نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .

نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .


08-13-2009, 12:43 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=396&msg=1254341851&rn=1


Post: #1
Title: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-13-2009, 12:43 PM
Parent: #0

أكثر ما يحتاجه الكاتب هو القراءة ، اذ لا يمكن لكاتب لا يقراء ان يكون كاتباً من أساسه ، وهذه هي العملية الجدلية لانتاج العمل الابداعي - الأدبي- وهي من الضرورة بمكان باعتبارها جزء اصيل من عملية انتاج المعرفة بشكل عام ، فمن الضرورة للشاعر ان يلم بالتجربة الشعرية من حوله ويطلع علي التجربة ويهضمها ، كما لايمكن لروائي لا يتابع اخبار الرواية واخر اشكالها ان يكتب رواية جيدة "حسب ماركيز" ، هو هو الحال مع كتاب القصة . وهل هناك كتاب قصة في السودان ؟

للنظر ، سأقوم هنا بعرض بعض نماذج من القصص السودانية والقصاص السودانين من هنا وهناك ،الجديد منها والقديم علي حسب مايتوفر عندي في جهاز الكمبيوتر والانترنيت ، لوضعها في دائرة الضوء ،لعناية الاستاذ القاص حمور زيادة ، هذا الشاب الذي ومن خلال قراتي لبعض محاولاته القصصية اكتشفت فيه توافر الرغبة الشديدة في الكتابة عسى ان يكون جهدي مقدراً ومفيداً لحمور وكل المهتمين بالقصة.

Post: #2
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-13-2009, 12:48 PM

عادل القصاص :

كاتب وشاعر وقاص ،صدرت له في عام 2002 مجموعة قصصية تحت عنوان "لهذا الصمت صليل غيابك"، من الدار العالمية للطباعة والنشر. يقيم بأستراليا بمدينة ملبورن.


__________________________________



صباحٌ مشوشٌ بِنَزْعَةِ الظُّهْر



الفكرة التي هفهفتْ في خاطرك، ليلة البارحة، واستقرَّتْ في ذهنك، قبيل نومك المشقَّق بالكوابيس، صائرةٌ إلى مكانٍ مؤاتٍ، وحاذق، لدى تنفيذها، كاد هذا الصباح، المشوّش بنزعة الظهر، أن يحيلها إلى مزع. إذ كيف يتسنى لك، وقد تخطيت الثلاثين، بعدة أعوام، أن تحمل قنّينة جنٍّ فارغة، وتقف في مواجهة البائع، في البقالة التي تلي الفندق، والتي من المحتم أن تجدها، كعادتها، مكدّسة بالزبائن، الذين ستتأملك نظراتهم، بسببٍ من هيئتك النضيدة، ومن البشاشة الخاصة، التي سيوليكها البائع، ومن العبارات الإنجليزية التي تيسِّر لك التفاهم معه، كما أنها توفر له سانحة عَرْض لسانه الإنجليزي أمام زبائنه، وتلك هي، على الأرجح، مصدر بشاشته، الخاصة. عندئذٍ، ستتحور نظرات الزبائن، المنجذبة إليك، إلى انتباهٍ مُتَكَالِب، وأنت تقول له، بعبارةٍ خافتةٍ، سريعةٍ ومرتبكة، إنك ترغب في بيع..لا، بل في إعادة قنينة الجن، الفارغة هذه، إليه، حيث ستستند، حتماً، إلى كونه قد سألك، لحظة أن ابتعتها، ممتلئةً منه، عمّا إذا كانت بحوزتك قنينة جن، فارغة، لأن من شأنها، لو جلبتها، أن تخفِّض لك السعر، ولما أجبته بالنفي، قال إن بوسعك، أي من حقك، متى أرجعتَ هذه فارغةً إليه، أن تستلم، أي تستعيد، فارق السعر، الذي هو ثمنها، هكذا، فارغة، لعنة الله على ذينك البِرَّيْن(1)! وستذكِّره قبل أن تفاقم خجلك وارتباكك الدهشة، المفتعلة، الخبيثة، الواثبة من عينيه، الملوّث بياضهما بالصفرة، إنك إنما ترغب في أن يبيعك، أيضاً، وبثلاثة أرباع عائدها، ست سجائر، ثم يعطيك.. لا، بل يعيد إليك خمسين سنتيماً (2)، هي الرُّبع المتبقي، لتذهب به، بعد ذلك، إلى البار، الذي يلي البقالة، بعد مخزن بيع مواد البناء، وتطلب إلى النادلة، بعد أن تحييها بابتسامةٍ فاغِمَة، وبعد أن ترد هي الابتسامة بأفغم منها، فنجان قهوتك الصباحي الأول. ولربما جاءتك النادلة ـ وهذا هو الغالب ـ بفنجان القهوة قبل أن تطلبه، إذ هكذا درجت تفعل، منذ الصباحين الماضيين. مما ولَّد لديك انزعاجاً، طفيفاً، من أن تلك العادة ـ بغض القلب عن مُقْتَرَح الألفة والمودة الفائح منها ـ ستهددك باستحالة، أو على الأقل صعوبة تحقيق الاحتمال، الخيار، الوارد، والمرغوب، أحياناً (بالذات حين لا تمكِّنك الصدفة، شأنها البارحة، من تناول العشاء) بتغيير فنجان القهوة إلى كوب كابوتشينو أو على كوب لبن.

تفرغ من ارتداء ملابسك. تودع هندامك النضيد، من خلال المرآة المثبتة في منتصف دولاب ملابسك، نظرة أسىً كثيف. تشيح عنك المرآة، إذ فتحت المصراع المثبتة عليه، لترى، بذلك الأسى الكثيف، الممعن الآن في الحنق، إلى قنينة الجن، الفارغة، القابعة، بوقاحة، في أسفل الدولاب. لم تضعها على المنضدة أو فوق الكوميدينو، مثلما كنت تفعل سابقاً، لكي لا تأخذها عاملة النظافة. ترى، هل عليك أن تصير عامل نظافة، في هذا الفندق، حتى تتمكن من بيعها؟ لو تعود طفلاً، لعشر دقائق، فقط! كان أبوك يفضِّل الشيري على البيرة. وكنت أنت، كذلك، تفضِّل أن يتعاطى أبوك الشيري، لا البيرة، فبعائد قنينة الشيري الفارغة ـ الأعلى من عائد قنينة البيرة الفارغة ـ كان يسعك شراء أكثر من قطعة دَنْدُرْمَة (3). كنت تحب يوم الخميس، لا لأنك لن تذهب، في صبيحة الجمعة إلى المدرسة، ولا بسبب أن الخميس كان الم الوحيد المسموح لك في مسائه بالذهاب إلى السينما، بصحبة شقيقك الأكبر، ولا لكون أن مساء الخميس كان يعني أن مائدة عشائكم ستكون متنوعة ومتميزة، ليس لكل ذلك، فحسب، وإنما بسبب أن الخميس ـ وهذا هو الأهم ـ كان، غالباً، يتمتّع بالمساء الوحيد الذي يأتي فيه إلى منزلكم أصدقاء أبيك، حاملين صناديق كرتونية، ذات لون ترابي، معبأة بقناني الشيري والبيرة. كان ذلك يعني أنك، في صبيحة الجمعة، ستبتاع أشياء كثيرة: دَنْدُرْمَة، بزيانوس (4)، حلاوة حربة، حلاوة قُطن، حلاوة دِرْبِس، قُرّاصة نَبَق (5)، قصب سكر، قُنْقليس (6) بالسُّكّر، قُنقليس بالشطّة، عجّور (7) أو تِبِش بالشطّة والفول المطحون المذابين في ماء الليمون .. كان أبوك يفضِّل أن تكون مزّته تِبشاً على أن تكون عجّوراً. كان يقول إن طعم التبش أوضح من طعم العجور، وكان يحرص في موسم التبش، على إحضار كميات وافرة منه إلى البيت. وكان ينتقي لك القطع ذات اللون الأخضر المنخرط في الصّفرة. فهي، فيما يعتقد هو، وفيما أنت على قناعة بذلك أيضاً، ما إن تبلغ تلك المرحلة من النضج، حتى تتظاهر بعناصر الشمّام، كنتما، أنت وشقيك الأكبر، عندما تتأهبان، مساء الخميس، للذهاب إلى السينما وحين يكون الموسم موسم تبش، تتعمدان الخروج قبل دنو ميقات بدأ العرض بوقتٍ كافٍ، كي يُتاح لكما شراء قطع منه ـ وقد حرصتما على انتقاء ذات اللون الأخضر المنخرط في الصفرة ـ لتأكلاها بالشطة والفول المطحون المذابين في ماء الليمون.

تسُحّ غددك اللعابية لعاباً حامضاً. تتحرك صوب نافذة تطل على الشارع. تبصق. تعود إلى الدولاب الذي تركت مصراعه مفتوحاً . تنتزع القنينة من قاعه، تغلقه، متعمداً ألا تنظر في المرآة. تتجه ناحية الكومودينو. تنحني عليه. تسحب درجه الأسفل، حيث تتكوم صحف، مجلات، أكياس بلاستيكية شفافة وأخرى ورقية. تنبش جميع محتوياته إلى أن تعثر على كيس ورقي ذي لون ترابي. تدفن القنينة فيه. هكذا لن تكون لافتة لنظر المارة وزبائن البقالة، على العكس مما يثيره حملها في كيس بلاستيكي شفّاف. التفاصيل الحاذقة، لفكرة البارحة، تسير، إذن، على أكمل وجه. لم يبق إلا أن تتحرك خارجاً. تهطل عليك حيرة التردد اللزج. تغلق درج الكومودينو بركلةٍ صارخة من قدمك. تجلس على سطحه. تضع ساقك اليمني فوق اليسرى. قبل أن تصالب ذراعيك، تضع القنينة، المطمورة بالكيس الورقي، ترابي اللون، على الأرض، أمامك، وترنو إليها، بذلك الأسى الكثيف، الممعن في الحنق، الطاعن الآن في الوجوم.. لم تكن الأكياس البلاستيكية الشفافة قد سادت بعد، عندما كان أبوك، يوصي شقيقك الأكبر، حين يرسله أيام العطلات، إلى سوق الحي لشراء الخضروات واللحمة، بألا يضع الطماطم واللحمة في قعر الكيس الورقي قبل المشتريات، حيث أن ضغط المشتريات الأخرى عليهما سيجعلهما تنِزّان وتهتكان قعر الكيس أثناء السير. كان أبوك يصر على أن تحتوي مائدتكم، في وجبة الغداء، سيما، على سلطة خضروات طازجة، فقد كان، بجانب التبش، مولعاً بالجرجير (9) والبصل الأخضر والفجل. كان يقول إن التناول المنتظم للجرجير والبصل الأخضر وأوراق الفجل الخضراء، يمنع الإصابة باليرقان. مراراً ما أفصحت لصديقك (الذي ما إن تتخلص من هذه اللعينة سوف تذهب إليه) عن قلقك من ندرة الخضروات هنا. آخر مرة عثرت فيها على بامية وملوخية وجرجير، عند أحد بائعي الخضروات في هذه المدينة، كانت قبل ستة أشهر، ابتعت نصف كميتي البامية والملوخية وكل حِزَم الجرجير. سألت البائع وأنت تستلم، تستعيد، منه بقية نقودك:

ـ أليس في مدينتكم هذه عجّور؟

ـ ماذا يعني عجّور؟

ـ أو تبش؟

ولما رأيت حيرته المرتبكة، استدرت خارجاً من المحل. بعد خطوات سمعت صوته يناديك، التفت بجسدك كله، من مكانك، إليه، أبصرته يلوِّح لك بحزمة خسٍّ رافعاً عقيرته مستفسراً:

ـ تقصد هذا؟

هززت رأسك نفياً، ابتسمت ومضيت، متذكراً أنك كنت ـ ولا تزال ـ تفضل الجرجير على الخس. فقد كنت ولا تزال ـ تعتقد أن للخس مذاقاً محايداً، بينما للجرجير مذاق غزير الحضور والنفاذ.

افتقادك للقهوة والسيجارة الصباحيتين، في هذا الصباح المشوَّش بنزعة الظُّهر، يصيب رأسك بما يشبه الطنين، تحس بالجوع ينخر معدتك. لو استطعت إرجاع هذه اللعينة، فسوف تطلب إلى النادلة أن تأتيك بكوب كابوتشينو بدلاً عن فنجان القهوة، حتى لو جلبته، دون أن تطلبه، كما اعتادت أن تفعل منذ الصباحين الماضيين. مساء الخميس كانت مائدة عشائكم، غالباً، متعددة ومتنوعة: لحمة مقلية في الزيت، لحمة مشوية على الجمر، لحمة مطبوخة بالطماطم أو الصلصة والبصل، سمك مقلي في الزيت، سمك مطبوخ بالصلصة، كبدة، كوارع، فول، جبنة، بيض، طعمية، سلطة باذنجان، سلطة طماطم بالفول المطحون وزيت السمسم. كان أبوك يحب السمك المقلي في الزيت واللحمة المشوية على الجمر. كانت أمك، حسبما يؤكد ذلك أصدقاء أبيك ونساء حيِّكم، ذات مهارة لا تُضاهى فيصنع الطعام. كانت تجيد طبخ البامية والملوخية والباذنجان بأساليب ضاربة في التنوع والبراعة. عندما كنت تؤوب، بصحبة شقيقك الأكبر، مساء الخميس، من السينما، وقبل أن تلجا المنزل، من بابه الخارجي، كانت الروائح المتنوعة والبارعة للأطعمة تلوح لأنفيكما. فيتلك اللحظة، كانت تتراقص في خيالك الثروة التي ستكون من نصيبك صبيحة الجمعة: ستة عشر قنينة شيري، ثمانية وعشرين قنينة بيرة. كنت تصحو، مع أمك، مبكراً. هي تنظف وتعيد ترتيب الباحة، وأنت ترجع القناني المبعثرة، الفارغة، وشبه الفارغة، إلى صناديقها الكارتونية ذات اللون الترابي، وتلملم السدادات لتبتكر منها لُعَبَاً. كانت لقناني الشيري سدادات من الفلين وأغلفة قصديرية، ظهورها خضراء، عليها رسم جَمَلٍ ذهبي، بطونها فضية، مكسية بغشاء فليني. كنت تفرد الأغلفة القصديرية، إلى أن تصبح دائرية تماماً، لتحورها لُعباً مروحية. وكنت تحكُّ باطن السدادات المعدنية بمسمار، مزيلاً عنها الأغشية الفلينية، ثم تطرقها بقضيب حديدي، حتى تستوي دائرةً مكتملة، فتثقبها بالمسمار ثقبين في المنتصف، تدخل فيهما خيطاً، تعقد طرفيه، لتصير لك لعبة "الزنانة". في أحايين أخرى، على مواسم العطلات المدرسية في الغالب، كنت تقوم بتجميع أنواعٍ كثيرة من السدادات المعدنية، سدادات بيرة، بيبسي، بزْيانوس، ميرندا، فانتا، كوكا كولا، دَبُل كولا، شيكان كولا، حُريَّة ... وتكون أمك قد احتفظت، لك، ببكرات الخيوط الخشبية، العارية من الخيوط، وبعد أن تثقب عدداً من السدادات ثقباً واحداً في مركز الدائرة، تجيء بخيط مطاطي، تنظم السدادات المثقوبة فيه، تعقد أوله بآخره، وتأخذ السدادات، عندئذ، هيئة إطار دراجة أو سيارة معدني صغير، تثبِّت في بؤرته بكرة الخيوط الخشبية، ومن ثم تجلب سلكاً، متوسط السُّمك، طوله متر أو يزيد قليلاً، تصنع منه مِقْوداً للإطار المعدني، لتمتلك دراجة بإطار واحد.

كنت تنتظر شاري القناني جالساً في العتبة الأسمنتية لبابكم الخارجي محفوفاً بملق وحسد أترابك من أطفال الحي. كان يأتيك، من بعيد، نداؤه الغائم الكلمات. وكلما اقترب، كانت كلمات النداء تشرع في التجسّد: (قِزاز! شوَّالات! صفائح!)... إلى أن يلوح من أحد أزقة الحي، ممتطياً حماره، المتدلي من على جانبيْ بطنه خرجان من الخيش، مربوطة خارجهما صفائح معدنية، مستطيلة ومربعة، التي كانت طرقعتها، بفعل حركة الحمار، مختلطة بالقرقعة المتقطعة، الناجمة عن احتكاك القناني ببعضها، داخل الخُرجين. تملأ أذنيك، مرتفعةً، لحظةً بعد لحظة، مع تزايد اقتراب الشاري.

إذ شعرتَ بخدرٍ في ساقك اليسرى، تنزل عنها اليمنى. تفك تصالب ذراعيك. تنحني بوجهك إلى أن يستقر بين ركبتيك. تحشر عينيك في إغماضة عنيفة. يعتري أنفك مزيج روائح خفيفة، به بصيص من العُتق. يهسهس تساؤل في داخلك: تراه خليط من رائحة خشب الكمودينو ورائحة الكيس الورقي، ترابي اللون، وعطر الصابونة التي استحميت بها؟ تفتح عينيك، تمد يديك، من تحت ركبتيك، تسحب بهما الدرج الأوسط للكومدينو. تتأكد عيناك، من بين ركبتيك، من وجود قارورة العطر، التي نفد عطرها منذ أربعة أشهر، فيه. (حسناً، لم أعد أملك أي شيء). لا بد أنها ـ ما إن تمسها تلك العبارة، التي ذيّلت الكارت المُخْتَصَر، الذي بعثت به، بعد لأي إليها ـ حتى تكون، كعادتها، من الوردة والندى بمكان، بحيث ترسل إليك، ضمن ما ترسل، قارورة عطر.

كانت مستلقية بصدرها العاري على صدرك العاري، كان وجهها مُسْتَغْرِقاً في عنقك، وأصابع يديها معاً راحت تجوس، ببطء ونعومة، في شعر رأسك. وبينما كان أنفك مُنْهَمِكاً في عطرها، ندّ عنها تساؤل له نكهة التأمل:

ـ القبلة شيء عجيب..أليس كذلك؟

رددت بنفس النكهة:

ـ القُبلة فاكهة الحبّ.

أنّتْ، عضّتْ بشفتيها أسفل عنقك:

ـ والحُبُّ؟!

ـ الحبُّ سليل الأجنحة العطرة.

انتفضتُ فجأةً، قعدتْ، كالباركة، بعجيزتها، على بطنك، ضاغطة بساقيها وفخذيها المضمومين على جنبي صدرك وبطنك. وضعت راحتيها، هنيهة، على كتفيك. حدّقتْ في عينيك بعينيها اللتين غُصّتا بنضارة الانخطاف وبرغبة مُبتسمة في البكاء. رفعت يديها بإنشداد، إلى أعلى، حتى رأيتَ، بوضوح، زغب إبطيها. ضمّتْ قبضتيهما بقوة. صاحتْ متأوهةً: (يااااه!)..ثم أخذتْ تنوس، بشفتيها وأنفها، في هيجان عارم، بين جلّ أنحاء جسدك. قبّلتْ وشمّتْ، بعنفٍ، إبطيك، كتفيك، عنقك، أذنيك، أنفك، شفتيك، جبهتك، شعر رأسك، صدرك، بطنك...ومرةً أخرى، قعدت، فجأةً، كالباركة، بعجيزتها، على بطنك، صدرها يعلو وهبط، خمشتْ براحتيها رأسك. شدّت بأصابعها، بصورةٍ عصبية، شعره، وهي تردد. من بين أنفاسها الراكضة، مغمضة العينين: (من أين تأتي بمثل هذا الكلام؟! من أين تأتي بمثل هذا الكلام؟!).. ولمّا شعرتُ بحفيف صوتك يسبق الإجابة، غطّتْ براحتيها فمك، قالت:

ـ واحد آخر، أخير..على الطريقة الفرنسية؟

وهي تخاصرك، لدى وداعك، عند الباب:

ـ هاك فاكهة أخيرة، من سليل الأجنحة العطرة.

سألت شاري القناني، وأنت بيعه قنينة بيرة فارغة، محاولاً، عبثاً، الإمساك بذيل حماره، المنشغل بطرد الذباب من مؤخرته:

ـ عمي، لما لا تشترون قناني العطر؟

ـ لأنها صغيرة يا ولدي.

ـ ألا يوجد من يشتريها، غيركم؟

ـ لا يا ولدي..ولا حتى فرّاشِيْ المستشفيات.

وقنينة الجن، الكبيرة، الفارغة، البلهاء، هذه، لم لا تُشترى؟! لقد أُنشئتْ لها، خصيصاً، مصانع تقوم بإنتاجها، وأخرى بتعبئتها، وإعادة تعبئتها، ولكي تتم إعادة تعبئتها، ينبغي أن تُشترى وأن تُشرب، وبعد أن تُشترى وتُشرب، يجب إعادتها من قِبل مالكي البارات والبقالات، وحتى يتسنى، لإحدى البقالات، المجاورة للفندق، إرجاع جميع ما لديها من القناني الفارغة، للمصنع، يتعيّن عليك، أنت، الذي طالما وقع عليك عبء الشراء والشُرب، أن تتجشّم عبء إعادة هذه اللعينة إليها..وإلا فما الجدوى من أن تظل، هكذا، عاطلة عن التعبئة؟!

كنت شبه متيقن من أن الوضع الذي اتخذته، بعد أن عدلت جلستك، لن يزيل خدر ساقك اليسرى. لا شيء يبدد الخدر مثل المشي، تنهض. تتحوّم، بغير هدف، في الغرفة، متحاشياً النظر إلى المرآة وجهة الكمودينو. تتوقف قرب النافذة المطلّة على الشارع. تتأمل المارة. يؤنّبك خجل إنه لم يكن ينبغي عليك أن تبصق من هنا. تحطُّ عيناك على أطفالٍ يبتاعون بَلَساً (10). السَناتيم الكثيرة، التي كنت دائماً تحتفظ بها، لتوزعها على الأطفال، الذين يلعبون في مدخل العمارة الذي يقودك إلى حجرة صديقك، في طرف المدينة الآخر، بحجة أن الأطفال، هنا، لا يجدون قنانٍ، على كثرتها، ليبيعونها، وددت لو كان بحوزتك، الآن، القليل منها. ما من علاج لخدر الساق كما المشي.

خشيتُ أن أصيب مقْتَرَح الألفة والمودة، الفائح من سلوكها، بشيء من العرج، لهذا السبب لم أستطع، مثلما كنتُ مقرراً، أن أطلب إليها إتياني بكوب كابوتشينو، عوضاً عن فنجان القهوة، الذي جاءت به، بالفعل، وكما كنت متوقِّعاً، قبل أن أطلبه. وعلى ذلك، بعد أن وضعته أمامي، على المنضدة، جلستُ إليّ. تلك هي المرة الأولى التي تجلس إليّ فيها. كان البار، هو الآخر، خالياً من الروّاد. حدّثتني، بهذه اللغة التي لا أفهم منها، خلا أقلّ من القليل، عن أشياء عديدة. على أنني التقطت، تقريباً، رُبع كلامها. كسؤالها عن طبيعة عملي، البلد الذي قدمتُ منه وكيف وجدت مدينتهم..بلى، فما زالت معي خمس سجائر. كنتُ على يقين من أنني لن أجد سجائر قرب سريرك. إن عيبك الأساسي هو أنك تحرق كل سجائرك ليلاً وكأنه ليس ثمة من صباح قادم. الأرق؟! الأرق؟! كيف لا أعرفه؟ أهم ما يميز جمالها شعرها القصير، المقصوص على طريقة الرجال. مما يضفي على جمالها لمسة صبيانية منعِشة. سألتني، كذلك، بصيغة عتابية خضراء، عن السبب في امتناعي عن المجيء، في المساءات، للسهر في بارها. تعللت بكثرة عملي طيلة المساءات السابقة، مع وعد ناصع مني بتوخّي الحضور في المساءات القادمة. ما رأيك، لو تحصّلنا اليوم على مال، أن نهب للسهر عندها؟ وأخيراً، عرضتْ عليّ، قبيل أن تغادرني، لتلبية طلب أحد الرواد، القادم للتو، أن أدرسها العربية، على أن تعلمني لغتهم. رحّبت بعرضها، تاركاً لها مهمة تحديد الجدول الزمني لذلك خلال اليومين القادمين. كلا لم أصادفه. هل تعلم أن حصيلتي اليوم، أثناء سيري في الطريق إلي فقط، كانت ثلاثة رجال وامرأتين ذوو عيون ملوّث بياضها بالصّفرة؟ لشدّ ما يزعجني ذلك، سيّما لدى النساء! لو كانوا يعتنون بتناول سلطة الخضروات الطازجة لأمكنهم تجنّبها. لك ما تشاء. اذهب، كدتَ أن تتغوّط في سروالك. هذا ما تفعله سيجارة الصباح الأولى، غالباً.

ستقول له، بعد إيابه مباشرةً، إنك نسيت أن تسألها عن السبب في خلو بارات مدينتهم من الشيري. تحاول بعثرة ملل انتظارك بالعبث بمحتويات درج منضدة تجلس قربها. تقرر أنك، في حالة حصولك على أول مبلغ تواضع، تبتاع قارورة عطر. تأخذ من الدرج قطعة مرآة صغيرة. تتأمل فيها بياض عينيك. ستطرح عليه، أيضاً، بُعيد عودته، بأن عليكما ـ بما أنه لا يوجد جرجير في هذه المدينة ـ أن تنتظما، خلال وجبة الغداء على الأقل، في تناول الخس، بالرغم من مذاقه الناصل.


1993ـ1994، اسمرا ـ إرتريا


قاموس المصطلحات العامية

(1) البرْ: عملة ورقية إثيوبية.
(2) السَّنْتيم: عملة معدنية إثيوبية.
(3) دَنْدُرْمَة: مصطلح شعبي سوداني، كان يطلق على نوع من الآيسكريم (البوظة).
(4) بزْيانوس: نوع من المشروبات الغازية.
(5) النَّبَق: ثمر أشجار الطّنْدُب، ينتشر نموها في منطقتي السافنّا الفقيرة والغنية بالسودان. ومن عجينة النَّبَق تُصْنَع أحياناً شطيرة أو قرص (قُرّاصَة).
(6) القُنْقُليس، ثمر أشجار التبلدي الضخمة، ينتشر نموها في مناطق واسعة بغرب السودان.
(7) العَجُّور: ثمر نبات زاحف، له مكانة الخيار في طبق السلطة السوداني، لكنه أكبر حج وأكثر طولاً من الخيار.
(8) التَّبش: ثمر نبات زاحف، شكله من الخارج كالبطيخ، بحجمٍ اصغر.
(9) الجرْجير، أوراق نبات خضراء، تنمو على هيئة حِزَم، كالخس، لكن حجمها أصغر.
(10) البَلَسْ (البلص): ثمر أشجار التين الشوكي، يكثر نموها في هضاب إرتريا وإثيوبيا.




Post: #3
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Hussein Mallasi
Date: 08-13-2009, 12:49 PM

Quote: كما لايمكن لروائي لا يتابع اخبار الرواية واخر اشكالها ان
يكتب رواية جيدة "حسب ماركيز" ، هو هو الحال مع كتاب القصة
Quote: هذا الشاب الذي ومن خلال قراتي لبعض محاولاته
القصصية اكتشفت فيه توافر الرغبة الشديدة في الكتابة
Quote: عسى ان يكون جهدي مقدراً ومفيداً لحمور وكل المهتمين بالقصة

الحقارة عندك.

Post: #4
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-13-2009, 01:03 PM
Parent: #3

محسن خالد

كاتب روائي وشاعر وقاص ، صدرت مجموعة قصصية بعنوان "كلب السجان" من المؤسسة العربية للدراسات والنشر تاريخ النشر 2005، يقيم في لندن .

_______________________________


الوجود والوجود الآخر




أي سيرة حياة ذاتية يخفيها الشخص بداخله تشبه مشيته؛ وربما مشية شخص مثلي ناشزة وتشبه كينونة رجل آخر يسير في الاتجاه المعاكس لوجهتي. ولا بُدَّ أنني الرجل الوحيد في هذه الدنيا الذي فَارِقُ العمر بينه وبين والده يساوي سبع سنوات فقط. هذا لأنَّ أبي كان طفلاً سميناً وشهوانياً فنضج قبل الأوان الطبيعي للفحولة. أما أمي فكانت صبية ساذجة وساقطة النفس حتى الثانية عشرة من عمرها. كانت تقف على ضفة الجدول الأخرى؛ وكان هو يركب على حمار أبيه الذي سرقه حين تَرَجَّل عنه الأب لأداء الصلاة. لوَّح لها بقصبة السُّكَّر الغليظة التي يُنَقِّط حلوها كقِربة مثقوبة. وظَنَّت هي أنَّها ستأكل قصبة الولد "ذاك" السمين؛ ولن تساعده في جمع الطماطم فتبعته. هو ألقى لها بالقصبة على الأرض بعد أن توَسَّط الحمار حقلاً كثيفاً؛ وهي نهضت من على الأرض بعد تمرغ طويل بحلوين. حلو القصب بإغرائه الاعتيادي؛ وحلو آخر عَرفتْ له فماً في ذلك النهار.
وهكذا؛ ككارثة يجرجرونها من شَرَى الحقول وسط القيظ؛ يأتون برجل مثلي.
في الحقيقة أنا لم أقلْ إنَّ قَدَري لا بُعد نظر لديه؛ ولا يحزنني هذا الوجود الذي استخلَصَه لي عقلاء مفترضون حين حالوا بين الأهل وبين ذبح ذاك الشهواني وتلك الساذجة؛ أبداً. بل أنا أتقَبَّل هذا الميلاد اللاواعي تماماً؛ الباحث عن حلو ليس ملكه؛ والمتأكِّد من قدرته على تفادي وظيفة ما؛ أتقبَّله كأي مجنون لا يعرف حكايته من أولها كي تتسَبَّب له الخاتمة بعد ذلك في حزن من أي نوع.
أنا أتقبَّل بتحمُّل نَفْسٍ مُجازِفة أكثر منها وَرِعة أن أكون هذا الأنا؛ على أن أكون نتائج الحادثة المفترضة فيما لو سقط ذلك الشهواني من على حمار أبيه ولم يلتقِ بتلك الساذجة.
وهكذا؛ بضغينة من كان يمكن أن يكون سقطة ضائعة في الكون أتعاطى عمري. ولن أُحَدِّثك عن المآسي الاجتماعية لميلاد كهذا؛ ولا حتّى المآسي الدينية؛ هكذا ستصبح سيرة الحياة التي بداخلي تشبه مشيتي. وأنا أُصِرُّ على أنها ربما تشبه كينونة رجل آخر يسير في الاتجاه المعاكس لوجهتي.
أصبحت إذن متعايشاً في الوجود الذي يتم بلا تبعية للمجتمع أو الدين. الحكومة مثلاً قبلتني في المدرسة الداخلية بالنظر لدرجات الكل ولم تُعِرْ قصة الصبي الشهواني والصبية ساقطة النفس أدنى انتباه. وأنا لا يهمني أن أُحَدِّثك في هذا الاتجاه أيضاً. فقد سمعتُ الناس في وقت مبكر جداً وهم يقولون "فلان هذا لا يعنيني في شيء"؛ كما يقولون تارة أخرى باسم الدين "المسلم من شغله هَمُّ المسلمين". أما ما هو أكيد فهو انوجادهم على الدوام وبينهم قصبة سكر تغري بابن حرام ما؛ لا يرضى عنه المجتمع ولا "الفرد" الذي بلفظ آخر هو عينة لدين المجتمع. وهذا ما جعلني أعيش كل لحظة؛ كان يمكن أن تتلاشى ولا يصبح بوسعها أن تعني شيئاً فيما لو سقط الشهواني من على الحمار؛ أعيشها بإحساس القادم من هاوية في العدم.
الوجود هذا حنكته تكتمل حين نلاحظ إمكانية افتراض عدمه. أما ميزته فتتلخص في داهية لا يمكن لنا أن نكتشفها إن لم تتجلَّ في ابن حرام ملموس. لذا أشعر دائماً بكوني الدليل على قضية كونية؛ وبكوني الوحيد الموجود بوصفه شهادة عن غائب عميق.
في مدنيَّة كهذه: لا ينجز فيها أحدٌ صُنْعَ وجودٍ مختلف دون قصبة سكر خادعة. وفي وجود كهذا: يجب أن يتحلَّى فيه الناس بحس مؤسسة وهمية كالحكومة ليكونوا حياديين. وجدت نفسي لا أُطارد حلواً ما ولا تتعقّبني إملاءات انحياز لجهة لن تستفيد مني بأي حال من الأحوال.
لا أريد أن أقول لكم إن الناس سيئون كما يقضي بذلك ميلادهم؛ فلكم قابلني أشخاص أرهقني جمالهم بالرغم من سوء منبتهم. وآخرون تدحرج آباؤهم على أمهاتهم من فوق سرير طبيعي ولم يسقطوا عليهن من عُلُوِّ حمار؛ ومع ذلك دخلوا إلى الحياة بشَقِّ جِلدها كدمامل خبيثة. ولا حتى أريد منحكم فكرة عن سوئي أو جمالي؛ أبداً. مثل مسائل الحكم على الناس هذه وبما فيهم أنا لا يخوض فيها إلا شخص غير عاقل.
سطح البحيرة يدفن تحته التماسيح؛ هذه فكرة تصف سيرة الحياة الذاتية بداخل الناس. والألسنة تتعاطاها في شكل مثل شعبي يقهقهون بعده من المنعوت بها. لا يهمّنا؛ شجر الشاطئ من بخله يرمي بظله في ماء النهر. وهذه فكرة متقوقعة في أنانيتها وتسولها قصبة السكر لدرجة تقترح ليس على التاريخ؛ وإنما على الطبيعة أن تكون لا الطبيعة ولا التاريخ. ولخصوصية تجربتي قضيتُ معهم بتفاهة الاثنين ولا معناهما.
واقعة القرطاس الشهيرة مثلاً، في أيام السلطان حسين؛ التي أبادت معظم عَرَب المعالية وثُلَثي عرب الحَمَر؛ لماذا أسموها واقعة القرطاس؟ الإجابة نفسها التي بدّدت احتمال أن أكون سقطة مهملة في الكون بدل أنا. عرب المعالية قاموا بمهاجمة تجار يُعْرَفون بأهل زريبة عبد العزيز وأخذوا منهم بقوة السلاح مؤونة السُّكَّر المجلوبة من مصر بكاملها. حينها قام السلطان حسين أحد العقلاء المفترضين أيضاً باستدعاء الشيخ منعم ود مكي زعيم عَرَب الحَمَر وأذِنَ له بأن يصفي عداءه المزمن مع المعالية.
وحين تَمَّ للشيخ ود مكي تجميع رجاله وحُلفائه طلب منهم أن يُسقطوا بجوار كل قرطاس سُكَّر رأس رجل أو أكثر من فرسان المعالية، وأن تُعاد إليه تلك القراطيس بتمامها ومكمومة الأفواه بتكك سراويل القتلى. والمعالية بالإضافة لشرعية حقهم في أن تكون لهم قضية سُكَّر ما، كانوا مشهوداً لهم بالبسالة والضراوة؛ التي جعلت من براريهم على مَرِّ التاريخ إمَّا لهم وللوحوش فقط؛ وإمَّا للوحوش وحدها فوق جثثهم. وهكذا حدث؛ فقد فني فرسان القبيلتين وبقي السُّكَّر وحده يلمع والرمال على مدى الصحراء؛ حتى جاءه حَمَرٌ آخرون لكثرتهم. قيل إن الريح في ذلك اليوم ثكلت الجميع؛ وتناثرت قراطيس السكر بالصحاري والبرية حتى أسموها واقعة القرطاس.
والناس من مثل المعالية والحَمَر أو غيرهم يموتون موتتين. موتٌ يرافقهم على الدوام كعَرَض للأشياء الحلوة التي تنقصهم. والآخر نوعٌ من الوجود سيعيشونه على الدوام حين يكتمل نقصانهم. فالناس وجودهم أكثر تناقضاً من وجود الموت كاكتمال. أما أنا فوجودي قد تشبَّعَ من السُّكَّر لأنَّ قصتي من صنعه الخالص. ولذا وجودي خالٍ من الأنانية؛ لأني لا أحب نفسي بالقدر الكافي. كما هو خالٍ من الغرور لأني لا أحتقر الآخرين كما يجب. على عجل؛ كل شيء يتم معي؛ على عَجَل؛ النهر يؤكد وجوده على عجل. وسيرة ميلاد الحياة الداخلية للأشخاص لا تتم تاريخياً فقط؛ ولا حتى نوعياً لو ظننت أنني سأقول ذلك، بل أيضاً على عَجَل كما يتشَمَّم النهر مجرى وجوده عَدْوَاً. وليتني كان بوسعي شرح كل ذلك لسلوى.
الوجود مهما جَعَلتْ منه الآلام نائياً؛ بوراً؛ لا مفهوماً؛ ومنقطعاً عن كينونتنا، فهو لن يكون ظاهرة بالنسبة للموجود. ومهما جعلت منه الشهوات والرغائب شيئاً أكيداً وملموساً فهو لن يكون عَالَماً متأكدين منه كما تتأكَّد الفلسفة من مقاصدها. في قيظ الصيف الذي يبلغ عندنا درجة وحشية، ننظر إلى خط سكة القطار البعيد عند منتصف النهار، فتلوح الأشياء عن بعد وهي متوارية في ظلالها بتقطُّعٍ وإبهام رهيب؛ السراب يعيد خلق وجودها المتنائي في كل ثانية. أما في عِزّ الشتاء الزمهرير بينما ننظر للحقول البعيدة أو الضفة الأخرى للنهر فيظهر ما يسميه البسطاء بـ"أبو شهلل". الذي يُقَرِّب الأشياء لحد مذهل بعد أن يطليها بندى بديع. تكاد تُحادِث الرجل على شاطئ النهر الآخر هامساً دون تشكك في كونه يسمعك. الوجود يُجزئ نفسه ليُعدَّ لُعبة خفائه الأدهى والأمكر والمبتعد؛ ويُجزئها تارة أخرى ليقترب ويتوضَّح في تداخل مع تشيئات يعرفها هو. الوجود يتوافر بوصفه المتقطع في أمكنة وغير الراكد في مكان؛ بوصفه تنوُّع الفصول الممكن وليس ديمومة الممتد والحتمي.
عندما صعدتُ على سطح القطار المتجه إلى مدينة الدمازين لم أكن أعرف الكثير عن سَيْر الأشياء من حولي. حياتي كلها كانت سِيرة مَنْ يسافر بالداخل. ولكن عندما تحركت الأشجار والبيوت والدواب؛ فيما يشبه مشيتها وما لا يشبهها؛ أدركت العَدْو الكبير ووجودي الذي على السطح. لم أكتشف أي مفاهيم خاصة بالزمن لو قَدَّرت ذلك، ففكرة أن الزمن لا يمكن تعريفه إلا من خلال الحركة أعجبتني في بساطتها وصدقها الطفولي هذا لا أكثر، حكمة الفيزياء. الطبيعة. ولا أظنني أقصد أنَّ الوجود يحتاج لحركة أيضاً من أجل تعريفه، هذا سيقودني إلى مزاعم علمية وتفلسف لن يهمني الخوض فيه بأي حال من الأحوال. كل ما أود قوله هو فكرة أن الإنسان يُولد متجهاً نحو مكان ويمكنه أن يموت في طريقه هذا دون أن يرى سيره بمنظار مُكَبِّر. أرهقتني فكرة أن هنالك مناظير مُكَبِّرة، توسِّع الرؤيا وتُعَمِّق الإدراك والمتعة، الانفصال أو الاندماج مع الوجود والموجودات، تفعل أشياء كثيرة وتظل غامضة وغير مكتشفة. في الحقيقة ما الذي يجعلني أفكِّر على هذا النحو؟ هل لأنَّ سلوى ماتت دون أن أُلاحظ وجودها لجوار وجودي سابقاً؟ بالأساس كانت علاقتي بها غريبة وأشبه بالتراهن مع الجنون. إلا أنَّه لم تصادفني فيها تلك الفتاة المجنونة أو غير المتزنة نفسياً بالحد الذي يشيعه الناس عنها في القرية. أتذكَّر حين سألتُها لأول مرة: اسمك منو؟ ضحكت مني بسخرية، كيف أبدأ حواري مع فتاة عمرها 17 سنة بسؤالي عن اسمها. كان ينقصني أن أضيف: يا فالحة. لقد أجابت مُنَدِّدَة بمشاركتي للآخرين في اتهامهم لها بضعف العقل: "أنا أوعى منك، مش لو ودّوك مدارس!". شعرتُ بالحرج، هل يوجد شخص في القرية لا يعرف اسم الآخر؟ معها الحق حين سخرتْ مني: مولود معانا هنا وألا في بلد تاني؟
"آسف والله يا سلوى".
"آي أحسن تتكلم عديل"، وضحكت ببراءة، فرحاً بالتعارف وبتذكّري لاسمها، لا شماتة ولا انتصاراً.
"ما قصدت شيء، إمكن بس لأنها أول مرة أتكلم معاك فيها".
"ولا يهمك، هم المتعلمين ديل بخجلوا يعني؟".
لقد وجدتُها لطيفة، بالأساس هي معروفة في القرية بأنها أجمل بنت من ناحية الشكل لولا أنَّ الجمال مسحور.
يوم غَرِقَتْ في النهر مساءً كانت تقول لرفيقاتها بينما تخوض في مياه النهر: "هوي يا بنات، أنا والله فترت من لقيط الطماطم دا. هَسَّع أنا فرقي شنو من تيران ود الحرتي؟". ورفيقاتها يضحكن وينادين فيها: "يا بت هوي أمرقي بتغرقي، المكان دا هنا جابية، والله تاني لقيط الطماطم ما تلمي فيهو، غايتو إلا كان يلقِّطك السمك في رقبتك دي". وتضحك هي: "ومالو؟ كان شالني البحر أحسن من يشيل عمري لقيط الطماطم. والله زراعتن الشوم والمابتكمل دي شالت روحي ذاتها. هووي يا بخيته لو ودَّاني البحر لبلد الحور بجيب ليك معاي عريس". وترد بخيته، البائرة، مُقهقه: "هَيْ يا يمه بتطريني، أريد الله".
الوجود عندما يمزح به أحد وُلِد ذراعاً للحقول، أو حينما يظن أن بإمكانه جرجرته نحو دائرة الغرس التي هي كل ما تعَلَّمه في حياته. وهذا عين الأمر الذي أخرج كل القرية والقرى المجاورة ليعثروا على وجود ضائع لا يعرفون أين ألقى به الزبد.
كانوا يتعَثَّرون في طريقهم إلى بطن الكرد، تلك الجزر الحرشية المتقطِّعة في النهر، العتمة بلا حد، والمشاعل في أيديهم تقع وتنهض معهم بعدد الحُفَر والشِّيم. صياح النساء وعويلهن يشيعه السكون والمياه في كل مكان، وصداه يرتد من ضفة النهر الأخرى، أليفاً ويحكي شيئاً. تحَطُّم الموج في أماكن بعيدة وخافية في الظلمة، وصياحُ طيور البحر الليلية، خبيب المراكب وحِدَّة النداءات. كل ذلك الهرج ينادي وجوداً تلَصَّص إلى دائرة الغرس الأعمق من حكمة الأشجار والنوم.
"أسحب المركب يا خليل، فَتِّش بالمِدرة بَسْ، ما تنزِّل رجليك في الموية، لا حول ولا قوة إلا بالله".
"أفرد الشبكة يا ود الحرتي، خليها تنزل تحت، يبقالي في شيء غائص هنا".
"ها ناس.. الأوتاد ما بتنغزَّ فوق السَّار، شوفوا الرملة والضَحَل".
الوجود حين يفتش عنه رجال هَلِعون، في اللجة والظلام. لم يكن وجود سلوى تلك أثمن من وجودها المفقود هذا بأي حال من الأحوال. وجود غَرِق وانتهى، ماذا يريدون منه؟ الوجود في عادة الإنسان وليس حكمته لا بُدَّ أن يُوضع في كفن وحنوط من حنان ابن آدم. لا بُدَّ له من إطار وداع معترف به. المشاعل محزومة بالسواعد المعروقة، وبحُجُب مما يعتقدونه في الوجود. سواعد النساء مرفوعة باكية وضارعة، الوجود حين تخرج خلفه مظاهرة من أحزان.
سمعت تعَثُّر خطوات جدي محمود فوق أرض الكردة الحرشة. مجموعة من الأيادي امتدت إليه لتساعده، جاؤوا إليه بخُرْجِ جواده وبسطوه له فوق يابسة كي يجلس عليه. كنتُ مبهوتاً ومتفَرِّجاً على الأحداث لا أكثر، ولكن حين سمعت همهماته الدينية وتصبُّرَه: "يوماً دُوار، ويوماً مراقدو سار".
بكيتُ بحرقة جاءتني من وجود لا عهد لي به داخل وجودي السابق. تذكرت صوته حين كان يعابث سلوى والناس يحصدون البصل. كانت معروفة بالنشاط والخدمة وكثرة الأكل، يقول جدي لود النعيم:
"عاين لي عَرَقها كيف بوشل آود النعيم، يمين بي مِيَّة راجل. بِنيَّة مبروكة، والله خدمتها البتخدمها دي جَوَان سيدنا سليمان ما يخدموها".
"إلا آفتها آ محمود أخوي بطينتها دي مسكونة، الشيء أتقول فيها دَقَّاقة!؟".
هاق.. هاق.. هاق، يقهقه ود الحرتي بصوته الأجعد، يرخي حبل البقر بين يديه ليعترض ضاحكاً: "طاحونة شنو آود النعيم الله يطراك بالخير؟ بطنها دي مكوِّع فيها تمساح عُشاري".
أَهُمْ يبحثون الآن عن ذراع للخدمة وبطن للأكل؟ أم عن وجود افترضته أحزانهم، وحادت عنه مشاعلهم في هذا الليل؟ أم عن شيء لم يسبق لهم أن عرفوه بالمرة؟
والنظرة إلى وجود النهر تبقى هي ذاتها، يأخذ الرجال، والزرع والعيال، وأيضاً يُكَسِّبهم مواسم من ذهب. ويعود ليكفر بدين ربه من جديد ويأخذ مواسم أخرى بأرواحها. وهذا هو وجوده الذي عاش لجوار وجودهم منذ الأزل. جوار وجود لوجود رحمة ومهلكة، رخاء ومسغبة، بداية ونهاية لا بُدَّ من تكبيرها لحد أن تملأ القلب والعين.
كان وجودها مَرِحاً، زاكياً، ونشطاً كجن شادوا مملكة سليمان! "أفرد الشبكة يا ود الحرتي، خليها تنزل تحت، يبقالي في شيء غائص هنا". وهاهو بهذه اللحظة من الدهر مجرد شيء غائر في النهر، يُمكن الحصول عليه بشَبَكَة أو هلب صيادين.
دَفْ..دَفْ..دَفْ... مراكب كبيرة وصغيرة تُجَرُّ مِنْ وإلى ظلمة النهر، بشر يخوضون، نساء يتخبطن ببكائهن في رقراق الموج اللامع. فجيعة مُرَّة وحارة كوجود سلوى المفقود هذا. كانت تجيئني بحماسة طفلة: "شفت اللعبة اللَّداني ليها جدي، هداها ليهو تاجر جابها من الجنوب".
"أبداً ما شفتها".
"يلا نلعبها". أسألها: وين؟ تجرني من يدي ولا تجيب. تدخل بي إلى الكرنك المعد لتخزين الفول واللوبيا، هناك قد أعَدَّت لها مكاناً نظيفاً ومرتَّباً لخلوتها الساذجة، ولهذه اللعبة خصوصاً. المعنية بمنح وجود انتقائي لمن يتعاطونها. "اسمها شنو اللعبة دي؟ أول مَرَّة أشوفها".
"جدي قال بلغة الرطانة اسمها "تونج"، ما تقعد إنت هنا لكن، قريب قلت ليك، عشان أعلّمك". وعند اقترابي من الاستقرار على المقعد، تغمز عيناها وتشعّان ببساطة، فيما يعني كان بوسعها سحب المقعد لأسقط على الأرض. تصنع حركة حلوة بأصابعها، بمعنى: عفوت عنك. تواصل تعريفها للُّعْبة:
"اسمها بالرطانة دا كلام طير ساي، أنا مِسَمِّياها أم بروج". أضحك أنا فحسب ولا أقول لها إنَّ " أم بروج" هذه لغة كراكي أو سنبر على وجه التحديد. ربما هي تعني هذه الأشياء شبيهة الفتحات التي تُفضي لبعضها بعضاً عُلْوِيَّاً كالأبراج. أنشغل. فاللعبة كانت مركَّزة الوجود. كنَّا نغيب عن وجوديْنا ونندمج في وجودها ومصيرها الافتراضيين تماماً. تشبه لدرجة ما لعبة السُّلَّم والثعبان بوجه من الوجوه، أو بمجرد إحساس التقارب مع الوجود المتروك لما يُفْصِح عنه، ولتَكَشُّفِه المرتقَب والمتبَدِّل.
دَفْ.. دَفْ.. دَفْ، كُلُّ أحد وكل شيء يتخَبَّط في المياه مفَتِّشاً عنها. لم أحتمل وجود سلوى الذي ضاع، ولا تفتيشه بمكان خاطئ مثل نهر. ركضتُ عائداً إلى الكرنك. بالأمس عصراً لا أكثر، كُنَّا هنا، تركنا لعبتنا دون أن نكملها؛ فقد نادى عليَّ جدي لضيوف حضروه ساعتها.
كان النرد الذي لعبنا به معاً مرمياً في مكانه. صنعوه من العاج الخالص. ليس تكعيبي الشكل كالنرد المتعارف عليه، ذي الوجوه الستة. بل تكعيبي يحتوي على اثني عشر وجهاً. وترقيمه يبدأ بالواحد وينتهي بالرقم اثني عشر. أما رقمه المُمَيَّز فهو العشرة بدلاً عن الستة. الأرقام عليه موضوعة في ترقيم إفريقي مهجور يقارب طريقة رسم الأعداد بالروماني. النرد بأرقامه الاثني عشر يجاري بروج العام، يا للمصادفة المدبَّرة ربما. ما يزال النرد في مكانه حيث تركناه يبحث لنا عن حظ وانتظرنا نحن مصيرنا الذي يجلبه لنا هو. الفيل الصغير يقف في ذات مربع حركته الجامدة والثقيلة. الثعالب الصغيرة وطيور البحر المُلَوَّنة والوز، والبومة حيث المُرَبَّع الذي يعني نهاية اللاعب. لكم كانت هذه اللعبة كاملة وعظيمة. سُكّان الجنوب جاؤوا بها من الغابة المجاورة لوجودهم ولم تلهمها لهم تأملات عطالة ما. الأسد خانة المنتصر والطريق إليه يمر بمربع لُبؤَة تعبره بسلالم من الحبال الطائرة. رسم الحشائش والبحيرة في المنتصف والطرقات الصغيرة والمتشَعِّبة كدروب الغابة، يا للكمال المهيب. إنّ فَقْدَك في لعبة كهذه شيء أكيد دون شك، وكذلك كوخك الذي ستصل إليه لو عبرت مصيرك الخَطِر. الوجود هاهنا أُمنية عظيمة ومُرَاهنٌ عليها. هكذا تخرج بفأسك أو طوريتك وتأتي بوجود من عَرَق جبينك. رغم غضبي عليهم، فقد صرتُ مؤمناً بحكمة الوجود حين يُفتقَد. حين يُفَتِّش عنه الناس كشيء ملموس يمكن العثور عليه بواحدة من طرق الحصول على وجود مخلوقات أخرى. الآن هم يتبعون تيار النهر إلى حيث يجرُّ الأشياء الغارقة عادة، يعرفون ذلك من رائحة المياه ولونها. الأماكن التي يجرُّ إليها التيار يسمونها بالشيمة، لون المياه فيها يكون أغبَرَ، ورائحة الطين أقوى منها في الأماكن الأخرى. لقد رصدوا هيئة حِسِّية للوجود إذن، وصاروا يتتبعونه كشيءٍ أكيد. المراكب تدفُّ بقوة وتطيح هنا وهناك لو دخلتْ إلى وكر التيار هذا. ليبحثوا عن وجود سلوى بمعارف وجودهم الذي خُلِق لجوار وجود النهر منذ الأزل. ليعثروا على الشيء الذي يظنونه وجود سلوى كما يشاؤون، مثلي لن يعرف أين يبحث. قَرَّبتُ الفانوس القديم من لعبة "تونج، أم بروج" أكثر فأكثر. السلالم المنحوتة المربعات من الأبنوس اللامع أخذت تشع وتتوهج. حين نادى عليَّ جَدي كان دور إلقاء النرد لخانتي أنا. هي لعبت ودفعت رجليها بدقتهما البديعة، لجوار موضع الفانوس الحالي، كعادتها حين تظن أنها ستكسب. تقول ضاحكة:
"أسمع يا بتاع الكتب إنت، كَفْ كَفْ".
تعني أنَّ مَنْ يفوز يصبح من حقه صفع الآخر على خده. يُغْشِي عينيَّ وهجُ تورُّدِ خديها الجميلين. أضحك وأقول في سِرّي: لا بُدَّ أن تقبل عقاب لُعْبَة أعلى منك، كي تنعم بمنحة لعبة أخرى أدنى منك.
أصوات بحثهم وصياحهم في النهر كانت تتناهى إليَّ كصياح بعيد للطيور حين تستيقظ مع الفجر، وتصيح بذاك الضجيج الغريب. كقَطْع للمسافة الفاصلة بين وهن الموات والنيام وتركيز الحياة. ساعة تصحو الموجودات لتصب وجودها في قدح، حان دوري أنا إذاً. ألقيتُه بحسرة باردة ومترعة بالخيبة، دون أن تتعلَّق به نظرتي؛ كان النرد يشق طريقه مُغَيِّراً حظوظه ومصائر لاعبيه في كل حركة، حتى توَقَّف لامعاً ومتوهجاً فوق السلالم المعلَّقة

Post: #5
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-13-2009, 01:11 PM
Parent: #4

زهاء الطاهر

صدر عن مركزالدراسات السودانية مجوعة نصوص للقاص "كتاب المراثي والشجن" ومجموعة قصصية عن مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي بعنوان "حبايبنا" ، توفي بالخرطوم05

_____________________

حكاية دامبا الأخيرة

قبل أن يموت بستة أشهر وثلاثة اسابيع ويومين طويلين طلب مني هامساً أن أشهد مراسم دفنه شريطة ان لا أشارك فيه وأن أقف بعيداً بمقدار متر أو مترين، وأكتفي فقط بالتحديق في وجوه الذين سيهيلون على القبر التراب وبعد ن ينهوا مهمتهم البغيضة وينقلبوا راجعين عليك أن تحدق في ظهورهم، هذه المرة ستراها وقد أحدودبت كثيراً، لتقف مكانك ولا تتحرك أبداً، ولا تلتفت أيضاً، ولتنتظر زهاء، خمس دقائق وساهل عليك من مكان ما، وسنجلس على الأرض بين تلك المقابر ونثرثر ما حلا لنا، وبكل ما أتيناه في هذه الدنيا الماتعة وحتماً سنتحدث عن الأعراق والسلاف التي لن تستطع أن تنال منا أو من جسارتنا عن الحسان اللائي أحببنا ونلنا وعن اللاتي خننا، وأخريات خدعنا وخناهن، وعن " فطينة " المذهلة وكيف ألتقينا بها اول مرة، وكيف تخليت له عنها لما سحرتني كما قال، ثم كيف أقترن بها لما سحرها بركاكته وفجاجته الموحية وعذوبة خوائه المستحيلة، لكنهما ولحسن الحظ أفترقا ... أفترقنا ثلاثتنا ، ثم ألتقى بها وحده مرة أخرى في زمن آخر إلا أنه لم يستطع التعرف عليها هو الذي أبداً لا يجهر الزمن برسم خطواته على وجهه، وبعد عام كامل من اقترانه بها، أخبرته فطينة الطائشة في لحظة طيش قاهرة بأنها هي فطينة المسحورة به وبي منذ الأزل . صعق دامبا المريب وخرج راكضاً الى خيث توقعني، كنت بجانب الدنيا الآخر، من جهة جنتي ... وجدني كامناً في مروجي الرجراجه جرجرني من روضة روضاتي .. أخرجني منها ... من جوهرها وكوثرها بكل سلاطة المودة بيننا وساقني الى حيث التقينا بها أول مرة، مازالت مستلقية تحدق مشرقة دأبها في بئر روحها العذبة حيث أنعكست صورتها المليحة عليها فلم يجرؤ على الدخول، دامبا لم يجرؤ فقد خانني تلك اللحظة وتركني أدخل عليها وحدي، لكنها لم تكن هي أبداً ... لم تكن فطينة التي عرفناها معاً، لكنها بأية حال لم يكن أحداً سواها... قلت لها قبل أن تنهض وتقف تماماً : يا فطينة يا انت يا لعنتي المجيدة ... أخبريني كيف كان موتك الجم، كيف كنت ترمقيننا .. ترمقينه لما كان يجوس حولك، ثم ها هو صديقي قربي وقربك أما تخبريه لما أخترت مبعثك بيننا مرة اخرى ألكي تلتقي بنا أم لكي ترمقيننا فنقتفي كالنيازك والصواعق أثر ماضينا والى ما لا نهاية ؟
قالت وقد أفاق بعضها: سئمت زحامكما، سئمت ضجة قبري وحدي، فقمت وتتبعتكما وكم ضللت تماماً كما في المرة الأولى لكن قل لي زهاء : ما باله دامبا صديقك المنحوس مصعوقاً هكذا يبدو؟
كان قد دخل علينا خين سمع صوتينا، ابتسم بخجل شفيف، قرب منها، ثم أفترب أكثر، لم يمهلها ... لم يمهلني .. إذ هجم عليها بكل رشاقته وصفاقته الناصعة طوقها وانهال عليها تحناناً وإرقاقاً حتى أرتمى فوقها أمامي وتساميا .. فخرجت خببا متوجهاً نحو جنتي .. صوب مروجي وروضة روضاتي ولثغتي الكوثر .
مات تماماً بعد أشهره الستة وأسابيعه الثلاثة ويوميه الطويلين الفارهين ..
كان قد رجع كل الذين شيعوه وساروا وراءه حتى قبره، كان دامبا العزيز يسير أمامهم بقدميه متتبعاً باتقان وصرامة خطى كامي الرشيقة ... كامي الذي كان يسير أمامه رافعاً رأسه كأفعى لا يلوي،هاهو كامي في المقدمة يقود صديقي الى حيث قبره الذي تم إعداده قبل نصف عام مذ حفره دامبا بيديه القويتين، وحين تخطى كامي القبر بقفزة منه، حاول دامبا اتيان ذلك لكنه لم يستطع اذ وقع متعارضاً في القبر ، وكان كل الذين من ورائهما في إنتظار هذه اللحظة الفاصلة فتقدموا بعجل وأهالوا على دامبا التراب ... ثم رجعوا ولم ينتبهوا الا حين كنت واقفاً قرب القبر بمسافة مترين أحد في ظهورهم حين ولوا ... لم يلتفتوا الي ولم ألتفت الى اي جهة في كل هذا الكون .... تماماً كما د اوصاني بعد خمس دائ بالضبط شعرت بثقل كف على كتفي ... التفت فزعاً فإذا بـ " دامبا " العزيز لصيقاً بي بادرني :
ـ لم اتأخر كما ترى ..
ـ هذا دأبك يا دامبا فأنت أبداً لا تتاخر ..
جلسنا على بوة قبره، تحدثنا، ثرثرنا ثم تجادلنا كما كنا نفعل دوماً وبغتة سألته .. بماذا أغروك؟ ثم ل لي ماذا رأيت هناك؟
قال : سأقول لك عن كل شئ وساتحفك بسر علمتنيه فطينة عزيزتنا .. قلت : لتخبرني يا دامبا عن الدنيا وروعتها ولاشئ سواها ... لتنس كل ما رأيت ولا تخبر أحداً .
هب فجاة .. فقمت .. تقدمني بمهل أول الأمر وتبعته ... سرنا صامتين ثم فجأة انطلق راكضاً فركضت في أثره حتى دخل دارهما هناك حيث فطينة .. فدخلت، كانت مستلية لا تزال في إنتظاره وإنتظاري ...
غمغمت بدلال : هكذا نحن ومنذ الأزل .. ها نحن مرة أخرى فيا لروعتنا .. هممت ان أقول شيئاً حين وقف دامبا ربها وألتصق بها ... عيونهما الأربعة الجميلة حاصرتني بجمال فلم أستطع قول شئ .. نكست برأسي وبالقرب من قدمي اليسرى ابصرت بجنازتي تمر، كما كان دامبا يتقدمني بنفس الرشاقة التي كان يخطو بها كامي ... رفعت رأسي لأسأله لكن لم يكن ثمة أحد .. لم أجد أياً منهما لكني اقسمت في سريرتي ألا أموت هذا العام ... بله هذا القرن أجمعه ...
خرجت أبحث عنهما وعني وعن ذاك الأزل الذي ضمنا .. ما زلت أركض وأركض هكذا ولربما حتى الأبد .

Post: #6
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Hussein Mallasi
Date: 08-13-2009, 01:11 PM
Parent: #4

و الحال كذلك .. فعلى حمور أن يتفرغ لتغطية جلسات محاكم النظام العام.

Post: #7
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-13-2009, 01:23 PM
Parent: #6

مصطفى مدثر

نشر أول قصصه، بعنوان "زينب" بجريدة الناس في عام 1962.
في عام 1991، أصدر"بوابة قوس قزح"، مجموعة قصصية كنشر مشترك مع القاص حسن الجزولى.
له مجموعة قصصية بعنوان "حشرات الروح".
يقيم حاليا بأتاوا ـ كندا منذ 1999.

________________


رؤى لا تطرف لها عين





() عندما عرفت كيف أخطو على الجليد وفي جيبي ضمانات ضرورية أوصاني بها رجال الهجرة، حجلت مثل غراب أحوّل على طرقات مزججة حتى تعثرت على أعتاب مكتبة المدينة العامة. وبعد أن علمني باب الدخول بشئ من اللف و الدوران كيف أترك الزمهرير ورائي وأنا أشيد برشاقته الكاملة في استخدام تقنية شبيهة بتقنية الساقية، اذا بي في أجواء صمت وبهرة وانكار كامل لما يدور في الخارج من عصف وضعضعة. سألت نفسي كيف لا يهادن الجليد كل هذا البهاء ودفء المعرفة يوسع لنفسه، هكذا، مكانا ينفي عنه البرودة والبياض!

() قدرت أن أرسل بصري المنخلع في كل أحداب المكان. أبهية فخيمة وأقبية عليمة! مصاعد مجبولة على رقة الحلول حتى لا يصح وصف استخدامها بالركوب! فأنت حينا واقف على مستوى الصحائف و حينا آخر عيناك ترفان لعناوين أثيرة في الروايات اللطائف! أمشاج من المسموع و المقروء و....المحسوس!!

() صاعد بين نظم الترقيم وإحالاتها أومأت بالتحية لمحفوظ و مينا و صالح و للافارقة الافذاذ.... يا سنغور!، ليباغتني محمود محمد مدني و هو يدق

بطوربيده (2) أوتاد حكاية سحرية في فضاء أم درمان، يقول ما قاله الخليل قبله: أن أم درمان هي جغرافيا الروح! وليتني ما تمليت عندهما فكرة الروح في الجغرافيا و لا نزلت من علايل أبروف أوذكرت مقرن النيلين فلقد ترنحت و أنا أطوّف بصري على الوجوه التي أكسبتها غربتها عني أمنة من فردية سميكة عصية على من يهتبل المقاربات مثلي فحرت كيف و أنّى لي أن أجلو لنفسي صورة لمدينتي الجديدة و أم درمان قد أخذت مكانها هنا وفي متن البهاء؟

() ترنحت على الممرات الكثيفة و بي شئ من رهب يدق على أبواب قلبي.

كان الادعى لترنحي دون شك هو أنني وجدت ما هو خاطر على بالي! لم يكن لالتماع الجديد أو نصاعة البهاء دخل بما حدث، ومن ثم سقطت!!

لبرهة خيل لي أنني استمتعت بمرأى جسدي مطروحا على أرض البهو الكبير الذي كنت أتخبط محاولا اجتياز فكرة ما عربدت فوق أديمه. كنت مثلي مثل تلك المراجع الضخمة التي يسقط بها رواد المكتبة أو هم يطرحونها أرضا على ظن التمكن من محتوياتها. كنت مثل نص صرعه التأويل يحوم حوله صوت صافرة الاسعاف المكتوم، القادم عبر الزجاج السميك، المشرئبة خلفه وعود الصقيع.

() قال الطبيب: يحدث، يحدث. نرى عشرات القادمين الجدد أمثالك. الجدير أن الاعراض التي يصفونها لا تنطبق على ما هو موثق، في معظم الحالات!

سألت نفسي أية حالات؟ وإمتثلت لرصد طبي رائع وبلغة سلسة وفي لحظة وقعت عينه على عيني فخطر ببالي ولأول مرة منذ نقلي اليه في سيارة الاسعاف أن هذا الحديث، في حياديته المريحة، ليس حديث طبيب الى مريض والطبيب نفسه أحس بنفس الشئ، فيما يبدو، لكنه استطاع أن يزيد من نسبة اللون الرمادي في شواطئ عينيه الدقيقة مما يساعده في التحرك في اطار الاعراض بالصرامة المطلوبة من طبيب فقال ان ما حدث لي سببه اختلال في كيمياء دمي! اندهشت نوعا فكندا، في هذا، لم تختلف عن مصر لأن الطبيب المصري كان قد قال ان عندي شوية أملاح على سبيل تبسيط الحالة.

فسألت هذا محاولا تسوية المسألة بين كندا ومصر:

- يعني عندي أملاح؟ ?Salts

لكن سؤالي رغم سلامته لغة، لم يبدو مساهمة مقدرة مني في الارتقاء بلغة التشخيص لأنهم هنا، لابد، قد تجاوزوا الاملاح إلى مفهوم الكيمياء الأضخم!

فعدت أسأل الطبيب:

- ما العلاج إذن؟

و يبدو أن إذن هذه قد أذنت له بفتح صفحة جديدة في ما كان يدونه فكتب قليلا ثم نظر الي مليا بعينين غاب عنهما ذلك الرمادي ليحل محله أزرق ملغز

و قال لي: عليك بالراحة الكاملة ريثما تكتمل فحوص الدم. خذ الآن....هذا! وسحب منضدة متحركة لها صوت الكتروني يحاكي نوح النساء الخافت في عزاء ميت و بها أصناف من الصحف والمجلات. نظرت اليه مستطلعا فانتفضت الممرضة التي انضمت الينا على أثر النوح الالكتروني وجذبت بخفة احدى المجلات مفتوحة على صفحة داخلية ومدتها لي. ثم إنتبهت لذلك وقبل أن تعدلها بحيث أراها من غلافها لمحت شيئا فصرخت كالملدوغ: انتظري!

تدخل الطبيب، وهو يقوم من مجلسه، قائلا في صرامة: استرخ! استرخ يا سيد! ثم خرج وحفيف حذائه يذكرني بالجليد المتربص خلف الابواب الذكية.

() وقفت الممرضة وقفة اكلينيكية حائرة تنتظر ما أريد دون أن تغير صفحة المجلة، فقرأت بصوت مسموع والمجلة بين يديها:

رؤى لا تطرف لها عين! نعي.

ابتسمت الممرضة ابتسامة شفاهية محدودة ثم رددت نصيحة الطبيب الذي وصلني هواء بارد سمح به خروجه.

قلت لها: بلى سأسترخي و لكن ليس بقراءة نعي، أليس كذلك؟

تأسفت برقة فسألتها: من هو على أي حال؟ المتوفى؟ و كان قد أثارني عنوان المقال.

ردت باهتمام مفاجئ وصوت هامس: ستانلي كوبريك. مخرج سنمائي مات قبل أن يعرض فيلمه الاخير "عيون مغلقة لآخرها"(3) صرخت بألم و بالعربية هذه المرة:

- يا خي! ستانلي كوبريك مات؟ ثم أطرقت حزينا ومعتملا بأشياء أخر.

ذهلت الممرضة، لا تطرف لها عين، بينما سقطت جفوني أنا مغلقة علي آخرها وانحلت أعضائي وأنا لا أصدق سهولة ارتدادي الى تلك الحالة المعرّفة با ختلال الكيمياء أو شوية الاملاح، حاليا! وتراءى لي شبح الاغماء. انتابتني حالة نوح كتلك التي أبدتها تلك المنضدة اللعينة فرحت أردد عبارة حافظ

الاثيرة: قال ليك..ستانلي كوبريك!!

() بغتة عادت الحياة الى جسد الممرضة فبدت بتكسرات حركتها داخل ردائها الابيض الضيق كأنها قادرة على أن تهش ذلك الحزن الذي رك عليّ وتدفعه عبر ذلك الباب الذي خرج منه الطبيب قائلة له: أخرج، هكذا يا حزن فنحن في كندا!

ولكن لا! حزني لم يكن عميقا فحسب، بل كان ذا مناخ استدعائي يجعلني أسأل أطياف الذاكرة هل علم حافظ بموت صاحبه هذا؟ أم عليّ أن أتصل به أول ما أغادر وعكة الكيمياء المزعومة هذه؟ يجعلني أسأل عن مشهد أو آخر، هل هو كما هو أم أنا لست كذلك؟

تحوّل حزني الى إعتمال سيربك مقاصد هذا الفريق الطبي وربما سيحدث تحوّلا جذريا في مسار علاجهم لي.

() وتماما كما توقعت!

دخل الطبيب، بعد أن استدعته الممرضة هامسة همسا لا علاقة له بفكرة النجدة والنفيرعبر رقائق شفافة. دخل و أرسل لها نظرات ذبذبية قصيرة كدت أسمع لها صليلا، ثم تحدثا برطانة أعجزتني وأوردا اسم المخرج غير مرة لكنه أفصح في قوله باستحالة تفاعلي مع ما قرأت في تلك المجلة والتفت يسألني و قد غيّر لون عينيه مرة أخرى: هل أنت حزين؟

ولم أشأ أن أنكر لا سيما وجسدي صار مدلوقا على الكرسي الوثير بفعل الحالة التي أحدثها خبر الوفاة والجهاد الخاسر الذي تكبدته النفس في استدعاء أصداء ذلك الخبر على نفوس ومشاهد بعيدة يصعب التأكد من وجودها، هنا والآن!

عاد الطبيب يسألني: لماذا أنت حزين؟ هل تعرف هذا الرجل؟ وأشار الى صورة المخرج!

كانت المجلة قد أحتلت موقعا مرموقا فوق المنضدة اياها فادركت إن هذا الاّ تصعيد من الممرضة لن تحس غرابته الاّ اذا قدر لها أن تعرف كيف أنظرأنا لمسألة موت المخرج. أضاف كل هذا غموضا أثيرا للامر ولاول مرة قام السؤال: هل كنت أريد لاحتفالية الصدمة الثقافية أن تقطع شوطا كهذا؟ أم أن وفاة المخرج أمر هام فعلا؟ دعني أفحص الوقائع!

() أذهلتني مكتبة المدينة فعلا. و لكن الدوار أتاني من ناحية حضور أم درمان في قلبها بعد أن ظننت أنه خبا، فسقطت مغشيا على أشواقي. ثم مات ذلك المخرج و هذا أمر سأتهكم من أي محاولة سيقوم بها الطبيب لسبر أغواره. لكن الطبيب، كمان، لن يقبل أي حكاية من شأنها أن تقلل من أهمية الصدمة الثقافية التي قرر أن يؤسس عليها علاجه لحالتي منذ عودته الاخيرة، العاصفة، الى الغرفة وكنت قد لاحظت، في ما مضى من حوارنا، أنه يلتف على هذه الفرضية بالحديث عن الخلل الكيميائي وما إليه مما اربك لون عينيه، ولذلك، وياللدهشة، فلقد توصلت أنا المريض لما سيفعله الطبيب!

فسألته: لماذا إذن تعطيني حقنة مهدئة؟ لماذا التغييب؟

لاح في تلك الشواطئ الزرقاء المرمدة من عينيه لائح استنكار وخرجت من فيه كلمات كأنها صممت لتدخل أنفه، فقال: هذا ما تحتاجه الآن!

ثم شرع في اجرإت خبرتها قبل الآن و ما كنت لأقاوم. لا شكة الابرة ولا ذلك الدفق الوريدي الصاعد، فلقد تكورت عندي حاجة مسيسة لاطفاء مماحكات هذا الواقع التعيس!

كان لابد أن..

.... أفسح مهابط الذاكرة

لأزيز

يقترب...

ويقترب.....

.ويق ترب!

فافتح لي يا زمان!


"السهام الشالت أزيزها معاها

لحقتها صاقعات من لحون ضاريات

وشوف كمان القعقعات

وأسمع الصليل

وأرتال من حشرجات مبهمات!"




مفعول المهدئ يقوى على برد السراديب


(2)

مفعول المهدئ

يفتح كوة على

أم درمان

في ستينيات قرن فات!



ندإت الضحايا،

ارتطام الدفوف،

ثم!

ها هي ذي

أبواق تعزز خطو المنايا،

و المنايا قادمات.

() الوغى يعبر بيتنا!

يعبرنا، عبر ثقوب في الكرتونة المثبتة على النافذة، لم تفلح أعقاب السجائر التي حشرتها أمي أن تمنع عبوره الهادر. كانت تعالج الامر علاجها البائس

ذاك ثم تركض للدفء تحت بطانيتها الشائلة من رائحة دخان الطلح القوية. وفي لحظات، وكالقدر الاكيد، كانت الموسيقى تترك موضوعها لتعزف الاجزاء الاكثر زعيقا هنا في وسط غرفتنا الكابية ثم تنقشع مثل زخة مطر أهوج فوق اناء صدئ.

وكانت أمي تبحلق في الظلام كأنها تنتظر- مثلي- مشهدا بعينه سيشرق على عرش حجرتنا ثم لا تلبث أن تدرك سيجارتها قبل أن يسقط رمادها الذي تطاول وانثنى عائدا في ناره البرتقالية.

أمد يدي في الظلام لألمسها بعد طول تردد، فتستجيب! لم يحدث أن اعترضت ولا حتى في اليوم الأول. لكنها قالت لي يوما بالنهار ان لا أفعل ذلك مع غيرها ولذا كنت آخذها فيذهب بي دخانها الى مشهد جديد.

() لم يكن هنالك ما هو أحب الىّ من الهروع الى البيت واستعادة مشاهد الأفلام التي أراها في دار السينما القريبة. كانت الموسيقى من دار السينما تمتطي رياح الشتاء بحثا عن نظائرها البصرية في ذاكرتي فأستعيد الفيلم على خيوط بطانيتي النافرة. وكانت متعة هذه الهواية الشتوية تتعاظم باضطراد عدد مرات مشاهدتي الحقيقية للفيلم حيث يستدعي الصوت صورته، التي عمل له، من ذاكرتي أنا! لقد شاهدت فيلم العظماء السبعة فعليا أكثر من خمس مرات

وفي البيت، على طريقتي، أكثر من مرة لم أقبل فيها أي تشويش. فقط كنت ألحق باقي السيجارة قبل أن تشفطه أمي وأهرب من أسئلتها الواهنة. كنت أراه ضربا من المشاهدة المجانية الممتعة بينما رآه صديقي استمناءا بصريا! فأفزعني التعبير وما كنت، بعد، بلغت "ذلك" الحلم!

() - قال ليك.. استانلي كوبريك!

قال لي وهو يتطلع في الوجوه باحثا عن أصحابه في الزحام.

لم أفهم ما قاله فسألته: تعني كيرك دوجلاس، الممثل؟ أم من هذا الذي ذكرته؟

قال ونظره لما يزل يتنقل بعيدا عني مما أتاح لي فرصة التأكد من أنه – جادا- يلقي عليّ معلومة جديدة

- كوبريك المخرج!

سألته: كيف عرفت؟ فبدا كأنني أتشكك في معرفته وألقى هو اجابته على عجل ملحقا لها بقراره المفاجئ:

- في آخر الفيلم يكتبون اسماءهم. أسمع، ارجع أنت البيت. سندخل الدور الثاني. يللا!

أندهش قليلا لعدم مناكفتي له في هذا القرار لكنني حقيقة فضلت الرجوع الى البيت وسريعا. فأولا هو قد كذب عليّ لانهم لن يدخلوا الدور الثاني بل سيذهبون للسهر في الجنينة حول أحاديث معقدة وكنت أنا حاضرا طرفا من حديثه لصديقه، ولم يكن حديثهما مشفّرا الاّ قليلا بعبارات يأخذونها من الكتب الشائكة. ثانيا حيرني أنه أضاف اسما جديدا مرتبطا بالفيلم الذي يعرض حاليا وباعزاز واضح له ولمن أسماه محرر العبيد، سبارتاكوس.

() فكرت وأنا أتحاشى الأزقة المظلمة، رغم أنها الأقصر، وفكرت وأنا أغتبط لأنوار السيارات التي تنير طريقي بين حين وآخر من أين عرف اسم المخرج ومن قال إنه مخرج عظيم؟ انه يقول " قال ليك..." عبارة يقصد بها التفخيم.

كانت لهفتي لبلوغ عتبة البيت تقلع بي من خوف غريب ومفاجئ الى فرح، الى وثبة ناقصة، الى احتباس وشيك لانفاسي ثم الى هروب جبان عبر دهليز موحش طويل يقذف بي الى حضن البيت وأمانه.

والآن وقد ألصقت سريري بسريرها وانسحبت داخل بطانيتي، أستطيع أن أقلب الامر على أوجهه. أن أكشف الاسرار.

() - تعشيت؟

جاءني صوتها واهنا وكنت أظنها نامت، فقررت أن أسمعها تنفسا منتظما كي تعفيني من الحديث، وسؤالها في مثل هذه الحالة، لو تجاهلته لدقائق لأعقبه شخير مكدود يفتح أمامي تلك الخلوة التي أنشدها. الخلوة المحضورة بالرؤى. لكن فيلم هذه الليلة أثار فيّ تساؤلات مربرة وانتقل بي من كونه فيلم الى ذلك الشريط البني اللامع ذي الثقوب في جنبيه الذي كنا نحس بفداحة أن تجرفه الرياح عبر ميدان الخليفة فنركض وراءه متسائلين أي فيلم يكون فيه؟ أي ممثل؟ فينتهرنا مدرس الجمباظ واقفا بالشورت والنظارة السوداء: بس خلاص يا شطار!

أوغلت أمي في نومها و أصوات "اسبارتاكوس" من طعان وصليل وقعقعات تترى دون أن يخرج لملاقاتها معادل بصري من سراديب ذاكرتي وإن خرج، فثمة شخص ليس من الفيلم في شئ، أقول، شخص في ثياب أفرنجية يتجول تحت السيوف غير آبه لصليلها!

وجدتني اتقلب هكذا لا أدري أي صفحة يأتيني فيها النوم، تتفلت مني الرؤى نحو زوايا غامضة لكنها ناضحة بمعان جديدة مستغلقة.

() وخفتت الاصوات، بعثرها اشتداد الريح. أدركت من همهمات نائية ونداءات غائرة متداخلة أن حشد المشاهدين قد غادر دار العرض. لكنه لن يعود، بل هو مع اصدقائه القادمين من دور عرض أخرى، من العرضة، بانت وحي البوستة في برنامج أعرف بعض أسراره من بعيد، مسرحه تلك النجائل المسوّرة بنبات التمر هندي المشذّب بعناية من قبل البلدية وكانت هذه النجائل تفصل شطرى شارع العرضة وتشكّل منتزها غريب الوجه والتكوين.

هنالك كانوا يتبادلون الآراء والكتب أو خلاصتها وأغلبهم اذا عرفوا موضوع الكتاب شفاهةّ تحدثوا عنه حديث العارف المتمحص. هذه الكتب لم تكن في نظري الآ مصدر قلق وتوترات فهي إما ثمار محرمة أو هي نادرة ومتنازع على ملكيتها، يأتي الناس للسؤال عليها كسؤالهم عن طفل تائه ورغم كل هذا، فالواحد من هذه الكتب تراه قابعا على التربيزة فتحس له هيبة، بغض النظر عن حجم الفائدة التي يمكن أن تجنيها اذا أنت تجشمت فك رموزه، و المعرفة بهذه الكتب المتحركة عبر نجائل وحدائق أم درمان وحواريها بعد العاشرة مساء، تضعك في مرتبة متميّزة أوهكذا قالوا ولكن حافظ لم ير أميّز من مرتبة سربره فكان يضع الكتب تحتها، كلما سحبتها أمي، ظنا، أن مكانها الأرفف مع كتب والدي الصفراء، أسرع هو يعيدها تحت مرتبته مجنبا لنا كارثة أصطفاف التفاسير والسيّر النبوية مع أعمال ماركس وسارتر! وحالة حشر الكتب هذه كانت، أصلا، عند والدي، يجعل بها الأوراد أقرب ما تكون اليه، تحت المرتبة، حتى تداخل لون صفحاتها الصفر مع مكونات نسيج مرتبته المبتلة بفضل هوايته في بخ الماء على جسمه!

() خاطرآخر، يتعلق بقصة الكتب، أشرق علىّ فأرسل جفنيّ ينفتحان على سعتيهما. أزحت عني غطائي محاذرا ألاّ يحيد عنقريبي عن "كوز" وضع

تحت رجله لقصر فيها. وتحسست طريقي خارجا من الغرفة.

كانت ليلة داجية خرجت لها النجمات كلها ودنا بعضها يسمعنني لغطا، لكن انفلات ذلك المذنب من خلفها جعلني أركض فزعا لادخل الغرفة الأخرى محتبس النفاس!

وكان سريره في تلك الغرفة، التي أغاظني إتخاذه لها غرفة له بعد أن كانت مهملة، عنقريبا(3) ذو أرجل سمينة ملفوفة ومطلية بالجملكة عليه مرتبة قديمة، ثقيلة الوزن، عليها خرائط من ماء لكونه يتلكأ في إدخالها من الحوش في الليالي المطيرة، مستمتعا بأحدى هواياته: معاقرة الرذاذ!

الخاطر الذي هلّ عليّ وأرسلني، كمن يمشي في نومه، كان يقوم على فرضية أن الحل لأي معضلة يكون دائما هناك وما على المرء الاّ أن يقوم يشوف حكايته! وأسرار هذا التحول الواضح في كلامه واهتماماته، أسرار هذه المعرفة اليقينية عن ثورية سبارتكوس وثورية المخرج الذي أختار أن يمجده، لابد أنها ترقد هنا، تحت هذه المرتبة، وفي كتاب ما.

() وقفت فوق المرتبة أستجمع قواي وأصرف عن ذهني المخاوف بأن شيئا آخر ينتظرني تحت المرتبة من قبيل الثعابين والعقارب. أمني نفسي بمرأي كتب في طبعات بيروتيه على ورق حائل اللون، خشن وبأغلفة مصقولة ملوّنه، لها نفس تلك الرائحة الأثيرة التي كنت أشمها من كتب والدي الصفراء.

لدهشتي، لم يكن تحت المرتبة أي كتب! لكأنها إنقلبت ثعابين وأسرعت تختبئ في أركان الغرفة. كانت هنالك قصاصات بها أسماء وعناوين وهذه الورقة

المنزوعة من مجلة وعليها قائمة باسماء ممثلين ومخرجين أمريكيين يقدمهم السطر الأول من الورقة على أنهم يساريين. لم يكن من بينهم، قال ليك، ستانلي كوبريك!! لماذا هو ليس بينهم وأين ذهبت الكتب؟

عدت الى مرقدي أدخر أسئلتي ليوم جديد .



(3)

أتاوا 1999


أيقظتني الممرضة بتحية الصباح وقالت: يمكنك الذهاب ا

وكانت هي معي!

ولم يك هنالك جليد على الطرقات!

لم أمكث بالمستشفى حتى الربيع، طبعا، كلها ساعات حدث فيها انسحاب الجليد وما أدراني؟

لعلها طبيعة الأشياء هنا!

وكانت هي واجمة، تسألني وقد بدا لها أني بخير: هل أنت بخير؟ هنالك خبر هام!

وطبعا كنت بخير. كانت هناك نشوة انقشاع الجليد واندحار ذ لك الطبيب الذي لم ير ما رأيت و لاسمع الاّ ما لم أسمع فأخلى سبيلي تقديرأ منه لبلاء حسن أبليته في موضوعة الصدمة الثقافية وعكسها. أما نتائج فحص كيمياء دمي فقد اتفقنا أنّ له أن يقرأها على ضوء أي علم آخر عدا الطب!

قلت لها معتقدا أنني أنقل لها أهم ما حدث: طبعا بخير. ولكن هل تعرفين؟ لقد مات شخص مهم!

توقفت هي كأنما لتخفي نحيبا أنكرته دواخلي.

قلت لها: مات شخص مهم جدا والله!

سألتني وقد طغت الدهشة على إرتعاشها: من؟

لوهلة تبينت وهم انقشاع الجليد فأسرعت أستدفئ بالقول: واحد صاحب حافظ أخي، مخرج سنمائي! لابد أن أكتب لحافظ!

قاطعتني:

- تعيش انت!

تجاوزت عبارتها لمدالق دمعها فاذا بها أخاديد تلوى عبرها رجع سؤالي:

- حافظ؟

أومأت لدمعها. تصدعت، وإنداح منها سائل الاحزان.

قلت: يا الهي... متى حدث هذا؟

قالت: اتصلوا ليلة الامس... .

حط نظري فوق صندوق بريد منتصب يقاوم هامه الجليد. تذكرت أنني طلبت من الممرضة أن تعطينى نسخة من مقال التأبين ذاك و لكنني نسيت أن آخذها. عدت أسألها والنفس تدرأ عن نفسها وطأ الفراق:

- هل أنت متأكدة؟ حافظ؟ لقد كان معي ليلة الامس؟.

بكيت وأنا أحكي لها ليلة معراجه تلك ويزداد إحساسي بما حولي من عصف وضعضعة.

كان الجليد باهرا

وكنت أنت حاضرا

وكانت الرؤى كذلك

وليس بعد الآن ما أبثه اليك،

ليس بعد الآن،

سدت المسالك!

حتى الردى سبقتني اليه، تعرفه

وإن يقال عنك هالك. (5)


أتاوا 1999ـ2003

حاشية:

(1) العنوان إقتباس وترجمة لعنوان مقال بالانجليزية (Unblinking Visions) في تأبين المخرج السينمائي ستانلي كوبريك.
(2) إشارة إلى رواية "جابر الطوربيد" لمحمود محمد مدني.
(3) Eyes Wide Shut آخر أفلام المخرج المشار إليه أعلاه
(4) سرير.
(5) أبيات كتبتها في نعي شقيقي حافظ مدثر.

Post: #8
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-13-2009, 02:04 PM
Parent: #7


أحمد محمد حمد الملك

كاتب وروائي سوداني.

صدر له: الفرقة الموسيقية، رواية، دار جامعة الخرطوم للنشر 1991.
عصافير آخر أيام الخريف، رواية، دار الخرطوم للطباعة والنشر 1996.
الموت السادس للعجوز منوفل، قصص قصيرة، دار الأهالي 2001.
الخريف يأتي مع صفاء، رواية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2003.

_________________________

الشيطان يحمل بطاقة هوية مزورة



رأيته فجأة يوم السوق، بين أكوام النسوة اللائي يعرضن للبيع ديوكاً هرمة خالية من الريش، وبيض الدجاج الذي يفقس الكتاكيت أثناء عرضه بسبب شدة القيظ، وبين الباعة الجوالة الذين جفت أصواتهم بسبب الصراخ على بضائعهم الرخيصة من عقود الخرز الملون وأواني البلاستيك، ورغم أن مظهره كان لافتاً للنظر بسبب ملابسه الغريبة وعينيه الشبيهتين بعيني صقر، إلا أن أحداً لم يكترث له، وهو يعبر وسط فوضى العفونة الناجمة عن أسماك الكور التي يضطر الباعة إلىكسر أعناقها حتى لاتقفز من طاولات البيع أثناء عرضها، ووسط فوضي الإرتباك الذي ساد بين الباعة لحظة مرور رجال الضرائب لطرد الباعة الذين لم يسددوا ما عليهم من رسوم، كان يمضي بهدوء مترفعاً عن هذه المصائب البشرية ساحباً خلفه شمساً صغيرة يعرضها للبيع بسعر التكلفة كما كان يعلن بصوت جاف مثل فحيح أفعى، ورغم أنه كان متخفياً بدهاء في ملابس شيخ ملتح، إلا أنني تعرفت عليه ومنذ الوهلة الأولى، ومن على البعد راقبته وهو يسحب خلفه شمسه الصغيرة منادياً عليها بلهجة غجري بأنه يمكن استخدامها للإضاءة ليلاً وأنها مضمونة لمدة عام، وكان يحمل في يده حزمة من الأوراق القذرة بسبب بصمات الأصابع، مربوطة بإحكام بشريطٍ من قماشٍ أزرق فيها ما يثبت كما كان يعلن ملوحاً بها، أنه استولى على هذه الشمس بطرق مشروعة، كان يرفع صوته قائلاً:

- لا كسوف بعد اليوم.

إلا أنه اضطر إلى تغيير ندائه بعد قليل، حينما اكتشف أن الناس الذين تكاثروا من حوله، لم يكونوا يرغبون في شراء شمسه الحقيره، التي يسحبها من خلفه مثل قرد بحبل من الحلفاء، بل ليستفسروا عن معنى كلمة كسوف، لأن الجيل الجديد الموجود في القرية لم يتسن له مطلقاً رؤية كسوف للشمس، فيما عدا مهرجان الكسوف المزيف الذي أقيم قبل سنوات من أجل تنصيب الملكة نورا ملكة على ايام الأربعاء، حتى أن كلمة كسوف ارتبطت في أذهان الجيل الجديد بمشهد فناة صغيرة فائقة الجمال ، زعمت الشائعات أن العميان كانوا يبصرونها حينما تعبر من أمامهم في قيظ الظهيرة فيما هم يقبعون بين أشجار الطندب، في انتظار لمسة شفاء نهائي على يد الملكة نورا حفيدة الملك كومالي الذي صعد إلى الأمجاد السماوية على ظهر ثور.

وفي النهاية حينما أيقن صعوبة بيع شمسه بخدعة الإضاءة الليلية، وتلمس الفتور في الهواء من حوله، وتعرف من بريق العيون أن الذين تقاطروا من حوله تجمعوا بدافع التسلية وأن أحداً لم يأخذ خدعته الضوئية مأخذ الجد، بدأ ينسب لها مقدرات علاجية، وفي البداية حاول أن ينسب لها بذكاء مقدرة مجربة على علاج القلق الناجم عن ضغوط إقتصادية، ولم تجذب دعواه الجديدة سوى بعض مديني البنوك وبعض المسنين الذين جذبهم إعلان أن النوم بضعة أشهر تحت هذه الشمس الخاصة يؤدي إلى شفاء مرضى الروماتيزم ويخفف من حدة حزن الشيخوخة، تقدم عجوز مترنح كان واضحاً من هيئته أنه لم يكن واثقاً من أن الإتجاه الذي يسلكه سيوصله إلى أي هدف، كان واضحاً أنه يسير لاعلى هدى ضوء الذاكرة بل على هدى ومضات النسيان، وفجأة حينما أصبح قريباً من نطاق الشمس الصغيرة المعروضة للبيع، توقف، ولاحظ الجميع أنه استعاد وعياً مشوشاً، وأنه لاحظ بسرعة أنه كان يسير دون خطة محددة وفجأة أصلح من وضع ثيابه واعتدل وبدأ يلقي خطبة حماسية عرف الجميع من مقاطعها أنها الكلمة الأخيرة التي القاها في الجمعية التأسيسية في العهد الديمقراطي الأخير، وفجأة استعاد العجوز مقدرته على النسيان ولاحظ الجميع أنه تشبث بها بقوة حتى أنه ركض ليخلص نفسه من نطاق أسر الذكريات.

تقدم ثلاثة من مديني البنوك كانوا ينظرون خلفهم بذعر خوفاً من هجوم مفاجئ من رجال الشرطة، ولحظة وقوفهم في نطاق الشمس المزيفة، بدا واضحاً عليهم استعادتهم لمبادرة فرح جماعي حتى انهم انخرطوا في الغناء ولكن فجأة كبسهم رجال الشرطة فانطلقوا يركضون وهم يغنون، ولم يكن هناك فرق سوى أنهم نسوا لماذا يطاردهم رجال الشرطة.

إلا أن أكاذيب الشيخ الغريب لم تثمر إلاّ حينما أعلن إمكانية إجراء اتصال مع الموتى بوساطة الشمس الصغيرة، عند ذلك تقاطرت مجموعة ضخمة من الأرامل اللائي فقدن أزواجهن نتيجة كوارث وطنية، تراوحت بين انقلابات عسكرية فاشلة، أو حروب أهلية، إضافة لأعداد من النسوة اللائي جئن بملابس الانتظار السوداء التي بدأت تتهرأ من فرط الصبر طوال سنوات في انتظار عودة المفقودين، قام الغريب بإجراء تجربة إقناع جماعية تحت شجرة جميز لقاء بضعة جنيهات جمعتها النسوة، حيث تحلقت النسوة في دائرة مغلقة حول الشمس الصغيرة في انتظار تحقق هذا الإتصال اللاسلكي غير المكلف، وبعد دقائق طويلة من الصمت الكثيف، قام خلالها الشيخ الغريب بقراءة تعاويذ سرية، بدأت تتضح مقدمات اتصال متقطع مشوش، وتجلت بوضوح خبرته الضئيلة في ضبط الصوت، فقد كان الصوت بعيداً وتتخلله صفافير أعاصير الموت، كما أدى عدم خبرته إلى نشوء خلط تقني في الأحزان، فرغم أن الأرملة فاطمة بت الزين كانت قد طلبت بأن تتحادث مع زوجها الميت منذ ستة أعوام بعد اعدامه رمياً بالرصاص إثر اتهامه في محاولة إنقلابية ضد الحكومة العسكرية، كانت الأرملة فاطمة بت الزين تتحرق شوقاً لإبلاغه بأنها ظلت وفية لعناده، حيث كان الزوج الأكثر عناداً في الدنيا، يحضر إلى البيت يوميا الأشياء التي لاتطلبها ويتجاهل تماماً الأشياء التي تطلب منه إحضارها، حتى أنها حينما تعودت على نزواته العكسية أصبحت تتجاهل الأشياء التي تحتاج فتقول له: نحتاج إلى لحم وخضروات، لتعرف أنه سيعود في آخر النهار وهو يتأبط لفافة تكتشف داخلها الحذاء المطاطي الذي تحتاج اليه. كانت الأرملة فاطمة تتحرق شوقاً لتبلغ زوجها أنها ظلت وفية لعناده وأنها لم تتزوج من بعده، مقررة أن تكذب عليه حتى في الموت لترفع من روحه المعنوية، بأن سبعة رجال تقدموا لها ولكنها رفضتهم جميعاً، رغم أن وفاءها كان إجبارياً، لأن أحداً منذ وفاة زوجها لم يجرؤ على الإقتراب منها، بسبب انتشار شائعة أن كل من يتزوج منها سوف ينتقل للدار الآخرة خلال أقل من عامين، لم تجد أحداً يجرؤ على مشاركتها غنيمة الموت، فركنت إلى وفاء متقطع، تخللت طقوسه مشاغلها من أجل الحياة وتربية ابنها الوحيد، كانت الأرملة فاطمة تتحرق شوقاً للتحادث مع زوجها إلا أن الشيخ الغريب قام بتوصيلها بوالدها الذي مات بسبب المجاعة غير المعلنة التي ضربت غرب الوطن أوائل عقد الثمانينات. وفي حين طلبت العجوز ملك الدار الإتصال مع ابنها الذي قتل في الحرب الأهلية، قام بتوصيلها بشخص غامض، زعم أنه كان زوجها الأول المتوفى في كاجوكاجي إثر إصابته بفيروس ايبولا أثناء عبوره نهر الزامبيزي مع قافلة من السواح البلجيكيين، إلا أن معلوماته كانت مشوشة، وبدا للعجوز ان زوجها الذي تبخرت صورته من ذاكرتها إلى الأبد، قد واصل في الموت نفس عدم انضباطه السابق في الحياة، لأنها عرفت من عمق صوته ومن رنة أحزانه أنه كان لايزال مخموراً، وفي حين طلبت الحاجة فاطمة بت فضل الله إجراء اتصال مع زوجها المفقود من سنوات، لالتطمئن عليه في الموت، ولكن لتحاول عن طريق إيحاء صوته، أن تستجمع خيوط صورته التالفة في ذاكرتها، حيث لم يتبق لها سوى صورة جانبية باهتة اقتطعتها من إحدى الصحف القديمة وفيها يظهر وهو يتحدث في الجمعية التأسيسية، وحتى تتأكد من أنه موجود بالفعل في الموت، لإبطال دعاوى العرافات اللائي زعمن لها بأنه موجود في الحياة، وانه سيظهر في اللحظات الأقل توقعاً، لكن الشيخ الغريب لم يوفق في توصيلها بزوجها رغم أنه أبقى خط الإتصال مفتوحاً لعدة دقائق ريثما يتم العثور على زوجها، وفي النهاية أوصلها بأحد أقربائها الذي توفي بسبب التعذيب في معتقلٍ سري.

وبسبب صدمة الأحزان الخطأ، تجمعت النسوة حوله،وحاولن الفتك به، رغم أنه حاول أن يشرح لهن أنه ليس مسؤولاً وأن الخلل يكمن في نقطة الإتصال البدائية الوحيدة في العالم الآخر، متوسلاً إعطاءه فرصة أخرى لضبط الأحزان. وهنا أبرزت له هويتي: رجل شرطة، وطلبت منه إبراز هويته، أخرج من جيب عباءته بطاقة هوية مزورة تفيد بأنه تاجر متجول مولود في بابنوسة، إلا أنني قمت بتفتيشه بدقة حتى عثرت على بطاقة هويته الحقيقية ملفوفة بإحكام في قطعة من الجلد، وأكدت بطاقته الأصلية شكوكي، كانت تحمل رقم تسلسله الشيطاني وبها صورته الأصلية، ويظهر فيها مزوداً بقرنين صغيرين مثل ذبابة، وشعر رأسه يبدو نافراً كأنه جذب بواسطة مغناطيس. أبلغته في البداية بالتهم البشرية المنسوبة له، وهي محاولة النهب والإحتيال، وانتحال هوية مزورة، كذلك واجهته بتهمة دخول الوطن والإقامة فيه بصورة غير شرعية وممارسته عملاً تجارياً دون الحصول على رخصة لذلك، كذلك واجهته بالتهمة الأسوأ: التهرب الضريبي، ورغم صدمةالمفاجأة إلا أنه استدرك نفسه سريعاً وأبرز رخصة تجارية سارية المفعول، وأبرز شهادة تثبت خلو طرفه من الضرائب.

سحبته خلقي إلى مركز الشرطة، ولحين انتهاء مشكلة توجيه تَهم بشرية إلى شيطان قررت احتجازه، وبعد مضي وقت قصير من اعتقاله، بدأ يستغيث فقد تحرش به بعض المساجين وضربوه وحاولوا تحطيم الشمس المزيفة التي كانت تسبب لهم أرقاً نهارياً بسبب مقدرتها على خلط أعراض الموت مع أعراض الحياة، حتى أن أحد المساجين أشعل النار في قدمه ليتأكد من أنه كان لايزال عل قيد الحياة، نقلته إلى زنزانة منفصلة وتسلمنا منه شمسه الصغيرة وحررنا له إيصالاً بتسلّمها، ثم رفعت إلىرؤسائي تقريراً وافياً بالحادثة، ولضمان عدم تسرب معلومات حول انتهاك إضافي لحقوق الشيطان، أشرفت بنفسي طوال ايام إطعامه، وأضفت إلى طعامه بعض العظام القديمة، لأني قرأت في أحد الكتب أنها الوجبة المفضلة للشيطان، إلا أنني لاحظت في الأيام الأخيرة أن حالته النفسية كانت تسوء باضطراد وأنه أصبح يركن إلى الصمت فساورني الإعتقاد أنه سوء حالته النفسي كان ناجماً عن اكتسابه لصفات بشرية، وأنه لم يعد يطيق العزلة، فأحضرت له بعض الصحف، طالع عناوينها الرئيسية بعدم اكتراث في البداية، ثم نبذها جانباً، لكنني حينما عدت في اليوم التالي وجدته غارقاً وقد زايله القلق في مجهود إحصائي لحصر عدد موتى الصحف اليومية، حيث وجدت أنه توصل إلى نتيجة تفوّق عدد الموتى على عدد الأحياء في الصحف اليومية، كذلك وجدته منهمكاً في إحصاء أحكام الطلاق المعلنة في الصحف اليومية والتي استنتج منها بعد حسابات مطولة استعان فيها بأرقام من ذاكرته الشيطانية أن الوطن في حالة جنون طلاق جماعي.

بعد فراغه من إحصاء المصائب اليومية في الصحف، والتي استغرقت وقتاً طويلاً عاد مرة أخرى للذبول، وبدأت حالته النفسية تسوء مرةً أخرى، فاكتشفت للمرة الأولى أن اكتشافه للمشاكل، كان وقوده الأفضل للتماثل للشفاء، فتذكرت يوم شاهدته للمرة الولى طليقاً وكيف كان يبدو سعيداً وهو يعبر نطاق نتانة أسماك الكور المتصاعدة في قلب السوق بين باعة الخضروات الفزعين من هجوم محتمل لرجال الضرائب، والأرامل اللائي يقطعن ايام الإنتظار الممل، في بيع اشياء صغيرة مستحدثة من الملل، يواجهن بثمنها جزءاً من نفقات الحياة الباهظة، وحيث رجال الشرطة يطاردون المزارعين الذين لم يستطيعوا الوفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك بسبب كساد المحصولات الزراعية، في اليوم التالي اقتحمت زنزانته بأعداد إضافية من الصحف، حدست أنها ستزوده بوقود المشاكل لعدة أيام، لكنني اكتشفت بعد قليل، وبعد أن شرعت في التحاور معه، بأنه لم يكن موجوداً، واكتشفت أنه ترك في المكان رائحة مميزة تعطي إحساساً خاطئاً بأنه لايزال موجوداً، كان قد هرب بعد أن قام بتحطيم نافذة التهوية، واكتشفنا أنه استعاد قبل رحيله، شكله الشيطاني حينما عثرنا على شعيرات فولاذية متناثرة في المكان، وبقايا أظافر سوداء، وبقايا دم أسود، ورغم أنني لاحظت أن صورته تحللت بسرعة من ذاكرتي بحيث لم يتبق منها سوى نتف باهتة من صورة شيخ ملتح يعرض للبيع شمساً صغيرة بسعر التكلفة كما كان يعلن، إلا أن آثاره في المكان ظلت قوية في صورة أرق نهاري ناجم عن خلط أعراض الموت مع الحياة، حتى أن كل الأشخاص الذين مروا بالمكان كانوا يعانون حنيناً خارقاً لا للحياة، بل للموت، بسبب شعور خارق بتشابه أعراض الموت مع أعراض الحياة.


Post: #9
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-13-2009, 03:48 PM
Parent: #8


آرثر غبريال ياك،
كاتب وقاص.
له مجموعة قصصية تحت الطبع بعنوان "الفجر الحزين".




لا يهم فأنت من هنـــاك




قد يكون حظك كحظ الذين كانوا يضحكون على النبي نوح عندما كان يبني فلكا قبل الطوفان الإلهي العتيق، أو كحظ أومودو دونقو أوكيلو الذي أعدم رميا بثلاثة وثلاثين سهما مسموما لأنه أكل- عن طريق سحره الذي جلبه من غرب أفريقيا- قلب ابنة جاره "إسحق الفوراوي"، تماما كما تنبأت عرافة "جبل خير" التي أسلمت الروح قبل ثلاث عشرة شهرا أثيوبيا من عيد ميلادها المائة. وقد تسبر أغوار عالمك الكجوري وتغوص في بحيرة أحلامك الآسنة شابا أفريقيا شكسبيري الطراز يرتدي زى من العصر الفيكتوري ويمشي الهوينى في بهو "التن داوننج ستريت"، ربما أستقبلك عامل النظافة وسط جوقة من كورال الكنيسة الأنجيلكانية في شارع جوموكينياتا فاعتقدته القس جورج كيري، أو ربما استجبت لدعوة عابرة أفريقية بنفسجية الوجه لتناول عشاء في مطعم البيكاديلي.



أطلقت ساقيك لريح الجليد بعد أن أطلق الحفيد الخامس ل فان جوخ كلاب حراسته لتتصيدك لأنك لا تستحق اللجوء السياسي.

في شارع فلاحي الملمح، لا أعلم فلاح صعيدي ينحدر من صلب "رمسيس" أم فلاح قدم من منطقة بحر الجبل متطوعا في حرب الأيام الستة. لا يهم، فأنت من هناك، من مدينة جنوبية الرائحة. أذهب، فهناك ستجد المكتب الذي سمعت عنه كثيرا، بداخله أناس صفر الوجوه لا يطيقونك. أنت لاجئ سمج. هل لديك أطفال؟ كنت أعلم انك أب لأربعة شبان حتى أواخر عام 1994. لكني بعد كثير عناء علمت أن الشبان الأربعة هم أبناء شقيق كليتو جوزيف أبو شكه الذي راح ضحية مجزرة ليلة العرس في منزل بجوار محكمة نمرة 3. كان ذلك في عام 1965.



أنت أب أو أم هذا لا يهم، المهم هو أن تذهب إلى هناك. فهؤلاء المقرفصين داخل الغرف المكندشة، والذين بلغ رزقهم على المعذبين في الأرض مبلغ السيل الزبى سيجعلون طفلك، الذي وضعته في رصيف إحدي السفارات، يتيما غير مفطوم.



نعم لقد مت في اليوم المحدد والساعة المحددة والدقائق التي بعدد حروف اللعنة: REJECTION وحين نطق بهذه الكلمة كانت روحك قد غادرت جسدك. ما أثقل جثث اللاجئين! كانت جثتك عبءً ثقيلا على كاهلنا. الكنيسة: "ما فيش فلوس"، قال القس. شهر من الزمن الأجرب ظل جسدك مسجى داخل ثلاجة المشرحة. "عاوزين تشوفوه؟" سأل عامل المشرحة الذي كان يأكل طعام غداءه ورائحة الجثث تملأ المكان. "ماشي هات حلاوة" بصق الحانوتي على وجوهنا، وقد كان على حق فلم نكن نملك حفنة جنيهات لنشتري بها الكفن.



هناك خلف الترابيزة، في المكتب الأنيق، في شارع فلاحي الملمح، امرأة بدينة تدخن سيجارة نظيفة تنفثها بعنجهية في سماء الغرفة. هكذا كانت تدخن جدتك "تنباك الكتكر" بشراهة عندما قالت لك، وهى تمارس شعائر شعوذتها المقدسة تحت شجرة الجميز عند ضفاف نهر الجور، إن رحلتك ستتوقف عند المنطقة التي تعقر فيها طمي النيل وتفقد أنوثتها الطاغية. سألتك البدينة بعد أن أشعلت السيجارة الثالثة: "عندك أيه مشكلة سياسية؟" فجأة تذكرت غرفة تطل على ال"سيتي بنك". منع الاغتسال، الطيارة قامت، الحرمان من التبول وقضاء الحاجة الطبيعية. ضحكت وقالت: "دي ما مشكلة سياسية"، ثم أشعلت مارلبورتها السادسة. كانت هيئتها تنطبق عليها النظرية الداروينية. "عندك علاقة بالحركة الشعبية" سألتك. تقافزت إلى ذهنك كل الأشياء الشعبية. اللجنة الشعبية التي لم توزع السكر منذ ثلاث سنين، الشرطة الشعبية، الإعدامات الشعبية الجهادية كأقصر الطرق إلى دخول الجنة. ضحكت الموظفة حتى ارتجت فرائصها سبع درجات بمقياس الأمم المتحدة. قلت الكثير: كنت أجبر على تقليد نقيق الضفادع، نهيق الحمير. ستة أشهر منعت من أداء فريضة الصلاة.



في تلك الليلة، في مقر اللجنة القومية للانتخابات، رأيت فيما يرى النائم ـ نعم أنت وحدك رأيت ذلك، أما أنا فقد أعدمت قبل ذلك بستة أشهر في مزرعة بسوبا ـ الملك جبرائيل، هزيلا يصلي من أجلكم جميعا، حتى من أجل الذين كانوا يشرفون على تعذيبك: "عصفور" "جكس"، "بدران"، لم يعلم الملك جبرائيل أنها أسماء حركية: "يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعرفون ما يفعلون "قال ذلك واختفى كسحابة صيف في الثالث من شهر مارس.



تورد جبينك عندما نزعت الموظفة قميصك وسكبت دمعة على الطفاية. شيء واحد لم تذكره، لو ذكرته لانتفضت الموظفة والهيئات الدينية ونقابات بيع وشراء الكلى، لكنها لا تتعدى أن تكون زوبعة سكر على قعر الفنجان.



وأنت متجه إلى الشارع نفسه، في الأوتوبيس، داهمتك أحلاما جميلة: أمريكا؟ لا في جرائم كتير. كندا؟ أيوه، لكن بس كلام البرد ما صعب. استراليا؟ أووه ده ما توب يا جيك!. نطق الموظف الدولي أسمك عاليا، الكل كان ينظر إليك وأنت تشق عباب الزحمة مخترقا الأحلام الوردية التي تعشش في أدمغتهم. نفض الظرف. أكثر من مائتين بؤبؤ عين مركزة على الورقة التي بين يديك. اختلطت الحروف عندك. تقلب الجواب رأسا على عقب، أو على قفاه، تبحث عن نظارتك الطبية في أركان جيوبك المثقوبة. في آخر لحظة تتذكر أن الشيخ "حسن" إمام مسجد القيادة العامة بالخرطوم والذي كان يشرف على تعذيبكم في سوبا قد داسها برجله.

ـ مبروك يا...

ـ عقبال ال Resttlement !

ابتسامات "الهجرة إلى الشمال" ارتسمت على شفاه أطفالك. "مشروع حضاري دا كلام فاضي وخمج" عفويا خرج هذا الكلام من فمك.

كنت تشخر شخير من سهر ليلتين دون أن يغمض له جفن.

ـ سيبوه يا جماعة والله تعبان.

لكنه كان قد أتى و أنت ممسكا بورقة الكشف الطبي بكلتي يديك. حينه نطق منفعلا فجاء صوته مشروخا:

ـ يا أبو الشباب صح النوم.

فتحت عينيك بفتور واضح وقبضة يدك اليمنى تحاول أن تمنع هواء التثاؤب من الانتشار في أرجاء المكان. غالبك النعاس مرة أخرى.

ـ يا شاب أنت ما عاوز تدفع ولا شنو؟

كانت بلهجة أكثر حدة هذه المرة، عدت إلى وعيك، نظرت إلى يديك، لم تكن هنالك ورقة الكشف الطبي.

ـ يا جماعة الكشف الطبي ورقة الكشف الطبي يا جماعة.

صرخت عاليا، ضحك الجميع، ألقيت نظرة سريعة عبر الشباك، كان النيل الأزرق هادئاً والبص ما زال في وسط كبري بري يمشي كسلحفاة في الشهر الثالث من عمرها.


Post: #10
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عبدالوهاب علي الحاج
Date: 08-13-2009, 06:44 PM
Parent: #9

Quote: اذ لا يمكن لكاتب لا يقراء
Quote: وهل هناك كتاب قصة في السودان ؟
Quote: ومن خلال قراتي لبعض محاولاته القصصية
اها ان شاء الله ياحمور تكون استفدت
لووووووووووووووووووووووووول
مبالغة لكن

Post: #11
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: ombadda
Date: 08-13-2009, 06:57 PM
Parent: #10

Copyright violation

Post: #12
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عبدالوهاب علي الحاج
Date: 08-13-2009, 08:04 PM
Parent: #11

كتب شوقي بدري
Quote: كتب الابن الاديب حمور زياده موضوعاً رائعا تطرق فيه للجندى المجهول محمد عبد الله شقيق المهدى الذى قتل فى معركه الابيض . ومن المؤكد ان تاريخ السودان كان سيكون متغيرا اذا كتب لمحمد عبد الله ان يعيش بعد سقوط الخرطوم . لان المهدى لم يثق باهله الاشراف فيما عدا شقيقه محمد . كما اورد بابكر بدرى فى تاريخ حياته ان المهدى قال ود سليمان امين بيت المال قد افسد الاشراف وانه يتبرأ منهم دنيا وآخره ونفض ثوبه ثلاث مرات .

وكانت هذه مداخلتى وردى على الابن حمور زياده الذى هو المؤزخ والاديب الذى انتظرناه كثيرا .

..............................................................

كتبت كثيرا عن فترة التركية الاخيرة. ولم يسمع الناس او لم يهتموا . فترة التركية الاخيرة كانت حكم سوداني ببعض الاشراف من مصر والانجليز والقناصل الاوربيين. لان عندهم مصالح تجارية وهذه اصعب واسوأ فترة في الحكم التركي .وهذا ما ساعد في اشعال الثورة المهدية.

هنالك مثل يقول جانا جية سعيد باشا . وسعيد باشا عندما جاء في الستينات الى الخرطوم. اقتنع بان السودان مشكلة بالنسبة له . وانه يكلف خزينة مصر اكثر من ما يدخل عليها. وان جنوده يموتون في السودان بسبب الامراض او القتل او الاحتراب. فأخذ كل الدفاتر والقى بها في النيل حتى المدافع القى بها في النيل. وغسل يده من السودان .

شقيق سعيد باشا , ابو صقور الذي اتى للصيد بالصقور في السودان, مرض ومات قبل ان يرجع الى مصر . وكان الكبار في كاكا شمال اعالي النيل يحكون لنا عن ابائهم الذين شاهدوه يصطاد بالصقور. كان هذا بالنسبة لهم نوع من السحر.

اجتمع كبار السودانيين. وطلبوا من سعيد باشا ان لا ينسحب من السودان.... وأعيد ... ان لا ينسحب من السودان. لان انسحابه سيجعل (الناس تاكل بعض) وانهم سيكفونه مؤونة السودان. ولن يكلفوه اي شيء ,بل سيرسلون له جزية. وصار ابوسن مديرا للخرطوم . وصار من حكام السودان ابو نخرة الدنقلاوي. وخالد زقل قريب المهدي الذي عرف بالمؤامرة والكذب. ولا يزال السودانيون يقولون ما تزقل. وكان الحاكم الفعلي في دارفور قبل سلاطين باشا. وكان ادريس ابتر وشقيقه اسماعيل ابتر حكاما في الرجاف . وادريس كان ادمرال ومساعد الزبير باشا في فترة من الفترات لدرايته بالمراكب والابحار . وهو رئيس ما عرفوا بالبحارة الذين سيطروا على تجارة الرقيق والعاج من الجنوب. ولا ننسى الزبير باشا الذى كان من اتباعه فى الاول ادريس ابتر والنور عنقره ورابح فضل الله .

كان هنالك كثير من الابطال اللذين خدموا الحكومه . منهم الملك صالح وعفيفى وود الترحو فى دارفور وخشم الموس فى الخرطوم وعلى الجله وعبد الرحيم ابو دقل . وعبد الرحيم ابو دقل وعلى الجله تعاونوا مع الجيش الغازى . وقام عبد الرحيم ابو دقل باعتقال الخليفه شريف واولاد المهدى وسلمهم للحيش الغازى . ونصب على الجله زعيما لقبيلته بعد الفتح ..

وكان هنالك الياس باشا ام برير الذي حكم كردفان وهو جعلي وكان اغنى رجل في الابيض وينافسه اولاد دفع الله. إلا أن الغديات انتفضوا ضده وقالوا (انحنا مناجل ــ جمع مانجولك ـــ وما بندفع الطلبة للجلابة). وحورب الغديات ومات شيخهم. ولم يفسح الجنود لابنائه لكي يتراجعوا بجسمانه كالعادة بل ضايقوهم. ومن وصلوا مراكز عليا من السودانيين كان الشلالي الذي قتله المهدي وابوكوكة الذي هلك هو وجيشه وهو يحاول ان يفك حصار بارا عندما كان يدافع عنها النور انقارا (النور عنقرة). عند موت ادريس ابتر في بارا 1882 ترك جزاء من جنوده الذين اتى بهم من الرجاف وهو في طريقه للخرطوم. وهؤلاء الجنود انضموا الى جنود النور عنقرة ودافعوا عن بارا.

الفترة التي سبقت استلام السودانيين للجزء الاكبر من السلطة في السودان, كانت فترة الاوربيين الموظفين مثل استانلي بيكر حاكم السودان ود. امين و جسي الايطالي وآخرين.

لاصلاح الامر تعاهد الخديوي مع غردون باشا الذي اشتهر بالشجاعة وكان متدينا ويكره الظلم وتجارة الرق. ولكي يتفرغ لمحاربة تجارة الرق رفض مرتب استانلي بيكر الذي كان عشرة الف جنيه استرليني في السنة واقتنع باثنين الف جنيه فقط. كان يصرف جلها في امور خيرية. وكان يطوف كل السودان. وينظر في الشكاوي وكان له في كل بلدة صندوق شكاوي وحارب تجارة الرق بطريقة عقائدية واعطى الرقيق حريتهم. وكان غردون باشا يسافر في بعض الاحيان لوحده وعلى جمله.

هنالك صورة لغردون الباطش والذي فتك بالصينيين. ولكن غردون كان يظن انه يحارب نظام امبراطوري كريه كانت العبودية عموده الفقري. وكان العبيد يقتلون لاقل سبب. وكان مئات المطوشين يخدمون في قصر الامبراطور حتى منتصف القرن العشرين. وكانت مقابض السيوف والخناجر والبنادق تصنع من عظام سيقان وافخاذ العبيد.

وفي الهند اوقف الانجليز عادة حرق الزوجات بالقوة. وعندما قال احد المهراجات لجنرال انجليزي نحن دولة تقاليدها تقول ان المراة تحرق بعد موت زوجها. فقال الجنرال الانجليزي نحن دولة تقاليدها تقول ان من يحرق سيدة نقتله.

لا تنسى عزيزي حمور . ان اليابان لم تكن تسمح للنساء بان يصوتن او ان يكون لهن اي تنظيم او وزن سياسي او اجتماعي , الى ان ارغم الجنرال الامريكي المتغطرس الاستعماري ماكآرثر امبراطورية اليابان باعاطاء النساء حقوقهم المدنية.

ليس كل ما قام به الانجليز او الاوربيون سيء.

وكما كتبت من قبل ان غردون كان ارق قلبا واكثر معقولية من الانصار الذين هاجموا الخرطوم ومنهم جدنا الاكبر محمد ود بدري وابنه بابكر بدري واخوته سعيد وموسى واعمامهم مالك وشكاك وكل اهلهم.

وزوجة بابكر بدري فيما بعد نفيسة بت احمد المليجي شاهدت وهي طفلة صغيرة والدها واخوتها الاربعة مرفوعين على اسنة الرماح عندما اجتاح الانصار الخرطوم. انا اورد هذه الاشياء حتى نعيد النظر في التاريخ.

عندما اقيل الياس باشا امبرير من حكم كردفان واتو بمحمد سعيد جراب الفول, لان القبائل لم تقبل بالجلابي. حقد على الحكومة وكان من خيرة جواسيس المهدي واتصل به فيما بعد وشجعه على الهجوم على الابيض. وكان المهدي في زياراته قبل اعلان مهديته ينزل عنده. ولكن الرجل الذي كان له القدح المعلى في مساندة المهدي وتشجيعه كان الفكي المنا وهو من الجوامعة وكان قريبا جدا من محمد شقيق المهدي وهذان الشخصان كانا اقوى شخصين في بداية الدعوة المهدية.

ارجو ان نلاحظ ان هنالك اكثر من فترة كان فيها غردون في السودان. ففي الفترة اللتي خلف فيها صمويل بيكر كان يريد ان ينشر العدل ويوقف المواطنين بواسطة حكامهم من اولاد البلد . وهذه هي الفترة اللتي استعمل فيها الكرباج بشدة ونهب الخلق. وكلمة سلفقة تاتي من الكلمة سفالق وهذا ما يضيفه محصل الضرائب لنفسه وحرفت الكلمة وصارت سلفقة. غردون كان يحاول ان يعطي الناس قدوة حسنة فكان لا يسمح بالنهب ويدفع ما ياكل جنوده ويدفع اجر الجمال اللتي يستخدمها, على عكس الآخرين. وعندما اعجب بجمل جورجس ميخائيل في الابيض وهو شقيق يوسف ميخائيل المقدم ملازم الخليفة عبدالله فيما بعد وصاحب الطاحونة في الابيض وكاتب مذكرات يوسف ميخائيل. والجمل كان مشهورا اشتراه غردون بستين ريال وكان هذا اكثر من ثمن عبد شاب قوي وكانت الاغنية تقول.

جمل جورجس ابغوفه

افتحولي الباب اشوفا

ستين ريال دقوها في المخلوفه

وهذا شيء غير عادي ان يساوم وان يشتري حاكم السودان جملا من مواطن. وهذا الجمل يقف الاآن في ابردين في اسكتلندا . فمن الصورة اللتي اخذها غردون صنع تمثال لغردون على ظهر ذلك الجمل. شاهدناه ونحن صغار في الخرطوم مع تمثال كتشنر على الجواد.

جميل يا حمور انك تطرقت لمحمد عبدالله شقيق المهدي. فمحمد كان رجل ادراي ولم يكن لعبدالله التعايشي دور يذكر قبل استشهاد محمد عبدالله في الابيض. الى معركة الابيض لم يستعمل المهدي اي سلاح ناري وكان يقول ان السلاح الناري نجس وانه لوكان يفيد صاحبه فكان من الممكن ان يفيد الذين كان يحملونه في حروبهم ضد المهدي. ولكن بعد ان تعرض المهدي لهزيمة مؤلمة في هجوم على الابيض وموت شقيقه محمد احس المهدي بفاعلية سلاح النار. وكاد المهدي ان يفقد حياته في تلك المعركة ولو واصل الجنود مطاردتهم فمن الممكن جدا انهم قد يقتلوا المهدي وكثير من قواته ولكنهم رجعوا بسرعة للتحصن.

بعد هذا قويت حجة من كانوا ينادون باستعمال سلاح النار وارسلوا لاحضار الاسلحة النارية والمدافع اللتي غنموها من راشد والشلالي وتغيرت طبيعة الحرب.

الخليفة عبدالله التعايشي وكثير من اهل دارفور كانوا يعرفون قيمة السلاح الناري . فعبدالله التعايشي كان فكي الرزيقات والذي يكتب احجبتهم في حربهم ضد الزبير باشا. ولقد اسره الزبير باشا وامر بقتله ولكن قضاة الزبير باشا عارضوا قتله بدعوى انه رجل دين وليس بمحارب.

وهنا تغيرت الحرب من حرب شجاعة وفروسية وسيوف ومزاريق الى حرب بنادق الرمنتون والمدافع. وكان هذا انتصارا للمعسكر الذي ينادي باستعمال سلاح النار و ولمع نجم حمدان ابوعنجة. وهو الذى اجهد جيش هكس للمتابعه والهجوم بالبنادق فى الليل . والنور عنقرة والزاكي طمل بعد ان انضما للمهديه . وكل من تحكموا في سلاح النار. وتغير ميزان القوه لان اولاد البحر لم يكونوا متمكنين من استعمال سلاح النار . .

بعد سقوط الابيض وموت محمد عبدالله الذي كان المقرر والقائد في الثورة المهدية فتح الطريق امام عبدالله التعايشي وكان قتل العجيل في الابيض وارسال قوة للحاق بالفكي المنا في عقر داره وقتله واسترجاع كل الاسلاب والغنائم اللتي اخذها من الابيض.

وكان المهدي قد اودع اسرى الحكومة بعد سقوط الابيض عند بعض رؤساء القبائل. وبعد ان قويت شوكة عبدالله التعايشي, ارسل لزعماء هذه القبائل بقتل الاسرى ومن بينهم محمد سعيد جراب الفول حاكم كردفان. وكان المهدي قد عفى عنهم في الابيض. وكان الغديات مثلا سعداء بقتل الاسرى انتقاما لقتل زعمائهم متناسين ان السبب كان الياس باشا امبرير الذي صار الآن احد المقربين من المهدي.

من اسوأ ما حدث في بداية المهدية كان كتلة ابوحراز جنوب الابيض. وقد قتل فيها النساء والاطفال وتلتها كتلة التيارة. واجبر النساء لان يسقطن على السيوف باعناقهن حتى يتجنبن الوقوع في اسر الانصار.

محمد عبدالله شقيق المهدي كان يتسم بالمعقولية وكان شجاعا يتقدم الصفوف ولهذا قتل في الابيض. كما لم يكن يسمح للاشراف او اهل المهدي بان ياخذوا اكثر من الآخرين وبد موته صار الاشراف يسيطرون على الخلق وكان لهم من العبيد والحشم . وعاشوا حياة تفوق حياةالحكام السايقين وكان وقتها ود سليمان هو امين بيت المال, فقال المهدي في الجامع وكما اورد باكر بدري بعد ان سمع باذنه..... ود سليمان خرب الاشراف انا متبري منهم دنيا واخرة .....ونفض ثوبه ثلاثة مرات.

محمد عبدالله شقيق المهدي كان رجلا بسيطا متجردا والمهدي سمى ابنه عليه. وهذا الابن كان كذلك شجاعا ومقداما وهو اول من استشهد من كبار رجال المهدية في كرري . وعندما كانت الرشاشات تفتك بمشاة الانصار كان بعض القواد يقف ساكن على ظهر الخيل فقال محمد ابن المهدي ...يعني نستناهم لمن يجو يمسكونا بالايد.... ودفع بحصانه الى اتون المعركة لكي يستشهد مثل عمه وسميه..

التحية,,,

شوقي


المصدر

Post: #13
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عبدالوهاب علي الحاج
Date: 08-13-2009, 08:31 PM
Parent: #12



Quote: صدر عن "دار الأحمدى للنشر" صدرت المجموعة القصصية الجديدة "سيرة أم درمان" للأديب السودانى حمور زيادة.

المجموعة التى تقع فى 235 صفحة من القطع المتوسط، تضم 16 قصة قصيرة من بينها "ليالى القبة النشوانة" و"صباحك سلمى" و"غدا يعود حبيبى" و"عندما هاجرت الداية" .


تدور القصص ما بين البادية والريف السودانى فى جو يغلب عليه التراث والحكايات والقصص الشعبية وقصص الحب، إضافة إلى العديد من المقطوعات الشعرية التى كتبها القاص أو أصدقائه حيث يسلط الكاتب الضوء على مشاكل الريف السودانى تلك المشاكل الصغيرة فى تفاصيلها الكبيرة فى أثرها.

وفى قصته "عندما هاجرت الداية" على سبيل المثال عكست لنا القصة بمجملها تعرض المرأة لكثير من المشاكل والمعاناة فى تلك الأرياف البعيدة ابتداءً من اضطهاد الرجل إلى ندرة الاهتمام بالصحة الإنجابية إلى معاناتها فى الزواج، وقد نجح الكاتب فى إبراز تلك الصور بلغة بسيطة وأسلوب رشيق وفى أسلوب متسلسل أسقط لنا الكاتب إشارات عن مجتمع يعيش مشاكله ويعالجها.

المصدر هنا

Post: #14
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: أمين محمد سليمان
Date: 08-13-2009, 09:23 PM
Parent: #13

والله يا وهبه لقيتك بتاع مشاكل بشكل !!!
حسي إنت قايم علي الجريفاوي ده زي كانو نبذ حمور ! ياخي الزول قال :
Quote: هذا الشاب الذي ومن خلال قراتي لبعض محاولاته القصصية اكتشفت فيه توافر الرغبة الشديدة في الكتابة عسى ان يكون جهدي مقدراً ومفيداً لحمور وكل المهتمين بالقصة.

يعني قاصد يساعدو لا أكتر لا أقل !
بالله يا ابراهيم ما تزعل من وهبه ، الراجل حالتو النفسيه الأيام دي ما كويسه و شغالين معاهو كلنا ، و الحمدلله في تحسن كل يوم !

Post: #15
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: أمين محمد سليمان
Date: 08-14-2009, 03:15 AM
Parent: #14

والله يا الجريفاوي بعد ما كتبت تعليقي الفوق ده ، جيت قريت البوست تاني و لقيت إنو ممكن فهم ملاسي و وهبه يكون صاح ! و طبعا كلو من حقك تنبذ ، تشكر ، تنتقد حمور كلو عادي بالزبادي ، بس لو تكرمت و وضحت لي إنت قاصد ياتو واحده عشان نناقشك في رايك ، تكون ما قصرت ...
و اقعد عافيه .

Post: #16
Title: والزعل مرفوع
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-14-2009, 10:09 AM
Parent: #15

الغرض من البوست واضح ، استفزاز حمور ، الأديب حمور ياوهبة، بمجموعة نصوص قصصية لكتاب سودانيين ، دعوة لحمور للتركيز مع الكتابة والقراية والتفرغ للابداع ، قد يخدم الأمر حمور كقاص اذا تم التعامل مع الأمر فعلاً كعملية مثاقفة " يعني لو فيكم واحد قراء واحدة من القصص المنشورة دي " قد ينجح الموضوع في مستوياته القريبة " البوست " او في مستوياته البعيدة مع حمور ككاتب يعرف النقد ويستوعبه، وهو في نظري لدعم المشروع الحربي للكاتب ، قناالفكرة عندو وبيحمل نواة كاتب جديد جيد ، فقط اذا قراء نص واحد من النصوص المنشورة هنا ، بدون كبر وتعالي.
...
...

افيدونا ياجماعة ، نواصل في النماذج ولا مافي زول محتاج ليها في رايكم، يا ادباء الزمن ؟

Post: #17
Title: Re: والزعل مرفوع
Author: محمد البشرى الخضر
Date: 08-14-2009, 10:33 AM
Parent: #16

Quote: قناالفكرة عندو وبيحمل نواة كاتب جديد جيد ، فقط اذا قراء نص واحد من النصوص المنشورة هنا ، بدون كبر وتعالي.
المشكلة يا جريفاوي في الكلام دا و ما يحملو داخله من فرضيات اوردتها على شكل حقائق لا تقبل الجدل
يعني اذا لم يقرأ احد النصوص اعلاه - او غيرها - لن ينجح ككاتب
ومن افترضت حكاية الكبر و التعالي ف القراءة
ومن الأول اساسا ليه افترضت انو حمور ما قرأ القصص الجبتها دي تحديدا
اللهم إلاّ إذا كان البوست دا متابعة لحوار دار بيناتكم دا شي تاني في الحالة دي سامحنا على الطريقة الفهمت بيها البوست

Post: #18
Title: Re: أمبدة يااااي
Author: ombadda
Date: 08-14-2009, 10:37 AM
Parent: #16

Quote: يعني لو فيكم واحد قراءواحدة من القصص المنشورة دي

قراء
قراء
قراء
قراء
قراء
قراء
للمرة المليون (قراء) فى المنبر دة بتجيب لينا الضغط
Quote: فقط اذا قراءنص واحد من النصوص المنشورة هنا ، بدون كبر وتعالي.

قراء
قراء
قراء
----
ننصح أخينا بالإطلاع وكثرة القراءة قبل إبداء النصح لأدباء فى قامة الأستاذ حمور

صاحبك
أمـــــبدة كرور
وبالطبع الزعل مرفوع

Post: #19
Title: Re: أمبدة يااااي
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-14-2009, 11:58 AM
Parent: #18

قراء يا كرور ، شكرا علي التصحيح ، ياصديق ؟

كلام جميل يابشري ، الافتراض الذي افترضته انا ان الشاب لم يقراء هذه النصوص ولم يطلع علي تجارب القصة القصيرة في السودان بشكل كاف مبني علي كلام كان قد كتبه هنا في المنبر بانه ماقرا ولا سمع بقاص اسمو مصطفي مدثر ! قنا نساعده فهناك عشرات القصاص ربما لم يسمع بهم ، وربما كمان واحتمال قرايتو ليهم دي تنفعو في ابداعو لقدام في لغتو وبناءه وخيالاته ، عموماً شكرا علي المداخلة الرفيعة.

هل نحتاج الي نماذج اخري ؟ ولا " القصة" فسدت ؟

Post: #20
Title: للكمثري
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-14-2009, 12:44 PM
Parent: #19

أسامة الخواض .

"وللكمثرى وظيفة أخرى"

أو الوقائع الخفية في حياة "منصور السناري"





9/12/1987.


الحديقة يكسوها الثلج وبقايا صمت متناثر. العشاق يلتصقون ببعضهم بحثا عن الدفء الهارب من شوارع "صوفيا".. محطة الباص خالية إلا من العشاق والسكارى والتائهين مثلي.. قبل قليل كانت هنا.. تلبس معطفا عادياً يخلو من ذوق الأنثى. لكنه دافئ ومزدحم ببصمات أصابعنا العشرين.. شعرها مبعثراً كان. ومندى ببقايا ثلج وعطر خفيف.. كانت هنا للمرة الأخيرة.. وجهها كان مليئا بخزن غامض وبعض قسوة غير معلنة.. قالت لي "أنت غير جاد.. سأعاني من ماض معك.. ليست مشكلة، لم تترك لي مجالا للتعليق، أخذت حقيبتها الأفريقية وهرولت حتى غابت بين أشجار "مدينة الحرية".. وكانت تمارس بوجع هوايتها المفضلة "البكاء" لم أكن حزينا، لكنني سرت صامتا .. وخلافا لعادتي القديمة، لم أغن على الطريق إلى محطة الباص.




10/12/1987م.




صحوت من النوم متأخراً.. تحسست سريري المترجرج، تذكرتها بعمق وشهوة.. أخرجني من ذلك العمق الجميل صوت زميلي في الغرفة مصيحا على، وداعيا إلى شرب كأس من الشاي.. شكرته معتذرا بأنني لم أنظف فمي جيداً من قبلات قديمة.. بتعجل شديد ارتديت ملابسي، وقذفت بنفسي في الطريق.. شعرت بآلام حادة في كل أجزاء جسمي مع قلق لطيف.. دخلت المطعم الطلابي، وخرجت منه مثقلا برائحة الخس والتفاح.. عددت "الفكة" التي في جيبي، فاكتشفت إنها لن تسمح لي باحتساء كوب من القهوة، والتمتع بمنظر النساء الجالسات، -وأيضا- النساء الواقفات في الصف.. أدرت النظر بحثا عن السودانيين، فلم أجد أحداً، فانحشرت في أول باص.




مزدحما بالارتباك دخلت مبنى الكلية، ألغيت المحاضرة، فجلست على مقعد في الحديقة المجاورة.. منذ عام كان هذا هو اليوم الوحيد الذي لم تحضر فيه خفية مندسة من عيون الفضوليين، بي اشتياق لسماع جملها المرتبكة.. كان يزعجني عدم قدرتها في اختيار المفردات.. قلت لها ذات صفاء (ولماذا لم يسموك "ارتباك"؟).. بكت..




17/11/1986.




كنت أقيم في السكن الطلابي المجاور لسكنها.. ولهذا السبب – فقط – كان على تدريسها اللغة البلغارية ضمن مجموعة طلاب جدد.. منذ خمس سنوات أقوم بهذا العمل.. لا أنكر إنني أجد متعة في ذلك العمل رغم التكرار والرتابة، ففي هؤلاء العصافير تحس طعم البكارة، وتشم رائحة السودان الذي لم أطأ ثرائه منذ ست سنوات.. بدأت بالحديث عن قواعد اللغة البلغارية.. شارك كل الحاضرين بالنقاش والأسئلة والتعليقات المرحة.. كانت صامتة، بين الحين والآخر كانت تلتفت ناحيتي.. لم تجذب انتباهي، عادية الجمال كانت، ومن وجهها يطفح نشيد حزين وأليف.. ترتدي بنطلون جينز قديم، وبلوزة اجتهدت – إلى حد كبير – أن تبدو أنيقة.. رغم ذلك كانت تذكرني بالمقدمين على الجنون.. لم أعرها انتباها، وواصلت الشرح بين أكواب الشاي والعصير ورائحة السجائر.. انتقلت إلى الحديث عن المذكر والمؤنث والمحايد..فجأة انفجرت محتجة على ما أسمته التقسيم العشوائي (العلم مذكر أو مؤنث.. المحايد كذبة في ثوب اللغة) حاولت إقناعها بكل ما أعرف عن اللغات التي أجيدها.. وتلك التي لا أجيدها.. احتد النقاش بيننا، ففضل البقية فض الجلسة إلى موعد آخر هرول البقية إلى مساكنهم، وبقينا "أنا وهي" كان الثلج قد بدأ في السقوط خفيفا واعتدل الطقس قليلا.. كان الطريق فارغا إلا من مظلات تهرول في اتزان لزج.. قلت لها (لماذا خرجت في هذه الساعة؟).. لم تعر سؤالي اهتماما.. وبعد صمت قصير، حدقت في وجهي طويلا وعميقا. طأطأت رأسها، ثم نظرت إلى في تودد مشوب بالصرامة الأنثوية، وقال (هل لديك رغبة في مواصلة النقاش,) لم تنتظر إجابتي.. فردت مظلتها، وأشارت إلى بعينيها، فدخلت تحت المظلة.. كنا نسير صامتين وراء السكن الطلابي.. سألتني فجأة "أنت مذكر؟" وأردفت: وأنا مؤنث؟.. هل يعقل أن تكون هذه المظلة محايدة؟.. هبت الريح عاصفة.. أمسكنا بعود المظلة صرنا نغالب الريح، كنت صامتا، وعادتها كانت تثرثر عن أشياء كثيرة في ترابط غير منطقي.. وبعد قليل أفلتت المظلة من أيدينا، وسقطنا على الأرض.. من غصن عال في شجرة كمثرى كانت المظلة ترقب كائنين يتحدثان بلغة المتاهات..


22/12/1987.




بعد انتظار طويل في صفوف بقالات صوفيا. نجحت في الحصول على زجاجة كونياك، ودجاجة ورغيف.. دلفت إلى السكن الطلابي رقم 100 حيث يسكن صديقي بارودي.. كانت صوفيا تعبق برائحة البيروسترويكا، وبعض ارتباك يلف شوارعها وأحياءها، وأنا أعبق ببقايا كمثرى.. شاردا كنت.. في منتصف القعدة قال لي "بارودي" (أفهم أنها قد حركت في نفسك شيئا لا أستطيع فهمه.. ولكن حسنا فعلت، في لا تليق بك).. صمت، وواصلت الشرب في نهم وسرحان.. صرت أعب الكؤوس عبا حتى ثملت.. لم أتناول عشائي.. نزقا هرولت في الممر.. حطمت كل المرايا وزجاج النوافذ والأبواب.. غازلت العابرات في وقاحة.. حضرت الشرطة واقتادتني.. أمام مركز الشرطة، طلبت تدخين سيجارة.. أطلق سراحي لبعض الوقت.. لم أضع الفرصة، قمت بالتبول في حوض للزهور.. قام الشرطي بضربي من الأمام حتى سقطت مغمى على.. صبوا على ماء بارداً.. وحينما أفقت، سألوني "لماذا خرقت القانون؟".. فرأوا على مسمعي كمية من المواد التي تدينني، وسألوني (هل ترغب في قول كلمة أخيرة؟).. قلت لهم: اكتبوا.. أجنبي يبحث عن كمثرى في سماء صوفيا.. اتهمني الشرطي بالثمالة والبله، وقام بضربي.


23/12/1987.




في العاشرة صباحا، قام الشرطي بإطلاق سراحي بعد تغريمي خمس ليفا عقابا على تبولي على الزهور، ووعد بإبلاغ الأمر إلى المسئولين عن السكن الطلابي ليقوموا بمعاقبتي مرة أخرى.. خرجت مرتبكا أفكر.. لما كان ما كان؟.. دلفت إلى حانة مهملة، وطلبت زجاجة بيرة.. أشعلت سيجارة "بالتأكيد سيقوم مسؤول السكن الطلابي بتعليق صورتي في مدخل السكن متهما أياي بسوء السلوك، لن يدور بخلده كيف عشت هنا ست سنوات، قضيت ثلاثة منها بدون إمرأة.. بعد ذلك عثرت على غجرية تائهة قمت بتنظيفها قبل التهامها.. طلبت زجاجة أخرى وصحنا من الكباب والبطاطس. من الحانة تنبعث موسيقى شعبية ذكرتني بالقرويات اللواتي كنت اصطادهن من الشوارع الصامتة.. كن يعانين من أزواجهن المدمنين ووطأة الطلاق.. كن يفهمن إننى عابر.. كما كنت - في الجانب الآخر – متأكدا من هذا جيدا.. رغم ذلك، كان هنالك شيء يروقني جدا في علاقتي بهن.. كن يستقبلن بترحيب رائع طريقتي الخاصة في التعبير عن شعوري نحوهن.. كنت أفكر مع النساء بصوت عال.. سببت لي هذه الطريقة متاعب كثيرة مع النسا"ء المهذبات" قالت لي أحداهن يوما "أنت مهذب وطيب، وتبدو مثقفا.. معظم النساء يعجبن بك من البداية، ولكن ينقصك شيء واحد".. قاطعتها "أفهم ذلك.." ولكن هؤلاء العابرات يفهمن إنني أفهم ذلك، ولذلك لبرهة من الزمان يطرن من الابتهاج على إيقاع طريقتي المبتكرة، ربما لأننا جميعا غرباء نبحث عن دور خاص يليق بحالتنا.. ورغم ذلك لم تكسر تلك العلاقات روتين حياتي.. كبقية الطلاب السودانيين الضائعين مثلي. كنت أدخل زجاجة خمر لأخرج منها إلى أخرى أكثر قوة وأعنف سريانا.. بصوت عال ونشاز نغني أغانينا المكررة، نتشاجر، نشتم بعضنا البعض ثم ننام بالعشرات في غرفة واحدة.. نصحو لننتعش، نضحك، ننسى شجارات البارحة، نخرج، نفترق لنلتقي بدون سابق إنذار في غرفة أخرى.. نطرق أبواب الطلاب الذين يبيعون الخمر سرا. نهرق أموالنا ونحن جياع. قال صديقي "عبد الصمد" (نحن كالغجر).. "نعم" أم "لا" لا أدري.. لكنني أعرف جيداً شكل هذا الفضاء السلافي.. ست سنوات عصافير وعصافير عبرت، وشهادات هرولت، وجنازات هاجرت، والرتابة سيدة هذا الفضاء.. ولذلك نفرح بالطلاب الجدد لأنهم يكشفون لنا خواء هذا العالم، ويغيرون شكل القعدات (النقاش) الأغاني – طريقة إدارة الشجارات الليلية – و.. إلى أن يدخلوا الحلقة الجهنمية، فيكشفون لنا ضرورة هذا الخواء.


1/1/1988.




ممرات السكن الطلابي ممتلئة احتفال رأس السنة. وان محنط في سريري أشم رائحة كمثرى.. كيف تسلقتني هذه الكمثرى؟ ربما لسذاجتها الطفولية.. كانت صرامتي تجاه الأشياء والحوادث تزعجها، وأيضا تعجبها هي الشاردة في ثلج الغربة.. كعادة البنات القادمات من السودان ممتلئة – كانت – بالوحشة، ومن حديثها يفوح إحساس قاتل بالوحدة والعزلة.. كانت تبكي من سخريتي على العالم، وكانت تبكي – كذلك – من النشوة على سرير مترجرج تفوح منه رائحة السجائر و "الصعوط" والكتب القديمة وبقايا الخمر والقيء والبول.. لما تسلقتني؟ سرب أسئلة يحلق في فضاء غرفتي.. أسئلة هنا، وأخرى هناك.. مرة سألتني: ما هو شعورك حين خرجنا متعانقين ذلك المساء؟.. في ذلك الزمان صمت، وبكت هي بحرقة لم أفهم معناها، ولكنني – الآن – أذكر بلذة ووجع خفيف كيف خرجنا – تلك الليلة – متعانقين متشابكي الأيدي في صمت واطمئنان ووجل.. كنا نسقط على الثلج وننهض متعانقين مرة أخرى دون أن ننفض عن ملابسنا بقايا الثلج والطين وأوراق الشجر المتساقطة في مفترق الطرق بين سكنينا ، افترقنا كل إلى طريقه دون أن ننطق بحرف أو نلتفت إلى بعضنا.. إلى الآن لم أسألها عن شعورها ذلك المساء.. كنت لا أعطيها الفرصة كي تعبر عن نفسها.. ربما لاستيائي من طريقتها في التعبير عن ذلك، وربما لأنني كنت اعتقد أن ذلك غير مجد لإنسان مثلي يعتبر نفسه عابرا دوما في هذا العالم.. ولكن هل كانت عابرة؟ ربما من نوع خاص – كما فهمت الآن – كانت تعبر أسلاك الخوف وتندس – كلما هزمها الحنين في انكسارات عقلانيتي وشراهتي للنساء الخائفات.. مرة قالت لي (أخاف عقلانيتك مثلما أخاف حاجبيك الجميلين).. كنت – أيضا – أخافها، ولكن بدرجة أقل.. أخافني سريان الحنين الخفي الذي بدأ يتملكني أن الذي اعتقدت أنني قد تخلصت من العاطفة الهشة.. ست سنوات تعلمت أن أهزم مثل هذه المشاعر، أنا "منصور السنا ري" المعزول عن هواء وطنه ورائحته.. انقطعت عني الخطابات، وساهمت في ذلك بكسلي. سرت إشاعة عن زواجي بأجنبية، فقاطعني أهلي.. لم أكترث، وعودت نفسي على هذا.. لكني أشك - الآن – في كل ذلك.. فمع هذه النقطة الساذجة بدأت أكترث.. شيئا فشيئا صارت تمتلكني طريقتها الفريدة في نطق الكلمات "أجي ، بري ، كُر عليّ" بحس استشراقي، أعجبت برد فعلها تجاه ما يدور حولها.. تعبر عن شعورها وانفعالها بكل جسدها و..دموعها.. لكم امتلأت قمصاني وملاءات ووسائد سريري بفيضان بكائها.. كنت أرقب هذا الكائن العجيب بلذة بدأت باردة، ثم اشتعلت كما أنا مشتعل الآن.. فهمت – الآن – لما لم استطع أن أرد على سؤال مدير السكن الطلابي عقب تلك العاصفة. قال لي (لقد سكنت معنا هنا ست سنوات.. وكنت شابا وديعا ولطيفا.. ما الذي حولك هكذا؟ هل تعاني من مشاكل أسرية؟ هل في حياتك امرأة؟ هل.. هل".. في هذه اللحظة فقط، أدرك أن في حياتي عبرت امرأة ذات طعم خاص، أشعلت حياتي الخابية. واختفت ليظهر لي سؤال غريب "كيف سأرجع إلى وطني"؟


15/12/1988.




مطار صوفيا مزدحم بالمودعين.. أصدقائي يحشون حقائبي بالخطابات والهدايا، ويحشون ذاكرتي بالوصايا للأهل والعشاق. حانت ساعة الدخول إلى صالة المطار وودعتهم واحدا واحدا في شرود أصيل وأسى مصطنع.. شعرت بوخز عميق في قلبي.. كيف سأواجه وطني؟ كانت هي تقف منزوية، لم تودعني، وكانت ترمقني بطرف عينها الثالثة.. كانت حزينة في إباء أنثوي مهزوم، وكنت مرتبكا قليلا.. رمقتها باشتهاء كسير.. "ماذا في حياتي"؟.. داهمني هذا السؤال عند بوابة الدخول.. كنت أفكر فيه وأنا أتابع إجراءات السفر في تبلد.. فاحت رائحة كمثرى فسعلت.. تذكرت قولا لصاحبي بارودي "ليس من الضرورة أن تؤكل الكمثرى، ولكن لها وظيفة أخرى.." الطائرة المغادرة إلى الخرطوم ستحلق بعد خمس دقائق.. حملت حقائبي وهرولت تجاه لغز قادم وسؤال يطاردني "ماذا ستكون في حياتي"؟



صوفيا 17/11/1989.

Post: #21
Title: Re: للكمثري
Author: محمد عبد الماجد الصايم
Date: 08-14-2009, 12:52 PM
Parent: #20

حمور ممكن يكون نايم ويكتب ليكم مجلد قصص!
خليهو من يجي يقرا ليكم الكلام الكتير دا!

Post: #22
Title: Re: أمبدة
Author: ombadda
Date: 08-14-2009, 01:22 PM
Parent: #21

Quote: كلام جميل يابشري ، الافتراض الذي افترضته انا ان الشاب لم يقراء هذه النصوص ولم يطلع علي تجارب القصة القصيرة في السودان


تاااانى
يقراء
يقراء
يقراء
يقراء

الظاهر عندك مشكلة عويصة مع (قرأ)..نفس المشكلة كانت عندى فى المرحلة الإبتدائية..الحل فى كتابة (قرأ) وليس (قراء) مائة مرة..
حاول أكتبها مائة مرة وبإذن الله ستحل هذه المشكلة العويصة...


صاحبك
أمبدة السبيل
والزعل مرفوع طبعا

Post: #63
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد عبد الماجد الصايم
Date: 08-19-2009, 03:33 PM
Parent: #7


Post: #23
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: نهال كرار
Date: 08-14-2009, 02:09 PM

قول على البوست السلام يا إبراهيم :)

هل من حق القارئ العادي توجيه نقد أو رأي كما يحدث هنا باستمرار, من دون أن تفتك به الشللية في البورد !
لو ربنا هون ومالحق البوست أمات طه وفسد بجي أكتب رأي :)

Post: #24
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: ombadda
Date: 08-14-2009, 02:39 PM
Parent: #23

الأستاذة نهال

Quote: هل من حق القارئ العادي توجيه نقد أو رأي كما يحدث هنا

أبحث عن هذا النقد أو الرأى فى هذا البوست ولا أجده...هل تعنين إتهام القرفاوى للأستاذ حمور بعدم القراءة نقد أو رأى:

Quote: اذ لا يمكن لكاتب لا يقراء ان يكون كاتباً من أساسه

بينما لا يميز هذا القرفاوى بين (يقراء) و (يقرأ)
Quote: هذا الشاب الذي ومن خلال قراتي لبعض محاولاته القصصية

قراتى ...قراءتى يا قرفاوى وليس قراتى


----
Exit
كل ما فى الأمر Peer Review بس لاذع شوية

Post: #25
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: نهال كرار
Date: 08-14-2009, 03:36 PM
Parent: #24

أستاذ أمبدة

كان ممكن تكتب رأيك دا لابراهيم؟ انك ما شايف دا رأي أو نقد وغيره
تكرار تنبيهك لخطأ كتابة, بيعني انه ما قصدك التنبيه لخطأ بقدر ماهو رد على بوست ما عجبك بمحاولة تخريبه, دا في حد ذاته عدم تقبل لوجة نظر غيرك, الممكن يكون شايف عكس الإنت شايفه
ممكن الناس تتناقش, أي زول يكتب وجهة نظره الشايفها, هل لازم الأعضاء يكونوا مجموعتين مع أو ضد؟ هلال ومريخ في كل بوست.

بعدين يا أمبدة حتى الكتاب والشعراء بيرتكبوا أخطاء في الكتابة( نحوية أو إملائية ) دا ما بعني انهم ما كتاب ولا شعراء ولا بعني أنه ابراهيم ما بقرأ
أبسط مثال القصة الحائزة على جائزة الطيب صالح, والمنشورة في سودان فور أول, فيها ما لايحتمل من أخطاء نحوية وإملائية .. وأخدت الجائزة :) تصدق !

Post: #26
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عبدالوهاب علي الحاج
Date: 08-14-2009, 04:22 PM
Parent: #25

Quote: قناالفكرة عندو وبيحمل نواة كاتب جديد جيد ، فقط اذا قراء نص واحد من النصوص المنشورة هنا ، بدون كبر وتعالي.

يا جريفاوي
ازيك
كلامك دا كويس ونحن بعيد عن الشللية الاتهمنا بيها لا ايدنا لا كراعنا ونفترض توفر حسن النية في بوستك دا وخليني بالله اعتذر ليك عن مداخلتي الاولى البايخة .
عندي اسئلة صغيرة كدا وبختمها بطلب صغير برضو.. وارجو ان يتسع لي صدرك .
اول سؤال : ذكرت ان حمور عندو الفكرة وانو نواة لكاتب جديد جيد فقط اذا قرأ نص واحد -على حد تعبيرك- لواحد من الكتاب الفوق ديلاك ... انت من وين جبت حكاية انو حمور ما بقرا ولا مرّ على كتابات المذكورين اعلاه كما تفضل الزميل محمد البشرى ؟
ولو افترضنا انو حمور مثلا اختار نص عادل القصاص عشان يقراهو ... طيب كيف اصبح عادل القصاص قاصاً دون ان يقرأ نفس النص لعادل القصاص ؟
وبما انو محسن خالد اتعرف كاديب بعد القصاص بحوالي 15 سنة على الاقل بالتالي ما بيكون القصاص قرأ حاجة لمحسن خالد عشان يبقى قاص ؟
ام ان هناك طرق اخرى لاكتساب المعرفة ومهارات الكتابة ؟
والطلب الصغير : ياريت تتناول لينا اي نص من قصص حمور بالنقد والتحليل وابراز مناطق القوة والضعف واثبات ان حمور لا يزال كاتب جديد وبجي منو او ما بجي منو ... او اي نص من النصوص الفوق دي وتعمل لينا هاي لايت للحتات المتوفرة فيهو ومفقودة عند حمور .

وتقبل تحياتي ومودتي

Post: #27
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: أمين محمد سليمان
Date: 08-14-2009, 04:46 PM
Parent: #26

شكرا يا جريفاوي علي التوضيح ....
شفت يا وهبه الوقت المقضينو معاك عمل شنو ؟ بقينا نجليها واقفه ، و إنت تفهمها طايره !!

Post: #28
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: fadlabi
Date: 08-14-2009, 05:00 PM
Parent: #25


إبراهيم و ضيوفه..

شاع الحديث في القرن الماضي عن موت التلوين. قالوا أن الذين يلونون مستخدمين أي أساليب التلوين و خصوصا الواقعية لا و لن يضيفوا جديدا لم يأتي به فنان سابق.
و بدأت كليات الفنون المحترمة في اوروبا تقبل العديد من الطلاب الذين لم يجيدوا أي حرفة يدوية. كان ذلك الوقت حربا غير معلنة على كل الأشكال التقليدية للفنون. حتى بدا كأنه من العيب أن تصف نفسك بالملون أو النحات. و مضى الأمر لأبعد من هذا حيث كان فطاحلة الفنانين في سباق محموم لكسر المألوف بكل الطرق. حتى أتى الشيخ مارسيل دوشامب بما لم يخطر على بال أحد عندما عرض مبولة قديمة نزعها من مرحاض ما و وضعها داخل صالة عرض واصفا إياها بالمنحوتة جاهزة الصنع. كان جدله قائما على تأثير المكان على الأشياء الموجودة أصلا و كيف يتغيير معناها بسهولة إذا تغيير الوسط المحيط بها.
هذه المقدمة سببها الشبه الغريب الذي أجده في طريقة كتابة حمور زيادة و طريقة تفكيره التي استنبطتها من مناقشات سابقة و طريقة الفنانين الأوربيين الذين لم يستسلموا للقول بموت التلوين. بل زادهم هذا عنادا و واصلوا التدرب على أساليب الفنانين القدامى و تدريسها. و برعوا فيها. و أيضا الشبه بين منطق إبراهيم و الحداثيين من الفنانين في أوروبا.
و الحقيقة كلا الأمرين جائز و صحيح عندي. فلولا التمرد على كل ما هو قديم لما وجدت الكثير من الأفكار العظيمة طريقها الى مكانها في المنتوج الفكري البشري المجيد. ولولا تمسك المحافظين على القواعد التي وجدت بعرق و تفكير السلف و طورت حياتنا الى ما هي عليه لضللنا الطريق عند محاولتنا تقفي أثر الأفكار و تطورها.
الآن و احدة من مدارس التشكيل الجديدة إسمها الواقعية الخارقة. و فيها يلون فنانين شباب بواقعية و تقنية عالية ساعدتهم عليها التكنلوجيا قد تفوق دافنشي و مايكل أنجلو في براعتها و دقتها.
و نفس الوقت يلمع نجم فنانين كبار لا يجيدون رسم الخط المستقيم بلا مسطرة. و في كل خير
المواضيع التي يرسمها الواقعيون الجدد لا تشبه المواضيع القديمة و لا زالت قادرة على التواصل مع جمهور عريض. و الفنانين الحداثيين من شاكلة الأفانجارد و النيو افانجارد يثيرون أسئلة لا يستطيع الواقعي الجديد إثارتها. و في كل خير
المدهش أن الحداثيين يعيشون الدور التقليدي للفنان الآن. فهم مشهورون بفقرهم المدقع على طريقة فان جوخ التقليدي جدا. و هذا دليل على دائرية التأريخ و إشارة ربما على عبقرية ما ينتجونه. بينما الواقعي الجديد يسهل عليه بيع منتوجه لأنه يجني ثمار تأريخ طويل عانى فيه أسلافه من الفقر لأمد طويل حتى أثبتوا قيمتهم و قيمة صنيعهم للناس فقدروهم.
و هذا الصراع الفكري القائم يستفيد منه الجمهور المتلقي بالمكان الأول و يستفيد منه حمور و إبراهيم إذا فتحوا صدورهم و عقولهم لبعضهم البعض و تنازلوا عن فرس المثقف ذات الظهر العالي.
هنيئا للسودان بحمور الكلاسيكي المجدد
و بالقصاص و الخواض و إبراهيم و كل دعاة الحداثة. ففي كل خير




Post: #29
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عبدالوهاب علي الحاج
Date: 08-14-2009, 05:45 PM
Parent: #28

Quote: المواضيع التي يرسمها الواقعيون الجدد لا تشبه المواضيع القديمة و لا زالت قادرة على التواصل مع جمهور عريض. و الفنانين الحداثيين من شاكلة الأفانجارد و النيو افانجارد يثيرون أسئلة لا يستطيع الواقعي الجديد إثارتها. و في كل خير
Quote: المدهش أن الحداثيين يعيشون الدور التقليدي للفنان الآن. فهم مشهورون بفقرهم المدقع على طريقة فان جوخ التقليدي جدا. و هذا دليل على دائرية التأريخ و إشارة ربما على عبقرية ما ينتجونه. بينما الواقعي الجديد يسهل عليه بيع منتوجه لأنه يجني ثمار تأريخ طويل عانى فيه أسلافه من الفقر لأمد طويل حتى أثبتوا قيمتهم و قيمة صنيعهم للناس فقدروهم.
شكرا فاضلابي
ومعليش يا جريفاوي عصرت عليك
وعلى خلفية مداخلة فاضلابي عندي سؤال اخير ومباشر
هل لازم حمور زيادة يقرأ للحداثيين ويكتب بطريقتهم ولازم ينتمي لمدرسة الحداثيين ؟ ام ان القراءة والنقل والاستفادة تجوز من كتاب القصة الذين ينتمون للمدرسة الواقعية ؟



____
علما بانو انا وهبة خالك دا .. كاتب زي اسامة الخواض دا لو جاني في اوضتي دي بمشي اقعد في الاوضة التانية شفت كيف ؟

ارقد عافية

Post: #30
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Hussein Mallasi
Date: 08-15-2009, 10:58 AM
Parent: #29

Quote:
طيب كيف اصبح عادل القصاص قاصاً
دون ان يقرأ نفس النص لعادل القصاص ؟

القصاص استثناء .. فللاسم شفعة!

Post: #31
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-15-2009, 01:22 PM
Parent: #30

سلام للجميع ،
ونزولاً من علي سرج فرس فاضلابي اعلاه علي أن أوضح إنني لا أطالب حمور بان يكتب بشاعرية القصاص ولا بلغته الرفيعة المثقفة كما لا أطالبه بالتفكير العميق في سؤال الوجود كمحسن خالد ولا بروح زهاء المرحة ولا بتهكم بشري الفاضل وسخريته الدامية ولا بتفاصيل احمد الملك فهناك الف شجرة ومليون استايل وطريقة وغرض ، فقط انا اقترح عليه متابعة حركة السرد وهذه النماذج ، وإذا لم أكن مهتم بحمور "القاص" لما اخترته من دون الكتاب لتسليمه حصته من النماذج باليد ، ببساطة أنا تعاملت مع حمور ككاتب " وهو تقدير رفيع " وعندي رغبة شديدة في أن تحدث نقلات نوعية في نوع كتابة زيادة ومطالبته بمزيد من الاحترافيه والتفرغ الجاد لمشروعه، ، كما إنني أسف لأنني مضطر للتفاعل مع كل المداخلات في مشاركة واحدة ، والواضح ان الحوار ، النقاش وان شئت قل الونس بداء ياخد شكل ممتع ومفيد ومابالك لو زارنا حمور يكون زارنا قمر علي قمر علي قول السيدة فيروز ، طبعا هناك بعض المداخلات المتشنجة "تيبكل" سودانيز اونلاين اكثر ما تستحقه التجاهل فهي غير جديرة بالاهتمام .
السؤال الذكي الذي أدخلني في تفكير وتأمل بل ومراجعات كثيرة سؤال وهبة عن طرق أخرى لاكتساب المعرفة ومهارات الكتابة ، " طرق أخري غير متابعة القصة القصيرة والإنتاج الأدبي بشكل عام ؟ ، طبع تطوير مهارات الكتابة يكون بالقرايات المتنوعة وبالكتابة نفسها ، الكتابة هي نفسها تطور نفسها واشكالها ومهاراتها، انظر مثلا إلي مدارس الكتابة الإبداعية الجديدة creative writing الجديدة والتي تحولت الي منهج جامعي دراسي قائم بذاته عن اليتريتشه الكلاسيكية ، تذكرت رواية لكاتبة عظيمة من جنوب افريقيا اسمها ماري طومسون اسمها الطحالب ، هي في الأصل مشروع تخرج جامعي ،تطورت من قصة قصيرة عن ماسي الابرتهايد في ساوز افريكا ، طبعا سليم ياوهبة هناك مداخل كثيرة لكتابة القصصة ، فهناك من وصلوا الي كتابة القصة من باب الشعر ، وما عادل الا بشاعر ويتضح في النوعية والاستايل ، وهناك من وصلها من باب السرد والرواية :محسن مثال ، وهناك من دخلها من باب الحكي الشفهي المحض والكلام عن امدرمان وناس وسيرها ،، قادني التفكير إلي العمل وأدوات العمل ، إذ ليس هناك عمل بدون أداة ، و اللغة هي أداة عمل الكاتب ، يعمل عليها يكتب بها يصنع بها الجنس الابداع المعين شعر ، مقال ، رواية او قصة قصيرة او اي شكل سردي جديد ، وطالما ان الحديث حول ال fiction فبالضرورة من مطلبات الكاتب الجيد قدرة علي تحريك خيالاته القصصية لتحريك خيال القارئ ، سليم ياعبدالوهاب لكل طريقته ولا أظن أن هناك كاتب قرأ ( دي كيف يا شاب) كل النماذج المكتوبة في العالم ثم قرر بعدها أن يكون كاتباً، ولكن في اليد الاخري نجد ضرورة ان يتفاعل الكاتب مع طرق اخري واشكال مختلفة وهنا يحدث الخلق والتقدم في الكتابة الابداعية ، دون ان يكرر فلان نفسه او علان نصوصه . نقطة أخيرة التي فجرها الملون العزيز فاضلابي بذكاء حول التيار الحداثي في الإبداع الذي يعمل علي الانقلاب علي المفهوم القديم والتيار المحافظ الذي يسعى علي الحفاظ علي القديم ، والحداثة أو ما بعدها ليست عكس الواقع والواقعية بل هي ضد القديم والمحافظ وهي بهذا تخلق القدرة علي طرح سؤالات ادبية جديدة ومعاصرة ، فبالضرورة في نظري لكاتب كحمور إن يتفاعل مع الجديد ، أن يختبر رؤاه الحالمة وطريقته القديمة في مختبر الأسئلة الجديدة واللغة الجديدة وهذا انفع للجميع.

Post: #32
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: rosemen osman
Date: 08-15-2009, 01:51 PM
Parent: #31

الكلاسيكية مدرسة قائمة بذاتها
والحداثية كذلك
ما الفائدة من جعل الجميع نسخ متطابقة
لم لا يعكف كل فرد على تجويد أدواته فى المجال الذى اختار كلاسيك-حداثى
بدلا عن انتقاد الطرف الآخر-وان لم أقرأ انتقادا هنا_ بل محاولة لجر حمور لمجال لم يري نفسه فيه
أما تلك العبارات فلم تكن لطيفة أبدا,فلم تتأتي معرفة حمور عن فراغ, وما شهدنا فيه كبرا أو تعاليا
Quote: اذ لا يمكن لكاتب لا يقراء ان يكون كاتباً من أساسه
Quote:
قناالفكرة عندو وبيحمل نواة كاتب جديد جيد ، فقط اذا قراء نص واحد من النصوص المنشورة هنا ، بدون كبر وتعالي


مع احترامي

Post: #34
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: هشام الطيب
Date: 08-15-2009, 03:46 PM
Parent: #32

اشكرك يا استاذ ابراهيم
بوست مفيد حقاً ..
أتمنى أن تواصل في ادراج بقية النماذج القصصية في هذا البوست بغرض الفائدة العامة ..
هنالك أيضاً قصة للاستاذ محسن خالد ضمن مجموعته " كلب السجن " والتي ادرجت منها قصة واحدة في اعلى البوست ..
هناك قصة أخرى عنوانها (عيد المراكب ) أتمنى أن تدرجها إن كانت معك .. فهي نموذج قصصي متفرد..
الشكر الوافر مجدداً ..
هشام

Post: #33
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عبدالوهاب علي الحاج
Date: 08-15-2009, 03:43 PM
Parent: #31

Quote: ونزولاً من علي سرج فرس فاضلابي اعلاه علي أن أوضح إنني لا أطالب حمور بان يكتب بشاعرية القصاص ولا بلغته الرفيعة المثقفة كما لا أطالبه بالتفكير العميق في سؤال الوجود كمحسن خالد ولا بروح زهاء المرحة ولا بتهكم بشري الفاضل وسخريته الدامية ولا بتفاصيل احمد الملك فهناك الف شجرة ومليون استايل وطريقة وغرض ، فقط انا اقترح عليه متابعة حركة السرد وهذه النماذج ، وإذا لم أكن مهتم بحمور "القاص" لما اخترته من دون الكتاب لتسليمه حصته من النماذج باليد ، ببساطة أنا تعاملت مع حمور ككاتب " وهو تقدير رفيع " وعندي رغبة شديدة في أن تحدث نقلات نوعية في نوع كتابة زيادة ومطالبته بمزيد من الاحترافيه والتفرغ الجاد لمشروعه،






_____
بجيك راجع يا جريفاوي

Post: #35
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: أمين محمد سليمان
Date: 08-15-2009, 07:52 PM
Parent: #33

Quote: طبعا هناك بعض المداخلات المتشنجة "تيبكل" سودانيز اونلاين اكثر ما تستحقه التجاهل فهي غير جديرة بالاهتمام .


Post: #36
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Hussein Mallasi
Date: 08-16-2009, 08:29 AM
Parent: #35

Quote: طبعا هناك بعض المداخلات المتشنجة "تيبكل" سودانيز اونلاين

تبهجني نظرة عضوية سودان فور أوول لعضوية سودانيز أون لاين!

Post: #37
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Yassir Tayfour
Date: 08-16-2009, 08:54 AM
Parent: #35

الأخ إبراهيم الجريفاوي سلام،
لو سمحت لينا كعامة لندلو بدلونا..
قرأت البوست وخرجت منه بالآتي:
1) الناقد أو المصحح/ إبراهيم الجريفاوي إطلع على بعض "محاولات" حمور زيادة ورأى أنها "محاولات" لا ترقى للمستوى المقنع له، وقدم نماذج للمستوى المقنع ليستهدي به حمور في قادم "محاولاته"؛ الجريفاوي في موضع الأستاذ المُصحح وحمور في مكان الطالب ..
2) لم يقدم الناقد الجريفاوي نموذج من "محاولات" حمور ليقارنه بالنماذج المقنعة له وينتقدها بوسائل النقد المعروفة، من فكرة وإسلوب ولغة، وو، حتى يتم تصنيف ما قام به الجريفاوي "نقد"، إن هو إلا "تشنيف" ساكت، مغلف، ممكن أي زول "ساكت" يقوم به..
___
السؤال:
لو لم يطلع حمور زيادة على النماذج المرفقة أعلاه، هل ذلك يقلل من "محاولاته"؟
هل من الممكن أن يكون حمور قد إطلع على روايات لروائيين أعظم وأقدر من ما أرفقت من نماذج وأسماء؟
ماذا تسمي هذا البوست؟ نقد أو نصح؟؟

لك ولحمور التحيَّة والأحترام..

Post: #38
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Hussein Mallasi
Date: 08-16-2009, 09:07 AM
Parent: #37

Quote: إن هو إلا "تشنيف" ساكت، مغلف، ممكن أي زول "ساكت" يقوم به..

غير ممكن .. أين لأي زول "ساكت" بنماذج قصص قصيرة محفوظة في جهازه؟!!

Post: #39
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: وليد محمد المبارك
Date: 08-16-2009, 09:22 AM
Parent: #38

Quote: و الحال كذلك .. فعلى حمور أن يتفرغ لتغطية جلسات محاكم النظام العام.


اجمل قصة قصيرة في البوست ده


يا حمور معليش
لكن والله عجبتني شديد

Post: #40
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 08-16-2009, 12:18 PM
Parent: #39

ياسر طيفور في جوف اصداف :) سلام ياصاحبي ، لامن اقول لحمور اقرا قصص تانية لكتاب تانيين ده ما تعالي ولا استاذية مني بقدر ماهي طريقة نقد تفاعلية ومجدية كمان " واسه انا شايف البوست ده مثمر مع حمور قدر شنو" نجيب نص لحمور ونتناوله بالنقد دهي فكرة تانية ومختلفة ، لكن هاك طيب يحدي ما اجيك صادي نموذج قصصي لحمور زيادة بتناول نفسه بنفسو :

Quote: غداً يعود حبيبي

" من دفتر أوراق خاصة .. "
ح. زين

***


حبيبتي ..
تتلكأ النجوم فوقي تأبى أن تطوي ليلي .. ليلة واحدة تبقت بيني والقدوم إإليك ..
ما أروع الإحساس بقرب اللقيا .
معادلة الشوق بطرفيها أنتِ والبعاد تؤرقني .
متى تشرق الشمس وتنطوي الرحلة لتصل قواربي المتعبة من طول الارتحال إلى شواطيك .



***
حبيبتي ..
حمّلت بعض أشواقي إليك شفق الشمس الغائبة منذ يومين .. ولم يأتني منك رد .. طيور النورس قالت أن الشمس أخلفت موعدها الأزلي ولم تشرق .. نوار الليمون اتهم أشواقي أنها أثقلت الشمس حتى أسقطتها خلف حد المنتهى عند بحر الظلمات.

***
حبيبتي ..
ليلة الأمس كانت الرياح تصارع الوجود خلف نافذتي .. الجو خارج غرفتي لا يُغري بالخروج .. جلست وطيفك والوجد ثالثنا .. طيفك أخبرني أنك التقيت صديقة قديمة لي فثارت غيرتك وغضبت عليّ .. أخبرته أن ذلك كان زماناً غير الزمان.. لم يكن حبك قد غيّر كل مفاهيم المعقول لديّ بعد .. توسلته أن لا يحاسبني على ما كان ونبوءة حبك لم تُعلن في مُدني بعد .. أنا أرجو عفوك بيقيني أن حبك يجُب ما قبله .

***
حبيبتي ..
إني نهب الشوق المجنون .
الإحساس الممض بأنك تنفذين بعيداً عني .
تضحكين .. تتكلمين .. تقطبين .. تعيشين لحظات لستُ فيها.

***
حبيبتي ..
عندما تأخر طيفك البارحة ضاقت علي الدنيا .. ظننت أني أوقدت ناري وجلست أنتظر العنقاء .. سألت أفلاك السموات عنه فلم تجبني .. كانت تحبس أنفاسها ترقباً لعنف اللقيا.. وعندما وصل .. فرّت من قواميسي الكلمات .
بك أتوسل إليك أن ترسلي طيفك الليلة باكراً .. أحتاجه كي تنقضي ليلتي هذه .

***
حبيبتي ..
هي ليلة وبعدها اللقاء .. فقولي لكل من يسأل .. غداً يعود حبيبي .



مصدر :http://hammourziada.blogspot.com/2009/02/blog-post_8250.html

Post: #42
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: rosemen osman
Date: 08-16-2009, 12:44 PM
Parent: #40


ولاء لم تعد تضحك



حين تضحك ولاء يأتي العيد قبل موعده .

تسرى السحائب محملة بالخريف الشجي ..

تؤذن المساجد ..

تتفتح الزهور ..

ترقص الفراشات.. و يفرح الأطفال .

ضحكتها يأنس لها الحمام .

لأسراب الحمام موعد يومي لا تخلفه مع ضحكة ولاء .

عصر كل يوم تأتي الحمامات ليقفن على سور المنزل و يرقبن ولاء تلعب . يمتعن نفسهن بمشاهدتها و يحرسنها من طيش طفولتها .

إذا تعثرت ولاء هدلت الحمائم في حزن .و حين تضحك ترفرف الحمامات ..

تطير حمامة بيضاء لها ريشات زائدات على صدرها فتنزل على الأرض أمامها . تحمل ولاء الكرة و تجري مترنحة بأعوامها الخمسة و تضحك صارخة فرحاً بصديقتها الحمامة .

و قبيل الغروب يحيينها الحمامات بهديل واحد منغم .. و يطرن .

ولاء صديقة الحمامات.

و صديقة الجميع .


ولاء وحيدة والديها.

لكنهما لم يشعرا يوماً بحاجتهما إلى غيرها من أبناء .

تدخل ولاء المطبخ و تجلس قريباً من أمها.

تعينها وسع طفولتها ، وتحكي لها عن حلمها أن تصبح طبيبة لتعالج مجدي ابن عمها المريض.

تضحك أمها و تخبرها أن مرض مجدي عابر عارض.

لكن ولاء لا تهتم.

تريد أن تصبح طبيبة تعالج مجدي و الأطفال و الحمام و القطط الصغيرة.فالقطة الرمادية صديقة ولاء كانت مريضة أيضاً.

حين أخبرتهم ماما سناء في الروضة أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها دمعت عيني ولاء.

تحب ماما سناء أن تسمع ترتيل ولاء للقرآن.

ولاء تحب سورة العصر.

تقرأها و هي مغمضة العينين.

حين ترجع إلى البيت يستوقفها والدها لتقرأ عليه. بعد أن تنتهي تحتضنه و تطبع على وجنته قبلة و تمضي.


الأضياف يقصدون ولاء.

ما أن يستقر بهم المجلس حتى يسألوا عنها.

تدخل الصالون خجلة ..

تجلس و هي تؤرجح ساقيها.

حين تسود الإلفة تغني ولاء.

تنظر إلى جواربها الصفراء المطرزة بخيوط بيضاء ترسم أرنباً ضاحكاً يحمل جزرة و تحرك رأسها يمنة و يسرة.

ولاء تحب أغاني نانسي عجرم و جواربها الصفراء المطرزة برسم الأرنب.


حين تخرج ولاء بضحكتها إلى الشارع تُسعِد الجيران و تُبهِج الحيطان و تُفرٍح البيبان المتكئة على بعضها مللاً وتُطرٍب أعمدة النور .

صابر صاحب الدكان يوزع الحلوى فرحاً بضحكة ولاء .

و يكف الصبية في الميدان عن الشجار و يبتسمون .

لضحكة ولاء نكهة العيد .

لها إلفة التكبير و بهجة الأطفال بالهدايا و رائحة الخبيز و فوح الثياب الجديدة .

ضحكة ولاء هي العيد .


ذات نهار خرجت ولاء .

خرجت تعلن الفرح في كل الحي .

وقفت أمام الباب بفستانها الأخضر و ضفيرتها ترتاح على ظهرها .

تحمل عروسة بلاستيكية لها عينان واسعتان زرقاوان و شعر أشقر ، تضحك إذا قلبتها على ظهرها . لكن أحدا لا يسمع هذه الضحكة . الجميع يتسمع ضحكة ولاء .

حيّت المارة و الشمس و الحمام بضحكتها .

كانت الخالة سمية على باب منزلها تساوم بائعاً .

الخالة سمية بدينة قصيرة تحب النميمة و تهوى الشجار.

حين سمعت ضحكة ولاء سخت نفسها و ابتسمت .كفت عن المساومة .

حين سمع الضحكة رفع صابر صاحب الدكان رأسه عن قدر الفول .

رأى ولاء تتقدم إلى الطريق.

تذكر زوجته التي تركها في البلد و أولاده فدمعت عيناه محنّة .


أم ولاء لا تخشى عليها الطريق .

كل الحي يحب ولاء .

كل الحي يحب ضحكة ولاء .

تدخل ولاء أي بيت و إذنها ضحكتها . تلعب وتضحك . ثم تذهب مخلفة السعادة .

لا باب يغلق في وجه ولاء .

كل البيوت بيتها .


تقدمت ولاء و هي تتهادي .

ضفيرتها تترنح على ظهرها ذات اليمين و ذات اليسار و شرائط بلون الفستان تنسال منها .

دخلت بيت الخالة فوزية التي تحب ولاء سنها الفضية التي تلمع حين تبتسم.

هشت لها المرأة و ملأت جيب فستانها بالحلوى .

خرجت ولاء و هي تضحك بنكهة النعناع و البرتقال الحامض .

و في بيت عم إسماعيل الموظف المتقاعد اللطيف اكتسبت ضحكتها نكهة عصير المانجو الذي تحبه .

وزعت ولاء الفرح على كل البيوت التي دخلتها .


ثم قصدت بيت الخالة عواطف .


ولاء لم تكن تعلم أن عائلة الخالة عواطف سافرت قبل أيام لعزاء في مدينة بعيدة.

حامد ابن أخت الخالة عواطف جاء ليقيم في البيت ريثما يعود أصحابه .

لم تكن تعرف هذا .

لكنها حتى لو عرفت لدخلت .

ولاء لا تفرق بين بيوت الحي و لا تفاضل بين الكبار .

كل البيوت تنتظر ضحكة ولاء و كل الكبار يحبون ولاء .


دفعت ولاء الباب الأزرق .

حيتها قطع الطلاء المتساقطة و تلمّع الصدأ تزيناً لها .

قرقع الباب بمسها فحيته ولاء بابتسامة وضاءة .

دخلت البيت .

وقفت في الفناء .

ضحكت فهشت لها الحيطان و رحب بها حبل الغسيل الممتد بعرض الرحبة .

جلست على الأرض الترابية و أجلست عروستها جوارها باعتناء .

كأم رؤوم أخذت ولاء تصلح ثوب عروستها .

فستان ولاء استقر على ركبتيها فلعبت أشعة الشمس على ساقيها الطفلتين و لمعت على الحذاء الأسود .


خرج حامد من إحدى الحجرات .

ضجراً نعساً أشعث الشعر .

رأى ولاء جالسة على الأرض .

نظرت ولاء إليه و ضحكت .

لم تعرف ولاء عمره .

هو فقط شخص كبير أخر من الكبار الذين يحبون ضحكتها .

لم تفهم تلك النظرة في عينيه لكنها ضحكت .

ابتسم لها حامد .

ولاء لا تعرف ألوان الابتسامات فلم ترها صفراء .قال لها شيئاً ما .

نطق و صدره يعلو و يهبط .

لم تفهم ولاء ما قال .

امسك يدها .

قادها إلى إحدى الحجرات .

جرّت ولاء عروستها و مشت تحجل وراءه و هي تنظر إلى ظليهما يهربان بعيداً جداً.

امتد الظلان من أسفل أقدامهما حتى حائط البيت .

رأت ولاء ظلها يتطاول حتى قمة الحائط كأنه يحاول التسلق فالفرار.

ضحكت ولاء لأن ظلها بدا مضحكاً بطول ساقية من تحت قدميها حتى الحائط.

لكن حامد لم يضحك.شدّ قبضته على يدها .

دخلا الغرفة .كانت مظلمة رائحتها خانقة من طول إغلاقها .سريران حديديان على جنبي الغرفة و دولاب إحدى مصراعيه مرايا غائمة و طاولة صغيرة في وسط الحجرة .

أجلسها على سرير و جلس جوارها .

ولاء انشغلت بتمشيط شعر عروستها الأشقر .

احتضنها حامد و هو يضحك .. ضحكته كقرع على خشب أخوف.

لم تحس ولاء بنكهة الفرح في ضحكته.. لكنها لم تعرف أبداً أنه يضحك في توتر.

اكتفت بالابتسام و مررت يدها على شعر عروستها و هي تنغم مغنية " شخبط شخابيط " .

احتضنها حامد بإحدى يديه.

وضعها على كتفها و أحاطها بها .يدها لا تستطيع أن تمشط عروستها و حامد يحتضنها هكذا. تململت قليلاً.

حملها حامد فأجلسها على ساقيه .صارت يدها طليقة . احتضنها من نصفها مدخلاً ساعده تحت ذراعيها .

انكبت ولاء على عروستها باهتمام.

أنفاس حامد جوار أذنها تتردد.

تلمح بطرف عينها انعكاس صورتيهما على طرف المرآة الغائمة.

لكنها تشاغلت بعروستها.

قبلها حامد من الخلف بخفة.

تحرك بشفتيه على عنقها .

أحست شيئاً دافئاً مقبضاً يتحرك في أمعائها صعوداً إلى حلقها .

تململت في جلستها و رفعت رأسها .

جسد حامد أسفلها تحرك .

اشتد و ارتفع بدفء جلستها .

شعرت بانتفاخه أسفلها.

خافت ولاء..تشتت انتباهها عن العروسة .

لمع القلق المجهول في عينيها الواسعتين.

احتضنها حامد أكثر.عصر جسدها الصغير على جسده .

تألمت ولاء .

حاولت أن تدير رأسها لتنظر إليه.

لكن حامد دفن وجهه في شعرها .

اضطرب جسدها فاصطدمت عروستها بركبة حامد.

دفعها بيده بغلظة فأفلتت من يد ولاء ووقعت على الأرض.

صعدت العبرة إلى حلق ولاء.ذهب استئناسها و خافت.

كانت وحيدة في الحجرة.

كانت وحيدة..

فأمها ليست هنا ..

كل الذين يحبونها ليسوا هنا ..

و ضحكتها ليست هنا .

أما حامد فهو كبير و معه الخوف يعينه عليها .


رفع فستانها فكشف فخذيها .

فخذا ولاء طفلين كحالها.

لامعان مشدودان في براءة .

لكن حامد لمسهما.

أحست ولاء بثقل حار و بارد في صدرها.

برودة تفح سخونة .

حرارة تشع برداً .

ولاء لا تعرف هذه الأحاسيس.

حاولت التملص لكن حامد دفن يده بين ساقيها.

استكانت ولاء برهة دهشة.

ثم دهمها الإحساس فانتفضت.

دفعت جسدها إلى أسفل لتنزلق عن ساقي حامد .

لكن يده احتجزتها و آلمها انتفاخه في التصاق ردفها النحيل.

دفعها إلى الخلف و قد أبعد جزعه فألقاها على السرير.

نظرت ولاء فرأت الخوف يكشر لها أنيابه و يجحظ عينيه في أرجاء الغرفة.

بكت ..

في صمت الدهشة ..

مد حامد يديه فنزع سروالها الداخلي .أبيض اللون عليه فراشات ملونات دقيقات. ألقاه أرضا فاستقر على صدر دميتها.

الهواء يمس جسد ولاء فترتعش.

حامد يثبت جسدها بجسده و أصابعه تجوس على فخذيها.

صرخت ولاء.

مد يده إلى فمها فحجبه بكفه.

يده الأخرى تعيث في جسدها.

من شحمة أذنها إلى عنقها ثم تندس بين فخذيها .

حاولت – عبثاً – أن تبعد فخذها حين لمسه فثبت جسدها على جنبه الأيسر و زحف بيده إلى مؤخرتها.

احتواها الألم ..

الخوف ..

و الوحدة .

كانت بلا معين.

تعصف بها أحاسيس لا تفهمها.

تطيح بها.

توجعها.

نهض عنها و نضى عنه ثيابه.

نظرت إليه و هي منكفئة على الفراش تنشج في خوف بلا صوت و دموعها تسيل من أنفها على الفراش.

وقف أمامها عارياً.

توسلته ولاء

." عمو أنا خايفه !!! "

لكنه لم يهتم.

" عليك الله يا عمو ".

ولاء لا تعرف ما يحدث..

لكنها فهمت أنه العيب..

أنه الخوف.

صرخت ولاء.

نادت أمها .

لكن أمها لم تأت.

ما جاء كان الوجع.

هجم حامد عليها

.ثبت صدرها بساعده و بيده الأخرى فرج ساقيها كاشفاً ما بينهما.

قطة وردية متكومة على نفسها.

صرخت ولاء.

أحست الألم بين ساقيها.امتد إلى بطنها حتى صدرها و إبطيها.

امتلأت به.

حاولت أن ترفع نصفها الأعلى ناهضة لكن حامد جثم عليها فشلها.

سالت الدموع حارة على خدها. انحدرت إلى عنقها و صنعت دوائر بلل على الملاءة .

امتد بصر ولاء إلى السقف.رأت وزغاً يفر من طرف بصرها و هو يصّيح .صوته كحصاتين تقرعان.

ولاء كانت تخشى الوزغ.

لكنها لم تحس الخوف منه الآن.

شعرت بالخجل.

انه يطّلع عليها.

و هي تستحي مرتبكة مما تجهل.. و تبكي من الألم الذي تحس .


تحرك بشدة.

تحرك بما في داخله و بقدر خياله و حاجته

.و تألمت ولاء.جأر حامد و هو يضع كفيه على كتفيها الصغيرين.

انحدر الفستان عن كتفها الأيمن فبان قميصها الداخلي و جزء من كتفها المرمري.

أصابع حامد الغليظة ارتسمت عليه.

عبئها الوجع إلى حد الانفجار.

نزع حامد نفسه منها.

أحكم أصابعه على عنقها و أسند كفه الأخرى تحت مؤخرتها و حولها على وجهها.

غاص وجهها في الفراش.

جوار أنفها كان مزق في الفراش برز منه قطن الحشية و قد حال لونه الأبيض.ارتمى حامد فوقها.

أحسته يلج مرة أخرى و سمعت صوت طقطقة جسدها يتفتح قبل أوانه.

سال بولها بارداً ثلجياً.أحست به.

لكنها لم تحس الدم الذي تسرب.


حامد يهتاج.

تتململ ولاء .

تنتفض.

يثور جسدها.

ينقبض و يرتخي.

حامد يحكم تثبيتها على الفراش.

يمتد الوجع.

يتطاول.

لا ينتهي.

تحس أنها ولجت الأبدية.

حامد يعذبها منذ الأزل و يتواصل الألم حتى الأبد.

مات الزمن.

طفولتها لم تعد تحسن حسابه.

منذ كم هو يفعل هذا.

متى يتوقف عن فعل هذا.

منذ الأزل و إلى الأبد.

تنشج ولاء.تنخر بكاءً . تشرق بدموعها. تنتظر الرحمة فلا تأتي.تتوسل الفهم فلا تجده.

يضغط حامد على عنقها من الخلف.

يعتصرها أكثر على الفراش.

يجأر عالياً.

رائحة دهنية تتسلل إلى أنف ولاء من الحاشية.

ينثني عنقها تحت ضغط الجاثم فوقها.

الدم يسيل من أسفل لكن حامد لا يكف.

يتحرك.

جسدها ينقبض.

كلما ازداد لذة زاد ضغطه على عنقها.

غامت الدنيا أمامها.

غشاوة سوداء كسحابة مثقلة بالخريف تلاعبت أمامها.

الخور جاب جسدها.

تنتفض فلا ينتفض.

انه يخذلها.

ما عاد لها.

تملكه الدنس.

دموعها تسيل.

أنفاسها يحبسها الفراش.

تشرق ..

تنخر ..

تئن ..

انه الرحيل.

ترى الحمامات تحّوم حولها.

تدعوها.

تنسى وجعها ..

تشرع إدراكها خلف سرب الحمام الأبيض.

تحلق للحظة.

ترى نوراً يلفها و تسمع ضحكات أطفال كموسيقى منعشة.

ثم تعود.

حامد فوقها.. يخنقها من الخلف .. ما زال يجأر.

الرحيل..

لا فرار إلا خلف الحمامات.

تذوب ولاء.

تنطفئ.

نشيجها يخف.

عيناها تخمدان في إعياء.

يغزو السواد رؤاها.

تنزلق من الوجود إلى دهليز أخر.

تسيل.

تتمتم في إعياء:" عمو لأ " .

نخرت مرة أخيرة.

ثم همدت.


رفع صابر صاحب الدكان رأسه في الخارج.

كأنه سمع صوتاً.

كلا.

لم يسمع صوتاً .

انه صوت سكت.

صمت له رجع و طنين دوى في الشارع.

زفر في توجس و خرج من دكانه ينظر ما تغير في الدنيا حوله.رأي في الشارع حمامات تطير فجأة مرفرفة.

حلقت..

هدلت ..

كأنها تنوح.

انطفأ العيد.

السحب ترحل الآن..صمتت المساجد المكبرة..اتكأت الزهور على سوقهن ..والفراشات تغادر فزعة..

حمامة وقفت على حائط بيت عواطف و ناحت.

حمامة بيضاء لها ريشات زائدات على صدرها.

خيل لصابر أنها تقول " لا .. لا .. ".

استغفر ربه عجباً و دخل دكانه.لم يعرف حينها ما حدث ..

ضحكة ولاء سكتت إلى الأبد.


في البيت انقبض قلب أمها ..

كانت تقف في المطبخ حين مسها جزع.

وضعت يدها على صدرها و تمتمت :

" اللهم اجعله خيراً " .


( النهاية )

http://hammourziada.blogspot.com/2009/02/blog-post_8109.html

Post: #46
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Yassir Tayfour
Date: 08-17-2009, 06:42 AM
Parent: #40

الجريفاوي يا صاحب سلامات،

إليك هذه العمل لحمور زيادة..

عندما سافرت الدايَّة





الطقوس الاحتفائية – التي تصل حد المبالغة – في تعامل قرية " كلّرو" مع السفر لم يهتم بها أحد في ذلك اليوم .. طقوس الوداع التي تبدأ بمنزل المُسافر ليلاً ثم تتواصل صباحاً عند البص ، ومن ثم العودة إلى منزل المسافر مرة أخري ليقال لأهله "يكتب سلامتو" ، ثم مرة أخرى بعد أن يرد الاتصال الهاتفي مؤكداً وصوله سالماً إلى حيث يقصد ليحمدوا " خبر الخير " ، كل هذا لم يعبأ به أحد هذه المرة ..
الجميع بدا منشغلاً غير متفرغ لمتابعة الحدث في فجر ذلك الخميس .. حتى الذين تصادف وجودهم – لسبب أو آخر – أمام دكان مصطفى حيث يقف البص لم يولوا الحدث اهتماماً كافياً .. في ما بعد عندما يتذكر مصطفي ذلك اليوم سيقول بتعجب " لم نر في ذلك أمراً يثير الاهتمام .. الحقيقة أنه كان مدعاة لسخرية بعضنا أكثر من أي شيء آخر" ..
بعض الذين وجدوا في الدكان ذلك الصباح لم يتذكروا ما حدث .. أنكر كثير منهم أن تكون عرضو قاسي قد سافرت .. السفر الذي لم يكن مفاجئاً بحال من الأحوال مرّ دون أي إهتمام من القرية .. عرضو قاسي كانت قد أعلنت عزمها على السفر منذ أكثر من أسبوع .. شاهدها كثيرون تحزم حاجياتها وتوصي جاراتها ، لكن أحداًًًً لم يبد اهتماماً بما تفعله .. التجاهل التام والاستخفاف كانا رد الفعل على إعلان عرضو قاسي أنها ستهجر القرية إلى الخرطوم ..
قنديل الفريق التي كانت أقرب الناس إلى عرضو قاسي أوضحت فيما بعد ما خفي على كثيرين .. " ابنها جمال أرسل إليها لتلحق به .. قال أنه ابتنى داراً واسعة لا ينقصها إلا حضورها .. رفضت عرضو قاسي في البداية ، لكنه أصر .. أكثر من الخـطابات والوعود ، ثم أعقبها بالتهديد و الوعيد مما اضطرها للرضوخ " .
هذا التوضيح لفت الانتباه إلى أمر آخر .. هل كان لعرضو قاسي ابن اسمه جمال ؟
البعض شرد يتذكر وغرق كثيرون في الماضي .. بعضهم أعلن عجزه عن التذكر ، بينما تذكّر آخرون أن عرضو ولدت من زواج قصير طفلاً لا يذكر أحد مصيره بدقة ..
لكن الخبر اليقين كان عند منصور .. " جمال عبد الفارس كان معنا حتى المدرسة الوسطى .. كان يجلس بجواري.. صوته في الغناء لا يُجارى .. تسمعه فتحسبه النعام آدم .. كان أسوداً .. كأنه قلب الكافر .. حتى أسنانه كانت سوداء نخرة من كثرة التدخين .. أما عيناه فكانتا صفراويتين كثمرة مانجو ناضجة " .



هذا التأكيد الذي بعث ذكريات قديمة مهتزة كأنها التهاويم في الأذهان لفت الانتباه إلى أمر آخر بدا غريباً .. عرضو قاسي رغم المكانة التي تحتلها في القرية والأهمية التي تسيطر بها على الأحداث من حين لأخر كانت تقبع في منطقة وسيطة بين الحضور والنسيان في أذهان الجميع .. والآن وقد سافرت لا يستطيع أحد أن يجزم بدقة أنها وجدت في القرية إلا من خلال الأحداث – وما أكثرها – التي ارتبطت بها .. لكن شخصها ككيان عاشر الناس وعاش معهم كان مهتزاً متموجاً في الذاكرة وخاضعاً لكثير من الاحتمالات والأقاويل غير المؤكدة .. ما يذكره الجميع عنها بخلاف اسمها ومهنتها ، كان لونها الأسود وأصلها الذي لا خلاف عليه .. أما غير ذلك فقد اختلفوا فيه أشد الاختلاف .
مصطفي بحكم تعامله اليومي معها بصفته صاحب الدكان الوحيد في القرية كان يؤكد أنها لم تكن بالطيبة التي يزعمها البعض .. " كانت تجادل في ديونها .. كثيراً ما كانت تنكر حسابها في الدكان وتزعم أنني أستغل كبر سنها لأشوش على ذاكرتها بذكر أشياء لم تأخذها " ..
" دعت علي بالخراب أكثر من مرّة .. وحلفت بأغلظ الأيمان أنها لن تشتري مني مرّة أخرى .. لكنها إن لم تشتر مني فمن أين تأتي بالسكر ؟ "
فيما بعد .. وعندما وقعت الأحداث تذكر عمر شيخ المسجد أنها استفته مرة أو مرتين في بعض أمور الدين .
حاج محمد الحسن في أثناء المحنة تذكر أموراً كانت تحدث في زمن بعيد .. سرح محاولاً استحضارها لكن الحياء غلب على لسانه فلم ينطق بها .
بعد كثير من الجهد أجاب الذين يسألون عن تاريخ عرضو "رحم الله الشباب ونزقه .. يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبدى لكم .. "
أما قنديل الفريق فظلّت على إصرارها أن عرضو كانت النعمة التي لم تشكرها القرية فزالت عنها .
الأحداث التي وقعت بعد سفر عرضو قاسي أكدت أن القرية لن تستطيع أن تنظر إلى هذا السفر بذات النظرة الأولى التي عبّر عنها مصطفي مستخفاً بقوله " سفر البن .. دق وحريق " .
عرضو قاسي الأمة السوداء القصيرة التي لا يُعرف لها أب على وجه التحديد على عادة الإماء في الشمال وإنما كانت تنسب إلى أمها كايداهم كانت القابلة الوحيدة في القرية .. وضعها في القرية كان تجاذباً بين أصلها كخادم بقيت بلا أسياد بعد انتهاء عهد الرق ومهنتها كداية شبه رسمية .



لا يذكر أحد على وجه التحديد متى بدأت عرضو عملها كداية .
حاج إبراهيم سالينتود يؤكد أن عرضو كانت تمارس التوليد منذ وعي علي هذه الدنيا ..
في أحيان أخرى يقسم أنها من ولّدت أمه عندما حملت به .. لكن هذا القول ربما حمل الكثير من المبالغة لأن إبراهيم سالينتود كان قد شهد أكثر من سبعين موسماً لحصاد البلح..
عندما تزوجت عبد الفارس – من هو عبد الفارس ؟ لا أحد يذكر – هل كانت داية ؟ ما أكده منصور أن أحد أسباب هجرة جمال عبد الفارس للقرية كان سخرية بعض الشباب منه في حفل زواج عندما تحفّز للبطان وكشف عن ظهر أسود عريض كجزع شجرة لبخ محترقة بقولهم " العبد ابن الداية لن يصبر على السوط " .
بعد كثير من الجهد والتقصي واستبعاد الروايات المبالغة يمكن القول أن عرضو كانت داية القرية منذ أربعة وثلاثين عاماً .. أما ما قبل ذلك فهو أمر يخضع للاحتمالات ولكثير من التكهنات والروايات غير الموثوق بها .. عرضو كانت هي من ولّدت فاطمة بنت العمدة أحمد بابنها منصور .. فاطمة لم تنس أبداً أن عرضو حملت منصور بين يديها وهو بعد لحمة حمراء لم تستبن لها ملامح وقالت " وجه مشرق لصبي مظفّر منصور " تفاؤل فاطمة بكلمات عرضو كانت السبب في تسمية منصور بهذا الاسم ، ومنصور يعرف جيداً أن له من العمر أربعة وثلاثين عاماً .



النظر إلى سفر عرضو قاسي باعتباره " سفر البن " كان سببه هذا الحضور غير المحدد في الأذهان .. لم تكن عرضو تظهر على سطح الاهتمام إلا عند اقتراب ولادة إحدى النساء .. هذه الولادة التي تحدث كل شهرين أو ثلاثة كانت تجعل عرضو إحدى أهم شخصيات القرية ، بل لعل الاهتمام بها يفوق الاهتمام بالمرأة الحامل .. مع دخول الحمل شهره الأخير كانت عرضو هي من يحدد متى ستلد المرأة والأغراض الضرورية لعملية الولادة .. وكانت تسمي احتياجات الحامل لأن " الولادة معجزة شاقة يختلف تأثيرها على الجسم من امرأة الأخرى " كما كانت تقول .. ما يتبع ذلك كان تأكد أهل الحامل كل صباح أن عرضو موجودة بالقرية لم تغادرها لسبب أو آخر .. ويستدعي هذا توفير احتياجاتها من الطعام والشاي و الصعوط الذي تدمنه .. يقول حاج إبراهيم سالينتود " لا أحد يحب أن تلد امرأته فجأة بينما عرضو غائبة تبحث عن الصعوط في مكان ما" .
كل هذا الاهتمام مرده الأول إلى مهارة عرضو في التوليد ، بجانب أنها – وهذا سبب كاف وحده – كانت القابلة الوحيدة في المنطقة .. أضف إلى ذلك مقدرة عرضو الغريبة على التنبؤ بنوع المولود قبل وقت طويل من ولادته .. وكانت تستدل على ذلك بأشياء غريبة كاسوداد حلمة الثدي وحشرجة الصوت ومخالطة النفَس له .. سبب أخر لم يكن يُذكر علناً لكنه كان يجعل عرضو محل شكر كثير من الرجال وتقديرهم .. ذلك كان مقدرتها على معالجة أمور معينة دقيقة بعد الولادة ، دفعت محمد أحمد صديق لمداعبتها مرة أمام جماعة من الناس باسم " عرضو قاسي عين الديك " في إشارة واضحة إلى مدى نجاح العملية الدقيقة التي تتطوع بإجرائها على الحامل لتعيد الأوضاع إلى خطأها الأول .. أما حاج إبراهيم سالينتود فقال في اليوم التالي لانقضاء فترة نفاس امرأته " صدق الله العظيم .. قاصرات الطرف لم يطمسهن إنس قبلهم ولا جان " ثم ضحك .
عرضو رغم ذلك كانت تتراجع عن دائرة الاهتمام لتغوص في أوحال النسيان بمجرد أن تتم الولادة .. قنديل الفريق قالت " ذكرها الله بالخير .. كانوا ينسونها بعد أن تضع الحامل حملها .. حتى أن بعضهم – ولا داع للأسماء – كان ينسى أن يشكرها على جهدها الذي بذلت .. بل بلغ الأمر ببعضهم – والمريب يكاد يقول خذوني – أنه نسي أن ينقدها أجرها أكثر من مرّة "



تاريخ عرضو قاسي الطويل في القرية والذي يتناوشه النسيان ويعترضه عدم الاهتمام ظهر على السطح مع بداية المشاكل .. صحيح أن الجميع نظروا إلى سفرها على أنه " سفر البن " في أول الأمر ، ولم يكلف أحد نفسه عناء وداعها عند البص كما جرت عادة القرية .. وصحيح أن الأمور سارت على ما يرام لمدة شهر أو يزيد بعد سفرها حتى أوشك كثيرون أن ينسوا أنها وجدت في هذه القرية ذات يوم ، لكن من زعم أن الأمور تبقى كما هي دوماً ؟
بدأت المشكلة بوفاة سعيدة زوجة محمد أحمد صديق .
سعيدة ذات الأعوام الثلاثين كانت تضع مولودها الخامس عندما توفيت .. ما أكدته فاطمة ابنة العمدة أحمد وغيرها من العجائز أنهن وقفن عاجزات أمام ألآم سعيدة والدماء القانية التي كانت تسيل على الفراش .. خديجة والدتها كانت تصرخ عليها والدموع تملأ وجهها " اضغطي .. الفرج قريب .. اضغطي " .
الصبية – كما تدعوها فاطمة بنت العمدة – لم تتحمل الضغط والألم وأشياء أخرى يجهلها الجميع .. فماتت .
فتحت عينيها و نظرت إلى المجهول و هتفت بوهن " وووب عليَ يا يمة " .. ثم صمتت إلى الأبد .
تقول فاطمة " لن أنسى أبداً رأس الوليد الذي ظهر عندما فاضت روحها .. كان أبيضاً جميل الملامح لكن قناع الموت البارد غطى وجهه سريعاً " .
الذين بكوا سعيدة وتناقلوا حكاية وفاتها وهي تضع مولودها ، وقصة الجنازة التي كُفّنت ورأس طفل يبرز من أسفلها لم يتلمسوا الأبعاد الحقيقية للمشكلة إلا بعد حين .. الحقيقة أن القطرة الأولى من المطر لا تدل على السيول .. لكن القطرة الثانية تكون مثيرة للاهتمام .. بعد أسبوع توفيت بلقيس ابنة فاطمة بنت العمدة أحمد وهي تلد .. قنديل الفريق أكدت أن سبب الوفاة هو أنهم انتزعوا الطفل من أحشائها بقوة .. " لا يدري أحدهم ما أحدثوا بداخلها .. لكنهم عندما جذبوا الطفل بقوة كأنه عمود بابور إنجليزي ينزع من مكانه سال الدم الذي لم يوقفه إلا الموت " .
هنا كان للكثيرين الحق في أن يتساءلوا " هل كانت هذه الوفيات ستحدث لو أشرفت عرضو قاسي على الولادة ؟! "
مصطفي – مدفوعاً بفضوله القوي – سأل حاج محمد الحسن أكبر المعمرين في القرية عن وفيات حدثت أثناء الولادة من قبل، لكن حاج محمد الحسن أكد أن هذا لم يحدث منذ كانت له ذاكرة .. هل كان ذلك كافياً لإدراك أبعاد المشكلة التي تواجه قرية كلّرو؟! يمكننا الجزم أن وفاة صفية الماحي بعد يومين وما تلاها من أحداث كان هو ما وضع القرية أمام مشكلتها وجهاً لوجه .
وفاة صفية الماحي – التي حدثت أثناء الولادة أيضاً – وقعت قبل أيام من الموعد المحدد لزواج سمية شقيقة مصطفي من عبد الرحيم التوم .. القرار الذي اتخذته سمية كان بداية إدراك القرية لمحنتها .. سمية أصرّت على تأجيل زواجها إلى أجل غير مسمى .. السبب الذي ذكرته لم يجل ببال أحد من قبل لكنها بذكره نبهت الكثيرين إلى حقيقة غابت عن بالهم .
قالت سمية " لست مستعدة للزواج الآن لأموت بعد عام وأنا أضع طفلاً لن يخرج للحياة .. إذا لم تقدم لي الضمانات الكافية عن من سيقوم بتوليدي فإني غير مستعدة للمخاطرة بحياتي " ..
حاج إبراهيم سالينتود الذي اعتبر هذا الكلام دليلاً بيناً على فساد الزمان وخراب أخلاق الفتيات إذ يتحدثن في أمور مشينة كهذه علناً وجد نفسه مضطراً للاعتراف بأن " هذه الفتاة بعيدة النظر حقاً " .
أما عندما سرت الشائعات أن منصور طلّق زوجته لأنها منعته نفسها لذات السبب الذي ذكرته سمية فإن القوم أدركوا أن الأمر حقاً جد خطير .
المشاكل التي انتشرت في البيوت انتشار ظلمة ليلة شتوية لم يتطوع أحد ببحثها علناً لكن آثارها كانت ظاهرة .. ما بدا كهجرة محمومة للنساء من بيوت أزواجهن إلى بيوت الآباء وما صاحب ذلك من وجوم على وجوه كثير من الرجال كان يخبر يصدق عن حجم المشكلة التي تعيشها كلّرو.
حوادث الوفيات التي حدثت بعد ذلك لثلاث أو أربع نساء كن حوامل قبل رحيل عرضو قاسي أكدت عمق الكارثة الوشيكة .



بابكر الأعرابي الذي يفد إلى القرية كل فترة وأخرى حاملاً حاجيات النساء وما يلزمهن خصوصاً دون غيرهن فوجئ بما لم يكن في حسبانه .. قال ذاهلاً " للمرة الأولى منذ اثني عشرة عاماً لا أبيع شيئاً .. ماذا أصاب هذه القرية ؟ عرضت الطلح والدلكة والبخور واللبان فلم يشتر مني أحد .. الأعشاب المقوية التي كن النساء يتقاتلن عليها ويوصينني بها بكثير من الحرص والتكتم ليقدمنها لأزواجهن خلسة طمعاً في إطالة عمر لحظات خاصة عادة ما تمر فاترة لم تجد مشترية تنظر إليها " .
وللمرة الأولى في تاريخ كلّرو يدخل عليها موسم حصاد البلح دون إستعدادت للزواج .. جرت العادة في القرية – كغيرها من قرى الشمال – أن يكون موسم البلح هو موسم التزاوج .. حاج محمد الحسن بذاكرته المعمرة – وقد صار أحد المراجع الرئيسية في الأيام الأخيرة لمقارنة الأحداث بما سبق – يؤكد أن موسماً واحداً للحصاد لم يمر من قبل دون زيجتين على الأقل .. أما هذا الموسم فكان شيئاً مختلفاً .. عزوف الناس عن الزواج بعد الأحداث كان أمراً مفهوماً للجميع .
الشيء الذي احتاج إلى التوضيح والشرح كان الطبع الحاد الثائر الذي اتصف به أهل القرية في الفترة الأخيرة .. أي خلاف صغير كان يمكن تجاوزه في الماضي أصبح سبباً للعراك والقطيعة في هذه الأيام .. منصور – مستنداً إلى شيء من ثقافته الجامعية إذ درس فصلين دراسيين بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ثم تنكبها و عاد إلى كلرو محزونا – همس لمصطفي موضحاً بتعابير عاجزة عن إدراك المعنى " الإنسان مخزن محدود للطاقة إذا لم يستطع تفريغها صعدت إلى دماغه وأثرت على مزاجه " .
مصطفي عندما حكى هذا الكلام لغيره علق بخبث " لكنه لم يذكر شيئاً عن الكرامة الجريحة لزوج ترفضه زوجته".
إمام المسجد عمر ابن الحاج محمد الحسن كان أول من دعا الناس للبحث عن حل .. في يوم الجمعة تلا خطبة ذكّرت الكثيرين بخطبة العقد التي يلقيها عند الزواج .. قال أن الله جعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف ، وأن الزواج نصف الدين .. قال " ذهب كثير من العلماء إلى أن الزواج واجب على المستطيع .. وما حال دون الواجب لزمت إزالته " .. ثم ختم خطبته بأن نهى الناس عن التهاون ، وذكرهم أن معظم النار من مستصغر الشرر .
علّق البعض على الخطبة بأنها غضبة من الشيخ عمر لأخته التي طلقها منصور ، وأسفاً على زوجته التي هجرته .. لكن عبد الرحيم التوم – ربما مدفوعاً برغبته في إتمام الزواج – دعا إلى عقد اجتماع عاجل لمناقشة المشكلة .



الاجتماع الذي عقد في أمسية نفس يوم الجمعة كان حدثاً غير مسبوق في تاريخ القرية .. في ما بعد سيقسم مصطفي أنه لم ير كل أهل كلّرو مجتمعين في مكان واحد إلا ذلك اليوم في فناء النادي .. الأهمية القصوى للاجتماع أسقطت كثيراً من التحفظات والتقاليد المتبعة في أمثال هذه الاجتماعات .. اختلاط الرجال والنساء الذي وصل حد الامتزاج ، والحوار الصريح ، وعدم تركز مقاليد الحديث لدى أشخاص بعينهم كما هي العادة ، كانت أشياء تظهر لأول مرّة في اجتماعات قرية في الشمال .. منصور عندما يتذكر ذلك اليوم الرهيب يقول " الحق أن ذلك اليوم أكد على انقسام تاريخ كلّرو إلى مرحلتين .. مرحلة عرضو قاسي ومرحلة ما بعد عرضو قاسي " .
المشاكل التي طرحت ذلك اليوم – واصطلح جماعة من شباب القرية ذوي الثقافة على تسميتها تحديات مرحلة ما بعد عرضو– كانت تتلخص في عزوف الشباب عن الزواج ، وانخفاض نسبة المواليد إلى الصفر مع استمرار حالات الوفاة ، أضف إلى ذلك التوتر والهياج المسيطران على طباع الجميع .. الشيخ عمر أضاف في كثير من الحرج " وهجر النساء أزواجهن .. وما في ذلك من تضييع لحقوق الزوج التي أمر الله بها ورسوله " .
اقتراح حاج إبراهيم سالينتود بتجاهل الأمر ونسيانه لقي معارضة شديدة .. صرخت فاطمة بنت العمدة أحمد – وللمرة الأولى في حياتها تتحدث أمام جمع من الرجال – "لن تموت نساء قريتنا إرضاءً لنزواتكم .. وفروا لنا داية وسيعود كل شيء إلى طبيعته " ..
ارتفعت الأصوات وساد التخبط في الآراء وأوشك الاجتماع أن يفشل عندما طلبت سمية فرصة للحديث .
اقتراح سمية الذي ألقته بكثير من العقلانية والهدوء وهي تنظر إلى عبد الرحيم التوم من طرف خفي كان وجيهاً بما لا يقاس بغيره من المقترحات .. اقترحت سمية أن يسافر وفد من وجهاء القرية إلى المدينة .
" .. هناك عليهم أن يقنعوا المسئولين بمأساتنا .. أخبروهم أن قرية كاملة – مجهولة لديهم – تحتضر لتوقف قانون الطبيعة فيها .. قولوا لهم أن كلّرو تموت ببطء .. كلما مات واحد هنا كان هذا طريقاً إلى نهاية القرية التي لم تعد تستطع أن تسد عجزها وفق قوانين الطبيعة .. الحل موجود لديهم .. متوفر بكثرة .. هذا الحل أسمه الطبيب " .
الاقتراح الذي لقي موافقة كاسحة من الجميع شُرِع في تنفيذه بأسرع مما تخيلت سمية وهي تلقيه .. في لحظات من الصدق تصيب نفسها وتجعلها تعري دواخلها تعترف " لم أكن واثقة عندما ذكرته أنه سيجد هذا القبول .. ما دفعني للكلام هو إحساسي بالعجز أمام المشكلة التي نواجهها وظلالها التي تلقيها على حياتي بصورة خاصة " .



الوفد الذي تكّون على عجل برئاسة الحاج إبراهيم سالينتود وعضوية مصطفي ومنصور وعبد الرحيم وآخرين اجتمع مرتين في منزل مصطفي لصياغة مطلب القرية بصورة مناسبة تقنع المسئولين .. الصياغة التي تمت وعرضت في اجتماع موسع لقيت قبولاً وموافقة دون كثير مراجعة .. أما سمية فاقترحت في هذا الاجتماع تكوين لجنة محلية للمتابعة والتسيير الداخلي يناط بها " ترتيب أوضاع القرية استعداداً لمواجهة متطلبات الطبيب الجديد " .
ما كان يدركه كل فرد أن عملية استقدام طبيب مقيم في القرية تحتاج إلى كثير من الجهد والاستعداد .. والأموال .. بصورة مبدئية اتفقوا على مبلغ يجمع من الأهالي لتقديمه شهرياً للطبيب في صورة بدلية من بدليات الجهد والمشقة للعمل في الأرياف .. بعد يومين من تكوين لجنة المتابعة المحلية وبدءها في جمع المال المطلوب والبحث عن منزل يليق بالطبيب سافر الوفد المنتخب إلى المدينة ..



عشرة أيام مرّت على قرية كلّرو مليئة بالنشاط والتحفز وكثير من الترقب .. القرية التي نسيت همومها التقليدية وغرقت في دوامة عمل اللجنة المحلية فوجئت بعودة الوفد دون تنبيه أو أخطار .
العودة التي حدثت في صمت يغلّفه الوجوم أربكت الكل .. الذين فوجئوا بمصطفي يفتح دكانه صبيحة أحد الأيام تسألوا عن هذه العودة الصامتة التي حدثت .. وعندما ارتفع صوت الحاج إبراهيم سالينتود يؤذن لصلاة الظهر سارع كثيرون إلى الجامع وفي ظنهم أن نتيجة الرحلة ستعرض بعد الصلاة .. لكنهم قوبلوا بالصمت التام والألم الظاهر على الحاج إبراهيم .
الأخبار تسربت بعد ذلك كعادة القرية التي لا تعرف الأسرار .. طلب الوفد قوبل بالتجاهل الصريح .. وكل محاولة لإقناع المسئولين انتهت بلا مبالاة قاسية .. أما عندما حملوا آمالهم إلى نائب الدائرة - الذي ساندوه في الانتخابات حتى تسبب ذلك في سوء علاقة القرية ببعض القرى المجاورة – فإنهم لم يجدوا سوى البشارة بإقامة مصنع للطوب الحراري في القريب .. " خلال عامين أو ثلاثة " كما قال لهم وهو يبتسم .
سمية قالت لرفيقاتها وهي تبكي " المدينة رفضت أن تمد يدها إلينا .. ببساطة قالوا أن المشكلة هي مشكلتنا وعلينا أن نحلها وحدنا " .
الوفد الذي سماه المتندرون – في مرارة – وفد سمية لم يعلق على ما حدث وقيل .. ولسنوات طويلة ظل مصطفي يغضب كلما سئل عن تفاصيل رحلتهم تلك .. أما عبد الرحيم فظل يتعوذ من المدن وأهلها لفترة ويظهر عليه الألم والمعاناة كلما أضطره أمر هام للسفر إلى المدينة .. ووجدها حاج محمد الحسن فرصة ليحدث الشباب عن الحكومات في عهد الانجليز ومفتش المركز القادم من ضواحي يوركشاير الذي يحل مشكلات المواطنين قبل أن يحسوا بها .
توترت القرية بعد فشل رحلة الوفد .. انطوى الجميع على أنفسهم وخيمت سحابة من التوجس والإحباط على سماء المعاملات بين الأهالي .



سمية التي بكت يوم عودة الوفد مدفوعة بإحساسها الشخصي بالهزيمة ومعرفتها بما يعنيه الفشل من استمرار المشكلة التي تغرس تعقيداتها في صميم حياتها ، لم تهدأ .. حملت أفكارها وهواجسها إلى كثيرين .. ناقشت ، جادلت ، وبكت .. أخيراً وبعد أيام من العناء كان لديها ما يمكن اعتباره حلاً حملته إلى حاج إبراهيم سالينتود .. نقاش طويل دار بينهما انتهى لصالحها .. بصورة سرية – قدر ما تحتمل القرية – عاود الوفد المهزوم اجتماعاته .. رفض منصور الفكرة مدفوعاً بكبريائه ورغبة منه في إبداء نوع من التميز بالممانعة .. الحقيقة أنه لو شك أن معارضته كانت ستفشل الوفد الجديد فإنه ما كان ليبديها أبداً . اما عبد الرحيم فقبلها من حيث المبدأ لكنه اعتذر عن المشاركة معلنا بدء مقاطعته للمدينة و ما فيها و من فيها ، و هي المقاطعة التي حافظ عليها ما وسعه بعد ذلك .
بعد يوم واحد سافر الوفد إلى الخرطوم .. هدف الرحلة – الذي تسرب كالعادة ليصبح سراً بين الجميع يتواطئون بذكره همساً – جعل شيء من الراحة يغمر النفوس .



الحل الذي اعتبره الجميع صائباً بل لاموا أنفسهم على عدم التفكير فيه منذ البداية كان البحث عن عرضو قاسي .. الوفد الذي سافر بعد أن انضمت إليه قنديل الفريق كان يحمل المشكلة هذه المرّة لعرضها على الداية عرضو قاسي بنت كايداهم مع دعوة حارة ومطلب وحيد ..
وهو عودتها إلى القرية .

Post: #41
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Frankly
Date: 08-16-2009, 12:36 PM
Parent: #39

يا شباب بالجد نقطة نظام عندي سؤال واستفسار أرجو أن لا يفهم بصورة شخصية

من هو إبراهيم الجريفاوي هذا؟

يطرشني ما سمعت به من قبل

هل هو كاتب؟ قاص؟

أم مجرّد زول عنقالي ساكت ؟

لو كان قاصاً (ولا أظنّه كذلك واضعاً في الإعتبار ما خطّه بيمينه هنا من لغة سمجة) فليلقي لنا هو نماذج من كتاباته وكيف استفاد في تجربته من القصص الواردة أعلاه
وما هي إسهاماته في الأدب السوداني؟

حمور زيادة هذا نعرفه ونبحر معه طوعاً في بحر كلماته سواء كانت قصّة قصيرة أو سجال منبري أو حتى نقل خبري بصورة حمور زيادة الجميلة والمشوّقة

غايتو في الأخير أجد نفسي مرغماً على أن أتفق و"طيفور", فالنقد له أدواته وآلياته ولا أرى هنا إلا تكسيراً للمجاديف وتشنيفاً غير مبرر بشواهد واقتباسات أو أي كتابات



كمال

Post: #43
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Hussein Mallasi
Date: 08-16-2009, 12:48 PM
Parent: #41

Quote: لكن هاك طيب يحدي ما اجيك صادي نموذج قصصي لحمور زيادة بتناول نفسه بنفسو

كنت أعلم أن هنالك خطأ ما؛ فأعلاه ليس نموذجاً قصصياً .. بل هي مناجاة ملتاع .. و شتان.

Post: #44
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: وليد محمد المبارك
Date: 08-16-2009, 04:35 PM
Parent: #43

.

Post: #45
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد الطيب يوسف
Date: 08-17-2009, 01:05 AM
Parent: #44

أستاذ / الجريفاوي

إن كان البوست مخصصاً لزياد ة فقد جانبك التوفيق.. فطريقة الطرح حملت قدراً من المهانة حتى وإن كان غير مقصوداً ويوجب عليم الاعتذار

في حالة أن الطرح موجهاً لعامة الجيل الجديد من كتاب القصة السودانيين فهو يعتبر لفتة جيدة ليدركوا أين موقع أقدامهم الآن

علي العموم في انتظار المزيد من النصوص

ودي واحترامي

Post: #47
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: حسام هارون
Date: 08-17-2009, 06:57 AM
Parent: #45

Quote: ببساطة أنا تعاملت مع حمور ككاتب " وهو تقدير رفيع " وعندي رغبة شديدة في أن تحدث نقلات نوعية في نوع كتابة زيادة ومطالبته بمزيد من الاحترافيه والتفرغ الجاد لمشروعه، ، كما إنني أسف لأنني مضطر للتفاعل مع كل المداخلات في مشاركة واحدة ، والواضح ان الحوار ، النقاش وان شئت قل الونس بداء


الأخ الجريفاوي

غير لغتك المتعالية التي نبهك إليها الأخوان.. لكن حقيقة أخطاءك الإملائية مزعجة للغاية..وبالرغم من تنبيهك للخطأ في كلمة (قرأ)..إلا أنه من الواضح لم تدرك أين الخطأ فيها..وها أنت تكرر نفس الخطأ في كلمة (بدأ) والتي كتبتها (بداء)..أما (آسف) فجاءت (أسف)..

Post: #48
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: أحمد ابراهيم عثمان
Date: 08-17-2009, 09:51 AM
Parent: #47

Quote: كنت أعلم أن هنالك خطأ ما؛ فأعلاه ليس نموذجاً قصصياً .. بل هي مناجاة ملتاع .. و شتان.


و انا اعتقد انا هنالك غرض ما... اعلاه لا علاقة له بالنقد الادبي...


صاحب البوصط
قصصك دي بخرات ولا شنو البتخلي الزول ينجح ككاتب!!!!

Post: #49
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد الجزولي
Date: 08-17-2009, 03:28 PM
Parent: #48

السلام..

والله ياالجريفاوي ... غايتو بوستيك ده دَبُل كيك .. يعني بوستين { وتُقرَأ من المفردَة بوست}! في بوست واحد يعني الشق الأول كُنت تعرض النمازج وتفككّة لينا وتخلينا نستمتع بها وبيك .. إما تكتفي بعرضها من غير تفكيك و برضو مساعدة لعين الناس ، وليك أجر المناولة !! ... والبوست التاني هو نقد لحمور وطبعاً بديهياً عليك الجهزان بعدتك والتي اراك مجانب الصواب فيها من قُولة تِيت ! بدليل الطريق التبيعَتها لمنادة الرجل ، لتفتح معهو حِوار {مع انو الخيط لاتفوح منه اَي روائح تُنبئنا بذلك} .. ! بل كل روائحة باريسية من مصانع Abu Ali Eiffel tower

فياأخي شتَتّة لينا أفكارنا لعرفنا نقرأ {طبعاً في دي انا غلطاتي بالكوم والردوم} {وفي كثير أيضاً من النواحي} ! القصص الجبتها لينا لعرفنا نتابع نقد بناء ولا عِرفنا أنت داير شنو؟! ... وأتاري قَااااعديييييين !!! ...


ـــ
بس الداير أقولو ليك يأخي .. خلي عادل القصاص يكتب وخلي أسامة الخَواض يكتب وخَلي حَمور يكتب وخَلي مصطفي مدثر يكتب وأنت زااااتك أكتب ..... وأمطرونا أبداع مختلف النكهات .. بس ! أعفونا من منظار المراقبة الكذابة وفيض الأستاذية المزيفة المويتها وصلت تجوبفة الجمجمة من الداخل ...

وعفواً إن لم يرضيك حديثي .. فأنت أيضاً واَطيلك حَق ..


وهي كلمة حَق وجَبت اَن تقال ..


وإحترامي ...


Post: #50
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد عبد الماجد الصايم
Date: 08-17-2009, 03:43 PM
Parent: #49

هسي نحن مع منو؟
الشللية ولا الـ "تبيكل"؟
النجيضة: 2 * 1!

Post: #51
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد عبد الماجد الصايم
Date: 08-18-2009, 10:18 AM
Parent: #50

Quote: قناالفكرة عندو وبيحمل نواة كاتب جديد جيد ، فقط اذا قراء نص واحد من النصوص المنشورة هنا ، بدون كبر وتعالي



يا جريفاوي
مش زمان كان في مثل بقول لمن تقول للناس ما تعملوا كــدا ما تقع إنت زاتكـ في الحتة دي!

معليش يا عمكـ
نحن لا مثقفاتية ولا بتاعين نظريات
ناس رجرجة ودهما وبوالين وحاجات كتيرة جــدا وما عندنا
مشكلة متعايشين معاها والحمد لله
فـ باللاي يا عمكـ أنزل لينا شوية من الكبر والتعالي الخاشي فوقو دا
وما دام فتحت ليكـ بوست في "تيبيكل" سودانيز دي أقعد معانا ورينا الفهم شنو!

يا سلاااام ياخ!
ياخ الواحد يرتاح نفسيا لمن يجي واحد زيكـ كــدا ويقعد فووووق ويتكلم معانا
أهــو الواحد برضو يعرف أنو البورد دا فيهو مدرسين ونحن طلابو
يجي ينظر فينا ويقول كلامو ونحن نهزهز روسينا عشان نوريهو إنو نحن فاهمين كلامو!

أنا غايتو ما عندي مشكلة يا عمكـ
ومتصالح مع نفسي شديد وأي طاقية بلاقيها لافة بلبسا وأنا مرتاح!
مالو ياخ
ما دا جزء من عدم التكبر والتعالي برضو
ولا شنو؟

Post: #52
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Hussein Mallasi
Date: 08-18-2009, 10:34 AM
Parent: #51

Quote: بل كل روائحة باريسية

تيبيكال باريسية.

Post: #53
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد عبد الماجد الصايم
Date: 08-18-2009, 03:51 PM
Parent: #52

*

Post: #54
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد البشرى الخضر
Date: 08-18-2009, 04:53 PM
Parent: #53

Quote: ناس رجرجة ودهما وبوالين

إنت الواحد اصلو ما يهظر معاك , اي كلام تاخدو جد

Post: #55
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عمر صديق
Date: 08-18-2009, 08:36 PM
Parent: #54

Quote: الغرض من البوست واضح ، استفزاز حمور ، الأديب حمور ياوهبة، بمجموعة نصوص قصصية لكتاب سودانيين ، دعوة لحمور للتركيز مع الكتابة والقراية والتفرغ للابداع ، قد يخدم الأمر حمور كقاص اذا تم التعامل مع الأمر فعلاً كعملية مثاقفة " يعني لو فيكم واحد قراء واحدة من القصص المنشورة دي " قد ينجح الموضوع في مستوياته القريبة " البوست " او في مستوياته البعيدة مع حمور ككاتب يعرف النقد ويستوعبه، وهو في نظري لدعم المشروع الحربي للكاتب ، قناالفكرة عندو وبيحمل نواة كاتب جديد جيد ، فقط اذا قراء نص واحد من النصوص المنشورة هنا ، بدون كبر وتعالي.
...
...

افيدونا ياجماعة ، نواصل في النماذج ولا مافي زول محتاج ليها في رايكم، يا ادباء الزمن ؟



الاخ الجريفاوي


تحياتي


اعتقد انك قد اخطأت في طريقة دعوتك هذه للاخ حمور لانها قائمة علي افتراض خاطئ وهو يتمثل في انك تدعو حمور للتركيز مع الكتابة والقراية والتفرغ للابداع وتري ان ذلك الامر قد يخدم حمور كقاص وفي ذلك تضارب شديد وعدم معرفة بحمور وكانه غير متفرغ للقراءة والابداع ولو كلفت نفسك بزيارته في منزله لعلمت ان حمور حياته جلها للكتابة او القراءة وهو يمتلك مكتبة ضخمة تضم معظم نماذج المعرفة واراك تصفه بالقاص هنا ومجمل موضوعاتك ومداخلاتك في البوست تدل علي انك تعتقد ان حمور يحتاج لمزيدا من القراءة لصقل موهبته في الكتابةاو ليصبح قاصا ولعلمك فان حمور قبل ان بصدر مجموعنه القصصية الاولي التي اورد غلافها الاخ وهبة قد قرأ معظم الروايات والقصص العربية وكثيرا من الروايات بالانجليزية وهوايته الاولي التنقيب في مجلات الادب والتاريخ

ولذلك لو كنت تريد نقد اعماله الادبية كان الاجدر بك ان تعمل ادوات النقد في قصص حمور زيادة لا ان تورد قصص لكتاب اخرين وكانك تقول لحمور انه محتاج لمزيدا من القراءة وصقل المعارف ليكون قاصا وليس في هذا منقصة لو اتت من خلال استعراض كتابات حمور زيادة نفسه اما مخاطبتك له بهذه الطريقة فلا اتوقع انها يمكن ان تكون سببا لياتي حمور للمداخلة

Post: #56
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Abuzar Omer
Date: 08-19-2009, 02:30 AM
Parent: #55

Quote: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .

أكثر ما يحتاجه الكاتب هو القراءة ، اذ لا يمكن لكاتب لا يقراء ان يكون كاتباً من أساسه ، وهذه هي العملية الجدلية لانتاج العمل الابداعي - الأدبي- وهي من الضرورة بمكان باعتبارها جزء اصيل من عملية انتاج المعرفة بشكل عام ، فمن الضرورة للشاعر ان يلم بالتجربة الشعرية من حوله ويطلع علي التجربة ويهضمها ، كما لايمكن لروائي لا يتابع اخبار الرواية واخر اشكالها ان يكتب رواية جيدة "حسب ماركيز" ، هو هو الحال مع كتاب القصة . وهل هناك كتاب قصة في السودان ؟

للنظر ، سأقوم هنا بعرض بعض نماذج من القصص السودانية والقصاص السودانين من هنا وهناك ،الجديد منها والقديم علي حسب مايتوفر عندي في جهاز الكمبيوتر والانترنيت ، لوضعها في دائرة الضوء ،لعناية الاستاذ القاص حمور زيادة ، هذا الشاب الذي ومن خلال قراتي لبعض محاولاته القصصية اكتشفت فيه توافر الرغبة الشديدة في الكتابة عسى ان يكون جهدي مقدراً ومفيداً لحمور وكل المهتمين بالقصة.


عجزت فى أن أستخلص شئ خلا حسن النوايا و الحب المبرأ من الغرض..

تظل ثقافة دعوة المقربين للأطلاع على نماذج معينة من الكتابات دليل عافية فى الأوساط الأدبية. هنالك قراءة خاصة بالكُتاب و فيها تركيز على تفاصيل خارج إطار قراءة الإطلاع و المتعة. و لعل الأخ إبراهيم أراد ذلك..( يحدث أن تطلب من أحدهم قراءة كتابة ما و أنت تعلم تمام العلم بأن ذلك الشخص قد إتطلع على هذه الكتابة من قبل ).

فى إعتقادى هذه الكتابات لأفراد متميزين و قرأتها تحليلياً من شأنها أن تأتى بالنفع للكاتب.

حمور زيادة متميز تحف خطاه فراشات المستقبل الزاهر و يزينه تواضع و أدب جم و لا أعتقد بأنه يرى نفسه أكبر من دعوة القراءة - الدعوة الأعظم فى حيز الوجود - ( إقرأ...).

أتمنى أن يواصل صاحب البوست عرض ما عنده من أعمال و أن يزور حمور البوست و لا يكون الا حمور الذكى المتواضع.

Post: #57
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: أمين محمد سليمان
Date: 08-19-2009, 02:55 AM
Parent: #56

Quote: و أن يزور حمور البوست و لا يكون الا حمور الذكى المتواضع

أبا ذر يا صاحب البيان !
حمور ده يتقطع ؟ حمور ب(يقراء) في المقررات الجابا سيد إبراهيم ، عسي و لعل !!
بعدين عليك الله يا أبو ذر يا اخوي ما تخلي مداخلتك "تيبكال " سودانيزاونلاين عشان سيد إبراهيم يرد عليك !









‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎---------------------------------------------
أمين : خال حمور و دراع سيد صبري اليمين و إحتمال كبير أبقي دراع سيد إبراهيم !!

Post: #58
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Hussein Mallasi
Date: 08-19-2009, 07:26 AM
Parent: #57

ثم تانياً .. منو القال إنو حمور قاص؟؟!! .. حمور كاتب موسوعي*.




_____
*قرأت ذلك في عنوان
أحد البوستات!

Post: #60
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد عبد الماجد الصايم
Date: 08-19-2009, 09:08 AM
Parent: #58

Quote: ولذلك لو كنت تريد نقد اعماله الادبية كان الاجدر بك ان تعمل ادوات النقد في قصص حمور زيادة لا ان تورد قصص لكتاب اخرين وكانك تقول لحمور انه محتاج لمزيدا من القراءة وصقل المعارف ليكون قاصا وليس في هذا منقصة لو اتت من خلال استعراض كتابات حمور زيادة نفسه اما مخاطبتك له بهذه الطريقة فلا اتوقع انها يمكن ان تكون سببا لياتي حمور للمداخلة


عمر صديق يا حبيب
ياخ الزول دا قال ليهو تعال أقرا الحاجات الجبتها ليكـ دي
لو ما قريتا .. قصتكـ جاطت!

Quote: قناالفكرة عندو وبيحمل نواة كاتب جديد جيد ، فقط اذا قراء نص واحد من النصوص المنشورة هنا ، بدون كبر وتعالي


درس خصوصي مجاني وكــدا!

Post: #61
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد يوسف الزين
Date: 08-19-2009, 09:46 AM
Parent: #58

السلام عليكم..

بعد قراءتي لهذا البوست الذي استفدت منه بأن حفظت بعض النصوص التي لم تمر علي قبل الان وأشكر صاحب البوست عليها..اسجل ملاحظتي على الموضوع الاساسي والذي استفز المداخلين..

* ليس البوست تسجيل رأي كما هو واضح ، ولو كان كذلك لما كان هذا الاندهاش من قبلي ومن بعض المتداخلين ، فكل الناس لهم مطلق الحرية بابداء رأيهم الخاص كقراء تجاه كل الكتابات والكتاب من محرر جريدة المدرسة الى باولو كويلو..ولا يعاب قال الرأي على رأي وانطباعاته الشخصية.

* هل هذا البوست أصله "نصيحة" طرحت بـ"فذلكة" فصعُبتْ علينا نحن العوام؟!
إذا كانت "نصيحة" فلا عيب في ذلك..هذا إن كان الاستاذ حمور أديب متواضع يهمه رأي القراء..وهذا إن كانت دعوتك له للارتقاء شديدة الصفاء.

* احترت في هذا الموضوع..لأنه لا ينطبق على ما سبق ولأني كذلك أجزم بأنه ليس موضوع نقدي ليس لأن لغته التي كتبت في الدعوة الى قراءة بعض النصوص السودانية المميزة ولكني لأني أعرف أن النقد كما قال أحد الكتاب.."إن الحكم على الأدب لا يكون إلا بمعايير أدبية" وهي القاعدة الذهبية وتعني أن من يمارس النقد يجب أن يمتلك كل أدواته لكي يتمكن من سبر أغوار نصوص الكاتب الذي هو بصدده وتفكيكها.هذا قبل الشروع في القاعدة الأولى التي لا أراها هنا وهي ادراج النص نفسه والذي أرى هنا أنه جاء متأخراً لمقارنتها مع عظيم الأدب المدرج أولاً.

* لذلك أجده دعوة ساخرة باطنها وظاهرها السخرية وحتى السخرية لم تكن بلغة راقية ترتقي مع الادراجات الأدبية التي تفضل كاتب الموضوع مشكوراً بايرادها وتتناقض كذلك مع طرح الموضوعات التي تتحدث عن الأدب هذا العالم الشفاف الذي يغريك بأن تتناوله بشئ من الرهبنة وكثير من الخصوصية.

__________

الى المتداخلين الذين يدافعون عن حمور زيادة.. إنتو جادين؟
الكاتب العميق والبسيط في نفس الوقت ، الكاتب الذي لاتستهلكه الرمزيه ولا يتعنت ليقحم عبارات الإستعراض هو كاتبنا.
وأنا شخصياً أعرف عنه بحثه الدائم ورغبته في التطور تماماً كمعرفتي لشخصيته المؤدبة المتواضعة.



وليس مثقف موسوعي فقط يا استاذ ملاسي

Post: #62
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد عبد الماجد الصايم
Date: 08-19-2009, 10:56 AM
Parent: #61

Quote: الى المتداخلين الذين يدافعون عن حمور زيادة.. إنتو جادين؟



عابد يا معلم
حمور ما داير زول يدافع عنو
نحن بنتكلم عن طريقة الجريفاوي دي!
شابكنا تكبر وتعالي والبوست دا أكبر مثال للكلام دا!
ولو ما قريت الكاتبو دا ما بتبقى كاتب ولا شنو كــدا ما عارف
ياخ دا بوست ولا بـخرة امتحانات؟

وأهو نحن في النهاية زي ما قلت (عــوام) والسـلام!

Post: #59
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد عبد الماجد الصايم
Date: 08-19-2009, 09:02 AM
Parent: #54

Quote: إنت الواحد اصلو ما يهظر معاك , اي كلام تاخدو جد


هلا جرجيرة
أخباركـ ياخ!

Post: #64
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Abuzar Omer
Date: 08-19-2009, 07:35 PM
Parent: #59

Quote: أبا ذر يا صاحب البيان !
حمور ده يتقطع ؟ حمور ب(يقراء) في المقررات الجابا سيد إبراهيم ، عسي و لعل !!
بعدين عليك الله يا أبو ذر يا اخوي ما تخلي مداخلتك "تيبكال " سودانيزاونلاين عشان سيد إبراهيم يرد عليك



‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎---------------------------------------------
أمين : خال حمور و دراع سيد صبري اليمين و إحتمال كبير أبقي دراع سيد إبراهيم !!


و الله يا خالو بعد ما طالت سياسة التعريب صرت أقرب إلى السودان الشقيق فى الجمع بين المتناقضات. و قول لصبرى بيه يحرك الركود فى رمضان ده ، و معاهو حبيبنا هشام

و أنا متبرع ليهم بالسحور و تسحير.

أما بخصوص البوسط ؛ كون الكتابات جيدة، تؤكد حسن النويا. و لو كانت خلاف ذلك لجاز للجميع إعطاء فسحة للعقل و لكن ...

يظل حمور عزيز لدى الجميع و أتمنى أن نسمع منو..


بالمناسبة الحبيب ملاسى ده شايت وين؟؟ ولا ده تصريج غير متعمد؟؟؟؟


Quote:
Quote: كما لايمكن لروائي لا يتابع اخبار الرواية واخر اشكالها ان
يكتب رواية جيدة "حسب ماركيز" ، هو هو الحال مع كتاب القصة

Quote: هذا الشاب الذي ومن خلال قراتي لبعض محاولاته
القصصية اكتشفت فيه توافر الرغبة الشديدة في الكتابة

Quote: عسى ان يكون جهدي مقدراً ومفيداً لحمور وكل المهتمين بالقصة


Quote: الحقارة عندك.
ملاسى

Quote: و الحال كذلك .. فعلى حمور أن يتفرغ لتغطية جلسات محاكم النظام العام.
ملاسى

Quote: القصاص استثناء .. فللاسم شفعة!
ملاسى



Quote: لكن هاك طيب يحدي ما اجيك صادي نموذج قصصي لحمور زيادة بتناول نفسه بنفسو


Quote: كنت أعلم أن هنالك خطأ ما؛ فأعلاه ليس نموذجاً قصصياً .. بل هي مناجاة ملتاع .. و شتان.
ملاسى

Quote: ثم تانياً .. منو القال إنو حمور قاص؟؟!! .. حمور كاتب موسوعي*.

_____
*قرأت ذلك في عنوان
أحد البوستات!
و تانى ملاسى

Post: #65
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد الطيب يوسف
Date: 08-20-2009, 11:58 PM
Parent: #64

+

Post: #66
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: سفيان بشير نابرى
Date: 08-21-2009, 10:18 AM
Parent: #65

زي ما قال ابراهيم العبادي :-
ياحليل الطير الرحل
كان قريب في زُحل .





ـــــــــ
غايتو نحنا
غرقي في المياه
الجميلة .

Post: #67
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عبدالوهاب علي الحاج
Date: 08-21-2009, 10:58 AM
Parent: #66

Quote: غايتو نحنا
غرقي في المياه
الجميلة .
يا سفيان
انت لسه غرقان
وفي رمضان







___
وينك ؟

Post: #68
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: سفيان بشير نابرى
Date: 08-21-2009, 11:17 AM
Parent: #67

يا وهبة
زي ما قال درويش :-
منتصب القامة أمشي
في كفي قطفة زيتون
وعلي كتفي نعشي
وأنا أمشي وأنا أمشي


ـــــ
شد سلك ياخ
العربية لقيتوها؟

Post: #69
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عبدالوهاب علي الحاج
Date: 08-21-2009, 12:53 PM
Parent: #68

Quote: منتصب القامة أمشي
في كفي قطفة زيتون
وعلي كتفي نعشي
وأنا أمشي وأنا أمشي
قلبي قمر اخضر
قلبي بستان
فيه فيه العنبر
فيه الريحان
شفتاي سماء تمطر
وفي كفي قطفة زيتون
وعلى كتفي نعشي
وانا امشي وانا امشي
وانا وانا امشي
Quote: شد سلك ياخ
العربية لقيتوها؟
بالنسبة للعربية جاري البحث
اما بالنسبة للسلك
سأشده شداً حتى لا ينقطع
ورمضان كريم

Post: #70
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 08-21-2009, 01:51 PM
Parent: #69

يقينى يا جريفاوى ..

ان الاخ حمور زياده - وهو ممن اتقصى حدودهم فى هذا المنبر - قد ادرك جوهر ما تريد..
ولا أخفى عليك ازعاجك المستمر لى كلما نفضت يدى اونلاين من كتابة مقطع من العطش
لا يتوافق والكتابه الصديقه للاحوال ..

قطعا الاثر والتأثير يختلف باختلاف النوع والمراتب والتراتبيه ولكن ..
تفاصيل الطريق - أعلم - لن تصرف العزيز حمور زياده عن غاية المضى للنهايات ..

وأخيرا ..
لا تقنط من رحمة الطين .. فجماليه ( المولد ) مثلا لا تنفصل عن شائهات مكوناته



Post: #71
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: مطر قادم
Date: 08-21-2009, 02:46 PM
Parent: #70

قال الجريفاوي في احدي منتديات جامعة جوبا:
ياحليل الطير الرحل
اكان قريب في زحل
احب التلامذة السكنوا البحر

Post: #72
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: أمين محمد سليمان
Date: 08-21-2009, 05:50 PM
Parent: #71

Quote: يا سفيان
انت لسه غرقان
وفي رمضان

أهو دي جنس المداخلات البتخلي سيد إبراهيم يقول ليكم تيبيكال سودانيزاونلاين ، إرتفع لمستوي البوست يا دكتور ،
دايما محرجني قدام الأدباء و الفنانين !!!

Post: #73
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: عبدالوهاب علي الحاج
Date: 08-21-2009, 05:54 PM
Parent: #72

Quote: دايما محرجني قدام الأدباء و الفنانين !!!
الاخ الخال امين
امسحها لي في وشي المرة دي
وتاني تووووبة

Post: #74
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: lana mahdi
Date: 08-21-2009, 09:45 PM
Parent: #73

الحبيب الجريفاوي
سلام وتقدير
ما كتبه حمور ليست (محاولات قصصية)
لو أحب حمور أن يقرأ النماذج التي أعطيتها له من باب (العلم بالشيء)-هذا إن لم يكن قرأها فعلاً-فعلى مزاجه...ولو ما أحب على مزاجه...بعض النماذج التي أوردتها لم تعجبني..
بوستيك مرقتا منو باستنتاج :(عليك يا حمور أن تقرأ أكثر لتتحول كتاباتك من "محاولات"ل"قصص قصيرة"أمها بت عم أبوها)!البوست فيهو حبة (أستذة)على حبتين(وصاية)..

رمضانك كريم
لنا

Post: #75
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: Hussein Mallasi
Date: 08-22-2009, 10:20 AM
Parent: #74

لماذا لا يكتب حمور باسمه في هذا البوست؟!!

Post: #76
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: أمين محمد سليمان
Date: 08-24-2009, 05:02 AM
Parent: #75

والله يا سيد إبراهيم الكلام ده أعوج منك ، أنا و وهبه أخوي ديل ناس رجرجه و (تيبيكال) سودانيزاونلاين ، عرفنا ! الناس الباقيه دي كلها ما بتستاهل يردو عليها ؟!

Post: #77
Title: Re: نماذج من القصة القصيرة في السودان تسلم باليد إلي حمور زيادة .
Author: أحمد ابراهيم عثمان
Date: 08-30-2009, 08:45 PM
Parent: #76

فوق
عشان لو في ادباء
عاوزين يستفيدو
يقدرو يستفيدو