د. عبد الله ابراهيم : تشخيص مأساوي لرجل مريض ومتلازمة بيتر بان تستمر!

ليس أصعب من أن تشخص احد المرضى النفسانيين بعيادتك
لان ذلك مدعاة لفتح ملف حياة بالكامل..
ومكمن الصعوبة في ذلك ان لديك عدد هائل من الملفات اليومية على هذه الشاكلة
هذا مدخل مهم للاشارة لموضوع قرأته بالأمس
هو أجمل ما قرأت خلال اليومين الماضيين...
كتبه الكاتب والبحثى الدكتور عبدا لله ابراهيم (المعروف)..
وزبدة ما كتب ان شخص رجل (افريقيا المريض) سابقا
وحاليا (رجل العالم المريض)..

حين قال:

((واحدة من الجوانب غير المبحوثة في السياسة السودانية أنها مصابة بمتزامنة بيتر بان. وهي عاهة الطفل الذي يعيش طفلاً طول عمره. ))

اتفق مع الدكتور كقارئي اننى لم اجد في حياتي تشخيصا دقيقا للحالة السياسية السودانية
ابلغ مما هو مقتنع به فمتلازمة بيتر بان Peter Pan syndrome لم تكن في واقع الامراض النفسية
سوى انهاواقعا لحالة سودانية مأساوية استمرت منذ النشأة الحديثة وما تفتأ تستمر (تتخبص)..
حالة لا يمكن الفكاك منها الا بالتخلص من هذا الطفل الداخلى المسيطر على الذات السودانية!
وحيث ان هذه المتلازمة لم تجد علاجا ناجعا منذ ظهورها فاننا موعودون بيأس كبير
على الاقل في المستقبل القريب ..

يضيف الدكتور:

Quote: وقد اندلقت هذه الجهالة الأزلية عليها من حرب الإسلاميين والشيوعيين. فممارستهما للسياسة في الجامعات "فتونة" غلب فيها العضل على الفكر. فهم كفتية القبيلة في طقوس اختبار بسالة شبابها في صون بيضتها. ثم يؤول لهم أمر البلد فيصرفون شأنه بفتونة الجامعة وثقافة السيخ. فلا يبلغون الرشد بمر العمر ولا بجسامة تبعات بلد يرزح في الفقر والمرض والجهل ونقص الأطراف.

ليس في المقدور الحصول على ابلغ مما كتب الدكتور فيي الاقتباس اعلاه
ولا اعتقد بان هذا التشخيص بعيد عن حالة مريضنا المأساوية !

والحق يقال أن هذه واحدة من كتابات عبد الله المفيدة في الفترة الماضية
ومتي ما كان عبد الله (موضوعيا) أكثر منه (ذاتيا)
بكتب أحسن
(وما معناها نتفق معاه، بس بودي الحوار في وجهة سليمة)

لكن
والحق يقال أيضا
كلام قريب لي دا كان قد قاله منصور خالد في كتبه
وأهمها "النخبة السودانية وإدمان الفشل"
وهجمة عبد الله الضارية علي منصور ما عندها مبرر
كان ممكن علي الأقل
يختلف معاه لكن يحاوره
(طالما منصور كان برضو بيشخص في حالة رجل أفريقيا والعالم المريض)
وبالطريقة دي تبقي صحي صحي إختلاف دكاترة في تشخيص حالة مريض
والهي حاجة طبيعية بل ومستحبة
(مش خلاف بين دكاترة حول أيهما يلبس (روب) أكثر بياضا)

أعتقد أنه وبفعله ذلك
قد كرر مأساة الخلاف التاريخي بين الشيوعيين والأخوان
(شكلة أخوان طردة تستمر من الطفولة وحتي اللحد)
بنفس مناهج وعقلية الطفولة بأشكال ومظاهر مختلفة

لو أننا تواضعنا قليلا وأكثرنا من الحوار وقللنا من الشجار
(المثل الصيني يقول العقلاء يتشاورون والحمقي يتشاجرون)
وأهتمينا ب(الموضوع) أكثر قليلا من (الذات)
وتحاورنا حول (متن الخطاب) بدلا عن (شخص كاتب الخطاب)
(أصله وفصله والجامعة الخرجته ولون عيونه )
وتمثلنا بقول عاقل لإمام عاقل
(رأي خطأ يحتمل الصواب ورأيك صواب يحتمل الخطأ)
بنصل مرحلة متقدمة
(محطة قبل الصوملة وبنقوم بعدها نغير مسار القطر عشان ما يصل محطتة الأخيرة)
وهي تشخيص المرض
وبعدها طبعا وبداهة العلاج

الاستاذ الفاضل
Nasr

التالي بالضبط ما عنيته

Quote: والحق يقال أن هذه واحدة من كتابات عبد الله المفيدة في الفترة الماضية ومتي ما كان عبد الله (موضوعيا) أكثر منه (ذاتيا) بكتب أحسن (وما معناها نتفق معاه، بس بودي الحوار في وجهة سليمة)

هو هنا يكتب بمضوعية لانه استبعد الذاتية حتى في عوان ما كتب

الترابي ونُقد.. قصة غير أخرى

تحدث بموضوعية لانه تناول موضوعا لا يمكن الا ان يكون موضوعيا
وتملكته ملكة الصدق والجمال الذي وجده كل قارئ منصف للنص

وكان تشخيصه المستمر للحالة السودانية المتأزمة هو اتفاق للعالمين بالشأو السوداني

Quote: كلام قريب لي دا كان قد قاله منصور خالد في كتبه وأهمها "النخبة السودانية وإدمان الفشل"

ولن يستطيع ذي عينين ان يحولهما عن النظر الى هذا المنظر السوداني البشع

واود هنا اخي نصر ان اتفق معك بشدة بأن المشهد هو الأهم وليس من يعرضه
وكيفية عرضه
واتفق معك بان مكان المشهد يزداد اهمية كلما اقتربنا من نطاق الزمن
لأن القطار محكوم بهما اثناء سيره بهذه السرعه الجنونية..

Quote: بنصل مرحلة متقدمة (محطة قبل الصوملة وبنقوم بعدها نغير مسار القطر عشان ما يصل محطتة الأخيرة)

واعود لموضوعية النص بالرجوع للعنوان والمضمون السامي الذي اراد من خلاله الدكتور
العبور الى تشريح الواقع بخلق العلاقة الواضحة بين اللاعبين الاساسيين فيه وان لم يكونوا جميعا هنا
فهناك من هم لا يقلون اهمية عن هذين الرجلين ( نقد/الترابي) واتباعهم الذين تعودوا الا يروا الا باعينهم فاكتوت الحالة المريضة بشروخ عميقه في جدارها المهترئ اصلا وهرب الجميع الى الامام
تاركين وطنا لا يزال مفجوعا واكثر ايلاماً

أشكر مداخلتك الثمينة نصر ..

عزيزي هيثم التوم والتحية لحمد عباس (نصر) هنا ساوى عبدالله في الفتونة بين الأخوان والشيوعيين
.بينما لابد من نسبة العنف لأحدهما ويمكن معرفة ذلك بعقد دراسة بالنظر إلى عنف الشيوعيين مع الجمهوريين
هل يوجد ؟عنف الأخوان مع الجمهوريين هل يوجد؟ عنف الشيوعيين وإحراق الكتب هل يوجد؟ (الكتاب المقدس ن كتب الجمهوريين )إلخ عنف الإخوان مع إحراق الكتب هل يوجد؟ عنف الشيوعيين مع بقية الأحزاب هل يوجد؟ عنف الإخوان مع بقية الاحزاب هل يوجد؟
هل بدا العنف في الجامعات ربما في الهجوم بالكراسي على رقصة العجكو؟ أم هل كان قبل ذلك؟
فيما يتعلق بمتلازمة بيتر بان أعتقد ان فترة نصف قرن ضئيلة للغاية لم يتمكن فيها السودان من التعرف على كياناته المختلفة .غالبية السودانيين وقفوا في الحكايات الشعبية والخرافية عند احاجي عبدالله الطيب مثلاً ومعظم مثقفينا لم يطلعوا على سبيل المثلل على حكايات الدينكا الخرافية التي جمعها الدكتور فرانسيس دينق والاسم بالإنجليزية ليس دقيقاًThe Dinka Folktales
وعلى ذلك قس .تحتاج الدول لفترات اطول وكل دولة تتطور من زوايا مختلفة حسب الجهد المبذول في هذا او ذاك من الأداء. خذ عندك التعليم مثلاً الا ينسف فكرة المتلازمة هذه من اساسها فكاننا بدانا التعليم معكوساً فقوية الكواليتي كان في الماضي والطفولي المختلط بالكواليتي هو الحالي .وخذ مثال تعليم المراة مقارنة بطالبان مثلاً أو دول الخليج وقيادة المرأة للسيارة وريادتها للبرلمان.لا هذا النموذج الذي ساقه البروف غير دقيق.

Bushra
تحياتي لك وامنيات بدوام الصحة والعافية

جميل ما لفت به الانتباه الى مكيال المساواة الذي اشار اليه الدكتور بين النقيضين
وقطعاً فان الكفتان ليستا متساويتان مهما اختلف المختلفون في ايهما أرجح بياناً..

Quote: هنا ساوى عبدالله في الفتونة بين الأخوان والشيوعيين .بينما لابد من نسبة العنف لأحدهما

لكننى اصر على مراد الموضوع وجوهر المشكلة التى عناها الدكتور
فليس من أمر اكثر حيرة وتوهانا مما تعيشه الحالة الطفولية هذه للواقع السياسي السوداني
لان هذه الحالة ازمت الحياة بجميع اشكالها اجتماعية كانت ام سياسية او أمنية وخلفت وراءها
دماراً مستمرا للوطن وتراجعا مخيفا يوما بعد يوم ادى بالضرورة الى اتساع الهوة بين اشواق
المواطنين وواقعهم المأساوي..

وهذه الفقرة ادناه اراها مرتبطة بما عنيت قبل قليل:

Quote: فيما يتعلق بمتلازمة بيتر بان أعتقد ان فترة نصف قرن ضئيلة للغاية لم يتمكن فيها السودان من التعرف على كياناته المختلفة

هنا تتجلى المأساة في تقديري اذ ان زمنا يفوق الخمسين عاما ليس كافيا للسودانيين لاكتشاف ذاتهم
وتمثيلها بكيانات متوائمة ومتنافسة بشرف الوطنية وبدلا عن ذلك لا تزال تبدأ من الصفر كلما اردت
تشخيصا لهذا الواقع حتى انتهى الامر بالكيانات المشكلةالى المطاحنة وانحطاط الخطاب واستحالة الالتقاء

Quote: تحتاج الدول لفترات اطول وكل دولة تتطور من زوايا مختلفة حسب الجهد المبذول في هذا او ذاك من الأداء.

القضية المميتة هناان الدولة السودانية قد تشكلت وتطورت ثم تقهقرت ولا تزال والدولة لم تعد تعرف بعناصر تكوينها: الشعب والارض والسيادة بل تعدت ذلك الى الاعتراف الداخلى بها قبل الخارج ولذلك نجد ان العلاقة بين الحكومة والدولة في الدول المتخلفة والمنحطة تعنى المساواة بينهما عمليا وواقعيا في حين انهما يفترقان كماالسماء للارض .
ومن ثم فانه حتى اشعار آخر تظل متلازمة بيتر بان سارية المفعول اختلفنا ام اتفقنا في تقدير فترة الطفولة الواجب ان تقضيها نخبنا السياسية حتى نخرج من هذه المتلازمة !