز / عبيد الطيب

سلامات

والدي هو عبدالرحمن مهدي عوض

عمل في ام يادر منذ عام 1947 وحتى 1980

ولقد زرت ام بادر كثيرا عندما كنت صغيرا

والتقيت بالشاعر كريت وتربطني علاقة بابنائه ماجد وبعشر

لك كل الود ودائما في انتظارك




Post: #35
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-09-2012, 08:12 PM
Parent: #34

إخوتي الحاج القرشي والعبيد الطيب

Quote: (البوسيب نوع من النبات الاخضر ينمو خارج الماء ، والستيب نبات اخضر ينمو داخل الماء ، اما الكوشيب فهو النبات الذي وقف عن النمو وعادة يكون بعد الحصاد ويسمى بالخلفة ويستفيد منه المساكين ويصبح هدفاً للطير،


البوسيب ليس نوعا من النبات وانما نوع من التربة التي ينمو عليها ذلك النبات

والارض البوسيبة هي الارض المتربة ، والارض المتربة عادة لا تفّرّط في اى قطرة ماء تهطل عليها - أي لا تترك قطرات الماء تسيل على سطحها لتذهب الى المرانع ( المرانع جمع مرنع وتعني الميعة ) وانما تمتصها بداخلها فتنبت الوانا من الخضراوات اليانعة .

اما الكوشسيب فصحيح ربما يكون كما تفضلتم به من تعريف غير اني ارجح ان يكون الكوشيب هو مخلفات الزرع بعد حصاده - مثلا عندنا في القرى تزرع المغاير (جمع مغورة) في اطراف المنازل بالعيشريف او التبش . فبعد ان يقوم اصحابه بحصاده يتركون القصب واقفا وربما تكون فيه بعض من قناديل العشريف منسية فهذا في راي هو الكوشيب .

Post: #36
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-09-2012, 09:21 PM
Parent: #35

شكرا لك أختي العزيزة وضاحة

على أغنية اندريا (حلاوة القرطاس)

بصوت الفنانة نانسي عجاج

وسعيد جدا بحضورك لهذا البوست

لك كل الود والاحترام


Post: #37
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-10-2012, 05:59 AM
Parent: #36

يا سلام يا دكتور القرشي اكثر ناس البادية يعرفون والدك ويطرونه بالخير فأسلافكم تركوا بالبادية سمعة طيبة وأثرا جميلا يتعذر نسيانه فأنت بالنسبة لهم إبن الاكرمين
وما زالت صداقاتكم ممتدة وستبقي ما بقي الدهر فلك ولهم جميعا محبتنا وودنا
للاخ بعشر يوسف سلامي فقد كان صديقا لشقيقي ولابن خالي الشيخ الطيب واول ما دخلت المدرسة المتوسطة بام بادر في اوائل الثمانينات
عرجنا لدكان عمك يوسف بأم بادر وسلمنا علي الاخ بعشر واسرته وأهداني الأخ بعشر (شبط قاش جميل) والي الان والله اتذكره جيدا لأن لشبط القاش طعم خاص بالبادية أما سمعت ما قالته احدي حسانها عندما شوقر حبيبها وتوغل في الجنوب البعيد
شِبيط القاش مِنريدو وعدنا رشاش من سيدو
فلبعشر يوسف ولاسرته محبتنا وسلامنا
الحبيب جناب المحامي شيقوق لك محبتي ولسالم ود جبار صديقك المحامي الكباشي الجميل سلامي ولسالم شقيق طبيب بيطري شاعر رائع وله وصف للبادية والطبيعة في غاية الروعة والجمال
ثم كتب الاستاذ خالد الشيخ:-
(زين الشاعر الأغنيه بذكره لراقصين التويا وهى توجد بمناطق الأباله والغنامه فى دار حمر ودار حامد وخلافهم والتويا غناء رجالى يقوم المغنى فيها بأداء الدور المتمثل فى المقاطع الرئسيه للأغنية ويردد الكورس المطلع والذى يتكرر عدة مرات كما يقول الدكتور عبد القادر سالم فى كتابه الغناء والموسيقى التقليدية بكردفان والتويا تؤدى فى صورة دائرية اللحن وتتناول الغزل والهجاء والفخر والطبيعة ولكن راقصات التويا هن الشابات ويشابه رقصهن حركة مشية الناقة كما يقمن بالصفقة والزغاريد والتويا محتفظه بمعالم الرقص العربي الجماعي وتشبه رقصة الدبكه التى توجد فى منطقة الهلال الخصيب وبلاد الرافدين)

يا سلام لاستاذ خالد وليك يا د كتور القرشي ولطقَّاقين توية الرائعين والذين رحل آخرهم الفنَّان الجميل معروف ود سمبو طقَّاق توية المميز
جرَّاس أُم روب عَمَل قيرا
رحل وإتْعَنَّا أبو شديره واليك هذا الرابط مهداه للاستاذ خالد ولك ولود شيقوق وللجميع
http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/3...-09-06-18-52-55.html
ثم كتب الاستاذ خالد:-
(الطنبور من أدب ألغنامه والاباله وهو غناء رجالى عرفته قبائل حمر والجوامعه والبديريه ودار حامد حيث يؤدى المغنى الغناء دون مصاحبة كورس أو آله موسيقيه تقوم الفتيات بالرقص الذى يشابه رقصة الرقبة كما يقمن بدور الممهد للطمبارى بالصفقه والغناء ويوجد فى الطنبور كرير يشبه هدير الفحل وخوار البقرة وذلك بقصد تنوع لحنى علماً بأن الطنبور هو أساس أغنية الحقيبه أما الجرارى والذى أراد الشاعر من الطمبارى أن يغنيه بدلاً عن الطمبور لعلمه بأن من يغنى الطمبور يغنى الجرارى لاسيما أن الجرارى من أدب الأباله والغنامه بشمال كردفان وشمال دارفور والجرارى من جر الكرير وغناء الجرارى فيه شجن جميل ورقص بديع من النساء ومشاركتهن فى الجرارى أكثر من الطمبور والجرارى فيه الخفيف والثقيل والمتوسط ويعبر غناؤه عن أحساسهن تجاه المحبوب ويواصل الشاعر فى مفرداته الأخاذة والمعبرة فيقول ريدك الشاغلنى ودر عليى نهارى ( ضاع نهاره فى الدونكى )
كان سرت فى البوادى علينا أبقى راضى
بغنى ليك برايا وبحاكى لى الشوادى
يا زهرة الرياض الشوقنا ليكى زاد
متين تزورى دارنا وتسعدي العباد
( الباديه مكان الحسن والجمال منذ أن قال فيها المتنبئ قوله.
حسن الحضارة مجلوب بتطرية وفى البداوة حسن غير مجلوب)

واهم شئ هو واروعه كذلك ان تمنحك إحدي الحسان شُبَّالاً
ويقول الشاعر الكباشي جمعة محمد سعيد وهو شقيق سالم يا شيقوق
لي الصفقة أُم رسيس مرقاً بنات الحور
وكيف رص القزاز بِتلامَعَن في النور
مرقت منّهِن راخية القدَم في فتور
وِبتْوازِن رقيص الهزّة والحنجور
الديس تلَّه فوق حِجْلاً رطن معصور
ؤشبَّال أم سماح حرمان علي البزُّور
ثم يكتب الاستاذ خالد الشيخ
(ويواصل الشاعر المقدم قوله:-
الراكب ألشبريه بالله جود عليا أنا بهجر المدينة وبتابع السعيه
الشبريه عند الأباله بزينتها ومسارها لها وقع خاص وعندما يرنو الشخص ببصره ويشاهد ذلك المنظر الجميل لراكبه الشبريه المحفله يتبادر لخاطره المرحال والخريف الهاطل الذى يحيل كردفان لبهاءٍ وجمالٍ كامل وربما يردد قول الشاعر يوسف كوريت
قويزات أبو زعيمه البقوقى دباسن والشوق لى مقيلن ولى ملاقاة ناسن
طريت عرب الظعينه وتلتلة أجراسن طريت المن عوالى الهيبة ديمه لباسهن)

وهذا ما جعلني في الخريف الماضي عندما تذكرت الرحيل والنِّشوق والشوقارة وعزفت اوتار قلبي لحناً شجيا مع أجراس الهوادج:-
دوب لي رحيل ظعن ناس أُم شوايل
ودوب لي ليم بوادي البِفِِشُّو الصَّايل
ودوب لي لمَّة الناس البِعَدلو المايل
ودوب لي كرفة الرِّيم والسِّحاب الشَّايل
ودي مهداه ليك يا الطيب ود شيقوق

من دغشا قبيل نسَّم دعاشا بدري
وحلات فوق كرفو نوَّار السِّعات والكتري
والقلب شاشا شاق وشقاني جلْوّل فكري
والروح شُوقرت شالت العديد من بدري
جرَّاساً بِنقرن كيف صياح البَزري
ديل عطَّاف رحيل ضي ناس ابوهو البدري
عزاز في قبايلُن ماهُن عريباً مكري
وسريعين نهمة عند قولة حَلَف وأبشري
وبقُشُّو الدمعة عند جور السنين هُن دُخري
وفوق قوزاً عَضي ويا دابو بَتَّق بضري
نار أُم روبة تَلَّت ؤولَّعَت فوق صدري
وبعد ما سَوُّوا لي المفطوم قلادة الخُمْرِي
ؤلولو ؤ رقَّدوا وما بِصْحا قبل العصري
مرقو يسايلو لي زولاً مخَنْجَك غجري
وسادة الخُمرة قطعة من القماش تُخلط الضفرة والقرنفل والمحلب والصندل والصندلية وبعض العطور اليابسة وتوضع بداخلها وتربط في عنق الطفل
والبضرة هي النبات الدقاق
لك يا دكتور القرشي وللمتداخلين محبتي وسلامي

Post: #38
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-10-2012, 11:36 AM
Parent: #37

من الأغنيات الشعبية
الخرزه والحريره


كتب: خالد الشيخ حاج محمود
لان التراث الشعبي الغنائي اعتمد على الشفاهية لذلك اكتسب صفة الديمومة وصار ملكاً مشاعاً للجميع ولكن الخطأ الذي يقع فيه أغلب الناس وخاصة المؤدين والمنتجين لذلك التراث يكمن في رؤيتهم بأن الاغنية التراثية تعني الاغنية المجهولة الهوية من ناحية تحديد مؤلفها سواء أن كان شاعراً أو شاعرة بالإضافة لعدم معرفة مكانها و زمانها وذلك رغماً عن أن البحوث في هذا الجانب قد أوضحت الكثير عن ماهية ذلك التراث والذي عبر للدواخل عن طريق الكلمة والآلة والإيقاع سيما وهو ثلاثة أنواع (مرئي ومسموع ومادي) ويرى الاستاذ الباحث موسى شيخ الربع بأن (التراث الغنائي ما واكب خمسة أجيال) بمعنى ما اكمل فترة قرن من الزمان ولذلك لم أجد تعريفاً اصدق واعمق للاغنية الشعبية من ذلك التشريح الذي خطه يراع عمنا المرحوم الشاعر قاسم عثمان بريمة شيخ شعراء كردفان والذي قال (بأن الاغنية الشعبية تتكون من بساطة الاشياء وعمقها فهي أمانٍ تتسرب في ايقاع الذات جراحاً تنزف حرماناً و حرمان يتدفق حباً وطهراً انها وهج الشمس على جباه الزارعين وهي تفرز مع عرق الرجال في حلبات النفير وتشخب مع الحليب من الضروع فهي على الجرتق خرزة وعلى تاج العريس ضريرة وودعة في جدائل بدوية نشقة وسرحة تردة ومرعى وسربة في ليلة مقمرة انها لوحة على جدار شبرية الوانها مشاعر تزركش القرمصيص ومزاجها زيق السرتي وعسل العقيق ودخان الفريك واجراس الكناتل وسيف الفزعة ومشوار على ظهر هجين ايقاعاتها تطلع ورجاء ومقاطعها صبر وطيبة حتى إذا ما لعلع البرق وزمزم الرعد وتلون الافق بلون الهرع وشعت على البعد خيوط الشخاتير وتفاعل الجمع في رحم الابداع فسوف تكون هناك قد ولدت فتاة حلوة تدعى الاغنية الشعبية). ولما كانت كردفان مستودعاً لثقافة كبيرة وعريضة وفقاً لتراث أهل الحضر والبادية لذلك اصبح يشار إليها ببنان الابداع، حيث عرف الناس فيها الغناء بالآلة الشعبية التي تتوافق مع الايقاعات الشعبية الموجودة بها والوافدة إليها كإيقاع النقرزان مثلاً، والذي من غنائه المشهور:
سمح الجبنة في قومي وحلوة الجلسة مع تومي
يا عيني خلاص نومي
سمحة جبينة الهم حلوة وليها طعـــم
رب العباد يعلم البشربها مفروج هــم
أبو جقرة يالهواري نحكيلك بــي أدواري
من جبينةً فيها وداري بقيت زول هوى وطمباري
وعلى ايقاع الدلوكة التي اخذت قوتها تماماً في كردفان عندما اصبحت على انواع متعددة منها (أم كوع) والتي تضرب بالكف والكوع لاستخراج نغمة خاصة وان ايقاع الكوع يخرج ايقاع مقفول يسمى مخنوق مثلما تقول الاغنية الشعبية:
غني وشكريهو الليلة يا سلكوكه وجري النمّ عليهو وخنقي الدلوكة
ولكن السيرة ايقاعها فاتح لان الدلوكة فيها تحمل على الكتف وتكون سيارة ، والايقاع في السيرة يكون على ايقاع المناطق حيث يوجد الدليب بالشمالية والكنكنه في دارفور والمخبوط والمخنوق في كردفان بحساب أن المخنوق يعني ايقاع الدلوكة الجالسة، كما توجد في دارفور الدينارية والتي تضرب على ايقاع (الفرنقبية) وهو ايقاع (مقطوع) وقد اختلطت الدلوكة في كردفان بمشية الجمل باعتبارها ستة عشر مشية، فيها التقيل والذي خرج منه ايقاع الرجز ونص نص خرج منها ايقاع الخبب وسريع خرجت منه الكربته، وايقاع يسمى واحد ونص خرج منه الاسترباع، كما هنالك ايقاعات اخرى منها الطويل والقصير والمتوسط علماً بأن الدلوكة تصنع من جلد الغنم في كردفان وفي الجزسرة تعمل من جلد الضأن ويتم ضرب الدُمْ الذي يوجد وسط الدلوكة على ضربات محددة ففي حالة ضربه ثلاث مرات يسمى متلوت وإن ضُرب مرتين يسمى متجاوز وفي حالة الضربة الواحدة يسمى مفرداً أو منقوراً.
وتتناول الدلوكة اغراض عديدة كالعاطفة والحماسة والمناحة والغي، بمعني (غناء العشاق) ووصف الطبيعة والبيئة وتطور الحياة، ومثالاً لتناولها اغنيات الحماسة نذكر الاغنية الرائعة التي تغنت بها المطربة المرحومة عائشة كرن:
الكوراك يوم ضرب حسب البروق بنشاف الخيل روقنو وشجعوا الخواف
ما لقط قرض ما تكّ بي محجان ما نزل الجروف وما لقط الاقطان
شدو لو الهميم البي اللجام دلهان شايلين ابو حقيقة اللي الفقر قرمان
(ابو حقيقة هو السيف)، أما غناء العاطفة فهو كثير ومنه مثلاً الاغنية المشهورة:
الليلة ضوى لي ويا العريس مبروك عليك نور السعادة
العريس ممنون غلبو الصبر صاحي وغلبو النوم
ولأن السَيّرةَ من طقوس الزواج الاساسية لاسيما وان فيها عادات وعوائد موروثة حيث تتحرك دائماً عند العصر وتكون مصحوبة بإيقاع الدلوكة ويكون العريس على ظهر حصان محفل وتحفيل الحصان فيه (التاج والرتاج) وهما مثل (العقال) اما المِحي فهو لوحة من الودع و السكسك توضع في وجه الحصان كما يوجد اللباب في رباط العنق من القماش المذهب اللامع والدرع الذي ينزل من أعلى صدر الحصان حتى ركبتيه ويربط على السرج وتوجد السجادة من الفرش العجمي وفروة المهيرة ويركب العريس على الحصان وهو يرتدي جلابية من الساكوبيس وينتعل مركوب فاشري أحمر كلودو والطاقية من الحرير ويكون متلفح بالسرتي وفي يده اليمنى سوط من العنج وفي اليسرى فرع من جريد النخل بقصد التفاءل كما يتقلد السيف بجفيره ومعه اربعة وزراء هم (وزير ملازم ومالي يسمى الخزين ووزير السيرة الذي تكون مهمته تجهيز الخيول ووزير الكفاية أي الطعام)، كما يقود الحصان أخوال العريس، لذلك تعتبر السَيّرةَ من طقوس الزواج الرائدة لما فيها من عظمة خاصة وهي مصحوبة بالغناء الجميل الذي يطرب الوجدان. ولما كانت كردفان قبلة للموظفين من شتى بقاع السودان وخاصة المعلمين والذين تسابقوا للعمل بها لا سيما بعد مجئ بعد الاستاذ المعلم والكاتب حسن نجيلة والذى حل ببادية كردفان عام 1931م للعمل معلماً بمدرسة حمرة الشيخ المتنقلة و ألف فيها كتابه المشهور (ذكرياتي في البادية)، لذلك شمروا عن سواعدهم ووفدوا لكردفان وخاصة معلمي المدارس الاولية، حيث خلف الاستاذ حسن نجيلة مجموعة من المعلمين المقتدرين منهم على سبيل المثال شيخ هاشم الحاج اسماعيل من الشمالية والفكي عبد الله الساعور وذلك في مدرسة حمرة الشيخ المتنقلة، مما فتح الطريق لتعليم الرحل وجاء معلمون كثر منهم الاساتذة مكي الاعيسر وكرار ابراهيم فرح وميرغني عبد الرحمن يس والذين كانوا أيضاً كتاب مراسلين لبعض الصحف منها جريدة كردفان التي أسسها المرحوم الفاتح النور وصحيفة الصراحة التي كتب فيها المرحوم ميرغني عبد الرحمن بأسماء حركية مثل (حتيكابي) و (الأغبش الصغير) كما اهتموا بالتراث الشعبي الموجود بتلك المناطق وعندما تم نقل الاستاذ كرار ابراهيم فرح في نهاية الستينات من القرن الماضي الى مناطق الاندرابة والحبيسة والربدة في ريفي حمرة الشيخ معلماً ومديراً لمدارس الرحل بتلك المناطق كان معه الاستاذ ابراهيم احمد ابو علامة وهو ابن اخ التاجر بسوق الابيض اسماعيل ابو علامة وهم اصلاً من منطقة المسلمية ريفي الحصاحيصا ولما كان ابراهيم ابو علامة شاعراً فذاً وشاباً في مقتبل العمر ومزهواً بمهنته كمعلم حينما كان للمعلم صيت و صدى كبير في المدن والبوادي حتى اصبحت سيرته على كل لسان وخاصة عند الحكامات و اللائي تغنن بسيرته تلك كمثل الاغنية الجميلة:
يا ماشي لي باريس جيب لي معاك عريس **شرطاً يكون لبيس من هيئة التدريس
سايق العظمة سافر خلاني
وعندما تم نقل الاستاذ ابراهيم ابو علامة لمدرسة كجمر الاولية بمنطقة دار الريح في السبعينات من القرن الماضي ذهب برضاء وطيب خاطر ولأنه كان شاعراً هفهافاً يبحث عن تحقيق هدفه لاكمال نصف دينه لذلك حلم بتحقق ذلك الهدف كما حلم من قبله الشاعر محمد ود الرضي والذي ألف قصيدته الرائعة ( شفت في الأحلام)، ولكن الشاعر مصطفى بطران ايقظه برائعته (اطرد الاحلام يا جميل واصحى) فيما لم يجد الشاعر ابو علامة سوى السهد وربما السهر والحمى لذلك نفس عن نفسه بقصيدته الرائعة (الخرزه والحريره) والتي لحنها الشاعر الكردفاني ادريس محمد ادريس المشهور بـ(التني) اصوله من الاشراف ويقيم اهله بقرية شقيلة التي تقع بالقرب من العيارة في الطريق المؤدي الى النهود وقد لقب بالتني تيمناً بالضابط الاداري الانيق أمين التني وخلال اسبوع كانت القصيدة جاهزة للغناء من خلال مسرح فرقة فنون كردفان بواسطة الثلاثي الكردفاني المطربات (عجوبة وأمال ومنال) واللائي حينما هاجرن للعاصمة قابلهن الاستاذ الفنان سيف الجامعة والذي اعجب بتلك الاغنية وحضر للابيض والتقى بملحنها الشاعر التني والذي كان له مطلق التصرف من شاعرها وحينذاك اهدى الشاعر الكردفاني عباس ابراهيم سرور اغنيته (بنريدك ولا غالي علينا) للاستاذ سيف الجامعة وبعد موافقة الشاعر التني للاستاذ سيف الجامعة بأداء اغنية (الخرزه والحريره) وقد أداءها على ايقاع المردوم الخفيف (مثلما كانت نؤدى من الثلاثي الكردفاني) ومن مفردات تلك الاغنية التي صدح بها الفنان سيف الجامعة:
ليلة ليلة ليلة يمة دايرة السيرة
الحنة والضريره الخرزه والحريره
في الفريق براي مافي زول معاي
بحكي في هواي لي ابو وجيهاً آية
الخدود مراية إن شاء الله اجيكم يمة
معاه يتم مناي
أنا حلمت يمة بالفرح واللمة
والجديد التمَ إن شاء الله اجيكم يمة
بالسرور اتهنأ
أنا من بعيد بعاين أشوف حبيبي باين
إن شاء الله اجيكم يمة معاه يتم هناي
يمة عيشتي مرة خالية من مسرة
زولي البريدو بره شل نوم عيني قرة
إن شاء الله اجيكم يمة أسد المال بي تمرة
وفي العام الماضي توفي الشاعر ابراهيم احمد ابو علامة بمنطقة المسلمية كما غادر شقيقه اسماعيل ابو علامة وأقام بالعاصمة ولكنهما تركا سيرة طيبة وسط الاهل والاحباب وخاصة المعلم الشاعر ابراهيم ابو علامة والذي يلهج لسان اهل دار الريح بذكره دوماً خاصة بعدما عطر سماء تلك الفيافي والربوع بجميل الانغام والالحان.




Post: #39
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-10-2012, 03:04 PM
Parent: #38

Quote: البوسيب ليس نوعا من النبات وانما نوع من التربة التي ينمو عليها ذلك النبات


الأخ العزيز / الطيب شيقوق

سلامات

شكرا لشرجك الشافي والوافي والذي استفدنا منه كثيرا

وأتمنى ان تواصل اضافاتك لهذا البوست

مودتي


Post: #40
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-10-2012, 03:43 PM
Parent: #39

ود القرشي السمح

نهارك سعيد

العبيد العشاء اب لبن


Quote: الديس تلَّه فوق حِجْلاً رطن معصور


لا حول ولا قوة الا بالله - خاف الله يا الكباشي اخوي جننتنا جن - دا ابداع بلاغي يلوع ناس المتنبئ ذاتهم

مسكين الذى لا يرقى سقفه الفكري والثقافي لاستيعاب معاني هذا البيت

والله يا العبيد اخوى كنت غافل من البوست اتصل فيني محمد المرتضى - مشكورا - لافتا نظري لكلمات اخينا الكباشي ود جمعه التي تشمل _ فيما بين ابيات اخرى - البيت اعلاه .

رجعت البيت وفتحت البوست وقرأت كل الجميل والرائع الذى تفضلت به حديثا وتعليقا وقد ادهشني هذا البيت الممعن في عمق خيال لا يمكن تصوره وقد اتصلت على الفور بالاخ المحامي سالم الكباشي وطلبت منه تزويدى بكل ما يملك من اعمال اخيه الادبية ليتسنى لنا انزالها في هذا البوست البديع .

آآآآه انا من (حجلا رطن معصور) - ياخ دى فصاحة ما بعدها فصاحة

Post: #41
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-10-2012, 04:54 PM
Parent: #40

يوسف كوريت صداح البطانة الغربية (1-2)

خالد الشيخ حاج محمود
كتب الكولنيل الكاونت قليتشن الضابط في المخابرات البريطانية في التقرير الرسمي الذي قدمه للغازي كتشنر سنة 1897م أي قبل كرري بعام يخبره عن ديار الجعليين فقال أن الدامر مشهورة بعلمها وبجامعتها وقال عن شندي أنه يقال أن الملكة بلقيس ملكة سبأ كانت تقيم بها في الزمان القديم وأن الجعليين أهل فصاحة خاصة وأن لغتهم العربية قريبة المعدن من اللغة الفصحى باعتبار ان ذخيرتها واسعة جداً لذلك كان لنساء الجعليين شأناً عظيماً خاصة في أشعار المناحة والشعر الحماسي والديني لاسيما مدائح الرسول صلى الله عليه وسلم وذكر مشائح الطرق الصوفية والدامر هي عاصمة قبيلة العرامنة الشماليين منهم وهم القاطنون بين مطمر بت أسد ومقرن البحر المعروف بالاتبراوي وفي منطقة الحصايه التي تقع على بعد خمسة عشر كيلو متراً من مقرن الاتبراوي كانت توجد كنيسة النصارى اليعاقبة ولعلها الوحيدة التي كانت في دار الجعليين وذلك قبل ازالتها بواسطة عبد العال وأخيه شاع الدين كما يوجد في الحصايه أيضاً قبة الشيخ حسين ود حمد وهو من الصالحين الرجبيين أي الذين يبدأون الصيام من شهر ولايفطرون إلا في عيد رمضان وعندما يدخل موسم الحج ينوي من يقدر على أداء الفريضة لذلك قال المادح:
طه المنومسا في الكون مريسا من قام له في شوال محبوبي أدرسا
وعلى وزن هذه صاغ حاج الماحي قصيدته المشهورة (أسد الله البيضرع – ينهر في المجمع)، مع العلم بأن الدامر أسسها (حمد ولد عبد الله راجل درو) والذي سمى بـ(ضمين الدامر) من احفاده حمد ود المجذوب ود على ود حمد ود عبد الله والذي التصق اسمه بـ(دامر المجذوب) ، وهنالك زعمان عن تاريخ تأسيس الدامر الأول منهما يشير إلى أن تأسيسها كان قبل زمان الفونج فيما ذهب الثاني لتأسيسها بعد عهد الملك عمارة دنقس مؤسس دولة الفونج وذلك الرأي أورده (كروفورد) في كتابه (مملكة الفونج بسنار)، ولكن المؤكد أن الفكي عبد الله راجل درو المدفون في الشعديناب هو جد فقراء الدامر الذين تفرع منهم المجاذيب وقد اشتهروا بالشعر والحكمة والمعرفة بأدب العرب وعلومهم المحلية والعامة وذلك حسب افادة الاديب العالم الدكتور عبد الله الطيب المجذوب من خلال تقدمته لديوان ابن الدامر الشاعر الكبير الدكتور عمر احمد قدور (صوت من السماء) وكل ذلك يؤكد شموخ مدينة الدامر وتاريخها الناصع عبر الزمان والمكان ومن فضائها الادبي ومحورها الصوفي جاء الشاعر الفحل يوسف عبد الماجد على أحمد المشهور في (بادية البطانة الغربية) والتي تعني منطقة دار الريح بـ(يوسف كوريت) ، و (كيريت) أساساً هو مفتش مركز النهود الانجليزي ابان الاربعينات من القرن الماضي عندما كان الاستعمار جاثماً على صدر البلاد ولقد سمى بذلك الاسم لأنه كان كريم عين بمعنى (أعور) وكذلك كان الشاعر يوسف عبد الماجد، والذي ينتسب للجعليين النافعاب وان ولد بالدامر عام 1927م وسط أسرة أصولها من منطقة المحمية وقد أقامت الاسرة في حي محطة السكة حديد مربع 6 بمدينة الدامر ووالدة الشاعر هي فاطمة بت أبو سم وقد اشتهرت بالدامر خاصة وهي صاحبة بئر معروفة يشرب منها القاص والدان ويقيم أهل الشاعر في مربوع كامل يمثل حوش الأسرة الواحد ويتحركون في داخله عبر نفاج وذلك حسب افادة صديقه الاديب مكي مساعد المحبوب والذي سبق أن زاره بالدامر ووجد منازلهم فيها الفروة والسبحة الالفية وكل ما يؤكد مكانة الاسرة الدينية والعشائرية، و لعل ذلك يؤكده قول الشاعر يوسف كوريت حينما تبرم من أصدقائه الذين كانوا ينادونه بكوريت دون الاشارة لاسمه الحقيقي وكان ذلك في لحظات السمر والفكاهة مما جعله يرسل مقطوعات شعرية أصبحت حديث الركبان حينما قال:
أنا جوهرة الفرانس الغليت أنا ود ناسا عزاز إلا العريب ما دريت
شبه النعنعوه ومنو البطاين خليت يكون معلومكم ملعون أهل البقول لي كوريت
وكان أول من أقلع عن مناداته (بكوريت) هو شيخ العرب وناظر الكواهلة (محمد فضل الله الاعيسر) المشهور بـ(الهرديمي) والذي رد للشاعر بقوله:
(يا ود عبد الماجد أنا ما عندي عرض ولا أهل بلعب بيهم معاك) وفي حوالي عام 1942م حضر الشاعر يوسف عبد الماجد من الدامر لواحة البشيري للعمل حياكاً وحينها كانت منطقة الخيران من اكبر اسواق جلب الإبل بمركز بارا، حيث يوجد بها الجوابرة والكواهلة والعبابدة وكان سوقها يعج بكبار التجار مثل (محمد جابر أبو جيب والذي كان يعمل معه عمي حسن حاج محمود كما يوجد بالسوق الخليفة مجمر ابا عيسى وباهي والشريف السيد عبد القادر ومساعد ود المحبوب) وغيرهم وعندما حضر الشاعر لتلك المنطقة كان متأثراً بالشاعر عكير الدامر لذلك كان يردد دائماً قصيدة عكير والتي وصف فيها العالياب أحدى فروع الجعليين خاصة عندما يقول:
البشق التيه بليمنا والبوابر الزول قليمنا
يكفي مرارة فسيلنا وكلهن جديات حريمنا
وعندما راجت مدينة ام بادر واشتهرت كمنطقة تجارية و كانت الرابط بين الميدوب ومنطقة الكبابيش خاصة في تجارة الابل غادر الشاعر كوريت منطقة الخيران مسافراً برفقة التاجر مكاوي احمد حامد لام بادر ، حيث أن سوقها كان من اكبر الاسواق بغرب السودان لذلك ذاع صيتها وجاءها نفرٌ من التجار منهم (محمد جابر ابو جيب وحاج السيد عبد الباقي واحمد منصور وشقيقه خليل ومكاوي احمد حامد والخليفة مالك محمد ملك وعوض عمر والطيب ملين ومحي الدين الفكي بشير وسيد احمد عيسى وعلى محمد عثمان ومكاوي منصور واولاد احمد خوجلي القرشي وعبد الله خليفة ومحمد حسن القرشي واحمد على الكجيك) ، كما يوجد بها بعض التجار الشباب مثل (مهدي بشير ابو جيب و عبد الرحمن مهدي والشريف اسماعيل الباقر واحمد يعقوب شداد واحمد السيد عبد الباقي ومحمد ود مساعد وموسى وحسن الكنزي ومكي ابوصوف وبابكر محمد عيسى المشهور بـ(ود النجف) ومكي مساعد المحبوب)، وما كاد الشاعر يصل الى ام بادر حتى تذكر ايامه الخوالي بمنطقة الخيران فكتب قصيدة فيحاء قال فيها:
يا نفسي لا تتشكي بعد الحالة دي من السقم تنفكي
الزول البتل ايدو ومشيهو تتكي وداعة الله لي عيسى وأخوه المكي
(عيسى هو أبا عيسى الخليفة مساعد احد الصالحين بمنطقة الخيران) ، وعندما وصل الشاعر كوريت ام بادر في منتصف الاربعينات وجدها مدينة تنام على مخدات الطرب والسرور من خلال أمسيات (الجراري والدوبيت والجالسة والتويا والهسيس) لذلك اصبح في بيئة شاعرية يحفها ويغشاها الجمال من كل حدبٍ وصوب خاصة وان تلك المنطقة محفوفة بالجمال الفطري الاخاذ في تلالها ورهودها ورمالها لاسيما عندما يسيل خور (دردق) فيحيل المنطقة إلى خضرة وبهاء ، وعندما كان الشاعر كوريت في زيارة لمنطقة بالقرب من خور دردق والذي كان مليئاً بالمياه مما جعل صاحب اللوري ابراهيم سركيس يرفض تجاوز الخور والمجازفة واشترط ان ينشد الشاعر بعض المقاطع في مقارنة عن فتاتين كانتا بالقرب من الخور احداهما صفراء والاخرى سمراء ولم يجد الشاعر سبيلاً سوى الاستجابة للامر فقال:
حباني المعاي فيدوني عندي مسائل بالشئ الحصل حين جانا دردق سايل
أسمح خدرة العين أم سحاباً شايل ولا البرتكان الهاد فريعو ومايل
وعندما أكمل كوريت مربعاته تلك استجاب سركيس وانطلق متجاوزاً الخور ، وحينما عاد الشاعر لام بادر قال له صديقه عبد الرحمن مهدي كيف أمسيت بعد عودتك من تلك الرحلة و وجاء رده في قالب شعري حيث قال:
أمسيت عقلي بائس واعترتني جنوني متمنع ضجيع كالملتهب بالنوني
صفار البرتكان وخدرة الليموني لخبط غزلي بالمرة وحرق كربوني
وعندما اختلط الشاعر بمجتمع تلك البادية واعجبوا به بل اصبح شاعرهم الاول مما جعله يتزوج من احدى فتيات الكبابيش وهي (بخيتة محمد على) والتي انجبت له اربعة ابناء هم( بعشر وماجد و اسماعيل الازهري وشقيقتهم نعمات) ولكنه حنّ لاهله بالدامر فغادر تلك الربوع في منتصف الستينات الشئ الذي جعل اصدقاؤه يحسنون وداعه سوى البعض والذين لم يشهدوا ذلك اليوم مما جعلهم يشيعون بأنه طرد من ام بادر وكان ذلك في قالب مداعبات قالوها له عند الوداع ولانه كان شاعراً مفوهاً لذا رد عليهم بقوله:
إن ماكم رعاعاً ومن قبيلتاً رفلة شفتولكم مطروداً ودعوه بي حفلة
وعندما عاد الشاعر كوريت للدامر احتفى به اهله ولكنه سرعان ما غادر لبورتسودان للعمل في مجال حرفته كترزي، والتحق بمحل تاجر مشهور يقال له (جكنون) والذي كانت عنده مكنات خياطة جيدة ولكنه منح يوسف مكنة قديمة ماركة سنجر تسمى (حجر وقع) وكان يخيط بها اثواب الزراق والخرايت الشئ الذي جعله يتحسر على حضوره وينعي أيامه الخوالي خاصة وأن زملائه بذلك المحل كانوا يقومون بخياطة البوبلين والتترون والملبوسات الافرنجية لذلك نفس عن نفسه بقوله:
قل المال كعب يا ام حاجباً مقرون سوء الظروف رمانا في جكنون
أدانا مكنة من عهد قارون
وعندما سمع جكنون مقاطعه تلك قام بشراء مكنة جديدة له فقط اشترط عليه مغادرة محله وبالفعل غادر عزيزاً مكرماً واستأجر محل خاص به واصبح يعمل في مجال خياطة الملبوسات الجاهزة، وبعد أيام قليلة حضر صديقه مكي ود المحبوب في مهمة تجارية لبورتسودان وعندما سأل يوسف عن حالته واحواله قال:
يا طير إن مشيت سلم على الدرويش وقول ليهو اللبيب في ارغد هناء العيش
سبحانك يا من خلقت البيضة الكساها الريش أين حديقة البلدية من وادي ام دبيب ابو هيش
(الدرويش هو صديق الشاعر كوريت سيد احمد ابا عيسى وكان ببارا ، وادي ام دبيب جوار ام بادر)، ولكن الشاعر يوسف كدأبه دوماً حن لديار الكبابيش كما تحن الناقلة لحوارها واصبح في وله وشوقٍ لتلك البادية التي شهدت ايامه الجميلة ومفرداته البديعة والتي تتنقلت عبرها وسرت كما النار في الهشيم كمثل قوله البديع:
ويونو الكان قريب انا ما بشوف لي خلافو وينو الكان بعيد دايماً يجرجر قافو
وينو العلق السهران لفح شفافو وين شتل المهب النوسرني اوصافو
ود اريل خريف الفي الجماميز ساكن وما باكل حشيش الا الزراعتو مساكن
نهدك مدفع القرض العرب في سواكن تحني على البعيد وانا في جوارك ساكن
البت القبيل قايلنو قدرها سامي امانة ما خربت جليداً زي قطيف الشامي
من التميد مرقت قريب دلامي ومن سوق الشمس لبست كرباً حامي
وعندما عاد يوسف لمنطقة الكبابيش مرة اخرى في نهاية الستينات احتفى به اصدقاؤه واهل منطقة ام بادر وقاموا باعداد رحلة له في قوز البقيراب و كانت تلك الرحلة فريدة و غريبة في نوعها حيث أنها لم تكن بالخراف وانما كانت بالجداد ولم يجد الشاعر حيال ذلك الترحيب سوى التعبير عن شكره وامتنانه فألف قصيدة (رحلة الجداد) والتي اسمعها لهم في الحال وقال في بعض مقاطعها:
يوم الجمعة عاملين رحلة غير مشروعه رحلة دخيلة على ام بادر فريدة في نوعا
زغرتي يا ام فروع زيدي الرحلة بهجة وروعة وديك من الله فوق البقيراب عوعا
الامام عندو جدادة سمينة ما بتنقلا قال توزن ديك احمد السيد وديك من الله
أصلها عاقر من نياق جاد الله شحمانة لي مصر تتدلى
عبد الرحمن مهدي سيد الوكالة الكبيرة عريضة قال الرحلة قايمة لايجب تأخيرا
عندو ديكين مدعولات عن خيرا سكين ما بتضبحن الا نرشهن بي زخيرة
الخير قال يا عيال صابري انا عندي جدادة مدوعلاها بت الجابري
تديها موية القمح و تزقيها الآبري
ود نصر الدين في واجبو ما بتضارى وجاب خبراً اكيد من الابيض وبارا
قال متأسف كتير جدادو في الشوقارة لحق الرحلة بي ديك نيكولا فوق جواد بربارة
ولم تكن حياة الشاعر في تلك المنطقة كلها مرح وطرب وسروروانما انفعل مع أهل المنطقة من خلال الاتراح لذلك حينما توفى الناظر التوم على التوم ناظر الكبابيش بمدينة بارا في منتصف القرن الماضي حزن عليه الشاعر يوسف كوريت وكتب قصيدة رثائية مكلومة قال في بعض ابياتها:
نقر التلغراف جاب الخبير الشوم وفي بارا ام لبخ اعلن وفاة التوم
التوم يا ابو وجها صبيح ومليح ويا جبل الحرازة الما بتهبو الريح
يبكوك العرب يوم الظعن والشيل ويبكوك العرب يوم الريال مدين
تبكيك بت الباشا وتبكيك بت الزين ويطرن زمانك بالسمح والزين
وما دوامة يا ام عز أبو ام عزين
وكما كانت الدولة الاسلامية في عهد (هارون الرشيد وسيف الدولة وعبد الملك بن مروان) عامرة بالادب والاباء كذلك كانت مجالس نظار تلك البوادي عامرة بالشعراء الشعبيين حيث ضم مجلس الشيخ محمد فضل الله الاعيسر الشاعر يوسف كوريت والذي عندما عاد مرة اخرى لام بادر قال له الشيخ ماذا قلت عندما فارقت باديتنا فرد الشاعر كوريت لقد قلت في أسى وحزن:
يا أخوانا دار العرب فرقتنا واخواني الهناك كيف انسدت ليكم فرقتنا
محاصصة النفوس البي اللهب حرقتنا تابعناها من عرباً عزاز مرقتنا
وفي عام 1993م توفى الشاعر يوسف كوريت بمدينة الدامر فاصاب الحزن اهله وسكان بادية الكبابيش الذين بكوا عليه بدموع المقل.. ونواصل...



Post: #42
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: أحمد التجاني ماهل
Date: 11-10-2012, 07:03 PM
Parent: #41

الأخ العزيز الدكتور أحمد القرشي
لك التحية والتقدير على هذا البوست الرائع حقاوالذي يسوقناحنينا لبوادينا وقرانا وحلالنا الجميلة.كما نرسل التحايا الحارة عبرك للأستاذ الباحث دوليب. إلا أنني لدي مداخلة بخصوص أغنية أندريافلو تلاحظ أن نهاية البيت يختم بكلمة أندريا فهنا الكلمة تعد وزن لللهجة وليس أغنية حيث بدأت هذه اللهجة في منطقة الغبشان بشمال كردفان في منطقة دار حامد حيث كان المدعو أندريا لور وهو منطقة أبيي أول كاتب لدونكي الغبشان فبدأت اللهجة كالأتي:
شربن قامن صدرية ومن دونكي أندريا
وأضحى دونكي الغبشان منذ أن تم حفره يعرف بدونكي أندريا. وهنا نرجو من الأخ دوليب التأكد من هذه المعلومة.
أمابخصوص شركة شل التي وردت في الأغنية التي تغنت بها نانسي عجاج فهي مكتب توكيلات لشركة شل كان يملكه العم خوجلي النعمة في منطقة الخوي شرق المدرسة الشرقية والآن ابنه الشاعر حمزة خوجلي النعمة رجل أعمال في دبي يمكن الرجوع إليه لتأكيد المعلومة. والمعلوم في أغاني الجراري يبدأ اللهجة من منطقة وتنتقل للمناطق الأخرى مع الاختلاف في مفردات الأغنية والإبقاء على اللهجة كوزن للأغنية.
ولك مني عاطر التحايا
أحمد التجاني ماهل
باحث في التراث
ملتقى كردفان للأداب والتراث والفنون
http://www.kordufan.com/[/B]

Post: #43
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-10-2012, 07:40 PM
Parent: #42

الأخ العزيز / عبيد الطيب

أسمح لي أن انقل مقالك الى هذا البوست حتى تعم الفائدة

ولك كل الو والتقدير

كتب عبيد الطيب ود المقدم
Quote:

لا تستهويني سياسة الخراب والسراب (والهَبُّود الازرق) ودباغة اساطينها لاديم البلاد وجلود العباد ولا احزاب العفار والكجار ولعبة غميدة السياسة لانني لا استطيع ان "اسردب" كما يقول بروفسير عبدالله علي ابراهيم ولكن الذي اعرفه جيدا عند جدب الحروف وجفافها وعندما تكون مَدامِر الكتابة مُمْحِلةٌ وقاحلة ابدأ بثلاثة اشياء الاولي ارحلُ وانشقُ جنوبا بحثا عن شوقارة يَرْتَعُ فيها عقلي و تستأنس بها روحي فاجدها في عتامير وتلال ومراعي وسهول بروفسير عبدالله علي ابراهيم والمهندس عبدالله الشقليني الممتدة ووديانهم الوارفة الظلال وحروفهم وجروفهم الخضراء فيطيب المَقَامُ وترتاح النفس وتعود عصافير ذهني بعد هجرتها وتقوقي قمريَّات روحي بعد ان كانت مشبوبة القُوقاي فمحبتي لهم لانهم اثملوا روحي برحيق ازهارهم الشذية وامتناني لهم لتزويدهم ذهني وعقلي بالمعرفة والمهارة والدربة ودعواتي ليراعهم بمداد نورٍ وابداع ابدي ولشخصهم بدوام العافية مع راحة البال
والثانية انبش الزكريات الدفينة حيث تغويني وتطربني جلسات الرفاق
والصحاب والندايد وليلها المُقْمِر وأُنْسِها الجميل ان كانت بالذي مدحه صديقنا المورتاني حين سخر من الذين يتعاطون الخمر عامة وخاصة مصنوع الذرة ولونه الذي يشبه هبوب المطر (الرياح )ويتركون مصماص بطون عمتنا الطويلة الشُّوح النخلة (البلح الرما الطَّقِع ابو جرحاً ما برَّقِع )حيث قال:-
(لو كنتُ اشربُ لشربت هذا النَّقي الصّافي) وشيخنا العالم الورع الصالح لا يتعاطي الخمر مطلقا ولكنه عندما وجد في طريقه بعض الشباب علي ضفاف وادي ابوبسمة وهم في رحلة خريفية ولاحظ بعضهم يتعاطي مشروب الذرة واخرين يتعاطون صنف غير ولكنه اكثر نقاءً واصفي لونا وهو علي القوارير وعرف ان المقام لم يكن مقام وعظ ومقال فقال قولته التي تداولها المجانين، (لو كنت اشربُ لشربت هذا النقيُّ الصّافي ) اوقد تكون جلسات السمر بدون هذا النقي وشخصي من الذين لا يتعاطونه ولكن بعض اصدقائي من رواد رواكيب الحيكومة اومويلح الوجيه ود رحمة ذلك الانسان الذي صلّي بعربان السافل صلاة العيد عندما قدموه اماما بطلع البدر علينا لانه لم يتزكر سورة واحدة وقال ساخرا من البدو:- (اقسم إن ما ربك رحمني بطلع البدرُ علينا كان العرب سوني مضحكة) وكلهم يتمثلون بقول الشقيُّ مظفر النواب (اشربها دمثاً كريماً واعلم ان النار تستحي من الكِرام) يا له من قول حين كان الزمان صبيٌّ (بِعُرفِه) وهذا ما جعل صديقنا ود المُر وهو لِعُمري من اجمل الحلوين أُنْساً عندما يكون خريف البادية مكتمل (خريف شُرِّي اللِّتْبَاشَرن قبايلو) واقواهم عودا واكثرهم جلدا ايام الشَّقا وشقَّت العود والسنين الطوارح فعندما سمِعَ بطرفة الشيخ الشنقيطي و النقي في لمّة صحاب قال:-
مجنون ليلي حالتو اقلَّ من مجنونك
وزي ما ليلي كانت في المحاسن دونك
اصفي من المدام في كاسو لمحة لونك
واخطر من فراق الروح عليَّ عيونك
وحديث شيخنا الجليل اصبح متداولا خاصة عند المجانين والبسطاء ملح الارض اصحاب المواهب والابداع والوان قوس قزح امثال صديقنا وصاحبنا معروف ود عبدالله (الزيقاني) ابو حواء الذي رحل عن دنيانا قبل شهر فبكته حسان الحمراء بزفرات حري بل بعضهن حثين الرماد علي رؤوسهنّ وتركن القرون مُسدلات ومبعثرات بلا دايوق ولا ضمخنهُنّ بكَرْكَار كلونيا (الفي القزاز ظاهر) ولا حتي بِطَرَق الخريق وامثال ابو حواء الزيقاني رحليهم له وقع خاص في قلوب دقاقات الشّتم والسيرة وستّات اللَّكيك وحكامات الجراري بالحمراء وتحديدا حي الشوِّيط وكل عشاق المروث الشعبي وابداعاته التي تنقلنا لعالم لايوصف الا بالسمح والزين . كيف لا فهو وصاحبه احمد نادي كانا يشكلان ثنائيا خطيرا يستهوي العزاري ويجعلهن يتهادين ويمدن اعناقهن ويتمايلن بالرقص في رشاقة وحبور علي ايقاع الكرير وضربات الايادي والارجل حتي نجد احداهُنَّ تشدو قائلة:-
جراري ناس نادي
ونَدْماني الما جات لي
مقطوع الطّاري الصديق الشاعر دكتور جمعة البري رسم المشهد في لوحة زاهية:-
ودالعمدة قالو الليلة عندو طَهُور
وفي قمرة وخريف عِز الشباب طمبور
لي الصفقة ام رسيس وقفَنْ بنان الحُور
ؤ كيف رص القزاز بِتلامَعَنْ في النور
كفل البرمي سيدو وبي اللِّجام مهجور
فِيهِن بينة كيف شُوفت المنلرة أم سُور
مرقت مِنَّهِن راخيا القدم في فتور
وبِتْوازن رزيز الهزَّة والحنجور
الدّيس جرَّ فوق حِجْلَن رطَنْ معصور
وشُبَّال ام سماح حرَْمان علي البزُّور
تِتمايح فِريع بانة وحرير مجرور
وتتفدَّع تقول دابي وصديرها نفور

فاصوات حلقوم وحناجر الزيقاني وتنيده نادي تعتبر من الشجن الدفين فلذا نجد ايقاع ضربات ايديهم وارجلهم تعزفان علي اوتار قلوب الحسان بعزوبتها وحمحمتها التي تشبه هديل الحمام فتأتي الجميلات مسرعات ويتمايسن كما الخيزران ويدخلن حلبة الرقص بعد ان يرخين اقدامهنّ في فتور ويشرئبن باعناقهن فتنقصم وتنفدغ ظهورهنّ وتنفدع خصورهنّ التي تصبح كحجاب المتصوفة الذي يجيد صنعه اهلنا الفلاتة :-
رقيص الزول ابو ريشيمات خبيب شناق زماننْ فات
وضمير الزول ابو ريشيمات حجاب فلاتة ابو طيَّات
عِيون الزول ابو ريشيمات قلوتَنْ في الحجر واقعات
وسنون الزول ابو ريشيمات بيض القوقا في فريعات
وايدين الزول ابو ريشيمات سيطان بي النايلو مجدولات
ومصابع الزول ابو ريشيمات ظروف التلفض الظرفات
وكفل الزول ابو ريشيمات الفلوة الكوركولها وجات
فرقيصها كخبب بعيره شناق –وخصرها كحجاب فلاتة –وعيونها كماء الجبال وسنونها كبيض القمري وايديها كصياط العنج –وبنانها كظروف البندقية واردافها ككفل المهرة
لمرتجة الارداف هيفٌ خصورها عزابٌ ثناياها عجافٌ قيودها
وصفرٌ تراقيها وحمرٌ اكفها وسودٌ نواصيها وبيضٌ خدودها (الحسن بن مطير)
فكل الشبالات تكون من نصيب الزيقاني وصاحبه نادي (شُبَّال ام سماح حرمان علي البزور) وعندما يفلت شُبَّالٌ واحد من العزاري ويكون فال البيرق لأحد الطمبَّاري فتجدهن يغمزن باعينهن ويبتسمن في مكر ونجد الطمباري صاحب الشُّبَّال يَهِزُّ ضراعه في نشوة وسعادة تعانق عنان السماء
وكأني اري الزيقاني ابوحواء يهز حِجباته ويلوح بسوطه القِرَّاوي ويضرب به الارض ويصيح بعفويته المعهوده (جغلف ...جغلف الليلة بنطهِّر اللَّغلف..........! مخاطبا الشباب الذين دخلوا حلبة الشّتم لِتَوّهم يبشرون ويتمايلون مع ايقاع ضربات النحاس او الدلوكة وهنا تصيح المجنونة البت العناق ام قنفة:-
.(.وَقَعْ... ..وقَعْ.......هَيْ لي الخصيم كَيْ وغياظة....وكراعهم ماها فزَّازة.....دَقُر عيني يا أم تيلة) فتبلغ الحماسة زروتها وهنا تسمع رزمي حناجر الجنيات كحمحمات الخيل وفيهم المعلَّم والممرض والتاجر والمحاسب والراعي والطالب... فالكل يخلع جلبابه بحماسة ونشوة في اعلي زروتها ويحكم رباط العمامة علي ظهره وتحديدا فوق مربط التكة ويركز كما يصفه ودبادي:-
اخو البت اللّقَعن قرن الخمرة النازةعلي وردان الصبوة الراكزة
الجنيات الهازة صدورهن لازة
والزيقاني يمسك بسوطه جيدا ويضرب رجله وينهال ضربا علي ظهورهم والكل( يستعزي) بحسناء يلهج ويردد اسمها بمعزة وحميمية وبصوتٍ جهير ولكن بكنيتها فهذا يقول: ام نفل ام نفل وذاك يقول : (الهمَّل جمل القيد وهيَّن للفهيم وقاسي ليك يا وليد) اي اسمها امنة والاخر( يستعزي) بام عروض واخر بالويحيدة وثاني ببت الصُّرة وهي رابعة اخواتها فتتفجر الزغاريد وتتقدم الحسان بتيه ٍ وزهو وينثي القوام اللادن لمنح شبّال فخرٍ ومعزة علي ظهور الشباب ...فكأنّهُنّ وضعن الملح علي الجرح اوكما يصور المشهدالرائع ود بادي العكودابي :-
واخوان ام شلخ ينكبوا جوه الداره زي صقرَنْ نزل من فوق
ضرب الصوط والركزة بفرق الناس عشان زينوبا ما بتحوق
وبعد ان يشملهم كلهم هنا يأتي دور ابو حواء فيخلع جبة الكاكي التي يرتديها دائما وهي ترمز لخفراء الناظر او الشيخ او المجلس المحلي
يا قلبي اللِّنْهَرَد
وكيف فشفاش المرض
ابوجبة كاك كان ورَد
با بقضالْكُن غرض
(الكتراب ) فحينما يصل صاحب جلابية قماش الكاكي الي المورد يتركن العزاري عملهُنّ ويسارقن النظر (يتاوقن) نحو الزيقاني فهنالك نجد الزيقاني اشعل الحماسة وهنا اوقف الحركة تماما وهنا يرزم ويزوم ويتخنَّق الزيقاني كأنه اضليم نعام عندما يلتف حول ربداءه ويصيح قائلا:-
(اني صاقعةالسواري اني وادي كاروشا الشايل الهشُّوم اني الزلقيبة التَّكِسر ال######)
وابوحواء لا يرتكز علي عكازته كما يفعل الشباب بل يقف مستقيما معتمدا علي قوته ومهارته ولا(يستعزي) مثل العامة ولكنه يذهب بعيدا ويلج ( الخزنة الزقاقها مطبَّل )كما المنخل اليشكري ويدلف بعفويتة المعهودة الي ممنوعات و محميات النعمان بن المنزر حيث الي الخورنق والسرير
وبرحيل معروف اظننا فقدنا ايضا احد طقاقين توية وحزاقها وهي من الفنون الجميلة ومن موروثات الكردفانيين وتختلف عن الدوبيت في طريقة اداءها ولحنها فشاعر الدوبيت يمكن ان يلقيه دون لحن وكثيرٌ من شعراءه المجيدين لم يكن صوتهم جميلا ولكن طقاق تويه ينبغي ان يكون صوته جميلا ويمكن له ان يُغني بغناء غيره من الشعراء ومعروف عبدالله له صوت اجمل من صوت القمري واتزكره جيدا عندما يغني بصوت طقاق توية الشهير عوض (ننّه) النورابي وتكون عصاة تويته دائما
جرَّاس ام روب عمل قيرة
ورحل واتعني ابو شديرة
ام روب الفتاة صاحبة الهودج – قيرة اي كضحك البزر وصياحهم –اتعني ابوشديرة اي يمم نحوها وابوشديرة منطقة ومشرع شمال غرب حمرة الشيخ
اه يا دمعتي السّايلة
والبوب يا غُربتي الطايلة
عرب ام جبهةً نايرة
نزلو الفودة لي القايلة
الفودة مورد ماء شهير – ولا القايلة كناية علي تاخير نزول مرحالهم اي عند منتصف النهار
آح يا نار العلوشة
الخلَّت كبدي مقروشة
ضهيبة الزّم المنقوشة
وضميرها القبضة بتحوشة
العلوشة اسم فتاة- الزم نوع من الذهب –الضمير الخصر والقبضة ملتقي اصابع اليدين بتحوشة اي تطوقه كناية علي ان خصرها نحيلا
كمّا يقولو عوض جَنْ
بقيف في بيتها وأتَّنْتَن
فليل دمور وبت الفَن
ونفس الوالدو عمِّي حسن
اتنتن اي امشي بزهو- فليل دمور وبت الفن نوع من العطور السودانية
ويطربني حد الثمالة حين يغني الزيقاني بتوية الراحل الاستاذ طريبيش
دقَّاقين توية في ازمة
وفي السوق لا شِدة لا جَزمة
لقيت فلانة والكزمة
وحاجات حساسة منتظمة
شأبيب الرحمة تتنزّل عليك يا ابو حواء وعلي استاذي ومعلمي محمد منصور طريبش بقدر ما زرعتم الفرحة في قلوب الحزانا والمهمومين و لقاطني الحمراء وما جاورها سلامي ولاخدان الروح ناس سالم ود حمد والجملين ملح الارض موسي ودالحاج وودالمر والبيه وابوجيبين وموسي ودجامع اشواقي وحيّاهم الغمام الاربد وقتل الله الغربة وليلها الخازي البهيم والذي يشبه في قساوته وطوله دينق الور فليل الغربة وانعدام النجيمات الحنان ما جعلني ان الجأ الي الخيار الثالث وهو قراءة شعر الرائع الكتيابي والترديد معه:
حسبي احبك ايها الوطن الذي...
من شمسه نسج الظلالا
ياقُبة الالوان والشّجن المطلسم......
ايُّها المهووس بالعُنقِ المقسّم..
والصلاة علي النبيِّ وعشق عاشقه تعالي...
عبيد الطيب (ودالمقدم) بادية الكبابيش

Post: #44
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-10-2012, 08:25 PM
Parent: #43

Quote: إلا أنني لدي مداخلة بخصوص أغنية أندريافلو تلاحظ أن نهاية البيت يختم بكلمة أندريا فهنا الكلمة تعد وزن لللهجة وليس أغنية حيث بدأت هذه اللهجة في منطقة الغبشان بشمال كردفان في منطقة دار حامد حيث كان المدعو أندريا لور وهو منطقة أبيي أول كاتب لدونكي الغبشان فبدأت اللهجة كالأتي:
شربن قامن صدرية ومن دونكي أندريا

الاخ العزيز / أحمد التجاني ماهل

سلامات

أشكرك على معلوماتك القيمة والمفيدة واتفق معك في هذه الحديث

لان الأغنية اصلا اسمها حلاوة القرطاس ولقد أكد الاستاذ خالد الشيخ هذه المعلومة في مقاله

قائلا عندما أصبح اندريا مشهوراً فى المنطقة اصبح لزمه موسيقيه حيث تناولته رفيقة الشاعره بلدوسه من قرية الشراتي وتسمي بقسم الله بت بوره والتى ألفت أغنيه رائعة قالت فيها .
يمه اندريا جي يمه يسقينى مى
كان ما بخاف على يسوقنى لى ام دودلى
· أم دودلى هى (قرية فى مناطق حمر )
وكذلك قالت حكامه أخرى فى اندريا
الوادى الإضليم دى اندريا جقله ام حنين جات بيه اندريا
لو عمرك خايف لى اندريا هاك عمرى اسرح بيه اندريا




Quote: أمابخصوص شركة شل التي وردت في الأغنية التي تغنت بها نانسي عجاج فهي مكتب توكيلات لشركة شل كان يملكه العم خوجلي النعمة في منطقة الخوي شرق المدرسة الشرقية والآن ابنه الشاعر حمزة خوجلي النعمة رجل أعمال في دبي يمكن الرجوع إليه لتأكيد المعلومة.


لي علاقة متينة بالأستاذ الشاعر حمزة خوجلي شاعر أغنية معايا معايا بالدرب الطويل والتي يتغنى بها ثنائي العاصمة وهو يعمل في سلطنة عمان منذ عشرات السنوات ، ولقد اتصلت به وبصديقي شقيقه جعفر خوجلي والذي كنا نعمل معا بجزيرة مصيرة ولقد أكدا أن والدهما كان تاجرا بالخوي وكان من ضمن تجارته الجاز الأبيض والجازولين والبنزين والتي تباع في صفائح وإن الوكالة لشركة شل ليس بالمعنى الحالي وإنما كان يباع الوقود من خلال الصفائح والبراميل والتي كانت تحمل شعار شركة شل . وهذا تأكيد لحديثك

لك كل الود والتقدير
وسعيد جدا بحضورك




Post: #45
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: أحمد التجاني ماهل
Date: 11-10-2012, 08:54 PM
Parent: #44

الدكتور أحمد القرشي
لك التحية والتجلة لقد استمتعنا بهذه السياحة الرائعة، أرجو ارسال هاتفك على المسنجر. حيث هنالك قصص رائعة حول معايا معايا والدرب الطول وهو شارع السوق الكبير الذي يمر من امام بيت العم خوجلي النعمة من مدرسة البنات شمال الى الدونكي جنوبا.
احمد

Post: #46
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-10-2012, 09:02 PM
Parent: #44

Quote: ارحلُ وانشقُ جنوبا بحثا عن شوقارة يَرْتَعُ فيها عقلي و تستأنس بها روحي فاجدها في عتامير وتلال ومراعي وسهول بروفسير عبدالله علي ابراهيم والمهندس عبدالله الشقليني


والله بالغت في الشوقارة دي يا العبيد اخوي

الشوقارة عند اهلنا نحن قبائل رفاعة وعند اهلنا الكردفانيين هي بداية اخضرار شجر الكتر واللعوت والطلح او قل بداية تفتح ازاهير تلك الاشجار في موسم الرشاشية وقبل قبل نمو النباتات . فالنعم التي تنعم بتلك الشوقارة هي الابل والماعز فقط وليس الضان لان الضان لا يرعى غير النباتات . والشوقارة بتظهر عند الرشاشية او بعد اشهر من القحط والجفاف ولذا نجد لهفة الابل والماعز لجضبها ( شوف جضبها دي كيف يا العبيد اخوي)

تخيلوا اخوتي بلاغة المعنى وحسن البيان من اخي العبيد الذى يبحث عن شوقارة يرتع فيها بعقله ويجدها في عتامير وتلال وسهول بروفيسر عبدالله على ابراهيم.

شكيتك على الله يا العبيد الدائر تجنن اخاك

Post: #47
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-11-2012, 04:34 AM
Parent: #46

سف كوريت صداح البطانة الغربية 2-2

كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
أورد الدكتور عبد الله على ابراهيم في كتابه (فرسان كنجرت) الصورة الخاصة لإدارة الكبابيش الأهلية المعاصرة وقال بأنها محصلة للصراع بين السلطة الاستعمارية والشيخ على التوم (1874-1938م) وبما انطوى عليه شخصياً من فطنة وما ورثه من تقاليد في الحكم وقد جرى ذلك الصراع في ملابسات منها حظوة الكبابيش لدى السلطة الاستعمارية لولائهم قبل غزو السودان ولوجودهم المثمن في ثغر حدود كردفان دارفور حتى فرغت تلك السلطة من أمر السلطان على دينار عام 1916م، وقد استمر عامل انقطاع دار الكبابيش عن العمران يزكي تركهم وشأنهم متى مالم يتعارض ذلك مع سياسات الادارة الاستعمارية وفي عام 1913م عين أول مفتش للكبابيش في سودري وذلك بسبب صراع الكبابيش مع القبائل التشادية بعد عام 1907م مما هدد بتدخل الاستعمار الفرنسي ولعل ذلك الخطر هو الذي جعل الانجليز يغضون الطرف على حكم السلطان على دينار لدارفور ولكن السلطة الانجليزية تصالحت مع ادراة الكبابيش العشائرية التي كان يقودها الناظر على التوم في عام 1934م و فقاً لقانوني (سلطات مشائخ الرعاة وقانون سلطات المشائخ)، فأدارت السلطة الاستعمارية حواراً متعدد المستويات مع الشيخ على التوم ليلحق الكبابيش بتلك التطورات ولكن الشيخ كان يعض بالنواجذ على الطابع (البطرياركي) لإدارته بمعنى الامتناع عن كشف أدائه في القبيلة والذي كان يقوم على احتكاره للمبادرة لاسيما القرارات الهامة في الجوانب السياسية والمالية بل كان ينظر في كل النزاعات الجنائية والمدنية فيما يقوم الوكلاء والمناديب بالنظر في القضايا الروتينية كجمع الضرائب والعوائد الشيء الذي جعل سلطة الشيخ على تتنامى وسط الادارة الاستعمارية ويؤكد ذلك ترؤسه مع السيدين (على الميرغني وعبد الرحمن المهدي) وفد زعماء السودان الدينيين والعشائريين في رحلة سفر الولاء عام 1919م لانجلترا كما أنه منح في تلك الرحلة لقب (سير) لذلك كانت حياة القبائل ببادية الكبابيش محفوفة بالصراعات القبلية والعشائرية مما جعل الاحلاف تنشأ بالتضامن بينهم وفقاً للمصلحة والضرورة الملحة ومن تلك الاحلاف مثلاً ما كان بين النوراب ودار حامد والذي تناولته الشاعرة (بت مازن) في بكائها على الفارس (هلال ود بخيت) حينما كتبت قصيدة ساخرة قالت فيها: من رأس الجيبل ندلى نتصابه من ود أم فروخ صادتني كبكابه
حت خيل الغزايا الحيلها توابه نوراب القبول حاسباني جلابه
من نتره حسين ريلاً ضرب غابه
كما أن تلك الصراعات عصفت بنظارة بعض الزعماء العشائريين بالمنطقة مثل ناظر الكواهلة عبد الله ود جاد الله (كسار قلم ماكميك) والذي صدر القرار بتحجيم سلطانه وتبعية بعض قبائله لادارة الكبابيش، كل تلك التداعيات والصراعات جعلت البطانة الغربية وخاصة بادية الكبابيش رائجة بأسواق الأدب حيث شرفها لفيف من الادباء والشعراء الفحول منهم (الاستاذ حسن نجيلة والشعراء محمد سعيد العباسي والناصر قريب الله ومحمد شريف العباسي وحمزة الملك طمبل واحمد على طه ويوسف عبد الماجد) هذا إلى جانب حضور آخرين من خارج البلاد واقامتهم بدار الكبابيش من الشناقيط وغيرهم كالشريف المولود واحمد عباس ابو سنينه والذي كتب قصيدة معبرة ارسلها لصديقه التاجر الحاج بشير ابوجيب حملت اشواقه لتلك المنطقة عندما غادرها عائداً لبلده موريتانيا حيث قال في بعض مقاطعها:
وهل عامر من بعدنا دار عامرٍ بحيث وفود القوم تأتي وترجع
ودار بشير هل بها بات سامرٌ أم انفض منها سامر وتوزع
وبيت حماه الله للهو واسع وأوسع منه الوقت والصدر ارحب
واحمد منصور خليلي ومالك حبيبي لكل منهم في فؤادي موضع
ومن جاور النوراب عزّ مكانه وكان له منهم ملاذُ ومفزع
إذا اجتمعوا بالمرّ يوم المشورة رأيت صفات الجهل بالحلم تقرع
ترى أقوياء الناس للمر خضع ولكنه للجار والضيف يخضع
لذلك عندما شرف الشاعر يوسف عبد الماجد بادية البطانة الغربية وجدها مسكونة بالأدب الرصين و التراث الشعبي الأصيل وما كاد ينيخ رحاله حتى اصبح من شعرائها الفحول إذ هام في بواديها و ربوعها وكثبانها واوديتها وخيرانها مثل خور ابوزعيمة والذي وصفه الشاعر بقوله:
قويزات ابو زعيمة البقوقي دباسن والشوق لي مقيلن ولي ملاقاة ناسن
طريت عرب الظعينة وتلتلة اجراسن طريت المن عوالي الهيبة ديمة لباسن
ولما وصل صدى تلك المقاطع الادبية محمولاً على جناح الحمام الزاجل ومع اجراس عرب الظعينة والمرحال بحساب أن الرحيل عز العرب رد عليها الشاعر محمد شريف العباسي والذي كان بمنطقة البقرية التي تقع بالقرب من عديد راحة في طريق الشمال وفي محاذاة وادي الملك (شريان الحياة ببادية الكبابيش)، وقد اعجب العباسي بمفردة (طريت وطريت) التي جاءت متتابعة في قالب أدبي ظريف لذلك جاءت مساجلته على قدر التحدي حيث قال:
الوادي البقوقي دباسو فارقناه قمريهو وبلومو وناسو
ابو رقبة البعيد اكتافو من خراسو وعندي مقاموا افضل من فريق بي ناسو
وعندما جف الماء واحطوطب العشب بسبب الجفاف والمحل الذي ضرب البلاد في الثمانيات من القرن الماضي مما جعل أهل البوادي يهاجرون للمدن الكبيرة حيث اقامت مجموعة منهم بغرب امدرمان في منقطة (المويلح والشيخ ابوزيد ) وقد عبر الشاعر يوسف كوريت عن تلك المأساة بقصائد من الحزن والأسى مثل التي قالها في حضرة صديقه التاجر الخير محمد اسماعيل بسوق ليبيا:
ام بادر عدمتي الرأي والزول البمسك الدفَ
بشوف عربيكي بي غرب المويلح لف
وباين لي تجارك برضو راسم خف
ولكن صديقه الخير قال له (انت أول زول راسك خف) كما أن الشاعر كوريت كان سريع البديهة متقد الرأي حاضر الذهن لذلك يحكى بأنه عندما هم بمغادرة أم بادر في طريقه للسواني ومنها للدامر وحينها كان في ميعة الصبا والشباب جاءته احدى حسناوات المنطقة المعروفات بـ(القراضيات) اللاتي يقمن بجمع القرض من أشجار السنط وجلبه لسوق ام بادر.
كما ورد ذلك في قصيدة الشاعر الكبير الناصر قريب الله التي تغنى بها الاستاذ الفنان عبد الكريم الكابلي: وفتاة لقيتها ثم تجني ثمر السنط في انفراد الغزال
تمنح الغصن أسفل قدميها ويداها في صدر آخر عالي
فجزى الكاهلية الحب عني ما جزتني عن جرأتي واتصالي
وحينما ابصرته قالت له (ازيك يا يوسف) ورغماً عن أنه كان مكفهراً وحزيناً إلا أنه رد عليها التحية بقوله:
نوسار الغرام يا ام روبة حرق ابداني عشانك جفيت أهلي وعزيز اوطاني
بت خيل الكواهلة البي القلب بتداني عيباً شرعي كان يرقد يمينك عاني
وكعادة أهل تلك الربوع الذين يحرصون على وداع اصفيائهم وخلانهم حضر نفر عزيز لوداع الشاعر كوريت منهم نقد الله وشقيقه عثمان مكي وحسن الركابي أما عبد الباقي السيد فقد قال ليوسف ممازحاً (مسافر يا هامل) وفي الحال جاء رد الشاعر بمقطوعة شعرية قال فيها:
واي أنا المحسوب من الهمال لا ابو جيب جدي ولا مكاوي احمد خالي
سائل الله الكريم يغير حالي تمانية لواري جديدة والمباع اجمالي
ولعل الله قد استجاب له حيث اصبح تاجراً في منطقة الدامر ورغماً عن ذلك إلا أنه حن لبادية الكبابيش كما تحن الناقة لحوارها فكتب قصيدة عبرت عن عواطفه ارسلها بالبريد لصديقه الاديب الباحث الشيخ الكجيك قال فيها:
كردفان يا بلد الصفا إنتي أرضك خصبة وشفاء
حن لي لقياك يوسف ومن فراقك متأسف
أين مني الخاتي الأمارة خدو سادة وفاق الاماره
يبقى في أم سعدون الادارة ولا في القاعات بحري باره
يا حليل ناس آمنة وبتول ما استون يا دوبن شتول
لي ماضي وشرحاً يطول في جبيلات كاجا وكتول
طال شوقي وتحسري طال حنيني وتأسري
لي جبيلاتك يا سودري
وعندما قرأ الشيخ الكجيك المقطع الذي أورده الشاعر كوريت: ( فوقو صيد ام بادر مقيل يرعى نالو وعلفو المشيل) فاضت عيناه بالدمع، وبعد عودته من الدامر لديار الكبابيش زار صديقه الشيخ محمد على التوم (المرّ) بأم سنطة وسرعان ما تناقلت الاخبار مقتل ك ل ب الشيخ المر بواسطة تجار المنطقة الذين خرجوا في رحلة قنيص بيد أن حظهم العاثر جعل شركهم يصيد ك ل ب المرّ فأرداه قتيلاً ولأنهم لم يحسنوا التعامل مع الأمر حيث قاموا بإخفاء جثة الك ل ب في منطقة نائية مما استدعى القبض عليهم وجئ بهم لدكة الشيخ ومن ثم جرت محاكمتهم والتي صدر قرارها الاول بسجنهم ولكن الاجاويد تدخلوا لدى الشيخ المرّ فبدل الحكم للطرد والنفي من منطقة ام سنطة، الشئ الذي جعل الشاعر يوسف عبد الماجد يؤلف قصيدة في الحال قال فيها:
امبارح هناك بعد الخلوق ما ناموا ناس ود فعيم شمروا السواعد وقاموا
نصبوا الشرك للك ل ب قداموا عملوها الما بحقو العشرة ما بتلاموا
شوف الجماعة فوق ال ك ل ب كيف هاشوا لا عاملين حسابو ولا سيدو خاشين بأسو
ود اللمين استعدالو بي طرمباشو والفاضل هناك راجيهو بي تركاشو
اتلموا فوقو تقول مساطيل بنقو قالوا نودودرو في القطية جوه نزنقو
عبد الله سوالو الحبل في عنقو نورين دوخو وعجبنا قام بي شنقو
حكمدار النقطة عليك تكلنا اللوم وين دوريتك المفروض عليها تحوم
أجمع خدمتك حرك سلاحك وقوم ك ل ب المرّ كتل سيب الرقاد والنوم
ك ل ب المر ماهو ك ل ب اً عادي سبيب الخيل سبيبو ولونو رمادي
مقوس ضهرو وقفاهو متسادي وأصلو أوروبي جاي من المحيط الهادي
فقدوك العرب فقدوك ناس الشيخ فاقداك الملاعب الزاهيه في ميونخ
فقدوك علماء النجوم البرصدوا التاريخ فقدوك الامريكان يوم رحلة المريخ
جمعية الرفق بي الحيوان ارسلت برقية وتاني استنكرت بي اشارة لاسلكية
قالت لازم تقيموا قضية مية بقرة يدفعها ود فعيم في الدية
وما أن سمع الجناه بخبر القصيدة حتى ارسلوا للشاعر كوريت طالبين منه التوسط لدى الشيخ المر مع التزامهم بدفع الدية التي اشار إليها خاصة وقد كانوا تجاراً أثرياء ، ولكن الشاعر ردهم بقوله (هل يقبل شيخ المر الوساطه مرتين).
كما ارتبط الشاعر كوريت بعلاقات اجتماعية مع أهل المنطقة وتجارها وما وطد تلك العلاقة زواجه منهم لذلك حينما رزق بإبنه الكبير والذي سماه على الطبيب الانسان العالم (طه بعشر) حضرت ابنة اخته من الدامر لمشاركته الفرحة ولأنها كانت محببة لنفسه لذا ظل يمدحها كثيراً مما جعلها تقول (يا خالي شلت حسي معاك فأنت تمدحني في كل لحظة) الشئ الذي جعله يزيد الطين بلة ويقوم بمدحها في قصيدة تؤكد نبوغه حيث قال:
إنتي جميلة إنتي أديبة إنتي حشيمة طيبة معشر
وماجبتي القوالة وما طروك بي شر
وقولي عليك لي يوم الخلائق تحشر
وأنا كان مت بوصي على مديحك بعشر
وأيضاً عرف الشاعر كوريت بالهجاء اللاذع لذلك كان الناس يخشون الصدام معه، ولعل احدى حسناوات تلك المنطقة والتي كانت من خضراوات الدمن تطاولت عليه فهجاها بقصيدة سماها (الجميلة واللئيمة) قال في بعض مقاطعها:
إنتي جميلة لكن خاتية الطبعة مجردة من الشعور واخلاقك زي الضبعة
والله العظيم البجي لي بيتك بعد الهجعة زي زنكي الجزر ليكي الكلاب متبعة
وبقدر ما كانت حياة الشاعر مرحاً ولهواً في مهدها الأول وفقاً لحياة البادية الهانئة والتي عبر عنها بقوله:
أمسن في نعيمن والديار مأمونة طلقن بخورن ودلكتن معجونة
يا نفس الرماد يا الكافرة والملعونة متعتك دمر فوجا وغزل كاملونه
إلا أنه عندما بلغ من الكبر عتيا وزرق بالبنين والبنات عاتب نفسه ولامها قائلاً : مالك نفسي إذ صغرتي وادنيتي وغير مجتنبة في درب الرزالة مشيتي
تفاح فوجا في كزيمو ما خليتي وكم لله من عنب العنيبة جنيتي
على كل حال لانستغرب أن تكون البطانة الغربية على ذلك الوهج والالق لاسيما وأن بعض شيوخها العشائريين كانوا من الشعراء الفحول مثل الشيخ المر والذي يكفي بأنه صاحب المفردات القوية.
ديفة الانبرم بعد ما ماشي وضربك غلب ابو عجوة القديم نواشي
الكارس واخوه مهونين القاسي ومن دمر ام عمد تبراها يا الكباشي
من كجمر قام مقاصد جبرة السواق حسن واللوري زاد العبره
أبو رقبة البعيد المنعولو الكبرة سبب لي جروح عقبان ابت ما تبره
كما كان الشيخ جامع على التوم شاعراً فذاً من خلال ماجاد به من مسادير ومربعات جميلة وساخرة فالمتتبع لقصيدته التي ارسلها لصديقه مساعد الحكيم (موسى الطيب) يلحظ ذلك الجمال في شعره الرصين حينما قال :
القاضي الحكم ناس موسى أبو نضارة مجبورين على ليمكم ترانا حيارى
ترا عطيرينا في جمب موسى زي الفارة واتعبتونا ساكت لاغزال لا حباره
رحم الله الشاعر الفذ يوسف عبد الماجد صداح البطانة الغربية وصاحب القصائده الزاهية التي لايخفي جمالها برق ولايحجبها بريق فهي سيارة تطوف البوادي والحواضر وتبدو في حسن غير مجلوب يضاهي قول شاعرها المحبوب كوريت :
أبوك الحوري وأماتك من الرباد الحوي وجدك تيس قنة بالعتمور تملي مخوي
الزول ابو ديساً بالخمر متروي توقد سنو شمعة وعينو لمبة تضوي




Post: #48
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-11-2012, 07:37 AM
Parent: #47

كل تلك التداعيات والصراعات جعلت البطانة الغربية وخاصة بادية الكبابيش رائجة بأسواق الأدب حيث شرفها لفيف من الادباء والشعراء الفحول منهم (الاستاذ حسن نجيلة والشعراء محمد سعيد العباسي والناصر قريب الله ومحمد شريف العباسي وحمزة الملك طمبل واحمد على طه ويوسف عبد الماجد) هذا إلى جانب حضور آخرين من خارج البلاد واقامتهم بدار الكبابيش من الشناقيط وغيرهم كالشريف المولود واحمد عباس ابو سنينه والذي كتب قصيدة معبرة ارسلها لصديقه التاجر الحاج بشير ابوجيب حملت اشواقه لتلك المنطقة عندما غادرها عائداً لبلده موريتانيا حيث قال في بعض مقاطعها:
وهل عامر من بعدنا دار عامرٍ بحيث وفود القوم تأتي وترجع
ودار بشير هل بها بات سامرٌ أم انفض منها سامر وتوزع
وبيت حماه الله للهو واسع وأوسع منه الوقت والصدر ارحب
واحمد منصور خليلي ومالك حبيبي لكل منهم في فؤادي موضع
ومن جاور النوراب عزّ مكانه وكان له منهم ملاذُ ومفزع
إذا اجتمعوا بالمرّ يوم المشورة رأيت صفات الجهل بالحلم تقرع
ترى أقوياء الناس للمر خضع ولكنه للجار والضيف يخضع
لذلك عندما شرف الشاعر يوسف عبد الماجد بادية البطانة الغربية وجدها مسكونة بالأدب الرصين و التراث الشعبي الأصيل وما كاد ينيخ رحاله حتى اصبح من شعرائها الفحول إذ هام في بواديها و ربوعها وكثبانها واوديتها وخيرانها مثل خور ابوزعيمة والذي وصفه الشاعر بقوله:
قويزات ابو زعيمة البقوقي دباسن والشوق لي مقيلن ولي ملاقاة ناسن
طريت عرب الظعينة وتلتلة اجراسن طريت المن عوالي الهيبة ديمة لباسن
ولما وصل صدى تلك المقاطع الادبية محمولاً على جناح الحمام الزاجل ومع اجراس عرب الظعينة والمرحال بحساب أن الرحيل عز العرب رد عليها الشاعر محمد شريف العباسي والذي كان بمنطقة البقرية التي تقع بالقرب من عديد راحة في طريق الشمال وفي محاذاة وادي الملك (شريان الحياة ببادية الكبابيش)، وقد اعجب العباسي بمفردة (طريت وطريت) التي جاءت متتابعة في قالب أدبي ظريف لذلك جاءت مساجلته على قدر التحدي حيث قال:
الوادي البقوقي دباسو فارقناه قمريهو وبلومو وناسو
وابو رقبة البعيد اكتافو من خراسو وعندي مقاموا افضل من فريق بي ناس


دكتور القرشي لك المحبة والتجلة وللاستاذ خالد الشيخ مثلها ومادام المقام مقام هؤلاء الفحول والدراويش الناصر قريب الله والشاعر الضخم العباسي والشاعر يوسف عبد الماجد والناظر الهرديمي والشيخ علي التوم وحمرة الشيخ وام بادر وخور الوكيل وكاهلية الناصر التي تغني بها الرائع الكابلي فاسمح ان ارفدكم بهذه الدروشة ومهداه للجميع ونخص الاساتذة خالد الشيخ والطيب وشيقوق واحمد التجاني ماهل ولكل محبي التراث وللجميع محبتي (ويا شيقوق اني وقفت في خور الوكيل.........! لكن اني دايرك تقيف عند غنوة المرأة الراجلها إغترب وطوّل)

اهل العرفان والدروايش الذين جادوا باجمل الدوبيت في بوادي الكبابيش عبيد الطيب (ودالمقدم)

الاخوة اسرة جريدة الوان الخير والجمال شكرا لكم وانتم تطوفون بنا بادية الكبابيش في سياحة ذهنية عبر دراويش في بادية
الكبابيش للكاتب والاخ الجميل منصور المفتاح وسبق قلت للاخ حنفي عندما رفد بريدي بها الاخ منصور قلت له كم تمنيت ان تكون علي صفحة الوان لان الوان هي صحيفتهم الاولي ولان المقال كتب بلغة جزلة احببت ان يطلع عليه ابناء البادية بالجامعات والمعاهد العليا حتي يكون لهم دافعا لمعرفة ما لديهم من خامة ثرية متنوعة فقط يحتاجون لوصفها بعمق وبالسهل الممتنع يكتبون عن جمال البادية وجمال موروثها وصفات اهلها ويكتبون عن مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتهميش والغبن الذي اصابها ويكتبون عن المتغيرات كالتعدين والتجييش ولان الاخ منصور كتب الدراويش كما اخبرني من كالقري بكندا فكيف يكون جمال من يكتب من حمرة الشيخ وسودري وام بادر وام سنطة ورجوعا لعنوان المقال دراويش في بوادي الكبابيش نتطرق في عجالة لاهل الذوقِ والعرفان المشايخ الذين زاروا البادية وكتبوا اروع الدوبيت وهم كثر وخاصة بيت الشيخ احمد الطيب وبيت الشيخ الكباشي والرازقية والغبش والمكاشفية والشناقيط...وسوف لا اتطرق الي الشعراء الذين زاروا البادية وخلدوها في اجمل واروع الاشعار بالفصحي وفي مقدمتهم الشاعر الشيخ محمد سعيد العباسي الذي كان يحبها ويحب اهلها ومن فرط حبه لها كان ياتيها ممتطيا النجائب من الجمال فتعمق فيها وجال في بواديها ووديانها وسهولها وروابيها بل ذهب بعيدا حتي وادي هور فجادت قريحته بهذا الشعر الراقي وتعمق في اغوار البدو فاحبوه لكرمه وشهامته وعفته وحسن خلقه وطيب معشره وقال فيها اجمل الشعر بل واجزم ان العباسي وصاحبه الاديب الاستاذ الراحل حسن نجيله هما اللذان عرَّفا وحبّبا بادية الكبابيش للباحثين والزائرين ويتملكني حزنا عميقا حين لا اري من نظار البادية وشيوخها تكريما لهؤلاء الاعلام. هذا الشيخ الوفي حتي في يوم التعليم ويعلم ان الجميع لا علاقة لهم بالبادية ولكنه يقول:-
يا برق طالع ربا الحمرا وزهرتها وأسق المنازل غيداقا فغيداقا
وإن مررت علي الحتَّانِ حيِّ به من المناشط قيصوما وطُبَّاقا
انظروا الي وفاء هذا الشيخ الجليل حتي تمني لهم المطر والعشب وماذا يريد البدوي غير ذلك
لا اريد ان اتطرق لشعر العباسي لان الكل يعرفه ويحفظه و لانني اقل من ذلك بكثير ولا للشيخ الناصر قريب الله الذي خلدها بل ورسمها في لوحة رائعة تغني بها الفنان الرائع الكابلي( الكاهلية):-
وفتاة لقيتها ثَم تجني ثمر السنط في انفراد الغزال
تمنح الغصن اسفل قدميها ويداها في صدر اخر عال
فيظل النهدان في خفقان الموج والكشح مفرط في الهزال
لله درّك من شاعر وقدّس سرّك من شيخ
(الكتراااااابل حركة القدمين مع الغصن التحت وان تتناطا الحسناء باليدين الي الغصن الأعلي جعلت النهدين ...يفعلان بالسُدرانة مالم تفعله البدوية ذات رشاش والبرق الجنوبيّ اللِّميع ارسل الدّعاش وساوق نسيم الهمبريب الي الشمال ولفّ لها في طرف ثوبه مُسيالٌ من عبق النّشوق فتذكرت زوجها فضمت ابنها الصغير الي صدرها وصاحت قائلة مع ابتسامة شوقٍ وصرّة جِفنٍ :-
(هِلَّك ليَّ يا العِصيرْتَكْ كيف عِصيرة ابوك)
وهذا يذكرني مزحة الرجل الحكيم والدنا الراحل محمد فضل الله الاعيسر(الهرديمي) ناظر كواهلة الغرب ذلك الانسان المتفرد ويا لروعة حبوبتنا بت سليمان حين مدحته قائلة:-
ما ني القاعدة في ديمي
وبلقِّط في هيمي
الولد البِفِش ضِيمي
ابو امنة الهرديمي
وهولعمري كذلك والحديث ذو شجون قيل هذا الناظر ضرب موعدا مع نائب الرئيس الراحل نميري ابو القاسم محمد ابراهيم وحين وصل المكتب منعته السكرتيرة من الدخول وكان في عجلة من امره وعندما هم بالمغادرة وقف بالقرب من النافذةوصاح بصوته الجهوري قائلا:- (ها بَنُّوت قُولَنْ لي نائب الرئيس عمك الشيخ محمد فضل الله جي وما لقي طريقة يقابلك وودعك الله راجع البلد لي ام بادر) فسمع السيد ابو القاسم صوته فاتاه مهرولا وعانقه وادخله وقضي حاجته .
هذا الناظر الحكيم عندما عاد احد اقاربه من السعودية (ابوعرقوب)بعد غياب دام اكثر من خمسة سنوات وذهب ليسلم علي الشيخ فسأله الشيخ قائلا:- ( هسع جيت بعد كم سنة؟ ليرد حامد: بعد خمس سنين فيقول له الشيخ ما إتطولو الطُوَل فيها الهُول إتَّ ما شفت العربية الرسَّل ليها ابوعيالها الشنطة والمصاريف من ليبيا ومارجع قالت ليهو شنو:-
وَد الناس الكُسَّر
ؤخيرك ما يتبسَّر
مُرسَالَك تََبْ ما قصَّر
لكن وين الما بِترسَّل
والله سؤال ونُص يا اهل المهجر..! تطاول هذا الليل وأزورَّ جانبه وأرقني أن لا حبيبٌ الاعبه
شآبيب رحمة ربي تتنزل علي قبر عمنا الراحل المقيم الشيخ الاعيسر
والي الان ما زال خور الوكيل عامر بالحسان ومازال جني ثمار السُّنط (القرض) علي حاله الاولي ولكن انعدمت( السُّدرانه والزراق )وحل محلها الجديد (الاسكرت والبلوزة و التوب) وذات شتاء اتيت خور الوكيل لاسقي بعيري وانا علي ظهره لاحظت وعكست اليّ المياه صورة حسناء تجني ثمار السنط فنظرتُ الي اعلي فرايتها فوق الشجرة فتذوقت القصيدة وفهمتها فهما جديدا ولكنني هنا بصدد المشايخ شعراء الدوبيت ولان هذا الذي اعرفه جيدا وكما يقولون( اردنا ان نَمُد رجلنا علي قدر ثوبنا) ونبدأ بشيخ شعراء الدوبيت الشيخ الشاعر الراحل محمد شريف العباسي وكان له مريدين كثر وله علاقات وطيدة مع اعيان البادية وخاصة مع بيت النظارة والذي ارسي دعائمها والده الراحل الشيخ العباسي حيث كان صديقا للزعيم الراحل الشيخ السير علي التوم والي اليوم ابيات شعره الشهيرة شاهدا علي قبره :
قف علي قبر الفقيد عَلِي زين اهل النَّدي وزين النّدِي
يا جسدا ضمّنُوه حِلْو السَّجايا ومُحيَّا كبارق الوسمي
يا كريم الجوار لقيت بُشري جنة الخُلْدِ في جوار النبيّ
وقد كانت له علاقة مع الجد وسكن واقام بالبادية ردحا من الزمن وتزوج من الكبابيش حيث صاهر فرع السِّراجاب وهو يعد من اكبر فخوذ قبيلة الكبابيش وهو القائل:-
بعد ما قُنا رُقْنَا ومن سَهَرْنا هَجْعنا
كَرْ يا قُمري لا تسرب علينا وجَعْنَا
حبّينا البوادي ومن اهلنا نَجْعْنا
ياريت كنا من اوَّل شهورنا رَجْعنَا
الوادي الغزير شقلو وغديرو مَسرّف
ياريت ان قبيل بيهو الزمان ماعرّف
الضِّيب العَلي راس القَلَعْ بِتْكرّف
رَزَمْ واتْشاَبا لي ليم الغروب بِتْشَرَّف
يا ابو كَريتْ اظِن نجمات سِعُودنا انْدَرقنْ
وديل غَابَنْ وديل من اللّدَياّت فَرَقنْ
البلد العَلي سهمو النَّعَايِم مََرقَن
قلبي بِدُقَّلو الرُّمْبَه ومَعَالْقو انْحَرَقنْ
الشطر الثاني وردت (البِديّات)ثم ايضا له مجادعات مع الشاعر السراجابي الكباشي مُضعن (مظعن)الذي يقول:-
كَسْر الهُرْبَِة والوادي اب غديرا حابسو
ايديك بتعلّو شقاقو وجروفو ويابسو
الليلة اصبحت كاكك وبردلوبك لابِسُو
علي البي خيط حرير شبل الزِّمام في حوابسو
ابو رقبة الفَرَ شْ هِدَبُو وعملو مطارِح
نازِلْ كَرْكَرْ الوادي الدربو مَقَارِحْ
علي مُشْهادو ساسيت ؤقِِِمحت لي البارح
وخازين النِّجُوس عرفوك بيهُنْ سارح
الديف اللمو شوقارة وجرت مندرقي
علي سقديبها واليت النقيق يا الشرقي
بطانك ساج وبدانة حشاك منحرقي
واتسلهكت عروسا ربعنت لي المرقي
(يا مَسنُوح الجمل باقي سحرتو والله وصفتو) والعروس عندنا في البادية سوف تكون حبيسة البيت لمدة اربعين يوما ثم تخرج في اول زيارة الي عمها او خالها ولكنها تخرج عروس بكل دلالات هذه الكلمة واذا اخذنا في الحسبان ان لا توجد عندنا في البادبة كوافير ولا كريمات ولا الشاميات والمغربيات اللائي ظهرن اخيرا في السودان كظهور المغنين الجدد (جاعر وعوعاي وعواء) والمحلّليين السياسين كل يوم يَطُل علينا بالقنوات شخص جديد بمُسمَّي خبير اقتصادي محلل سياسي والسودان واقف وقفة ادروب في سنة أُولي وحين نكتشف الخبير يظهر لنا بانه (مَعَّازِي)
نكتفي من شيخ شعراء الدوبيت بهذا لان الاديب الصناجة حفيدهم الاستاذ اسعد العباسي تطرق لذلك ولكننا ايضا نقول ان لهذا الشيخ شعر كثير نسب للبعض ولكنه بادبه الجم وتواضعه لم يتطرق لذلك و لم يحرجهم ابدا ولكننا نحن نعرف ذلك وايضا زار البادية الشيخ الشاعر الكريم الفارس الشيخ الجيلي الكباشي (صاحب الميركري الشهير) وكانت تربطه علاقة قوية مع اعيانها وشيوخها وله فيها مريدين واصدقاء وكانت تربطه علاقة قوية مع الجد وحدثني احد اعيان البادية قائلا:- لم اري رجلا لا يخاف الموت كالشيخ الجيلي وقد كان رحمه الله كريما مضيافا بشوشا مهيبا فارسا وقد كان صديقا للشيخ محمد شريف وكانت له مجادعات مع الشيخ محمد شريف حيث رد الشيخ الجيلي علي الشيخ محمد شريف بعد ان قال الشيخ محمد شريف :الوادي الغزير شقلو..... جادعه الشيخ الجيلي الكباشي قائلا :-
جبّال العِريفَات والقِليع اب شَاوْ
مابِمْشُولو فَقَّارَا رِكُوبْهُن حَاوْ
عيل ود العَنانِيف اب ضَمِيرا هَاوْ
يِمَتِّع سِيدو في البلح النَّضِيف مُو جَاوْ
البِدُورَك خُتُّو في راسَك والِنسَاك انْسَاهُو
والياَبَاكْ اتُرْكُو ان كان سِمِعَتَ نَبَاهُو
ود الدَّابي بي الصّح بِلْدَغ الرَبّاهُو
وابو القنفُود حقيقة بخرِّش الحَبّاهُو
هذا ولشيخ الجيلي دوبيت كثير معروف للجميع لم نتطرق اليه مثل بيك نورة كرري.. وسماكي زرقتو والميركري والكثيرالكثير. ايضا نشأ في البادية الشيخ الشاعر السِّراج ودطه حفيد الشيخ الكباشي وهذا الرجل قابلته عندما كنت معلما وهو من اكرم الناس حتي سار مضرب مثل حيث نجد الشاعر خبير الصحراء الباقر ود ابو زهرة عندما رثي صديقه الفارس ود مَدوقه العدوسي شبهه بالسّراج حيث يقول(ربيعي الفنجري الكيف السراج ودطه اريتو إنْقِبيل الحربة ما لاقاها )
وللشاعر الباقر ود ابو زهرة السِّليماني الكباشي رثاء راقي لصديقه محمد ودمَدوقه :-
مُحمَّد ود مدوقة المن صغيِّر تبّا
كاتم سِرُّو بي بطَّالة ما بِتنبَّا
أوكَت حصَل القَدَر سِمع الكلام إنْرَبَّا
بِضْرُب بي أم قِرون نَامَت وَقَع ما خَبَّا
ربيعي الفنجَّري الفارَقْتُو عيل بي الزّيني
أوكَت جابو خبرو النوم غرَزْ من عيني
قَرَّارة العبوس عِنْدِك طبيعةً شيني
شلتي الرّاجِل البِفدُوهو بي زوليني
يقول السراج ودطه:-
الليله آ الدِّعاش رِقْ ام وتيد فَكّرْتو
لي البي غرودو والكَاكْليتُو حَاوِي بَقَرْتُو
ؤكَتْ تطرا سام تَقرُو ومراعي ضَهَرْتُو
تجيك مِتْرَاحْلِي موجة سيل وطَابْقَة مَطَرتو
الرق بالراء المكسورة هي صغار الابل والوتيد وسمهم والغرود اعالي رمال الصحراء والكاكليت ذكر بقر الوحش (المها) ويسمي بها ايضا البعير الفحل (الشُّوح) وايضا الشاب القوي... وتقرو هو من اخصب مراعي الجزو ولكنه الان صار منجما للذهب تجيك متراحلي يقصد سيرالابل عند الرحيل ومن اروع وصف سير الابل قول احد شعراء الكبابيش
ألبِل غيَّسَن حَجَراً وقَع في هاوي
ؤقطعن صعَّدن دَمَراً مع الدينكاوي
ؤجَن ما دّات كيف هرع الصَّباح الدّاوي
عقَلَن فوق اهَلْهِن ؤ ساقَن الفَدَقاوي
ايضا يقول السراج ودطه
بيرنا ام فاقه يوت مَزْرُودَه
بي اللِّقحَن بدارا ؤطَقّن المَفْرُوده
ناساً يوم ضماهُن بركبوا المكرودَه
ما بلاقونا فوق عِدْ السِّليم وارودا
مَزرودة اي مملوءة بالنِّعم والزردة كلمة عربية فصيحة وهي حلقة الدرع والسرد هو ثقبها وزرده اي خنقه بالحبل اي لففته حول عنقه وكذلك البئر اللّقحن بدارا اي عِشْرن بدري بالدارجي ومعلوم عندما تلقح الناقة تنفر فصالها ولا تمكنها من الرضاعة ويسمي مَفْرُود – المكرود اي الحمار
ناس حَاروقا من الوادي شِرْبَن وقفّنْ
وناس بت ام عِقال من الوَسِيق اتحفّنْ
واشوقك علي البَضْرَة ام بُروقاً رفّنْ
وشوق سيدك علي الفوق الحُفر بدَّفَّنْ
حاورقا اسم لناقته –قفَّن اي سدرن الوِسيق اي ربط بعيرين بحبل واحد وان تطردهما امامك وانت تمتطي بعيرا – البضرة العشب الطّرِي وجديد – رفَّن البروق اي لمعن فبعيره يشتاق لاعشاب الخريف وهو يشتاق الي زوجتة وبدفَّن له معنيين....!
ايضا نشأ في البادية الشيخ الدليل الكريم الفارس الحاج صالح الشيخ محمد الكارس الرَّازقي وهو حفيد الشيخ بانقا الضرير وقد كان دليلا للابل وقد كان خبيرا بمناهل المياه وبالمراعي وقد كان كريما ينحر الابل للضيف كذبح الماعِز لا يجعل لها قيمه ابدا امام الضيف واظنه اولي بهذا البيتين من بجير المازني حيث يقول:-
فقلت لاهلي ما بقام مطيةٍ وسارٍ استضافته الكلاب النوابحُ
فقمتُ ولم اجثم مكاني ولم تَقُم مع النفس علاة البخيل الفواضحُ
وقد كان شاعر دوبيت رائع حيث يقول
ما اتْلومْتَ يا قلبي البقيت تتهبَّل
وما اتشبَّكتَ في الخزنة الزِقَاقْهَا مَطبّل
يا خُنْتيلة النخل ام زَبيطاً عبّل
بقسم ليكي نوم عيني العليكي مَسَبّل
حدثني الباشمهندس عماد قائلا:- عندما سمع الشيخ الشاعر المتفرد محمد سعيد الطيبي هذه الغنوة لاول مرة ولم يعرف صاحبها قال :-هذا الشاعر شيخ ومن اصحاب النفس اللوّامة وهذه المحبوبة بنت ملوك من حراستها وقد اعطاها اعز ما يَمْلُك وهو نومه المعدوم اصلا) هذا تشبيه رائع شبه زبيط البلح بعبل الابل (ام زبيطاًعبَّل)
ايضا يقول الحاج صالح:- فوق الدونكي جات ام نَايِطْ
وشالت الكاس بدبورة و3 شرايِطْ
ياعبلوجة اللنقيبها جَكَّا بِعَايِطْ
لونك خُضْرَة القايِم دِقاق مُو شَايطْ
اي اخضر واظنها تشبه الخريجة التي ذكرها حسين خوجلي في عموده وبالمناسبة اللون الاخضر هو اكثر الالوان شيوعا في الدوبيت وزي ما قال حنفي :- خضار التاكا جوّو ربيعي
ومحلف منو ما خدين بصْمَتي وتوقيعي
يا الفرهودا لا بتليني لا بتطيعي
واهلك معلنين حالة الطَّوارِي طبيعي
ايضا يقول الحاج صالح :-
يا الحيماوي سرجك نوّا
والمخلوفة من رَقَلِيك بتاخد عوَّا
يوم اللِنوي لي ام فاطراً بروق الضوّا
بخلي الفروة جنحين القِطَابي الخوّا
ايضا زار البادية وصاهرها الشيخ الشاعر المتفرد محمد سعيد الشيخ عبد الجبار الشيخ الطيب وقد كان ابنه محمد شريف صديقي وزميلي في التدريس ولقد دونت منه الكثير ولكن لاادري هل مازال موجودا ام اتلفه احد القوارض عندما وجده في مخلاية او جراب وهنا تحضرني غنوة الكباشي الذي اكلت جنسيته احدي الفئران وكان ينوي السفر الي ليبيا عبر الصحراء
هوي يافارة هي يا انتايه
بعد الجنسية اوعي تقددّي المخلايه
اتي عديلة بي تحت الغصن جرايا
وكان شلت الضقل ضيلك بقيف سَقَدايا
والشيخ محمد سعيد شاعر مرهف وله دوبيت في غاية الروعة انظروا اليه حين يقول:-
يا تيس قُنَّة الصي المتاتَنْ سَرقُو
وقصدو يهاجم المِن المَدامِر مَرَقُو
ريل ابْنَادم القلب بي النواضِر حَرَقو
جبينو وصبري والنوم من عيوني انْدَرَقو
المتاتن الرقل اي سير الجمل الذي اقرب للخبب-
وله طرائف مع صديقه الشيخ الشاعر ابراهيم الدلال الشنقيطي منها:- هبّن لي الرشايم في حقابات صيفو
ونوّار سمرو صَرَاهُو الدعاش في طريفو
الناس الكبار حضروا الزمان بي عِريفُو
ماقالولنا لاقاهُن جِدَي بي شِنيفو
هذا لعمري من الدوبيت الراقي والدلال هذا حفيد مشايخنا الافاضل الشناقيط ووالده من العلماء الاجلاء ولقد كان ابراهيم الدلال تلميذا محببا عند الدكتور عبدالله الطيب وصديقا لشيخ الشعراء عبدالله الشيخ البشيرعندما كان يدرس بجامعة الخرطوم وذات مرة قال لهم شيخ الشعراء عبدالله الشيخ البشير :- :- منذ ان فقدت بصري ما تمنيت ان يعود لي بصري الا ان اري الدلال والامين كاكوم انطروا الي روعة الدلال حين يقول مخاطبا وادي صداف الجميل :-
صداف البقوقي دباسكْ
مدة طويلة من وارف ظلالك وناسَكْ
تعّالك هَدَج وزُرق السحاب اتماسكْ
وحتّان تاني ساري المُدْجنات الباسَكْ
هذا لعمري وصف في غاية الجمال والشاعرية المرهفة وخاصة المقطع الاخير سواري المطر وليلها المظلم ومطرها الغزير كأنها تبوسه وهي لها معنيين لا ادري ايهما يقصد الشاعر المعني الاول باسه اي قَبَّلُه والمعني الثاني الكبابيش عندما تقول لك باسك اي(مرمطك او مرمرك في التراب) وكلها تشبيهات رائعة، ذات مرة من المرات قابلت الصديق الدلال وهو قادما من منطقة الرهود جنوب شرق حمرة الشيخ وكان الوقت وقتئذٍ (درت) فسمرنا وتآنسنا واتحفني بروائع من جديد الدوبيت استحضر منها:-
ليه يا صيدا ليه يا صيدا
مشطوب إسمي من دفتر حِساب الرَّيدة
قالت لي عشان طوَّلت طولة شديدة
آخر مرّة شُوقارتك معاك حِمّيدة
لونك خندريس الدّنْ
وصفك حيّر الشعراء وجرارق الفَنْ
ويا خلبوسة الوادي اب دباسا طَنْ
صعيب الزكري لو طارق خيالك عَنْ
سوارك فوق معاصمك رَنْ
وشبهك في الدحاميس بي البياحات قن
عاشقك دوبا ليكي وحَنْ
وشعرك سدفة الليل اب ظلاما جَنْ
لو يجمعنا لو كان في الخيالات كَنْ
وطمبور شوقنا بي مُر المواجيد أنْ
قارحك سوّا ليهو مَصَنْ
وسربك واقع النقعة ونهارك صَنْ
الكن هوقفص الدجاج والقارح هو ذكر الصيد والمصن هو مراحه ومكان مبيته والكبابيش تسمي ذكر الصيد ايضا بالتور وهودليل الصيد وقائده كما يقول شيخ العرب ودأبو سن (وجَاهِن وعافَطَنُّو وحيل سَدُوهِن قام) الدَّحَامِيس بالدارجة المورتانية او الحسانية وتعني وقت الغروب –والبياحات اي التلال القُفر وكما يقول الخبير الخرِّيت قاهر العتامير الشاعر ود قدّال الكباشي:
خَطَم دُرع البياحات جاهِن الوِقِّيل
ؤجاهن يتاتي رقاصة وصِباها جميل
ايضا نقتطف من ود حجير جبرة حفيد الغبش ناس الشيخ عبدالله ود ابو الحسن (راجل القويز) له دوبيت كتير لم تساعدني الذاكرة ولكنني اعجبتني غنوة قالها عندما عاد من البادية الي الجزيرة وراي ماذا يفعل لقيط القطن بالحِسان وبشفافية البادية التي تشبَّع بها لاحظ وجود فرق بين لقيط القطن وجني السُّنط (القرض) حيث يقول:-
انشاء الله القطن يا خوانا ييبس عِرقو
ويدو اشارة لي بركات بي يباسو ؤحَرْقو
ابو لوناً متل لون الدَّهب ما اتفَرَقُو
اثَّر فيهو زي نقش المداد فوق ورَقو
لكن نقول له ناس الانقاذ وادارة المشروع تكفلت باجابة دعاءك وذلك بتجفيفها لزارعة القطن و... ....! ايضا عندما كان يشتري الابقار من البادية كانت (تايته) بجوار (تاية) حسناءين جميلتين مع ابقارهِنّ فكان يأتيهن لرد السلام في المساء والصباح وتفقد احوالهن فجادت قريحته ب:-
مساكَنْ خير صباحكَن هادي
وتفاح دنقلا القايم قريب لي الوادي
امنة كتلَت زولها والجيران بقتلو شِهادي
وسعيدة تِكَلْبِش الباشا وتزيدو زيادي
وامنة وسعيدة اظن كان شبابهُنَّ وصِباهُنَّ كصبا القُفل تلك الحسناء التي ذكرها الراحل المقيم الاستاذ حسن نجيلة في ذكرياته
واخيرا هذه دعوة لأبناء البادية للتوثيق عبر هذه الصحيفة واعني الوان ونرجو ان تزوروها وتشكروها وتثمنوا ما تقوم به نحو البوادي والريف المنسي وايضا الشكر لاسرة سودانايل لتوثيقها لموروث البوادي وانوه هنا اذا قام المخيم الشتوي بالبادية نرجو الالتفات لتكريم الشيخ العباسي والاستاذ نجيلة والاستاذ الطيب محمد الطيب في اسرهم وكذلك البروفسير عبدالله علي ابراهيم لاني احسب انهم قدموا لبوادي الغرب ما لم يقدمه الاخرون وكذلك نرجو التخطيط لاخراج هذا المخيم بالصورة التي تليق ببوادي الغرب وعكس موروثها الضخم ويا حبذا اذا تمت دعوة امثال طلال الاسد واخرون.
لقد رحل عن الغرَّارة العبوس قبل يومين الاخ والصديق الشاعر الرائع محمد ود صالح(المرغوب) الفحلي النورابي الكباشي وهو من الشعراء المُجيدين ومن القلائل الذين يحفظون شعر وموروث بوادي الغرب وبموته اظننا فقدنا مجلدا ضخما من التراث فشآبيب رحمة ربي تتنزل عليك بقدر ما اعطيت باديتك من ادبٍ راقٍ وشوارد من الدوبيت الرائع وإن لم يضعوا علي قبرك شاهدا فما زالت نار سنافِك في الاعالي تُهدي الجميلين من ملح الارض والمُسْكرين بطبعهم وأُنْسِهم كما يقول حنفي وعشاق جرارق الدوبيت وقد كنت ايام شبابك الانيق وانت تمتطي النجائب من الجمال وكنت مولعا بالرجز من الدوبيت وألغاز وحكاوي البادية وذات شتاء حين وصلت الي بئر (ام عجيجة) ونسيت السلام علي احدي الجميلات المُلسنات فصاحت قائلة:
يا الرَّقيتا حِزامَك
ويا الصُّوبَنت هَدَّامَك
يا المَرغُوب سلامَك
الجيل الواقِف لامَك
ياله من عتابٍ لطيفٍ وملامٍ شفيف لترد عليها قائلا:-
سُلطانة بنات ما إضلِّي
وفوقهِن ظاهرة كيف نار السَّناف بتلِّي
العانس السيدها فوق كوفات عقَر ناس سلِّي
بمتِّل ليكي يا الدراسة القوانين حِلِّي
رحلت يا صديقي (المرغوب) والبادية بصدد اقامة مخيَّم شتوي وهي في اشد الحوجة اليك ولا اظنُّ احدا سوف يملأ الفراغ الذي تركته، ذكرياتك وأُنسك يتعذر نسيانها فكنت كما الخريف ورحلت كما السَّواري المُدجنات وعزاء البادية في شقيقك
علي ،اللهمّ طيّب بشأبيب رحمتك روحه النَّاشقة واجعلها لخندريس خمر جنانك ذائقة
عبيد الطيب (ودالمقدم) بادية الكبابيش
جزء من المقال تم نشرة بحريدة الوان واوردناه بسودانايل حسب اقتراح بعض الاخوة بدول المهجر

Post: #49
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-11-2012, 11:40 AM
Parent: #48

Quote: والله بالغت في الشوقارة دي يا العبيد اخوي


عزيزي الاستاذ / الطيب شيقوق

سلامات

وشكرا على شرحك الوافي والكافي لهذه المفردات التي لم

تتداول كثيرا في الحضر حيث انحصر استعمالها في البادية

ايضا الشاعر يوسف كريت ذكر الشوقاره في قصيدته ( رحلة الجداد) حينما قال ...

ود نصر الدين في واجبو ما بتضارى...... وجاب خبراً اكيد من الابيض وبارا
قال متأسف كتير جدادو في الشوقارة........ لحق الرحلة بي ديك نيكولا فوق جواد بربارة

دائما في انتظارك عزيزي الطيب


Post: #53
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-11-2012, 01:40 PM
Parent: #49

(الأخ العزيز الدكتور أحمد القرشي
لك التحية والتقدير على هذا البوست الرائع حقاوالذي يسوقناحنينا لبوادينا وقرانا وحلالنا الجميلة.كما نرسل التحايا الحارة عبرك للأستاذ الباحث دوليب. إلا أنني لدي مداخلة بخصوص أغنية أندريافلو تلاحظ أن نهاية البيت يختم بكلمة أندريا فهنا الكلمة تعد وزن لللهجة وليس أغنية)
الاخ الاستاذ احمد التجاني ماهل لك التحايا الزاكيات واظن ما اسلفت كلمة أندريا تعد وزن اللهجة وهي ايضا ككلمة (الله ليا)
نُص الوقية التَّام الله ليا
سافر مع الغنَّام الله ليا
يا ساتر يا سلّام الله ليا
ومن ناشر الحمَّام الله ليا
عصير الكرتونة الله ليا
الاهلو جافونا الله ليا
ببقالا بصطونا الله ليا
وسمريا زي لونا الله ليا
وتكرارها و ترديدها اقرب الي العصا في توية والي الطقة في الجراري لك محبتي

كتب خالد الشيخ
(على كل حال لانستغرب أن تكون البطانة الغربية على ذلك الوهج والالق لاسيما وأن بعض شيوخها العشائريين كانوا من الشعراء الفحول مثل الشيخ المر والذي يكفي بأنه صاحب المفردات القوية.
ديفة الانبرم بعد ما ماشي وضربك غلب ابو عجوة القديم نواشي
الكارس واخوه مهونين القاسي ومن دمر ام عمد تبراها يا الكباشي
من كجمر قام مقاصد جبرة السواق حسن واللوري زاد العبره
أبو رقبة البعيد المنعولو الكبرة سبب لي جروح عقبان ابت ما تبره)
شكرا ليك دكتور القرشي والحق يقال كما ذكر الاستاذ خالد الشيخ ان الشيخ المُر كان شاعر مجيدا وهو القائل
تفاح دنقلا البلغ النجاض فوق أكلوُ
طامس واحدين ضوقو ؤ عجائب شكلو
هَمْهَاد ديسو فوق نهَّادو مِتشَربكلو
واني عارفو ببهدِل الكاشم نديدو ضِحِكلُو
ليمون سودري الفوقو السَّواري إتْرادِن
الني ضاربو النسَّام فروعو إتْقادِن
ديفة الطَّاردِن وادي الفتيق ما عادِن
ؤ آح من جمرة الخطواتو ما بِنْصَادِن
ات قلت يا شيقوق آآآآآآآآه من( حجلاً رطن معصور) اها دي خطوات الحجل

(كما كان الشيخ جامع على التوم شاعراً فذاً من خلال ماجاد به من مسادير ومربعات جميلة وساخرة فالمتتبع لقصيدته التي ارسلها لصديقه مساعد الحكيم (موسى الطيب) يلحظ ذلك الجمال في شعره الرصين حينما قال :
القاضي الحكم ناس موسى أبو نضارة مجبورين على ليمكم ترانا حيارى
ترا عطيرينا في جمب موسى زي الفارة واتعبتونا ساكت لاغزال لا حباره)
لشيخ جامع مسادير في غاية الروعة والجمال وفي رأي هو من اروع شعراء الدوبيت وصفا ومفردة في مسداره الشهير لابله والذي سماه مسدار بت دعتوره وهي اسم لناقة مميزة من إبله ويا الطيب ود شيقوق عليك الله تعال شوف دي
قطعن وادي الملَوَّي ؤ خبَّن
ؤبنات دعتورة فوق ود العنانيف ربَّن
قَشْ أسَّافِل أسَّاع يا أم عراقيب لبَّن
وليهو ليالي من يوم الأ شبابيب صبَّن
اقيف يا بخيت الحال يا ود شيقوق في بنات( دعتورة) وهي اسم لناقته فوق ود العنانيف اي الجمل الاصيل وهنا يقصد به الفحل (ربَّن) اي اجمتمعن حول الفحل لماذا.......!
وهذا تصوير في غاية الروعة للابل وفي ذروة الشَّبق وهي تلتف حول (فحلها)

(إلا أنه عندما بلغ من الكبر عتيا وزرق بالبنين والبنات عاتب نفسه ولامها قائلاً
مالك نفسي إذ صغرتي وادنيتي وغير مجتنبة في درب الرزالة مشيتي
تفاح فوجا في كزيمو ما خليتي وكم لله من عنب العنيبة جنيتي)
لم يوجد بمنطقة فوجا تفاح وكذلك العنب بمنطقة العنيبة وهي جزء من وادي الملك ولكنه الشعر والخيال الخصب الكُزيم اي قطفه وهنا تعني القبل - اي حسان فوجا ومنطقة العنيبة وكلها ضواحي أم بادر ومناهل ومخارف رئيسية
(رحم الله الشاعر الفذ يوسف عبد الماجد صداح البطانة الغربية وصاحب القصائده الزاهية التي لايخفي جمالها برق ولايحجبها بريق فهي سيارة تطوف البوادي والحواضر وتبدو في حسن غير مجلوب يضاهي قول شاعرها المحبوب كوريت :
أبوك الحوري وأماتك من الرباد الحوي وجدك تيس قنة بالعتمور تملي مخوي
الزول ابو ديساً بالخمر متروي توقد سنو شمعة وعينو لمبة تضوي)
رحم الله الشاعر والتاجر الانسان يوسف عبد الماجد بقدر ما اعطي بوادي الغرب وعلي قدر حبهم له والسلام لاسرته الكريمة وعلي رأسهم الاخ بعشر ويا دكتور القرشي إن إتحصلت علي رائعة عمنا كُريت ( مدو العيال بي أمَّات رقاباً عوج)
تكون أكملت جميلك وتكون اكرمتنا إكرام سمح لأني تحصلت علي اكثر شعره الا هذه وقيل موجوده طرف عمنا يوسف خوجلي ولكنه رحل عن دنيانا الفانية له الرحمة ولأسرته العزاء ولكم محبتي

Post: #52
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: حامد الغبشاوي
Date: 11-11-2012, 01:31 PM
Parent: #40

سلامآآآآآآآآآآآآآآت
اخونا وعزيزنا دكتور أحمد القرشي
ماشاءالله مزيدا من التوفيق والشكر للأخ خالد الشيخ حاج محمود للمعلومات الجميله
أخيرا
وصلت الي محطة سودانيز اون لاين
لك الشكر
وان شاءالله دوما معكم علي الخط
مع خالص التحايا
حامد المهدي البشري الغبشاوي

Post: #131
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: انس العاقب
Date: 11-24-2012, 10:15 PM
Parent: #40

يا أخى الكريم أحمد القرشى بعد التحيه والتقدير
أنا الآن أمام ولأول مره أمام مشروع موسوعه شامله كامله إجتهد فى جمعها وتمحيصها وترتيبها الأستاّذ بحق خالد الشيخ حاج محمود ولولاك ياأخى أحمد القرشى فى هذا البوست الفخيم الأصيل
لما أمكن لعددنا القليل فى المنبر العام أن يقف مبهورا أما حيوية وثراء تراثنا الغنائى المعبر عن زخم الحراك الإجتماعى وتطوره السياسى والإقتصادى بكل ملامحه وتداعياته منذ حوالى أربعة قرون خلت
لقد لفتنى جمال لغتنا الدارجه التى حملتها لنا تلك الأغنيات بكل أنماطها وأساليبها حتى وإن غاب عن هذا الجهد المقدر إرتباطه بالنص اللحنى وإيقاعته المتنوعه وهذا الأمر سيتكامل بالقطع ولكن ما يهمنى
هنا هو إقتراح بطبع هذه المقالات فى كتاب يكون فى متناول الآلاف فى الداخل والخارج فهل من مثنى لهذا الإقتراح وبخاصة الإخوة والأخوات عمدة المنبر العام ....كلاكما انت والأستاذ خالد تستحقان التكريم
الحقبقى ولكما أكيد التقدير ومستعد للمشاركه بجهد المقل والله من وراء القصد .....

Post: #75
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-14-2012, 06:58 AM
Parent: #39


الشكر للدكتور أحمد القرشي
والأستاذ خالد
....
















ويتعين أن يكون الملف عالياً



*

Post: #60
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-12-2012, 02:10 PM
Parent: #3



الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث

الشكر الجزيل للأستاذ / خالد الشيخ حاج محمود
والشكر لصاحب الملف الأكرم : أحمد القرشي
وتحية للعمل الكبير لنقل المقالات ،وهو عمل كبير وهي دون شك على علاقة بالموضوعات المطروقة .
وتذكرت كتابة الأستاذة والكاتبة : سلمى الشيخ سلامة ، وإن كان من الضروري التوثيق في المعلومات التي ترد في المقالات ، خاصة إذا رؤى أن تكون مادة توثيق .عليه فنحن في حاجة لأسس التوثيق وهي المراجع . وهو ما يغيب عن المقال .


(1)
نعود للمقال بالعنوان :
وهو يتعلق بالمطربة المبدعة " عائشة الفلاتية " أو عائشة موسى ، وتاريخ ميلادها :
أورد ملف في ويكيبيديا ( وعلى الملف ملاحظات من أن المعلومات التي وردت بدون توثيق وبدون مراجع )
وهي تتحدث عن أنها ولدت في أم درمان عام 1922 . وهو بخلاف التاريخ الوارد في المقال (من الأغنيات الخالدة : يا بلال تزورني مرة) بتاريخ 1908 وأنها ولدت في مكان غيره :

Quote: عائشة الفلاتية (فنانة سودانية) هي عائشة موسى احمد واشتهرت بالفلاتيه ولدت في امدرمان عام 1922 وكان والدها قد حضر إلى السودان مع اقاربه من نبجيريا بغرض التجارة وانجب ابنتان وعائشة وكانت عائشه مولعة بالغناء منذ ضغرها وقد استلهمت من الغناء الخفيف المصادر الأولى الذي كان يعرف بالتمتم فحفظت عدة اغنيات تجلت في غنائها لاحقا وكانت تتمنى انت تغني في الاذاعة مثل احمد مصطفى وحسن عطية وسرور وتحققت امنيتها وسمعها الفنان حسن طه زكي فاثنى عليها وعرضها على المستمعين ليستمتعوا بهذا الصوت وهكذا غنت عائشة لاول مرة بالاذاعة اغنية بلال تزورني مرة وهكذا تالق نجم الفنانة عائشة الفلاتية وابتسمت لها الحياة ودخل فنها في قلوب المستمعين اما في المناسبات الموسمية للدولة الا وكانت في مقدمة المشتركين وفي البعثات إلى خارج الدولة كانت دائما فيها وعند عودتها من القاهرة تم تنجيدها من قبل الجيش لتغني الاغاني الحماسية للجنود فكانت تاتي يوميا لتغني للجنود ووصلت احتفلاتها ال كرن في اثيوبيا وعند احتفال نيجيريا بعيدها القومي وارسلت وزارة الاعلام النيجيرية دعوة خاصة لمكانتها الكبيرة في قلوب النيجيرين وكانت تحفظ بعض الاغاني بلهجة القبائل النيجيرية وعلى طريقة اللحن السوداني مما لاقت استحسانا كبيرا تربعت عائشة على عرش الاغنية السودانية طيلة الثلاين عاما وتركت وراءها ثروة فنية توكد اصالتها واصالة الاغنية السودانية وفي عام 1974 رحلت الفنانة عائشة الفلاتية التي كانت تعتبر فنانة السودان الأولى

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A7%D8%...A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9
ملحوظة : بما أن المعلومات التي وردت في ويكبيديا بدون مراجع ، وبالتالي لن نستطيع تأكيدها أو نفيها . ولكنها تقف في مقابل المعلومات التي وردت أيضاًفي المقال المذكور أعلاه بدون مراجع كما تم في المقال ، وبينهما اختلاف ، يحتاج لتدقيق .
(2)

أورد الكاتب معاوية حسن يس في كتابه : من تاريخ الغناء السوداني – من أقدم العصور إلى 1940 – ص 496-497:
ولابد للآشارة إلى أن عبد الرحمن الريح قام بتشجيع الأصوات النسائية ، فقدم للمطربة عائشة الفلاتية " في عام 1941 أغنيتها الجارية على الألسن " يا حنوني عليك بزيد في جنوني " .
المرجع :
- مقابلته مع المؤلف 24/8/ 1989 ( ص 503) من الكتاب
- حديث فني مع الشاعر المبدع عبد الرحمن الريح ، مجلة الصباح الجديد ع 25 ، السنة 3 بتاريخ 23/5/ 1959 ،
ص 14
(3)
أيهما أسبق : الفلاتية أم عبد الحميد يوسف ،حتى يتم إجازة صوت عائشة الفلاتية على أغاني " عبد الحميد يوسف ؟!
ما الصحيح في تاريخ مولدها ومكانه ؟
هذه أسئلة هامة عندما نتحدث حسب العنوان عن " التوثيق لأغاني التراث "
نورد هنا من ملف عبد الحميد يوسف لنتأكد "
Quote: عبد الحميد يوسف
أطلق عليه (ملك الغناء) في فترة ظهوره كفنان وذلك لصوته الأخاذ والقوي والممزوج بقدرة تطريبية عالية.. ولد الفنان عبد الحميد يوسف بالخرطوم في العام 1919م فدرس بالمدرسة الارسالية بالخرطوم اولاً فتخرج منها ملماً بالقراءة والكتابة وقليلاً من الانجليزية. استمع لغناء فناني المرحلة الأولى من الغناء السوداني وهي مرحلة الحقيبة.
فتغنى في بداياته بغناء الحقيبة فأجاد غنائها بصورة مذهلة فكان أحد نجوم الغناء بالخرطوم حين كانت مدينة لا يتجاوز عدد سكانها 65 ألف نسمة وفق احصاء مكتب السكرتير الإداري عام 1940م.
وحين تأسيس الاذاعة عام 1940م ظهر أولاً الفنان حسن عطية ثم أحمد المصطفى يليه ابراهيم الكاشف ثم عائشة الفلاتية وما أن حل العام 1942م وفي أكتوبر منه بزغ نجم الفنان عبد الحميد يوسف مكملاً لرواد الغناء الوتري من خلال الاذاعة. فتغنى بأغنيات الحقيبة المعروفة.

المرجع : مركز المعلومات بالإذاعة السودانية :
http://www.sudanradio.info/bank/lesson-28-1.html
الخلاصة :
لقد ذكر مرجع الإذاعة السودانية أنها ضمن الرعيل الأول منذ تأسيس الإذاعة السودانية في أم درمان ، وجاء بعدها عام 1942 الفنان عبد الحميد يوسف ،
فكيف نصدق أنه تم إجازة صوت عائشة الفلاتية على أغنية من أغنيات " عبد الحميد يوسف " ، كما جاء بالمقال :

كتب: خالد الشيخ حاج محمود:في مقاله ( من الأغنيات الخالدة : يا بلال تزورني مرة :

Quote: وقبل المطربة عائشة كانت المغنية المشهورة (أم الحسن الشايقية) حيث عاصرت الفلاتية (مهلة العبادية وعائشة كرن ورابحة التم تم وميري شريف والرحمة مكي) وبعدها جاءت (فاطمة الحاج وفاطمة خميس ومنى الخير واماني مراد و الثنائي الكردفاني(ام بلينة السنوسي وفاطمة عيسى) وطيبة الهاشمي و ثنائي النغم (زينب خليفة وخديجة) وثنائي السمر ودوانا عبد القادر والبلابل وجداية موسى والتي كانت عازفة على العود مع شقيقتها الفنانة عائشة موسى (الفلاتية) والتي ولدت بمدينة القضارف عام 1908م بالقرب من جبل ماركو وإن كانت اصولها من منطقة (كدونة) بنيجيريا وجاء ظهورها كمطربة مع نهاية الثلاثينات بعد اقامتها في فريق (فنقر) بحي العباسية بأم درمان ، وقد أجيز صوتها على اغنية الفنان عبد الحميد يوسف (اذكريني يا حمامة) ومن ثم انطلقت بالأغنيات الجميلة كمثل اغنيتها (يا سمسم القضارف) خاصة عندما تردد مقطعها الجميل:



وتقبلوا الشكر والتقدير

*

Post: #63
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-12-2012, 10:37 PM
Parent: #60


الأكرم : الدكتور احمد القرشي
تحية طيبة وود كثير
ونحن نثب إلى المعارف ، وحين يكون ملفنا يتحدث عن التوثيق ، يصبح التوثيق مهم . وإن التوثيق للمصادر الشفهية أيضاً موجود .
ونحن جميعاً نتشكك في رواية ( ويكبيديا ) وقد ذكرت أنا بالنص الآتي :


Quote: (1)
نعود للمقال بالعنوان :
وهو يتعلق بالمطربة المبدعة " عائشة الفلاتية " أو عائشة موسى ، وتاريخ ميلادها :
أورد ملف في ويكيبيديا ( وعلى الملف ملاحظات من أن المعلومات التي وردت بدون توثيق وبدون مراجع )
وهي تتحدث عن أنها ولدت في أم درمان عام 1922 . وهو بخلاف التاريخ الوارد في المقال (من الأغنيات الخالدة : يا بلال تزورني مرة) بتاريخ 1908 وأنها ولدت في مكان غيره :


نقطف مما كتب الأكرم : أحمد القرشي :

Quote: بخصوص ميلاد عائشة الفلاتية لا اعرفه بالتحديد ولكن الويكبيديا ليس مصدرا يعتد به في معظم الاحوال حيث ان هنالك الكثير من المعلومات الخاطئة عن الفنانين السودانيين هنالك .
اما تاريخ ميلاد الفنانه عائشة الفلاتية بالتحديد فلم أجد مصدرا يؤكد تاريخ ميلادها بالتحديد ،

أعتقد أننا اتفقنا بشأن مصداقية ويكبيديا ، وهي نفسها لم تثق في المعلومات عن ميلاد أو مكان ميلادها ، ولكنها أيضاً
تشككت في المقال لأنه لم يكن بمراجع . والأستاذ / خلد ذكر دون أدنى شك أنها ولدت في القضارف في تاريخ 1908 دون مصدر يؤيد التأكيد .
ولكننا أيضاً لن نرد وثيقة الإذاعة السودانية عن أسبقية عائشة الفلاتية على عبد الحميد يوسف ، فكيف يتم إجازة صوتها بأغنية عبد الحميد يوسف ؟!

تقبل محبتي وشكري على المواصلة في ملف هام بما حوى وهو مجهود لن نقول في شأنه إلا كل خير ، وهو قطع بثراء المحتوى .
ويبقى خلافنا لا ينقض الملف ، بل نحاول جميعاً أن نحوله إلى ملف توثيقي حقيقي

*

Post: #50
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: حامد الغبشاوي
Date: 11-11-2012, 01:27 PM
Parent: #1

سلامآآآآآآآآآآآآآآت
اخونا وعزيزنا دكتور أحمد القرشي
ماشاءالله مزيدا من التوفيق والشكر للأخ خالد الشيخ حاج محمود للمعلومات الجميله
أخيرا
وصلت الي محطة سودانيز اون لاين
لك الشكر
وان شاءالله دوما معكم علي الخط
مع خالص التحايا
حامد المهدي البشري الغبشاوي

Post: #51
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: حامد الغبشاوي
Date: 11-11-2012, 01:29 PM
Parent: #1

سلامآآآآآآآآآآآآآآت
اخونا وعزيزنا دكتور أحمد القرشي
ماشاءالله مزيدا من التوفيق والشكر للأخ خالد الشيخ حاج محمود للمعلومات الجميله
أخيرا
وصلت الي محطة سودانيز اون لاين
لك الشكر
وانشاءالله دوما معكم علي الخط
مع خالص التحايا
حامد المهدي البشري الغبشاوي

Post: #54
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-11-2012, 02:32 PM
Parent: #51

الأخ العزيز / أحمد التجاني ماهل

سلامات

حاولت ارسال رسالة ماسنجر عبر المنبر لكن لم يتم الارسال

وايضا عن طريق الايميل الموجود في بروفايلك وفشلت

أرجو ان تراسلني عبر هذا الايميل

[email protected]

مودتي


Post: #55
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-11-2012, 09:01 PM
Parent: #54

Quote: وصلت الي محطة سودانيز اون لاين
لك الشكر
وان شاءالله دوما معكم علي الخط


الأخ العزيز / حامد مهدي البشرى

سلامات

أهلا ومرحبا ىبك في سودانيزاونلاين

لا شك انك إضافة حقيقية لهذا المنبر

ونشكر الاخ المهندس بكري ابوبكر لانه جعل وجودك بيننا ممكنا ومتاحا

وتجدنا دائما عزيزي حامد في انتظار اسهامك في هذا المنبر

وان شاء الله سأعمل على الكتابة مرة اخرى في بوست حي البترول

حتى تكتب ذكرياتك عن هذا الحي الرائع

لك التجية وعبرك للأخ العزيز صلاح يس

مودتي




Post: #56
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-12-2012, 03:07 AM
Parent: #55


من الأغنيات الرائدة
مطـــر الـــرشاش

خالد الشيخ حاج محمود
كلما غرب شاعر ويمم وجهه شطر دار الريح ووصل للوادي البقوقي دباسو ( وادى الملك ) والذى وصفه الشاعر/ محمد شريف العباسي بقوله
الوادى البقوقي دباسو فارقناه قمريه وبلومو وناسو
أبو رقبة البعيد اكتافو من خراسو وعندى مقامو أفضل من فريق بى ناسو
حتى تحركت أحاسيس ذلك الشاعر بسبب الأنتقال المكاني والوجداني لخياله كما حدث للشاعر حمزه الملك طمبل والذى عندما أقام فى كوخ صغير فى جبال الصناقر التى تقع علي مشارف مركز سودرى وغالب تلك الصعاب والمتاعب وكان حوله عدداً من الرجال والجمال والجنود جاءوا لمحاربة الجراد الصحراوى ورغم صنك الحياة فى ذلك الكوخ إلا أن الشاعر حمزة تجمل بالطبيعة الفيحاء وانشد من وحي ذلك الجمال قصيدة أصبحت حديث الركبان بالمنطقة .
الشمس خلف الجبال غابت ولاح الهلال
والكون فى العين أمسي حقيقة كالـــــــخيال
كأنما كل شئ مكون من ظــــــلال
وفوق كوخى طيور وخلف كوخي غزال
وحول كوخي نبات من حسكنيت ونـــــال
وغرب كوخى واد نما عليه الســـــــــيال
وقد أنيخت جمال لتستريح الــــــــجمال
هكذا هي دار الريح التى فك طلاسمها الشاعر الشاعر الشعبي عندما قال
دار الريح تاريها مشتول المنقة فيها
بشيل الجوز بزقيها وبحاحي الطير ما يجيها
وحتى حكامات دار الريح أدركهن ذلك الإحساس فكتبن من وحيه مفردات قيمه مثلما فعلت الحكامه / حميده عبد الله شاعرة الليله والليله دار أم بادر يا حليلا ولا سيما عندما استهلت قصيدتها بقولها
الليله والليله دار أم بادر يا حليلا بدور زولي
زولاً سرب سربه وخت الجبال غربا أدوني لي شربه وخلوني النقص دربا
من هذا الفضاء الكبير وعبر الإلهام الحقيقي كتب الشاعر المخضرم / محمد عبد الله ابكر رائعته ( مطر الرشاش الرشه ) بعدما تشبع بحب دار الريح والتى كان يطوفها ويتطوفها أسبوعيا وهو يرى سرب الرهو كأنه سرب حمام حول وأدى أبو زعيمه وأم خروع مما شكل لديه لوحة جماليه صورها بقلمه وهو علي ظهر العربه (الميركورى ) حيث قال:-
سرب الرهو طاير كأنو سرب حمام
الريح ديارو اترشت البندر سكونوا حرام
عد أم خروع لا تنساه لا تقول أتأخرت
أبو زعيمه داك زوروا نزلنا فى أم سنطه
ياسايق الحديد دوسو ولا ترتا بي حالوا
لو أنكسر عجلو أسبيرو فى بدالو
لو القدر جانا يلقانا ابطالوا
ولا عجب أن يكتب الشاعر تلك الكلمات المعبرة لأنه سليل أسره مشبعه بالفن والأدب حيث ان شقيقته من أمه هي الفنانه الشعبيه المشهورة الرحمه مكي والتى كانت تقيم بمنطقة الدومة بأم درمان ولقبت (برحمه الدومه ) ووالدة الشاعر هي زينب أحمد عوض الله وقد غنت الرحمة الكثير من الأغنيات الحماسية منها الوافر ضراعو .
الوافر ضراعو أمنتو الرسول مأمون الوداعة برد دار أبوك
غني يالهويده وجرى النم علي جريت القصيدة
شال السوط عرض قال أخو الفريده أنترو يا جنيات ميس أخوى بعيده
غني الرحمة قالت ياقشاش دموعي والرجافه سالت وقت الصيح وقع والفرسان أن جالت نادو لي حسن تومي الحرابة دارت .
ومن اغنيات الرحمه المشهورة ايضاً .
يا مسافر فراقك لي صعيب من بعدك حياتي كيف تطيب
ولد الشاعر / محمد عبد الله أبكر بالطويشه فى غرب السودان عام 1945م وكان والده يعمل بدونكيها وسرعان ما نقل لإم روابه وود عشانه حيث درس ابنه / محمد الأوليه بالمدينتين ولكنه سافر لمدينة امادى بالجنوب وهناك حن الشاعر محمد لإمه وأرسل أول قصيدة كتبها لشقيقته أم سيل قال فيها
يا أم سيل كيف العمل ودرب الوصال أنا شفتو انقفل
وليكم شوقي طال
يا أم سيل يا رطب النخل صابني الهزال وانا جسمي إنتحل
وصار حالي حال
وبعد عودته من الجنوب عَرفه صديقه الأستاذ الأديب / النور صالح حميده بشعراء الحقيبه سيد عبد العزيز وحدباي لا سيما وان الأخير كان زميلاً لوالده بدونكي أم روابه وقد اسر له الشاعر حدباي بسر ظل فى خاطره عندما قال له ( أى كلام تريد أن تقوله شعراً ترنم به ) كما كان يفعل حدباي ويترنم بقوله الرائع والبديع .
العجب تيها وفى دروعا كابي حرتيها شكلها قيافا ونهيداتها برتكان يافا
(حرتيها بمعني شعرها ) واصل الشاعر محمد عبد الله تعليمه بالمعهد العلمي ولظروف قاهرة لم يستمر فيه وعمل جندياً بالشرطة والجيش والسجون ضمن الفرقة الموسيقية ثم عمل فني تطعيم بهيئة الصحة العالمية قبل أن يختم مسيرته الوظيفية كاتباً بالأسواق والدوانكي .
وفى خريف عام 1970م سافر الشاعر محمد عبد الله مع شقيقة عوض الذى اشتهر بعوض برنجي لأنه كان يعمل موزعاً لسجاير البرنجى فى منطقة دار الريح بعربة شركة البرنجي وعندما وصلا عد ام خروع التى تقع غرب مدينة سودرى وكان العد مليئاً بالماء والمنطقة محفوفة بشجر السيال الذى تشتت منه النوار الأصفر مما استهوى الشاعر ونسي ان هنالك أبيار تشكل خطراً علي حياة الناس عند الغفلة وما أن اخذ الشاعر ماءً من زمزميه العربة وذهب لمشاهدة النوار الأصفر حتى سمع هاتفاً من فتاة تنادى عليه بصوت عالي (يا وليد أعمل حسابك ما تقع فى البئر) عندها رجع الشاعر وشاهد تلك الفتاة التى كانت جميلة وتركب علي حمار مسروج وقد عاجلته بطلب فوري حيث قالت له أن شقيقها مريض وتريد إسعافه بمدينة سودري وقد وافق علي طلبها وفعلاً اصطحبوه معهم وفى سودرى أقاموا أسبوعين بهدف توزيع السجاير ولكن صورة الفتاة ومروءتها لم تفارق مخيلة الشاعر وعندما عاد الشاعر محمد للأبيض تحركت عواطفه بسبب الشجن والمحبة والحزن الإيجابي فكتب رائعته مطر الرشاش الرشة
مطر الرشاش الرشة فى دار كردفان الهشة
أنا عقلي راح وطشه ورى المراح النشه
الوراه سايرات ناس عشه
بت التلب أبو كشه أخت النمور الساكنة فوق الخشة
جات لابسه السوار أبو نقشه بي أحلي العطور مترشة
زينة البنات يا عشه رحماك بي عقيلي الطشه
حالفين يمين يا عشه ما نضوق للنوم هبشه
لوما حنيتي يا عشه ست البكيره الغبشة
وعندما استمع الفنان التجاني حسين للقصيدة عرضها علي المرحوم / الفنان إبراهيم موسي أبا والذى رغماً عن إعجابه بها الا أنه قال أنها تصلح تماماً مع الفنان صديق عباس لأن إيقاعها علي طريقة الجرارى سيما وقد اشتهر الفنان صديق بأداء أغنيات علي إيقاع الجرارى مثل أغنيته المشهورة أم قجه .
جافت بيك أم قجه وطالت بيك المدة
الزول أبو سنن فضه مالوا السلام ما برده
جافت بيك حنانه لي بلد الرطانة الزول الفر قو أذانا حالف ما يطرانا
أبو ورقاتن جالن وأبو دماتن سألن
عنزة السيس يتبارن شالن قلبي وسارن
قام الفنان / صديق عباس بتلحين الأغنية وتقديمها فى أمسية من خلال مسرح فرقة فنون كردفان بحضور الأساتذة / عوض موسي وعوض محمداني كما قام الأستاذ / عوض محمداني بتقديم الأغنية من خلال برنامج رسالة كردفان الإذاعية فى فقرة من إشعارهم ووجدت صدى كبير وكانت بمثابة تشكيل ثنائية بين الشاعر محمد عبد الله والأستاذ/ الفنان صديق عباس والذى تغني بأغنية اتلموا يا كباري من نفس الشاعر ومن مفردات الأغنية الجميلة .
أتلموا يا كباري وشاوروا ألرمالي
بشوف الخيرة مالي أتحيرت أفكاري فى أجمل الحواري
يا طير يا خدارى يا ألبي العلي دارى
سلم علي البر يدو فوق الحلة جاري
أنا بركب اللوارى وبتابع القمارى
بزور الحاج اللين عشان الشاغل بالي
الرقصوه إجباري وزيرتو جات تبارى
تشاشي لي وتظلل من السموم تضاري
لاحظ أن عيون الناس أكبر من السموم لذلك نقول أن العيون حارة أى ساحرة والوزيرة هنا تغطي تلك العيون وتصبح كالظل الذى يزيل السموم خاصة وأن هنالك أغنية تقول:-
( لولا ناري من دموعي كنت حرقت ولولا دموعي من ناري كنت غرقت).
وقد أصبحت تلك الفتاة التى تناولتها أغنية مطر الرشاش الرشة شريكه لحياة الشاعر ومحور إلهامه كما يقول هو وحقاً صدق الأديب والسياسي الشريف زين العابدين الهندي عندما وصف دار الريح من خلال أوبريت سودانية حينما قال .
من مليط مكربت شاقي دار الريح نازل بارا أم فتنه بتسر وتريح
وأتيا سر علي التياره صوتها يصيح ونوخ تقلي فى السهل الكبير وفيسح
لذلك ظلت الأغنية البدوية الرائعة .
يا طبيق ألريحه والريده ليك صحيحة
وأنت كان جافيت كلمني بالنصيحة
ظلت مصدراً لإعجاب الأستاذ / حسن نجيله لما فيها من صدق يهز المشاعر فترقص القلوب معه طرباً وهي تشدو فى جزل ومرح وترقص علي أنغامها حيوية الشباب ونضرة الصبا وزهو الجمال .






Post: #57
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-12-2012, 06:36 AM
Parent: #56

Quote: قطعن وادي الملَوَّي ؤ خبَّن
ؤبنات دعتورة فوق ود العنانيف ربَّن
قَشْ أسَّافِل أسَّاع يا أم عراقيب لبَّن
وليهو ليالي من يوم الأ شبابيب صبَّن


الخبة هي واحدة من عينات حركة الجمل فهي كثيرة منها الخبة والكربتة والنكّيسة ( الله يكفيك شرها دي حاج القرشي)

الخبة من اهدأ واريح قدلات الجمال . عندما يكون الزول راكب في جمل خاب بيهو خبة تتكثف في ذهنه الكثير من الافكار تجده دائما مترنما بابيات من دوبيت . وهي - أي لحظة ركوب الخبة - انسب لحظة لصناعة الابداع الشعري عند إمتطاء العرب للمطايا والمطايا هي الابل. ويقال أجمل بيت قيل في المدح هو الذى قال فيه جرير :

ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح ؟

قرأت أن صنع عبد الملك بن مروان طعاماً فأكثر وأطاب ودعا إليه الناس فأكلوا، ... ( فقال عبد الملك بن مروان لرجل من بني عذرة ) : هل لك علم بالشعر ؟ قال : سلني عما بدا لك يا أمير المؤمنين، قال : أي بيت قالت العرب أمدح ؟ قال : قول جرير :
ألستم خير من ركب المطايا ...... وأندى العالمين بطون راح
قال : وجرير في القوم، فرفع رأسه وتطاول لها، قال : فأي بيت قالته العرب أفخر ؟ قال : قول جرير :
إذا غضبت عليك بنو تميم ......... حسبت الناس كلهم غضابا
قال : فتحرك جرير، ثم قال : أي بيت أهجا ؟ قال : قول جرير :
فغض الطرف إنك من نمير ....... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
قال : فاستشرف لها جرير، قال : فأي بيت أغزل ؟ قال : قول جرير
إن العيون التي في طرفها حور ....... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
قال : فاهتز جرير وطرب، ثم قال له : فأي بيت قالت العرب أحسن تشبيهاً ؟ قال : قول جرير :
سرى نحوهم ليل كأن نجومهم ....... قناديل فيهن الذبال المفتل


يا الله يا حاج احمد القرشي والعبيد ود ابوي الطيب

Post: #58
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-12-2012, 01:13 PM
Parent: #57

Quote: ولكن صورة الفتاة ومروءتها لم تفارق مخيلة الشاعر وعندما عاد الشاعر محمد للأبيض تحركت عواطفه بسبب الشجن والمحبة والحزن الإيجابي فكتب رائعته مطر الرشاش الرشة
مطر الرشاش الرشة فى دار كردفان الهشة
أنا عقلي راح وطشه ورى المراح النشه
الوراه سايرات ناس عشه
بت التلب أبو كشه أخت النمور الساكنة فوق الخشة
جات لابسه السوار أبو نقشه بي أحلي العطور مترشة
زينة البنات يا عشه رحماك بي عقيلي الطشه
حالفين يمين يا عشه ما نضوق للنوم هبشه
لوما حنيتي يا عشه ست البكيره الغبشة

والله عاشه دي مشكلتها عويصه خلاس يا ود شيقوق ويا دكتور القرشي هاكم دي وعليك الله اتمعّن فيها شديد:
الليلة الصعيد أَمْسَن بروقو بِوِجَّن
وشال المزنة فوق سُحبو الكبار ما بِفِجَّن
أسَّاع ناس عاشه ديفة البي الصّنَقَّر دجَّن
قاعدات برَّة فوق تنية بعض بِتْحَجَّن
اها يا ابويا الطيّب في زول وصف أنس البادية بهذه الروعة.........!

Post: #59
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-12-2012, 01:32 PM
Parent: #58

Quote: وقد أصبحت تلك الفتاة التى تناولتها أغنية مطر الرشاش الرشة شريكه لحياة الشاعر ومحور إلهامه كما يقول هو وحقاً صدق الأديب والسياسي الشريف زين العابدين الهندي عندما وصف دار الريح من خلال أوبريت سودانية حينما قال .
من مليط مكربت شاقي دار الريح نازل بارا أم فتنه بتسر وتريح
وأتيا سر علي التياره صوتها يصيح ونوخ تقلي فى السهل الكبير وفيسح
لذلك ظلت الأغنية البدوية الرائعة .
يا طبيق ألريحه والريده ليك صحيحة
وأنت كان جافيت كلمني بالنصيحة
ظلت مصدراً لإعجاب الأستاذ / حسن نجيله لما فيها من صدق يهز المشاعر فترقص القلوب معه طرباً وهي تشدو فى جزل ومرح وترقص علي أنغامها حيوية الشباب ونضرة الصبا وزهو الجمال .

شكرا ليك دكتور القرشي والف محبة للاستاذ خالد ويا ناس الزعيم الهندي جرتو براها في الأبريت دي
من مليط وهي كما تعلمون من اجمل مدن وقري السودان وقد خلدها الراحل الشاعر العباسي في
حيا ك مليط صوب العارض الغادي وجاد واديك ذي الجنّات من وادي
ولقد زرتها كثيرا واجمل ما فيها التعايش بين سكانها برتي والزيادية والشناقيط والتنجر والزغاوة و.....الخ
وبها سوق الزيادية وهو من اجمل اسواق البادية في السودان قاطبةحيث يوجد به كل مستلزمات البادية من الحوايا والُسُرُج واكسسواراتها (الرقبية التركيبة الفروة التويلي الرسَن والحقاب او البطان والمخالي ) واغماد السيوف والاسلحة وزينة الهوادج (الشليل- القفدة أيد الفايقة –ابو الضيول- اللببب المفارع- الضبية – الجراب ) والقراف والقرب والسُقا-ويا حزني واسفي أن كانت قبل ايّام مرتع للقتن والجور والظلم وهي في بالقرب من الفاشر (مكربت) شاق دار الريح والتكربت للجمل ومنها الي بارا والحق يقال بارا من جمالها تسر الانظار ثم اتياسر اي ذهب شمالا واخير (نوَّخ) اي برك في منطقة تقلي المعروفة وسهلها المننبسط والفسيح
لا ادري هل اغنية الرائع عبدالرحمن عبدالله
طبيقاً للعسل دفٌّق
خضار لي البياض صفَّق
شيشك بينا إترفَّق
وسماحا للقليب شفَّق
مأخوذة من اغنية البدوية طبيق الريحة والتي جاراها الراحل الشاعر الضخم الشيخ العباسي كما ذكر ذلك صديقه الراحل الاستاذ الاديب حسن نجيلة في
ولي اربا في ذا الرَّشا ربي يحقق أربي
ولكم محبتي

Post: #61
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-12-2012, 04:41 PM
Parent: #59

الأخ العزيز / عبدالله الشقليني

سلامات

حسب معرفتي بالأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والموضوعات التي يطرقها أنها تعتمد على المعلومات السماعية من الذين عاصروا الأحداث او الذين كانوا جزءا منها ، حيث أن معظم المواضيع التي كتب عنها لم يتطرق لها أحد من قبل لذلك ليس لها مصدر كتابي معروف، وانما هو مصدر هذه المعلومات ،ولقد كتب الأخ خالد الشيخ بعض المصادر في لب الموضوع بالتقائه بشعراء الاغاني أو اهلهم أو من عاصروهم (مصادر سماعية) ، ولقد نشر الاخ خالد جل هذه المواضيع كمقالات صحفية نشرت بجريدة السوداني ، وحسب معرفتي به انه قد يقطع الاف الاميال من اجل معلومة او تأكيد معلومة .
بخصوص ميلاد عائشة الفلاتية لا اعرفه بالتحديد ولكن الويكبيديا ليس مصدرا يعتد به في معظم الاحوال حيث ان هنالك الكثير من المعلومات الخاطئة عن الفنانين السودانيين هنالك .
اما تاريخ ميلاد الفنانه عائشة الفلاتية بالتحديد فلم أجد مصدرا يؤكد تاريخ ميلادها بالتحديد ، لان معظم مناطق السودان لم تعرف سجلات المواليد في تلك الفترة الا في بعض المدن ، ومعظم الفنانين والشعراء اختلف في تاريخ ميلادهم مثل العبادي وسرور وكرومة وخليل فرح وغيرهم حيث قال الأستاذ معاوية حسن يس في كتابه من تاريخ الغناء والموسيقى في السودان إن هنالك ترجمة تقول إن خليل فرح ولد بجزيرة صاى بدنقلا مركز عبري في أكتوبر من عام 1898 وهى السنة التي تم فيها للانجليز والمصريين استعمار السودان ويواصل الأستاذ معاوية حسن يس ويقول إن احمد الطريفى الزبير باشا رحمه الذي كان من اعز أصدقاء خليل فرح ورافقه منذ عام 1923 حتى وفاته وحل خليل ضيفا عليه في داره في مصر إن صديقه ولد في جزيرة ( صاى صاى ) ويجمع عبدالهادى الصديق وحاجه كاشف في ترجمتيهما لخليل فرح على انه من مواليد عام 1898 في صاى بدار المحس ويواصل الأستاذ معاوية حسن يس ويقول إن السيد ابوالقاسم محمد بدري _ وهو من أقارب خليل فرح _ إن الخليل ولد على الأرجح في عام 1895.
الشاعر خليل افندى فرح ولد بقرية دبروسه في منطقة حلفا عام 1894 هذا ما أورده على المك في تحقيقه لديوان خليل فرح عام 1977 ... وكذلك أورد نفس التاريخ فرح خليل فرح والتجانى حسين في كتابهم مجنون عزه وكذلك أورد نفس التاريخ الأستاذ بدري كاشف في كتابه الشاعر خليل فرح بدري ولقد قال إن موطن أجداده الاصلى هو( جزيرة صاى ) عبري – حلفا... أما الشاعر والكاتب مبارك المغربي فلقد قال في كتابه رواد شعراء الأغنية السودانية إن خليل فرح من مواليد سنة 1892 بجزيرة صاى وهو محسى الأصل من عائلة بدري المشهورة ولقد أورد الأستاذ على المك شهادة تاريخها 28/ يوليو 1928 يشير إن تاريخ ميلاد خليل فرح هو 1892 ووقع على هذه الشهادة كاشف حسن بدري كاتب إدارة ضبطية الخرطوم ووقع على هذه الشهادة شخص آخر لم يتبين للأستاذ على المك اسمه ولكنه كان يشتغل صرافا بالمالية وتنص الشهادة على الاتى .....

( نشهد نحن الموقعين أدناه إن لنا المعرفة التامة بالشيخ فرح بدري والست زهرة الشيخ محمد والد ووالدة خليل فرح بدري مستخدم بمصلحة البوستة والتلغرافات السودانية المولود في وادي حلفا بتاريخ أغسطس 1892وان والده الشيخ فرح بدري محسى الجنس مولود بجهة عبري مديرية حلفا . وان موطنه الشرعي حين زواجه بالست زهره الشيخ محمد كان بجهة وادي حلفا بمديرية حلفا وموطنه حين ولد ابنه المذكور كان بجهة وادي حلفا وان والدته الست زهرة الشيخ محمد محسية الجنس مولودة بجهة عبري مديرية وادي حلفا ونشهد أيضا إن خليل فرح تلقى علومه جميعها بالمدارس السودانية وتحررت هذه الشهادة لاعتمادها تحت مسئوليتنا .
تاريخ ميلاد خليل فرح في الشهادة يتطابق مع ما أورده الأستاذ مبارك المغربي في كتابه أما البروفيسور على المك فلقد قال إن تاريخ الميلاد سنة 1894 قد كان في سجل خدمة الشاعر خليل فرح.
أيضا قال على المك في تحقيقه لديوان خليل فرح إن هنالك شهادة أخرى تنبئ إن خليل فرح لم يكن مسجلا بدفاتر مواليد حلفا من 1891 إلى 1895 ولقد تسأل البروفيسور على المك ما الغرض من تحرير شهادة مثل التي وقع عليها كاشف حسن بدري خاصة وإنها جاءت بعد خمسة عشرة سنة من مبدأ عمله بالحكومة ! ونبع تساؤل البروفيسور على المك نتيجة للاضطراب في تاريخ الميلاد ...
ما قصدته من ايراد تاريخ ميلاد خليل فرح ان هنالك اختلافات كبيرة وعدم اتفاق في تواريخ ميلاد بعض المشاهير في تلك الفترة والملاحظ ان الفرق بين السنوات المختلف عليها لايزيد عن ست سنوات ، اما ما كتبه الاستاذ خالد الشيخ والتاريخ الموجود على الوكيبديا فالاختلاف كبير حيث هنالك اكثر من 14 سنة ، وهنا يجب ان نقف قليلا ،نحتاج الى مزيد من البحث والتدقيق ولكن هنالك بعض المؤشرات يمكن ان تساعدنا على تحديد عمر تقريبي للفنانة عائشة الفلاتية حيث انها سجلت أسطوانات لشركة ميشان في منتصف الثلاثينات منها لي زمان بنادي وبلال بلالي أنا وست العربية وبعض الدوبيت الذي صاغ كلماته الشاعر بشير عبدالرحمن شاعر بنت النيل وهو مواليد كسلا جبال التاكا وتربى في بارا ولقد قالت أنها التقت بالفنان اسماعيل عبد المعين وعمرها 14 عاما وهذا ما يؤكد انها من مواليد العشرينات ( لقاء اذاعي ضم الاستاذ اسماعيل عبدالمعين وعائشة الفلاتية ) ولقد رافقها في هذه الاغاني الاستاذ اسماعيل عبدالمعين عازفا على العود وكورسها أبو حراز ،كان ذلك كان سنة 1936 (لقاء صحفي مع رحمي محمد سليمان) ولكنني اقول ان سفرها لمصر كان في سنة 1938 حيث انها سجلت بعض اغاني الشاعر عبدالرحمن الريح والذي كانت اولى اغانيه ما رايت في الكون سنة 1938 والتي سجلها الفنان الفاضل احمد ،وكانت الفنانة عائشة الفلاتية قد تعاقدت مع الخواجه ميشان عن طريق وكلائه نيكولا كاتفيندس وابنه ديمتري على تسجيل عدد عشرين أغنية بمبلغ ستين جنيها ، و سجلت هذه الاغاني على فترتين كانت الفترة الثانية في بداية الأربيعنات وكان ذلك بمصر حيث انها إعتذرت عن الذهاب الى ليبيا مع الفنانين سرور وحسن عطية واحمد المصطفى بسبب التعب وقالت انها ستغني للجنود عند عودتهم من الميدان ولقد كان ذلك . وعائشة الفلاتية هي أول فنانة تغني في الاذاعة في بداية الأربعينات ويقال ان الحاج محمد احمد سرور قد قد حضرالى الإذاعة ووجدها تغني فحلف بقسم غليظ إن الإذاعة التي تغني فيها امراة لا يدخلها ولا يغني فيها وبالفعل لم يصدح سرور في الإذاعة منذ تلك الحادثة حتى وفاته باريتريا ستة 1946 ،ولقد توفيت عائشة الفلاتية في 24/2/1974 وأذكر ان نائب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت اللواء الباقر قد شارك في تشيعها.
شكرا عزيزي الشقليني لحضورك ومشاركتك





Post: #62
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-12-2012, 08:03 PM
Parent: #61

Quote: ذا الناظر الحكيم عندما عاد احد اقاربه من السعودية (ابوعرقوب)بعد غياب دام اكثر من خمسة سنوات وذهب ليسلم علي الشيخ فسأله الشيخ قائلا:- ( هسع جيت بعد كم سنة؟ ليرد حامد: بعد خمس سنين فيقول له الشيخ ما إتطولو الطُوَل فيها الهُول إتَّ ما شفت العربية الرسَّل ليها ابوعيالها الشنطة والمصاريف من ليبيا ومارجع قالت ليهو شنو:-
وَد الناس الكُسَّر
ؤخيرك ما يتبسَّر
مُرسَالَك تََبْ ما قصَّر
لكن وين الما بِترسَّل


عزيزي عبيد ةالطيب

سلامات
رحم الله الشيخ محمد فضل الله الاعيسر المشهور بالهرديمي

كان رجلا حكيما وشجاعا وقويا ، التفيت به كثيرا عندما كنت صغيرا

في زياراتي لام بادر كما ربطتني علاقة ود مع ابنه احمد

ما زلت أذكر الشيخ واخوته شيخ قسم الله والحاج محمد احمد

لهم الرحمة والمغفرة ودائما ما اجدهم مع والدي في دكان أبو جيب

بام بادر

الرجاء مواصلة الكتابة عن هؤلاء الكبار عزيزي عبيد

مودتي


Post: #64
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: حاتم محمود الجاك
Date: 11-13-2012, 09:14 AM
Parent: #62

ارجو ان يتدافع المهتمين باغاني التراث لاثراء هذا البوست الرائع
شكرا استاذ احمد وماتنسى تنقله معاك للربع الجايي
ومتابعين باستمتاع

Post: #65
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-13-2012, 10:16 AM
Parent: #64

Quote: والله عاشه دي مشكلتها عويصه خلاس يا ود شيقوق ويا دكتور القرشي هاكم دي وعليك الله اتمعّن فيها شديد:
الليلة الصعيد أَمْسَن بروقو بِوِجَّن
وشال المزنة فوق سُحبو الكبار ما بِفِجَّن
أسَّاع ناس عاشه ديفة البي الصّنَقَّر دجَّن
قاعدات برَّة فوق تنية بعض بِتْحَجَّن
اها يا ابويا الطيّب في زول وصف أنس البادية بهذه الروعة.........!


بالله تأمل في عبارة (يوجّن) ما اعتقد متوفرة في قواميس اللغة العربية ولا حتى في كتاب الراحل البروفيسر عون الشريف قاسم (العامية في السودان)

يوجن تعني يلمعن بنور ساطع زى نور اللحام يا حاج القرشي اخوي

وشال المزنة : المزنة هي العفرتة والعفرتة نوع من السحاب الراحل ( الله لا قطع فيك عفرتة في الخلاء يا العبيد اخوي)

الغنّاي قال :


والبدر المنير اللينا حول من طلّو
نحمد ربنا الراد لينا تاني نطلّو
الندى منسكب عبق الربيع من طلّو
والمزن البعيد بي إنشراح يهطلّو


ملاحظ يا العبيد اخوى شاعرك قال ( وشال المزنة .... اعتقد الصاح وشالن لانو الضمير يعود هنا للبروق وليس للصعيد فالبروق هي التي تشيل المزنة والسحاب وليس الصعيد ) او ربما يكون الشاعر قد قصدها هكذا لإحكام نظم القوافي


يطول عمرك يا العبيد فقد امتعنا إيما متعة

Post: #66
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-13-2012, 10:57 AM
Parent: #65

Quote: والبدر المنير اللينا حول من طلّو
نحمد ربنا الراد لينا تاني نطلّو
الندى منسكب عبق الربيع من طلّو
والمزن البعيد بي إنشراح يهطلّو


الكترااااااااابل دي زول فاشرو بعيد خلاس قافية صعبة جدا وبعيدين طلّو تلات مرات اولاشبها بالقمر وسنة كاملة من شوفتو او كرمو وربنا هوّن ليهو زيارتو
يعني طلّاهو او تاقو او اتَّاوقو ولكنها خفيفة وحتي عبق الربيع من طلِّه اي الندي(إن لم يصبها وابل فطل) وحتي المزن البعيد يهطل عليه وكمان بي إنشراح .............! دي جنّنتني جن
والله المقطعين الاخيرين ديل لوحة من الطبيعة يا ابوي الطيب ودشيقوق وكمان حيرتني (بوجَّن الزي اللحام) اقرب وصف

Post: #67
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-13-2012, 11:20 AM
Parent: #66

Quote: أتلموا يا كباري وشاوروا ألرمالي
بشوف الخيرة مالي أتحيرت أفكاري فى أجمل الحواري
يا طير يا خدارى يا ألبي العلي دارى
سلم علي البر يدو فوق الحلة جاري
أنا بركب اللوارى وبتابع القمارى
بزور الحاج اللين عشان الشاغل بالي
الرقصوه إجباري وزيرتو جات تبارى
تشاشي لي وتظلل من السموم تضاري
لاحظ أن عيون الناس أكبر من السموم لذلك نقول أن العيون حارة أى ساحرة والوزيرة هنا تغطي تلك العيون وتصبح كالظل الذى يزيل السموم خاصة وأن هنالك أغنية تقول:-
( لولا ناري من دموعي كنت حرقت ولولا دموعي من ناري كنت غرقت).

دكتور القرشي سلام ولضيوفك الكرام
السَّموم المقصودة هنا بفتح السين وضم الميم هي هواء ساخن جدا او نوع من الرياح مصحوبة بحرارة لاسعة
الرَّمالي من الرمل وهو صاحب الرمل ويطلقون عليه في بوادي الغرب الخطَّاط وفي الرمل ايضا العاذب الغير متزوج (كالطريق والتقل والجبَّار والرسن)
وفيه المتزوج مثلا الصَّرّة وهي للقروش والمال وزوجها الضامِر والحُمْرة وزوجها المحزوم و ونجد الرمل او الرمالي وردت كثير في اشعار البوادي والارياف
فالكباشية التي نشق زوجها الي الجنوب مع ابله تقول:-
خطاطة خُطي زيدي
بَكْريكي بي مجيدي
شوفي لي نديدي
وفي البلد البعيدي
بَكْريكي اي ارشوكي من الرشوة وهو ما يمسي عند الرماليين (البَياض) والمجيدي هو الريال ابو عشرين ومنسوب لعبد المجيد
ودائما نجد الرماليون يرمزون للسفربالطريق
في الخط صادرك محزوم طريقك خبَّا
هجام دكة البادية أُم نحاساً دَبَّا

Post: #68
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الأمين عبد الرحمن عيسى
Date: 11-13-2012, 11:36 AM
Parent: #66

الإخوة الكرام أحمد القرشي وخالد الشيخ حاج محمود وضيوفكما .. لكم مني التحايا
هذا أدب رفيع وتنقيب وبحث ممتع .. أسعدتمونا بهذا العلم الغزير وهذا العرض لموروث السودان من التاريخ والمواقف والرجال والفخر والحماسة..
حفظكم الله جميعا ..
الأخ عبيد الطيب .. جاء ذكر أحمد عباس في إحدى مقالاتكم ..
Quote: هذا إلى جانب حضور آخرين من خارج البلاد واقامتهم بدار الكبابيش من الشناقيط وغيرهم كالشريف المولود واحمد عباس ابو سنينه والذي كتب قصيدة معبرة ارسلها لصديقه التاجر الحاج بشير ابوجيب حملت اشواقه لتلك المنطقة عندما غادرها عائداً لبلده موريتانيا حيث قال في بعض مقاطعها:
وهل عامر من بعدنا دار عامرٍ بحيث وفود القوم تأتي وترجع
ودار بشير هل بها بات سامرٌ أم انفض منها سامر وتوزع
وبيت حماه الله للهو واسع وأوسع منه الوقت والصدر ارحب
واحمد منصور خليلي ومالك حبيبي لكل منهم في فؤادي موضع
ومن جاور النوراب عزّ مكانه وكان له منهم ملاذُ ومفزع
إذا اجتمعوا بالمرّ يوم المشورة رأيت صفات الجهل بالحلم تقرع
ترى أقوياء الناس للمر خضع ولكنه للجار والضيف يخضع

هذا لقاء معه أجراه تلفزيون السودان


Post: #69
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-13-2012, 12:47 PM
Parent: #68



هدية للملف وأحبابه (1)

*

Post: #70
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-13-2012, 03:04 PM
Parent: #69

Quote: رجو ان يتدافع المهتمين باغاني التراث لاثراء هذا البوست الرائع
شكرا استاذ احمد وماتنسى تنقله معاك للربع الجايي
ومتابعين باستمتاع


الأخ العزيز/ حاتم محمود الجاك

سلامات

أتمنى ان يشارك كل المهتمين بالتراث السوداني لإثراء

هذا البوست فما يميزنا نحن كسودانيين ذلك التنوع الثقافي

في كل المجالات مما يتيح ةللجميع الكتابة والتوثيق حسب المنطقة والثقافة والفكر

سعيد جدا بحضورك ومشاركتك

ولك كل احترامي وتقديري



Post: #71
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-13-2012, 03:55 PM
Parent: #69

من اغنيات التراث
احمر عين هوشوه


كتب خالد الشيخ حاج محمود .
اسس السلطان مسبع ابن احمد المعقور سلطنة المسبعات بكردفان علي غرار حكم شقيقه السلطان سليمان سولنق لمملكة دارفور والتي توسعت في عهده عام 995 هـ حتي بلغت مناطق زغاوه والكبابيش وكانت الفاشر عاصمة للمملكة ولكن مسبع جعل قرية ام دكيكه التي تقع شمال غرب مدينة الابيض وعلي حدود دار حامد عاصمة له وكان مسبع يدفع مبالغ من المال (طلبه ) لشقيقه حاكم دار فور سولنق نظير حكمه لكردفان وعندما آل الحكم للسلطان هاشم المسبعاوى رفض دفع الطلبه مما جعل السلطان تيراب يقود جيشاً للقضاء علي حكم السلطان هاشم والذى هرب من ام دكيكه واحتمى بمملكة سنار ولما لم يجد السلطان سبيل لمهاجمة قوات هاشم خشية الدخول في قتال مع قوات مملكة سنار والتي كانت اكثر عدداً واكبر عتاداً من قواته لذلك عاد لمدينة بارا وقام بتنصيب الامير عبد الرحمن الرشيد حاكم علي كردفان في عام 1787م وعندما اراد السلطان تيراب الرجوع للفاشر شعر بمرض عضال وتوفي ببارا وحنط جثمانه باللبخ والتمر هندى والسدر والجميز لا سيما وان مدينة بارا غنيه بتلك الاشجار والتي وصفها الشاعر عبد الله عبد الرحمن الضرير بقوله
هناك في كردفان اي متسع * للطرف في باره او ارض خيران
حيث البداوه في احلى مناظرها * والابل طالعه مابين كثبان
فالسرح والسدر والجميز كارعه * من صيب القطر او من فيض غدران
وحتي الشاعر يوسف كوريت عندما هام حباً بحسناء في مناطق دار حامد كانت كشجرة الدليب تضلل بعيد انشد
ود اريل خريف الفي الجماميز ساكن * وما باكل حشيش الا الزراعتو مساكن
نهدك مدفع القرض العرب في سواكن * تحنى علي البعيد وانا بى جوارك ساكن
حمل جثمان السلطان تيراب بعد تحنيطه علي ظهر الجمال لمقابر السلاطين بالفاشر وعندما توفي السلطان عبد الرحمن الرشيد عام 1802م خلفه ابنه السلطان محمد الفضل ولكن المملكة اصابها الضعف والوهن خاصة بعدهروب السلطان هاشم والذى كان اقوى حكام المسبعات
وفي عام 1812م عيين المقدوم مسلم حاكماً علي كردفان والمقدوم وظيفه اداريه تعني نائب السلطان وكانت نيالا بها مقدوميه تابعة لادارة مملكة دار فور بالفاشر وكان المقدوم مسلم حاكماً شجاعاً ومهاباً لم يرعبه ويخيفه الخطاب الذي ارسله له الدفتردار والذى طلب منه الاستسلام وتسليمه كردفان وذلك قبل ان يتحرك الدفتردار من دنقلا عبر الصحراء طالباً كردفان في عام 1821م وجاء رد المقدوم مسلم قوياً للدفتردار رافضاً مبدأ الاستسلام بل استعد لحربه تماماً وقام بحفر خندق القيقر بمدينة بارا وفي يوم الاربعاء 17 ابريل 1821 التقي الجمعان عند خندق القيقر بباره وقتل المقدوم مسلم في شجرة عرديبه بالقرب من الخندق وبهزيمة قوات المقدوم مسلم سقطت مدينة بارا والابيض في يد الغازى التركي الدفتر دار لا سيما وان مدينة الابيض لم تكن بها اى قوه عسكريه اخرى ولكن الاتراك قاموا بانشاء اربعة حاميات عسكريه هي برنجي وتلاتجي بلك بالابيض وكنجي واربعجي بلك بباره ونتيجه لانشاء تلك الحاميات وتشتيت القوه بين بارا والابيض اضحت مدينة بارا تتعرض لهجمات وغارات من الشفته واللصوص خاصة وانها كانت مدينه تجاريه كبيره وعلي خلفية عزل شيخ الجوابره عثمان ود حامد من الادارة في عام 1875 بسبب توزيعه الطلبه لاهله عندما حلت المجاعه بالمنطقه انكسرت هيبة الحكم في منطقة ازحف عاصمة الجوابره فهجمت مجموعة من اللصوص والشفته عليها في عام 1881م ونهبوا المنطقه بعد قتلهم ثمانين شاباً ( وما عرف تاريخياً بكتلة ازحف ) ولكون ازحف تابعة ادارياً وعسكرياً لبارا وكان قائد حامية بارا انذاك النور بيه عنقره والذى جاء من دنقلا والتحق بقوات السلطان محمود بحلفاية الملوك والسلطان محمود ينتمي للسلطان شاويش ملك الشايقيه ثم التحق النور عنقره بقوات الزبير باشا بمنطقة بحر الغزال في ديم زبير وراجا وشهد حرب الزبير باشا مع السلطان ابراهيم قرض في معركة منواشي بدار فور والتي انتصر فيها الزبير علي ابراهيم قرض وانتهت تبعاً لذلك مملكة الفور ولحقت دار فور بالحكم التركي وكان جزاء سنمار للزبير باشا من الادارة التركية حيث قامت باستدعائه للسفر لمصر وتم نفيه في جزيره بجبل طارق وتم نقل النور عنقره لحامية باره مقدماً وقائداً لحاميتها ونال لقب بيه
لم يجد النور عنقره افضل من سحب القوه من ازحف لباره حيث خندق القيقر وبقية القوه الموجوده بالحاميه خاصة وان اللصوص كانوا في طريقهم لباره وكان معه في قيادة الحاميه محمد ود عوض والعونى ود عبد الله ونقد الله ود عمر ومن الاتراك مسرور افندى نعيم والسنجك محمد اغا يعقوب وابراهيم اغا كاشف ولكن وصول النساء لخندق القيقر بباره كان المشكلة الحقيقه خاصة
وانهن كن مترفات وثقيلات السير مما يستدعي تدريجهن وقد تصدى لتلك المسؤليه الفارس نقد الله ود عمر بكل حنكه ورباطة جأش واستطاع ان يوصلهن خندق القيقر بسلامه كامله فاعجب الامر الشاعره كلتوم بت جابر محمد عبد الرازق والتي كانت ضمن النسوه فانشدت قصيدتها:
سام الروح سبلا * وانا اخوى جبل الضرى
سيد ام رطين ما ضل فارس الالف نقد الله
يسلملي خال فاطنه * بلالي البدرج العاطله الخ ... القصيدة
قام النور عنقره بتنظيم القوه بحامية باره ووضع الخطه اللازمه لصد اللصوص والغزاه عن المدينه واستطاع ادارة معركه حقيقه من داخل خندق القيقر وهزمهم تماماً مما جعلهم يهربوا تجاه القيزان المحيطه بالمدينه لعلها تحميهم من بطش الفرسان ولكنه طاردهم مع مجموعة الفرسان حتي قضي عليهم في معركه استغرقت يوماً كاملاً ولما شاهدت حكامة النور عنقره بحر النيل شجاعته وقوة الفرسان كتبت قصيدة معبره عن اعجابها بالنور ورفاقه ومعييره للغزاه خاصة بعد هروبهم
يانارى لي الما بقدروه * احمر عين هوشوه
احمر عين مابنلام * الاسد الجاي من قدام
هز فيكم جرح الظلام * السوالكم ميس العظام
السبقتوا الخيل باللجام
احمر عين يابليـه * سايق الديش تلتميـــــــــه
يوم جاكم بالبندقيه * وفناكم بيها فنيـــــــــــــــه
احمر عين هز فيكم * عز الضحى وشاف جريكم
من شايبكم لي صبيكم * كان جريتوا الموت راجيكم
اتلومت يا ابو ضهير * وشرطت التوب الكبير
وكسرت الشدر بالطفير
المات منستر * احمر عين بقالكم نكير
هذه المفردات الحماسيه من الحكامه بحر النيل تغني بها الفنان ود النور بمنطقة الخيران والطويل وباره ثم تغنت بها الفنانه النحل وبت المدير بالبشيري واصبحت من اغاني التراث الرائجه بالمنطقه والتي وثقت لمعركة القيقر بالمدينه ولشجاعة النور عنقره ومجموعه الفرسان بتلك المعركه المشهوره بالمنطقه







Post: #72
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-13-2012, 05:51 PM
Parent: #71

Quote:
لقد ذكر مرجع الإذاعة السودانية أنها ضمن الرعيل الأول منذ تأسيس الإذاعة السودانية في أم درمان ، وجاء بعدها عام 1942 الفنان عبد الحميد يوسف ،
فكيف نصدق أنه تم إجازة صوت عائشة الفلاتية على أغنية من أغنيات " عبد الحميد يوسف " ، كما جاء بالمقال


الاخ العزيز / عبدالله الشقليني
سلامات وأشكرك كثيرا على إثراء النقاش
حسب علمي ان الحاج عبدالحميد يوسف بدأ الغناء في بداية الثلاثينات قبل الفنانة عائشة الفلاتية ، ،ولقد غنت الفنانة عائشة الفلاتية في الإذاعة أثناء الحرب العالمية القانية وحسب ما ذكر البروفيسور الفاتح الطاهر في كتابه ( أنا ام درمان _تاريخ الغناء والموسيقى في السودان صفحة 60) إن اسماعيل عبدالمعين قد سافر الى مصر سنة 1939 بهدف التحصيل العلمي في معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية ، وهي الفترة التي سجل فيها اسطوانات مع عائشة الفلاتية وهذا ما يؤكد حديثي السابق بأن الفنانة عائشة الفلاتية سافرت الى مصر بعد سنة 1938 مما يرجح انها من مواليد العشرينات كما قلت سابقا ، اما عبدالحميد يوسف فلقد كان يغني قبل تلك الفترة ،ولقد ذكر في لقاء إذاعي مع الإعلامي محمد خوجلي صالحين أجراه معه سنة 1965 انه بدأ الغناء سنة 1931 قبل حسن عطية واحمد المصطفى والكاشف حيث لم يغنوا في ذلك الوقت ،وذكر الحاج عبدالحميد يوسف للإعلامي محمد خوجلي صالحين ان الفنان حسن عطية كان في ذلك الوقت تلميذا ، وقال الفنان الحاج عبدالحميد يوسف أيضا في هذا اللقاء إنه كان يغني في ذلك الوقت أغاني الحقيبة التي لحنها كرومة وسرور والأمين برهان وكان يغني بالرق ومعه بعض الفنانين حيث كونوا ناديا فنيا وكان له شعراء يمدونه بأغاني خاصة يتغنى بهم في الحفلات وكان معه من من الفنانين عبدالرحمن فضل وعبدالوهاب الطاهر . ولقد دخل الإذاعة يوم 8/2/ 1942 بعد سنة من تأسيسها ، بينما بدأ البث في الاذاعة في 1/ إبريل 1941 ولقد قال انه استمع لأول مرة من الإذاعة للحاج محمد أحمد سرور ينشد الدوبيت كما استمع للفنان حسن عطية في اغنية خداري ، وكانت اخر مرة يغني فيها الحاج عبدالحميد يوسف في الاذاعة سنة 1952 ، ولقد سجل للإذاعة 11 أغنية حسب حديث محمد خوجلي صالحين لكن الفنان عبدالحميد يوسف قال ان له 180 أغنية معظمها سجلها للإذاعة القديمة ولكنها غير موجودة في الإذاعة الجديدة ، .( لقاء اذاعي مع عبدالحميد يوسف في برنامج أهل الفن والذي كان يقدمه الاستاذ محمد خوجلي صالحين سنة 1965)
لحن وغنى الفنان عبدالحميد يوسف أغنية شاغل فكري حبك للشاعر محمد بشير عتيق سنة 1939 كما لحن عدة اغاني للشاعر محمد بشير عتيق في سنة 1940 منها( تيه بي دلالك وانفرد ، أذكريني يا حمامة ، السلام يا روحي ما غنى الحمام ) ، وفي بداية الاربعينات ولفترة طويلة أصبحت اغنية اذكريني يا حمامه هي الأغنية التي يمتحن بها الفنانون لإجازة أصواتهم للإذاعة في الفترة ما بين سنة 1941 وسنة 1945( برنامج اهل الفن مع محمد خوجلي صالحين سنة 1965) ومن الفنانين الذين اجيز صوتهم بهذه الاغنية احمد المصطفى والذي استمع اليه الاستاذ حسين طه زكي فأعجب بصوته وقدمه للإذاعة فغنى أذكريني ياحمامه للفنان عبدالحميد يوسف ثم قابلته مع البياح وجبال التاكا وهي من الحان الموسيقار اسماعيل عبدالمعين . وأغنية اذكريني يا حمامه تغنى بها معظم الفنانين حيث امتلك تسجيلا لها بصوت أحمد المصطفى وحسن عطية وعثمان حسين وعبدالعزيز محمد داوؤد . وكان الفنان عثمان حسين يعزف العود للفنان عبدالحميد يوسف قبل ان يحترف الغناء ، ومن اشهر أغاني الحاج عبدالحميد يوسف غضبك جميل زي بسمتك وهي للشاعر حميدة أبو عشر. ولقد ذكر ان ىاول اغنية خفيفة تغنى بها كانت سنة 1947 وهي اغنية الهجروك عليا.
الفنان عبدالحميد يوسف كان يسكن في السجانة وكان يعمل في المقاولات .
في انتظار مشاركاتك المفيدة والقيمة عزيزي الشقليني
مودتي





Post: #73
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: بجاوى
Date: 11-14-2012, 03:04 AM
Parent: #72

شكرا كتيييير الاستاذ احمد القرشى واسمح لى باضافة هذا الفيديو وهو من تقديم المؤرخ الطيب محمد الطيب


Post: #74
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: صديق الموج
Date: 11-14-2012, 06:27 AM
Parent: #73

Quote: إخوتي الحاج القرشي والعبيد الطيب

Quote: (البوسيب نوع من النبات الاخضر ينمو خارج الماء ، والستيب نبات اخضر ينمو داخل الماء ، اما الكوشيب فهو النبات الذي وقف عن النمو وعادة يكون بعد الحصاد ويسمى بالخلفة ويستفيد منه المساكين ويصبح هدفاً للطير،


البوسيب ليس نوعا من النبات وانما نوع من التربة التي ينمو عليها ذلك النبات

والارض البوسيبة هي الارض المتربة ، والارض المتربة عادة لا تفّرّط في اى قطرة ماء تهطل عليها - أي لا تترك قطرات الماء تسيل على سطحها لتذهب الى المرانع ( المرانع جمع مرنع وتعني الميعة ) وانما تمتصها بداخلها فتنبت الوانا من الخضراوات اليانعة .

اما الكوشسيب فصحيح ربما يكون كما تفضلتم به من تعريف غير اني ارجح ان يكون الكوشيب هو مخلفات الزرع بعد حصاده - مثلا عندنا في القرى تزرع المغاير (جمع مغورة) في اطراف المنازل بالعيشريف او التبش . فبعد ان يقوم اصحابه بحصاده يتركون القصب واقفا وربما تكون فيه بعض من قناديل العشريف منسية فهذا في راي هو الكوشيب .


احمد العزيز يا الطيب ومعاكم الطيب صاحبى المسينيح
السلام من حاصف لا قاصف
اول شى والله ده من امتع البوستات فى الخمسه سنوات الاخيره ومتابعكم
كلما فرغتم من وضع اقلامكم ، اتى الى هنا خلسة لاتطيب ،فهذا حق عطور باذخ
وباقة ورد يتضوع منها العبير، فالشكر لكم الاعزاء الطيب و الطيب وموضع
السجده والسنده و الشكر انت اخى د. القرشى والتحية عبركم للاخ خالد الشيخ
واتمنى ان يمر الاخوان من هنا فجلنا مشغول فى قيامة السودان ومشدوهين فى
ساس يسوس قاتلها الله فقد افرغنا جل عمرنا بين دهاليزها وجخانينها وبرازخها
املاً فى ان يعود السودان الجميل..

وناتى لما تفضل به الاخ الطيب شيقوق وهو شرح وافى كافى فعلا البوسيب
الارض المتربه اما النبات شديد الاخضرار اليانع فيسمى الفوسيب ،
وفى ذلك يقول عمنا البشروقى وهو من شعراء نهر النيل منطقة الصلوعاب ريفى المتمة :

لا حجيت ولا مدُن ده الفوسيب وده اللبن
فى هم ديل وديك يربن سمح توب الله فوقن قن

فهو لم يحج ولم يزور المدينة حارساً الفوسيب واللبن و اللبنه من مراحل نمو القصب..
عمك يخرج دفعه دفعه تقول عمك ابوكدوك فى الكلية الحربية (لوووول)
ويقول اخر:
فوسيبة التقنت التوريقو قلبو الارقو
قول لعاشقه رقابو البضوقو بشرقو

وفوسيبة التقنت هى القصبة التى تنمو فى طرف جدول المويه (التقنت) فتنكون يانعه شديدة الاخضرار
لانها تستأثر بحظاً وافراً من الطمى الذى يتراكم على طرف المجرى و تنال قدراً اكبر من الماء ..
ومعروف عن رقبة القصبه (الرقابة) هى اقل اجزائها حلاوة مش يا بتاع العنكوليب انت هههههههه..
ولكن فى هذه الفوسيبة الوضع مختلف حتى الرقابة فسكرها يشرق ويعشرق فى الحلق...
(احى انا وكرررررر على، دى من عندى يا المسنوح)

و مثل ذلك يقول امير شعراء السودان الحاردلو:
البارح انا وقصبة مدالق السيل ( وهى فوسيبة التقنت نفسها)
فى ونسة وضحك لامن قسمنا الليل
وكت النعام اتشنكتنبو الخيل
لاجادت لا بخلت على بلحيل
احمد والعبيد و المسنوح خسمتكم بالمصطفى تواصلو وكان تعب منكم جناح فى السرعه زيدو
هنا بتريحونا و بترتاحو فى ضل نالة احمد التريانه و فروعا قراب دى،،،

Post: #76
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-14-2012, 11:32 AM
Parent: #74

الشعر الحواري في بادية الكبابيش


كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
تقع بادية الكبابيش في منطقة دار الريح بولاية شمال كردفان بين خطي عرض 8-14 درجة ويحدها وادي المقدم شرقاً ودارفور غرباً وجنوباً تحد بالخط الوهمي الممتد بالتقريب من شمالي ام بادر بين جبلي (الص(.........) و أبو فاس) حتى كاجا وسودري وجبال كتول وشمالاً تحد بالصحراء ومناطق شرشار وكجمر وأم سيالة البولاد وفضلية ومنطقة الشقيق القريبة من النيل مما جعل تلك البادية شائكة التفاصيل بسبب المرحال الموسمي للرعاة والذي يصطدم أحياناً بالحقوق الثابتة لبدو دارفور بحساب أن الناس شركاء في ثلاثة (الماء والنار والكلاء) وقد أورد الدكتور عبد الله على ابراهيم في كتابه (فرسان كنجرت) بأن سكان دار الكبابيش في نظر حكامهم العشائريين (النوراب) ينقسمون لمجموعتين احداهما الكيان القراييي التاريخي النوراب والاخرى القبائل التبع لهم حيث أن النوراب هم أبناء فضل الله ود سالم (التوم ، بلل، كرادم، صالح) وأولاد قريش وعوض السيد وأولاد فحل وأولاد الكير ودار كبير ودار أم بخيت ودار سعيد وأبو شاية، والنوراب كمجوعة تاريخية هم جزء من الباعج وهو كيان يضم معهم الربيقات والحواراب والكبيشاب والباعج هو الوسم العام الذي تضعه هذه المجموعة على ابلها علماً بأن الكبيشاب ظهروا في فترة الشيخ الساني 1780م – 1804م إبان الصراع مع بني جرار بينما برزت دار سعيد في عهد الشيخ فضل الله ود سالم حوالي 1832-1875م ابان الصراع مع الحمر وقد قاوم النوراب المهدية بقيادة شيخهم صالح فضل الله ود سالم المشهور بصالح جلطة عام 1887م كما ظلت السلطة عندهم حكراً على احفاد الشيخ فضل الله ود سالم وقد اضيفت مجموعة لسلطتهم منهم اولاد هوال وعون وطريف والطوال والغليان والحامداب وأولاد سليمان والبرارة ود مطر والسراجاب الدغيمية والبشاراب من العوائدة البيض، أما مجموعة الكبابيش فتكوينها تاريخي لا قرايبي كما يرى الدكتور عبد الله على ابراهيم ، ومن تلك الفروع العطوية والسراجاب وأولاد عقبة والرواحلة والعوايدة وأولاد طريف والبرارة وأولاد هوال وحماداب والطوال والحواراب والكبيشاب واولاد عون وسليم والربيقات والزنارخة والعدوسة وغيرهم، وتقوم حياة الكبابيش كبدو على الشوقارة في منتصف الصيف حيث تتجه الابل صوب الجنوب الغربي ويصادف ذلك هطول الامطار بغرب كردفان وجنوب دارفور ثم يجئ الدمر في فصل الخريف عندما يتحرك المرحال في اتجاه غربي بالقرب من جبل ميدوب ويتم لقاء الرعاة في منتصف الخريف ومن ثم يبدأون النشوغ في مراعي الخريف وبعده يكون الموطأ وهو رحلة العودة من مراعي الخريف للمدامر مروراً بالأضى حيث يتجه الرعاة للمرعى في شمال دارفور وما يسمى بالشريط الاحمر وربما يخترقون الحدود حتى يصلوا لتشاد والصحراء الليبية طلباً لمرعى الشتاء المسمى بـ(الجزو) ولكن هنالك بعض الباحثين والمؤرخين كالأستاذ بشير جاد الله فرح يرون بأن الكبابيش هم أحفاد كبش ود (عبد الله الجهني) وينقسمون لثلاث وستين فرعاً باعتبار أن أغلبهم هاجروا من اليمن في القرن التاسع عشر الميلادي و(الكبش) هو القائد والزعيم ولأن المهدية نكلت بهم وخاصة النوراب لذلك كانوا يراقبون عن بعد ما يجري في أورقتها خاصة ظاهرة الانقلاب الذي طرأ على حياة أهل السودان آنذاك وفقاً لمنهاج الثورة المهدية ولعلها لم ترق للكبابيش مما جعل شاعرهم يكتب نقداً ساخراً حينما قال:
مقدم ناس لفيت أبو دقناً راخيها طاقيته سعف بي إيده شافيها
وجبته مرقعة حتى الجلود فيها من دقشن كبير صلاته باديها
لا عارف ليها فقه ولا جيها أن ذاكرك بالجنة تقول كان فيها
وعندما اعدم الامام المهدي ناظرهم الشيخ التوم ود فضل الله بمنطقة جنزارة بمدينة الأبيض كان أخوه صالح جلطة مقيماً في منطقة القعب غرب دنقلا وكان يضور حقداً على المهدية كما يرى الكاتب محمد عبد الرحيم صاحب (نفثات اليراع) لذلك نصح صالح خاله بألا يستجيب للمهدية فيرقع ثيابه ويصبح من أنصارها فقال لخاله نظماً:
يا طير إن مشيت سلم على خالي قول ليه لا ترقع دليقك تبقى لي أنصاري
أنا بتبطح في الرغام والدنيا زاهيالي بقاصر في السنين لما تروق داري
ما شفنا اماما خليفته بقاري
ولكن قول صالح جلطة هذا في رأي مردود عليه ولا يقدح في كفاءة الخليفة عبد الله بإعتباره كان رجل الدولة الأول في الثورة المهدية وكذا البقارة كمقاتلين أشداء كانوا عضداً وسنداً للثورة للمهدية. لذلك كانت منطقة الكبابيش حبلى بالأدب الشعبي خاصة وهو الامتداد الطبيعي والتلقائي للأبالة والبادية الغربية كما انها مستودع الادب والتراث الشعبي كالدوبيت والجراري والجالسة والتويا والهسيس وغيرها من ضروب ذلك التراث فالمتتبع للمساجلات في البادية الشرقية يلحظ الجمال والبهاء الذي عرف به وطننا الشامخ العزيز ولعل المساجلة البديعة التي كانت بين الشاعريين ود الحداد وقمر الدولة ود الصديق تنبئ عن ذلك حينما قال ود الحداد:
يا تيس قنه الصي اللقالو اراضي مصع واتهنكر بالمقاس الماضي
حبوبتك قبيل من حامد الشدادي وجدك نسلو من ناقة النبي وقام غادي
ولكن الشاعر قمر الدولة رد على مساجلته تلك بقوله:
خبيرتك دير وبكري الكنغو زادك صوره أشقر وليك درز يا ابو كفتا محكوره
جريك عنه وتشتت بالنقيب نافوره وجدك نسلو في القرآن جنى المعقوره
(المعقورة هي ناقة صالح). وعلى ذلك المنوال كانت البادية الغربية شامخة بالأدب الشعبي الرصين في شتى ضروبه من خلال الشعر القصصي والحواري خاصة وأن الرابط بين الشاعر والحيوان هي الملازمة سواء أن كان ذلك الحيوان جملاً أو ك ل با أو دباس و قمري وغيرها من الحيوانات والطيور سيما وأن البدوي يكون مستوحداً في تلك البادية بسبب حياة الحل والترحال والتي تجعل صاحبها بعيداً عن أهله واحبابه لذا جاء الشعر الحواري في قالب رمزي أحياناً يديره الشاعر مع جمله و ك ل ب ه وحتى القمرية الملولح فرعها وجدت حظها تماماً في القصائد الحوارية والقصصية كما فعل شاعر الكبابيش على الشيخ المر عندما قال:
يا جبادة الحت الصفق عليفو خلاص انقينا من بلد البضوي شنيفو
قعوي خزان ابو دكنة المحمر قيفو علمان الله واواي اللنقب كيــــفو
ولعل الشاعر عمر الحاج خليفة من منطقة المزروب ابدع في الشعر الحواري عندما قال مخاطباً جمله الذي شده في نهار القايلة لتبليغ خبر وفاة ولأن الوقت كان صيفاً لذلك تبرم الجمل وادار حوار مع صاحبه الشاعر عمر الشيخ الذي صور ذلك في مقاطع شعرية حيث قال:

الساعة حداشر ونص من دق سدور وطنطن وقام
أصلو مكجن مقام القايلة والشدة غير احرام
لولح راسو وبي المعنقر زام واصبح نايبو يظر وصدرو مملي كلام
ايديك افرقن يا ابو قنفة جاتك سيسة مشيك اعدلو والقراوي يخلي بصيصه
ما كت كسار هرب ايديك في المهاوي هبيشه
مالك بقيت تجوبك في الخط من غير ريسه
بالله ما تكتر كلامك فوقي زمان مقامي بعد الغيبة وشديدي مكمل فوقي
مرواحي على اللتيب الدباسو بقوقي بتشرف بي حبيبي ومن صباعو بلقي علوقي
ولأن حياة الكبابيش في البادية أساسها المهلة لذلك ترعى السعية بحرية كما يقول الباحث الاستاذ النور صالح حميدة وتصبح معافاة نفيساً وبدنياً اتساقاً مع قول الشاعر الشعبي:
ترعى ام زور بي كيفه لمن يربى عريفا
ضرب اخوان ام ديفه يرمي الزول بي سيفا
تلك الحرية تجعل التفاهم والحوار بين الراعي وسيعته يصل لمرحلة الشعر الحواري خاصة وان الحرية شمساً كما يقول عنها الشاعر المنفل و ط ي (الحرية شمساً يجب أن تشرق في كل نفسٍ فمن عاش محروماً عاش في ظلمة حالكة)، ولأن الحرية للانسان تاجاً ورتاجاً فهي كذلك يحتاجها الحيوان وكل كائن حي لذلك يصبح التفاهم عظيماً بين البدوي وزاملته وربما يصل لمرحلة الندية فيشكل ذلك أدباً قصصياً وحوارياً لاسيما وأن البوادي فيها متسع من الحرية في الحل والترحال حيث يبدو البدوي حراً وطليقاً ولا يرتبط بأعراف وقوانين المدينة المقيدة لذا أعطى الحرية في المرعى لسعيته فنتج عن ذلك أدباً رفيعاً كقول الشاعر الشعبي:
ممنوعة أبو ردا الوقف تمانية عساكر يا مظلوم في المكتب تقابل باكر
كان عندك كلام قاضي المجالس حاكر أحسن ليك من يوماتي دمك عاكر
ويجئ الشعر الحواري والقصصي في قوالب عدة منها العاطفي وشعر الهجاء والذم و الاعتذار والشكر للدابة التي تشكو من رمضاء الصيف وطول السفر والترحال، وقد يأتي الشعر الحواري حزناً على فقد السعية كما حدث للشاعر خميس ود بخيت على من منطقة حمرة الوز عندما اشترى دجاجة من منطقة أبوحراز بمحلية شيكان وصادف بنات اخواته فأرسل معهن تلك الدجاجة لقريته (أم تورو) بهدف ان تصبح منتجة في مقبل الايام و بعد عودته للقرية سأل عن دجاجته فقيل له أنها ماتت بسبب سم الفأر فأصابه حزناً جعله ينفس عن نفسه بقوله:
يا رب العباد يا الله يا ستار تستر كل عيب ما تفضح الاسرار
وصلى على الرسول الخاتم المختار المكتولة سيدا رجل غريب في الدار
وفرشنا تمانية يوم وضيوفنا جونا كتار واحدين دار ام بخيت واحدين بني جرار
من الفرجة ميتين من جمل لي حمار من الكوكيتي مية ومية من شرشار
سراجاب المرخ ميتين سلاحم نار أهل أم قصة هملوا زرعهم صقار
أهل أم شروا جايين واغلبهم ناس تار غليان ابو عسل من تنه لي ابو حجار
وكتين زعلوا بلحيل جونا بي جرار من الحمره باصين من السدر دفار
من جبل أولياء الخزانا ماهو كنار تلاتين بوكسي فضل السيد ملاها خدار
التوم ناظر الكبابيش جانا من سنار عشانا قطع زيارة عطبرة وكجبار
اتبرع لينا بي مليار وتلاتة ليالي علوي ورابعن دفار
من الصافية ناس فازير وناس فزار من الربده ناس عمسيب وناس ابو نار
من بلداً بدري كان سلطانا على دينار بلداً مرفعيبا يجيكا ماشي نهار
جانا المرضي جانا الدخري ود حقار هارون زكريا اسحاق ابكر بكار
سلفاكير رسل لينا نايبو مشار ووزيرة الصحة قامت لي تقيم الاضرار
والتعويض يكون بالين والدولار
الملك عبد الله قال هذا الكلام ماصار ليش ام تورو عايزة الاقتصاد ينهار
برميل النفط يصبح بي تلات دولار ورسل لينا عشرة مهندسين مهار
قال بين ام حراز وام تورو يبقى مطار ورئيس الصين رصد احوالنا بي الاقمار
ورسل لينا طيارات بدون طيار يضربن ويرجعن ما يمسكن رادار
سفيرنا الفي ادس و سفيرنا الفي داكار وجنوب افريقيا بونس ايرس وبونس آر
شجبوا الحادث المأساوي بي استنكار
اوباما استدعى حاج عيد بي كلاماً حار قال ام تورو فيها ارهاب واستعمار
نحن مخابراتنا بجيبن الاخبار وتقاريرنا المصورة ماشايه ليل ونهار
عارفين بن لادن لي بلدكم زار وعارفنو اجتمع مع كافة النظار
وكون خليتين للقاعدة في تندار وعاش متخفي سبعة شهور ركوبو حمار
ولأن الشاعر الشرطي خميس ود بخيت صاحب خيال واسع ومفردة حاضرة لذلك كتب أيضاً قصيدة حوارية في ك ل ب اشتكته امرأة تدعى نفيسة للقاضي بدعوى أنه سرق حلتها وعندما وجد ود بخيت ال ك ل ب محبوساً في حمرة الوز سأله عن السبب الذي جاء به من عديد الفراعنة فقال جئت متهما واعترف ال ك ل ب بالسرقة وإن لم تكن السرقة من اغراضه وإنما كان الامر نكاية في نفيسة والتي سبقت أن ضربته بساطور كاد أن يقضي عليه مما جعل ود بخيت يؤلف شعراً حوارياً قال في بعض مقاطعه:
أصلي جيت باري البيوت المن زمان بغشاها بيت مرجان وبيت محجوب وبيت ناس طه
لقيتم يهرجوا في القربة الغراب شقاها مصابح بله الليلة الحبة ما بلقاها
نطيت البيوت البي صباح لي الخور شفت نفيسة غطت جرها المكسور
أنا ما سراق لكن سيد تار بقيت مجبور هي داك الليلي ماها ضارباني بي الساطور
شفت نفيسة مرقت طاقة ناس ام بلة بعد غطت براما ونومت عبد الله
وقالت لي آمنة اخوك كان حس ما يدلى عرفتها تاني ما بتفكر عليها الحلة
هم كيف امبارح كرموا ضابحينلهم لي ناس الصحن المكفي داك ما بلقى تحتو الراس
حفا كان لقيتو ماكان براهو خلاص وماكان دربي عقبان غلب القصاص
لكن مابلقاهو عارف سعدي ديمة بنوم وكمان على العلىّ صابحني زولاَ شوم
أخير بي الراحة أشيل حلة نفيسة وأقوم جدي موصيني قال لي ماترتا لي الحروم
شلت الحلة قت اخير اكدها غادي هني كان سمعتني بتفرج فيّ كلاب البادي
مشيت بعيد عاد يا نفيسة حاسدي حسادي منضفة شيطها لا عن رقعة الحدادي
خليتها قبلها قت والله ما اصددها كان ما عندي عقبان لفتا قاصدا
كان على ود بخيت شهرين ما يسددها ولي قلباً يقول لي عوجها وقددا
قطعت الوادي فوق قبلي ديار مرجان لقيت لي رمة ما بغشاها كان شبعان
وكان لا شوية بالع لي ابوجرعان اسوي شنو ما أخير من الرجوع قمحان
نفيسة موجعا الجر الامس خسرتو دي تالت مرة جابت لي امر كسرتو
واتلموا اجوادنا لكن انا طرف الحديث ودرتو وشيخ المجلس انا لي ايام معضي بقرتو
ولان البادية كانت ومازالت تمثل الألق والسعادة والحبور لذلك ظل الشعراء يترنمون بالمفردات البديعة وكذلك المغنيات والحكامات يتغنين بالمفردات الشجية على الايقاعات المشهورة مثلما ما فعلت مغنيات قرية ام تورو عندما شدون على لحن اغنية (العبادي) (عازة الفراق بي طال) والتي كانت لزمة غنائية مع تطريبهن الجميل ورقصهن البديع الذي أخذ بألباب الجميع خاصة مع المقاطع الأخاذة التي تقول:
بخيت كان القريود سال عقب شان عاجبو في الصلال
يا عازة الفراق بي طال
مشيت كايس الربح يا خال عيل ودرت راس المال
يا عازة الفراق بي طال
مزينيق ود عتيبه القال مكوم عيشو ما بنشال
يا عازة الفراق بي طال
مسليباتن غرب بلال بزكك قشهن كتال
يا عازة الفراق بي طال




Post: #77
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: othman mohmmadien
Date: 11-14-2012, 12:04 PM
Parent: #76


سلام صديقنا أحمد
بالامس شاهدت له لقاء من ضمن عدة لقاءات لحلقة سجلت بالأبيض في قناة جون وكان التسجيل بمدينة الأبيض وكان حديثه شيقاً عن التراث ...الخاص بكردفان خاصة
وردت في خاطري عبارة خالد كبر والله ... ولكن في الحقيقة أدركت بأننا قد كبرنا ....
وتحدث بالاضافة لذلك فتحي فرج الله وكمال عبد الغني لاعبي المريخ السابقين ... في نفس الحلقة ...
لم تزل قنواتنا في غيها بعيدة كل البعد عن عرض تنوع السودان والاستفادة من أمثال هؤلاء الباحثين كخالد وشخصكم وغيرهم ... وخاصة الأبيض مليئة بأمثال أولئك ولكننا نراهم في العام أو العامان مرة ....
مع خالص الشكر

Post: #78
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-14-2012, 02:20 PM
Parent: #77

Quote: ولان البادية كانت ومازالت تمثل الألق والسعادة والحبور لذلك ظل الشعراء يترنمون بالمفردات البديعة
http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/3...-09-30-08-00-31.html
الدكتور القرشي وأبوي الطيب والاستاذ خالد الشيخ والاساتذة المتداخلين الكرام ما دام الحديث ذو شجون وكان العنوان عن بادية الكبابيش اليكم هذا الرابط
ولكم محبتي

Post: #79
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-14-2012, 03:42 PM
Parent: #78

Quote: هذا أدب رفيع وتنقيب وبحث ممتع .. أسعدتمونا بهذا العلم الغزير وهذا العرض لموروث السودان من التاريخ والمواقف والرجال والفخر والحماسة..
حفظكم الله جميعا .


الأخ العزيز / الأمين عبدالرحمن عيسى

سلامات

اشكرك كثيرا على تشريفك لنا في هذا البوست

شكرا على الفيديو كليب النادر وهو فعلا للحاج أحمد عباس أبو سنينة

صديق جدي بشير محمد جابر ابو جيب

ولقد عاش الحاج أحمد عباس في الأبيض وفي منطقة الكبابيش

ولقد ذكر الراحل بشير أبوجيب في قصيدته التى القاها في هذا اللقاء

ورحم الله الحاج أحمد منصور ولقد ذكره ايضا في قصيدته الثانية

أما مالك المذكور في القصيدة االاولى لتي أوردها الاخ خالد الشيخ فهو خالي شقيق والدتي الخليفة مالك محمد مالك له الرحمة والمنغفرة

وهناك الكثير من الشناقيط عاشوا في منطقة الكبابيش والكواهلة

وكانوا أهل دين ومعرفة

لك كل الود والتقدير





Post: #80
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: nazar hussien
Date: 11-14-2012, 04:16 PM
Parent: #79

شكرا يا احمد القرشي علي هذا البوست الشبعان

مضيعين وكتنا بي هناك...
هاااادي قعدة...وكان الحكومة انقلبت
ماني زاح من هنا...


(ما تك بي محجان) صحيح أنها وردت في مقام الاشارة الي انه لم يرعي
الغنم...لكن المحجان زاتو اتلقي غير صديق الموج مافي زول هنا بيعرفو)
فالمحجان هو عود طويل ومعقوف علي شكل سنارة صيد السمك...ليصل به
الراعي أو صاحب الغنم الي الفروع البعيدة من الشجر حتي يطرح (عليفها من شجر السيال)
وخريمها من شجر الحراز) فهو إذن أداة تستخدم (للحت) أي الهز...واستخدم
المساخيت ذات الكلمة للرقيص : (حتّّي) في إشارة لهز الوسط.

سأقيم هنا حتما

Post: #81
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عمر علي حسن
Date: 11-14-2012, 04:42 PM
Parent: #79

الدكتور

ليس عندي لك اكثر من هزّ الرأس طربا واعجابا .. وقد مضت عليّ ساعات ثلاث ونصف وانا اتنقل في هذه الحديقه
الغناء من زهرة الي زهرة كالفراشة لا يشبعها رحيق ولا تصدها نار ..

وقفت زمانا طويلا عند عجزي عن متابعة اغاني التراث فقررت ان ابقي وقتي فقط للاسنمتاع بها والوقوف عند ما يأتي
به الباحثون عنها دون ان اخوض خوضا يهلكني في لج بحورها .. فلئن جئت بهذا السفر المبهر فإنك تاسر مني كل حس
مشتت في صدري وعقلي .. وتعيد الي عمري المهدر وشائج تتمدد الي الصبا فتمحو الجهل وتجلو الصور ..

ومعك الاخ عبيد الطيب مصباح الضوء وحامل المسك .. وكثير ممن تداخلوا في هذا البوست بعلم .. جعلتم لقلبي عودة الي
دفقات من الوله والعزة والرقة جمدتها سنين القحط والقبح المحيط بكل شئ والشاغل عن كل شئ

ادفع اخي بالتي هي احسن .. فهذا مخرج ومحطة سعادة نادرة في صحراء حياتنا .. وواحة يستظل بها من يريد ظلا به
نسمة رقيقه ..

التقدير لجهدك المحترم فوق قدرتي علي التعبير .. واقل ماتستحق

عمر علي حسن

Post: #82
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-14-2012, 06:13 PM
Parent: #81

Quote: الأخ العزيز / الأمين عبدالرحمن عيسى

سلامات

اشكرك كثيرا على تشريفك لنا في هذا البوست

شكرا على الفيديو كليب النادر وهو فعلا للحاج أحمد عباس أبو سنينة

صديق جدي بشير محمد جابر ابو جيب

ولقد عاش الحاج أحمد عباس في الأبيض وفي منطقة الكبابيش

ولقد ذكر الراحل بشير أبوجيب في قصيدته التى القاها في هذا اللقاء

ورحم الله الحاج أحمد منصور ولقد ذكره ايضا في قصيدته الثانية

أما مالك المذكور في القصيدة االاولى لتي أوردها الاخ خالد الشيخ فهو خالي شقيق والدتي الخليفة مالك محمد مالك له الرحمة والمنغفرة

وهناك الكثير من الشناقيط عاشوا في منطقة الكبابيش والكواهلة

وكانوا أهل دين ومعرفة

لك كل الود والتقدير


الاستاذ الامين لك التحية نعم عمنا حمد عباس ابو سنينة مد الله في ابامه ورعي الرحمن اهلي واساتذتي الشناقيط قومٌ مدارسهم علي ظهور العيس -القرآن والحديث والفقه والشعر
والموسبقي.......الخ ومنذ ان جاوتهم والي رحيلهم ما وجدت احدا منهم لم يحفظ كتاب الله وجلهم يقرأ القران برواية ورش وكانوا بارعين في الشعر وأدلاء وخبراء بطريق مصر السودان ومصر وليبيا بل الراحل الشريف المحفوظ ود أبّات والراحل محمد فال هما اول من عرف طريق ليبيا السودان عبر الشمال الغربي والي الان يوجد منهم اقمار بمنطقة أم بادر كالعلامة الشيخ محمد محمود الدلال رجل اذا حدَّثك عن علوم القرآن والفقه والسيرة يأخذ الالباب واذا سألته عن الشعر يدهُشك بحفظه وجمال الالقاء والسرد والشرح
اما جدك الراحل ابو جيب يا دكتور القرشي فقد كان تاجر أُم بادر الاول ثلاثة تجارلا يُعلا عليهم في البادية (ابوجيب وودخوجلي وحاج السيد)
بريدك من ولد نامَن نقرني الشيب
وعشان محجورة يا خزنة بشير ابو جيب
الضايق الحاضر ما بِحَمَل جرورة الغيب
والضايق الحُمُر كتل أُم تنيق لي عيب
الحُمُر نوع من الغزلان وأُم تنيق كذلك ولكن الغزال الحمَّارية كما يسمونها في البادية اجمل واكبر حجما من الغزال ام تنيق
امّا خالك الراحل الخليفة مالك فقد كان صديق الخال حاج الطيب ابو المرضية

Post: #83
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-14-2012, 08:25 PM
Parent: #82

Quote:
بالله تأمل في عبارة (يوجّن) ما اعتقد متوفرة في قواميس اللغة العربية ولا حتى في كتاب الراحل البروفيسر عون الشريف قاسم (العامية في السودان)


الأخ العزيز / الطيب شيقوق

سلامات
كما ذكرت في شرحك الوافي ان كلمة وجّن غير مطروقة

كثيرا في الشعر السوداني ، ولكن الشاعر ابراهيم العبادي

استعملها استعمال لطيف وجميل في أغنية شيخ ريا حيث قال ...

خفن الشموس حين قنبن .... وجّن شلوخن وعلبن
صيد الخلا الما طنبن ....في قلبي نزلن وطنبن

لك الشكر استاذي الطيب شيقوق

Post: #84
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Imad Khalifa
Date: 11-14-2012, 09:07 PM
Parent: #83

الماجد د. قرشي
حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا
بعد كدا باقي ليك حاجة واحدة قبل العلاج في مصر!!!!

شكرا على هذا الامتاع.

تحياتي

Post: #85
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-15-2012, 07:36 AM
Parent: #84

ود الموج

Quote: وفوسيبة التقنت هى القصبة التى تنمو فى طرف جدول المويه (التقنت) فتنكون يانعه شديدة الاخضرار
لانها تستأثر بحظاً وافراً من الطمى الذى يتراكم على طرف المجرى و تنال قدراً اكبر من الماء ..
ومعروف عن رقبة القصبه (الرقابة) هى اقل اجزائها حلاوة مش يا بتاع العنكوليب انت هههههههه..
ولكن فى هذه الفوسيبة الوضع مختلف حتى الرقابة فسكرها يشرق ويعشرق فى الحلق...
(احى انا وكرررررر على، دى من عندى يا المسنوح)


يطول عمرك يا سمح الرجال

والله كلامك في الفوسيبة تستحق يدوك فيهو عنكوليبة منقية

ات ماك سمعت الغناي شن قال في الفوسيبة ؟


Quote: يا فوسيبة الوادى الروايا مرونك
حب المنقة والانناس حلاتك ودونك
محال ما بتمتعى الحى بهواك وشؤنك
مهوس بيك وقلبى عليك وبقيت مجنونك


جاييكم صاد يا حاج احمد والعبيد

Post: #86
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-15-2012, 07:41 AM
Parent: #84

Quote: شكرا كتيييير الاستاذ احمد القرشى واسمح لى باضافة هذا الفيديو وهو من تقديم المؤرخ الطيب محمد الطيب


شكرا عزيزي بجاوي للفيديو الجميل والرائع

حقيقة لقد استمتعت بأداء المغنيات لأغنية السيرة

ورحم الله الأستاذ الطيب محمد الطيب فلقد وثق كثيرا للتراث السوداني

مودتي عزيزي بجاوي



Post: #87
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-15-2012, 08:04 AM
Parent: #86

Quote: وعندما اعدم الامام المهدي ناظرهم الشيخ التوم ود فضل الله بمنطقة جنزارة بمدينة الأبيض كان أخوه صالح جلطة مقيماً في منطقة القعب غرب دنقلا وكان يضور حقداً على المهدية كما يرى الكاتب محمد عبد الرحيم صاحب (نفثات اليراع) لذلك نصح صالح خاله بألا يستجيب للمهدية فيرقع ثيابه ويصبح من أنصارها فقال لخاله نظماً:
يا طير إن مشيت سلم على خالي قول ليه لا ترقع دليقك تبقى لي أنصاري
أنا بتبطح في الرغام والدنيا زاهيالي بقاصر في السنين لما تروق داري

والحقيقة أن المهدية جرَّدت الكبابيش تماما من المال بعد أن قتلت شيوخهم واصبحوا كلالة وما ابدع احد شعرائهم حين يصور المشهد
لا ضُقْتَ الشَّقاوة ولا مشيت أقْروب
كم شَدّيت مَعَفَّه ؤكم علي الهايلوب
ؤكم فرَّشت تِويلِي فوق جنا المرقوب
ؤ شولنا قَلَّعو ؤخَنَّق طوال الرُّوب
ؤبي سوقو ؤ رحيلو بَطَّل الشَبْشُوب
ؤ سَلَفْنا عند الهبجي ؤ كَسَرْلُو حُدوب
بَدونا يومَة تجيك كيف الدَّلو المَكروب
ؤ نَعِيمْنَا جَرَّدوه ناس ود حيلُو ويا غُوب
ؤطال الشُّوق علي الدَّامري أُم بناياً طُوب
(الجمل المعفَّي هو المعفي من الركوب والهايلوب الجمل النشيط – التويلي الفروة الفاخرة والمرقوب بعير الشاعر
والشّول هي الابل الدُرَّر نقول ناقة دارة اي ماخض –قلوه اي ساقوه –طوال الروب اي الهوادج- بطَّل اي فتر وعجز الشبشوب الجمل القوي (كاكليت) والسلف هو الرحيل والظعن –الهبجي السهل المنخفض (الفودة-الهكاعة) ما اجمله شبه رحيل السلف بالدلو وهو الحبل او السلبه المكروب وهو ينزل في البئر –نعيمنا اي مالنا جردوه اي اخذوه ناس علي ود حلو ويعقوب اخو الخليفة عبدالله والدَّامري ام بناياص طوب اي الدَّيم اي طال شوقهم وهم محبوسين

Post: #88
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: محمد فضل الله المكى
Date: 11-15-2012, 09:12 AM
Parent: #87

أستاذي الدكتور ود القرشي

طوال المدة التي استغرقها هذا البوست وأنا(أقرأ في صمت).
وكلما تعمقت في القراءة أجد نفسي (مُمعن في الجهالة).
أتمنى أن لا يتوقف هذا البوست، ليستمر جهلي بما يُسطَّر فيه,
فأنهل من ذلك المعين الثر.

التحية لك أستاذي أحمد
التحية للأستاذ خالد الشيخ
التحية للأستاذ عبيد الطيب
التحية للأستاذ الشقليني
ولكل من أدلى بدلوه.. سلام.

Post: #89
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-15-2012, 10:39 AM
Parent: #88

Quote: وعلى ذلك المنوال كانت البادية الغربية شامخة بالأدب الشعبي الرصين في شتى ضروبه من خلال الشعر القصصي والحواري خاصة وأن الرابط بين الشاعر والحيوان هي الملازمة سواء أن كان ذلك الحيوان جملاً أو ك ل با أو دباس و قمري وغيرها من الحيوانات والطيور سيما وأن البدوي يكون مستوحداً في تلك البادية بسبب حياة الحل والترحال والتي تجعل صاحبها بعيداً عن أهله واحبابه لذا جاء الشعر الحواري في قالب رمزي أحياناً يديره الشاعر مع جمله و ك ل ب ه وحتى القمرية الملولح فرعها وجدت حظها تماماً في القصائد الحوارية والقصصية كما فعل شاعر الكبابيش على الشيخ المر عندما قال:
يا جبادة الحت الصفق عليفو خلاص انقينا من بلد البضوي شنيفو
قعوي خزان ابو دكنة المحمر قيفو علمان الله واواي اللنقب كيــــفو


ولشعراء بوادي الكبابيش شعر حواري وشعر مؤانسة في غاية الروعة والجمال واليكم نماذج نهديها لللواء عمر وللرائع ود المكي وللجميلين الاساتذة المتداخلين جميعا وللسمحين البِتَّاوقو متاوقة ونكلف ود المكي أن ان يهديها بدوره للرائع ود كاكوم ويا ابوي الطيب شوف وإتمعّن قافية محاورة القرين الصعبة أنت والموج عشان الحوار فيهو موج والزول تقول بشبه لي ناس السّايح الخرق العادة ولهم في حنايا الوالد معزة كبيرة ويا دكتور القرشي ودعتكم الله أني ما شي داج بي عريضة مولانا عندي عربا سمحين وزينين كيفكُن كدي ماشي اخد ليَّا معاهُن خشم خشمين من الأنس الطَّاعم وبجيكم إن الله احيانا يوم السبت الأخضر
نماذج من شعراء الدوبيت في بادية الكبابيش .. بقلم: عبيد الطيب (ودالمقدم)
الخميس, 09 آب/أغسطس 2012 06:04


محمد الطيب (حنفي) شاعر الدوبيت الرائع وحواره مع القرين ومسدار ام سماح (1-3)

قالوا :- لكل شاعرٍ مجيد شيطان يملي عليه الشعروللشاعرين الكبيرين الامويين
الفرزدق وجرير شيطان مشترك يملي عليهم القريض هكذا قالت العرب في هجائية جرير للراعي النميري التي مطلعها :-
قض الطرف انك من نمير فلا كعب بلغت ولا كلاب
الي ان يقول:-
ولها برصٌ بجانب استكيها كعنقفة الفرزدق حين شابا
قيل عندما وصل جرير الي هذا البيت غطا الشاعر الفرزدق شفتيه العليا والسفلي والتي تشمل العنقفة الدقن الصغري او بما يسمي عندنا في السودان (دقينة الحق) ولا ازيع سرا ان قلت ان الكبابيش ايضا يطلقون عليها (العنكفة)فقط يستبدلون القاق كاف ويقولون لك( هذا بلَغْتَهُ بعض العنكفة )وموضوع فصاحة الكبابيش موضوع بحث طويل نتركه للباحثين قيل غطا الفرزدق دقنه قبل ان يسمع عجز البيت وايضا عندما توفي الفرزدق وبلغ موته جرير بكا وقال :- والله اني لأعلمُ اني قليل البقاء بعده ولقد كان نجمنا واحدا وكل منا كان مشغولا بصاحبه ورغم اختلافهم وهجاءهم لبعضهم رثا جرير صاحبه الفرزدق بقصيدة في غاية الروعةو الجمال علي طريقة انشاء الله موت شكرك مايجي مطلعها
لعمري لقد اشجي تميما وهدها علي نكبات الدهر موت الفرزدق
و الذي ساقني لهذا قصة مشابهه بطلها شاعرنا الجميل شاعر الدوبيت المتفرد حنفي حاج الطيب ابو المرضية وهو شاعر موهوب له شعر غنائي جميل اظنه اذا وجد اللحن والاداء الجيد سوف ينافس بامتياز وله دوبيت في غاية الروعة والجمال الا انه لم يلق حظه من الاعلام ولكنه مشهور في بادية الكبابيش وفي كردفان عامة والذي دفعني للكتابة عن حنفي حسب رأي المتواضع هو شاعر دوبيت له مقدرة علي التصوير وموهبة مكنته من اقتناء المفردات الجميلة ومقدرة علي التعبير بمشاعر ضاربة في العمق اضف الي ذلك انه ولد ونشأ ببادية الكبابيش رحل مع الظاعنين و سرح بابلها واغنامها وشوقر ونشق واستنشق دعاشها وهمبريبها ونوار اشجارها واستظل ببيوتها ذات الطنائب الممدودة ودرس كل المراحل التعليمه بها عدا الثانوي بخور طقت والجامعة بجامعة القاهرة فرع الخرطوم وهو ابن وحفيد اسرة متصوفةوجده الشيخ موسي ابو المرضية مشهور ببادية الكبابيش ومن الاوائل الذين اوقدوا نارالقران في تلك البوادي ولاني قريب الشاعر وصديقه ورفيق صباه لاحظت انه توقف عن كتابة الشعر واخص الدوبيت وفي لحظة انس جميل والبادية خريف والليل مقمر كا يقول شيخ الصعاليك الشنفرا ونحن نستمع الي كاسيت جديد للشاعر الجميل الدكتور ودبادي العكودابي وكنا نتوقف عند قصيدته التي بعنوان السماعة التي فارقت نعيمها وهي جديدة لان عودة الدراويش وحد الزين وجدّي سعيد والريد اللّصم كنا نحفظها سابقا وقد كان الكاسيت ارسلته لحنفي احدي حسنوات البندر .حنفي يخاطبني قائلا:- من الاشقي سماعة ودبادي التي انتقلت من الايدي المنعمة الي الايدي التي مازال بها اثار المنجل كما يقول ودبادي ام هذا الكاسيت الذي قطع هذه المسافة ثلاثة ايام بلياليها علي ظهر لوري من ام در الي منطقة ام سنطة ريفي حمرة الشيخ وقد نظم قصيدة جميلة في هذه القصة مخاطبا غادة التي اهدته الكاسيت حيث يقول فيها
واسال غادة ببساطة الشعراء والدوبيت
اذا ما فارقت فردوسها سماعة الاحزان والزكري فماذا فارق الكاسيت
ولكنني هنا بصدد الدوبيت فقط وخاصة الرباعيات قلت لحنفي: ( يا خوي انت الايام دي قرينك شوقر والله شال الرّيف. )والقرين بفتح القاق وكسر الراء عندنا في البادية هو الجن الذي يصادق الشاعر ويملي عليه الشعر واظنها خرافة ومبالغة اطلقها بعض الناس علي الشعراء الموهوبين ولكنني وبعد الليل ماجن وناس ليلي جنيّ صحوت علي دندنت حنفي وهو يكتب سرقت النظرثم لزمت الصمت ونمت وفي الصباح اخبرني حنفي قائلا : (ياخوي البارح القرين عاد واجادعنا اني واياه النم )ليسلمني اجمل حوار دوبيت مع القرين واليكم الحوار
حنفي :-
خَبَار لغتك بقت متبهدله ومنْحَطَّه
يا مَالِكْ زِمَام حرفاً سواك مانخَطَّا
نايِمْ لِي بَدَرِج ْفيك محطة محطَّه
ما عارفني كحال العيون بي الشطَّه
استهلال وبداية موفقة جدا لانها تطرقت لانحطاط لغة الشعر عندنا في السودان والظهور المخيف في وسائل الاعلام لعاطلي الموهبة بصورة مغلقةجدا او كما يقول الاديب الدلال (تنابلة الشعر)
القرين:-
خطوطي الحمرا حاسب ليها ما تتخطا
انا ود كيفي سرجك فوقي ما بِنْخطا
شرطي معاكا لا تهدّدني لا تنشطا
وحذارك تاني فوق ضيل النمر تتوطا
حنفي :-
بحرك موجو اصبح ما بعوّم بطَّه
وفي الباقيلي جمّام الينابيع قطّا
راجع الخلفي مالك والسنين منشطَّه
لامن ليك اقزام الشعر تتخطاَّ
القرين:-
جيب ايدك رهان يا زول نسيبت النطَّا
سهم من شارد النم لا علا ولا وطَّا
اوكت ما اشدّو وتر القوس معاي يتمطَّي
جهّز دفترك وقول سطر ما انطَّا
هذا والله من الادب والدوبيت الراقي جدا ويتعزر وجوده في وقتنا الحالي
وقد كان جهّزت دفتري لادون الروائع ولاني من عشاق الرباعيات من الدوبيت البداية كانت بمسدار ام سماح:-

بعد التوبة والحج والتضرُّع وذلّك
معقول تاني قلبك لي الصبابة يدّلك
وكان فتقن براعم في مزارع فُلّك
بتتنسّم عبيرهن والله تزكم كُلّك

كزيمة الدابو دايف وقرنو يادوب مارِقْ
ورقابة تري وتامن فصوصك زارِقْ
لونك زي صفا السويتي شف ومطارِق ْ
حسابي معاكي اصبح دين قيامة وفارِقْ
دايف من المدايف او الديف وهو الرشا ابن الغزال حين يصير كبيرا ورقابة اي قصبة الذرة والشَّف والمَطاَرق صنف من حلي الذهب وينضم معهن السوميت



طلع وجه ام سماح شقّا الغمايم فاج
رجع عشقاً قديم لى نمــّتـى البى مزاج
أعـــزّل فى الكلام وأعمل نجوم فى تاج
أجمــّل بيهو مين والزوله ما بتحتاج؟
ما اروعك طلع وجه ام السماح اي كانها القمر حين ينجلي السحاب والغمام وعندما ابصرته عاد شيطان شعري لجمال شعري حيث انتقي اجمل المفردات وانظمها في شكل عقد من النجوم ولكن لمن ! لا ن ام سماح لا تحتاج الي ذلك
والحق يقال ان تاج الشعر والفن باقي ما بقي الدهر وتاج الحلي الي زوال وان كتر البوبار في الاونة الاخيرة وكلنا لا يعرف ان لجدي المسالمه حُلي ولكننا نعرف ان له القوام اللادن والحشا المبروم

طلع وجه أم سماح وأنا حظى غايب نجمو
رجع لى جن قديم ناهم الحبر لى رجمو
طريت الدابو فرهد وعمرو مازى حجمو
ولسانى إنفكــا نـــم كايس طريقة لجمو
يازول لسانك اريتو مايقيف وان وقف من اين لنا بهذه الدرر ولكن ما اروع اجابتك

ولجمو صعيب لسان الفارق المهدولة
نجمو الغاب زمن راجى الطلوع من طولا
نضمو برصّو رص بى كلّمتو المعزولة
وبعد داك كـــلّــّو قصـــّــر من سماح الزولة
وبعد كل هذه الدرر اتقول لي انك لم تقدر علي وصفها اذن صفها لنا فيقول:-
العين كاحلة ناعسة وسوده
ناهيك من جمالها وشامتها الفي خدوده
انا ما بنساكي كان صعبت علي العودا
نغمك ود سعيد ادم بخلف اللودا
اللود نوع من عزف المزمار (الزمباره) الم يقل هو انه ابن سرحتها
الخلاني ارجع لي ليالي غرامك
قوامك واحتشامك وابتسامك وشامك
يا ست ريدي يا الزعلك محلي كلامك
انظري في قضيتي الطوَّلت قدامك
روعة قوام واحتشام وابتسام ثم الشام او الخال وما احلي كلامها حين تزعل


قول لى ناس على الشيخ والبريدو غنـــاى
فاقد الليله سوّاقة النجوم فى سماى
من كتبت تواريخ لى الجمال جوّاى
بقيت شعر الغزل بعرف روايعو براى
الشاعر يخاطب صديقه واستاذه الشاعر المبدع علي الشيخ وكل عشاق شعره انه يفتقد في سماءه نجمة (السواقة) وهي نجمعة مشعة تظهر في كبد السماء وهي كناية عن محبوبته
ونشكرها لانها كتبت تواريخ الجمال بقلبك لتخرج لنا هذا العسل السوداني كما يحلو لناس الوان
حسب كل النجوم طرفاً حزين ما لاقا
راجع لى حسير قال فاقدك آ السوّاقه
عقود نادر قصيد ناضم حديثها دقاقه
عربون عشقى ليك تهديهو لى الزوّاقه
هنا تظهر لغة القران جليا في المقطعين الاولين


حــر تيرابك اللا فيهو شك لاحجى
مر لوك الحناضل ريدك آ البتوجــّى
ضـــر ياعانس أخوى البى السُّفال بتدجـــّــى
نحنا نطفــّــى جمرك وإتى تانى توجى
هي ضاربة الجزور في اصلها ولكن عشقها مرا كأكل الحنظل ثم انظر لهذا التوافق (حُر- مُر- ضُر)

سنين زارع سنابلك والسحاب متكون
ولامتين أرجى وابلك لى الصحارى يلون
مدام حارق قنابلك فى الفؤاد بتدوّن
براى ياتو البقابلك وفى قصايدو بدوّن
لا لا انت قول ونحن نكفيك شر التدوين وان اصابنا بعض الرتوش من قنابلها

لونك ونكهتك شلتيها من الموزه
وعليهن زدتى بسمات من بياض اللوزه
شعرك من جناح إضليم نعاماً زوزا
وبخت العندو فى قلبك غرف محجوزه
وهذا يشبه قول دوقلة المنبجي(الوجه مثل الصبح مبيضُّ والشعر مثل الليل مسودُّ)
ولكن اظنها ياحنفي لاتحب الغرف وهي من انصار مساديرك الاولي ونحن كذلك حيث تقول:-
قطعوهو الضعنهن في الرحيل متباري
واتشبح فريق عربا عزاز ومضاري
ولدا كيفي طافش وفي المدارس قاري
ما بتسمعلو في طاعم غناهِن طَاري
عفوا حنفي رغم الغربة وزخم مواني المدن النفطية والغرف المكند شة الاّ ما زال القلب يشتاق الي البيت الذي فيه مكان للهمبريب والدعاش
aubaid magadam [[email protected]]
منقول من سودانايل

Post: #90
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-15-2012, 11:38 AM
Parent: #89

Quote: اول شى والله ده من امتع البوستات فى الخمسه سنوات الاخيره ومتابعكم
كلما فرغتم من وضع اقلامكم ، اتى الى هنا خلسة لاتطيب ،فهذا حق عطور باذخ
وباقة ورد يتضوع منها العبير، فالشكر لكم الاعزاء الطيب و الطيب وموضع
السجده والسنده و الشكر انت اخى د. القرشى والتحية عبركم للاخ خالد الشيخ
واتمنى ان يمر الاخوان من هنا فجلنا مشغول فى قيامة السودان ومشدوهين فى
ساس يسوس قاتلها الله فقد افرغنا جل عمرنا بين دهاليزها وجخانينها وبرازخها
املاً فى ان يعود السودان الجميل..



الأخ العزيز / صديق الموج

سلامات

التراث السوداني هو الشئ الجميل الذي تبقى في هذا الوطن بعد ان تمزقت أراضيه وتفرق أبنائه ،

لذلك يجب ان نعضّ عليه بالنواجذ ونوثق له حتى لا يضيع كما ضاعت بعض القيم والأخلاق والثروات في هذا الزمن الردئ .

سعيد جدا بمداخلتك الجميلة وأشكرك عليها كثيرا وأتمنى ان تواصل معنا في هذا البوست حتى تثريه بأفكارك ومعلوماتك الكثيرة .

لك كل الشكر والتقدير والإحترام





Post: #91
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-15-2012, 02:27 PM
Parent: #90

Quote: بالامس شاهدت له لقاء من ضمن عدة لقاءات لحلقة سجلت بالأبيض في قناة جون وكان التسجيل بمدينة الأبيض وكان حديثه شيقاً عن التراث ...الخاص بكردفان خاصة
وردت في خاطري عبارة خالد كبر والله ... ولكن في الحقيقة أدركت بأننا قد كبرنا ....
وتحدث بالاضافة لذلك فتحي فرج الله وكمال عبد الغني لاعبي المريخ السابقين ... في نفس الحلقة ...
لم تزل قنواتنا في غيها بعيدة كل البعد عن عرض تنوع السودان والاستفادة من أمثال هؤلاء الباحثين كخالد وشخصكم وغيرهم ... وخاصة الأبيض مليئة بأمثال أولئك ولكننا نراهم في العام أو العامان


الاخ العزيز / عثمان عبدالرحمن محمدين

سلامات

لقد تابعت الحلقة وكانت جميلة وممتعة

المشكلة انو التلفزيوونات السودانية غير منفتحة على التراث الكردفاني

وابناء كردفان من المثقفين ، حتى طريقة الاسماعيلية وهي الطريقة السودانية الأصل

لم تجد حظها في برامج تلفزيون السودان

سعيد جدا بك عزيزي عثمان وياخي ما تكبرنا معاك ، كبرت انت وخالد الشيخ براكم ( هههههه)

لك كل الود والتقدير يا صديق


Post: #92
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-15-2012, 07:46 PM
Parent: #91

شكرا عزيزي عبيد الطيب على هذا الجمال

كتب الأاستاذ / عبيد الطيب

كنت في اواخر فصل الصّيف بالمدرسة و هو افقر فصول السنة بالبادية وخاصة نهايته وتحديدا شهر يونيو او بما يسمي بوقت (الرِّشاش) فهو اشدها قسوة علي اهل البوادي حيث تُمْحِل وتُجدبُ المدامِر وتقفر التلال والمراعي و يجف الضَّرع لضعف البهائم وهزالها ويخلو طعامنا من الحليب والالبان ومشتقاتها الا قليلٌ من السَّمن الذي يكون مُدَّخرا لهذا الوقت ويَغلبُ علي طعامنا (التّريد) الثّريد وهو كما تعلمون (السَنسَن او القراصة) مع مرق اللّحم ولكننا في بادية الكبابيش نستبدل الثاء تاء وككلمة اثرم نقول اترم او كما يقول المقنع الكندي:-
وفي جفنةٍ ما يُغلق الباب دونها مكللة لحما مدفقة ثردا
وقد ذكر الراحل المقيم الاستاذ نجيلة (ان للشيخ الراحل علي التوم طبّاخ يجيد صناعة المرق او الرقاق ولم يكن طعام الشيخ اكثر من ذلك) ومازال الثريد طعام الرِشَاش الاول بالبادية وقيل في الحديث البركة في ثلاثٍ (الجماعة والسحور والثريد) وفي الخليج يسمونه (التشريب) او (المرقوق)وفي ليبيا يسمي (بالمثرودة) وعند بعض قبائل كردفان ودارفور اسمه (التسقية اوالسّخين) و تَلقح اغلب الانعام في اواخر يناير ونوفمبر وتُمْخضُ في الرِّشَاش لذا تكون غروز من الالبان حتي اوّل الخريف وما اروع حامد ودفضل شيخ رعاة الضأن حين يصوِّر المشهد:-
شهر ستة هلَّا
والغناَّمة ضيلها إنتلّا
يوم تيجاه نَشْ من المقيلة إضطرّا
فَقد ناس أم شِطير وناس الحِميلة الغرَّا
او كما يصفه (المضعون) السِّليماني عندما سخر من الضأن والابقار لهزالها في الرِّشاش ومدح الإبل:-
الضَّان والبقر في الضّيقة
اكلن بعضَهِن بِزْرَة ؤعلوق ما ريقة
أمَّات ولداً بِرك وجُّوجا لي الكاريقة
سِيدْهِن لا صَرَف عيش لا جَدع كُلّيقة
(الكاريقة حلقة من الحديد يُشبل بها بطان الجمل –اجّوجا اي اعتدل في مبركه- كليقة اي قصب الماريق)
واللطيف في الامر بالرغم من جفاف الرِّشاش الا ان نسمات الجنوب (الدِّعَاش) تفعل فعل الطّلح والفياجراعلي الماعز والضأن فتجعلها مسعورة بالشَّبق حتي ان الأتياس بنبيبها (صياحها) تستضيف المُدجلين ليلا كالكلاب النوابِح او كما يقول طَرفة :-
ملك النّهار ولعبه بفحولةٍ يَعلُونه بالّليل عَلْو الأ تيسِ
وعندما بدأت الامطار بالهطول مبشرة بخريفٍ واعدٍ وسال وادي المِلك ( اقروب) راجلا قادما من الجنوب البعيد حيث هطلت سواري علي منابعه (النّعَّاع ابو رزيز براقو صوط هَزِيز) وتحديدا علي جبال (زرقة) ولم تشرق الشمس حتي علت( الكواريك) والزغاريد معلنة فيضان الوادي و اصبحت الغزلان واقفة محتارة بين (الجواسر) الخيران حتي كان لتلاميذنا منها نصيبٌ كبير والي جنبها الاغنام والماعز وفي ظنيِّ ان الهواري او الكباشي لاحظ هذا المنظر عندما قال:-
فِتيلة ريحة ابو شمعة ؤعَسُلت الجرعة
وضمير من حسَّ بي الحركة ؤبَغَم بي سُرعة
مِتل ما إتْفاصَلَت شُمَّارتو مِن الدُّرعة
هبَّالو النسيم أُمُّو أم صَوادِغ ترعَي
وبدأ النبات يشقُّ باطِن الارض ولقّح الهمبريب اشجار السيّال والسَّمُر فتفتق برم عليفها وتفتح نوارها او كما وصفها الكباشي المبدع دكتور جمعه البري:-
السيل وهَّط العالي وعني الشَخَتور
وإتخلط رحل عاد كبُّو مو معبور
الوادي الرَّفَس سقَّايو في الصنقور
ضَهبان سيلو في صدرو الشّدر مَدفور
مِدّرِّع رقبتو ؤمِمّغي ومِمسُور
ؤفار جِنحينو متمَدِّد بعيد مَغرور
يوم التّالتة شقاقاً قبيل مغبور
شقَّ خضارو مِن تحت التري المَمطُور
سِنون البَضْرة تتلاصف مع الحيمور
تقول زينة عروساً سَوُّوا ليها سِبور
ودون سابق انذار وموعد وصلتنا سيارة قادمة من سودري تخبرني ان تمَّ نقلك لمدرسة رهد النِّمر وبالرغم من ان مدرسة الرهد بالقرب من مضارب فرقان (دكة) الاسرة مما يُمكّنني من الاستمتاع بوقت الخريف وكنت وقتئذٍ اشبه ببدويّ الشاعرة السعودية اشجان الهندي:-
وجه البداوة مُمطرٌ...
وبريق عين الرمل
لا يهواه الا من به مسٌّ
ومن إن امْطَرَت صحراؤه شجنا يَجنُّ..
ذاك الفتي البرّاق
سبّاقٌ الي سكب الغرام علي الغرام
البرقُ وجه حروفه والرّعدُ لحنُ
ويغوصُ في ربق الطرائد
بالرحيق الغض ينسل سهمه
ويروح يلعق اصبعيه ..طبع البداوة غالب ابدا عليه
كفُّ التصحر كلما اقصاه من كفيه يَدنُو
الا انني حزنت لمغادرتي حيث اني بدأت في التعرف لتوي علي احد شعراء الكبابيش المميزين الشاعر مُظعن (مُضعن) السِّراجابي وهو من اروع شعراء الكبابيش واعذبهم لحنا ففي صوته شجنا دفينا وفي حنجرته ينابيعا من الانغام وهو من الشعراء المسكونين بالجَمال والجِمال والمتدفقين ذوقا والمولعين بالرحيل والنشوق والشّيوم فاستطاع ان ينتشلني من جُب الأُنس (المغيِّب) المُمِل ومن رتابة التدريس وجدب الرشاش وشدّني من اذني الي اياّم الأُنس والمغامرات بمفرداته الرائعة والمباغتة احيانا
ابو رقبة الفرَش هِدبو وعملُّو مَطَارِح
نازل كَركَر اللِّيد الدِّرُوبو مَقارِح
علي سَقديبها واليت النقيق لي البَّارح
ؤ خَازين النِّجُوس عِرفوكَ بيهُن سارِح
ابورقبة كناية عن طول عنقها وهو محمدة لجمال المرأة –ومضارب فرقانهم علي جروف الوديان وسلاسل الجبال حيث طريقها الا عبر العقبة الكؤود ولقد اكثرت من الشيّوم الي فرقانها ولكن (النّجوس) احكموا الحراسة لانهم عرفوا انك بالقرب من ديارهم
أخضر من قصيبة السَّاقي
واجمل من متيليبة الضُهُر بِتلاقي
يا مولاي عَرب الرايقة هسِّع باقي
دخلت ليَّة الوادي الضّرَاهُو بِتاقي
ليلك بوبا يا العَرنوطي عِدَّك تابر
ؤ افرك إيديكَ وخِّر لي عواتيل جَابِر
تري البهَم البِسَوِّي الفضّة ليهو قَنابِر
نزل توتال فريق الدّقْسة كان ماك خَابِر
يا روحي اللَّبيتي إتْصَابْرِي
بقيتي إتسَألي في الجو والطيور واتخابْرِي
الشُّوح نوَّا لي ديفة الروينة الجابْرِي
دَلُو مِي ؤدَاكُو وينو وصَادَف البير تَابْرِي
-الشُّوح بعيره اي طويل- الروينة سربٌ من الغزلان – جابرة اي غير متفرقة لشحمها – البئر التابرة اي المملوءة ماءً
(شكيتك علي الله يا مضعن) ثم تقولون ان امرئ القيس اجاد حين قال دريد كخزروف الوليد...او طرفة او اي شاعر..!؟
والحديث عن مُظعن يطول ولكنني سوف افرد له مقالا اخر اتطرق لشعره وجمال تصويره وعلو مفرداته وصوته الشجيّ
الا انني هدهدت نفسي وعزيتها بلقاء الصديقين القادمين لتوهم من البندر صديق الشيخ والشاعر الرائع حنفي حاج الطيب واعلم واعرف تماما سوف ياتياني محملان بالجديد من الادب وخاصة الشعروكنت مولعا بازهري حتي عندما نقرأ الصباح الباهي لونك... ونصل الي مقطع يا بنية من خبز الفنادق نقول مالها ان تكون خبز (الفنادك) وصدقوني اذا سمعتم صوت (الفُنْدك) عندما يدوي مخنوقا ما بعد الواحدة ليلا وعرفتم بان وصل ضيف الهجعة لالتمستم لنا العذر وااسفي لانني لم اقرأ كثيرا للرائع محمد عبدالقادر محمد خير شاعر ثم ماذا بعد! وفي رأي هي من عيون الشّعر
وكنت اردد هذا المقطع:-
(مالي افتش في بوارِ الوحل عن ورد الزنابق عن اريج البرتقال!
علام احلم بالسواحلِ والمدائن في عيون صبية الليلُ ينبع من جداولها الطِّوال)
بعفويةعلي مسامع صديق...! ولها ذكري...! وكناّ نردد مع الطيناوي جزء من قصيدة (الفيلسوف عز الدين):- (وهمٌ وصدقت عزالدين ما دوامةٌ تلك المناصب) وعز الدين كان اظرف مجنون بمدينة فاشر السلطان، واظنه اقرب الي موسي (العتَّال) ذلك الفقيه الذي كتب عنه الروائي الكبير الاستاذ ابراهيم اسحق ،و بعد وصولي الي الديار وكان الخريف في عنفوانه وصِباه ،وبعد قضاء ليل سامر،قررنا ثلاثتنا ان نلحق باهلنا المشوقرين ،فاسرجنا في الصباح الباكروامتطينا رواحلنا ويمّمنا صوب مورِد خور الزراف ووادي (اللّقداب) في طريقنا الي مضارب خيام ابقارنا وكنا وقتئذٍ من بَزِر الاستاذ الراحل ومعلِّم الاجيال وافضل معلِّمٍ مرَّ علي البادية اجمالا من بعد الاديب الراحل حسن نجيلة استاذنا المُربِّي مرغني الفكي ذلكم المعلِّم القدير والمُربِّي النادر وقلَّ ان يجود الزمان بمثله وكان يحلو لاهل البادية عندما يأتي اولادهم من المدارس ان ينشدوا :-
(الطّلابا جِيدَن جو وحتي الفريق ضوّه)
وهي لعمري لم تكن مدحا ولكنه دهاء وذكاء منهم للاستفادة من ابناءهم لمساعدتهم في رعي الانعام
هذا قبل ان يحُول ثلاثتنا اصحاب الشُّماخ والعقال والقُطرة بقدرة قادر الي (تاية مشوقرين)ومعنا الكثير من ابناء البوادي مثل الرجل المُثقَّف والانسان الرائع العمدة حمد محمد حامد، صِدَّيق يمتطي صهوة حصانة (الماضي) وكان مزهوا ومولعا به حتي قال فيه بعض الدوبيت :-
الماضي اسْوَد والليل بستمد من لونك
والشهر البضوِّي بِهِل وسط لي عيونك
خيل البادية والعربان كلُّو قصَّر دونك
شيوم هجم البريريب خليهو يكون في شؤونك
والرائع حنفي يتحفنا بالجديد المتاح وسهله الممتنع و صمتنا نحن الاثنين حين ضوّع وفاح عبق هذا الحنفي :-
زولاً في متاهات دنيتو مِسرِّحنا
جاتنا اخبارو راحل وتاني قول ما ارتحنا
حقيقة الدنيا بِتغُش مرة بتفرحنا
وتاني تِقبَّل الغشاشة تلغي سَمِحْنا
ؤسحبت مننا الادَّت بعد ما فرحنا
إتوالفنا ولفاً قلنا ما بِزَحزحنا
كان عرفات رحل نحنا السبتنا انحنا
لا احتجينا في يوم قلنا ليك ما سِحنا
ولا يوم بالوهم بي الفرقة بِتمازِحنا
وكل ما نَهوي زول من ريد بِتطَمِّحنا
ؤحَد ما نِطارد الصّيد إنتَ بِتقَمِّحنا
ونحنا جهالا ما بنسمع كلام ناصِحْنا
ما خفَّفنا من ريدو البقا مِكَسِّحنا
ؤ بقت الدمعة دم والهم بقا مصابحنا
والليل ببقا نَم كان الغنا بنصِّحنا
ما ودعنا مخصوص يوم بقي مبارحنا
زولاً كان حبيبنا وكان طبيب لي جرحنا
عارفين لا ولوف بعدك بجي بصارحنا
ولا بعد المسافات ببقي من صالحنا
ويادوب البريدك خشَّا بيت المحنة
وبقول لي اغلي زول يوم الوداع سامحنا
والخريف هو زوج الارض وعريسها كما قال ابو زيد الهلالي مخاطبا ابنته الصغيرة وقد اردفها معه علي بعيره حين مرت بسهولٍ ممطورة لتوها فصاحت : (الواطاه الليلة سمحة خلاس) فخاطبها قائلا (وطأها زوجها)وما اروع البادية في الخريف فكأنها عروس اكملت الاربعين يوما فعبق الاشجار كما (كَبَريت) العروس والارض لبست حلتها الخضراء وتدثرت باعشاب الخافور وام مصابع وحِبال حشائش الضريسة والوديان والخيران مملوءة فكأنها اسيافٌ مسلولة من اغمادها واشجار السِّعات والقضيم والاندراب ملء احضانها ونوار اشجار الكتر يضاحكها ويحصل علي قبلة مجانية من جروفها مع ابتسامة طفولية وتصدراحيانا اصواتا مزمارية حين تداعب اغصانها نسيمات السحر المضمخة برائحة جديد المطر والكبابيش يَطلِقون عليه(واقع البارح الطير ما بينو) وطائر القمري يشدو ويقوقي وتجاوبه طيرة( ام سُورج )بلحنها الخماسي وايقاعها (الدليبي) حين تُصَفِّقُ باجنحتها علي صدرها وهناك جدول صغير علي كتفه شالٌ و ملفحة درويش خضراء نسجتها الطبيعة من نبات (الدفرة) وفي عُمقه طائر الوزين (ابوكدوس) يسبح كأنه علي موعدٍ مع اولمبياد لندن وما اروع الصديق الشاعر الكباشي جمعة البري حين يصف الخريف :-
سايق ضُهْرِي عام سَالاً جِروف ؤ خَورَّن
والسَّاري الحلوب مَطَراتو فاقَن ؤ دَرَّن
واصبح رابط الضحوي البِصُب واتْحَرَّن
ؤسقَّايك كسر غادي وجواسْرِك شرَّن
بِعَطْنَن فوق جواديلك تِلُوب ؤ حورَّن
وابو الجاعورة بِدقُّو الكتيرها تورَّن
والبرقة ام جرس رقَّت فحول ؤعَبَرَّن
ولي شدر العِديد ناس ام قرين بتطرَّن
( الساري هو المطر الليلي – فاقن ودرن اي هطلن وهو تشبيه رائع جدا لان الفواق والدر للابل- السقاي هي روافد الوادي - والجواسر هي البرك-بعطنن من المَعْطن وهو مكان شراب الابل خاصة والانعام عامة –ابو الجاعورة صوت البقر- البرقة ام جرس اي الاغنام –وعبرن من عبور وهي النعجة الشباب وام قرين هي الماعز)
في طريقنا عرّجنا علي اضاة (ام حَطَب) لنسقي رواحلنا هذا اقتراح قدمته بدهاء ومكر لصاحبيَّ واقنعتهما به لانني ارهفت السمع لِشدو عزاري وعندما وصلنا للمنهل وجدناه ممتلئ بالنعم الصغيرة كالابقار والاغنام والماعز وبالحسان والشباب والاطفال الصغار ايضا مكثنا قليلا ثم ذهبنا في سبيلنا وفي الطريق مررنا بحسناءين جميلتين وعندما حاذيناهما وقد عرفننا (افندية) من هُندامِنا صَاحن منشدات بصوتٍ شجيِّ:-
(مو افندي بي ساعتو----- ومو تاجر بي بضاعتو------ سِعْنو الحليب زاعتو----- ؤعايض لي رباعتو )
اي لا يعجبهن المدرس او ابن البنادر وان تجمَّل بساعته ولا التاجر وان كثرت بضاعته وانما يعجبها المملوء (سعنه) بالحليب والقارص والذي يتفقد (رباعته) رفاقه وكان وقتئذٍ لم يرجعوا الابالة من الجنوب (رحلة النِّشوق)
ثم شدون ايضا وهُنَّ يخاطِبن الهرع:-
الهَرع الجيت من فَجُر ------ لقيت آتو في البَزُر---- لقيت عبدول ودصَقر----- ؤهَاد كاكليت فوق بَكُر
(سألن الهرع وهو راحل من الجنوب قائلات:-من رأيتَ من شبابنا الناشقين (المشوقرين) ؟ فاخبرهُنَّ بانه رأي عبدالله ود صقر وانه استقطع جزء من ابله وجعل عليها فحلا (هاد) جملا(كاكليت) اي بعيرٌ جميل وكبيرٌ وطويل وكلمة كاكليت تطلق ايضا علي الشاب القوي )
وفي طريقنا لفت انتباهنا الاخ حنفي حين لاحظ بعض الماعز برشاقته وخفة ظلِّه يرعي فروع اشجار (الكتر والسِّعات و..) فقرأ علي مسامعنا قول درويش:-
رأيتُ جبينك الصيفيُّ في الشفقِ.....
وشَعْرُكِ ماعزٌ يرعي حشيش الغيمِ في الأُفِقِ
ثم طرح سؤالا ....هل استهلكنا النخلة والجدول والساقية في شعرنا.......!؟ وان كانت الاجابة نفيا لماذا لم نجد مثل تشبيه محمود درويش عند شعراء بلادي.......؟!
فقلت :- سأجيبك من الدوبيت فقط ،موجود مثل هذا الشعر في الدوبيت بل اروع منه واقوي ديباجة وامتن سبكا وآنق مفردة ودونك قول ابوالبرعي:-
هِنّا إتْنين عنانيف شَرْق
نَواوِير عاطفة لا ضَاقَنْ سَموم لا حَرْق
إدين مَهَدُولَة لا بِتَحْمَل غَزِل لا طَرْق
ؤشَعَر من لونو دَهَرابَاً بِفِجُّو البَرْق
هاتان الفتاتان شبههن الشاعر ببكرتين مزيونتين من شرق بلادي حيث بيجاويات ابو الطيب المتنبي واضاف بانهن يرعين حشائش العاطفة ولاسموم ولا ...ثم ان ايديهُنَّ منعمة لم تتعودا علي غَزْل الشَعَر ولا حياكته ونسجه ولا طَرْقه حتي ثم شبه شَعْرَهُنّ بركام وسحاب المطر المصحوب بالرياح حين يهطل بمكانً قريب (الدهراب)ويلمع و يلوح في منتصفها البرق والوقت ليلا فلا قمر ولانجوم مع الامطار وهنا روعة التشبيه ثم قول محمد ودصالح الفحلي النورابي:-
سلطانة بنات ما إتضلِّي
فوقْهِِن ظاهرة كيف نار السَّناف بِتلِّي
العانس السّيدْهَا فوق كُوفَات عَقَر ناس سلِّي
بمثل ليكي يا الدارسة القوانين حلِّي
بدأ بتشبيها بالاميرة (سلطانة بنات) المقطع الثاني هو قمة الابداع والوصف ان كان درويش شبه شعرها بماعز ترعي حشيش الغيم.....فهذا البدوي يشبها بالنار التي توقد في الليل وتشبُّ في اعلي التلال فالكل يراها(نار السّناف) والعانس هي الناقة السمينة (وكوفات) البعير النشط وسريع الخبب وبمتل ليكي- اي احكي واشرح لك وشبها بالقاضية لفصاحتها وظلمها له وانها هي الخصم والحَكُم ثم لاتذهب بعيدا فبخيت ود عبدالمولي :-
العرب الفي مَلَمَّات الدروب السّاهلة
وجينا الليلة شُفناهُن كبيرة وجاهلة
مشيتاً روقا ماها المِسْتَخِفّي وراحلة
ؤجِلداً شوفتو كيف ريع الوَطا المِتْمَاحلة
والمقطع الاخير في غاية الجمال فاديمها مثل رمال الصحراء ولعمري لم اجد شاعرٌ في العالمين وصف جلد المرأة بهذا والمقطع قبل الاخير هذا علي خلاف صاحب هريرة (كأن اخمصها بالشوك ِ مُنتَعِل) اي لم تكن سريعة المشي (لفيفة)
وهذا يذكرني بشيخ العرب ود ابوسن حين يقول:-
عَنز أم شُومر الفي ريرا ضامنا خريفا
ما اكلت سندوتش محَشي ومعاهو رغيفا
ؤماشِربت سجارة وبيها تَمت كيفا
وكِشْكيش الجزالين مِنُّو باقية عفيفة
لم اكن ضد الطبيعة والناموس الكوني ولكنني العام الماضي ركبت الحافلة من الخرطوم الي المغتربين وبعد تحرك السيارة مباشرة لاحظت بعض الحلوين يتناولون بعض الساندوتشات داخل المركبة غضضتُ الطرف حين اختلط الكريم مع الجبنة وسال واندفق علي...! وحين تدخلت الايدي لفك الاشتباك ظهرت بانها كانت بلون والوجه بلونٍ اخر وعندما لمحت صاحبة خِمَار جالسة فقلت في سري :- السودان بخير ولم اكمل حتي ارتفعت مظلة السواد وبدأ صاحبها في رعي الحشائش فصحت:-
( الكتراااااااابل يا القدح المغطي علي اليَبَاس)
ثم عرجنا علي كثير من الشعر واستمتعنا بالعباسي وهو عندي من اشعر العالمين والي الان حين يأرقُ جفني اردد شعره:-
استغفر الله لي شوقا يجدّده زكر الصِّبا والمغاني اي تجديدِ
ان زرت حيَّا طافت بي ولائده يفديني فعل مودود بمودودِ
وكم برزن الي لقياي في مرحٍ وكم ثنينَ الي نجوايا من جيدِ
لو استطعنا وهُنَّ السافحات دمي رشفنني رشف معسول العناقيدِ
وقلت هذا ايضا موجود بالبادية ودونك حسن دياب
نَشَّف ريقي هم البَدري ليَّ ببادْرَن
ؤ بِردَن في الغدير مِتخفيات ؤ بِسَادْرَن
بِخاطْرَن بي رِويحاتِنْ بجنّي يخَابْرَن
بلولْحَن لي رِقيباتِن بعد ما يغادْرَن
وبالمناسبة حين يقول العباسي:- يقول لي وهو يحكي البدر مبتسما يا انت يا ذا وعمدا لا يسميني
ورب الكعبة كأنني اراه امامي لانني اعرف الناس الذين يقصدهم والي الان هم اجمل الكبابيش بل من اجمل السودان والي الان المرأة منهم لا تذكر اسم زوجها او ابن عمها ان كانت مخطوبة له حين تناديه بل تخاطبه قائلة :-( هنايا او عشايا اوخيري..) ثم عرجنا علي الشابي وكنت معجبا برائعته (كم من عهود عذبة في عدوة الوادي النضير) وكان يختصرها عليَّ قول ود ابوسن حين لمح طفلا يلعب بالدمي ويُشرِّك للطير..(ياحليلك يا البشرِّك لي طيرك ان خلاني قديرك وتاكل الهم فوق غيرك)
عذبةٌ أنت كالطفولة كالاحلام كاللّحن كالصباح الجديد
كالسماء الضّحوك كالليلة القمراء كالورد كابتسام الوليد
كل شئ موقع فيك حتي لفتة الجيد واهتزاز النهود
انت كالحياة في قدسها السّامي وفي سحرها الشّجيِّ الفريد
وقلت موجود ايضا وما اروع حسن دياب حين يشدو:-
اجمل من صباح العيد
ؤ حَلات الدنيا كان شُفت العلامتو فِصيد
حَقُّو الناس تريد ناسَاً بِعِزُّو الريد
ؤ زي زولاً صغيروني وبشابه الصّيد
ونحن مع الانس الجميل والشدو.. والشمس ما تبقي لها الا القليل وتدخُل غمدها سمعنا خوار الابقار فوقفت ريشات قلوبنا وتنفسنا الفرح فلاحت لناظرنا الخيام والفرقان واتانا الراحل احمد ودحسن مهرولا وكان السلام بالاحضان ولم تمضي دقائق معدودة حتي اتانا القدح المُترع بالدُّخن وادام اللّبَن والسَّمن ثم شاي الحليب (الناعم- ابوكتحة –الدباّري) كما يحلو لاهل البادية:-
الشّاهي ابولبن خلاني أمشي وانود
ؤعانِج عَنجَة الصّقر اللِّقالو عَتُود
اتنين وتلاتة ما بِتِمَّن المقصود
وخمسة وستة في الراس بِفتَحَنْلُّو قِدود
والليلُ طويلٌ وانا مُقمِرٌ والبرقُ العباديُّ يُومِضُ و(الهمبريب والواوير) مضمخان بروائح الصندل و(الكبريت) والرَّيحان والقيصوم ويغازلان العزاري والجِرابُ مملوءٌ بالذكرياتِ والقلبُ مُتكٌئٌ عليها والعود احمد إن بقي العمر و لم تثقُب قوارض الاغتراب والهجرة الجراب
عبيد الطيب(ودالمقدم) بادية الكبابيش

aubaid magadam [[email protected]]


Post: #93
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-15-2012, 08:21 PM
Parent: #92

Quote:
شكرا يا احمد القرشي علي هذا البوست الشبعان

مضيعين وكتنا بي هناك...
هاااادي قعدة...وكان الحكومة انقلبت
ماني زاح من هنا.


الأخ العزيز / نزار حسين

تحياتي

مثل كلماتك الجميلة هذه هي التي تعطينا الدافع والقوة للمواصلة في هذا البوست

أهلا ومرحب بك في هذا البوست ونفرش لك الزهور والورود ونقابلك بالدفوف والطبول

شكرا لشرحك لكلمة محجان وفي انتظار مشاركاتك دوما

مودتي



Post: #94
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-16-2012, 05:15 AM
Parent: #93

Quote:
ليس عندي لك اكثر من هزّ الرأس طربا واعجابا .. وقد مضت عليّ ساعات ثلاث ونصف وانا اتنقل في هذه الحديقه
الغناء من زهرة الي زهرة كالفراشة لا يشبعها رحيق ولا تصدها نار ..


الأستاذ العزيز الأديب / عمر علي حسن

سلامات

لا أملك الا أنحني إجلالا واحتراما للكلمات التي خطها يراعك بكل عناية ورقة وارفع القبعة اعجابا بإسلوبك الرصين والسلس وحديثك الشيق والجذاب ، كلما إنتهيت من قراءة مداخلتك أجد نفسي أعيد قرأتها مرة أخري وأشعر بالزهو والفخر والإعزاز وأقول لنفسي هذا ما خطه عن هذ البوست الاستاذ الأديب عمر علي حسن فتتملكني الفرحة والسعادة والحبور.
لك التحية والأجلال والتقدير وأشكرك كثيرا على كل جرف خطه قلمك في هذا البوست .

مودتي وتقديري واحترامي










Post: #95
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-16-2012, 07:13 AM
Parent: #94


من أدب البقارة
الهداي والجرداق


كتب خالد الشيخ حاج محمود
أورد الدكتور سليمان يحي محمد في كتابه الهداي بأن كلمة بقارة تطلق على رعاة البقر من عرب جهينة الذبن ينتسبون لعبد الله الجهيني وتعود أصولهم لليمن وينحدرون من القحطانيين الذبن هاجروا من الجزيرة العربية لافريقيا وشقوا طريقهم حتى استقروا بالسودان وحطوا بصورة غالبة في جزئه الغربي في جنوبي دارفور وكردفان وصولاً لمشارب النيل الأبيض تجاه الشرق وذلك حوالي عام 1635م ويتفرع البقارة لمجموعات عدة تكون أي جماعة اثنية منها تعرف بالقبيلة وكل قبيلة تتمركز حول رقعة جغرافية محددة تعرف بالدار أو الحاكورة ومن أشهر قبائل البقارة المسيرية والرزيقات والهبانية والفلاتة والتعايشة والبني هلبة والسلامات وبني حسين والحوازمة والجوامعة واولاد حميد والقريات والكنانة والحويطية والتعالبة والسعدة وبنو منصور والقِمر واللخم والبلالة وغالبية هذه القبائل في تشاد والنيجر وكذلك الشوا وخزام واولاد راشد وغيرهم ونتيجة للعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حدث تشكيل لحركة هذه القبائل واثر ذلك التداخل في التركيب الأثني والثقافة النوعية لتلك القبائل).
ولأن قبائل البقارة اصولها عربية لذلك حملوا معهم الموروث العربي القديم لاسيما الأدب العربي بكافة ضروبه وخاصة الشعر الذي عُرف منذ العصر الجاهلي وذلك لان الحياة كانت آنذاك مبنية على العصبية وإن كان تداول الشعر شفاهي لذا ظهر الشاعر المادح والمتكسب كالنابغة الذبياني وزهير والاعشى وغيرهم.
ولكن مع بداية عهد الاسلام خفت ظاهرة التكسب و سرعان ما عادت مع دولة الخلافة الاسلامية وخاصة عند العباسيين علماً بأن المجتمعات الانسانية عرفت ظاهرة الشاعر المادح منذ القدم حيث ظهر في اوربا مدح النبلاء والأمراء في القرون الوسطى في شكل ترانيم ومدائح ففي جنوب فرنسا نجد مجموعة التروبادور كما ظهر في شمال فرنسا وانجلترا التروفير وهم مجموعة من المغنيين المتجولين الذين ابتدعوا القصائد الملحمية التي تؤدى على شكل تلاوة موسيقية كما اورد ذلك الدكتور عبد القادر سالم في كتابة "الغناء والموسيقى التقليدية بكردفان" كما كان لامارتي الحيرة والغساسنة أكبر الأثر في شيوع ظاهرة الشاعر المادح وفي مصر والعراق شاعت الظاهرة في العهد الفاطمي وخاصة في الاسواق الشعبية وفي المجتمع الافريقي اصبح الشعر احتراف ومهنة لذلك كان هنالك ثلاثة انماط من الشعراء (شعراء البلاط والجوالة عند قبائل الزولو والوزا والبرنو والهوسا) وفي الكنغو يستخدم الشعر لمدح الحكام كما ظهر شعر البلاط الديني في افريقيا المسلمة والمسيحية خاصة عند السواحيلي والفولاني والاثيوبيين ، اما الشعراء الجوالة الذين لم يرتبطوا بأي مؤسسة دينية أو سياسية قد كانوا في غرب افريقيا والمناطق السياحية لاسيما المناطق الغنية ولان هجرة البقارة جاءت عبر تلك المنافذ لذلك ظهر عندهم الشاعر الهداي والذي اصبح تأليف الشعر وإنشاده بمثابة مهنة وحرفة له.
والهداي هو شاعر شعبي يؤدي وظيفة المطرب القروي الذي ينظم القصائد في مآثر الابطال باعتباره شاعر القبيلة وشعر الهداي كلماته بسيطة اللحن والأداء وأقرب للايقاع المنغم ويسمى (هدي) وتدور نصوص غنائه حول الهجاء والمدح لافراد مجتمعه وقبيلته ومشكار الخيل والابقار والغزل وإن كان الامر كله مربوط بالعطاء والمنع حيث يتولى الهداي هجاء وذم البخلاء والجبناء ومدح الكرماء والنبلاء لذلك نجد الشاعر الهداي كثير التجوال بحثاً عن رزقه ويستعمل الهداي آلة (ام كيكي) ذات الوتر الواحد ويعتمد على الكلمة أكثر من اعتماده على اللحن رغماً عن ان الكلمات لا ترقى لمستوى الشعر اطلاقاً مثل قول الهداي خنفر النمر: مشيت لاحمد ايدام الكلالي تور الخمام
سيد الضكر النتار دساني انا فوق مراح البار
وعزل لي من التيران وضبح لي من الكبشان
ومن الهدايين المشهوريين محمد المنقار وأحمد حامد فوشيب وضل الدليب والبعشوم ونكير العاصي والخور ملان ومخلاب الجداد وأم بارات واللهيبة.
ويجد الهداي الاحترام والتقدير من المجتمع لانه يدافع عنهم بشعره ومن اهداف الشاعر الرواج لشعره و واعلاء قيم و موروثات اهله الثقافية والمجتمعية كما يساعد في دعم سلطة القبيلة ورفع الحماسة ودفع المشاعر لاسيما عندما يتحدث عن مناقب الزعماء والافراد ويمجد المآثر التاريخية وتجتذبه دائماً الثروة والكرم ويقدم مدحه للمستعدين اغراقه بالعطايا والهدايا لذلك هو مصور بارع و إن كان شعره لحظي وله قوة ملاحظة وذاكرة وخيال وأفق وثقافة عالية كما له من الحيل والالاعيب والحنكة والحصافة الكثير ولانه جوال وعاشق للسفر والترحال لذلك لقب الشعراء الهدايين بأسماء من البيئة مثل ضل الدليب ومنقار وتيس ام بارودة.
وعادة يكون الشاعر الهداي شيخاً وليس شاباً لذلك يهتم بمظهره العام حيث يرتدي جلباباً واسع الاكمام ويكون شعره حليق وعليه طاقية وملفحة وجزلان في الجيب وزركشة بحلقات من سن الفيل ويكون راكباً على حصان أو حمار ويحمل معه امتعته بجانب الآلة ام كيكي والبطانية والدابة تكون مسروجة وفي شعره يجعل الممدوح هو المحور الرئيسي لغنائه وكذلك الذي يهجوه ومن ذلك ما كتبه "سلكين" في مدحه للخيل لما لها سرعة وخيلاء:
سمحات بنات سعدان يوم دقن الطوبار
والله الفرقة بعيدة قربنها للصبيان
وربما يتناول الهداي الغزل في شعره كما في قول الشاعر تيس ام بارودة:
ام جليحة نصوم نصلي ليها ** الله يهون ليها
ويستخدم الهداي الكثير من الصور والتشبيهات التي يستوحيها وياخذها من البيئة كما يقول الدكتور الكاتب سليمان يحي ، ففي مجال المدح مثلاً يشبه الشجاع بالحيوانات المتوحشة كالأسد والنمر والفيل والتمساح والجاموس الموجودة بالمنطقة كما في قول خنفر النمر الذي وصف احد ممدوحيه بالاسد حيث استخدم الاسماء المحلية التي تطلق على الاسد مثل الباحش وابو دبوقة وتور الفام وحس الباكر يقول الهداي خنفر النمر في قصيدته:
ولا ابو دبوقة ابو جليحة تور الفام
ولا الباحش البدادلو عياله
ودي حس الباكر الكاتل ليه باره
(الباره هي البقرة)
اما الجرداقي فهو شاعر شعبي شاب لذلك يجيئ شعره في البنات والغزل بصورة عامة إلى جانب الخيل والمرحال والطبيعة والبيئة والمال (والمال عند البقاره والابالة يعني السعية من ابقار وايل وضان الى آخر السعية) ولايدخل في المال الدواب مثل الحمير والزوامل كقول الشاعر يوسف كوريت والذي عندما وصل مدينة ام بارد في السبيعينات من القرن الماضي بلوري المرحوم مالك محمد مالك وهو من ابناء مدينة بارا ومن تجار مدينة ام بادر ولما اراد الشاعر يوسف كوريت الذهاب الى منطقة الحجار بالقرب من ام بادر وطلب من اصدقائه وبعض التجار ان يمنحوه زاملة يسافر بها ولكنهم اعتزروا له مما جعله يكتب شعراً هجاءً لهم عندها قال:
ما شافوا مالك الفي القبيلة خيار ** ما مركبني امامي فوق مانع السيار
ما ماكل وشارب حات ما دفعت ايجار** ما هو الضيئ البخليلم الضلمه نهار
هيلك من زمان يا تركة الاحرار ** وبطول المطولة والرفيق بندار
وياريت السعاية تبقى في الحمار
كما يتناول الشاعر الجرداق كل معاني الجمال والقيم الفاضلة التي يتضمنها شعره ويؤدي شعره المنغم بدون آلات وترية وموسيقية وانما يعتمد على صوته الجميل ومفرداته وشعره الرصين الذي يفوق شعر الهداي لانه يخرج عن عاطفة جياشة صادقة ويؤدي شعره على خلفية ضرب النقارة في الداره حيث يدخل يده في اذنه مثل شاعر الدوبيت ويجردق بمفردات جميلة وموزونة تعجب الحضور وتجعلهم يتمايلون طرباً وزهواً لاسيما ان تنغيم الجرداقي فيه مشكار وعاطفة وغناء للدار والفريق كقول شاعرهم:
يا ام سماحاً حداقة ** يا ام بيتاً برجحوا شقاقا
يا ام فاطراً براقا ** لوتت للفقير كسرت ساقا
لاحظ ان هذا الشعر الرصين في اطار الموروث يشبه قول الشاعر القديم:
قل للمليحة في الخمار الاسود ** ماذا فعلت بزاهد متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه ** حتى خطرت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه ** ولاتقتليه بحق دين محمد
كما يتناول الجرداق مفردات البيئة والطبيعة والنشاط الاقتصادي والاجتماعي ووصف الجمال ولوعة الشوق كقول احد شعرائهم:
يا خت ام عزين يوم فرقن دربين ** حي انا بكيت بلحيل
لاحظ ان الشاعر لم يخاطب الموصوفة ام عزين وانما خاطب اختها وذلك امر شائع عند شعرائهم حيث ان الخطاب لايأتي مباشر للمحبوبة وانما لاختها وربما لصديقتها مثل قول الشاعر:
قشاية الشوقارة يا سمحة يانوارة ** دي خيت زهيرة الغربة على بطالة
(خيت زهيرة رمزية والرمزية في شعرهم تحكمها الضوابط الاجتماعية مثل قولهم خي ام رشيرش وخي ام ضمير) كما نلاحظ في شعرهم القطع كقولهم قت والول بمعني قلت والولد ومن ذلك قول شاعرهم:
ام وجيهاً ناير كي سرحي المساير
كي سرحي المساير ضمير جدي الارايل
حميرة انا صبرت سبقني الدمع سايل
(كي تعني كدة)
كما نلاحظ وصف الوصف ويجئ لتركيز المعنى ولفت الانتباه للقيمة الجمالية مثل ما رود كي سرحي المساير ضمير جدي الارايل.
ولكون الشاعر الجرداقي لايستعمل الآلة التي تزيد الحماسة كما يفعل الشاعر الهداي لذلك يصبح شعر الجرداقي عاطفي موزون ومنغم وفيه خيال وصور جمالية عكس شعر الهداي الذي يأتي مختل الوزن ولكنه قوي لانه غناء ظرفي ووقتي لاسيما وان هدفه العطاء والتكسب وفق المنح والمنع ولكن كلاهما يجد التقدير والتبجيل في مجتمعه بحساب انهما لسان حال ذلك المجتمع العشائري الذي يحترم الشعر والشعراء.







Post: #96
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: صديق الموج
Date: 11-16-2012, 08:20 AM
Parent: #95

Quote: واللطيف في الامر بالرغم من جفاف الرِّشاش الا ان نسمات الجنوب (الدِّعَاش) تفعل فعل الطّلح والفياجراعلي الماعز والضأن فتجعلها مسعورة بالشَّبق حتي ان الأتياس بنبيبها (صياحها) تستضيف المُدجلين ليلا كالكلاب النوابِح..


عمدة البوست د. ود القرشى وصمد ساقية البوست شيخ عبيد .... والغاوون سلام

وفى موسم التزاوج هذا يقول شيخنا الحاردلو:

ختمن الوادى الورا القلعات
وتيسن عافطن و زاعلنو و فات
ديل الديمه من رد الانيس ناجعات
ضمر خلقه مو من قل معاش ضايعات

يتحدث شيخنا الحاردلو عن موسم التزاوج هذا وان هذه الغزلان بعد ان اصبحن امام
الوادى الذى يقع خلف القلعات وهى ما علا من الارض مثل التلال ولكن القلعه وجمعها قلاع
او قلعات عادة تتكون من حصى و بعض التراب فى حين تكون التلال رمليه .. هنالك بد التيس
فى اصدار تلك الاصوات التى يدعو بها الاناث الى التكاثر وهى تمثل المداعبه ولا تخلو من
بعض غنج وتم التزاوج او العشار هناك، ( والغريبه كنت اظن ان زاعلن ومفردها زعل وهى
تعنى الغضب ، من عامية السودان ، ولكننى وجدت فى القاموس انها فصيحه وان زعل معناها نشط )
وتلك الغزلان كعادتها لا تألف المكان الذى به الانسان وهو عدوها الاول بعد الكوارس من الحيوانات
اكلة اللحوم فتنجع او تفر دائماً منه..
وناتى لبيت القصيد : فأ نظر يا رعاك الله الى - ضمر (بضم الضاد)خلقة مو من قل معاش ضائغات - اى ان هذا
الهزال الذى فى خصورهن خلقة ربانيه و ليس من اثر الجوع او قل المرعى ، ويذكرنى هذا بقول العبادى فى قصيدة جدى
العزاز بالبيت الذى يقول:
الخصرو هضيم لاجوع لا ضيم خاتى عضيم الما نضيم ,,
يا الهى ما ابلغ هذا النظم البديع، رعاكم الله من نسمات خفاف وانتم تتعهدون هذا البوست بالسقيا والرعاية ،،،

Post: #97
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-16-2012, 09:55 AM
Parent: #96

Quote: حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا
بعد كدا باقي ليك حاجة واحدة قبل العلاج في مصر!!!!


الصديق العزيز / عماد خليفة

كيف أعبارك وصحتك والاسة الكريمة

ياخي انت من زمن السودانيين بتعالجوا في مصر

اسه بقت الأردن وتايلاند وأخير قطر والسعودية

لك كل الود والتقدير




Post: #98
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: بجاوى
Date: 11-16-2012, 12:56 PM
Parent: #86

الاستاذ احمد القرشى شكرا ليك كتييير هل بامكانك زيارتى فى هذا البوست واثراءه مع كل الود والاحترام محتاجين باحثين فى التاريخ ]

Post: #99
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-16-2012, 07:51 PM
Parent: #98

Quote: طوال المدة التي استغرقها هذا البوست وأنا(أقرأ في صمت).
وكلما تعمقت في القراءة أجد نفسي (مُمعن في الجهالة).
أتمنى أن لا يتوقف هذا البوست، ليستمر جهلي بما يُسطَّر فيه,
فأنهل من ذلك المعين الثر.


الأخ العزيز / محمد فضل الله المكي

سلامات

زأهلا ومرحب بك وشكرا لمتابعتك لهذا البوست

وسعيد جدا بحضورك وكلماتك الطيبة التي تزيدنا اصرارا على مواصلة التوثيق

محبتي وتقديري


Post: #100
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-17-2012, 03:12 AM
Parent: #99

الأدب الشعبي في دار الريح

كتب: خالد الشيخ حاج محمود
أهداني الاستاذ الباحث/ محمد التجاني عمر قش – الذي يقيم بالسعودية بعضاً مما كتبه عن الشعر الشعبي بدار الريح و هي المنطقة التي تقع في شمال كردفان وكانت في السابق تسمى بمركز بحري كردفان حيث يقطنها الابالة والغنامة والزراع وغيرهم، وقد احسن الاستاذ محمد التجاني التحليل في هذا الجانب خاصة وهو من اهالي تلك المنطقة والتي اشتهر انسانها بالترحال والتجوال والعيش في الفيافي شأنه شأن الانسان العربي عبر التاريخ لاسيما وان الشاعر العربي او الشاعرة لا تروق لهما حياة المدن والقرى وانما يفضلان العيش في الخيام بعيداً عن صخب المدينة وبهرجها، وقد ذكرت كتب الادب العربي قصة ميسون الكلابية التي قالت: لبيت تخفق الارواح فيه احب إلىّ من قصر منيف
ولبس عباءة وتقر عيني احب إلىّ من لبس الشفوف
وأكل كُسيرة في كسر بيتي احب إلىّ من اكل الرغيف
واصوات الرياح بكل فجٍ احب إلىّ من نقر الدفوف
و######ٌ ينبح الطراق دوني احب إلىّ من قطٍ أليف
وبكرٌ يتبع الاظعان صعب احب إلىّ من بغل زفوف
وذلك عندما تزوجها معاوية بن أبي سفيان وجاء بها لتعيش في قصور الخلافة في دمشق وشبيه بهذا قول البدوية من دار حامد:
بيت القش ما بضاري ساكت بشتن حالي
دايرالي شقالي على سيسة الجبالي
ويرى الباحث عبد الغفار محمد احمد بأن الادب الشعبي عند قبائل دار حامد على انواع عديدة منها (الاغاني القديمة واغاني المناحة والجالسة والجراري والدابو والتوية والدوبيت وريقه وغيرها) ولكن المنطقة فيها صور شعبية أخرى كما اوردها الباحث عبد الباقي تمساح حيث يوجد (الشقليب) وهو من فقرات السيرة ويختلف عنها بأنه لايتضمن ايقاع الدلوكة او الطمبور لذلك هو اقرب للعرضة الخليجية رغماً عن احتوائه على اغاني النساء حيث يشترك فيه قريبات العريس المتزوجات وامه والحبوبات والخالات فيمدحن العريس ومن أمثلة غنائه:
كنز الحجلها رطن خاتنه للحارات إن جن
كان السيف أبى هزّ على بقناعي في الدوسه أم عجاج بتنبر الواعي
كذلك يوجد (عرض الفال) وفيه تقف أم العروس أو الحكامة لمدح العريس في مراسيم (الضريرة) وهي خضاب خاص مصحوب بطقوس العديل والزين، ولكن دار حامد يضيفون له مدح العريس أو اهله ومثال ذلك ما ورد مدحاً على أحد احفاد الشيخ تمساح المشهور بـ(أبو عشة):
أسد الغابة الدفة بقرعها جدك أبو أم عشى الدارة بدفعها
سيد الخادم الكاشفة مقنعها أمسك دربه هو رايته ارفعها
وكت أبوك يركب على الدوريك سيد القدح الكبير بعشي الضيوف في البيت
سيد الهاج دا ماصع ودي مربيت شولك يوم مرق هدد العاديك
وقت أبوك راكب على بشاريه مردوم فرشه كل الخلوق تطويه
بحر المالح الحمر للضيفان تمساح أدبرة المابمرقو عوام
أنت أسد ما خِرّيف ضان أبو طينة حجر ما بدقو فيها برام
أبو زاداً عسل للزملاء والضيفان أبو جيباً تقيل للطالب والعشمان
كما يوجد (الدوباي) وهو من صور الغناء الشعبي وإن إختلف نمّه عن الدوبيت حيث يتناوله الشبان في المشرع، و يتبادلون فيه الاشعار أثناء جر الدلو فيصبح ذلك بمثابة تسرية تعينهم على تحمل العناء وهو موشح يقال في كورال جماعي من الشبان كمثل القول البديع:
يا الله لينا ولي الدلو كفتير جماعتك اربعة نشلو الدلو واترابعو
يا الله لينا ولي الدلو الليلة أم جريس جات طابقه الضما
بسقيها بي دبل العصا بسقيها كان الدم جرى
يا الله لينا ولي الدلو ذنبي على الفتل الرشا ذنبي على القطعو وحتا
(ام جريس: البقرة ، طابقه الضما بمعنى شديدة العطش، القطعو وحتا أي صانع الدلو).
ويوجد أيضاً (الدابو) وهو أقصر من الدوبيت بحراً حيث يتناوله الرجال في جلساتهم الخاصة بالافراح بإعتباره غناءً يختلف عن الدوبيت وتقترب نمته من نمّة الجراري ويرتجل إرتجالاً ومن أشهر شعرائه (الشيخ أمبدة سيماوي وإبنه العمدة تمساح)، ويقال بعيداً عن الأضواء الاحتفالية كمثل القول الجميل:
ما رغاي بي ملامه ما ملاي لي حزامه
لحق البي عوامة سبق الكاظمة لجامها
قارض الشوك بي سنك والكرباج وا جنك
سوي دي وكفى منك سجم عرباً راجنك
أما الدوبيت والذي يسمى بـ(الحاردلو) يوجد عندهم أيضاً من أشهر شعرائه (ود ام سياله وقناوي ودليبة وتمساح ام بدة و ود جبر الدار وشيخ جامع على التوم) في منطقة الكبابيش) و غيرهم ومن ذلك الدوبيت البديع قول الشاعر تمساح ام بدة:
أكلت عيشها من ناس حوه جاتهن حابية وام كشكوش تحاكي البوه
أبوك مسكت السيف كتير شن سوا تلي الروبة يا حورية سيبي العوه
أما المسدار فهو اطول بحراً من الدوبيت سيما وفيه وصف أكثر ومفصل للمناطق والبنات ويوجد الكثير من شعرائه بدار الريح منهم الشاعر الفحل (جامع على التوم) والذي أورد شعراً صادقاً في مسداره عندما مات جمله قال فيه:
يا شيخ العرب ماجانا خبراَ شوم خبر تيسي المعي ام بشار بهيج وبزوم
غراره ام قدود غشاشة ما بتدوم شالت الدومتو هتاف شني في الخرتوم
شالت البلحق الصيد الوقف لي دوم شالت الحر مأصل من نعم دلدوم
وهلا ودوبا ود ناقة النمير سلوم وأصلك من عنانيف شيخنا ود التوم
عليك طنيت وسويت نبحة المجحوم ويبكنك بنات دورن وحوالي عموم
فقدنك بنات الحوي وأم قدوم ويبكوك الرجال في ام سنطة والحروم
ويبكيك ود جودة يا الفي الجمال معدوم وعزايتك لا بتدخل الضل ولا بتنوم
قدر مولاي حكم الواحد القيوم ود إبل الملوك مما رقد ما بقوم
وأنّي إن فرشت عليك ما أظن اكــون مليوم
أما الجراري في منطقة دار الريح فهو سلطان الأدب الشعبي، حيث يوجد التقيل
والخفبف والمتوسط بين الأبالة والغنامة، لاحظ قول الكباشية الذي أورده الباحث الاستاذ محمد التجاني: سدر المامنكبا حطم بي عقاله وتبا
مسك السكه وخبا على الريفدورهن هبا
وكذلك تقول الشاعرة أم كلتوم بنت الشريف وهي شنقيطية الأصل وأمها من دار حامد: ما حشاش كتافي وما هو الدوب متلافي
هاجم الجدي الغافي بسر الفيــــافي
ويقال الجراري في مواقف الكرم والشجاعة التي يقدسها البدوي ويحرص على ترجمتها لعمل محسوس خاصة اكرام الضيف كما ان الشجاعة تعتبر من القيم النبيلة لهم فلا مكانة ل######## لذلك عندما يفر الشخص من ساحة القتال يجد التقريع والسخرية كقول احداهن كانت معجبة بشاب ولكنه تولى عند القتال فقالت:
يوم الصقير فوق حام سويت جري النعام الليد أخو أم زمام من كشكشو لاقام
وعلى العكس تماماً يجد الشجاع المدح من الحكامات لاحظ القول الحماسي:
أبو حوه أرخي الدير ودي السلام للخير الدود أبو حجيل عفارم عليك بالحيل
وقد يجئ المدح للزوج عندما ينشق بإبله حيث وصفت احداهن زوجها بالنخيل إذ قالت: يا شدرة النخيل شايلة العمار تقيل نبقى حمامة نطير نلحق جدي الريل
وللعشق مساحة في جراري دار الريح فقد تظل العشيقة مساهرة لم يزر الكرى طرفها المسهد بل ترغب أديم السماء عندما تختفى نجومٌ وتظهر أخرى خاصة وقد رحل عشيقها الذي تصفه بالمسك المسخ الارباح حيث تقارن ذلك المسك بالارياح المعروفة في الريف كـ(المجموع) وغيره ولأنها لاتعرف مستحضرات باريس ولا منتجات الشبراويشي لذلك قالت:
ديك نجوم صباح طالعات مع البواح فتيل المسك فاح دي المسخ الارياح
وتظل العشيقات على العهد رغماً عن التقاليد التي ربما تقف حائلاً بين قلبين مفعمان بالأحاسيس النبيلة والسامية ولأنها لاترى في حبها ما يشين لذلك قالت:
جلدك حرير سيتان يا خدرة القيزان ما مننكرك يا فلان كان رصو فوقي الزان
ويتناول الجراري عند الكبابيش الوصف والتصوير لاسيما جمال الطبيعة المستمد من صميم البيئة ودائماً يجئ ذلك مع هطول الامطار فتخرج الكلمات الطرية
والندية كالقول الجميل:
شوف الغربك كلو جاب نسامن حلو توق ناس راهب طلو فوق الزاغ من ضلو
ويكون للوسيلة وهي الجمل حظها من التناول حيث أن هجينها الاشقر اللون يشبه في سرعته واندفاعه القمري الظمآن عندما يرد نبعاً للماء فتقول:
الأشقر قام شارد حاكا القمري الوارد هجم الدكه مطارد عاني أم نفساً بارد
ولأن منطقة دار الريح شهدت في سالف الزمان الكثير من المغارات والحروب كشأن الحياة العشائرية في كل ربوع السودان لذلك كان للحماسة دورها في تلك المنطقة فنشأ تبعاً لذلك أدب الحماسة الشعبي والذي وصفه وأبدع في نقله الدكتور (عبد الله على ابراهيم) في كتابه (فرسان كنجرت) لاسيما ما تناولته الشاعرات كمثل الشاعرة (بت مازن) والتي سخرت من حلف النوراب ودار حامد من خلال بكائها على الفارس (هلال ود بخيت) والذي قتله بني جرار في كجمر فقالت:
من راس الجبيل ندلى نتصابه من ود ام فروخ صادتني كبكابه
حت خيل الغزايا الحيلها توابه نوراب القبول حاسبني جلابه
من نترة حسين ريلاً دخل غابه
فوق التور هلال اتحربس الخيال كم يا هلال على أبو باشه شديتو
الداير الأهل قدمتو عديته والداير القعاد سكنتو خليتو
والداير الحدارة أشبعتو ارويتو واديتني جمل في ابلي هديتو
واديتني رحل في بيتي وقيتو ومبدوع الزمان لي الجارو سويتو
القتو صحيح يا ابو فاطني حقيتو يا هلال ود بخيت سيفاً دخل بيتو
وكذلك فعلت (حواء بت تندل) عندما بكت أحد الفرسان يسمى (جاروط) فقالت:
نبكي سبع بكيات ما هن كتير نبكي على تمساح شيخاً مدير
واللانبكي على جاروط فارس الدمير واللانبكي على بتي قلب السرير
واللانبكي على نقارتي أم حس كبير واللانبكي على دبروه وجع القمير
واللانبكي على جملي سمح الهدير
لكل ذلك كانت دار الريح وماتزال موطناً للادب الشعبي لاسيما وأنها منطقة محفوفةً بالبهاء والجمال وحقاً هي كما وصفها الشاعر الشعبي بقوله:
دار الريح تاريها مشتول المنقه فيها بشيل الجوز بسقيها وبحاحي الطير ما يجيها
براك يا طير الوادي براك شن قلّ رقادي بشيل الليل سقادي وبحاكي الطير في الوادي






Post: #101
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-17-2012, 11:32 AM
Parent: #100

Quote: وناتى لبيت القصيد : فأ نظر يا رعاك الله الى - ضمر (بضم الضاد)خلقة مو من قل معاش ضائغات - اى ان هذا
الهزال الذى فى خصورهن خلقة ربانيه و ليس من اثر الجوع او قل المرعى ، ويذكرنى هذا بقول العبادى فى قصيدة جدى
العزاز بالبيت الذى يقول:
الخصرو هضيم لاجوع لا ضيم خاتى عضيم الما نضيم ,,


العزيز / صديق الموج

سلامات

مالك عاوز ترجعنا للحقيبة ، عليك الله شوف ابوصلاح قال في الخصر شنو

قلبي لا يسلاك ولا يطيق نكران .... بين شاهد جفني البى الدموع وكران
درعك البتقمز بالوضيب عكران ....والضمير الميل صاحي أم سكران

والدروع هي الأرداف والوضيب هو الشعر ..أراد ابوصلاح أن يقول إن الشعر يغطى الأرداف ..
وابوصلاح دائما يتهم الخصر بشرب الخمر نسبة لكثرة تمايله وميسانه ولدانته قال في أغنية يا حمام ورق الخدود ...
فيدي ساءلك عن أمور ..... ميلة الخصر الضمور
في اهتزاز طول العمر .....صاحي أم شارب خمور
أما في أغنية العيون النوركن بجهرا فلقد ارجع ابوصلاح نحول الخصر إلى الصدر والذي برا ذلك الخصر ...
عالي صدرك لي خصرك برا .... فيهو جوز رمان جلّ البرا
الخطيبة وردفـــك منبرا ..... الشعور البسطل عنبرا

وكلمة برا من كلمة ( برّاة أو مبراة) استعملها شعراء الحقيبة كثيرا قال محمد بشير عتيق في أغنية جسمي المنحول ....
جسمي المنحول براه جفاك يا مليح الزى

أما ابوصلاح فلقد استعملها أيضا في أغنية الدلال والغرام عيوني ....
الضمير قالي خبروني ...الصدر والردف بروني
بالتقل كادوا يبتروني ..... ديسه حاجبنى ما بتر ونى

وشعراء الحقيبة دائما يجعلون الخصر رقيقا ونحيفا ونحيلا وللتدليل واثبات هذه الحقيقة يبالغون في التشبيه فتارة يلبسون الخصر خاتما أو جبيرة اوسوارا وتكون هذه الأشياء أوسع من مقاسه (أو كما قال صلاح احمد إبراهيم ..كلما قلت صغيرا وكان الخصر اصغر).. فأبو صلاح في أغنية فريع البانه المن نسمه (الأغنية الوحيدة لابوصلاح والتي لحنها سرور وسجلها على الاسطوانات بالربابه سنة 1927 بشير الرباطابى كما سجلها بالشتم بابكر ودالسافل وللإذاعة تم تسجيلها بواسطة الثنائي المبدع ميرغنى المأمون واحمد حسن جمعه) قال ابوصلاح ...

رق وسطك خاتم ما بزنده ...... وصديرك قايد والديس جنده
كفيلك قلع من عـنــــــــده .......وأكتافك فوقه يا روحي بستنده

الخاتم الصغير أوسع واكبر من الخصر أما النهود فلقد جعلها ابوصلاح قائدة للجنود والجيش عنده هو ضفائر الشعر الكثيف، أما الأرداف فلقد برزت من هذا الخصر لتجعل منها الأكتاف متكاءا لها عند الرقص وذلك للين وليونة ورقة ولدانة الخصر وكل من شاهد رقيص الرقبة قديما يتذكر بعض النساء يضعن أكتـافـهن على أردافهن ... وفى هذه الأغنية يظهر تأثر ابوصلاح بثقافة الحرب العالمية الأولى واستخدامه لمفرداتها ومصطلحاتها العسكرية خاصة وان هذه الأغنية قيلت في بداية العشرينات ....
في أغنية إن ورد بروايحك بسام خصر ملهمة ابوصلاح اقل نحافة من خصر تلك التي في أغنية فريع البانه حيث هنا جعل مقياسه العاج الذي تلبسه الفتاة في رجلها أو في يدها وقال ابوصلاح يمكن لفردة العاج هذه أن تكون حزاما أو زنارا لها ...

حكمه خصرك مائع ولزام ..... حتى فردة عاجك بتلبسه حزام
كيف ضهيرك يجبر ما دام ..... لان ورق واشرف على الإعدام
في الدروع متقصص وهدام .... والكفيل الواقف لي رفعه خدام

والجميل في هذا الوصف انه شبه الخصر بالإنسان المريض والذي خفّ وزنه ونحل جسمه واشرف على الموت وان هذا الخصر لايمكن أبدا أن يجبر مادام لان ولدن ورق واشرف على الموت ... أما الكفل فلقد جعل له ابوصلاح وظيفة وهى خدمة الخصر وتثبيته والعمل على رفعه كل ما مال وانثنى وارتمى على الأرداف .
أغنية إن ورد بروايحك بسام استمعت إليها من الفنان حسن الأمين في دار الغناء الشعبي بامدرمان في إحدى المنتديات التي كنا نقيمها في بداية التسعينات وهى من الاغانى المجارية لأغنية فريع البانه المن نسمة وكذلك استمعت لأغنية بزغ مجلي للشاعر ودالرضى من الفنان حسن الأمين في نفس المنتدى ولقد غير كلمة بزغ إلى كلمة سطع بحكم قرب كلمة بزغ في النطق من بصق فاستحسنت منه ذلك
.
أما في أغنية من مناظر الحفلة الجميلة التي تغنى بها الفنان على الشايقى قال ابوصلاح إن الزمام إذا ادخل في الخصر فانه الخصر يجول في داخله بمعنى إن الزمام قطره اكبر من قطر الخصر ..

يا صدير المهره الكحيلـــه ..... بى غرامك غنى الحمام
ما الضمير ابوخصرات نحيله .... في حذوذه يجول الذمام

ومن الأوصاف الجميلة للخصر فلقد أطلقه ابوصلاح في أغنية يا ظبي رامه والتي سجلها الفنان إبراهيم عبدالجليل حيث قال إن الخصر عبارة عن قبضة يد ولكنه غير معبور بمعنى إن تقديرهم لمحيط الخصر كان عن طريق النظر والملاحظة فقط و ليس بعبار قبضة اليد حيث لم يلمس خصرها إنسان ويقصد ابوصلاح من هذا الوصف إلباس ملهمته ثوب العفة والطهارة ..

ليك خصر قبضة غير معبور .... ليك وريد باهى وليك صدير متبور
قلبي عارفه معاك في نعيم وحبور ... بس مناي الراح أصله ما مخبور

ومن الصور الجميلة لوصف الخصر كان في أغنية سبعة أم لونا غامق الخضار(سبعة في الحروف الأبجدية تقابل الحرف ز وابوصلاح يقصد اسم زينب) حيث قال ابوصلاح إن خصر محبوبته قيراط بالعبار والقيراط معيار وزنى صغير جدا ووزن الخاتم يكون أكثر من قيراط من الذهب ...

عندي اختيار ....... بى لماك اخضر من دون ابار
يقلع صدرك وزاد انتبار
وضهيرك قيراط بالعبار
والابار هنا يقصد بها الابار التي تستعمل في دق الشفاه قال العبادى في أغنية شوف محاسن حسن الطبيعة ...

دون فصادة سواك الهك ..... والابار ما لمسن شفاهك

وابوصلاح أراد أن يقول إن لون شفاه ملهمته اخضر من دون أن تدق بالابار..







Post: #102
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-17-2012, 02:56 PM
Parent: #101

Quote: لاستاذ احمد القرشى شكرا ليك كتييير هل بامكانك زيارتى فى هذا البوست واثراءه مع كل الود والاحترام محتاجين باحثين فى التاريخ


شكرا عزيوي بجاوي

وأرجو من القراء زيارة البوست التوثيقي الهام عن قبائل البجة والمرفق

رابطه في مداخلة بجاوي السابقة

وشكر جزيلا


Post: #103
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-17-2012, 07:56 PM
Parent: #102

الدوبيت عند الحمر

كتب: خالد الشيخ حاج محمود

عندما تمردت قبيلة حمر على حاكم كردفان التركي محمد سعيد باشا وعصيت أوامره كتب لهم مهدداً ( إلى عرب أفندينا عاصين الحكومة المتمردين معانا اتنين من حمر ابراهيم بك المليح وعبد الرحيم سالم أبو دقل، بوصول هذا الخطاب الى حمد فتين تور البقر وابراهيم الأعور قليل النظر وأبو القاسم تويس تقر مقطوع النظر تحضروا إلينا مائة واربعون خروفاً مولد كبابيش أوعى التقر ومائة واربعون بطة عسل لا قرير ولا نحل إلا أبو زمبور تكبروا بالغوسة من الشدر ومائة واربعون اردب غلال يقوم على البراق في رأس الحجر قطعنا ليكم ستة في وش الشهر إذا مهديكم ظهر ظهر وإذا مهديكم ما ظهر المورتين يدوي في فرشاية زي المطر وآتوا بأولادكم وأنزلوا كِم البحر) فما كان من حمر إلا أن ناجروا ذلك الحاكم وكتبوا له الرد الآتي: (للمفسد الطاغية الجدو أبو جهل إمامنا ظهر وقولكم بطل وشركنا مقجوج لليلة ما نبل نقولوا ليكم أف تقوموا تبر تبر زي مقام دارفور بالبكر)، ولأن قبيلة حمر عرفت بالفراسة وشدة القتال لذلك ظهر العديد من الفرسان بها منهم (بكر ود حمدوك) بود بنده ويسمى بـ( فارس الرحمن) ويقال بأنه أول من قاد الخيل في القبيلة وقد قتل في حرب العقال بين حمر والكبابيش فرثته إحدى الحمريات بقولها: (بكر ود حمدوك أبوعمراً مسبل تعاير الموت أبو دماً على ضهر الجواد دايوك). وكذلك من الفرسان (دلم ود عشاي) الذي يسمى بالـ(التور الكلالي) وفيه قيل: (الشعبة الترز الشوك والشوك يوالي) وهنالك أيضاً فارس النواجات (قريب ود مورو) كما يوجد فرسان الغريسية (عبد السلام ود الرضي وسالم ود أبو دقل) والاخير هجر فرسه أثناء المعركة حتى لا تهرب، كما يوجد الفرسان (بليلة درب التج من النواجات و اسماعيل النعاس من الطرادات والمك ود أبو قليب من الغريسية والنور محمد أبو مكينة أمه أم دور بت سالم أبو دقل هذا الى جانب مكي أبو المليح زعيم الحمر وغيرهم ) وللحمر أكلات شعبية اشتهروا بها كالبجبجي والتي تصنع من حب البطيخ بعد سحنه وتصفية ماؤه وجعله في شكل عصيدة بعدما يغلى بالنار، أما البازينه فهي اكلة شعبية تصنع من لبن الضأن الوالد بعد خلطها بدقيق الدخن وتمليحها بلبن ضأن آخر، وأم ظماطه تجهر بماء البطيخ لأيام ثم يصنع منها ملاح يسمى بأم ظماطه ، أما أكلة (أم حليبين) فهي لبن يخلط بالدقيق ويصنع في شكل قراصة مخلوطة بالسمن واللبن ويتناول الرعاة عادة (أم دفانة) و (أم بليلو) والاخيرة هي عبارة عن حب بطيخ عليه دخن يغلى في النار ويشتت فيه الارز والسكر وفيها قيل ( ام بليلو حلو وعسلا والبطيخ روقه ومهلا)، ونتيجة للنظام العشائري العتيد للحمر ظهرت الكثير من الأشعار التي لا تصاحبها حركات راقصة إلى جانب الدوبيت والجالسة ولكنها كادت ان تتلاشى ومنها (أغاني القطار) التي يرددها الناس في حفلات الافراح عند الاستعراض بركوب الجمال والخيول وذلك حسب افادة الباحث (محمد احمد ابراهيم) ومن غناء القطار مثلاً التي تتغني عادة بها النساء:
ركب هقاش وطلق هقاش يا مطر الرشاش يا غالي مندسك من الناس
كذلك يوجد غناء الحداء أو الندية والذي يقال عندما تسير الجمال وهي تحمل حملاً ثقيلاً لمسافات طويلة مما يستدعي تشجيعها على السير بغناء مؤثر يصبح لها بمثابة تسرية مثل القول الجميل:
جبد اللبب لي فوق سمح طوقه يومه بالنهار يندار مسخ علي سوقه
وكذلك يوجد غناء التهليل والتشريف عند ختان الانجال و أغاني البلل عند بداية احتفالات الفرح ومن غنائها الجميل قولهن:
يا شديرة البشم ما برعنك غنم إلا الصيد والنعم
أما الدوبيت فهو واسع الانتشار في كل بقاع السودان و قد برز فيه الكثير من الشعراء وخاصة في البادية الشرقية كالحاردلو والذي اعتقل وسجن بام درمان مع عدد من اخوانه واهله بأمر الخليفة عبد الله ، لمعارضته لنظام الخليفة بعد وفاة المهدي ، وقد كتب شعراً خالداً في ذلك الموقف وعندما عين الخليفة عبد الله (عبد الإله أحمد أبو سن) وكيلاً لقبيلة الشكرية في كسلا إتخذ عبد الإله أخاه الحاردلو نائباً وكان عامل الخليفة في تلك الفترة (حامد على) ورغم ما أصاب الشكرية من أذى وتجريد وسجن في عهد المهدية إلا أن الحاردلو كان يقدر الامام المهدي ويعترف له بفضله قائداً عزيزاً قوياً فهو القائل:
كان المهدي داك ولداً قدل فوق عزة
حت ود البصير سوانا في طيظ وزة
وتأثراً بالشاعر الحاردلو اصبح الدوبيت في دار الريح وبادية كردفان يسمى بـ(الحاردلو)، خاصة عندما انتشر في البادية الغربية ووجد حياتهم أساسها المهلة بأعتبارهم أبالة لا سيما وأن الدوبيت يوجد أينما وجد الأبالة لذلك ظهر الدوبيت كفن رائد عند الحمر رغماً عن إختلاف الحياة و البيئة بينهم وأهل البطانة ولكن الشكل البنائي للدوبيت عند الحمر نجده في ثلاثة أو اربعة اشطار وأحياناً خمسة وربما يزيد عنها، ومن نظم الدوبيت على الاربعة اشطار مثلاً قول شاعر الدوبيت المشهور (احمد ود ام بده) :
ود ام بده زول شاعر بتاع دوبيت
واصلو الغنوة يعمل فيها عشرين بيت
انا عارف الشئ المسكني ومنو ما إتداويت
سببو الشايلة شنطة وطرحة الجورجيت
وقد يجئ النظم على ثلاثة أشطار مثل القول البديع:
أنا سميتك سلام إسم السلام حقيته
تسلم لي يا الوجه الجمال ضميته
إيدك تقرب فرقات الفدغي المكجر بيته
ويكون الدوبيت من خمسة أشطار في حالات قليلة كمثل نظم الشاعر احمد ود ام بده حينما قال: ياحليل كردفان لامن خريفا يشيل
وفيها يخدر المعلاب والقمبيل
فيها بنات رقابن زي رقاب الريل
عيونن زي نجوم الليل
وشعرهن زي سبيب الخيل
ويري الاستاذ الباحث (دوليب محمود دوليب) بأن الحمر عرفوا الدوبيت بعد دخولهم للسودان عن طريق تونس واستقرارهم في الاول بدارفور طلباً للماء والكلأ ثم استقروا بكردفان واستوطنوا بها، ولكن بعض الباحثين يرون ان الدوبيت انتقل لأبالة كردفان بعد الثورة المهدية إبان إقامتهم بأم درمان وتواصلهم مع قبائل البطانة التي كانت تقيم في احياء ام درمان القديمة.
والدوبيت عند الحمر على عدة انواع وظواهر كما يقول الباحث (دوليب محمود) منها (المراسلة) وذلك حينما يرسل احدهم مساجلة ويطلب من الآخر الرد عليها كمثل قول الشاعر ابراهيم جمعة والذي طلب من صديقه ابراهيم الفاتح دوليب الرد عندما قال: يا ود الفاتح أخوي من بلد البطانة ليك رسالة
كيف حال البلد وزولي المأصل حالا
لف الفريق تلقى نجم العيون بتلالا
وجيب لي ريقو العسيل في حواله
وجاء رد صاحبه بالقول:
لقيت فاطر البريق يشلع بياض من سنو
شوق وحنان كل العباد راجنو
زولك يوم قام فات البعيد لاحقنو
خفه ودلال خلى الفريق وناسو الكبار يجنو
وربما تأخذ المراسلة صفة المناظرة بمعنى شكل اللغز والامتحان وبالتالي تكون تحدي مما يجعل الامر يحتاج لسرعة التفكير والبديهه وقد تتطور تلك المجادعة فتصبح دعوة للمبارزة خاصة عندما تأخذ شكل التفاخر والاعتزار بالجمل والصاحبة كما توجد ظاهرة أقرب للمجادعة تسمى (المعاقبة أو المشايلة) وهي تعني المشاركة في القاء الدوبيت وتختلف عن المجادعة لانها تحمل روح المشاركة والمآنسة فقط وذلك مثلما جرى بين الشعراء حنفي و عمر الشيخ و دوليب محمود حينما ارسل لهم حنفي قوله البديع:
كان داير الجمال بلد المجانيين لفّ
تلقى الرأس الجميل أب قوماً تقيل ما بخفّ
نظرت لي نظرة براءة وعفة
قلبي نسيتا بين حدقات العيون والشفة
وجاء رد الشاعر عمر الشيخ:
كان داير الجمال بلد الكبابيش دور
تلقى أبو نهداً بي البلوزة مكور
نظرت لي بنظرة هول قلبي نسيتا بين حدقات العيون متصور
ورد عليه دوليب محمود بقوله:
كان داير الجمال دار حمر بلد الجمال والروقه
تلقى الديس الغلب سيدو ومصدف قر فوقا
نظرت لي بي نظرة قبلي السحاب الشال العقيل بي بروقه
نسيت قلبي هناك بين حدقات العيون محروقه
كما يوجد عند الحمر الدوبيت القصصي وهو صور قصصية وربما يصل نظمة لستة أشطار ويوجد أيضاً دوبيت المطابقة أو المرادفة وذلك بأن يردد المغنى نفس المعنى مرتين اوثلاثة مع تغيير القافية فقط. وأحياناً تتغير شطرة واحدة وتبقى بقية الابيات على تلك الطريقة ولأن الدوبيت استوعب اغراض الشعر العربي لذلك يغلب على نظمه الجانب الغزلي في المرأة كما يوجد عنصر آخر معها هو الجمل وذلك لان الدوبيت ارتبط بالبادية مما يجعل الجمال الصهب مع المفازات البعيدة والترحال هي المغذية له خاصة وان الدوبيت هو أدب الهمباته والسراجة، فالدوبيت للهمباتي رفيق حياة و أنيس بإعتباره عاملاً نفسياً مشجعاً له كما يرى الباحث (محمد احمد ابراهيم) لاحظ قول الهمباتي:
الولد الما بلوك المرة وبحمل الحارة
ما بقدر بسوق ناقة العيال الداره
يوم التجيك التارة حكمها بجرس ونارها ام شلوب الحاره
وقد يتناول الدوبيت عند الحمر بعض الجوانب الاجتماعية كما كتب الشاعر احمد ام بده ، عند شاهد هول خريف عام 2007م الذي هدم المنازل بحي حسيب بمدينة الأبيض حينها قال:
خريف ألفين وسبعة خريف نزولو عجيب
الضحوية ما بتفر لحدي الشمس ما تغيب
أنا من ولدوني ولامن راسي سوى الشيب
ما شفت ضرر زي الحصل في حسيب
ولكون الدوبيت ملازماً للمسدار و بأعتبار الاخير هو الحنين للمنطقة والمحبوبة بعد الغربة الطويلة في شكل مرسال شفوي يعني السرعة للمقصود كما يقول الاستاذ دوليب ، لذلك شهدت منطقة حمر الكثير من المسادير مثل مسدار البلوم للشاعر دوليب محمود والذي قال فيه:
تعال يا بلوم وشوف حالي شن سويت
صامت سنين مربط مقفل علىّ البيت
لمو الدكاتره وقالوا أني جنيت
حتي إسيمي السموني بيهو نسيت
اشتهر العديد من شعراء الدوبيت بحمر منهم (محمد موسى واحمد ود على ويوسف شامي وعبد القادر صالح وسليمان ام بده و احمد عدريب واحمد سلامه ومحمد مسلم ومحمد حمد الله وآدم ابيض وحميدة ود مفرح ويوسف الطاهر واحمد ود ام بده وابراهيم الفاتح وابراهيم جمعة ودوليب محمود وغيرهم) وذلك رغماً عن تحول الاسفار من ظهور الجمال للعربات كوسيلة جديدة إلا أن الدوبيت ما زال يسجل وجوداً كاملاً ويسحر الجميع ببوادي ومدن كردفان.


Post: #104
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-18-2012, 04:51 AM
Parent: #103

الجالسة عند الحمر

كتب: خالد الشيخ حاج محمود
ورد بالخطأ في مقالي السابق (الكدنداية) بأن قائد حرب العقال من جانب حمر كان موسى أبو النعيم ولكن الصحيح هو (مكي أبو المليح) ، ويعود سبب قيام تلك الحرب بين الحمر والكبابيش (لقتلة أبو تابر) وسلب إبله وهو من الحمر وذلك إلى جانب أن هنالك حوادث (نهيض) بين القبيلتين كانت آنذاك، وقد ورد في مرجع (ملامح من تراث حمر الشعبي) من إعداد (محمد احمد ابراهيم)، بأن أحد فرسان الكبابيش يدعى (شطيطة أبو عجوب) قال لشيخ الكبابيش قبل الحرب معترضاً (يا شيخ العرب حمر ديل في دارهم ونحن في دارنا لا شربوا مانا ولا شقوا وادينا ولا قتلوا جدينا) فعارضه شيخ الكبابيش بقوله (يا رقيقيم ما رقمت) أي انه متحيز لحمر متهماً له بأنه حمري الاصل تحول للكبابيش بعد (كتلة أبو تابر)، فقال شطيطة (جيداً مرقتوني من حمر يا ناس، حمر عرباً عزاز ما هم رخاس فرسان أم حنك الزرقهم غطاس فوقهم أبو المليح المخرز القراش يهرد الكبد ويخفس على الفشفاش طردوا العرب وشالوا النحاس) كما يقال بأن أحدى نساء الكبابيش أخذت تبكي متحسرة بعد حرب العقال فقالت:
دي أبو المليح المابتقدروا عفارا
خليتو الكبير بي كمة وبي ستارا
خليتو الصغير الفي برامه مومجارا
خليتو البهم داسنّه في كرارا
خليتو البنات الكيف بصل بارا
لي بت أم بحر خلاها تتجارا
وتتفق كل مدونات النسب تقريباً على أن حمر من قبائل جهينة اولاد عبد الله الجهني وهناك من ينسبهم لبني تميم وآخرون يرون بأنهم مزيج من بنى أمية وبني عباس وعنج وأشراف وفور، كما ان ماكمايكل في كتابه (العرب في السودان) يرى بأن حمر أصلاً هم اولاد الاحمر بن معاوية بن سليم أبو شايل التميمي، وفقرة أخرى تقول التمامية (أصل الحاج منعم) من بنى أمية والغشيمات جعليين (عباسية) وبني بدر بديرية والتيايسه عنج والدقاقيم بعضهم حسينية أشراف وبعضهم من بني أمية وفيهم بعض الفور، كما يرى ماكمايكل بأن حمر هم اولاد درك ولد حسن المعارك سيما وأن أبناء درك هم حمر وحمران وتقول مخطوطة أخرى من كتاب ماكمايل بأن حمر هم أولاد أحمد الاجضم ود عبد الله الجهني.
ولكن دخول حمر للسودان متفق عليه تماماً و الراجح أنه كان عن طريق شمال افريقيا رغم أن الغريسية يرون بأن دخولهم كان عبر النيل باعتبارهم هاجروا من اليمن خاصة وأن اصولهم من حمير وكانت هجرتهم تلك في عهد الحجاج بن يوسف في النصف الثاني من القرن السابع وسكنوا حول كسلا ثم هاجروا لدارفور، أما عن استقرارهم تقول الروايات الشعبية بأنهم عندما استقروا بـ(وداي) وجدوا البلاد غفاراً ويباباً لذلك فضلوا العودة لاسيما وقد كان لهم زعيمان (سالم تريشو) و (ابو تابر) حيث اختلفا في الرأي وذلك عندما اخترح تريشو مسارهم جنوباً طلباً للماء من الوديان والنيل فيما رأى أبو تابر المسير شرقاً مع حملهم للقرب لاحضار الماء ولذلك سار كل زعيم في طريقه ولكن ابو تابر عندما وصل شرق كردفان عطش قومه وماتوا وقد عرف ذلك تاريخياً بـ(هيفة ابو تابر) وقد قضى الكبابيش على ما تبقى من قوم ابو تابر الشيئ الذي عجل بقيام حرب العقال، وكانت حرب المعاليا هى اول حرب لهم تحت قيادة زعيمهم (مكي ابو المليح) والتي وقعت بشق الجواد في (ارتو والريل)، ولكن الاستاذ الباحث (دوليب محمود دوليب)، يرى بان حرب الغرطاس كانت بين حمر والمعاليا في عام 1765م حيث كان قائد حمر فيها هو (سالم تريشو) واسباب قيامها يعود لتحريض من سلطان الفور حسين ويعود السبب لوجود منهل ماء بمنطقة تسمى الغرطاس والتي كانت تحت سيطرة المعاليا وعندما اراد الحمر ورود ذلك المنهل طلب منهم المعاليا دفع (خمسين ناقة) في كل ورود للماء، ولما شق عليهم الأمر قامت الحرب بينهم والتي انتصر فيها الحمر، وبعد وفاة ابي المليح بدأت اقسام القبيلة تتنازع على الزعامة مما جعل الغريسية يطالبون بزعامة فارسهم (عبد الرحيم سالم ابو دقل) والذي كان محارباً شجاعاً وكريماً لا سيما وقد كان دور والده في حرب العقال بائناً لذلك رقى أبو دقل بواسطة عبد القادر باشا علماً بأنه كان من زعماء حمر الذين عملوا مع المهدية وساهم في سقوط مدينة بارا في يناير 1883م في يد قوات المهدية وذلك عندما سقطت (حاميتي كنجي واربعجي بلك هجانة)، ومن فروع قبيلة حمر (الغريسية والطرادات وبنى بدر والغشيمات و النواجات والجخيسات والصبيحات والصبحة والجلدة والخوازمة واولاد عامر واولاد شظوان واولاد ساري واولاد صبيح والتيايسة والشماعين والمعاركة والممانعة والخريسات و الوايلية وعيال سحاية وعيال ابوزيد والشعيبات والجمعانية وعيال مرزوق واولاد برعاص وغيرهم)، وفي عام 1898م بعد معركة كرري قتل زعيمهم (منصور محمد الشيخ) في ظروف غامضة وذلك بعد عودة القبائل لمناطقها حيث كانت هنالك مجموعات تقطع الطريق على بعض بما يسمى بـ(النهيض) وشهدت المنطقة مغارة من حمر على الرزيقات عند مرورهم بمنطقة حمر، وبعد المفاوضات عاهدهم الرزيقات بتسليمهم الخيل والسلاح في الصباح ولكن الامر لم ينفذ بل تفرق جمع حمر عن منصور و الذي وافق على تلك المعاهدة وتركوه وحده في منطقة تسمى (ام رقتي) والتي لقى فيها حتفه عام 1898م ويؤيد ذلك ما ورد في الجالسة التي هجت الذين تفرقوا من حوله عندما قيل فيها :
دقاقيم والعساكره ولدة الحصول الشيب والشباب قالوا له ود منصور
قاعدين في قفاه بتتقاطعوا بالزور بي الكضب الكتير فوق التراب محشور
وبعد المهدية وعودة الفارس ابو دقل ومجموعته للمنطقة كان للحمر نظام اداري من ثلاثة نظارات مستقلة هي: (نظارة عبد الرحيم ابو دقل على الغريسية ، وحمد بيه على الدقاقيم ، وابراهيم المليح على العساكرة) وبحلول عام 1905م توفى حمد بيه ، وخلفه (محمد ابو جلوف) اما العساكرة انتخبوا اسماعيل محمد الشيخ المشهور بـ(قراض القش) ناظراً لهم وفي عام 1928م جاء اختيار منعم منصور محمد الشيخ ناظراً لعموم حمر بما فيهم الدقاقيم والغريسية والعساكر كما تم تعيين محمد عبد الرحيم ابو دقل ناظراً للغريسية.
ونتيجة لتنامي السلطة العشائرية لزعماء وقيادات القبيلة تطورت الجالسة وبدأت في الازدهار خاصة وانها من تراث الابالة الاصيل.
و اغاني الجالسة عبارة عن قصائد على نهج القصائد في الشعر العربي التقليدي
والتي ربما تطول وتشارف المائه بيت او تزيد وقد تقصر لعشرة ابيات او اشطار متحدة القافية وذلك حسبما يرى الباحث محمد احمد ابراهيم في مرجعه( ملامح من تراث حمر الشعبي) ولكن طريقة ادائها تختلف عن كثير من الاغنيات الشعبية لحمر التي يتبادلها القوم في الجلسات لذلك اشتق اسمها من الجلسة ، وتوجد بكثرة في ليالي الافراح عندما يجلس القوم للشراب بعد ذهاب جزء كبير من الليل فيبدأون في تعاطي اغاني الجالسة في ود وبهجة وهي من غناء الكبار وذلك ربما لانهم غير آهل للالعاب الحركية كالجراري والتوية والهسيس التي يؤديها الشباب، ويلجأ الكبار لاغاني الجالسة التي لاتكلف احدهم اكثر من الالقاء أوالاستماء وتبادل عبارات الابتهاج وصيحات الاعجاب بالاغنية.
وتتناول الجالسة الغزل والوصف والهجاء والذم والمدح والفخر والوصف وتعتمد على المجادعة مثلما يحدث في الدوبيت خاصة عندما يكون في الجلسة اكثر من شاعر ويكون الحوار حول موضوع محدد، وربما يكون هنالك جانباً من الطعن الخفي والرد البليغ ولكن المهم في الجالسة التنافس حول البقاء داخل حلقتها لاطول مدة ، كما توجد فيها ظاهرة الكشف وعدم التحفظ في الالفاظ بمعنى انها مباشرة وتحتوى على جراءة في التعبير لاتوجد في كثير من الاغنيات الشعبية الاخرى، ويعود ذلك للحالة التي تعتري شعرائها حيث الخمر التي تجعل النفوس في قمة الانتعاش وتوجد ظاهرة الاستطراد بحيث إذا شبه الشاعر الفتاة بالبِكرة مثلاً يستمر في وصف البكرة لفترة طويلة ثم يعود ويشبهها بالريل وذلك مثلما ورد في الجالسة التي تقول:
عانس ناس دويح الفوق عقالها تنين يا ام سيداً سرب بيتها نجم الدين
تشبع في الضرير باكر جمالها يبين تجار الريف تمانية الجوها منقرنين
السماني جي طقاها بي خمسين وتاج الدين حرن قال التجار باردين
دون تاجراً جعيص ما بعرّضك مسكين إت يا عنكوليبة الطليح مزروعة فوق الطين
ساموكِ المفالسة فوق سوق الدلم فارشين أم فصاً بشتروه بالقرش مع الملين
ويرى الباحث (دوليب محمود) بأن الجالسة أساساً انتقلت من الكبابيش لدار حمر بفعل التداخل بينهما، وهي تناول مشكار الزعماء ورجال الادارة الاهلية.
وتأتي في شكل مربعات أقرب للدوبيت ولكت تنغيمها أقرب للتوية ومن غنائها الجميل الذي يصف الزعماء مثلاً:
داير عودة لي بلد الزعيم دوليب ** تلقى خريفاً عماها وسماها عجيب
داير ركبة في ضهر العواتي النيب ** بدور شوفة فريق المادرج فوق جيب
داير عودة لي بلد البداوي الجن ** تلقى خريفاً عماها ورعدها برن
داير شوفة الحور اللباسن سن ** وداير رشفة من الحوارها بطن
والجالسة لطول ليلها الذي يصبح مثل طول ليلة الفراق لذلك توجد الطويلة والتي من غنائها الجميل والبديع:
العين سيكو جابا الحاج من بيت الله والحاجب تلاتين يوماً بعدهن هلالاً هل
كان فك الشعر مضمون يغطي الصرة وكان كشمت قلنا برقاً يحرق الحلة
ولكن توجد أيضاً الجالسة المشكلة وغالباً ما تتناول الغزل ووصف البنات وذلك مثل القول الجميل فيها:
أول مرة سمرية وخدرتك فاقعة عيونك موية الرهود الواقعة
أتي أكل أم لد للجوف الناقعة كشمت قلنا برقاً في حشاه جاتنا الصاقعة
ولأن الجالسة من أساسياتها الصراحة شأنها شأن اغلب تراث الابالة الذي يعتمد على المفردة البسيطة المعني والمدلول مثلما يكون في الجراري والذي يعتمد على تلك الصفة، لاحظ قول حكامة الجراري:
ما بشدوك يالحوري إلا لامر ضروري*إيه فرقك من اللوري غير الجاز والبوري
وأحياناً يخاطب الجراري الوجدان في قالب تورية ظريف وشفيف كالقول البديع من الحكامة:
الكركدى الخفيف ما بطّلع مصاريف ** عايزالي توب رهيف من بهم الخريف
وعادة ما يتقدم أغاني الجالسة شطران يرددهما الحاضرون مع المغني على شكل كورس ويسمونها (الصلاه) وحينما يبدأ مغني الجالسة يقول للحاضرين (شدّوا معاي الصلا) أي رددوا معي ابيات المقدمة لحين ثم ينخرط هو بعدها في اداء اغانيات الجالسة الطويلة وبعد انتهائه يبدأ الجماعة في ترديد البيتين وذلك مثلما جاء في جالسة سليمان اميده:
ست الكجروه بي خيشة وبي ستاره من شينة المعاها ام دغمة تتضارا
ايدك مطرق الوادي التشلخ ماه ضميرك طي حجاباُ سيده نقرشه وخطاها الخ..
وعندما يصبح الليل طفلاً يحبو ينضب معين الجالسة ويعود الجميع لمنازلهم على مخدات الطرب والحلم الجميل.


Post: #105
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-18-2012, 07:32 AM
Parent: #104

Quote: ذلك حسبما يرى الباحث محمد احمد ابراهيم في مرجعه( ملامح من تراث حمر الشعبي) ولكن طريقة ادائها تختلف عن كثير من الاغنيات الشعبية لحمر التي يتبادلها القوم في الجلسات لذلك اشتق اسمها من الجلسة ، وتوجد بكثرة في ليالي الافراح عندما يجلس القوم للشراب بعد ذهاب جزء كبير من الليل فيبدأون في تعاطي اغاني الجالسة في ود وبهجة وهي من غناء الكبار وذلك ربما لانهم غير آهل للالعاب الحركية كالجراري والتوية والهسيس التي يؤديها الشباب، ويلجأ الكبار لاغاني الجالسة التي لاتكلف احدهم اكثر من الالقاء أوالاستماء وتبادل عبارات الابتهاج وصيحات الاعجاب بالاغنية
Quote: ويرى الباحث (دوليب محمود) بأن الجالسة أساساً انتقلت من الكبابيش لدار حمر بفعل التداخل بينهما، وهي تناول مشكار الزعماء ورجال الادارة الاهلية.


الدكتور القرشي والاستاذ خالد لكم محبتي وللمتداخلين جميعا
وشعر الجالسة يكون خفيفا ويختلف عن الدوبيت في طريقة النظم والسَّبك وليس في المناسبات كما ذكر الاستاذين الباحثين خالد الشيخ ودوليب وليست تسميته من المجالسة او الأُنس كما ذكروا وأنما تسميته من ركوب الجالسة وهي احدي جانبي السرج والبادية عندما تقول(فلان راكب جالسة) اي علي سرجه فقط بدون زاد وعفش وغالبا راكب( الجالسة) يكون مُراده أو وجهته قريبا خلاف من تكون وجهته بعيده سوف يَعُد العُدة من زاد وماء وفرش .........الخ وحسب رأي ان شعر الجالسة هو أدب وموروث قبيلة بني جرار وقد أنتقل للكبابيش من بني جرار أيام مسكنهم جميعا بوادي المقدم والصافية وكجمر ومن اشهر شعرائهم الفارس جلي ابو فاطمة ووالد الفارس موسي ود جلي الشهير قال جلي يخاطب ابنه موسي ويحثه علي حرب النوراب
يا أبو سيفاً كتَّلُو لي السَّن
ويا ابو مُهراً لبَّسُو لي القّن
يا دَخَّال علي الحمِّي أُم بخوراً بَن
عجَّل يا رباع خيل ناس كرادِم جَن
ويقول فارس بني جرار كورينا عندما كان في الرمق الأخير وله شقيقة اسمها أُم بلينة يحبها:
ود السلام أدُّوهو أم بلينة
أن دارَت الرَّحيل دانولها أبو سنينة
وإن دارت اللَّبن أحلْبولها بارينا
وأن دارت الزواج أدُّوها دُخرينا
وأن قالت مِنُوَّي الوَقَع قولُولها كورينا
ثم شاعرة بني جرار الشهيرة حواء بت مازِن تمدح الفارس حمد ود منزول عند إنتصاره علي النوراب في معركة كجمر
فِرساني الشِّويَّه الصَّادفو الهيَّه
الجابو النَّصُر يا يُمَّه جيد ليَّا
ودمنزول حَرَن في العوق أبو ليَّا
سالم مَرمَتو ؤ شدَّا علي حويَّه
وشيخ بي إيدُو كَرَب رهطو وبقي فتيَّه
ما قُلت ما بتفِز يا العُرضي أبو النيَّه
وقالو لي الزبير رَحْرَح بقي حديَّه
وشعر الجالسة يكون خفيفا ويختلف عن الدوبيت في طريقة النظم والسَّبك وليس في المناسبات كما ذكر الاستاذين الباحثين خالد الشيخ ودوليب وليست تسميته من المجالسة او الأُنس كما ذكروا وأنما تسميته من ركوب الجالسة وهي احدي جانبي السرج والبادية عندما تقول(فلان راكب جالسة) اي علي سرجه فقط بدون زاد وعفش وغالبا راكب( الجالسة) يكون مُراده أو وجهته قريبا خلاف من تكون وجهته بعيده سوف يَعُد العُدة من زاد وماء وفرش .........الخ وهذه درة من شعر الجالسة الجميل للراحل الشيخ موسي علي التوم
رَاقْ السِحَاب روَّق رِدَم
ومن الصعيد جَنْ العِجَم
راعي البقر راعي الغنم
وإتهَوَّل الطَمْبارِي هَم
كَم يا أم سوالِف ؤ كم ؤكَم
يا النَّزْرة قطاّعة العشَم
حَدَباتْهَا ما فِيهِنْ مَجَمْ
جَدْيَة ومَرَاقْدِك في السَلَم
رُقَّابة قَنْدُولْهَا إنْبَرَم
بَكْرَة رَشِيد في امَّات كَزَم
خَلبوسة في وادِي البَشَم
ضَرْبِك علي الشَّرْشُوف سَهَم
كَتَبك شِرَاع عَضَبِك عَلَم
يا نَارِي هِبِّي اللّيل قَسَم
وين الزِّلال سمح النَّغَم
عسل النحل حِلْو الطَّعَم
جرعتها بِداوي السَّقَم
سَالْكَة عِيوب خلَّاقْهَا تَم
والله كان فَرَّه ؤبَسَم
شَرْطَنْ تقول تَرْميلْها دَم
جزء من مقال نشرته سابقا بالصحف

Post: #106
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-18-2012, 10:06 AM
Parent: #105

Quote:
الدكتور القرشي والاستاذ خالد لكم محبتي وللمتداخلين جميعا
وشعر الجالسة يكون خفيفا ويختلف عن الدوبيت في طريقة النظم والسَّبك وليس في المناسبات كما ذكر الاستاذين الباحثين خالد الشيخ ودوليب وليست تسميته من المجالسة او الأُنس كما ذكروا وأنما تسميته من ركوب الجالسة وهي احدي جانبي السرج والبادية عندما تقول(فلان راكب جالسة) اي علي سرجه فقط بدون زاد وعفش وغالبا راكب( الجالسة) يكون مُراده أو وجهته قريبا خلاف من تكون وجهته بعيده سوف يَعُد العُدة من زاد وماء وفرش .........الخ وحسب رأي ان شعر الجالسة هو أدب وموروث قبيلة بني جرار وقد أنتقل للكبابيش من بني جرار أيام مسكنهم جميعا بوادي المقدم والصافية وكجمر


الأخ العزيز / عبيد الطيب

سلامات

افتقدك البوست والقراء في اليومين الماضيين

ونشكرك على هذا الشرح الكافي والوافي

وهذه معلومات من شخص ملم بكل صغيرة وكبيرة من ثقافة وارث قبائل كردفان

ودائما في انتظار ما تكتب

مودتي


Post: #107
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-18-2012, 12:26 PM
Parent: #106

الوايــــــو
من تراث الحمر


كتب: خالد الشيخ حاج محمود
أسُرجت الخيول وسال الفرح اكليلاً و تغنى العندليب على البشام فحيى للأحبة بالسلامة والسلام من خلال مناسبة عقد زواج كريمة عزيزنا عبد الرحيم يس بمدينة الأبيض قبل اسبوعين سيما وان تلك المناسبة جمعت العديد من ابناء مدينة النهود والذين خفوا لتلبية تلك الدعوة ومن خلالها تعرفت على أخٍ عزيز قرأ ما كتبته سابقاً عن تراث الحمر وأورد ملاحظة جديرة بالإهتمام حيث قال انه يخشى أن يندثر بعض التراث كالـ(الوايو) مثلاً ولكي نحافظ على التراث والموروث الشعبي وخاصة الغنائي منه نورد جانباً من تراث وتاريخ قبيلة حمر والتي بلغت أوج عظمتها ومنعتها في عهد زعيمها مكي أبو المليح في منتصف القرن التاسع عشر وقد ذكر آنسور أنه وجد حمر في مارس 1875م في أم بادر والتي كانت مصيفهم الرئيسي حيث كانوا يوردون عشرة آلاف بعيراً يومياً للشرب وكان معهم من القبائل المجانين وبني حمران (لعلهم بني عمران) وكان الحمر آنذاك من أغني القبائل البدوية بحساب أن فريقهم كانت به ألف خيمة وكانوا يتنقلون بين أم بادر ودارفور وجنوباً لكردفان ومن مظاهر قوتهم في ذلك الزمان كما أورد الاستاذ محمد احمد ابراهيم في كتابه القيم (ملامح من تراث حمر الشعبي) قال بأن ألف حصان رافقت مصطفى باشا في حملة استكشاف النوبة عام 1847م وما يؤكد أن أم بادر كانت مصيفهم قول الشاعرة (حنانة بت شيخ أحمد ود عبد الرحمن) من منطقة أم قوزين بدار الكبابيش وهي شاعرة أغنية أم قجة والتي تغني بها المطرب ابن النهود الاستاذ صديق عباس وذلك حينما قالت:
عدّن بيكي شواقر وفاتن بيكي ام بادر يا ربي الظاهر قادر دمعي اللج بوادر
يا الكملتي ام بادر ويا الفلستي التاجر وكم كاتلالك راجل في الوادي المتكاجر
لذلك يعتبر مكي أبو المليح قائد حمر الاول وزعيمهم الذي استطاع توحيدهم وجعلهم قوة مهابة كما يقول شاعرهم أبو غزالة في مدح أبو المليح:
ديوانو يوم عمر مالمّ في شديره شوفته للمشايخ باقيه بهديله
يا ساق أربد شن علمك بالدروب ديله شن جابك للدابي تتوطى في ضيله
مكي أبو المليح لي ديمه يا حليله
ولكن ابو المليح عندما توفى عام 1870م خلفه على زعامة الحمر ابن اخيه محمد الشيخ اسماعيل، ورغماً عن التشابه الواضح في العادات والتقاليد لقبائل الحمر إلا أن الاختلاف في بعض الجوانب كان واضحاً وبيناً حتى في فروع القبيلة نفسها وذلك وفقاً لمناطقها المختلفة وتغيير ظروف الحياة والمجتمع والمفاهيم الشئ الذي ادى لتغيير النظرة العامة وأفقها العاطفي وفقاً للعمل بالعطاء والمادة مما سوغ للتخلي عن قدر كبير من مميزات الحمر التقليدية ويعود ذلك لأسباب عدة نذكر منها ظروف الحياة المعيشية المستبدلة بناءاً على علاقات مع مجتمعات جديدة وكذلك تفتح مجتمع الحمر على عالم آخر لادراك حقائق جذبت البعض إليه بقوة هذا الى جانب التدخل المباشر في النظم السائدة وذلك بإخضاعها وتطويعها للنظام العام للمجتمع السوداني بحكم القانون وممارسة الدولة لواجباتها العامة كما يوجد سبب سايكولوجي مرده النظرة للعادات والتقاليد باعتبارها من الماضي مما جعل المجتمع يقبل نحو مفاهيم جديدة يعتبرها أكثر تحضراً دون التفكير في تطويع التقاليد القديمة للحياة الحديثة ولكن كل ما حدث من تغيير كان لأسباب غير مباشرة ولا شعورية كما يرى الاستاذ الباحث محمد احمد ابراهيم لذا كان لتكوين نفسية الحمر العاطفية وشعورهم المرهف أثراً كبيراً على تلك العادات والتقاليد والتي تبدأ من المهد إلى اللحد بمعني من الولادة والزيانة والطهارة والزواج والمأتم كجزء واحد ولعلاقتها بدورة حياة الانسان ومن ثم تجئ بعدها العادات العامة وقيم النظام الأهلي مثل الصلح والضيافة والنفير والفزع والضرا والجودية كمثل قول الشاعر دوليب محمود في فزعة:
طار الخبر في الأورد من دليلاً دلّ داك ختف القرجة وداك خنق أم سير وانسل
ما ليلاً طويل اسود عقاب والدرب شايل اليمين لي بره
الروح في شان الاله تنصره والبجيك من الله ما فيهو مضره
أما زيارة الاولياء والشلوخ ووشم الشفة السفلى فهي من اهتمامهم الشعبي هذا إلى جانب عادات هامة منها مجلس الاجاويد والوادي واحكام ثابتة مثل الدم والفلقة والدية وغيرها كما تناول مجتمعهم جوانب القصص الشعبية كالاحاجي والامثال والحكم والمأثورات الشعبية بل يصل الامر لتناول حكم وامثال ابو زيد الهلالي والاشعار الغنائية والاغاني والرقصات الشعبية من سكان الريف و البدو والتي تعني الكثير في مجال الترويح عن النفس والترفيه والاجتماع والمؤانسة والابتهاج وخاصة في الافراح وربما يمارسها عدداً كبيراً في الليالي العادية والمقمرة وبدون مناسبة أحياناً وذلك حسب افادة الاستاذ الباحث دوليب محمود دوليب والذي جمع الكثير من التراث الغنائي الشعبي خاصة وان هنالك انواعاً وألواناً مختلفة لتلك الفنون الغنائية والتي تؤدى جماعياً من الشبان والشابات ومن فنونهم تلك الجراري والعنقالي واللبادة والكدنداية وعجيلة والهسيس والطمبور والجالسة والوايو والذي كاد أن يصبح أثراً بعد عين خاصة وأنه من الفنون التي يؤديها كبار السن وهو من ضروب الجراري التي تطورت عند الحمر على عدة أنواع وأشكال فالمتتبع مثلاً لغناء الشاعرة والمعنية بلدوسة بت بنداس شاعرة وملحنة ومؤدية أغنية (أندريا) يلحظ أهتمامها بكافة ضروب الجراري ومنها الحرد والذي تقول فيه:
يا خشمي جر النم وأحكي على الأصم
القيح وكتم في الكبده عمل دم
جملك كبيراً همبريب و ابلك محاجين الدريب
هلك عرباً ماهم عريب وشالوا ضحى ختو في القليب
(القليب) جبل في دار حمر، أما الجراري العوالي فقد قالت فيه الشاعرة بلدوسة:
أمك ربدة وادي وأبوك مجلوب من غادي
الشرق الوسما قلادي تحتا الفروه وبدادي
وفي الجراري السيار قالت المغنية بلدوسة أيضاً:
الليلة يا القرض المرين شطه ضربت ليها عين
في بيتهم متيسر من ضيق أمسك درب أبوك منا لاتضيق
كما غنت الحكامة بلدوسة الجراري الخفيف كمثل قولها البديع:
لي وكيل النيابة مرحب حبابا نديك اجابه سكني ما تابا
من قمت وتبيت حرسوني البيت بي دمعتي بكيت اسفانه ما قريت
الباخرة شاحنة شيك بي سكة الكويت
البارح نحلم بيك من جده عاني البيت
أما الجراري الذي واكب التطور بمعنى الجراري الحديث فقد قالت فيه الشاعرة بلدوسة الكثير كمثل قولها:
الحشرة الفوق القش يا يمة لا نتمنى ليها التش يا يمة لا
أني مندق على جرس يا يمة لا دي جيزة ولا غش يا يمة لا
توب زهرة الخليج يا يمة لا بنشيله يوم العيد يا يمة لا
نغترب لي بعيد يا يمة لا من العراق صعيد يا يمة لا
ولأن الحماسة لها وقع في نفوس الشاعرات والمغنيات لاسيما وأن ادواتها وايقاعاتها موجودة في تلك البوادي ومنها بالطبع طبل النحاس لذلك كتبت بلدوسة على ايقاع الجراري التقيل فقالت:
عز الولية اخوان يا يمة لا لي ركوب الخيل فرسان يا يمة لا
يوم قعّد ام نيشان يا يمة لا اجوادهم بارك قام يا يمة لا
النيسان ابو مرايات يا يمة لا وحلان تلات ساعات يا يمةلا
ساعة المغارة الجات يا يمة لا مرق بدون صاجات يا يمة لا
كما استلهمت من بهاء الطبيعة مفردة جميلة والخريف يغرق الارض بالعين الهاطل فقالت: بنكبر السعات ومنزع بي الشكشاك
انجرن يا حبيبات في عديد ابو نعمات
وفي الكربتة كنمط أساسي من الجراري قالت الشاعرة بلدوسة:
الموية الفي الرهيد ما فيها رد الصيد
كيف حالك يا الوليد من السجون والقيد
كل ذلك البهاء والهناء يؤدى في مناطق حمر من مغنيات شعبيات خاصة وان الجراري هو القالب الشعبي الاصيل لقبائل الابالة والغنامة لذا ابتدعت عقلية الحمر انماطاً عديدة كانت سائرة في مداره تماماً وان كان هنالك اختلافاً في تفاصيل بعضها كالوايو مثلاً والذي هو من ضروب الجراري ويعني الحنين وماضي الذكريات حيث يتغني به الكبار في السن من باب السربعة في الجراري ايقاعاً وعلى ضربة واحدة بالأيدي ويتوسط مجموعة الوايو الرئيس وهو المغني ويختلف عن الجراري الذي تقوم النساء فيه بالغناء وتأتي من خلف المغني مجموعة في شكل دائري ويكون الغناء فيه تحاورياً وليس تبادلياً أما الصفقة فتأتي مترادفة خاصة عندما تقوم الفتيات بإشعال الحماسة في البداية بالزغاريد مما يجعل والدة العروس تقوم برش الحضور بالريحة وأحياناً تفعل ذلك والدة العريس وتسمى تلك العادة بالفال او الجيار والوايو في طريقة أدائه يشبه غناء الهداي (مغني آلة أم كيكي) خاصة حينما يغني بصوت حنين ويتميز غناء الوايو بالوزن المدرج في المعنى والقافية الموحدة ويوجد في مناطق عديدة من حمر منها (عديد عبد الرازق وأم قفلة وظيطة و الوكيل وعيال تورو وغبيش والكول والخوي وغيرها)، ومن غنائه الذي يطرب النفوس ويسحر الالباب كما يقول الباحث الاستاذ دوليب محمود دوليب- نورد ماتغنى به المغني اسماعيل حامد الغريسي من منطقة الخوي إذ قال:
الزول الجميل لاقيتا فوق السوق يعنج فوق ضفيراتا ويعدل الطايوق
أبو زريق ختف فارتا عليها شفوق رقيقاً من وسط والايد عليها تحوق
السنان بيضة التقول قوق قوق عينيها تتلفت تديك معاني الشوق
قبلي وشيهو فوق الحدود بي فوق واتعطر مداهو شايل الحواجب روق
ويواصل المغني الشعبي اسماعيل غنائه الجميل مع رقص الفتيات وصفقة الشبان المنتظمة وحينما تبلغ منه الحماسة مبلغاً عظيماً يقول:
الصدير جبيل العالي هبهب عطاهو عشوق
والخشيم ودع الفريق فوقا العسيلة بروق
الرقيبة قزاز نازل السبيب مرتوق
معتق ريقا من النفخ بي الطوق الكفيل يتمايل هز القبيل في السوق
وعندما يطرب الجميع في تلك الحلقة الدائرية يورد المعني اسماعيل جانياً من النديهة للفقراء والصالحين وذلك عكس الجراري والذي يبدأ بالنديهة كمثل ماورد في أغنية اندريا والذي تستفتح بالقول البديع:
يا الفقراء يالحراس خاتاكم فوق الراس حلاوة القرطاس الفي الخشيم تنماص
لكن في الوايو تتوسط النديهة كمثل غناء المغني اسماعيل حامد الغريسي الذي يقول:
يا جدي حمد أبو الساري يا ساكن الخوي ملحوق
يا ابو ماطي الرقيق ويا قكي زروق تكتبولا حجب بخرات معاها عروق
دِي واقع البارح مابتاكل الهايموق تقيفو ليها جميع وقفه جلب في السوق
تختار فينا الأدرع الواقوق باقي العقب بتشتشو بي نار الغرام محروق
نارك لظى وجحيمك دافر الحشا المردوق شوفتك شفا ان شاء الله العلي يفوق
قليبي من هواك يروق يشيل نار الهوى ومن حشاكي يضوق
ويكون رقص الشابات في الوايو خارج الدائرة اما الكرير من الشبان فيأتي في شكل همهمة ومن الذين اشتهروا بغناء الوايو في دار حمر جمعة ابراهيم بنداس في منطقة الشراتي وحاج الطاهر في الزرنخ واسماعيل حامد في الخوي وغيرهم ولكن للأسف فإن ذلك الغناء الجميل في طريقه للإنقراض خاصة وأن المؤدين له من كبار السن مما يعني انقطاع تواصل الاجيال عن ذلك النمط الغنائي البديع لذا نرسل رسالة هامة وعاجلة للمتهمين بالجانب الثقافي خاصة التراثي بضرورة التنقيب وحفظ ذلك الموروث الثقافي الأصيل من خلال مواعين الثقافة والاعلام ويا حبذا لو انشئت قناة تراثية لأن التراث هو ذاكرة الامة بحساب أنه الماضي يحادث الحاضر عن المستقبل فلله در الشعراء والشاعرات والمغنين والمغنيات وهم يؤلفون ويغنون تلك المفردات القيمة والاصلية التي تأسر القلوب وتخلب الألباب كمثل قول الشاعر الفحل الفضل مساعد الفضل في الحماسة:
سمنك بنات القبة صقر الدم جدك خال أبوك كان للقبيلة لزم
ساعة الشوف بشوف سيفك يضاير الكم غنوك في التلاتة صفقة وقصيدة ونم
ولكن كيف السبيل لحفظ ذلك التراث الشفاهي الذي يحمل في طياته الكثير...


Post: #108
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-18-2012, 01:04 PM
Parent: #100

أولا أشكر الأستاذ والأخ العزيز خالد الشيخ والشكر موصول للدكتور القرشي على تناول هذا الموضوع المحبب إلى النفس والذي لم يعد للتسلية فقط بل هو موضوع ملح يصب في خانة تكوين الهوية الوطنية السوداني، ولذلك يسعدني أن أشارك ببعض فصول كتابي الذي أشار إليه الأستاذ خالد وهو بعنوان ( الشعر الشعبي في دار الريح) والذي أتوقع أن ينشر في خلال الشهور القليلة القادمة بإذن الله تعالى:
مدلولات مسمى دار الريح
لا يخفى مدلول كلمة ( دار ) على أحد ، ولكن عند قراءتك أو سماعك لكلمة (دار الريح ) أرجو ألا يتبادر إلى خيالك : موطن الرياح ، لا يا رعاك الله ، بل لكلمة (الريح ) بالراء المشددة المكسورة وبالياء المثناة من تحت والحاء المهملة ــــ دلالة أخرى في شمال كردفان ؛ فالرِّيح يدل على أحد الاتجاهات الأربعة ، وهو اتجاه الشمال ، كما يسمون اتجاه الجنوب باسم (الصعيد ) ، فالاتجاهات المتعارف عليها عندنا هي : الشرق والغرب والريح والصعيد . وتسمية الشمال باسم (الريح) مرتبط بالرياح ، فالرياح جمع مفرده ( ريح) كما أن له اتصالا أيضا بفصول السنة ؛ وتكاد فصول السنة هناك تنحصر في فصلي الشتاء والصيف ، والشتاء يستغرق غالبية شهور السنة ، ويكون اتجاه الرياح فيه من الشمال إلى الجنوب ، ولغلبة الرياح الشمالية على الجنوبية في الجزء الشمالي لكردفان ، سُميت تلك المناطق بمنطقة ( دار الريح ) فتحول مدلول تلك الكلمة ليعطي ذاك المكان الذي يقع في الجزء الشمالي لاقليم كردفان ، فإذا كنت في مدينة الأبيض ـــ مثلا ـــ وسمعت أحدهم يقول : (جايي من جيهة دار الريح ، أو ماشي دارالريح ، فاعرف أنه يعني قرية من قري تلك المنطقة ( دميرة أو شرشار أو القاعة أو ام سعدون أو المزروب أو سودري أو حمرة الشيخ ) بل أن موقف العربات ( اللواري ) المتوجهة من الأبيض إلى تلك المناطق وما جاورها يحمل اسم ( موقف دار الريح ) .
إذاً يطلق مسمى دار الريح على المنطقة التي تقع في الجزء الشمالي من ولاية شمال كردفان الآن؛ وهي تشمل محافظتي بارا و سودري (بجميع محلياتها) وتمتد من غرب أم درمان حتى تخوم دارفور غرباً و من حدود الولاية الشمالية إلى جنوب كردفان و يسكنها خليط من القبائل العربية مثل دار حامد و الكبابيش و الكواهلة و المجانين و الهواوير و غيرهم؛ مع وجود بعض العناصر الأخرى في القطاع الجبلي الذي يفصل بين منطقتي دار حامد و الكبابيش؛ و هذه الجبال مأهولة بمجموعة من الدواليب في جبال أبو حديد و أم درق و الحرازة ، بينما نجد كاجا و كتول إلى الغرب في المنطقة شرقي سودري. وفي المدن والقرى هنالك مجموعات من القبائل التي جاءت أصلاً من الشمال منهم الشايقية والجعليين والدناقلة والركابية والجوابرة. هذه المنطقة هي شبه صحراوية في الغالب و يوجد بها بعض الأودية الكبيرة التي تسيل في موسم الخريف مثل وادي الملك و وادي المقدم و وادي هور و أبو تبر و المخنزر و هناك أودية صغيرة كثيرة . كما توجد بها منطقة الخيران ذات المياه الوفيرة مما جعل السكان يمارسون سبل كسب عيش متنوعة مثل رعي الإبل و الغنم والأبقار ، و الزراعة المطرية و المروية خاصةً في منطقة حوض بارا. و يوجد بها أيضاً بعض موارد المياه الكبيرة مثل العاديك و البشيري و الجمامة و أم بادر و غيرها من المناطق التي تكثر فيها مياه الآبار و مياه الأمطار " الميع" و قد ورد ذكر هذه المناطق في شعرهم أيضاً و من ذلك قول الحكامة التاية بت زمل:
يا سيد مية وخمسين دار
كان دُرتْ العيش أم ضبان مع أبو حجار
و كان دُرتْ الملح القاعات مع شرشار
و كان دُرتْ المويه العاديك بلا محفار
و هنا إشارة أيضاً إلى تعدد مصادر الدخل و سبل كسب العيش في دار الريح التي تنتج حتى الملح في القاعة و شرشار و مناطق العطرون في بادية الكبابيش وكل هذا التنوع قد أثر في الإنتاج الأدبي و الفني في هذه المنطقة المتفردة. و الشاهد هنا " العاديك بلا محفار" وهي كناية عن قرب الماء من سطح الأرض. يقول الشريف زين العادين قي إشارة واضحة لأودية دار الريح و الغرب عموماً:
في غروبك ؛ ربوع خصبة وتبر مبهول
وديان من عقيق ، مغسولة مطر وسيول
وكثبان تابة ، بطرّز حواشي سهول
تجود بالكركدي، وصمغ الهشاب والفول
وتدى القنقليس، طول الشهور والحول
و منذ وقت مبكر في القرن الرابع عشر الميلادي بدأت القبائل العربية البدوية تنتشر من مصر و شمال أفريقيا عبر صحراء بيوضة و الصحراء الكبرى و دار فور إلى شمال كردفان و صاحب ذلك اختلاط كبير مع السكان الأصليين و مع بعض العناصر البربرية التي قدمت من شمال أفريقيا و قد أدت الهجرة العربية في بعض الحالات إلى تحرك سكان المنطقة جنوبا نحو الجبال و المناطق الداخلية الأخرى.و بمرور الزمن تحول الجزء الشمالي من كردفان إلى منطقة عربية بالكامل و ذلك لأن طبيعة المنطقة توائم سكنى الإنسان العربي لكونها منطقة صحراوية أو شبه صحراوية و استطاع العرب تربية أعداد كبيرة من الإبل و الأغنام مما ساعدهم على بسط سيطرتهم إما بالتفوق الاقتصادي _إن صح التعبير_ أو تميزهم الثقافي إذ كانوا قوما أهل حضارة و دين ( انظر قبائل شمال كردفان ووسطها للكاتب ماكمايكل - ترجمة محمد التجاني عمر- و كتاب هجرات الهلاليين لإبراهيم إسحاق). و من الأشياء التي أدت إلى انتشار العرب تقبل كثير من السكان الأصليين للدين الإسلامي و بالتالي اللغة العربية و لذلك لم يعد العربي يشعر بأنه غريب في تلك الديار. و ثمة أمر آخر يرتبط بالوجود العربي في شمال كردفان و وسطها هو أن أجزاء من دارفور و شمال كردفان كانت تسمى ( بر السودان و فزارة) مما يدل على وجود قديم لفزارة في تلك المنطقة بيد أن معظم القبائل العربية هناك تنسب إلى جهينة و هذا يشير إلى أن جهينة و فزارة ربما تكونان قد تحالفتا و تقاربت منازلهما بحيث أصبح من الصعب التمييز بينها في شمال كردفان و وسطها و تدريجيا بدأ اسم جهينة ينتشر و تنتسب لها كثير من القبائل ذات الأصول التي تختلف تماما عن جهينة. و عموما نستطيع القول إن مجموعات من العرب توطنت في دار الريح بشمال كردفان و صارت لها ديار هناك دون أن يقوم لها كيان سياسي أو سلطان يوحدها و لذلك ظلت ترتبط رباطا وثيقا بدارفور و من بعدها سنار. و قد وصل العرب إلى دار الريح من عدة منافذ و طرق أهمها و أولها هو الطريق الشمالي من مصر عبر دنقلا و صحراء بيوضة بمحاذاة النيل من الضفة الغربية؛ و الطريق الثاني هو المنفذ الغربي عبر شمال أفريقيا و خاصة تونس و منها إلى الصحراء الكبرى و شمال دار فور وصولا إلى دار الريح. و بالتأكيد جاءت بعض الهجرات عن الطريق الشرق من جنوب الجزيرة العربية و واصلت سيرها حتى عبرت النيل الأبيض و من ثم انتشرت في كردفان و منها دار الريح. و نظراً لتشابه المناخ في هذه المنطقة مع شبه جزيرة العرب و موائمته لحياة الإنسان العربي التي جبل عليها من حب الترحال و التنقل فقد كان لذلك التشابه أثر كبير في هجرة العرب نحو هذه المنطقة و استقرارهم بها و لذلك ظلت القبائل في دار الريح إما بدوية أو شبه بدوية؛ و بعد اختلاطهم بالسكان الأصليين و البربر من شمال إفريقيا أضطر بعض منهم للتخلي عن رعي الإبل و لجأوا للعمل بالزراعة و أحيانا رعي الأبقار في جنوبي هذه المنطقة. هذا بالإضافة إلى ما تتمتع به شمال كردفان أو دار الريح تحديدا من عوامل جذب أخرى مثل فرص التجارة و الرعي و الزراعة و غيرها من الحرف وبالتالي صارت قبلة لكثير من المجموعات التي قدمت من دنقلا و من شمال السودان عموما و صار لها شأن عظيم في المنطقة كالدواليب في الحرازة و خرسي و غيرهم مثل الجوابرة في أسحف و البشيري و بارا. و من المجموعات التي هاجرت إلى كردفان و عملت بالتجارة الركابية الذين لهم وجود فاعل في كل من الأبيض و بارا و أم بادر و سودري و في كل بوادي شمال كردفان و قراها. و ثمة أثر لهؤلاء هو نشر نوع من التمدن أو قل المدنية من حيث الملبس و المأكل و إدخال أدوات و آلات الزراعة مثل الساقية و الشادوف و محاصيل لم تكن معروفة لدى أهل شمال كردفان. و لذلك يمكننا القول إن شمال كردفان ( دار الريح) هي سودان مصغر بل قل إفريقيا صغيرة حيث أقامت بها أعداد كبيرة من سكان غرب إفريقيا الذين وصلوها إما في طريقهم للحج أو طلبا للرزق و بدورهم تزاوجوا مع السكان و نشروا شيئا من ثقافتهم من أمثال الشيخ عمرو الفوتي؛ و قد كان من بينهم العلماء الشناقيط الذين أثروا الحياة العلمية و نشروا المذهب المالكي في شمال كردفان و أشتهر منهم نفر كثير مثل الشريف محمد عمر و الشيخ حماه الله والشريف عبد المنعم في أم سعدون و الشريف محمد السالك و قد أسهم أحفادهم من بعد بقدر كبير في النشاط الأدبي و الشعر كما سيظهر لاحقاً؛ و قد أدخل بعض هؤلاء التصوف في دار الريح كما فعل الشيخ محمد ود دوليب في خرسي و الشريف عبد المنعم في أم سعدون الشريف و أنعكس ذلك حتما في الشعر في دار الريح و قامت على يد هؤلاء الرجال مراكز دينية كبيرة أثرت أيضا في نشر المعرفة و رفع الجهل عن الناس كما كانت أماكن تجمع لكل مكونات المجتمع و ساعد ذلك على تجانسها و اختلاطها و تواصلها و أسهم ذلك كله في تنوع أغراض الشعر و مفرداته و أنواعه. و مع هذا كله تظل القبيلة هي الوحدة الاجتماعية الأولى في بادية شمال كردفان نظراً لأن طبيعة المنطقة أغرت كثيراً من السكان و ألزمتهم البقاء في أماكنهم التاريخية و لذلك ظل الكثيرون من أبناء القبائل يمارسون نفس الحرف التي كان يقوم بها أجدادهم مثل الرعي و الزراعة المطرية المتنقلة. وقد أحدث الوجود العربي _إن صح التعبير_ تحولاً كبيراً في المنطقة من حيث التركيبة السكانية و سبل كسب العيش و الآداب و الفنون . فقد أصبحت العربية لغة التخاطب بين كل المجموعات و نتج عن ذلك أدب و فن مفرداته و أوزانه و مواضيعه عربية و إيقاعاته أفريقية أو قل سودانية مثل الجراري و الدوبيت و الهسيس و التوية و الدهلي و الجالسة و غيرها من أشكال التراث. و أصبحت كل القيم الاجتماعية عربية إسلامية و تركت بعض القبائل الناطقة بغير العربية لهجاتها المحلية و صارت تتحدث باللسان العربي و مثال على ذلك زغاوة كجمر و النوبة في أبو حديد و أم درق و كاجا و كتول و غيرها. و يجمع بين كل هذه المجموعات الآن هو وحدة اللهجة العربية و تشابه أنماط التراث بدرجة كبيرة.و قد أثر هذا الاختلاط و التنوع على اللغة العربية الفصيحة هناك لما دخلها من مفردات جديدة و تغير مخارج بعض الحروف و نطق بعض الكلمات و نتج عن ذلك أدب و تراث وشعر هو أقرب في بنائه و مفرداته و أغراضه و مواضيعه إلى اللغة العربية منها للهجات المحلية التي لم تعد مستخدمة أبداً و ذلك لأن اللغة العربية كانت أكثر و أعمق أثراً على غيرها من اللهجات المحلية. فكثير من المفردات في دار الريح موغلة جداً في الفصاحة حتى أنك لا تكاد تجدها إلا في معاجم اللغة ( عون الشريف قاسم_ قاموس اللهجة العامية في السودان). و هي في الغالب لهجة بسيطة ترتبط ارتباطا وثيقا بالبادية ونجد فيها الإمالة كما هو الحال لدى الكبابيش و الهوا وير و سكان الجبال الشمالية و نجد التسكين في مناطق دار حامد و المجانين ؛ و بعض اللهجات في دار الريح خاصة في منطقة الجليدات و المعاقلة و العريفية في جنوب دار حامد تشبه لهجة دار حمر إلى حد كبير نظرا لقرب المكان و تبادل المنافع و هي لهجة عربية صرفة. و في ذلك يقول الأستاذ حسن نجيله في كتابه ذكرياتي في البادية ما يلي" إذا أتيح لك الاستماع إلى هذه الألفاظ ، أو رأيتهم يبدلون الحروف على غير ما تعهد، فلا تعجل عليهم باللوم، و إنما اتهم نفسك بالعجمة أولاً، و عد إلى كتب اللغة و استفتها تنبئك باليقين".
و قد ورد مسمى دار الريح في كثير من الشعر الشعبي في هذه المنطقة ومن المشهور جدا قول الشاعرة من الجراري:
دار الريح تاريها
مشتولة المنقا فيها
نشيل الجوز نسقيها
و نحاحي الطير ما يجيها


و قول أحد شعراء الدوبيت، الذي يسمى بالحاردلو في دار الريح:
دار الريح بقت مسمومه
ما بتنشق برا أم عشرة و رجال مصمومه.
و قد تسمى دار الريح أحيانا بالسافل و في ذلك تقول الكباشية:
جقله الطن حوارك
عقدوا الشوره رجالك
كان الغرب ما شالك
شيلي السافل دارك
و جقلة هي الإبل التي تكثر مسمياتها في هذه المنطقة وذلك لأن معظم سكان دار الريح من رعاة الإبل. و مثال آخر على ذكر اسم دار الريح قول الشاعرة ضوة بت عبد الزين التي تقول:
درب السافل جبده
بنشف دم الكبده
أخير الزارع لقده
يحاحي الطير ما ينقده
و كلمة "اللقد" تطلق على مناطق الزراعة في أماكن تجمع المياه بعد انحسارها عنها في الشتاء ولعل هذه الكلمة نوبية الأصل وزراعة اللقد تشبه الري بالحياض في الشمالية.

Post: #109
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-18-2012, 07:08 PM
Parent: #108

اخي محمد التجاني

شكرا لهذا السرد الشيق والعمق المعرفي المتميز عن ديار الريح

فوالله وجدت نفسي منساقا من البداية وحتى نهاية المداخلة

ملاحظ وردت كلمة العاديك ، فالعاديك عند اهلنا هو النيل الازرق
ودار الريح عندنا في الوسط هي دار سافل وهذا ما بينه الحاردلو في ابيات شعره التي وردت في سياق المداخلة


التعديل لخطأ سهوا في وردت

Post: #110
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-18-2012, 09:31 PM
Parent: #109

Quote: ولذلك يسعدني أن أشارك ببعض فصول كتابي الذي أشار إليه الأستاذ خالد وهو بعنوان ( الشعر الشعبي في دار الريح) والذي أتوقع أن ينشر في خلال الشهور القليلة القادمة بإذن الله تعالى:
مدلولات مسمى دار الريح


الأستاذ الباحث / محمد التجاني عمر قش

سلامات

أهلا ومرحبا بك في سوداتيزاونلاين ، انضمامك لهذا المنبر مكسب كبير

للقراء والمهتمين بالتراث والثقافة السودانية

ونشكر الباشمهندس بكري أبوبكر على هذه الهدية القيمة ، فلقد كفانا

تعب ومشقة البحث عن مقالاتك في المواقع الالكترونية الاخرى

فنحن نقرا كل ما تكتب عزيزي محمد في هذه الأسافير

وفي انتظار كتابك والذي سيكون اضافة نوعية للمكتبة السودانية ومرجعا مهما للمهتمين بالادب الشعبي في كردفان

واصل عزيزي محمد ونحن في انتظارك دوما

ولك كل الود والتقدير




Post: #111
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-19-2012, 04:58 AM
Parent: #110

من تراث الحمر
الكدنداية



كتب: خالد الشيخ حاج محمود
يرى بعض المؤرخين والباحثين بأن الحمر ينتسبون للعدنانيين بحساب أنهم من القرشيين وقد وفدوا للسودان عن طريق المغرب العربي كدعاة ورعاة يحملون بيدهم (المصحف والسيف) وجاء استقرارهم في مناطقهم تلك حوالي عام 1685م وذلك بعد شرائهم الارض من سلاطين دارفور حيث يقيمون في غرب كردفان بين خطي عرض 11 و 14 شمالاً و 27 و 29 جنوباً وتحدهم من الشمال دار الريح ممثلة في محليتي (سودري وغرب بارا) وجنوباً يحدون بالفولة والدلنج وشرقاً يجاورن محلية شيكان وغرباً تحدهم دارفور والصحراء وكانت اقامتهم أولاً في كتم علماً بأن قبيلة حمر تنقسم لعساكر ودقاقييم ويتفرعون لبطون عديدة منهم الغريسية والغشيمات وبنو بدر والطرادات ويحترفون تربية الابل وسعاية الضأن والماعز كما يزرعون الفول السوداني وحب البطيخ والدخن وأشجار التبلدي الكبيرة التي يخزنون فيها الماء لمواحهة فصل الصيف، ولأن الحياة في سالف الزمان كانت تعتمد على العشائرية لذلك من الطبيعي أن تكون هنالك مغارات بين القبائل لذلك اورد الدكتور عبد الله على ابراهيم في كتابه( فرسان كنجرت) بان ثمة قصور بارز في الكتابة التي سجلت مراحل الصراع الختامي بين حمر والكبابيش في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والذي انتهي بظفر حمر حيث اورد (شقير) بأن حرب العقال بين حمر والكبابيش كانت في عهد حكمدارية موسى باشا حوالي عام 1863-1865م وذلك في مشيخة فضل الله ود سالم على الكبابيش وموسى ود النعيم على حمر وقد اشتهرت بحرب العقال لان كلا الفريقين جمع رجاله واولاده في ساحة الحرب وعقل الابل وعول على النصر أو الموت ويقول شقير بإنتصار حمر بعدما غنموا نحاس الكبابيش و اموالهم، وقد كانت المعركة عام 1864م في منطقة تسمى (عقال أم روس) التي تقع شرق أم بادر ولان الإقتتال والاستعداد يوجد تراثاً عريضاً تبعاً للحياة التي تعتمد على قيم النظام الأهلي كالنفير والضرى والفزع والجودية وغيرها، وبالتالي يكون الغناء والرقص والحكم والامثال والمأثورات الشعبية وكل ما يحتويه التراث الشعبي الغنائي والمادي متاحاً.
ويعتمد الحمر ميقاتاً على السنة القمرية والتي تبدأ بما يسمى بالنطح وهو أول الصيف (حوالي 21 أبريل) ويجئ بعده بالتسلسل (البطين والترية والنتره والطرفه والجبهه والتي تمثل نهاية الخريف) اما فصل الربيع عندهم فهو (الدرت) ويكون شهر رجب بمثابة الفأل الحسن حيث يقيمون فيه الزواج والافراح ويسمى بشهر (المعراج) وفيه يتم وسم البهائم وخاصة يوم 27رجب، ولكن اجمل معراجهم ماكان يوم السبت حيث ينشدون فيه غناءً جميلاً عندما يضعون الوسم على صفحة البهائم فيقولون (يا سبت النور تبين علينا تدور) وعندما يكون اول الرشاش والذي يسمى بـ(نوء الحوت) يقولون في مطره (إذا بل ضهر الارنب يكون الخريف هيلا) بمعنى مطر غزير، (أما البطين فهو بطن برج الحمل والنطح من الحمل) والتريه عندهم لاتغيب إلا يوم الاحد وربما الاربعاء والجمعة وغالباً ما يكون غيابها يومي 17 و18/مايو ويقولون في ذلك (كان غابت غدير أي بلا ماء) (وإن طلعت خدير بمعنى ماء كثير) ولان المرأة تمثل لهم الفأل الحسن لذلك يقولون فيها شعراً:
المرأة أم اتنين جزيرة بين بحرين وأم زين فروة ضأن ماكلاها عتة
الحية هي والميتة أتت
أشتهر الحمر بالجراري وهو اربعة أشكال عندهم (سربعة ، كربته، طبيق ، خبه)
السربعة تعني السرعة والجري الشديد عند الجمل كقولهم:
كل ما نشوفك قليبي يزيد يوم سريع البشاري عدّا بعيد
أما الكربته فهى أخف من السربعة و يقولون فيها:
كربت عاني الدكه وجاب خبر القبيل من الفريق انفكا
والطبيق أخف من الكربته وغالباً ما يكون على الجمل أبو ضهر ومن غنائه الجميل: طبق عاني القبيل فوق الفريق راجينا
فات الصباح دقش الليل اتوسد تبلدي الاضليم وادينا
آه لو شوفتو العذاب وكت السمح نفح البخور بادينا
أما الخبه فهي أخف من الكربته بمعنى فيها الهدوء مثل قولهم الشائع:
خبا وعانا الدرب في مشيهو ورد ناس القبيل في الدكه تب عانيهو
بحلف باليمين شوقاً للمرق كبس الجمال واديهو
جمر الغرام كان شبا منو الفي الحياة بخليهو
وتوجد عندهم التوية وكلمة توية أساساً تعني (التاية) بمعنى الشجرة الظليلة التي اختارها العرب الرحل للمقيل ووضع لوازمهم، لذلك يقولون في التوية...
تايتنا كبيرة و ضليلة لقطنا الهشاب يا فليلا
أم العروس جيناك تحت شدرتنا الهبيلا
ومن تراثهم أيضاً الوايو وهو جزء من الجراري يؤديه الجميع جالسين على الأرض ويبدأ الغناء فيه بمشكار البنات ويتواصل حتي يصل لمشكار الابل والفراسة وغيرها ومن غناء الوايو الجميل:
الزول الجميل لاقيتا فوق السوق يعنج فوق ضفيراتا ويعدل الطايوق
أبو زريق خطف فارتا عليها شفوق رقيقة من وسط والايد عليها تحوق
السنان بيضة التقول قوق قوق
يا أبو ماطي الرقيق ويا فكي زروق دي واقع البارح ما بتاكل الهيموق
تقيفوا ليها جمعياً وفقة جلب في السوق تتخيري فيها الأدرع الوافوق
أما الكدنداية فهي من تراث الحمر حيث يكون فيها الإيقاع وسيط بين التقيل والخفيف ولايوجد فيها كرير ولكن فيها رزم في الارض مثل الخبط والرقص فيها بالرقبة للمرأة ويتم ذلك عندما يطلع لها الرجل ويقوم بعمل الرزمي وذلك حسب افادة الباحث الاستاذ (موسى شبخ الربع) والصفقة فيها مخبوطة بمعنى ضربة واحدة ما فيها تشكيل وتؤدى عادة في العصر عند الافراح كالزواج والختان وخلافه ومن غنائها الجميل:
كدنداية كدنداية كل زول بي رايَ سكر بي مليم وشاي بي عشراية
إت نص كباية وأنا نص كباية نشرب نكب رتت رتت في البداية والنهاية
والإيقاع في الكدنداية يجئ على مشية الحاشي والرقص على طريقة حن الناقة مثل قولهم: حني يا ناقة الشقيري دو الزول بلا ريده قلبي أبوه
ويقول الباحث الأديب (دوليب محمود دوليب) بان الكدنداية رقصة جماعية يلعبها
الكبار والصغار في الافراح والمناسبات السعيدة ويبدأ الغناء بالتشريفة وهي مثل السيرة والتي تؤدى عند خروج العريس في العصر فيقولون فيها:
الجمرة وقعت في الحِزة الزول بلا أهلا شن عزه
الحلوة تمشي زي الوزه حلاتا عندنا بنعزا
أولاد حمر في حِزه عدونا بنأدبو بي القده
نحنا باب اللوم بنسده واخونا الضعيف بنمده
نحنا فارسنا بنعده لي اليوم الصعيب والشده
نحنا موشحين بي العِزه وجبل الداير بنهزا
وغناء الكدنداية يتناول قضايا المجتمع الخاصة والعامة وهي جزء من الجراري ولكنها على أشكال متعددة منها الجادة والتي تعنى بالتراث والقبائل والعادات الموروثة من غنائها مثلاً:
يا أرنب الكنيتة يا حرامية الليلة وين مبيتة
مبيتة في الكنيتة شايلة الريد خيته
كما توجد الكدنداية الهزلية ومحورها اللهو الهزل ولكن الصفقة تكون فيها سريعة مع النهاية مثل قولهم:
شحنن وقامن الخوي يا ابو زوتك تحن علىّ
شحنن وقامن النهود يا ابو زوتك اللوري كسر عمود
وفي الكدنداية الهزلية يغني الشبان الشطر الاول وتكمل الفتيات عجز البيت (مثل العصاية في الحقيبة) ويقول الأستاذ (دوليب محمود) بأن الكدنداية فيها نحنحة كرير وهي مثل (الجمل جاري وسيده بدوبي ليه) وتكون الصفقة طوالي ولكنها سريعة مثل كسرة الاغنية والرقص فيها يقوم به الرجال والنساء.
ومن غناء الكدنداية الجادة الطويلة:
يا برير الصالح طلقوني امبارح ابوي السارح طلقوني امبارح
طلقوني امبارح عرسي فيهو مصالح
كما تتناول الكدنداية أغراض الغزل والهجاء والمدح والذم ومن غنائها في الذم:
الشايب دي شوفو دروبا ضبحت ليه ديك وقيلت في الراكوبة
رماني بي غنما وعذبني بي كلاما و طلقني بي مركوبـــــــا
وقد تتناول الكنداية الغزل ويجئ غنائها رمزياً في قالب تورية مثل الغناء الجميل:
نايمة في نومي والله جاني خبر فرع الليمون جرّ سقى البقر
ما تعذبوني لو قلتو شر وما تكلموني لو قلبي اندشر
يا ديك بالله كرّ من هاني وهناك تر يا وليد تعالنا ما تنصر تلقى الريدة شوقاً بحر
ولي قدام ليك حجر
وقد تتناول الكدنداية الغناء للمناطق مثل الاغنية الجميلة:
كردفان يا حليلا دار حمر يا حليلا أم روابة الليلة فيها القيلة
هوي يا عجيلة بخور وصندل شيلة
شوفوا عروسو سمحة وقمحة ومن دبي الشيلة
عروسو سمحة وقمحة مهراً شرد من حيلا
السيرة بالشبرية نسيبتو تكفي المية عملولو حفلة قوية والدخلة تكون الليلة
الاضية الخدرة فطورنا فيها جزرة غبيش منتظراها غدانا فيها بكرة
مجرور من بكرة عشانا فيها عجيلة
كما تتناول الكدنداية الزراعة و الحصاد عندما ينطلق الفرح والسرور وسط الزراع و اهل البوادي فيعبرون عن ذلك بالغناء الجميل فيقولون:
زرعي بور جنكبتا ما حشيتا جرجرني بار لميتا ما دقيتا
يا خرابي الجابني في بيتا الرأي كمل شايبي ما نسيتا
جابوا وختوا وليدي ما لقيتا لموهو وشروهو الجاني ما ابيتا
بس يا اخواني وروني شنو السويتا
ولأن الكنداية تؤلف من النساء والرجال سوياً وتؤدى بواسطتهم لذلك يكون الجميع في قمة الطرب والشوق وهي من تراث دار حمر الاصيل الذي يطرب الوجدان ويجعل الجميع في نشوة تطالع عزة بلادنا التي وصفها المرحوم الاديب الشريف زين العابدين الهندي حينما قال:
عِزّك من قديم محسوب جدود وأحفاد عمروكِ الرجال تيلاد قصاد تيلاد
زرعوك بالسلاليك ومنجل الحصّاد جرنك في التقى تمتم قرافه وزاد




Post: #112
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-19-2012, 08:21 AM
Parent: #111

Quote:
ملاحظ وردت كلمة العاديك ، فالعاديك عند اهلنا هو النيل الازرق
ودار الريح عندنا في الوسط هي دار سافل وهذا ما بينه الحاردلو في ابيات شعره التي وردت في سياق المداخلة


الأخ العزيز / الطيب شيقوق

سلامات

وأيضا كلمة سافل تستعمل في بعض مناطق كردفان

وبقصد بها الشمال او دار الريح وأظن ان القبائل الشمالية

المهاجرة الى كردفان أدخلت معها هذه الكلمة ، وهنالك فنان سوداني مشهور

من منطقة الجعليين نسب الى السافل وهو بابكر ود السافل وهو فنان كبير وصوته جميل

ويغني بالشتم والدلوكه ومن اشهر اغانيه من فريع البان وسيده وسكر نقع وامن الفي الضمير

ولقد لاحظت انه في بعض مناطق سلطنة عمان يستعلمون كلمة علاية وسفالة

مثل علاية ابرا وسفالة ابرا ( ابرا مدينة بسلطنة عمان ) ويقصد بالعلاية والسفالة اتجاه الجنوب والشمال

بل هذه الكلمات مكتوبة على لافتات البلدية بتلك المناطق .

شكرا عزيزي الطيب شيقوق وفي انتظار االاستاذ محمد التجاني عمر قش لمزيد من االمعلومات





Post: #113
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-19-2012, 11:20 AM
Parent: #112

Quote: المرأة أم اتنين جزيرة بين بحرين وأم زين فروة ضأن ماكلاها عتة
الحية هي والميتة أتت


هذه لم تُكن من ثقافة قبائل كردفان ولكنها ادخلها شيوخهم المتصوفة وهو علم عندهم ويسمونه (الصَّقط) اي العدد وكما يقول الراحل المقيم الشيخ البرعي
(بي التَّهليل صقِط أو جردو والألفية نومو تجردو ) اي الذكر بكلمة التوحيد عددا (حبه ثم حيه..........) صقط او بالجرد وهو تحريك السبحة بدون عدد اي بالتقدير ولا يكون اكثر من 3 الي 5
والصَّقط عملية حسابية تبدأ بحروف
(أبجد - هوز -حُطي ...................الخ) وكل حرف يحمل رقم حسابي فيجمعون حروف اسم المرأة واسم خطيبها ثم يجمعون ويطروح ويقسمون ولا ادري بعد ذلك لكنهم يقولون هذه أم ستة فروة وماكلاها العتّة.......... الخ و ولكن اهل بوادي الغرب عامة يتفاءلون بالزواج في شهور معينة ويكرهونه في بعض الشهور وخاصة الويحيد يا ود شيقوق وكذلك يفعلون مع النِّجوم مثلا الزواج في الوقت الذي يظهر فيه نجم (النعام أو النعايم) يقولون:-
النعايم العيال بهايم والبنات فهايم وإتَّ راقد وسعدك قايم......!
وبعض القبائل مثل بني جرار وكواهلة الغرب لا تتم سيرة العريس الاّ بالليل و بعد طلوع نجم الرَّيدة ولكن اجمل ما سمِعت وقرأت في أدب النجوم أو بما يسمي (العِيَن)هو مسدار النِّجوم للشاعر الضَّخَم ود شوراني
اما العاديك أسم منطقة بمحافظة بارا تتبع لنظارة وامارة اهلنا قبيلة دار حامد ولكن كواهلة الغرب عندما هاجروا من النيل الازرق استقروا بمنطقة الخيران ودمروا بهذه المنطقة اولا ولذا سموها العاديك ثم رحلوا منها واستقروا بمنطقة أم بادر
في مرة من المرات زرنا الشيخ عبد الرحيم البرعي وقبل ان نغادر سأله احد الحاضرين الدُّعاء فرفع يديه قائلا
اللّهمّ جنب بلدنا الشرور واحفظها شرقا وغربا صعيدا وسافلا أعجبتني اللفته الجميلة حيث لم يقل جنوبا وانما صعيدا ولم يقل شمالا وانما سافلا
لكم محبتي

Post: #114
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: الطيب شيقوق
Date: 11-19-2012, 07:41 PM
Parent: #113

Quote: ولكن اهل بوادي الغرب عامة يتفاءلون بالزواج في شهور معينة ويكرهونه في بعض الشهور وخاصة الويحيد يا ود شيقوق


بالحيل يا العبيد وكان امي الحاجة زهرة بت موسى حتى سفري منها يوم الاحد ما بتباركو

Quote: اما العاديك أسم منطقة بمحافظة بارا تتبع لنظارة وامارة اهلنا قبيلة دار حامد ولكن كواهلة الغرب عندما هاجروا من النيل الازرق استقروا بمنطقة الخيران ودمروا بهذه المنطقة اولا ولذا سموها العاديك


اكيد - يا العبيد اخوي - كلمة العاديك انتقل بها الكواهلة الذين كانوا يسكنون في اواسط السودان

واطلاق كلمةعاديك على الجمامة كما وردت سابقا كناية على كثرة المياه النابعة من عيون الجمام

Post: #115
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-20-2012, 05:04 AM
Parent: #114

العنقالي عند الابالة والغنامة

كتب/ خالد الشيخ حاج محمود

إتصل بي من الأمارات صديقي الدكتور سمير وداعة والذي أشاد بشدو الأستاذة الفنانة ناسي عجاج بأغنية (أندريا) خاصة التسجيل الأخير للأغنية في سبتمبر 2011م، وقال بأنه لاحظ أن المطربة الشابة عدلت في مفردات الأغنية والكرير المصاحب لها كما سألني الصديق العزيز عن الفرق بين الجراري والعنقالي لذلك حرصت بالأمس على مشاهدة التسجيل الأخير لنانسي عجاج والذي اشار إليه محدثي ولاحظت بالفعل التعديل في المفردات واضافة بعض المقاطع للاغنية والتي سبق أن كتبت عن شاعرة أغنية أندريا ومغنيتها بلدوسة بنت بنداس والتي سجلت الأغنية لرسالة كردفان في السبعينات من القرن الماضي بواسطة الاعلامي الأستاذ الراحل عوض محمداني مصطفى الذي كان يعد تلك الرسالة ويقدمها للاذاعة السودانية، أما عن الفرق بين الجراري والعنقالي كسؤال أخي العزيز دكتور سمير وداعة أقول بأن العنقالي هو أحد فروع الجراري وإن كان سريع الإيقاع وفيه إمتياز مع ضرب الأرجل والذي يتوافق مع صفقة الأيادى ومرادفة الحمحمة النوعية ذات السرعة والإنخفاض طي الرقصة المتبادلة مع الكرير بإعتباره من أنواع مصبات الجراري الأربعة وهي (السربعة والكربته والطبيق والخبة) حيث أن السربعة تعني السرعة والجري الشديد عند الجمل اتساقاً مع القول البين:
كل ما نشوفك قليبي يزيد يوم سريع البشاري عدى بعيد
أما الكربتة فهي أخف من السربعة ويقولون فيها:
كربت عاني الدكه وجاب خبر القبيل من الفريق انفكا
والطبيق أخف من الكربتة وغالباً ما يكون على ظهر الجمال ومن غنائه الجميل:
طبق عاني القبيل فوق الفريق راجينا
فات الصباح دقش الليل اتوسد تبلدي الإضليم وادينا
آه لو شفتو العذاب وكت السمح نفح البخور بادينا

أما الخبة فهي أخف من الكربتة لأن ايقاعها فيه الهدوء والمهلة لاحظ ما قيل في بعض مقاطعها:
خبه وعنا الدرب في مشيهو ورد ناس القبيل في الدكه تب عانيهو
بحلف بي اليمين شوقاً للمرق كبس الجمال واديهو
جمر الغرام كان شبا منو الفي الحياة بخليهو
ولأن ايقاع الكربتة يشبه تأرجح مشية الجمل مع الرقصة الخفيفة لذلك أصبح العنقالي على طريقة الكربته لاسيما وأن العنقلة تعني المرادفة عند ركوب الجمال حيث يصطحب الشاب عشيقته عند ركوبه على الجمل وربما أخته أحياناً الشئ يجعل الجمال تكربت في مشيها والعنقالي يوجد عند الحمر وفي دار حامد يسمى بالحنبيلي والذي يعني الحمّ بي – أي الحام وطاف بالسهد والخيال في مرتع الغفر كما يقول الاستاذ الباحث (دوليب محمود دوليب) المهتم بالتراث الشعبي ، وينفرد الحنبيلي بتناوب ضرب الأرجل والأيدي والإيقاع فيه يكون رزماً ونعني به خطوات الراقصة في الحلقة والتي تتوافق مع ضربات أرجل الكرارين وبسرعة خفيفة طي الشبال الذي يقع على أحدهم ويرتفع الإيقاع بما يسمى بالحماس وذلك بهدف تشجيع الشباب لبعضهم وكذلك الفتيات يشجعن بعضهن بشبال الراقصة العائدة من دائرة الكرير إلى صف الصفقة الحماسية ومن ثم الإنخراط في الغناء مرة أخرى كما يتفرد الحنبيلي بالحمحمة التي تخرج من الحناجر بشكل الثنائية في الكرير (من اثنين يقودون المجموعة) وذلك عكس الجراري والذي تكون فيه الحمحمة فردية ويتسق كرير الرزم مع مفردات سريعة الإيقاع جميلة المنظر والمخبر من ناحية الالحان والمعاني كقول الشاعرة المغنية بلدوسة بت بنداس:
الموية الفي الرهيد تسقي الحمام والصيد
يا سكر الجنيد حرمان براك الريد
الموية الفي الرهيد ما فيها رد الصيد
كيف حالك يا الوليد من السجون والقيد
ومن غناء العنقالي الهفهاف بدار حمر قول إحدى الحكامات في وصف اندريا:
الوادي الإضلم دي اندريا درب أم حنين جات بيه اندريا
كان عمرك بخلان بيه اندريا هاك عمري أخطر بيه اندريا

وكذلك قول الحكامة المغنية (الزينة بت مريود) من غبيش والتي قالت:
ريدك دريب وحنان شوقك علىّ ما بان
شوق الريد طربان سكونا في جريبان
أما الاستاذ الباحث (محمد احمد ابراهيم) يقول بأن العنقالي قريب الشبه من الجراري لذلك الراجح بأنه مشتق منه حيث أن أغنيات العنقالي تتكون من أربعة أشطر قصيرة متحدة الوزن والقافية تؤديها النسوة مع توقيعات الصفقة المنتظمة ويقوم الشبان بالكرير لترقص الفتيات وذلك مثلما في الجراري تماماً، ولكن الاختلاف الظاهر بين الجراري والعنقالي يكون في الالحان وتوقيعات الصفقة بحساب أن لحن وموسيقى العنقالي أسرع من الجراري كما أن لحن العنقالي يتغير بكثرة مقارنة بالجراري ناهيك أن العنقالي تضاف إليه بعض الكلمات لضرورة اللحن كلزمة موسيقية مما يجعله يشبه الجراري في تلك الخاصية وربما تتكرر الشطرات فيه لنفس الغرض كما هو في قول مغنية العنقالي:
أهلي الكبار جوني قالوا بهرجوني
مرضي لي تومي
وتررد المجموعة مع المغنية:
مرضي لي تومي قبلانة بي لومي
قبلانة بي لومي
ومع مزن العين الهاطل تتحرك كوامن العشق خاصة عندما يبتعد الشبان عن عشيقاتهم بسبب الماء والمرعى حيث ينشغل الجميع بفصل الخريف عنوان الحياة بتلك البوادي لذلك شدت مغنية العنقالي بكلمات شجية معبرة عن حالها:
توب البوبلين الجار
ما بحمل الدبار حي يا ناري
مزن الخريف الشال
مزن الخريف الشال
فتردد المجموعة ككورس: مزن الخريف الشال
في جوفي طالق النار حي يا ناري

في جوفي طالق النار
( حي يا ناري) لزمة موسيقية لحفظ الإيقاع والزمن)
علماً بأن غناء العنقالي يشبه طريقة (الشيالين) في الحقيبة حينما يقومون بترديد عصاية الأغنية وقد تجئ اللزمة تعظيماً وإجلالاً حسب الإعتقاد عندهم لذلك كثيراً ما ورد اسم الجلالة كلزمة (مثل غناء احدى حكامات الحمر):
الرملة الدقاقة يا الله فيها الحمام قاقا يا الله
يا روحي المشتاقة يا الله للفارق ما لاقا يا الله
ويرى الاستاذ محمد احمد ابراهيم بأن الكرير في العنقالي يختلف قليلاً عن الجراري فإلى جانب التمويجات الصوتية نجدهم في العنقالي يضمنون (الكرير) بعض الكلمات المنظومة لاسيما في غرب وجنوب غرب دار حمر ومن ذلك الكرير مثلاً ما تغنت به احدىحكامات الحمر عندما قالت:
سهينا سهينا يا أم قايدة سهينا
( كرير)
سهينا سهينا للزول البيضا عينه
(كرير)
سهينا سهينا لي صفرة الجبينا
( أم قايدة بمعني أم عنق) وقد تكون الكلمات المنظومة في العنقالي أكثر تماسكاً كما ورد في الاغنية التالية:
حمن البرقال الصفقة بي البرقال
نملاكن بي المشكار مريت بي الحلال
كافة بقول كرار سويتو لي حمار
(البرقال يعنى توقيعات الصفقة ومنها البرقلة) ومن غناء العنقالي الجميل والذي يطرب الدواخل ما تغنت به الفنانة الرائعة ( الشيكة بت محمود) من دار حمر خاصة وقد صحبها كرارين حرفاء على أداء المهمة مثل أغنيتها الرائعة (الفتيل الفي الغرطاس) والتي استهلتها بقولها:
إنجري يا الميقاس الفتيل الفي الغرطاس
لداخل الفن يا ناس تجارة في خماس
دي الخديري بت الناس سلبتي الدين خلاس
يا دهيبة ناس عباس
انجري يا أم ضمير كلام الناس كتير
نرجاكي ولا نسير أم عيوناً فناجيل
أم سنوناً زي الجير
ما تهبي يا هبوب خلي الحمامة تروق
قلبي البقي شفوق للمنقة الفي الغروب
( الميقاس نوع من العطور) بيد أن العنقالي يوجد في مناطق شمال وغرب كردفان فقط وله العديد من الحكامات ذوات الخبرة في الغناء واللحن المصحوب بالرقص إلى جانب مجموعة من الكرارين ومن أولئك الحكامات والشاعرات على سبيل المثال لا الحصر بمنطقة حمر( قسم الله بت بورة بقرية رغيوة غرب عيال بخيت وحواء بت حمدان ود تيراب من قرية أبو عاقلة والزينة بت مريود من غبيش وهنالك آمنة أحمد مهدي قريب من قرية عدريبة) أما الكرارين فهم كثر وعلى قفا من يشيل بالمنطقة ومنهم ( ابراهيم جمعة بنداس من فاصول و ود أم شمرو من قرية ظيطة (دار السلام) ريفي النهود وحسين الجق) كما يوجد بمنطقة دار حامد الحنبيلي والذي يشبه العنقالي عند الحمر ولايختلف عنه في شئ سوى أن العنقالي يبدأ بالكرير فيما يؤدى كرير الحنبيلي في منتصف الاغنية، وذلك ما فعلته بالضبط الفنانة الشابة نانسي عجاج في أغنية أندريا حيث بدأت الاغنية استهلالاً بالكرير ومن ثم صدحت الفنانة نانسي بالغناء فأحدثت النشوة والطرب خاصة وقد كان الايقاع بديعاً لذلك صار العنقالي عنواناً للغناء الجميل في دار حمر ودار حامد حيث سحرت مفردات غنامة دار حامد المهتمين بالتراث الشعبي وخاصة الاغنية الشعبية (الوادي الزينة) سيما بعض المقاطع التي تقول:
القوقاي حاكيتو ونجم الليل عديتو
حليل ليمكم بي وكيتو قطعتو الريد جافيتو
قالوا الزرقن نيله طول الليل صاب عينه
قالوا الوادي الزينة يتمايط وزينــة
وكثيراً ما عكس الحنبيلي ألواناً مختلفة عن حياة أولئك البدو فهنالك أغنيات تفيض بالرقة والحنان في سذاجة محببة ومن المعروف لدى كل من عاش ردحاً من الزمان في الريف وفي ربوع كردفان أن البدوية إذا أحبت تحب بقوة وعنف وفي صدق وطيبة لاحظ قول أحدى البدويات من دار حامد وهي تصف عشيقاً لايدرك مدى حبها له فقالت:
زارعنو في الباجه واطاتو درابه
دمعتي الكبابه ما بتدروا أسبابه
زارعنو في الباجه واطاتو درابه
السلوك البي رقابه في نومي فرابه
(السلوك تعني القصب الريان) فالتحية للذين يحرقون طاقاتهم في صمت ليبددوا من حولنا دياجير الجهل المطبقة ويحيلوا الظلام لنورٍ يشع مع الفجر في قوة واصرار وعنفوان لايعرف الخور يماثل قوة وصلابة الشاعر الفحل الراحل محمد عثمان محمد صالح (كجراي) صاحب ديوان (الصمت والرماد) والذي أكد في الزمن السالف بأنه سيظل ورفاقه هنالك في أعماق (الريف الأسيان) إذ يصارعون الجهل وينتصرون عليه بقوله:
في قلب الريف الأسيان
فضحايا الليل هنا أبداً
تدمي أعماق الإنسان
لا عذر لنا
فالليل هنا
يبين مرهوب خاتل
وظلام مسموم قاتل
حتماً سيموت إذا شئنا
أجل سيموت ما دام الشاعر كجراي ورفاقه حملوا الأمانة واوقدوا المشاعل رغم الأعاصير الهوج والأنواء تلك الامانة التي أبت أن تحملها السموات والأرض والجبال. لله درهم فهم على كل حال من الأخيار..




Post: #116
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-20-2012, 08:01 AM
Parent: #115

Quote: كزيمة الدابو دايف وقرنو يادوب مارِقْ
ورقابة تري وتامن فصوصك زارِقْ
لونك زي صفا السويتي شف ومطارِق ْ
حسابي معاكي اصبح دين قيامة وفارِقْ


Quote: طلع وجه أم سماح وأنا حظى غايب نجمو
رجع لى جن قديم ناهم الحبر لى رجمو
طريت الدابو فرهد وعمرو مازى حجمو
ولسانى إنفكــا نـــم كايس طريقة لجمو


Quote: ولجمو صعيب لسان الفارق المهدولة
نجمو الغاب زمن راجى الطلوع من طولا
نضمو برصّو رص بى كلّمتو المعزولة
وبعد داك كـــلّــّو قصـــّــر من سماح الزولة


Quote: الخلاني ارجع لي ليالي غرامك
قوامك واحتشامك وابتسامك وشامك
يا ست ريدي يا الزعلك محلي كلامك
انظري في قضيتي الطوَّلت قدامك


ربنا يحفظك يا عبيد الطيب

استمتعت بهذه الأبيات الجميلة والممتعة والمعبرة

قرأت المقال مرة ثاتية صباح اليوم ، أرجو منك ان تزيدنا من أشعار الدوبيت في بادية الكبابيش

ولك كل الود والتقدير

Post: #117
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-20-2012, 08:26 AM
Parent: #116

Quote: استمتعت بهذه الأبيات الجميلة والممتعة والمعبرة

قرأتها المقال مرة ثاتية صباح اليوم ، أرجو منك ان تزيدنا من أشعر الدوبي في بادية الكبابيش

ولك كل الود والتقدير

دكتور القرشي لك محبتي وللمتداخلين جميعا هذا المقال مهداه لكم جميعا نشرته بسودانايل وببعض الصحف


شَنفَرا الكبابيش وتور العُمَاصْ وجراب الذكريات عبيد الطيب (ودالمقدم)

اشاشي اشاشي حين تُرعدُ السَّواري المُدْجنات
وتُرسل دعاشا مُضمخا بنوَّار أشجاركم الوارفات
وأشوم بِروقها فأعرف مَناهِل امطارها الهاطلات
وأسرِجُ بعيري وأُدلجُ ليلا لأنَّ فؤادي للجمال عاشقة
وأُوقِنُ أنَّها في عُمق البوادي وفوق الروابي وعند التلال
وأسمعُ هديل الطيور وخرير الجداول بماءٍ نميرٍ زلال
وقد اكتسي الوادي وقف السَّنافِ (بعُشبٍ طريٍّ ثوبا وشال)
وحين تُزقزقُ عصافير روحي بذيَّاك العَبق
تقوقي القماري وتعزف لحنا طِيوري الناشقة
والليلُ طويلٌ وانا مُقمِرٌ والبرقُ العباديُّ يُومِضُ و(الهمبريب والواوير) مضمخان بروائح الصندل و(الكبريت) والرَّيحان والقيصوم يغازلان العزاري والجِرابُ مملوءٌ بالذكرياتِ والقلبُ مُتكٌئٌ عليها والعود احمد إن بقي العمر و لم تثقُب قوارض الاغتراب والهجرة الجراب ولولا الذكريات لم تكن الاشجان ولا تعلقت بسويداواتها القلوب
قصيبة الزَّارع البدََّر مسك عَربُونها
وجي لي خلاسها واندَبَكَت عرب زابونها
قالب أُم شُنْبُك الخطُّو الشِّعب في قرونها
بتين لي الحَي ألاقيها ؤ أشوف مَضمُونها
هنا وصف حبيبته بالبندقية (أم شُنْبُك)و قرونها تكون وسطها (ضبانة) النيشان والشِّعب هي عصا لها قرنين وتُشبَل معها أُخري وتربط بعناية ودقه ويُبرَي اسفلها وتوضع فيها فوهة ومقدمة البندقية لتُسهِّل دقة التصويب
مادّا أم شِعبة جاها المو خريف مِتقَحِّط
وصبَّ القبلي والإشبوب نزل مِشَّحِّط
إت كَم جَفَّلتي عِمصاً بي الهَكاعة بِنَحِّط
وسِيدك بي أم مِحيجين الرقاقة بِمَحِّط
ما اجملكم ايها البَدو المستشفين من كل شئ جمالا كما يقول جَمَّاع هذه لوحة ذاهية وتحديدا في مراعي (الجِزو) تلال وسهول خضراء ملء البَّصر وامطار تهطل بغزارة واشابيبها تُشَكِّل لوحة من ألوان قوس قزح في خطوط عموديه ومستقيمة والإبل ترعي وتختلط مع اسراب الجآذر و حين تكون الإبل في اعالي التلال تُرْقِلُ لوحدها إيخادا او إيحافا طربا وتنزلُ الي السهول(الهَكاعة) حيث تجد اسراب ابقار الوحش تتقاتل وتتناطح فيما بينها (تنحِّط) ثم يأتي صاحبها ويصطاد ببندقيته (أم مِحيجين) ما يريده من الغزلان والابقار
صيداً دُودَرُو النوَّّاشي ؤ غِلِب في كَسِعتو
زايع راسو من ضَرْب السَّريعي نَزعْتُو
ضَرَبْتُو خِطيتو نيشاني أنْزَرق بي تِحْتُو
ؤعُقبان ليهو رصَّاص اُم مِحيجِين بِعْتُو
وكنتُ مُولعاً بالقَنص مع صديقيَّ المعلِّمَيْن والموجِّهَيْن بإدارية حمرة الشيخ الاستاذ محمد طه (ود ابودرق)والاستاذ حامد ود(ابوزيق) حيّاهم الغمام الأربدِ وسقاهم الضَّحَوي العوير وما اروع القنص في السهول والبراري واستنشاق الهمبريب ومطاردة الغُزلان حين تكون السماء مُلبدة بالسُّحب وتُحيض الغيوم علي الافق فتقينا لسعات الشمس الحارقة والصيد يحتاج لمهارة ودربة كقوة الملاحظة والفراسة وتقدير المسافات ورباطة الجأش واحيانا تتعلم كيف ان تمشي (دابَّا) أو ان تجري لمسافات بعيدة متخذا الاشجار ساترا وكانت لي وصاحبيّ طريقة ممتعة في صيد الغزلان بالليل اولا صنعنا لنا بطارية سعتها ثمانية احجار واتخذنا (لمبات) العجلة مصباحا لها ثم نُدلج ليلا ويكون القمر هاديا لنا حتي نقطع مسافات بعيده وحين يودعنا القمر ويتلاشي في الأُفق يكون الهزيع الاخير من الليل ونكون قد وصلنا مراتع الصيد ومكان (مََصنِّها) مراحها ونُحكِمُ الزراد علي جِمالنا حتي لا تَرغي فيسمع بُِغامها الصيد فيهرب وحتي لا تدسَع بجِرِّتها فتملأ ملابسنا ،فننيخ مطايانا علي معلمٍ بارز نكون حددناه سابقا وننزل التاية ونَشبُل متاعنا من ماء وزاد علي رؤوس الاشجار ونفترق وتبدأ التمثيلية ومسرحها الوهاد والتلال وشاشتها الليل البهيم وانارتها مصباحنا وأبطالها نحن والذئاب احيانا وابن آوي وحين نُضئ المصباح نعرف كيف نُفرِّق مابين عيون المها وعيون وحوش القفار حيث الاخيرة تُشكِّل بريقا احمر اللون كالجمرة فنعرفه ذئبا او ثعلبا أو ابا الحصين (دود القريد) أو حتي أُم عامرٍ(الضبع) وعندما يقع ضوء (بطاريتنا) علي أعين الغزال تقف الغزال مشدودة حيث انها تفقد بصرها ويجذبها الضوء كالمغنطيس تماما وانت تكون تهيأت تماما حيث تضع البطارية تحت فوهة البندقية (الماسورة) دون احداث اي صوت حتي حركة الرجلين تكون متحكما فيها حيث لاتضع رجلك علي عود او عصاة وتنكسر تحت اقدامك وتحدث صوتا وكذلك ان تأتي الي الغزلان من الجهة المعاكسة لهبوب الرياح حتي لا تشم ريحك فتهرب وعندما تصل بالقرب منك تصطادها (بالخرتوش) وقبل بذوق الفجر نعود ادراجنا الي (التاية) ونبدأ في السلخ وشواء الكباد ومطايب اللحم ، وذات شتاء والبرد لا يأتي إلاّ في وقت السَّحر توغلنا بعيدا في الشمال الغربي وكانت توجد مناوشات سابقة مع بعض قبائل دارفور وكانت المنطقة مملوءة بعصابات النهب المسلح القادمين من الحدود التشادية وعند وقت الضُحي وقد وصلنا الي اعالي تلةٍ ونريد ان ننزل تحتها علي السهل فبرق لاعيننا وميض حديدٍ وحين لاحت منّا إلتفاتةٌ رأينا تَحتنا سلاحٌ مُتكئٌ علي اخشابه (السِّيبة)والي جانبه رجُلين الأول اخذ بندقيتة (الجيم 4) وأشر لنا بيده أن لا نَصِله ثم أحْكَم العُمامة علي وجهه تماما ولم تظهر الا عينيه ثم تَبَنا بيده تعبيرا:- بأنَّ غير مُرحَب بكم وألْووا مقود مطيّكم صوب وجهتنا. فألتفتُ صوب الاستاذ أبودرق فقال: (مافي مساحة تاني فدعونا نصلهم وليكُن ما يكون) وهنا تذكرت خريدة ود وقيع الله ورددّتُّ مقاطع منها وخاصة هذا المقطع (أخوكي ؤ أخو ابوكي واخو خالي –
وأخو ود أب درق تور العُماص زولي)
وحين وصلنا بالقُرب منهما صاح احدهم :- (دي زولك ود المقدم اللّفندي الحلَّاني من المُشكلة لي زمان)
أنِخنا المطايا وسلمنا علي صاحبنا ولكن الآخر حمل بندقيته وذهب بعيدا وكان الوقتُ بعد بذوق الشمس بقليلٍ وهم من صعاليك البادية وكان احدهم وقتئذٍ مطلوبا لأجهزة الامن والشرطة ودُهشنا ثلاثتنا عندما وجدنا بجانبهم وعلي حبال نبات الحنظل الممتدة مُلقا أربعة عشر غزالا وإثنين من طائر الحُبار وهو من أطيب الطيور وسائر الحيوان لحماً ، وجميعها أصطادها هذا الشَّنْفَره الشَّقي الهارب في أقل من دقائق معدودة ومن مسافة بعيدة وكان مضرب الأمثال في دقة التصويب ،هل تدرون ماذا فعلوا ..! ككرم الصعاليك الجِبلِّي تركوها كلها إكراما لنا وذهبوا الي شأنهم وبالرغم أنني كنت أُفَضِّل مقابلة الشَّنْفَري الاخر وأنّ إزالة اللِّثام والقناع من وجهه أحبُّ اليّ من الصّيد وحين تعذّر ذلك، حملنا صيدنا الوفير وعرجنا علي رِهيد الصّيد فطاب لنا المقيلُ علي ظلال اشجاره الوارفة وعلي الشِّواء وكاسات الشاي الاخضر ولكن هذا (الكاليت) الذي لم يألفنا ولم يُسلِّم علينا ولم يأمَنّا علي حياته كان هذا ديدنه الي أن مات مقتولا أمّا رفيقه وتنيده الآخر توطدت علاقتي به حيث كنا نتعارف سابقا وبدأ يزورني بالمدرسة وكنت وحدي فأمتعني بأنسه وقصصه التي كالخيال ومقامراته المُدهشة واتحفني بخُلقه وجمال روحه وسماحة نفسه وكرمه الحاتمي ونشاطه وخفت ظله واشياءه المرتبة ترتيبا دقيقا وإقتناءه لها بدقة فائقة وكان ماهرا في عزف المِزمار (الزُمبارة) وكنت حين يعزفها واستمع الي معزوفة (بنات الرّيل جفََلَن من المقيل جَفَلن)أو (عبد القادر لي جملنا -من الهيل لي جملنا) وحين ينقرش علي صوت بت بلة(هبر بي الهايلو أُم جَقر – ؤ قطع رِدِّيت البقر) وَيْ كأن َّ مزمارة يتكلّم وحين يعزف مقطوعة الرفيق (يا البزُّور حليل البلة- زولاً رفيق البلة –ؤ بفرج الضيق البلة) ويبدع في عزفها ويتفنن يصمُت الكون طربا وحتي طيور الروابي الصادحة تقف ساكنة وأري الدموع تسيل علي خَدِي صاحبي وفي الحال يُسرج بعيره ويمتطيه ويغادرني دون استئذان ويودعني في صمتٍ وبنظرةٍ لا تشبه الا وقت الغروب ولا يعود الا بعد أيَّام وكثيرا كنت استحضر قول الراحل الدوش :-
(مخلوق بسيط من شوق وغَمْ) فقد كان صاحبي كذلك(خلُّو بينكم وبين رنين الضحكة صرخة)
وكان ايضا ماهراً في فنون الشِّواء وفي صنع المَرق وإدام الثريد وملاح (التقلية) واخذت منه بعض مهارات الطبخ والقليل من مهارة التصويب ولكنه رحل لا ادري هل رجع الي منطقة الوخايم أم توغل حتي تشاد أم ابتلعته الوهاد والسهول وعتامير الصحراء واصبح شَنْفَرا ثاني أو عروة بن الورد وسبب البين والفراق كما يقولون لقد عشق ابنة عمه واحبها لدرجة الجنون وتعلق ووله بها وكان ريدهم من الرّيد (اللَّصَم) وكانت هي ممشوقة القوام كالخيزران واديمها كرمال الصحاري ورغامها اما عنقها كجيد الغزال وفي انفها شموخ وكبرياء وعيونها قادر الله من سوادها (كملاقي ) القطران وحواجبها كحباكة الخياط او قل مُدهشة عين ترنو وسنونها كغُرر الغمام اما شعرها او قل ديسها كسُدفة الليل المُجِنِّ أما خصرها فهو كحجاب المتصوفة وحين تقدل تتبعها العيون وتجاريها القلوب وتشرئبُّ الاعناق فخطوها كخطو طائري القمري والحمام وحين تتحدُّث بالنضمي الدقاق والذي هو اقرب الي الهمس كرزاز المطر بل اري الندي يتساقط علي الخدين ولكن عمه (المسنوح)اراد أن يزوجها غير فخطفها صاحبي بليلٍ ولم يُردفها علي بعيره ولكنه أجلسها بجانبه علي سَرْج بعيره وطوقها بيده اليُمني تاركا ليده اليسري مِقود البعير وكأني أراها حين تنفدع علي ظهرها بقوامها اللّادن سادلة جديلتيها علي زند صاحبي وهي ترنو اليه بحميمية وتنظر اليَّ بِطَرف عينها الحَور وكأنها تستشفَّني وتُردِّد بلسان البادية:-
(ود أعمِّي وصباح خيري ؤضَرَايا سيد روحي ؤجَمَل شيلي ؤمُقْنَع غِطايا)
ثم يبادلها النظر صاحبي ويضُمها من خصرها الي جواره وكأنه اراد قول نزار قباني:-
فيا رياح صَفِّقِي
ويا نجوم حَدِّقي...
ومادام مشدُودا الي صدري فماذا أتَّقي..!
وعرَّجا عليّ للسلام والوداع الاخير...! ومنذ ذلك الزمان والي ان غادرت البلاد مهاجرا والي يومنا هذا لم اسمع له خبرا ولكن كلما اعود الي الديار واعرج الي ربوع أُنسنا وكلمااُحدّق نحو المغيب والشفق تُحدثني نفسي بأننا سنلتقي..!لأنني احببته وعشقته بل (غويتو غي) بلغة اهل البادية لأنه من الذين (ترايمهم) الرّوح والي الان اري جبينه حين تومض البروق وأسْمَعُ صوته حين توشوش الاشجار وأشُمُّ ريحه حين يضوع دِعاش المطر ولقد دونت منه الكثير من الدوبيت فقد كان شاعرا مُجيدا ويحفظ كثيرا من أدب البادية وموروثها ولكنه كحمَّاد الراوية لا يهتم لمن الشِّعر واحيانا يقرضه هووينسبه للآخرين:-
قبيل ما كُنتَ مِتْجانِسلِك
وخايفك يا أم صوادق ها النِّسيمة تَقِسْمِك
ياقمر السَّبعتين والنور بِبُق من جِسمِك
من اللّام ؤحَرف الدَّال معظَّم إسْمِك
وكان إسمها دار السّلام
عنقك باهي دقسة ؤكَحلي ضامِر هافك
(ؤديسك) كابي مو شَنشُون مغطي أكتافِك
الرَّيم البِِفك بعد الهِجُوع عَسَّافِك
قطر إسنا البِشيل ألْبِل رحيل عَطَّافِك
داير لي ابو كفته وتمانين طلقة
وداير لي بِشاريَّاً بياكل العلقة
وداير ليَّ فوق بلد المسانيح مرقة
وأسوق سوقاً ضراع ذندية مو سوق سرقة
إن داير مرقة فوق أُمات وسيماً بيِّن
أطلع فوق قِناف واحداً نِصيبأً هَيِّن
بتلقا اللَّزرّق الجاتِم تقول مِطيِّن
وخوفي تِخجِّل الدَّقسة أم حديثاً ليِّن
وجه الكَزمة في البردة أم ندايات رابِط
ؤسنَّانِك غُرر واحداً بقوم مِتْنّابط
إن وقفت وإن مَشَت فوق البَنَنَّت ظابط
سماح ؤدماج ؤ روقة دم ؤنفساً هابط
أللّيلة الصّعيد شال وانْكَتَفْ برَّاقو
والفرع لُولَتو الزِّيفة ؤكَرَسْ نَقْناَقُو
تري الليل إتَّلت ؤهَجَعُو المساهرين راقُو
ؤحَن قلب المِشارِف لي بلود عُشَّاقُو
فوق العِرْكِي زينب بت مهلَّف طايفي
ولي بزُّورنا الفّز والرَّكَز هي شايفي
بت عرباً عِزاز مِن الدّوبال مي خايفي
ؤ رَشْرَش عينها كيف ضَرْب العصا المِسَّايفي
(أقيف هني يابخيت الحال ؤشكيتك علي الله. يا تَخَرب اصبحت حياتك كلها قِتال ؤ دُبال) حتي عندما تصف رشرش عيون بت مَهلّف تصفها بالضرب والقتال أيوجد في العالمين احدا وصف رشرش العيون بضرب العصا نعم أذا شاهدت احدا مفلوقا وتحديدا في جبهته سوف تتذوّق المعني...!
أظنك يا صديقي رَضعتَ خندريسا من روحانية الدوش لأنَّ هذا الشاعر الظاهرة و المتفرِّد الراحل الطيب الدّوش وصف الفرح بالرجل (الخدرانة) حيث قال :-
(كِبْرَت كُراعي من الفرح ...نُص في الأرِض ..نُص في النِّعال)
وبالرجوع الي جِد صديقي محمد طه فأبو دَرق كان فارساً مشهورا من النوراب حتي نجد ان احمد ودوقيع الله الصَّواردي تنبّر به عندما صَد جيوش الأنصار وكانت نسيبته تسعي في طُماح ابنتها منه وتزويجها لابناء خؤولتها وعندما رأته صاحت قائلة:- (عاين ليهو كيف جي يتطاول ويتقاصر كيفِن) فقال راجزاً:-
أني يوم ود عسالة كَشحي ما شُفتي
بَطُرْد الخيل ؤأَجِي بَمشي علي حالِي
لا فزيتَ لا دبيتَ لا اتقاصَرتَ من طُولي
أني أخوكي واخو خُوكِي وأخوهِويرِم واخو زولي
ؤأَخُو القَلَبَن كِفُوفْهِن يوت بِدَعّّنِّي
ؤأخو النَاهْمَات حِويلي لي سبب موتي
ؤأخو ود أب درق تور العُماص زولي
ؤشَبشُوباً بَصُرْ الجمْرة في عيني
أني ما تِبعتك زمن يوماً قَميت حسّي
وما فارقْت عَلِي وفارقْت بنات أُمِّي
وفارقت عيال درمة الخارِبين طَبعي
أني مَشَربك صقر الخلا ؤ رفاقتي عارفني
ؤأني الغالي والرخيس فيهُن حَشرت إيدي
ؤ هَمبُول البِدَبِّرني ؤيِدِس عيبي
كان حِجَّة مَديني تبقي لي غيري
ما أنْدي ؤ أحيض الدَم مع مَرَتي
ؤبي اللِّيد اليسار ياكلَن بنات دوري
ؤ أم عِزين تِقول ليهِن بَجِز قَرني
هذه درة من درر الدوبيت اوردها العلامة البروفسير عبد الله في ديوان النوراب (ود عسالة احد قادة الانصار- ولقد كان احد احفاذه صديقا حميما للزعيم الراحل الشيخ المُر ولقد اهدي للمُر حصانا اصيلا شموسا كان محط الأنظار، والهويرم من النوراب ولقد فارق الشاعر اهله الصّواردة وجوار عيال درمة اولاد عوض السيد من النوراب وكاتب هذه السطور جاورهم ايضا عندما كان معلما بمدرستهم العامرة وقتئذٍ وعرفت ان الصواردي كان صادقا حين قال :-
(وفارقت عيال درمة الخاربين طبعي)
فهم والحق يُقال قومٌ دُهاة ومن أفصح الناس واحلاهم معشرا وإن جاورتهم يدعمونك ظالما او مظلوما وكثيرا كان يزورني بالمدرسة العم صالح ود ابوقرين والدليل الاعرج والشاعر الرائع محمد ود مهلف والحديث ذو شجون .الشيخ الراحل الحاج علي سالم كان دمث الاخلاق شهما متواضعا انيقا في هندامه ومميزا في جِماله التي يمتطيها وذات شتاء كان عائدا من رحلة الجزو برفقة صديقه وابن عمه ود مهلف العوض سيدي وفي الطريق اراد الشيخ أن يمازح ويُجادع ابن عمه وكانت قبيلة ود مهلف تقطُن (وتدمر )بشرق منطقة اُم سنطة وجنوب قلعة (النويقة) فقال الشيخ مخاطبا ود مهلّف: (شفت الغناي قال شنو.) (لا قال شنو يا شيخ العرب) فقال حاج علي قال:-
عَنْقُور النِّويقة أليلة شُوفتو جميلة
بي صعيدو ؤ صباح أُم سنطة نازلة قبيلة
تُفّاح البلد تِسْلاتْنَا بيهو قليلة
وفي شان الطويل عُنْقو ؤ بِسُك التيلة
العتمور هي التلال واليوم منظرها جميل لماذ؟! لان حطوا ونزلوا وضُربت بجوارها خيام بادية حسانها جميلات وإننا لا نتغزّل كثيرا في عزاري البوادي (تفاح البلد تسلاتنا بيهو قليلة) لاننا نهوي ونعشق واحدة عنقها طويل ومزرودٌ بالحُلي (في شان الطويل عُنقو ؤ بسك التيلة) فاراد ودمهلف أن يرد علي ابن عمه ولكنه استعمل حيله ودهاءه فقال مخاطبا حاج علي :-( لكن الجمل ما وجبتو واديتو حقو) ليرد الشيخ:(إت موغالبك) (فيقول ود مهلف ادينا الأمان ) فيقول الشيخ :(أديتك ياهو) فيمسك ود مهلف ارومته ويصمُت هنيهة ثم يتنحنح قائلا:-
مَطْلُوق من رِشاش تِتْرَبَّا
ؤ حَبَسْت الخَلفة من مطر الضّراع ما ضبَّا
في الخَط صادرك مَحَزُوم طريقك خَبَّا
ؤهجَّام دِكَّة البادية أُم نِحاساً دَبَّا
يا لروعتك يا ودمهلف ويا لجمال استهلالك حيث بعيره لم يُسْرج منذ الرِّشاش حتي اصبح يَقْرع الناقة اللُّقح وعند هطول عينة الضّراع وهي اخر عين الصيف، الرمَّالون اذا صادرك محزوم ومعه طريق مارق يقولون حتما سوف تسافر وصاحبي الشَّنْفَرة علمني حتي (الرّمل) (هجّام دكّة البادية أُم نحاساً دبَّا) وهذا هو سر البديهة
قلبن كفوفهن في الدعاء ويتمنين موته – حِويلي فكي - العُماص أسراب من الابقار ويكون ثورها واضحا وسطها-الشبشوب الفارس- قميت حسي اي ضيعت سُمعتي –همبول-كلمة للتحدي والهمبول ثوب بالي كانت النساء تضعه امام البيت ليلا او يُوضع في المزرعة لطرد الطير او جلد عجل ويوضع بداخله عود ويُوضَع للبقرة التي مات عِجلها (مُتلاب) مديني اي مدينة وهي زوجته –كانت النساء في السابق اذا جلب احد اقاربهن العار يأكُلْن باليد اليُسري- أم عزين من أولاد عوض السيد وكانت مضرب مثل في الدَّلَع –القرن الشَّعَر والكبابيش تسمي شعر المرأة القرن أو القرون واذا حلفت المرأة تقول( قريني دي يتوسدو....) وهذا من فصاحتهم وهي كلمةعربية
اوكما يقول صاحب العينية سويد بن عامر:-
وقرونا سابقات عللتها ريح مسكٍ ذي فَنع
وايضا يُطلق علي شعر المرأة ( الوضيب ) وكما يقول الشاعر الرائع حنفي:-
فطيمة الدَّارتَن صَيْ صَايدَن بي مِحيلة
واني اسباب مرضي ها العين الكستها كَحِيلة
مَشاف عيني (وضِيبْها) مِدَفِّقاهو نجيلة
وأف من عَرطماً بتنوني فوقو نَحِيلة
وتسمي الكبابيش شَعَر المرأة ايضا (الدّيس) وكما يقول الشاعرالمُمبدِع ود المُر عندما كان مدرساً بمنطقة سودري:-
كَجَّنت سودري ؤكَجَّنت حت تَدْرِيسها
وكجَّنت شوفت الزَّولة القِصيِّر (دِيسْها)
الجاهلة المتل عزف الكمنجة حديسها
كان قبَّلتَ بكتُل بي الغبينة عريسها
وتُطلِق الكبابيش علي شعر المرأة ايضا (الكُربيل)وكما يقول الشاعر الرائع حنفي:-
أخو (الكُربيلها) نازل فوق كـتوفها مُدَفَّق
هيلك من قديم العِزَّة ما بِتَتلَفَّق
بَخت المالي بيك إيدو ؤمعاك بِترَفَّق
تنَّاي السيوف راجع حديدها مصَفَّق
ولقد كان صديقي (الشَّنْفَرَا) من تنَّايين السِّيوف وختاما نهديكم عيدية بادية
مِتل صافي الحليب قلب العبيد الطيِّب
ؤمِتْصَالِح مع نفسوا ؤمِسامح لي الفَسِل والطيِّب
الخلاني اهوِّم ؤأتكلَّم براي وحتي راسي مِشَيِّب
بَزِرْنا الفكَّ مُشْهَادو وكمان عاقِل كُبارنا مِغيِّب
هاجرت لي سُترت الحال بعيد مِتجوِّل
ؤخلّيت الصِّغار بي واريا قُلْت ما بَطوِّل
الخلَّاني يا خِلَّايا من النوم بقوم مِتهوِّل
مُكاجرة الكُبار والبلد الغَنِي ؤمِتسَوِّل
عبيد الطيب (ودالمقدم) بادية الكبابيش -عتامير نجد 23-10-2012

Post: #118
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-20-2012, 06:03 PM
Parent: #117

Quote: فطيمة الدَّارتَن صَيْ صَايدَن بي مِحيلة
واني اسباب مرضي ها العين الكستها كَحِيلة
مَشاف عيني (وضِيبْها) مِدَفِّقاهو نجيلة
وأف من عَرطماً بتنوني فوقو نَحِيلة


شعراء الحقيبة ايضا يطلقون على الشعر الوضيب عزيزي عبيد الطيب

قال خليل افندي فرح ..

البنـان خضيب والقـوام رطيـب
والوريد الباهـى محَّـق الوضيـب

وقال الشيخ محمد ود الرضي ...

الوضيب طولو نص متر .... والوريد ماهو منبتر
فاقله ضامره الضهير فتر .... والنغيم سكرا كتر

مودتي

Post: #119
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-21-2012, 05:36 AM
Parent: #118

اللباده عند الحمر
كتب: خالد الشيخ حاج محمود
وسط قوة العساكرة الكبرى التي تمتد من غبيش حتى الدم جمد والتي كانت في السابق مركزاً لسلطة (ابراهيم ود المليح) رحل ناظر عموم حمر (الشيخ منعم منصور) لصقع الجمل وذلك حتى يتسنى له ادراة نظامه العشائري بطريقة سهلة حيث تم تعيين محمد الشيخ ناظراً للعساكرة في المنطقة الشرقية بخماس، كما عين (محمد عبد الرحيم أبو دقل) ناظراً على الشمال الشرقي بشق الحافضة والطليح وذلك وفق ما ورد في مرجع (ملامح من تراث حمر الشعبي ،اعداد محمد احمد ابراهيم)، ولكن أعيد النظر في نظام العمد حيث تم تجميعهم في عموديات ادارية أكبر في عام 1929م و أطلق عليها إسم (الشراتي) وأصبح شراتي حمر هم (الزين صالح واحمد عديل و بخاري على و سلام الطاهر ومحمد احمد الكرسني وابراهيم المدير و النعيم جقران ومحمد مراد وعثمان أبو أم فضالي وأحمد أبو أم فضالي وحامد حمد كرجة وجاسر دفع الله ودوليب عبد الرحيم و النيل عبد الرحيم ومحمد آدم دود المعايا وغيش قادم وعبد القادر منعم منصور وخمسين فضيلي وأحمد السانية ومنصور احمد ثابت ومحمد على أبو دكة و حامد عبد الساتر وأحمد مصطفى أبو رنات وحماد عبد الكريم والطاهر المرضي ومنصور ابو مستور ومحمود بخاري)، ولكن نظام الشراتي صفى فى عهد حكومة مايو عام 1970م وبقى فقط شراتي الرحل، ووفقاً لذلك النظام العشائري التليد المحكوم بقيم النظام الأهلي الذي اطاره وجوهره الموروث الشعبي العريض وفق الحكمة والمأثورات الشعبية وغيرها التي شملتها حياة الحمر وأصبحت هداية ونبراساً لمجالس الصلح والنفير والضرا والجودية والحياة الاجتماعية التي تحكمها العادات والتقاليد، حيث ان الشلوخ مثلاً لا تعتبر من عادات الحمر وإنما نقلوها متأثرين بغيرهم وتوجد فقط عند النساء وهي شلوخ ثلاثة على الخد وإن كانت عمودية مثلما وصفها الشاعر (احمد محمد النيل) عندما استحسن شلوخ محبوبته قال:
شلخك دوديوه للدمعة تتدلى بيه قلم كوبيه الغالي عند كاتبيه
كما توجد عندهم بعض الشلوخ الاخرى مثل (النقرابي ودرب الطير) اما وشم الشفة والذي يوجد في جميع القبائل البدوية ما عدا بعض قبائل كردفان (كالكبابيش والكواهلة والشنابلة) فهو يوجد عند الحمر وذلك بوشم الشفة السفلى وفق ما جاء في (ملامح من تراث حمر) ويؤكد ذلك قول الشاعر (حميدة ود فرح) عندما قال:
إن جات عديلة وإن مشت رتيله وإن جلست معاك حاكماً وظيفته كبيرة
عاد بشوف الشلوفة زرقا نجيلة الصدير مردف تيلة لوش قلبي وانقطع جنزيرة
ولاختلاف الفرح بين المدن والقرى حيث ان القرى فيها تجميع اكبر للناس عكس المدن لذلك يتم اعلان الزواج قبل فترة معقولة عندما يتجمع الاقرباء والجيران ويبدأ الزواج بما يعرف بـ(السهار) ومن ثم يتجمع الناس في صباح الغد انتظاراً لعقد القران بواسطة (الفكي) عند الضحى بعد دفع المهر ثم تتوالى الالعاب والرقصات وغناء الدوبيت والجالسة وغيرها ويتم اكرام وفادة الضيوف بذبح الخرفان والابل ويبقى العريس حتى اليوم السابع ومن بعدها يخرج للناس وتتم رحولة الزوجة من منزل اهلها بعد مرور سنة أو أكثر، بعد ما يقوم والدها بتحميل جمل القراف بالعيش وكذلك يفعل أخوانها وأعمامها ويتم ترحيلها على هودج (شبرية) بعد تزيين الهودج بالمنسوجات والمصنوعات المرصعة بالخرز والودع وريش النعام والاجراس بزينتها التي تتدلى على جانبي الهودج وتقوم الفتيات بالغناء مع مسيرالهودج بكل اعتزاز حيث يقلن:
مدّيتي يالرقاشة وشيلك عن القياسه وأبوك يعيش ليكي راسه
أمك مـــــاها الهجـــوم النجمة الفاجّة النجــوم
سانة الموس للخشوم
ووفقاً لتلك الافراح التي تسعد الناس في دار حمر خاصة وأن هنالك أشعار غنائية يصاحبها رقص مثل (الجراري والعنقالي وام هجو والكدنداية والهسيس والتويه واللباده) فاللباده من تراث حمر القديم والاصيل كما يرى الباحث (محمد احمد ابراهيم) حيث يتم الاداء فيها بطريقة مشتركة بين الفتيان والفتيات ولكل منهم دوره واغانيه و تختلف أغاني النساء فيها عن أغاني الرجال إذ تبدأ البنات الصفقة المنتظمة بإيقاع خاص أثقل من تصفيق الجراري والهسيس، وتكون هنالك تصفيقتان كل خمس ثواني بينما يحدث ذلك في الجراري خمس مرات، وأثناء الصفقة المنتظمة يبدأن أغانيات اللبادة التي تتكون من ثلاثة أشطار أثنان قصيران وثالث أطول مثل الاغنية الرائعة:
بنات أهلنا
جاكن جواب اقرنه
منشيل الريح منشوف خي شمنه
ويجئ دور الشبان وفناني اللبادة أثناء الصفقة وغناء البنات المتواصل حينما يبدأون دخول الحلقة للمشاركة بالغناء وفقاً لأغانيهم الخاصة وأثناء غنائهم تبدأ الفتيات الرقص بالرقبة على توقيعات الصفقة وكلمات ولحن المغنيين بصورة رائعة، ويسكت الجميع لاستماع المغني حينها تقف الفتيات عن الغناء وتستمر عملية الصفقة المنتظمة متمشية مع غناء الشبان ورقص البنات داخل الحلقة، وعادة تكون أغاني الشبان في المقدمة من شطرين قصيرين يرددهما المغني ومن خلفه تردد مجموعة في شكل (كورس) علماً بان غناء الشبان يأتي في أشطار موحدة الوزن والقافية تطول وربما تقصر ومن غنائهم مثلاً:
الخديري النظام زي ده جرى توبك توطى عليه
لي يومين ننسم من التراب ننجم
القالو لي شغلك دم قلت ليهم موها دم ساكت زيادة هم
وهكذا يتكرر الغناء مصحوباً بالرقص ويكون تبادلي بين الفتيان والفتيات ، أما الاغراض التي تتناولها اللبادة فهي تستوعب كافة الاغراض وظواهر الحياة لاسيما وصف المرأة والتغني بجمالها كما تتناول مدح الأصدقاء والكرماء والهجاء ومن شعرائها المشهورين بحمر (محمد ود حمدوك وأحمد حماد المعركي ومحيميد وود أبسلب وغيرهم).
ولكن اللبادة للأسف في طريقها للانقراض والزوال بسبب أن شعرائها وصلوا لمرحلة الشيخوخة خاصة وان اهتمام الشباب بها قليلاً ويسمى الشعراء الذين ينظمونها (بالمياقنة) بمعنى الشبان الظرفاء وهم مثل (الهدايين عند البقارة) حيث يتسابق الناس لاكرامهم، ولكن الاستاذ الباحث (دوليب محمود دوليب) يرى بأن اللبادة من اغنيات الجراري في قالب السربعة الطويلة وفيها كرير يؤدى من الأولاد وخاصة في الطويلة وهي من أغاني الحنين ذات الوتر الرنان الذي تؤدى به اغنيات (المناحة) حيث يؤدي الكبار أغنيات اللبادة على طريقة مختلفة عن الشبان، لا سيما وانهم يغنون للضحوي بمعنى أنهم يشبهون المطر بالخير والفال و يتمنون نزوله ولا يعيرون وصف البنات والغزل فيهن أي اهتمام ، ومن غناء لبادة الكبار مثلاً قول الشاعر دوليب محمود:
حباب أم رويق سالت سحاب فيهو الفــرج برضــينا
حباب أم رويق هبّيبتا جات بالخـــريف تسقيــنـا
وحباب أم رويق يوم رملنا البلاد نزلـت قبيــل علي واديـنا
حباب أم رويق ست الجمال جـات مـن الـودي بتنـادي
حباب ام رويق فيها الخدار هش الأرض فارد الحبل مدادي
وآ شوقي لي أهلي شوق البعيد طفر دمعي زاد العلي في زادي
وهنالك لبادة تؤدى على طريقة المنوال مثل قول الشاعر دوليب محمود أيضاً:
حنين ام زين على بلداً وقف بعيد شوقا
وصوت قمريه قوقا هناك فات الفريع فوقا
أتماوج على الوديان دافر الشوق بي ذوقا
جناها فات العش صفق جنيحاتا راجي ملحوقا
درب الريد أنقلب دعوات معشوقاً لاقي معشوقا
وتؤدى اللبادة عندما يكون مجتمع القرية في راكوبة (حاحاية) بمعنى تكون الراكوبة مفتوحة يأتيها الهواء من كل صوب وجانب، وعادة تكون لبادة الكبار عند الخريف (الرشاش)، ولكن غناء الشبان في اللبادة يكون رمزي سببه الحرمان من تحقيق أهداف الزواج، أما غناء البنات عادة مايتناول الرشاش والخريف والهواء العليل والطبيعة وكل موشحات الجمال وذلك وفقاً لافادة الباحث (دوليب محمود)، واحياناً تكون اللبادة متجانسة بين الأولاد والبنات بمعنى (مجاراة) مثل قول الشبان مثلاً :
أبو زريق المرق من بيتا قدر ما نشوفا المزاج تميتا
ويجئ الرد من احدى الفتيات بقولها:
أبو زريق وطاتا مسافله قدر ما نشوفا زي قزاز الحافله
ويرد أحد الشبان بقوله:
أبو زريق عيونا بروق قدر ما نشوفا نقول سقوني عروق
وتتختم المجايلة فتاة بقولها:
أبو زريق وطاتا رشاش قدر ما نشوفا عيوني عليها طشاش
ومن لبادة الشباب قولهم:
قام لينا شباب تب ما حصل قديمو عديل خشيمو ظهر
العيون سيكو وجيهو قمر عمر اطناشر نهيدو عبر
رقيق الكف خويط التر
ويقول الباحث دوليب بأن الرقص في اللبادة يتم في داخل الدائرة والتي تكون في حالة دوران بمعنى عندما يدور الكرارين تلف البنات عكسهم ويقمن بأداء الشبال والذي تقطع له الفتاة الرقصة ويأتي ذلك بهزة معينة وخطوة محكومة، ويتتابع الرقص مع الشبال في خطوات متوافقة، ولكن لبادة الكبار أساسها المجادعة وتؤدى عند حلول الخريف والافراح مثل الزواج والرحولة والتي فيها الحنية ولهفة الفراق، ويقوم الناس فيها بالإهداء للعروس.
كما أن اللبادة تتناول ذم كل ما يأتي بفعل قبيح مثل الهروب من ساحة القتال والمعارك ويجئ الذم من النساء كمثل قولهن:
من قالوا فزّ شدر الزرقا انهزّ
دبداب كرعيهو بابور المانيا رزّ
وغناء اللبادة يجعل الفرح كبيراً في نفوس الحاضرين لاسيما وانه ينسرب للدواخل كما ينسرب الجراري الحمبيلي خاصة وأن ما يجمع اللبادة والحمبيلي هو الشوق والحنين الذي يسري بصاحبه مما يجعل الوجدان في ولهّ وشوق، لاحظ الغناء الذي ورد في الحمبيلي:
بسمع حس كركابه الطاير في سحابا
جيداً جيت يا يابا دليلم وارد دابا
ناس أم حمّد جابهم ونسمع حس كلابهم
عقدوا الشور تيرابهم عدوا الليل قلابهم
وكل ما نخشاه ان تصبح اللبادة أثراً بعد عين لذا نرجو من المهتمين بالتراث جمعها لانها موروث شعبي اصيل وجميل.



Post: #120
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-21-2012, 09:41 AM
Parent: #119

Quote: وقد يأتي الشعر الحواري حزناً على فقد السعية كما حدث للشاعر خميس ود بخيت على من منطقة حمرة الوز عندما اشترى دجاجة من منطقة أبوحراز بمحلية شيكان وصادف بنات اخواته فأرسل معهن تلك الدجاجة لقريته (أم تورو) بهدف ان تصبح منتجة في مقبل الايام و بعد عودته للقرية سأل عن دجاجته فقيل له أنها ماتت بسبب سم الفأر فأصابه حزناً جعله ينفس عن نفسه بقوله:
يا رب العباد يا الله يا ستار تستر كل عيب ما تفضح الاسرار
وصلى على الرسول الخاتم المختار المكتولة سيدا رجل غريب في الدار
وفرشنا تمانية يوم وضيوفنا جونا كتار واحدين دار ام بخيت واحدين بني جرار
من الفرجة ميتين من جمل لي حمار من الكوكيتي مية ومية من شرشار
سراجاب المرخ ميتين سلاحم نار أهل أم قصة هملوا زرعهم صقار
أهل أم شروا جايين واغلبهم ناس تار غليان ابو عسل من تنه لي ابو حجار
وكتين زعلوا بلحيل جونا بي جرار من الحمره باصين من السدر دفار
من جبل أولياء الخزانا ماهو كنار تلاتين بوكسي فضل السيد ملاها خدار
التوم ناظر الكبابيش جانا من سنار عشانا قطع زيارة عطبرة وكجبار
اتبرع لينا بي مليار وتلاتة ليالي علوي ورابعن دفار
من الصافية ناس فازير وناس فزار من الربده ناس عمسيب وناس ابو نار
من بلداً بدري كان سلطانا على دينار بلداً مرفعيبا يجيكا ماشي نهار
جانا المرضي جانا الدخري ود حقار هارون زكريا اسحاق ابكر بكار
سلفاكير رسل لينا نايبو مشار ووزيرة الصحة قامت لي تقيم الاضرار
والتعويض يكون بالين والدولار
الملك عبد الله قال هذا الكلام ماصار ليش ام تورو عايزة الاقتصاد ينهار
برميل النفط يصبح بي تلات دولار ورسل لينا عشرة مهندسين مهار
قال بين ام حراز وام تورو يبقى مطار ورئيس الصين رصد احوالنا بي الاقمار
ورسل لينا طيارات بدون طيار يضربن ويرجعن ما يمسكن رادار
سفيرنا الفي ادس و سفيرنا الفي داكار وجنوب افريقيا بونس ايرس وبونس آر
شجبوا الحادث المأساوي بي استنكار
اوباما استدعى حاج عيد بي كلاماً حار قال ام تورو فيها ارهاب واستعمار
نحن مخابراتنا بجيبن الاخبار وتقاريرنا المصورة ماشايه ليل ونهار
عارفين بن لادن لي بلدكم زار وعارفنو اجتمع مع كافة النظار
وكون خليتين للقاعدة في تندار وعاش متخفي سبعة شهور ركوبو حمار


الصدفة وحدها جعلتني والاستاذ خالد الشيخ نلتقي بالشاعر خميس ود بخيت

حيث طلبت من الأخ خالد الشيخ ان نذهب معا الى خزان المديرية بالابيض لاتقاط بعض الصور

لمناظره الجميلة وهنالك التقينا بشرطي يحرس الخزان وبحمل في يده كرباجا وتجاذبنا اطراف الحديث

فأنشد لنا قصيدة حوارية عن كلــب أشتكته امراة فأنشد له الأخ خالد الشيخ قصيدة الدجاجة فتفأجنا انه شاعر قصيدة

الدجاجة وتعجب هو وفرح أيضا عندما استمع الى قصيدته من الاستاذ خالد الشيخ ولدي صورة لهذا الشاعر الجميل

سانزلها ان شاء الله في المداخلات القادمة واليكم مرة اخرى قصيدة الكلــب لمزيد من الاستمتاع وهي

أيضاً كما ذكر الاستاذ خالد الشيخ قصيدة حوارية في ك ل ب اشتكته امرأة تدعى نفيسة للقاضي بدعوى أنه سرق حلتها وعندما وجد ود بخيت ال ك ل ب محبوساً في حمرة الوز
سأله عن السبب الذي جاء به من عديد الفراعنة فقال جئت متهما واعترف ال ك ل ب بالسرقة وإن لم تكن السرقة من اغراضه وإنما كان الامر نكاية في نفيسة
والتي سبقت أن ضربته بساطور كاد أن يقضي عليه مما جعل ود بخيت يؤلف شعراً حوارياً قال في بعض مقاطعه:
أصلي جيت باري البيوت المن زمان بغشاها بيت مرجان وبيت محجوب وبيت ناس طه
لقيتم يهرجوا في القربة الغراب شقاها مصابح بله الليلة الحبة ما بلقاها
نطيت البيوت البي صباح لي الخور شفت نفيسة غطت جرها المكسور
أنا ما سراق لكن سيد تار بقيت مجبور هي داك الليلي ماها ضارباني بي الساطور
شفت نفيسة مرقت طاقة ناس ام بلة بعد غطت براما ونومت عبد الله
وقالت لي آمنة اخوك كان حس ما يدلى عرفتها تاني ما بتفكر عليها الحلة
هم كيف امبارح كرموا ضابحينلهم لي ناس الصحن المكفي داك ما بلقى تحتو الراس
حفا كان لقيتو ماكان براهو خلاص وماكان دربي عقبان غلب القصاص
لكن مابلقاهو عارف سعدي ديمة بنوم وكمان على العلىّ صابحني زولاَ شوم
أخير بي الراحة أشيل حلة نفيسة وأقوم جدي موصيني قال لي ماترتا لي الحروم
شلت الحلة قت اخير اكدها غادي هني كان سمعتني بتفرج فيّ كلاب البادي
مشيت بعيد عاد يا نفيسة حاسدي حسادي منضفة شيطها لا عن رقعة الحدادي
خليتها قبلها قت والله ما اصددها كان ما عندي عقبان لفتا قاصدا
كان على ود بخيت شهرين ما يسددها ولي قلباً يقول لي عوجها وقددا
قطعت الوادي فوق قبلي ديار مرجان لقيت لي رمة ما بغشاها كان شبعان
وكان لا شوية بالع لي ابوجرعان اسوي شنو ما أخير من الرجوع قمحان
نفيسة موجعا الجر الامس خسرتو دي تالت مرة جابت لي امر كسرتو
واتلموا اجوادنا لكن انا طرف الحديث ودرتو وشيخ المجلس انا لي ايام معضي بقرتو

Post: #121
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-21-2012, 11:12 AM
Parent: #120

دكتور قرشي
الأخ العزيز شيقوق
وجميع المتداخلين


لكم الشكر على فتح الملف الذي يحتاج لجهد أكثر من فرد ومؤسسة لما له من أهمية كبرى خاصة في هذا العصر حيث أصبح الشعر الشعبي والتراث تلقى اهتماما متزايد من المهتمين والمتابعين.

أخي الطيب شيقوق
العاديك هو مشرع بدارحامد وهو يقع شمال بارا في منطقة الخيران التي تمتد شمال بارا مرورا بالبشيري وهو مشرع أيضاً وحتى أم رماد بالقرب من منطقة شرشار وهي عبارة عن واحات يكثر فيها الماءولا يزيد عمق البئر عن 3 أمتار او ينقص احيانا والماء بها عذب وقد سمي العاديك بهذا الاسم لفورة المياه فيه وتشبيها له بالنيل الأزرق. أما دار الريح فهي كما اشرت تعني المنطقة الواقعة شمال الأبيض وحتى تخوم الصحراء الكبرى ونحن في دار الريح عندما نستخدم كلمة السافل نعني بها الشمال عموما.


هذه مشاركة عما يعرف بالشيوم:


فقدتحدث شعراء دار الريح أيضاَ عن الشيوم الذي هو الركوب إلى ديار الحبيب ومن أحسن ما سمعت في هذا المجال قول جمعة ود حاج آدم ود التام الذي يقول:
الجمامة نطيتها وكتول في شمالك
جاك دو الغفارات والقسيم فوق بالك
من الدايرو تعبت والوكت بوبالك
بعيد لا الليلة بلد البشهور حاسبالك
ويقول مخاطباً جمله:

أمك ريرة مو أم شطراً كبير متحيَّّن
معشوق ناس أبوك عند القبايل بيَّّن
ها الساع روَّق لينا يا الجارد مصاعك ليَّّن
كريبة الديفه قدامها الفجاج ما هيّّن
ويقول شاعرنا الكبير أبو الطيب في ذات السياق:
ديك قلعة الغرة شرفت برا من واديها
يا ود الفرُق كيعانها خب دانيها
على أم ضحكاً بَسِم ما بنسمع صهليها
وزرنا المولى والرشاش المكسح فيها
ويقول:
بعد ما أخر المزروب وعقب أم سّره
رقله يهوّل الشاعر البوصِِّف كله
هرعاً شاغله البراق تكاجر ضله
داك محبسها يا شعتيب عريس أم قله
أما شعتيب فهو الجمل الوافر الجسم وأم قلة كناية عن الناقة السمينة ذات السنام وعريس هنا بمعنى فحل ويقال ذلك كثيراً عن الجمل تكريماً له.
ومن أمتع ما قيل في الغزل هذه المربوعة للشاعر عبد الرحيم أبو شناح:
الداير المجالات يمشي ود أب شام
يلقى أم درعة ديفة الروقلن قدّام
كفلاً خلقه ما زايدنه بهدّام
عندها سلطة تحكم مادة الإعدام
ود أب شام مكان بعينه، تكمن فيه محبوبته التي يصفها بأنها من بنات البقر الوحشي، كما أنها ذات أرداف طبيعية ليست مصنوعة وهي في ذات الوقت قاسية على محبيها وعشاقها ولها أحكام قد تصل إلى حد القتل مما يلقونه من صد ونفور من جانبها. ويقول عمر قيرميط في النسيب:
رحلوبا البخات ختوبا فوق دوباي
كربو الفردتين جدعو اللبب بجاي
كنانة أمها الما جالست دغاي
قصارة الطويل ليل الشتا المغاي
هذا المربّع من باب النسيب ففرق المحبوب ورحيله، وتحسّر الشاعر على ذلك ظاهر في مفردات وعبارات هذا المربّع والشاعر هنا يفصّل ويكثَف وصفه لكيفية الترّحل في الشطر
الثاني إذ إن " الفردة واللبب " هي من أدوات شد الرحل على البعير ومحبوبته التي شطّت ونأت عنه لا تفارق دارها البتة ولا تجالس السفهاء أما أنسها مع عشيقها فجميل جميل ولكنه قصير حتى إذا ما أتاها في ليلة شاتية – وما أطول ليل الشتاء- يجدها قصيرة لا تمتعه في المؤانسة معها. ويقول جراد علي جراد الذي ورث الشعر كابراً عن كابر:
المتبور قديمه ولبسوه الترلين
نقول رحلوبه من كردفان على وين
لونه الأسمراني وخاتف اللونين
بوليس نجدته ألمانياً كلامه رطين
و يقول أيضا في النسيب:
يوم الرحيل الشيَل
أصبحت محروق حشا بالرماد نتكيّل
خدرة جلدك الضحوي المزرقن نيّل
السبعات خِتنُه ومن سموم ما قيّل
ومن أروع وأشهر ما قيل في الشيوم أبيات شيخ العرب الحاردلو التي يقول فيها:
كَـمْ شَويم لَهِنْ وكتاً عُـدالْ أَيـامِي
شَيخ الأَتبراوي ومَاشي فِيهو كَلامِي
بالغيبْ والبيَانْ مـا بطُـلَّها الغَنامِي
دِي قِسيتْ عَلىْ ناساً كُبارْ ومَسامِي
وهكذا حال العشاق دائماً يتضورون ألماً للفراق ويسكبون الدموع ويصورون ذلك الحدث كأنه نهاية الدنيا ولا يزالون يعانون الشقاء حتى يعود الحبيب إلى الديار ويعطّر لياليهم بحلو الأنس ودفء القرب وفيض المودة والحنان. ونلاحظ ذلك في كل أنواع الشعر العربي في السودان ولا يخلو منه ديوان شعر أبداً.

Post: #122
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-21-2012, 11:15 AM
Parent: #120

Quote: لمناظره الجميلة وهنالك التقينا بشرطي يحرس الخزان وبحمل في يده كرباجا وتجاذبنا اطراف الحديث

فأنشد لنا قصيدة حوارية عن كلــب أشتكته امراة فأنشد له الأخ خالد الشيخ قصيدة الدجاجة فتفأجنا انه شاعر قصيدة

الدجاجة وتعجب هو وفرح أيضا عندما استمع الى قصيدته من الاستاذ خالد الشيخ ولدي صورة لهذا الشاعر الجميل

سانزلها ان شاء الله في المداخلات القادمة واليكم مرة اخرى قصيدة الكلــب لمزيد من الاستمتاع وهي

أيضاً كما ذكر الاستاذ خالد الشيخ قصيدة حوارية في ك ل ب اشتكته امرأة تدعى نفيسة للقاضي بدعوى أنه سرق حلتها وعندما وجد ود بخيت ال ك ل ب محبوساً في حمرة الوز
سأله عن السبب الذي جاء به من عديد الفراعنة فقال جئت متهما واعترف ال ك ل ب بالسرقة وإن لم تكن السرقة من اغراضه وإنما كان الامر نكاية في نفيسة


الدكتور القرشي لك محبتي هذا جزء من مقال جميل للشاعر والكاتب حنفي حاج الطيب عبارة عن محاورة بين الشاعر بلل ود الزايد الكباشي و######ه حربي

كتب حنفي حاج الطيب

بلل ود زايد يعرف كيف يطوًع الشعر فبسهله الممتنع وضع رَجُلاً بقامة ( المر) على محك النخوه لينتزع بقــَرته من بين فكًّي الأسد بأبيات نفذت مباشرة الى قلب الشيخ والحديث عن هذا الشاعر يطول لولا أننا نتكلم عن أدب (الدامشيك)
ففى مسرحية حربى التى مطلعها

(حَرْبِى) الحــِسّــو طالع بــِره
أمسى الليل وشَنكت بى القبايل فــَرَه
فيهو سياسة مضمون عيل إدفق الحــَله
ضالع مالو خاف طِقــَنو ناس ( أم بله ) ؟
ويرد حربى :
(أم بــَلَّــه) ما طقتنى
هديتْ فى العجوزْ الما بتنوم هلكتنى
رفعت راسها بى تحت الهِـِدِمْ شافتنى
والله يعيقها فى سعن اللبن غلتنى

ويقول ود زايد ناصحاً حربى

أحسن ليك عــُقــُبْ ما تـــْجــَلــِّـقْ
وضيلـَك سوط عريسْ ماسْكْ الفريقْ بــِتْحــَلــِّقْ
كلْ ما ليله طالِع ليك عــَضَلْ مــِتسلــِّقْ
وخايف ليكا تصبِح فى الحبل مِتْعــَلــِّقْ

إلا أن حربى لاينوى إستبانه النصح حتى ، شارعاً فى فرز معيشته ومعفياً صاحبه من أى أعباء .

كان عندك وَفــِـر خليهو تالا عيالك
وحقى بجيبو من الغادى والببقالـَك

فى هذا الحوار الطريف استوقفتنى وأضحكتنى كثيراً حالة ( ود العبيد ) فقد ذكر حربى أنه غافل المذكور مستغلاً لحظه انشغاله بالوضوء ليأتى على كاس (أم دغــَبوبه ) الذى وضعه بجانبه ريثما ينتهى من صلاته فكيف بستقيم هذا ؟

لقيتْ ود العبيد بــِتوضَّا
وقَبِّال ما يــِتــِم كاسْ المَريسه إنــْلــَقّــا
فال لى جوزتو تعالى شوفى الشّــقَه
مجحوم ناس ( بلل ) شرِبْ المَصَفَى ونــَقا

لم يكن ود العبيد وحده فهناك صانع وعاصر ومعتصر ففى إفادات حربى أيضاً أنه فى احدى طلعاته الاستكشافية بالعصر شاهد بت العبيد تقوم بصنعها فى النار فهل تنوى تعاطيها ؟ فالمؤكد انها لم تكن تتاجر فيها

عِصِير ( بت العبيد ) قعدَتْ تــِطَــَقْطِــِقْ فيها
و ما شافتى وَكْتى الجيت أنــُقْ باريها
قلت ليها الليله بترقدى ولا بتقعدى بتحرسيها
غــَزًّة ضيلى شـّرطاَ عيل أخَشِّم فيها

Post: #123
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-21-2012, 11:01 PM
Parent: #122


من تراث الغنامة
الرّبه والتنتنه

كتب: خالد الشيخ حاج محمود
من يطالع قصيدة الشاعر عبد الله عبد الرحمن (الطبيعة في السودان) والتي من ضمن أبياتها:
كم للطبيعة في السودان من فتن وكم لأطيارها من سحرٍ وألحانِ
هناك في كردفان أي متسعٍ للطرف في بارا أو أرض خيران
حيث البداوة في أحلى مناظرها والأبلُ طالعة ما بين كثبان
والضأن والمعز والانعام تابعة مواقع الغيث قطعاناً لقطعانِ
والخدُ لم تجر موس في جوانبه والجيد من حسنه عن زينة غان
من يطالع ذلك يدرك قيمة قصيدة الشاعر البدوي والتي افتتحها بقوله:
يا با الحش موكارنا وما ربوبو صغارنا*نركب نلوي حكارنا فوق أب دومة قارنه
ويتفق قول ذلك البدوي مع الحكمة والمأثور الشعبي (البدوي ابن بيئته وحرفته) خاصة وأن الزول (بونسو غرضو) ولان حياة الأبالة بكردفان تباينت بين رعاية الأبل وسعاية الضأن والماعز وبعض الأبقار لذلك عندما تحول بعضهم من حياة الظعينة والمرحال للاستقرار كتب احد شعرائهم بهوى الميل القلبي مربع شعري قال فيه:
سمح الضأن في الجلبه وسمحة ام زور في الحلبه
جقلة أم صوفةً قلبه عليها الروح منسلبه
ولعل الشاعر فضل الإبل لأنها تعني له حياة المرحال والتي أساسها المهله لاسيما وان حبل المهله يربط ويفضل وعلى ذات الطريقة والمنوال كتبت حكامة الاباله قصيدة سيارة قالت فيها:
داك براقاً رايح ما بزقي الضوايح
مال الدنيا الرايح كتر بي النوايح
شن وداك يا جاهل لي الدرب الما ساهل
شوف الدود القاهر عدى ليلو مساهر
ولأن التراث هو الماضي يحادث الحاضر عن المستقبل بإعتباره متجدداً ومتنقلاً بالتلاقح الفكري والتواصل الثقافي بين الشعوب ناهيك عن الاثنيات في الوطن الواحد ومثلما تطور الدوبيت فأصبح دابو ودوباي و تطورت التوية فصارت جالسة ووفقاً لذلك التطور ظهرت الربه أبان الثمانيات من القرن الماضي عندما ضرب الجفاف ربوع السودان ونتيجة لنزوح قبائل الغنامة والاباله لاطراف المدن الكبرى وخاصة مدينة الأبيض واقامتهم في أحياء (دار السلام و الشريف والله كريم) والتي تقطنها بعض العناصر ذات الاصول الافريقية كـالـ(الفلاته – الدينكا والنوبه) والتي عرف عنها الاهتمام بالديسكو الغربي من خلال الافراح التي يقيمونها لذلك ابتدعت عقلية غنامة كردفان (الربه) والربه لغةً تعني المخلوط مثل قولنا (الزير رُبّ) عندما يصبح ماؤه عكراً، ولكن الربه كإيقاع شعبي وتراثي تعني المشاركة الجماعية في الأفراح كالزواح والختان والمناسبات الاجتماعية السعيدة في مجالس الأهل والأصدقاء وتجئ المشاركة فيها من الرجال والنساء وخاصة في الرقص المشترك بينهما، لذلك يرى الاستاذ حسين محمود – مسئول الفرق الشعبية بفرقة فنون كردفان بأن الربه هي رقصٌ مشترك بين الشبان والفتيات وفق الايقاع من ناحية السرعة والبطء حيث تستعمل دلوكتان احداهما تكون بمثابة نورمل جيتار والاخرى بييز جيتار بمعني (ناقر وخالف)، أما الأستاذ الباحث موسى شيخ الربع يرى بأن الربه أساساً توجد في إيقاع النُوبَه عند القادرية بأسم (المربوبه المحكرة) وذلك لأن النوبه عندهم يتقدمها الشُعَار أي (المادحين) وتأتي هي من الخلف وتكون الطاسات مربوبه على ايقاع السيار.
وعلى كل الربه على الايقاع (عشرة بلدي) أي (المصموطي) لذلك الراجح أن فكرة الربه جاءت من الصعيد المصري خاصة وقد شاهدت بعض الاغنيات بمحافظة أسوان في النادي النوبي على ذلك الإيقاع ومن تلك الاغنيات التي حُفرت في ذاكرتي وحفظت بعض مقاطعها من مغنيتهم المشهورة (ماريا بمبان):
مصري بلدنا بلد سواح فيها الحبايب تتفسح
وكذلك الاغنية التي تؤدى على الايقاع عشرة بلدي في رائعة الكاتب نجيب محفوظ (بين القصرين):
أحمد يا عمر با تبصش للقمر أنا ألعب ميه غيرك بالبيضه والحجر
وما يقوي زعمي ذلك أن بعض القبائل التي هاجرت لكردفان جاءت من الصعيد المصري كالهواره التي جاءت من قنا وسوهاج خاصة ويوجد عندهم غناء الربه والتي لاتعني الايقاع السريع الذي يضرب على الدلوكتين فقط ولا حتى الرقص الذي يجئ وفقاً لذلك الإيقاع وأنما هي صورة متكاملة تؤدى بواسطة فنانات شعبيات وربما فتيات وحكامات، ويصحب الغناء في الربه الصفقة والزغاريد والشيالين وطق الكوراك كما ان الرقص يتم في حلقتين دائريتين حيث يكون الشبان في الدائرة الكبيرة والتي يدورن فيها مثل لفة (الفات سبعة لفات) وداخل حلقة الشباب توجد حلقة الفتيات في شكل دائري والايقاع الغالب في الربه يشبه إيقاع (الكربت) وعندما يحدث الإنتشاء أثناء رقص الشبان يعبرون عن ذلك (بالبرقلة) وهي صفقة مقطوعة حيث يخرجون من الصف ويعودون إليه مرة أخرى مثلما يحدث في عرضة الجعليين. والفلسفة في وجود دائرة البنات داخل دائرة الشباب تعني أنهم غطاء للفتيات وذلك اتساقاً مع القول الشعبي(غطي قدحك). والغناء في الربه كله مشكار للعريس والحبيب وربما يكون فيه لوم وعتاب خاصة وأن مفردات الأغنية مباشرة وتؤلف في اللحظة والحين وقد يستدعي الامر أن تكون الاغنيات في شكل تورية ولكنها رسائل تناقش قضايا محددة ولأن الإيقاع ناقص في الزمن مثل (التم تم) -لذلك يصبح الرقص هو التعبير الغالب علماً بان الربه توجد عند قبائل البديرية والشويحات والجلابه الهواره والداجو والجوامعة وبعض قبائل دار حامد، ومن نماذج غنائها الواضح والمباشر في العشق :
محلب الخيران شتلو شباب بلدنا بريه بسحرو
فريع البان قالوا لي عيان الالم بقي لي صمام
بسيب أهلي بسكن ام درمان الالم بقي لي صمام

وقد يجئ غناء الربه مصحوباً بتورية وبخطاب غير مباشر كغناء احدى الحكامات:
هلالنا هلا وصبرنا قل الله يا حبايبنا
فرشاحه بلد اوصافا جنّة
وعندما يصيب الزوجة او العشيقة نوعاً من الإحباط تصل بها الجرأة ان تكتب كلمات تنفس بها عن ذلك ويجئ النظم على ايقاع الربه فتقول:
وينو عريسكم انا منتظراه صبري قلة
جابو لي الدش الدش البتزلق
حلفت نتطلق من عرس العولق
أمي قالت لي ما تزوري حلايب
الاخدر الرايق شغال في الضرايب
أمي قالت لي زوري شيخ موسى
الدبلة منقوشة عريسنا في الكوشه
ونتيجة للارتباط الوثيق بين الاغنيات الشعبية والاغنيات التي تؤدى بالآلات الموسيقية لذلك تم تأليف بعض القصائد الشعبية من الحكامات على إيقاع الربه وقام بعض المطربين بأدائها مثل الفنان الرائع ابراهيم عبد السلام والذي غنى على ايقاع الربه اغنية (ود العوض) ومن بعض مقاطعها:
ود العوض الدهب غلاه لا يا عيال ما تزعلو
جيبو المال للبسواه ود العوض الدهب غلا
وانا مالي بيهو الذوق والجمال الله اداني ليه
من البلد جاني الخبر قالوا الحبيب والله جي
يا يمة بالعندو أقبلي المال الكتير ما كل شئ
يا يمة لاتحسبي ولا تبالغي
والربه تؤدى بعد العصر وعلى طريقتين (سايرين و مضخة) وإن كانت مفردات قصائدها ضعيفة من الناحية اللغوية والنحوية والبلاغية وذلك لانها تؤلف آنياً في لحظة الفرح ، وبعد الربه تؤدي التنتنه والتي خرجت فكرتها من النقرزان الذي جاء محمولاً مع القبائل العربية التي جاءت من الصعيد المصري كالجعافرة والهواره والعبابده ، والنقرزان هو (النقر على الزان) وهو مثل ايقاع البالمبو واساساً النقرزان يضرب على النوبه حيث تؤخذ القصبة وتضرب على وجه النوبه الآخر لتعطي رنه وذلك عند الطرق الصوفية ولكن عند الطريقة القادرية يدقوها مخلوفة بدون قشة باليد الشمال، والتنتنه تؤدى عندما تقوم المرأة بأعداد القهوة وذلك بدق البن والذي عندما اصبح غالي الثمن قامت الحكامات بدق عيال التمر والعيش والقنقليس عوضاً عنه، ولأن اعداد الجبنة اساسه الفاقه لذلك تقوم المرأة بأستعمال الفندق والفناجيل والملاعق والصواني كثقافة مادية حيث تشكل تلك الأواني آلات موسيقية وهناك جرس يحدث أثناء دق البن يسمى بالـ(التنتنه) وفكرة الجرس تلك عربية جاءت مع ايقاع المدائح خاصة وان الصاجات والمثلث موجودة عند المصرين حيث يحدث النحاس ذلك الجرس والتنتنه للبن بين (الهون والمدق) وربما يكون الهون من النحاس او الخشب في شكل فندك صغير ولكل ضاربة للتنتنه فنونها في الايقاع وذلك للفت نظر رواد القهوه وضرب الفناجيل بقصد الرواج والكيف العام للقهوة خاصة مع رائحة البن التي تحدث النشوة وسط من يتعاطونه ومن غناء التنتنه الجميل:
يا توبي المخرم أنا بشيلو بتبلم الحمصانة تتكــلم
يا الصندل العودي البطل غروضي أنا شاحدة مولاي يبلغني مقصودي
كذلك من غناء التنتنه الجميل الذي يطرب الدواخل قول احداهن:
البن البن تنتنو يلا يا شباب أرقصوا
الجلابية كده بس البديرية الحلا والغلا
جبنة التنتنه ما احلاها جبنه في القلوب معناها
دقيناها في العصرية دقيناها ماها شويه
جبنة البت المقلية خلت القلوب مجلية
تؤدي الربه والتنتنه لجمع الناس وذلك قبل وضع (الحنة المسروقة) في الزواج (بمعني الحنة التي تؤدى قبل مواعيدها)، ومن طقوس الزواج التي تؤدى أيضاً قطع الفرع بواسطة العريس وذلك اعتقاداً يعني معرفة قوة العريس وتعتبر الربه والتنتنه من ثقافة وتراث الغنامة بكردفان وذلك حينما يجتمع الناس في ساحة الفرح ويكونوا في لحظة النشوة والطرب الجميل.



Post: #124
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-22-2012, 05:02 AM
Parent: #123

Quote: الداير المجالات يمشي ود أب شام
يلقى أم درعة ديفة الروقلن قدّام
كفلاً خلقه ما زايدنه بهدّام
عندها سلطة تحكم مادة الإعدام


الأخ العزيز الأستاذ / محمد التجاني عمر قش

سلامات

أشكرك كثيرا على حضورك وإضافتك الجميلة لهذا البوست

واتمنى تواصل معنا حتى نعكس تراث تلك المناطق في هذه الاسافير

أذكر من أبيات الدوبيت التي تتحدث عن سلطة المحبوبة وقوة شخصيتها وتأثيرها هذه الابيات ...

اتنين وأربعين اسمك وراء وقدام
والهضليم يا أم خد كساك بقى ليك اردام
رأس الدولة طايع يبقى ليك خدام
وان خالف أوامرك حكمه بالإعدام

وكذلك هذه الابيات من الدوبيت كنت احقظها منذ أن كنت في مدرسة خورطقت الثانوية ..

العين سيكو والسنان بروق الساري
والحاجب هلال وقتين السماء جالى
السبب الخلانى اعشق النميم طوالى
من الأكمل الثانوي وامتحن العالي
انت عندك ســـلطة واســكيل عالي
عندك مـــادة تحــكم بالقتل طــوالى

لك كل الود عزيزي محمد



Post: #125
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 11-22-2012, 01:00 PM
Parent: #123

واصلوا هذا الإبداع يا شباب ونحن معكم:


جانا خبيرهم لايح
شرابهم بالصفايح
داك براقا لايح
بسقي الرق الضايح

الليلة أم سنطة خفيفه
وارداها أم بوح العيفه
سياد الفز بي ليفه
طردوا البطلق زيفه

Post: #126
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-23-2012, 07:27 PM
Parent: #125

من تراث الغنامة
أم صلبونج

كتب: خالد الشيخ حاج محمود
كنا نحسب ان التصاهر الانساني والتمازج الثقافي والتوافق الاجتماعي سيفضي لوحدة جاذبة ولكن خاب فألنا وظننا لأن يد الساسة والسياسة كانت اطول من كل مشترك في بلدنا فحدث إرتخاء في حبال الصوت القومية رجح كفة الانفصال وجعل باقي البلد في تشظي، ولكن الامل ان يحدث التواصل الاجتماعي خيار التعايش السلمي وقبول الآخر بين شطري الوطن لا سيما وأن هنالك (نوبة تعربوا وعرب تنوبوا ومسيرية تدنككوا و دينكا تمسوروا) كما يقول ويردد ذلك دوماً الاستاذ الاديب محمد عثمان (الحلاج) ولعل سبل كسب العيش والحياة الاجتماعية ظلت هي المعيار الذي يرجح تلك الخيارات فالمتتبع لحياة المهاجرين من العرب الأبالة يلحظ ان بعضهم تحول لحرفة رعي الضأن فاصبحوا من الغنامة وذلك رغماً عن أنهم جاءوا محمولين على ظهور الابل ويكفي أن نشير للامير (ادريس بن قيس) والذي هاجر للسودان بعد خراب العراق في عام 656هـ على يد التتار الشئ الذي دفع بالخليفة العباسي المعتصم بالله التسليم مع بعض اولاده وثلاثة الاف من سادة بغداد واعيانها ولكن هولاكو هجم عليهم بجيشه فقتلهم جميعاً وكان ذلك حدثاً جللاً أن يقتل كل هؤلاء الاسرى وينهي بفعله تلك الخلافة العباسية في بغداد وحينها لم يجد الامير ادريس بُداً من الفرار للسودان والاقامة بمنطقة الخيران شمال شرق مدينة بارا كما اورد ذلك المؤرخ (الطاهر فحل)، حيث جاء ابن قيس على ظهر الابل ولكن سرعان ما استقر بكردفان من خلال مملكة اسسها واصبح احفاده يحترفون الزراعة ورعي الضأن وبالتالي التقى المهاجرون بسكان السودان من (نوبة وفونج وبجه وبرابرة وباريه وبرون وقمز وتنجر وتورا وشلك ودينكاونوير وداجو وهمج وعنج) وكانت ارض السودان هي البوتقة التي تم فيها انصهارهم مع اولئك العرب كلياً وجزئياً فخرجت منهم قبائل السودان الآن وهي خمسمائة وثمانية عشر كما اورد ذلك المؤرخ احمد عبد الله آدم في كتابه وقد ورد ذلك في مرجع الكاتب الريح حماد (الجوامعة وكردفان) حيث مثل اولئك السودان بشكله ونهجه وارثه الحضاري بين الامم ومن هذا الكيان خرجت كردفان بابنائها وبايقاعها الشعبي الشفاهي الذي يتنقل بآليات عديدة منها التأثير الثقافي والقرب الجغرافي والتواصل الاجتماعي و المحبة العامة للابداع حينما يتسرب للمجتمعات البدوية والحضرية المتشابهه خاصة عند اهل القرى والبادية لانهم اكثر حرصاً على الإرث والموروث الشعبي العريض لا سيما وان حياتهم طابعها الترتيب فهي مجندرة بطبيعتها كما يرى الدكتور الاديب عبد الله اسماعيل، حيث وسائل كسب العيش والنشاط الاقتصادي اساسها الجماعية لذلك تجئ الدلالات الاجتماعية ومنها الافراح في قالب جماعي بدون تعقيد لانهم يحسنون ادارة الوقت عند العمل والترفيه والراحة ووفقاً لتلك الجماعية تظهر نكهه كردفان والتي مصدرها قيم النظام الاجتماعي (الضرا ، النفير، الفزع، الورود للماء ، والغناء) لذا يكون الايقاع تبادلي بين الرجل والمرأة كما في (الجراري والتوية وام صلبونج والطمبور والكدنداية والهسيس) وغيرها من ثقافة الابالة وكذلك يكون (الدرملي والمردوم والكرن) عند البقاره والنوبة مما يحدث تواصل نوعي خاصة وان البدوي يسير حياته المرعى والمرحال ويصبح الركيزة الاساسية التي يعتمد عليها ويترنم بها كقول البقاري:
نجن مقيلنا شدر مو كوزي بالقشيش باننا وسعايتنا بنات حميرة
اللبن في البخس شايلنا
صبينا بكاتل الفيل أبو دندنه وشرابنا لبن بالعسل خالطنا
ويكون التفاخر جزء من الاعتزاز بالحرفة كقول الحازمي:
ماشين في ضلال شدرنا نفجغ في بعر بقرنا بلا الدود والمرفعين ما في زول بسألنا
كان تبعونا ما بلمسوا ضهـــــــرنا وكــــان قابلونا مـا بحملوا سدرنا
لذلك انتقلت ام صلبونج من قبيلة البديرية لغنامة كردفان من الحمر والشويحات وبعض الجوامعة بسبب المشترك الذي يجمعهم في وسائل كسب العيش والجانب الاجتماعي خاصة وان البديرية والشويحات والجوامعة يجمعهم جد واحد هو الامير العباسي (ادريس بن قيس) و(الصلبجة) كما يرى الباحث موسى شيخ الربع هي (النط) لأعلى بحيث يرتفع الشخص في القفزة فنقول (صلبونج) ولكن الباحث دوليب محمود يرى بأن الصلبجة تعني التنشيط فيما يرى الاستاذان حسين محمود و احمد حسين حمد النيل بأن أصل ام صلبونج يعود لحرفة رعي الماعز عندما تقبض الفرع لكي تأكل من أعلى لذلك تحاكي ام صلبونج حركة رعي الماعز وهي مثل صفقة الطمبور وان كان بها ايقاعان هما (سايرين) و (راحات) الاول يكون فيه الضرب مستمراً مثل السيرة والثاني يتم فيه الضرب ثلاثة مرات متتابعة يجئ بعدها النط ويتم ختمها برجوع النساء للغناء وذلك قبل وقوف الجميع في حلقة الغناء وتؤدى ام صلبونج بمجموعة مشتركة من الشباب والشابات لاتتجاوز العشرين فرداً ولكن ليس فيها رقص وانما صفقة وغناء تبادلي يأتي في قالب عاطفي وحماسي مع وجود (لزمة) لحفظ الزمن وتؤدى في الافراح والمواسم والمناسبات الاجتماعية ومن غنائها الجميل عند البديرية المقاطع التي تتردد دائماً في الافراح:
هوي يا سواق خلي بالك المنديل وقع بي شمالك
هوي يا عيال بلشو الطواقي الفنيلة شبكة والقميص نايلون والهواء شايلو
ويكون ايقاع الصفقة واحد عندما تقوم النساء بالغناء بمصاحبة الشبان والشابات في شكل كورس مشكل وربما يردد المقطع عشرة مرات وتخرج في الختام كسرة من صدور الشبان مثل الزمة تحدث ازيزاً وصوتاً جميلاً غرضها الحماسة ويكون الزمن منسجم بين حركتي الارجل والايادي في وقفة دائرية مثل لفة (الفات الفات سبعة لفات) وتتوسط الفتيات الدائرة حينما يكون الضرب تتابعي ويأتي الكورس خلفهن والفرق بين سايرين وام راحات ان الاخيرة يتم فيها الضرب ثم يرتاح الضارب ويجئ بعده آخر لسد الفرقة ومن غنائها الجميل ماشاهدته قبل يومين برفقة الصحفي (عمر ود ابو كر) بحي الناظر بمدينة الابيض وكان الاداء بمصاحبة مجموعة من الشبان منهم (عوض حسين وعبد الله الطيب وجمعة يعقوب ومحمد يعقوب سلم وضي النور ابراهيم واحمد حسن كجار) مع مجموعة من الشابات بقرية زقلونا اود ابو كر واذكر بعض المقاطع من ذلك الغناء الجميل:
داك بريريق صعيد زقلونا حماني النوم حماني النوم
القمرة ما تغيبي خليني ازور حبيبي خليني ازور
يا يمة يا ناري بشيل الجردل بسقي خداري بشيل الجردل
ولكن ما جادت به قريحة الاديب عوض حسن باشوك كان بديعاً عندما اسمعنا مفرداتٍ رائعةٍ:
قندول سلولو الزايم الحب ليهو رشايم
الزول لو فارق تومو أخير الموت الدايم
ام العروس جيناكي بالشيلة كرمبلين وترقال وترفيرا
أنا أنا كرب السادة
عصير المنقة الفي قزازو رايق الساعة تمت
سيبوني الساعة تمت فضلن دقايق
وربما تؤدى ام صلبونج عند البديرية ترحيباً بأحد الضيوف كما حدث بالنسية لي ويكون ذلك في المدى، أما الحمر فأم صلبونج من رقصاتهم وايقاعاتهم الشعبية التي انتقلت اليهم من البديرية وتسمى برقصة (النط) ويشترك فيها الشبان والفتيات وهي عبارة عن رقص منتظم يؤديه المشتركان على وزن التصفيق حتى يبلغ بهما التعب فيفسحا المجال لاثنين غيرهما ويرى الباحث دوليب محمود بأن ام صلبونج رقصة شعبية ذات ايقاع ثنائي مع قفزات ونطة عالية تؤدى في موسم الحصاد والافراح والمناسبات ذات الحماس الطاغي وتتفرد بالحركة الجماعية في دائرة متحركة ويقول بأن اسمها جاء من اظهار (كفل المرأة) الذي يعجب العشاق و الشعراء ويؤكد ذلك ماجاء في الاغنية الشعبية:
يا أم كفلاً زي الرحل ويا المهرة الخايضة الوحل
مسجونك ماليهو حل طال هجرو وطال بيهو المحل
كما ان العشيق في الزمن الماضي كان يعرف مكان محبوبته عندما تستحم في الخلاء مستترة بالاشجار فيتشتت الماء عند الكفل وبقدر بعثرة الماء يحدد مكانها باعتباره ملماً بحجم ذلك الكفل واستدارته. ويتم ختام ام صلبونج مبادلة بين الطرفين بايقاع سريع وفي الضربة الاخيرة تكون التفريقة وهي كرقصة شعبية منقولة للحمر تشبه (ام هاجو) عند البقاره و (الرقيقة) عند قبائل دار حامد، ومن غناءها الجميل عند الحمر قولهم:
ود خالتي آهيا ضبح التور آهيا في خماس آهيا سير القاش آهيا
غنيمه وماش آهيا سير القاش آهيا
لاحظ اللزمة الموسيقية (آهيا) وتكون الصفقة دائماً هي القاسم المشترك، ومن المقاطع الجميلة أيضاً قولهم:
بقاره جوه سكنو توتو توتو توتو وين ودو
دار حامد جبتو بقارة جوه سكنو توتو
(توتو منطقة مراحيل شمال شرق الفولة) وفي حالة الكسرة بالتخفيف يقولون في الاغنية (آية آية سكنو البردية) والبردية منطقة دون توتو وهي منطقة مراحيل ونشوق وسيار علماً بأن تلك الاغنية تعطي النغمة الاصلية في منطقة العرب الرحل (بقاره) وتأصل للتراث والمعني المتبادل بين الكلمة والمنطقة ولعل ارتباط قبائل الغنامة مع بعضها في التصاهر والتعايش والتداخل في العادات والتقاليد والمراعى ساهم في نقل اصل التعارف والتمازج البيئي وفق علاقة متكاملة بين انسان المدينة وريفها خاصة وان المصير واحد والحياة فيها الكثير من المشترك لذلك تؤدى ام صلبونج في مناطق عديدة بحمر منها (عديد الحر وعبد الرازق وعيال بخيت وام ناله وعريس وام جداده والصقع وغبيش) كما تؤدى (ام هاجو) في منطقة المراحيل الشرقية( بالمجلد وبابنوسه وام بطيخ والميرم وام رواكيب)، ويكمن الاختلاف بين ام صلبونج وام هاجو في المعنى والحماسة سيما مع اختلاف حركة الحيوان بين الضأن والماعز والبقر، ولكن ام صلبونج تؤدى في كل مناطق البديرية بشمال كردفان باعتبارها من تراثهم وثقافتهم الاصيلة وما يحقق لها الاستمرار والريادة ان اسلوب حياتهم يعتمد على العاطفة والحماسة الطاغية كمثل قول الشاعر: وراها تحن الجعرة وبي العانسيك منضفرة
خبيرك عبَّ السفرة و توجه بيكي الصحراء
يا ام شوشة متزالفة عندك دية مخالفة
حس الجيم في الضالفة يعيط لي تريلو ويوالف
فإن كانت القبائل في بلادنا على ذلك المنوال وفق التواصل التراثي والثقافي فلماذا لايصبح خيار التعايش وقبول الآخر هو الغالب في وطن يموج بالصراعات الاثنية والجهوية احسب ان الثقافة جديرة بخلق ذلك الوفاق والوئام ولكن من يحس الساسة وأهل السياسة وكل ما نخشاه ان نستبين النصح ضحى الغد.




Post: #127
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-24-2012, 05:53 AM
Parent: #126

واواي الوناقيب والدهاريب
كتب: خالد الشيخ حاج محمود
كان لوقوف السلطان على دينار مع أعداء الحلفاء (تركيا وألمانيا و النمسا والمجر ) وامتناعه عن دفع الجزية السنوية أثره على الحكومة وشخص السردار والذي اصدر امراً بتكوين حملة سريعة الانتشار تتحمل هجير الصحراء ورمالها للقضاء على السلطان على دينار وذلك في 10/فبراير /1916م وكان من بين تلك الوحدات السريعة التحرك (البطارية المكسيم الجمالي الخصوصية السريعة) وأوكلت قيادة الحملة للقائمقام (هدلستون بك) قائد عام الهجانة ومعه مجموعة من الضباط منهم الاميرالاي (كلي بك) قومندان عام التجريدة والسواري والقائمقام (لتل بك) والصاغول (محمود أفندي حافظ) والقائمقام (اسبنكس ومنس بيك وهني بك وجليز بك ورسلي بيك) ، وذلك حسب ما ورد في كتاب ( فتح دارفور ) للكاتب البكباشي حسن قنديل ، وكان المطلوب من الحملة التحرك من بارا صوب دارفور عن طريق شبوهه للقضاء على ابناء المجانين حلفاء السلطان على دينار لاسيما وأن سلاطين دارفور كانوا قد اعفوهم من دفع الطلبة لأنهم من الاشراف وحملة القرآن حيث كانت حلال المجانين تسمى بحلال (الجاه) كماأن الانجليز لم ينسوا قتلهم لنائب سردار مديرية كردفان (عثمان كوداري) في بداية العهد التركي عام 1821م وذلك عندما عزم على أخذ الطلبة منهم بالقوة خاصة وقد كرروا نفس المشهد مع الانجليز في عام 1914م مما جعل هدلستون يصر على القضاء عليهم حتى يسهل طريقه لدارفور ولكن شيخهم جمعة سهل كان حكيماً إذ حجب دمهم بعد اجتماعه مع هدلستون ببارا والتزامه بدفع الطلبة في العام القادم وقد كانت (115جنيه) وذلك حسب افادة الشيخ احمد محمد جمعة سهل – عميد اسرة الناظر جمعة سهل وكبير المجانين والذي استقبلنا في منزله العامر خلال هذا الاسبوع وكان ذلك بحضور مولانا جابر البشير الحسن والاستاذ/محمد عثمان الحلاج – ولعل الناظر جمعة سهل قد اقنع (المرفعيب ابو حجل وهي كنية هدلستون) بأن حربه للمجانين سوف تخسره بعض القوة كما التزم له بكتم سر تحرك القوة عن السلطان، والجدير بالذكر أن المجانين من قبائل البكرية أبناء محمد بن أبي بكر الصديق خاصة وأن البكرية في السودان ينتسبون لمحمد وشقيقه عبد الرحمن بن أبي بكر (صريع الغواني) ويسمى ابناء عبد الرحمن بالزنارخة أي (المشايخة) الذين هاجروا من زرنيخ بمصر عام 1001هـ ودخلوا للحلفاية وفيهم قيل: (أولاد سيدي بوبكري لا فيهم سفيه لامكري) أما اولاد محمد فمنهم المسلمية والمجانين بحساب أنهم أبناء (سليط ومسلط) حيث أنجب الاول المجانين فيما أنجب الثاني المسلمية والتي كانت عاصمتهم (أم ضبان) كما دخل المجانين للسودان عن طريق المغرب وقد سموا فيها بـ(الأقلال) ثم ارتحلوا لديار شنقيط ومنها الى ليبيا مع ابناء عمومتهم (الورفلي) وهم ######## الثورة الليبية اليوم واستقر جد المجانين في منطقة (وادي مجينين) شمال غرب طرابلس، وكان استقرارهم الاول بالسودان في جبل ميدوب في مكان يسمى (بيبي) ومنه تحولوا لمنطقة (تكه) جنوب غرب ام كداده حيث جاوروا (المراريت) و حاددوا (البرقد) ومن ثم فتحوا شبوهه في كردفان والتي كانت تتبع لدارفور وبعدها حضروا مع الامير محمد ود احمد بمالهم وعتادهم واقاموا ابان الثورة المهدية في منطقة حي العرب بأم درمان في (حوش ود بليلة) والذي كان عمدة عليهم آنذاك ومنزله في مكان بالقرب من نادي الهلال وكانت تجاورهم بعض قبائل كردفان ودارفور والبطانة في حي العرضة (مكان عرضة الخيول) وفي حي الموردة و الذي سمى بالاسم لأنه كان مورداً للحطب ومكاناً لشراب الابل، كما هاجرت مجموعة من المجانين واقامت بالقلابات في دوكه بالقرب من القضارف وفي (دارعقيل) بالنيل الازرق إلى جانب اقامة بعضهم في قرى (كارجقل) التابعة لكوستي وهناك عمودية لهم في الهشابة ود المراد ريفي بارا، وبعد شبوهه أقاموا بجبل (النويقة) بالقرب من إيد النبيق، ولكنهم بعد معركة كرري هاجروا بقيادة ناظرهم جمعة سهل لمنطقة المزروب عام 1902م والمزروب اسمها اساساً (رهيد الخيل) حيث يوجد ذلك الرهد غرب حلة يوسف جمع الله مربع (3) إذ توجد شجرة طندب وبئر سانية عميقة ولأن ذلك الرهد كان مزروباً بالشوك لذلك سميت المنطقة بالمزروب كما هاجرت مجموعة من المجانين لمنطقة الضلايل منهم (المساعيد والعيادية واولاد محمد ورحمان) و سميت بذلك الاسم لوجود الشجر الظليل بها و قد قيل في ذلك:
(لو مشيت الضلايل المن هناكي لا صغيراً ببكي ولا جدادة بتكاكي)
وقد قام النيل ود سهل شقيق الناظر جمعة بحفر آبار في منطقة الصنقر وتنقسم قبيلة المجانين لإحدى عشر فرعاً هم (أولاد ماضي و طيبو و اولاد رومية والحميدية وأولاد محمد و أولاد فضالة والغدينات والحيادرة والعيايدة وأولاد مساعد والمساعيد) علماً بأن آل سهل من طيبو كما يوجد بعض المساعيد في صحراء سيناء هذا الى جانب وجود بعضهم بالنيل الازرق، وكان خطيب هو أول عمدة لهم جاء من بعده (ود بليلة) والذي خلفه (لبن) ثم محمد على (الاخيضر) وجميعهم كانوا تحت ادارة السلطة العشائرية بسودري ولكن عندما اصبح الشيخ جمعة سهل ناظراً عليهم عام 1917م تبع محلية بارا عام 1934م و خلفه ابنه الشيخ جابر و جاء بعده شقيقه الحبيب والذي خلفه الحاج جابر جمعة سهل والذي توفى في العام الماضي ونصب الامير سليمان جابر جمعة سهل ناظراً على قبيلة المجانين قبل عدة أشهر، ومن علمائهم (الشيخ آدم السالك والعوض الحبيب ومحمد ود كدام وابراهيم خمسين والشيخ على ابو ام حيران ومحمد عشموق) وكذلك الشيخ مشاور جمعة سهل والذي كان أول من ثنى الاستقلال من داخل البرلمان وهو من اوائل النواب الذين فازوا بالتزكية في الانتخابات الاولى على مبادئ الحزب الوطني الاتحادي الذي كان يقوده الزعيم الازهري.
وبسبب هجرة المجانين للعاصمة ابان حكم المهدية واتصالهم بقبائل البطانة اخذوا جانباً من تراث البطانة الشعبي العريق خاصة الدوبيت والمسدار وطوروا فيه حتى يخال للمستمع بأنهم يتنفسون الدوبيت لذلك عرفت منطقتهم عند الباحثين والمهتمين والشعراء بالبطانة الغربية ولعل ديوان الشاعر عمر الشيخ محمد رباح (واواي الوناقيب) والذي حوى مجموعة من قصائد الدوبيت في الطبيعة والابل في بادية كردفان يؤكد تلك الحقيقة سيما وان الشاعر من فرع العيادية احد بطون قبيلة المجانين والذين عرفوا بالنبوغ في ذلك المجال حيث يظهر الديوان جانباً من انماط الدوبيت الشعرية السائدة في منطقة بحري كردفان والتي يجارونها بالانماط الغنائية كالجالسة والكاره والجراري والتويه والهسيس والدادرو والغناء المصاحب للدلوكه ام كوع والشتامه، ولان سيرة الشاعر عمر حافلة بالتنقل والترحال والذي يجعل الشاعر يرسل مربعاته ومساديره لذلك استقل عمر واستأثر على سابقيه في بوادي كردفان حيث تلمس موضوعاً واحداً هو اشبه بالمسدار كما اشار بذلك الاديب الباحث (الامين البدوي كاكوم) ويتضح ذلك في القسم الاول والذي جاء جله في الطبيعة كما خص الخريف بالنصيب الاوفر من التوصيف كمثل قوله: عمس كردفان مطراً تقيل مو ناحل
وبادرة القناف ظلت تحاكي الساحل
طبيعتك فجرت شعر الكبار وفطاحل
كيف سرب الجراد ضحويكي اصبح راحل
لذلك تذكرت وأنا اطالع الديوان قول شاعر البطانة:
يا عبد الله برق القبلة طلع مذره وذكرني العفيفة اللإشارات نذره
المتبور وآهنى من القطيف والبذره وخلي جناني زي ملهوف قبائل عذره
ولعلي لا انسى المساجلة التي جاءت رداً على ذلك المربع من شاعر البطانة أيضاً: يا شيخ أحمد المن عند النصف منجزره
تمشي متتاتية من تقل الوضيب منفزره
مما فرهدت بأشاوي ما منعزره
دعجة وفي لونها أيضاً خضره
ولأن البرق من اشارات الجمال والتي تنسرب للدواخل بدون استئذان لذلك خرجت مربعات الشاعر عمر الشيخ يكسوها والجمال والالق والحضور كما في مربعه الذي قال فيه: براق الصعيد جاب الدعاش اخبارو
بي ريحة الحويل وشجراً فتق نوارو
كل ما رف أنا هان قلبي زاد نوسارو
قرب للأنيس يمرق غميص اسرارو
ولعل ذلك يشبه المربع الذي احتفى بالبرق الوامض والذي كتب من شاعر بمنطقة البطانة حيث قال: برقاً بلوح عدل القلب فجاجوا
يضحك باسموا زود للبلد لجاجوا
ظبياً صدى رجع بي القماح قجاجوا
أزكي نشوقوا مال الزبنوا حجاجوا
وعندما هب النسيم العليل مع برق الصباح الباكر قوقا القمري مع الغصون واصبح الشاعر عمر كالدّر المصون يحكي في مساجلة بين الانقيب (راعي الإبل) والقمري حيث قال:
يا بروق الصباح الغايصه أملن وسوقن
في القيع والقفاري القحطه بالليل فوقن
نسيمكن هب وزاد قلب المتيم شوقاً
واواي الوناقيب والقماري القوقن
وسرعان ما ينتقل الشاعر عمر الشيخ لوصف بريد الحبان (القمري) فيذكرنا بالغربة والتي تحدث الوله والعشق حينما يقول:
يا قمرية الفرع البلولح مالك
إت مساهرة وأنا هان قلبي ليكي مشارك
هجعي ونومي كان ما شلعن أوركاك
دهاريباً نطر عسافها في ليل هالك
(الدهيريب هي رياح الخريف العاتية) والتي لها واواي يشبه نغم الانقيب ويتفق ذلك الوصف مع ماذكره الشاعر محمد عمر الاحدب شاعر (جدي الريل) في قصيدة فيحاء قال فيها:
القمري الفي الغصون قوقا كشم قابلني بي طوقا
ولكون الناقة هي وسيلة ووسيطة الادب الشعبي دوماً وخاصة في الدوبيت والمسادير لذلك انتقل الشاعر بوصفه لتلك الوسيلة والتي تطوي فجاج الأرض وتحدث كل ذلك البهاء والهناء لذا قال الشاعر عمر الشيخ:
داجه الناقة في مرعاها والضحوي البسوق في الدفره ما خلاها
للشجر المحنى فروعه قليناها شعلوبة الزقية الخضرة نقيناهـــا
كما لم ينسى الشاعر وطنه الصغير المزروب خاصة وأن للأوطان في دم كل حر يد سلفت ودينٌ مستحق وإن جاء ذلك الوصف ملئ بالشفقة والخوف التي احدثها العطش بمنطقته فقال:
المزروب عطش يا رب تفرج همو
والعد قط من ملئ الصفايح جمو
دايرين سيله جرقل وابعراقيب لمو
وكرتوب الجران لي بكره ما انصم فمو
لذلك تذكرت قول حكامة الجراري والتي تذكر عداً صوح واصبح ناضباً إذ تقول: سيد أم كونيباً باني إتقل لي الوراني
قامت أم زور قنعاني من عد السماني
تب العد ما اشناه سار موسى وخلاه
يالحاسبين لي ضماه كسولكم سولي براه
تب العد اتصوح فيه الفقري اتسوح
أخير أم عجلاً بوح ولا الواوه وروح
ولم ينسى الشاعر الفذ عمر الشيخ أن يذكر كردفان ملهمة الادباء والشعراء حيث خصها في مواضع عديدة خاصة وقد لبست حلة زاهية في فصل الخريف فقال:
في كردفان جانا الخريف بي وفره
لا كوراك ولا ناساً مساهرين غفره
إلبل فيلت ما شلنا مبرك جفره
مرعاها الهداب فتحلو زهرات صفره
ويواصل في و صف كردفان فيقول:
ارح لي كردفان خلي القعاد في الديم
اطلع في القناف شم الدعاش والريم
تلقى مبردات سعن ام كماش بركيم
تشفى براك غير حقنة ودرب وحكيم
على كل دل ديوان (واواي الوناقيب) على مقدرة الشاعر عمر الشيخ خاصة في جانب الخيال والصورة والجودة والاتقان مما يشير بأن الشاعر غير عادي كغيره من الشعراء القوميين ولا شك انه تثقف مع صور الادب العربي كما ان شعره يصدر عن عقلية مدهشة ويفيض عن ينبوع متدفق وخيال خصب يضعه في مصاف كبير الشعراء القوميين خاصة وان في عالمه الشعري من الكنوز ما لايقعد به عن الروعة والابداع فالتحية والتقدير له كما نأمل ان نستمتع بباقي دواوينه التي تحوي الغزل والشجاعة والوطن والشعر الاجتماعي والتي اشار إليها في مقدمة ديوانه والشكر لمجلس شورى المجانين بالعاصمة الذي تكفل بطباعة ورعاية وتوزيع الديوان كما علمت والتحية لأهل كردفان قاطبة وسكان دار الريح خاصة والذي حياهم الاديب الشريف زين العابدين الهندي في اوبريت سودانية بقوله: ومن مليط مكربت شاقي دار الريح نازل بارا ام فتنـــه بتسر وتريح
وإتياسر على التياره صوتها بصيح ونوخ تقلي في السهل الكبير وفسيح





Post: #128
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-24-2012, 07:58 AM
Parent: #127

Quote: الشتامه، ولان سيرة الشاعر عمر حافلة بالتنقل والترحال والذي يجعل الشاعر يرسل مربعاته ومساديره لذلك استقل عمر واستأثر على سابقيه في بوادي كردفان حيث تلمس موضوعاً واحداً هو اشبه بالمسدار كما اشار بذلك الاديب الباحث (الامين البدوي كاكوم) ويتضح ذلك في القسم الاول والذي جاء جله في الطبيعة كما خص الخريف بالنصيب الاوفر من التوصيف

الدكتور القرشي حياك الباري والتحية والتقدير عبرك للاستاذ خالد الشيخ وللشاعر الرائع المتفرد جدا استاذ الاجيال عمر الشيخ هذا الرجل مع شعره وإلمامه
بالموروث الشعبي ايضا صاحب ادب رفيع واخلاق عاليه جد اوهذا يعرفه كل زملائه الاساتذه واصدقاءه وتلاميذه فحياه الغمام والتحية للاستاذ الاديب الاريب
الامين البدوي ود كاكوم وللدكتور الاديب السفير خالد فرح الذي كتب عدة مقالات عن ديوان الشاعر عمر الشيخ (واواي الاناقيب) ولكن لشعراء كردفان مسادير في غاية
الروعة والجمال مثل مسدار القمرية للشاعرين الرائعين علي شيخ ودالمر وحنفي حاج الطيب ومسدار العركي لحنفي ومسدار عيون الصيد لود المرومسدار دعتورة ومسدار ابو روبة ومسدار اللوري وكلها لعمنا الشيخ جامع ومسادير الريافة وهو أدب لا يقل روعة عن ادب الهمباتة ولقد كتبت عن بعضها عدة مقالات بسودانايل وبعض الصحف وكذلك الاخ حنفي بجريدة الوان واليكم هذا الرابط
http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/3...-09-13-19-22-13.html

Post: #129
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-24-2012, 01:01 PM
Parent: #128

من رحلة النِّشُوق الي رحلة الجزو في بوادي الكبابيش ..
بقلم: عبيد الطيب (ودالمقدم)


وصلت انعام ومجموعات (وحاروك) مرحات من الابل من الجنوب بعد نهاية رحلة النشوق والشوقارة بقيادة الدليل الكباشي النورابي محمد ود صالح (اللّعَرَج) الي مخارف ومراعي شق ابو روبة وسهول المخرّق ووادي الملّوَّي المكتظة باشجار المعراب والقفل وهي في طريقها الي الشمال والشمال الغربي او بما يعرف برحلة الجزو ، احْكَم الدليل الخرّيت حاج اللّعَرَج عِقال ابله حين لاح ولمع لناظره برقٌ عباديّ وشامه ان تكون امطاره هطلت علي تلال دباب القفل ووادي مجرور وسهله المنبسط وعند وقت (العتَّام) السحر ايقظ الاناقيب لحلب اللُّقَح والشوايل والتي ايضا لم تهجع الليل كله ولم تتركهم ينامون بحنينها (وقرواحها) حيث هبّت لها الرياح الشمالية الغربية ودعاشها المضمّخ برائحة نوَّار اشجار المعراب والسَّمُروحشائش واعشاب الدرمة والخشين والسّعَدان حتي جعلها تمشي علي ركبتيها وتسارق النظر وتمد عنقها وتتاوق وتكثر الحنين والرزمي او كما يصفها الشاعر الاموي الصمّة القشيري:-
وحنّت قلوصي اخر الليل حنّة فيا روعة ما راع قلبي حنينها
فقلت لها حنِّي فكل قرينة مفارقها لابُدَّ يوما قرينها
وقلت لها حنِّي رويدا فانني وايَّاك يُخْفِي عَوْلةٌ سَفِينها
وفي الصباح الباكر لاح لناظرهم سحابا مزجي و هرعا مسرعا من الجنوب الي الشمال كأنه خيام بدوٍ نُصبت علي تلال عالية وقبل ان يسرجوا مطيهم ويفكوا عقال النوق ويأزنوا بالرحيل وقف الهرع الراحل مثل طابور تمام شرطة المرور ثم صار ركاما واتحيَّن وهطل ثم انسكب واندفق بغزارة لا توصف الا بانه (الضحوي العوير)
فهذه عينة النترة ومطرها الغزير واشابيبها التي حين تلوح بطرف الافق تكون كمشاط الغواني في بوادي الغرب فنزل ماءُها من القناف والعلو فسالت الخيران والوديان مسرعة نحو المناهل حاملة معها في اعماقها (الهشوم) الاشجار اليابسة ولقد ابدع الحاذق الماهر حنفي حاج الطيب حين قال:-
الوادي المِجَرِّف عرقو بِلْحيل ضاري
جاب هشُّوم مَكنّت ماشي كنُّو لواري
بي العربية محتاج لي تالاتة كباري
قطعوهو الضّعنهُن في الرحيل مِتباري
وبعد شراب الغبوق الحليب والشاي النّاعم (ابوكتحة) وكما وصفه شيخ الدوبيت عمنا الشيخ جامع علي التوم
نشيل التاية فوق زَمْلَن عواتي غلاد
ويبقا غدانا ابو كتحة ولبنهن زاد
صاح الدليل : الرحيل الرحيل وعندما خاطبه احد (رباعته) رفاقه بأن امامنا سهل طويل ومقفر ومجدب فيرد الحاج بحزم :-هذه المسافات سهلٌ ان تجتازها سفينة الصحراء بكل يسر ألم تسمعوا ما قالته الحكامة ابنة العم حفيدة الدليل كاروشة حين خاطبتني قائلة:
اخو الدّغْسَة وكَحْلِي
ؤ شُكْرِك بتلامِحْلِي
اصبح طاب الرّحْلِي
وقال قدّامهِن مَحْلِي
ثم خاطبهم قائلا:- ربيعكم الذي بجاوركم دليل بركة الشيخ المر فرج الله ود عبد الرحمن لا تجعلوه ان يسبقنا بالرحيل فهو القائل:
ما بِتَنقَدْرِي يا شَرْمة بلا اللِّتنين
كملتي المراديخ والمترَّك زين
الجبل المدقِّن قالو مَمْحول شين
وفِكْرِك يا أم قراديف ننجَدِع بي وين!؟
امتطي الدليل بعيره وهوفي نشوة وسعادة يسابق الريح ويريد ان ترعي ابله (عضاوة) العشب ووضع انقيب الخير والبشارة يده علي صدره وشدي وغني وقوقا للعيس فزادت في مشيها وهي تَغُذُّ السير نحو افق عريض وتحت اقدامها الخافور والقيصوم والندي علي رؤوس عُشْب قشة (ابوجفنة) ابو القدح يترك خدوش وجروح علي مناسمها ومرافقها ولكنها لا تعيره انتباها لان املها ومرادها ان تجد الجواديل التي تشبه في خضرتها ونضارتها (زيق الفراد) او كما وصفها شيخ الدوبيت عمنا شيخ جامع علي التوم:-
اجب الدعوة يا الساّجدلّك العُبّاد
جادول ممّرس في شوفتو زيق فرَّاد
عاقرو بليلة فوق الفي رقا البولاد
والشيخ قسم الله ساقلو البكر ابو لبّاد
وسالم نازلو بي راموس ابو التيلاد
يارب يا مجيب لي دعوة النشّاد
تجمع لي بيهن وبي علي الاجواد
ونرجع تاني نمشي جزونا ابو غرّاد
والحاج الدليل يكون علي ميمنتها مرة ثم علي ميسرتها مرة اخري حسب مسار المرحال ونترك الوصف لشاعرنا علي الشيخ (ود المُر) في مسدار السّافل حين كبة القمرية الزوقة من شرمة ام صرار:-
اهلك درّّبوا الجُبْخَانِي
ودايرا تِنَاطْرِي بلد الدَّرْمة والسَّعَدانِي
مو بي خَاطري افارْ قِك يا أُم علويَنْ باني
رب العزة يجمع بي الشَّمِلْ عُقبَاني (ودالمُر)
وفي رحلة الجزو المتطلبات والتجهيزات تطرأ عليها بعض التغيرات حيث لا اسواق بمنطقة الجزو فيجب الاعداد الجيد والتجهيز المحكم وخاصة الملح- الشاي- ومتطلبات البرد حيث يكون شديدا و قارصا وكل ما كان البرد شديدا كلما طال مكوث الرعاة بمراعي الجزو الخصبة وسهولها الممتدة
والقمرية تخاطب الابل قائلة:- لقد تجهزوا اصحابك واعدوا العدة واصبحت تحنّي وتنظري وتتشرفي وتتاوقي الي مراعي الجزو الخصبة حيث عشب الدرمة والسعدان ولم يكن بمرادي ان افارقك يا زات السناب العالي ولكنني ابتهل الي ربي ليجمع الشتيتين مرة اخري
وريسك قال ضُروعك زاد
ولفح ام تَاج علي ود أَلْبِلْ الشَّرَّاد
يا عَانْس الرشيد يا سمحة المُمْداد
في وداعة الكريم اني راجعة لي اللّقَّاد (ودالمر)
وهنا نجد القمرية (كبت الزوقة) وفارقت الناقة لانها لا تستطيع ان تطير عكس الرياح وهي تردد مع ابراهيم بن صور الكاتب:-
باتت تشوقني برجع حنينها وازيدها شوقا برجع حنيني
نضوين مغتربين بين تهامة طويا الضلوع علي هويً مكنون
لو سُئلَتْ عنها القلوص لأخبرت عن مستقر صبابة وشجون
ولعلك عزيزي القاري تتخيل ان حياة الرعاة ورحليهم يكون عفويا ودون تخطيط وهذا لعمري خطأ كبير لان البدو دقيقين في كل شئ اولا نجد ان في الاسرة رب الاسرة هو الوالد وهو المسؤول عن الاسرة مسؤولية مباشرة ثم لاولاده ادوار مختلفة يقومون بها فزيد مسؤول عن ادارة الابل وعبيد عن ادارة الضأن واخر للبقر و....الخ فلذ نجد رئيس مراح الابل يقوم بكل المهمات الصعبة هو الذي اذا سرق له بعير ان يفزع به ويموت دونه او يرجعه الي مراحه ويكون تحت امرة الدليل او الرئيس ثلاثة او اربعة اشخاص يساعدونه في رعي الابل حسب عدد ابله فالجمال الزكور والابل العشار يكون معها واحد او اثنين والابل اللُّقح (الخلفات) يكون معها اثنين رجل كبير واللنقيب وهو اصغرهم واشقاهم حيث يقوم بالحلب والصّر وينام اخرهم لان فواق الابل ياتي قبيل الفجر (العتّام) وهنا تخاطب القمرية الناقة قائلة:- ان صاحبك قال ان ضروعك هي زادنا وهذا صحيحا لان رعاة الابل في رحلة الجزو يعيشون علي حليب الابل ولبنها (القارص) فقط لا ذرة ولاقمح ولا .... وقليلٌ من قديد الصيد والجآذر ولفح ام تاج اي حمل السلاح وام تاج للبندقية اي علقها علي سرج البعير والملاحظ يري ان القمرية تتغزل في الناقة بوصفها بالعانس وعانس الرشيد وهو الدليل المهتم بها وتتحسر بعد ان تودعها بانها راجعة الي المزارع (اللقّّاد) وهي المزارع التي تكون علي الوديان وتكون مسوَّرة باغصان اشجار الكتر او السيّال
خلاس إتْوجَهَت سافِلْها
وما بِتْسُوقو الا الحلوة مِسَبلها
حربي وجندي والجيم في الشِعَب تا كلها
ودامج قلبو كان جات حَارَّتِكْ بِدْبِلْها (ودالمر)
لقد اتجهت الابل الي السافل او الشمال (الجزو) وكلمة سافل عربية فصيحة ولم تأخذ معها الا الدليل الذي يجعل روحه فداء لابلة (حلوتو اي روحه) شوف الحكامة التي عيرت ابن عمها عندما تخازل عن نصرة ابن عمه الذي قُتل دفاعا عن ابله:-
يا الخَازي حلوة الرُّوح
وسَوِّيلْهَا كوز ما اتروح
وما اعظمها من نصيحة للجبناء فالاجل محتوم وياتيك الموت حتي ان ادخلت روحك في علبة (كوز)
رحلت وخّّرَت ناس سِلِّي
وبي دباب القفل جات يا زعم مِنْهَلِّي
قطعت وادي مجرور الحنينها بِسَلِّي
وعند أُمَّات لَعَايِت تَقَّلوها ادلِّي (ودالمر)
ثم رحلت الابل وجعلت وراءها اضاة سِلِّي وهي بمنطقة الميدوب ووصلت دباب القفل وهي بداية مراعي الجزو (والقفل) نوع من الشجر وجات يا زعم تطلق للاعجاب ومنهلَّي اي متفرقة ومسرعة في السير ثم قطعت وادي مجرور الحنينها بسلِّي اي يفرح ويطرب وهي الابل وعند مرعي امات لعايت (تقلوها) اي اوقفوا رحيلها وانزلوا (التاية)
كتَّالة كليب وابو زيد
وناقة العزة جيابة الطرب والريد
ما بِتتباري كان سَوَّت رحيل الكيد
ومن ناس عنز وتيس نزلت بحيري الصيد (ودالمر)
كتّالة كليب اي الابل هي التي قتل بسببها كليب وائل بن ربيعة بن الحارث التغلبي قتله غدرا جسّاس وهوالقائل :-
وان لقوح جارهم ستغدو علي الاقوام غدوة بالرواح
وتضحي بينهم لحما عبيطا يُقسِّمه المقسّم بالقداح
ولعمري الي الان عندنا ببادية الكبابيش يقسّم لحم الابل بالقداح او بالكوم
وايضا الابل قتلت فارس بني هلال المشهور ابو زيد الهلالي وحكي لي احد المعمرين طرفة جميلة ان ابوزيد الهلالي زات شتاء قارس ضرب موعدا مع محبوبته واتته في المكان والزمان المحددين وتحمل معها صحن من الدِّلْكة وكان ابو زيد جالس تحت شجرة تبلدي وكان الليل مُقْمِر فلاحظ ابو زيد ان تحت الشدرة ظلٌّ لانسان فعرف بفراسته ان بن عمه وغريمه دياب علي راس اغصان الشجرة فاخذ صحن الدلة والتهمه وصاح قائلا للفتاة (بارك الله فيك عشيتيني) وقد كنت جائعا وارجع اليها صحنها وذهبت الي سبيلها . والابل هي رمز العزة والفخر وهي التي تجلب المدح والعشق وتجعل صاحبها محط نظرالحسان وما اروع بشير ود ابو فطين الدويحي حين يصف المشهد
ألْبِل ديلا عَدَّادْهِن تَمَلي معَلَّقْ
وألْبِلْ في دِروبْهِن دي كِتِل ودي مفَلَّق
ألْبِلْ ديلا كِيرهِن بي البهايم جَلَّق
وألْبِل ليهن أم راجِل بِقَت تتطلَّقْ
تملي معلّق اي دوام هي راحلة وفي دربهن هذا ميت وهذا مفلّق اي ضرب علي راسه-كيرهن اي فحلهن –جلّق اي يتجول والكبابيش يسمون المرأة التي ترفض زوجها (طامح)
ما بتتباري اي لا يستطيع اي حيوان اي يجاري سيرها ومن منطقة عنزة وتيس وصلت الي بحير الصيد وهو من المناطق الخصبة ويكثر فيه الصيد بكل انواعه
تقَّلَت في الزِّرَد قول يا عَفُو وهبَّاب
وكونيبها إنْعَرَش وقفت سراتها جراب
يا الباعْجِك بلالي وحِمْيَتِك نوراب
اهلك لَفُّو قانصين قالو لي ابو حراب (ودالمر)
ثم مكثت اياما في مراعي الزّرد حيث ينعدم الناموس والباعوض والذباب حتي امتلأ (كونيبها) سنابها واصبحت سراتها كالجراب المملوء -يا الوسمك( الباعج ) وهو وسم قبيلة النوراب التي ينتمي لها الشاعر والذين يحمونك هم النوراب واصحابك اتجهوا للقنص لبقر الوحش
رعَّاية السَّمُر والشَّاوْ ْ
ورماية الشِّبَك قالت عَضِي كِويع باوْ
ارَحْ يا سِيدِي كان دايْرِين عَفُو اللّجْزَاوْ
ربَّاي لي المَرَبَّعْ وبسمِّن الحَشَّاو (ودالمر)ْ
وصف الابل بانها ترعي اشجار السمر واشجار الشّاو وما اروع طقاق توية حين يصف رعي الابل للاشجار :-
ام زور الشُّوحة وطويلة
وام خبيرةً كيف الجبيرة
حجّانة الشدرة الضليلة
ام فرعاً ردّم خضيرة
تَرْخِي العرقوب تمَّقيلا
ووصفها بانها تأتي بالفتن (رماية الشِّبك) وانها تريد مراعي منطقة كويع باو وهو علي الحدود التشادية
علي ناس العِريجة حَدَرْتِي
واهلك صابرو وبقا بالِك المُرمتِّي
ما بَقّيتِي في بكان العَضَاوة سَدَرتِي
وحلّاك الله من وقعة زراعة بَرْتِي (ودالمر)
ثم توغلت حتي مراعي العريجة وهنا اهلها (صابرو) اي مكثوا طويلا والمرمتي اي اخر الجزو وهذا ما جعل شاعرنا الراحل صاحب الحنجرة الذهبية بخيت ود عبدالمولي ان يدعو الله ان يأتي بالسموم الحارقة التي تعجل بعودتهم الي المدامر بل حتي تمني لابله الخداج (الطراح) (الزلاج) من اجل لقيا الحبيبة
يا مولايا تحصل حَرِّي
سمومها تِزَلَّجْ العَزَبَة العَلُوهَا مِسَرِّي
يِرُوحَنْ مِنّنَا لوكْتَنْ حِوَار ما يِضَلِّي
وعَشَان ما نِشُوف خِلقة المَنْ وسِط مِنْزَرِّي
وقالت لها القمرية ان ربنا (حلاك) من مزارع البرتي التي تنتشر في الجنوب حيث رحلة النشوق
تمَّت كم شهر في السافِل البِعَنو
ونامت الصيف حَكَمْ اصلو الحكايي شنو
رَوْيان دونكي ود ريد قول خفيرو منو
ادم ود سعيد وبريمة ود تِجُّو (ودالمر)
ومن شدة شوق القمرية للابل تخابطها قائلة:- لقد مكثتي شهورا كثيرة بالسافل الي ان حل وقت الصيف ثم تبشرها بان دونكي الكاتب محمد ريد مملوء بالماء ومن خفراءه ادم ود سعيد وهو من امهر عازفي الزمبّارة وبريمة ود تجو وهو الذي زكره البروفسير عبد الله في فرسان كنجرت
الحاضة وغريدة وخاطرة والكَنتوش
بيهن طفتي يا ناقة الرباع ام شُوش
حرسك كلو جيم فور اوعا من خرطوش
ودريد حاتي ما تسقي ام عبل بي قروش (ودالمر)
(الحاضة وغريدة والكنتوش) اسماء مراعي بالجزو- ثم تطلب من ود ريد ان يسقيها مجانا (ام عبل ) اي كناية عن شحمها وهي دوائر تتركها الابل علي رجلينها وذيلها (وعراقيبها) من البول والعبس وهي كلمة قديمة تستعملها قبيلة جهينة قيل ان كورينا فارس بني جرار المشهور مرة بجهني يغني:-
(الناقة عَبَّلتْ لي دارها قَبَّلتْ فرسانها تيران إنْجَّلتْ وفزارة من الدّار جَلَت) فصاح كورينا السلام عليكم فصاح الجهني ساجعا وقد عرف كورينا : وا خرابي عضامي تنصّلَتْ
وين يا ناقة وين ناقة
وجِيدَنْ جِيتي لي بلد البِكجرو الطاقة
يا رعَّاية الجَرْح الخِشينو دِقاقة
من فارَقْتِك اني لي رِبعَتِك مٌشتاقة (ودالمر)
وعندما وصلت الابل (الناقة) الي الديار قابلتها القمرية مُبتهجة وفرحة تشدو وتغرد وتقوقي (وين ياناقة) وتهتف بكل اريحية وشوق (جيدن جيتي) وهي لعمري اقوي تعبير من كلمة سلامتك لتحية القادمين من السفر ثم تخاطبها معترفة بانها منذ فراقها عزبتها الاشواق - والجرح يقصد به السهل المُخْضَر والخِشين هو نبات من نباتات مراعي الجزو و دقاقة اي صغيرا زُكرت كثيرا في الاشعار السودانية وما اروع عزاري الحمراء حين يشدون ويتغنين بي
الرملة الحراقة
والخضرة الدقاقة
اني ياروحي مشتاقة
لي السافر ما لاقة
وختماما بمناسبة زوقة القمرية من الابل وطُماح المرأة لزوجها من اجل الابل نقول:-
اما ان الاوان لسياسي بلادي ان يكبوا الزوقة!؟ واما ان الاوان للشعب السوداني ان يطمح السياسيين؟!
عبيد الطيب (ودالمقدم) بادية الكبابيش





Post: #130
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-24-2012, 08:20 PM
Parent: #129

الأستاذ العزيز / محمد التجاني عمر قش

سلامات

أسمح لي أن انشر هذا المقال الجميل والتوثيقي في هذا البوست حتى نعم الفائدة

كتب الاستاذ محمد التجاني عمر قش

حتى التراث الكردفاني مهمل!
داك سحاباً دفّنْ
تحته بروقاً رفّنْ
ركب الدرفّن
يحي المات و مكفّن
" ضوة بت عبد الزين"
ترسم هذه الأبيات الرائعة صورة متكاملة لبيئة التراث في شمال كردفان إذ الحديث هنا عن موسم الخريف و ما يعنيه من ترحال أو "نشوق" أصحاب الإبل و ما يصاحب ذلك من فراق للأحبة و تشويق للذين يتخلفون عن تلك الرحلة الممتعة مما جعل هذه الشاعرة الفذة تدعي بأن "ركب الدرفن يحي المات و مكفن" لما يحيط بذلك الركب من روعة و جمال بدوي خالص.نقول هذا لأن الحديث عن التراث هو في المقام الأول حديث عن الهوية و المجتمع الذي يمثله؛ و هو ليس مجرد كلام للتسلية و الطرب بل يمثل مكونات نفسية و اجتماعية ذات دلالات عميقة تشمل الشعر والغناء و الإيقاعات و الثقافة و اللغة و التأريخ و القيم بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وقد يتوسع معنى التراث ليضم في طياته أشياء مثل الزي و الأطعمة و الأواني ولذلك نجد أن الدول التي تعنى بتراثها تقيم مهرجانات و متاحف بل و كليات و معاهد عليا حتى تحافظ على تراثها و تبقيه حياً في نفوس الناس من أجل ربط الأجيال المتعاقبة بموروثها الثقافي أو بالأحرى ربط الناس بماضيهم لينير لهم طريق الحاضر و المستقبل ببث و نشر القيم الإيجابية .إنّ ما جعلني أكتب في هذا الموضوع هو ما أراه من إهمال قد يكون متعمداً للتراث الكردفاني الأصيل خاصة في جانب الشعر و الغناء من قبل أجهزة الإعلام إذ عرضت كل أقاليم السودان بضاعتها من الفن و التراث و الرقصات الشعبية إلا كردفان، و خاصة شمالها، فقد ظل تراثها بعيداً عن الإعلام إلا النذر القليل مما نجده أو نسمعه من حلقات تبث عبر الأثير من القنوات الفضائية وأحياناً الإذاعة و الصحف. و لعل القارئ الكريم يعلم أن هذه المنطقة تحفل بتراث يمتع بكثير من الإبداع و الأصالة و هو يمثل امتداداً طبيعياً لما نجده من أنماط التراث في كثير من مناطق السودان المختلفة لأن كردفان تمثل سودان مصغّر تجمعت فيه كل القبائل من الشمال و الغرب و الوسط و تمازجت و اختلطت حتى أنتجت لنا هذا الذي نسميه التراث الكردفاني. عموماً،هنالك تياران من التراث الكردفاني الغنائي والفني هما تحديداً تراث البقارة الذي يمثله إيقاع المردوم لدى المسيرية و الحوازمة وهذا قد نقله لنا نفر من الإخوة في فرقة فنون كردفان على رأسهم الدكتور عبد القادر سالم حتى أصبح إيقاع المردوم معروفاً و رائجاً و مقبولاً لدى كثير من المهتمين بالتراث. و في الجانب الآخر نجد تراث الأبالة الذي يمثله إيقاع الجراري بتسمياته المختلفة و هو يوجد لدى قبائل كثيرة تمتد من ديار الكبابيش شمالاً مروراً بدار حامد و المجانين وحتى دار حمر. و قد استطاع بعض أعضاء فرقة فنون كردفان تقديم نماذج جيدة منه ولكنه لم يحظ بالذات القدر من الذيوع مثل المردوم؛ ذلك لأن الأخوة أمثال عبد الرحمن عبد الله و صديق عباس وأمبلينا السنوسي لم يهتموا بالأمر بالقدر المطلوب و اكتفوا بحسن الأداء الصوتي دون تطوير التجربة و الاهتمام بها كرسالة فنية مثلما فعل عبد القادر سالم. و لهذا عندما صدحت معجزة الفن السوداني نانسي عجاج بأغنية ( أندريا) من تراث دار حمر بغرب كردفان انتبه النقاد إلى قادم جديد كأنهم لم يسمعوا به من قبل و أنبرى كثير منهم يحلل و يشرح المفردات و كتبت مقالات كثيرة لهذا السبب.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي جعل التراث الكردفاني غريباً على أذن المستمع؟ هل هي اللهجة أم هي أمور ثقافية أخرى؟ أم أن ذلك يعود لتقصير الإعلام أو الجهات المسئولة عن الثقافة في كردفان؟
إن الشعر الغنائي في شمال كردفان بالذات يمتاز بقوة المفردة و تعدد الإيقاعات التي ربما تصل إلى ستة عشر إيقاعاً كلها مأخوذة من مشية البعير و لذلك فهو يمتلك قدرة عالية جداً على التطريب ؛ وبالإضافة إلى ذلك فإن مواضيع هذا الشعر لا تختلف كثيراً عن تلك التي نجدها مثلاً في أغنية أم درمان أو غناء الجعليين و البطانة؛ كما أنها لا تبعد كثيراً في بعض جوانبها عن طنبور الشايقية خاصة إذا وضعنا في الاعتبار غناء الطنبور لدى أهلنا البديرية و الجوامعة وأغاني الدلوكة في منطقة بارا و البشيري و دميرة و غيرها حيث توجد مجموعات كبيرة من القبائل و المجموعات التي تنحدر أصولها من الشمال مثل الجوابرة و الركابية و الجعليين و الدناقلة. ومن الطريف أن سرور ذكر أنه في عام 1921 عندما أضرب الطنبارة في أم درمان عن إحياء ليلة تاجر يدعى بشير الشيخ،وقع سرور في حرج كبير ولكنه تدارك الموقف عندما سمع مجموعة من أهل كردفان" دار حامد و حمر" يؤدون بعضاً من أغاني الجراري فأعجب بطريقتهم في الأداء و استعان بهم في بعض الحفلات و كادت تلك الحادثة أن تغير تأريخ ومسارالغناء في أمدرمان ليصبح على إيقاع الجراري الكردفاني الصرف حتى أن الشاعر إبراهيم العبادي قد نظم أغنيته المشهورة التي يقول فيها:
ببكي ووبنوح وبصيح للشوفتن بتريح
فرع النقا المميح منو المسك بفيح
وكتين صباحو يبيح بلبل قلوبنا يصيح
و لحنت على إيقاع الجراري ويلاحظ أن كلماتها لا تختلف كثيراً عن مفردات الجراري ولذلك يعد العبادي من شعراء الأبالة ولكن لا ندري لماذا لم يستمر هذا الاتجاه! المهم الآن هنالك التفاتة للفن الكردفاني يمثلها ما اشرنا أليه من أداء نانسي عجاج المتميز لأغنية أندريا و أداء الأستاذ سيف الجامعة لأغنية كردفانية لا تقل روعة و تطريباً وهذا يعني أن مطربو الوسط قد تنبهوا أخيراً لكنوز التراث الكردفاني ولعلهم بتحفونا بمزيد منه في مقبل الأيام. و نحن بدورنا نناشد المسئولين عن الشأن الثقافي الإبداعي في الولاية أن يولوا هذا الجانب مزيداً من الاهتمام لأنه لا يقل إلحاحاً عن التنمية ولعلهم قد شاهدوا ما فعلت ولاية البحر الأحمر و نهر النيل من إبراز لتراثهم بطريقة جذبت اهتمام كثير من المعنيين بالأمر. و نقول للأديب الأريب و الوزير الرائع الأخ سموأل خلف الله هل لنا أن نطمع في " ليالي أب قبة" الفنية على غرار ليالي أم در والثغر حتى نعيد لتراث كردفان شيئاً من الحيوية و الرونق.
أخيراً تأملوا معي هذه الأبيات من الجراري لتروا روعة هذا الفن:
أمك ولدت جابت
في خلة ما أصابت
بيكرتك شربت لابت
تحت النجمة الغابت
محمد التجاني عمر قش- الرياض




Post: #132
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 11-25-2012, 05:25 AM
Parent: #130

Quote: هنا هو إقتراح بطبع هذه المقالات فى كتاب يكون فى متناول الآلاف فى الداخل والخارج فهل من مثنى لهذا الإقتراح وبخاصة الإخوة والأخوات عمدة المنبر العام ....كلاكما انت والأستاذ خالد تستحقان التكريم


أستاذنا الجليل الموسيقار / أنس العاقب

تحية وحترام وتقدير

سعيد جدا بحضورك الانيق لهذا البوست ومداخلتك الرائعة

والتي أسعدتني وشرفتني ، فمشاركتك أضافت لهذا البوست مزيدا من الاهمية والآلق

وحملتنا مسئولية التوثيق للتراث السوداني وخاصة في الأقاليم

وأشكرك على الفكرة الرائعة لطبع هذه المقالات في شكل كتاب ، وفعلا تستحق

هذه المقالات ان تنشر للجميع مطبوعة في كتاب

لك التحية والمودة أستاذي الكبير أنس العاقب




Post: #133
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-25-2012, 10:58 AM
Parent: #132

Quote: حتى التراث الكردفاني مهمل!
داك سحاباً دفّنْ
تحته بروقاً رفّنْ
ركب الدرفّن
يحي المات و مكفّن
" ضوة بت عبد الزين"

شوف السحاب دفَّن اي ادني خط الأفُق بعيدا جدا وتحته بروقأً رفَّن اي لمعن او شلعن وسرعة وميضه كحركة العين عندما نقول رفت عيني
والدَّرفَّن تذكرني بالأستاذ الامين البدوي ود (كاكوم)عندما قال مازحاً :- (مادام ناس اللغة عندهم جمع تكسير برضو ناس البادية عندهم جمع تفجيخ )
زي درفَّن بززَّر- نسوَّن - حررَّم -عككَّز -حممَّر-غزلَّن...الخ
الرَّكب البجيك دردور
تراحة مو بزُّور
شِقِّي العَلَيْ منصور
ؤشِق العدو مكسور

وما اجمل رَكب اللَّحاقة وركب اهل ام زور وما اروع عبد السيد
كان سألوني من حالة سروح النَّاقة
بقول ليهُن سفيها وبي الدِّيار جلاقة
معارض سيدها دايماً لي الخطر بشاقة
ؤ بشوف ديدانها ركباً كلَّهُن بنداقة
لكم محبتي جميعا

Post: #134
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-26-2012, 08:21 AM
Parent: #133

Quote: وعندما هب النسيم العليل مع برق الصباح الباكر قوقا القمري مع الغصون واصبح الشاعر عمر كالدّر المصون يحكي في مساجلة بين الانقيب (راعي الإبل) والقمري حيث قال:
يا بروق الصباح الغايصه أملن وسوقن
في القيع والقفاري القحطه بالليل فوقن
نسيمكن هب وزاد قلب المتيم شوقاً
واواي الوناقيب والقماري القوقن

رَحَلَت مع الابالة حتي وصلنا الي ديار الرزيقات وما اجمل الاجابة حين تكون شعرا
مَا تْلومني يا الغنَّاي
وكان بي هوِّي ما بتعدا من ها خَلاَيْ
الدّار اصبحت جَايْحِي ؤ بريت أم رَاي
نجعت معاها شان اتْعلَّم الواواي
حين لام الشاعر القمرية علي رحيلها دون وداعه ونعتها (بعديمة الزوق) لترد عليه القمرية قائلة: لا تلمني ايها الشاعر لاني ان كان بارادتي سوف لا اغادر دياري مطلقا ولكن عند رحيل الابل (ام راي) اصبحت الديار قبيحة ولذا نشَقْت معها واريد ان اتعلم واوي انقيبها ولقد صدق الرائع حافظ عباس محمد نور حين قال :- والله انحنا مع الطيور المابتعرق ليها خرطة ولا في ايدها جواز سفر ولكن القمرية هنا خرطتها مظعان الابالة وواواي البزر وجواز سفرها تغريدها
الدار اصبحت جَايْحِي وملوك مُو فيها
وأم زور علَّقت ناجعي ؤ رَزَم حاشِيها
قُمْتَ معاها بارياها ؤمَسِكْت التِيها
وفي دَوْ الهشاب واويت مع راعيها
الدار صارت قبيحة لان الابل (ام زور) تأهبت للرحيل واقلقني حنين فصامها ولذلك ودون ارادتي صحبتها وفي اشجار الهشاب اغرد مع واواي اصحابها
لي دار المساليت مدَّت
ؤ ورَدَت با بنوسة وفي الحفاير دّقَت
اني مبارياها وين ما علَّقَت واتْعَدَّت
ؤمِن واواي انيقبها الكبيدة إنْشَقَّت
ثم ياتي وصف حركتها ورحليها واسماء المراعي والبلدان التي رحلت اليها واوصاف ساكنيها حيث تقول :-ذهبنا الي دار المساليت ثم وردنا بابنوسة وفي حفايرها انشأنا احواضنا للشراب والمعطن وكل ما ترحل الابل الي ديار اخري اكون معها ولا افارقها ولأن واواي انقيبها آلم قلبي وأدما كبدي
دَمَرت معاها في الخزّان
ؤمشينا بِلُود اهلها بطيِّعُوا التيران
حِوارك طَن وسيدك علَّق ام نيشان
بتين يا أم قُلَّة نرجع لي العرب عُقْبَان
ثم دمرنا في خزان ودعة حيث اهلها يمتطون الثيران وتحن النوق (حوارك طّن) من الطنين (جقلة الطَّنَّ حِوارك عقدوا الشّورة رِجالك ) وصاحبها يحمل سلاحة ولكن هنا تحن القمرية وتشتاق الي ديارها لتسأل الناقة الي متي نرجع لديارنا واهلنا يا(ام قُلَّة) بقاف مضمومة ولام مشددة ؟من اسماء الابل
قبل ما قلت اقوم كلمتها أم كُزامة
مادين الصعيد قلت ليها اني وشَرَّامة
ماتتوصوا عُقبي معاكم الحكّامة
خليت البلومة وبِت اعمي حمامة
وهنا القمرية تخبر الشاعر قائلة:-قبل رحيلي اخبرت ام كزامة وهي الفتاة الجميلة والكُزامة هي عرطمها أو الشِّفاه حين تكون متجانسة مع الأنف والاسنان اخبرتها باني سوف ارحل جنوبا مع الابالة ولكي لا تفتقدي تغريدي وشدوي تركت الحكامة وطائر البلوم وابنة عمي الحمامة
خليت البلومة والقديل والحُوَّة
ؤنجَعْتَ مع بنات شرمي وسعاية القُوّة
دخلنا بلد زغاوة وناس جديري وكوّة
ورِعِينا عَضَاوة القوز والدواخل الجوّة
ايضا تركت طائر القديل والبلوم وطائر الحوة وهم رهطي وعشيرتي ونجعت مع شرمة وهي الابل وتوقلنا حتي دار زغاوة منطقة جديري وكوة فهنالك المراعي الخصبة ورعينا حتي دواخل المزارع وهي لعمري اخصبها
الخزان واللِّضيّة وناس بياض ولقاوة
دمرنا هناك اني وجَقْلة ؤرِعينا عَضَاوة
فرَّت ؤ دَجَّت أم زور في الهشاب تتحاوا
واني قوقيت واللِّنقيب حَزَمها ؤ واوا
دمرنا ايضا في منطقة الخزان والاضية وبياض ولقاوة حيث المراعي الخصبة وتفرقت الابل حول شجر الهشاب وانا اغرد واللنقيب يواوي بصوته الجميل لتتجمع ابله
اني وجَبَّادة الشايل البَرم عِلّيفو
نجعنا حَلالِي من بلد البِضَوِّي شِنيفو
قَعُوي سَقَّاي ابو دَكنة المِحَمِّر قيفُو
يسألني الله واواي اللَّنقّب كيفو
ثم تقول القمرية هي وجبادة الشايل البرم وهي طريقة رعي الابل تسحب الشجر سحبا شال البرم اي ثمار الاشجار نجعنا حلالي وهي للحسرة من بلد ذات الزمام وصوت ضفادع (قعوي) ابودكنة و هي منطقة الرهد بكردفان وبها ترعة كبيرة جدا يملأها خور ابو حبل الشهير ونعيق الضفادع كصوت اللنقيب ومن هنا ارسل التحايا الزاكيات لمنطقة الرهد وقاطنيها وحياها الغمام الاربد والعارض الغادي ولي فيها ذكريات وشآ بيب الرحمة تتنزل علي قبر الراحل المقيم الناظر الطيب هارون فقد كان نسيج وحده
بحر جانقي البعيد شرمة ام صِرار مدَّتْلُو
وسيدها تَمَلِّي هوي وناس الجِبال بتكتلو
نجعت معاها هَبَّارة المَمَنَّعْ فَتْلُو
والحِمْدِ لله انعَم سافِلها ورَجَعَتْلُو
وتوقلت الابل حتي وصلت بحر جانقي واحيانا تحصل مناوشات بين اهلها وسكان الجبال والحمد لله انعمت ديارنا ورجعنا بسلامتنا
لِقَت قَفَلْ المَخَرَّق ؤفَرَّت
ؤ سَوّيت عشي وأم زور لي الحِوَيِّر دَرَّت
من دار الصعيد اني والسَّراتها إنْزرَّت
ربنا جابنا قُبَّال السموم ما حَرَّت
وهنا اي في الشمال المراعي اكثر خصوبة حيث السهول ممتدة والتلال وتنعدم المزارع واشجار جناين الهشاب وينعدم الباعوض والناموس ولقد وجدت الابل اشجار السِّعات والمعراب (القفل) والمعراب والقفل صنف واحد من الأشجار لكن للمعراب ساق وتفرقت في المرعي بعد ان كانت تتحاوي في الهشاب والقمرية وجدت الامان حيث اتخذت عشها علي شجر المعراب والكتر بعد ان كان علي السروج والحوايا وام زور اي الناقة درَّت الحليب لصغارها والحمد لله ان رجعت ومعشوقتي الناقة قبل ان تهب السموم الحارقة
طلبت حَمر كولة وهَرْمَة
دارت تَلْوِي في العاطفة وسروح الدَرْمَة
ما بقدر بطير عكس الهبوب يا شرمة
معاكي سلامة واني منك بقيت مِنْكَرْمة
اتجهت الابل شمالا صوب رحلة الجزو الشهيرة وهي في اقصي الشمال والشمال الغربي عند تلال حمر كولة وهرمة وتيقا لانها تريد ترعي نبات وعشب العاطفة والدرمة ليكفيها الاستغناء عن شرب الماء(عميلة التأكسُد) وهنا سوف يكون فراقنا لانني لا استطيع ان اطير عكس الرياح حيث لا يوجد الماء وفي وداعة ربنا وحفظه ونأسف اذا تاخرت عن الرحيل معك (منكرمة) اي متأخرة فهذه حال الجفرافيا والتضاريس ولنا عودة في المُسدار الثاني
عبيد الطيب (ودالمقدم) بادية الكبابيش
منقول من سودانبل

Post: #135
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 11-26-2012, 06:05 PM
Parent: #134

Quote: ولأن الجالسة من أساسياتها الصراحة شأنها شأن اغلب تراث الابالة الذي يعتمد على المفردة البسيطة المعني والمدلول مثلما يكون في الجراري والذي يعتمد على تلك الصفة،


وهذه من أروع اغاني الجالسة للشاعر محمد احمد حاج الطيب(أبو البرعي)
عبلوجة الرَّشيد المو هو هايِنْهَا
فرَّت لي الزِّرَد رجعت مَوَاطِنْهَا
ؤ وَرَدت في الحريق حيضانها قارِنْهَا
ديفة أُم نايط الجَفَلَن روايِنْهَا
قاجَّة قُرُونْهَا والصيَّاد مِباينْهَ
مَرَّات تِنْدَرِق مرَّات بِعايِنْهَا
ؤ لَمْبَة سودري البَقَّن رتَايِنْهَا
ؤ قالب أُو شُومْبُك البوليسها صايِنْهَا
ؤ بي الوَلَع الرِّقاق شاحِن كمايِنْهَا
بِت عَربأً عِزاز والجار مِدَايِنْهَا
ما بِصُّر وجِهْهَا تِشُوف غبايِنْهَا
ؤ بشاشة وشَّهَا توريك بَطَايِنْهَا

Post: #136
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 12-04-2012, 10:27 PM
Parent: #135

اعتذر للقراء والمتداخلين للغياب في الفترة الماضية

وذلك بسبب السفر الى السودان وان شاء الله ساواصل هذا البوست

من مدينة الابيض ومعي الاستاذ خالد الشيخ حاج محمود ، وفي انتظار المزيد

من المشاركات من الاخ عبيد الطيب والاخ محمد التجاني عمر قش

ولكم كل الود والتقدير


Post: #137
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 12-05-2012, 07:16 AM
Parent: #136

من أغنيات التراث
أنا ليهم بجر كـــــــلام


كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
لولا إرادة الله والحلف القوي الذي كان بين الأمين ود مسمار شيخ العبدلاب ومحمد أبولكيلك كبير الهمج ووزير الفونج لقضى (أياسو) ملك الحبشة على الدولة السنارية في عام 1744م خاصة حينما زحف بجيش كبير للقضاء على تلك السلطنة المترنحة آنذاك، وما أن عبر جيش ود مسمار النيل الازرق حتى لحق به مسانداً جيش أمير الفور (خميس) وفي موقع عرف بالتكينة بالقرب من الدندر دارت حرب ضروس انتهت بنصر حاسم لجيوش السودان وهزيمة ساحقة للغازي اياسو مما جعل الشاعرة رابحة بت ناصر من العبدلاب تمجد ود مسمار بقولها:
الليلة النجم طرف السماء هدموا الجرى نسيبتو والبقيف سجموا
الصف التقيل شيخ اللمين رجموا عزرائيل سلام الله وغشى غنموا
ولكن هل تسلم الجرة في كل مرة وقد أصاب الوهن والضعف الدولة السنارية كما أن القائد الألباني محمد على باشا تولى السلطة في مصر عام 1805م واتجه للانفصال عن الدولة العثمانية وبالتالي طمع في غزو السودان لدوافع سياسية واقتصادية وعسكرية لذلك بدأ في جمع المعلومات الضرورية عن تلك المملكة من خلال بعثة تجسس ارسلها لسنار عام 1813م أخفى حقيقتها تماماً حيث كان هدفه معرفة قوة الدولة وتحسس مواقع ضعفها ولكنه أظهر مطالبه بطرد المماليك من شمال السودان كما خدع ملك سنار بإرساله هدايا فاخرة له، وهكذا شرع الباشا محمد على في تكوين حملة قوامها اربعة آلاف من الجنود ومعها ألفين من التبع بقيادة ابنه (اسماعيل) محملة بالاسلحة الحديثة صحبها ثلاثة من خيرة العلماء الذين يفتون في المذاهب الثلاثة (المالكي – الحنفي – الشافعي) وذلك لضمان اقناع الناس بأن هدف الحملة لم يكن اغتصاباً ولا احتلالاً وإنما دينياً وهو الخضوع لجلالة السلطان أمير المؤمنين وخليفة المسلمين بتركيا لذلك دخلت الحملة دون مقاومة تذكر منطقة دنقلا حيث استسلم لها بعض المماليك وفروا لشندي ولكن في كورتي حدثت مقاومة حقيقية وعنيفة من قبل الشايقية بيد أن الغزاة انتصروا بفضل السلاح الناري والعدة والعتاد الحربي وما أن وصلت الحملة لبربر حتى استسلم الملك نصر الدين وكذلك فعل القائد (موسى ود حجل) ملك الرباطاب وشيخ عرب الحسانية مما عجل بإستسلام المك نمر ومن ثم واصلت الحملة حتى وصلت الحلفاية والتي استسلم ملكها (ناصر ود الامين) وقد قام اسماعيل باشا بإصطحاب (الامين ود ناصر والمك نمر والمك مساعد) لسنار خوفاً من المقاومة والتمرد عليه وفي تلك الاثناء كانت سنار مسرحاً لاحداث مؤسفة حيث كان عليها الملك الشاب (بادي السادس) ولكن السلطة الحقيقة كانت في يد وزيره (محمد ود عدلان) والذي حاول تنظيم الصفوف للدفاع عن سنار بل أرسل خطاب للغازي اسماعيل باشا قال فيه (لايغرنك النصر على الجعليين والشايقية فنحن الملوك وهم الرعية أما علمت أن سنار محروسة ومحمية بصوارم قواطع هندية وجياد جرد أدهمية ورجال صابرين على القتال بكرة وعشية) وقد ورد ذلك في كتاب (مظاهر الحضارة في دولة الفونج) للدكتور بابكر فضل المولى كما قام ود عدلان بمخاطبة سلطان الفور آنذاك (عبد الرحمن الرشيد) لتوحيد المقاومة ولكن جهوده لم تثمر حيث اغتيل بوساطة ابن عمه (حسن ود رجب) الشئ الذي عجل بخروج الملك بادي السادس مستسلماً في 13يونيو 1821م وموقعاً على تنازل عن جميع سلطانه لخليفة المسلمين بالقسطنطينية كان ذلك بمثابة نهاية الحكم لدولة الفونج الاسلامية وخضوع وسط البلاد للحكم التركي والذي بدأ قوياً ولكن سرعان ما ظهر عليه الوهن والانحلال خاصة مع عودة غردون باشا حاكماً عاماً للسودان عام 1877م والذي واجه مشاكل عدة وعديدة منها القلاقل التي كانت في دارفور بين السلطان والضباط المصريين من جانب ومن سليمان الزبير ود رحمة من جانب آخر مما جعل غردون يسافر لدارفور لحل تلك الاشكالات كما قام بمحاربة تجارة الرقيق التي تم حظرها في عام 1877م وكذلك تأزمت الأمور بالحبشة ونشبت حروب في الاستوائية لذلك لم يجد غردون الوقت لمجابهه الاشكالات الادارية فعمت الفوضى، لاسيما حينما تدهورت صحته وعاد للقاهرة عام 1879م فخلفه (رؤوف باشا) في عام 1880م حاكماً على السودان والذي في عهده ساءت الامور الادارية وحل الفقر والخراب بربوع البلاد بل حدث الاحتراب والشقاق بين بعض القبائل بسبب الصراعات العشائرية في الثروة والارض ولم تكن الحاميات العسكرية قوية حتى تحفظ الأمن حيث انفرط العقد و النظام وما ساعد على ذلك ان الحاكم رؤوف باشا كان ينفذ سياسة (فرق تسد) وعلى تلك الخلفية نشب صراعاً عشائرياً بين (العوضية) و(عائلة فرح) بمنطقة ( أم مغد) حسب افادة الباحث والمؤرخ الاستاذ (على ابوزيد بابكر البخيت) حفيد الفارس وعمدة ام مغد في عهد الاتراك (البخيت ود بابكر) علماً بأن العوضية ينتسبون أصلاً للشيخ سلمان الشيخ محمد ياسر المشهور بـ(سلمان العوضي) والذي ولد وعاش في عهد الاتراك وتعتبر ولاية نهر النيل هي مقره الأساسي وإن كان من المعمرين الذين عاشوا زهاء المائة وخمسين عاماً قضى منها فترة خمسين سنة بالمدينة المنورة ومن ثم عاش بمنطقة بربر قبل استقراره بمنطقة التراجمة شمال مدينة شندي والتي تزوج فيها وانجب ابنه الوحيد (بدر) (جد البادراب) وحينما توفى دفن في الجوير بالقرب من المتمة وإليه ينتسب عمدة الجوير (حسن بشير على ضبعة) المشهور في منطقة الجوير بـ(الحسن ود ضبعة) والذي ولد في عام 1877م بالجوير حيث يقيم أهله العوضية في تلك المنطقة من السيال وحتى كمير الجارالاب ولأنه كان مصلحاً اجتماعياً و كريماً وشهماً وعابداً حافظاً للقرآن والعلوم الاسلامية لذلك كان قدوة يحتكم إليه الناس في الملمات والصعاب بل اصبح عمدة للجوير خلفاً لأخيه عبد الله وحينما ذاع صيت الحسن ود ضبعة غنت له الفنانة المشهورة بالمنطقة (حميراء ام قلب) اغنية (سيد محكر الديوان) والتي استهلتها بذكر اسمه فقالت:
سيد محكر الديوان ثابت يا ابو قلب تقابة لي النيران مين متل الحسن ...الخ
وفي منتصف الحكم التركي للسودان هاجر (عبد الله الدسيس) حفيد سلمان العوضي من منطقة الجوير لمنطقة بالقرب من مسيد (ود عيسى) ومجاورة لمنطقة المسعودية التي أسسها (مسعود ود عبد الله بن محمد) من ذرية جابر بن عبد الله الأنصاري كما أورد ذلك الاستاذ (جابرعبد الله معروف) في كتابه القيم (الجوابرة والانصار الخزرج بالسودان)، على كل كانت تلك المنطقة التي هاجر لها عبد الله الدسيس آنذاك غابة سنط ولكنه عمرها بالزراعة بعد حفره للآبار واقامة ساقية زرع فيها (عيش المقد) ولأن الأرض كانت بكراً لذلك أنتجت كمية معتبرة من المحصول مما جعل الناس يقولون ماشين لأم مقد ولكن الاسم تحور فصار ( أم مغد) بالغين (بدلاً عن القاف) حيث يقيم بالمنطقة اليوم مجموعة من الاهالي منهم (العوضية و الدويحية وآل رحمه ورفاعه والعبابدة والمحس) وتتبع المنطقة ادارياً للكاملين والمسيد ومن شيوخها المشهورين العالم الشيخ (محمد على ابوقرون) صاحب القبة بالمنطقة، والذي كان عالماً عارفاً في العلوم الدينية وخلفه ابنه محمد على والد شيخ موسى ابوقرون، كما أن عمدة المنطقة اليوم هو (عبد الوهاب عمر مصطفى) والذي يتبع لسلطة (احمد عمر مصطفى) ناظر محكمة العمد بمسيد ود عيسى، وفي نهاية العهد التركي أصبح البخيت ود بابكر ضحوي- عمدة على المنطقة التي تمتد فيها سلطته من بتري حتى الكاملين وقد خلفه ابنه محمد احمد وفي حوالي عام 1880م نشب صراعاً بين العوضية وعائلة فرح الذين يقيمون حول أم مغد وذلك بسبب الأراضي لاسيما وقد كانت السلطة التركية ضعيفة بمركز الكاملين مما تسبب في صدام وقتال بين الطرفين حيث حشد العمدة البخيت بابكر ضحوي أهله وابناء عمومته وكذلك فعل الطرف الآخر وحينها شاهدت الشاعرة (زينب بابكر عبد الله الشوبلي) تلك العركة وهي ابنة عم البخيت بإعتبار أن ضحوي والشوبلي هما أشقاء وقد سمى ضحوي بذلك الاسم لأنه كان كريماً كالمطر الذي يصب في الضحى لذا قالت فيه الشاعرة زينب:
خالي ماهو اللين الكجر خالي الضحوي الغاش الحجر
وكذلك مدحت البخيت حينما استبسل في تلك العركة بقولها:
اللدروع كفات حلال القبيض يوم السلاح صافات
تسلم يا ابو عروض وتلزم البجن صافات
لي المابي لي عجبوني تيراني يا الشادين قفاي أنا مطرقا لساني
كما وصفت أشقاء البخيت الذين استبسلوا في تلك العركة وكانوا كالديدان وهم (أبوزيد وموسى ومحمد وعبد المجيد وعامر وعبد الدائم والطيب) حيث قالت الشاعرة زينب ممجدة اقدامهم وشجاعتهم:
أنا ليهم بجر كلام دخلوها وصقيرا حام
ولا قرقر ملأ للوسادة برنو وشال لي مكادة
(مكادة هي الحبشة) ، وتواصل الشاعرة ألقها بقولها البديع:
ديل جنيات النداده سيدي الدار في السيادة
والله قرقر فوق لي الدرب وربط الهوي والشرق
كدي ميزولنا الضرب ديل جنياتنا ما بتنغلب
عبد الدائم شقَ سيرو من ولدوهو الشكره هيلو
الخصيم ما بكيلو صوتو بيهجل قبيلو
سم أب درق البصقع جدري القيعة البفقع
ولا صوتاً مانع بردع الطيب في شطارتو مبدع
سم أبو درق الجدادي تكل الجدري البعادي
لي الخصيم ضربو بآزي موسى المر الحجازي
والله عامر سوقك مبدر مجرجر توبك مسبل
الطيب للشر مبدر مو التكل المجدر
عبد الدائم معاهو اخوانو طافوا البلاء في بكانو
خصماهو قنعو قامو الصف العامر زحامو
هو مستعد لي لطامو
أنا نميت جبت قلبو فشلوا القالوا قصوا دربو
زي السندالة قلبو
أنا غنيت جبت غناكم يا البينين هوي براكم
البدوركم تراكم جلق الطير لي غداكم
الصف العامر رجاكم اتباشروا لي بلاكم
واركزوا زينب وراكم
جروا لي مرة سوطكم وروني الليلة صوتكم
واتباشروا الله فوقكم
الجدير بالذكر أن الشاعرة زينب بابكر الشوبلي ألفت أيضاً قصيدة (البازل بابكر) في جدها بابكر ضحوي والتي تغني بها مجموعة من المطربين منهم الاستاذ المرحوم (بادي محمد الطيب) وغيره ، كما ان البخيت ود بابكر عندما اظهر جانباً من الاقدام امام قوة الجهادية التي اغتصبت مجموعة من الابقار خاصة شقيقته الشاعرة (النّور بت بابكر) وقام بصد تلك القوة وارجاع الابقار لها مما جعلها تمدحه بقصيدة اصبحت من الأغنيات المشهورة التي تغني بها الفنان الراحل (خلف الله حمد) أغنية (ماحرسوا الجري) والتي سوف اتناولها في العدد القادم، كما تغنى الفنان خلف الله حمد أيضاً بأغنية (أنا ليهم بجر كلام) ومن ثم أصبحت مشاعة وملك عام للمطربين المخضرمين والمجايليين بإعتبارها من اغنيات التراث القومي، فلله در تلك الشاعرة المجيدة (زينب بابكر عبد الله الشوبلي) وهي تنشر الفرح والحماسة في ربوع بلادنا وقد شمخ أبناء عمومتها وكانوا أبطالاً كمثل البطل محمود ود بساطي احد ضباط قوة دفاع السودان والذي منحه الحكم الثنائي رتبة بك لشجاعته واقدامه في الحرب العالمية الثانية مما جعل شقيقته آمنة تمدحه بقولها:
أبوك بساطي القبيل تبراهو الشعبة والجنزير
غير خالد ماليك تنين وعرش دود الاربعين
السيل بوبا يا الفوتك مو دحين







Post: #138
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 12-05-2012, 12:03 PM
Parent: #137

الغرب يترافف كلو
جاب نساما حلو
عديد ناس راهب طلو
علي البجفل من ضلو


مغرِب وين ماشي
جيب أم حنين قاسي
الدفتر فوق راسي
إلا القلم مافي


جقلة الضيم ما يضلك
جبال القيقر هلّك
سيدك يوم بحضرلك
بي دم روحه بحلك


واصل يا ود القرشي هذا الإبداع الدافق وفقك الله وأطربك كما أطربتنا

قش

Post: #139
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 12-05-2012, 12:26 PM
Parent: #138

من شعر ود أم سيالة(دوبيت)



حِجيرْ جبَره أَبُوي مَرَاكِب سَبْعَه شَالَنُّو جَن كاتَّاتْ
وجَــوز الوز رَطَــن في غُــرَّة المـوجاتْ
يا حِجيرْ جَبْرَه أَبـوي مـَـوز الجَنَايـِــن فاتْ
وجُروح الكَـبْده متباريه ودَمِيــها شَتَـــاتْ



حِجير جـبره أبوي الليله أَقِيف و اتْشَمّرْ
ليْ نخل الرَوبو جَرْجَرْ شال ثمار واتعمّرْ
مــكْلوف دُنْقُـلا الخَلاَّ القَلِبْ يتهمّــرْ
أَخَدَر لونو أَدْعَجْ ومِن فُؤادو مَضَمَّــرْ

Post: #140
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 12-05-2012, 03:03 PM
Parent: #139

أعزيك أخي محمد التجاني عمر قش

في وفاة كنز الدوبيت الفنان والشاعر ود ام سياله

واتمنى ان توثق لهذا الشاعر الكبير

له الرحمة والمغفرة




Post: #141
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 12-06-2012, 06:56 AM
Parent: #140

الأخوة دكتور القرشي والاستاذ خالد لكم التحايا افتقدكم البوست في الايام الماضية مع اني سويت (نحالتين تلاتة) لكن بعد ذلك اخذوني
ناس ابان عقال بعيدا .....!
ما دام انت في ابو قبة فحل الديوم دي مُسيال درت للاستاذ خالد
يا طير مشيت بديك جواب مكتوب
سلِّم لي بلل ؤ أُمْحُمَّد الشبشوب
الهدَّايهُن رقد من يمَّهُن مغلوب
قوم اركب تعال شوف مرعي ناس (حيدوب)
في القش البحبَّنُّو النفوس مرغوب
دشرهن عزَّلُو ؤ مسك العضاوة بِلوب
والتّيس العلي اُم زانوق تِعلِّي الرُّوب
اصبح عيل إحشِّر منهن مضروب
اصبر يوم نجيبهن ليك متل الطوب
ؤ قلبك كان يجيك من أم جرورة إتُّوب
عمنا الدليل الراحل موسي ود محمد ود عبدالله شقيق التريح راوي فرسان كنجرت
ويا استاذ خالد هو والد الاستاذ بلو موسي معاك بالأبيض ارجو ان توثق منه لوالده لأنه من اروع الشعراء خاصة في غنا الجالسة وبجيكم صاد
محبتي للجميع

Post: #144
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 12-06-2012, 11:31 AM
Parent: #141

من أغنيات التراث
فارس الحديد الحمي



كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
أصبح السودان رقماً يتردد بين الشعوب والأمم بعد معركة شيكان والتي كانت قاصمة الظهر للاستعمار التركي بالبلاد ومن ثم جاءت الوفود من كل البقاع مهنئة ومباركة ومؤيدة للإمام المهدي لذلك تعتبر شيكان نقطة تحول رئيسية في مسار الثورة المهدية إذ عمل الامام المهدي على الاتصال بقيادات القبائل والمشائخ والطرق الدينية وكان السيد المكي ابن الشيخ اسماعيل الولي أول المؤيدين له بل كان همزة الوصل بينه والزعماء والأعيان حيث انضم نفر كريم للثورة المهدية بمدينة الابيض مثل الياس باشا امبرير ، كما كان لمنشورات المهدي دورها الكبير وما ساعد على ذلك صفات المهدي الشخصية والقيادية وامتلاكه لكاريزما أثرت على الجماعات والافراد وقد وصفه سلاطين باشا بقوله (هو رجل قوي البنية طويل القامة عريض الكتفين ضخم الرأس يلفت النظر إليه بعينين عسليتين براقتين تحف بوجهه لحية حالكة السواد وتميزه ثلاث فصائد قبلية مائلة، دائم الابتسامة)، أما طريقته في إدارة المعارك فإنه كان يعتلي ظهر ناقته ويسير بها خلف الجيش حتى يصبح على مرأي من العدو بعدها تتقدم رايته حسب المخطط بينه وبين قادته، وقد لخص الكردفاني إدارته للمعارك نقلاً عنه فقال (في حالة الحرابة اكون خلف أصحابي وعند الفزعة أكون وسط الجيش وفي حال التوجه لأي موقع أكون خلفهم لأن نظري لهم خيراً من نظرهم لي) ، لذلك عندما استولى المهدي على الأبيض أصبح خطراً ماثلاً للاستعمار لأنه لاشك سوف يزحف لاسترداد الخرطوم مما استدعى ارسال حملة كبيرة بقيادة الجنرال هكس باشا ونائبه القائد العام علاء الدين حكمدار السودان آنذاك ورئيس الاركان فرك هار والكابتن هرلث من هيئة الأركان وعباس باشا سكرتير حكمدار السودان و ميخائيل ناصف مترجم وسكرتير القائد العام وكان قوام الحملة عشرين ألفاً من البشر والدواب مما قلل من سرعة تحركها حيث كانت الدويم منطقة الانطلاق عبر طريق الرهد الأبيض وكان أول حدث جلل في نقطة شات هو هروب الامباشي (أبو الفارس سليمان) بجمل سريع ومعه ذخيرته وسلاحه خاصة و هو على علم بحال الحملة واشكالاتها واختلاف ########ها وانضم للمهدي بكرفان مما جعل المهدي يعين الأمراء الثلاثة (ابو قرجة وعبد الحليم مساعد وعمر الياس) في قوة قوامها ثلاثة آلاف مقاتل لمناوشة الحملة ولكن العبء الاكبر وقع على الأمير حمدان أبو عنجة قائد الجهادية من خلال ادارته لمعركة اعتراضية بعد اصداره اوامراً للقادة (فضل المولى صابون – الزاكي طمل – النور عنقرة ) برشق المربع الحربي لهكس دون توقف و قد اشتهرت تلك الليلة (بليلة حمدان) والتي وصفها المحلل العسكري والباحث العقيد (محمد سليمان احمد) في تحليله لمعركة شيكان بأنها كانت معزوفة لحن ما قبل الختام لأنها كانت يوم الاحد الرابع من نوفمبر عام 1883م، حيث أن أصداء نيران الجهادية ترددت في جنبات زريبة هكس بغابة شيكان مما أوضح بجلاء مصير تلك الحملة وأجلها المحتوم إذ تلاشت آمال الجنرال في النصر او النجاة مع اسدال الظلام عن تلك الليلة فكانت الهزيمة في نهار الأثنين 5/نوفمبر/1883م واغتيال الجنرال هكس ومعه قوته البالغة ثلاثة عشر ألف جندياً فيما خسرت قوات المهدية مائتين قتيلاً فقط لذلك كان للجهادية الدور الكبير في حسم معركة شيكان مع آخرين وبإنتهاء المعركة انتقل المهدي من مرحلة الدفاع للهجوم ويمم شطره صوب الخرطوم كما أشار شيخ شعراء كردفان قاسم عثمان بريمة في اوبريت شيكان بقوله:
نضفوا كردفان والله أكبر دوت شدوا الصافنات قدامٌ صقورهم خوت
وصولوا البقعة وكتين البنادق عوت عاسوا عوسهم تمام امانة الحراب ما سوت
سجل التاريخ حكايتو بين القصر والخيمة وكانت ليلة حارة واليوم وجب فخيمه
شبعت صقورا وقدلت ام مارخيمه وكانت الجثة في القصر والرأس في باب الخيمه
ومن حظ (هكس وغردون) العاثر أن اوقعهما القدر امام قوة شعب مجاهد عرف بالثبات في المحاصة كما وصفته (بنونة بت محمد ود نمر) حينما رثت عمارة ود المك فقالت:
في الديوان دخل ما هو العرور البوص للسردار نتر ودا الجواب مخصوص
إيدك وابل أم برقاً بشيل حرقوص يا ضراب عراطم الدندنه أم عركوس
ولكن سرعان ما ترنحت الثورة المهدية بعد وفاة الامام المهدي في 22/يونيو/1885م، خاصة وقد احاطت بخلفه الخليفة عبد الله العديد من الاشكالات و الخلافات حيث تفاقمت الامور مع هزيمة جيش عثمان دقنة من الاحباش عام 1885م كما نشب تمرد في الغرب مع انتشار السنوسية في شمال افريقيا ولكن جيش الخليفة عاد بقوة وهزم الاحباش في (قندار) وقتل الملك (يوحنا) نجاشي الاحباش في القلابات ومن ثم تفرغ الخليفة لغزو مصر في عام 1889م بجيش إسندت قيادته للامير عبد الرحمن النجومي والذي التحم في 3/أغسطس من نفس العام مع جيش السردار (قرانفيل) في توشكي واستشهد ود النجومي مع ألف ومائتين من رجاله وأسر أربعة آلاف من محاربيه ولكن الدولة المهدية احاطت بها مشاكل عديدة من تفشي للامراض وتوقف للزراعة فحلت المجاعات وانفرط تبعاً لذلك عقد الامن والنظام فتحولت بعض القوات النظامية للسلب، وفي حوالي عام 1890م هجمت قوة من الجهادية على منطقة (أم مغد) التي أسسها (عبد الله الدسيس) وليس (الدفيس) (كما ورد خطأً في مقالي السابق)، وكانت تلك الهجمة بقصد السلب وحينها كانت الحراسة في تلك الليلة على عمدة المنطقة (البخيت و د بابكر ضحوي) حيث قام الجهادية بنهب مجموعة من الأبقار خاصة شقيقته الشاعرة الميرم (النّور بت بابكر ضحوي) والتي هبت لديوان شقيقها (البخيت) مخاطبة له بقولها: (إت مصنقر راقد وأنا بقري كتلن) فما كان منه إلا أن شد حصانه لوحده وكانت هي من خلفه تحمل عودين وسرعان ما لحق البخيت بالقوة الغاشمة بالقرب من منطقة ألتي ودخل معهم في عركة كبيرة في بداية النزال حتى ضرب في وجهه وعندما وصل النبأ إلى القرية شمر أشقاء البخيت وأبناء عمومته واهله العوضية عن سواعدهم ولحق فزعهم بالقوة الباغية والتي هزموها تماماً وقاموا بإرجاع الابقار لزريبة الشاعرة النّور بعد لطام حقيقي وفداءِ عظيم سالت فيه الدمار ركب، مما حرك احاسيس ووجدان الشاعرة (النّور بت بابكر ضحوي) والتي كانت مزهوة بالنصر والفال فألفت قصيدة رائعة وصفت فيها بسالة البخيت وفرسان منطقتها و ذلك حسب افادة مجموعة من الباحثين بالمنطقة منهم المؤرخ الباحث (على ابوزيد بابكر البخيت) حفيد البخيت ود بابكر والاستاذ عوض الله فضل السيد احمد عوض الكريم وكلاهما من منطقة ام مغد، وأصبحت تلك القصيدة من أغنيات التراث الشعبي المشهورة ومن اغنيات الحماسة التراثية الذائعة الصيت خاصة حينما تغني بها الفنان الكبير الراحل (خلف الله حمد) وهي اغنية (فارس الحديد الحمي) والتي استهلتها النّور بقولها:
ما حرسو الجري وصدرك موشح بالدمي ما بخاف فارس الحديد الحمي
يا فارس الالوف الأت كفيتن وكبست الدروع وشلعت خوداتن
فارسنا البخيت التم شكراتن وصديت الخيول وقمحت ركباتن
ما بخاف فارس الحديد الحمي
من قومة الجهل الخوف ولا قسمو ومتبون في المحاص وفي الدود كتر عشمو
بدخل فوق بكاناً النحاس خلف شتمو وركز البخيت الفال والنصر ختمو
من قومة الجهل الخوف ولاكارو والهوي والشرق اتصنطو افعالو
العوق اب صفوف قالوا البخيت شالو مضروب في الوجن ولا جاني بي شمالو
ما بخاف فارس الحديد الحمي
(العوق اب صفوف هم مجموعة من الفرسان يركبون الخيول دفعة واحدة و مضروب في الوجن تعني انه مضروب من الامام وليس الخلف بمعنى أنه لم يهرب وإنما ثبت في العركة)، وتواصل الشاعرة النّور بت بابكر مفرداتها الحماسية والقوية في مدحها للبخيت ورفاقه فتقول:
ماحضروا معاك اخوانك الصلاط وقمزوا الخط على خيلاً بجن غايرات
بدخل في بكانن حرابو منشبكات وجي مرهون على جفونو الدمي سايلات
ماحضروا معاك أخوانك الديدان وقمزوا الخط على خيلاً بجن ريقان
وكت الشوف بشوف صدرك يزم دلهان سوالم جهاد همزة وعلى وعثمان
ما بخاف فارس الحديد الحمي ..الخ
ولأن منطقة أم مغد تعتبر من المناطق الرائدة لذلك اشتهرت بالعديد من الاغنيات التراثية سواء ان كانت من الشاعرة النّور بت بابكر ضحوي أم من ابنة عمها (زينب بابكر عبد الله الشوبلي) والتي ألفت قصيدة (البازل بابكر) في جدها بابكر ضحوي المشهور في المنطقة بالكرم والشجاعة والتي أصبحت من اغنيات التراث المشهورة حيث قالت في بعض مفرداتها:
بجر القول والشكر لي البازل بابكر
يا بنية جري الكلام لي الأسد الما بنضام
ضيفو ما نبشو قام أبوي قدحو سبق الكلام
يا بنية جري القدح للأسد الما انفضح
ومما قايم قرح بحر المالح طمح
ولكن لايستغرب ذلك العطاء والكرم من البازل بابكر فهو من منطقة انجبت الشيخ مضوي ابن الفكي الامام ود عبد الله من ذرية شيخ موسى أبو قرين والذي ولد بأم مغد و نشأ بين ابنائه من العلماء والصالحين في مسيد أجداده الذي كان عامراً بالذكر والخلاوى في طيبة (أم برام) على مقربة من أم مغد حيث أخذ الطريق القادري عن الشيخ عوض الجيد (تور عفينه) هو والشيخ (محمد ود بدر) وكانا اخوين في الطريق وهو أول من نقل المسيد من طيبة ام برام لأم مغد وبنى مسيداً مكون من خلوة ومسجد و مضيفة وزاوية للاذكار وقد توفى قبل الشيخ العبيد ود بدر بسنتين عن عمر ناهز المائه وعشر سنة ودفن بأم مغد ومن احفاده الشيخ محمد على والذي ولد بأم مغد عام 1263هـ ودرس القرآن الكريم بسنار عاصمة مملكة الفونج حينئذ، وسلك الطريق القادري على يد الشيخ محمد ود بدر ثم تعلم من الشيخ ابراهيم بالنيل الأبيض ومن ثم استلم امامة الجامع مع شقيقه ابراهيم وقاما برعاية آثار أبيهما الفكي مضوي في التعليم والأمانة والإرشاد وبعد مائه عام أي في حوالي 1946م توفى الشيخ محمد على وخلفه ابنه موسى ثم توفى الشيخ ابراهيم في عام 1952م ولعل ذلك المعين الطيب لم ينضب وانما تواصل الالهام الادبي لشاعرات المنطقة حيث ورثت النّور بت بابكر ضحوي حفيدتها (النّور بت عبد الرحمن ود موسى) والتي كانت شاعرة مجيدة في منتصف القرن الماضي وقد تجلت وابدعت في قصيدتها المشهورة التي ألفتها عندما تعرض احد أبناء منطقة الجريف للغرق بأم مغد فأصابها الحزن عليه لاسيما وقد كان على وشك الزواج حيث حضر للمنطقة لتقديم الدعوة لأهله باعتبار أن أمه من منطقة أم مغد مما حدا بالشاعرة النّور بت عبد الرحمن ود موسى أن تؤلف مناحة حزينة قالت فيها:
الوليد الضيف غرقتنو كيف
وجيبو لي هدومو الراقدة فوق القيف
وآ سواد أمو الأهلو في الجريف
بنات عمو جن من كبار لي صغار
وحزنانات عليه مليانات غبار
وشالن الليل بكى لامن جي النهار
تلك الأغنية التراثية الرائعة تغنى بها الفنان مصطفى مضوي فزادها ألقاً وجمالاً في الثمانينات من القرن الماضي.
لله در شاعرات بلادنا اللاتي ألهبن الحماس والشعور وحفظن القيم ومكارم الاخلاق في بلد ظل على الدوام يمثل الغدوة الحسنة للامم والشعوب الاخرى وإن جار عليه الزمان ولكنه في النهاية سيكون خنجراً للاعداء والغاصبين كقول الشاعر:
لما الليل الظالم طول
قلنا نعيد الماضي الأول
ماضي جدودنا الهزموا الباغي
وهدوا قلاع الظلم الطاغي
ولكن كل ما نخشاه أن تدور فتنة ببلادنا فلا نجد سبيلاً لإخمادها فنصبح في حيرة كحيرة الخليفة الراحل (محمد ود دوليب) شيخ الطريقة التجانية والذي عبر عن تلك الفتنة في منظومته التي ألفها عام 1113هـ وقال في بعض مقاطعها:
فتن السودان سبع بلا مرا فهذه منها وشرها يرى
بالرمز (زمع ثم افتد) كان يرى بها خراب يبتدى



Post: #145
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 12-06-2012, 11:33 AM
Parent: #141

من أغنيات التراث
فارس الحديد الحمي



كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
أصبح السودان رقماً يتردد بين الشعوب والأمم بعد معركة شيكان والتي كانت قاصمة الظهر للاستعمار التركي بالبلاد ومن ثم جاءت الوفود من كل البقاع مهنئة ومباركة ومؤيدة للإمام المهدي لذلك تعتبر شيكان نقطة تحول رئيسية في مسار الثورة المهدية إذ عمل الامام المهدي على الاتصال بقيادات القبائل والمشائخ والطرق الدينية وكان السيد المكي ابن الشيخ اسماعيل الولي أول المؤيدين له بل كان همزة الوصل بينه والزعماء والأعيان حيث انضم نفر كريم للثورة المهدية بمدينة الابيض مثل الياس باشا امبرير ، كما كان لمنشورات المهدي دورها الكبير وما ساعد على ذلك صفات المهدي الشخصية والقيادية وامتلاكه لكاريزما أثرت على الجماعات والافراد وقد وصفه سلاطين باشا بقوله (هو رجل قوي البنية طويل القامة عريض الكتفين ضخم الرأس يلفت النظر إليه بعينين عسليتين براقتين تحف بوجهه لحية حالكة السواد وتميزه ثلاث فصائد قبلية مائلة، دائم الابتسامة)، أما طريقته في إدارة المعارك فإنه كان يعتلي ظهر ناقته ويسير بها خلف الجيش حتى يصبح على مرأي من العدو بعدها تتقدم رايته حسب المخطط بينه وبين قادته، وقد لخص الكردفاني إدارته للمعارك نقلاً عنه فقال (في حالة الحرابة اكون خلف أصحابي وعند الفزعة أكون وسط الجيش وفي حال التوجه لأي موقع أكون خلفهم لأن نظري لهم خيراً من نظرهم لي) ، لذلك عندما استولى المهدي على الأبيض أصبح خطراً ماثلاً للاستعمار لأنه لاشك سوف يزحف لاسترداد الخرطوم مما استدعى ارسال حملة كبيرة بقيادة الجنرال هكس باشا ونائبه القائد العام علاء الدين حكمدار السودان آنذاك ورئيس الاركان فرك هار والكابتن هرلث من هيئة الأركان وعباس باشا سكرتير حكمدار السودان و ميخائيل ناصف مترجم وسكرتير القائد العام وكان قوام الحملة عشرين ألفاً من البشر والدواب مما قلل من سرعة تحركها حيث كانت الدويم منطقة الانطلاق عبر طريق الرهد الأبيض وكان أول حدث جلل في نقطة شات هو هروب الامباشي (أبو الفارس سليمان) بجمل سريع ومعه ذخيرته وسلاحه خاصة و هو على علم بحال الحملة واشكالاتها واختلاف ########ها وانضم للمهدي بكرفان مما جعل المهدي يعين الأمراء الثلاثة (ابو قرجة وعبد الحليم مساعد وعمر الياس) في قوة قوامها ثلاثة آلاف مقاتل لمناوشة الحملة ولكن العبء الاكبر وقع على الأمير حمدان أبو عنجة قائد الجهادية من خلال ادارته لمعركة اعتراضية بعد اصداره اوامراً للقادة (فضل المولى صابون – الزاكي طمل – النور عنقرة ) برشق المربع الحربي لهكس دون توقف و قد اشتهرت تلك الليلة (بليلة حمدان) والتي وصفها المحلل العسكري والباحث العقيد (محمد سليمان احمد) في تحليله لمعركة شيكان بأنها كانت معزوفة لحن ما قبل الختام لأنها كانت يوم الاحد الرابع من نوفمبر عام 1883م، حيث أن أصداء نيران الجهادية ترددت في جنبات زريبة هكس بغابة شيكان مما أوضح بجلاء مصير تلك الحملة وأجلها المحتوم إذ تلاشت آمال الجنرال في النصر او النجاة مع اسدال الظلام عن تلك الليلة فكانت الهزيمة في نهار الأثنين 5/نوفمبر/1883م واغتيال الجنرال هكس ومعه قوته البالغة ثلاثة عشر ألف جندياً فيما خسرت قوات المهدية مائتين قتيلاً فقط لذلك كان للجهادية الدور الكبير في حسم معركة شيكان مع آخرين وبإنتهاء المعركة انتقل المهدي من مرحلة الدفاع للهجوم ويمم شطره صوب الخرطوم كما أشار شيخ شعراء كردفان قاسم عثمان بريمة في اوبريت شيكان بقوله:
نضفوا كردفان والله أكبر دوت شدوا الصافنات قدامٌ صقورهم خوت
وصولوا البقعة وكتين البنادق عوت عاسوا عوسهم تمام امانة الحراب ما سوت
سجل التاريخ حكايتو بين القصر والخيمة وكانت ليلة حارة واليوم وجب فخيمه
شبعت صقورا وقدلت ام مارخيمه وكانت الجثة في القصر والرأس في باب الخيمه
ومن حظ (هكس وغردون) العاثر أن اوقعهما القدر امام قوة شعب مجاهد عرف بالثبات في المحاصة كما وصفته (بنونة بت محمد ود نمر) حينما رثت عمارة ود المك فقالت:
في الديوان دخل ما هو العرور البوص للسردار نتر ودا الجواب مخصوص
إيدك وابل أم برقاً بشيل حرقوص يا ضراب عراطم الدندنه أم عركوس
ولكن سرعان ما ترنحت الثورة المهدية بعد وفاة الامام المهدي في 22/يونيو/1885م، خاصة وقد احاطت بخلفه الخليفة عبد الله العديد من الاشكالات و الخلافات حيث تفاقمت الامور مع هزيمة جيش عثمان دقنة من الاحباش عام 1885م كما نشب تمرد في الغرب مع انتشار السنوسية في شمال افريقيا ولكن جيش الخليفة عاد بقوة وهزم الاحباش في (قندار) وقتل الملك (يوحنا) نجاشي الاحباش في القلابات ومن ثم تفرغ الخليفة لغزو مصر في عام 1889م بجيش إسندت قيادته للامير عبد الرحمن النجومي والذي التحم في 3/أغسطس من نفس العام مع جيش السردار (قرانفيل) في توشكي واستشهد ود النجومي مع ألف ومائتين من رجاله وأسر أربعة آلاف من محاربيه ولكن الدولة المهدية احاطت بها مشاكل عديدة من تفشي للامراض وتوقف للزراعة فحلت المجاعات وانفرط تبعاً لذلك عقد الامن والنظام فتحولت بعض القوات النظامية للسلب، وفي حوالي عام 1890م هجمت قوة من الجهادية على منطقة (أم مغد) التي أسسها (عبد الله الدسيس) وليس (الدفيس) (كما ورد خطأً في مقالي السابق)، وكانت تلك الهجمة بقصد السلب وحينها كانت الحراسة في تلك الليلة على عمدة المنطقة (البخيت و د بابكر ضحوي) حيث قام الجهادية بنهب مجموعة من الأبقار خاصة شقيقته الشاعرة الميرم (النّور بت بابكر ضحوي) والتي هبت لديوان شقيقها (البخيت) مخاطبة له بقولها: (إت مصنقر راقد وأنا بقري كتلن) فما كان منه إلا أن شد حصانه لوحده وكانت هي من خلفه تحمل عودين وسرعان ما لحق البخيت بالقوة الغاشمة بالقرب من منطقة ألتي ودخل معهم في عركة كبيرة في بداية النزال حتى ضرب في وجهه وعندما وصل النبأ إلى القرية شمر أشقاء البخيت وأبناء عمومته واهله العوضية عن سواعدهم ولحق فزعهم بالقوة الباغية والتي هزموها تماماً وقاموا بإرجاع الابقار لزريبة الشاعرة النّور بعد لطام حقيقي وفداءِ عظيم سالت فيه الدمار ركب، مما حرك احاسيس ووجدان الشاعرة (النّور بت بابكر ضحوي) والتي كانت مزهوة بالنصر والفال فألفت قصيدة رائعة وصفت فيها بسالة البخيت وفرسان منطقتها و ذلك حسب افادة مجموعة من الباحثين بالمنطقة منهم المؤرخ الباحث (على ابوزيد بابكر البخيت) حفيد البخيت ود بابكر والاستاذ عوض الله فضل السيد احمد عوض الكريم وكلاهما من منطقة ام مغد، وأصبحت تلك القصيدة من أغنيات التراث الشعبي المشهورة ومن اغنيات الحماسة التراثية الذائعة الصيت خاصة حينما تغني بها الفنان الكبير الراحل (خلف الله حمد) وهي اغنية (فارس الحديد الحمي) والتي استهلتها النّور بقولها:
ما حرسو الجري وصدرك موشح بالدمي ما بخاف فارس الحديد الحمي
يا فارس الالوف الأت كفيتن وكبست الدروع وشلعت خوداتن
فارسنا البخيت التم شكراتن وصديت الخيول وقمحت ركباتن
ما بخاف فارس الحديد الحمي
من قومة الجهل الخوف ولا قسمو ومتبون في المحاص وفي الدود كتر عشمو
بدخل فوق بكاناً النحاس خلف شتمو وركز البخيت الفال والنصر ختمو
من قومة الجهل الخوف ولاكارو والهوي والشرق اتصنطو افعالو
العوق اب صفوف قالوا البخيت شالو مضروب في الوجن ولا جاني بي شمالو
ما بخاف فارس الحديد الحمي
(العوق اب صفوف هم مجموعة من الفرسان يركبون الخيول دفعة واحدة و مضروب في الوجن تعني انه مضروب من الامام وليس الخلف بمعنى أنه لم يهرب وإنما ثبت في العركة)، وتواصل الشاعرة النّور بت بابكر مفرداتها الحماسية والقوية في مدحها للبخيت ورفاقه فتقول:
ماحضروا معاك اخوانك الصلاط وقمزوا الخط على خيلاً بجن غايرات
بدخل في بكانن حرابو منشبكات وجي مرهون على جفونو الدمي سايلات
ماحضروا معاك أخوانك الديدان وقمزوا الخط على خيلاً بجن ريقان
وكت الشوف بشوف صدرك يزم دلهان سوالم جهاد همزة وعلى وعثمان
ما بخاف فارس الحديد الحمي ..الخ
ولأن منطقة أم مغد تعتبر من المناطق الرائدة لذلك اشتهرت بالعديد من الاغنيات التراثية سواء ان كانت من الشاعرة النّور بت بابكر ضحوي أم من ابنة عمها (زينب بابكر عبد الله الشوبلي) والتي ألفت قصيدة (البازل بابكر) في جدها بابكر ضحوي المشهور في المنطقة بالكرم والشجاعة والتي أصبحت من اغنيات التراث المشهورة حيث قالت في بعض مفرداتها:
بجر القول والشكر لي البازل بابكر
يا بنية جري الكلام لي الأسد الما بنضام
ضيفو ما نبشو قام أبوي قدحو سبق الكلام
يا بنية جري القدح للأسد الما انفضح
ومما قايم قرح بحر المالح طمح
ولكن لايستغرب ذلك العطاء والكرم من البازل بابكر فهو من منطقة انجبت الشيخ مضوي ابن الفكي الامام ود عبد الله من ذرية شيخ موسى أبو قرين والذي ولد بأم مغد و نشأ بين ابنائه من العلماء والصالحين في مسيد أجداده الذي كان عامراً بالذكر والخلاوى في طيبة (أم برام) على مقربة من أم مغد حيث أخذ الطريق القادري عن الشيخ عوض الجيد (تور عفينه) هو والشيخ (محمد ود بدر) وكانا اخوين في الطريق وهو أول من نقل المسيد من طيبة ام برام لأم مغد وبنى مسيداً مكون من خلوة ومسجد و مضيفة وزاوية للاذكار وقد توفى قبل الشيخ العبيد ود بدر بسنتين عن عمر ناهز المائه وعشر سنة ودفن بأم مغد ومن احفاده الشيخ محمد على والذي ولد بأم مغد عام 1263هـ ودرس القرآن الكريم بسنار عاصمة مملكة الفونج حينئذ، وسلك الطريق القادري على يد الشيخ محمد ود بدر ثم تعلم من الشيخ ابراهيم بالنيل الأبيض ومن ثم استلم امامة الجامع مع شقيقه ابراهيم وقاما برعاية آثار أبيهما الفكي مضوي في التعليم والأمانة والإرشاد وبعد مائه عام أي في حوالي 1946م توفى الشيخ محمد على وخلفه ابنه موسى ثم توفى الشيخ ابراهيم في عام 1952م ولعل ذلك المعين الطيب لم ينضب وانما تواصل الالهام الادبي لشاعرات المنطقة حيث ورثت النّور بت بابكر ضحوي حفيدتها (النّور بت عبد الرحمن ود موسى) والتي كانت شاعرة مجيدة في منتصف القرن الماضي وقد تجلت وابدعت في قصيدتها المشهورة التي ألفتها عندما تعرض احد أبناء منطقة الجريف للغرق بأم مغد فأصابها الحزن عليه لاسيما وقد كان على وشك الزواج حيث حضر للمنطقة لتقديم الدعوة لأهله باعتبار أن أمه من منطقة أم مغد مما حدا بالشاعرة النّور بت عبد الرحمن ود موسى أن تؤلف مناحة حزينة قالت فيها:
الوليد الضيف غرقتنو كيف
وجيبو لي هدومو الراقدة فوق القيف
وآ سواد أمو الأهلو في الجريف
بنات عمو جن من كبار لي صغار
وحزنانات عليه مليانات غبار
وشالن الليل بكى لامن جي النهار
تلك الأغنية التراثية الرائعة تغنى بها الفنان مصطفى مضوي فزادها ألقاً وجمالاً في الثمانينات من القرن الماضي.
لله در شاعرات بلادنا اللاتي ألهبن الحماس والشعور وحفظن القيم ومكارم الاخلاق في بلد ظل على الدوام يمثل الغدوة الحسنة للامم والشعوب الاخرى وإن جار عليه الزمان ولكنه في النهاية سيكون خنجراً للاعداء والغاصبين كقول الشاعر:
لما الليل الظالم طول
قلنا نعيد الماضي الأول
ماضي جدودنا الهزموا الباغي
وهدوا قلاع الظلم الطاغي
ولكن كل ما نخشاه أن تدور فتنة ببلادنا فلا نجد سبيلاً لإخمادها فنصبح في حيرة كحيرة الخليفة الراحل (محمد ود دوليب) شيخ الطريقة التجانية والذي عبر عن تلك الفتنة في منظومته التي ألفها عام 1113هـ وقال في بعض مقاطعها:
فتن السودان سبع بلا مرا فهذه منها وشرها يرى
بالرمز (زمع ثم افتد) كان يرى بها خراب يبتدى



Post: #142
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: هاشم محمد الحسن عبدالله
Date: 12-06-2012, 10:36 AM
Parent: #1

الاخ العزيز الدكتور احمد القرشى ، خالص التحيات لك ولاسرتك الكريمة ، ومشتاقين والله لابداعك، والواقع كان هناك تبادل خواطر بيننا فلقد كان فى بالى أن أثير هذا الامر عبر المنبر بالتنسيق معك، فالاخ خالد الشيخ بجانب ماتربطنى به من أواصر القرابة والمصاهرة الا أنه يظل مبدعا سودانيا نموذجيا ، لم يجد قدره من الاعلام لابراز مجهوداته الضخمة فى خدمة تراث الأغنية السودانية وبذل كثير من الجهد والمال فى سبيل ذلك مضحيا بكثير من الفرص التجارية المتاحة له ليغوص فى التراث ويستخرج هذه الدرر الثمينة، وحسب علمى فأن لديه الآلاف المذكرات hgj,edrdm لكثير من الاغانى السودانية والكردفانية بصفة خاصة، ولابد من نشر هذا الانتاج والعمل الضخم الممتد خلال سنوات فالكثيرون يجهلونه، وللأسف هناك من دعاة معرفة التراث وبحورها يخضون فى هذا الامر دونما المام ودراسة وجهد مبذول، وهناك ياأحمد من يسرق مجهودات خالد وينسبه لشخصه ، وهذه سرقة واضحة واعدار لكل قوانين الملكية الفكرية .

أننى أقترح ان تقوم جهة معينة بطبع تراث خالد ومخططاته العديدة وان تخضع أيضا للتحليل والدراسة من المختصين قبل طباعتها ونشرها، لأنها تسعى لاحقاق كثير من الحقوق الأدبية والفنية لكثير من مبدعى وطنى العزيز، آمل ياأحمد ان تسعى بعلاقتك الطيبة بالمهندس بكرى للنظر فى المساعدة فى هذا الامر ، مع خالص الود لك .

Post: #143
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 12-06-2012, 11:13 AM
Parent: #142

خواطر ونقيب بين النشوغ والدمر

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادٍ وحولي أذخر وجليل
وهل أردن يوماً مياه مجنة وهل تبدون لي شامة وطفيل
" شاعر جاهلي"
عندما أحاول الكتابة عن شمال كردفان، فإنها تقترن في ذهني بأرض البطانة، وتقفز إلى الذاكرة خواطر الطفولة والصبا الباكر،وتظل أبداً حية في الأعماق؛ لأنها تعبق بصدى أوائل ستينات القرن الماضي فأحن إلى ريرة وأم بادر على حدٍ سواء لشدة ما بينهما من تشابه في كثير من الأحوال والظروف والتداعيات الوجدانية، حتى لا يمكن الحديث عن إحداهما دون ذكر الأخرى.ولذلك أذكر روعة الطبيعة ورونقها أيام الخريف، وذلك السحاب المتراكم فيهفو الفؤاد إلى حدثين هما أجمل ما في حياة البادية: النشوغ والدمر. فالشوق إلى المكان مرتبط بالزمان ارتبطاً وجدانياً، فكل منا يميل إلى استرجاع الماضي زماناً ومكاناً بدافع الحنين والتشوق إليه والتغني به وبأمجاد أهله الراحلين، وتذكر الماضي بتفاصيله وشخوصه وأماكنه،لأنه تجسيد لرؤيته في الحياة، وتجسيد للصراع الذاتي أو الداخلي بين الشخص وواقعه في الزمن الحاضر، ولذلك فإن الحنين إلى الماضي يُعد من أكثر الظواهر النفسية شيوعاً بين الكثير من البشر.هذه الأيام أعاني من هذه الظاهرة، وقد زاد الأمر عن كونه تفكيراً عابراً وحنيناً طبيعياً، بل كلما تذكرتُ الماضي استحضرت معه كل متعلقاته بحسرة، وأنا هنا في هضبة نجد وسط جزيرة العرب،بينما تعيش مشاعري بين ربوع كردفان والبطانة. ففي مثل هذه الأيام من كل عام تزدان بوادي شمال كردفان وغيرها من سهول السودان في البطانة بأبهى الحلل، بعد أن تجود عليها السماء بوابل أو طل فتغطي الخضرة كثبانها، وتسيل أوديتها و يعم الفرح والسرور وتشرئب الأرواح والقلوب إلى الرحيل في الظعائن المرتحلات وتمد البدويات أطنابهن في تلك الربوع في منظر هو غاية في الجمال والروعة ونحن هنا في ديار الغربة تعود بنا الذاكرة إلى تلك المشاهد والأزمنة كلما حان وقت الخريف في سوداننا الحبيب رغم ضنك العيش وتبدل الأحوال والناس. فمن منا لم يتصل هاتفياً في هذه الأيام ليسأل عن الخريف والمطر،أقول هذا و بخاطري قول البدوية من ديار الكبابيش:
من طيرة أم بشار
جانا السلف قطار
إتلموا يا عمَار
فرق الموالف حار
و"أم بشار"،كما هو معلوم، هي أول سحب تظهر في السماء مع بداية فصل الخريف ويسميها بعض أهل البادية " صفيحات الغُزُل" لأنها غالباً ما تكون سحب حمراء متفرقة، وهي ذات دلالة خاصة إذ يستعد بعدها الرعاة للرحيل وهذا ما تخشاه هذه البدوية لأنه يعني لها فراق الأحبة من زوج وإخوة وقد يغيبون عنها فترة من الزمن. وهذا الترحال وما يصاحبه من حركة دءوب وانتقال من مكان إلى آخر هو ما جعل الكاتب والمربي الكبير حسن نجيلة يعشق بادية الكبابيش ولذلك فإنّ من يقرأ كتابه ذائع الصيت " ذكرياتي في البادية" لا يملك إلا أن يتمنى أن يعيش تلك الحياة البدوية التي صرنا نخشى عليها من أن تنالها عوامل التغيير نظراً لتغير معطيات كثيرة منها ما يتعلق بالمناخ ومنها ما هو مرتبط بالنشاط البشري والمستجدات التي طرأت على حياة الناس في الآونة الأخيرة.
تهب على الديار هذه الأيام نسمات الخريف الذي ربما بدأ مبكراً هذا العام، فقد جادت السماء بمطر غزير روى مناطق متفرقة في كافة أرجاء البلاد وصارت الخلائق من إنس وحيوان تنظر إلى آثار رحمة الله شاكرة وحامدة. فهذا مزارع يعد أرضه للزراعة، وأصحاب المواشي الآن يستعدون لأيام هي أحلى ما في حياة البداوة والرعي حيث ترتع الأنعام في أرض الله الواسعة وتخضر الأرض ويمتلأ الضرع،ويتغير الحال من بؤس وشقاء وسموم إلى خضرة ونسيم عليل وروعة لا يضاهيها جمال. وإزاء هذا الحال تعود بي الذاكرة إلى أماكن وأزمان قد تطول، وتقفز إلى الذهن صور وخواطر تعبق بذكريات الصبا الباكر، حيث الطفولة في بوادي شمال كردفان وقراها التي نَحِنُ إليها كما تحن الإبل إلى المعطن. أذكر فيها خضرة الطبيعة عندما يكسو الأرض بساط سندسي أخضراء فاقع لونه يسر الناظرين، ويظللها سحاب متراكم ترى الودق يخرج من خلاله، ويلوح من بين ثناياه وميض برق غائر المزن خلب يأخذ الألباب بسحره الآسر، والنجيمات الخجولة تمد أعناقها من بين طيات السحاب كلما كانت الفرصة مواتية ليلاً.
وعقب في القبله لاح حرقوص خلقلو سحابا
لا هلال لا نجم بقت الأرض دهرابا
صبح سيلها ناحر الأرض مسيلو سرابا
وناقصة الحفاير إتقرنن دبابا
وقبيل الظهر تظهر في كبد السماء غيمة راحلة، فتحجب ضوء الشمس فتظل تحاول إرسال أشعتها ولكن يحول دونها الغمام مكوناً شيئاً من الظل وتزداد الطبيعة ألقاً ورونقا،ً ونجري نحن الصغار وراء " أب ضليل" لا نعرف الكلل ولا الملل:
برق القبلة شال شالت معاه بروق
ختتلو أم رويق عمّ السحاب من فوق
العفرت رحل يبكي ويسوي القوق
والضحوي أتردف ليلو ونهـارو يسوق
أحياناً تجود السماء بقطرات الماء ليلاً وتبلل رؤوس النبات بحبيبات الندى في الصباح الباكر،وحينئذ تفوح رائحة "الدعاش" والبرم من أشجار الهشاب والكتر والسدر واللعوت والسيال والمعراب ومن نبات الفِليّة، والريحان، والعيشوبة، والمرحبيب أو "الإذخر"، ويداعب النسيم زهرات مختلفاً ألوانها بين صفرة وحمرة وبنفسج، وهي تتمايل طرباً مع حركات الفراشات ورقصاتها فوق ذلك البساط الأخضر الممتد إلى ما لا نهاية.
الشدر المدلهم طَبل وأصبح جار
والباشندي فاح في روبة الكتّار
الخلفة القبيل رقت من المسدار
قلبت صوفه بت للضلع كسار
وقد تلوح في الأفق البعيد ظعائن مرتحلات ترن أجراسها كأنها موسيقى روحية تربط الماضي بالحاضر، وقد تطل حسناء من هودجها المزركش بشتى أنواع وأدوات الزينة البدوية الخلابة، يتهادى بها بعيرها وكأنهما يشتركان في الإحساس بروعة الترحال، وسط ذلك الركب الذي يتقدمه فارس يحمله جمل نجيب يسير وراء إبله، تقرأ في سمته الوقور علامات الرضا والسعادة بما وهبه الله من نعم مستفيضة فماء وخضرة ووجه حسن وأنعام كثيرة.
أنا عقلي طار وطشا
ورا المراح النشا
المشايات وراه ناس عشا
ست السوار أب نقشا
بأحلى العطور مترشا

Post: #146
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 12-07-2012, 08:54 AM
Parent: #143

Quote:
الأخوة دكتور القرشي والاستاذ خالد لكم التحايا افتقدكم البوست في الايام الماضية مع اني سويت (نحالتين تلاتة) لكن بعد ذلك اخذوني
ناس ابان عقال بعيدا .....!


الأخ العزيز / عبيد الطيب

سلامات

أشكرك على رعاية البوست في وقت غيابي

وحقيقة ان دخول سودانيزاونلاين في السودان مزعج جدا حيث

يجتاج الى بروكسي حتى تسطيع تصفحها وكل ذلك بسبب حجبها بواسطة الهيئة العامة للاتصالات

وان شاء الله سنواصل معكم هذا الملف

ولك كل الود والتقدير



Post: #147
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: حامد الغبشاوي
Date: 12-08-2012, 02:07 AM
Parent: #146

سلامات
عزيزي د/ أحمد القرشي
نورت البلد بوجودك
لك التحية وللأخ خالد الشيخ
علي المجهودات الجبار
لتوثيق أغاني التراث
متعكم الله بالصحه والعافية
ومزيدا من التقدم
مع خالص التحايا

Post: #148
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 12-11-2012, 02:10 PM
Parent: #147

Quote:
أننى أقترح ان تقوم جهة معينة بطبع تراث خالد ومخططاته العديدة وان تخضع أيضا للتحليل والدراسة من المختصين قبل طباعتها ونشرها، لأنها تسعى لاحقاق كثير من الحقوق الأدبية والفنية لكثير من مبدعى وطنى العزيز، آمل ياأحمد ان تسعى بعلاقتك الطيبة بالمهندس بكرى للنظر فى المساعدة فى هذا الامر


شكرا عزيزي هاشم محمد الحسن على هذا الاقتراح

ولقد تحدثت كثيرا مع الاخ خالد الشيخ في هذا الامر

ولقد قال ان هنالك جهات كثيرة وعدته بالطبع

وان شاء الله سترى هذه المقالات النور قريبا في شكل كتاب

لك كل الود عزيزي هاشم وتقبل تحيات الاخ خالد الشيخ


Post: #149
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 12-12-2012, 10:47 AM
Parent: #148

من أغنيات التراث
كـالو العاط في سماه




كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
الكواهلة قبيلة عربية المنبع سودانية المصب لها امتداد شاسع في ارجاء شمال افريقيا وغربها مثل (ليبيا وموريتانيا وتشاد والنيجر ومالي) وتنتسب القبيلة إلى بني كاهل بحساب أنهم احفاد محمد كاهل بن عامر ود عبد الله ابن الزبير بن العوام والذي تزوج من اربع نسوة وولد منهن ثلاثة عشر ابناً وبنتاً حيث انجبت الحضرية حمد جد الاحامدة وانجبت عازة بنت عفان اربعة ابناء هم ابرق واسود وبدران وخليفة إلى جانب بنتاً واحدة ويعتبر أبرق هو جد الكواملة والكامالاب والبراقنة والكميلاب والمرغوماب والحسنات و المحمدية اما أسود فقد انجب (رشيد وقلاب) فيما ينسب لرشيد العميراب والبعيراب والضمضناب، ولقلاب ينتسب الكردماب والحلالاب كما ينتسب الشراعنة و المايدية والكرتان والبدارنة لبدران، أما هلال فذريته الحمران و قداح أولاده عكير وصلاح الاحمر وينتسب الحمدانية والعميرية والكرامية والجلالية واللبابيس وعكير وعقيم للاحمر، أما صلاح فذرية كبيرة منها القراية والشدايدة والفوايدة والسعودية والكواملة فيما ينسب لمعقور القريشاب والسلاطنة والمحمداب والنوراب والرميتاب والحسانية والجميلية والدليقاب والعرواب والضنضناب والغزلاب، وقد انجب صلاح ايضاً من زوجته التي تنتمي للفونج ثلاثة أبناء هو (رتيم وعمارة و بشارة) حيث ينسب لرتيم الوايلية والجلالية والباقية والمطارفة والخلايف ولكن عمارة ذريته بمكة والمدينة فيما ينتسب لبشارة البشاريين والبجه والبهكر والبهكروس والمساليت والسودانية والبرخ وذلك إلى جانب اولاده الخمسة وهم (سعيد ونفيد وزياد وعباد و خلبوس) وإلى نفيد ينتسب النفيدية أما سعيد فهو جد بني أسد بجبال الصعيد كما أن زياد هو جد الزيادية والزوايدة وإلى عباد ينتسب العبابدة بالريف السوداني ويذكر (ماكمايكل) رواية اخرى تذكر كل هؤلاء وتضيف إليهم (هدى وباجة) ولكن المؤكد ان الكواهلة ينتسبون لعرب الشمال مثلهم كمثل الجعليين وجاء دخولهم للسودان عن طريق البحر الاحمر ومصر في القرن الرابع عشر الميلادي وكان استقرارهم اولاً بمنطقة البجة ومن ثم نزحوا للبطانة والجزيرة وكردفان ونهر عطبرة والنيلين (الازرق والابيض) كما اقامت مجموعة منهم بجبال تقلي واسهموا في تأسيس مملكتها العريقة وقد اورد الاستاذ خالد احمد عبد الباسط جوانباً من إرث وتاريخ قبيلة الكواهلة الضاربة في جذور التاريخ متناولاً فروعها واماكن استقرارها حيث اشار لاستقرار القريشاب (بالشكابة و قنب) وسائر قرى البحر، فيما استوطن النوراب ود النور أما الشدايدة والمطارفة فقد اقاموا في (الخور والبيلاوي) كما اقام (السلاطنة والمحمدية) في (ام عصبة وروينا) واستوطن (الروف والحسانية والحسنات) في (الشريف مختار) واقام السعودية في (اركويت والعقدة و جبر ودشنان) وهاجر (الكمالاب والكميلاب) لـ(مقبول والقضيضيم) وأقام (الوايلية والجلالية) في (عسير) و قطن (الفوايدة) منطقة (الكمر وعزيزات) أما الاحامدة فقد استوطنوا (الكٌجر) وهاجر (الباقية) لـ(ود المبارك و ود المعاك) واستوطن ابناء (عائس) منطقة (الرهد ود عواد و أم حنقوقة و العطيفة) وما جاورهما واسسوا نظارة وعمودية في تلك المنطقة ولا يزال صدى قعقعة السيوف ودوي النحاس يأخذ بألباب شيوخهم وشبابهم ويؤكد إرثهم التليد وماضيهم المجيد الذي يضاهي قول الشاعر:
الليلة الصعيد أمست بروقو تلاطع وأب غلفقة البجادع بالحجار مو باتع
يوم ضرب أب حقيق والحديد القاطع أمسى الطير فوق عقد أب قنافذ راتع
ومن أعيان الكواهلة الشيخ عبد الباقي النيل عبود (جبل اللقمة) والفكي بقادي وابنه ابراهيم ولكن زعيمهم هو الناظر عبد الله ود جاد الله ود بليلو المشهور بـ(كسار قلم ماكميك) والذي عزل من نظارة الكواهلة عام 1910م و آلت النظارة بعده في كردفان لآل الاعيسر ومن مشايخهم المرحوم الشيخ محمد فضل الله الاعيسر المشهور بـ(الهرديمي) ومعلوم بأن الشيخ جاد الله ود بليلو كان قد بايع الامام المهدي في قدير ومن ثم عينه الامام المهدي أميراً لأمراء الكواهلة وكان تحت إمرته ستة أمراء آخرين هم ( احمد عبد القادر الملقب بـ(الاعيسر) من البراقنة و طه ود الفكي ، وعطيرينة من العبابدة وفضل الله التوم من الخلايفة و الغزايا وعوض السيد طواقي من البراقنة دار بحر، وحمد ود الفكي من البراقنة البقيراب) وعندما نادى مؤذن الجهاد بالهجرة للعاصمة بغرض انهاء الاستعمار التركي للبلاد والقبض على الحاكم العام (غردون باشا) لبى الكواهلة النداء و هاجروا من منطقتي الخيران ببارا و ام بادر لنصرة الامام المهدي واستقروا في حي العرب وحي البوستة بأم درمان ولم يعودوا لكردفان إلا بعد معركتي كرري وأم دبيكرات، حيث لازم الامير جاد الله ود بليلو الخليفة عبد الله في معركة ام دبيكرات ولكن بعد هزيمة الخليفة عبد الله تنازل الامير جاد الله عن سلطته لابنه عبد الله وجاء ذلك متزامناً مع خضوع البلاد للاستعمار الثنائي في مطلع العام 1899م بيد أن الامير عبد الله كان معارضاً في الخفاء للسلطة الاستعمارية كوالده تماماً ويؤكد ذلك حمايته لقوافل السلطان على دينار التي كانت تمر عبر طريق الاربعين وذلك بإتفاق سري بينه والسلطان بل قام بإرسال قافلة محملة بالعتاد والمؤن من منطقة الخيران ببارا للسلطان على دينار بالفاشر قادها سلمان ابو غندور والد الضابط المعروف (مزمل سلمان غندور) كما دعم الامير عبد الله صديقه البطل (عبد القادر ود حبوبة) بمجموعة من الفرسان مناصراً له في معركة (الكتفية) المشهورة بمنطقة الحلاويين عام 1908م ، وعندما استقر الامير عبد الله بأضى جاد الله التي تقع بالقرب من أم بادر قام بتهريب عبد الباقي ود حبوبة شقيق البطل عبد القادر لمنطقة الشقلة التي تقع بالقرب من مدينة بارا وتتبع ادارياً لمركز بحري كردفان وحينها كان مفتش ذلك المركز هو مستر ماكمايكل والذي خلف المستر ( كندي كوك) وعندما علم ماكمايكل بخبر عبد الباقي ود حبوبة لاسيما بعد زعزعته للامن بمنطقة الشقلة وجعلها منطقة مقاومة حقيقية للسلطة الاستعمارية وأخذه لبعض المؤن والاسلحة كغنائم مما جعل مستر ماكمايكل يرسل تجريدة في عام 1909م بقيادة اليوزباشا عبد الله جبريل للقبض على عبد القادر ود حبوبة وبالفعل جئ بود حبوبة (م######شاً) لمدينة بارا (عاصمة مركز بحري كردفان) وحينما بدأت التحريات ثبت بأن عبد الله ود جاد الله ضالعاً في إخفاء عبد الباقي بتلك المنطقة و لعل ذلك هو السبب الرئيسي لخلق جفوة بين مستر مايكمايل والامير عبد الله ود جاد الله وعلى خلفية تلك الاحداث صدر القرار بتبعية بعض قبائل الكواهلة لادارة ناظر الكبابيش (السير على التوم) وطلب من ناظر الكواهلة عبد الله جاد الله الحضور لمركز بحري كردفان بمدينة بارا للتوقيع على تنفيذ القرار وبعد حضوره للمركز قام بكسر قلم ماكمايكل بدلاً عن التوقيع على تنفيذ القرار وكان ذلك امام شجرة (اللبخ) المشهورة بمدينة بارا مما أثار حفيظة مستر ماكمايكل فقام على الفور بعزل الامير عبد الله ود جاد الله من أمارة الكواهلة بحيثيات ملفقة بدعوى اختلاسه مبالغاً من ضريبة القطعان والتي تقع مسئوليتها المباشرة على النظار ومن ثم نفى الناظر عبد الله ود جاد الله للدويم وكان ذلك في عام 1910م ، ولكنه سرعان ما استقر بالجزيرة أبا ملازماً للامام السيد عبد الرحمن المهدي بل تزوج كريمته (أم سلمة) والتي انجبت (شريف و رحمة) ومن زوجاته الاخريات (أم نعيم فضل المولى) والدة (بشرى وأم سلمة وفاطمة بت على من الحسانية) ، كما تزوج السيد عبد الرحمن المهدي كريمته السيدة (سكينة) وهي والدة السيد احمد عبد الرحمن المهدي، وكان ارتباط عبد الله ود جاد الله بأسرة الامام عبد الرحمن كبيراً وعظيماً إذ ظل ملازماً للسيد عبد الرحمن بعقيدة راسخة كعقيدة الشاعر ود ابراهيم من الجبلاب والذي مدح السيد عبد الر حمن المهدي بقصيدة عصماء قال في بعض مقاطعها:
حباب ابن الامام الحرر السودان أهلاً بيك يا ود فارس الميدان
ود الكان يحارب بالسيوف عيدان ود الكان يجلو للصدا والران
يا شمس الحقيقة الزي هلال رمضان بإشارتك نموت يا سيدي موت الضأن
وما ان سمعت حكامة الكواهلة وشاعرتهم (مستورة بت كوكو) بكسر قلم ماكمايكل وبسالة وشجاعة الناظر عبد الله ود جاد الله حتى ألفت قصيدة استهلتها بقولها:
شدولو وركب فوق أصماً وحشي رايو مكملو وكلامو ما هبشي
أديتكم أمانة متقنعة وتمشي عا########ي الأمانة ضيف الهجعة بتعشي
ما ضاربو الهشوش ولداً قبيل منسي عكليكاً كبير ماكميك جنى هيكسي
وإنفعالاً مع الموقف الوطني والبطولي لعبد الله ود جاد الله والذي أصبح حديث الركبان خاصة بعد كسره لقلم ماكمايكل تبارى الشعراء والشاعرات في تمجيده ومن أولئك الشاعرة المجيدة (آمنة بت فرج الله) بمنطقة الخيران التي تقع غرب مدينة بارا حيث ألفت قصيدة معبرة عن الموقف تماماً وارسلت كلمات قوية قالت فيها:
كالو العاط في سماه مزاحو شين
أجروا يا الشايلين جناه
صقر الجو اللحو عاينو ليهو كيف بسو
داير حتة من الكلو من اخوان أم فدو
صقر الجو اللحو قال ما باكل اللحم
إلا أخوان أم ختم النحرة أولاد عم
في جريهو ورهسيهو اتبرد حتى ريشو
يا جنيات الزول ده ميسو..الخ
ولأن تلك الاغنية التراثية كانت تتردد بصوت كروان اغنيات الحماسة والتراث بمنطقة بارا (بابكر عبد الله) المشهور بـ(بابكر ود نوبة) وذلك بمصاحبة (خميسة ودريدقة) لذلك ازدانت جمالاً وبهاءاً بصوته الشجي والقوي بإيقاع الدلوكة من خلال حفلات السيرة التي يصدح فيها و يجعل الجميع في نشوة الحماسة والطرب، علماً بأن أول من صدح بالأغنية لم يكن ود نوبة وإنما هي الفنانة الشعبية بالمنطقة (أم بتوتو) ومن ثم تغنت بالاغنية (التومة البرين) ثم (ام بارود) و(الرحمة مكي) ببارا وعندما ذاع صيت الاغنية بمركز بحري كردفان ودار الريح تغنت بها (أم نعيم بت المدير ود جودة) من البشيري بمنطقة الخيران واحة الجمال بكردفان، واصبحت من اغنيات التراث الخالدة وغدت تماثل البهاء في ربوع بلادنا وتشمخ مفرداتها في كبرياء كشموخ البطل عبد الله ود جاد الله ود بليلو وأهله الكواهلة والذين وصفهم الشاعر المجيد الراحل الشريف زين العابدين الهندي في اوبريت سودانية حينما قال:
فيك أسد العرين رب العراك والدوس
وفيك ريل الودى البي نالو راتع يجوس
وفيك فهود وفيك نمور وفيك طاووس
وفيك صقر الكواهلة العينو كالفانوس
وفي نيلك عشاري يشيل من الجاقوس


Post: #150
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 12-13-2012, 09:57 AM
Parent: #149

[Bالمندعوسي عند الهواره
كتب الأستاذ / خالد الشيخ حاج محمود
هنالك علاقة تجارية ربطتني مع أبناء الهواره بقنا وسوهاج المصرية أبان تصديري للإبل خاصة وأن تلك المدن بها اسواقاً رائجة في تجارة الابل مما جعلني ابحث عن ذلك التاريخ كما اعتمدت على مصادر ومراجع عديدة منها: (تاريخ الحلفايا للدكتور عون الشريف) و(أصول العرب للطاهر فحل) و(طبقات ود ضيف الله) و(القبائل العربية في كردفان لماكمايكل) و(وثيقة نسب الهواره للشيخ دفع الله المصري) و(سيرة القاضي عربي للأستاذ حسن الصلحي) و(إنارة عن قبيلة الهواره للاستاذ موسى شيخ الربع) وغيرها من المراجع والمصادر الاخرى.
ولكن الثابت والمؤكد ان الهواره اثنان وسبعون فرعاً في السودان وهي قبيلة نشات عقب وفاة الحسين بن على في كربلاء حيث نفى عبد الله بن زياد والي العراق الموالي للخليفة يزيد بن معاوية ما تبقى من ابناء الحسين الى مصر ومعهم عمهم محمد بن الحنفية تحسباً للفتنة.
وكان اشهر من نفوا عبد الله بن محمد بن الحنفية والذي لقب بهواره كناية عن التهور وحدة الطبع. وفي العهد العباسي قويت شكيمة الهواره في دول المغرب في عهد المرابطين ويوسف بن تاشفين.
ويرى ماكمايكل بأن الهواره اتحدوا مع قبيلة زناتة من الصعيد المصري في حربٍ ضد البربر في المغرب العربي ونزحوا للسودان بأسم الهواوير واختلطوا بسكان الجبال البحرية النوبة وسموا بالجلابة الهواره الذين احترفوا التجارة ونشروا العلوم الدينية بقيادة حاج عيسى ود محمود صاحب الجبل المشهور(بجبل عيسى) غرب الأبيض.
واستقر جزء منهم بالشمالية ودار الريح واحترفوا الرعي وزراعة النخيل بالشمالية، أما عون الشريف فهو يرى بأنهم نزحوا من المغرب الى مصر بقيادة محمد بن عبد الله الفاطمي ويقول د.عون بأن الأمير برقوق قبل توليه السلطة بعامين حوالي 1380م أنزلهم منطقة الصعيد بهدف حماية جنوب مصر من غارات الكنوز لذلك اشتهر الهواره بمصر ومنهم أولاد على السعداي وعليوة والبلابيش والسماعية و الوشيشاب والهمامية وأشهر عوائلهم اولاد أبو دومة ويقطنون قنا وسوهاج وأسيوط والمنيا والفيوم والنحيره والصمدية وبني سويف ودراو وحتى الاسكندربة بها أسرة الشيخ رجوعة وجاء دخلوهم الى السودان عبر ثلاثة مجموعات من مصر والمغرب وتونس.
المجموعة الاولى اسمها الهنوناب بالحلفايا والثانية جدهم ود البرد جاءوا الى الحلفا ومنها الى ام روابة التي تركوا فيها شاع الدين ابن موسى ود البرد ومعه مجموعة من ابناء شقيقه محمد العدوي واقاموا بأم رسوه ريفي ام روابة وذهب هارون بن شاع الدين الى جبال تقلي واتجه أبناء ود البرد الخمسة الى الأبيض والتي بقي فيها الشيخ محمد البشير المشهور بالضكير وهو من كبار العلماء انتدبه ود الطريفي لتعليم الفقه بخلاوى العركيين ومعه مجموعة من المشايخة منهم الشيخ فرح ود تكتوك وود اونسه والعبطي وسافر شيخ موسى ود البرد لدارفور وترك فيهم ابناءوه الثلاثة العلماء (منير وشعير ونمرو) وهناك مأثورة عن أولاد ود البرد (بركة أولاد ود البرد السلسلة المتبعة) علماً بأن أبناء شعير ود البرد أقاموا بالأضية وفي غرب كردفان في غبيش وابو زبد وبابنوسة والفولة.
أما الضكيراب فقد جاء اسمهم بسبب كرمهم وشهامتهم ومعظمهم قضاة وعلماء بالأبيض وفي كادقلي أقاموا في جبل اسمه حلة الفقراء كما ذهبوا للتنقيب عن الذهب في جبال بني شيبون وينتشرون بريفي ام روابة في منطقة نافع الهواره وخرج منهم الطوقية واقامت منهم مجموعة في ربك وعسلاية وتندلتي ودارفور والجزيرة أبا (آل دقناوي)، ومن اعلام الضكيراب القاضي عربي الذي درس على يد ود عماري المغربي في عهد السلطان محمد الفضل عام 1768م وعندما عاد ود عماري من كردفان لدارفور قالوا له من تركت لنا قال تلميذي النجيب القاضي عربي الذي اصبح مستشار للفتوى الشرعية لممالك تمبوكتو ووداي بغرب افريقيا وجاء تنصيبه اماماً للفتوى بوثيقة أمام المقدوم فحواها (البسانكم الارض من الجامع لحمرة ام جنيحات) بمعني من جامع الأبيض وحتى شجرة تبلدي تقع جنوب شرق مطار الأبيض حسب افادة الاستاذ موسى شيخ الربع، وجاءت تسمية ود البرد كما يقول الباحثون لشيئين أحدهما ان شيخ موسى برد العلماء في المناظرة بمعنى فاقهم كما هنالك قولاً شائعاً بأن ابناء ود البرد كانت بشرتهم بيضاء مثل برد الأمطار، أما آخر مجموعة من الهواره جاءت للسودان من قنا عبر صحراء بيوضة واستقرت بدنقلا ومن ثم زحفت لكردفان في ثلاث مجموعات منهم:
مجموعة حاج عيسى ابو محمود عبد المطلب والثانية مجموعة شقيقه همام والثالثة مجموعة شقيقه احمد الخبير حيث مكث همام بالكبابيش وهو جد الهواوير حرفتهم رعي الأبل، وقال ناظرهم آدم حسن نمر (الهواره قبيلة جلد نمر) واقام حاج عيسى بجبله غرب الأبيض وعاد أحمد الخبير لمصر و أبناء حاج عيسى ستة هم عبد الله ومنصور وحميد الجبار وحامد لقومتي ومحمد الكامل ومحمد ابو منانا.
وقد صحح مولانا دفع الله المصري نسب الحاج عيسى والذي كان محفوظاً في حجاب مغلف بورق فضة ويعتبر ابو منانا اكبر ابناء حاج عيسى وقد سمّي بأبي منانا لأنه عندما انجب ابنته الاولى بعد ثلاثة عشر ابناً قال ولدت لنا منانا..
ومن ابنائه اولاد عبد الرحمن واختلط احفاده بقبيلة حمدان التي تقطن بالقرب من مدينة بارا ويوجد بعض الهواره في فشودة وام عسيلة ومغيسيبة والتقور ومن اشهر ابنائهم احمد حسين الامام ، (أمين عام حكومة شمال كردفان) وقد اشتهر احفاد ود عيسى وخاصة ابناء ابو منانا بإيقاع الأرضوه كموروث شعبي اصيل حملوه معهم وطوروه خاصة وأن أي قبيلة لها قيادة إدارية وواجهات دينية وموروث شعبي ونشاط اجتماعي واقتصادي لان الخلق صناديق مغلقة يفتح بينهم التفاهم.
وللهواره عادات مشتركة مع القبائل كالشلوخ التي توجد في ثلاثة خطوط عرضية على الخدين عند النساء وكذلك شلوخ طولية (111) اما الرجال يشلخون منذ صغرهم (11) وتسمى مطارق النضارات، واحفاد ابو منانا يشلخون سلم راجل. وللهواره وسم للحيوان (قلايد)، ولهم نظام أهلي عمدة وشيخ وناظر في بعض قبائلهم مثل نظارة اولاد همام الهواوير ومكوكية الهواره ونظارة الحلفه، ولهم زعماء روحيين يسمى المفرد منهم (كير الهواره) ومن قياداتهم الروحية هجو البندراوي، وأولاد بيومي في الحلفايا والشيخ محمد موسى ود حسيب في ام دوم واولاد البرد والقاضي عربي بالأبيض وفي الجانب التراثي ارتبطوا بأبالة كردفان لذلك أدوا تراث الخف والابالة( الجراري، الجالسة، التويا...الخ) كما ارتبطوا بأيقاع البقاره (درملي، مردوم، هداي، جرداق،...الخ) وفي الشمالية ارتبطوا بأيقاع الدليب والطمبور ومن المؤدين له ابنهم النعام آدم (من الهواوير) وشقيقه محمود.
ولأن الهواره جاءوا من الاندلس عندما هاجروا لها عام 1092م ولهم أسر في طليطلة يسموا بأسرة ذوالنون، والتي اصبحت اليوم مدينة توليد الاسبانية وذلك أبان قيام حكم الطوائف التي اسسها الظافر بن ذو النون ، وجاء دخلوهم الى السودان بأسم الهواره المغاربة الشرفه وذلك عبر طريق ليبيا واستقروا في بني هلبة وعد الفرسان وبعد اختلاطهم بأحفاد ود عيسى وابناء محمد ود ابو منانا نقلوا معهم غناءً حرفوه من التراث الاندلسي يسمى(المندعوسي) وهو في قالب موشحات مثل الاغنية البديعة:
لومي لومي لومي حسرتي يا قومي
من الجار في يومي
حسرتي في هواي هو الجاب لي شقاي
هذه هي الحكاية واسمعوا يا قومي
هذا الايقاع والغناء يشبه القناوي عندهم والذي جاء عبر الجزائر لاحظ الغناء في القناوي:
ليلة ليلة ليلة الليلة يا ليل ** ليلة ليلة الله يا ليل
لما الليل جنّ ناس ليلى دابن جنّ
نايرات الوجن راكبات في الهِجن
عقلي من شافن جن هو زاتوا طار وجن
في بحورن لججن
لي نيرانوا اججن وبي حكمهن انسجن
والقناوي يؤدى فى شكل مديح مثل العديل والزين علماً بان البنية تؤدى بالطارات في السودان وفي الجزائر تؤدي بالقمبري وهو اشبه بالجيتار النورمل خاصة وهنالك غناء للهواره بالجزائر تغنت به نوره الجزائرية:
غني لي وطني وابشر وازور سيدي الهواري
يؤدى المندعوسي بأصوات الحلق مثل الكرير وان كان ايقاعه مختلفاً عن الجراري والرقص فيه بالرقبة مع وجود صفقة وكورس وهو اقرب للجابودي في الشمالية ويقدم ذلك الغناء في الافراح كالزواج والختان وكل مجامع الفرح الغامرة باللهفة والشوق والطرب.
على كلٍ جاء الهواره الى السودان يحملون معهم بشائر الدعوة الاسلامية والثقافة العربية والموروث الشعبي الاصيل والنظام الاجتماعي القويم وفق النظام الاهلي المتين بدعائمه الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.






Post: #151
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 02-14-2013, 05:13 PM
Parent: #150

من الأغنيات التراثية
دار الريح طاريها


كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
برفقة أخوان المكارم زمرة (الزعيم مالك نقد الله مالك والاخوال عثمان مكي وسيد محمد قيلي وابن زانوق امبدة محمد تمساح سيماوي وصديقي الاستاذ الاديب الباحث محمد عثمان الحلاج ورفيقنا وطبيقنا في العمل الثقافي الاديب الباحث موسى شيخ الربع) غادرنا الأبيض في عز الهجير والصيف قبل خمسة أشهر تقريباً طالبين القرب من دار الريح القريبة و درة دار حامد (القاعة) لهدف ساميٍ ونبيل هو رتق النسيج الاجتماعي وإزالة الإحتقان بين أهلنا الفراحنة (المعالي وأولاد دقروب) رافعين الشعار الخالد والعرف السامي والحكمة البالغة (الناس شركاء في ثلاثة الماء والنار والكلأ) لذلك هان علينا أن يتفرق شمل الفراحنة بسبب حفير ماء قد يصبح ماؤه غوراً في فترة الصيف ومع مفرق الحبتين إن لم تمطر السماء وتجود عليهم بالماء الزلال، تعلمنا من خلال تلك الرفقة المأمونة والرحلة المصونة (أن لا شقة بين أبناء الفرع الواحد) ناهيك عن القبيلة الواحدة وبالتالي الأرض وخيراتها ملكٌ على الشيوع لذا جاء حكم الأجاويد مقبولاً لأنه كان محايداً وغارساً للمحنة في أرضٍ كريمة مخططة ومسورة بالمحنة، كانت حكمة الاستاذ العمدة محمد نور ادريس حاضرة وصبر شيخ حمدان ماثلاً امام الجميع كتاج ورتاج كما تجلى الكرم في أسمى معانيه من أهالي المنطقة ناس خميس فاجوم وأهل القاعة وشرشار وأولاد دقروب بل من كل أهل المنطقة وكان عنوان الرحلة اسمه (سيد قيلي) ما نامت له عينٌ ولا غمض له جفن وهو يطوي اليباب بعربته كطي السحاب ويجعل المستحيل واقعاً، عدنا وما خاب رجاؤنا في الحل وكنا قريري العين هانيها هكذا كان أهل دار حامد (كرم وتقدير واحترام) تعلمنا من تلك الرفقة حكم الجودية وكل قيم النظام الأهلي والذي لو قدر له أن يسود البلاد والعباد لنفع وجاد وعم القرى والحضر ولأصبح قول ود الرضي حقيقة وليس خيالاً (البدر الخفا الانجاف اليوم شرف الرجاف) ولما غدت خريطة السودان الجغرافية التي كانت تملأ سبورة الفصل في سالف الزمان اليوم اضغاث احلام وبعدما صارت كالقربة تسقط بعض الماء على الأرض البور البلقع وتخرج الذهب والمعادن ولا ندري أهي من أثقال الأرض عندما يقول الانسان مالها أم أن ذلك من خير الله الباسط على العباد ، على كل كانت رحلة دار حامد عبرة ادركت فيها المعنى الحقيقي لقول الشاعر الشنقيطي (احمد ابو سنينة) الذي طالما اقام ببادية الكبابيش ردحاً من الزمان وهو يصف حكمة شيخ العرب محمد على التوم المر بل عرفت كيف تقرع صفات الحلم بالجهل في مجالس الحكماء فتتوافق مع ما سطره ابو سنينة شعراً بليغاً ورصيناً:
ودار بشيرٍ هل بها بات سامر أم انفض منها سامرٌ وتوزعوا
وبيت حماه الله للهوي واسعٌ وأوسع منه الوقت والصدر ارحب
واحمد منصور خليلي ومالك حبيبي لكل منهم في فؤادي موضع
وهل عامرٌ من بعدنا دار عامرٍ بحيث وفود القوم تأتي وترجع
ومن جاور النوراب عز مكانه وكان له منهم ملاذٌ ومفزع
إذا اجتمعوا بالمر يوم المشورة رأيت صفات الحلم بالجهل تقرع
ترى أقوياء الناس للمر خضع ولكنه للجار والضيف يخضع
(بشير هو جدنا المرحوم بشير ابو جيب تاجر الابل المشهور في السودان وحماه الله هو الشريف الشنقيطي بالمنطقة ومالك هو التاجر بمنطقة ام بارد الراحل عمنا مالك محمد مالك وكذلك التاجر جدنا احمد منصور مكاوي). دار حامد هم عنصر قبلي مركب كما يرى السير هارولد ماكمايكل في كتابه (قبائل شمال ووسط كردفان) ويشمل ذلك العنصر مجموعات سكانية عديدة منها (الفراحنة – الهبابين- المرامرة – النواهية – أولاد أقوي- الطريفية – الجليدات – المجانين وغيرهم) هذا العقد الفريد تجمع بحكم الدم والمصاهرة والمواطنة التي ارساها جدهم عبد الله الجهني ومن بعده احفاده معالي بن سهل ومازن وسليط وسلطان وحامد وحماد وذبيان وسفيان وصارم ودهمش والنعيم والسلسلة ممتدة حتى اليوم، لكن حامداً عندما جاء من الشمال طلب نصيحة ابو زيد الهلالي فيما يخص المكان الذي يجب ان يستقر به فأشار له الهلالي بالسكنى في منطقة الخيران بقوله ( ان منطقة الخيران مركز سلاطي ومجر بواطي) بمعنى ان هذه الارض اختارها الحكام لأنها غنية بالماء حيث الحوض الجوفي الذي يمتد عبرها لذلك غادر حامد وشقيقه حماد منطقة (أم دخن) التي تقع على مشارف مدينة الفاشر وحلا بمنطقة دار حامد الحالية شمال غرب بارا حيث تزوج من جبل ميدوب (فرحانة) جدة الفراحنة والهبابين كما تزوج من قبيلة البديات امرأة اسمها ( حدية) وهي والدة المرامرة وتزوج أيضاً (أم كساوين) وهي امرأة جاءت من بغداد يقال بأن حامد وجدها تحمل طفلاً صغيراً في كردفان أو دارفور فتزوجها كما أن هنالك زعم بأنه وجدها في صعيد مصر وعندما انجبت إبناً أصبح جداً (للبغادة) في اشارة لبغداد ، أما حماد شقيق حامد فهو جد أولاد أقوي ويقول البعض ان الجليدات هم نتاج لزواج حامد من احدى النساء بالمنطقة كما يقال بأن أول من حمل النحاس بعد وفاة حامد هو ابنه (محمد مرمار) جد المرامرة الملقب بـ(كريلو) ، ومن ثم انتقل النحاس لاحفاد عبد الحميد الثلاثة وهم ( النور ومراغة ويوسف) والاخير هو جد أبناء عايف عمد أولاد أقوي الحاليين علماً بأن أولاد أقوي وحتى عهد يوسف كانوا أقوياء بما يكفي لمقاومة الاحتجاجات المطالبة بالنحاس كما اورد السير ماكمايكل ولكن في تلك الاونة وقف الفراحنة والهبابيين والمرامرة جميعاً في مواجهة يوسف وانكروا حقوقه في حيازة النحاس بل نصبوا شيخ الهبابيين (امبدة ود سيماوي) باعتباره أغنى وأقوى شيخ في حلفهم لذلك عقدوا عليه العزم وحملوه نحاس القبيلة مما جعل المرامرة واولاد اقوي ينشقون عن ذلك الحلف لمدة من الزمن وحينها كان المرامرة تحت زعامة قائدهم (أبيض ود حمدوك) وبالتالي اصبح سيماوي شيخاً لكل قبائل دار حامد مع نهاية الحكم التركي ثم صار اميراً في الدولة المهدية تحت قيادة المهدي ومن بعده الخليفة عبد الله إلى ان توفى عام 1891م بدارفور، وفي عام 1906م حصل شيخ المجانيين على نحاسٍ لأهله وبالتالي صارت له سلطة على قبيلته واصبحت منطقة دار حامد تمثل له السكنى والمقام، كما اشتهر شيخ الفراحنة (عمر قش) بكرمه والذي لم ينقطع بوجود ابنائه من بعده الراحل (التجاني واحفاده صديق و عيسى التجاني) لذا كان الشيخ عمر قش أميراً في المهدية خلفاً لسيماوي امبدة بعد وفاته كما كان ( زريقة على) اميراً آخر من امراء الفراحنة في المهدية، كل هذا الإرث لقبيلة دار حامد جسد روح التوافق بينهم باعتبارهم متصالحين مع انفسهم أولاً وبالتالي مع القبائل الاخرى المتعايشة معهم بمركز بحري كردفان ودار الريح، وظهرت فنونهم في الافراح والمواسم لأنهم اصلاً ابالة اصبحوا غنامة مع دواعي الاستقرار وبالتالي رقت حواشيهم واصبحت مفرداتهم جزلة وايقاعاتهم طروبة فخرج الجراري عندهم كفن شعبي أصيل يطرب الدواخل ويشجي الوجدان كقول الحكامة: يا والدة دقيني وفي دقك اهديني
حنجور الوزيني سماحته تعميني
كما أورد الباحث الاديب الاستاذ مكي الاعيسر جوانباً صادقة للادب الشعبي بدار حامد منها القول الباذخ للشاعر تمساح امبدة:
أبوك مسكت السبق كتير في بارا تلي الروبة لي المتبورة بي الخوجالة
أبوك مسكت السبق كتير شن سوا تلي الروبة يا الحورية خلي العوة
غير ان الاستاذ الفنان المخضرم صلاح محمد حسن قدم نماذجاً صادقة للغناء الشعبي والتراثي بمنطقة دار حامد سيما وهو يمت بصلة القربى لهم باعتبار ان والده من منطقة البشاريين بالسعاتة شمبول وهي تقع في منطقة دار حامد أما والدته فهي بنت العمدة بدوي رمضان (عمدة الارباع) بالأبيض، حيث ولد الفنان صلاح بالأبيض في أوائل الخمسينيات وعمل في الحقل الطبي مساعداً طبياً مع زملائه (حسن ابو شراء وبكر احمد على ومحمد عبد الله كوبا واحمد مريخة وعبد الله ابو البشر ومختار سيد احمد وغيرهم)، وكان مستشفى الابيض آنذاك عامراً بالأطباء أمثال (محمد احمد جحا وكاشان و ابو سلب وبشير ارباب ) وفي منطقة السعاتة لمع نجم الشاعر حامد عوض حامد – قريب الاستاذ صلاح محمد حسن- والذي جاد على الاستاذ عبد الرحمن عبد الله بأغنية (ري الخزامة):
إنت يا ري الخزامة يا جدياً شاغلنا يامة
يا حبيب ما شاف ندامة يا دعاش حق الوسامة
يا جدياً وردو غبى يا فريع تريان محبة
انت يا الشوتال وجبة يا منى كل الاحبة
ما كفاك يا تومي والله شوف صديراً موجو علا
لو هناك يرضيهو حالي بس خاف يا تومي الله
وعلى ذات النهج سار الشاعر الابالي الرائع (ابراهيم جمعة) قائلاً:
بشوفك لي مجافي وبرقك شالع مد
يا الرهيد السرفك ند بسألك ايه الجد
قبال ما كنت حنين وسحابك طبعو معين
وكت بتدور بتخاصم خافض طرفك لين
لماحة وبرقك عين لوح فوق شبالا
رهطاً حزك زين تشيل الروح مرحالا
على الوديان متدلي رقيق فصيص النالا
اريت الناس تتجازى زي ناس عما وخالا
مفردة النالة التي وردت في المقاطع أعلاه كان يترنم بها (محمد العباس لخمة) احد ظرفاء مدينة بارا وهو يقول ( يا ظبية النالة وفي القلوب ملالة وعيني جافية النوم)، كما تغنى الاستاذ صلاح محمد الحسن بالعديد من الاغنيات مع ظهوره في فرقة فنون كردفان وفي سماء مدينة الابيض الحالمة بالحالم سبانا والوارفة بحدائق البانجديد ومن تلك الاغنيات المشهورة اغنية (بقيت تمر بينا) وهي من كلمات الشاعر المهندس احمد حسين كباشي ومن الحان وغناء صلاح و ذلك قبل ان يشدو بها المطرب الكروان (النور الجيلاني) كما لحن الاستاذ صلاح وغنى اغنية (عيون البنفسج) لشاعر الوطن الكبير (اسحق الحلنقي):
ابكي يا عيون البنفسج ابكي بدموع الندى
قولي للغيمة المسافرة راحلة بي الشوق في المدى
شمعة الريدة اللي كانت في ديارنا معبدة
هب ريح في عز ضياءها وانطفى الروح البدى
وأيضاً تغنى الاستاذ صلاح بأغنية (كباشي كان برضى) كلمات الشاعرة الراحلة (حبيبة بت حمدان) ولكن المفاجأة ان الاستاذ بلوم الغرب الفنان عبد الرحمن عبد الله اهدى الاستاذ صلاح من كلماته والحانه اغنية (المنديل) كعربون صداقة بينهما: منديلي هل تذكر ليلة القمر ضوى يوم كنا بناجي الريدة سوا سوا
منديلي يا معطر هدية أعز حبيب لونك يسحرني ويسكرني قبل الطيب
كما تغنى الاستاذ صلاح بأغنية (راقصين التويا) كلمات الشاعر السر المقدم وكان ذلك في سبيعنات القرن الماضي واخيراً شكل ثنائية مع الشاعرة الهفهافة الاستاذة (اخلاص محجوب جميل) وغنى لها العديد من الاغنيات التراثية والوطنية منها الاغنية (أرض الجنوب) والتي تقول بعض مفرداتها:
أنت يا أرض الجنوب حباكي ربك بالجمال
أنت يا جنة أرضنا ليكي شادين الرحال
يا الله يا احباب تعالوا يا الله نادوا على الشباب
نبقى عشرة على بلادنا ونبقى عشرة على التراب
نمسك الطورية نزرع ونمشي لي طق الهشاب
تاني نرجع لي دروسنا ونمسك اللوح والكتاب
غير ان الاغنية التي اشتهر بها الاستاذ صلاح هي اغنية (دار الريح طاريها) والتي اهدتها له شاعرتها (التاية بت زمل) حينما التقت به في دونكي طيبة بمنطقة دار حامد فغناها على ايقاع السيرة وبخف الابالة أي على ايقاع الجراري المتوسط ومن ثم حفظها ابناء كردفان وصارت عنواناً لدار الريح ومن مفرداتها الجميلة قول شاعريتها:
دار الريح طاريها مشتول المنقة فيها
بشيل الجوز بزقيها بحاحي الطير ما يجيها
الرقيق ضي اللمبة ساجننا ما ذنبه
خلوني نقيل جنبه ولا فوق ضل البرندة
جقلة أم ضهراً ميله أم ضيلاً بي خنتيله
جن واردات الليلة زي بنوت السيرة
براك يا طير الوادي براك شن قل رقادي
نقول انحاكي الرادي نشيل الليل سقادي
رميت الخت قابلني بشاير خيرك جني
كل ما نقولا نغني جروحك ما بخلني
كل ما قت نناني حسرك ما خلاني
أعمل أيه يا اخواني دا الموزون قباني
التوب الما منهدَ ولا بنشال في عجة
كل ما قت اترجى نارك تاخد وجة
(أم ضيلاً بي خنتيلة يعنى به مخلفات (بعر) أي شبعانة والخت هو الرمل والودع أما القباني فهو الميزان الدقيق الذي يستعمله متحصلي القبانة والعشور و العجة من العجاج والغبار) ، وفي الختام التحية للفنان الرائع صلاح محمد حسن وهو يتغنى بأغنيات الأبالة والغنامة ويسمع صوته ابتداءاً من رسالة المديريات التي كان يعدها ويقدمها الاعلامي الراحل الاستاذ عوض محمداني والتقدير للذين وثقوا لتراث الابالة من الاساتذة الاجلاء أمثال الراحل ميرغني عبد الرحمن يس و استاذ الاجيال مكي احمد على الاعيسر والذي اهداني بعضاً من مؤلفاته منها (أضواء على قريض البدويات الرعابيب) و(البلاغة في شعر الحقيبة) ومن المتوقع أن تنشر تلك الدرر في صحيفة السوداني في مقبل الايام وبواسطة الجنرال.








Post: #152
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 03-12-2013, 03:22 PM
Parent: #151

حليل موسى اللرجال خوصة

كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
كان عقال الحنيك هو البداية الدرامية لملحمة الصراع المحتدم بين بني جرار والكبابيش بهدف السيطرة على جزء من الدار الراهنة للكبابيش بشمال كردفان – وقد اتصلت حلقات الصراع وان تخلله جنوح للسلم من بعد عقال الحنيك فغطت شيخة محمد ود الساني (1804-1811م) وسالم فضل الله (1817-1833م) في الكبابيش وشيخة جلي وابنه موسى في بني جرار الى قبيل الفتح التركي لكردفان عام 1821م كما ورد ذلك في كتاب الدكتور المؤرخ (عبد الله على ابراهيم – فرسان كنجرت) احتلت مدينة كجمر مركزاً دامياً في المرحلة الأولى للصراع وتقول احدى الروايات بأن دار حامد قد دخلت في اتون العراك فطلبت سند الكبابيش على بني جرار وانتهت تلك الجولة بخسران الكبابيش ودار حامد وقتل هلال ود بخيت النورابي بعد تخاذل كبير من الشيخ سالم ود فضل الله والزبير ابو النية بينما ابلى حمد ود منزول الجراري البلاء الحسن ولكن سرعان ما عاد الكبابيش بالحول وأوقعوا الهزيمة ببني جرار وحازوا على كجمر كما اتفقت أغلب الروايات الشفاهية مع كتابة (باركنز) بأن نهاية الوجود الجراري في كردفان قد جاء أثر موقعتين بارزتين الأولى هي عقال قرين (الجبل الصغير) جلي وهو موضع شمالي المرخ ومبعث الحرب هو كتلة (بلل وعياله) حيث خرج بلل و أبناؤه في أثر جمال فأوقع بني جرار بهم وقتلوهم وعندما حمل بني جرار خبر مقتل بلل لشيخهم جلي وبخهم على ذلك وطفق ينتظر خيل الثأر وكان بفريق بني جرار (ود ام النصر النفيدي) والذي تعاهد مع جلي على اخباره بقدوم الكبابيش إن رآهم قبله وبالفعل التقى الجمعان فانتصر الكبابيش وقتل شيخ بني جرار (جلي) ومعه حسب الله ود جلي واحمد الحريرين أخ جلي مما جعل بني جرار يتجهون صوب دارفور بعد عقال القرين بحثاً عن حليف ليثأروا من الكبابيش فقصد موسى ود جلي الزيادية وشيخهم (بخيت ود قبلة) واطلعهم على سطوة الكبابيش وثرائهم وعلى ضيعه شأنهم وقلة حيلتهم واستقر الأمر بقتال الكبابيش فكانت عقال (التمامي) وهو موضع غربي حمرة الوز بحول الموقعة السابقة (1815) وفي تلك الموقعة نال ود ام النصر النفيدي مقتلاً من موسى ود جلي والذي حمله حصانه الى بني جرار بعد ظفر الكبابيش بمعركة (عقال التمامي) كما يرى (باركنز) ذلك وقد أيده في الرأي الدكتور عبد الله على ابراهيم- وبعد تلك المعركة خلد الكبابيش للراحة والهدوء وانقطع دابر بني جرار عن كردفان ونجوعهم لدارفور عدا نفرٌ بقى مع الكبابيش. وقد منحت الجرارية بت مازن على الفارس موسى ود جلي بقولها:
ان كتلوك النفيدية محور على قلبي
وان كتلوك العزاز دايوك على قرني
(الدايوك نبات طيب الريحة يعمل في قرن المرأة ويلصق بخصلتها)
شغل فارس بني جرار موسى ود جلي الالباب وتحدث الناس بسيرته وشجاعته واقدامه الكبير ومن تلك السير ما جرى بينه وبين يوسف ( سنينات) احد شيوخ أبناء عمومته الشكرية حيث رحب يوسف بموسى ود جلي وقومه عندما حلوا بمنطقة الشكرية وذلك بهدف الدمر ويقال بأن يوسف سنينات قال لأحد أعوانه (روح جيب سبعة ابكار لا ضاقن زر ولا عقال ضيفها لي بني جرار واديهم حفائر يشربوا منها في الصيف واجعل ليهم شقة يكونوا فيها رباعه معنا حتى يشربوا ويدمروا فيها) ، غير أن الحفائر نضب ماؤها فأصبحت البهائم ترجع في عد الشكرية مما جعل احد اعوان يوسف يقوم بقتل بكرة خاصة ببني جرار فحدث قتال جراء ذلك بين الرجل وصاحب البكرة وشاع خبر ان احد أعداء سنينات (كتل بت ام فريعات والتي تحسب بخمسة واربعين حبوبات تيلاد) الجدير بالذكر ان بت ام فريعات مقصود بها احدى البكار الحرة لدى يوسف سنينات غير أن موسى ود جلي قال لهم (يا اخوانا يوسف ضيفني بي سبعة ابكار ما تمسكوا في بكرة واحدة) فجاء ردهم لموسى (انت اتغربت في دار القبائل واصبحت خواف) ونفى موسى ذلك الخوف عن نفسه بقوله (السبب البلومني مع سنينات شنو) فقالوا له (إلا تسوق زوجته) (آمنة بت حسان) وبالفعل استجاب لطلبهم و ذهب إليها واجرى معها حواراً جعلها توافق على الذهاب معه بل رحبت به في بداية الحوار بقولها:
حباب موسى يا صباح الخير أبو وجها قمر ما ببدلوك بالغير
جيتو قادين سير لكن اتفضلوا على المنازل ديل
وجاء رد موسى ود جلي:
نحنا ما جينا ضيفان أكل وشراب الدنيا أولها خراب وآخرها خراب
وما شفنا الصقر في عشه بتدلى غراب
كما قال لها: (نحنا جينا نسوقوكي يا تمشي معانا يا نقطع راسك) مما جعلها تذعن لأمر الرحيل معهم وبعد عودة زوجها سنينات علم بالخبر الأكيد وفزع للأمر وعند الصباح قال ود جلي لقومه (الفارس الفازع ده مرتو برجعها خلوني نشيل الشكرة نعيدها له) ولكن قومه قالوا له (داير تخاف) فيما أنشد أحد فرسان سنينات بعضاً من المقاطع الحماسية وحينها كان يوسف سنينات مقبلاً نحو داره:
يا با الغرابة ساقوا آمنة وقاموا الشكرية وين فاتوا الشكرية ما بنلاموا
جاهم موسى رافع راسو متل الهاموا خلاهم حفايا وبالدروب يتراموا
وجاء رد يوسف سنينات:
شوف الزول ما أشنى كلامو داني للبعض فوق لجامو
وكم فرطقت جمهور العرب وعجامو
ومن ثم دار حديث بين بت حسان وود جلي حيث قالت آمنة:
ما تغشك الخليق والدروشة المتلمة ما بصدوني منك يا نقيع السمة
كان جاك البستر العورة وبكشف الضلمة حات شكرك وقف والليلة يومك تم
وسرعان ما بدأ القتال فشاعت فرسة ود جلي (لأنه خان الأمانة) وكانت منطقة تقلي مكان ذلك العراك حيث تبارز موسى ويوسف سنينات على الأرض وقال يوسف لقومه (الضئ في بيتك ما بتكتلو نكتل فارس القبيلة ود جلي) ولكن كما يقول الباحث المؤرخ محمد السماني محمد من منطقة (أبو زينة) شرق بارا ومن قبيلة بني جرار بأن ذلك القتال انتهى بإرجاع آمنة بت حسان لأهلها وبالتالي حقن الدم إلا أن الباحثة الحاجة فاطمة بت الصافي (والدة الدكتور الراحل الضو مختار) قالت بأن موسى ود جلي طعن بحربتين من احد حاشية يوسف اشتهر برمى الرماح بعدما خاطب ذلك الشخص يوسف بقوله( الوكت تم يا سيدي الزول اتعدى الحدود وأنت قلت ما بتكتل ضئ قبيلته خليني نرميه بالحربة كان نجا تكون ليه عار وكان مات تكون ليه تار) وبالفعل رماه بحربتين احداهما تحت الكلية والاخرى في فم المعدة غير أنه لم يمت وتم نقله لكجمر والتي توفى بها، وقد أيد ذلك الرأي الاساتذة الباحثين (الطيب محمد الطيب في صور شعبية و موسى شيخ الربع والشريف احمد حماه الله الشنقيطي) ولكن الراجح ان موسى ود جلي قتله النفيدي (ود ام النصر) في عركة (عقال التمامي) ويؤكد ذلك ما قالته (بت مازن) وهي تعير ود ام النصر بقولها:
عانها النفيدي ممكن الرخسه غور فوق رفيقه الما عطاه مفسه
جرو السلسل البتوط في مرسه الخوف قسمو عيل موسى ما حرسه
عانها النفيدي ما أكعبه وما اشناه غور فوق رفيقه الما عرف جازه
كان مقتل ود جلي أمراً عظيماً إذ شق خبر موته على أهله وشقيقته المنفلة بت جلي والتي عبرت عن ذلك بقولها:
دا موسى المافي أصبى منو أعوادو ما بتنوا
يوم جبدوا الحراب منو اتبسم وبرم شنبو
وقال أنا موسى يا حليل موسى
ومع تلك اللزمة الموسيقية (يا حليل موسى) كانت رائعة المنفلة بت جلي وهي تشدو ممنحة بقصيدتها (يا حليل موسى) والتي قالت فيها:
أبكنوا يا سهيل ومهيل ود أمي يا سرير وبرير
ود أمي يا صباح الخير
بكايتك ما بتنوم الليل وزاملتك بركت للشيل
خربانة الدنيا دار الميل
يوم جانا المهر مجلوب فوق ضهرو السرج مقلوب
أبكن يا بنات حي ووب على موسى الوسدوه الطوب
حليل موسى يا حليل موسى حليل موسى اللرجال خوصة
هو نمر وأبوه دود قرقر وأمو جاموسة وسيفو لاحوسه
حليل موسى ما باكل الملاح أخدر ولا بشرب الخمر يسكر
عجب عيني يوم ركب دفر طلع صيطو شال بنات بربر
حليل موسى ويا حليلو اليوم حليل حوشو القرقرو البعشوم
أما مفردة (شال بنات بربر) فربما تعني أن افادة الباحث محمد رحمه لي غير صحيحة حينما أفاد بأن اغنية حليل موسى اختلطت مع أغنية قيلت في فارس الجعليين ببربر (موسى ود ابو حجل) والدته هي بت (المك ابو لكيلك) وكان ذلك الفارس قد استشهد في توشكي ابان الثورة المهدية مما جعل احدى الحكامات تؤلف فيه قصيدة حزينة قالت فيها: حليل موسى الراكب الطويل وافزر
وحليل موسى ما باكل الملاح اخدر
ابكنو يا بنات بربر
حليل موسى رقد الصفوف والطوب
يوم جانا الجواد مجلوب
ابكنو يا بنات عرقوب
ولكن العزاء ان اغنيات التراث تتنقل من منطقة لأخرى ويتم استعارة بعض مفرداتها وادخالها في اغنيات تراثية بمنطقة اخرى لا سيما وان (كتلة ود جلي) سبقت استشهاد موسى ابو حجل التي كانت كما اوضحنا بتوشكي على مشارف الحدود المصرية مما يستحيل معها عودة الحصان وهو مجلوب، كما ان الاغنية اشارت لكلمة (شال) والتي تعني (شيل) خاصة وان بربر كانت ملتقى طرق آنذاك كما أن قوافل الحج تمر بها في طريقها للحجاز ومفردة (شال وشيل) كثيرة في الادب الشعبي ومن ذلك قول احدى حكامات الابالة:
وادي الزوم سيل وزينو قام قيل
قالو المريود شيل من اب تبر ميل
كما يقول الشاعر الراحل قاسم عثمان بريمة:
ما دام براقا شال طرف قطع شك الأبيض خرف
وكذلك يقول شاعر الحقيبة ابراهيم العبادي في (عازة الفراق بي طال):
طريت برق الفويطر الشال وسال دمعي البكب وشال
كمل صبري ومنامي انشال لبس من ناري عمة وشال
يا عازة الفراق بي طال
أغنية (حليل موسى) تغنى بها فنان الشرق (آدم شاش) من خلال برنامج (الربوع) وهو صاحب الاغنية المشهورة (فنجان جبنة بي شمالو) كما تغنى بمناحة ود جلي أيضاً الفنان الرائع (مصطفى مضوي) غير أن الاغنية بلغت شأناً كبيراً وشأواً عظيماً حينما تغنى بها كروان التراث الاستاذ الفنان الأديب عبد الكريم الكابلي فأكسبها ألقاً وجمالاً و أصبحت عنواناً لقليعة ود جلي التي تقع في البطانة الغربية على تخوم (عد المرخ) وبالقرب من حمرة الوز وبالحق فإن الاغنية تعتبر من اغنيات المناحة الشامخة في ربوع بلادنا باعتبارها من المراثي الصادقة والشفيقة إذن التحية والتقدير للشاعرة الشعبية (المنفلة بت جلي) ولشقيقها فارس بني جرار (موسى ود جلي) الذي ابلى بلاءً صادقاً في الدفاع عن أهله وعشيرته (البدّو الحواية النار) ولم يهتم اطلاقاً بالقول الزائع الصيت و الشائع (الجود يفقر والاقدام قتال) ..


Post: #153
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 03-12-2013, 05:44 PM
Parent: #152

Quote: وكذلك يقول شاعر الحقيبة ابراهيم العبادي في (عازة الفراق بي طال):
طريت برق الفويطر الشال وسال دمعي البكب وشال
كمل صبري ومنامي انشال لبس من ناري عمة وشال
يا عازة الفراق بي طال


هل كان العبادي سابق الشيخ هاشم عبد المحمود أم شيخ هاشم سبقه
لأن للشيخ هاشم مديح وشعر رائع ويشبه الحقيبة

التحية والمحبة ليك يا دكتور القرشي وللأخ الأستاذ خالد الشيخ الذي اصبح للريف والبادية
كالبرق العبادي ويا دكتور اخبره بأن اهل الريف والبادية يقدرون ويثمنون مجهوده الجبار في التوثيق

لك وله محبتي

Post: #154
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 03-12-2013, 07:31 PM
Parent: #153

Quote: هل كان العبادي سابق الشيخ هاشم عبد المحمود أم شيخ هاشم سبقه
لأن للشيخ هاشم مديح وشعر رائع ويشبه الحقيبة


الأخ العزيز / عبيد الطيب

سلامات

وشكرا لحضورك البهي

حسب علمي ان الشيخ هاشم عبدالمحمود جارى شعراء الحقيبة وهم أكبر منه عمرا وحينما أنشد شعراء الحقيبة

قصائدهم كان الشيخ هاشم عبدالمحمود صغيرا وهو من مواليد سنة 1909

ولقد جارى الشيخ هاشم شعراء الحقيبة في عدة اغاني مثل سيد عبدالعزيز في اغنية أقيس محاسنك بمن والمساح في انت بدر السما في صفاك

وعبدالرحمن الريح في الزهور صاحية وأنت نائم

لك كل الود والتقدير



Post: #155
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 03-21-2013, 07:07 AM
Parent: #154

من الأغنيات الرائدة مطـــر الـــرشاش

كتب الأستاذ / خالد الشيخ حاج محمود
كلما غرب شاعر ويمم وجهه شطر دار الريح ووصل للوادي البقوقي دباسو ( وادى الملك ) والذى وصفه الشاعر/ محمد شريف العباسي بقوله
الوادى البقوقي دباسو فارقناه قمريه وبلومو وناسو
أبو رقبة البعيد اكتافو من خراسو وعندى مقامو أفضل من فريق بى ناسو
حتى تحركت أحاسيس ذلك الشاعر بسبب الأنتقال المكاني والوجداني لخياله كما حدث للشاعر حمزه الملك طمبل والذى عندما أقام فى كوخ صغير فى جبال الصناقر التى تقع علي مشارف مركز سودرى وغالب تلك الصعاب والمتاعب وكان حوله عدداً من الرجال والجمال والجنود جاءوا لمحاربة الجراد الصحراوى ورغم صنك الحياة فى ذلك الكوخ إلا أن الشاعر حمزة تجمل بالطبيعة الفيحاء وانشد من وحي ذلك الجمال قصيدة أصبحت حديث الركبان بالمنطقة .
الشمس خلف الجبال غابت ولاح الهلال
والكون فى العين أمسي حقيقة كالـــــــخيال
كأنما كل شئ مكون من ظــــــلال
وفوق كوخى طيور وخلف كوخي غزال
وحول كوخي نبات من حسكنيت ونـــــال
وغرب كوخى واد نما عليه الســـــــــيال
وقد أنيخت جمال لتستريح الــــــــجمال
هكذا هي دار الريح التى فك طلاسمها الشاعر الشاعر الشعبي عندما قال
دار الريح تاريها مشتول المنقة فيها
بشيل الجوز بزقيها وبحاحي الطير ما يجيها
وحتى حكامات دار الريح أدركهن ذلك الإحساس فكتبن من وحيه مفردات قيمه مثلما فعلت الحكامه / حميده عبد الله شاعرة الليله والليله دار أم بادر يا حليلا ولا سيما عندما استهلت قصيدتها بقولها
الليله والليله دار أم بادر يا حليلا بدور زولي
زولاً سرب سربه وخت الجبال غربا أدوني لي شربه وخلوني النقص دربا
من هذا الفضاء الكبير وعبر الإلهام الحقيقي كتب الشاعر المخضرم / محمد عبد الله ابكر رائعته ( مطر الرشاش الرشه ) بعدما تشبع بحب دار الريح والتى كان يطوفها ويتطوفها أسبوعيا وهو يرى سرب الرهو كأنه سرب حمام حول وأدى أبو زعيمه وأم خروع مما شكل لديه لوحة جماليه صورها بقلمه وهو علي ظهر العربه (الميركورى ) حيث قال:-
سرب الرهو طاير كأنو سرب حمام
الريح ديارو اترشت البندر سكونوا حرام
عد أم خروع لا تنساه لا تقول أتأخرت
أبو زعيمه داك زوروا نزلنا فى أم سنطه
ياسايق الحديد دوسو ولا ترتا بي حالوا
لو أنكسر عجلو أسبيرو فى بدالو
لو القدر جانا يلقانا ابطالوا
ولا عجب أن يكتب الشاعر تلك الكلمات المعبرة لأنه سليل أسره مشبعه بالفن والأدب حيث ان شقيقته من أمه هي الفنانه الشعبيه المشهورة الرحمه مكي والتى كانت تقيم بمنطقة الدومة بأم درمان ولقبت (برحمه الدومه ) ووالدة الشاعر هي زينب أحمد عوض الله وقد غنت الرحمة الكثير من الأغنيات الحماسية منها الوافر ضراعو .
الوافر ضراعو أمنتو الرسول مأمون الوداعة برد دار أبوك
غني يالهويده وجرى النم علي جريت القصيدة
شال السوط عرض قال أخو الفريده أنترو يا جنيات ميس أخوى بعيده
غني الرحمة قالت ياقشاش دموعي والرجافه سالت وقت الصيح وقع والفرسان أن جالت نادو لي حسن تومي الحرابة دارت .
ومن اغنيات الرحمه المشهورة ايضاً .
يا مسافر فراقك لي صعيب من بعدك حياتي كيف تطيب
ولد الشاعر / محمد عبد الله أبكر بالطويشه فى غرب السودان عام 1945م وكان والده يعمل بدونكيها وسرعان ما نقل لإم روابه وود عشانه حيث درس ابنه / محمد الأوليه بالمدينتين ولكنه سافر لمدينة امادى بالجنوب وهناك حن الشاعر محمد لإمه وأرسل أول قصيدة كتبها لشقيقته أم سيل قال فيها
يا أم سيل كيف العمل ودرب الوصال أنا شفتو انقفل
وليكم شوقي طال
يا أم سيل يا رطب النخل صابني الهزال وانا جسمي إنتحل
وصار حالي حال
وبعد عودته من الجنوب عَرفه صديقه الأستاذ الأديب / النور صالح حميده بشعراء الحقيبه سيد عبد العزيز وحدباي لا سيما وان الأخير كان زميلاً لوالده بدونكي أم روابه وقد اسر له الشاعر حدباي بسر ظل فى خاطره عندما قال له ( أى كلام تريد أن تقوله شعراً ترنم به ) كما كان يفعل حدباي ويترنم بقوله الرائع والبديع .
العجب تيها وفى دروعا كابي حرتيها شكلها قيافا ونهيداتها برتكان يافا
(حرتيها بمعني شعرها ) واصل الشاعر محمد عبد الله تعليمه بالمعهد العلمي ولظروف قاهرة لم يستمر فيه وعمل جندياً بالشرطة والجيش والسجون ضمن الفرقة الموسيقية ثم عمل فني تطعيم بهيئة الصحة العالمية قبل أن يختم مسيرته الوظيفية كاتباً بالأسواق والدوانكي .
وفى خريف عام 1970م سافر الشاعر محمد عبد الله مع شقيقة عوض الذى اشتهر بعوض برنجي لأنه كان يعمل موزعاً لسجاير البرنجى فى منطقة دار الريح بعربة شركة البرنجي وعندما وصلا عد ام خروع التى تقع غرب مدينة سودرى وكان العد مليئاً بالماء والمنطقة محفوفة بشجر السيال الذى تشتت منه النوار الأصفر مما استهوى الشاعر ونسي ان هنالك أبيار تشكل خطراً علي حياة الناس عند الغفلة وما أن اخذ الشاعر ماءً من زمزميه العربة وذهب لمشاهدة النوار الأصفر حتى سمع هاتفاً من فتاة تنادى عليه بصوت عالي (يا وليد أعمل حسابك ما تقع فى البئر) عندها رجع الشاعر وشاهد تلك الفتاة التى كانت جميلة وتركب علي حمار مسروج وقد عاجلته بطلب فوري حيث قالت له أن شقيقها مريض وتريد إسعافه بمدينة سودري وقد وافق علي طلبها وفعلاً اصطحبوه معهم وفى سودرى أقاموا أسبوعين بهدف توزيع السجاير ولكن صورة الفتاة ومروءتها لم تفارق مخيلة الشاعر وعندما عاد الشاعر محمد للأبيض تحركت عواطفه بسبب الشجن والمحبة والحزن الإيجابي فكتب رائعته مطر الرشاش الرشة
مطر الرشاش الرشة فى دار كردفان الهشة
أنا عقلي راح وطشه ورى المراح النشه
الوراه سايرات ناس عشه
بت التلب أبو كشه أخت النمور الساكنة فوق الخشة
جات لابسه السوار أبو نقشه بي أحلي العطور مترشة
زينة البنات يا عشه رحماك بي عقيلي الطشه
حالفين يمين يا عشه ما نضوق للنوم هبشه
لوما حنيتي يا عشه ست البكيره الغبشة
وعندما استمع الفنان التجاني حسين للقصيدة عرضها علي المرحوم / الفنان إبراهيم موسي أبا والذى رغماً عن إعجابه بها الا أنه قال أنها تصلح تماماً مع الفنان صديق عباس لأن إيقاعها علي طريقة الجرارى سيما وقد اشتهر الفنان صديق بأداء أغنيات علي إيقاع الجرارى مثل أغنيته المشهورة أم قجه .
جافت بيك أم قجه وطالت بيك المدة
الزول أبو سنن فضه مالوا السلام ما برده
جافت بيك حنانه لي بلد الرطانة الزول الفر قو أذانا حالف ما يطرانا
أبو ورقاتن جالن وأبو دماتن سألن
عنزة السيس يتبارن شالن قلبي وسارن
قام الفنان / صديق عباس بتلحين الأغنية وتقديمها فى أمسية من خلال مسرح فرقة فنون كردفان بحضور الأساتذة / عوض موسي وعوض محمداني كما قام الأستاذ / عوض محمداني بتقديم الأغنية من خلال برنامج رسالة كردفان الإذاعية فى فقرة من إشعارهم ووجدت صدى كبير وكانت بمثابة تشكيل ثنائية بين الشاعر محمد عبد الله والأستاذ/ الفنان صديق عباس والذى تغني بأغنية اتلموا يا كباري من نفس الشاعر ومن مفردات الأغنية الجميلة .
أتلموا يا كباري وشاوروا ألرمالي
بشوف الخيرة مالي أتحيرت أفكاري فى أجمل الحواري
يا طير يا خدارى يا ألبي العلي دارى
سلم علي البر يدو فوق الحلة جاري
أنا بركب اللوارى وبتابع القمارى
بزور الحاج اللين عشان الشاغل بالي
الرقصوه إجباري وزيرتو جات تبارى
تشاشي لي وتظلل من السموم تضاري
لاحظ أن عيون الناس أكبر من السموم لذلك نقول أن العيون حارة أى ساحرة والوزيرة هنا تغطي تلك العيون وتصبح كالظل الذى يزيل السموم خاصة وأن هنالك أغنية تقول:-
( لولا ناري من دموعي كنت حرقت ولولا دموعي من ناري كنت غرقت).
وقد أصبحت تلك الفتاة التى تناولتها أغنية مطر الرشاش الرشة شريكه لحياة الشاعر ومحور إلهامه كما يقول هو وحقاً صدق الأديب والسياسي الشريف زين العابدين الهندي عندما وصف دار الريح من خلال أوبريت سودانية حينما قال .
من مليط مكربت شاقي دار الريح نازل بارا أم فتنه بتسر وتريح
وأتيا سر علي التياره صوتها يصيح ونوخ تقلي فى السهل الكبير وفيسح
لذلك ظلت الأغنية البدوية الرائعة .
يا طبيق ألريحه والريده ليك صحيحة
وأنت كان جافيت كلمني بالنصيحة
ظلت مصدراً لإعجاب الأستاذ / حسن نجيله لما فيها من صدق يهز المشاعر فترقص القلوب معه طرباً وهي تشدو فى جزل ومرح وترقص علي أنغامها حيوية الشباب ونضرة الصبا وزهو الجمال



Post: #156
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 03-23-2013, 05:17 PM
Parent: #155

السينما والسكة حديد في فحل الديوم

كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
اتخذ سالزبري كما هو عهده موقفاً صلباً تجاه الخديوي والسلطان ورفض الاحتجاجات الفرنسية لذلك بدأت حملة (سير هربرت كتشنر والذي خلف قرانفيل كسردار) توغلها جنوباً في يونيو 1896م لاسيما بعد فتكها لجيش المهدية في فركة، وبحلول سبتمبر تم احتلال دنقلا والدبة وكورتي ومروي وأصبح أسرى المهدية في معية جيش كتشنر وفي شهر مايو 1897م وصل خط سكة حديد كتشنر إلى كرمة ومن ثم قرر الجنرال كتشنر مد الخط من حلفا إلى أبو حمد عبر الصحراء على أن تواصل الحملة طريقها بالبواخر عن طريق النيل، لذلك ساهم خط السكة حديد في النصر الذي حققه كتشنر على قوات المهدية بالرغم من بسالتها في الدفاع عن البلاد والتي سقطت للأسف في فجر 2سبتمبر 1898م بعد معركة ضروس في جبال كرري أبلى فيها الانصار بلاءً حسناً، وبعد يومين عبر كتشنر النيل للخرطوم ورفع العلمين البريطاني والمصري على سارية القصر الجمهوري وذلك حسبما ورد في كتاب ماكمايكل (السودان)، لذا كان من الطبيعي أن يسعى الاستعمار لمد خطوط السكة حديد لكافة أرجاء السودان حيث وصلت السكة حديد لمدينة الأبيض في يوم 28/فبراير/1912م في عهد مدير مديرية كردفان (مستر كندي كوك) والذي أقام احتفالاً كبيراً شرفه جمع من الضيوف والقيادات والاعيان وعهد لمستر جيلان مفتش مركز الأبيض اعداد البرنامج فتفتحت قريحته وقام بدعوة مجموعة كبيرة من كافة أنحاء البلاد، بل قام بعرض أول فيلم سينمائي في السودان بمحطة سكة حديد الأبيض متزامناً مع وصول القطار للمدينة في يوم 28/فبراير/1912م وكان ذلك الفيلم عن زيارة الملك جورج الخامس لميناء بورتسودان في يناير 1912م وحينها كان في طريق عودته من الهند ويؤكد ذلك ما أورده المخرج السينمائي ابراهيم شداد من خلال تصفحه لمذكرات السير سايمز والذي أوضح بجلاء ماهية الأمر خاصة السرعة التي أنجز بها الفيلم حيث لم تتعدى الفترة الشهر ما بين بورتسودان والأبيض ولندن. الجدير بالذكر أن الشيوخ و الاعيان الذين تم تصويرهم في الفيلم مع الملك جورج كانوا حضوراً عند تدشين العرض بمدينة الأبيض والتي أصبحت مع وصول السكة حديد مدينة تجارية هامة مربوطة بجل أنحاء البلاد شرقاً ووسطاً وشمالاً كما أن الاستعمار الثنائي كان مهتماً بالسكة حديد ويؤكد ذلك قوة شرطتها التي كانت أكبر من قوة الشرطة العامة لاسيما في عهد مدير السكة حديد المستر هيلارد في العشرينات من القرن الماض والذي كان ينوب عنه المهندس محمد فضل والد الطبيب الراحل فيصل محمد فضل الذي عمل بمستشفى الأبيض كما أن مأمور السكة حديد كان أكبر سلطة ودرجة من مفتش أي مركز بالبلاد مما يؤكد اهتمام السلطة بالسكة حديد حتى صارت تشكل وجدان الأدباء والشعراء وفقاً لهيبتها ودقتها وهي تمثل الناقل الوطني الهام لذلك تبارى الأدباء في الاحتفاء بها وجعلها محوراً لقصائدهم وملاحمهم الأدبية كما فعل الشاعر الراحل محمد عوض الكريم القرشي من خلال رائعته(القطار المر) التي يقول في بعض مقاطعها:
القطار المر فيهو مر حبيبي ليه علىّ ما مر ونلت مقصودي
في الرصيف مستني وفي الثواني بحاسب إمتى يظهر نوره الليهو ديمة مراقب
ألقى فيهو هناي ويلقى فيّ هناه وننسجم في هنانا الكون بي محبوبي
الأشرجي تراه الإشارة أداه نزلوا السنفور لي مروره براه
القطار يتهادى حل في وادينا السلامة سلامة يلا أنزل بينا
ما مهلنا دقيقة وطار بي محبوبي
و وفاءاً من جماعة الفيلم السوداني بمناسبة مرور مائه عام على هذه الذكرى العظيمة يشرف مدينة الأبيض غداً الأساتذة المخرجين السينمائين الطيب مهدي الطاهر ومنار الحلو لتقديم عروض سينمائية وندوة بدار رابطة شباب من أجل شيكان جوار محطة السكة حديد في احتفال بهيج اعده أولئك الشباب الطموح برعاية كريمة من الأديب والمثقف العضوي الاستاذ محمد عثمان الحلاج وشخصي علماً بأن الاستاذ الحلاج هو مؤسس نادي السينما بمدينة الأبيض عام 1977م ومعه مجموعة من الاساتذة منهم يوسف عوض الباري وحافظ محمد محمود ومحمد خليل جيب الله والراحل عمر الجيلي شيخ محمد (روما) ورحمة محمد رحمة والراحل الباشمهندس محمد ابراهيم الخليل والحاج الوقيع وموسى شيخ الربع وألبرتو مودونيسي وكوزموس اسبادافيتشي وهما من الطليان كانا أساتذة ضمن مدارس كمبوني الأبيض، هذا إلى جانب دور المجلس الثقافي البريطاني وأثره الكبير على المهتمين بالسينما في الأبيض من خلال اهتمام القائمين على أمره الأساتذة (حامد موسى مراهد وسيف الدين وعصمت عبد الوهاب واسماعيل) ولقد لعبت السيدة سيغريد كاهلي السويدية زوجة السفير الالماني دوراً كبيراً في ربط نادي السينما الأبيض بمعهد جوتة الألماني الذي كان يديره دكتور وولف والاستاذة ( مأمون الباقر وحسين توتو) كما ربطتهم بالملحق الثقافي الفرنسي (مسيو باترس ماري) والذي قدم محاضرة عن العلاقات السودانية الفرنسية بمدينة الأبيض، كما زارت السيدة سيغريد مدينة الأبيض وقدمت العديد من الهدايا للمدارس الثانوية للبنات كالخرائط الجغرافية، ويجئ اهتمام نادي السينما بالمركز الثقافي الفرنسي بالأبيض لعلمهم بأن بداية السينما كانت فرنسية من خلال السينما الصامتة التي كانت بوساطة الأخوة لوميير ويذكر رواد النادي الدور الكبير للاساتذة (حيدر احمد على والهادي عبد الرسول) لاشرافهما على العروض السينمائية للمركز الفرنسي، كما كان لوجود سينما كردفان التي أسسها خليل عكاشة وكرياكو هرمز عام 1940م أثرها العظيم على محبي السينما وكذلك سينما عروس الرمال والتي تمتلكها شركة السينما السودانية ومجموعة من المساهمين هم السادة (محمد احمد سنهوري وشقيقه ابراهيم سنهوري و السنوسي حسين النعيم ومحمد الريح الأمين سنهوري وكرياكو هرمز وعلى بلدو) والتي تم افتتاحها في 16/مارس/1955م بوساطة مدير مديرية كردفان آنذاك مكاوي سليمان أكرت وهو أول من سودن تلك الوظيفة وقد شاهد الرواد العديد من الافلام الراقية عبر شاشة هاتين المؤسستين كما كان مقر مؤسسة الدولة للسينما شرق جامعة الخرطوم ويشرف على ادارتها الاديب الراحل البروفسور على المك، ومن تلك الافلام الرائعة التي ارتبطت بذاكرة رواد السينما فيلم ( امرأتان) والذي لعبت دور البطولة فيه صوفيا لورين وفيلم (زهرة الشمس) وفيلم (الحرب والسلام) للروائي العالمي الروسي (تولستوي) و فيلم (الهروب الكبير) والذي لعب فيه دور البطولة استيف ماكوين والفيلم الهندي الزائع الصيت (من أجل أبنائي) وكذلك فيلم (زوربا اليوناني) للروائي كازانيسكي واخراج كوستا غرافس وبطولة أنتوني كوين والممثلة اليونانية المبدعة ايرين باباس ، وفيلم (أكثر من معجزة) للمثل العالمي عمر الشريف وفيلم ( زد) موسيقى ثيو ذراكس وبطولة إيف مونتان وميلينا ميركوري والتي أصبحت وزيرة الحضارة في اليونان بعد زوال الحكم العسكري بها وقد أحدث الفيلم ضجة عالمية بسبب منافحته للانظمة الديكتاتورية. كما قام نادي السينما بالأبيض بقيادة الاستاذ محمد عثمان الحلاج بعرض مجموعة من الافلام الراقية بالمركز الثقافي البريطاني ومكتبة البلدية ودار جريدة كردفان وقاعة مدارس كمبوني مثل فيلم (بنوكيو) و فيلم (سارق الدراجة) و تحكي تلك الافلام عن الواقعية الجديدة في ايطاليا إذ تجوب الكاميرا الحواري و الازقة والميادين وكذلك قام الملحق الاعلامي بسفارة اليابان الاستاذ طه عبيد بمد نادي السينما بالعديد من الافلام كفيلم (الساموراي السبعة) للمخرج الياباني العبقري (اكيرا كيرا ساوا) واسمه يعني باللغة العربية (الأرض المخضرة التي في منتصف الحقل)، كما شاهد رواد نادي السينما بالأبيض فيلم (المدرعة بونتمكين) للمخرج العالمي الروسي (سيرجي آيزنشتاين)، و ساهم الاساتذة البرتو وكوزموس بترجمة العديد من الافلام لإجادتهما التحدث بثمانية لغات عالمية وكذلك عرض نادي السينما مجموعة من الافلام السودانية منها (انتزاع الكهرمان) بطولة الممثلة الالمانية الجميلة (ترانزهيل) والاخراج السينمائي للفنان التشكيلي حسين شريف وأنشاد الفنان المبدع الراحل عبد العزيز محمد داؤد والذي ترنم برائعة ابن الفارض:
شربنا على ذكر الحبيب مدامة سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم
هي الشمس والبدر كأساً لها يديرها هلال وكم يبدو إذا مزجت نجم
فلولا سناها ما اهتديت لحانها ولولا شذاها لما تخيلها الوهم
كما شاهد الرواد فيلم (ظار) للمخرج السينمائي الشاعرالكبير الراحل على عبد القيوم والذي تغني برائعته الاستاذ المبدع الراحل محمد وردي:
أي المشانق لم نزلزل بالثبات وقارها
أي الاناشيد السماويات لم نشدد بأعراس الجديد بشاشة أورتارها
وشاهد الرواد أيضاً فيلم (جمل) الذي ينبئ عن جمل العصارة وصبره للمخرج السينمائي الرائع ابن بارا ام لبخ ابراهيم حامد شداد كذلك قدم نادي السينما الكثير من العروض السينمائية الرياضية بالأندية المختلفة وبمدينة بارا كما عرضت بالمدارس مجموعة من افلام التحريك للاطفال مثل فيلم (أميرة الثلوج) لكاتب قصص الاطفال العالمي هانز اندرسون و شهد النادي العديد من المحاضرات والندوات الثقافية لاسيما وقد جمع العديد من المثقفين منهم على سبيل المثال مولانا القاضي الفاضل حسن خليفة والدكتور الراحل حافظ الزين شداد والاستاذ فضل عمر فضل وشقيقه الاستاذ ميرغني وكان هنالك تبادل للكتب السينمائية بين الاستاذ حافظ حاج محمود والاستاذ الحلاج من ضمنها فيلم الزمن الصعب ( وسينما الحب) و(السينما عندما تقول لا) للناقد المصري الكبير (رؤوف توفيق) كما يذكر الرواد المحاضرة القيمة التي قدمها الاستاذ الحلاج بفرقة فنون كردفان والتي حضرها جمع غفير وكانت بعنوان (حول عرس الزين والساموراي) و قدمت منظمة ايد النيل للتنمية الريفية فيلم (عود بت اللحو تصوط بيهو الكسرة وتوقد بيهو الضو) من سيناريو واخراج الاستاذ الحلاج موسيقى الاستاذ الموسيقار حافظ عبد الرحمن مختار وقد تناول الدور المتعاظم للمعلمات بالريف وكذلك اخرج الاستاذ الحلاج فيلم تجريبي بإسم (دقن الباشا) مع منظمة الساحل البريطانية. ووفقاً لهذا الاحساس العالي وبسبب جور الزمان على السينما والسكة حديد استشعر المبدعون أهمية هذه المناسبة التأريخية خاصة وان الشعراء ظلوا يلهجون بالثناء لكل الوسائط ابتداءاً من الحمام الزاجل والجمال والخيول والبغال وحتى للواري و البواخر والقطارات وماكتبه الشاعر ناصر قاسم عثمان عن السكة حديد يؤكد تلك المناصرة حينما قال:
بدور يا ناس أحكي الايام وارجع بيكو لماضي بعيد
في سيرة جميلة وزمناً كان بحن يا ناس وبقولوا بعيد
آه يا شوق من ديك أيام أريتو زمانا يجيبا يعيد
نغني معاه نقول ونعيد والله زمان يا قطار الشوق
والله زمان يا السكة حديد
على قول حدباي فيها البلور وبنات سمحات زي الغزلان
سودان العز الفيهو جياد ملان بالعافية والبركات
ليه ما يعود من تاني قطار الشوق وتلف وتدور تاني العجلات
وفي الختام التحية للاساتذة الطيب مهدي ومنار الحلو والدكتور الرائع الناقد السينمائي محمد مصطفى الامين والناقدة السينمائية سعدية عبد الرحيم الخليفة والمخرج السينمائي عبد الرحمن نجدي والمخرج السينمائي سليمان محمد ابراهيم والاستاذ المخرج السينمائي ابراهيم شداد والمصور السينمائي الهادي احمد ابراهيم وأبو السينما السودانية الاستاذ الخير هاشم والمخرج الكبير الاستاذ جاد الله جبارة والاستاذ المخرج انور هاشم والاستاذ الناقد السينمائي خليل عكاشة والمخرج الكبير الاستاذ الرشيد مهدي بعطبرة ولكل جماعة الفيلم السينمائي والتقدير لرابطة شباب من اجل شيكان و للوجيه عادل بكش والانحناءة للاستاذ الرائع الحلاج ولمعتمد محلية شيكان الاستاذ فتح الرحمن عوض الكريم ولكل المحتفين والمشرفين للبرنامج لاسيما أسرة السكة حديد بالأبيض والعزاء موصول لأهل بلادنا في رحيل عملاق الفن الرائع الاستاذ محمد وردي والذي كثيراً ما ركب قطار الابيض حاملاً لواء الفن الجميل ونذكر بأنه كان يحضر في أيام الخريف بالقطار إلى كردفان وقد لحن في مدينة أم روابة رائعته (نور العين) له الرحمة والمغفرة والدعوات الصادقة والتي نتوسل بها لرب العزة والجلالة ونقول في ذلك كما قال شاعر دار الريح الاستاذ الوسيلة عبد الرحمن في بكائيته:
أمشي قول ليه يا المرسال للزول المشى وماجاي
ودعناك بالدعوات وظللنا نناجي يا مولاي
وبعدك بحت الاصوات وخنق بالعبرة حلق الناي
لا الجراري ولا الطمبور ولا لمة الحردلو
قول ليهو أمست تسعد الدوباي




Post: #157
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 03-24-2013, 05:36 PM
Parent: #156

من جيل الرواد
الشاعر/ حميدة أبو عشر


كتب: خالد الشيخ حاج محمود
عندما زار شاعر العصر الحديث نزار قباني مدينة الأبيض عام 1969م بدعوة من جريدة كردفان لصاحبها الاستاذ المرحوم (الفاتح النور)، قال في نادي الخريجين ( يسعدني أن ألتقى بالأبيض عروس الرمال التي تحمل كل نقاء الصحراء وكرمها وعنفوانها كما يسعدني أن ألتقي بأهلها الطيبين في هذه الأمسية الشعرية لأقدم لهم بعض ما في جعبتي مثلما قدمت في الخرطوم من الأشعار لقد وجدت الشعب السوداني ذواقاً ومثقفاً ثقافة عالية وأعجبني في السودانيين حبهم للشعر لقد كنت بالأمس في معهد تدريب المعلمات فرأيت الناس يتدلون من الأشجار كعناقيد العنب وأمس الأول بفرقة فنون كردفان شاهدت فلكوركم الشعبي وغناءكم الجميل خاصة عندما صدح مغنيكم بالأغنية الجميلة:
وداعاً روضتي الغناء وداعاً معبدي القدسي
طويت الماضي في قلبي وعشت على صدى الذكرى
وهذا الدمع قد ينبي بظلم المهجة الحيرى
لقد علمت أن شاعرها معكم بهذه المدينة الفيحاء وأسمه (حميدة أبو عشر) ، والله هي من أفضل القصائد التي سمعتها في الشعر الغنائي إن لم تكن من أعظم القصائد التي كتبت في العصر الحديث، أبدأ الآن بالقصائد العاطفية ثم أغوص في منطقة الحرائق) ولعل منطقة الحرائق عند نزار قباني تجيش بأعظم المواقف النضالية والقصائد الوطنية التي كتبها الشاعر في درب النضال كمثل قوله:
متى يا صاحبي تفهم أيا جملاً من الصحراء لم يلجم
قد أكل الجدري منك اليد والمعصم
إن كانت تلك افادة صاحب الاعمال الشعرية الكاملة (نزار قباني) وشهادته عن الشاعر حميدة أبو عشر والتي أرسلها عبر دولة وصولة الشعر في عروس الرمال فلما ظلت سيرة أبو عشر حبيسة الآلات والانغام الموسيقية فقط وذلك رغماً عن أنها غمرت القرى وعمت والمدن والحضر فلماذا لم يجد التكريم اللائق وخاصة من أهل كردفان التي اصبحت مقامه ومدفنه كما قال لي أحد الأصدقاء من منطقة أبو عشر والذي وجه لنا لوماً عفيفاً وشفيفاً نأمل أن نتداركه بالإحسان واكرام اسرته التي تقيم في حي العشر بمدينة الابيض اليوم، ولما كان أضعف الاحسان عندي تناول سيرته العطرة التي يعلمها القاصي والداني. لذلك أقول بأن الشاعر حميدة ولد في عام 1914م بالخرطوم في منطقة بالقرب من سباق الخيل وذلك بعد هجرة والده (احمد عثمان البشير مكي ساعد أزرق من منطقة أبو عشر التي توجد بها قبة جده لوالده) للعاصمة القومية وكان قبلها قد تزوج من آمنة بت وهب والدها العصملي من محس توتي وكان يقيم بمنطقة الجميعاب بالكاملين فانجبت له (الامين ومحمد ) والذي كنيّ بـ(حميدة) كشأن أهل الجزيرة الذين يسمون (محمداً بحميدة)، أما والده فهو أحمد عثمان فهو من البديرية الدهمشية من دبة الفقراء بدنقلا وإن كانت والدته جعلية من فرع (سمرة وسميرة) الذين نزحوا للجزيرة، حيث تلقى حميدة تعليمه الاول بخلاوى أبو عشر وحفظ القرآن في باكورته حيث لم يتجاوز عمره التاسعة ومن ثم درس المرحلة الاولية بالخرطوم واستمر في تعليمه حتى وصل للمعهد العلمي بأم درمان ولكنه فصل بسبب نشاطه السياسي الواضح والمعلن وحينها كان يذهب لأشهر المنتديات بأم درمان (منتدى الشيخ الطيب السراج) الذي كان له رواد كثيرون يأتون للإستمتاع بالعلم في اللغة العربية والأدب حيث كان يتردد على منزل شيخ السراج مجموعة من الشعراء والعلماء والمطربين منهم على سبيل المثال الفنان عبد العزيز داؤود وحميدة ابو عشر مما جعلهم يستفيدون كثيراً من ذلك المنتدى وخاصة في النطق الصحيح للغة العربية ومخارجها لا سيما وأن شيخ السراج كان شديد النقد للذين يتحدثون اللغة العامية بأخطائها الكثيرة مما اكسب الشاعر حميدة معرفة بضروب اللغة وفنونها وبعد فصله من المعهد العلمي ألتحق بالاشغال (أسطى بناء) ولكن والده الحقه بالمدرسة الانجيلية لكي يواصل مسيرته التعليمية وعندما قالت معلمة المدرسة (لما صلب المسيح) عارضها حميدة بقوله (بل رفع إلى السماء الأعلى) مما جعلها تخبر مدير المدرسة بأن ذلك الطالب جاء من مدارس اسلامية بل اشترطت فصله مقابل مواصلتها التدريس وبالفعل تم رفده فعاد لحرفة البناء مرة أخرى من خلال عمله في تشييد مدرسة حنتوب الجميلة في الاربعينات في القرن الماضي والتي صقلت تجربته وزادت حصيلته الادبية واللغوية وكان لمسرح المدرسة العريقة أثره على الشاعر وعندما عاد للعاصمة كتب بلوعة الفراق رائعته (وداعاً روضتي الغناء) والتي يقول في بعض مقاطعها:
لماذا الهجر يا حبي لماذا دهرنا ضنى وشبع روحي باليأس
وداعاً روضتي الغناء وداعاً معبدي القدسي
نسيت الماضي يا ليلي مواضي الحب والطهر
نسيت ليلة إذ كنا نفدي النفس بالنفس
أظل أردد الشكوى لما لاقيت من وجدي
حبيب الروح لا أقوى على حمل الهوى وحدي
ولما لم اجد سلوى كسرت ابريقي والدن
سكبت على الثرى كأسي وعشت على صدى الذكرى
وقد كانت تلك القصيدة عربوناً لصداقة جمعت بين شاعرها والشاعر الكبير مأمور سجن الأبيض (مبارك المغربي) حيث اصبحا صديقين وكانا كروح واحدة في جسدين لذلك ألف الشاعر مبارك المغربي قصيدته ( حولٌ يحول) والتي تشبه قصيدة (روضتي الغناء) سيما في بعض أبياتها التي يقول فيها:
يا أيها الجاني علىّ بهجره يهنيكا إخلاصي وصدق شمائلي
يلتف من حولي الرفاق كأنهم عقد تنظم من نضيد خلاخلي
هم يسمعون لعاشقٍ يشدو لهم في غبطة كالجازل
لو أنهم علموا دخيلة نفسه لبكوا عليه بكاءُ أمٍ ثاكل
أين المنى البراق أين عهودنا بل أين ميثاق اللقاء العادل
أنا دفنت منايّ في شرخٍ ودفنت احلامي فعم تساؤلي
والصبر أقسى ما يكون من امرءٍ يهفو لشئ ليس في المتناول
يا سائلاً عني بعيد فراقه أما سمعت قصائدي وملاحمي
فليشقى هذا القلب في تهيامه وليحظى بالنوم العميق عوازلي
بعد عودة حميدة للعاصمة من حنتوب التحق بنقابة عمال السودان التي كانت تحت قيادة الزعيم (محمد السيد سلام) وشارك في اضراب الحريات الشهير عام 1953م والذي كان بمثابة الشرارة الاولى للاستقلال الشئ الذي جعل السلطات الانجليزية تعلن محاكمته بالخرطوم وعندما تصدى الاستاذ المحامي محمد احمد محجوب للدفاع عنه رفضت السلطات ذلك وحكم عليه بالسجن سنتين يقضيهما بمدينة الابيض وبالفعل ارسلت السلطات الشاويش (احمد جبران) لاحضاره لسجن مدينة الابيض (م######شاً بالقيد نمرة عشرة) والذي يتعامل به مع عتادة المجرمين ولكن جبران اعجب به عندما شاهد الناس يجلونه ويقدرونه من خلال محطات السكة حديد التي كانوا يعبرونها وخاصة في محطة ود مدني مما جعله يسأل عن ذلك السجين لأنه لم يرى في حياته مجرماً يجله الناس، وعندما علم بأن حميدة من المناضلين الشرفاء أحبه واكرم وفادته وفك عنه القيد و اصبح يشاركه الطعام والسمر طوال الرحلة وقام لاحقاً بتزويجه من ابنة اخيه محمد جبران والتي تسمى بـ(سعدية الجبور) وهي من المسيرية الحمر من منطقة كيلك والدها من خلفاء الطريقة الختمية وقد انجبت له (آمنة و هدى والامين وابتسام وفائزة) ولكن رغماً عن اعتقال ابو عشر بسجن الابيض إلا ان السلطات تحفظت عليه بجبل (طرة) بالقرب من البانجديد التي تقع جنوب الابيض وذلك حتى لاينقل تلك الثورة للمثقفين والادباء بكردفان، لذلك استوعب ابو عشر للعمل بمباني سجن الابيض الكبير وقام بتشييد العديد من السجون بكردفان في (النهود والرهد والفولة وكلوقي وبارا) ، وعندما رفعت حكومة الزعيم الازهري عام 1953م شعارها المشهور (التحرير قبل التعمير) والذي صاغه بمهارة وبراءة الاستاذ يحي الفضلي وزير الشئون الاجتماعية آنذاك، تعرضت تلك الحكومة لضغوط من قبل الجبهة المعادية للاستعمار حيث ظهرت المطالب النقابية التي كانت تتقدم بها الهيئات والاتحادات مما جعل (السيد سلام) يتقدم بمذكرة للحكومة في مارس 1954م وقعت عليها كل قيادات العمال وايدها السجين حميدة ابو عشر وذلك رغماً عن أنه من أعضاء حزب الأشقاء وكان لتجاهل الحكومة لتلك المذكرة بسبب إنشاغلها بمسائل أهم كالسودنة والجلاء وتصفية الحكم الثنائي أثره على العلاقة بين الشاعر حميدة وحزبه فكتب قصيدته الرائعة (ظلموني الاحبة) والتي غناها الفنان عثمان حسين ، وهي رمزية قصد بها ظلموني الأشقاء والتي تقول بعض مقاطعها الغنائية:

ظلموني الأحبة في شرع المحبة
الاحباب تجنوا في الاحكام جاروا بي قيود المحبة
ملكوني وتوارو لي عيني ابكوا
ظلموني وتشكوا في اخلاصي شكو
اخلاص قلبي ظاهر للحرقوه حب
كما كتب حميدة رائعته الجميلة (غضبك جميل زي بسمتك) والتي تغنى بها صديقه الكروان عبد الحميد يوسف وهي من أوائل الاغنيات التي وضع لها سلم موسيقي بعد الحقيبة وعندما سأل الدكتور الاديب عبد الله اسماعيل شاعرها عن سر تلك الاغنية التي جمعت الأضداد قال حميدة (الحسن يظهر حسنه الضد) لذلك ضمت القصيدة بعض الابيات الجميلة لاحظ بعض مفرداتها:
عجباً تكون قاسي ووديع على كل حال شكلك بديع
درت وجفيت وجفاك مريع يا آية المعنى الرفيع
نظرة عيون لي محنتي سحر الجمال في مقلتك
حكم الغرام بتذللي وحكم الجمال بتدللك
الاشتياق والاحتراق والوجد لي والابتسام والانسجام والحسن لك
على كل حال شكلك بديع غضبك جميل زي بسمتك
وعندما ذهب الأسطى الشاعر حميدة ابو عشر لتشييد سجن كلوقي شاهد فتاة (خواجية) مما جعل شيطان الشعر يتملكه فقال:
رنا فرمى من اعينٍ نجل غرير طرير رشيق الخطوي والمقل
رشيق الخطى لدن معاطفه كأنما يمشي على وقعٍ من الوتر
فالحب حبٌ وإن شتت مذاهبنا فهو أسمى من الأنساب والنحل
وعندما زاره الفنان حسن عطية بمنزله ذات يومٍ أهداه قصيدته (محبوبي لاقاني وبي بسمة حياني)، وكان لانسجام حميدة مع مجتمع عروس الرمال أثره البالغ على الحركة الادبية بالمدينة حيث انضم لجمعية شعراء الحقيبة التي كان يرأسها محمد الحسن قدري ومن بعدها لرابطة أصدقاء الكلمة بالابيض وفي الثمانينات من القرن الماضي سافر لمدينة ود مدني ضمن البعثة التي شاركت في مهرجان الثقافة الاول في معية مجموعة من حملة الثقافة والآداب بالولاية منهم الأساتذة ( محمد عثمان الحلاج والدكتور عبد الله سماعيل وعبد الرحمن رضوان ومهدي السيد على والشاعر قاسم عثمان والمطرب عبد القادر سالم وعبد القيوم ابو شاية والموسيقار المرحوم جمعة جابر والدكتور عبد الله الصديق والاداري عبد الله ادريس) ، حيث قام الكابتن والاداري عباس سليمان (خال الاستاذ الحلاج) بإكرامهم والاحتفاء بهم ومن خلال مسرح الجزيرة قدم أبو عشر قصيدته (وداعاً روضتي الغناء) كما قدم وفد كردفان برنامجه والذي بدأ بقصيدة الدكتور عبد الله اسماعيل (وا شوقاً على بلدي) التي اجاد تقديمها الدكتور هيثم عبد الله الصديق مما جعل الشاعر حميدة يقول لشاعرها عبد الله اسماعيل (بأن قصيدته تلك فيها خياطة بالحرير) كما قدم الاستاذ الحلاج مسرحية (الرجل الآلي) ومن طرائف تلك المسرحية قيام مخرجها الاستاذ الحلاج بإستلاف عنقريب من بيت عذابة مجاور للمسرح حتى يتسنى له تقديمها على خشبة المسرح كما قام الفنان سبت وهو من الانقسنا بغناء اغنية (هليمة) ولكن بعد عودة البعثة من مدني أصاب المرض الشاعر حميدة ابو عشر الشئ الذي جعل ادارة البعثة بقيادة الحلاج ورفاقه تتصل بحاكم كردفان آنذاك المرحوم الفاتح بشارة والذي تكرم بعلاجه في العاصمة على نفقة حكومة كردفان وبالفعل كتب له الشفاء على يد النطاس الماهر الجراح عثمان عوض الله ولكن في منتصف التسعينات أصاب النحول والهزال جسد الشاعر حميدة ابو عشر ورغماً عن ذلك لم يستسلم وإنما مضى في مسيرته القاصدة بحور الابداع ويكفي انه عندما توفى في عام 1995م كان يقرأ ديوان أبو العتاهية (حسب افادة ابنته هدى). لقد كان حميدة هادي الطباع ميال للقراءة والاطلاع سكوتاً ولكنه إن تحدث أعجز ، في روحه جذوة للنضال حيث يحكى بأنه في شجرة البرش بسوق حي أمير بالأبيض قال لأصدقائه (الاستعمار مرق ولكن قعد يجرجر في ضيلو). رحم الله الشاعر حميدة أبو عشر فهو في قلوبنا باقٍ عندما تفنى الجسوم وتبقى الرسوم وحتماً سيظل فينا كقول الشريف زين العابدين الهندي عندما تجمل بوصف طليعة المبدعين فقال:
يا ود الرضي القلبو انقطع نصين ترى العبادي ماسك الدابي بي الايدين
وود الريح الشارك عتيق جيلين داك الامي والمساح عريس أم زين
مع أبو صلاح ونور الكهربائي الزين وفيك الحاج سرور غني الفراق لي متين
وما عارف المفارق قدمو ماش لي وين ويا عازة الفارق طال بي وكلو حنين








Post: #158
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 05-10-2013, 06:45 AM
Parent: #157

في ذكرى الكروان
بابكر ود نوبة


كتب: خالد الشيخ حاج محمود
ثمانية عشر عاماً مضت على رحيل الكروان وفنان التراث الشعبي الأول بمنطقة بحري كردفان ومحلية بارا بابكر عبد الله محمد احمد المشهور بـ(بابكر ود نوبة) والذي توفى لرحمة مولاه بمدينة بارا في يوم 16/يوليو/1993م بعدما اصابه داء (السرطان) فعجل برحيله، لذلك حزن عليه أهل المنطقة خاصة وقد ساهم في تشكيل وجدانهم من خلال أماسي الأفراح والليالي الملاح ويكفيه فخراً ما قاله عنه أحد الفطاحلة وهو المرحوم الباحث الطيب محمد الطيب وذلك من خلال برنامجه الشهير (صور شعبية) عندما قال: (بابكر وبابُكِر حفظوا تراث السودان القومي) في إشارة واضحة (لبابكر ود السافل وبابكر ود نوبة) كما أن الشاعر الكبير سيد عبد العزيز عندما زار مدينة بارا برفقة أصدقائه الشعراء (قاسم عثمان وحدباي والأمي) ورئيس رابطة شعراء الحقيبة الوجيه محمد الحسن قدري إحتفل بهم أهلها وكان ذلك في وجود ابنائهم الشاعر (عثمان خالد) والمطرب بابكر ود نوبة والذي غني في بداية البرنامج أغنية (قائد الأسطول) من نظم الشاعر (سيد عبد العزيز) الشئ الذي جعل الشاعر سيد عبد العزيز يعلق بقوله (والله حقو ناس الحقيبة يتركوها لك.. ولكن قول لي انت انصاري ولا شنو) فضحك الجميع ولعل ذلك يؤكد الحديث الذي سبق أن ذكره الجنرال الاستاذ أحمد طه عندما قال بأن المقصود بقائد الأسطول هو السيد عبد الرحمن المهدي وذلك حسبما سمعه من شاعر الاغنية سيد عبد العزيز ، لاسيما وان افادة الجنرال تتفق مع بعض المفردات الواردة في الأغنية:
يا قائد الاسطول تخضع لك الفرسان يا ذو الفخار والطول ارحم بني الإنسان
يا تري من تخضع له الفرسان سوى السيد عبد الرحمن المهدي (طيب الله ثراه)، كما ان الاستاذة اسماعيل خورشيد و احمد عثمان عيسى عندما حضروا لعرض مسرحية (عروس في المطار) استقبلهم أهل بارا بعندليبهم الشعبي (بابكر ود نوبة) وعندما استمع الاستاذ خورشيد لود نوبة أعجب بصوته القوي وقال بأن قوة صوته تلك تجئ مباشرة بعد صوت الفنان الكبير الحاج محمد احمد سرور "عراب الاغنية السودانية" ، وقد حكى رواية قال فيها (بأن المرحوم سرور عندما كان يغني في أبوروف يسمع صوته في شمبات) وكذلك كان ود نوبة عندما يغني في البكراوية يسمع صوته في الركابية، علماً بان ود نوبة كان يؤدي بمصاحبة كورس فني وبايقاع الدلوكة. وهو من جهة والده من الجوامعة الطريفية الذين يقطنون بمنطقة البيضاء ريفي ام روابة ويلتقون مع الجوامعة في جدهم (جامع بن سعد الفريد بن مسمار بن سرار) وذلك رغماً عن مولده بمدينة بارا عام 1930م، أما والدته فهي بتول عباس محمد كوكو وهي من (الجابرية القنابرة) وإن لقبت بـ(نوبة) وكانت زائرة صحية تطوف كل أصقاع دار الريح و عرفت بالشجاعة والاقدام من خلال ركوبها على ظهر الخيول والجمال خاصة في المناسبات السعيدة بل كانت ترتب للسوط عندما تبلغ منها الحماسة مبلغاً عظيماً مع غناء ابنها بابكر واحياناً تقوم بضرب الصبيان بالسوط وذلك حينما كان للبطان والسوط أثره الكبير على أهل تلك البوادي لذلك كانت مهابة عند المسئولين ويحكى بأن الرئيس نميري عندما زار مدينة بارا بعد انقلاب هاشم العطا عام 1971م وكان هنالك بعض ابناء بارا في الاعتقال بدعوى مساندتهم للشيوعين قالت له نوبة (يا رئيس رامنك بالنجمة أم ضنب) فقال لها (ماذا تقصدي) فقالت (أولادنا ديل محبوسين لاكتر من ستة شهور بالاشتباه والله نيمنا دا ما فاتوه) فقال لها النميري (والله لا ادري عنهم حاجة ولكن بمشيئة الله يطلق سراحهم اليوم من السجن) وبالفعل تم ذلك، إلى جانب أن نوبة امتازت بصوت عذب وجميل في شبابها لذلك ورث ابنها بابكر منها جمال الصوت وحسن التطريب ويذكر المخضرمون بأنها كانت تؤدي بعض الاغنيات الحماسية وخاصة اغنيات المقاومة كمثل الاغنية التي تقول في مطلعها:
يا نصراني يا خملة ويا مرحاكة الرملة
أما أشقاء الفنان بابكر فهم المرحوم/ محمد المشهور بـ(حنين) الذي كان له لوري تجاري كما ان شقيقته هي المرحومة مرضية والتي كانت معلمة ومن رائدات العمل النسوي، وقد تلقى بابكر تعليمه الاولي بمدرسة بارا الغربية ومن ثم عمل شرطياً و تحول للعمل في مكافحة الجراد الصحراوي مما اكسبه علاقة اجتماعية رائدة مع اهل دار الريح ولكن الغناء أخذه من كل تلك الحرف خاصة وأن مدينة بارا كانت محطاً لمقاومة الاستعمار حيث شهدت حدثين هامين أحدهما كسر مكمايكل مفتش مركز بحري كردفان في عام 1912م بواسطة ناظر الكواهلة آنذاك (عبد الله ود جاد الله) وما تبع ذلك من إعجاب عبرت عنه الحكامة (مستورة بت كوكو) في رائعتها (عشميق الأصم) والتي غنتها الحكامة( فاطمة بت فرج الله) بمنطقة الخيران وذلك قبل ان يصدح بالاغنية كروان التراث بابكر ود نوبة في الخمسينات من القرن الماضي فيزيدها ألقاً وشهرة ومن ثم تغنى بها المطربون في بلادنا ومنهم صديق متولى ولعلها كانت من الاغنيات الخالدة في وجداننا خاصة وهي تأصل لمقاومة الاستعمار لاسيما عندما قالت شاعرتها:
شدو لو ركب فوق اصهباً مربيك الهوج والشرق مرقن يعاينن ليك
العاقر تقول بلدي وبسمي عليك يا عيد الضحية البفتحولو البيت
رايو مكملوا كسر قلم ماكميك
وثانيهما حادثة حرق العلم بمدينة بارا والذي كان حدثاً عظيماً عام 1948م تم بقيادة مجموعة من شباب بارا، حيث قاموا بإنزال العلم الانجليزي وحرقه مما اضطر الانجليز سحب العلم المصري والقبض على اولئك الشباب ولكن المدينة بقيت ثلاثة أيام بلا علم يرمز للحكم الثنائي ومن ثم تم احضار علم انجليزي ورفع معه العلم المصري ولكن الحادثة كسرت حاجز الخوف عند الناس مما حدا بالحكامة (حميدة عبد الله) أن تؤلف قصيدة معبرة فيها عن كراهيتها لمفتش المركز (مستر بن) لأنه سجن زوجها بسبب عدم دفعه للطلبة فقالت:
شان أخر البرن ودوه لي السجن إنشاء الله مستر بن باكر يصودوا الجن
مما جعل الشاعر مكي مجمر يتلقف تلك الروح ويكتب قصيدة قال فيها:
مستر بن مرتك شينة بس كان راجل أنزل لينا
كما كان للحركة الوطنية دورها في إشعال فتيل المقاومة بمدينة بارا حيث تبارت مجموعة الاتحاديين والاستقلاليين والشيوعيين في تقديم نموذج للنضال الحي فضاق المستعمر ذرعاً مما اضاف قيمة معنوية للمدينة و انعكس ذلك على الثقافة والغناء بمدينة بارا حيث شهدت نقلة لاغنيات التم تم بواسطة الموهوب على بشارة وكذلك كان الفنان الانيق محمد محجوب كما كان للحركة الكشفية اثرها الكبير على ذلك الابداع حيث برز جيل الكشافين ومنهم ابراهيم بركية ومحمد بخيت أرن وأمين الفاضل شداد ومحمد مهدي وحامد محمد حامد ومكي احمد دوليب وعطا المنان المستريح وعلى معروف وكان ذلك في حوالي عام 1941م وتزامن ذلك مع تأسيس نادي بحري كردفان الذي كانت تؤدى فيه لعبة التنس الى جانب تقديمه لبعض الخدمات الاجتماعية كالبناء والتعمير واطفاء الحرائق واقامة المخيمات الشبابية ودعم التعليم والاسهام في مؤتمر الخريجين ، كما كان لتكوين اندية الصبيان ببارا اثرها البالغ حيث كان المطرب محمد محجوب مرشداً لتك الاندية بل قام بتكوين فرق موسيقية هذا الى جانب وجود مجموعة مقدرة من المطربين والمطربات مثل (ود النور وام بارود والتومة البرين والرحمة محمد نور والنحل صباح الخير وأم بتوتو وبت المدير) ويذكر الناس لأم بارود اغنيتها الرائعة في وصف الحاج جديد عندما تقول:
يا بولاد الحديد وانت المرض الشديد وحقيت النبأ يا جديد
هذا إلى جانب شاعرات أخريات من أسر بارا منهن (الضمير بت قفة و آمنة بت مكاوي والحكامة بحر النيل حكامة النور عنقرة) كما ان المنطقة زارتها مجموعة من المطربات منهن (عائشة كرن) والتي تغنت بأغنية (عروسك الأرباب) إذ قالت: الليلة طاري التومة يا خليل متين القومة
عروسك الارباب ومهرك في السحاب تتشاب
كما غنت أيضاً رائعتها (الكوراك يوم ضرب) والتي اصبح يتغني بها ود نوبة من بعدها وتقول الاغنية:
الكوراك يوم ضرب حسب البروق بنشاف
الخيل روقوهن وشجعوا الخواف
أما المطربة الرحمة مكي (رحمة الدومة) فقد غنت قصيدة للاداري (عامر بشير فوراوي) الذي كان بمنطقة بارا في الثلاثينيات من القرن الماضي وقام بالقبض على عتاة الهمباتة (كرة وقنفود) بمنطقة (أب تبر) فقالت فيه:
بشكر تلباً كبير هوي يا ليلة حكاية عامر ودبشير
فيما غنت المطربة الكبيرة النحل صباح الخير بعض روائعها بالمنطقة كمثل قولها:
مرقوا الروبة الظليلة الملاك ما شاف متيلا
يابا الشيخ زندا خلاص خلاص قلبي أنملأ شالن جوز الكلو ختنو في محل الفدا
ومن أغانيها التي كانت تعجب الناس أيضاً:
يا أم كفلاً زي الرحل ويا المهرة الخايضه الوحل
مسجونك ما ليهو حل طال هجرو وطال بيهو المحل
جوز عينيك فنجال وراق واتحكم جلس الزراق
من لحظك نوم عيني انسرق وطول شعرك ليلة الفراق
يا ام وشاً تامي الملاح ويا أم خداً في الضلمة لاح
يا أم رمشاً زي السلاح ويا ام وصفاً حير صلاح
(صلاح هو ابو صلاح شاعر الحقيبة المشهور)
لذلك وجد الفنان الشعبي ود نوبة أرضية صلبة وقف عليها وفات كل اقرانه من المطربين والمطربات وكان ذلك بمساعدة كورسه المكون من (خميس ودريدقة) أولاً ثم صاحبه كورس آخر مكون من الثلاثي (ود الهجين ومحمد مبروك كنين والجزولي) حيث غنى في بداية ظهوره في الخمسينات اغنيات الحماسة التي كانت سائدة آنذاك كمثل اغنية حسان الزبير التي كتبها للشيخ (عبده عمر قش) عندما صدق له بنظارة الفراحنة تحت ادارة ناظر دار حامد ولكن الامر تعطل مما جعل الشاعر يعبر عن ذلك بقوله:
توري الما تور بقر يا كوكبي الضواي
كم اصلح دقون كانت لا فهم لا رأي
توري الما تور دواس توري الفي الخرطوم كايسلو ناس
وكذلك غني ود نوبة اغنية حكامة كجمر:
الباجا عربانا القيد والسجن لي ضوينا ما هانا
الزول العظيم شانا
ومن اغنيات الحماسة التي غناها ود نوبة اغنية (اخوان الرضية):
مرقوا اخوان الرضية وتكلوا الحوية فوق الحوية
مرق أب ايداً سخية بدي الكتير ما بدي الشوية
الكوراك يوم ضرب الحلة تتصنت ما بطرا الاضينة الامو تتقنت
يا أولاد العجوز الامكم عقرت احرتو الكف جميع الدنيا شن خلت
كما غنى للشاعرة بحر النيل" حكامة النور عنقرة اغنية (احمر عين هوشوه) والتي قالتها في بسالة النور عنقرة حين (كتلة اسحف) عام 1881م:
يا ناري لي المابقدروه احمر عين هوشوه
احمر عين هز فيكم جرح الضحى وشاف جريكم
من شايبكم لي صبيكم كان جريتو الموت راجيكم
وأيضاً غنى اغنية (كالو العاط في سماه) من نظم الشاعرة عائشة بت بدوي في مدح زوجها الفارس( محمود ود احمد) أحد ######## حاميتي (كنجي واربعجي بلك) ببارا ومن امراء المهدية حيث قالت فيه:
كالو العاط في سماه مزاحو شين أجروا يا الشايلين جناه
في دهسيه ورهسيه اتبرد حتى ريشو يا جنيات الزول دا ميسو
ولم يغفل بابكر الغناء لدار حامد حيث غنى من مفردات الحكامة حواء بت تندل (كاسر يا جرو الخلا ابو ساجور) كما غنى لفارس الجوامعة حميدة ود بابكر من تأليف الشاعر (بت ود كيفو) أغنية (عجبي حميدة) والتي تقول مفرداتها:
الزول بدور عجبي حميدة ساتر عرضو ما ناسيهو ...الخ
وقد تناول بابكر بعض الاغنيات العاطفية مثل الاغنية التي تشجي وتطرب القلوب:
الجنين نور جافانا ليه طول يا حبيب
الجنين نور ما طبعك الاول ناظر بحري بالاول يا حبيب
أما رائعته التي كان يؤديها وهو ممسك بآلة الدلوكة فقد كانت تعجب الناس وهي اغنية (السفر راجينا فراق الليلة قاسي علينا يا ناس)، وعندما يغادر ود نوبة في رحلته لمحاربة الجراد الصحاري في دار الريح كان يستمتع بالجراري الجميل من قبائل الكبابيش ودار حامد وخاصة رباعية الجراري التي كان يترنم بها دوماً:
شولك سادر تابر ومهرك بدبل قادر
جوز ام قوف كان حاضر بخرب سوق ام بادر
وغنى بابكر الكثير من أغنيات التراث القومي منها (ابو زينب لي انا وخال فاطنة وعجبوني الليلة جو) وغيرها وكان يؤدي اغنيات الحقيبة بطريقة جميلة وبديعة، على كل كان بابكر شجاعاً ومجاملاً وانيقاً كما كان فارساً يثبت عند الصعاب وعندما زاع صيته انضم لفرقة فنون كردفان عام 1962م وطاف معهم كل ارجاء السودان من خلال مهرجان المديريات التسعة. فلله در تلك المدينة الفاضلة (بارا) التي صنعت الفطاحلة وجمعت الظرفاء والأدباء والمطربين فهي صورة في قصيدة شاعرها ابراهيم ادريس حينما قال:
يا بارا لو تتذكري بهجة عيال (عبد الودود)
العاشوا بي صدق الشعور وطيبة نفوس فايتة الحدود
رحم الله بابكر عبد الله (ودنوبة) وجعل الجنة متقلبه ومثواه.




Post: #159
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 05-12-2013, 04:22 AM
Parent: #158

Quote: شولك سادر تابر
ومهرك بدبل قادر
جوز ام قوف كان حاضر
بخرب سوق ام بادر


التحية والتجلة لك دكتور القرشي
والسلاااااااام والمحبة مو صول للأستاذ خالد الشيخ
لتخليده وتوثيقه وحفره العميق في التراث
والمقال الأخير إضاءة كبيرة لكثير من أغاني الموروث

الشّول هي الإبل
"بشوف مظعانك عرَّد
نامْت المجحوم برَّد
الشّول حزمو مزرَّد
والري كمبليت ورَّد"

وكثيرا ما نجد عذاري البوادي يتفاخرن "بشول" أزواجهنّ او أخوانهنّ

"ما بنشرب عسّيلي
وما بنلبس حميري
الداير دقش أُمّيلي
يمشي يوارد خيري"
سادر من السدور اي شربت إبله في مُشرع أم بادر وسدرت
تابرة اي رويانة نقول البعير تابر اي رويان وهو دليل علي ان معطنه جيد
"حيلك شدُّو يا العرنوطي عدَّك تابر
أفرك إيدكا وخَّر لي عتامير جابر
تري البهم البسوِّي الفصه ليهو قنابر
نزل توتال فريق ناس ليلي كان ماك خابر
"العد هي الأبار وهنا عندما قال "عدّك تابر" يقصد بها صفاح او كلي البعير
اي رويان
وعكسها نقول الإبل شرابها "غُل" اي لم يكن شرابها جيد إما لقلة الماء
او لأن فلاتها ومكان سدورها ردئ مما ينعكس علي شرابها ونعرف البعير التابر من البعير "الغال"
بكلي البعير فالبعير الذي شرابها غير جيد تتحرك الكلي ويقلون "بترج"
" يا قطاعة الفجِّي
شرابك غُل بترجِّي
لمحت البرق بتعجّي
ودايرة البيهو تدجِّي"

نِدُق الحوض فجر وإنْبدِّر الميراد
ؤقبل القّلَّة تبقالهِن هِلاع ؤقداد
ونَرتاح من هِموم الدّونكي واللَّعداد
ؤربِّي يشبِّع العين المساهرة رقاد

محبتي ودمت سمحا

Post: #160
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: التيجاني عبد الباقي
Date: 05-12-2013, 09:12 AM
Parent: #159

Quote:

كتب: خالد الشيخ حاج محمود
عندما زار شاعر العصر الحديث نزار قباني مدينة الأبيض عام 1969م بدعوة من جريدة كردفان لصاحبها الاستاذ المرحوم (الفاتح النور)، قال في نادي الخريجين ( يسعدني أن ألتقى بالأبيض عروس الرمال التي تحمل كل نقاء الصحراء وكرمها وعنفوانها كما يسعدني أن ألتقي بأهلها الطيبين في هذه الأمسية الشعرية لأقدم لهم بعض ما في جعبتي مثلما قدمت في الخرطوم من الأشعار لقد وجدت الشعب السوداني ذواقاً ومثقفاً ثقافة عالية وأعجبني في السودانيين حبهم للشعر لقد كنت بالأمس في معهد تدريب المعلمات فرأيت الناس يتدلون من الأشجار كعناقيد العنب وأمس الأول بفرقة فنون كردفان شاهدت فلكوركم الشعبي وغناءكم الجميل خاصة عندما صدح مغنيكم بالأغنية الجميلة:
وداعاً روضتي الغناء وداعاً معبدي القدسي
طويت الماضي في قلبي وعشت على صدى الذكرى
وهذا الدمع قد ينبي بظلم المهجة الحيرى



لك التقدير اخي د. القرشي علي هذا السفر الجميل في تناول التراث عبر استاذنا خالد الشيخ حاج محمود ومقالاته الرائعة
اما شهادة نزار قباني في تراث بلادي .. ذلك حديث فاق الثريا
لك الود
تيجاني


واصل ونتابع

Post: #161
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 05-12-2013, 08:13 PM
Parent: #160

Quote: "بشوف مظعانك عرَّد
نامْت المجحوم برَّد
الشّول حزمو مزرَّد
والري كمبليت ورَّد"


لك التحية عزيزي عبيد الطيب وسعيد جدا بحضورك

كلمة كمبليت هل يقصد بها complete ؟

هنالك مناطق حول امبادر سميت على العد مثل عديد مويه جوار وادي ام بادر ( ام دبيب)

وعديد الفرش و عديد دردق الذي قال في واديه الشاعر يوسف عبدالماجد الشهير بكريت

حباني المعاي فيدوني عندي مسائل بالشئ الحصل حين جانا دردق سايل
أسمح خدرة العين أم سحاباً شايل ولا البرتكان الهاد فريعو ومايل

لك كل الود عزيزي عبيد الطيب ودوما في انتظارك






Post: #162
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 05-13-2013, 08:08 AM
Parent: #161

Quote: كلمة كمبليت هل يقصد بها complete ؟

هنالك مناطق حول امبادر سميت على العد مثل عديد مويه جوار وادي ام بادر ( ام دبيب)

وعديد الفرش و عديد دردق الذي قال في واديه الشاعر يوسف عبدالماجد الشهير بكريت

حباني المعاي فيدوني عندي مسائل
بالشئ الحصل حين جانا دردق سايل
أسمح خدرة العين أم سحاباً شايل
ولا البرتكان الهاد فريعو ومايل


نعم تعني ذلك اي أنّ الري ورد جميعه او كله
وهي لشاعرة الزعيم المُر الأولي فرحتنا بت الفكي التي تقول في نشوق الزعيم

يا مفتاح السجر
والكازاك ماتجر
بشوف مظعانك كجر
وفوق طروم الحجر

"طروم جبل بين مخارف قبيلة ميدوب والكبابيش والزيادية

ايضا من اغاني الحماسة لفرحتنا وهي تخاطب نحاس الكبابيش
"أسيادك وأسياد عزازة
يعجبوك يوم البرازة
ولي الخصيم كي وغيازة
وكراعهم ماها فزازة.....
رحم الله الشاعر الرقيق الشفيف عمنا يوسف عبد الماجد

ودي أهديها ليك وللأستاذ خالد الشيخ ومناسبتها هطلت علينا أمطار غزيرة
وخرجنا نستنشق الدعاش مما ذاد الشرف او الشوق للديار وكتبتها سريعا لم اكن شاعرا
ولكنني احيانا بعافر معافرة والمفتاح هو الصديق الرائع منصور

أمِس دُغشية يا المفتاح مطرةً رشَّتْ
ودعاشةً فايحة شاشت لي الرِّويحة ونشَّتْ
معالق قلبي بشويش غافلتها وخشَّتْ
وسلوك الرَّيد نقرتها ووين شبكتي الطشَّتْ
********************************
البرق البِولْوِل قِبلي يرسُم ويمحه
شان ما يشيلُّو من فرَّت فِويطْرِك لمحه
مع الدُّغشية سارق وجاب دعاشةً جمحه
قلبي الغاوي شارف وشاشا ليك يا السمحه

محبتي ودمت سمحا

Post: #163
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: التيجاني عبد الباقي
Date: 05-13-2013, 09:07 AM
Parent: #162

Quote:

ولي الخصيم كي وغيازة




ود الطيب كلامك عجب

مع التقدير

Post: #164
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: عبيد الطيب
Date: 05-13-2013, 09:44 AM
Parent: #163

الأخ التجاني عبد الباقي لك المحبة ودي هدي ليك
Quote: بوادي الكبابيش ..تيس إبن الرُّومي و"قش" نافع"العاول" عبيد الطيب "ودالمقدم"

مدخل دوبيت:
"ستّات ريدنا من تالاهِن الهوي ضارب
وجاب عسَّاف بخورا طلقنُّو مغارب
ستَّات اللّكيك والمنزل المتقارب
دارهن جبدة ليّا ولي طويل الغارب"
(1)
كنت معلما ببوادي الكبابيش وتحديدا بمدرسة " أبو بسمة" ، حيث وادي جميل ينحدر من سلسة جبال الحتّان التي خلدها شعرا شيخنا العباسي
يابرق طالع رُبا الحمرا وزهرتها واسق المنازل غيداقا فغيداقا

وان مررت على الحتّان حي به من المناشط قيصوما وطبّاقا

ومن اذا سمعوا من نحونا خبرا والليل داج اقاموا الليل إيراقا

إنّا محيوك يا أيّام ذي سلمٍ وإن جنى القلب من ذكراك أعلاقا
ويرفده وادي "حمورة"ووادي عنقور "النويقة"وإيد"السّيال"
وهي الوديان التي تسابق فيها إثنان من عشاق رمالها فألفيّا باب الشعر ولم يقد لأحدهما قميص .. محمد شريف العباسي و علي سالم علي التوم
قال الأول:
"الوادي الغزير شِقلو وغديرو مسرَّف
"ياريت إن قبيل بيهو الزمان ما عرَّف
الضَّيب العلي راس القلع بتكرَّف
رزم وإتشابا لي ليم الغروب بتشرَّف"
****************************
وقال الثّاني:-
"عنقور النويقة اللَّيلة شوفتو جميلة
بي صباحو وصعيد لي أُم سنطة نازلة قبيلة
تُفَّاح البلد تِسلاتْنَا بيهو قليلة
في شان الطويل عُنقو وبِسُك التَّيلة"
(2)
وعلي مشارف الوادي ضُربت خيام مدرسة البدو الرُحَّل وبجوارها فرقان مشايخي العلماء "الشناقيط"، حياهم الغمام الأربد، وبجوارهم إمتدت طنائب بيوت فرقان عرب الكبابيش، وعذاراهم اللائي إتخذن من رغام الصحاري أديما، ومن دُرع جآذره عنقا وجيدا، ومن نيران تلالها التي تشبُّ في العُلو أنفة وشموخا ومن ندوة سحابة أُم بشارها وضوحا وفالا،حتي ومضت بروق شعراءها أمثال فضل ود زايد ومحمد المرغوب ومعلي ود هذلول وبخيت ود عبدالمولي فأرسلت دعاشا من الدوبيت الرّاقي حيث يقول الأول
"يا عانس الرّشيد الطّارد البرَّاق
موسها حلاقة قلبي معدِّما العلَّاق
ندوة وشوفها قبَّال الخريف ما ساق
ولابسه كنيبو دايرة تكمِّل العشَّاق
**********************
وما أروع الثاني حين يقول:-
"سُلطانة بنات ما تضلِّي
فوقهن ظاهرة كيف نار السنَّاف بِتلِّي
العانس السيدها فوق كوفات عقر ناس سلِّي
بمتِّل ليكي يا الدّارسة القوانين حلِّي"
والمقطع الأخير"بمتِّل ليكي" قد تعرف روعته عندما تجد حسناء في عمق أضاة "العريد" ربطت "سدرانتها" وشبلت قرونها التي داعبتها الرياح، تملأ سعنها وقربتها ،وحين تسألها عن إسمها تجيبك بكل عفوية :
إسمي ..... "الهمَّل جمل القيد"
هيِّن لي الفهيم وقاسي ليك ياوليد"
أي ترك بعيره يرعي لوحده دون أن يتعقبه لأمان المنطقة لخلوها من السرقات مما يعني ان إسمها آمنة
ويا لجمال الثالث عندما رد للذي قال أن"أُم عروض" فقدت رونقها وحسنها
"يا فضل الله ما قُلت أُم عروض إتشنَّت
تقول في دورها ما ولداً معاها بننَّت
إنتظرت عصير وقفت معاهن غنَّت
بت اللَّدْرع السامعيلها نقرة وقنَّت"
ومذهل ود "الصُّرَّة" أي رابعهم حين يقول:-
"العرب الفي ملمَّات الدروب السَّاهلي
جينا الليلة شُفناهن كبيرة وجاهلي
مشيتاً روقة ما ها المستخفِّي وراحلي
جلدا فيها كيف ريع الوطاه المِتماحْلِي"
وذات أصيل عرّجتُ علي أحد مشايخي الشناقيط للسَّلام وتناول كأس او كاسين من الشَّاي الأخضر كما يحلو لهم
"ثاني الكؤوس من الكرام عادة جري بها عكس اللِّئام"
لفت نظري تيس جميل ينبُّ ويصيح ، والوقت رشاش وهو وقت لقاح الماعز ،واللطيف في الأمر بالرغم من جفاف الرِّشاش إلاّ ان نسمات الجنوب (الدِّعَاش) تفعل فعل الطّلح والفياجرا علي الماعز والضأن، فتجعلها مسعورة بالشَّبق، حتي ان الأتياس بنبيبها (صياحها) تستضيف المُدْلجين ليلا كالكلاب النوابِح او كما يقول طَرفة :-
ملك النّهار ولعبه بفحولةٍ يَعلُونه بالّليل عَلْو الأ تيسِ
فقلت للشيخ :- أاشتريتُ لك تيسا جديدا؟
ليأتي رده سريعا قائلا:-
"يقصِّر عمير التّيس ويقصِّر عمير صاحبه ويقصِّر عمير الشّاعر إبن الرُومي"
فقلت:- مان الله..! لما؟ وهي من لهجة الشناقيط للتعجب
فقال : -" باعني إيّاه مقصُور العُمر " الكباشي المتَّاوي" بثمن كثير ووجدته خدعني ، فتيسه ينبُّ ،لكنه كالعنِّين لا يعشر المعيز
فقلت :- عرفت لماذا دعوت علي التّيس وعلي الكباشي الذي باعك التيس ولكن لماذا إبن الرومي ؟!
فضحك الشيخ حتي بانت نواجذه وقال:- ألم تعرف ماذا قال إبن الرومي
فقلت :- لا فقال :- ويْ كأنه يخاطبني حين قال:-
عكست أمري الخطوب فعنزي حائل أبدا وتيسي حلُوب
فضحكت كثيرا وقلت له:- إن كان لك عزاء ففي تيس أُم عزين
فقال:- وما تيس أُم عزين ، فقلت:-
ذهب نائب الرئيس اللواء الزبير محمد صالح الي منطقة الرباطاب ، وكان معه احد أبنائهم فسأل الزبير الرباطاب عن ثورة الإنقاذ ، ليرد أحد شيخوهم قائلا:- "الإنقاذ تشبه تيس اُم عزين، فسأل الزبير أحدهم عن تيس أُم عزين
فضحك شيخ الرباطاب كثيرا وأخبره:-
"أن تيس أُم عزين جابو يِعشِّر الماعز قعد يرضع فيها"
ومن حالة الإنقاذ التي تشبه وقت الرِّشاش أيقنت صدق العرب حين قالت قديما :-
" إستعنز التّيسُ وإستتيست العنزُ اي تحاول أن تظهر فحولتها ، والحديث ذو شجون ، صديقي فضل الله ود الناظر رزق بمولودة أسماها "نون"، وأخبرني أن أحد خؤولتها أهداها عنز، من أصايل معيز "سعيد المز" وفي وقت "الدَّرت" ولدت العنز توأم إناث مما جعل صاحبنا "عجاك" يتهرب ويتماطل في تسليمها فأرسلت له هذه الغنوة ،عبارة عن "عرضحال"، لعلاقتي ا########دة "بعجاك" حيث جمعتنا مدينة الأبيض "فحل الديوم" سنة "جفيِّف عُمر" ولنا فيها ذكريات فقلت لعجاك:-
"فعلتك قصّة يا عجاك حكاية لغْزْ
مرّات تمشي مرّة تطير تحاكي الوز
إتَّ خاف غشاكَ كدمُولها السَّمِح والجَز
ولاّ ولدت تاومت جابت البعامي الفَز
ولاّ سمنت دارتت شفت ضيلها مغزوز قز
بتْ العِز دفيعتها أُم كنب ماها عنز
ويا ناقر تبيدي الفي العريس الهز
يا أبو حنيفة خال نون أصلو بالغ ؤشز
وفي الباقيلي ظلطة وادي قاطع التَّبرة عادم النَّز
ما جبت ضلعة يا خَيْ أُم قرينا نز
وغنايا عليكّ لوم أخوان موهو نبّز
أُم ربش الحٌرَّة من ماعيز سعيد المّز
براك دافعها والله إنكنت ملذوذ لذ "
(3)
بعد أن ضحك شيخي كثيرا، سألني قائلا:- أيسمون الرباطاب بناتهم بأٌم عزين؟ كنت أحسبُ أن إسم معزّة وأُم عِزين محصورا في الكبابيش ، وبدوري أسأل :-هل تنبّه البروفسير عبدالله علي إبراهيم لمدلول هذا الإسم في أبحاثه القيّمة؟ والكبابيش يقولون، كانوا بشرق "العفّاض" قبل مجيئهم لوادي المقدم ولكردفان ، وللبروفسير كتابين رائعين عن موروث وتراث القبيلتين ، ولقد شاهدت سماحة البروف أمس القريب، و في يوم عيد الأُم "جار سوطويقدل" بسوق "باب شريف" بمدينة جدة العتيقة ، وكن معي عذاري من بوادي الكبابيش فأنشدن قائلات:-
"بِتْقدَّل الحريف
في جدّة باب شريف "
وكان ود "شقتت" يبحث لأُم نفل ست روحه وست الدَّبارة والبصارة الراحلة الحاجة "جمال بت أحمد ودحمد الإزيرقابي" عن توب زراق أسود "بالح" كما وصفته هي ،رحم الله أُمّك وأمِّي وأم كل السمحين يا عبدالله وأعجبني حسن ظنّها بك وشخصي مثلها وأهديك مربوعة من رثاء والدتي
"حتّ القمري فات راحل حزين قوقايو
والوادي البشيل علّيفو شاط سقَّايو
والفرع البميح متَّاكي جف نونايو
ودمَّاع العبيد سُقواً ملص وكَّايو"
*السقَّاي هي الخيران الصغيرة التي ترفد الوادي ،و"النوناي" عندما يحمل الغصن الندي ويتمايس مع الرياح يصدر صوتا وصفيرا يسمي "النوناي"
"ألّليلة الصّعيد شال وإتخلف برَّاقو
والفرع لولتو الزّيفة وكرس نقْناقو
تري اللَّيل إتَّلتْ وهجعوا المساهرين راقو
ؤحنْ قلب المِشارف لي بلود عُشَّاقُو"
والسُقا إناء من الجلد أكبر من القربه و"الوكّاي" هو ما يُربط به فاهه
(4)
السحّارون واصحاب الوصف الشّافي منتشرون في كل بوادي السودان ولكن اهلنا الرباطاب هم اصحاب الحظ الأوفر وأكثر "السحارين" وصفا وسرعة بديهة، عندنا في بوادي الكبابيش موجودين ايضا ولقد اورد البروف عبدالله في كتابه "فرسان كنجرت"
"وا عيني يومة العيص زفرني
دزَّاني فوق الشوك عصرني
ؤوقعْلِي في جابراً نطرني
وناظرني في حاجبي وسحرني
ولحَّاني كيف الفرع مسرني"
اي سحره احدهم وا عيني اي وقعت في عين العدو والعيص هو الجمل الفحل وزفرني اي كرهني،وقعت علي صاحب عين شريرة "سحَّار" فرَّق بيني وبين الشيخ فضل الله ود سالم "البيه" بعد ما كنت من اهل وده ولحَّاني اي مسرني وقشرني وهي من لحاء الشجر، قيل غنّا الفضل ود مقابل الشنبلي فوق الشيخ فضل الله ود سالم "البيه"
"أم عُلوان الصّعيد التمشي تِتْداعي
طيَّع كردفان ؤبالو في رُفاعة
ويوم شال الدُّوان خطّاه علي كراعه
قطع سير الحِجاب الباقي في ضراعه "
وعندما قال المقطع الأخير "قطع سير الحجاب الباقي في ضراعه" رد الشيخ فضل الله قائلا :-
"إت يا ود مقابل قبلك تسحر في ، دي غناهو كعب نادو شبت" وشبت كان شاعر الشيخ "أم علوان " اي الفيل و"الدُّوان" هي برم المريسة الكبيرة.
كنت مولعا بهؤلاء الناس اي اصحاب الردود السريعة ، و في إحدي السنين جاورني عبدالله ود مطر ومحمد ود مطر ابناء صاحب الأستاذ حسن نجيلة ذلكم الفتي الذي كان ظريفا وصاحب طُرفة وكان استاذنا حسن نجيلة يمازحه كثيرا ويستلطفه حتي كان يردِّد
"سلام الله يا مطر عليها وليس عليك يا مطر السَّلام"
"وفي إحدي الليالي السود أطاح بعير بمحمد ود مطر وإنكسرت رجليه وحوضه، وصار له عصاتان كبيرتان يتوكأ عليهما، وإذا اراد أن يجلس او يتبول يرمي العصاتين ويجلس بصورة مضحكة ، وفي ليل صيفٍ مقمر لمحه إبن اخيه عبدالله وصاح مخاطبني قائلا:-
"الخرااااااابل شوف عمِّي محمد نزل العصا وقعد مو كيف "الكارو النزلو منها الحديد" ضحكت كثيرا واخبرت عمه محمد ودمطر وكان إبن اخيه"اجقر" اي سنونه الاماميات من تحت منكسرات وعندما يتحدث يخرج لسانه فصاح قائلا:-
" إنت شوفو يبلحض في خشيمو كيفن ولسانو مارقو كيف الفويرة التمرق وتدخل من الجُحر"
والكبابيش يعتقدون كثيرا بالعين ويتجنبون اهلها وإذا عرفوا أن احدا اصابته عين سحّار يبخرونه باللُّبان "الضكر" او يخلطون القرض مع حجر الشَّب وما أروع الشاعر "معلي ود هذلول" الجراري حين يصف محبوبته قائلا:-
"بت النَّاس عديلة وكَحْلِي
وليكي المولي يا القالبِك جديّة مَحْلِي
يا الضّارباني في جوّه الورايد النّحْرِي
ويا أم فرّا بجاوزوبو القرض لي السَّحري"
والمقطع الأخير شبه "فرّها" اي بسمتها بحجر الشَّب وهو الذي يخلطونه مع "القرض" بزور شجر السَّنط ويبخرون به الذي اصابته العين ، وعن بسمة أو فرّت "فويطرهن قلتُ ذات خريف والبرق العبّادي يومض :-
"البرق البِولْوِل قِبلي يرسُم ويمحه
شان ما يشيلُّو من فرَّت فِويطْرِك لمحه
مع الدُّغشية سارق وجاب دعاشةً جمحه
قلبي الغاوي شارف وشاشا ليك يا السمحه "
علَّق أحد أبناء البادية علي حديث دكتور نافع قائلا:-
"الزول دي مالو فسِل و كلامو شين ومسيخ كيف القش "العاول"
ضحكت حتي إستلقيت وقلت له لم أجد في العالمين أحدا وصف حديث نافع بهذه الدِّقة ،والعشب "العاول" يا رعاكم الله هو الذي مرّ عليه الحول من عام أول "عمن أوّل" وهطلت عليه الأمطار وصار لونه أسودا وتأكله النِّعم وسائر البهائم إذا لم تجد غيره من العشب، وما أقبح لؤم الحال حين يتملك أحدهم الوهم و"الوحم" ، قيل قديما وقف جدي علي سطحٍ ، فمرَّ به ذئبٌ فأقبل الجدي يشتمه، فقال الذئب: لست تشتمني وإنما يشتمني المكان الذي تحصنت به!
"حذار الأحاديث التي يوم غيِّها عقدن بأعناق الرجال المخازيا"
في أيّام مفاصلة الإنقاذ أو الحركة الإسلامية زارنا بالبادية الدكتور الترابي ووالي ولاية شمال كُردفان ووقتئذٍ كان الأستاذ السنوسي، ولقد جمعوا لهم مقطوعين الطاري كل البدو بحجة سوف تقام "زينة" بحمرة الشيخ وهي سباق الهجن ، ولقد إصطفّ أكثر من أربعمائة بعير من الشّوح العنانيف ومن نجائب النّوق المهرية وعلي "ضروتها" "صبيّن" زهر الوجوه لا يعرفون الدكتور حسن ولم يسمعوا به حتي، وأظن دكتور الترابي حين رأي هذا المنظر"راسو كبر" لأنه عندما رجع وحصلت المفاصلة أصبح "يتنبّر" وليته يدري أن حصيلة الحركة الإسلامية ببوادي الغرب والي يومنا هذا لا تتعدّي أصابع اليد، ومما أحزنني كثيرا حين حصلت المفاصلة إستعنز كل أبناء الحركة من شمال كردفان حين إستئسد عليهم المرحوم مجذوب الخليفة وفعل بهم مالم يفعله "الشَّنبلي" بأضاة كجمرالشهيرة حين صار "يجرُّ " صوطه بعد أن علم أن "صقور السّرح" "عيال حيلة"رحلوا للغرب البعيد وليت كانت الشّاعرة "بت مازن" الجرارية حاضرة"
"كجْمر سلام عليكي حوّاء حاييكي
بعد ماكنت بي فرسانك وبي صناديكي
كم سلف المجاقني تبّر سقي فيكي
بقيتي بي ببصلك وبي سواقيكي
وحت .... بي السوط قدل فيكي"
والغريب في الأمر ان أمين امانة الحكومة والحركة وقتئذٍ كان من "كجمر" وكان مأخوذا بتجليّات الدفاع الشّعبي ، لكنه صمت أمام مجذوب بل والجميع "همدوا همدة قرين قبّال
وبذقو التوبة شوفة الشيخ بقت ليهم زوال"
ولكن الذي أشفي غليلي كما يقول إبن شداد، فارس الحوبة وقتئذٍ الأستاذ بلوه موسي "ابو فاطنة" حين أنبري للمجذوب وأخبره بأنّهم عيال قبائل وهم أحرار في قناعاتهم ، ولقد أعجبتني "كنجرت" أستاذ بلوه مما جعلني أُردِّد مع "حواء بت مازن الجرارية"
"يا فارس عفيتك من كليمة الرِّد
لبسك دنقلو فوق اللّحوق بِتْشِد
يا دكّام قباح خيلا بجَن لي العِد
أملس ما بجيك كل ليلة جرحو مِجِد"
وعندما قدّم دكتور حسن كلمته أمام أهل البادية بحمرة الشّيخ ،رأيت أحد البدو "يفجُّ " الناس ويدخل وحين وصل محازاتي لكذني بيده وصاح قائلا:-
" ها ناس الزول الجنَّن المجاقنة أيّاهو الشّايب أبو نعلاتاً بيض دي"
و"المجاقنة من مجقني" وكان يقصد السيّدين السيّد الإمام الصادق والحسيب النسيب السيّد المرغني
(5)
أثناء غيابي من البادية ،هام أحد الأصدقاء وتعلّق فؤاده ببدوية ، وطلب منها صورة ،عباره عن عربون او جعلها طنيبة لبيته الذي عبثت به رياح الرّيد، ولكنها رفضت بطبع البادية وعناد الرّيل ، ليذهب لصديقه الشاعر حنفي حاج الطيب ويخبره القصة فيرسل له حنفي هذه الروائع من الدوبيت:-
"ما مفروض إسيبك يا أُم سوادق لاكِن
كان العِز بدوم كان إنكتب لي سواكِن
بعد ما كنت متملِّك فؤادي وساكن
بقت نظرات عيونك ما بتحرِّك ساكن"
**********************
حاربتينا زي حرب المطر لي حرازنا
وبي دربك خلاس كملت تنوكة جازنا
يا الفي غُنانا سلمناكي من ممتاذنا
ليه الصورة تبخلي بيها لي اُستاذنا
*************************
يا البسّامة حكمك ظالِم
و أصلو الريدة يا ست السباتة مظالم
يا البت العيونك شفت فيها عوالم
ليه الصورة ما بتديها استاذ سالم
**********************
(6)
في إحدي السنين "الشوايل" والليالي البيض وصل إلينا مُرسال الفال من فرقان "أُم بطيطيخات" معلنا عُرس أحد الأصدقاء وكانت السيرة او زفة العريس ساعة بالجمال والدواب الأخري من فرقان العريس الي فرقان العروس ولقد لفت نظر البادية او ناس السيرة وقتئذٍ ثلاثة اشياء الأول جمال احدي عذاري البادية، وأطلق عليها من يومها كُنية "الهوابة"، لجمالها وقوامها الممشوق، وعنقها الشّارف ، والثاني بعير الشاعر علي الشيخ "ود المُر). جمل مزيون من العنانيف الشّوح ،أبيض اللّون ، وكوعه "شارد"، "وجنقو" أفدع، اسمه ود كسلا تيمنا لأمه التي اهداها أحد رجالات الإدارة الأهلية، من مدينة كسلا للزعيم المُر، والثالث "بندقية" الصديق علي حمد علي التوم"السير" ،ماركة (جيم 3) ولقد أبدع الشعراء في وصف الحسناء (الهوابة) ،خاصة الصديق الجميل الأستاذ سالم موسي (ابو الكنينة)، وانا لوحدي استمع لكاسيت للشاعر الصديق حنفي حاج الطيب، واستمتعت بأغاني الهوابة وتذكرت أيّام الشقا وشقّت العود وافراح البادية قال الشاعر حنفي حاج الطيب:-
"جيم علي ود حمد في الحفلة والكسلاوي
ديل البشبهو البت العزلها الرّاوي
بنوتنا القبيل دايما قمرهن ضاوي
الهوابة جات خلّت عجاجهن لاوي "
******************
"بعد ما إتلبْسَن ظهرت لهن هوابة
وقول يا كافي خلتهن وحوش في غابة
بكيرة اليوم مباعها محرِّم السبابة
عيل لي البكري تمشي يسوِّي ليها كتابة "
***********************
(هوابة اي الغزال وشبهها بها لجمالها- السبّابة اي "الكبسنجية"
البكري شيخ من المتصوفة وهنا يعني من جمالها سوف تصيبها العيون وينبغي لها الذهاب للشيخ البكري ليحجبها ويحجبها من الحجاب والتمائم
"الضهرية عمرت وجي الدَّباس متحبِّك
وجات وزينة خلّت غزلهن مشبِّك
يا بكيرة الهلالي النم بواقع خبّك
وحوّيناكي من العين يدارقك ربِّك "
*********************
*في وقت الظهر يخرجن العذاري للشّدو و الرقص واللائي شبههن بطائر البلوم وشبه الحسناء بطائر الوزين لأنها حاذقة ومبدعة في رقص الجراري، هلموا إليّا لنشاهد هذه اللوحة، التي رسمها البدوي محمد ود حامد الكباشي لإحدي الحسان وهي ترقص علي إيقاع غنا الجراري:-
"رقصت والخلوق منلمِّي
ومن عين الحسود ينجيها شافع اللِّمّي
حنجور البقدِّس ما غطس فوق ألْمِي
وفندوك البردِّس سيدو ما بشيل عمّي"
نرجع للشاعر حنفي والهوابة:-
"بنات أُم سنطة يا سالم سماحْهِن أخربو
والهوّاب كسحهن وبطّلن في دربو
جيم السير بحاكيكي السّمح في ضربو
ولينا الحق جمالك تاني نتفاخربو"
********************
"المضمونة والعنقالي ما بِتْجالْسُو
كيفتينا كيف زي البحكمو مَجَالْسُو
بنات الحفلة لا بسات من ضهبهن خَالصُو
جاتهن سادة ساكت طلعتهن فَالْصُو"
******************
"شيخ جامع بقول مَلتْ القبيلة عجاج
وسالم موسي واحمد لبسوها التّاج
بناتنا الكيف عِيار ألف البِوِج لجَّاج
وأنا في رأيي ينسحباً بدون إحراج"
***********************
(7)
عام الجفاف او ليلة "السَّو" ،كما يطلق عليها أهل البادية، خدش حياء البادية "بعاعيت" الكتابة و"بروز" الصحافة ، وتجرأوا حتي نعتوها بغير المألوف، فكان العزاء روايات الأديب الراحل الطيب صالح، فكان (سعيد عشا البايتات) الضّل الرهين لكل رجال البادية، وكانت "بت العريبي" الفنجرية أُم نفل دُخري عذاري البادية، وقريبا من عام الجفاف أيضا سمعته يتحدث في لقاء إذاعي لا أتذكر جيدا هل كان "مع البي بي سي" أم "مونت كارلو" ولكنه تحدث عن البادية الغربية وقال أنها تركت اثرا علي نشأته، لذا كان للراحل الأستاذ الطيب دين مشبول في عنق البادية يبقي سرمدا ويتعذر سداده ، وهذه المربوعات كتبتها عند رحيله بعفوية البدوي وسماحة البادية
"طوق وتيلة ورمَّاي وشُبَّال من سوميت الدّوبيت نشبلها في رويحة
الراحل المقيم الأديب الأريب الأستاذ الطيب صالح"
"مِتل هرع الصباح رحل الجميل الطيّب
زولاً نسمة ذي ريحة الدِّعاشة حبيِّب
ترايمو الرُّوح مسامح لي الفسِل والطيّب
ؤما خان بلدو يوم عاقل كُبارنا مغيِّب"
***********************
"رحل الطيِّب الطيّب ؤسمح النّافلة
رحل الرُّوحو لي توب المحامد رافلة
رحل الطيَّع الكلمة الشَّرودة ؤجافلة
ؤرحل السِّيرتو بي الخير والمحاسن حافلة"
************************
"رحل دُخري البلد الكان طنيبة البيت
رزين في طبعو موالفشّار بقول سوّيت
عرفوك العجم قمرا طلع ضوّيت
وعمرك كلُّو ما أتفسَّلت قلت أَبيت "
(رحم الله الطيب الصالح ، فقد حاز المجد كلــه ، وقد زعم احد ابطاله ان نفســه حدثته بالمجد ، فزجــرها ) ..
بادية الكبابيش 14-4-2013
المراجع -فرسان كنجرت للدكتور عبدالله علي إبراهيم
جواهر الأدب لأحمد الهاشمي

Post: #165
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 05-13-2013, 04:36 PM
Parent: #164

Quote:
لك التقدير اخي د. القرشي علي هذا السفر الجميل في تناول التراث عبر استاذنا خالد الشيخ حاج محمود ومقالاته الرائعة
اما شهادة نزار قباني في تراث بلادي .. ذلك حديث فاق الثريا


الأخ العزيز / التجاني عبدالباقي

سلامات

شكرا جزيلا على كلماتك الطيبة والانيقة

وسعيد جدا بحضورك ومتابعنك لهذا البوست

لك كل الود والتقدير

* هل انت التجاني ابن الأستاذ عبدالباقي محمد أطال الله عمره

مودتي وتقديري



Post: #166
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 06-28-2013, 04:44 PM
Parent: #165

Quote: أمِس دُغشية يا المفتاح مطرةً رشَّتْ
ودعاشةً فايحة شاشت لي الرِّويحة ونشَّتْ
معالق قلبي بشويش غافلتها وخشَّتْ
وسلوك الرَّيد نقرتها ووين شبكتي الطشَّتْ
********************************
البرق البِولْوِل قِبلي يرسُم ويمحه
شان ما يشيلُّو من فرَّت فِويطْرِك لمحه
مع الدُّغشية سارق وجاب دعاشةً جمحه
قلبي الغاوي شارف وشاشا ليك يا السمحه


تسلم عزيزي عبيد الطيب

Post: #167
Title: Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث
Author: Ahmed al Qurashi
Date: 06-29-2013, 05:32 AM
Parent: #166

من رواد الأدب السوداني
المهندس/ ميمان ( 1-2)


كتب: خالد الشيخ حاج محمود
اورد الاستاذ/ محجوب عمر باشري في كتابه القيم (رواد الفكر السوداني) بأن تيارات التجديد في الفكر السوداني بدأت تتلاقى مع رياح النهضة في مصر والتي تبلورت بعد الثورة المصرية عام 1919م وتمازجت مع عقابيل الثورة السودانية التي فجرها على عبد اللطيف ورفاقه في عام 1924م ، خاصة وأن الثورات الشعبية لاتموت ولاتجهض وإن حاولت السلطات إخمادها فبعد الثورة المصرية أستقام جيل طه حسين وهيكل والعقاد والمازني ومنصور فهمي والشيخ على عبد الرازق، كما نشأ بعد ثورة 1924م بالسودان جيل عرفات محمد عبد الله و المحجوب والعشري ويوسف مصطفى التني ومرضي محمد خير وغيرهم، حيث كان كل واحد منهم ينفرد بخاصية هي (شخصيته وفكره) ومنهم جاء ذلك النسيج الذي أوضح طريق التحديث في الفكر السوداني وبالتالي لم يكن (مرضي محمد خير المرضي عبد القادر الضو) والذي لقب بـ(ميمان) شاعراً فقط وإنما كان شعره بداية التجديد في الشعر السوداني حيث ولد قبل ثورة ود حبوبة بعام أي عام 1907م بمدينة الخرطوم بالقرب من منزل (داؤود اسكندر) وهو من جهة والده ينتسب لقبيلة الشويحات بحساب أن جده هو عبد القادر الضو عبد الحميد بن سليمان بن محمد نافع بن نجم بن محمد أبو هيبة بن موسى بن عيسى بن نجم محمد خاتمي القمر بن عبد الرحمن ابو الشيح (جد الشويحات) وشقيق محمد البدري (جد البديرية) وتتواصل سلسلة النسب حتى تصل لضواب بن محمد الجميل بن سمرة بن سرار جد عموم العباسيين بالسودان بن كردم بن أبي الديس بن قضاعة بن عبد الله الحرقان بن محمد مسرور بن ابراهيم جعل بن الأمير إدريس بن قيس بن قصاص بن كرب بن حرب بن عدنان بن هاطل بن ياطل بن ذي الكلاع بن سعد الأزور بن محمد القرشي بن الفضل بن عبد الله بن العباس (عم رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، وجاءت هجرة الشويحات لكردفان كما يقول الجنرال العظيم اللواء الطيب المرضي عن طريق جبل شويح بالقرب من الدويم وكان السلطان بادي قد أرسل تجريدة للقضاء عليهم في تلك المعركة التي قادهم فيها الامير سرار ولكنهم هزموا من قوات السلطان بادي هزيمة نكراء كما أقام الشويحات في عدة مناطق بالسودان منها ولاية نهر النيل حيث سكنوا شندي والتي هي (ساندي) بلغة الفور و أقاموا بالمتمة وتعني (حكم تم) أيضاً بلغة الفور، علماً بأن الامير أبكر على دينار أمه شويحية وقد أنجبت بنتاً أسمها علوية، هذا إلى جانب هجرة مجموعة منهم لمنطقة هلبة الشويحات في عام 1923م وفي الشمالية استوطنوا دنقلا العجوز والتي بها جامع باسمهم تقام فيه صلاة الجمعة راتبةً، وتوجد مجموعة منهم في مناطق أمتقو ورومي البكري وأم بكول والغابة والدبة، وفي ولاية نهر النيل أقاموا بشندي والمتمة والمحمية و سقادي كما استوطنوا بمناطق الهلبة والجزيرة أبا وبعض القرى التي تجاوز الثلاثين قرية وذلك في النيل الأبيض، أما في ولاية سنار فقد أقاموا في مزيقيلة والحاج عبد الله ولكن يعتبر وجودهم في كردفان أكثر لاسيما مدينة الأبيض وضواحيها في المنطقة الشمالية والشمالية الغربية كأم عشيرة وام هجيليج وأم نالة ورهيوة كما سكنوا في أبوزبد وقليصة بغرب كردفان، وفي جنوب كردفان أقاموا في كريكيجة والتي توجد بها عموديات مشتركة بينهم و كنانة ومن فروع الشويحات (أولاد نجم وأولاد حدربي وأولاد موسى و أولاد نوار و أولاد جودات والديكناب والمعيناب والعيادقة والحديداب وأولاد عيتق وعتيق) ويقال بأن الهاشماب ينتسبون للشويحات علماً بأن الشويحات من اوائل الذين أوقدوا نار القرآن ودعموا الثورة المهدية حيث استشهد الأمير دفع الله الشويحي جد الاستاذ محمد على المرضي في حروبات الثورة المهدية وكان من حفظة القرآن ومن قياداتهم المشهورة بكردفان العمدة سليمان الزاكي وهو أحد أمراء الشويحات في المهدية وقد عرف بالذكاء الخارق وذلك رغماً عن أنه أمي، وفيما بعد أصبح عمدة لمدينة الأبيض في عهد الانجليز حيث كانت الابيض آنذاك تقسم لأربعة أرباع يقوم على كل ربع فيها (شيخ) وهم (حسن أبّو ونايل عثمان وابراهيم فشيك وعمر التني)، ولكن العمدة سليمان الزاكي تواثق مع مستر(جيلان) مدير المديرية آنذاك بأن تصبح الأبيض بعد و فاته بندراً وبالفعل تم ذلك حين وفاته عام 1933م ومن قيادات الشويحات على سبيل المثال اللواء الطيب المرضي المثقف العضوي وحاكم أقليم دارفور في عهد حكومة مايو وكذلك الاستاذ المحامي محمد على المرضي وزير العدل السابق والامير الاستاذ المرحوم بشير الشريف والمعتمد الهمام المرحوم الطاهر سليمان والاستاذة (مكاوي المرضي نائب الملحق الثقافي في واشنطن سابقاً والمثقف فتح الرحمن عباس والضو محمد المرضي الذي كان مديراً للإسكان الشعبي بالعاصمة القومية والمرضي محمد المرضي أمين المكتبة العامة بالأبيض والاداري النابه أبوبكر محمد سليمان و المرحوم فتح الرحمن المرضي سكرتير مريخ التبلدي سابقاً والدكتور الاداري عبد القادر أبو القاسم ومولانا دفع الله الرضي نائب رئيس القضاء سابقاً و الصحفي حسن الرضي وأشقاءه (صديق ومكاوي) وعبد القادر المرضي الاداري بسكر كنانه و الشاعر مصطفى ود المأمور والدكتور الطبيب سيف الدين حسن صديق وأشقاءه الموسيقار يوسف وقريب الله الذي تخصص في الطباعة ببريطانيا كما يوجد النوابغ أبناء اللواء الطيب المرضي (د.حسام وهشام وطلال وحاتم ومروان) والسلسلة تتواصل لمحمد سليمان الطاهر والشاب الوجيه (ابن الوز عوام) سليمان الطاهر والزهرات الدكتورة الهام حسن صديق والدكتورة هويدا النور مكي الاستاذة فاطمة على يوسف وغيرهن ولاننسى أبناء الامير بشير الشريف (أسلم ومصعب وانس ومحمد) ولاننسى لاعب الكرة الماهر الكابت صلاح الرفاعي والاداري الرياضي عبد المطلب عبد المتعال ورجل الأعمال عبد الله شيخ الدين ) والقائمة تطول في تتبع خطى أولئك النوابغ والاعلام.
ولأن أبناء نجم عرفوا بالنبوغ والذكاء لذلك شع المهندس الاديب مرضي محمد خير (ميمان) وأصبح كالكوكب السيار حيث نشأ في أسرة ربها عامل قارئ وكان والده صفيفاً في مطبعة (سودان ستار) بل عمل مصححاً بها بالرغم من أنه خريج خلوة وكان مرتبه آنذاك لايقل عن الخمسين جنيهاً بالقديم أما والدته فهي جعلية قريبة ناظر الجعليين (ابراهيم فرح) ومن أقربائه كما يشير بذلك الكاتب محجوب عمر باشري، على أحمد الامين المشهور بـ(علي حاجيه) وهو أول من اتصل بالفكر الماركسي الاشتراكي وتعرف عليه ليكون ترياقاً لصرف المثقفين السودانيين نحو الالتفاف حول حركة اللواء الأبيض وكان لحاجبه صديقاً يونانياً عمل لفترة أستاذاً للفلسفة في جامعة أثينا وطورد في بلاده فلجأ إلى السودان لذلك تفتح ميمان على قراءة رأس المال والبيان الإشتراكي خاصة وقد درس كل مراحله بالخرطوم وعندما التحق بكلية غردون اختار دراسة الهندسة وتعرف فيها بالمحجوب والتني ومعاوية نور ونظم الشعر على نسق جديد حيث اعجب بخليل شيبوب وتأثر بالشاعرين (امروء القيس وعمرو بن ابي ربيعة) كما اطلع على دوواين الشاعر المصري عبد الرحمن شكري خاصة وأن دفعته في الكلية اهتمت بالآداب والثقافة حيث انشأوا جمعية الهاشماب الادبية وكان من ابرز اعضائها محمد زكي مصطفى والدكتور عبد الحليم محمد ومعاوية نور وعوض الله مرسال ومحمد عشري الصديق وشقيقه عبد الله ومرضي محمد خير ويوسف مصطفى التني ومحمد احمد محجوب، و تعرفت تلك الجمعية على المفكرين الغربين والكتاب والشعراء وتابعت مسيرة الثقافة الحديثة سيما ما ينشر في السياسة الاسبوعية والبلاغ الاسبوعي ومجلة الهلال والمقتطف والعصور كما ركزت تلك المجموعة على قراءة المجلات الفكرية الانجليزية ولكن تفرقت بهم السبل حيث هجر المحجوب الهندسة للقانون ومنه للسياسة فيما تحول التني من الهندسة للجيش ثم للخدمة المدنية والدبلوماسية أما محمد عشري الصديق فقد ترك العمل في مجال الهندسة وعمل مترجماً ثم صجفياً وضابطاً في الجيش بل اصبح في نهاية المطاف محاسباً يعمل في مراجعة حسابات التجار ولكن ميمان هو الوحيد الذي لزم الهندسة حتى وفاته وما يربطهم جميعاً أنهم كتبوا في صحف النهضة والفجر وكان كل واحد منهم يطري عمل الآخر ويشيد به، لذلك يعتقدون أنهم من مدرسة واحدة وإن كان شعر ميمان مختلفاً عن تأثير المحجوب والتني وأحمد شوقي والعقاد، وفي مجاله العلمي قام المهندس ميمان بتشييد العديد من المنارات التعليمية بكردفان منها مدرسة الأبيض الوسطى بنات (كلية التربية حالياً) وغيرها. ولكن الشعر عنده هو رؤى وظلال ودحض للغة و تسام بالزمن فالزمن عنده مطلق وإن أستيقظ تذكر الأشياء والأحداث لذلك كان أشبه بتيتوس أمير كروان الذي نفى نفسه من بيئته المظلمة ليسوح في العالم فوجد العالم أكثر غرابة وصعوبة من البيئة التي خرج عنها، هذا التأرجح بين العالم المحسوس والمجهول هو الذي أطلق روح الشعر عند ميمان لذلك نجده أحياناً يخرج عن الأوزان والبحور في شعره وذلك حسبما يرى الكاتب محجوب عمر باشري في كتابه (رواد الفكر السوداني).
وفي مدينة الابيض التقى المهندس الأديب ميمان بصديقه المهندس الشاعر ابراهيم عمر الامين وكانت بينهم مساجلات عديدة منها قصيدة (التوبة) والتي كتبها ميمان وارسلها لصديقه المهندس ابراهيم حيث قال في بعض مقاطعها البديعة:
إني حزمت اليوم أمري سفهاً عليك وقفت عمري
أنت التي سكبت لظاها في دمي وسعت بخمري
وأريتني فتن الهوى جيشاً يلذ لديه أسري
وحجبت عني كل ضوء ساحر وشغلت فكري
وجذبتني حتي كأن الله لم يلهفك غيري
شعري تدنس روحه ماكان أفسق فيك شعري
قلبي تمرغ في الرغام ولم يكن منها لعمري
طرفي تفلت حائراً أين الضياء الحلو يسري
ماكان حبك لي سوى دنيا آثام فيه أسري
أين التي كانت يداعب شعرها كفي وشعري
أين التي كانت يناغي خدها خدي وثغري
أين التي كانت لصدري بلسماً إن ضاق صدري
أين التي كانت لعمري سرها المخبوء سري
أين التي كانت لوكري حلية لو جئت وكري
أين التي كانت هناءة ليلتي وضياء فجري
أين التي كانت مثالاً للأنوثة حين عري
ذهبت لغيري لم تكن يوماً تبيع الحب غيري
سأتوب يا بنت الهوى قبل الطهارة هن عذري
واتوب يا بنت الهوى ماذا عليك حزمت أمري
ورجعت من دنيا الغواية والهوى يكفيك عذري
فلئن جعلتَ الدعر أجرك قد جعلتِ الطهر أجري
قبري تهيأ في الهوى فتلمسي قبراً كقبري
ولكن صاحبه المهندس الاديب ابراهيم عمر الامين قدم له قصيدة فيحاء بعنوان (الرجعة) قال في بعض أبياتها:
طوفت في دنيا الرشاد فلم يطب فيها مقري
فرجعت يا بنت الهوى لضلالتي وقديم أمري
ورجعت با بنت الهوى لما ندمت وعيل صبري
كالطير عاد لوكره قد عدت أنشد فيك وكري
أنتي التي حركت في قلبي الهوى فانقاد شعري
أنتي التي أعلنتِ أمري للورى وهتكت ستري
مجدت حسنك في قصيدٍ صغت فيه دمي وفكري
هو شكر حسنك إذا صوّر وهو إذ توحين شكري
وخلقت عذرك في المجون لأنه بابٌ لعذري
أنا قد رجعت بسيرتي الأولى و كل قديم أمري
ورجعت أقضي عند محراب الهوى أيام عمري
هيأت مهدك في الفؤاد فهيئي في الصدر قبري
رحم الله الشاعر الموهوب مرضي محمد خير (ميمان) والذي توفى في ريعان شبابه عام 1954م خاصة وقد خرج من بيئة مسكونة بالادب ومحفوفة بالعلم والطموح و مشهورة بالذكاء كمثل قول الشاعر محمد محمد صالح بركية:
يا حليلا عروس الرمال منبع الإلهام والكمال
في الرديف يتقدل غزال والشويحات منهل جمال
لذا كان ميمان شاعر الشاعر بمعنى أنه ينظم الشعر من أجل الشعر خاصة وقد أخترق الآفاق وقرأ الشعر الصوفي وأفتتن بإبن عربي وابن الفارض وبالأخص في قصائده الخمرية ولياليه مثل قصيدته (مومس) والتي يقول فيها ميمان:
يا سكارى من افاويق الهوى غصصاً تسقون من اثمال ثمل
من ثغور حركتها نشوة اثمت في المهد من اغراء نذل
علمتكم كيف تهوون الى دركها المغمور في أسفل سفل
التحية والتقدير للأساتذة الأجلاء (محمد عثمان الحلاج و فتح الرحمن عباس و سليمان الطاهر) الذين كانوا معي قبل عدة أيام في زيارة اللواء الطيب المرضي- الذي يعتبر في رأي ذاكرة تاريخ كردفان والسودان ولاسيما وهو قائد الطابور الذي سلم مديرية كردفان عند السودنة للإداري مكاوي سليمان أكرت وذلك في الخمسينات من القرن الماضي.. ونواصل