رقص القماري وضحك السمك..

منذ مجئ مواليد برج (التيس) الي المدينة جرت عادتهم القيام بأحتفال سنوي يدعون له مجموعة البهائم والمواشى للاستماع الاجباري لخطب (العواء) و (الجاعوري) والذي يتبارى فيه كل من (كبير التيوس) و(التيس الخصي) فى تحدي خراف سوق (أم دفسو) وتفصيل نظريتهم السماوية فى كيفية تقليم أظافرها لانها تنادي وتحرض بقية المواشى علي تنظيف الزريبة و(هيكلتها) لتسع الجميع استنادا علي القاعدة البوهيمية أن كل البهائم سواسية وشركاء فى الماء والكلأ.. ولم يقفوا علي هذا بل ذهبوا يؤكدون عمليا خطل وفشل نظرية الدجل التيسى.

يتبع

كانت هذه الخطب النارية مناسبة مقدسة, ولهذا جرت العادة علي إقتياد السخل والحملان الصغيرة الي ساحة المروج الخضراء لتسمينهم نفسيا قبل إرسالهم الي سلخانة الكجور الاعظم للاستمتاع بهم كوجبات شاورمة. وكان أكثر ما يبهج الجمع البهائمى فى مثل هذه الاحتفالات هو الاستماع للعندليب (الاغبش) مغني كل المواسم صاحب الاغنية الوحيدة والتى يجتر كلماتها اجترارا وهو ينطط وينطح فى كل أركان الزريبة ويردد معه الجمع:

التيس الشايل القلم
كتب فى الحيطة
أحب الغنم
يا سحلية يا ضهبانة
حبيت الضب
وانت ما دريانة
طلوع الحيط
بقي ليك شغلانة

ويعم الهرج والمرج فيختلط حابل الاغنام بنابل التيوس, فالكل يريد الوقوف بجوار الكاميرا ليداهن التيس الخصي بالتبشير ولاظهار الولاء لكبير التيوس والذي انفصل بتفكيره عن الجمع المداهن وغرق فى تفكير عميق


يتبع

فلقد أعادت تلك الاغنية كبير التيوس الي ميدان (عقرب) حيث دلال غنم بحري اللاتي يتمسكن بقواعد (الاتيكيت) و(البرستيج) وكيف أن مستوي الوعي بنواميس المدنية والحضارة يفرض عليهن إلقاء نظرة فى إتجاه الشمال اولا ومن ثم اليمين قبل عبور شارع الاسفلت للاتجاه الاخر. وبهذا تتاكد النظرية القائلة بان غنم المدينة اكثر وعيا من ربيبه التيس الخصي, الذي لم يتورع في اطلاق احدي تصريحاته العنترية متحديا به (الفحل السندكالي) ومجموعة خراف سوق ام دفسو مؤكدا انه اكثر قدرة منهم على الانجاب. ونزل هذا التصريح كالصاعقة على علي كبير التيوس لانه كان يدرك بحسه الفطري وخبرته أن مثل هذا الهزار المسيخ و الغير مسؤل قد يقلب عليهم ظهر المجن. فهو يدرك جيدا طبيعة الفحل السندكالي وشاغلي معسكر ام دفسو والذين لن يتورعوا فى الاستعانة بـ(خراف أبوحريرة) لأنهاء هذا الخمج
أعاده صخب العندليب الاغبش الي الجمع المداهن وقد علت اصواتهم بالصياح والصراخ ببعض الكلمات التى لم يتبين منها سوى بعض المقاطع التى تنادى بالويل والثبور وتهددبكسر شوكة كل متمردي ام دفسو والي الابد..



يتبع

إرتد كبير التيوس سريعاالي وحدته مناجيا تلك اللحظات الحميمة والتى قضاها علي
المروج الجبلية بامتداد المليون ميل وهو يساكك طيور (الرهو) و(القماري) مارا بـ(شنقلي طوبايا) و (غزالة جاوزت) لينتهي عند جدول (البلوم), فيبدأ فى العزف على إيقاعات ام كيكى:
البلوم نزل..
فى الساحة
نزل نزل..
براحة.
فيقدل الحمام ويرقص القمري , وتصدح المروج بالغناء لترتع عليها الاغنام التى لا تعرف الانيميا او البرسيم المستورد. قبل أن يتبدل الحال, ليصبح اكثر ما يشغل (غنم الحلة) هو التحاوم حول (كٌوش) المصالح الحكومية والوزارات السيادية والمستعبدة, لمحاربة الجوع الكافر بإلتهام جبال الاوراق التي كتبت بها توصيات مؤتمرات (الخوار الوطنى) والدوسيرات التى رسمت عليها خطط مداهمة البيوت ليلا بحثا عن (علي فضل) والمسودات التى دونت بها الوعودات والمطالب( للشعب الفضل)

يتبع

cc

الأخ السنوسى

تحياتى

لك الود وكل أغانى الطيور

فى انتظار أن تقول كفى

فنأتيك بغنا الطيور ووجعنا ..

عزيزى معتصم الطاهر

اعلم أنك من فئة الطيور (المابتعرف ليها خرطة ولا فى ايدا جواز سفر) ولذا لم يكن مستغربا أن نلتقيك عند وصولنا (جدول البلوم)

فلك منى كل الحب




و نواصل

لم يكن الذي يشغل (كبير التيوس) هو فقط هذا التصريح المسيخ مساخة موية الترمس لـ(لتيس الخصي), فهذا مقدور عليه. فهو يعرف كيفية ترويض (الفحل السندكالي الحنكوش) والذي لا يكره شيئا ككرهه الطريق المؤدي لسلخانة البهائم. أما مجموعة (سوق أم دفسو) فهاهم قد أنشغلوا عندما علت اصواتهم بالهمبكة والخرخرة فى حلقة البلي اعتراضا علي كبيرهم الذي يصر علي (تكّس ما يرجع). ما يشغل كبير التيوس هو ذلك الخبر الذي طالعه فى إخباريات الزرايب الخارجية والتى تقول بتمكن العلماء من الربط بين تقنية الاستنساخ وتقنية الهندسة الوراثية لإنتاج النعجة (دوللى) بل أكد الخبر علي إنتاج أغنام باستخدام وسائل وراثية عديدة..
ما أن قرأ كبير التيوس هذا الخبر حتى قام مزعورا باستدعاء (التيس الاضينة) و (التيس الدلدول) للمثول أمامه فى الحال. تنفس الاخيران الصعداء عندما أطلعهم كبير التيوس عن السبب , فـ( التيس الاضينة) علي طول المسافة الي حيث مرتع (التيس الخصي) ذهب يضرب أخماسا فى اسداس عن كيفية المخارجة من هذه الورطة التى ادخل فيها نفسه , معتقدا أن هناك من وشى به لدى (كبير التيوس) بخوص تلك الاتاوات السرية التى ظل يفرضها علي مصانع المريسة فى سبيل الحصول علي أجود أنواع (المٌشك) . أما ( التيس الدلدول) فهو لا يخاف شيئا كخوفه الوقوف مزلولا امام ( كبير التيوس) الذي يستمتع بتوبيخه أمام جمع الغنم منذ فشله الكبير فى إسكات مشاغبات الفحل السندكالي.
ما أن وقف الاثنان أمه حتى أمرهم كبير التيوس بقفل الهواء علي جمع البهائم لمنع تسرب هذا الخبر الخطير الي الاغنام والنعاج بالزريبة. وعليهم استدعاء مجلس (الاربعين تيس وغنماية) للاجتماع الفوري

يتبع