الريح والجهات --- معلّقة الغياب (شعر)

الريح والجهات --- معلّقة الغياب (شعر)


08-27-2012, 07:14 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=400&msg=1346048091&rn=0


Post: #1
Title: الريح والجهات --- معلّقة الغياب (شعر)
Author: أبوذر بابكر
Date: 08-27-2012, 07:14 AM

بمثل ما للريحِ من جسارة
وما للجهات من يقين
خذ الآن ما تبقى من ركام العمر
ثم غادر جِلدَك اللعين
الآن تنهض فيك المآتم
تنادم أشلاء الفجيعة
تستبيح كل أقاليم الدمِ الحزين
وفى كل ناحية
تجلس بوصلةٌ يتيمة
لا تشير إلا إليك
كناية عما نحتته الريح
وشما يستوطن أديم حلمك
ينتظر الشمس نائما
متشبثا بيقظة الجدران
ببوار جهاتك السقيمة

-------------------
بمثل ما للريحِ من جسارة
وما للجهات من يقين

خذ ما تبقى
من مأدبة اللعنات
رملا من تفاصيل الهزيمة
رمادا من مجامر السنين
أو إِقْنع بما تساقط حولك
من ريش الخسارة
فهو بعض نشيد
يستبيح دم العبارة
هو لفح لئيم
من هجير الجهات
يشارك الغريب
ظِل فرحه النحيل
هو ظمأ مقيم
يسخر من كرم الموجات
يطوف بين تجاعيد الوقت
يخدش حلم النهر
ونوم طينِه النبيل
هو ما قالته الليلات سرا
عن فجيعة الأرض
عن قبور تبيع نهارها جهرا
لشهوة التراب
عن معنى يقتحم لهاة التأويل
عن موت لا يحتمل التأجيل

فتزمل بما ينِزّ
من شقوق صبرك المصلوب
على حوائط الرحيل
وسافر
ففى الأسفار خمس .....
تسرق أنوار البشارة

-------------------
فى صباحِ لا وجه له
حطت الريح
على سفح الجرح
إختبأ الضوء عميقا
تحت لهاث الأقدام
وأغنيات
خلعت حناء لحنها القديم
جاءت ترسم فوق ألواح الهواء
صور الأيام
قلق الفصول
رائحة الأحلام
مواقيت الأفول

الريح الآن
تبْذر طعم الحرف اليابس
فى لحمِ اللغة العمياء
والجهات لبست كيدها العظيم
وأفلتت تنادى
خذ من جيب المسافة
ما تبقى من نزيف
ما قد يسد رمق الصحو النائم
فى أغوار الماء
فى ظن أفئدة الخريف
ما قد يمهل شبق نعاسك فيك
يضرب للعينين مواعيدا
لعناق الحلم
لأحجية عذراء الطعم
وسادة من شف الشوق
أغنية للسماء
لأعراس الغيم
-------------------
الليل قد علم الغريب
جميع الأسماء
قال للأحزان أسجدى
أمام شوقه المكين
فسجدن جميعا
إلا الغياب سيدَ الشقاء
إلا ذلك اللعين
-------------------
فى نهار لا إسم له
لم تضع الريُح نبوءتها
فى رئة العشب
لم يرقص ظل
يضمر رجس الجسد
يعلن جسد الرجس
إنزلق صدى النمسات
خجولا
يسيل على شرفات النفس
كحبات من عرق يحبو
فوق خدود الشمس
-------------------
فى نهار لا طعم له
علقت الأشجار نومها
على كتف الصيف
قالت لا عليك
كل الحقول اليوم نيام
والسنابل أرخت أستار لونها
تقايض اخضرار حلمها
بنهار أوغل فى بياضه
ليفيض خواءا
فوق رغبات الأديم
ملحا ماكرا
يزيد من صلف الغياب
يطمس همسات النسيم
بحشرجات الريح
بقهقهة السراب
-------------------
فى نهار لا وجه له
شرب الظل
نخب قيلولة الجراح
على أرائك من عُشب
مخضر النوايا
عب الظل شربته
من صهيل الصمت
من خرس الصياح
وارتوت شرايين النهار
من ريق الخطايا
لبس الظل صبوته
وخرج ينادى
ويل يومئذ للغرباء
يصبّ عرق الصوت
على فجيعة الدروب
ودهشة الزوايا

ويلٌ يومئذً للغائبين
ويلٌ يومئذً للعاشقين
-------------------
وإلى قيامة
تربض فى صحراء القلب
دخلنا عابرين

أنا وخيل الصلصال
أنا وليل الخيال
أنا وبيداء المحال

السيف
ومض من أشواق الطين
الرمح
غصن من شجر اليقين

أما القرطاس
فمن جلد الصبر
وكان القلم
من حطب الغياب
من دمِ السنين

(فى ذلك النهار، أعلن أبو الطيب إعتزالَه الموتَ، تماماً)
-------------------
فى مساء كثير الحواف
ومن حجر تسكنه الحمى
ينبع دمع
من احشاء العتمة
الوقت الآن غريق
بين صراخِ الحلمِ
وملحِ الصمت الرابض
فى حنجرة الظلمة
الماء الآن حريق
وسط الصرخة والأصداء

خذ من نافذة الشوق
طعم الضوء الأول
مجدا للجرحِ وترياقا
لشقاء الوعد
خذ من نافذة الشوق
لهبا يوقد رحم الشمس
يحرك نطفات الرعد
أناشيدا
من فرائض العذاب
تباريحا
من سنن الشقاء
لتقتنص الجهات
فرائض الإياب
تمتص ضحكةَ الخريف
دفء حكايات الشتاء
خذ ما تبقى من نزيف
لتقايض الحراس
بما تبقى فيك من فضة الكلام
لتقابل الآتين
حين تُفض أحجبة الزحام
-------------------
قريبا من جسد النهر
الريح الآن تنادينى
الليل صخر
من زبد الصبر
غطى مداخل الصباح
فكيف إذن
يغادر الغريب قبره البعيد نبيا
يوقظ موت النهر
يطفئ موقد الجراحِ

وفى أول الخريف
بدأت أستدرِج الضياء إلى دمى
لتبصرنى الجهات
تؤازرنى فى غيبة النهر الغيمات

وبصبر محشو بدثار الصخر
أيقظت حصير الوحشة
قلت يا
أرق الويلِ تفرق
يا سأم الليل ترفق
يا ايها المبحر
صوب سهوب الفجر
إنهض من كومة موتك
هيا
الشوق الآن تفتق
الضوء الآن طريق الروحِ
نحو سماء النهر
فالضوء الآن براق أزرق