الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو

الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو


06-14-2009, 09:54 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=403&msg=1252478381&rn=19


Post: #1
Title: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-14-2009, 09:54 PM
Parent: #0

.الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو

[email protected]


كان يوليوس قيصر جَزِلاً يعيش اسعد أيام حياته، بعد أن حقق فتوحات تاريخية في بلاد (الغال) وأخمد حروباً أهلية كادت أن تفنِي الامبراطورية الرومانية. وكان أول شيء فعله في آخر انتصار له على خصمه (بومبي) أن أحرق آلاف الرسائل والتقارير التي وجدها في مقره دون أن يَقرأها أو ينشُرها، وذلك كي يجنب البلاد فتنة كان يمكن أن تندلع من بين السطور، بل عمِد عند وصوله روما إلى إعادة تمثال خصمه بومبي إلى موقعه في مقر مجلس الشيوخ، فبرغم الدم الذي سال انهارا، لم ينس قيصر حلفاً ثلاثياً شكَّله معه و(كراسوس) عام 60 ق.م. وقادوا به معركة ديمقراطية عنيفة ضد مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الأشراف، ومن ثم افترقا كل ذهب إلى طريقٍ يبحث فيه عن مجده، إلى ان التقيا في تلك المعركة الأخيرة. ولهذا كان من الطبيعي ألا يرحب اعضاء مجلس الشيوخ بعودة قيصر، لا سِيَّما، وأن ظلال الماضي تلك كانت تنبؤهم بإحتمال انحسار امتيازاتهم السياسية والطبقية، ولكن على عكس الارهاصات فقد عاملهم قيصر معاملة كريمة، إذ جعل (بروتس وكاسيوس وأليين) على رأس اثنتين من الولايات، وعين اشراف آخرين في مناصب عليا، ولم يعر روايات كانت تتحدث عن مقتله انتباهاً، بل لم يقدم على اعتقال من كان يظن أنهم يتآمرون عليه جهاراً نهاراً، بعد أن انبعثت روائح الخيانة والحقد والكراهية وحُب السلطة من دهاليز القصور وكواليس الغُرف المغلقة. إذ سدر الاشراف في حياكة مؤامرتهم ونجحوا في استمالة بروتس - الفتى المدلل عند قيصر - لرفع لوائها، ويقال أن أمه (سرفليا) كانت عشيقة لقيصر، وهي نقطة الضعف التي كانت تؤرقه وجعلته يميل لضفة المتآمرين، ومن ثمَّ تواصوا على قتل قيصر بغرس خناجرهم جميعاً في جسده حتى يتفرق دمه بينهم!

عشية انعقاد جلسة مجلس الشيوخ والتي حددوها لتنفيذ مُخططهم في الخامس عشر من مارس عام 44 ق.م. سأل قيصر ضيوفه الذين كانوا في منزله مساء اليوم الذي قبله: ماهي خير طريقة للموت؟ ولم ينتظر اجابتهم حيث أردف قائلاً: إنها الميتة المفاجئة. ولم يكن سؤاله واجابته ببعيدة عن مناخ الروايات والاكاذيب والشائعات التي سرت كالهشيم في سماء روما. وفي الصباح توسَّلت إليه زوجه (كالبورينا) ألا يذهب بعد رؤيتها حلماً مزعجاً، وكذا خادمها الذي تعمد اسقاط صورة أحد اسلافه من الجدار كنذير شؤم، بالاضافة إلى نصح آخرين حذروه تلميحاً وتصريحاً وهو في طريقه نحو الاجتماع، لكنه مضى لا يلوي على شيء ودلف داخل مبني بومبي حيث ستعقد الجلسة التاريخية، وتوقف قليلاً عند المكتبة التي اعتاد أن يتأملها وحلم أن يجعلها أكبر مكتبة في العالم بعد عودته من غزو الامبراطورية الفارسية. وفجأة انهالت عليه الخناجر من الخلف والأمام وأُريقت الدماء على جانبيه، وعندما حان دور بروتس مشى نحوه بخطىً متثاقلة وسدد له طعنة نجلاء، وقبل أن يلفظ انفاسه الأخيره رآه قيصر ممسكاً بخنجره، فقال له بصوت متهدج: حتى أنت يا بروتس! وفي رواية أخرى حتى أنت يا بُني! فقال له بروتس أنا أحبك ولكني أحب روما أكثر، فقال له: إذا فليمت قيصر. هكذا اراد شكبير الذي وصف موته في المسرحية التي حملت اسمه بـ «أقسى وأبشع جريمة في التاريخ» أن يقول علاوة على ذلك أن الخاتمة تعني قمة السخرية من قاتليه، وقمة التضحية والتفاني في سبيل الوطن. ومع ذلك لم يكن مقتل قيصر حلاً لقضية، فقد اشتعلت الحروب الأهلية بين قتلته وانصاره، أما بروتس فبعد هزيمته من ماركوس انطونيو أمر خادمه أن يمسك له السيف وهوى فيه منتحراً!

شاء صديقي الاستاذ مصطفى عبد العزيز البطل محاورتي بقلم صقيل في الهواء الطلق (الأحداث 3/6/2009) ولمَّا كنت أصلاً من الذين يدعون للحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، فلا مناص عندئذٍ أن تجد دعوته صدى طيباً ومنزل صدق في نفسي، لا سِيَّما، ونحن دأبنا على التناصح والتشاور والتفاكر والتثاقف دوماً على هدى (نصف رأيك عند اخيك) وهو إطار يسمح لنا بالاختلاف مرة والائتلاف مرات، ليس هذا فحسب فنحن كصديقين من سائر عباد الله الرحمن، نُروِّح كذلك القلوب ساعة بعد ساعة بالمِلَح والطرائف وتسرية النفس بالذي يمسح عنها صدأ الزمن وكآبة الأحداث. لكن رغم كل ذلك الزاد الوفير والخير العميم، لم استطع اخفاء دهشة تسربت إلى نفسي على حين غرَّة بينما عيناي تجوسان في سطور مقاله المذكور، لا لشيء إلا لادراكي وقناعتي بأن صديقي الذي يعرف عني كل شيء، بما في ذلك (القابلة) التي عملت على اخراجي من ظلمات ثلاث إلى نور الوجود، شطح بخياله واستنزل منه معلومات على الورق، خلط فيها (الشامي بالمغربي) على حد المثل العربي الدارج. في حين كنت اظن من كثرة ما استهلكنا من ساعات طوال شرحاً وتداولاً وتحاوراً لبعض مواقف إلتبست في أذهان العامة، أن الحقيقة وقرت في قلب البطل لدرجة لن يأتيها الباطل من بين يديها ولا خلفها، ولم يساورني أدني شك في أنه سيصنع يوماً، من بديهيات جارية، هرماً بمسلمات راسخة ويجلس القرفصاء على قمته، ولا أدري لماذا باغتت مخيلتي قصص العرب العاربة في جاهليتهم التي سبقت الاسلام، حيث كان الواحد منهم يصنع لنفسه إلهاً من (عجوة) ولأن الجوع (كافر) فما أن تتحرك امعاؤه بحثاً عن طعام، يبدأ المذكور في قضم أطراف تمثاله بتلذذ بعد أن يقدم له ما تيسَّر من الاعتذارات، ويمسح بطرف ثوبه دمعاً تساقط خلسةً على خديه وجرى مدراراً!

عندما تناهى إلى سمعنا تلك الدعوة للملتقي الاعلامي موضع الجدل، اتخذنا موقفين نقيضين حيالها، وفشل كل منَّا في اقناع الآخر بوجهة نظره. وقد بذلت جهداً كنت أروم فيه نُصرة أخي ظالماً لعلمي أن مشاركته ستنعكس ايجاباً على من لا يستحقها. بل حتى عندما أزمع واستجاب للمشاركة لم أتوان أو اتقاعس في نصرته مظلوماً، إذ كان لزام عليَّ أن أنبري مدافعاً عنه أمام رهط من اصدقائنا المشتركين وغير المشتركين، وبعضهم اتخذ من بريدي الالكتروني وهواتفي ميداناً للرماية وشاءوا رجمه دون سماع مبرراته. وفي الحقيقة لم تكن منطلقات الوفاء لعلاقة سامية هي السبب الوحيد لإقدامي على ذلك، ولكن رأيت أن منطق الاشياء والأمر الواقع يفرض عليَّ الشيء ذاته، حيث قلنا للجميع كيف ندعو للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ونمنن ونستكثر على أحدنا أن شاء التمتع بتلك القيم، وقلنا لم يهمهم أمر صديقنا فيم العجلة يا رفاق والله نفسه – تبارك وتعالى – خلق الكون في ستة ايام، وتلك حكمة نتعلم منها الأناة والتريث وقضاء حوائجنا بالصبر. وقلنا لهم امنحوا صديقنا فرصة لعله يأتينا بالخبر اليقين، ولننتظر عودته الميمونة بحول الله ولنسمع بيانه وتبيانه ومن ثم فلنبسط الموازيين لنصدر احكامنا بالعدل والقسطاس، إن كان مخطئاً صوبناه وإن كان مصيباً اتبعناه. وبالطبع لم يستغرق ذلك وقتاً طويلاً، فبعد عودة البطل مباشرة حرصت على أن اعرف وجهة نظره الأوليه، فاسمعني حديثاً طربت له نفسي، علمت منه خيبة أمله في المؤتمر والمؤتمرين ودعاته وأجندته، وبالطبع ليس ثمة ما يدعوني للشماتة رغم أن تلك خلاصة يحق لمثلي أن يقيم لها الأفراح والليالي الملاح!

يقولون من اراد تقويض النظام عليهم غزو روما وليس الفاتيكان، تلك قالها السيد الصادق المهدي يوم أن غزت قوات المعارضة بلدة (همشكوريب) واراد تبخيس فعلها، لا لشيء سوى انه انتبذ منها مكاناً قصياً وذهب للخرطوم راضيا مرضياً وأخيراً متراضياً مع النظام الذي اقتلعه من كرسي الوزارة، ما علينا وتقليب المواجع، فالمهم ومن قبل الدخول في التفاصيل، لابد من التوقف والتأمل في مفارقة عجيبة ألبست الحق لبوس الباطل، ولا أدري كيف فات على البطل وهو العارف بخبايا قصور روما ودهاليز صوامع الفاتيكان، أن يخلط ذلك الخلط المريع بين الماء والزيت، أو بين الجنة والنار. فالعبد الفقير إلى ربه والذي ظلَّ حِواراً مخلصاً للحوار نفسه، وما أنفك يدعو له منذ أكثر من ثلاثة عقود زمنية، أصبح بقدرة قادر من الذين ينبذونه ويعادونه ويحاربونه، في حين أن الذين قطعوا التطور الديمقراطي وحرموا الناس حقوقهم المشروعة بما في ذلك الحريات الأساسية، اصبحوا هم الديمقراطيون الذين ينتهجون سبل الحوار ويشجعونها لا لشيء، إلا لأنهم دعوا لمؤتمر يخيم عليه البؤس من كل حدب وصوب، ناهيك عن نتائجه التي أثبتت فيما بعد أنه استمرار لمنهج الخداع وتكريس لأساليب (الفهلوة السياسية) التي درجت عليها العصبة ذوي البأس منذ أن وطأت سنام السلطة، أليس ذلك ما (يفقع المرارة) يا عزيزي القاريء، ليس هذا فحسب فمن نكد الدنيا على المرء في هذا الزمن التعيس أن تكون مطالباً برد (تهمة المبدئية) عن نفسك، في حين تجد من يقول لك أنك لو ارتديت عنها فلسوف تكون بطلاً، وأنك لو نكصت بها فستكون شجاعاً، وأنك إن تراخيت منها فستجد من يصفك بنكران الذات والتجرد لوجه الله والوطن! ولا أدري لماذا تمادى صديقي البطل في تعاطى المكروه عمداً، فهو لم يجد حرجاً في نفسه في أن يستعير اوصافاً التصقت بقوى سياسية معروفة ويحيلها عنوة لقوى سياسية أخرى. ففي سياق القصة القصيرة التي أوردها في لقائه بالسيد محمد ابراهيم نقد والذي وجَّه له فيه نقداً سالباً لحزبه، أتهم البطل الحزب الشيوعي بأن خطابه التعبوي الذي خاض به انتخابات عام 1986 قام «على شتيمة الآخرين ومنابذتهم بالألقاب وتبخيس بضاعتهم» ولسنا بصدد الدفاع عن حزب هو قادر على الدفاع عن نفسه، ولكن يعلم البطل علم اليقين، بل ويعلم القاصي والداني من الذي أستن هذه السنة غير الحميدة، ليس وقتذاك فحسب، بل حتى يومنا هذا الذي شهد أسوأ انحطاط للخطاب السياسي ودحرجته إلى اسفل سافلين، فلماذا نطعن الظل إذن والفيل قائم لا تخطؤه العين!

من البديهي أن التحليل الخاطيء يؤدي بالطبع إلى نتائج خاطئة، ولهذا لم يكن البطل موفقاً فيما استهل به مقاله واسماه باختلاف الرؤى بيننا عند تشخيص الهم الوطني، إذ قال «إذ بدا لي من خلال متابعة متأنية مستطردة لإسهاماته ككاتب قيادي خلال العامين المنصرمين أن فتحي، الذي كتب في الماضي كتاباً كاملاً عنوانه (محنة النخبة السودانية)، أصبح يرى أن محنة السودان في حاضرها تبدأ وتنتهي عند الحركة الإسلامية و(العصبة ذوي البأس) من رجالها. والفقير لربه يرى أن محنة السودان تبدأ وتنتهي عند مثقفيه ومتعلميه وفي طليعتهم من يُفترض أنهم قادة الرأي والفكر ومهندسو الحراك السياسي والثقافي بين قواه المدنية بشكل عام» لم يكن الجزء الذي يخصني دقيقاً، فالواقع استناداً على الكتاب المذكور الذي صدر في العام 1993 والأخير الذي صدر في العام 2006 استطيع أن أقول أنني توصلت إلى قناعة كاملة أن الأزمة الوطنية التي يعيشها السودان نتحملها جميعاً حكام ومحكومين، الأوائل بما صنعوا والآخرين فيما صمتوا، وبين هؤلاء واولئك هناك نفر قليل استثنى نفسه. وصحيح أن ما سُمى بالنخبة زادوا هذه الأزمة تعقيداً، ولكن يجب التأكيد على أنها اصبحت أكثر وضوحاً في العقدين الأخيرين بعد استيلاء الجبهة الاسلامية على الحكم، وتتحمل وحدها مالآت الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتدهورة. وما لم يتم الاعتراف بهذا الجرم وما لم يعقب الاعتراف فتح صحائف المحاسبة، وما لم يتم التخلي عن القانون العرفي الذي كبَّل السودانيون به أنفسهم (عفا الله عما سلف) يكون الحوار أشبه بحوار الطرشان، ويكون الحوار مجرد ترف يتعاطاه المانح كلما اشتد وثاق الأزمة والتف حبلها حول عنقه، وتعلمون يا سادتي أن للحوار شروط لا أعتقد أنها توفرت بالنوايا التي يراها البطل، ومن جهة أخري وحتى يكتمل المفهوم، أقول لصديقي ما ظللت اردده دوماً...لسنا ضد الجبهة الاسلامية لمجرد اسمها أو حتى وإن تغيرت مسمياتها، ولكننا ضد من يأتي ليحكمنا دون إرادتنا، وضد من يستلم السلطة بوسائل غير ديمقراطية، وضد من يدعي احتكار الاسلام ويرمي غيره بالكفر والالحاد، وضد من يقول لنا لا ترهقوا عقولكم بالتفكير طالما نحن نفكر نيابة عنك!

خلع عليَّ البطل مجداً لم أدعه وألبسني ثوباً لم اشتره وقال مخاطباً القراء «ترانى قلت في وصف صديقي فتحي: "الصحافى والسياسى". ولعلك تساءلت: من أين له بصفة السياسى؟ والإجابة عندى: من كتابه الذائع (سقوط الأقنعة)، الذي جمع بين دفتيه قصة صعود وأفول أكبر حركة معارضة سياسية في تاريخ السودان، عرفت باسم التجمع الوطنى الديمقراطى» الحقيقة لن استطيع أن اخفي عن صديقي دهشتي، فقد صعقت لهذا الابتسار الذي لا يليق به، فهو يعلم أن كل صحفي سياسي وليس كل سياسي صحفي، ومع ذلك ليس تواضعاً فأنا لم أدعِ يوماً ما أشار اليه بل ليته ساق للقراء الكرام مثالاً من الكتابين اللذين يربو عدد صفحاتهما على الالف صفحة، ويذكر صفحة واحدة ذكرت فيها دوراً مخبوءاً ادعيه، فأنا لم اتعاط السياسة اصلاً من باب الاحتراف، ومع ذلك ليس بخاف على أحد أنني صحفي غير محايد، طالما أعلنت انحيازي المباشر لقيم الحق والحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، وهو انحياز يجعلني تلقائياً ضد الذين تتقاطع اجندتهم مع هذه القيم السامية، بيد أن هذه لم تكن منطلقات صديقي عندما خلع عليَّ الصفة، ولم يكن ذلك حباً في سواد عيوني ولكن لشيء في نفس ابن يعقوب، ذلك لأن منهجه الذي بدأ به معالجة هذا الموضوع نهض على افتراضه الشيء ومن ثم التعامل معه كأمر واقع ومسلم به، ولهذا لا غروَّ إن كان ديدنه في الجزئية سالفة الذكر الوصول لهذه الخلاصة «وفي الكتاب تتضح بجلاء صلات فتحي العضوية والوظيفية بالحزب السياسي الذي عرف باسم التحالف الوطنى. وكون صديقي ينفي عن نفسه صفة الناطق الرسمي باسم حزب العميد عبد العزيز خالد منذ تأسيسه وحتى اليوم لا يضعه في موقف أفضل من موقفي عندما نفى عني وزير الإنقاذ كمال عبد اللطيف في خطابه الافتتاحي أمام الملتقى الحواري صفة الارتزاق» وفي الواقع ليس ثمة مقارنة بين الافتراضين، فأنا ايضاً يمكنني أن أنفي عنه تلك الصفة ولكنه لن يستطيع أن ينفي خطأ افتراضاته والتي بناها على حيثيات ضعيفة أراد فيها لي عنق الحقيقة بما اشتهى ورغب. وليت مصدره ساكن الهضبة الاريترية المشكوك في نزاهته يقول له إن كنت جالسته يوماً في اجتماعات اللجنة المركزية أو كنت حضوراً في مؤتمرات الحزب التي صال وجال فيها كالطاؤوس!

وامتدادا لسيل الافتراضات غير الصحيحة يستشهد البطل بصديق مشترك ليعضد قوله «وعندما عرض فتحي لوحه على شيوخ التحالف، ممن كان لهم في بنائه وتطوره سهم وافر، خرج واحد من المخضرمين هو الأستاذ صديق محيسي، الذي ترأس المجلس الوطني للتحالف في فترة من أحرج فتراته، ليبدي استغرابه ويأخذ على فتحي في مقال منشور أنه في كتابه (سقوط الأقنعة) صوَّر نفسه عامداً متعمداً في صورة المراقب المحايد المستقل ولبس لبوسه واعتمر قلنسوته، واتخذ من تلك الصفة ستاراً لتصفية حسابات العميد عبد العزيز خالد مع خصومه السياسيين داخل التحالف، الذين هم خصوم فتحي نفسه» أولاً لا ادري لم استشهد البطل بصديقنا محيسي والكتاب المذكور نفسه بين ظهرانيه، كان بإمكانه أن يكلف نفسه بضع دقائق وينظر فيه لينقل لنا مباشرة النص الذي يروق له، وثانياً لا أدري ماذا سيكون شعور صديقي لو عرف أن المقال المشار إليه والذي نشره محيسي في موقع (سودانيل) من المقالات التي اعتز بها في تقريظ الكتاب ومحتواه، وإن عزَّ العثور عليه فسنطلب من صاحبه أن يتحفنا به، ثم ما رأي صديقنا البطل لو علم أن محيسي نفسه أرسل لي رسالة في اليوم التالي مباشرة لنشر مقالك، يدرأ ويتبرأ من العبارات التي سقتها على لسانه، وكنت قد طلبت من صديقنا محيسي أن يرسل لك تلك الرسالة فأنت قمين بها ولعله فعل! ولأن الدهشة سيل لا ينقطع في مقال البطل، فقد هالني أن يستنكر ظاهرة كان يجدر به مشاركتي الاحتفاء بها ككاتب متصالح مع نفسه ومع ما يدعو له من قيم الحرية والديمقراطية، جاء ذلك في المقال المعنون بـ (الصغار الذين أولموا الكبار درساً) والذي أشرت فيه إلى ظاهرة نادرة لن نجد لها مثيلاً في أروقة تنظيماتنا السياسية، وهي مسألة تخلي العميد عبد العزيز خالد عن موقعه في المكتب التنفيذي للتحالف، وذلك خضوعاً للمبدأ الديمقراطي في عدم تولي أي شخصية لهذا المنصب لأكثر من دورتين، لكن البطل الذي يدعو لقيم الحوار والحرية والديمقراطية يستنكر على أحد تطبيقها، ويشكك في مصداقيتها دون مسوغ أو مبرر يذكر، ويسوق لنا افتراضات أقرب إلى الوهم منها إلى الحقيقة، مع أن المنطق يقول له إن كان متشككاً فما عليه سوى المراقبة حتى يستبين الخطأ من الصواب والواقع من الخيال ليستقيم نقده ويكتسب المصداقية المطلوبة، ولكن استباقه الأحداث بافتراضات سيريالية، يمكن أن تحدُث ويمكن ألا تحدُث ينم عن نوايا غير طيبة، بل يمكن القول إنها مبيته مع سبق الاصرار والترصد!

في الواقع أن تحليل صديقي البطل عن معطيات الساحة السياسية فيما يخص التجمع الوطني الديمقراطي بصورة عامة وقوات التحالف بصورة خاصة فيه جهل كبير، وليسمح لي بهذه الكلمة التي لم اجد لها بديلاً وهو يعلم أنني لا اقصد بها اساءة، وليته يعود لقراءة فقرات يصعب عليَّ اقتباسها، ولكن لا بأس من هذا النموذج الذي يوضح ما ذكرنا، وسأتجاوز عن الاستخفاف غير اللائق الذي صدر في مقدمتها فيما يخص شخصنا الضعيف «حزب التحالف الذي نأمل أن يتولى فتحي، لو أذِن الله، منصب وزير الإعلام في حكومته، حال فوزه في الانتخابات المقبلة، يجيئ في طليعة الأحزاب المتحاورة والمتعاملة مع نظام الإنقاذ تعاملاً شاملاً كاملاً غير مشروط. ونحن نعلم أن مشروع إعادة تأهيل وتوظيف عدد مقدّر من عناصر الحزب ومقاتليه الذين صدوا إلى البلاد من اريتريا عقب انفضاض مولد النضال المسلح تم ضبطه ومعالجته، عملاً وتعليماً وكسباً ومعاشاً، بالتنسيق بين جهاز الأمن والمخابرات وقيادة التحالف. ومالنا نلج بأنفسنا موالج الحرج وأمامنا الرجل الثاني في الحزب يشغل موقعاً دستورياً رفيعاً في مؤسسات نظام الإنقاذ!» الحقيقة أن ذلك حديث يسيء لكثيرين وبعضهم ممن يمتون بصلة طيبة مع البطل نفسه، وفيهم من اقتطع من وقته الثمين ساعات لوضع الأمور في نصابها الصحيح وكان بهم حفياً. لهذا لا شك عندي أن بعض القراء تساءلوا في قرارة أنفسهم عن الحكمة التي تجعله يستهدف تنظيم صغير بثلاث مقالات سالبة في غضون العامين التي بدأ فيهما الكتابة على صفحات هذه الصحيفة (الأحداث)، في حين أن تلك مكرمة لم تنلها أحزاب صاحبة (حول وطول) وجاه وسلطان. وفي خضم زحفه المقدس ذاك سبق له وأن وقع في خطأ جسيم عند اسقط على العميد عبد العزيز اتهاماً هو يعلم أن عواقبه وخيمة لولا ترفع الأخير عنه، وبالرغم من أن البطل استبان خطئه إلا ان شجاعته لم تسعفه في تطبيق شعيرة الاعتذار، اما أنا فأعجب والله لصديقنا البطل الذي يصر على أن يلدغ من جحر (مسيلمة) ثلاث مرات مع أنني أشهد له بالايمان!

هل يا عزيزي القاريء تظن أن ما مضى كله له علاقة بموضوعنا الذي أخرج الأقلام من اغمادها، بالطبع لا ، فليس ذلك في عيره ولا نفيره، لكني أخلص إلى ما خلص إليه البطل في هذا المحور، وهو أنه ما كان ينبغي لنا رفض الدعوة طالما أن قياداتنا الوطنية جميعها تجلس جنباً إلى جنب مع النظام وتشاركه مؤسساته وموائده، والحقيقة إن هذا منطق معلول وإن رآه صديقي سليما، ذلك لأنه ببساطة يخلط الكيمان بعضها ببعض، فالدعوة التي وجهت كانت دعوة اعلامية ولم تكن سياسية، وهب أن رفاقنا القدامي في التجمع مدوا جميعاً أياديهم بيضاء لمصالحة صاحب الدعوة، فهل ذلك يعني بالضرورة أن تتبعهم جحافل وافراد الشعب السوداني وتذهب حيث يذهبون؟ لماذا الاستناد على مشاركة فاروق أبوعيسي أو عبد الرحمن سعيد أو سليمان حامد أو عصام ميرغني في البرلمان وإعتبارها قرآناً يجب اتباعه؟ وبنفس المستوى، لماذا لا يشار لحقوق أصحاب الشراكة الحقيقية المهضومة وإعتبارها كفيلة بمنع أي مشاركة وتحت أي دعاوٍ؟ عودة على بدء، قبل عامين تقريباً (سبتمبر2007) نشرت صحيفة محلية (آسبن ديلي نيوز) في ولاية كلورادو الأمريكية أن ممثلاً مسرحياً كان يؤدي دور بروتس في مدينة آسبن طعن نفسه بالخطأ، بدلاً من أن يطعن يوليوس قيصر كما هو معروف في المسرحية، وقالت الصحيفة نقلاً عن أحد المشاهدين «في اللحظة التي كان مفترض فيها أن يقتل يوليوس قيصر سال الدم من ساقه وكان غزيراً جداً، ومع ذلك لم يتوقف الممثل ريد هدسون عن التمثيل، وصبر حتى نهاية المشهد ثم اتجه نحو الجمهور وقال لهم بكل هدوء: اعذورني سأتوقف للحظات، يبدو أنني طعنت نفسي» وأسدلت الستارة...

نواصل
عن (الأحداث) 14/6/2009
سودانايل ..

Post: #2
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: عبد المنعم سليمان
Date: 06-14-2009, 11:18 PM
Parent: #1

متعك الله بالصحــة والعافية استاذنا فتحي الضو فقد ظللت تمتعنا بقوة الحجة وادب الاختلاف وجزيل العبارة ..
الاستاذ البطل وهو كاتب ديمقراطي لا نشكك في مواقفه مهما اختلفنا معه الا انه في اعتقادي يعاتب
نفسه عبر عتاب الآخرين و في فعله هذا انما يؤذيهم حقيقة ولا يعاتبهم فكان يجب عليه وهو قد انتقد المؤتمر
والمؤتمرين ان تكون اولى مقالاته عن رايه الذي اباح به لاستاذنا فتحي بدلا من الهجوم يمينا
وشمالا ضد كل من يخالفه الرأي في مسالة حضور المؤتمر ..
يعرف الاستاذ البطل وهو الكاتب الحصيف انه لا يمكن الدفاع عن الانقاذ لا الاولى ولا عن نسختها الاخيرة الاكثر رداءة ولكنه وهو الكاتب الحصيف
يجد نفسه من حيث لا يحتسب مدافعا عنها وذلك بتقزيم خصومها ومساواة ضحاياها بها ..
كان الله سيكف عن السودانيين شر القتال لو ان الاستاذ البطل قد تصالح مع نفسه وانتقد المؤتمر علانية كما تصالح معها يوم ذهابه الى المؤتمر ..
هذا بالطبع باتباعي حسن الظن ناحية البطل وليس ناحية الانقاذ التي تفوق سوء الظن نفسه
كما ارى ان مشكلة الاستاذ البطل هذه المرة تكمن في شعور نفسي داخلي يعتريه بذنب لا نراه ويخصه وحده..
و في دفاعه عن شعوره المستتر الذي لا نراه يهاجمنا كلنا فيكشف لنا عن اشياء اخرى لم تكن في الحسبان تسوءه وتسوءنا .


Post: #3
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: عبد المنعم سليمان
Date: 06-15-2009, 00:19 AM
Parent: #2

Quote: قبل عامين تقريباً (سبتمبر2007) نشرت صحيفة محلية (آسبن ديلي نيوز) في ولاية كلورادو الأمريكية أن ممثلاً مسرحياً كان يؤدي دور بروتس في مدينة آسبن طعن نفسه بالخطأ، بدلاً من أن يطعن يوليوس قيصر كما هو معروف في المسرحية، وقالت الصحيفة نقلاً عن أحد المشاهدين «في اللحظة التي كان مفترض فيها أن يقتل يوليوس قيصر سال الدم من ساقه وكان غزيراً جداً، ومع ذلك لم يتوقف الممثل ريد هدسون عن التمثيل، وصبر حتى نهاية المشهد ثم اتجه نحو الجمهور وقال لهم بكل هدوء: اعذورني سأتوقف للحظات، يبدو أنني طعنت نفسي» وأسدلت الستارة

Post: #4
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: كمال عباس
Date: 06-15-2009, 01:32 AM
Parent: #3

Quote: فبعد عودة البطل مباشرة حرصت على أن اعرف وجهة نظره الأوليه، فاسمعني حديثاً طربت له نفسي، علمت منه خيبة أمله في المؤتمر والمؤتمرين ودعاته وأجندته، وبالطبع ليس ثمة ما يدعوني للشماتة رغم أن تلك خلاصة يحق لمثلي أن يقيم لها الأفراح والليالي الملاح!

Post: #5
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 06-15-2009, 01:50 AM
Parent: #3

Quote: أصبح بقدرة قادر من الذين ينبذونه ويعادونه ويحاربونه، في حين أن الذين قطعوا التطور الديمقراطي وحرموا الناس حقوقهم المشروعة بما في ذلك الحريات الأساسية، اصبحوا هم الديمقراطيون الذين ينتهجون سبل الحوار ويشجعونها لا لشيء، إلا لأنهم دعوا لمؤتمر يخيم عليه البؤس من كل حدب وصوب، ناهيك عن نتائجه التي أثبتت فيما بعد أنه استمرار لمنهج الخداع وتكريس لأساليب (الفهلوة السياسية) التي درجت عليها العصبة ذوي البأس منذ أن وطأت سنام السلطة، أليس ذلك ما (يفقع المرارة) يا عزيزي القاريء،


لله درك يا ود الضو
ليت البطل وغيره ممن يحاولون تجميل قبح من اجهضوا الديمقراطية يعقلون
ايجاد المبررات للمشاركة في المؤتمر البائس لن يداري هذا القبح
Quote: ناهيك عن نتائجه التي أثبتت فيما بعد أنه استمرار لمنهج الخداع وتكريس لأساليب (الفهلوة السياسية)

لن تجد من يجروء على ذكر "النتائج" في ثنايا دفاعهم البائس ..

Post: #6
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-15-2009, 09:43 AM
Parent: #5



تحياتي للجميع ..

لن يختلف إثنان في ما بناه كل من الأستاذان فتحي الضو و مصطفى البطل من تيار عريض من القراء الذي ينتظرون مقالاتهم على آحر من الجمر , ولا أعتقد أن هذا المجهود كان ضرب من ضروب الحظ , ولكن كان ثمرة جهد وقراءة وإطلاع مكن كل منهما من تقديم مادة غنية داخل اي مقال يكتبه أياً منهما . وأعظم ما يميز الكاتبان أن مقالاتهم بها من الوضوح ما يسكن الآلام , ويضربون الإجندة في مقالاتهم ضرب غرائب الإبل , ولا يتركون شاردة أو واردة دون أن تأخذ حقها من التمحيص والتدقيق تحليلاً وتشريحاً , وحتى في خواتيم المقال يستطيع اي قارئ أن يستلهم من العبر والعظات والحلول ما يمكنه من بناء الموقف السليم, كما أن الموقف الأصيل والمبدئي أياً كان تجده بارزاً بروز الجبال في كل جمله يحتضنها اي مقال لهما . ولذلك وحتى الخلاف في أعلاه لا أعتقد أن منه هازم ومهزوم بقدر ما هو تبصير بين الكاتبين ..

نواصل ..


Post: #7
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-15-2009, 11:05 AM
Parent: #6



يبدو أن المقال أعلاه إفتتاحية لسلسلة من المقالات التي إفترعها الأستاذ فتحي الضو للرد على صديقه البطل . والذي كان قد كتب ثلاثية عنونها بمفكرة الخرطوم محاوراً الضو على ما كتبه في نقده اللاذع لمؤتمر الإعلاميين بالخارج المعنون بحصاد الهشيم في مؤتمر الإعلاميين والذي نظمته حكومة الإنقاذ أو كما يحلو للأستاذ فتحي الضو أن ينعتهم بالعصبة أولي الباس . وللأمانة لم يتطرق الأستاذ فتحي الضو في ذلك النقد اللاذع من قريب لصديقه البطل , ويبدو ذلك ظاهراً من حجم المساجلات التي وردت في سياق الرد والرد على الرد قبيل تلبية الدعوة بين الصديقين , والتي ظهر فيها ايضاً مجهود الضو الكبير لإثناء صديقه من تلبية الدعوة وتحمله لغضب الكثيرين من الذين شكلوا لوحة الرفض التامة وإستهجنوا مشاركة البطل فيها , ولايخفي من المقال أعلاه حجم النصيحة التي أغدقها الضو على صديقه الذي يمم وجهه شطر قبلة يرضاها , بإعتقاد كامل لدعوة لباها , وإعراض كبير لنصائح صديقه الذي ابداها . وهو الشيئ الذي جعل من بعض المتحذلقين أن ضحكوا بعض الوقت إن لم يكن كله أخيراً ..

نواصل ...


Post: #8
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-15-2009, 11:28 AM
Parent: #7



وبالرغم من ذلك جاء تتطرق الضو لصديقه البطل في مشمول كلمة الزملاء والزميلات ونقده لمشاركتهم لتلك العصبة في مؤتمر كان المقصد الأساسي منه تجميل القبح الذي يعتمل كل السودان في شكل نظام الإنقاذ , وهو شأن يُحمد للضو أن إرتقى بحجم المشكل عن الصداقة والمحاباة وكيف لا وهو شأن عام لاينفع فيه غير الحسم والوضوح . وكما ظهر في مقال الضو المعنون بحصاد الهشيم والذي كان فيه قد خلع قلنسوة الصداقة إلأ أن أجندة المقال كانت كما الطاقية الطائرة تتهادى حول الرؤوس اليانعة التي اصبحت شاخصة الأبصار من دهاء العصبة وشماتة الآخرين , ولم يجد البطل بد من أن يرغم هذه الطاقية من إختيار طريقها لرأسه , ويفرد المساحات العظام من صحيفة الأحداث للرد على الضو , والمتابع الحصيف يعلم تماماً أن البطل ما قصد الرد على الضو بقدر ما قصد من محاولة إيقاف النزيف الذي تسبب فيه بنفسه حول المنسوج وهماً وحقيقة حول مشاركته , أو بالآحرى أن يرمم الشكل الشائة الذي اصبح عليه بين يوم وليلة عند قرائه ومحبيه , والذي نحسب أننا منهم .

نواصل ..



Post: #9
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-15-2009, 11:51 AM
Parent: #8



وقلنا أن البطل ما قصد الرد على الضو ويظهر ذلك جلياً من ما سبق ذكره في تداعيات ما قبل تلبية الدعوة , ففي ثلاثية البطل والتي عنونها بمفكرة الخرطوم أراد بشتى السبل أن يبين لنا فضل الرافضين ليس اقل مقداراً من فضل المشاركين , تارة برمي تنظيماتهم المشاركة في سدة السلطة وتارة آخري بما حل في ماضيهم من كتابات وإنحيازات قاموا بها , ولذلك لم يأل جهداً أن يستعين بما إستتره الضو في نقده على التجمع الوطني الديمقراطي في سفره ( سقوط الأقنعة) حينما سلم العميد عبدالعزيز خالد من حملة التعرية الجماعية التي ساقها اأستاذ فتحي الضو في متن سفره , وكأنه تلبس صورة اي مكتشف من العهود السحيقة الذين ما أن وجدوا شيئاً ‘لأ وهموا بالصراخ ( وجدتها ..وجدتها) . وجاءت مفكرة الخرطوم خارجة من الحوار المفترض إلى النبش المتعمد دون اي مضمون يمكن أن يتسق مع شهوة القارئ الذي يفترض حسن ظن كاتبه به , حيث أن القارئ مثله وزبون المطعم ما أن يتذوق شيئاً لايعجبه إلأ وحرّم على نفسه المجئ مرةً آخرى لنفس المطعم ..

نواصل ..


Post: #10
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-15-2009, 08:18 PM
Parent: #9



عدم تلبية الأستاذ فتحي الضو لمؤتمر الإعلاميين لا أعتقد أنها كانت من فراغ وكذلك تلبية الأستاذ البطل لنفس الدعوة, فكل منهما له إعتقاد تمترس حوله, والمتابع الحصيف لكتاباتهم قبل الدعوة يكاد يعتقد بان خطوط أجندتهم متطابقة , وهو الشيئ الذي جعل الكثيرين يستهجنون مشاركة البطل في المؤتمر , ومن هنا يزداد تأكيد ورود الإختلاف بين البشر . والذين قراءوا سفر الأستاذ الضو المسمي بسقوط الأقنعة لن يخالجهم أدنى شك في إتخاذ الضو لموقف المقاطعة , بغض النظر عن سلامته أو خطئه في نظر البطل , حيث يظهر من ذلك السفر المهم أن الأستاذ فتحي الضو إمتلأت قبضته بجمر القضية , وأن الضو عرف تماماً من اين تأكل الإنقاذ أكتاف الآخرين , ولذلك تسلسلت مقالاته دون أي تغيير في نقده للنظام ...

نواصل ..


Post: #11
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: على عجب
Date: 06-15-2009, 09:16 PM
Parent: #10

الاخ مجاهد اتفق معك ، ان البطل قدخسر ليس بالمشاركة ، لكن حينما ترك

الكثيرين ينتظرون مشاهداته عن ذلك المؤتمر بلا طائل.

Post: #12
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: كمال عباس
Date: 06-15-2009, 09:56 PM
Parent: #11

العزيز مجاهد -تحياتي
في الرابطةالتالي مجموعة من مقالات البطل -وغيره- وقد قمنا بتحليل بعضها والتعليق علي البعض وتركنا بعضها كما هو ليحدث عن نفسه!!

سؤال جدا جدا: ماذا استفادت الصحافة السودانية من مؤتمر الاعلامين؟

Post: #13
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-15-2009, 10:54 PM
Parent: #12



والأستاذ مصطفى البطل ليس اقل من الضو في إمتلأ قبضته بحجم القضية ايضاً , ويظل ذلك واضحاً في كل كتاباته وهي عقدنا الذي بيننا وبينه كقراء في المقام الأول , ولكن ما يفرق بينه والضو ان الآخير كان شاهداً على تهاوي الكثير من الرموز التي نظرت بنفس المجهر الذي نظر منه البطل , وبل ما يُحمد أكثر للضو أن وثق لذلك السقوط سفراً سوف يتذاكره الناس جيلاً بعد جيل ليعلموا كم كان حجم الجريمة , فوجود الإنقاذ لعقدين من الزمان أو لمثلهما عدداً لن يعطيها صك من البراءة يمكن أن يُوفر معينه مثل هذه المؤتمرات , وتربع الإنقاذ في منتصف البساط أو كما أشار البطل معناً ومفهوماً لن يعني أن البساط ليس له شعب يمكن أن يطويه , ويجرجر كل من كان يتوسده ازيال خيبته , وكي لاينسى البطل فإن طوي هذا البساط لا يفرق بين من توسد منتصفه أو جلس على أطرافه ..

نواصل ..


Post: #14
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: عمر ادريس محمد
Date: 06-16-2009, 00:14 AM
Parent: #13

شكرا الاخ مجاهد ...مكتوب الاستاذ فتحى الضو وكتابته هذه ومواقفه تعبر عن إنسان متسق الدواخل وصاحب مبدأ وضمير حى منحاز لشعبه على الدوام وما موقفه الاخير (عدم حضور) ما يسمى بمؤتمر سلطة الانقاذ لبعض الاعلاميين بالخارج ( وحتى غير الاعلاميين )إلا تاكيد لهذه المعانى النبيلة .
تحياتى

Post: #15
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: saif addawla
Date: 06-16-2009, 07:04 AM
Parent: #14

كنت ولا زلت اعتقد بان الكاتب فتحي الضو يشكل مدرسة صحفية من حيث رشاقة اسلوبه وتفرده ومن حيث تحريه المعلومة ومقدرته الفائقة في تحليلها ، وقد اطلعت على مقال الكاتب مصطفى البطل - موضوع هذا المقال- واعتقد انه خلاف بين عملاقين نجني ثماره نحن القراء .

Post: #16
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-16-2009, 07:47 AM
Parent: #15

الأخوة الكرام

عبدالمنعم
حيدر
وكمال
وعلي عجب
وعمر
وسيف الدولة ..

عظيم التقدير لمروركم الكريم وتبقى هذه السيرة المفتوحة نصباً نتحلق حوله ونبصر فداحة ما يمكن أن نعمق فيه من جراح الوطن ..


لكم كل التقدير ..

ونواصل ..

Post: #17
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-16-2009, 11:41 AM
Parent: #16

مفكرة الخرطوم (4): حوار مع مناضلي الكهوف! .. بقلم: مصطفى عبد العزيز البطل
الثلاثاء, 16 يونيو 2009 08:42
غربا باتجاه الشرق

[email protected]


(1)

قلت لصديقي فتحي الضو في نهاية محادثتنا الهاتفية الطويلة (على بركة الله)، وذلك رداً على ما كان قد أسرّه إلىَّ من عزمه التعقيب على مقالي (حوار مع فتحي الضو)، بمقال من جزءين (الأول يحنن والثاني يجنن) بحسب كلماته. وقد خطرت لي بعد أن طالعت الجزء الأول المعنون (الليل إذا عسعس والبطل إذا تنفس) أن أسارع بتناول بعض النقاط التي وردت فيه بالتعقيب، مستفيداً من جو (الحنان) الذي يعتريه، بدلاً من انتظار الجزء الثاني فنجد أنفسنا على خُطى الراحل المبدع صديق الكحلاوي فنجن و(نزيد في الجن). والكحلاوي هو من غنَّى: (إن شاء الله أجن / وأزيد في الجن / وإنتو جنوني يا حلوين).

(2)

كتب صاحبي الذي ابتدرني بالمحنة وتوعدني بالمجنة: (فبعد عودة البطل مباشرة حرصت على أن أعرف وجهة نظره الأولية، فأسمعني حديثاً طربت له نفسي، علمت منه خيبة أمله في المؤتمر والمؤتمرين ودعاته وأجندته، وبالطبع ليس ثمة ما يدعوني للشماتة رغم أن تلك خلاصة يحق لمثلي أن يقيم لها الأفراح والليالي الملاح)!. شماتة وطرب وأفراح وليالي ملاح أكثر من هذا؟ ولكن دعنا – أيها العزيز الأكرم – نترك فتحي في عصفه وقصفه ونمضي قدماً لنضع ما أورده صاحبنا في قوالبه حتى تستقيم القوالب مع المعاني والمقاصد، فلا تنحرف إلى غير غاياتها فتصيب قوماً بجهالة فنصبح على ما نُسب إلينا نادمين، لا سيما وأن صاحبي توسَّع فيما وضعه على لساني بغير ضابط ولا رابط، على أساس انه ليس بين الخيّرين حساب . كان الوزير القائم على شأن الملتقى، كمال عبد اللطيف، قد دعاني بعد انقضاء أيامه الثلاث مع مجموعة صغيرة ضمت على وجه الحصر الإعلاميين والكتاب الصحافيين المشاركين من الولايات المتحدة إلى اجتماع في مكتبه، علمت انه كان واحداً من سلسلة لقاءات عقدها مع مجموعات أخرى. وقد التمس الوزير من ضيوفه مساهمتهم بالمعلومة والرأي والنصيحة في مسعاه لتقويم الملتقى وتنظيمه وفعالياته ومناشطه ونتائجه، ووضع أياديهم على السلبيات وأوجه القصور بنية تلافيها في المستقبل، والنظر في مقترحات تقوية الملتقيات المستقبلية وتأكيد سلطتها كأداة تواصل حيوي بين الإعلاميين والحكومة. وقد كان ما نقلته إلى صديقى فتحي هو ملخص لما دار في ذلك الاجتماع الذي ثمَّن فيه الحاضرون مبادرة الملتقى، ولكنهم حملوا حملة شعواء على كثير من مناحي القصور فيه.

من ذلك أن حرص الحكومة على توسيع نطاق الدعوة، في غياب ضوابط واضحة ومحددة، انتهى بالملتقى إلى أن أصبح موسماً للحج ثاب فيه إلى كعبة قاعة الصداقة من لهم بالإعلام والصحافة وثاق ومن ليست لهم بهما صلة إلا صلة الرغبة في الظهور والتعلق بأستار الوجاهة الاجتماعية، الأمر الذي كاد أن يحيل الملتقى إلى تظاهرة سودانية بهيجة أكثر منه منشطاً حوارياً منتجاً. وقد أفصح البعض – وأنا من بينهم - في ذلك الاجتماع عن شئ من خيبة الأمل في المسارات التي انتهت إليها بعض فعاليات الملتقى نتاجاً لمثلمة غياب الضوابط والمجاملة والتوسع غير المحمود في توجيه الدعوات. وكنت من المؤيدين بإطلاق لهذه التحفظات. وقد ذكرت في ذلك الاجتماع انني كنت أهز رأسي وأضرب كفاً بكف وأنا أرى إعلاميين وصحافيين سودانيين من المحترفين والخبراء المتخصصين، من ذوي الأسماء البارزة والعطاء المشهود والوزن المقدر إقليمياً ودولياً، ممن بلغوا مدارج الكهولة وتجاوزوها وهم يعاركون هموم الصحافة والإعلام، وقد كان بعض هؤلاء يرفعون أصابعهم وهم جلوس متأدبين متحضرين يطلبون الفرصة للحديث والتعقيب على ما هو مطروح من قضايا الإعلام والصحافة علهم يرفدون الملتقى بشئ مفيد، فإذا بأصابعهم تتضاءل وتنزوي أمام الحشد الكبير من المتطلعين إلى كاميرات التلفاز. يقف هؤلاء على أرجلهم ويهرجون مثل تلاميذ المدارس في عهودنا الغابرة (فندي... فندي.. فندي). فيهتبل الواحد منهم الفرص اهتبالاً وينتزع مكبرات الصوت انتزاعاً فيشرّق ويغرّب، وينظّر ويشرّع، فإذا سألنا بعد ذلك عن خلفيته الإعلامية وتاريخه في الصحافة قيل لنا إن الرجل موظف في فرع كذا من بنك كذا في مدينة خليجية، ولكنه، ما شاء الله، مسئول من تحرير النشرة الإعلامية الشهرية التي يصدرها ذلك الفرع ويبعث بها إلى عملائه مع سعاة البريد!

وكنت قد أمّنت أيضاً على ملاحظات أخرى بشأن اللقاء الذي تم مع رئيس الجمهورية بمقر اقامته بحي المطار، أكد فيه رئيس اللجنة المنظمة للملتقى، بحضور الرئيس، استعداد المشير عمر البشير للاستماع إلى أي رأي مهما كان حاداً وقاسياً ومتعدياً، والإجابة على أي سؤال مهما ظن به صاحبه الحرج وتجاوز الخطوط الحمراء. خلنا مع هذا البراح والانفتاح أن القضايا الوطنية الكبرى سوف تطرح في ليلتنا تلك وتفلفل فلفلة وتقتل بحثاً. فإذا بنفس الظاهرة، ويا للهول، تطل برأسها والمندفعون إلى الأضواء يحتلون الساحة، وإذا بنا نسمع ممن كانوا الأسرع إلى مكبرات الصوت أسئلة موجهة لرئيس الجمهورية عن أسباب انقطاع الكهرباء في الخرطوم، ومطالب فجة لبعض الناس تلتمس من الرئيس أن يحل لهم مشكلات لوجستية في مقار عملهم بالخارج. وقد سعت جهة ما لتدارك الأمر وارتجال حلول فورية لمعالجة هذه الفجاجة وذلك باختيار أسماء لكتاب صحافيين وإعلاميين معروفين بأسمائهم من كتاب الخارج ودعوتهم للحديث أمام الرئيس فبعَثَت بمندوبين لسؤال هؤلاء، وكنت من بين من سُئل وعُرضت عليه الفرصة فاعتذرت لأسباب مبدئية. كانت تلك بعض نماذج مما أثير في اللقاء الذي تم بين السودانيين المشتغلين بالهم العام من إعلاميي الولايات المتحدة وكتابها الصحافيين من جانب، والوزير المختص برئاسة مجلس الوزراء من جانب آخر. وقد تقبل الداعي للاجتماع تلك الانتقادات بصدرٍ رحب ورد عليها جميعاً رداً كريماً، وفاجأ الحاضرين بشجاعة واستقامة وصراحة مطلقة تُحسب له بغير شك، بقوله إنه شخصياً يتحمل جزءاً كبيراً من وزر القصور الذي وردت إليه الإشارات. وأفاد بأن الرأي الغالب عند زملائه من أعضاء اللجنة التحضيرية كان هو التشدد في الضوابط المتعلقة بتحديد (من هو الصحفي) و(من هو الإعلامي) وتوجيه الدعوات على أساس تلك الضوابط، وأنه هو الذي دعا إلى التوسع وفتح المجال على مصراعيه للراغبين في المشاركة على مستوى العالم، وأنه استخدم سلطانه لإنفاذ ذلك الرأي على ظن منه أنه بذلك يسدُّ الباب أمام الذرائع والشبهات والأقاويل عن رغبة مستترة للحكومة في قصر الملتقى على شخصيات معينة موالية للنظام القائم.

هذا ما كان من أمر ما نقله صاحبي من حيِّز المحادثات الهاتفية الشخصية إلى نطاق الأوراق الرسمية، بعد أن أضاف إليه بعضاً من توم شيكاغو وشمارها. وفتحي من الذين يعرفون أصول العلاقات الخاصة بين الأصدقاء وأماناتها ومقتضياتها حق المعرفة، ولكن فرحته وغبطته بما سمع مني من نقد لفعاليات الملتقى ومناشطه، وليس لـ (دعاته) و(أجندته) كما نسب إليَّ تزيداً على سبيل البقشيش، تمكّنت منه وغلبت عليه فلم يقوَ على مجاهدتها والصبر عليها حتى أصل بحلقات مفكرة الخرطوم إلى نهاياتها الطبيعية وهي تقويم المؤتمر وتثمين نتائجه وخلاصاته. ولو أنه غالب هوى نفسه وصبر لكنت زودته بمزيد مما سجلته في أوراقي من مظاهر الخلل وأوجه القصور، ولزادت في شيكاغو الأفراح وليالي الطرب الملاح، وازدهرت فعانقت الصباح، ولكن الله غالب على أمره!

(3)

مشكلاتي مع صديقي الصدوق فتحي عديدة. ما يصلح منها للنشر ثلاثة: أولها أنه في كتاباته يخلط الأوراق فيمزج أماني النفس وأهوائها بالحقائق الماثلة والشواهد الحاضرة، تطلب الوقائع في بضاعته فيعييك البحث وسط ركام المشاعر المشبوبة وانفعالات العاطفة والحب المتفاني والكراهية المطلقة. وثانيها أنه في أحيان كثيرة يستعيض عن التحليل الموضوعي بالفذلكات اللفظية، مع أن الذي عليه جمهور الفقهاء هو أن السجع والبديع ومحسّنات البيان لا تبدل واقعاً قائماً ولا تخلق واقعاً جديداً. والثالثة أن له قدرة خارقة للعادة على التمترس في خنادق الماضي فلا يبرحها ولا يتزحزح عن مواقعها، متشبثاً ببنادق عتيقة من متروكات ما قبل الحرب العالمية الأولى، مع ان أهله وعشيرته من الذين أدخلوه ودخلوا معه إلى الكهوف في العصور الغابرة هجروها وخرجوا من عتمتها وظلامها إلى براح الدنيا ونورها.

(4)

على جبهة الشأن الوطني العام توقفت ساعة فتحي السويسرية عند الثامنة من صبيحة الثلاثين من يونيو من العام 1989م، حين أذاع العميد عمر البشير بيانه الأول. ولو كان الأمر بيدي لذهبت إلى قاهرة المعز فاستأجرت "عدّادة" من مُعدِّدات المآتم ودفعت لها من حر مالي، لتجلس بدلاً عن فتحي فتعدّد على رأس الميت، الذي هو الديمقراطية الثالثة، وتدعو نيابة عنه بالأدعية المغلظة على الظَلَمة الذين اعتدوا عليها وأزهقوا روحها وهي بعد في ميعة الصبا، وذلك حتى يأذن الله فيُنزل سكينته على صاحبي فتنفتح بصيرته ويستقر وجدانه على حقيقة الأمر الواقع وهو أن أيام المأتم قد انقضت وأن المعزين قد انصرفوا وان الصيوان قد رُفعت خيمته وفُكّت عُمُده قبل عشرين عاماً، فينهض بعدها إلى دروب الحياة الواسعة يرفدها من علمه وخبراته وقدراته. فتحي يريد أن يعيش في الماضي ويجتره، وأنا أريد أن أحيا الحاضر واستثمره. وهنا مربط الفرس وأس الخلاف.

يرفض صديقي الحوار جملة وتفصيلا، ويبخس دعوتنا لارتياد آفاقه واختبار دينامياته وتقليب مخرجاته ومنتجاته. لماذا؟ لأن الحوار لا يستقيم عنده ولا يصح ولا تتحقق له مشروعية إلا إذا تم إجبار الحركة الإسلامية على الخضوع لشروط معينة، حددها هو، فتعترف بجرائمها أولاً، ثم لا بد من محاسبتها على تلك الجرائم ثانياً، ولا يكفي ذلك كله فيؤكد صاحبي على شرطه الثالث للحوار وهو أن تتم معاقبة الحركة الإسلامية العقاب اللائق. فإذا استوفيت الشروط الثلاث جاز لنا – بحسب فتحي - أن نتحاور مع الإنقاذ. نجبرها على الاعتراف بالجريمة ونحاسبها ونعاقبها وندخلها السجن ثم نتحاور معها بعد ذلك. نتحاور حول ماذا؟ لا أعلم. العلم عند فتحي. ولكن علمي أنا المتواضع يقول أن الذي في السجن لا يحاوره أحد، بل يزوره ذووه ومعارفه في المناسبات ويحملون له خبزاً وطحنية. اقرأ ما كتب صاحبي: (وتتحمل [الحركة الإسلامية] وحدها مالآت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتدهورة. وما لم يتم الاعتراف بهذا الجرم، وما لم يعقب الاعتراف فتح صحائف المحاسبة، وما لم يتم التخلي عن القانون العرفي الذي كبَّل السودانيون به أنفسهم "عفا الله عما سلف" يكون الحوار أشبه بحوار الطرشان). تقرأ مثل هذه الفقرات المتكررة والثابتة في كتابات فتحي فتحس بأنك تتوه في "صندوق الزمان" الذي تراه في بعض أفلام الخيال العلمي، إذ يضيع عندك الإحساس بالوقت فما تدري هل أنت في العام 1990م أم في العام 2009م؟!

وتقتحمنا الحيرة من كل باب: شروط فتحي وعشيرته من الروافض وأصحاب اللاءات فهمناها واستوعبناها، ولكن هناك مشكلة واحدة نتمنى من هؤلاء أن يدلونا على سبيل مجاوزتها. شروطهم – ولا شك - من قبيل تلك التي يفرضها المنتصر على المنهزم، وإنفاذها يتطلب بالضرورة أن تكون لفتحي وزمرته الصولة والسطوة والغلبة في المشهد السياسي السوداني حتى ينصاع لها قادة الإنقاذ عن يد وهم صاغرون. فهلا أعاننا فتحي على تحليل هذا المشهد السياسي وبصّرنا بموجبات ومسوغات تلك الثقة وهذا اليقين اللذان يملآنه وينفخانه، ويزيّنان له أن كفة الروافض وأصحاب اللاءات هي العليا وأن كفة الإنقاذ وأساطينها هي السفلى؟ نريد من هؤلاء أن يبينوا لنا مواقع جيوشهم التي ستأتي لتحرر الخرطوم من قبضة العصبة المنقذة فتملأ بيوت فقرائها أمناً وسمناً، بعد أن ملأتها العصبة هماً وغُبناً، ثم تعرج على المنقذين فتجبرهم على الإقرار بذنوبهم وتحاسبهم وتعاقبهم وتودعهم السجون والاصلاحيات. أو لعلهم لا يملكون جيوشاً ولكن لهم داخل بلادنا كسباً جماهيرياً مهولا، كنا عنه غافلين، يهشون عليه بعصاهم فإذا الانتفاضة الشعبية تقتلع الإنقاذ والمنقذين اقتلاعاً وتلقي بهم في مقالب الزبالة. فليشيروا لنا إذن باتجاه ذلك الكسب حتى نراه فنصدقهم، اليسوا هم من سيقودون هذه الحشود ويفرضون التغيير ويُمضون الشروط؟!

أما أنت وأنا – يا هداك الله – فعندنا علم البئر وغطائه. نحن نعلم أن التخطيط والممارسة في العمل السياسي تحكمها نواميس لا تختلف عن التخطيط والممارسة في العمل العسكري. وأن كلاهما تضبط سكناته وحركاته معايير "تقدير الموقف" المستند على رؤى المنظور الاستراتيجي، ترسم معالمه المعطيات الراكزة على أرض الواقع. وأمامنا الساحة السياسية السودانية مسطحة ومنفسحة. نُحدِّق في داخلها فنرى الحركة الشعبية لتحرير السودان شريكاً في الحكم، ونرى الأحزاب والكيانات السياسية ذات الوزن المقدر والمشاركة في مؤسسات الحكم توالي تحضيراتها للانتخابات القادمة وفق قانون شرعه برلمان الإنقاذ، ونشهد قوى المجتمع المدني وقد نهضت في جهد مثابر لاستثمار مناخ الحريات السياسية النسبية وتعظيمه تطويره. ونعلم علماً نافياً للجهالة أن فتحي وأصحابه لا يملكون جيوشاً لتحريرنا، وليست لهم في السودان قواعد شعبية يحيلوننا إليها، تبدل الواقع وتفرض شروطها على الحاكمين وتحاسبهم وتعاقبهم. وإنما هو كلام التنميق يُرسل على عواهنه فيستدر التصفيق. كلامٌ يهوّم بالناس فى سموات الوهم، عشرين بعد عشرين، فنلحق بقوم موسى الذين جالوا فى صحراء التيه اربعين عاما. وإخوتنا في شمال الوادي يقولون: (هو الكلام بفلوس؟) وإنما هي الأماني فى عُقب الأماني، وعلى بن أبي طالب يوصينا: (إياكم والأماني فإنها مرْكَب الحمقى)، والقرآن يقول: (ليس بأمانيكم).

(5)

يستنكر عليَّ صاحبي نقدي للحزب الشيوعي، كونه يبني استراتيجياته السياسية على منابذة الآخرين وتبخيس بضاعتهم عوضاً عن عرض بضاعته هو للناس. ويقول في معرض الرد: (يعلم البطل علم اليقين، بل ويعلم القاصي والداني من الذي استنَّ هذه السنة غير الحميدة... فلماذا نطعن الظل إذن والفيل قائم لا تخطئه العين). وعند فتحي أن الجبهة الإسلامية القومية وممارساتها في الماضي هي (الفيل) الذي يتهمنا بأننا نراه ولكنا نحوم حوله ونطعن ظله. ونحن إذ نوجِّه إنتقاداتنا للحزب الشيوعي اليوم فإنما نفعل ذلك لأننا نراه قوة يُعتد بها ويُعوَّل عليها في حركة التحول الديمقراطي المرتقب، ويهمنا والحال كذلك أن يُصوِّب الحزب مناهجه ويشحذ أدواته في العمل السياسي باتجاه المستقبل المفتوح الذي نتطلع إليه. ولكننا بالقطع لا نرى في عبث الجبهة الإسلامية التي أصبحت في ذمة التاريخ ( فيلاً) يتهددنا، بل نرى فيه ديناصوراً اندثر وانطمر في أوحال الماضي وتجاوزته حركة الوعي السياسي في وطننا. ولكن فتحي لا يريد أن يغادر محطة (ألوان) وحسين خوجلي، والإبتزاز السياسي الذي مارسته الجبهة الإسلامية القومية وأفسدت به الحياة السياسية مستعينة بآلتها الإعلامية خلال سنوات الديمقراطية الثالثة. نحن نقول بأن اجترار ذلك الماضي لا يفيدنا إلا بمقدار ما نستلهم منه العبر. الانتخابات النيابية والرئاسية القادمة يحسم أمرها جيل جديد ولد في العام 1989م، عام انقلاب الحركة الإسلامية، وسيبلغ عمر الشبيبة من أبناء هذا الجيل واحداً وعشرين عاماً بتمام وكمال يوم تقام الانتخابات العامة في موعدها المضروب. هذا الجيل لا يلبس جلباب أبيه ولا جلباب جده، فله رؤاه وقضاياه ومُرادات نفسه وتصوراتها لمستقبلٍ ناهض يضع السودان في طريق التنمية السياسية الراشدة. هذا الجيل لا يهمه شغب (ألوان) الأثيم في تاريخها الغائر، ولا يهمه حسين خوجلي ولا غيره من أشباح الماضي، ولا يرون فيه (فيلاً) ولا حتى أرنباً.

(6)

ويمضي فتحي فيضيف بأنه ما لم تتحقق الشروط الثلاث: (يكون الحوار مجرد ترف يتعاطاه المانح كلما اشتد وثاق الأزمة والتفَّ حبلها حول عنقه). وذلك كلام إنشائي محض يكتبه من داخل كهفه الذي تخندق في داخله في زمن قديم. أما في الزمن الذي نعيشه وغاب عنه صاحبنا، فقد تم الحوار بالفعل وانتظمت حلقاته، بدون تحقيق الشروط الثلاث، بين الحركة الشعبية لتحرير السودان ونظام الإنقاذ، وأعقبه توقيع إتفاقية نيفاشا الذي لبَّى مطالب الجنوب وجنت من ورائه في ذات الوقت القوى السياسية في الشمال مكاسب مقدرة على صعيد توسيع مواعين الحريات العامة. كما انعقدت حوارات مستفيضة بين الإنقاذ ومختلف القوى السياسية السودانية تمت بموجبها معالجة الدستور والإتفاق على مسارات التحول الديمقراطي.

وهاك من بديع نظم صاحبي هذه: (هب أن رفاقنا فى التجمع الوطنى مدوا أياديهم بيضاء لمصالحة الإنقاذ فهل يعنى ذلك بالضرورة أن تتبعهم جحافل الشعب؟). والتجمع هو التنظيم الذى ثابت اليه كل القوى السياسية السودانية المختبرة ديمقراطيا الى جانب النقابات الشرعية، ولم يعرف شعب السودان قوى سياسية غيرها بخلاف الحركة الاسلامية القابضة على زمام الحكم. وفتحى وعشيرته فى كهوف اللاءات والشروط لا يريدون لجحافل الشعب أن تتبع هذه القوى السياسية والنقابية. حباً وكرامة. ولكن يا هؤلاء، لا نذهب بعيدا، فهذا هو الجمل وذاك هو الجمّال وأمامنا المشهد الوطنى السودانى. فليبصرنا الروافض إذن ويشيرون بسباباتهم الى القيادة التى يرونها موئلا للحكمة وموضعا للثقة فى هذا المشهد فتتبعها جحافل الشعب. هل رأيت يا صاح كيف ان الامر كله كلام فى الهواء، يشف صدور قوم متخندقين، ويستدر تصفيق إخوة لنا هائمين تائهين، ولكنه لا يُنتج طحينا؟!

واقرأ هذا: (ومن جهة أخري وحتى يكتمل المفهوم، أقول لصديقي ما ظللت أردده دوماً... لسنا ضد الجبهة الإسلامية لمجرد اسمها أو حتى وإن تغيرت مسمياتها، ولكننا ضد من يأتي ليحكمنا دون إرادتنا، وضد من يستلم السلطة بوسائل غير ديمقراطية، وضد من ....). ألا تحس، يا رعاك الله، وأنت تسمع هذا النظم بأنه يتهادى إليك من سراديب التاريخ؟ يا أخانا الذي في شيكاغو، شعب السودان كله، بقضه وقضيضه، ضد من يأتي ليحكمه بدون إرادته وضد من يتسلم السلطة بوسائل غير ديمقراطية. وإلا فلماذا تراصت صفوف قواه السياسية والمدنية وطرقت كل السبل، بما فيها العمل المسلح، لمناهضة النظام واسترداد الديمقراطية، ثم انقلبت تواصل مشوارها على درب التحول الديمقراطى السلمي؟!

ونشنّف آذانك بمقطع آخر: (لطالما أعلنت انحيازي المباشر لقيم الحق والحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، وهو انحياز يجعلني تلقائياً ضد الذين تتقاطع أجندتهم مع هذه القيم السامية). ونحن وشعب السودان كله، بل وشعوب الأرض قاطبة، نقف معك صفاً واحداً وننحاز إلى قيم الحق والخير وغيرها من القيم السامية، وليس منا من يرغب قط في الانحياز للقيم الواطية، ونعرف والله العظيم وكتابه الكريم ان قيم الحق تتقاطع تلقائياً مع قيم الباطل والشر. طيب وبعدين؟! هل رأيت أيها العزيز الأكرم كيف اننا بعد اطراح السجع والبديع والمحسنات اللفظية عن بضاعة فتحي نقبض الهواء؟

(7)

بقيت نقطة واحدة عن رواية عجيبة رواها صاحبي منسوبةً إلى الأستاذ صديق محيسي الذي ترأس المجلس الوطني لحزب التحالف في إحدى مراحل عمله السياسي في الماضي. إذ ذكر بأن الأستاذ محيسي قد اتصل به هاتفياً لينفي له الرواية التي وردت في مقالي، أو بحسب كلمات فتحي ( ليدرأ ويتبرأ من العبارات التي سقتها على لسانه). والواقع أننى لم أسُق أية عبارات على لسان الأستاذ صديق محيسي، بل أشرت إلى فقرة محددة وردت في مقال مسطور نشرته صحيفة "سودانايل" الالكترونية تحت توقيع (صديق محيسى). وكنت أتمنى لو أن فتحي أقلع عن عادته في نقل محتويات محادثاته الهاتفية الخاصة وإذاعتها على الملأ بغير إذن أصحابها، إذن لدفع عني حرجاً عظيماً. والواقع أنني بالرغم من اطلاعي على النص الكامل لمقال الأستاذ محيسي في حينه إلا انني حرصت من باب التحوط والاستيثاق على الحصول على تأكيد منه شخصياً قبل نشري لتلك الفقرة ضمن مادتي الأسبوعية، ومن هنا كانت مبادرتى بالاتصال به مرتين متوجها إليه بأسئلة محددة ألتمس إجاباته عليها. كان الاتصال الأول عن طريق الاعلامي المعروف المقيم بدولة قطر الأستاذ الزبير نايل، الذي وصلتني منه رسالة مكتوبة منقولة عن الأستاذ صديق محيسي هي الآن بحوزتي. وكانت الثانية اتصالاً مباشراً بالأستاذ صديق محيسي نفسه الذي تفضل مشكوراً فبعث إليَّ برسالة احتفظ بها نصاً إلكترونياً ونسخةً ورقية. وأجد نفسي في ضوء ما كتبه الأخ فتحي من عبارات تقدح قدحا مباشرا في أمانتي ومصداقيتي ككاتب صحفي يفترض أنه يحرص على استقامة جسور الثقة بينه وبين قرائه، مضطراً لنشر نص الرسالة المؤرخة في الثلاثين من مايو 2009م:

(الأخ العزيز مصطفى – لك مودتي وآسف على التأخير لأنني لا أفتح إيميلي بانتظام. نعم كتبت المقالة التي أشرت إليها، وأخذت على الصديق فتحي الضو أنه لم يكن محايداً عندما تعرض في كتابه للانقسام الذي حدث في التحالف، إذ اعتمد وجهة نظر مجموعة عبد العزيز خالد محملاً مجموعة تيسير المسئولية. لم أكن من مؤسسي التحالف ولكنني التحقت به عام 1997م. ورأست المجلس الوطني الذي أجاز مشروع الوحدة مع الحركة الشعبية وذلك عام 2000م - التوقيع: صديق محيسي). انتهى نص الرسالة.

نقلا عن صحيفة ( الاحداث )

منقول من سودانايل

Post: #18
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-16-2009, 10:52 PM
Parent: #17



ذهب البطل كما قلنا للمؤتمر ويحدوه امل وتطلع في أن الغول قد ابدل فمه من قواطع يطحن بها مخالفيه إلى فم قابل للتقبيل , ونسي في غمرة الإتصالات المكثفة من الجهات العليا بضرورة حضوره للمؤتمر أن نفس الغول أو الإنقاذ تنتهك الدستور صباح مساء مع زملاء مهنته إن لم يكن معه شخصياً , وتحجب ما لايروق لها من مجهودات كبار الصحفيين والإعلاميين الذين يعلم الله وحده كيفية المخاض العسير لمقالاتهم حتى أضرب أحدهم عن الكتابة من عبط الإنقاذ في شكل رقابته القبلية . كما لا أعتقد دون أي مخالجة للشك أن البطل يمكن أن يكون قد خرج من الداعين له بحضور المؤتمر بضمانات واسعة في تقبل الإنقاذ لأي رأي سواء منه أو من آخرين , ولن يفوته طبعاً أن يكون قد إنتقد طرق تلك الرقابة المسلطة على مقالات زملاء مهنته , والإنقاذ هي الآخري وكعادتها التي لايمكن أن تتخلى عنها تكون قد أغدقت على البطل بصك على بياض من ضماناته , وهي نفس الصكوك التي أكل منها غيره من جهابذة الأحزاب والحركات المسلحة , وما أن قدموا ذلك الصك في مصرف الحرية حتى عرفوا أن الإنقاذ ليس لها أي حساب في هذا المصرف ..

نواصل ..



Post: #19
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-17-2009, 12:35 PM
Parent: #18



ذهب البطل وعاد بكتاب مفتوح وقلم أطلق سهام كنانته على كل من تسول له نفسه بنقده , أو مجرد التلميح بإستهجان مشاركته في المؤتمر المشبوه, ولأول مرة نري كتابات الأستاذ البطل تخرج عن طور وقارها الذي ما فتى يزين بها صدر كلماته , ولأول مرة يكتب البطل دون تمحيص في المعلومة أو المصادر , وتلك لعمري أخطأ يمكن للقارئ النابه أن يتجاوزها لو رجع كاتبنا للحق , ففضيلة الرجوع للحق لايعرفها إلأ الكبار , ونحسب أن البطل منهم . ولكم يسوء المرء أن يختلف الآخر معه ويذهب بالمغلوط والخاطئ من المعلومات ويجعله للقراء فروض حقائق عليهم التصديق بها , فقد كان مقال البطل الأول والذي تعرض فيه لأحد أعضاء المنبر والذي كان من الذين إستهجنوا مشاركة البطل لفعالية من فعاليات الإنقاذ به الكثير من المغلوط المدبج الذي جرى في لسان مقال كاتبنا, وكان حريّاً بالبطل أن يعود للحق لو فكر ثم قدر معنى أن يستهجن شخص مشاركته لتكل الفعالية ,وهو ما يعني رفعة البطل عند ذلك الشخص قبل أن تكون مذمة له أو باب عداء يُراد فتحه..

نواصل ..




Post: #20
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: أحمد أمين
Date: 06-17-2009, 01:55 PM

ذهب البطل حضر البطل

نحن ذنبنا شنو

لو عاوز تعرف معنى (الايقو)
اقراء هذه المقالات

Post: #21
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-17-2009, 10:49 PM



وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟.. (*)


في مفكرة الخرطوم الثالثة للأستاذ البطل حدثنا بكل همة عن معينات التحول الديمقراطي , وعن مؤسسات الإنقاذ التي أصبحت بين دعوة ومؤتمر أرقام كبيرة لايمكن تجاوزها , وهي نفس المؤسسات التي تم إستيلادها من إغتصاب الديمقراطية والحرية , وشكلت البندقية والرصاصة راس مالها , وكان انسان السودان هو حقل المضاربة عبر الحروب في كثير من اراضيه . ومن كل هذا يتضح أن الإنقاذ فاقدة لمتطلبات هذا التحول , وكان لها كبير الأثر أن تجعل هذا المسمى وهماً يتعايش مع الناس , ولذلك فإن الإنقاذ أو أياً من مؤسساتها ليس لها شيئ في الديمقراطية أو للديمقراطية وهي بداهة بسيطة يمكن أن يستنتجها اي ملاحظ لمجريات الأمور , وبساطتها تكمن في أن فاقد الشيئ لايعطيه . أن المؤتمر مسار حوار الكاتبين هو عين ما تبتغيه الإنقاذ كنوع من أنواع العرض
( Show business ) . وتبقى الحقيقة بائنة كالشمس أن الإنقاذ تستطيع كل يوم دك اي مظاهر لذلك المجتمع المدني الذي ينشده الأستاذ البطل عبر كثير من العسف والإنتهاك المبرمج والغير مبرمج ..

نواصل ...

ــــــــــــــــــــــ
(*) من قصيدة لاتصالح للأستاذ امل دنقل ..



Post: #22
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: عمر عبد الله فضل المولى
Date: 06-17-2009, 11:03 PM
Parent: #21

عزيزي مجاهد عبد الله
تحياتي
اراك تحاملت كثيرا على كتابات البطل !! اما كان الاحرى بك ان تنتقد مشاركته وتنصف كتاباته

Post: #23
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: عبد المنعم سليمان
Date: 06-17-2009, 11:13 PM
Parent: #22

رد مُرجف لا يشبه ما يكتبه البطل ..
الحق أبلج يا بطل اما المكابرة فـ(تمحق) الكتابة

Post: #24
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-18-2009, 10:05 PM
Parent: #22

Quote: اراك تحاملت كثيرا على كتابات البطل !! اما كان الاحرى بك ان تنتقد مشاركته وتنصف كتاباته


تحياتي أخ عمر وأحوالك ..

الكتابات التي ننتقدها ليست كل ما كتب البطل ولكن كتاباته عن المشاركة نفسها ولذلك لا أعتقد أن هنالك تحامل وبل أن البطل ككاتب مكان تقدير عند شخصي الضعيف ..

ودي وتقديري ..

Post: #25
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-20-2009, 12:08 PM
Parent: #24



في مفكرته الرابعة والتي عنونها بحوار مع مناضلي الكهوف مرتقياً بمخالفيه الرأي من نعتهم سابقاً بمناضلي الكيبورد , وهي محمدة يمكن أن تقرب وجهات النظر أكثر من أن تحّتد معه , وفيها تساوق خطابه مع خطاب السيد الصادق المهدي في مخباه الأول بعد الإنقلاب والذي ارسله للإنقلابيين عندما كان عبدالرحمن فرح همزة الوصل بينه وعسكر الإنقلاب و كان الزمن قد تناساه بعد أن نساه صاحبه , وخلاصة ذلك الخطاب كان دعوة للحوار بين الحق والقوة أو كما اشار له الامام , ولكن تم إعتقال الامام وأبلعته الإنقاذ دعوته وحقه وأبرزت له مفاتن القوة , تلك المفاتن التي جعلته يتارجح بين تاءات الخروج والعودة حتى أصبح حزبه يشكو من قلة الإستقرار السياسي . وزعزعة الإستقرار السياسي هو غاية ما ترنو له الإنقاذ وإنتهازيها لكل من يخالفها الرأي , فتجعل التنظيمات محمومة بالإنقسامات , وتجعل الأفراد مشوشين في القناعات . ولذلك تجد مثل هذا التشويش بارزاً في المفكرة الرابعة من خلال جملة (تقدير الموقف ) والتي عناها البطل لتشوش آخرين . أن المبادئ التي تنحني بتقدير المواقف يجب أن تذهب للمذابل ولايمكن أن تكون في الأساس مبادئ , والحرية كل متكامل لاتقبل التجزئة , فمثلما وهبها الخالق لعباده ليس هنالك حق لاحد أن يجزئها للآخرين..


نواصل ..


Post: #26
Title: Re: الليلُ إذا عَسْعَس و”البطلُ“ إذا تَنْفَس (1)! ... بقلم: فتحي الضَّـو
Author: مجاهد عبدالله
Date: 06-22-2009, 08:37 AM
Parent: #25

ملحوظة:

امتثالاً لقراء وأصدقاء كرام، قالوا لنا إن (الحوار) بيني وبين صديقي مصطفي البطل إنقلب إلى (خوار) أجد نفسي لزاماً عليها الانصياع لرغاباتهم، لاسيما، وأن المواقف في القضايا مصدر الخلاف باتت واضحة تماماً لكل ذي بصرٍ وبصيرة. وإني لأشكر صديقي الذي اسبغ علىَّ شرفاً لم أدعه. إذ أحمد الله كثيراً الذي جعلني واحداً من أهل الكهف في زمن التهافت والتساقط والانكسار. وأشهد أنه رغم مرور عقدين من حياة الذل والمهانة والكذب والانحطاط في حياة هذه الأمة، فما زلنا نشعر أننا لم نلبث سوى يوماً أو بعض يوم، وأن في يدنا ورقاً ما يزال صالحاً لكل زمان ومكان، نستطيع أن ندخل به أي مدينة، ونبتاع منها ما يدرأ منَّا الظمأ ويبعد عنَّا شر المسغبة!!


عن (الأحداث)


منقول من سودانايل