لاهوت الوردة

لاهوت الوردة


08-03-2005, 06:36 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=38&msg=1183567896&rn=0


Post: #1
Title: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 06:36 AM

في حضورك يجتمع الحلم والورد من كل حدب وصوب,يحادثك العاشقوك كفاحا على صهوة من حنين الفراشات للزهر,لست نبيا لأفهم سرَّ انفرادك هائمةً في نبيذ الندى,لست صنوا لأسرار حسنك كي أتذاكى بأني نديمك في الناي,لست غزالا لأدرك كنه البهاء ا لمهرول في حاجبيك,و لست حصيفا تماما لأفهم كيف تديرين وحدك هذا الهدوء المرواغ في وجنتيك,وليس لمعجزة البرق من سلّم كي تطال أعالي سناك,وليس لقلبي قواميس تفهم كيف تنامين مرفودةً بالحنين وزهو الطواويس في العشب وهي تنشِّر أرياشها لغة ً في مديح المكان ,ولست خبيرا بشأن الغياب لأفهم معنى انتظاري رعاة الحضور يسوقون قطعانهم بسياط الحنين,.....اذنْ لك أن تسأمي من غرامي "المشاتر",من عبثي بالكلام,و أن تغضبي من حديثي المتأتي –في قمة السُكر- عن سرِّ سرِّك ,من لغطي حول جدوى التشاؤم للناس والطير من كل لون وجنس ودين,ومن شغفي باقتناص الفكاهة من كل حرف,ومن رغبتي في سماع "أحبكَ" في كل ثانيةٍ,.....باسمك العنبري ,سنفتتح الطقس ,نذبح أسماء من سحلونا ومن عذبونا ,ومن علقوا صور الله في طرقات الجحيم,نبدل طقس الوضوء بمضمضة القبلات,لأن المحبة سوف تكون الاهة ايامنا القادمات
******


فيلادلفيا ابريل 2003-فولس جيرج يوليو 2005

Post: #2
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: أبو أحمد
Date: 08-03-2005, 06:46 AM
Parent: #1

Quote: نبدل طقس الوضوء بمضمضة القبلات

اسامة الخواض


ليتك كنت موجودا هناااالك ساعة ان
قتلوا فينا الرغبة حتى في وجوههم .
قتلوا فينا اشتهاء السلام

ساعة ان غدروا بالايادي التي مدت اليهم
في اريحية ونبل ..
قتلوا فينا السلام نفسه ..


لا تحدثنا الان عن جدوى مصافحة القاتلين والغادرين
والناشرين في كل مربع فجيعة .. وموت






صعب جدا .. ان تامن الذي اعتبرته صديقا
وتبتسم في وجه من جديد ..

لم يقتلوا الوردة فقط
حتى بذرتها ولقاحاتها ذروها في الهواء
حتى لا تعد من جديد الفةالورد قائمة بيننا


كرهناهم .. كرهنا السفلة .. كرهنا الغدر فيهم
كرهنا ، غلهم . كرهنا حقدهم ..

صعب ان نحلم بحنين الوردة او نشم رائحتها

Post: #3
Title: نصي الشعري هذا ليس نص مناسبات-ارجو ان تراجع نفسك
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 06:59 AM
Parent: #2


عزيزي أبو أحمد
لغتك الجميلة لا تشبه ما يمكن ان نسميه نفسا عنصريا واضحا تشكل نتيجة لتجربة محددة
سيكلوجيا الجماهير معروفة ,وهذا مبحث طويل ,تجاهله الناس هنا ,عموما نصي الشعري هذا ليس نص مناسبات,وكتب قبل اكثرمن عامين

ارجو ان تراجع نفسك,وان تقرأ هذا المقطع من نصي الشعري "المدور":
Quote: لأن المحبة سوف تكون الاهة ايامنا القادمات

مع تقديري واحترامي
المشاء

Post: #4
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mutwakil toum
Date: 08-03-2005, 06:59 AM
Parent: #2

Quote: فيلادلفيا ابريل 2003-فولس جيرج يوليو 2005


هذه هي حاسة التنبوء .. قرنا استشعار الاديب ..
حاسة شم الفرح والحزن السادسة ..
يعلم ما لا يعلمه سواه ..
..
لي عودة

Post: #5
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 07:09 AM
Parent: #4

عزيزي متوكل توم
فعلا القراءة متعددة
لقد اندهشت من ردة فعل ابو احمد ,واندهشت اكثر حين قلت:
Quote: هذه هي حاسة التنبوء .. قرنا استشعار الاديب ..
حاسة شم الفرح والحزن السادسة ..
يعلم ما لا يعلمه سواه


حينما نشرت هذا النص ,كنت انظر اليه باعتباره نصا في الحب وفي مديح الحب لا غير
في انتظار عودتك
محبتي كاملة
المشاء

Post: #6
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Osman M Salih
Date: 08-03-2005, 07:11 AM
Parent: #4

الأخ اسامة الخواض
هذا شعر طالعته على عجل ملاحقاً مثل
غيري تطورات الأحداث في بلد لا أحد
يعلم إلى أين يمضي
هذا شعر خير بيد أنه لاينسف رأي في
القصيدة التي فجرت بركان غضب
لا أحمل تجاهك غلاً ولاضغينة
الشاعر لا يحمل الضغائن و الله
على ما أقول شهيد
سأعود للنص إن راقت أحوال البلد
وفي الختام سلام

Post: #9
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mutwakil toum
Date: 08-03-2005, 07:29 AM
Parent: #6

اسامة ..
تحيات ..
ابدا لا اعني ما تبادر اليك ..
تاريخ النص قديم لكنه ، كأنه تم تفصيله لواقع الحال اللحظي ..
وهذا ما سميته بحاسة الشم والتنبوء .. كما. لا تصالح دنقل مثلاً ..
التي يضرب بها المثل في ادب التنبوء ..
وانا اقراء النص استغربت منك اخراج نص عن واقعة او حدث
بهذه السرعة الي ان وصلت لتاريخ النص . فوقع عليً برداً كمن (بلع) قطعة ثلج
في يوليو الساحل الشرقي 2005 .
الساعة الأن تشير الي مواعيد الدوام ..
سأعود

Post: #7
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: حاتم الياس
Date: 08-03-2005, 07:22 AM
Parent: #4

افهم..أوهكذابدأ لى ...خيال(البستانى)الذى تحاول غرسه فى عنف اللحظة ..لست يعيداً
عنها كشاعر وان أوهم بعضهم ذلك..لكنك تتحسسها بوعى الشاعر (وفكاهته)..ربما

لكن من نفس اللحظة وفخاخها الوجودية..نحاول أن نستبين فى بصيص الروح مايعيننا
على تبنى ذواتنا..كبشر ..ناس ..مثقفون يصارعون ظلمة الأراء القميئة داخلهم

ويحولونها لحب بدلاً من حرب

أشكرك

وأشكر خيال (البستانى) فى هذا المنبر(المجدب)


Post: #8
Title: Re: لاهوت الوردة-محاولات تجتهد ان تبقى نافعة للناس
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 07:28 AM
Parent: #7

الصديق عثمان الحلفاوي
شكرا على كلماتك
واختلاف الراي هو من سنن الحياة ,
فقط كنت امل ان تؤسس ما تقول به

ليس من كمال في الشعر وفي الابداع ,
وكلنا محاولات تجتهد ان تبقى نافعة للناس ,لو انها امتلكت عناصر النفع والبقاء
امل ان ترجع الينا
محبتي
المشاء

Post: #10
Title: Re: لاهوت الوردة-محاولات تجتهد ان تبقى نافعة للناس
Author: Osman M Salih
Date: 08-03-2005, 07:32 AM
Parent: #8

الأخ اسامه الخواض
شكراً للرد الطيب
أعدك بالعودة حالما
يهدأ حال البلد
لاقبل ذلك
كن دوماً بخير

Post: #11
Title: بين البستاني والوردة-المحبة واحدة
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 07:37 AM
Parent: #8

الصديق حاتم الياس
ربطك بين البستاني والوردة أعجبني
احاول دائما ما وسعتني طاقتي المتواضعة ان انفلت من ثقافة القطيع
العالم مشدود بعلاقات متشابكة ,وهي كما تفضلت,فخاخ وجودية,تفترق وتتقاطع في مزيج مدهش ومعقد
كذلك تبدو المحبة واحدة وان تعددت اشكالها
المشاء

Post: #12
Title: هل تتذكر "ايفان خايدجسكي" اول سوسيولوجي ما ركسي بلغاري???
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 08:14 AM
Parent: #11

الصديق عثمان الحلفاوي

في انتظارك

محبتنا للشعر والسوسيولوجيا ستبقى,برغم كل شيئ

هل تتذكر "ايفان خايدجسكي" اول سوسيولوجي ما ركسي بلغاري,كتب - من ضمن ما كتبه- عن ظهور "الانا" في المجتمع البلغاري؟

يا ريت لو تترجم لنا بعضا مما كتبه

مودتي

المشاء

Post: #13
Title: Re: هل تتذكر "ايفان خايدجسكي" اول سوسيولوجي ما ركسي بلغاري???
Author: Osman M Salih
Date: 08-03-2005, 08:19 AM
Parent: #12

الاخ اسامه الخواض
افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي
بحوذتي جزء من كتابه الجليل
واقع وروح شعبنا
كل هذا سيحدث حالما تهدا احوال
البلد

Post: #14
Title: لست من كتاب ادب المناسبات-نص عن المحبة بين رجل وامراة
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 08:32 AM
Parent: #12

عزيزي متوكل توم

قلت :
Quote: وانا اقراء النص استغربت منك اخراج نص عن واقعة او حدث
بهذه السرعة الي ان وصلت لتاريخ النص . فوقع عليً برداً كمن (بلع) قطعة ثلج
في يوليو الساحل الشرقي 2005 .


لست من كتاب ادب المناسبات,وليس لي من اعتراض عليه لو انه اصابنا بالدهشة
ولست من انصار الملاحقة الشعرية لليومي والسياسي

هنالك خطابات لا اول لها ولا اخر ,ضلت طريقها الى الابداع في سعيها نحو ملاحقة اليومي والسياسي

النص الشعري المنشور هنا ,هو في ظاهره نص عن المحبة بين رجل وامراة,لكن باطنه,كما علمت من رأيك ورأي الاخ ابو احمد,يمس ما نشهده من احداث دامية ,ومن صراع اثني ,
له جذور عميقة في التاريخ السياسي والثقافي السوداني

في انتظار مساهمتك القادمة

أرقد عافية

المشاء

Post: #15
Title: افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي-قادر بالتاكيد على انجاز ترجمة ممتعة و امينة
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 08:43 AM
Parent: #14

صديقي عثمان
فرح ما بعده فرح اصابني حين تفضلت بردك الاتي الذي يكشف عن تقديرك العميق لايفان خادجيسكي:
Quote: افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي
بحوذتي جزء من كتابه الجليل
واقع وروح شعبنا

وصفك لكتابه ب:
Quote: الجليل

يطابق تماما مساهمته العميقة في تحليل المجتمع البلغاري
ولعلك تتذكر فرحنا بقراءته ,لانه كما تفضلت ,يكشف من ضمن ما يكشفه,عن بنية مجتمعنا السوداني
و احتفاظك بجزء من كتابه ,هو دليل على مكانته في نفسك المرهفة العارفة

اعرف ان ترجمته مرهقة لانه يتضمن نكاتا و امثالا واشعارا شعبية بلغارية,
لكنك قادر بالتاكيد على انجاز ترجمة ممتعة و امينة

محبتي كاملة غير منقوصة

المشاء

Post: #16
Title: Re: افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي-قادر بالتاكيد على انجاز ترجمة ممتعة و امينة
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 02:57 PM
Parent: #15

في انتظار متوكل توم,
المشاء

Post: #17
Title: Re: افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي-قادر بالتاكيد على انجاز ترجمة ممتعة و امينة
Author: Omer Abdalla Omer
Date: 08-03-2005, 03:10 PM
Parent: #16

Now this is the Giant Unique Poet we have known for a long time and we have lost him for some time for some reasons
He is back
I congratulate myself Isam now you are back big time
We Need You this time. Keep up on it. These are hard difficult days for our nation
I just took this chance to stop by and say hello
Omer

Post: #18
Title: عزيزي عمر
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 03:38 PM
Parent: #17

عزيزي عمر
سلام ومحبة
قلت

Quote: Now this is the Giant Unique Poet we have known for a long time and we have lost him for some time for some reasons
He is back

أحاول دائما-بقدر طاقتي المتواضعة- ان اكون مستمعا جيدا لمن ينتقدون مساهمتي هنا في هذا المنبر
ونرجو ان تعود الينا قريبا
المشاء

Post: #19
Title: اسف .. انه سحر النص ..
Author: ودرملية
Date: 08-03-2005, 04:47 PM
Parent: #18

سلامات
وعوافي
ياخواض برغم من انه نص اجتررته من ذاكرة قصائدك العتيقة .. الا انه اسكرني بنقاءه وعلو نفسه وطيبة
مقاطعه فقراءته وكأني اقراء خطاب من حبيبة ... قشعريرة لطيفة دبت في انحائي .. وفرحي المكبوت قد طل من خلف احزاني ...
الشعر ياسيدي نسيم المودة وعبير الحنين فان تنفسته يرتب عالمك بالمحبة يحيل كدر الحياة الي سعادة غامرة وهي الكلمات النبيلة تتلبسنا لتزرع في ذواتنا الامل .. فلتكن الايام القادمات عامرة بالمحبة..
..........
(تعال دائما لنختلف في ود) تعودت ان تجدني دائما مخالفا لك في الراي .. اسف لهذا التعود.....
بيد اني لن اثني روحي عن رغبتها في دخول محراب هذه الكتابة الرزينة ..
وللوطن الف اغنية وقصيدة .. عل الجراح تندمل وتهب نسايم التعايش الصحيح ...
محبتي بقدر مافي الارض من جمال ..

..........

Post: #20
Title: ارجو معك ان يكون "لاهوت الوردة" هو "لاهوت الانسانية القادمة"
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 08:39 PM
Parent: #19

عزيزي ود رملية
عوافي
زمن ما تناقشنا وما اختلفنا
اعجبني كلامك الاتي عن حق الاختلاف:
Quote: تعال دائما لنختلف في ود) تعودت ان تجدني دائما مخالفا لك في الراي .. اسف لهذا التعود.....
بيد اني لن اثني روحي عن رغبتها في دخول محراب هذه الكتابة الرزينة ..

واقول ليك ,على العكس من اغنية شهيد الغناء خوجلي عثمان:
Quote: ما بنختلف


اننا قد نختلف,ولكن خلافنا هو بحث عن الحقيقة التي تبدو ولا تكون

مرحبا بك الى محراب النص ,وانت تأتي اليه كي تخرج بالاتي من ضمن علاقتك الحميمة بالنص:

Quote: ياخواض برغم من انه نص اجتررته من ذاكرة قصائدك العتيقة .. الا انه اسكرني بنقاءه وعلو نفسه وطيبة مقاطعه فقراءته وكأني اقراء خطاب من حبيبة ... قشعريرة لطيفة دبت في انحائي .. وفرحي المكبوت قد طل من خلف احزاني ... الشعر ياسيدي نسيم المودة وعبير الحنين فان تنفسته يرتب عالمك بالمحبة يحيل كدر الحياة الي سعادة غامرة وهي الكلمات النبيلة تتلبسنا لتزرع في ذواتنا الامل .. فلتكن الايام القادمات عامرة بالمحبة..


ارجو معك ان يكون لاهوت الوردة هو لاهوت الانسانية القادمة
أرقد عافية
المشاء

Post: #21
Title: Re: ارجو معك ان يكون "لاهوت الوردة" هو "لاهوت الانسانية القادمة"
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 08-03-2005, 10:19 PM
Parent: #20

الموت
غابة ابنوس
مكلومة ..
وجرح هشابة
وسافنا كبا
حزنها
للرحيل ..
كيف تمضي
والبلاد تهيئ
عرسها..
وتعجن طينة احلامنا الكبيرة..
لترسم اطفالا للفرح الآتي
من سيعطي شجر الاسئلة
الحيرى ثمر الاجابة..
ونهر الافكار دلتا عامنا
القادم..

كيف تمضي قبل ان
يحل السلام لثغته
وقبل اكتمال النشيد،
في وتر الفجر
حين تكون الشمس
خارجة من نزيفها ..
كيف يكون الموت لازمة للولادة الجديدة
في مشرق الصحو
حين تمضي جنوبا..جنوبا
في زمن الفجاءة
يعلنك الغياب ..

Post: #22
Title: هذا النص الشعري لا علاقة له برحيل قرنق,فهو قصيدة في المحبة بين رجل وامراة
Author: osama elkhawad
Date: 08-03-2005, 10:59 PM
Parent: #21

الصديق الشاعر عبد المنعم ابراهيم الحاج
سلامات يا زول يا شاعر

أراك بسطت نصك الشعري عن رحيل قرنق في بوستات كثيرة ,لها علاقة برحيل الاسطورة الدكتور جون قرنق

لكن هذا النص الشعري لا علاقة له برحيل قرنق,
فهو قصيدة في المحبة بين رجل وامراة

مع تقديري وسلامي لكل اهل هاريسبرج

المشاء

Post: #23
Title: Re: هذا النص الشعري لا علاقة له برحيل قرنق,فهو قصيدة في المحبة بين رجل وامراة
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 08-03-2005, 11:23 PM
Parent: #22

العزيز الخواض
التحية يارجل

بسطت هذا البوست كي ابتعد قليلا عن
هذا الضخ المقزز الذي اصبح سمة
البورد ..
وكل من رفعت بوسته هو من اصطفي
طيلة الايام الماضية اكتفيت بالقراءة فقط..
هذا البوست قراته
ولكن لم استطع المداخلة لموجة الالاحباط التي
تعتريني ..
سوف اكتب عنه مرة اخري في اجواء
نفسية افضل..

ااسف اذا لم يسرك هذا

ياصديقي المشاء
منعم ابراهيم
سوف اعود مرة اخري

Post: #53
Title: Re: افكر في ترجمة ايفان خادجيسكي-قادر بالتاكيد على انجاز ترجمة ممتعة و امينة
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 08-10-2005, 02:43 PM
Parent: #15

تعتيل

Post: #353
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: حسن الطيب يس
Date: 11-07-2005, 07:19 PM
Parent: #2

لم يقتلوا الوردة فقط
حتى بذرتها ولقاحاتها ذروها في الهواء
حتى لا تعد من جديد الفةالورد قائمة بيننا


و الله ديل حرقوها بالنار ثم ذروها في الهواء

Post: #24
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: نادر
Date: 08-03-2005, 11:31 PM
Parent: #1

السلام خيار حتمي والتعايش مسئولية الجميع ... لوقف حمامات الدم ودرء الفتنة ....
رسالة إلى الشعب السوداني المعلم:-
يا شعبنا يا والداً أحبنا

يا من منحت قلبنا ثباتك الأصيل
اليك هذه الرسالة القصيرة الطويلة
اليك من زنزانة تخاصم الفصول
اليك رغم أنف كل بندقية
وحقد بربرية
وكلمة شقية.. اليك منا الحب والسلام والتحية
ودمت يا أبي حبيبنا وبعد أدبتنا
أحسنت يا أبي
فلم نتابع الهوى وكأنما هابيل ما ارعوى
وكم غوى وتاه فى الأنا
أراد للدماء ان تسيل
ونحن مثلما عرفت يا أبي بفضلك الكريم
أشرس الرجال حينما نقاوم
نموت لا نساوم
ندوس كل ظالم
ونفتح الصدور للمدافع الثقيلة
ومن هنا أبناؤك الرفاق باسمك العظيم أقسموا
فصيلة فصيلة
أن يثأروا لصرخة الأمومة الجليلة
لطفلة جميلة.. تنفست قليلا.. تمددت قتيلة
رصاصة فى جنبها وطعنة فى قلبها
لم تعش طويلا
لكن مليون مثلها سينجب النضال
يا أبي حقيقة
فكم من حديقة تفتحت على حطامها حديقة
وكم مكان نخلة هوت علت نواتها وزادت ارتفاعا
أجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة
عيونهم أشد من عيوننا بريقا
صدورهم بما وهبت أكثر اتساعا
وحينما يكبرون يا أبي
سيوفهم تزيد من سيوفك الطوال طولا
لأن بذرة الحياة ليست الرصاص
لأن بذرة الحياة ليست الرصاص

Post: #25
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 08-04-2005, 02:25 AM
Parent: #24

DEAR :OSAMA ELKHAWAD
IT IS WONDERFULL..IT SAVE MY SOUL FROM THE POLITICAL CANCER IN THIS BOARD..SO..UNTIL I INSTALL ARABIC LANG IN THIS COMPUTER..TAKE-ONLY-MY THANKS[/I
]

Post: #26
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 08-04-2005, 09:08 AM
Parent: #25

العزيز المشاء
لقد قلت:


Quote:
لكن هذا النص الشعري لا علاقة له برحيل قرنق,
فهو قصيدة في المحبة بين رجل وامراة


لم تفوتني هذه اللمحة بالطبع
وقد ذكرت لك السبب اعلاه في
وجود هذا النص في هذه الصفحة بالذات

غير اني سوف اوضح راي في القصيدة
بشكل عام وما علق في قراءتي لها
وعجبت حقيقة من ردك علي اساس ان هذا
النص في المحبة بين
رجل وامرأة..!!!!!
هل يعني هذا تحجيم لقراءة اخرى؟
كثيرون هم من اول النص
الي جهة اخري..
وانت العارف بهذه الادواة...
لان الحب عمره لم يكن
مفصلا علي ثنائية واحدة
كقميص عامر ..والنص يمكن ان ينفتح
علي فضاءات شتي هي بالطبع
حواشي نفسية مسكوت عنها
تلازم المبدع لحظة الكتابة
وتفرض نفسها كوجود مستمر
فوق ارادة الكاتب
والا اصبحت الكتابة شجرا تقليديا لا يثمر
الي فاكهة ماسخة ..وهذه الاجواء
تلازم النص في افقه المستقبلي
مرورا باحداث لم تخلق بعد
لتتمظهر في اثواب ذات صبغة
تؤكد تلوين الحدث كنبوة
او كعلاقة ظلت مستترة تم
فضحها بواسطة الحدث لا اعني حدثا محددا
او تحولا في مشهد من مشاهد الحياة بعينه.
بحيث كيف لنا ان نبرر الاستنجاد بنصوص مضي عليها
الاف السنين في احداث آنية؟
رحيل قرنق قد يعني كثيرا ليس بالنسبة لي
علي مستوى احساسي الخاص
ولكن لما يسقطه هذا الحدث علي
واقع يمكن ياخذ شكلا مغايرا
في خارطة الوطن وطقوس التحولات الملازمة
ليس كما بدأ
لك مناساباتيا تلوكه القصايد

لك الود و الاحترام

منعم ابراهيم


تعريجة:

قرأت في منتصف الثمانينات رواية
للكاتب بشري هباني
بعنوان مسرة
وهي احدي النبوءات بانهيار المعسكر
الشرقي وقد كان الرجل ماركسيا
مخلصا وصل الي نتيجة ضمنها
روايته..
حيث قال في ثناياها
يمكنك ان تخترع حلما ما
وتدخل الناس في ناصية
بعد فترة حاول ان تجرّد الناس منه
علي اساس انه ليس الحقيقة
وانتظر النتيجة ماذا ترى؟





Post: #27
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-04-2005, 11:11 AM
Parent: #26

على سبيل السلام!.

Post: #28
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 08-04-2005, 12:47 PM
Parent: #27

الصديق عبد المنعم
اتفهم انفعالك ,خاصة انك كنت مقاتلا لسنين من اجل سودان جديد
وقد فات علي ما ذكرته انت عن دور القارئ في تاويل النص,ومن المصادفة انني شاهدت صورة في احد البوستات فيها قد علق الشبان ملصقا من قماش يقول :
السودان للسلام والمحبة
وهذا نص شعري في مديح المحبة
ربما كان توضحي هو لانفي عن نفسي تماما انني شاعر مناسبات ,رغم قدرتي على ذلك
التحيات الزاكيات لنادر ومازن , ,
وللصديق الصدوق البرنس,حتى يعود الينا مع مازن
محبتي
المشاء

Post: #29
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Luay Elhashimi
Date: 08-04-2005, 11:42 PM
Parent: #1

لنفعل لما يفعل الرائعان,لؤي شمت وعثمان محمد صالح
لنرفع كل post
مثمر ليذهب الغث بعيدا
up
up

Post: #30
Title: مجابدات المبدعين الذين يعتمدون فقط على القوة العمياء للموهبة-الحوار الذي يفتح اسئلة
Author: osama elkhawad
Date: 08-05-2005, 00:36 AM
Parent: #29

شكرا لؤى على تعتيلك للبوست

وفي انتظار مازن ,وربما البرنس ,لو سمحت ظروفو وكذلك عبدالمنعم ابراهيم الحاج

نحاول معا ان نؤسس بوستات قائمة على الحوار الجاد الذي يفتح اسئلة ولا يكتفي باجابات جاهزة ,
او مجابدات المبدعين الذين يعتمدون فقط على القوة العمياء للموهبة

المشاء

Post: #31
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 08-05-2005, 08:23 AM
Parent: #1

الأخ الكاتب المشـــاء

شكرا لهذا النص البديع

لاحظت شيئا أظنه مهما في سردك وهو ما أسميه (لست بناقد) بتكنيك النفي والإثبات أو
Negation and Affirmation
فصاحب الحديث في النص
ينفي عن نفسه النبوءة ثم يأتي بما يؤكد علمه بعمق النبوءة
عندما يقول:
Quote: لست نبيا لأفهم سرَّ انفرادك هائمةً في نبيذ الندى

وأيضا
Quote: لست غزالا لأدرك كنه البهاء ا لمهرول في حاجبيك

والقطف أعلاه يا أسامة في غاية الجمال وصورته الشعرية عميقة وتدل علي أن كاتبها "حريف" جدا. وكنت أنتظر الفقرة التي تليها لتقول شيئاعن البستاني والبرتقال.
ولكن لا أفهم أن يصف النبي , الغزال, الحصيف غرامه بالمشاتر بالرغم عمق ونبل الغرام لديه, هل كان يعني "لست" أم يقول إن غرامه "مشاتر" ليستدرج إنتباه الحبيبة ويستحوذ علي عطفها.
أم أنه يعتذر عن رومانسية الثورة ويؤكد لها إنه في صفها وعابه إنه كان متأنيا وعميقا أكثر مما يجب..؟

ولكن هنا إنتقال سريع وثوري و"حالة طوارئ" ..
Quote: ,.....باسمك العنبري ,سنفتتح الطقس ,نذبح أسماء من سحلونا ومن عذبونا ,ومن علقوا صور الله في طرقات الجحيم,نبدل طقس الوضوء بمضمضة القبلات,لأن المحبة سوف تكون الاهة ايامنا القادمات

هذا الإنتقال السريع المفاجئ ينقلنا من حضورها الجميل حيث
Quote: يجتمع الحلم والورد من كل حدب وصوب
إلي مكان وزمان هي غير موجودة فيهما( وجود مادي) ولكننا نحارب من أجلها وننتقل من الورد والحلم وعيون المها وهدوء الوجنات إلي
Quote: سنفتتح
Quote: نذبح
Quote: عذبونا
Quote: الجحيم


ثم تصل للنتيجة المبتغاة أن تكون المحبة
Quote: الاهة ايامنا القادمات
(قرأتها آلهة)

شكرا للنص البديع
مع مودتي وإحترامي

Post: #32
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 08-05-2005, 01:13 PM
Parent: #31

الصديق عبد الماجد
تحايا زاكيات
خففت قراءتك للنص من حر فرجينيا القاتل
وانا الان راجع من اتنرفيو,واستعد للذهاب للعمل الليلي
وقد صارت لدي مادة دسمة للحديث عن تعريف "العمل "وفنون الانترنفيو,والعمل في الجحور الريفية العربية,و ناطوريات ارملة الحداثة "بيروت",
وارجو ان اكتب شيئا في هذا الصدد
ساعود اليك
محبتي
المشاء

Post: #33
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: حاتم الياس
Date: 08-05-2005, 01:33 PM
Parent: #32

فى مكان ما..قراءت لك نصوص (بيروتية)...............سيرة مدينة شاعر ناغم على تبديل هويته الطبقية/ كانت مثل جرح نرجسى اليم لذاك المثقف..هذه النصوص أود أن أبدأ معها حوار
أعلى من سقف التلقى العادى تطور بأتجاه حاسة النقد وشروطها المعرفية..سميه فهلا جلبتها الى هنا....

قبل قليل كان أحدهم يتحدث معى عن ميثولجياأبراهيم الخواض الكبير وكراماته..لأجل أمرأة
فرد فروته فى بحر النيل وذهب ملبياً لنداء القلب..عجبت من أمر هذا الولى الصالح..
كرامته وغارته فى الحب...عكس السجل الرسمى لتاريخ الكرامات وحكاياتها..

هل ينفصل هذا عن لاهوتك ...النص

أنتر نصوصك البيروتية...



Post: #34
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 08-07-2005, 00:07 AM
Parent: #33

up

Post: #35
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 08-07-2005, 00:42 AM
Parent: #34

الاعزاء تحت سقف الوردة..
سلام شديد...
عزيزي الخواض:
سلام _زيادة_بحجم النص الجميل..
عدت في الايام السابقة الي خطاب المشاء/نصوص النسيان..
ربما هروبا من قبضة السياسي المخيم في الجو..ربما لانك احلتني له في البوست السابق..
المهم ..
وجدتني اثحرك مرة اخري من "جداتك الكنداكات"الي ان"قال القلب من خوفي علي الوحدة"...
وعملا بتجاوز"العارف عزو مستريخ"و"شكار نفسوابليس"
دعني اعبر"الشكرو قدامو...."
واشكرك علي البانوراما الجميلة التي شاركتنا اياها..عبر الحقول التي اسعدني عبورها طيلة ساعات من الوجود في زمكان النص...
بمناسبة الحديث عن البنيوية وما بعدها في السودان(عبر توثيقك,الذي اعتبره مقتضباالي حد كبير..ولا يقدم لجيلي الا معرفة الخطوط العريضة لتلك الفترة)منذ زمان وانا ابحث عن اعداد من "جهنم"..اطلب المساعدة للاطلاع عليها...
نقطة ثانية:
عبرت علي موقع "sudanforall"قبل المجيء الي هنا..ولم اجد لك الا نص واحد..اتسائل:الم يكن من الاجدي جمع النصوص المتفرقة عبر البورد في مكان واحد؟؟..ما اتخدث عنه هنا هو جمع الاعمال الكاملة للخواض ولبولا وامفريب وصلاح الزين وووو...كل من نجد صعوبة في التخصل علي انتاجهم,,وو ضعها في موقع واحد.....
شكرا للورد مرة اخري..
و ارقد عافية......

Post: #36
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: salah elamin
Date: 08-07-2005, 01:44 AM
Parent: #35

بل انت
الوردة
يا
خواض .

Post: #37
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: أيزابيلا
Date: 08-07-2005, 02:10 AM
Parent: #1

أتكأت...عند هذه الضفة قليلا

وردتك تنضح....بما يشبه روح الذين تنشقوها هنا

عنى...أبحث عن شيء أنضخ به...

(سايكولوجية الجماهير)

....أترانى أنفك منها؟؟؟

أذن...أجيء من ضجيج القناديل منطفئة....هكذا

ثم...

ماذا أبقت الأقدار...؟؟

هو مربع شعر...أتكىء عليه زهاء شعاع فقط

ماذا قلت؟؟حسبى الأن...أخشى أن أسقط فى أتكاءتى

شكرا..تماما

Post: #38
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 08-08-2005, 01:06 AM
Parent: #37

up

Post: #39
Title: صلاح وحاتم وايزابيلا ومازن
Author: osama elkhawad
Date: 08-08-2005, 02:36 AM
Parent: #38

سلام:
صلاح وحاتم وايزابيلا ومازن
ساعود بالتفصيل
واسف على التاخير
المشاء

Post: #40
Title: Re: صلاح وحاتم وايزابيلا ومازن
Author: أيزابيلا
Date: 08-08-2005, 05:32 AM
Parent: #39




أرتب ما يتسلل نحوى من ضياء....ثمة شىء آخر فى فضاء النصوص





(موت المؤلف)....ريث قراءة تشبهننا...




هنا....أنا لا أرى غير اللون الأسود...فى الورد الأسود

(وأنا أندملت فى داخلى الألوان)

الأمر لا علاقة له بما تقصد....

بل بهذا (الأنا)..

قل لى كيف أخلعه أذا؟؟....لا تذهب بعيدا

أحاول الآن ان اقرؤك ...كما انت

لا تسألنى...(رولان بارت)..قال مثل هذا قبلى


تحياتى


Post: #41
Title: الأساطير المؤسسة لسيرة العائلة الخواضية-اعادة كتابة ميثولوجيا الخواض الكبير
Author: osama elkhawad
Date: 08-08-2005, 10:34 AM
Parent: #40

أعذرني صديقي حاتم لان الذاكرة قد هدها داء النسيان ,
وانت الذي تتذكر بالتفصيل كيف التقيتني في بص عابر في شوارع صوفيا,وفي المقابل فقد تحدثت في بوست "قبس من نصوص التذكر "عن طارق السر,واظنك تقصد عادل السر.المهم انني ما زلت احب امتطاء المواصلات العامة,لانها الاقدر على اثارة حس التأمل ,والقراءة,رغم الاحساس باللا امان الذي يعتريك احيانا وخاصة حين تمتطي صهوة المترو.وقد شهدت مرتين مدى الذعر الذي انتاب الناس في محطة فيرست يونيون بواشنطون,حيث دوت صفارات الانذار,وجاء المسؤولون عن الامن ل"تفريغ" المحطة ,بدكاكينها ومطاعمها الكثيرة,ثم حضر رهط من "الخبراء" بالمتفجرات,واخرون بالبسة غريبة وكمامات,و معدات كثيرة تحيط باجسادهم,وتعجب من سرعة انطلاقهم .

تفضلت بالحديث عن نصوصي البيروتية كما اسميتها.والحقيقة انني كتبت نصا شعريا عن تجربتي في بيروت,او قل عن تجربة الذات الكاتبة.وكنت انوي كتابة نصوص اخرى ,او قل نصا ما في شكل مذكرات.وقد ضاع مني في تنقلي الكثير داخل الملايات المتحدة الامريكية,وخاصة في الشهور الاخيرة.واحاول ان ابحث عنه مع نصوص اخرى ,اخشى الا تكون قد ضاعت الى الابد.فحينذاك ,لن يبقى منها الا الرماد.وحتى هذا النص ,والذي اشتغلت عليه كثيرا,كاد ان يضيع,لولا انني عثرت عليه مصادفة ضمن اوراق الكثيرة.
ولعلك تدري مدى الخسران الذي يصيب الكاتب حين يفقد نصا ما .

ونعود لحديثك عن سيرة العائلة الخواضية كما اسميتها في بوست لي عن ابي صاحب السجادة الخواضية:
Quote: قبل قليل كان أحدهم يتحدث معى عن ميثولجياأبراهيم الخواض الكبير وكراماته..لأجل أمرأة
فرد فروته فى بحر النيل وذهب ملبياً لنداء القلب..عجبت من أمر هذا الولى الصالح
..

نبهني موت ابي الفاجع الى سيرة عائلتنا .وقد كتبت فصلا من ذلك في شكل تداعيات.وحكيت قبل ذلك عن تجربتي حجي مع امي الى كسلا لزيارة ضرائح السادة المراغنة.وامي شاعرة بالفطرة ,كما يقولون,وهي تتحدث مع الاموات بعد رحيلهم ,وتاتيها النساء لمعرفة أحوال الموتى في الدار الاخرة.وقد حدثتني في اخر حديث لنا عن كيف تحدثت مع احد السادة المراغنة في ضريحه في حجتها تلك .وكنت حاضرا في الضريح,لكنني لم ار ولم اسمع ما يقول به اهل الباطن.و علاقي القوية بامي,جعلتها تبحث عما يسكن رغبتي في مغادرة كبوشية والعيش في الخرطوم ,عندما كنت طالبا في المدرسة الاولية.ولذلك تمردت على المدرسة مرتين.وكانت امي تطوف بي الفكوات والصالحين والضرائح والبنيات.وقد سقتني المحايات بطعومها المختلفة ,وبخرتني والبستني الحجبات التي كنت ارفض لبسها,فاكتفت بان اضعها في جيبي او تحت المخدة.

اعجبتني اكثر اعادة كتابة ميثولوجيا الخواض الكبير ,وهو ابراهيم في الاصل,لكنه سمي بعد ذلك ابراهيم خواض البحر بالفروة.وفي اصل الميثولوجيا انه لم "يلحق" المركب وكان مع حيرانه عند المغربية.لكن اعادة الصياغة هنا ,تجعل من عبوره النيل أو البحر ,ذا دلالة اكثر شاعرية وعمقا,اذ تجعله عاشقا ,يعبر البحر على صهوة فروة ليلبي نداء قلبه,وليس نداء ربه كما ورد في اصل الميثولوجيا الشفاهي.

وابراهيم خواض البحر بالفروة هو ابن مؤسس العائلة الخواضية اي القراي الكبير والذي كان يلقب بعجمي التاكا,ولعله كان حلنقيا جاء من جبال التاكا ,كواحد من غرباء كبوشية,وتغلب على مسالة الاصل والفصل بتلاوته للقران بلكنة اهل التاكا,وبكراماته ,التي جعلته واحدا من الغرباء الذين يحتلون مكانة مهمة في المجتمع الكبوشابي في ذلك الزمان البعيد.

وعودتي ل"الأساطير المؤسسة لسيرة العائلة الخواضية" هي ليست عودة الى بسطام,لانني لم اترك شيئا هناك ,لكنها عودة الى مكان كنت دوما اتمرد عليه وكنت اتمنى ان اغادره الى الابد,لا ادري لماذا؟لكنني الان اعود لاكشف بعضا من جمالياته,لو تمكنت من الكتابة عن ذلك في وقت اتمنى ان يكون قريبا

وسنعود لبقية المداخلات
المشاء

Post: #42
Title: Re: الأساطير المؤسسة لسيرة العائلة الخواضية-اعادة كتابة ميثولوجيا الخواض الكبير
Author: osama elkhawad
Date: 08-09-2005, 05:29 AM
Parent: #41

ونأتي لايزابيلا وصديقنا صلاح الامين
يقول صلاح بمرحه المعهود:
Quote: بل انت
الوردة
يا
خواض


لا يتحول الشاعر الى وردة الا بعد رحيله الفيزيائي عن العالم,فحينذاك تكون قد اكتملت دورة نموه الاولى,ليبدأ دورة نمو جديدة في التاريخ,وهي دورة لا يدخلها كثير من الشعراء ,فالتاريخ لا يرحم.

سنعود لايزابيلا بعد قليل
المشاء

Post: #43
Title: عزيزتي ايزابيلا جئت -الى سقف الوردة- "مشاءة"
Author: osama elkhawad
Date: 08-09-2005, 05:44 AM
Parent: #42

عزيزتي ايزابيلا
جئت الى سقف الوردة ,كما قال "مازن",مشاءة كما في كلامك :
Quote: أوغل فى المشى....

نثار من الخطو...نثار من الحزن والكلام

نثار من الحلم...
نثار


تريدين ان تقتلي المؤلف ,على عينك يا شاعر,حين قلت:

Quote: هنا....أنا لا أرى غير اللون الأسود...فى الورد الأسود

(وأنا أندملت فى داخلى الألوان)

الأمر لا علاقة له بما تقصد....

بل بهذا (الأنا)..

قل لى كيف أخلعه أذا؟؟....لا تذهب بعيدا

أحاول الآن ان اقرؤك ...كما انت

لا تسألنى...(رولان بارت)..قال مثل هذا قبلى


اثق في قراءتك ,وهي قراءة اكبر من مجرد الاتكاء حين قلت:
Quote: هو مربع شعر...أتكىء عليه زهاء شعاع فقط

ماذا قلت؟؟حسبى الأن...أخشى أن أسقط فى أتكاءتى

شكرا..تماما


اتمنى ان اقرأ لك مزيدا من النصوص ,
لك ان تمايليني على العنوان التالي:
[email protected]

محبتي بلا ضفاف

المشاء

Post: #44
Title: Re: عزيزتي ايزابيلا جئت -الى سقف الوردة- "مشاءة"
Author: على عجب
Date: 08-09-2005, 07:58 AM
Parent: #43

ياتي جمال هذا النص في انه
نص للحب
لذلك استطاع ان يثير كل هذه الشجون
علي عجب

Post: #45
Title: عزيزي على عجب
Author: osama elkhawad
Date: 08-09-2005, 12:15 PM
Parent: #44

قلت عزيزي على عجب:
Quote: ياتي جمال هذا النص في انه نص للحب
لذلك استطاع ان يثير كل هذه الشجون


شكرا على كلماتك,لكن اسمح لي ان اختلف معك جزئيا,ليس حول رايك في النص,ولكن حول المقولة التالية:
ان جمال النص تأتى فقط لانه نص للحب

هنا ناتي للجدال القديم حول الشكل والمضمون او الدال والمدلول,
وهل ان الموضوع وحده كاف لان يجعل النص مبدعا؟

الاف النصوص الشعرية كتبت عن الحب والجمال والعدل وغيرها من القيم الانسانية الرفيعة,لكن في النهاية بقى منها القليل جدا

مع تقديري

المشاء

Post: #46
Title: الصديق مازن
Author: osama elkhawad
Date: 08-09-2005, 11:44 PM
Parent: #45

نرفع البوست تمهيدا لردنا على الصديق مازن

المشاء

Post: #47
Title: Re: الصديق مازن
Author: osama elkhawad
Date: 08-10-2005, 00:32 AM
Parent: #46


نعود لصديقنا مازن ,مشفعين ذلك بكثير اسفنا على تاخير الرد
من جملة ما قاله استوقفني كلامه الاتي:
Quote: بمناسبة الحديث عن البنيوية وما بعدها في السودان(عبر توثيقك,الذي اعتبره مقتضباالي حد كبير..ولا يقدم لجيلي الا معرفة الخطوط العريضة لتلك الفترة"


لم اكن اهدف فقط لتقديم شهادتي عن الهجرة المؤلة للمقاربات النقدية الحديثة"اي البنيوية وما بعدها" الى السودان"

وقد اشار الكاتب ابكر ادم اسماعيل الى ذلك حين قال في بوست البنيوية:
Quote: ولأني أعتقد أنه ـ أحيانا ـ لا تكفي الاقتباسات من مقال أصيل مثل مقال الأخ أسامة الخواض، ولما يحتويه من عناصر أخرى غير مسألة طرائق تبني المناهج ومضامينها،


ومن ضمن ذلك الحديث او محاولة وضع اطار نظري مختصر كموجه لمقاربة ظهور الكاتب السوداني ومكانته الاجتماعية ووظيفته داخل الاطار الاجتماعي,وهو كلام صنفه الفيا,سامحه الله على قراءاته الفطسطرية ورفيقتها الفطفقرية,بانه خارج اهتمام المقاربات النقدية الحديثة حين قال:
Quote: كذلك لفت نظري حديثه عن قضايا إنسانية واجتماعية عامة مثل الوظيفة البنائية للكاتب في المجتمع ومسؤولية الدولة ودورها في تهيئة المناخ للكاتب والحديث عن الحقوق والواجبات وخذلان الأصدقاء ، وخياناتهم إلى غير ذلك من المواضيع فالحديث عن مثل هذه القضايا بهذا الوضوح من الأمور الممقوتة في عرف البنيويين وما بعدهم .


وهو كلام مردود جدا ,ويشبه تماما
Quote: المشهد التراجيديكوميدي حول القطيعة المعرفية

فما قلت به عن الكاتب السوداني,هو محاولة لتوطين مقالة فوكو المهمة-التي ترجمت:
What is an author
وفيها يتحدث عن الكاتب –الوظيفة,وعن نشوء الكاتب كفرد في الثقافة الغربية,وهو نشوء يرى انه لم يكن عفويا ,وانما تم بطريقة جد معقدة
وبهذه المناسبة اذكر اننا في اللجنة التنفيذية الاولى لاتحاد الكتاب السودانيين,حين فكرنا في شعار للاتحاد,احترنا في ذلك ,الى ان جاء اقتراح بان يتضمن الشعار رسما لكاتب المملكة المروية.وهو طبعا ليس كاتبا بالمفهوم المعاصر للكاتب.

كما حاول محمد عبد الحي ان يجد في الشيخ اسماعيل صاحب الربابة نموذجا للشاعر السوداني الاول.

اصبحت الكتابة هي المركز في التاليف والتفكير.وانزوت الى ركن النسيان صفات مثل الاديب.

وقد تعجبت ان ياتي من يحاول تاسيس اتحاد للادباء بعد كل ذلك الانقلاب المعرفي في مفهوم الكتابة والذي ساهمت به مع اخرين عبر تاسيسنا لاتحاد الكتاب لاول مرة في التاريخ الثقافي السوداني,حيث كان الاديب والفنان هو مركز كل التجمعات والجماعات الثقافية السودانية على اختلاف اشكالها والوانها.

وما قلنا به اعلاه ,يرد على ما قاله مازن حول شح الكتب ,وهو ما دعاني ان اقول في "مشهد النسيان" انني اخشى ان يصبح الكتاب من السلالات المنقرضة.ويبدو لهذا السبب فان الكتاب يقبلون على المشاركة الاسفيرية الفاعلة,على العكس من الكتاب في معظم ثقافات العالم,والذين يكتفون فقط بعرض بعض من اعمالهم,حتى يحافظوا على ريعهم من الكتب.
ولذلك اظن ان نشر الاعمال الكاملة في النت ,هو حماقة كبيرة,رغم اننا مع ديمقراطية الثقافة ,لكن ذلك لا يمكن ان يتم بدون التقدير المادي لنصوص الكتاب باعتبارها عملا يستحق المكافاة المادية والمعنوية.

مع محبتي ,اخي مازن

المشاء

Post: #48
Title: Re: الصديق مازن
Author: newbie
Date: 08-10-2005, 01:05 AM
Parent: #47

الخواض
نقاشات كثيرة

Post: #49
Title: مرحبا بك تحت "سقف الوردة"
Author: osama elkhawad
Date: 08-10-2005, 02:24 AM
Parent: #48

عزيزي نيوباي ,
قلت:
Quote: الخواض
نقاشات كثيرة



مرحبا بك ,
ونحن نجتمع ونتناقش "سقف الوردة"

المشاء

Post: #50
Title: Re: الصديق مازن
Author: mazin mustafa
Date: 08-10-2005, 02:55 AM
Parent: #48

الاعزاء تحت سقف الوردة:
سلام
عزيزي الخواض:
اتفق معك علي ان فكرة نشر الاعمال الكاملة عبر النت ظلم كبير لحقوق الكاتب...
ولكنك تتفق معي ان مسألة حقوق المؤلف هي_حاليا_مجرد ممكن ذهني..اليس كذلك؟
وعودة اخري الي"مشهد النسيان",والمكان الذي لم يفسح بعد للكاتب..والعزلة التي مالم تنتهي لن يتحقق الشرط المادي في عملية الكتابة..
اري ان ما نحتاجه هو "تجسير"بين الكاتب السوداني والقاريء السوداني..
لا توجد حقوق مادية هنا..وتوجد اقل اقل الحقوق الادبية..
والنسخة الواحدة تتحول الي المئات بفضل ماكينات نسخ المستندات..
والناشر ,احد انواع الثعابين..
المهم..
اكرر سؤالي حول "جهنم"...
واشكرك علي"الطبعة الثانية"التي اجريتها للديوان علي البورد..

مع محبتي.........







Post: #51
Title: Re: الصديق مازن
Author: mazin mustafa
Date: 08-10-2005, 03:27 AM
Parent: #50


Post: #52
Title: Re: الصديق مازن
Author: حاتم الياس
Date: 08-10-2005, 06:16 AM
Parent: #51

الأستاذ اسامة..

وانت تتناول سيرة الخواض الكبير وتدلف بشجن لامرئى نحو المكان..الغائب/الحاضر (كبوشية)ترأى لى كانك تعتزر عن تمردك وتبرمك على مساحتة التى ظننت أنها غير كافية لكى (تسرح) روح المبدع (الصغير أنذاك) أجدنى أتسرب معك أيضاً فى شفافية هذه النوستالجيا الخافتة وأشتهى ان أن ااكون واحداً من راكبى (السطح) فى قطار يقطع تلك البلاد عبر الغبار والسندات والمحطات الصغيرة خليط رائحة الفلنكات والخشب الهندى المدهون بتقلبات الطقس وأدخنة البابورات..كذا اذكر كيف صحوت من أغفاءة لم تهتم بحكايات راكبى السطح وحكاياتهم عن سقوط الغفلة و هلاك النعاس من الدامر صحوت على معرض سماوى مفتوح وبازخ فى تلك الظلمة ..أصوات باعة وثمار لم تكمل مشوار النضج ..شاى ,وجوافة وصوت رخيم (لمغنى) فى ظلمة المحطة..يهدهد هذا العناء بترديد رخيم لأحدى أغانى ود السافل..الجدى العام وأنفدع يابتنا شوف عينى السكر نقع....
وفى المغرب كان الملحق الثقافى لجريدة الأتحاد الأشتراكى يقدم سيرة لبعض الكتاب والأدباء الأفارقة فى محور محدد (هم وأمهاتهم) حكى كل منهم كيف كانت علاقته بأمه حكايات كثيرة عدا واحد لاأذكر أسمه الأن قال..بان والده أنفصل عن أمه وهو بعد لم يكمل سنته الأولى وكانت أمه بنت أحد زعماء القبائل فى بلده اخذه والده لفرنسا وتزوج هناك أمراه فرنسية لم تبخل على كاتبنا بالعطف والحنان وتولت رعايته جيداً حتى انه لم يشعر مطلقاً أن ثمة غياب ما يعترى حياته لكن حيمنا كبر وأصبح كاتباً عاد الى بلده الأصلى وهناك بحث عن أمه وسافر اليها فى موطن القبيلة قال..بانكم سوف تتوقعون لقاءً ملئ
بمشاعر وجيشان عظيم أبداً..كنت أخاطبها بواسطة مترجم سألتها أن تأتى لتعيش معى فى فرنسا رفضت ذلك وقالت بانها هنا سعيدة وسط أبناءها وأحفادها الكثيرون كان لقاء عادى ومختصر...
لكنى حينما غادرت تمنيت فقط....ان تكون بيننا ذاكرة مشتركة

وسط الضجة الكبرى التى أثارها البعض حول زيارة الطيب صالح للسودان ..ندوات لقاءات ومظاهر أحتفالية لم ألتقط من كل ذلك سوى أشارة حزينة وعميقة أطلقها الطيب صالح مثل زفرة حبيسة جوانح (معبأة بالنوستالجيا) قال وهو فى زيارة أعدتها له الحكومة بالطائرة لسد مروى..ثمة شعور عظيم انتابنى وأنا أنظر من أعلى الى القرى والفرقان النخل والصحراء من أعلى ومجرى النيل(كان ينظر لصورتة المعفرة بتراب المكان الجميل قبل أن يتمرد عليه..هنا فقط ألتقط ...المكان فى الكتابة
ماأود أن أسأل عنه...بصورة عامة أنت حددت مشروعك (الكتابة) وبدأت تغزل تفاصيله على هذا المنوال
لكن كمبدع سودانى مهاجر أنت ومن معك هل طرحتم..أشكالية أنخراطكم الأنسانى فى المجتمعات التى هاجرتم أليها مع أحتفاظكم(بالوطن) كحالة لاكمكان فى بعده الجمالى لاالسياسى المباشر...
السؤال بشكل أخر..ماهو العائق أمام أنخراط مهاجرينا فى مجتمعاتهم الجديدة؟ وعلاقىة ذلك بالكتابة


Post: #54
Title: عبد الماجد فرح: "ما لي أراه من الغائبين"؟
Author: osama elkhawad
Date: 08-10-2005, 09:25 PM
Parent: #52

قد طرحت اسئلة كثيرة في هذه المؤانسة المعرفية تحت "سقف الوردة",
ورايت اسم صديقنا عبد الماجد فرح من المتداخلين,
لكن "ما لي أراه من الغائبين"؟
المشاء

Post: #55
Title: أنا هنا أشارك الفراشات* رحيق الوردة
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 08-11-2005, 07:54 AM
Parent: #54

الكاتب الشاعر الصديق المشـــاء
زرت بالأمس "لاهوت الوردة" وقمت بتعتيل البوست ولكني أخفيت "العفريتة" منك ولذلك لم تجدني.
لي مداخلة أعلاه يبدو أنك قرأتها علي عجل فالحر شديد والدولار أشد...

مودتي وإحترامي

سأعود إن شاء الله

Post: #56
Title: اسرار الصنعة الاسفيرية التعتيلية
Author: osama elkhawad
Date: 08-11-2005, 01:00 PM
Parent: #55

عزيزي عبد الماجد

لعلك وهبت كثيرا من اسرار الصنعة الاسفيرية التعتيلية,فاصبحت من اهل الباطن,وصبحت عفريتاتك لا ترى بالعين الاسفيرية المجردة,وهذا حظ من حظوظ المن الاسفيري,
وقد حاولت ان استعرض كل الموضوعات واقراها بطريقة مستقيمة فلم تظهر لي عفريبتك الباطنية,
وهذه واحدة من اللطائف الاسفيرية

اعجبتني قراءتك,ولي ليس من تعليق عليها سوى انها قراءة مشروعة,وبها ذوق رفيع في مقاربة النص
ولعلي في هذا انطلق من محبتي لامبرتو ايكو في ارائه الممتعة والعميقة حول القراءة والتاويل,
وهو ما قادني الى
Quote: القراءة الخاطئة
والتي تستند في اساسها النظري الى ايكو,واعتراضاته التاريخية والفلسفية القوية على مذهب التفكيك الذي يرى ان اية قراءة هي قراءة صحيحة
واتمنى عودة بصيرتك التي "لا تجلي"
محبتي
المشاء
*نجهز ردا طويلا على ملاحظات معز وحاتم

Post: #57
Title: المتنبّي أكثر حداثة منكم جميعاً-break
Author: Shazali
Date: 08-11-2005, 11:14 PM
Parent: #56

العزيزة والعزيزات تحت سقف الوردة
هذه استراحة حتى نعود الى الامتاع والمؤانسة الاسفيرية تحت سقيفة بني وردة

محمود درويش يفتح النار على معاصريه في قرطاج... المتنبّي أكثر حداثة منكم جميعاً!
بيار أبي صعب الحياة - 12/08/05//

عودة محمود درويش إلى تونس، ليست حدثاً عاديّاً. فهناك علاقة خاصة بين الشاعر الفلسطيني و «المدينة الخضراء» التي احتضنته بعد خروج المقاومة من بيروت (1982)، وشكّلت محطّة أساسيّة في رحلته بين المنافي... وبلاد أبي القاسم الشابي، بجمهورها ونخبة مثقفيها وشعرائها، تكنّ مودّة خاصة لصاحب «أحد عشر كوكباً» و «الجدارية». وها هو درويش يعود، ليبوح بحبّه لتونس، وليعلن تشاؤمه بالمستقبل العربي، وليفتح النار على أقرانه الشعراء، معتبراً أن أبا الطيّب المتنبّي أكثر حداثة منهم مجتمعين!



وعندما كلّف الفنّان التونسي رؤوف بن عمر، قبيل افتتاح الدورة الحاليّة لـ «مهرجان قرطاج الدولي»، بأن يعيد إلى التظاهرة العريقة رونقها، كانت أوّل فكرة تبادرت الى ذهنه هي دعوة الشاعر الفلسطيني محمود درويش إلى قرطاج. ومساء أمس تحققت أمنيته، وكان موعد الجمهور التونسي، في «فضاء الاكروبيلوم»، مع الشاعر العائد إلى محبيه بعد غياب خمس سنوات. وتألقت الدورة الحادية والأربعون من «مهرجان قرطاج الدولي»، بضيفها الاستثنائي الذي لم يخفِ مشاعره وانفعالاته: «شكراً لتونس... أرجعتني سالماً من حبها... فبكيت بين نسائها في المسرح البلدي حين تملص المعنى من الكلمات... كنت اودع الصيف الأخير كما يودع شاعر أغنية غزلية... ماذا سأكتب لحبيبة اخرى إذا أحببت؟». وأضاف: «انا هنا لأجدد محبتي الخاصة لتونس، هذا البلد الوحيد الذي لم نخرج منه نحن الفلسطينيين مطرودين، بل خرجنا منه الى جزء من الوطن».

وكان درويش مهّد الأجواء عشيّة أمسيته الاستثنائيّة، وخلق حالاً من التوتّر الايجابي من خلال تصريحاته الاعلاميّة التي من شأنها أن تفجّر نقاشاً حامياً على الساحة الشعريّة العربيّة. لم يترك المناسبة تمرّ في شكل اعتيادي، بل فاجأ الجميع بموقف قديم متجدّد له من الشعر والشعراء، ومن الحداثة بشكل عام. إذ أعلن درويش من تونس أن أبا الطيب المتنبي «أكثر حداثة من كل الشعراء المعاصرين»، معتبراً أن «ما يسمى بالشعر العربي الحديث وقع في نمطية مبكرة وأصبح مصاباً بالتشابه والتكرار».

هكذا، ومن دون سابق انذار، فتح درويش النار على الشعر الحديث ورموزه، وأعاد تسليط الضوء على مرجع حاضر بقوّة في تكوينه الشعري الخاص، مثلما يستحوذ على ذائقة عدد لا بأس به من أفراد النخبة السياسية والثقافيّة... ألا وهو ديوان المتنبّي. فالشاعر الذي فتن شاعراً مثل أدونيس، وشغل حيّزاً من أبحاثه النظريّة، ها هو شاعر عربي معاصر آخر بين الكبار، يتماهى معه سياسياً وجمالياً وأدبياً، ويشركه في معركة، بل حملة، على الحركة الشعريّة الراهنة: «نقرأ آلاف القصائد اليوم، ولا نعرف من يكتبها لتشابهها وتطابقها»، بحسب تصريحات درويش المغمّسة بمرارة، فيها شيء من التعالي والمشاكسة والاتهام.

وأكّد درويش انّه غير مهتمّ بجائزة نوبل للآداب لأنّه «يعرف انه لا يستحقها». كما عبّر عن تشاؤمه السياسي قائلاً: «لا أحد يستطيع التكهن بمستقبل مشرق للوضع العربي المتردي الذي ينتقل من هاوية الى أخرى. ويبدو ان الهاوية ليس لها قرار». والشاعر الذي كتب قصائد خالدة تنتمي الى الأدب المقاوم، قبل أن ينصرف الى لغة أكثر ذاتية وحميميّة، توقّف عند علاقة الأدب بالسياسة، معتبراً أنّه «لا يمكن فك الارتباط بين السياسة والفن عموماً... وفي الوضع الفلسطيني وفي مرحلة التحرر الوطني، لا يمكن الهروب من السياسة، ومن الافصاح عما يختلج به وجدان الجماهير

Post: #58
Title: Re: المتنبّي أكثر حداثة منكم جميعاً-break
Author: osama elkhawad
Date: 08-12-2005, 00:00 AM
Parent: #57

معليش
حدث ا ختلاط
فانا وشاذلي نستخدم كمبيوترا واحدا

يقرأ البريك السابق باسمي

المشاء

Post: #59
Title: الامتاع والمؤانسة تحت سقف الوردة--موتان وحياتان-الاديب\الكاتب-المتأكدم\المجسر
Author: osama elkhawad
Date: 08-12-2005, 11:17 PM
Parent: #58

الامتاع والمؤانسة تحت سقف الوردة
نعود الى المؤانسة تحت "سقف الوردة",او قل المؤانسة تحت "سقيفة بني وردة"
يرمي مازن كعادته بملاحظات ثاقبة "في التنك" دائما ,وغالبا ما يجعل منها اشكالية فعلا,
كما في قوله:
Quote: اري ان ما نحتاجه هو "تجسير"بين الكاتب السوداني والقاريء السوداني..
لا توجد حقوق مادية هنا..وتوجد اقل اقل الحقوق الادبية..
والنسخة الواحدة تتحول الي المئات بفضل ماكينات نسخ المستندات..
والناشر ,احد انواع الثعابين..


هذه ملاحظة مهمة وهي تعكس وضعيتين مختلفتين:
الوضعية الاولى :
ان هنالك جمهورا عريضا للكتاب ,وهذا الجمهور يضطر الى خرق حقوق الملكية اما بدافع شح المطبوع,او بدافع الفقر ,كونه في الغالب لا يستطيع شراء النسخ الاصلية
اما الوضعية الثانية فتتمثل في ان الكتاب صار سلعة بائرة ,وليس له مردود اقتصادي يجعل من امر "التجارة"به ,امرا لا معقولا
وتحضرني في هذه الوضعية بالذات,تجربة مركز الدراسات السودانية
وسبق لي ان اشرت اشارات عابرة اليها
فقد بدا المركز بشعارات قوية وفي "التنك " مثل:
بالكتابة نهزم سلطة البياض
و كل فهم البياض بحسب ما يقوم به ,وهنا اتحدث عن المشتغلين بالكتابة تحديدا
في حالتنا ككتاب بلا كتب ,في ذلك الوقت,كنا قد فرحنا بهذا الشعار باعتبار ان المركز سيشكل مبادرة ثقافية ,و"كتابية" تساهم في حل ما ظللنا نطلق عليه في الحركة "الكتابية " السودانية لاجيال طويلة:
أزمة النشر
واتضح ان الشعار يخاطب شريحة معينة ,عرفت بمشافهتها في الجلسات والقعدات ولكنها لا تكتب
وحين جد الجد,اتضح ,ان المركز لا ينشر الا بقروش!
وقد نشرت كتابي انقلابات عاطفية وخطاب المشاء على نفقتي الخاصة
وحدث مثل ذلك لكثيرين ,اكتشفوا ان هزيمة سلطة البياض لا تتحق الا بسلطة"الاخضر" اي الدولار
طيب ,واذا كان شرط النشر ان يملك الكتاب دولارات,او قل الاف الدولارات لنشر كتبهم,
فما الذي يدفع السودانيين نحو الكتابة اذا كان ان "الاخضر " هو شرطها الوحيد؟
وما الذي يمنعهم من ان يهجروا الكتابة الى الابد,ويكتفوا ب "المشافهة" ؟
ما اطرحه هنا ليس ادانة لشخص محدد,وليس تقليلا من تجربةمركز الدراسات السودانية في مجملها,
ولكنه تامل في كيف ان المبادرات الثقافية تنتهي الى قدر اكثر ماساوية من حكايات الالهة القديمة
وكيف بقدرة "عاجز" يتحول شعار مبهر مثل:
Quote: بالكتابة نهزم سلطة البياض

الي:
Quote: ب"ألأخضر" نهزم سلطة البياض

هذا الكلام يقودني الى ما قال به فوكو حول الكاتب كوظيفة للخطاب ,وكيف ان حقوق الملكية للكتاب كانت من الشروط التي تحقق به ظهور الكاتب كفرد وككلية عقلانية في الحضارة الغربية,في اواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر
وهي ملاحظة تقودنا الى تامل تاريخنا الخاص ,وكيفية ظهور الكاتب الفرد لاول مرة في تاريخنا السوداني المعاصر,وما هي الشروط التي شكلت ذلك الظهور وما هي الحاجة او الحاجات السياسية والاجتماعية والثقافية التي عجلت بظهور فئة اجتماعية جديدة بدات بمسمى "الادباء" وتطورت حتى ظهور مصطلح الكاتب في الحياة الثقافية السودانية,وما هي علاقة التناص والتجسير احد عوامله الرئيسة,في ذلك الظهور المعقد ل"الاديب" ومن بعده ل"الكاتب " السوداني
ثم ما هو الدور الذي لعبته المؤسسة التعليمية واهمها المؤسسة الاكاديمية ,وما هي الشروط التي شكلت الاكاديمي كموقع اجتماعي ,وما هي التعريفات التي ارتبطت بنشوئه وهي تعريفات تقود الى فهم الذهنيات التي حكمت المؤسسة الاكاديمية السودانية في تعاملها مع الحداثة على مستوى الابداع,وبالتحديد في مقامنا هذا ,مع الكتاب والكتابة. وما هو الدور الذي لعبته في التجسير بين الثقافات المختلفة و الثقافة السودانية.وتتأكد اهمية المؤسسة الاكاديمية باعتبار بنية التخلف التي تحكم تطور المجتمع السوداني,مما يجعل منها اي المؤسسة الاكاديمية ,عنصرا مهما ,ولو الى حين ,اذ ان التجسير ليس مقصورا على الاكاديميين فقط,فهنالك كثير من المجسرين كانوا كتابا خارج المؤسسة الاكاديمية.ونذكر منهم ادونيس ,الذي وصفه ادوارد سعيد قائلا:
Quote: المهم.. في أدونيس الناقد نرى أدونيس الصديق وأدونيس المحرر: "مواقف", المجلة التي أسسها وحررها وحده, بيده تقريباً, كانت تخدم كنافذة للكاتب العربي على العالم, وكنافذة للعالم على ما هو أفضل وأكثر إثارة في العالم العربي. كان الامتداد الطبيعي لهذا الدور موقعه كشاعر, أو بالأحرى, موقعه ككاتب. لقد ربط أدونيس شخصيته وحياته بحياة الثقافة الحديثة, وهي في صراع متواصل كيما تجدد الماضي وتعيد خلق المستقبل


لكن المؤسسة الاكاديمية السودانية مع استثناءات قليلة امتلات بالمتاكدمين ,والعاطلين من الموهبة والارزقية وغيرهم من ذلك القطيع المعروف,وغلب عليها الطابع البيروقراطي والذهنية التقليدية والتي سارت على ذهنية "الفندمة" كما في نحت حاتم الياس لهذا المصطلح الذي يتوافق مع "الاكدمة" اذ يشير الى البنى العميقة التي تتحكم في ناس السما الاكاديمية.

هنالك عوامل كثيرة ساعدت في احتضار وموت الاديب ,ومن ضمنها الدعوات التي تطالب الادباء بالانتماء ,والا يكتفوا فقط بالجمال,وانما عليهم اداء مهمتهم التاريخية في الدفاع عن الانسان وقضاياه الكونية العادلة .و اذا كان هذا ملزما للادباء ,فمن باب اولى ان يكون ملزما لهم التفكر في قضايا الثقافة في مجتمعاتهم و افاق تطورها .وفي ذلك اجد نموذجي هو محمد عبدالحي في مرحلته السنارية,والتي ارتبطت بالبحث عن جذور لما يقوم بكتابته على مستوى الخطاب الشعري.وربط ذلك ,بدرجة من الدرجات ,وهو ربط محكم ووثيق وصحيح,بالشعر الافريقي في تناصه مع الشعر الغربي أي الانجليزي والفرنسي.وهذا ما دعاه لان يكون مجسرا في ترجماته الرصينة التي صدرت بعنوان اقنعة القبيلة.
نلاحظ هنا وجود موتين وحياتين
موت الاديب وحياة الكاتب
موت "المتأكدم" وحياة المجسر
اما كلامك عن حقوق النشر ,فيعيدنا الى اثر الانترنت على دمقرطة المعرفة,وما تنوي غوغول القيام به في هذا الصدد,واتركك والقراء لمقتطفين من "الحياة":

«غوغل» يرسم افقاً ديموقراطياً للمعرفة الالكترونية
بيروت الحياة - 01/07/05//

اُخذت الكثير من الحكومات الوطنية في اوروبا بالدهشة عندما اعلن «غوغول» محرك البحث الشهير على الانترنت، عن مشروع «مطبعة غوغول». ويشمل المشروع رقمنة نحو عشرين مليون كتاب باتت خارج اطار الحماية الفكرية بالتقادم، ووضعها في صيغة ملفات رقمية. وتبلغ كلفة المشروع، الذي قد يستغرق نحو عشرة اعوام، ما يقارب مئتي مليون دولار.
وبالنسبة الى تلك الحكومات، بدا «غوغول» وكأنه ارتكب جرماً بيّناًَ: ثمة شركة من القطاع الخاص تسعى لوضع القسم الاساسي من الارث المكتوب للبشرية، في تصرف كل فرد. وعلى نحو مجازي، ايقظت مبادرة «غوغول» صورة المكتبة اللانهائية التي طالما حلم بها الكاتب الارجنتيني خورخي بورخيس. وبدت المبادرة وكأنها نسخة رقمية حديثة من مكتبة الاسكندرية الخرافية في العالم القديم. وفي المقابل، فانها تعاكس مجريات الامور راهناً على الانترنت، لانها تسعى الى توثيق معلوماتها، ربط الكتب بالنقد الذي كُتب عنها. ولذا، فانها تعتبر خطوة كبرى نحو دمقرطة المعرفة في الفضاء السبرنتيكي. ان الآثار التي قد تتولد من هذه الديموقراطية الرقمية تفوق التصور، خصوصاً ان الدمقرطة قد تمتد لتشمل مجالات اخرى مثل الترفيه والمعلومات على الشكبة الالكترونية.
يمكن العثور على شبيه لمبادرة «غوغول» في ما حدث قبلاً بالنسبة الى مشروع الجينوم البشري. حينها، ادت الاندفاعة القوية لمستثمر من القطاع الخاص، الاميركي ديك فنتر، للاسراع بانجاز تفكيك الشفرة الوراثة للانسان (الجينوم). المفارقة ان فنتر حفز مشروع الجينوم عبر استخدام مكثف للتكنولوجيا، مما ادى بالحكومات المشاركة في ذلك المشروع الى تسريع العمل فيه مع القبول بالتنسيق مع شريك من القطاع الخاص.
ويبدو الامر مختلفاً قليلاً في رقمنة الكتب. وتظهر مبادرة «غوغول» ان العائق الاساس يتمثل في العنصر البشري، أي في الايدي التي يجب ان تحمل الكتب الى آلات المسح الضوئي، وتقلب صفحاتها بصبر، الواحدة تلو الأخرى، للحصول على صور رقمية لكل صفحة. ولم يؤد استخدام «غوغول» الروبوتات الى تجاوز العائق البشري، ولم تسرع الاعمال الا بنسبة ضئيلة جداً. اذن، الأمر يقتضي توظيف المزيد من الايدي لانجاز الرقمنة، وذلك ما لا يصعب الحصول عليه راهنا في ظل البطالة الكبيرة في اوروبا.
هل تحفز مبادرة «غوغول» دول اوروبا لانجاز ما توجب عليها فعله قبل اكثر من عشر سنوات؟ ان دمقرطة ارث المكتبات الفرنسية، ووضعها بتصرف العالم، تتطلب تعبئة مئتي شخص، وإنفاق عشرات الملايين من اليورويات سنوياً. لقد تمكنت المكتبة الوطنية الفرنسية، عبر موقعها للكتب الالكترونية «غاليكا»، من رقمنة سبعين الف كتاب خلال السنوات العشر الماضية.
اذن، فقد وضعت «مطبعة غوغول» الحكومات الاوروبية امام الجدار. فهل يستحيل على المؤسسات الاوروبية الكبرى تخصيص بضع مئات من اليوروات سنوياً، لرقمنة الارث الاوروبي ووضعه في تصرف الانسانية جمعاء؟
الاضخم من نوعها تاريخياً بقيادة نسائية ... مكتبة «غوغول»: المحتوى المفتوح للجمهور
واشنطن الحياة 2004/12/20
لماذا يهتم المحرك الاكثر استعمالاً على الارض، بان تنشأ له مكتبة الكترونية، تعتبر الاضخم من نوعها منذ اختراع غوتنبرغ للمطبعة في العام 1448؟ ولماذا يصر اصحاب محرك البحث «غوغول» على جعل مكتبتهم مجانية ومفتوحة امام جمهور الانترنت، في وقت تتشبث به شركات المعلوماتية، بمفهوم ضيق لحقوق الملكية الفكرية؟
وفي الايام القليلة الماضية، لم تتوقف الصحف الاميركية، وكذلك مجموعة كبيرة من شبكات التلفزة فيها، عن التعليق على الخبر الذي تناقلته وكالات الانباء اخيراً عن اعتزام محرك «غوغول» اضافة مكتبة الكترونية مفتوحة الى موقعه على الانترنت. وفي مقره في «ماونت بلو» في ولاية كاليفورنيا، اعلن مسؤولو الموقع عن انطلاق مشروع لاقامة «غرفة قراءة الكترونية» مفتوحة للجمهور. وتضم «غرفة غوغول» مخزونات اربع مكتبات لجامعات هارفارد، وستانفورد، وأوكسفورد، اضافة الى مكتبة مدينة نيويورك. ووافقت جامعتا متشيغن وستانفورد على وضع محتويات مكتبتيهما كلها، بما في ذلك الكتب الاكاديمية، بتصرف مشروع «غوغول». وتبيّن ان فرقاً من العاملين التابعين لمحرك «غوغول»، بقيادة سوزان فوجزيسكي، شرعت في المسح الضوئي «سكانينغ» Scanning، اي التصوير الالكتروني، لتلك الكتب كلها، في صورة مكثفة. ووضعت هارفارد اربعين الف كتاب بتصرف المشروع. وأعلنت مكتبتا نيويورك وأوكسفورد عن موافقة مبدئية على شمول قسم كبير من محتويات مكتبتيهما بأعمال البحث. ولم تعلن فوجزيسكي عن تكلفة المشروع، الذي جاء في عز المنافسة بين «غوغول» وشركات من وزن «مايكروسوفت».
وستضاف هذه المحتويات الى 8 بلايين وثيقة تمثل قاعدة بيانات محرك «غوغول». وتضم مكتبة ميتشيغن 7 ملايين كتاب، اي ما يعادل 092 كيلومتراً من الكتب المرصوصة! ويقدر مسؤولو «غوغول» انهم بحاجة الى 6 سنوات لتصويرها الكترونياً. وتضم مكتبة هارفارد 51 مليون كتاب. ووافقت على النسخ الالكتروني المجاني لكتبها الكلاسيكية الى المشروع، خصوصاً تلك التي طبعت في مطلع القرن العشرين. ووعدت بالنظر في فتح باقي كتبها امام «غوغول».
وهنا يطرح سؤال:
وما ذا ستفعل بقية اللغات في هذا الصدد اي دمقرطة المعرفة؟وبالتحديد اللغة العربية باعتبارها اللغة الرئيسة لكثير من السودانيين.

اما سؤالك عن جهنم,فارجو ان "تمايل" حسن موسى في هذا الصدد
وساحاول ان امايله ايضا لانني لم اقرا من جهنم الا اعدادا قليلة.

في نهاية مداخلتي هذه اسمح لي ان اصحح كلامك الاتي:

Quote: واشكرك علي"الطبعة الثانية"التي اجريتها للديوان علي البورد..

هو في الحقيقة مزيج من ديواني الاول انقلابات عاطفية وديواني القادم والذي لم اختر له اسما الى الان,
كما انه يحتوي نصا شعريا يحبه الكثيرون هنا الا وهو "سموك عاهرة المدينة والضفاف"
وقد انشره لو فكرت في نشر بواكير نصوصي الشعرية

مع محبتي
المشاء

Post: #60
Title: Re: الامتاع والمؤانسة تحت سقف الوردة--موتان وحياتان-الاديب\الكاتب-المتأكدم\المجسر
Author: mazin mustafa
Date: 08-13-2005, 02:27 AM
Parent: #59

باشر الشاعر قاسم حداد إلى إدخال شعره إلى "الانترنيت" وأسس موقعاً للشعر العربي فيه أيضاً وحمل عنوان "جهة الشعر " . وتجربته هذه هي من التجارب العربية الأولى في هذا الميدان . يتحدث حداد عن هذه التجربة قائلاً : "ثمة ولع غامض شدني إلى جهاز الكمبيوتر منذ منتصف الثمانينات ، إذ فتح لي أفقانً إضافياً لم يكن متاحاً حتى تلك اللحظة . وحين تعرفت على الانترنيت شعرت بما يشبه المسافة الضوئية تخترقني معرفياً وروحياً ، خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار الدور الجوهري للمخيلة في فكرة الانترنيت ومن قبلها الكمبيوتر ، فكل شيء في هذا الحقل ينشأ من طاقة الإنسان على التخيل والتعامل مع الأمر كما لو أنه عالم من الافتراض اللامحدود.

لقد اقترحت عليّ تجربة الانترنيت (عمقياً) آفاقاً مضاعفة من الحرية والجمال يفضحان جلافة الواقع ومصادراته . حين أعمل ، أحب أن أكون حراً ، فهذا شرط يتيح لي التمتع بالفعل الذي أمارسه . وكلما اتسعت فسحة الحرية الذاتية شعرت بالحياة تقترب من شفافيتها ، ربما لأنني أعتقد بأن كل ما يصنعه الشاعر ينبغي أن يكون شعراً أو شعرياً أو محرضاً على ذلك .

من هنا أرى في فكرة الانترنيت ضرباً من الشعر (حرية وجمالاً) بوصفها فكرة تتصل بمستقبل لا يمكن تفاديه ، خصوصاً إذا جاز لنا الاعتراف بأن الشعر هو ذهاب للمستقبل أكثر منه مراوحة في الواقع وحنيناً سطحياً للماضي .

حين بدأت وضع الشعر العربي (بمساعدة الأصدقاء في مؤسسة النديم لتقنية المعلومات ) شعرت بأنني أضع الشعر في مكانه ، أضعه في تلك المسافة الغامضة التي يتقاطع فيها النص والضوء والصوت والصورة ، وبدأت أتأمل ما يحدث مثل شخص يرقب حركة أحلامه في سديم شفيف من المخيلة . ومثل هذا التقاطع اللامتناهي والفاتن بين الأشكال هو من صميم نزوعي لتجاوز التخوم التقليدية لأشكال التعبير .

إنني أعمل كل هذا (حتى الآن) وحدي ، في غرفة صغيرة مكتظة بالمكتبة وكائناتها ، بين مالا يحصى من مخلوقات المخيلة البشرية التي ظلت طوال الوقت معرضة لسبات مستمر لا ينتهي . فإذا بي أنظر إلى تلك الكائنات والمخلوقات تستيقظ نشيطة وتنتقل وتتصل بأبعد إنسان في أقاصي الفضاء الكوني ، لتخلق نوعاً من الحوار الحميم ، بهدوء فائق ، وبلا ضجيج وبقدر لامحدود من الحرية التي لا تطالها سلطات العالم ، وبدرجة من سرعة تشبه رفة هدب العين وهي تطلق شرارة الحب في القلب . عندما وضعت بعض مختارات المتنبي في المرحلة التجريبية الأولى ، صادفت بيتاً له يقول :
أحلماً نرى أم زماناً جديداً
أم الخلق في شخص حيّ أعيدا
لقد كنت أشعر بأن ثمة كهرباء حانية تنهر النص الشعري لكي يبدأ الحياة الأبدية هذه المرة . أقول أنني لا زلت أعمل كل ذلك وحدي ".

ويتحدث عن موقع " جهة الشعر " وعن محتوياته الشعرية قائلاً : " متصلاً بنزوع تجربتي الشعرية (ولأسباب ثقافية أخرى) أردت لجهة الشعر أن تُعنى بالشعر الحديث ، (القرن العشرين) ، خصوصاً بعد أن رأيت جهوداً أخرى تعمل في وضع الشعر العربي القديم على الانترنيت بصورة محترفة تليق بالتراث الشعري العربي ، من بين أهمها " الموسوعة الشعرية " التي يعمل المجمع الثقافي في أبوظبي على الانتهاء منها قريباً ز بالنسبة لجهة الشعر ستكون التجربة الحديثة هي الاهتمام الرئيسي بشتى اجتهاداتها الإبداعية . وهذه ليست مهمة سهلة ولا هو عمل يمكن أن يقوم به شخص واحد . ماذا أفعل إذاً ؟
في جهة الشعر أقسام ثلاثة باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية (الملف الثالث قيد الإنجاز) ، أطمح في من يتعاون معي من المتخصصين أدبياً في هاتين اللغتين . فعلى الزائر أن يختار منذ الوهلة الأولى اللغة التي يرغب في أن يقرأ بها المادة المتوفرة ، خصوصاً وأن الشرط المعرفي للانترنيت ، كفكرة ثقافية ، هو توفر النصوص بلغات تستجيب لمختلف الأجناس . وتقدم أكبر قدر من المعلومات وعدم الاقتصار على الأدب بوصفه نصوصاً خالية من التحليل والمعلومات والبعد المعرفي . أعتمد التعريف بشاعر واحد ، يستمر حضوره لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر بصورة شاملة وباللغات الثلاث . ويجري العمل حالياً على إدخال معلومات أساسية عن الشعراء العرب المعاصرين من البلاد العربية وبمختلف اجتهاداتهم الإبداعية ، مع نماذج من أشعارهم ، نصوصاً وسيراً شخصية مصحوبة بالصور.

ويجري العمل على تحقيق اتصال بين "جهة الشعر" وأهم الملاحق الثقافية الأسبوعية لبعض الجرائد العربية ، وكذلك تحقيق اتصال الجهة بمراكز البحث والدراسات العربية والأجنبية والجامعات المعنية بالأدب والثقافة العربية . وثمة اهتمام رئيسي في "جهة الشعر " بالفنون التشكيلية حيث يوجد ملف بعنوان " كليم اللون " نستضيف فيه بين وقت وآخر فناناً عربياً يجري التعريف بتجربته باللغات الثلاث مع حوار عن تجربته ومعارضه . وأفكر جدياً في إنشاء ملف جديد عن الموسيقى العربية .

في زمن يجري الكلام بشدّة عن موت الشعر وموت قارئه وعن انحسار خارطته يعمد قاسم حداد في نشره عبر الانترنيت ! ترى هل الأمر مجرد مغامرة فردية ؟ ألم يصبح الشعر صنيعاً فردياً فيما الشاعر بدوره يتجه إلى المزيد من العزلة ؟ يقول حداد : " طوال الوقت كان الشعر صنيعاً فردياً ، ودائماً كنت أعتقد بأن الشعر (بوصفه إبداعاً ) هو أحد معطيات عزلة الشاعر الذهبية . ولم أكن أقول بغير ذلك . وإذا نحن قد تورطنا أحياناً بمقولات جماهيرية الشعر وعمومية الكتابة ، فإن هذا لا يعني شيئاً بالنسبة للحقيقة .

وهذا كله لم يدفعني أبداً إلى الخضوع للأوهام التي راجت في السنوات الأخيرة وكرستها اجتهادات ثقافية تصدر عن مصدرين هما تجربة غير واضحة الملامح تأتي من لا مكان ، وضخ من الصحافة الثقافية التي تقصر عن قراءة مادتين : النص والحياة.

إنني لا أفهم معنى أن يقال بموت الشعر أو موت القارئ ، لا أفهم ذلك ، خصوصاً إذا صدر من الشعراء أنفسهم . كيف يمكن أن يحدث ذلك والإنسان مايزال موجوداً بكثافة في التجربة غير مسبوقة في التاريخ البشري . هل تقاس الأمور بمفهوم رواج المادة الاستهلاكي مثلاً ؟ هل لمجرد أن القنوات الفضائية العربية تخلو من برنامج متحضر عن الشعر العربي ؟
هل لأن الروح النقدي الذي يصدر منه الشعر والأفق الحر الذي يذهب إليه لا تطيق الأنظمة والسلطات العربية أن تجعله كائناً متاحاً للجميع كما تفعل مع أكثر أنواع الأغاني انحطاطاً ؟ هل لأن فكرة التنوع وتعدد الأذواق لا تزال تضيق بمن يعمل على الكتابة الشعرية بالصورة التي لم تخطر على بال الخليل بن أحمد هناك ومسؤولي الثقافة العرب ضيقي الأفق هنا ؟
هل لأنني كشاعر لا أقبل الخضوع لشرط وسائل الإعلام مفضلاً البقاء (مع كثيرين مثلي) في حرية الهامش طوال السنوات حتى لو كان على حساب وصول نصي إلى أقرب قارئ يسكن في الدار المجاورة ؟
لا أستطيع أن أقبل مثل هذه المصطلحات (الموت) هذه . أنا يائس من اليأس السائد ، لكن نظرية الموت هذه لا تتصل بما أرى وأعمل ، لأنها في نهاية التحليل تحقق هدفاً يسعى إليه الآخرون الذين لا يحبون لا الشعر ولا الشعراء , والذين يرغبون حقاً في (موت) الحياة من حولنا .جريدة (الحياة) لندن) 1999

Post: #61
Title: "خاتف لونين"
Author: osama elkhawad
Date: 08-13-2005, 11:43 AM
Parent: #60

عزيزي مازن
لم استلم منك اي ايميل في كل عناويني الالكترونية

ما تفضلت بايراده عن موت الشعر وموت القارئ ,به جزء كبير من الصحة
وقبل ان اعلق على ذلك دعني اقول ان موت الاديب وحياة الكاتب في الثقافة السودانية,هو تمييز يهدف الى الاشارة والتنبه الى الحراك الثقافي الذي حدث في مسالة النظر الى الكتابة في المجتمع السوداني الحديث
فمازال هنالك من يتمسكون بانهم أدباء ,وما زال هنالك ايضا من هم "خاتف لونين"
لكن مسيرة التطور قطعا ستقبر الاديب الى الابد
وساعود غدا ,
لاكما ل تعليقي على ما تفضلت بايراده,ومواصلة الرد على ملاحظات حاتم الياس القيمة

ارقد عافية
المشاء

Post: #62
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Adil Osman
Date: 08-13-2005, 12:06 PM
Parent: #1

في حضورك يجتمع الحلم والورد من كل حدب وصوب
يحادثك العاشقوك كفاحا على صهوة من حنين الفراشات للزهر
***
لست نبيا لأفهم سرَّ انفرادك هائمةً في نبيذ الندى
لست صنوا لأسرار حسنك كي أتذاكى بأني نديمك في الناي
لست غزالا لأدرك كنه البهاء ا لمهرول في حاجبيك
و لست حصيفا تماما لأفهم كيف تديرين وحدك هذا الهدوء المرواغ في وجنتيك
وليس لمعجزة البرق من سلّم كي تطال أعالي سناك
وليس لقلبي قواميس تفهم كيف تنامين مرفودةً بالحنين
وزهو الطواويس في العشب وهي تنشِّر أرياشها لغة ً في مديح المكان
ولست خبيرا بشأن الغياب لأفهم معنى انتظاري رعاة الحضور يسوقون قطعانهم بسياط الحنين
****
اذنْ لك أن تسأمي من غرامي "المشاتر"
من عبثي بالكلام
و أن تغضبي من حديثي المتأتي –في قمة السُكر- عن سرِّ سرِّك
من لغطي حول جدوى التشاؤم للناس والطير من كل لون وجنس ودين
ومن شغفي باقتناص الفكاهة من كل حرف
ومن رغبتي في سماع "أحبكَ" في كل ثانيةٍ
****
باسمك العنبري ,سنفتتح الطقس
نذبح أسماء من سحلونا ومن عذبونا
ومن علقوا صور الله في طرقات الجحيم
نبدل طقس الوضوء بمضمضة القبلات
لأن المحبة سوف تكون الاهة ايامنا القادمات
******
________________

الاخ اسامة الخواض. كما ترى فقد أعدت ترتيب قصيدتك البديعة. وفيها استعدت حب درويش للنساء. وهيامآ بالانوثة وسرها. وفيها وجدت صدى من الاناجيل السماويات| الارضيات. نشيد الانشاد، بالذات وبالموضوع!

Post: #63
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 08-14-2005, 04:26 AM
Parent: #62

عزيزي الخواض:
ارسلت علي هذا العنوان:
[email protected]

عموما,سوف اقوم بانزال الرابط علي الصفحة..وهو:
http://www.alwaraq.com/
وهو موقع جميل يحتوي علي كتب تراثية يصعب التحصل عليها..

عادل عثمان:
منحتنا قصيدة جديدة..

الخواض:
كنت اعلم ان العلاج بالموسيقي يعد اليوم تيارا محترما لدي الممارسين النفسيين..ولكنني لم اكن اعلم معلومة ان موسيقي موزارت تحديدا ذات فاعلية اكبر..
وجدت موزارت..ولكن تحميل الموسيقي للبورد لا يعمل..ارجو ان يقوم بكري ابوبكر بمعالجة الوضع ..






وبكم تتفتح الوردة....

Post: #64
Title: احد الكتبة عن تنسيق جديد للصفحة الشعرية
Author: osama elkhawad
Date: 08-15-2005, 06:13 AM
Parent: #1

عزيزي عادل
سلا م وشوق
طولنا ما سمعنا منك
الطريقة المختلفة التي اوردت بها النص , لا اسميها كتابة جديدة للنص,
وانما هي عبارة عن تنسيق جديد للصفحة الشعرية او ما اصطلح عليه
ب
Quote: سيميولوجيا الصفحة الشعرية



من حيث علاقة السواد بالبياض,
والتي سخر منها احد الكتبة,
نتيجة لجهله الفاضح بالمقاربات النقدية الحديثة,
في تعليقه على كلام لي حول سيميولوجيا الصفحة الشعرية في الخطاب الشعري السبعينيي

وساعود للتعليق على ذلك

ارقد عافية

المشاء

Post: #65
Title: الكويتب:خاتف لونين؟؟؟الاتفاق في الذهنية وفي الانتماء الى نفس القطيع
Author: osama elkhawad
Date: 08-15-2005, 03:33 PM
Parent: #64

الكويتب:خاتف لونين؟؟؟
عزيزي مازن
هذا هو لنك بوستي عن العلاج بالموسيقى:
العلاج بالموسيقى-دعوة للحوار الى "الموصلي, حمزة سليمان وعلاء سنهوري والجميع
وقد سبق لي ان قدمت عرضا في برنامج الماجستير عن العلاج بالشعر,وقد استعنت بالباور بوينت في تقديم العرض

وسنعود للحديث كمقدمة عن الفروقات بين الكاتب والاديب وخاتف اللونين منهما اي ما نسميه مؤقتا بالكويتب,
ثم نتحدث عن التنسيق الذي اجراه عادل عثمان لنصي الشعري,متحدثين عن سيميولوجيا الصفحة الشعرية,
وكيف ان كويتبا ما يتفق مع صلاح الدين المليك في موقفهما المتخلف تجاه سيميولوجيا الصفحة الشعرية,
وفي هذا الاتفاق,الضمني,اشارة واضحة الى الاتفاق في الذهنية وفي الانتماء الى نفس القطيع
المشاء

Post: #66
Title: كويتب قدم من مناطق الموهبة العمياء-الكويتب الذي تعلم الحجامة النقدية في رؤوس النصوص اليتام
Author: osama elkhawad
Date: 08-15-2005, 09:03 PM
Parent: #65

هنالك فرق ضخم بين الاديب والكاتب في صيغتيهما المثاليتين
وهنا نستعين بمقولة ماكس فيبر عن النممط المثالي

ولكن تعريف الكاتب ايضا ليس واضحا ,اذا ما استعنا مثلا بتعريف دستور اتحاد الكتاب السودانيين للعضو الذي تنطبق عليه مواصفات كاتب,وبالتالي يحق له الانتساب الى الاتحاد
ويتضح ا لفارق الضخم بين الاديب والكاتب,حين يفكر اديب ما في ان يغادر موقعه كاديب ,ويتحول الى كاتب ,
وهو تحول يبدو سهلا وبسيطا,لكنه غير ذلك ,خاصة اذا كان الاديب لا يمتلك العتاد الفكري اللازم الذي يؤهله لا ن يكون كاتبا
فلكي تكون كاتبا لا بد ان يكون لك مشروع فكري
والقادمون من مناطق الموهبة العمياء الى فضاء الكتابة ,سريعا ما تتكشف عوراتهم الفكرية وخفة محمولهم المعرفي

وكان اجدر بهؤلاء لو اكتفوا بصمتهم,وامتعوا قراءهم بما تجود به قرائحهم ومواهبهم ,
وبديل ذلك انهم سيتحولون الى مضحكة,كما راينا في نموذج الكويتب الذي تعلم الحجامة النقدية في رؤوس النصوص اليتامى,
ما سنرى حين ناتي للحديث عن سميولوجيا الصفحة الشعرية في فهم كويتب قدم من مناطق الموهبة العمياء,
مع فهم متاكدم اخر يصنف في خانة اليمين الاكاديمي
المشاء

Post: #67
Title: Re: تخريمة ونرجع..
Author: mazin mustafa
Date: 08-16-2005, 00:24 AM
Parent: #66

عزيزي الخواض..
تخريمة بسيطة ونرجع للكويتب"حسب تعبيرك"..
العلاج بالموسيقي موجود حاليا بالسودان..
وقبل سنة شاركت في دورة تقيمها منظمة war child تهدف لتعليمنا كيفية معالجة الاصابة النفسية بواسطة التشكيل..
وهم بخلاف التشكيل يستخدمون الموسيقي والدراماوالالعاب..وسجلوا نتائج باهرة في معالجة الاطفال المتأثرين بالحرب..
ماذا كنت تقول عن الكويتب؟؟

Post: #68
Title: ساعود اليك للرد على "تخريتمك", ب"تخريمة" أحسن منها
Author: osama elkhawad
Date: 08-16-2005, 09:36 AM
Parent: #67


مازن
صباح الخير بتوقيت الساحل الشرقي الاميركي
ساعود اليك للرد على "تخريتمك",
بتخريمة أحسن منها
ارقد عافية
المشاء

Post: #69
Title: التخريب الثقافي الذي تقوم به جماعة "المستجدين" من الادباء:"كويتبنا" نموذجا
Author: osama elkhawad
Date: 08-16-2005, 10:10 AM
Parent: #68

قلت عزيزي مازن:
Quote: العلاج بالموسيقي موجود حاليا بالسودان..
وقبل سنة شاركت في دورة تقيمها منظمة war child تهدف لتعليمنا كيفية معالجة الاصابة النفسية بواسطة التشكيل..
وهم بخلاف التشكيل يستخدمون الموسيقي والدراماوالالعاب..وسجلوا نتائج باهرة في معالجة الاطفال المتأثرين بالحرب..

هذا بالضبط هو مجال تخصصي في المعالجة النفسية بواسطة الاستعانة بالفنون ,و غيرها من الوسائل والتكنيكات

اما سؤالك التالي:
Quote: ماذا كنت تقول عن الكويتب؟؟


اولا احب ان اقول ان نحتي لمصطلح كويتب,
هو جزء مما عرفت به من نحت لغوي ,وفي ذلك اجد انني تاثرت جدا بمقدرة اب نقدي سوداني,
هو الاستاذ حسن موسى,
و من نحوته الاخيرة :
Quote: الاعدقاء

في اشارة واحدة الى الاصدقاء والاعداء,
فتامل هذا النحت البديع

المهم "كويتب" هو مصطلح قد يكون مؤقتا في وصف حالة هجين بين الادب والكتابة,
او لمن يريدون ان يعبروا,بعد خرفٍ,الى مقام الكتابة

وتلاحظ,عزيزي مازن ,
اننا كثيرا ما نصادف هذه الحالات "الخلاسية" خاتفة لونين,كما في كلامنا عن :
Quote: المتاكدم

وهو كوصفك ل:
Quote: كراع برا وكراع جوا


فحديثنا عن "الكويتب" اياه-هو في الاصل- لا يتعلق بشخص محدد,
وان كان ان الامر يتعلق به,
لكنه يشير الى ذهنية محددة في نقاشاتنا الاسفيرية,
والتي تبدو-أي تلك النقاشات- سهلة ومريحة,ولا تتطلب سوى كي بورد***
لكنها في الاصل معقدة,ويجب التروي حيال التعامل معها

هذا ما غاب عن كويتبنا في اعتراضه الرئيس علينا كمجسرين بين المقاربات النقدية الغربية الحديثة,وبين الخطاب النقدي السوداني
وهو للاسف غير ملم بما نقول به,
و"عودوا" في العلم بالمقاربات النقدية الحديثه هو "عود مرا"
-معذرة للجندريين والجندريين-

واليك هذا المثال الساطع جدا جدا جدا:

حين تحدثنا عن تنسيق الصفحة الشعرية,وعلاقة السواد والبياض,
في مقدمتي للرحيل على صوت فاطمة,
كنا في واد ذي زرعٍ,
وكان هو في واد اخر غير ذي زرعٍ,ويتحدث عن الخلق الشعري,
وهو ما لم تقل به اصلا اية مقاربة نقدية حديثة,
بل هو في الاصل خارج موضوعها
هذا حديث صار من ا لبديهيات في نقد البنيوية في سمتها الوضعي المتزمت باعتبارها علما للادب,
ومسائل الخلق والابداع هي في عرفها خارج العلم بمواصفاته المعروفة
فمسائل الخلق الشعري,قد تكون مرتبطة بعلم نفس الابداع او الباراسيكولوجي ,وغيرها من العلوم ذات الصلة
فالكويتب في حاجة الى ان يقرأ من جديد ما قلنا به ,
ويفهمه جيدا ,
والا يعتمد كما في معظم حالاته ,على منجرته ,
وان يتخلص من الكسل الذهني
فاذا لم يفهم ما قلنا به لاننا
Quote: غامضون
,
وهذا كلام مردود,
فعليه ان يراجع ذلك في مصادر اخرى,
بدلا من ارباك القارئ بمعلومات مغلوطة تماما كما حدث في حادثتي
Quote: "ايهاب حسن"
و:
Quote: "القطيعة المعرفية"


وقد اثرنا ,بمناسبة التنسيق الجديد للنص الشعري الذي قام به عادل عثمان,
ان نثير هذه المسالة التي مرت,بدون مساءلة علمية صارمة,
وهي تمثل جزء من التخريب الثقافي الذي تقوم به جماعة "المستجدين" من الادباء الذين يريدون عبر الكي بورد,
ان ينتقلوا الى مقام الكتاب

وساثبت ذلك بالتفصيل الممل ,
بعد ان اعلق على ما قام به صديقنا عادل عثمان من تنسيق جديد

وارقد عافية

المشاء


***كثيرا ما اشار الاستاذ عثمان محمد صالح الى سهولة استخدام الكي بورد,وهو محق في ذلك ,وان كان انه في مقامه ذلك كان يتحدث عن الكتاب الاسفيريين الجدد,وليس عن الكتاب التقلياسفيريين

Post: #70
Title: Re: التخريب الثقافي الذي تقوم به جماعة "المستجدين" من الادباء:"كويتبنا" نمو
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-16-2005, 10:30 AM
Parent: #69

الكتاب التقلياسفيريين

Post: #71
Title: التقلياسفيريين: حقوق النشر محفوظة لسجيمان
Author: osama elkhawad
Date: 08-16-2005, 10:35 AM
Parent: #70

عزيزي البرنس

اشكرك على انك قد هديتني الى مصطلح
Quote: قوة الموهبة العمياء
,
والذي اجده معبرا عن كثير من "الادباء"

اما نحت
Quote: "التقلياسفيريين"

فيعود لسجيمان

فحقوق النشر محفوظة لسجيمان

محبتي

المشاء

Post: #72
Title: سيميولوجيا النص الشعري
Author: osama elkhawad
Date: 08-16-2005, 05:37 PM
Parent: #71

ناتي للتعقيب على مداخلة الصديق عادل عثمان

وقبل ان اعقب لا بد لي من قول احترازين مهمين

الاحتراز الاول:
لم يتحدث الصديق عادل عن الاسباب او السبب الذي جعله يعيد تنسيق النص الشعري بهذه الطريقة
وهو حديث مهم حتى يعرف المتابع ,وحتى مؤلف النص الشعري,كما في حالتي,
لماذا اختار هذا التنسيق بالذات ,ولم يختر غيره,
او انه اختيار ضمن اختيارات اخرى,
وينبغي البرهنة على ذلك

الاحتراز الثاني:
هو مرتبط بالحدود التي تسمح للقارئ بان يتعامل مع النص بطريقة او اخرى
وهذا الاحتراز ليس له علاقة بما يسميه ايكو:
قصد المؤلف
Quote: Intention of the author
,
وانما مرتبط بما سماه:
Quote: قصد النص Intention of the text


وايكو في هذا ينطلق من ان هنالك حدودا للتاويل
فالنص مدور,كما هو واضح من بنيته المكانية,
وواضح حدود العلاقة بين البياض والسواد,
اذ انه يبدو وكانه مقال او قصة,
لكن هنالك طريقة اخرى لتنسيق النص الشعري ,موضع نقاشنا,
بحيث يحافظ على بنيته الزمان اي وزنه

وقد مارست هذه الطريقة الثانية حين نشرت نصي الشعري:
في الذكرى الثلاثين لميلادها-بورتريه لزينب

فبدا تنسيق النص الشعري مختلفا عن الطريقة التي نشر بها في ديواني:
انقلابات عاطفية
لكنني حافظت على بنية النص الزمانية من خلال الفواضل-الشولات-
وهذا ,أي انعدام الشولات,
هو ما جعل تنسيقك الجديد غير امين لقصد النص وايضا قصد المؤلف

من هنا نرى ,
ان سيميولوجيا النص الشعري,هي مرتبطة بقصد المؤلف,
اذا ما كان يجيد ذلك,
اي وعيه بنصه,كما يتبدى في حدودة المبذولة للقارئ العادي,بدرجة كبيرة

نكون بذلك قد بدأنا ردنا على كويتبنا,
في رحلته ,
التي تبدو كقطعة من جهنم,
من الادب الى الكتابة

ارقد عافية

المشاء

Post: #73
Title: Re: سيميولوجيا النص الشعري
Author: mazin mustafa
Date: 08-17-2005, 01:29 AM
Parent: #72

UP

Post: #74
Title: "العرضة" خارج "الدارة المعرفية":الدكتوران بشرى الفاضل وصلاح الدين المليك نموذجا
Author: osama elkhawad
Date: 08-17-2005, 01:35 AM
Parent: #72

"العرضة" خارج "الدارة المعرفية":الدكتوران بشرى الفاضل وصلاح الدين المليك نموذجا
ناتي الان لمواصلة ردنا بتفصيل ممل ,كما وعدنا على اراء الدكتور بشرى الفاضل حول "سيميولوجيا الصفحة الشعرية",وهي اراء قال بها في البوست المعروف,وتمثل تجل من تجليات تعلمه للحجامة النقدية في روسين النصوص اليتامى.

في مرحلته الكويتبية,وهي برزخ للاديب في مسيرته نحو فضاء الكتابة,قال الدكتور بشرى الفاضل,في "حجامته النقدية" عن مقدمتنا للرحيل على صوت فاطمة:

Quote: أكثر البنيويون من عبارة زحف السواد على البياض وتحدثوا عن البياض المخيف بينما الشعراء لا يكتبون قصائدهم في مواجهة الورق . ربما لم ير الحردلو الكبير ورقة.الشعر ليس عبارة غن زحف ميكانيكي لحروف الطباعة على بياض الصفحة هذا تبسيط ساذج فعملية الخلق الشعري ناتجة عن إجراءات معقدة في الدماغ تحدث عنها مبدعون كثر ولي دراسة حول هذا الموضوع آمل ان اطلع عليها القراء بعد التدقيق
في بعض المصادر التي ليست متوفرة لي حالياً


فمثلما ضل طريقه الى المؤسسة الاكاديمية ها هو يضل طريقه الى سيميولوجيا الصفحة الشعرية:

Quote: والقول بخدعة القاريء أيضاً مردود فماذا عن قصيدة النثر ولماذا خديعة القارىء اصلاً والتلذذ بقلقه الدائم إن وجد ذلك القلق.نحن حين نقرا ولعكم بزحف السوادأي حبر المطابع على البياض في
تشكيل القصيدة السبعينية يا اخ اسامة ندرك أنكم لم تقتربوا بالقصيدة من التشكيل بل نأيتم بها عن الشعر


وسنرفق ذلك براي متاكدم مثله,هو البروفيسور صلاح الدين المليك.
يتحدث صلاح الدين المليك ـ ساخرا ومستغربا ومحتارا ـ عن السيميولوجية الشعرية لـ"العودة إلى سنار" حين يقول أنها:

Quote: "كتيب من إثنين وأربعين صفحة، طول الصفحة الواحد يقل قليلا عن اثنتي عشر بوصة وعرضه ثماني بوصات. والكتاب في هذا الشكل يشبه إلى حد كبير كراسات الرسم التي عهدناها في سني دراستنا الأولى. وإخراج الكتيب في هذا الشكل يفرض عليك أن تقرأه وهو مبسوط أمامك في مكتب أو منضدة، أما حمله بين يديك أو يد واحدة لتقرأه وأنت مستلق في مقعد مريح أو أنت مسافر في قطار أو طائرة فأمر غير يسير. ولهذا لنا أن نستغرب إخراج الكتيب في هذا الحجم وبهذه الصورة وربما نستغرب أكثر عندما نتصفح الكتيب فنجد أن نصف كل صفحة منه خلا تماما خلوا كاملا من اية كلمة، وأن الأبيات طبعت في النصف الأيمن فقط من كل صفحة وظل النصف الأيسر خاليا أبيض ناصعا في وقت ندر فيه الورق الأبيض الناصع الصقيل وغلا ثمنه وهذا أيضا ما يدعونا للاستغراب والحيرة. إننا تساءلنا وسألنا عن كل ذلك فلم نجد جوابا مقنعا ولا ردا شافيا ولايسعنا إلا أن نخلص إلى أن هذا الأمر ـ أمر إخراج الكتاب في هذه الصورة ـ أمر شكلي لكننا لا نشك في أن حجم الكتاب مهما كان موضوعه وشكله الذي يخرج به يعينان القارئ على تناوله للقراءة ويتوقف على القراءة الفهم والاستيعاب والاستفادة. ولو لم نكن من المشغوفين بالأدب عامة، والسوداني خاصة، لو لم نكن من المشتغلين بدراسته وتدريسه والنظر في كل ما ينشر عنه لما شرينا هذا المؤلف مع أن ثمنه زهيد فهول لا يعدو الثلاثين قرشا لكن الموضوع هام لأنه يمس جانبا مشرقا من تاريخ السودان القديم كما أن المؤلف مثقف مشهور"


صلاح الدين المليك، فصول في الأدب والنقد، الطبعة الأولى، مطبعة التمدن، الخرطوم، 1978م، ص 42

وسنعود لاثبات المشترك والمختلف في تتفيه كل منهما لسيميولوجيا الصفحة ,كل من منطلقه:
الكويتب من منطلق "الانسان عدو ما يجهل",
والمليك من منطلق انه اصلا ليست له معرفة بسيميولوجيا الصفحة الشعرية.

المشاء

Post: #75
Title: Re: "العرضة" خارج "الدارة المعرفية":الدكتوران بشرى الفاضل وصلاح الدين الملي
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-17-2005, 02:00 AM
Parent: #74

مدهش المليك هذا.. يا أسامة!!!

Post: #76
Title: الادهش منه
Author: osama elkhawad
Date: 08-17-2005, 08:22 AM
Parent: #75

قال البرنس:
Quote: مدهش المليك هذا.. يا أسامة!!!

والادهش منه ,
من ياتي بعد اكثر من ربع قرن ,
من قول هذا الكلام المدهش,من متاكدمنا المليك,
ليقول نفس الكلام,
مع ان سيميولوجيا الصفحة الشعرية كمفهوم صارت شائعة ,
بل انها اقدم بكثير من البنيوية.

وسنعود

المشاء

Post: #77
Title: Re: الادهش منه
Author: osama elkhawad
Date: 08-17-2005, 11:08 AM
Parent: #76

وحتى نعود نقدم شهادة لشاعر يحكي فيها عن علاقته بالفضاء وبالصورة في سبيل بحثه عن اشكال غير تقليديةلعرض شعره:

Preface to solos, duets, trios, and choruses (membrane/future).



by Richard Kostelnetz


Possibly what basically distinguishes poetry from prose is its greater range of geometric devices: A whole series of arbitrary semantic resolutions can be replaced by a purely formal, geometric resolution. - Viktor Shklovsky, "Poetry and Prose in Cinematography," 1927

One recurring theme of my poetry has been the search for unusual forms that would prompt, if not generate, discoveries in the poetic presentation of language - discoveries that must be poetic, because they are not prosaic, which is to say practical. The first move, in explorations that began over two decades ago, was visualizations of a single word - the "imaged word," as I called it at the time. Among the most reprinted poems of this kind were "Disintegration," "Nymphomania," and "Echo." The next development I called "worded images," because an image was made exclusively of words, or letters functioning as words, as in my most reprinted poem, "Tributes in Henry Ford," the triptych in which the capital letters A and T, in this case representing models of automobiles, are arrayed in three patterns typical of successively more complex automotive traffic. Some of these earliest poems were cast into silkscreened prints, 40" x 26", which have been exhibited, representing a form of alternative publication different from those of traditional poetry. Another kind of early visual poetry is the handwritten portrait, in which something is visually-verbally represented in the space of a page. My first poem in this vein was "The East Village (1970-71)," which was reprinted in I Articulations (1974); a second was "Portraits from Memory" (1974), which appeared as a book under that title (1975). A fourth early development involved synonyms visually arrayed, as in the pyramid and inverted pyramid of "Live-Die" that is likewise reprinted in I Articulations. A recent variation on this strategy is a two-sided hologram, Antitheses (1985), in which words suggesting warmth protrude into space from one side of the picture plane (that is, suspended in space), while words connoting chilliness protrude from the other side. In a fifth departure, numbers were substituted for words, making a poetry that consisted entirely of numerals. A sixth departure involved extended, unbroken strings of letters, "long poems" so to speak, composed of continuously overlapping words, each new word incorporating at least three concluding letters of its predecessor. Six of the "Strings" exist so far - three in English, one in French, another in German, and a sixth in Swedish. Typed out, each is over a hundred uninterrupted inches in length. Published-in public spaces, such as, say, in 4"-high letters along the edge of a train platform, they could be at least two hundred feet long. Related to this is a video poem revealing short words buried within longer words, within the sequential structure available in that time-based medium. There were no doubt other unusual moves in my poetry, some of them less conscious than others, some whose premises were forgotten, and some that were inadvertent by-products of intentional departures; and should a subsequent critic define the departures of my poetry in different ways, or recognize discoveries unfamiliar to me, there is no reason to dispute his or her authority - trust the tale, not the teller.

In the late seventies, I began working with visual forms that are not representational but geometric and thus rigorously abstract. In the cycle whose title poem is "Turfs/Arenas/Fields/Pitches," I put individual words in the four comers of the page and expected poetry to arise from the relationship among them. As is typical with me, once I established a radical premise, I tried a variety of solutions, in part to discover the possibilities of the form. One departure within the form involved eight words, with four in the comers as before, and four others in the middle arrayed like points on a compass; and a step beyond that involved sixteen words, with the initial rectangle divided into identical quarters. One quality these poems have for me is that several years later I still do not know for sure which ones are better, or why. (That is one way of my measuring their innovation; were qualitative distinctions more sure for me, perhaps such poems would not represent such a great departure.) One provocative question that still remains unanswered in my mind is whether these more populous poems are better/richer/more complex than the sparer ones?

Though scarcely finished with this last experiment with the geometric structuring of language, I recently tried several other tactics. The first involved putting two words adjacent to each other, so that they interact not only in terms of meaning but as simultaneous weights on the page, which is to say that they make a duet in which, as in music, adjacent notes may assume varying volumes. A second tactic involved the use of three words, likewise laid out horizontally (though vertical arrays are also feasible), functioning in the same way; to me these are trios. The last recent departure involved the form of the circle (which I had previously used for "Manifestoes," a personal favorite in my earliest work, and for On Holography [1978], my initial hologram, which contains syntactically circular statements about holography). In these new poems I set words only around the circle's circumference, all of their bottoms facing the center; and in some of them also cast progressively smaller second and third circles of words parallel to the outer circles. In all these circular poems, there is an abundance of individual words, all related to each other in various poetic ways, more harmonious than dissonant - all, as in the earlier geometric poems, ideally making more than the sum of their parts. One quality that these last poems share with their rectangular predecessors is that no word is more important to the whole than any other. A fourth category involves finding words within other words, arraying them vertically below their source. "Partitions" I called them for the videotape in which they first appeared (1981), but in print they seem to be solos that should appear before the verbally more populous poems. To my mind, all this is visual poetry, to cite a category I still find useful (while "concrete" has passed), in that the art very much depends upon how the words are displayed on the page and the poems must thus be read as paintings are read, not as lines or other units with beginnings or ends but as fields.

When either the Turfs or these newer poems are published, I prefer that my name not accompany them on their pages; nothing should distract attention from the poetry. However, since no one else is working in these ways, it is possible that my name simply may not be necessary beyond the table of contents. One publisher of a fine poetry magazine told me that she recently gave a fresh copy to an older poet, a professor proud of his conservative prejudices, who upon flipping it open to poems without a name spontaneously exclaimed, "Oh, you publish Richard Kostelanetz." With enemies so sharp, who needs fans to tell you that one of the territories you have staked out for yourself in print does indeed belong to you! One ambition I have as a poet is, in truth, not to repeat my poetic discoveries for profit and prominence but to discover more alternative terrains than anyone before me. I am not done yet.

-1-


--------------------------------------------------------------------------------




Publication Information: Article Title: Preface to Solos, Duets Trios, and Choruses. Contributors: Richard Kostelnetz - author. Journal Title: The Midwest Quarterly. Volume: 37.

Post: #79
Title: منين أجيب أكاديميين؟؟؟المهم ان الذهنية واحدة
Author: osama elkhawad
Date: 08-17-2005, 11:57 AM
Parent: #77

تحدثت يا برنس عن "ادهاش" المليك,
و ينطبق ذلك على ادهاش الاخر,
رغم ان المليك يصنف ضمن الجناح اليميني الاكاديمي
و الدكتور بشرى الفاضل يصنف ضمن الجناح اليساري الاكاديمي

"ما فرقتْ",

المهم ان الذهنية واحدة
ولك ,
ولنا,
ان نتخيل مقدار الغربة والمعاناة الرهيبة التي كان يعيشها اكاديمي من الطراز الرفيع مثل محمد عبدالحي,
وهو في "حوش " واحد مع قطيع الذئاب

وللمراقب ان يقول:

Quote: منين أجيب أكاديميين؟؟؟


وسنعود

المشاء

Post: #165
Title: Re: "العرضة" خارج "الدارة المعرفية":الدكتوران بشرى الفاضل وصلاح الدين الملي
Author: عثمان البشرى
Date: 09-01-2005, 09:09 PM
Parent: #75

يا خواض يا أسامة
يقول الملعون خالد عبدالله:
هل حدث أن خرجت من الحبيبة ممتلأا بها
ممتشقا عطرها الأنثوى؟
- قلت’: كلا.
قال انظر اليا، تكن قد فعلت.
.............................. أحب دينك!!!!!

Post: #184
Title: Re: "العرضة" خارج "الدارة المعرفية":الدكتوران بشرى الفاضل وصلاح الدين الملي
Author: mutwakil toum
Date: 09-04-2005, 11:04 AM
Parent: #75


Post: #78
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Adil Osman
Date: 08-17-2005, 11:52 AM
Parent: #1

الاخ اسامة الخواض. تحياتى.
عندما فكرت فى اعادة ترتيب، تنسيق نصك الشعرى، تساءلت بينى وبين نفسى: هل لدى الحق فى فعل ذلك؟ وقلبت هذا السؤال مرات ومرات فى رأسى قبل الضغط على لوحة المفاتيح. قرّ رايى أنّه طالما كانت هناك قراءات متعددة ومختلفة ومتباينة لاى نص من النصوص، إذن ما المانع من منح هذه القراءات جسدآ يحملها، يظهرها؟
على كل حال، المظهر، الشكل، الذى أظهرت به أنا نصك كان هو قراءتى له فى ذهنى، بلسانى. قلت حسنآ، يجب ان ارتبه، انسقه، وانشره فى الانترنيت على الملأ هكذا. ربما اكون قد خنت النص فى حد ذاته، بعد ما صار مستقلآ عن مؤلفه. وربمااكون قد خنت ما اراد كاتب النص من حيثيات واحداثيات وتصميم لنصه.

الان ما العمل؟
لا ادرى. دعونا نواصل النقاش. دعونا نمعن النظر فى حيوية الاختلاف. وجدواه. دعونا نختلف.
_________________________________

Quote: في حضورك يجتمع الحلم والورد من كل حدب وصوب
يحادثك العاشقوك كفاحا على صهوة من حنين الفراشات للزهر
***
لست نبيا لأفهم سرَّ انفرادك هائمةً في نبيذ الندى
لست صنوا لأسرار حسنك كي أتذاكى بأني نديمك في الناي
لست غزالا لأدرك كنه البهاء ا لمهرول في حاجبيك
و لست حصيفا تماما لأفهم كيف تديرين وحدك هذا الهدوء المرواغ في وجنتيك
وليس لمعجزة البرق من سلّم كي تطال أعالي سناك
وليس لقلبي قواميس تفهم كيف تنامين مرفودةً بالحنين
وزهو الطواويس في العشب وهي تنشِّر أرياشها لغة ً في مديح المكان
ولست خبيرا بشأن الغياب لأفهم معنى انتظاري رعاة الحضور يسوقون قطعانهم بسياط الحنين
****
اذنْ لك أن تسأمي من غرامي "المشاتر"
من عبثي بالكلام
و أن تغضبي من حديثي المتأتي –في قمة السُكر- عن سرِّ سرِّك
من لغطي حول جدوى التشاؤم للناس والطير من كل لون وجنس ودين
ومن شغفي باقتناص الفكاهة من كل حرف
ومن رغبتي في سماع "أحبكَ" في كل ثانيةٍ
****
باسمك العنبري ,سنفتتح الطقس
نذبح أسماء من سحلونا ومن عذبونا
ومن علقوا صور الله في طرقات الجحيم
نبدل طقس الوضوء بمضمضة القبلات
لأن المحبة سوف تكون الاهة ايامنا القادمات
******________________

Post: #80
Title: احمد لك انك اثرت مسالة تنسيق الصفحة الشعرية-مفهوم بعض المتاكدمين السودانيين لسيميولوجيا الصفحة
Author: osama elkhawad
Date: 08-17-2005, 01:58 PM
Parent: #78

عزيزنا عادل

سلامات وعوافي

احمد لك انك اثرت مسالة تنسيق الصفحة الشعرية,
من خلال ما ارتايت انه تنسيق جديد للصفحة الشعرية
ولهذا احببت ان استغل هذه السانحة المهمة,
كي اسلط الضوء على مفهوم بعض المتاكدمين السودانيين لسيميولوجيا الصفحة الشعرية,
ومدى التخريب المعرفي,
الذي قام به المتأكدمان,
القادما ن من اليمين واليسار على حد سواء

وهو كلام يندرج ضمن محاولات المتداخلين هنا وعلى راسهم مازن وعبد الماجد وحاتم,
في اجراء حوار مع مؤلف النص,
والتفاكر حول قضايا مهمة تتعلق بالكاتب السوداني ونشأته ودوره,و موقعه الاجتماعي

واعتقد ان الانترنت قد فتح سانحة لكي يناقش القراء المؤلفين وبشكل مباشر يختلف عن شكل الكتابة التقليدية
واهو نحن بنحاول مع اولئك الفتية الجميلين ان نؤسس بوستا ذا محتوى مختلف
و هو جزء من تاسيس ثقافة الاختلاف والسجال

نعود الان الى مداخلتك

قلت عزيزي:

Quote: إذن ما المانع من منح هذه القراءات جسدآ يحملها، يظهرها؟


المانع هو انك لم تبرر ما قمت به
فهنالك حدود للتاويل
واذا ما ركنا الى ان
Quote: هذا فهمي وما تناقشني فيهو,وما تسالني وصلت ليهو كيف
,
فستكون هنالك ملايين التنسيقات للنص الشعري,
والكل يدعي صحتها بحكم ان هذا ما تراءى له
ولذلك حتى نقفل هذا الباب الذي ستاتي منه رياح غير طيبة,
طالبتك بتبرير ما قمت به
وهذا من ابجديات القراءة

ولذلك اجد ان كلامك الاتي ينصب في خانة :
دا الوصلت ليهو ,وما في زول يقول لي وصلت ليهو كيف:

Quote: على كل حال، المظهر، الشكل، الذى أظهرت به نصك كان هو قراءتى له فى ذهنى، بلسانى. قلت حسنآ، يجب ان ارتبه، انسقه، وانشره فى الانترنيت على الملأ هكذا. ربما اكون قد خنت النص فى حد ذاته، بعد ما صار مستقلآ عن مؤلفه. وربما قد اكون خنت ما اراد كاتب النص من حيثيات واحداثيات وتصميم لنصه.


اما كلامك الاتي:
Quote: ربما اكون قد خنت النص فى حد ذاته


فارى انه غير مقبول
اذ ان النص له منطقه الخاص

فمثلا لا يمكنني ان اؤلف فصولا جديدة لموسم الهجرة الى الشمال,
بحجة ان من حقي ان اتلاعب بالنص ,كما يحلو لي

يمكنك في حالة نصنا الشعري,ان توزعه لاعتبارات متعلقة بالدلالة,
لكن لا يمكنك مثلا ان تجعله مصرعا
فهو مدور موسيقيا ,
وهذا هو قصد النص

وفي انتظار تعليقك

وحتى ذلك الوقت ,
سنواصل كشف الحجب من خلال اراء الدكتورين الفاضلين:
بشرى الفاضل
و
صلاح الدين المليك

مع مودتي

المشاء

Post: #81
Title: ما المشترك بين الدكتورين????
Author: osama elkhawad
Date: 08-17-2005, 04:08 PM
Parent: #80

ما المشترك بين الدكتورين :
بشرى الفاضل
و
صلاح الدين المليك؟


سؤال سنجيب عليه لاحقا

المشاء

Post: #82
Title: لا في 'العير" النقدي, ولا في "النفير العلمي",
Author: osama elkhawad
Date: 08-17-2005, 05:46 PM
Parent: #81

تخريمة:
قبل ان نعود الى اثبات ان كويتبنا في مسيرته "الملكْلكة" كي يصير كاتبا,
اصبح لا في 'العير" النقدي ولا في "النفير العلمي",
عبر محاولته امتطاء الكي بورد,

نورد ما قال به حقا الصديق الاستاذ عثمان محمد صالح:

Quote: الكتابة كدح في مبدا التحليل وآخره
إمتلاك كيبورد لا يحول المرء بين ليلة وضحاها لكاتب


وسنعود

ارقدوا عافية

المشاء

Post: #83
Title: المشترك بين الدكتورين الفاضلين
Author: osama elkhawad
Date: 08-17-2005, 08:04 PM
Parent: #82

المشترك بين الدكتورين الفاضلين

ينتمي كل من الدكتورين بشرى الفاضل و صلاح الدين المليك الى مؤسسة اكاديمية واحدة هي جامعة الخرطوم,
وكل منهما ينتمي الى كلية الاداب
فصلاح الدين المليك كان محاضرا في قسم اللغة العربية
وبشرى الفاضل كان محاضرا في قسم اللغة الروسية
ورغم تباين الاجيال الاكاديمية فهما قد اتفقا في تتفيه سيميولوجيا الصفحة الشعرية

وقد نجد العذر للمليك,رغم انه قد نشر كتبا,بخلاف بشرى الفاضل,الذي ظل بيروقراطيا طيلة حياته الاكاديمية,باعترافه شخصيا,اذ انه يرى انه مبدع,ولا وقت له للبحث الاكاديمي والترجمة

قلنا قد نجد العذر للمليك لانه اصلا ينتمي الى قسم محافظ

وقد لخص روائينا الحسن بكري حال قسم اللغة العربية ,
في مداخلته في بوست "البنيوية" حيث قال:

Quote: أسامة الخواض أشار لتقليدية المؤسسات الأكاديمية ومحافظتها،
وهذا ينطبق على وجه الخصوص على أقسام اللغة العربية والفلسفة بجامعة الخرطوم.
لقد لعب دكتور عبدالله الطيب دوراً أساسياَ في تكريس قيّم المحافظة التي تسم المناهج ومواضيع البحث وطرق التدريس ونوع الأساتذة بقسم اللغة العربية,
مما أدى في رأيي لتخلف أدوات النقد الأدبي بالجامعة وبالسودان على نحو عام


فالمليك محسوب على الجناح الاكاديمي المحافظ بصفته التي لخصها الحسن بكري
فكونه غارقا في بحر المحافظة يجد له العذر,وليس هنالك من عذر مقبول,
ولكن باعتبار السياق الاكاديمي المحافظ الذي نشأ فيه ا لمليك
اما بشرى الفاضل فهو سليل الثقافة الروسية التي لها مساهمة متميزة في رفد المقاربات النقدية الحديثة
بشرى محسوب على الجناح الاكاديمي اليساري,رغم انه لاحقا انكر اية علاقة له باليسار,
والذي ساهم –اي اليسار-بدرجة ما –في تصعيده ككاتب

و هو بشهادته لم يكتب بحثا اكاديميا واحدا بعد نيله للدكتوراة
ولم يساهم في الحياة الثقافية من خلال الترجمات او اية مساهمات أخرى ,
ما عدا ما كتبه كرد على ما سمى ب:
حوار مع البنيويين السودانيين
الذي اجراه ملحق الايام الثقافي
وحتى رده ذاك يكشف عن عدم خبرة في مسائل الرد والسجال
فهو لم ينتظر نهاية الحوار,
وانما حمل ما كتبه الى جريدة الايام وهو مصر على نشره رغم ان الحوار لم يكتمل
و قد نشرته له الايام ربما بدافع "تحرير" السوق الثقافي

و...نواصل

المشاء

Post: #84
Title: Re: المشترك بين الدكتورين الفاضلين
Author: osama elkhawad
Date: 08-17-2005, 10:22 PM
Parent: #83

في انتظار الصديق عادل عثمان,
و بقية المتداخلين تحت سقف الوردة

وسنعود للحديث عن راي الدكتورين الفاضلين في سيميولجيا الصفحة الشعرية

ارقدوا عافية

المشاء

Post: #85
Title: Re: المشترك بين الدكتورين الفاضلين
Author: mazin mustafa
Date: 08-18-2005, 05:57 AM
Parent: #84

الاعزاء تحت سقف الوردة..

مشغول لدرجة انني لم اتمكن من قراءة كل المكتوب...

مريت اسلم علي الجميع...

وارفع البوست شوية..

وحارجع في اول فرصة..





مع محبتي..

Post: #86
Title: وانت وبقية التشكليين : خالد كودي واحمد المرضي و الباقر موسى مطلوبين بشدة لما نجي نناقش الكويتب
Author: osama elkhawad
Date: 08-18-2005, 11:12 AM
Parent: #85

مازن
شكرا على العفريتة

وانت وبقية التشكليين في البورد مثل الاصدقاء خالد كودي واحمد المرضي و عمردفع الله و الباقر موسى

مطلوبين بشدة لما نجي نناقش الكويتب عن سيميولجيا الصفحة الشعرية وعلاقة الفضاء البصري بالفضاء

الدلالي

وبالذات الصديق خالد كودي لانو عندو تجربة مع نص شعري لمحمد محيي الدين هو:
سبع لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر

كما عملنا مع بعض بروفات في فيلادلفيا لنص شعري لي هو:

رجاء لسيدة الوقت

حيث تنعكس صور معينة باتفاقنا معا على شاشة البروجيكت ,في اثناء القائي الدرامي للنص الشعري

وارقد عافية
وشكرا على "تعتيل "البوست,

ومرحبا بكم جميعا "تحت سقف الوردة",

او كما قال مازن

المشاء

Post: #87
Title: لست في حاجة لكشف تهافت الدكتور المليلك في حديثه عن سيميولوجيا الصفحة الشعرية عند محمد عبد الحي
Author: osama elkhawad
Date: 08-18-2005, 04:13 PM
Parent: #86


لست في حاجة لكشف تهافت الدكتور المليك في حديثه عن سيميولوجيا الصفحة الشعرية عند محمد عبد الحي و التصميم الذي صدر به الديوان,
وهو من اختيارات محمد عبد الحي ,كما هو واضح,
و استنادا على ما قال لي به الصديق الناقد والشاعر عبد ا للطيف على الفكي,
انه في حديث مع محمد عبد الحي في مكتبه في كلية الاداب جامعة الخرطوم,
صرح له
Quote: بانه يصدر دواوينه الشعرية ويختار تصميمها بالطريقة التي يراها


فعبد الحي من الملمين بالشعر العالمي بشكل جيد
ولهذا لم يحصر تجريبه الشعري في حدود الشعر العربي,
ولا في حدود الحاردلو الكبير الذي لم يحضر عصر الطباعة في السودان,
و هذا ما غاب عن كويتبنا

اذ ان الشعر مرتبط بسياق تاريخي متنوع ومتعدد بحسب تعدد الثقافات الانسانية,
وايضا بحسب التطور التكنولوجي مثل اختراع الطباعة و اختراع الفيديو والانترنت,
وكذلك علاقته بالفنون الاخرى مثل السينما و الفنون التشكيلية بانواعها

وما دهشة البرنس المشوبة بنفس ساخر وحزين,
لما الت اليه افهام بعض متأكديمنا,
الا جزء من تعبير موجز عن الحالة المعرفية الرثة لافهامهم

وسنختار بعضا من اقوال المليك ,
كشاهد على انه اصلا لا يعرف مفهوم سيميولوجيا الصفحة الشعرية,
ولهذا فهو يعرض خارج الدارة المعرفية,
مثلما عرض بعده بعد اكثر من ربع قرن الدكتور بشرى الفاضل في محاولته البائسة لتعلم "الحجامة " النقدية:

Quote: ولهذا لنا أن نستغرب إخراج الكتيب في هذا الحجم وبهذه الصورة وربما نستغرب أكثر عندما نتصفح الكتيب فنجد أن نصف كل صفحة منه خلا تماما خلوا كاملا من اية كلمة،
وأن الأبيات طبعت في النصف الأيمن فقط من كل صفحة وظل النصف الأيسر خاليا أبيض ناصعا في وقت ندر فيه الورق الأبيض الناصع الصقيل وغلا ثمنه وهذا أيضا ما يدعونا للاستغراب والحيرة.


ثم يقول للتعبير عن انه حاول ان يجد تفسيرا لذلك:

Quote: إننا تساءلنا وسألنا عن كل ذلك فلم نجد جوابا مقنعا ولا ردا شافيا

والجواب الشافي والرد المقنع كانا موجودين,
لكنه لا يقرأ جيدا,
اذ انه منحصر في كواليس ثقافته المحافظة المتحجرة

وحين اعيته الحيلة قال الاتي, باعتبار ان ما قام به مبدعنا الكبير واكاديمنا الرفيع محمد عبد الحي,هو مجرد أمر شكلي:
Quote: ولايسعنا إلا أن نخلص إلى أن هذا الأمر ـ أمر إرخراج الكتاب في هذه الصورة ـ أمر شكلي


ثم صرح بانه لم يكن يريد شراء الكتاب,لولا بعض الاسباب:

Quote: ولو لم نكن من المشغوفين بالأدب عامة، والسوداني خاصة، لو لم نكن من المشتغلين بدراسته وتدريسه والنظر في كل ما ينشر عنه لما شرينا هذا المؤلف مع أن ثمنه زهيد فهول لا يعدو الثلاثين قرشا لكن الموضوع هام لأنه يمس جانبا مشرقا من تاريخ السودان القديم كما أن المؤلف مثقف مشهور"


المشاء

Post: #88
Title: concrete poetry
Author: osama elkhawad
Date: 08-18-2005, 04:20 PM
Parent: #87

A link about :
concrete poetry
http://jdc-concrete.com/HISTORY.HTM
Alamshaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaa

Post: #89
Title: Re: concrete poetry
Author: newbie
Date: 08-19-2005, 04:57 AM
Parent: #88

مدهش انت يا خواض

Post: #90
Title: Re: concrete poetry
Author: Adil Osman
Date: 08-19-2005, 11:24 AM
Parent: #89

لقد وضحت يا خواض السبب الذى دعانى الى تنسيق نصّك، بفتح النون، على النحو الذى اظهرته به انا هنا. هذا النحو هو الطريقة التى قرأت بها انا نصك. الموسيقى، والالقاء. Recitation كما يقولون فى الانقليزية. والتنغيم والتوناليتى Tonality .
انا لم اضف ولا كلمة واحدة لنصك. ولكننى اعدت ترتيبه Rearranged . ولهذا تساءلت هل من حقّى ذلك. ومنكم نتعلم. ومن الحوار الحر، تتسع الرؤية.
لى تعليق على تنسيق ردك على مداخلتى. انت اوردت مقتطفات مما كتبته انا فى المداخلة بين علامات الاقتباس. ثم زدت علي ما اقتطفته كلامآ يبدو كما لو كتبته انا من ضمن المقتطفات. وهو ليس كلامى. لم اقله. ولم اكتبه. ولا اعتنقه فى الرأى. ولكنه يبدو، على النحو الذى اظهرته به انت، كأّنه من جملة كلامى. وهذا ايهام. ليس مقصودآ بطبيعة الحال، أو هكذا ظننت. وإنّ من الظنّ إثم يا صديقى.

Post: #91
Title: Re: concrete poetry
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-19-2005, 12:15 PM
Parent: #90

Quote: ولك ,
ولنا,
ان نتخيل مقدار الغربة والمعاناة الرهيبة التي كان يعيشها اكاديمي من الطراز الرفيع مثل محمد عبدالحي, وهو في "حوش " واحد مع قطيع الذئاب

Post: #92
Title: Re: concrete poetry
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 08-19-2005, 01:48 PM
Parent: #91

صديقنا الاكبر وجعا...وابداع..
الغجري المتمرد...الخواض..
سلام يشبهك...
حروفك ابدا تعلمنا ان نحبس انفاسنا في قيود اقامتها..
ورؤاها المنفتحة علي المدي...
وأنت هناك تشاكس اقدارك وتنال منها ماتريد...
وكل الطرقات تعود اليك ايها المشاء كما روما...
شكرا لك...
وشكرا لتلك القامة التي تهبنا يوميا معاقلا للنور...والابداع...
شكرا ليك وانت تتبع أثار قبلات الشمس_بحروفك_لوجنات الوردة...
وساعود بقراءة متأنية متي ما افرج الزمن الخائب عن فخذيه...
أو ربما..........
غدا...
فالسبت اخضر...
أجمل..
أكمل...
أو حسب "القعدة"...ووجود الشفاه الملتهبة والخصر الذي علي ضفافه اصحو...!
أسعدنا جدا تداخل صديقي وطرق بوابة الاشرعة المتعلقة بالكلام الضارب في العمق...
صديقي عبدالماجد فرح يوسف وهو يتلبس بروح الطفل الذي يسكنه...
وصديقي ورفيق الدرب والقلم..أب "صوفة" صاحب العزف الكافر نديم الكاس حاتم الياس...
ولأمير الكلام البرنس في الاحترام حق...
حتما لم يكن هناك سوي اكبار سيسجل في اخر السطر...
ساعود...
سلملم...

Post: #93
Title: نرحب بصديقنا محمد جميل وهو يتبوأ مقعده تحت سقف الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 08-19-2005, 02:30 PM
Parent: #92

نرحب بصديقنا محمد جميل وهو يتبوأ مقعده تحت سقف الوردة
ونرحب بسماهماته القادمة ,

وعلى شرفه ساهدي له ترجمتي القادمة عن شعر الفيديو Video Poetry

وسنعود لنيوباي والبرنس

سلام

وارقدوا عافية

المشاء

Post: #94
Title: "الكويتب في منجرته":ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة?????
Author: osama elkhawad
Date: 08-19-2005, 03:15 PM
Parent: #93


سنعود للرد على "الدكتور" بشرى الفاضل ,
في سلسلةٍ بعنوان:

"الكويتب في منجرته"

ومن حينٍ لاخر سنبسط مقالات وشهادات لها علاقة بمسالة:
سيميولوجيا الصفحة الشعرية ,وتطور الشعر ووسائطه

وسنبدأ ذلك ببضع ملاحظات حول بواكير بشرى الفاضل النقدية
وهي في الحقيقة باكورة واحدة –مثلها في ذلك مثل "بيضة الديك"-
تحت شعار :
تعلم "الحجامة النقدية" عبر الكي بورد
وفيها -أي في تلك البيضة-,
حاول ان يدغم روحه النقدي في ون شتOne shot كما يقول الخواجات,
لكنه عندما استراح في اليوم التالي,
اكتشف انه لم يفعل سوى انه قد ازهق روحه كلها بالكامل.

وقبلها سنتحدث عن انعدام مساهمته كاكاديمي ,
وكأديب في الحركة الثقافية السودانية

وقد نعود اليه كمثالٍ للراوي في "موسم الهجرة الى الشمال"
وفي انه لم يقل للقراء ,
ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة

وفي مقدمنتا للرد على "الكويتب" سنورد شهادة كل من عبد الله بولا,
والنور حمد

وما بعرف هل سيصدق الناس"كويتبا" مثل بشرى,
وهو قد انجز في السرد,
وشعره بالدارجية ,
ولا اقول بالفصحى*,

ام يصدقون "كاتباً" بامتيازٍ مثل :
عبد الله بولا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ارقدوا عافية

المشاء

*في نقده التوشي لمقدمتنا ,حاول الكويتب في اخر دعاواه ان يقول:
Quote: الحمد لله رب العالمين
لانني أشعر من محمد محيي الدين

-وهكذا عزيزي ا لقارئ انت تعرف ان المصائب لا تأتي فرادا

Post: #95
Title: Re: ;الكويتب في منجرته":ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة?????
Author: osama elkhawad
Date: 08-19-2005, 03:35 PM
Parent: #94

عزيزي نيوباي

كنت قد وعدتنا في وقت سابق بان تنضم الى ساحة النقاش

مرحبا تحت سقف الوردة

المشاء

Post: #96
Title: Re: ;الكويتب في منجرته":ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة?????
Author: osama elkhawad
Date: 08-19-2005, 05:24 PM
Parent: #95

قال العزيز عادل:
Quote: لى تعليق على تنسيق ردك على مداخلتى. انت اوردت مقتطفات مما كتبته انا فى المداخلة بين علامات الاقتباس


صحيح انك لم تقل ذلك,لكنني افترض ان شخصا ما قد يقول ذلك,
ولذلك اوردته كاقتباس

و سترى ذلك في ما اوردته عن الكويتب حين قال:

Quote: الحمد لله رب العالمين
انني اشعر من محمد محيي الدين


هو لم يقل ذلك صراحة,
ولكن في كلامه عن ان جيلنا قد ضحى بالشعر على حساب التشكيل,
ما يوحي بانه يقلل من شعر اؤلئك الشعراء

والكويتب في شعره الفصيح,
لا يساوي ظفر اي من الشعراء الذين تحدثت عنهم في مقدمتي للرحيل على صوت فاطمة


ثم قلت عن المنطق الذي جعلك تنسق نصي الشعري بتلك الطريقة:
Quote: لقد وضحت يا خواض السبب الذى دعانى الى تنسيق نصّك، بفتح النون، على النحو الذى اظهرته به انا هنا.
هذا النحو هو الطريقة التى قرأت بها انا نصك. الموسيقى، والالقاء. Recitation كما يقولون فى الانقليزية. والتنغيم والتوناليتى Tonality .
انا لم اضف ولا كلمة واحدة لنصك


كلامك عن الموسقى ليس صحيحا تماما,
فانت في الجزء الثاني قد كسرت موسيقى النص ,
ولا ادري ما هي علاقتك بالعروض؟؟؟

اما عن الالقاء ,
فهو غير واحد,
وله طرق عدة ,
لكنه يحاول دائما الا يخون النص الشعري,
ولي في ذلك محاولات ,
ولك ان تذهب لبوستي عن الديوان الاسفيري,
لترى مقدار الجهد الذي بذلته كي اكون ملقيا للشعر من مقام اكثر من جيد كما يقول متابعو القائي الشعري

انا مع القراءات المتعددة اذا كان ان النص اصلا يتيح ذلك ,
فهنالك نصوص كما يقول التفكيكيون هي اصلا نصوصا مقروءة سلفاReadable لا تحتمل اكثر من قراءة واحدة صمدية

وحتى في كلامك عن التنغيم فانك لم تبرر ولم تثبت كيف و صلت الى ذلك
واراك توافقني في ان القارئ لا بد له من تبرير قراءته,
والا فان الأمر سيتحول الى امر باطني ,
لكل ان يقول ما يريده ,وهو في حل من اثبات ما قاله
لك تقديري
ومحبتي
وشكرا لانك "حرّرتَ " البوست باشارتك الى سيميولوجيا الصفحة الشعرية,
مما نبهني الى ما قال به المتأكدمان الفاضلان:
بشرى الفاضل
و
صلاح الدين المليك

ارقد عافية

المشاء

Post: #97
Title: وهل كان "الكويتب " أوف بوينت؟؟؟؟Off point
Author: osama elkhawad
Date: 08-19-2005, 06:44 PM
Parent: #96

وهل كان "الكويتب " أوف بوينت؟؟؟؟Off point

سنجيب على هذا السؤال لاحقا

المشاء

Post: #397
Title: عداء الموت-تشابه ما بين أمل دنقل ودرويش في علاقتها بالموت
Author: osama elkhawad
Date: 11-24-2005, 11:52 PM
Parent: #97

سنورد تباعا نصوصا شعرية لامل دنقل عن علاقته بالموت,
وهي نصوص تحكي عن الموت من وجهات نظر متعددة,
الى ان تصل الى الحكي عن علاقته المباشرة بالموت
وهو نقس المنحى الذي سارت فيه تجربة درويش

هذا لا يعني تطابق التجربتين الشعريتين ,
وانما يعني ان هنالك تشابها ما
كما ان ذلك يعكس مناخ "الموت" الذي تتسم به المجتمعات العربية,
كل من منطلقه

سبق ان أشرنا الى ذلك في مقدمتنا لديوان محمد محيي الدين ,
حين تحدثنا عن عن مواجهة الموت ,نقلا عن منير العكش
وقلنا في ذلك:
Quote: (د) ما هي علاقة السؤال والجواب بين هذا الخطاب الشعري والواقع؟قرأ هذا الخطاب الشعري سؤال الواقع.وأجاب عليه في متنه الذي أسسه, ليمارس القارئ بعد ذلك قراءة أخرى لمتن الخطاب الشعري..والاجابة تندغم في فضاء القصيدة العربية الحديثة المعادية للموت.. يقول محمد محيي الدين في مشروع بيانه الشعري "باعتقادي أن القصيدة العربية الحديثة تحمل اليوم عبء الانسان العربي بكل استلابه وقهره وغربته ولا أنسنته, وهي تحمل أيضا عبء نفسها وعبء العملية الفنية"...هذا الخطاب الشعري يؤسس في معاداته للموت النص الشعري المفتوح, ويعادي أيضا شفافية النص المتدثرة بأسمال الواقعية في أردأ نماذجها , أنه مشروع يتعلق بمشروع الحداثة العربي- وكما يقول العكش- "كان عداء الموت من أهم معايير الحداثة, عداء الموت على مستوياته وأشكاله كافة, لا بصورته الفردية المحتومة".


راجع كمثال :
Quote: التجول بين المزامير واللون في حديقة الذهول

لمحمد محيي الدين
وهو نص شعري في رثاء الشاعر الكبير :
ادريس جماع
وسنعود
المشاء

Post: #98
Title: Re: ;الكويتب في منجرته":ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة?????
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 08-19-2005, 06:48 PM
Parent: #96

حتما ساعود ياخواض....
مادمت انت تبدع في السياق بذهول مبسط....
فهذا النص يدفع بالشكل السردي الي اتجاهات عدة...
فلقد جاء باكثر من دلالة...
تجاوز سطح الادراك...
فحملته كـــ مؤونا في هذا الفقر الممتد...
ولعل ادهاشة النص تنبعث من شتات الادراك...
ساعود...
ولكن بعد المزيد من عكننة القراءة....
وبعد ان اتجول في الازقة الخلفية...
لان النص مهووس بالابداع...والرمزية....
ولا يعترف باللوغريثمات.....
فما دمت مبعثرا الان...ساترك اثار كأسئ هنا..
ويوما ما سامارس التحليق هنا...
سلملم...

Post: #99
Title: Re: ;الكويتب في منجرته":ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة?????
Author: elfaki
Date: 08-19-2005, 07:46 PM
Parent: #98

صديقنا الذي لا يـُمَـلُّ : أسامة ،،،في قولك هذا :

Quote: و قبلها سنتحدث عن انعدام مساهمته كأكاديمي و كأديب في الحركة الثقافية السودانية


يرجع ضمير الغياب في كلامك إلى صديقنا القاص (بشرى الفاضل) حسب سياق كلامك . أما قولك ( عن انعدام مساهمته كأديب ــ هكذا وردت عندك ــ في الحركة الثقافية
السودانية ) ففيه اجحاف كبير لبشرى الفاضل . هذا اجحاف ــ يا أسامة ــ لأن بشرى له اسهام كبير في الحركة الثقافية السودانية كقاص . هذا لا يخفى على أحد . أما الاجحاف فهو مؤلم لشخص الكاتب . أعرف تماماً طعم هذا الاجحاف . و أعرف كذلك حساسية شخص (بشرى) عليه . فنوع هذا الهجوم أطلق عليه دائماً [ هجوم الفتون ] .. فهذه من الفتون يا أسامة .. أرجوك أن تتجنب الفتون .. و كن في سماحة ( لاهوت الوردة ) لي حديث قد لا يطول معه ــ إن سمح الوقت ــ لكنه قد يفيد كما أظن ؛ و كما استفاد كثير من قرائك من سماحتها و سماحة تعليقاتك .
كن في انتظاري ــــ حتى تسمح صروف دهري :
و هذا عبد اللطيف علي الفكي يحييك من هنا .


Post: #100
Title: Re: ;الكويتب في منجرته":ما هو موضوع رسالتيه للماجستير والدكتوراة?????
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-19-2005, 08:04 PM
Parent: #99

عزيزي عبد اللطيف:

القراء هنا يعذر أغلبهم أسامة إن تطرف هنا أوهناك. فبشرى لم يخرجه فقط من جنة النقد بل حكم عليه بضعف الموهبة نفسها (شاعر متوسط الموهبة). فعل ذلك بقسوة أشبه في زعمي بإنتقام كان من الممكن تجنبه بصورة وأخرى. وهذا لا يليق بكاتب كبير (عن حق) مثل بشرى. لذا ليس عدلا أن تنظر إلى المسألة من جانب أسامة فقط. وعلى أية حال لم تكن الملابسات التي قادت إلى مثل هكذا وضع بمثابة حوار ما. هذا ليس تبريرا لصالح أسامة. وإنما وصف لحالة عامة من اللا توازن قد أكون أنا أحد أطرافها وقد يكون (الصمت اللطيف نفسه في وقت الحاجة إلى الكلام). محبتي.

Post: #101
Title: وما رايك في ما قاله بشرى عنكم ,في ملحق الايام?ظللت صامتا- لم تقل بشهادتك عن البنيوية
Author: osama elkhawad
Date: 08-19-2005, 08:09 PM
Parent: #99

عزيزي لطيف
اتشرف بانك قد اتيت هنا للمشاركة,
ولكنك في المقابل ظللت صامتا,
لمدة طويلة,
ولم تقل بشهادتك عن البنيوية هنا ,
وهي شهادة اكبر مما تحاول ان تقول به عن بشرى الفاضل

لم تتحدث عن بشرى,حين كان يلحقك بي,
ضمن
Quote: اسامة وصحبة
,
وضمن
Quote: النقد الاساموي
,

ولم تتكلم عن بشرى حين قال انك
Quote: صفر في النقد

و أجدك لم تتابع ما قلت به عن انني لا اتكلم عن بشرى كمبدع,
فقد قلت:
Quote: وما بعرف هل سيصدق الناس"كويتبا" مثل بشرى,
وهو قد انجز في السرد,
وشعره بالدارجية
,

ربما انك اخترت ما قلت به عن مساهمات بشرى كاديب,
وربما فهمتها خطا او ان ما قلت به قد يتيح ذلك
فقد كنت اقصد ان بشرى هو اديب وليس كاتبا,
وليس اكاديميا
ولي ان اسالك ,
هل بشرى أكاديمي في قامة او قل نصف او قل ربع او قل ثمن محمد عبد الحي؟

وما هو رايك في ما قاله من كلام عن انه لم يجسر,
وهل تحترم مثل هذا الراي؟


وما رايك في ما قاله بشرى عنكم ,
في ملحق الايام,


لا تكن احاديا,

واتمنى ان اسمع رايك
مع محبتي
المشاء

Post: #102
Title: مزغة من قلبي قد حرقت:ملحق عن ردي على الصديق عبد اللطيف
Author: osama elkhawad
Date: 08-20-2005, 00:10 AM
Parent: #101


فاتني ان اقول انني حقيقة اندهشت من ردك,
ويبدو انك على عجلة من لم يقرأ البوست كاملا,
قلت ما قلت به

كنت اتوقع ان تتحدث عما قلته ,نقلا عنك:
Quote: و استنادا على ما قال لي به الصديق الناقد والشاعر عبد ا للطيف على الفكي,
انه في حديث مع محمد عبد الحي في مكتبه في كلية الاداب جامعة الخرطوم,
صرح له
بانه يصدر دواوينه الشعرية ويختار تصميمها بالطريقة التي يراها


كما كنت اتوقع ان تحدث القارئ عن سيميولوجيا الصفحة الشعرية,
وانت من المتخصصين في شئون النظرية الادبية

وهنالك شق مؤجل عن تأسيس اتحاد الكتاب ,وهو ثمرة تفكيرنا معا,وكنا اصحاب الفكرة,
ومن المؤسسين لها

اضافة لشهادتك عما كتبه بشرى قبل ان يكتمل الحوار معكم في الايام الثقافي

ارجو ان ترجع لنا

واغفر لي ان بدوت غاضبا,
وانا فعلا كذلك ,
فمزغة من قلبي قد حرقت

لكنني ساواصل البوست

مع تقديري

المشاء

Post: #103
Title: تجليت في هذا
Author: HOPEFUL
Date: 08-20-2005, 00:25 AM
Parent: #102

لاهوت وردتك شغفت به كل النساويت
والقرابين كانت كافية لترضي اله المحبة

تجليت يا اسامه في هذا العمل بصورة اذهلتني جدا جدا
ولا ابالغ


مزيدا من الجمال

Post: #104
Title: Re: تجليت في هذا
Author: mazin mustafa
Date: 08-20-2005, 01:28 AM
Parent: #103

لم اقم ببحث مدي تأثير بشري الفاضل علي القصة السودانية..

وان كنت اعتقد ان اي كتابة هي اضافة ولو كمية ..

وبالتالي لا يمكن الحديث عن صاحبها باعتباره غير مؤثر!!!!

ولكنني تابعت تلك المعارك...
ووجدت استخفافا من اكاديمي قديم لمناهج اثرت,بما لا يدع مجالا للشك, في السابق واللاحق والمعاصر من مناهج البحث..
ولا استطيع احترام معرفة من يتحدث عن نصوص جاك دريدا باعتبارها مجرد "سياحة داخل الغموض"..
استطيع ان اجزم بابتعاده عما نصطلح علي تسميته بالمعرفة,بغض النظر عن تاثيره في ال%D

Post: #105
Title: Re: تجليت في هذا
Author: mazin mustafa
Date: 08-20-2005, 01:29 AM
Parent: #103

لم اقم ببحث مدي تأثير بشري الفاضل علي القصة السودانية..

وان كنت اعتقد ان اي كتابة هي اضافة ولو كمية ..

وبالتالي لا يمكن الحديث عن صاحبها باعتباره غير مؤثر!!!!

ولكنني تابعت تلك المعارك...
ووجدت استخفافا من اكاديمي قديم لمناهج اثرت,بما لا يدع مجالا للشك, في السابق واللاحق والمعاصر من مناهج البحث..
ولا استطيع احترام معرفة من يتحدث عن نصوص جاك دريدا باعتبارها مجرد "سياحة داخل الغموض"..
استطيع ان اجزم بابتعاده عما نصطلح علي تسميته بالمعرفة,بغض النظر عن تاثيره في القصة السودانية..

من خلال تلك المعركة(وان كنت لا ارغب ان نرجع لفتح صفحات خلافات قديمة,بقدر الرغبة في ان يقدم هذا البوست معارف جديدة,وحقيقية للجميع)..
من خلال تلك المعركة استطيع ان المح تبادل اتهامات هائل..واقصاء بلغ حدة جعلت البوست عصي علي القراءة...

امل ان نواصل تحت سقف الوردة..
لا علي هامشه...


مع محبتي...

Post: #106
Title: Re: تجليت في هذا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-20-2005, 10:11 AM
Parent: #105

إلى حين عودة المشاء بفصاحته ولسانه الطويل وجمال إبداعه!.

Post: #107
Title: Re: تجليت في هذا
Author: osama elkhawad
Date: 08-20-2005, 11:45 AM
Parent: #106

نعود ,
وقد اتاخر لانني ساكون في زحمة عمل لمدة ايام

اقوم الان بترجمة شهادة شاعر عن حضورة لمهرجان شعر الفيديوVideopoem Festival في فانكوفر بكندا سنة 2000 ,

ساهدي هذا الترجمة الى محمد خليفة محمد جميل
و
عبد ا لحميد البرنس شيخ مبدعي بورداب كندا,نفعنا الله بابداعاته

فقط سارد على هوبفل حين قال:

Quote: لاهوت وردتك شغفت به كل النساويت
والقرابين كانت كافية لترضي اله المحبة
تجليت يا اسامه في هذا العمل بصورة اذهلتني جدا جدا
ولا ابالغ
مزيدا من الجمال


شكرا يا هوبفل ,
وسرني ان هذا النص قد ادهشك

محبتي وتقديري

المشاء

Post: #108
Title: Re: تجليت في هذا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-20-2005, 02:58 PM
Parent: #107

طبت (في شقاء الكلمة) في حضورك وغيابك.. وأنا الآن أغيب معك (قليلا) لتلبية نداء الكتابة في مكان آخر.. وهذه رغبة ملحة منذ عام تقريبا أراوغها.. وسلام على المشاء(العظيم) في العالمين.. محبتي لله والكون والبشر ولك أنت القائل:

البلاد التي قتلت عاشقيها
البلاد التي عشقت قاتليها









تخريمة:

تذكر دائما أننا على أية حال لسنا ضحايا!.

Post: #109
Title: Re: تجليت في هذا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-20-2005, 07:28 PM
Parent: #108

على سبيل الإضافة أو"المشاترة":

وجها لوجه، لم أقابل حتى الآن كاتبا جثمت وطأة الزمن على كاهله بكل ثقلها المخيف المهلك سوى (عادل القصاص). إن ما يجري في داخله منذ فترة أمر عظيم. وكان الله في عونه كإنسان!.

Post: #110
Title: Re: تجليت في هذا
Author: mazin mustafa
Date: 08-21-2005, 04:29 AM
Parent: #109

UP
الي ان يجيء الخواض...

Post: #111
Title: استطيع ان اجزم بابتعاده عما نصطلح علي تسميته بالمعرفة
Author: osama elkhawad
Date: 08-21-2005, 10:37 AM
Parent: #110

عزيزي مازن
سلام

ارسلت اليك ايميلا يساهم في تدعيم البوست ,في كلامنا عن العلاج النفسي من خلال الاستفادة من الفنون والاداب
وهو عن العلاج النفسي بواسطة الشعر,
وقد قدمته ضمن برنامج الماجستير في علم ارشاد المجتمع والذي اكملته في العام الماضي
وهو عبارة عن عرض بالباوربوينت ,لكي تنشره في البوست هنا,لو عندك معرفة بذلك

لم اقل,ولا يمكن ان اقول ان بشرى الفاضل ليست له مساهمات في الابداع في السودان
ولن اتردى الى الهاوية التي اوقع نفسه فيها بما قاله عني
وفي امكاني ان" اممرطه",
لانني ناقد ,
وهو ليس كذلك-رغم انه يعتبرني وصديقي عبد اللطيف علي الفكي صفرين كبيرين في الخطاب النقدي السوداني-
لكن اخلاقي ككاتب تمنعني من ذلك
اما كلامك الاتي فهو عين العقل:
من خلال تلك المعركة(وان كنت لا ارغب ان نرجع لفتح صفحات خلافات قديمة,بقدر الرغبة في ان يقدم هذا البوست معارف جديدة,وحقيقية للجميع)..
من خلال تلك المعركة استطيع ان المح تبادل اتهامات هائل..واقصاء بلغ حدة جعلت البوست عصي علي القراءة...

امل ان نواصل تحت سقف الوردة..
لا علي هامشه


وحتى نتخطى هذه العقبة,سالغي ما كنت اريد ان اكتبه من سلسلة بعنوان:
الكويتب في منجرته
وساكتفي بان اقول ذلك مرة واحدة
فليس من العدل ان نتحدث كثيرا عن نافخي الكير الكويتبيين,
ونهمل حاملي المسك من الكتّاب ,
فمنهم-أي حاملي المسك-,
سنتعلم الكثير

ولن اتداخل مع بشرى الفاضل,
اللهم الا اذا عاد الى عاداته في التعامل مع "مستودع الخزف النقدي",
بمنطق ذلك "الثور المعروف",
مما يساهم في تضليل القراء عبر ما يقدمه- احيانا كثيرة- من معلومات مغلوطة

أما كلامك الاتي فهو يعبر باختصار عن ذهنية بشرى الفاضل العدمية ,حين قلت:
ولكنني تابعت تلك المعارك...
ووجدت استخفافا من اكاديمي قديم لمناهج اثرت,بما لا يدع مجالا للشك, في السابق واللاحق والمعاصر من مناهج البحث..
ولا استطيع احترام معرفة من يتحدث عن نصوص جاك دريدا باعتبارها مجرد "سياحة داخل الغموض"..

استطيع ان اجزم بابتعاده عما نصطلح علي تسميته بالمعرفة,بغض النظر عن تاثيره في القصة السودانية..

وسنعود للتعليق على ما حدث
المشاء

Post: #112
Title: Re: تجليت في هذا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-21-2005, 11:01 AM
Parent: #110

عزيزي المشاء العظيم:


عساك بخير.


بالأمس حاولت مهاتفتك أثناء العمل.


لم أنم إلى الآن.




كان ذلك خلال وردية الليل نفسها, عندما رفعت وجهي من الأشياء على المكتب, وبدأت أنظر إلى عتمة الحديقة الرحبة أمام الواجهة الزجاجية للمبنى الحكومي الضخم. لا أدري ما حدث لي بعدها. لكنني فجأة بدأت في تذكر كل شيء بوضوح ودقة. لكأني أشاهد شريطا سينمائيا أرى داخله صورتي قبل عشرين عاما أويزيد.

آنذاك, كنت أجلس في ديوانهم في ضيافة شقيقه الأصغر. الباب مشرع. كان هو يعبر إلى حوش النسوان في الداخل مغنيا. قبلها سمعنا ضجة باب الشارع الحديدي يفتح ويقفل في منتصف ذلك النهار الصيفي القائظ. كان نحيفا إلى حد ما, طويل الشعر أسوده, لوجهه ملامح أهل "تنبول". غناؤه ترك في نفسي شيئا أشبه بنسمة أوظل شجرة وريف.

ظللنا بعدها صامتين لفترة. لا يكلم أحدنا الآخر. كنت أقول في نفسي, لسبب ما, وبرغم حداثة سني, لو أنني أنصت إلي لحنه العذب الشجي بلا توقف وإلى الأبد. ولا أدري عما كان يقوله شقيقه لنفسه وقتها.

قبل أسابيع قليلة, وبينما كنت أشاهد الفضائية, قدمه مذيع ما للغناء في حفل تكريم عثمان حسين. ثمة شيء مثل آنية فخارية أخذ يتهشم في داخلي. كان أصلع الرأس تقريبا. يرتدي نظارة طبية. وبدا في هيئته العامة أشبه بمريض سرطان في مراحل علاجه الأولى. قلت في نفسي: "هذا هو إذن صلاح كوستي"!.

Post: #113
Title: قال البرنس شيخ مبدعي بورداب كندا
Author: osama elkhawad
Date: 08-21-2005, 12:48 PM
Parent: #112

*قال البرنس شيخ مبدعي بورداب كندا:
Quote: القراء هنا يعذر أغلبهم أسامة إن تطرف هنا أوهناك. فبشرى لم يخرجه فقط من جنة النقد بل حكم عليه بضعف الموهبة نفسها (شاعر متوسط الموهبة). فعل ذلك بقسوة أشبه في زعمي بإنتقام كان من الممكن تجنبه بصورة وأخرى وهذا لا يليق بكاتب كبير (عن حق) مثل بشرى..


كنت قد قمت بالرد على كلام بشرى الفاضل عني في بوست الكويتب عن غموضنا
وساجمع بينهما الان
لا يهمني ما يقول به ,
لانه قليل القدر في النقد,
وفي الحقل الاكاديمي,
وفي الحركة الثقافية السودانية كناشط فيها ,
-لا كمتمترس بمكتبه وبنادي الاساتذة في جامعة الخرطوم**-,
وفي الكتابة بمفهومها المعاصر

Quote: وقليل القدر يمكن ان يقول ما يشاء,
فقد رفع عنه القلم

وأخشى ما أخشى الا يجد مزبلةً من مزابل التاريخ تقبل بان يودع فيها ما قاله عني


وعليه ان يكون من الشجاعة,
بحيث يعتذر عن معلوماته المغلوطة التي قال بها الى القراء,
وان يرجع الى "علبه" الادبية
فيكون بذلك قد اراح واستراح

و عليه-وهذا هو المهم ومشكلتنا معه-
ان يفكر جيدا في ما يكتبه في "برزخه الكويتبي",
قبل ان يقول بذلك للقراء
*لم يعجبني الكلام عن "طول لساني",
و أعتقد ان البرنس قد قال ذلك على سبيل الفكاهة,
وقد سبق لبشرى الفاضل ان نبه احد القراء
Quote: ان لبولا "لسانا طويلا"


لست من المجاملاتية-على وزن "الملاماتية"-
ولست من الشاتمين ل ولا الساخرين من اقدار خلق الله
لكنني كما اساتذتي ,
الذين تحدثت عنهم قبل ذلك:
لا أقبل "الخمج" المعرفي
وللصامتين من كل منطلقٍ وقبيلٍ ان يهنأوا بصمتهم
** لا اريد كما قلت ان اخوض في حروب القبائل الابداعية,
لكنني اقول :
اللهم جنبنا حكم الحزب الواحد ,
والرضى, والقبول, والعيش على ما اثاره النص الواحد –أو قل نصوص البدايات- من قبول نسبي*
*تخريمة:
وهذا الرضى والقبول والعيش,
–بحسب البرنس –
يفضي الى
Quote: كوارث كثيرة

المشاء

Post: #114
Title: Re: قال البرنس شيخ مبدعي بورداب كندا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-21-2005, 04:04 PM
Parent: #113

عزيزي المشاء العظيم:

لا أجد ما يبرر رفض قولي عن "اللسان الطويل" أومقارنته بقول كاتب آخر أوثقافة جمعية ما. لقد كتبته بوعي تام. أكرر دائما الكلمة ليست مهمة بقدر أهمية (((السياق))). سياقك هنا يكسب للمعنى المتداول لكلمة (لاهوت) معنى تقدميا. كما أن (((السياق))) نفسه قد يغير من عذوبة الدلالة الشاعرية الحميمة لكلمة حب نفسها. مثل قولهم (حب الأفاعي). وطب مقاما.

Post: #115
Title: and beyond
Author: elfaki
Date: 08-21-2005, 09:26 PM
Parent: #114

الصديقان العزيزان : أسامة ، و برنس ؛ هل يُكْتَبُ [النص] في (لذته) ثم لحظة الفراغ منه يتخيَّر كاتبه < عنوانه > ؟ . في بالي عملان كبيران هما : (العودة إلى سنار) و (مفرد بصيغة الجمع). فهما عملان يلتقيان في العبارة الشهيرة : الشاعر ضمير أمته و هي العبارة نفسها التي وسَّعها بارت في المثقف ضمير أمته . العمل السابق يقف شاهد ضمير للأمة السودانية و العمل اللاحق شاهد ضمير الأمة العربية . و ينطلقان كلاهما من صوت /المتكلم/ كشاهد عصر يستنطق تاريخ أمته . و لأنهما عملان كبيران تبقى العلاقة بين "العنوان" و #العمل# حتى لا أقول [النص] علاقة شفافة . فحين تقرأ #عمل# (العودة إلى سنار) أو (مفرد بصيغة الجمع) لا تقرأ سوى شعريات العودة ، و شعريات
الخاص و العام ؛ في البحث عن هوية تؤسس علاقات الحاضر المعقدة عند كليهما عبد الحي و أدونيس . ذهب محمود درويش في (جدارية) مذهباً آخر لا علاقة له بهوية أمة ؛ بل بهوية شاعر كضمير و كمصير إنسان في حضور اسمه دون وصل الجملة الشهيرة إلى آخرها .

ففي كل هذه الأعمال الكبيرة الثلاثة : العودة إلى سنار و مفرد بصيغة الجمع و جدارية يبقى السؤال الذي طرحته أعلاه :هل يُـكتب النص في لذته ثم لحظة الفراغ منه يتخيَّـر كاتبه عنوانه؟ سؤالاً لا يُطرح لهذه الأعمال الثلاثة . لمــــاذا؟ .

يُـدْخِلُنا الاستفهام (لمـــاذا؟) نحو سيميولوجيا العنوان . و الأسهل للباحث في هذه المنطقة أن يبدأ بالأعمال الكبرى دون القصائد فرادى ؛ فمن الصعب أن تبحث في سيميولوجيا عنوان (لاهوت الوردة) ، بينما من الأسهل أن يبحث فيها الباحث في الأعمال الكبرى . و أنا بدأتُ بالأعمال الكبرى الثلاثة إذ لا يساورني شك في أنَّ هؤلاء الشعراء تخيَّـروا في آن متن النص و شعريات العنوان . أقول مرَّة أخرى =في آن= لأن العمل الذي نواه هؤلاء الشعراء عمل كبير يتفاعل شعرياً بما يودُّون فلا بدَّ لهذه الذات الكاتبة أن تقف وقوفاً تاريخياً شعرياً . ينهض الكاتب شاعراً في هذه اللحظة (كيف أشعرن الوثائق ؛ بل كيف أشعرن العلاقات الآنية) .. فالشعر ليس خيالاً في أودية الهيام . إنها اللحظة التي تنقلب فيها سِنَّة قلم لـ(سنان) رماح . لحظة هذه الجملة التي أُسيء فهمها سوءات : إعادة قراءة الواقع .
العمل الكبير ، يا أسامة ، حرب من جهة أخرى . إنها حرب المواقف الأشد شراسة من حرب الأدغال . هذه هي الجهة التي أريدها لجملتي أعلاه : ينهض الكاتب شاعراً في هذه اللحظة .

و هي اللحظة نفسها التي تتخيَّـر العنوان و العمل معاً . أذكر جيداً ــ يا أسامة ــ أنني سألتُ عبد الحي حين أهداني الطبعة الثانية من العودة ... فكتب اهداءه لي : الشعر جحيمي أكابده باللغة ..فشكرته و حين تصفحي و جدت أن الشعر غير ما أحفظ من العودة القديمة . فقال لي بالحرف : القصيدة process ؛ فهل ياتـُرى أنَّ الشاعر ينظر في هذه العلاقات الآنية الكبيرة التي تغيرت الآن من الستينات ــ مبتدأ التاليف ــ حتى ـ الثمانينات ـ حيث التغيير الذي طرأ في الطبعة الثانية ؟ . و هو أمر كما تعرف اشتغل به عبد الحي على صعيد الشعر العربي . و هو أمر مألوف عند شعراء الغرب . و قد أخرج هيرسج كتاباً عن هذا الأمر ــ أي أمر التغيير في النص أو التنكر له كلية من جهة مؤلفه ــ يوضح فيه أن الذي تغير هـو المغزى و ليس المعنى . فالشاعر مثله مثل أي قاريء قد يعيد وعيه الذي تطور الآن أن يضيف أو يحذف أو يغير شيئاً ما في عمله . هذا هو قَدَرُ الأعمال الكبيرة و لم أَرَ أن عبد الحي قد غيَّر في قصائده الأخر الفرادى.

نرجع مرة أخرى إلى سيميولوجيا العنوان في الأعمال الكبرى .
و أختار من هذه الأعمال الكبرى (جدارية) محمود درويش . أما لماذا لم أتناول عودة عبد الحي أو مفرد أدونيس ، فذلك لسببٍ مباشر هو أن النسخة التي بحوزتي من العودة هي النسخة المعدَّلة في الأعمال الكاملة ــ و هذا ما نبهت له حيدر إبراهيم حين كان المركز يهم يإصدار الأعمال الكاملة في أن يثبت هامشاً الوقوف على الطبعة الأولى، فطلعت طبعة المركز خالية من هذا الوقف ــ و يحتاج الأمر أن يتوفر الدارس على الطبعتين . كما لا أملك الآن مفرد أدونيس . فأنا أكتب عنهما ــ العودة الأولى و مفرد أدونيس ـــ من الذاكرة .

ـــــــــــــــــــــــ سأواصل ــــــــــــــــــــ

Post: #116
Title: Re: and beyond
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-21-2005, 11:09 PM
Parent: #115

عزيزي عبداللطيف:

ما أراه الآن نقلة نوعية أوقل أفقا جميلا لحوار حقيقي كما أتخيله منذ الآن!.

Post: #117
Title: عودتك لطيفة يا لطيف
Author: osama elkhawad
Date: 08-22-2005, 05:20 AM
Parent: #116

عودتك لطيفة يا لطيف
وكلنا اذان صاغية تحت سقف الوردة
المشاء

Post: #118
Title: Re: عودتك لطيفة يا لطيف
Author: الواثق تاج السر عبدالله
Date: 08-22-2005, 05:32 AM
Parent: #117

الاخ العزيز اسامة وجميع الاخوة/ات المتداخلون

لكم التحية جميعا

حقيقى نستمتع ايما استمتاع بهذا الحوار الجميل والمدهش

ولك التحية مرة اخرى اخى اسامة صاحب الكلمة الجميلة

ويالها من وردة

ودمتم
مع فائق محبتى

Post: #119
Title: Re: عودتك لطيفة يا لطيف
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-22-2005, 10:14 AM
Parent: #118

فاتني أن أشكر الصديق المشاء ل"الإهداء". وفي إنتظار الترجمة وماتبقى من مساهمة الناقد الكبير عبداللطيف. محبتي.

Post: #120
Title: سلامات يا زول يا رائع
Author: osama elkhawad
Date: 08-22-2005, 11:46 AM
Parent: #119

عزيزي الواثق
سلامات يا زول يا رائع

نحاول دائما ما وسعنا الخيال ووسعتنا الحيلة ان نقدم بوستات ذات مزاج ومضمون مختلف

واقترح على الجالسين تحت سقف الوردة من مساهمين ومستمعين ان يظل البوستا سائرا في جهات متعددة من الكتابة,
وهي مرتبطة بخيط خفي

دعنا نسمع تجربة مازن مع العلاج النفسي باستخدام الفنون,

و نواصل حديثنا عن نشأة الكاتب السوداني وموقعه كاقلية هائلة أو كاقلية مهمشمة تحاول ان ترص صفوفها مع قوى السودان الجديد ,ذلك ان مكانة الكاتب متدنية في السودان القديم

وليواصل عبد اللطيف مقاربته حول سميولوجيا العنوان ,وسنتداخل معه متى ما احسسنا بضرورة لذلك لتطوير النقاش وتوسيعه

وسنواصل في الحديث عن علاقة الشعر بالفنون وبالتقنيات الحديثة ,ضمن ردنا الضمنى على ان كويتبنا كان اوف بوينت في حديثة عن مفهوم سيميولوجيا الصفحة الشعرية

وسنبدا بتعليق على ما حدث وهو عن موقف الاستاذ عبداللطيف على الفكي من النقاش المسخن حول البنيوية وهجرتها المؤلمة الى السودان ,

وما يقول به بشرى الفاضل عنه وعن جيل كامل من الكتاب السودانيين

و حتى عودة قريبة
ارقدوا عافية تحت سقف الوردة

المشاء

Post: #121
Title: Re: سلامات يا زول يا رائع
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-22-2005, 02:03 PM
Parent: #120

إلى حين عودة قريبة:

Post: #122
Title: Re: سلامات يا زول يا رائع
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-22-2005, 02:17 PM
Parent: #121

إشكالية "الرحيل"، ذلك ما يحيل إليه قول عبداللطيف: "و يحتاج الأمر أن يتوفر الدارس على الطبعتين . كما لا أملك الآن مفرد أدونيس . فأنا أكتب عنهما ــ العودة الأولى و مفرد أدونيس ـــ من الذاكرة". والرحيل كإشكالية فيما يتعلق بتوثيق الرؤية أوتوافر جسد نصوص يمكن لهذه الرؤية تشريحها لا يتعلق في تصوري الخاص هنا كما يوحي سياق الفكي ب"الناقد" فحسب، بل يشمل المبدع نفسه من زاوية رصد منتظم للحياة وخيطها الدال على تطورها وما يمكن أن يحدثه هذا التطور من تبدلات في مكان شكل جوهر وجوده المادي والثقافي سواء من حيث اللغة أوطريقة عمل العلاقات الاجتماعية.

ويمكن القول، في ظل تصاعد الرحيل كإشكالية، إننا ربما نكون موعودين على صعيد الإبداع، وعلى نحو كثيف ومتزايد، بأنواع جمالية تنهض على النوستالجيا إلى مكان النشأة الأولى من جهة، ومن جهة أخرى ترتكز على رصد علاقات لذوات بشرية تواجه أقدارها في عوالم ربما تكون مغايرة تماما لعوالمها الأولى على صعيد اللغة والطرق السائدة للحياة.

ولعل ذلك ينعكس، لا سيما داخل المجال السردي، على صعيد الموضوعات محل إهتمام الرؤية للعالم وطرق تشكيلها جماليا، إذ يبدو لي منذ فترة أنه غدا من الصعوبة بمكان كتابة ما يمكن تسميته "رواية أجيال" مثل ثلاثية نجيب محفوظ، بل لعل التركيز يتم أكثر على صعيد العوالم الداخلية لأشخاص يتسمون بتكوينات نفسية مركبة نتيجة تقلبات حادة بين أساليب حياة وثقافات مختلفة. وفي إنتظار أن يكمل عبداللطيف رؤيته النقدية هنا.

Post: #123
Title: Re: سلامات يا زول يا رائع
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 08-23-2005, 03:26 PM
Parent: #122

صديقنا المشاء...
انتظر الاهداء..وشكرا مقدما...
اتمني ان لاتمارس عليهم..وعليهمم..استعلاءا وصمت به..
دعهم يكتبون..وغيرك يقيم اداءهم...
كن بعيدا عن الاصطفاف المعتم للمعادن...
فهناك من يقرؤك...ويقراءهم...
فدعك من اقتحام قانون "فساد الوردة"..
استمر لتبدع....
حتما سنجد العذر لك وانت تواصل عبورا شاقا...
فاتمني ان لاياتي يوما واراك تجلس علي شفير حوض كــ سمك يسبح مرتعصا...
دعنا فقط نرقص علي جنون لمزاج لاهوت تلك الوردة...
ولنحتسي الابداع...
نستخرج مكنونك ايها الغجري المتمرد...
سلملم...

Post: #124
Title: Re: سلامات يا زول يا رائع
Author: osama elkhawad
Date: 08-23-2005, 04:17 PM
Parent: #123

عزيزي البرنس

كنت بالامس في انتظار الباصات بعد انتهاء الدوام في الواحدة صباحا,
أقرا ترجمة لمقالة الروائية الامريكية السوداء توني موريسون عن رواية بهاء الملك,كما كنت اقرا فصلا عن النقد التكويني وهو عن علاقة المخطوط ودور الطباعة في الطريقة التي يكتب بها الكتاب,
وسانزل مقتطفات من ذلك الفصل في ردي حول ان بشرى الفاضل لا يفهم مصطلح سيميولوجيا الصفحة الشعرية
وكنت امل لو اتحفنا لطيف بقليل من الكلام حول ذلك المفهوم,ثم يواصل حديثه حول سيميولوجيا العنوان,
فذلك كان يمكن ان يثري النقاش حول مصطلح سيميولوجيا الصفحة الشعرية
المهم يا برنس,كعادة الامريكان لم يسالني احد لماذا اقرا في هذه الساعات من الصباح الباكر
كان صوت المذياع يرسل موسيقى راب و رقي,
ورئيس الوردية يرشد العتالين,المتحدثين بلغات شتى,
الى ما يجعل العمال عائلةً
سرني حوار بين عاملة اسبانية وعامل امريكي افريقي
قالت له-بلكنة موحية- منبهة لامر يتعلق بالعتالة :
Quote: Look!!!
فقاطعها مبتسما :
Quote: I always look at you
فاكتسى وجهها الجميل بحمرة من الخجل لم يستطع ارهاق العتالة محوها تماما

Post: #125
Title: Re: سلامات يا زول يا رائع
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-23-2005, 04:37 PM
Parent: #124

إلى حين عودة:

Post: #126
Title: Re: سلامات يا زول يا رائع
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-23-2005, 10:08 PM
Parent: #125

صديقي المشاء الجميل:

سردك اليوم يعيدني إلى سرد لك آخر أكثر جمالا ذكرت فيه شيئا ما عن معاطف للمطر وكمثرى وزجاجة شراب معتق في دولة أروبية شرقية ما لعلها بلغاريا. ما تبقى في ذهني من ذلك النص هو رصد العالم من خلال كائن يدعى "المرأة". هكذا لا يتبقى من مدى المتعة اللا محدود للأعمال الجيدة سوى نتف تشبه إلى حد بعيد مناطق دافئة في الذاكرة نلجأ إليها إذا ما غرقنا ذات يوم في فصول شتائية قاسية كغربة لا فكاك منها. هكذا، في ترجمتها العربية التي تزيد على 2500 صفحة من القطع المتوسط، وبعد عرض بالغ الدقة والجمال لعالم نحو 700 شخصية، لا يتبقى الآن في ذهني وبذات الحدة سوى آخر ثلاث فقرات من رائعة ميخائيل شولوخوف (الدون).

هكذا، من خلال سردك أعلاه، وبعيدا من لغة الشعر التي تبدع من خلالها بداهة على نحو فريد، تكشف للقراء مباشرة بلغة مشتركة حميمة عن ذاتك الحقيقية المتناهية في حساسيتها والمحتفية إلى حد العشق بضعفها الإنساني المجيد، بيد أنك كإبن شرعي للصراع الخلاق وجوهره القلق العنيف لا تمضي في الشوط إلى نهايته، تفعل ذلك على إستحياء هنا كمحارب يود راحة يود لو أنها لا تطول، ومع ذلك ندرك أنك أخفيت ذلك الأسى الذي دهمك لحظة انتظار الباصات بعد بعد انتهاء الدوام في الواحدة صباحا.

أنت هنا تذكرني (يا صديقي) بذلك القيصر الروسي الذي سعى إلى العدل دائما, وإذ بدأ ذلك ببيته كان يضغط على إبنه للسير قدما في طريق محبة الناس العاديين لا التسلط على أقدارهم, لكن السلطة مغرية دوما كما تعلم, وكانت النتيجة أن أعدم القيصر فلذة كبده في النهاية, قبل ذلك كان يشكو الإبن لأمه قسوة أبيه, فكان رد تلك الأم عبر هكذا كلمات بليغة: "لا تنظر إلى أبيك القيصر هذا, يصول ويجول هكذا, إنه حين يأتي الليل يبكي على صدري كالطفل"!!!.

Post: #127
Title: ساعود الى تجلياتك
Author: osama elkhawad
Date: 08-23-2005, 11:23 PM
Parent: #126

عزيزي البرنس ساعود الى تجلياتك

فقط يلزمني ان ارد على مداخلة الصديق محمد خليفة محمد جميل
المشاء

Post: #128
Title: عزيزي محمد جميل-ساستجيب للراي السائد
Author: osama elkhawad
Date: 08-23-2005, 11:35 PM
Parent: #127

عزيزي محمد جميل

واسمح لي ان اختصر اسمك هكذا
و اعذرني على التاخير

قلت:
Quote: دعهم يكتبون..وغيرك يقيم اداءهم...

كن بعيدا عن الاصطفاف المعتم للمعادن...
فهناك من يقرؤك...ويقراءهم...


ما احاول ان اقول به هو كيفية تاسيس حوار
ومن ضمن ذلك ما سميته بحرب القبائل الابداعية
و ساتحدث عن ذلك باختصار بعد قليل

اما كلامك:
Quote: فدعك من اقتحام قانون "فساد الوردة"..
استمر لتبدع....
حتما سنجد العذر لك وانت تواصل عبورا شاقا...
فاتمني ان لاياتي يوما واراك تجلس علي شفير حوض كــ سمك يسبح مرتعصا...
دعنا فقط نرقص علي جنون لمزاج لاهوت تلك الوردة...
ولنحتسي الابداع...


سافعل ذلك ,
و ساستجيب للراي السائد,
وهو راي العقل
وسالغي ما كنت اريد قوله حول:
الكويتب في منجرته
واحتفظ بحقي في العودة الى ذلك الرد,
وهو ليس كلاما شخصيا ,
وانما كاستمرار للكشف عن الذهنية التي تحرك ما يقول به الكويتب

اما كلامك:
Quote: نستخرج مكنونك ايها الغجري المتمرد...


فهو يصب في ما قال به البرنس قبل لحظات,
وطبعا هي ما لحظات عادية ,وانما لحظات اسفيرية
و ما قلته يتعلق ب:
Quote: وللكمثرى وظيفة اخرى
الوقائع الخفيةفي حياة منصور السناري

واقول لك
Quote: سلملم...


وفي انتظار مداخلاتك ومساهماتك
ارقد عافية
المشاء

Post: #129
Title: سانحة نغتنمها لكي ندعو "بشرى الفاضل" الى المشاركة و ان يتحدث مع ويناقش "الصفرين الكبيرين"
Author: osama elkhawad
Date: 08-24-2005, 00:10 AM
Parent: #128

سيناريوهات الاجحاف والتتفيه:

لقد وعدت بان افض مؤقتا سيرة حوار الطرشان مع بشرى الفاضل

لكن لا بد من قول عن حرب القبائل الابداعية
وعن سهولة استخدام الكي بورد في النيل من المحاورين

وفي ذلك نقول انه ليس هنالك مقدس في الحوار الثقافي

ومن ضمن ذلك ان يصنفنا بشرى الفاضل باعتبارنا
Quote: كائنات نقدية ضارة واصفارا كبيرة


لكن في المقابل عليه ان يبرر ذلك
وعلينا في المقابل ان نبرر ما نقول به من كلام

و ما نحاول التنبيه اليه,
وقد قلنا ذلك مرارا,
ان التتفيه مبذول لكل من يريد القول به
وكلام البرنس عن
Quote: حس الانتقام
,
يشير الى سهولة ذلك

لكن المسالة ذات وجهين
فالتتفيه يمكن ان ينعكس على بشرى نفسه

وهنالك سيناريوهات كثيرة لذلك التتفيه
و هو كلام لم نكن نريد القول به,
لولا اننا نريد ان نواجه "طبائع الاستجداد",
والتي تميز "المستجدِّين" من الادباء المحاورين الاسفيريين

فهو قد قال انني متوسط الموهبة
وكان يمكن ان اقول انه
Quote: اقل من ذلك بكثير


وفي سيناريو اخر أنه:
Quote: عديم الموهبة


وفي سيناريو اخر
Quote: انه يعيش على قصتين فقط


وفي سيناريو اخر:
Quote: ......


وفي سيناريو اخر:
Quote: .......


لكنني لا اقول بذلك,
ولا يمكنني ان اقول بذلك,
لان اخلاقي المهنية ككاتب تمنعني من ذلك


فقط احببت ان اشير الى سهولة التتفيه

وقد اشار الى ذلك محمود درويش

ففي حواره المهم مع الشاعر والكاتب اللبناني عباس بيضون قال محمود درويش في هذا الصدد:

Quote: "لا أحب أن أدخل في مناوشات لأن لرأي الشاعر بالشاعر ليس مقبولا عندنا حتى الان,السبب البسيط هو أن الشعراء شهّر بعضهم ببعض الى حد أنهم فقدوا مصداقية ابداء الرأي في شعر بعضهم ببعض,ولكثرة ما هشم بعضهم بعضا وما كسّر بعضهم بعضا,لا نصدق أن احكامهم على بعضهم تصدر عن منطلقات فنية
"
الكرمل-العدد 78

وهذه سانحة نغتنمها لكي ندعو بشرى الفاضل الى المشاركة في هذا البوست
وهذه ليست مطايبة ,
ولا هي ببحث عن الحلول الوسط

فله ان ياتي هنا ,
ويحتفظ بكل ارائه ,
وان يحاول ان يثبتها


ومن ضمن ذلك ان يتحدث مع ويناقش الصفرين الكبيرين في النقد السوداني عبد اللطيف على الفكي وشخصي "السمين"

و ان يساهم مع الصفرين ,
و المتداخلين تحت سقف الوردة

مرحبا به ,
لو احس ان له طاقة على فعل ذلك

و ان أبى ,
نتمنى له حياة هادئة ,
و سردا مبدعا


ارقدوا عافية

المشاء

Post: #130
Title: موعودون بحديث شائق تحت "سقف الوردة"-ملحق في التعقيب على مداخلة "محمد جميل"
Author: osama elkhawad
Date: 08-24-2005, 01:39 AM
Parent: #129

ملحق في التعقيب على مداخلة محمد جميل
فاتني ان اقول للصديق محمد جميل,
انني أكترث بما يقال عن نصوصي
ولكنني امتلك مناعة الى حد ما تمثلت في معرفتي المعقولة بالنقد
و لا استطيع ان اقول لك كيف ولجت النقد
اذ انني تعرفت على الكتابة بشكل مكثف,
عبر تجربتي مع "الغرفة الغبارية"
وهذا حديث طويل
ما يهمني انه لا بد للكاتب من حصانة حتى يستطيع عبر ذلك التعامل مع اراء القراء والنقاد,
باعتبارهم قراء ممتازين
وللتدليل على ذلك ,
اقول لك انني اعتقد ان ما قال به صديقنا لطيف,حول سيميولوجيا عنوان نصي الشعري:
لاهوت الوردة
غير دقيق
حين قال:
Quote: فمن الصعب أن تبحث في سيميولوجيا عنوان (لاهوت الوردة) ،

بينما من الأسهل أن يبحث فيها الباحث في الأعمال الكبرى


ولذلك ارجو من لطيف ان يبرر لنا صعوبة البحث في سيميولوجيا عنوان لاهوت الوردة

انا طبعا مقر ,بانها ليست من الاعمال الكبرى,
بحسب تصنيفه,
لكن ذلك لا يجعلها صعبة المنال,
اذا ما اردنا الحديث عن سيميولوجية عنوان

ساقول بذلك حين يفرغ لطيف من مقاربته

وكما ترى,
فاننا موعودون بحديث شائق تحت سقف الوردة

ارقد عافية

المشاء

*تخريمة:
أين "مازن مصطفى" مبتكر "تحت سقف الوردة"؟
هل استلم ايميلي بخصوص "العلاج بالشعر"؟
ارجو ان يكون بخير,
وكذلك كل المساهمين,
والمتابعات,
والمتابعين,

تحت "سقف الوردة"

Post: #131
Title: Re: موعودون بحديث شائق تحت "سقف الوردة"-ملحق في التعقيب على مداخلة "محمد جميل&qu
Author: حاتم الياس
Date: 08-24-2005, 01:01 PM
Parent: #130

الأستاذ الخواض...لدى مداخلة ضاعت رائحتها تحت سقف الوردة..هل كانت (جهنمية) حمراء ومتنمره..وبلا أريج..؟

أنتظر......

________________

(علاقات عامة)

[email protected]

عادل السر (كفيلى) فى صوفيا ينتظرك على هذا
الأيميل

Post: #132
Title: Re: موعودون بحديث شائق تحت "سقف الوردة"-ملحق في التعقيب على مداخلة "محمد جميل&qu
Author: osama elkhawad
Date: 08-25-2005, 07:07 AM
Parent: #131

عزيزي حاتم
مرحبا بك مرة اخرى تحت سقف الوردة
متذكر مداخلتك,
وما اشار اليه البرنس حول اشكالية الرحيل يكمن ان يضيف الى ما تفضلت به
فقط دعني اكمل بعض المداخلات التي اقوم الان بالتشطيب عليها,
ونشرها
ساراسل عادل ,وابلغه تحياتي الاسفيرية والتقليدية معا
ارقد عافية
وسنعود
المشاء

Post: #133
Title: Re: موعودون بحديث شائق تحت "سقف الوردة"-ملحق في التعقيب على مداخلة "محمد جميل&qu
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-25-2005, 02:49 PM
Parent: #132

إلى حين عودة المشاء:

Post: #134
Title: Re: موعودون بحديث شائق تحت "سقف الوردة"-ملحق في التعقيب على مداخلة "محمد جميل&qu
Author: osama elkhawad
Date: 08-25-2005, 05:18 PM
Parent: #133

ساعود بعد قليل في تعقيب على شيخ بورداب مبدعي كندا,نفعنا الله بايماضاته,للحديث عن علاقتي بالمكان وبالسرد

ارقدواعافية –الى ذلك الحين-تحت سقف ا لوردة

المشاء

Post: #135
Title: قال البرنس في تجل من تجلياته "الكندية":علاقتي بالمكان-أحاول دائما ان امسك المكان من قرونه تماما
Author: osama elkhawad
Date: 08-25-2005, 10:42 PM
Parent: #134


قال البرنس في تجل من تجلياته "الكندية":
Quote: بيد أنك كإبن شرعي للصراع الخلاق وجوهره القلق العنيف لا تمضي في الشوط إلى نهايته، تفعل ذلك على إستحياء هنا كمحارب يود راحة يود لو أنها لا تطول، ومع ذلك ندرك أنك أخفيت ذلك الأسى الذي دهمك لحظة انتظار الباصات بعد بعد انتهاء الدوام في الواحدة صباحا.


وهو امر يحيلني الى موضوعين هامين :
علاقتي بالمكان و علاقتي بالسرد

علاقتي بالمكان هي علاقة وثيقة جدا وتتمثل في انني احاول دائما ان يكون المكان جزء مني.و احاول دوما ان اتحكم فيه بحيث لا يفسد على حياتي على الاقل.
واتبع ذلك كميكانزم دفاع نفسي, ساعدني كثيرا في تقبل الامكنة التي عشت فيها بالرغم من الاختلافات الضخمة بينها
أحاول دائما ان امسك المكان من قرونه تماما,وابطحه حتى أجلسه على حجري كطفل كي يحدثنا عن مشاغله الصغيرة,ولا اسمح له ابدا ان يتحول الى عدوي ,أو ان استجديه ان يكون رحيما بي.دوما احاول ان اقهره,احاول ان اجعله يحس بانني أنا الذي اكتشفه واعيد صياغته واعطيه اسمى مميزا ,واجعله مشهورا,كما في حالة شارع تومسون في فيلاديلفيا
جاءني صديقي لاحقا مرتضي المشهور بابو الشباب ,وهو مثقف لماح,حين اتى برفقة دكتور صدقي كبلو من فرجينيا,
وسالني بعد ما تعرفت عليه انه يريد رؤية شارع تومسون المذكور في الفيلادلفيات,
فاجابه صديق لي :
Quote: لا تتعب نفسك بمشاهدته .فهذا شارع خلقه الشعر.



ليس هينا ان تقتلع من مكانك الاصلي, وان تظل في حالة من المشي المتواصل,بحيث يكون حذاؤك هو وطنك ,وهو الذي يعطيك هويتك و يخترع لك مزاجا جديدا وعادات جديدة ولغة جديدة.انها ثقافة الحذاء.*

ولذلك فهو -اي المكان- حاضر دائما في ما اكتبه.
في بلغاريا كتبت قصتي التي تحدث عنها كل من منطلقه البرنس ومحمد جميل ونصيي الشعري فضاء الفجيعة الذي غناه المبدع علاء سنهوري.

لم اكتب نصا شعريا او سرديا عن ليبيا لكنني كتبت دفاتر الاعوج بوحي من اقامتي بها وكتبت عنها دراستي عن خطاب التحديث في ليبيا :
بيت بدوي على شاطئ البحر

وفي بيروت كتبت نصي الشعري يوميات عامل تنظيف
و في اليوم الاول لعملي كعامل تنظيف سالت صديقي التشكيلي الشاعر عمر دفع الله عن تاريخ مبنى الجفينور الذي نقوم بتنظيف بعض من مكاتبه ,فما كان منه الا ان زجرني قائلا:
Quote: وانت مالك و مالو؟



في اليمن كتبت نصي السردي:
المفارق الفكهة -موت مدرس متجول
وقد نشرته في صحف كثيرة ,لكنني لا املك نسخة منه,اذ انني افكر في مزيد من الشغل عليه
ونصي الشعري الطويل نسبيا:
قامة الوردة الكوكبية-الهواجس العاويات لكلب صيد عجوز
ولكي اكتبه قرات رسائل رامبو عن عدن ,و تاريخ صنعاء ,وأشعار البدويات اليمنيات,والاعمال الكاملة لمحمد عبد الولي وهو مولد,من أم حبشية و أب يمني,وهو من مؤسسي السرد الحديث في اليمن.لم تعد كتابة النص الشعري,خاصة في نصوصي الشعرية الطويلة انسياقا وراء الدفقة الاولى للنص.و لعل انفتاح الشاعر او قل الكاتب المعاصر على نصوص اخرى بشكل لم يسبق له مثيل,جعل كتابة النص الشعري شيئا اشبه بكتابة الرواية.وهنا نتذكر العودة الى سنار لمحمد عبد الحي و الارض الخراب لاليوت,و الخطبة الاخيرة للهندي الاحمر امام الرجل الابيض لمحمود دوريش.وعن كتابته للنص الاخير يقول درويش في حواره المهم مع عباس بيضون:
Quote: عندما كنت أشتغل على نصي الشعري عن الهنود الحمر في سنة 1992 ,قرأت كثيرا من أدبهم ومن خطبهم البليغة جدا ومن شعرهم ومما كتب عنهم وايضا اشتريت مجموعة من الاسطوانات وأشرطة موسيقاهم,وذلك لكي أدخل الىهذا العالم الغرائبي,ولكي أدخل في عمق الثقافة الروحية لهذا الشعب الذي تعرض لاكبر ابادة في التاريخ البشري الحديث.



ثم يواصل في نفس الاتجاه حول الشروط التي يكتب فيها الشاعر المعاصر,قائلا عن نصه الشعري:
احد عشر كوكبا على اخر المشهد الاندلسي:
Quote: "فعلا احتاج الى موسيقى الشعوب.وحدث نفس الشيئ عندما كتبت عن الاندلس.فكل ما كتبته كتب على موسيقى ايقاع الفلامنكو,وعلى اصوات القيثارات والكمنجات الغجرية".
لذا لا يمكن ان نقارن الشاعر المعاصر بالحاردلو الكبير,فالتطور الانساني في كل المجالات يفرض تغييرا في الشاعر وتعامله مع النص الشعري.فالشاعر قد يتأثر بالموسيقى و التشكيل والرواية والسينما و غيرها من الفنون.



وهنا يتحدث درويش عن تاثير الموسيقى على خطابه الشعري:
Quote: أستمع الى الموسيقى لكي اخذ منها أفكارا.لماذا؟لأن الموسيقى لا تقول لك بالكلمات,ما هي موضوعاتها,وما هي طريقها,وما هي رحلتها, فأنت تؤول وتترجم ,من خلال تفاعلك مع الموسيقى هذه الاصوات التجريدية الى كلامات ملموسة.
انني كثيرا ما استفيد من الموسقى و أستخدمها ليس فقط لتقوية أو تخفيض النبرة أو الايقاع,بل من أجل تحويلها الى كلمات تعينني على أن أترجم الموسيقى الى لغة.



في الفيلادلفيات-وهذا نحت خاص بي - بدات اركز على النصوص الشعرية القصيرة المكثفة وهي :
اعمى فيلادلفيا وحصافة الفرسة و بكامل كاكاوها تعبر قبو الهباء
ثم بدات اتجه الى نص اطول نسبيا هو:
مفرد بصيغة جمع الشجون-في قطار فيلي
ومن حسن المصادفة انني اقول ذلك ,ونحن في حضرة ناقدنا وشاعرنا وصديقنا لطيف,في حديثه الموعود عن نص ادونيس الكبير :
مفرد بصيغة الجمع
ولا يخفي على القارئ التناص الحاصل بين النصين

وهو ما يحيلني الى ما يقال عن تتفيه للتناص كفمهوم "كوبرنيكي" في النظرية الادبية.وهذه عينة مما قيل في هذا المنبر-راجع بوست البنيوية:

Quote: فنخلة حميد ليست مجرد أصوات نون خاء لام تاء ولم يستقيها من التناص بل هي عمل اوريجينال وفيه صورة شعرية حديثة تعمل المناهج النقدية كلها للكشف عنها وتقريبها للقارىء العادي وسط هذا الكم الهائل من الأعمال غير المتميزة عن النخل



وهو راي غير مؤسس,ومن تمظهرات سلطة الكي بورد الاسفيرية,ويندرج في خانة ما يقال كتأمل شخصي خارج دائرة التراكم المعرفي.ولو انه-أي ذلك الرأي- انطلق من ذلك التراكم,لكان مثل هذا الراي تعبيرا عن اتجاه الالهام Inspiration والذي يرى في النص الاخير تفوقا على النصوص المتناص معها,وهذا الاتجاه هو على النقيض تماما من اتجاه التأثير Influence والذي يرى ان النص الاول متفوق على النص الثاني الذي تناص معه.
فالعلاقة بين النص الاول والثاني-المهاجِر والمهاجَر اليه- في عملية التناص , علاقة معقدة.
وقد كشف محمد بنيس في كتابه المشهور :
ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب-مقاربة بنيوية تكوينية
كشف عن مستويات ثلاثه هي الاجترار والامتصاص والتجاوز ,وسبق لنا التطرق الى ذلك في بوست سابق.
طبعا المسالة اكثر تعقيدا من ذلك
فحين نقرا "نشيد الانشاد" لا نملك الا ان ننحي لهذا الشعر,
وفي كلام ما ان ذلك النشيد هو اول قصيدة نثر معروفة
وقد سرني ان دكتورتنا الامريكية البيضاء جوديث استانق Judith Stang قالت لنا ,
ذات درسٍ,
انها دائما ما تبدأ يومها بقراءة "نشيد الانشاد"

لكن ذلك التعقيد لا يقلل من اشارتنا الى تأثير التطور على وضعية الشاعر بجميع مستوياتها
*
شيخنا الكندي "البرنس",
هذا ما نشره موقع البي بي سي العربي على الانترنت,
وفيه نعرف اهمية الحذاء بالنسبة الى الانسان
وقد ظل "الحذاء", في ثقافتنا رمزا للازدراء والمهانة والتحقير مثل كلامهم, انه,أو أنها , بالنسبة لي –في سياق حديث الرواي اوالرواية-زي البرطوش
وهنالك مقولة في ثقافة أهل الوسط السودانيين ,من المستعربين,تتحدث عن الزراية بالمراة
فهي تشبِّه المراة بالحذاء كما في القول:
Quote: المرأة زي الجزمة كان ضاقت عليك اجدعا


او كما قيل عن ان نميري في حوار معه سئل اذا ما كان يكتب الان مذكرات عن حياته تحت عنوان:
رجال تحت حذائي
لكنه انكر ذلك
ولك يا برنس ان تركز على ما سماه التقرير ب:
"الانفجار الثقافي"

وأدناه نص التقرير:
Quote: قال عالم امريكي من جامعة واشنطن ان الانسان عرف ارتداء الحذاء منذ ما بين 26 الف عام و40 الف عام.
واوضح اريك ترينكوس الباحث في علوم الانسان انه خلال تلك الفترة اصبحت اصابع قدم الانسان ضعيفة مما يدل على اعتماده على اشياء خارجية تمكنه من احكام التشبث بالارض.
واكد ان رد الفعل التلقائي عند التحرك بلا حذاء هو ضغط اصابع القدم على الارض للتشبث بها.
واعتمد ترينكوس في بحثه على دراسة العديد من حفريات عظام اقدام الانسان عبر التاريخ.
واضاف الباحث الامريكي ان التغير في شكل عظام القدم خلال تلك الفترة يعود الى اختراع الاحذية ذات قاعدة قوية والتي قللت الحاجة الى اصابع قدم قوية وطويلة للحفاظ على توازن الانسان خلال المشي.
ولم يحدد العلماء متى تخلى الانسان عن الحركة حافي القدمين تماما حيث ان الانسان الاول كان يستخدم اوراق الاشجار وجلود الحيوانات في تغطية قدميه.
وفي المناطق شديدة البرودة كان الانسان يغطي قدميه من البرد منذ حوالي 500 الف سنه تقريبا.
وفي الوقت ذاته قال ترينكوس انه كان معروفا ان اختراع اول حذاء في العالم يعود الى حوالي 9 الاف عام مضت، ولكن التغير الذي طرأ على شكل عظام قدم الانسان منذ حوالي 30 الف عام يدل على ان الحذاء كان معروفا منذ ذلك الحين.
وفي الوقت ذاته قال الباحث بول ميلرز من جامعة كمبريدج البريطانية انه منذ 35 الف عام شهد الانسان نوع من "الانفجار الثقافي" حيث ظهرت الرسوم والفنون وكذلك اختراع الانسان ادوات باستخدام الحجارة بالاضافة الى ظهور اول انواع الحلي والمجوهرات.
واوضح ان الانسان في ذلك الوقت ممكن ان يكون قد اخترع غطاء للقدم اكثر تطورا مما كان معروفا من قبل.


Post: #136
Title: Re: قال البرنس في تجل من تجلياته "الكندية":علاقتي بالمكان-أحاول دائما ان امسك المكان
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-25-2005, 11:05 PM
Parent: #135

الآن. الآن فقط. أعثر على شقيقي أسامة بعد غياب وبحث مرهقين. وما مناوشاتي معه طيلة الفترة السابقة سوى محاولة لإستعادة الصورة الذهنية المتكونة لدى قبل رؤيته هنا. وهي صورة طوال الوقت كانت تقبع بهية في مكان عميق ما من نفسي. ولعله قد تبين للقاريء الآن أن شيكات مديحي المتواضع له كمشاء عظيم أبدا لم تكن على بياض أو(طايرة). لدي إمتحان في القريب جدا. وعلى الحوار أن يتخذ مساره هنا. وأعلم جيدا أن حدة أسامة لم تكن رغبة في إنشاء بطولة فردية مطلقة بقدر ماهي حنين جناح إلى جناح آخر قوي سعيا للتحليق عاليا عاليا.

محبتي.

Post: #137
Title: لا اكتب بمقام واحد,وأناقش الناس على قدر مقاماتهم
Author: osama elkhawad
Date: 08-26-2005, 02:29 PM
Parent: #136

قال عزيزنا البرنس:
Quote: الآن. الآن فقط. أعثر على شقيقي أسامة بعد غياب وبحث مرهقين. وما مناوشاتي معه طيلة الفترة السابقة سوى محاولة لإستعادة الصورة الذهنية المتكونة لدى قبل رؤيته هنا. وهي صورة طوال الوقت كانت تقبع بهية في مكان عميق ما من نفسي. ولعله قد تبين للقاريء الآن أن شيكات مديحي المتواضع له كمشاء عظيم أبدا لم تكن على بياض أو(طايرة).


في فهمي المتواضع ان للكلام مقامات وللناس ايضا مقامات
لا اكتب بمقام واحد,وأناقش الناس على قدر مقاماتهم

قد يكون هذا مقامي النفسي الخاص بي,ولذلك جاءت كتابتي على قدر المقام الذي تقاربه
وكما قلت قبل ذلك, فان نفسي تفرح حين أقرأك و حين ارى صدقك المعرفي
وانت من الذين لا يلقون الكلام عابرا على سبيل المجاملة المجانية والاتيكيت فقط

لكنني في المقابل لا أتفق مع الرؤية التي تبدو –ظاهريا على الاقل- انها مسيحية أكثر من المسيحيين انفسهم
أقف تماما ضد تلك الرؤية,
وضد انصاف الحلول التي تجعلنا لا نحصد سوى الهباء,
وألا نحس سوى باننا وحيدون في هذا العالم ,
و أننا نستجدى قاتلينا بمذلةٍ لا يمكن قبولها أبدا أبدا أبدا
وان من انجزوا معنا كل ذلك البهاء بكل ما ارتبط به من قصور لم يكن لنا يد فيه,
هم تحت رحمة الكافرين به

أتمنى لك النجاح و التوفيق في الامتحان القادم

وفي انتظار لطيف و مازن المختفي حتى من بوسته عن الكاريكاتير,
وبقية المتانسين تحت سقف الوردة

المشاء

Post: #138
Title: Re: لا اكتب بمقام واحد,وأناقش الناس على قدر مقاماتهم
Author: ابن النخيل
Date: 08-27-2005, 01:37 AM
Parent: #137

سلام على من سلك طريق العارفين

فوق

مع وافر المحبة

ابن النخيل

Post: #139
Title: Re: لا اكتب بمقام واحد,وأناقش الناس على قدر مقاماتهم
Author: osama elkhawad
Date: 08-27-2005, 03:49 AM
Parent: #138

سلام عليك يا ابن النخيل

وارجو ان تنتضم الى المتآنسين هنا تحت سقف الوردة

المشاء

Post: #140
Title: ماهو العائق أمام أنخراط مهاجرينا فى مجتمعاتهم الجديدة؟ وعلاقة ذلك بالكتابة?
Author: osama elkhawad
Date: 08-27-2005, 04:17 PM
Parent: #139

سنرجئ كلامن عن السرد ,الى وقت اخر,ونعود لمداخلة حاتم الياس المهمة,وهي كانت قد اشارت قبل شهادتي الموجزة عن علاقتي الابداعية بالمكان وعلاقتي كمشاء ,كانت قد اشارت الى المكان في الكتابة ,وقدمت تساؤلا مهما حين قال:
Quote: هنا فقط ألتقط ...المكان فى الكتابة
ماأود أن أسأل عنه...بصورة عامة أنت حددت مشروعك (الكتابة) وبدأت تغزل تفاصيله على هذا المنوال
لكن كمبدع سودانى مهاجر أنت ومن معك هل طرحتم..أشكالية أنخراطكم الأنسانى فى المجتمعات التى هاجرتم أليها مع أحتفاظكم(بالوطن) كحالة لاكمكان فى بعده الجمالى لاالسياسى المباشر...
السؤال بشكل أخر..ماهو العائق أمام أنخراط مهاجرينا فى مجتمعاتهم الجديدة؟ وعلاقة ذلك بالكتابة


معظم هجراتنا كانت هجرات سياسية و \أو اقتصادية,وكما تعرف عزيزي حاتم فان الجيل الاول دائما ما يكون تأقلمه مع المكان الجديد صعبا,خاصة في مجتمع متقدم مثل المجتمع الامريكي والذي له سيستمه الخاص

وكما تعرف فاننا ناتي الى هنا ولنا التزامات اقتصادية في الداخل ,لا تتيح لك غالبا ان تؤسس مشروعك الفردي في ظل نظام العائلة الممتدة وغياب الدولة من حيث توفيرها للضمان الاجتماعي للامهات الوحيدات,ولامهاتنا اللواتي وهبن عمرهن كله في سبيل تربية الابناء والبنات

وهنا عامل اخر مهم,وهو مرتبط بان الكتابة لم تتحول بعد الى مهنة يمكن للكاتب ان يحترفها وتكون مصدر عيشه
وهذا بالتاكيد سيعطيه مزيدا من الوقت للتفرغ للكتابة

ولهذا لا يملك الكاتب غير المحترف في حالتنا هذي غير ان يباصر الامر مباصرة في سبيل ان يجد وقتا للقراءة والتأمل والكتابة
فدوامة العمل تجعل الكتاب في المنافي في حالة شرذمة,وليس لهم من وقت لالتقاط انفاسهم والتفاكر حول كيفية خلق جمعيات ومنابر تساهم في النشر و التعريف بالابداع السوداني في تلك المنافي

هنالك طرق كثيرة لعمل ذلك,لكن معرفتنا بالسيستم الامريكي ضعيفة
سبق لي ان تحدثت مع اصدقاء كثيرين داخل وخارج الولايات المتحدة الامريكية حول امكانية خلق جسم ثقافي في المنافي,
لكن تلك الاحاديث دائما ما تقهرها دوامة الانشغالات الحياتية باكل العيش
عموما هنالك فسحة توفرت عبر الانترنت,وقد نشهد في الاجيال القادمة تحولا نوعيا في هذا الشأن

هذه رؤوس اقلام أتمنى ان يتم اثراؤها بالنقاش والاضافة

مع محبتي

ارقدوا عافية تحت سقف الوردة

المشاء

Post: #141
Title: ما الذي كتب مثلا عن الجيل الاول والثاني من المهاجرين الى السعودية مثلا واقطار الخليج؟
Author: osama elkhawad
Date: 08-28-2005, 00:12 AM
Parent: #140

مواصلة لمداخلة الصديق حاتم الياس عن الرحيل ,وعن المكان في الكتابة,
نعود للتعليق على ما طرحه شيخنا البرنس في تعليق له على كلام للطيف

فهو قد راي ان عبد اللطيف قد احاله الى "اشكالية الرحيل",ثم انتقل الى اعطاء تلك الاشكالية سياقا أبعد من سياق الناقد حين قال:

Quote: والرحيل كإشكالية فيما يتعلق بتوثيق الرؤية أوتوافر جسد نصوص يمكن لهذه الرؤية تشريحها لا يتعلق في تصوري الخاص هنا كما يوحي سياق الفكي ب"الناقد" فحسب، بل يشمل المبدع نفسه من زاوية رصد منتظم للحياة وخيطها الدال على تطورها وما يمكن أن يحدثه هذا التطور من تبدلات في مكان شكل جوهر وجوده المادي والثقافي سواء من حيث اللغة أوطريقة عمل العلاقات الاجتماعية.


لعلنا نكون مطالبين بالتفريق بين مسالتين:
مسالة الكتابة عن الخطابات الابداعية السودانية بكافة اشكالها انطلاقا من المهاجر والمنافي
والمسألة الثانية هي رصد المكان المهاجر اليه ابداعيا

فمسالة لطيف في رايي تتعلق بامكانية الحصول على النصوص السودانية,خاصة وانها لا تتوفر على الانترنت,كما لا تتوفر طرق حديثة للحصول عليها,من الانترنت ,بواسطة مواقع تتيح لك التسوق ثقافيا بواسطة بطاقات الائتمان وغيرها من الوسائل التي وفرتها العولمة.
فالرحيل ,وفر للكتاب السودانيين وسائل متقدمة للحصول على المعلومة.وهو ما يبدو صعبا ,الى الان,في السودان.وكانت هذه من المسائل التي اثرتها في شهادتي عن هجرة المقاربات النقدية الحديثة الى السودان.
و "كتاب الداخل" يتوفرون على النصوص والخطابات الابداعية السودانية,لكن في المقابل,لا يتوفرون على سبل الحصول على المعلومة,ومتابعة أحدث ما تنتجه النظريات الادبية والاجتماعية وغيرها من النظريات.
وقد قرات منذ مدة حوارا نشر في ملحق ثقافي بيروتي ,لا أتذكر اسمه الان,وكان قد أجراه طلال عفيفي,
وفيه يحكي الكتاب السودانيون عن معاناتهم في الحصول على الكتاب.
ويا ريت لو نشر لنا طلال ذلك الحوار وبسطه في هذا البوست,لمزيد من التوثيق والاضاءة.

ويمضي البرنس في مداخلته كي يتحدث عن أن الابداع السوداني سيكون منفتحا على المكان الثاني ,في المهاجر والمنافي حين يقول:
Quote: ويمكن القول، في ظل تصاعد الرحيل كإشكالية، إننا ربما نكون موعودين على صعيد الإبداع، وعلى نحو كثيف ومتزايد، بأنواع جمالية تنهض على النوستالجيا إلى مكان النشأة الأولى من جهة، ومن جهة أخرى ترتكز على رصد علاقات لذوات بشرية تواجه أقدارها في عوالم ربما تكون مغايرة تماما لعوالمها الأولى على صعيد اللغة والطرق السائدة للحياة.


أرى ان هذا الوعد لن يتحقق الا اذا راجع المبدعون السودانيون فكرتهم عن المكان,بأن يتخلوا عن تعلقهم بالرجوع في اية لحظة,وهو تعلق يجعل المكان بالنسبة اليهم أمرا طارئا ,
ولا يستحق ان يكتب عنه.


ثم يتحدث البرنس عن صعوبة كتابة رواية اجيال عن الدياسبورا:

Quote: ولعل ذلك ينعكس، لا سيما داخل المجال السردي، على صعيد الموضوعات محل إهتمام الرؤية للعالم وطرق تشكيلها جماليا، إذ يبدو لي منذ فترة أنه غدا من الصعوبة بمكان كتابة ما يمكن تسميته "رواية أجيال" مثل ثلاثية نجيب محفوظ، بل لعل التركيز يتم أكثر على صعيد العوالم الداخلية لأشخاص يتسمون بتكوينات نفسية مركبة نتيجة تقلبات حادة بين أساليب حياة وثقافات مختلفة .


بالتاكيد ستكون البداية هي عما سماه البرنس عن التقلبات الحادة ازاء الرحيل من المكان الاول الى المكان الثاني او الثالث او الرابع الخ....
لكن لا ارى ان رواية اجيال عن الدياسبورا هي بعيدة عن الامكان على الاقل.
ذلك أن الاجيال الاولى في المهاجر و المنافي لم تحظ بما تستحق من الكتابة عنها.
ما الذي كتب مثلا عن الجيل الاول والثاني من المهاجرين الى السعودية مثلا واقطار الخليج؟
لذلك ستظل هذه مهمة مؤجلة لاجيال جديدة من الكتاب لها فهم مختلف لعلاقتها بالمكان.
وهذا في رأيي عائد الى مفهوم متخلف عن العلاقة بالمكان,والذي يتجلى في سيادة النوستالجيا

فالنوستالجيا تجعل المكان الثاني خارج اهتماماتك الاساسية ككاتب
وهي -اي النوستالجيا- تجعل علاقتك بالمكان,علاقة سمتها الكراهية
اما امتلاك المكان فتجعل المحبة هي سمة علاقتك بالمكان

ولو رجعنا الى السيرة الذاتية للطيب صالح في كتاب طلحة جبريل عنه,
فسنتكتشف ان علاقته بالمكان كانت علاقة عدائية
ولو لم يحب الطيب صالح المكان, أو قل لو لم يتملكه,عبر الالمام العميق بتاريخه ,وعلاقته بالامكنة الاخرى,
لما كنا حظينا بنص مدهش مثل "موسم الهجرة الى الشمال"
لا يمكنك ان تكتب عن المكان الا اذا امتلكته تماما وقهرته,كما قلت سابقا في شهادتي الموجزة عن علاقتي بالرحيل وبالمكان.
ولذلك نلاحظ ان الطيب صالح بعد ان قهر المكان, أو قل قهر النوستالجيا,
عبر موسم الهجرة الى الشمال وأقصوصاته القصيرة,عاد الى النوستالجيا مرة اخرى ,
أو قل الى المكان الاول مرة اخرى في بندر شاه و مريود

وفي انتظار لطيف وبقية المتانسين تحت سقف الوردة

المشاء

Post: #142
Title: الحوار الذي أجراه طلال عفيفي
Author: osama elkhawad
Date: 08-28-2005, 00:21 AM
Parent: #141

هذا هو الرابط الى الحوار الذي أجراه طلال عفيفي و نشر في ملحق النهار الثقافي بتاريخ 13\7\2003

http://www.mafhoum.com/press5/155C32.htm
المشاء

Post: #143
Title: الصادق الرضي
Author: osama elkhawad
Date: 08-28-2005, 01:01 AM
Parent: #142

Quote: وسط تلك الحلقة يجلس الشاعر السوداني الصادق الرضي ومن حقيبته يُخرج مجموعة من المجلات والدوريات بالاضافة الى اعداد قديمة من جريدة "أخبار الأدب" المصرية، تمتد إليها الأيدي في شغف،
ويُخرج هو كراسه الخاص ليبدأ تنظيم عملية تداولها.

Post: #144
Title: المشهد الذي اقتبسناه من حوار طلال عفيفي هو نفس المشهد الذي كنا فيه قبل اكثر من عشرين عاما
Author: osama elkhawad
Date: 08-28-2005, 01:12 AM
Parent: #143

المشهد الذي اقتبسناه من حوار طلال عفيفي ,
هو نفس المشهد الذي كنا فيه قبل اكثر من عشرين عاما

ولك ان تغير الاسماء بأن تكتب اسامة الخواض او عبد اللطيف على الفكي او محمد محيي الدين,

وتغير عناوين الكتب والجرائد والمجلات,

بأن تكتب فصول أو Of Grammatology أو Pursuit of Signs أو ... أو .... أو .....أو ......,

لكنه بحذافيره

المشاء

Post: #145
Title: Re: المشهد الذي اقتبسناه من حوار طلال عفيفي هو نفس المشهد الذي كنا فيه قبل اكثر من عشرين عاما
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 08-28-2005, 04:30 PM
Parent: #144

صديقنا الخواض...
سلام يشبهك...
شكرا للرد والتعقيب...
عذرا للتاخير...
Quote: ولكنني امتلك مناعة الى حد ما تمثلت في معرفتي المعقولة بالنقد
و لا استطيع ان اقول لك كيف ولجت النقد
اذ انني تعرفت على الكتابة بشكل مكثف,
عبر تجربتي مع "الغرفة الغبارية"
وهذا حديث طويل
ما يهمني انه لا بد للكاتب من حصانة حتى يستطيع عبر ذلك التعامل مع اراء القراء والنقاد,
باعتبارهم قراء ممتازين

مناعة الكاتب ايها المشاء تتمثل في ان النص/المعني الجميل يعاني الغربة حتي تتلمسه
حواس متلقي واع...فالفن الجميل مهارة...والناقد دايما يكون همه الجمال..لكنه يتأمل القبح دائما...ويكون ابدا مشغولا بالوسيلة...مادام الفن عمل تهيجي وتحريك للمتلقي حول الافضل والاكمل من مهام الفن...
فهلا حدثتنا يا خواض عن النقد الاخلاقي والنقد الفني...
وهل الفنان/الكاتب/المبدع مصلح اجتماعي..باحث اجتماعي..ام ماذا؟
وهل يتقيد الناقد بمقاييس الفن المتداولة في زمنه؟
وهل الابداع يضاد الحرية في كثير من الاحيان كما يقال؟
فمثلا صديقنا محسن خالد كتب فنا جميلا وفي نفس الوقت_حسب رايئ والكثيرين_ حافظ علي سمات فن الكتابة الادبية...
ولكن...........
هناك من انتقده بدعوي الاخلاق ومحادثته_من خلال كتاباته_ للاجزاء السفلي والغرائز...
فكناقد ياخواض هل يمكن ان يلغي (بضم الياء) الخلق والفني والابداعي عن مثل هذه الاعمال...
وهل ذلك يمس قضية المسموح والممنوع داخل مجتمعنا ومنظومته الاخلاقية كما يقولون؟
وساعود لاواصل متي ما افرج الزمن عن فخذيه...
سلملم...

Post: #146
Title: ارجو ان يقوم المتآنسون بتعتيل البوست
Author: osama elkhawad
Date: 08-29-2005, 05:27 AM
Parent: #145

عزيزي محمد صباح الخير بتوقيت أحزان الساحل الشرقي الامريكي
ملاحظاتك واسئلتك المعقدة تحتاج الى وقت

ارجو ان يقوم المتآنسون بتعتيل البوست حتى عودتي بعد انتهاء موجة العمل الليلي الطويل
يعني بجي راجع قول صباح الغد اي بعد اربعة وعشرين ساعة

سلامي واحترامي بلا حدود

المشاء

Post: #147
Title: Re: ارجو ان يقوم المتآنسون بتعتيل البوست
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 08-29-2005, 05:44 AM
Parent: #146

عزيزي المشاء:

صباح الفرح بتوقيت الساحل الشرقي لكندا. وثمة أمل للعودة لمتابعة الحوار بروح عالية. محبتي.

Post: #148
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Adil Osman
Date: 08-29-2005, 07:03 AM
Parent: #1

Quote: الشاعر السوداني الصادق الرضي ومن حقيبته يُخرج مجموعة من المجلات والدوريات بالاضافة الى اعداد قديمة من جريدة "أخبار الأدب" المصرية، تمتد إليها الأيدي في شغف،
ويُخرج هو كراسه الخاص ليبدأ تنظيم عملية تداولها.


I would like to comment on this piece in English if you don't mind. Ok. al Sadig al Radhi takes out of his bag some literary magazines and periodicals, in addition to some old issues of "akhbar al adab", which is an Egyptian literary publication. Those present, eagerly snatch the publication, while al Sadig takes out a notebook and starts to organise and priortise the process of its circulation.

This is fascinating. al Sadig al Radhi pursues his literary interests and his huge appetite for reading, by receiving some valuable and rare publications. From where does he receive them? We don't know. But we know, for a fact, that when he receives these publications, he does not only read them and keep them to himself, but he is prepared to let other like-minded people to share the joy of reading such rare marvels. What an act of generosity of the mind and the soul!

While sharing with others these literary treasures, al Sadig is aware of the importance of keeping records of them. He is willing to lend them to friends. But, at the same time, he is institutionalising this borrowing and lending process. He is acting like a library. May be he is/was not aware of this, but this is an internalisation of the role and function of an institution: public library!

I commend and praise the renowned poet and critic al Sadig al Radhi for this forward effort, though modest , to publicise and make available knowledge for those, otherwise, woud not be able to read and acquaint themselves with what the outside world is doing. Hence the importance of public libraries. Which should be on the "priority list" of any decent government of the day. But waiting for governments to honour their cultural and intellectual obligations, would be like waiting for Godot!

Is it possible, therefore, that the people, the civil society and the community, can build their own public libraries and cultural institutions?

Thank you Osama for bringing this interesting article. And thanks to Talal Afifi, the author of the article. And thanks, also, to the interviewees, and the readers and contributors of this interesting post.

Post: #149
Title: Re: في شأني الشخصي..لم ارقد عافية
Author: mazin mustafa
Date: 08-29-2005, 11:19 AM
Parent: #148

"الغياب يرف كزوجي حمام علي النيل..
ينبئنا باختلاف الخطي حول فعل المضارع..
كنا معا ,وعلي حدة,نستحث غدا
غامضا.لا نريد من الشىء الا
شفافية الشيء:حدق تر الورد
اسود في الضوء.واحلم تر الضوء في العتمة الوارفة"
محمود درويش<بيت الجنوبي>


المرض,اذن,ما يغلق سقف الوردة..
هو المرض وعزلته القاتمة..الرقاد..السكون الظاهري الممض..الفضاء المظلم لاطلاق الاوهام واسترجاعها..هذيان مخفور بالورطة والاحتمال..الفرضية التي تختبرك لا التي تختبرها..
هاانا..
اقامة جبرية في حيز يؤثثه الالم..
ركام متكوم من انقاض اعمدة,والواح,ولوحات زيتية تشققت,
ركام يشكل ما تبقي من مائدة الصبر..
"ضيقة هي خانة اليك"
الشوق الي بصيص حركة..التعثر المتواصل ب"كفارة"الزائر المتكلف..وحنان غامض لإمرأة غريبة..وذبادي وعصير وشاي وكركدي..
هو:
احتضار الخصائص حين تمامها..
رب للمتاهة ككل الامراض المزمنة..
حشرجة وئد الصديق لذاكرة عذبة..
-"اين مضت ملاعق القهوة؟!..دعوني اعلمكم عد الايام بمرهم البواسير واقراص المصران العصبي.."
ولكن,لم لا اعتذر؟؟
مريض بالذي لم يصب حامد..
و..
صديقي المشاء..
يبدو انني لم ارقد عافية...
لن اتمكن من اللجوء للسقيفة بانتظام.للفلس والمرض وصعوبة الجلوس..
اعتذر عن ارسال نماج نقد الخاب الديني حاليا,لان اختيارها وارسالها يتطلب حركة لم تعد متاحة كالسابق..
ساكون متابعا للوردة..
الايمايل لم يصل ..ارجو ارساله علي:
[email protected]

عزيزي حاتم الياس:
تدهورت كثيرا منذ لقائنا السابق..
لم اجد بوستكم :ارجو انزال وصلة..
ما ارجوا ان تطرح فكرتك علي اسامة الخواض,
وانا متكفل ببقية الخطوات ,ان وافق..


عزيزي الخواض:
ساظل متابعا..
لم اتمكن من قراءة كل الجديد,ولكنني ساصطحب البوست للبيت..وساتابع دوما..
برفقتي صحبة ممتعة..فراس السواح وعاطف خيري وملحمة جلجامش وادوارد سعيد..
وفي هذا الاخير يوجد الكثير مما انتظره منك..
وارجو ان يتسق له سقف الوردة..




ارجو ان تكتبوا كيفما وكي اتداوي:
حبة صباح وحبة مساء..

Post: #150
Title: Re: في شأني الشخصي..لم ارقد عافية
Author: mazin mustafa
Date: 08-30-2005, 01:17 PM
Parent: #149

عزيزي الخواض:
اشتقت كثيرا..
فعدت لاقرأ علي مهل..
الايمايل وجدته وانزلت الفايلين..
ساقوم بعرضه علي البوست باول فرصة..
اطلب نصوص الدراسات للاطلاع عليها..

لا استطيع الجلوس طويلا..
ولكن..
ما اخبار الاسبانية والامريكي الافريقي..
ابلغهم تحياتي..






وUP....

Post: #151
Title: ايد على ايد تجدع بعيد
Author: osama elkhawad
Date: 08-30-2005, 02:22 PM
Parent: #149

شكرا للشباب على تعتيلهم للبوست,وايد على ايد تجدع بعيد
ونرجو ان يعود لنا عادل بشكل دائم بملاحظاته وتعليقاته الموحية,
وقد ارجع اليه في ما يختص بتنسيق النص الشعري
كما نتمنى ان يواصل البرنس في مساهماته حول اشكالية الرحيل
وساواصل عبر عدة مسامهات:
عن عبد الحي والشيخ اسماعيل صاحب الربابة و اقنعة القبيلة,
وكذلك حول تنسيق الصفحة الشعرية وعلاقة الخطاب الشعري بالفنون والاكتشافات الانسانية
ونعود لمازن بعد قليل
المشاء

Post: #152
Title: Re: ايد على ايد تجدع بعيد
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 08-30-2005, 03:02 PM
Parent: #151

تسجيل حضور ومتابعة

Post: #153
Title: من أجل شفاء فناننا المبدع:مداخلة في الصباح ومداخلتين في المساء ,وثلاث مداخلات عند الضرورة
Author: osama elkhawad
Date: 08-30-2005, 04:46 PM
Parent: #152

عزيزي مازن
كفارة

وكدت اهديك اغنية
Quote: "كفارة البيك يزول والمرض ما بكتلو زول"

عبر برنامج " ما يطلبه التقليأسفيريون"

لكنني عدلت عن ذلك,
اذ ان هذه الاغنية تفتقد الى اللياقة والاتيكيت
فكيف تذكِّر المريض بالموت,وهو في كل الحالات يحتاج الى اقراص من شد الأزر النفسي؟ ؟ ؟

وقد عرفت أو قل خمنت انك "ممكون" ,عندما تاوقت في بوستك وقلتا النفقد الزول دا,
أها وكت لقيتك "ما في" في بوستك زاتو,
قلتا
Quote: "الزول دا....... الله يستر"

ولم اتم كلامي ,وجاء متعثرا هكذا في سري

كويس انك نجوت من الاصابة بعدوى مرض حامد الذي ينتشر عادة في الفترة الانتقالية من فصل الخريف الى الشتاء,حين قلت:
Quote: ولكن,لم لا اعتذر؟؟
مريض بالذي لم يصب حامد..
و..
صديقي المشاء..
يبدو انني لم ارقد عافية...
لن اتمكن من اللجوء للسقيفة بانتظام.للفلس والمرض وصعوبة الجلوس..
اعتذر عن ارسال نماج نقد الخاب الديني حاليا,لان اختيارها وارسالها يتطلب حركة لم تعد متاحة كالسابق..

وقد قلت يا مازن لحاتم الياس:

Quote: ارجوا ان تطرح فكرتك علي اسامة الخواض,
وانا متكفل ببقية الخطوات ,ان وافق


انا موافق سلفا ,بس فهمونا الحاصل شنو؟

وقد قلت
عزيزي الخواض:
Quote: ساظل متابعا..
لم اتمكن من قراءة كل الجديد,ولكنني ساصطحب البوست للبيت..وساتابع دوما..
برفقتي صحبة ممتعة..فراس السواح وعاطف خيري وملحمة جلجامش وادوارد سعيد..
وفي هذا الاخير يوجد الكثير مما انتظره منك..
وارجو ان يتسق له سقف الوردة..

ارجو ان تكتبوا كيفما وكي اتداوي:
حبة صباح وحبة مساء..


المهم دي مني حبة سريعة:
استمع لمحاضرة لادوارد سعيد ,كنت قد نشرتها في بوست سابق,وهذا هو اللنك:
شاهدوا واستمعوا الى المفكر ادوارد سعيد وهو يحاضر في جامعة ريس
أما بخصوص ادوارد سعيد فتوقع مني ايميلا

وفي انتظار ان تنزل لنا الباوربوينت

مع امنيات الورود كلها بشفائك العاجل

المشاء

Post: #154
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Mohammed Elhaj
Date: 08-31-2005, 03:04 AM
Parent: #1


استاذ خواض
تُبهرعندما
يبدأ طقس شعرك

وسط زخم سياطك لم استبن رؤيتك حول سيميولوجيا الصفحة الشعرية
و إعادة ترتيب لاهوت الوردة ....

في إنتظار الإبانة

لك الود
و الحُمى






حُمى الشعر

Post: #155
Title: صديقنا محمد
Author: osama elkhawad
Date: 08-31-2005, 04:36 AM
Parent: #154

صديقنا الدامري عبد الماجد
نورت البوست وشارع البوست
وكذلك صديقنا محمد
في انتظار مساهماتكما
ساعود لمسالة سيميولوجية الصفحة الشعرية,في ما يتعلق بنصي الشعري:
لاهوت الوردة

المشاء
*المادة جاهزة للطباعة,فاعطوني فرصة

Post: #156
Title: Re:مرحبا سقف الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 08-31-2005, 05:38 AM
Parent: #155

البور بوينت يحتاج لوجود معالج لا املكه الان..
قمت بحفظها علي الفوتوشوب وساقوم بانزالها كصور..





























Post: #157
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Mohammed Elhaj
Date: 08-31-2005, 05:58 AM
Parent: #1

استاذ خواض
في إنتظار العودة

Post: #158
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 08-31-2005, 09:47 PM
Parent: #157

شكرا مازن على انزالك للعرض الاول-حول العلاج بالشعر- عن طريق الفوتوشوب

طبعا هذا يفقده عنصر الحركة والذي يتميز به الباوربوينت
وفي انتظار العرض الثاني عن الجندر و الدياسبورا

ساعلق سريعا عليهما

ساعود الى التعقيب على ملاحظات محمد جميل حول علاقة النقد والابداع عموما بالاخلاق المجتمعية

المشاء

Post: #159
Title: رؤوس مواضيع حول العلاقة بين الجنس والابداع
Author: osama elkhawad
Date: 08-31-2005, 10:48 PM
Parent: #158

نعود لاسئلة وملاحظات محمد جميل ,والتي تتمحور كما نرى في علاقة النقد بالاخلاق السائدة في مجتمع ما وقبلها علاقة النص الابداعي بتلك الاخلاق المجتمعية,حينما قال:
Quote: فهلا حدثتنا يا خواض عن النقد الاخلاقي والنقد الفني...
وهل الفنان/الكاتب/المبدع مصلح اجتماعي..باحث اجتماعي..ام ماذا؟
وهل يتقيد الناقد بمقاييس الفن المتداولة في زمنه؟
وهل الابداع يضاد الحرية في كثير من الاحيان كما يقال؟
فمثلا صديقنا محسن خالد كتب فنا جميلا وفي نفس الوقت_حسب رايئ والكثيرين_ حافظ علي سمات فن الكتابة الادبية...
ولكن...........
هناك من انتقده بدعوي الاخلاق ومحادثته_من خلال كتاباته_ للاجزاء السفلي والغرائز...
فكناقد ياخواض هل يمكن ان يلغي (بضم الياء) الخلق والفني والابداعي عن مثل هذه الاعمال...
وهل ذلك يمس قضية المسموح والممنوع داخل مجتمعنا ومنظومته الاخلاقية كما يقولون؟


طبعا الموضوع طويل ومتشعب,لكنني ساحاول اختصار ذلك ,عبر تعليقي الذي بسطته في بوست الاخ عثمان محمد صالح حول التضامن مع الروائيين خالد عويس ومحسن خالد:

Quote: عزيزي عثمان

شكرا لك وان تفعل هذا الفعل التضامني العميق المرفق بتحليلك العميق,
والذي احتوى نبوءات عن فعل الاسلاميين المتطرفين
لم اسعد بقراءة نصوص كاتبنا محسن خالد,
وقرات مقتطفات منها في هذا المنبر
وأركز هنا على ما قال به الطيب مصطفى ,
وما اورده عن كلام لشخصيات روائية في نصوص كاتبنا محسن خالد
وهو لا يعلم ان الكاتب لا يتبنى دائما ,
وفي معظم الاحوال,
لا يتبنى ما تقول به شخصياته,
ولذلك يكون عمله في ان يجعل تلك الشخصيات تقول بما يتناسب مع خلفياتها الاجتماعية والطبقية ,وتطورها
وما قال به على لسان احدى شخصيات محسن خالد:


Quote: " الرجل بين قنطرة وقنطرة يفقد أيامه
ويُفلس,ذلك السوداني بين ضاحية وضاحية يترك أيامه لتتجمد
وأظافره تنبش في الثلج, قالوا كان مبتسماً بعد موته وكان
جسوراً حين اقترب منه رعاة ومزارعون من الامازيغ وفتاة واحدة
متعلّمة, يحاولون تلقينه شهادة الموت, ويحاول هو تذكيرهم
بشهادته في الحياة, الرحيل هو السيرة الباقية الواحدة
للإنسان, يقولون له الله ومحمد, ويجروّن قنينة النبيذ التي
يتشبث بها, ويقول لهم هو لادخل لله ولامحمد, أنها مسألة
شخصية بيني وبين أن أعيش كرجل, وأن أرسل للموت بطرد رجل آخر.
ويقول"الله يلعن دين السودان الكضاب زي حسنو دا"
ويقول "الله يلعن دينك ودين شياطين سماحتك"


وتعقيبا على ما اورده الوزير معاش الطيب مصطفى نقول:

ان ما اورده الوزير معاش الطيب مصطفى هو تصوير لشخصيات هامشية ,
لها فكرة مختلفة عن التفكير الديني السائد,
وهي بالفعل موجودة,
و الكثير منا يكون قد صادف تلك الشخصيات,
وهي عموما شخصيات هامشية,
ولكنها قوية في تكوينها ,
وتعبر عن تحول مهم في المجتمع,
وعن تململ وضيق بالقيم السائدة
وجديرة بأن تكون شخصيات روائية

فالروائي لا يبحث عن السائد في الثقافة,
وحتى في تصويره للسائد في الثقافة يحاول ان يعكس تناقضه,
وتعقيد الشخصية الانسانية

وما يقابل به الروائي والقصصي محسن خالد,
قد حدث ايضا لكاتبنا الروائي والقاص المعروف الطيب صالح في روايته موسم الهجرة الى الشمال,

مما جعل السلطات السودانية وكذلك المغربية ان تمنع تدريس روايته :
موسم الهجرة الى الشمال
بحجة انها تحتوى على كلام فاضح
وهو كلام ليس له اية علاقة بالفن الروائي
فعكسه لشخصية بت مجذوب وما تقول به ,
وما قال به ود الريس ,وغيره في حوارهم المشهور مع بت مجذوب,
معروف لمن ينتمون لتلك الثقافة

ليس من واجب الروائي الدفاع عن الثقافة السائدة
بل هو مهموم بابراز الشخصيات الروائية,
والتي تتناقض مع السائد

وهذه هي طبيعة الانسان
لكن الانظمة الشمولية والافكار التي تعبر عنها,
تحاول ان تقول بغير ذلك

فالمعركة هنا ,غير جديدة,
و قد مرت المجتمعات الغربية ,
التي شهدت نشوء الرواية الحديثة ,
بنفس هذه المرحلة من ادانة الروائيين ومنع أعمالهم ,
وتقديمهم للمحاكمة


الواضح انه كل ما اتسعت مواعين الديمقراطية ,و سادت الروح النقدية في النظر الى الحياة,
فان النظرة الى الجنس وعلاقته بالحياة و بالابداع ستتغير
وفعلا هنالك تغير في تلك النظرة الى الجنس في المجتمعات التي تجعل الحديث عنه من التابوهات
لكن ذلك التغير لم يصل الى المرحلة التي يبتغيها الكتاب والمبدعون عموما في المجتمعات العربية مثلا
فها هي جريدة الحياة في عددها الصادر اليوم تتحدث عن "سلطة الرقيب" في منع الكتب
فالمبرر الاخلاقي,أتى في الدرجة الثانية كسبب للمنع,
وفي ذلك تقول الصحيفة:
Quote: ويأتي المبرر الاخلاقي في الدرجة الثانية كسبب للمنع، ومن هنا نفهم الدوافع التي تقف وراء منع رواية «أخت المتعة» للروائي اللبناني علي سرور الصادر عن دار بيسان، فقد برر العايدي هذا الإجراء بالقول بان الرواية «تتناول في شكل فاضح العلاقات الجنسية، وهي تعج بالمشاهد الحسية، الإباحية التي تتنافى مع قيمنا الاجتماعية»، واللافت أن عيسى أحوش صاحب دار بيسان ناشرة الرواية يتفق مع هذا القول، فيقول، ان الرواية «تتناول الجنس بجرأة بالغة، وبلغة واضحة ومفهومة بحيث يمكن أي قارئ، مهما كان مستواه فهم مضمونها»،


وكما ترى عزيزي محمد ان مسالة تعامل المجتمعات مع ورود الجنس في الخطابات الابداعية,هي مرتبطة بشكل كبير بالكيفية التي تنظر بها المنظومة الاخلاقية السائدة في المجتمع الى الجنس

هذه رؤوس مواضيع حول العلاقة بين الجنس والابداع,
ارجو ان تكون قد كشفت بعضا من جوانب العلاقة المعقدة بين الجنس والمجتمع والمبدع
مع محبتي
المشاء

Post: #160
Title: Re: رؤوس مواضيع حول العلاقة بين الجنس والابداع
Author: mazin mustafa
Date: 09-01-2005, 02:30 AM
Parent: #159

وفي ذات الاتجاه..
منعت روايه سليم بركات"الاختام والسديم" في الاردن..
ولابد اننا نذكر ما جري من قبل لرواية "اولاد حارتنا"وكاتبها..
ورواية سلمان رشدي"Satanic Verses"رغم ضعفها الملاحظ...


علاقة الادب بالسلطة(الدينية .. الثقافية..الاقتصادية..السياسية) قديمة جدا..
وقد ظل الادب بمعظم التاريخ الانساني ناطق باسم السلطة داخل المكان الاجتماعي المحدد..
ويصبح مخالفا بتغير الزمكان الاجتماعي واختلاف السلطة واغراضها..كمالاحظ,وبذكاء,امبيرتو ايكو في روايته اسم الوردة..
ولكن في العصر الحديث,وبابتعاد مواقع المعرفة عن مواقع السلطةالسياسية(والدينية بشكل ابرز).. اخذ الادب,والرواية بشكل خاص:لطبيعة بناءها ,يتخذ مواقفا اشد تعارضا مع ما يريد السائد الاجتماعي /السلطوي..
وبالتالي بدأت اشكال محاكم التفتيش بالتكون من جديد ,باشكال تتمايز بتمايزات المجالات الثقافية التي تحيط بالعمل الفني..
والتي تتمايز بالتالي تابوهاتها:
تابو الرجعية ..تابو الكفر..تابو الاخلاق..تابو الوطن..الخ...

Post: #161
Title: Re: رؤوس مواضيع حول العلاقة بين الجنس والابداع
Author: عادل عبدالرحمن
Date: 09-01-2005, 02:31 AM
Parent: #159

عزيزي / المشّاء
التحايا لك - بعد طول غيابٍ ؛ وللأخوة المتداخلين ،

( .. نبدّل طقس الوضوء بمضمضةِ القبلات .. )
القبلةُ " فاكهة الحب " ، كما يقول غريمنا فيه : عادل القصّاًص . كما وأنّ الجنسَ هو المحور الأساسيّ - في إعتقادي - في العلاقة بين الجنسين ، ضمن محاور أخرى ..
في إبداعنا ، الشعريّ فيه على نحو الخصوص ، والحديث على نحوٍ أخص - لا تأخذ مسألة الجنس مكانها الحيويّ الذي تأخذه في الواقع الفعليّ للعلاقة . وأنا لا أعتقد أن السبب الحقيقيّ أو الأساسيّ لذلك يرجع لأسبابٍ مجتمعيّة أو دينيّة ، فقط ؛ وإنّما يلبد خلف ذلك ، أيضاً ، أسبابٌ سياسيّةٌ وفكريةٌ متعلقةٌ بذهنيّة المبدع ذاته : نحن ، بالطبع ، نتحدّث عن الأدب العربيّ في السودان .. وثراث هذا الأدب ، منذ قبل الإسلام و بعده ، وإلى عهد غناء " الحقيبة " عندنا لم يكن يتحرّج في قول الجنسيّ فكراًَ ومشاعرَ وأحاسيس . والمفارقة العجيبة أن كلّ ذلك تراجع مع ظهور الشعر الحداثي ؛ فمنذ أن أطلق خليل فرح : " عزّة في هواك " تحوّلت المرأةُ الى مجرد رمز - للأرض والوطن . وبالطبع أنّ هذا الكلام لا ينطبق على الجميع ، ولكنّه أصبح المودة - خاصّةً لدى شعراء اليسار ، والذين هم ، بحق ، أصحاب القدح المعلّى في التجديد .
العلاقةُ الإنسانيّة البسيطةُ - في الحبّ بين رجلٍ وإمرأة - صارت معفّرةَ بتراب الوطن ، بقضاياه السياسيّة ومشكلاته الحزبيّة ؛ وفقدت العلاقة خصوصيّتها وصارت شعبيّة ومتداولة / يناقشها القريب والبعيد . ( فلقد طلع الصباح .. وصمتت شهرزاد عن الكلام المباح )
إذاً ، " وردتكَ " الجميلةُ هذه - يا صديقي أسامة - أراد البعض إنتزاعها ، بعد إختلاط العام بالخاص ، من بين يديْ حبيبتِكَ / الواقعيّة وإهدائها للوطن / المفترض !! فالقراء يا عزيزي على ما عوّدهم شعراءهم : ينقّبون عن السياسيّ والنضاليّ ولو في محراب الحبْ .
وليس من باب المجاملة ؛ فرغم أنّ حديثنا تمركز حول الأدب الذكوريّ - وهو الغالب الأعمّْ ، ورغم أنّ بعض الأدب النسويّ إنجرف مع التيار العام ، إلا أنّ كثيراً من الأصوات النسائيّة كانت أكثر جرأةً / أكثر إنسانيّة ..
لكَ ، ولقرائكَ الكثيرَ من الحبِ والودّْ ،،،،،

Post: #162
Title: Re: رؤوس مواضيع حول العلاقة بين الجنس والابداع
Author: mazin mustafa
Date: 09-01-2005, 02:52 AM
Parent: #161

عزيزي عادل:
دعما لما قلت..
لك ان تلاحظ ما قابل به الكثير من القراء قصيدة:
"لاهوت الوردة" في هذا البوست.
اذ لم يخطر للكثيرين امكان انزال قصيدة لا علاقة لها بالسياسي الراهن(مقتل قرنق)..
وعليه استقبلت القصيدة ب"لي عنقها"واستنطاقها ما لا تنطق به من دلالات..
وأصبحت,لانتظار القاريء وحده:
قصيدة مناسبات مفعمة بالتبشير السياسي..

Post: #163
Title: مرحبا بصديقنا وشاعرنا الكبير عادل عبد الرحمن
Author: osama elkhawad
Date: 09-01-2005, 09:57 AM
Parent: #162

مرحبا بصديقنا وشاعرنا الكبير عادل عبد الرحمن

وقد سعد سقف الوردة بان تكون مداخلته الاولى في هذا المنبر من نصيبه

وساعود للتعليق على مداخلتي عادل ومازن القيمتين

المشاء

Post: #164
Title: نعود لاضافات مازن المهمة
Author: osama elkhawad
Date: 09-01-2005, 07:41 PM
Parent: #163

نعود لاضافات مازن المهمة

تحدث مازن عن التطورات التي حدثت في العصر الحديث في ما يتعلق بعلاقة الادب بالسلط كلها,حين فقدت تلك السلط كثيرا من تاثيرها على مواقع المعرفة والابداع,
يقول في ذلك صديقنا مازن:
Quote: ولكن في العصر الحديث,وبابتعاد مواقع المعرفة عن مواقع السلطةالسياسية(والدينية بشكل ابرز).. اخذ الادب,والرواية بشكل خاص:لطبيعة بناءها ,يتخذ مواقفا اشد تعارضا مع ما يريد السائد الاجتماعي /السلطوي..


ما احب ان اضيفه هنا ان ذلك الامر يتعلق الى حد كبير بما حدث في الثقافة الغربية,اثر المواجهة العنيفة التي حدثت بين الدين المسيحي والاقطاع من جهة وبين الطبقة البرجوازية المستنيرة الصاعدة
ففي ظل صعود الاسلام السياسي بكافة اشكاله ,كثر الهجوم على الكتاب والمفكرين والمبدعين عموما
ونذكر في هذا الصدد الاعتداء على نجيب محفوظ واغتيال فرج فودة و المطرب خوجلي عثمان و محاولة تطليق نصر حامد ابو زيد من زوجته , وتراجع القمني عن افكاره بعد تهديده بالقتل
وتلاحظ عزيزي مازن ان كثيرا من دور النشر العربية مثلا قد التجات الى الغرب
نلاحظ ايضا ان تلك القبضة الجديدة على الابداع من قبل السلط الدينية والسياسية قلت كثيرا ,
على الاقل بالنسبة للفئات المحظوظة التي باستطاعتها الحصول على خدمة للانترنت
فقد ساهم الانترنت في ابتداع منابر جديدة للراي والابداع
كما ساهمت القنوات الفضائية مثل الجزيرة في فك احتكار السلط السياسية للقنوات الاعلامية
أما حديثك عن الطريقة التي قرا بها كثير من قراء المنبر العام نصيي الشعري :
لاهوت الوردة:
Quote: لك ان تلاحظ ما قابل به الكثير من القراء قصيدة:
"لاهوت الوردة" في هذا البوست.
اذ لم يخطر للكثيرين امكان انزال قصيدة لا علاقة لها بالسياسي الراهن(مقتل قرنق)..
وعليه استقبلت القصيدة ب"لي عنقها"واستنطاقها ما لا تنطق به من دلالات..
وأصبحت,لانتظار القاريء وحده:
قصيدة مناسبات مفعمة بالتبشير السياسي..


فيعيد لي ذلك الحزن والاحباط اللذين مزقا روحي,
حين تم تاويل النص الشعري بتلك الطريقة المفجعة حقا للشاعر والنص معا,
وكذلك لقارئ ممتاز مثلك يا مازن

والكلام الاخير سيعيدني للتعقيب على صديقنا وشاعرنا عادل عبد الرحمن

والى لقاء قريب,

ارقدوا عافية تحت سقف وردتنا

المشاء

Post: #166
Title: ترحيب مبكر بعثمان بشرى:نص تذكّر عثمان بشرى
Author: osama elkhawad
Date: 09-01-2005, 09:42 PM
Parent: #164


لم اتمكن من قراءة مداخلة شاعرنا عثمان بشرى
وحتى ذلك الوقت دعوني ارحب به بأن اورد نصي الشعري القصير الذي ورد في:
قبس من نصوص التذكر
تذكُّر عثمان بشرى

اتذكّر ما يا كوفيسكي
اتذكّر عثمان بشرى ,
يحاول ان يتذكّر ما يا كوفيسكي ,
لكي يتذكّر "عبد الرحيم",
ولكنني في النهاية ,
يا سيداتي
ويا سادتي ,
اتذكَّر نفسي


المشاء

Post: #167
Title: من هنا تحياتي لخالد عبد الله
Author: osama elkhawad
Date: 09-01-2005, 09:59 PM
Parent: #166

اخيرا بعد بحث وجدت ما قال به شاعرنا عثمان بشرى
وساورده
وطبعا الشعراء مشهورون ب"المشاترة"
وهذا ما قال به عن صديق شاعر اخر هو خالد عبد الله,
Quote: يا خواض يا أسامة
يقول الملعون خالد عبدالله:
هل حدث أن خرجت من الحبيبة ممتلأا بها
ممتشقا عطرها الأنثوى؟
- قلت’: كلا.
قال انظر اليا، تكن قد فعلت.
..................


من هنا تحياتي لخالد عبد الله
وفي انتظار المزيد من مبدعي بلادنا
المشاء

Post: #168
Title: فاتنة آية صباح: المرأة في اللاوعي المسلم
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2005, 08:29 PM
Parent: #167

عزيزي عادل
حين قلت:
Quote: وأنا لا أعتقد أن السبب الحقيقيّ أو الأساسيّ لذلك يرجع لأسبابٍ مجتمعيّة أو دينيّة ، فقط ؛ وإنّما يلبد خلف ذلك ، أيضاً ، أسبابٌ سياسيّةٌ وفكريةٌ متعلقةٌ بذهنيّة المبدع ذاته : نحن ، بالطبع ، نتحدّث عن الأدب العربيّ في السودان .. وثراث هذا الأدب ، منذ قبل الإسلام و بعده ، وإلى عهد غناء " الحقيبة " عندنا لم يكن يتحرّج في قول الجنسيّ فكراًَ ومشاعرَ وأحاسيس .
والمفارقة العجيبة أن كلّ ذلك تراجع مع ظهور الشعر الحداثي ؛

فمنذ أن أطلق خليل فرح : " عزّة في هواك " تحوّلت المرأةُ الى مجرد رمز - للأرض والوطن .
وبالطبع أنّ هذا الكلام لا ينطبق على الجميع ، ولكنّه أصبح المودة - خاصّةً لدى شعراء اليسار ، والذين هم ، بحق ، أصحاب القدح المعلّى في التجديد .

العلاقةُ الإنسانيّة البسيطةُ - في الحبّ بين رجلٍ وإمرأة - صارت معفّرةَ بتراب الوطن ، بقضاياه السياسيّة ومشكلاته الحزبيّة ؛ وفقدت العلاقة خصوصيّتها وصارت شعبيّة ومتداولة / يناقشها القريب والبعيد


ما فعله كتاب اليسار هو محاولة لتقديم صورة مختلفة عن المراة والتي اقترنت بشهوانيتها و انها مجرد وعاء لارضاء رغبات الرجل
ونجد ذلك المفهوم في كل الثقافات الانسانية,والتي هي في الاساس ثقافات بطريركية تحتقر المراة وتجعل الرجل هو المهيمن

نبهتنا- عزيزي عادل -الى نقطة في غاية الاهمية تتعلق بمضاداة الفهم السائد للمراة كجسد
و التاريخ يحكي عن ذلك في كل الثقافات
فبدء من نهاية العصر الامومي بدات السيادة الذكورية ,و بدات في التشكل قضايا الجندر
ولا ندري بماذا كان يوصف الرجال في العصر الامومي

ودعني انشر عرضا لكتاب مهم صدر بالفرنسية باسم مستعار
فعايدة الجوهري تقدم في الملحق الثقافي لجريدة السفير عرضا لكتاب عن المرأة والجنس في الخطاب الاسلامي لكاتبة كتبت باسم مستعار ,وتشك عارضة الكتاب في ان المؤلفة هي فاطمة المرنيسي.
وسننشره متتابعا حتى تتم قراءته بشكل افضل,فالى عرض الكتاب*
-1-
كتاب ترجم الى الانكليزية ولم يترجم بعد الى العربية تجده في مكتبات باريس لا في مكتبات بيروت. وحسب اكبر مكتبة فرنكوفونية لم يتم استيراده يوما الى بيروت، هذا الكتاب مغفل الاسم، يحمل اسما مستعارا كما ورد على غلافه وهو فتنة آية صباح والاسم يوحي ببعض مضمونه: <<فتنة>>، تذهب بعض الآراء الى ان كاتبته هي فاطمة المرنيسي، ومن يقرأ الكتاب لا يستبعد ان تكون هي، ولا سيما انه يندرج في مشروعها القاضي بإعادة قراءة التراث قراءة نسوية حقوقية على ضوء أفكار معاصرة.

صدر الكتاب عام 1982 اي قبل <<الحريم السياسي>> بأربعة اعوام، الكتاب الثاني منع في المغرب، ولكن الفرضيات الصغرى اختلفت بين الكتابين، ففي <<الحريم السياسي>> تبرئة للتراث مما نسب اليه بينما في كتاب <<المرأة في اللاوعي المسلم>> يتحمل التراث وزر تهميش المرأة، كنتيجة لنظام عبادي يقضي بخضوع الرجل للخالق والمرأة للرجل. إلا ان الكاتبة تكشف النقاب عن تنوع الخطاب الفقهي، مقارنة بالخطاب الايروتيكي السائد في القرن السادس عشر مع ما أسمته الخطاب الارثوذكسي الممثل بالنصوص الاصلية وبعض النصوص الفقهية المتشددة.

وطالما هو كتاب مهمش وطمموس، يمكن ان نعيد قراءته اليوم ككتاب جديد وحديث.
لرصد المخاضات التاريخية لتشكل مفهوم الفتنة بدلالاته السلبية وتحويله الى مؤسسة في الثقافة العربية الاسلامية، لا بد من النصوص المعبرة عن الذهنيات التي تبني هذا المفهوم، وهذا ما قامت به فاتنة آية صباح في <<المرأة في اللاوعي المسلم>> او "La femme dans l'inconsient musulman"(1) التي قارنت بين الخطاب الايروتيكي الممثل بكتابي الشيخ أحمد نفذاوي، <<نزهة الخاطر في الروض العاطر>> الذي ألفه بناء على طلب السلطان <<عبد العزيز أبو فارس>>، والمولى احمد بن سليمان في <<عودة الشيخ الى صباه>> وكلاهما حرر في القرن السادس عشر الميلادي، وبين الخطاب الديني والفقهي الاسلامي، الذي تسميه الخطاب الارثوذكسي والممثل بالاحاديث النبوية و<<صحيح البخاري>> و<<صحيح مسلم>> و<<السنة>> للترمزي بالاضافة الى <<إحياء علوم الدين>> للغزالي و<<روضة المحبين>> و<<ذم الهوى>> لابن القيم الجوزي.

تنطلق الكاتبة من فرضية ان الخطاب الديني الفقهي الارثوذكسي يتجاهل رغبات المرأة ويحاول السيطرة على رغبات الرجل، تاركا بصماته على الجسدين الانثوي والذكري، فيما يعنى الخطاب الايروتيكي بإشكالية المتعة جاعلا من المرأة ورغباتها محور تنقيباته وتوصيفاته وإرشاداته.


*فاتني حين حفظت العرض ان اسجل رقم وتاريخ العدد

Post: #169
Title: الجزء الثاني من عرض عايدة الجوهري :المرأة في اللاوعي المسلم
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2005, 09:07 PM
Parent: #168


ينطلق الخطاب الايروتيكي من معطيات ارادها علمية موضوعية وتتمحور حول رغبات المرأة اللامتناهية. ففي <<عودة الشيخ الى صباه>> يصف المولى احمد بن سليمان رغبات المرأة وحاجاتها الجنسية بلهجة علمية قطعية قائلا ما معناه ان <<بعضهم أكد ان رغبة المرأة الجنسية تتجاوز رغبة الرجل. بعضهم قال ان المرأة لا ترتوي، ولا تمل المجامعة، وإن الرجل، على النقيض منها، سريع الاشباع والارهاق، وان رغبته تضؤل اذا اكثر من المجامعات وعلى ما يظهر، لو جامعنا النساء، ليلا ونهارا، ولسنوات، فلن نشبعها، ورغبتها في المجامعة لن تخف>>(2).

ويعزز نظريته في مكان آخر معلقا على العلاقات السحاقية بما معناه <<ان جميع إناث الحيوانات، لاحظ العلماء، لا يشعرون بالرغبة في المجامعة إلا جزءا من السنة، بخلاف الإناث الانسانية اللواتي يشعرن بهذه الحاجة طوال العام، إلا ان الحد من رغبات الحيوانات ممكن ويشغلهم عن اعضائهم الجنسية فيما فرج المرأة لا يتعطل ولو زوجت سبعة رجال، على عدد ايام الاسبوع، وهذا لا يمنعها من البحث عن علاقات سحاقية اضافية>>(3)
بأية حال لا يعني هذا الاقرار بأبعاد الجنسانية النسائية، التضامن مع النساء فحسب بل الكشف عن حقائق <<علمية>> تنذر الرجال بضرورة اخذ العلم ووضع استراتيجيات لتعزيز قدراتهم الجنسية لإرضاء النساء وضمان تعلقهم بهم وإثبات رجولتهم.
لكن هذه الغايات المعلنة لا تقلل من أهمية منهج الشيخين وخطتهما المركزة على تقنيات إشباع رغبات النساء، والذي يؤول الى قلب الادوار التقليدية، فالمرأة هي التي تبحث عن لذتها <<والرجل يصبح مجرد وسيلة مطاردة، لهذه الغاية>>.(4)
ويحفل كتابا الشيخ محمد النفذاوي والمولى احمد بن سليمان بالحكايات المؤسطرة لرغبات النساء و<<انحرافاتهن>> التي لا تشبعها احيانا سوى ذكور الحيوانات من قردة ودببة وحمير وبغال، والتي لا تعرف قوانين التمييز العنصري والطبقي فتطارد <<العبيد السود>> وتفضلهن على الأسياد، ناسفة النظام الاجتماعي التراتبي والاثني الاسلامي.

تعليم الرجل

لغايات مختلفة، اقل براءة، نجد أصداء لهذه الحكايات شبه الاسطورية من <<ألف ليلة وليلة>> إذ تمعن <<الليالي>> في اسطرة شهوانية النساء وجنوحهن الى ارضاء رغباتهن الايروسية بشكل خرافي كاسر للاجناس والطبقات. ففي حكاية <<وردان الجزار وصاحبة الكنز>>(5) ترفض البطلة وهب جسدها لوردان الجزار، ويفترض ان يكون الجزار قوي البنية، لتهبه لدب يضاجعها عشر مرات متتالية، وهذه المرأة شاذة طبقا للمنظور الاجتماعي والاخلاقي والديني الذي تدافع عنه <<ألف ليلة وليلة>>.
وفي حكاية <<داء غلبة الشهوة>>(6) يتعلق قلب ابنة احد السلاطين بحب عبد اسود افتض بكارتها وأولعت بالنكاح فكانت <<لا تصبر عنه ساعة واحدة>> فكشف أمرها الى بعض القهرمانات التي أخبرتها <<ان لا شيء ينكح اكثر من القرد>> فتركت العبد الاسود لصالح القرد وهربت بهذا الأخير الى الصحراء.

هذه الحكايات وغيرها تتكرر في كتابي علم الباه المذكورين، كما نصوص ألف ليلة وليلة المتخيلة، مما يدل على البعد التخيلي الاستيهامي لواقع النساء، ولكن ما يجمع بين هذين النوعين من الكتب هو الإقرار بشهوانية المرأة مع فارق كبير هو ان الكتابين موضع الدراسة يتعاطيان مع هذا الامر دون تذنيب او عقاب او زجر كما في ألف ليلة وليلة، حيث تعاقب النساء بشدة بسبب ميولهن.

على نقيض <<ألف ليلة وليلة>> ولهجتها الزجرية، يعنى الشيخان بإرشاد الرجال الى التقنيات الفضلى لممارسات الجنسية، كما الى وصفات غذائية من شأنها تقوية الطاقة الجنسية، والتوصل في نهاية الأمر الى إرضاء النساء، واحتوائهن. فالمرأة هي التي تبحث عن لذتها و<<الرجل يصبح مجرد وسيلة مطاردة لهذه الغاية(7) ولو كان الهدف المبدئي كما عبر عنه المولى بن سليمان مقدسا وهو تعليم الرجل فن المجامعة وطرائق إثبات رجولته تبعا للقول النبوي <<تناكحوا وتكاثروا إني مباه بكم يوم القيامة>>.
هذا الخطاب الايروتيكي، الذي يتخذ من إشباع رغبات المرأة الجنسية، بعد اسطرتها، نقطة ارتكاز، والذي يحمل الرجل مسؤوليات عظمى يتضمن إرشادات طبية ووصفات غذائية عالية الفائدة ووصف تقنيات كناية عن استراتيجيات من شأنها اشباع رغبات المرأة وضمان انجذابها اليهم بعد تقديم معلومات تشريحية علمية متخصصة يتطابق مع التصورات المكبوتة الواعية واللاواعية حول متطلبات المرأة الجنسية التي تهدد الرجل في صميم رجولته وتضعه في حالة امتحان دائم فيرد عليها بتدابير ايديولوجية تفضي بإخفاء المرأة وتطويعها وتحقير شهواتها.

يسبر الشيخان نفذاوي وبن سليمان أغوار الرغبة الانثوية، رغبة الجنس الدوني المعطوف على الجنس الآخر والمهمش، بغية تقوية الأمة وارتكبا بذلك خطيئة تداركها الخطاب الديني الذي دارى خوفه وأسس لسيطرته على المقدس مهندسا الواقع الحي.

Post: #170
Title: Re: الجزء الثالث من عرض عايدة الجوهري :المرأة في اللاوعي المسلم
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2005, 09:23 PM
Parent: #169

[U]الخطاب الديني
هو خطاب السلطة والشرعية مستندا الى شرعية فوق طبيعية، الهية، فلا يعود خطابا حول السلطة. انه السلطة.
وبناء على هذه المشروعية المقدسة <<ينظم العالم من نسق شامل مليء بالرسائل والعلاقات مشكلا <<النظام الثقافي المسلم>>، عبر الكلمة والمجرد والخطاب، اي الرؤية والتصورات>>(9) خلافا لعالم الجنسانية الحي المعبر عنه بوقائع مادية فيزيائية حية، مولدا تناقضا بين الايديولوجية والمتخيل والواقع.
وتعطي الكاتبة مثالا على ذلك انتماء الاولاد قانونيا واجتماعيا للأب: فيما الأم هي التي تحمل وتلد.
على نقيض الخطاب الايروتيكي الذي حول المرأة الى ذات راغبة متطلبة، يقوم الخطاب الديني بتطويق النساء جسديا واجتماعيا وفق رؤية دينية تراتبية تضع الرجل على رأس المخلوقات التي خلق من أجلها الكون والنساء، حتى ان المخاطب في هذه النصوص خصوصا الاساسية هو الرجل وليس الجنسين.

ترى صباح ان الخطاب الفقهي المتشدد لا يتعارض مع مغزى النصوص الاصلية التي تحول المرأة الى مقتنى ممتع يباح التحكم فيه دون مراعاة الشريك مستشهدة بالآيتين الكريمتين التاليتين:
1 <<زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطر المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث>> (آل عمران: 14).
2 <<ان نساءكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم (البقرة: 223).
ففي الآية الاولى تُصنف المرأة من بين المقتنيات فهي نظيرة الذهب والفضة والخيل والانعام والاراضي وهذه الآية تعرف المرأة بعلاقتها بالرجل، والتي تقوم على الاقتناء والاستهلاك والتحكم.
وفي الثانية يبرز الطابع الاحادي للفعل الجنسي <<فهي ارض، وملك شبه عقاري(10).
فتستنتج ان جوهر الاتصال الجنسي في المنظور الاسلامي القائم على التراتبية، يؤسس للمجتمع الأبوي، هذا المجتمع الذي لا يقوم إلا بسيطرة الرجل على المرأة وعلى تشيؤ هذه الاخيرة.

<<وفي إحياء علوم الدن>> يعبر الإمام الغزالي عن هذا الانضباط المتلازم مع المبدأ العبادي الذي يجعل من <<الله>> وعبادته الهدف الرئيسي من حياة البشر على الارض، فالغزالي يرى ان من شأن <<الانصراف الكامل للهو مع المرأة والاستمتاع برفقتها والاستسلام للملذات، ان يصرف الانسان جسدا وروحا، ليلا نهارا، وان تشغله عن العالم الماورائي والاعداد له>>(11) مستشهدا بجملة لابراهيم بن ادهم <<من يعتَد على التغلغل في أفخاذ النساء لا يُرجَ منه شيء>>. وبحسب الامام الغزالي يجب ان يكون الجسد الانثوي محتقرا مشيئا ولا يشغل المؤمن إلا زمن لذة مقتضبة، نفعية، ليتذوق ما ينتظره في الجنة، ولا يجوز ان تزاحم المرأة تفرغ الرجل للعبادة الله.
بشكل مفارق يلتقي هذا الخطاب مع خطاب احمد بن سليمان كاتب <<عودة الشيخ الى صباه>> ومحامي لذات المرأة الذي يقول <<ان من يتزوج اختار الحياة على الارض>>، الرأي الذي لم يمنعه من استكمال مهمته.

وتعتقد الكاتبة ان القرآن قائم على نظرية الخضوع لله ولكيفية تحقيق هذا الخضوع. والخطاب الديني الارثوذكسي الذي يحذر الرجل من الاستسلام للذة والتيه فيها يقاصص المرأة بأن يمنحها ربع رجل ويحرر الرجل بان يتيح له بالزواج من أربعة نساء، رغم بعض نداءات العفاف والزهد.
والبخاري من جهته ينسب الى النبي انه رأى ان الجموع التي تدخل الى جهنم كن من النساء وانه قال عندما تقوم القيامة سوف يزداد الفسق ويزداد الاقبال على الشرب والزنى وتكثر النساء.

اما ابن القيم الجوزي في <<روضة المحبين>> فقد ادان بشدة <<الهوى>> في المطلق، وتغلبه على العقل وحذر من غلبته في الفسق كما في السياسة.
والإمام البخاري في صحيح البخاري يرجع الى اقوال للنبي يشبه فيها المرأة بالشيطان وكمصدر للفتنة ويوافقه مسلم الذي يرى في المرأة <<فتنة مستمرة للرجل بسبب المتعة التي توفرها له، سواء كان بنظرتها او بكل ما يخصها ولأنها تحض على الشر>>.
ولم يخرج ابن خلدون عن مبدأ ضرورة ضبط الشهوات كي ينصرف المؤمن للأوامر الإلهية: <<... كظم الشهوات ايضا ليس المراد به إبطالها بالكلية وإنما المراد تصريفها فيما أبيح له باشتماله على المصالح ليكون الإنسان عبدا متصرفا طوع الأوامر الإلهية>>.(12)
هذا الخطاب الديني الفقهي السلطوي الذي يعترف <<بحب الشهوات>> يواجه هذا الاعتراف بضرورة ضبطها لئلا يفقد المسلم المؤمن عقله.
اذا ان التأثيم الذي يطال المرأة الغاوية ناجم عن حاجة القدسية الى ان لا يفقد عقله وهو حسب هذا المنطق قد يفقده اذا اشتهى امرأة لا يستطيع التمتع بها لأنها ليست زوجته او ملك اليمين(13).

والازدواجية تكمن حسب <<فتنة آية الصباح>> في ان النص القدسي، راعى حاجات الرجل الجنسية على الارض وفي السماء ولم يعنَ بحاجات المرأة رغم اعتراف الأدبيات الإباحية العربية بهذه الحاجات في <<نزهة الخاطر في الروض العاطر>> <<كما من عودة الشيخ الى صباه>> لابن سليمان، فيما قضى النظام القدسي في القرآن والأحاديث وكتب الفقهاء: بترتيب العلاقات الجنسية بحيث يسيطر الخالق على الرجل الذكر والذكر على المرأة.

Post: #171
Title: الجزء الاخير:الفتنة والطاعة الالهية
Author: osama elkhawad
Date: 09-02-2005, 09:48 PM
Parent: #170

الفتنة والطاعة الإلهية

وفي خطاب الشريعة المستوحى من القرآن والسنة والاجتهادات الفقهية، تتحول المرأة الى موضوع للذة غايته ارضاء الرجل، وبدلا من ان تجمع العلاقة الجنسية بين شريكين ذوي ارادة تتحول المرأة الى أداة لذة وإنجاب في خدمة الرجل.
<<إن تشيؤ المرأة شرط من شروط استراتيجيات الهيمنة الأبوية، مفهوم الملكية، اي الاستمتاع السيادي الكلي، (الذي) لا يتم إلا اذا كان العنصر المملوك محروما من الارادة>>(14)

وهذا الحرمان من الارادة ليس مجانيا بل وظائفي فهو يوظف في تشكيل العائلة المسلمة ورسم ادوار المرأة حيث ينحصر دور المرأة المسلمة الاحادي بأنها زوجة وام، كما توظف بقية التصورات الاستيهامية والاسطورية لخدمة هذين الدورين. وكان لا بد من تشريعات تحول هذه المرأة الخارقة الشهوة كما يصورها الكاتبان الاسلاميان، والآثمة كما تصورها اسطورة آدم وحواء الى <<زوجة ام تكتفي بزوجها الشرعي>> الذي يختاره لها ولي امرها، ولا بد من احتجازها وإخفائها، وإبعادها قدر الامكان عن الذكور.

خلافا لما هو سائد، ترى الكاتبة ان الرجل هو الآخر محكوم بنظام سلوكي عبادي يقضي بألا يشغله شيء آخر عن عبادة الله. فهذا الخطاب الذي تسميه الخطاب الارثوذكسي يحذر من الانجذاب الى النساء والاطفال والثروات بدلا من التعبد لله. وتستشهد بآيات قرآنية معبرة عن هذه الاشكالية الا انها لا تشرح لنا كيف يوفق هذا الخطاب بين دعوته الى عدم الانجراف وراء ملذات الارض وبين تعدد الزوجات وحق التسري.

ملاحظات

ولكن الكاتبة تقارن بين نصوص تنتمي لعصور مختلفة. فنصوص البخاري ومسلم تنتمي الى القرن التاسع الميلادي فيما النصف الايروتيكي ينتمي الى القرن السادس عشر حيث يختلف الإطار المعرفي. وكنا نتمنى ان تبرز لنا هذه اللغة المتشددة وتزرعها في سياقاتها، كأن تقارن بين ما كانت عليه المرأة في العصر الجاهلي وما اصبحت عليه في صدر الاسلام وفي العصرين الاموي والعباسي ولكنها تكتفي بالتذكير بما قام به المسلمون الاوائل من جهود للقضاء على الالهات <<المنارة وعزة واللات>> مما يدل على ارادة التخلص من آثار تقديس الآلهة الإناث وتحجيم دور المرأة، إذ ان واقع المرأة في العصر الجاهلي كان متنوعا دامجا بين هيكليات المجتمعين الابوي والاموي، ويكفي في هذا المجال العودة الى انماط الانكحة التي كانت تتم في تلك الحقبة والتي كان بعضها يمنح المرأة حريات شخصية لامحدودة(15). كان يمكن ان يفسر الخطاب التقييدي كرد فعل على الحياة الليبرالية التي تعيشها النساء كآلية دفاعية وكتكريس لهيكليات النظام الابوي، كما كان يمكن الاشارة الى تأثير الفلسفة الافلاطونية القائمة على ثنائية الروح والجسد وعلى احتقار الشهوة.

ومن جهة اخرى لا تختزل الاقوال التي اقتبستها الكاتبة موقف جميع الفقهاء والمفكرين الاسلاميين من الرغبة اذ نجد في كتب اخرى تمجيداً للرغبة الذكورية على الاقل كما في <<تحفة العروس ومتعة النفوس>> للكاتب المغربي احمد التيجاني المتوفى عام 1309 ه وان تقاطع نصه مع النصوص المذكورة لجهة تجاهل كينونة المرأة وارادتها إلا انه لا ينشئ تعارضا بين المتعة والعبادة بل يكتفي بباب واحد من اصل 25 للتحذير من الاقتراب من المحرمات اي من الاقتراب من غير المحارم، علما انه يستفيض في شرح فوائد التسري، عدا عن <<نهاية الإرب>> للنويري (733 ه) الذي اهتم بتقوية الشهوة.
بأية حال، تقدم <<آية صباح>> قراءة خاصة لنصوص تراثية، تعكس بتعارضها، ما يمكن ان تقوم به الايديولوجية تجاه الواقع الحي النابض التجريبي مقولبة هذا الواقع وفق ارادة المعرفة والسلطة من جهة وكيف يمكن للفقيه ألا يجنح ويتناسى الواقع وكأنه غير موجود، بل على العكس فينكب على دراسته بغية الوصول الى حقيقة ما، محولاً الخطاب الفقهي الى خطاب يراد به ان يكون علميا إنسانيا، موسعاً حدود فقهه.

وأخيراً تفيد كل قراءة واعادة قراءة في فهم الانظمة المعرفية التي تحكم الذهنيات السائدة في عالمنا والتي توظف لخدمة الايديولوجية الذكورية والسلطوية

Post: #172
Title: Re: الجزء الاخير:الفتنة والطاعة الالهية
Author: mazin mustafa
Date: 09-03-2005, 09:10 AM
Parent: #171

UP

Post: #173
Title: Re: الجزء الاخير:الفتنة والطاعة الالهية
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-03-2005, 01:45 PM
Parent: #172

إلى حين تهدأ الأوضاع هنا قليلا (عودة للحوار)!.

Post: #174
Title: Re: الجزء الاخير:الفتنة والطاعة الالهية
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 09-03-2005, 06:37 PM
Parent: #173

الي هناك......
رغم ان العفريتة ناقصة زيت
وبرغم ان السبت اخضر هنا شمال الارض غرب القمر
ولكن...
ساحلق هنا حتي عودة المشاء وتهيئة مدارج الهبوط...
مادام الفن الجميل مهارة...
وللفن رسالة...
مادام لم يتحول لراقصة تهتز لترضي عنها الجماهير...
وبرضو الي هناك.....
من اجل هذه الوردة والتي ستظل ساهرة حتي عودة المشاء وطلوع الشمس..
سلملم...

Post: #175
Title: سيمتد حتى مطلع الحب
Author: osama elkhawad
Date: 09-03-2005, 06:43 PM
Parent: #174

شكرا لمازن ومحمد جميل على العفريتة الصغيرة

وفي انتظار عودة البرنس لمواصلة مساهماته المتميزة في هذا البوست,
الذي يبدو انه سيمتد حتى مطلع الحب

المشاء

Post: #176
Title: Re: سيمتد حتى مطلع الحب
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 09-03-2005, 06:51 PM
Parent: #175

سننتظر أمير الكلام...البرنس..
وحتما كل سطر يكتبه سيكون قصة ابداع بلا حدود..
سلملم

Post: #177
Title: Re: سيمتد حتى مطلع الحب
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-03-2005, 06:56 PM
Parent: #176

حتما سأعود يا أصدقائي ولدي القليل من الأفكار والكثير من المحبة لهذا العالم الجميل!.

Post: #178
Title: Re: سيمتد حتى مطلع الحب
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 09-03-2005, 07:09 PM
Parent: #177

اصدقائي...
الغجري ...وذاك أمير الكلم...
باسم اللوعة الي الجمال..وما دمت ثملا حد السكرة الاخيرة..سأكون هنا..
وسلام حتي مطلع الفجر...
لأحارب..وأحارب الحزن والروتين بالعشق والجمال ولغتكم العميقة...
فكونا دائما مدججين بالكلمة والحرف..
اكتبا بلا نماذج ولا مثال ولاقالب...
فحرفكما دائما كاكسير نقي يمكن للذواقين والذواقين فقط أن يتنفسوه...
أما............ومريديهم فلا بواكي عليهم...!
فحلقا هنا وهناك.......بشكل آخر...
فهذه الوردة ليست هيكلا دينيا..ولا مككانا للنزاعات الادبية...
وعليكما الابداع ورحمة الله..
سلملم...

Post: #179
Title: نفزاوي دوت نت
Author: osama elkhawad
Date: 09-03-2005, 07:21 PM
Parent: #177

سبق لفاتن اية صباح ان تحدثت عن الشيخ النفزاوي صاحب الروض العاطر في نزهة الخاطر وهو بمثابة كاماسوترا في نسخته العربية
وقد قرات عن تاسيس موقع على الانترنت باسمه وهو نفزاوي دوت نت
لكنني لم اعثر عليه
وادناه المقال الذي يتحدث عن الموقع
هو بالطبع حسب مقاله الكاتب وحسب ورودها في موقع ثقافي طليعي هو ريزجار ليس موقعا بونوغرافيا ,لكنه مهتم بالمقموع في الحياة الانسانية الا وهو الجنس,
و هذه في رايي واحدة من اهم الاكتشافات ,وقد تمت على يد سيجموند فرويد

وبعد ذلك سنعرج على راي لعبد الله على ابراهيم حول بكم المراة المسلمة وهو يحاول ان ينفي ذلك البكم,باعتبار انها لم تستسلم نهائيا للقمع الذكوري
وسندعم ذلك بمثال اصبح معروفا هو مثال نساء البشتون في افغانستان,
وسنعرض شعرهن ومقالا مهما كتب عنه في جهة الشعر
مع محبتي

والان الى المقال

إن كنت خجولاً فاقرأ المقالات ولا تنظر إلى الصور! موقع عربي يناقش الجنس بصراحة وجرأةابراهيم توتونجي
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=2308

Post: #180
Title: Re: نفزاوي دوت نت
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 09-03-2005, 07:35 PM
Parent: #179

Quote: وهو يحاول ان ينفي ذلك البكم,باعتبار انها لم تستسلم نهائيا للقمع الذكوري

علي اي جانب نحن يا خواض...
فعلا لم يعد هو ذلك هو الاله الذي يحاكم الانوثة...
فليدعها ترتدي ذلك الاحمر الذي ينكفئ علي الجسد حد الالتصاق...
والاحمر لاترتديه الا واثقة...
وستظل الانثي ابدا ثقافة وليست جسدا...
واعذر جنابتي..وثمالتي وانا ارنو للعيون التي عبرت بجانبي وتركتني بلا عيون...
وتعبيرك يا صديقي يحمل "كلمات ليست كالكلمات"...
دعنا نسير في ذات اتجاهه ونتحدث عن المقموع في الحياة الانسانية...
عن الشفاه الملتهبة وما تحت الحزام...
دعنا نعيش ضمن نطاق المجانين...
ودعهم يحاكموننا بدعوي الاخلاق والدين..ونواميس المجتمع...
ودعك منهم وارقص برشاقة يا صديقي..فلا تهتم لافيونهم..
سلملم...

Post: #181
Title: قلمي لن يتوقف عن نقده لممثلي المؤسسة الاكاديمية السودانية في هذا المنبر من التقليديين والبيروق
Author: osama elkhawad
Date: 09-03-2005, 09:31 PM
Parent: #180

عزيزي محمد جميل
شكرا لما قلته به عن تعريفك للوردة
لكنني لا اتفق معك في الاتي:
Quote: فهذه الوردة ليست هيكلا دينيا..ولا مكانا للنزاعات الادبية...


هذه ليست نزاعات ادبية,
انها اختلاف جذري في وجهة النظر الى العالم والى المؤسسة الاكاديمية والى العولمة الثقافية و غيرها من المواضيع المهمة ذات الصلة

من جانبي ساركز على مواضيع بعينها ,
لكن قلمي لن يتوقف عن نقده لممثلي المؤسسة الاكاديمية السودانية في هذا المنبر من التقليديين والبيروقراطيين وأنصاف الاكاديميين

فلابد من تعريتهم بشكل علمي وعبر الاستشهادات والادلة الدامغة على انهم يتلاعبون بالكي بورد كي يخفوا ,وفي الحقيقة يكشفوا, عن غياب مشروعهم الابداعي,
وعن انهم لم ينجزوا مهمتهم التاريخية
والاهم من ذلك كشف الخلفية المعرفية الهشة التي ينطلقون منها

وساعود بعد قليل

ارقد عافية

المشاء

Post: #182
Title: ما تزال هنالك هيمنة لطيفة و مستبطنة للخطاب الذكوري
Author: osama elkhawad
Date: 09-03-2005, 10:00 PM
Parent: #181

في مقاله المهم "ما خلف الحجاب في حكايات المراة السودانية" يتحدث عبد الله علي ابراهيم عن بكم المراة المسلمة,حين يقول:

Quote: وسننظر الى هذه الحكايات كجزء من الجدل المستمر لوجهات النظر الأنثوية والذكورية في المجتمعات المخصوصة التي جمعت منها.وواقع أن النساء والرجال الذين يحكون هذه الحكايات عن نساء ورجالم هم مسلمون,مما يزكي طريقتنا هذه في النظر.

فبكم النساء المسلمات بانقطاعهن عن الخوض في شأنهن وشأن مجتمعهن قد أصبح مضربا للمثل.غير أن هناك من يقول الان:ان هذا البكم المأخوذ على المراة المسلمة متوهم.

وجرى القول أيضا ،أن وصف النساء المسلمات بالبكم يدل على محدودية دارسي أوضاع المراة المسلمة,أكثر من دلالته على المساهمة الفعلية لتلك المراة في الخطاب الجاري في مجتمعها .فالاثنوغرافيون,الذين حصروا أنفسهم في دراسة الأداء الرسمي لقوى الحكم والادارة العامة في المجتمع الاسلامي,قد انتهوا الى التشديد على قوامة الرجال على النساء.
فدونية النساء الفطرية التي نجدها في امثال العرب المسلمين قد وضح أنها تعكس حزازة نوعية قارة في هذه الأمثال لسيادة أيديولوجية الرجال عليها.

اذا تركنا البنية المؤسسية الرسمية لمجتمع الرجال المسلمين جانبا,فان تحليل الحصائل,الذي نحن بصدده,سيجعلنا نقف على الدرجة التي يمكن بها للحكايات أن تشكل أداة رمزية تستقوي بها المراة المسلمة في مجتمعها متخطية بصوت خطابها الجمالي عثراتها الاجتماعية المتأصلة.

الثقافة والديمقراطية في السودان-الطبعة الثانية 1999 –ص 169

هذا كلام مهم ,ونقول به كمقدمة لنشر نصوص نساء البشتون,وهنّ نساء طالبان
وهذا ما يعيد التساؤل حول علاقة الكتابة بالجندر وحول مفهوم الكتابة النسائية وخاصة في الخطاب الابداعي السوداني
فكثير من النساء السودانيات هن في الغالب ,بطريقة او اخرى واقعات تحت هيمنة الخطاب الذكوري
هنالك تغييرات ملموسة -لا شك في ذلك - في تغير وضع المراة السودانية

لكن ما تزال هنالك هيمنة لطيفة و مستبطنة للخطاب الذكوري
ولعل تقديم المساواة كجند من اجندة حركة تحرير المراة السودانية,ووضعه في المقدمة قد ساهم بدرجة من الدرجات في ان يكون الخطاب التحرري النسائي السوداني هو خطاب يتماهي بدرجة كبيرة مع الخطاب الذكوري السائد

ولك ان تتأكد من ذلك-مثلا- في شكل الاحتفالات التي تقيمها المنظمات النسائية ,وفي نوع الشعر الذي يرتبط اساس-كتاكيد للمساواة- بالوطن والايديولوجية و ما نبه اليه عادل عبد الرحمن من تعفر المراة بالايديولوجية والاحزاب والسياسة في شكلها المباشر
وحتى غناء البنات السوداني ,وما سمي بالغناء السري,هو في جزء كبير منه انسياق الى الصورة الذكورية التي شكلتها المخيلة الذكورية حول المراة
بالتاكيد ان لذلك علاقة وثيقة بالمحافظة التي تسم بنية المجمتع السوداني وبان التغيير الاجتماعي قد توقف الى حد كبير في مرحلة محددة,
و قوانين سبتمبر و استلام الاخوان المسلمين للسلطة هما مثالان لردة فعل العقل الجمعي المحافظ وخاصة في اوساط نخب الثقافة العربية الاسلامية ,ازاء ما حدث من تغير نوعي في حياة المراة المدينية

ادناه رابطان للباحثة السودانية المعروفة هادية حسب الله حول المراة ,وهنا اركز على الرابط الثاني باعتباره يتحدث عن علاقة الجندر بالكتابة
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=11584

http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?t=1&aid=6575

الدراسات حول علاقة الجندر بالكتابة و الابداع شحيحة,
وهنا نحيي ناقدتنا المختفية الجندرية على انها رائدة في هذا المجال

وكون انه لا توجد شعبة لدراسات الجندر في مؤسساتنا الاكاديمية وخاصة المؤسسة الام اي جامعة الخرطوم,يعكس مدى التقليدية والمحافظة التي تسم تلك المؤسسة

وساعود

المشاء

Post: #183
Title: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: osama elkhawad
Date: 09-04-2005, 11:03 AM
Parent: #182

الاعزاء تحت سقف الوردة

لن اتمكن من العودة الا يوم الثلاثاء

نأمل في مزيد من المساهمات ,وخاصة من الجنس الاخر,
لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا

وارقدوا عافية حتى مطلع الحب

المشاء

Post: #185
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-04-2005, 07:17 PM
Parent: #183

A man travels the world over in search of what he needs and returns home to find it


GEORGE MOORE

Post: #186
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-04-2005, 07:46 PM
Parent: #185

عزيزي المشاء:

بدا تعقيبك على حديث لي سابق حول (الرحيل) أوفي رواية أخرى (إشكالية الرحيل) محتويا على نسبة عالية من اللمحات الذكية. ولعل جوهر ذلك يتحدد عبر قولك: "لعلنا نكون مطالبين بالتفريق بين مسالتين: مسالة الكتابة عن الخطابات الابداعية السودانية بكافة اشكالها انطلاقا من المهاجر والمنافي.
والمسألة الثانية هي رصد المكان المهاجر اليه ابداعيا". وإن كان في زعمي أن الفصل بين المسألتين ليس بمثل تلك الصرامة التي تجعلهما مسألتين مستقلتين عن بعضهما البعض على نحو لا أقول ينفي بل يقلل إلى حد بعيد من تداخلاتهما الوثيقة. فالعلاقة أوأشكالها بالمكان المهاجر إليه أوموقع الذات الكاتبة أوالناقدة داخل هذا المكان هو ما يحدد زاوية النظرة إلى تلك الخطابات في وطنها الأم وطرق تحققاتها. ولي عودة.

Post: #187
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-04-2005, 08:00 PM
Parent: #186

عزيزي المشاء:

أرى بعد جرت موضوعات جميلة وثرية التناول في أثر تعقيبك المشار إليه أني رؤيتي لن تتضح لقاريء غير متابع سياق البوست من أوله سوى عبر إستعادة ذلك التعقيب هنا كاملا ولاسيما لما يحتويه من حديث حول "النوستالجيا":






مواصلة لمداخلة الصديق حاتم الياس عن الرحيل ,وعن المكان في الكتابة,
نعود للتعليق على ما طرحه شيخنا البرنس في تعليق له على كلام للطيف

فهو قد راي ان عبد اللطيف قد احاله الى "اشكالية الرحيل",ثم انتقل الى اعطاء تلك الاشكالية سياقا أبعد من سياق الناقد حين قال:


Quote: والرحيل كإشكالية فيما يتعلق بتوثيق الرؤية أوتوافر جسد نصوص يمكن لهذه الرؤية تشريحها لا يتعلق في تصوري الخاص هنا كما يوحي سياق الفكي ب"الناقد" فحسب، بل يشمل المبدع نفسه من زاوية رصد منتظم للحياة وخيطها الدال على تطورها وما يمكن أن يحدثه هذا التطور من تبدلات في مكان شكل جوهر وجوده المادي والثقافي سواء من حيث اللغة أوطريقة عمل العلاقات الاجتماعية.



لعلنا نكون مطالبين بالتفريق بين مسالتين:
مسالة الكتابة عن الخطابات الابداعية السودانية بكافة اشكالها انطلاقا من المهاجر والمنافي
والمسألة الثانية هي رصد المكان المهاجر اليه ابداعيا

فمسالة لطيف في رايي تتعلق بامكانية الحصول على النصوص السودانية,خاصة وانها لا تتوفر على الانترنت,كما لا تتوفر طرق حديثة للحصول عليها,من الانترنت ,بواسطة مواقع تتيح لك التسوق ثقافيا بواسطة بطاقات الائتمان وغيرها من الوسائل التي وفرتها العولمة.
فالرحيل ,وفر للكتاب السودانيين وسائل متقدمة للحصول على المعلومة.وهو ما يبدو صعبا ,الى الان,في السودان.وكانت هذه من المسائل التي اثرتها في شهادتي عن هجرة المقاربات النقدية الحديثة الى السودان.
و "كتاب الداخل" يتوفرون على النصوص والخطابات الابداعية السودانية,لكن في المقابل,لا يتوفرون على سبل الحصول على المعلومة,ومتابعة أحدث ما تنتجه النظريات الادبية والاجتماعية وغيرها من النظريات.
وقد قرات منذ مدة حوارا نشر في ملحق ثقافي بيروتي ,لا أتذكر اسمه الان,وكان قد أجراه طلال عفيفي,
وفيه يحكي الكتاب السودانيون عن معاناتهم في الحصول على الكتاب.
ويا ريت لو نشر لنا طلال ذلك الحوار وبسطه في هذا البوست,لمزيد من التوثيق والاضاءة.

ويمضي البرنس في مداخلته كي يتحدث عن أن الابداع السوداني سيكون منفتحا على المكان الثاني ,في المهاجر والمنافي حين يقول:

Quote: ويمكن القول، في ظل تصاعد الرحيل كإشكالية، إننا ربما نكون موعودين على صعيد الإبداع، وعلى نحو كثيف ومتزايد، بأنواع جمالية تنهض على النوستالجيا إلى مكان النشأة الأولى من جهة، ومن جهة أخرى ترتكز على رصد علاقات لذوات بشرية تواجه أقدارها في عوالم ربما تكون مغايرة تماما لعوالمها الأولى على صعيد اللغة والطرق السائدة للحياة.



أرى ان هذا الوعد لن يتحقق الا اذا راجع المبدعون السودانيون فكرتهم عن المكان,بأن يتخلوا عن تعلقهم بالرجوع في اية لحظة,وهو تعلق يجعل المكان بالنسبة اليهم أمرا طارئا ,
ولا يستحق ان يكتب عنه.

ثم يتحدث البرنس عن صعوبة كتابة رواية اجيال عن الدياسبورا:


Quote: ولعل ذلك ينعكس، لا سيما داخل المجال السردي، على صعيد الموضوعات محل إهتمام الرؤية للعالم وطرق تشكيلها جماليا، إذ يبدو لي منذ فترة أنه غدا من الصعوبة بمكان كتابة ما يمكن تسميته "رواية أجيال" مثل ثلاثية نجيب محفوظ، بل لعل التركيز يتم أكثر على صعيد العوالم الداخلية لأشخاص يتسمون بتكوينات نفسية مركبة نتيجة تقلبات حادة بين أساليب حياة وثقافات مختلفة .



بالتاكيد ستكون البداية هي عما سماه البرنس عن التقلبات الحادة ازاء الرحيل من المكان الاول الى المكان الثاني او الثالث او الرابع الخ....
لكن لا ارى ان رواية اجيال عن الدياسبورا هي بعيدة عن الامكان على الاقل.
ذلك أن الاجيال الاولى في المهاجر و المنافي لم تحظ بما تستحق من الكتابة عنها.
ما الذي كتب مثلا عن الجيل الاول والثاني من المهاجرين الى السعودية مثلا واقطار الخليج؟
لذلك ستظل هذه مهمة مؤجلة لاجيال جديدة من الكتاب لها فهم مختلف لعلاقتها بالمكان.
وهذا في رأيي عائد الى مفهوم متخلف عن العلاقة بالمكان,والذي يتجلى في سيادة النوستالجيا

فالنوستالجيا تجعل المكان الثاني خارج اهتماماتك الاساسية ككاتب
وهي -اي النوستالجيا- تجعل علاقتك بالمكان,علاقة سمتها الكراهية
اما امتلاك المكان فتجعل المحبة هي سمة علاقتك بالمكان

ولو رجعنا الى السيرة الذاتية للطيب صالح في كتاب طلحة جبريل عنه,
فسنتكتشف ان علاقته بالمكان كانت علاقة عدائية
ولو لم يحب الطيب صالح المكان, أو قل لو لم يتملكه,عبر الالمام العميق بتاريخه ,وعلاقته بالامكنة الاخرى,
لما كنا حظينا بنص مدهش مثل "موسم الهجرة الى الشمال"
لا يمكنك ان تكتب عن المكان الا اذا امتلكته تماما وقهرته,كما قلت سابقا في شهادتي الموجزة عن علاقتي بالرحيل وبالمكان.
ولذلك نلاحظ ان الطيب صالح بعد ان قهر المكان, أو قل قهر النوستالجيا,
عبر موسم الهجرة الى الشمال وأقصوصاته القصيرة,عاد الى النوستالجيا مرة اخرى ,
أو قل الى المكان الاول مرة اخرى في بندر شاه و مريود

وفي انتظار لطيف وبقية المتانسين تحت سقف الوردة

المشاء

Post: #188
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: mutwakil toum
Date: 09-04-2005, 10:46 PM
Parent: #187

اسامة ..

رجعت للنص بعد غياب وبعد انحسار
مد : جزر (سايكلوجيا الجماهير)
كما سميتها انت بحزاقةتعرف احترت
بدرجة خجلت من تأثري بتلك السايكلوجية
فكيف لي بقياس نص بهذه الشفافية مع صدي
الموت في داخلي ..
واعتباره محاكمه للموت !!!.
لكن - تعرف - وهذا تبرير لي ارسله لنفسي سراً - انا متأثر ومتابع جداً
لهيروكين المسيسبي . اقضي كل يدي بالريموت ، عدت للاهوت الوردة اثناءها
وجدتها تبث لضحايا الهيروكين بعض مفرداتها وطقسها .
اذاّ انا لم اشطح جداّ يومهاّ .



Post: #189
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: mazin mustafa
Date: 09-05-2005, 03:09 AM
Parent: #188

UP..
واكرر الدعوة للعناصر النسائية..
خصوصا والامر يمس صميم جندرهم..

Post: #190
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-05-2005, 10:35 AM
Parent: #189

عزيزي المشاء:

حسن فعلت ككاتب واع، حين أشرت إلى بعض وجوه إشكالية الكتابة في مكان العيش البديل من حيث كونها تجليا ل"(سيادة) النوستالجيا"، وليست "النوستالجيا" في حد ذاتها، ذلك أن النوستالجيا (NOSTALGIA) بمعنى الحنين إلى الوطن أوالتوق الشديد إلى الماضي مسألة في غاية الأهمية على مشارف اللحظة الإبداعية وخلالها، فأنت كمبدع في حاجة قبل الكتابة إلى شعور قوي يزلزلك ويدفعك إليها في هيئة رغبة جارفة لإستعادة مناطق مفقودة من تاريخك ومن ثم إعادة إنتاجها جماليا، كل ذلك يتم في ظل شعور آخر بعدم وجود تصالح ما بينك وبين الحاضر أواللحظة الآنية. والطيب صالح أشار في هذا السياق إلى أن ما يمنح طفولتنا البعيدة درجة "الفردوس المفقود"، مع أنها في كثير من الأحيان تكون طفولة غير سعيدة، هو نظرتنا لها عبر تراكم الحاضر وتعقيداته.

ولي عودة إلى مساهمتك أوتعقيبك بالغ العمق خاصة حول ما أسميته أنت (كراهية المكان البديل)!!!.

Post: #191
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-05-2005, 10:50 AM
Parent: #190

قبل العودة:

تحية خاصة للصديق ((((محمد خليفة محمد جميل)))). ولي عودة لاحقة إليه. محبتي.

Post: #192
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: elfaki
Date: 09-05-2005, 01:27 PM
Parent: #191

في العنوان علامياً
( الشعر : "جـــــــــدارية " للشاعر محمود درويش )

بقلم عبد اللطيف علي الفكي

سأنظر في الملاحظة التي وضعها رولان بارت في كتابه (أساطير) من زاوية أخرى غير ما أراد لها صاحبها . يقول بارت ( هبني أنني حطَّاب و عليَّ أن أسمي الأشجار التي أقتطعها ؛ فإنني في حال هذه التسمية إنما " أكلِّم الشجرة " و لا أتكلم عنها . هذا يعني أن لغتي لغة عملية ترتبط بموضوعها ارتباطاً مباشراً . أما و إن كنتُ غير حطاب فإنني لا أستطيع أن أكلِّم الشجرة؛ بل كل ما أستطيعه ليس شيئاً سوى الكلام عن الشجرة أو فيما حولها.... فتصبح اللغة بذلك عندي ذات علاقة غير مباشرة
بالشجرة . ).(1)

إجراء (تسمية ) الأشجار عند هذا الحطاب تأخذ مجراها الدقيق بفعل خبرة الحطاب نفسه في فرز الأشجار بعضها عن بعض و وضع كل اسم في فرزه الدقيق . و بهذا يقال: الحطاب يستنطق أو يكلِّم الشجرة نفسها في وضع الاسم . فهو بهذا لا يضع الكلام عن الشجرة أو فيما حولها .

المؤلف(2) يشبه هذا الحطَّاب الماهر في وضع ( عنوان ) عمله . فيبقى وضع العنوان عند هذه الذات الكاتبة وضعاً في علاقة مباشرة قيد خبرته فيما اقتطع من غابة موهبته . إن عبارة علاقة مباشرة لا تعني ، في هذه الحال ، أن يكون الاسم في الظاهر وفق المسمى ؛ بل تعني العلاقة المباشرة في معايشة الذات الكاتبة حين اقتطاع النص من عالم علاقات اللغة و العلاقات الحية في المجتمع . بالجملة ، تعني عبارة علاقة مباشرة العلاقة بين خبرة الذات الكاتبة أثناء اقتطاع النص. و لاتعني العلاقة المباشرة بين العنوان و العمل في قليل أو كثير .

لقد وضَحَتْ الآن طبيعة اقتطاع العنوان لعمل من الأعمال عند الذات الكاتبة من خلال خبرة هذه الذات في صناعتها . و الآن كيف نقارب علامياً (سيميولوجياً ) هذا الاقتطاع ؛ هذا العنوان ؟ .

سأركز على نقطتين فقط في تحليل هذا العنوان :ـــ
أ / النقطة الأولى خاصة بـ (محور الحضور) و (محور الغياب). ففي لغتنا اليومية . فأنا إذا قلت : [ باب أخضر ] أكون قد استحضرت [باب] في غياب [نافذة ] ؛ و كذلك استحضرت [ أخضر ] في غياب جميع الألوان الأخرى . و هذا يساعدنا في أن العنوان ـــ قبل قراءة العمل نفسه ـــ يستحضر شيئاً و يغيِّب أشياء أخرى . هذا التبادل بين الحضور و الغياب له أهميته في التحليل العلامي . لذلك تأتي النقطة الثانية .
ب / النقطة الثانية خاصة بـ ( التبادل ) في التحليل العلامي . ففي التحليل العلامي لا توجد رسالة موجهة ذات اتجاه واحد من المرسِـل إلى المستقبِـل.
إنما هي رسالة تتسم بمداورة play . و المقصود بمفهوم هذه المداورة أن العلامات ترتبط بعضها ببعض بشبكة من العلاقات . فالمداورة تشتغل حين تعلو علامة من العلامات في نزول علاماتٍ أُخر . هذا العلو من خلال النظر في شَـبَـكَة العلاقات ؛ و ليس من جرَّاء أي عمل يقوم عشوائياً أو اعتماداً على الظن . يؤهل هذا العلو للعلامة أن تصبح هذه العلامة (علامةً نصية ).

و لهذا التبادل تعترف السيميولوجيا في النص ــ و كذلك في الحياة اليومية ــ بالمواقف المتأسسة على العلاقات أكثر من الشخصيات على مستوى النص ؛ و الأفراد على مستوى الحياة اليومية .

الآن لدينا عنوان هو [ جدارية ] و هو العنوان الذي وضعه محمود درويش في عمله الذي يحمل كتاباُ شعرياً واحداً(4) . فهذا العمل من المطولات مثل مطولة عبد الحي أو مطولة أدونيس . فالعنوان الذي نحن بصدده الآن هو عنوان المطولات و ليس القصائد القصار . ففي ذلك نظر آخر .

و قد صُمِّم غلاف الكتاب كالآتي :
جدارية
محمود
درويش

مما يجعلك أن تقرأ العنوان تركيباً إضافياً : (جدارية محمود دريش)؛ و ليس العنوان الذي يفيد العبارة (جداريه) . و لا أشك أنَّ الشاعر نفسه أراد هذا الالتباس . أعني أن يكون الالتباس بوجهيه عند قاريء العنوان : وجهٍ في أن يقرأه تركيباً إضافياً مثل [ جدارية محمود درويش] ؛ و وجهٍ آخر أن يتأمله كعبارة تنكير في [ جداريه ] ؛ بإظهار الهاء بدلاً من التاء في قراءة القاريء (جدارية محمود درويش)(5) . سنعتمد الآن هذين الوجهين من الالتباس . و أريد أن أنبِّــه أنَّ لهذه القراءة الملتبسة للعنوان موقف محدد طاريء هو : حين تتشوَّف غلاف الكتاب أول مرَّة دون أن تتصفح الكتاب نفسه . الآن ، يعرِض هذا الموقف الطاريء نفسه في محوريْهِ : الحضور
و الغياب . و هو عرض فيه كثير من الحدس عند القاريء الذي اعتاد درويش .
فمن جهة تتصدَّر قراءة التركيب الإضافي و هي ( جدارية محمود درويش)
محور الحضور في هذا الموقف الطاريء . و ذلك حسب إغواء التصميم نفسه . و يبقى ، في هذه الحال ، ( جداريه ) هو محور الغياب . أما على صعيد اللغة (6) فيشتغل عند القاريء اللفظ ( جداريه ) اشتغالاً في محور الحضور : جداريه = أ/ التصاوير على الجدار في تثمين و ثبوت يجريان عبر التاريخ للأعمال الخيِّرة في علاقات مجتمع معين أو أمة بعينها . شاهد عِـيان لذاكرة حية لهذا المجتمع للأجيال القادمة . ب/ عمل تشكيلي ضخم في الشارع العام و ليس حصراً على قاعات معارض . فالجدارية مبذولة للجميع في إتقان رسالة الفن التشكيلي لمجتمع بعينه و ليست بلوحةٍ تعكس مذهب فنان معين في الرسم . و إن كان الفنان الذي رسمها له مذهبه في معارضه الخاصة .
و يشتغل ايهام تصميم الغلاف الذي يُـبرز اللغة تركيباً إضافياً : ( جدارية محمود درويش ) في محور الغياب . فالقاريء عند علمه بهذه الدلالة التي ترفدها له اللغة في (أ) و (ب) أعلاه سيتساءل : ما هي جدارية محمود درويش ؟ .

يأتي بعد ذلك الموقف غير الطاريء و هو موقف اقتناء الكتاب و قراءته
و توقعاته في استئناسه أو بواره عند القاريء في دائرة علاقة العنوان بالعمل و ليس علاقته بالعمل نفسه . ففي النص نقرأ : [ أنبِّـه القاريء و هو أمر لا يفوت على فطنته أنني أستنطق النص في علاقته بعنوانه في تسلسل صفحاته العادية . بمعنى آخر سيكون الاستشهاد من النص في ترتيب الأرقام ترتيباً تصاعدياً وفق ما تمليه القراءة العادية ] : إذن نقرأ :

(i ) سأصيرُ يوماً ما أريدُ (ص12)(7)

تتمُّ قراءتـُنا للنص في مستوى علاقته بالعنوان و ليس في مستوى علاقات النص نفسه ؛ فعلاقات النص لها قراءة أخرى . و من جهة أخرى العنوان نفسه لاتقع علاقته بالعمل موقعاً (إشارياً ) ؛ أي العنوان لا يشير مباشرةً إلى العمل . لذلك يغلب الظن عندي ــ في حدود علمي ــ أنَّ العلاقة بين العنوان و العمل هي علاقة (تبادل) . و قد يكون هذا التبادل تبادلاً جزئياً مع العمل . أما أن يخلو عنوان من هذا التبادل خلواً تاماً فلا يصبح عنواناً بل (ماركة) رُفِعَتْ في نفسها و لنفسها .

تشير ( i ) أعلاه إلى [ سأصير : الصيرورة ؛ أريد : الإرادة ] . و في اجتماع هذه الإشارة نتحصَّـل على (إرادة الصيرورة ) و هي الإرادة التي ضد ( الموت ) . أي ؛ الخلود . فما علاقة العنوان ( جدارية ) بالخلود ؟ . لا تستطيع حتى الآن أن تجيب الدلالة اللغوية ــ التي أثبتناها أعلاه في (أ) و (ب) ــ عن هذا السؤال .

( ii ) لا شيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء
على مِسلاَّت المدى ... [ ذهبيةٌ آثارُهُـمْ
ذهبيَّةٌ ] (ص ص 20ــ 21)

يقع العمل نفسُهُ ــ هنا ــ في فخ قراءة الالتباس الذي أثبتناه فوق ؛ و هي هل أقرأ العنوان : (جدارية محمود درويش) أم (جدارية) . العمل هنا يقوم بالقراءة الأولى أي قراءة الإضافة لا التنكير . و بهذه القراءة تبقى (جدارية) في فضاء محور الغياب . فتصطف (جدارية) نفسها في محور الغياب كالآتي: [ جدارية ؛ تمثال ؛ نحت ؛ مِسَلَّة ] . فـ(جدارية) المنسوبة إلى محمود درويش تختار من فضاء الغياب [ مِسَـلة ] . فأنت تقرأ بقوة هذا الغياب العنوان كالآتي ( مسلة محمود درويش ) بدلاً من ( جدارية محمود درويش ) . إذاً ؛ ( ii ) هي التي تستطيع أن تجيب عن السؤال أعلاه . فتجيب عنه مباشرة بصوتها القوي : المسلة هي الرمز الحقيقي للخلود . فالمداورة play الحاصلة هنا بين الحضور و الغياب تستثني من محور الغياب [ جدارية ؛ تمثال ؛ نحت ] لأنهنَّ ينتمين إلى (الجماليات) ، بينما تنتمي المسلة إلى (خلود التاريخ) فيأتي إلينا أثراً ذهبياً كماضي أقوياء .

( iii ) و تعبتُ من أملي العُضال . تعبتُ
من شرك الجماليات : ماذا بعد
بابل ؟ ( ص 21 )

يؤكد هذا الاقتباس (iii ) ــ من جهة ــ تلك المداورة التي تمت أعلاه في محور الغياب . و من جهة أخرى ، في حدود العنوان ، ترفع استنكاراً ( ماذا بعد بابل ؟ ) . و هو سؤال في موضع ( حتى ) . أي ( حتى بابل لم تنجُ من عاقبة شرك الجماليات ) . و هو الموضع نفسه الذي ينقل ( i ) نقلة أخرى نحو نوعية الخلود في هذا الاقتباس . كيف تمت هذه النقلة؟. إذا تأملنا العلامات في الواقع فهي ( لا منتهية ) ، بينما في النص ( منتهية ) . ففي الواقع حدائق بابل المعلقة واحدة من مَعجزات العالم ، و هي في النص ليست بشيءٍ سوى شاهد من شواهد ( شراك الجماليات ) . فحدائق بابل كعلامة في الواقع التاريخي عادت علامة تنتهي في شراك الجماليات . فيتبع ذلك أنَّ (مسلة محمود درويش) لا تقوم بالوظيفة الأساسية لـ( المسلة) في التاريخ . فإذا كانت مسلة التاريخ هي لتسجيل انتصارات الأقوياء نقشاً اتقاء [الموت] و من ثَمَّ يبقى خلود النقش ضد الموت ، فإنَّ ( مسلة محمود درويش ) تحاول أن تنزع هذه الضدية [الموت=/= الخلود] من وظيفتها .

أول خطوة لهذا الانتزاع هو أن تنظر مسلة محمود درويش ــ و ليست مسلة التاريخ ــ في [الموت] شيئاً آخر له مهمة أخرى . فما هو هذا الشيء و تلك المهمة ؟ .

(iv ) و يا موتُ انتظر ، و اجلس على
الكرسي .


ألديك وقتٌ لاختبار
قصيدتي . لا . ليس هذا الشأنُ
شأنكَ . أنتَ مسؤولٌ عن الطينيِّ في
البشري ، لا عن فعله أو قولهِ / (ص 54)

فيصبح [الموت] ليس ضداً لـ[الحياة] ، في استدلال مسلة درويش ، بل كائناً في الحياة نفسها : (اجلس على الكرسي) . هذا الكائن ليست مهمته إلغاء الحياة . لأن الحياة و الموت ليسا ضدين هنا ؛ بل مهمته ضداً في الطينية البشرية لا الأفعال : العمران أو الأقوال .

تقرأ ـــ بهذا الاستدلال ـــ مسلة درويش مسلة التاريخ في رؤيتها هي في الفعل ( هزمتك يا موتُ ـــ في (v) لاحقاً ـــ ) و ليس في رؤية مسلة التاريخ التي ترى الموت و الحياة رؤية أضداد . فالفعل (هزم) هنا يدل على أن الموت ليس شيئاً سوى كائنٍ في الحياة (اجلس على الكرسي) ؛ كائنٍ داخل الحياة يضع حداً للطينة البشرية و ليس شيئاً خارجها (الأفعال و الأقوال) :

(v) هزمتكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها .
هزمتكَ يا موتُ الأغاني في بلاد
الرافدين . مِسَلَّةُ المصري ، مقبرةُ الفراعنة ،
النقوش على حجارة معبدٍ هزمتكَ
و انتصرتْ ، و أفلت من كمائنك
الخلودُ ...

فاصنع بنا و اصنع بنفسك ما تريدُ (ص ص. 54ــ 55)

فأيُّ [ خلود ] أفلت من كمائن الموت ؟ . إنه [ الخلود ] الذي لا ضدَّ له . إنه [ الخلود ] الذي لا يضاد الموت . هذه وظيفة مسلة محمود درويش التي تختلف وظيفتها من المسلة التاريخية . و من المعروف أن المسلة في شكلها الهندسي ذات أربع قوائم تحدودب قمتها شكلاً هرمياً . فهل بُنِيتْ مسلة درويش هذا المبنى ؟ . إنه سؤال علاقات قراءة النص و ليس العنوان . و عند هذه الحدود تقف قراءتـُنا هنا .



الهوامش:
(1)Roland Barthes.Mythologies.New York 1972 pp145-6 translated by Jonahtan Cape
(2) من هنا فصاعداً سنطلق عليه تدقيقاً ( الذات الكاتبة ) تمييزاً من شخص المؤلف ، و إشارة نحو علاقات إنتاج النص . فهذه الذات هي التي تشهد إنتاج هذه العلاقات النصية . و من جهة أخرى أن عبارة (الذات) عبارة محايدة لا هي بالمذكر أو المؤنث في (الذات الكاتبة ) .
(3) سأجري مقارنة مقتضبة سريعة بين العنوان عند الذات الكاتبة و العنوان في السلعة التجارية . سآخذ سلعتين عندنا في السودان : (موس أبو تمساح) و (ماكينة سنجر للخياطة) . فالعنوان التجاري يقف دائماً للترويج . فصورة غلاف الموس صورة للموس و هي تقطع التمساح كناية عن أن الموس حادة حدة أن تقطع جلد تمساح . فراج هذا النوع و أصبح بواراً لكل أنواع الأمواس المصنوعة فيما بعد . فالصورة التي تقطع التمساح كان لها دور مؤسس في الرواج . رغم أن شفرة هذه الموس قد تشتغل حدتها مرة واحدة ، أجل تطابق الصورة و الرواج. فتم استيراد أنواع كثيرة من الأمواس تعمل شفرتها أكثر من مرة ؛ لكن الغلبة كانت للتمساح . أما ماكينة سنجر للخياطة فكان الإعلان معرَّباً يعني بلغته العربية صوت المغني . هذا المعنى لم ينتشر وسط الناس. لكن مع ذلك اشتهرت هذه الماكينة بهذا المعنى نعومة الصوت ؛ فتأمل كيف تم هذا الرواج حداً لأنواع أخرى من الصناعات .
(4) محمود درويش . جدارية (شعر) . منشورات رياض الريس 2001. كُتبت القصيدة عام1996 و نُشرت ط. أولى 2001 .
(5) الغلاف يُظْهر عبارة (جدارية ... ) بالتاء مما يزيد في استعجال القاريء أن يضيفها إلى (محمود درويش) . و إذا كان العنوان الذي اختاره الشاعر هو (جدارية محمود درويش) ، لأُشير إلى المؤلف : [ محمود درويش . جدارية محمود درويش ] و هو شيء لم يحصل بل بيَّنه الغلاف باختلاف لونين : جدارية بالأبيض و الشاعر باللون الأصفر . لذلك نرجح قصدية الالتباس في الغلاف .
(6) من المفيد جداً في هذا المجال أن نظل نكرر أن [ اللغة ] دائماً تشير إلى الملفوظ اليومي ، أي : الصوت البشري الطبيعي . فكل شيء لا يكون حيزه الصوت البشري فهو ليس المقصود بالمصطلح [ لغة ]. و لكن ربما كان الاستخدام المجازي يغلب على هذه الحقيقة فيقال : لغة الشعر و لغة الموسيقى و لغة النحل إلخ؛ . و هو الاستعمال الشائع نفسه عند كل الشعوب. لذلك يبقى من الصعب عند كثير من الناس أن يدرك هذا المعنى الحقيقي لـ [ اللغة ] .
(7) الأرقام الرومانية تشير إلى تسلسل إقتباسنا في هذه القراءة

Post: #193
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-05-2005, 03:33 PM
Parent: #192

إلى حين عودة لمتابعة الحوار بعد مشوار للتسوق:

تحية للصديق والناقد الجاد عبداللطيف علي الفكي.

Post: #194
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 09-06-2005, 02:22 PM
Parent: #193

شكرا امير الكلام....
صديقنا البرنس....
وليبارك الرب في مدادك...
والي حين عودتك دمت بقلب الطفل الذي تملك
سلملم...

Post: #195
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-06-2005, 03:27 PM
Parent: #194

سيدي ومولاي الإمام محمد خليفة محمد جميل:

منذ نحو الساعة، أويزيد قليلا، بدأت أستجيب لنداء الجوع المتكرر، تسوقت في مجمع تجاري ضخم قريب. أثناء الطريق شعرت بالجوع يزداد حدة. كنت محملا بالكثير من الأكياس. جلست على مقعد خشبي يطل على درب مسفلت للناس والدراجات يشق غابة صغيرة. هكذا مدينتنا. أعددت لنفسي ساندويتش جبنة. بدأت في المضغ بينما كنت أنظر إلى السابلة كيتيم.

Post: #196
Title: Re: لا نريد لهذا البوست ان يكون بوستا ذكوريا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-06-2005, 04:19 PM
Parent: #195

عزيزي المشاء:


أقلقني إستخدامك لفعل (القهر) إرتباطا بعلاقة الكاتب بالواقع البديل أوالمنفى أوالمهجر:


Quote: لا يمكنك ان تكتب عن المكان الا اذا امتلكته تماما وقهرته,كما قلت سابقا في شهادتي الموجزة عن علاقتي بالرحيل وبالمكان



ذلك أني أخشى الوقوع في مزالق فكر ناف تتحدد علاقته بالآخر دائما كعلاقة تناقضية. وعوضا عن ذلك أحبذ هنا إستخدام مفهوم (التكيف الخلاق). وأعني به تلك الرؤية العقلانية التي تنبني بواسطة منهج نقدي يحول في آن بيننا وبين الإنغلاق على الذات والذوبان في عالم الآخر على نحو يلغي هويتنا تماما.


وحتى المقتطف السابق الذي يحيل إلى نقاش لنا سابق حول وضعية إنتظار ليلي للبص, يعيد إلى ذهني أنه فاتني وقتها الإشارة إلى أن المشاء لو ترك لنفسه السير وراء ما يتيحه موقف المنتظر من تأملات لجنينا منه نحن القراء الكثير, لقد كانت سانحة طيبة لمبدع في مثل ثقلك أن تتأمل في الناس والأشياء بكل ضعفك البشري في مدينة قائمة جوهريا على سلاطين الأرقام.


بيد أنني أفهم سياق حديثك:


Quote: قهر النوستالجيا




أفهمه بدوري هنا ك"عقلنة" ل"حنين لايقاوم" أوشعور حاد بعدم تصالح مع لحظة آنية.

Post: #197
Title: تعالوا نتسامر تحت هذا السقف حتى مطلع ا لحب
Author: osama elkhawad
Date: 09-06-2005, 06:11 PM
Parent: #196

نعود كما وعدنا للمسامرة تحت سقف الوردة

عليَّ اكمال ما بداته حول َبَكم المراة المسلمة وعلاقة الجندر بالكتابة,وخاصة َ بَكَم المراة السودانية ,ثم ننتقل لشعر نساء البشتون في افغانستان
في انتظاري مواصلة الحوار مع البرنس حول اشكالية الرحيل

وفي انتظاري –ايضا- التعقيب على مداخلة صديقنا متوكل توم حول قراءة النص الشعري بشكل يتوافق مع احداث معينة كما في حالة موت قرنق و اعصار كاترينا المدمر,
ولكي تكون المسالة اكثر تجريبا ,فلنأخذ حالة صديقنا متوكل ,عبر قراءته للنص بشكل اخر ,بعد ذلك الاعصار,
نرجو من متوكل ان يبين لنا كيف حدث ذلك,ويحاول ان يربط لنا بين الحادث الجديد و قراءته للنص على ضوء ذلك الحادث,وبعدها سنعود للتعقيب

و ستكون مقاربة لطيف لجدارية درويش مدخلا لنا للاستمرار في ما قلنا به عن سيميولوجية الصفحة الشعرية .
و سابدأ بذلك اولا

وحتى ذلك الحين,
تعالوا نتسامر تحت هذا السقف حتى مطلع ا لحب

المشاء

Post: #198
Title: ما قال به من خلال الكاريكاتير والكتابة استاذنا "حسن موسى"
Author: osama elkhawad
Date: 09-06-2005, 10:51 PM
Parent: #197

معذرة على التاخير كتعقيب على مقاربة لطيف لسميولوجيا العنوان من خلال "الجدارية",
اذ انني لا اعرف تحويل بعض النصوص الى وورد من بي دي اف مما يستلزم نقلها خطيا ثم طباعتها على الوورد

وحتى ذلك الاحيان ,الى ما قال به من خلال الكاريكاتير والكتابة استاذنا حسن موسى من خلال هذا اللنك المنقول عن سودانيات:
http://www.sudaniyat.net/forum/viewtopic.php?t=3327&sta...c33b465b4e3946fe7[/B
المشاء

Post: #199
Title: الطباعة وعلاقتها بسميولوجيا العنوان والصفحة الشعرية-اضاءة الطريق الى النص
Author: osama elkhawad
Date: 09-07-2005, 02:52 AM
Parent: #198

يطرح صديقنا لطيف في مقاربته لسميولوجيا العنوان في جدارية درويش عدة اسئلة مهمة من ضمنها:

علاقة العنوان بالنص
علاقة كاتب النص بعنوان النص
علاقة كاتب النص بتصميم الغلاف
علاقة القارئ بعنوان النص
علاقة القارئ بتصميم غلاف النص

وهو طرح -كما هو واضح- يتم من خلال علم العلامات –اي السيميولوجيا-
مما يحيلنا الى ما قلنا به قبل ذلك عن سميولوجيا الصفحة الشعرية,في ردنا على كل من المليك وبشرى الفاضل كممثلين للتيار الاكاديمي المحافظ,
كل من منطلقه كما اوضحنا

الواضح أن تلك الاسئلة هي في الاساس مرتبطة بمسالة الطباعة
و هي اسئلة لم يكن يواجهها الحاردلو الكبير في ذلك الزمان,
والذي استشهد به بشرى الفاضل ضمن نقده المنجري لمسالة تنسيق الصفحة الشعرية ,
والتي اصبحت مجالا واسعا ورحبا للمقاربة خاصة بعد اكتشاف الفيديو والبروجيكتر و اخيرا الانترنت ,والمرتبط بالملتيدميديا

يقول بشرى الفاضل في تتفيهه لمفهوم تنسيق الصفحة الشعرية:

Quote: أكثر البنيويون من عبارة زحف السواد على البياض وتحدثوا عن البياض المخيف بينما الشعراء لا يكتبون قصائدهم في مواجهة الورق .
ربما لم ير الحردلو الكبير ورقة.
الشعر ليس عبارة غن زحف ميكانيكي لحروف الطباعة على بياض الصفحة هذا تبسيط ساذج فعملية الخلق الشعري ناتجة عن إجراءات معقدة في الدماغ تحدث عنها مبدعون كثر

ولي دراسة حول هذا الموضوع آمل ان اطلع عليها القراء بعد التدقيق
في بعض المصادر التي ليست متوفرة لي حالياً


ذلك يذكرنا بما يقوم به الكويتب من نجرات ليست لها اية صلة بتخصصه الاكاديمي ولا بابداعه,
وتكشف عن غياب مشروع ابداعي ,
والاعتماد فقط على قوة الموهبة العمياء

و كما اتضح من كلامه عن الثقوب السوداء,
فانه ينهل من التاريخ الذي ولى ,
وليس محققا ,
كما اثبت ذلك عبد الماجد فرح يوسف في بوست الغموض

فالكلام هنا ليس عن خلق الشعر,
رغم ان خلق الشعر بعد اختراع الطباعة ,له علاقة بالورق,
وانما يدور عن الطريقة التي يراها الشاعر او الناشر او غيره مناسبة لقول الابداع عن طريق الطباعة اي الحرف وبنطه و التعامل مع الفضاء والالوان والغلاف و اللوحات المصاحبة لذلك وغيرها من الامور
وهي امور تطرق الى بعضها عبد اللطيف بشكل راق ومتمعق

كنت ارغب في مقاربة مسالة العنوان من خلال ما قال به بنيوي فرنسي معروف هو جيرار جينيت في كلامه عن :
Transtextuality
وهو يقسمه الى خمسة انواع اشرنا اليها في بوست سابق

وينتمي العنوان الى ما سماه بالعتبات النصية Paratexts
وهو عنوان الكتاب الذي اصدره في هذا الشان

لا املك الكتاب الان
لكنني اقول ان من ضمن ملاحظات جينيت انه في احيان كثيرة لا يوجد توافق بين العنوان والنص

و لعل لطيف ينطلق من مقاربة معيارية لهذه المسالة,
وانا اتفق معه بهذا الشان
فمن مثالب البنيوية في صيغتها المتطرفة انها وصفية

ساركز على نقطة محددة وهي علاقة درويش بعناوين دواوينه و نصوصه الشعرية,
ثم ابين علاقة ما طرحه درويش بما قال به صديقنا لطيف عن عنوان الجدارية

وفي ذلك انطلق مما قال به محمد خلف في دراسة له عن الطيب صالح,حينما استشهد باقوال الطيب عن نصوصه باعتبارها نصوصا مساندة لوجهة نظره النقدية

خلف يرى ان هنالك كتابا تمثل اقوالهم عن نصوصهم اضاءة للطريق الى النص او انها على الأقل تومئ اليه.وهذا ما فات على نويقدنا اذ انه لم يشر الى ان ما كتبته كمقدمة يستند اساسا الى حوار مع محيي ا لدين ,وهو من الذين تنطبق عليهم مقولة خلف.

وهي عجلة تشبه عجلته كمبتدئ في النقد الاسفيري ,
حين قال:
Quote: وسرعان ما نفاجأ بأن انضج تلك النماذج التي تجاوزت قصيدة الستينات مبنى ومعنى هي قصيدة عالم عباس محمد على وقصيدة اسامة الخواض.


ثم انطلاقا من قراءة الكراهية والتتفيه يحاول نويقدنا ان يستثمر ذلك في اسلوب يطغي عليه الجانب الكلامي ,
وهو ما يذكرني بما قال به الخطيبي حول
Quote: ان هنالك كتابا يتكلمون في كتابتهم ,ومتكلمين يكتبون في كلامهم,


قال النويقد في منجرته الاسفيرية:
Quote: قلت محمد على ؟
نعم وردت هكذا في المقدمة
والصحيح محمد نور .


ثم يهلل فرحا-والنقد المنطلق من الحب -لا يحب الفرحين-:

Quote: يا لهذا الإستخفاف بالقراء .


ليصل الى استنتاجه الحجامي الخطير:

Quote: كاتب مقدمة ناقد لا يصحح الإسم الذي يرد في التنصيص لواحد من أبرز الشعراء


والقارئ غير الحصيف يمكن له أن يتوصل الى ان هنالك خطا مطبعيا.

فالمقصود هو ما ورد في النص الاصلي الذي نقلت عنه:
Quote: عالم عباس محمد نور ومحمد نجيب محمد علي


وسنعود لما قال به درويش عن عناوين نصوصه ودواوينه وما قال به عن جداريته

ارقدوا عافية تحت سقف الوردة حتى مطلع المحبة

المشاء

Post: #200
Title: تحيتي ومحبتي لاستاذنا حسن موسى-تنبيه للمساهمين والقراء تحت سقف الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 09-07-2005, 03:46 AM
Parent: #199

سنعود لما يثار الان حول ما كتبه استاذنا حسن موسى في جهنم
فارجو ان نحضر نفسنا جيدا لذلك

فحسن موسى ليس ممن يمكن ان نسفههم في تعليقات سريعة كما يفعل البعض في المنابر الاسفيرية

فهو ما يزال يمارس دوره النقدي على الطريقة الحسن موسية

وقد اتى الدور –الان -على المنابر الاسفيرية لكي تكون موضوع نقده الشرس والموضوعي في ان

تحيتي ومحبتي لاستاذنا حسن موسى

وسنعود لاكمال ما تبقى حول ما قال به لطيف عن جدارية درويش

المشاء

Post: #201
Title: مساهمة صديقنا وكاتبنا الكبير:عبد اللطيف علي الفكي
Author: osama elkhawad
Date: 09-07-2005, 05:47 PM
Parent: #200

نرفع البوست لمزيد من القراءة,
ودعوة المساهمين والقراء للتعليق و الاضافة على مساهمة صديقنا وكاتبنا الكبير:
عبد اللطيف علي الفكي
أحد رواد النقد البنيوي وما بعده في الخطاب النقدي السوداني,

و ثاني اثنين من مقترحي فكرة انشاء اتحاد للكتاب السودانيين,

و أول من كتب مقالا في هذا الخصوص –أي تأسيس اتحاد للكتاب السودانيين-
والذي نشر في الايام الثقافي بعنوان:
Quote: اتحاد كتاب السودان


مع محبتي

المشاء

Post: #202
Title: نعيد نشر ما بسطناه في سودان للجميع حول ما قال به حسن موسى في جهنمه
Author: osama elkhawad
Date: 09-07-2005, 07:04 PM
Parent: #201

نعيد نشر ما بسطناه في سودان للجميع حول ما قال به حسن موسى في جهنمه:

عزيزي وصديقي عبد الماجد الدامري
سلام وتحية دفاقة
قلت في بداية بوستك:
Quote: وكذلك لم يسلم من سقوطك في جهنم صديقنا أسامة الخواض وهشام مدني والأخت هميمة.

سبق لي في بوست لاهوت الوردة في سودانييزاون لاين ان قلت:
تحيتي ومحبتي لاستاذنا حسن موسى-تنبيه للمساهمين والقراء تحت سقف الوردة
وهو رأي يتفق مع ما قيل هنا من قبل بعض المساهمين الكرام
فقد قال الاخ الكريم الوليد سيف الاتي:
Quote: لم يفعل الفنان التشكيلي (حسن موسي) المعروف والغني عن التعريف لمن يريد أن يعرف ولا يريد أن يتعالي علي المعرفه سوي أن قام بتكثيف نفس الطريقه التي يسلكها جل من قام بنقدهم ووضعهم في موضع الصدمه والمفارقات الساخره وهوقادر علي ذلك بما يملك من مقدره وتمكن من فن التشكيل وما يتمتع به من تحرر ووعي نوعي ومن حقه أن يعبر عن ما يراه وبالطريقه التي تناسبه كفنان فنااااااااان بمعني الكلمه

وفي نفس المنحى قال الاخ الكريم عبد الماجد محمد عبد الماجد :
Quote: أعتقد أن التحشم الزائد فيه شيء من المماراة وشيء من ارتداء أقنعة للتخفي وهو في اعتقادي أمر لا بد ان نتخلى عنه وهو من موروثات عهود النفاق الاجتماعي والطبقة التي تسبح في النهار وتضبح بالليل.
ولكن هنالك شرط وهو أن لا تصل الصراحة لمرحلة العنف اللفظي العدواني. وهذا مكانه القانون وليس إدارات البوردات. وإن شاء متضرر الرد فيمكنه الرد بالمثل واعيا بتداعيات ما يكتب إن هي فاتت حدها. ومكانه القانون ما اسلفت.


وقد قلت نفس هذا الكلام في سياق سجالي مع عجب الفيا وبشرى الفاضل,
فمن يعتقد ان كرامته مست ,عليه ان يلجأ الى القضاء,
وهو نفس الحق المكفول لي اذا شعرت ان كرامتي قد مست

وقد لجأ حسن موسى الى هذا الامر في ما يخص استخدام سجيمان للوحته,
ونجح في ذلك ,بحسب ما اورده في جهنمه

وكما ترى عزيزي عبد الماجد فان حسن موسى يواصل ما كان قد اسسه اصلا كاسلوب للنقد

الصدمة مهمة
ومن جانبي مثلا احاول ان امارس هذه الصدمة في سودانيزاون لاين بطريقتي الخاصة,
والتي يرى حسن موسى انها غير مجدية
ويرى في سجالي مع الفيا وبشرى الفاضل مجرد تناطح خال من الجانب المعرفي العميق

وهذا هو خلافي مع استاذي حسن موسى والذي ساتطرق اليه في بوستي سابق الذكر كان الله هوّن

تحياتي لك ,

و اعلن تضامني مع حسن موسى في الحملة الموجهة اليه
ارقدوا عافية

المشاء

Post: #203
Title: Re: نعيد نشر ما بسطناه في سودان للجميع حول ما قال به حسن موسى في جهنمه
Author: mazin mustafa
Date: 09-08-2005, 08:48 AM
Parent: #202

تسلمت عمل جديد بصحيفة الخرطوم..
لذا انا مشغول ومشتت..
قرات جهنم..
والردود..



حاليا:up
وساعود باول فرصة..





تحياتي للجميع....

Post: #204
Title: Re: نعيد نشر ما بسطناه في سودان للجميع حول ما قال به حسن موسى في جهنمه
Author: Hussein Mallasi
Date: 09-08-2005, 09:04 AM
Parent: #203

سلامات يا اسامة؛

Quote: وقد لجأ حسن موسى الى هذا الامر في ما يخص استخدام
سجيمان للوحته, ونجح في ذلك ,بحسب ما اورده في جهنمه

لعل هذا ما ظنه الاستاذ موسى.

Post: #205
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Adil Osman
Date: 09-08-2005, 10:38 AM
Parent: #1

اسامة والاخوة تحية طيبة. ساهمت بالكلام التالى فى بوست يناقش موضوع جهنم فى سودان-فور-اول. اسمحوا لى بنشره هنا:
_______________________

الاستاذ عبد الله بولا هو المسئول عن هذه التداعيات.
فهو كان شبّه سجيمان بالمرأة فى المثل الذى أورده بولا فى معرض رد أو نقد فى احدى المداخلات فى سوانيزاونلاين.
المثل يقول عن المرأة من بربر
" يبخروا فيها وهى تظرّط"
وكنت قد عبرت عن استهجانى لهذا المثل، ولاستخدامه فى نقاش سياسى او فكرى فى منتدى عام.
ولكننى كتمت هذا الرأى.
بمعنى اننى لم اشارك به فى تلك المداخلات.
ولكننى نقلته، فى مكالمة تلفونية الى نجاة محمد على، وهى بالطبع زوجة جدّى الدكتور عبد الله بولا.
ولقد تمنع فوارق السن، احيانآ، والقرابات من التصريح بالرأى، أو التخفيف من حدته.
المهم.
اريد القول إن غلظة بولا على سجيمان، قادت الى إجتراء سجيمان على بولا، وما يمثله بولا من الفكر والمثاقفة.
ثم قام فى ذهن سجيمان ان اى انتقاد صادر من تلك الجهة، فيه شبهة التآمر والترصد.
يعنى سجيمان صار مرتابآ.
وأعمته خصومته الاولى مع بولا عن رؤية مواقع اقدامه.
حين تصدى حسن موسي بالقول المشروع انه ليس ثمة مقارنة بين ما يكتبه سجيمان وما يكتبه الطيب صالح.
فانبرى سجيمان، والغضب يملأ عليه اقطار نفسه، بكتابة هوجاء.
خلط فيها بين الشخصى والعام. بين التذوق الفنى والنبذ.
واستخدم فى ذلك ذكاءآ شعبويآ (populist) استقطب به مشاعر متراكمة لدى العامة ضد ( النخب والمثقفين والمستنيرين) الذين يتبعهم الغاوون
وهكذا صار استقطاب بين عامة ونخبة فى تصور البعض.
وصار استقطاب بين موقعين او اكثر.
وحدث ما يسمى فى علم النفس بالدفاع عن الذات امام الخطر.
فعاد الناس الى الوراء قرونآ من حياة التوحش، والتعارك الدموى،
والصراع على الهيمنة التى يجددها الزعيم كل يوم بافراغ مثانته على سبيل ترسيم الحدود ورفع رايات ( ممنوع الاقتراب او التصوير).
والان كأننا نشاهد مصارعين رومانيين يتعاركان فى حلبة المصارعة حتى الموت، وجماهير روما على الجانبين تتلذذ بمرأى الدم المسفوح.
تعرف نحن البشر لم نبعد كثيرآ عن اصولنا الحيوانية.
فقط ابدلنا الجلود الخشنة بملابس ناعمة.
والانياب باقلام.
وشهوة الدم، بتدخين السجاير والقطيعة.
لا شك ان العركة الحالية حركت عصب السكون.
وجددت حيوية الاستقطابات والهتافات التى تتمنى الموت للاعداء.
وقد تخدم غرضآ مفيدآ. بافراغ النفوس من طاقة العدوان.
وربما يأتى منها خير رغم كل شئ.

سوف اساهم مرة اخرى حين افرغ من تأملاتى!!

Post: #206
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 09-08-2005, 10:47 AM
Parent: #205

إلى ذلك الحين:

يا لها من تأملات (إلى الآن) جريئة وبالغة العمق.. يا عادل!!!.

Post: #207
Title: مساهمة شحمانة جدا وبها تحليل عميق لما سماه الصراع بين النخبة والكتاب الاسفيرين الجدد
Author: osama elkhawad
Date: 09-08-2005, 03:33 PM
Parent: #206

مرحبا بالصديق حسين ملاسي
وقرات مداخلة صديقنا المساهم عادل عثمان,
وهي مساهمة شحمانة جدا وبها تحليل عميق لما سماه الصراع بين النخبة والصفوة والكتاب الاسفيرين الجدد
وهي أي مساهمة عادل تقدم تحليلا عميقا لادوات الصراع الذي أشرنا اليه في التمييز الذي اجريناه حول الكتابة التقليدية والكتابة الاسفيرية
وسنعود لذلك بعد ما نواصل ما بداناه من تعقيب على مساهمة لطيف اللطيفة العميقة حول جدارية درويش وعلامية العنوان
مبروك مازن للشغل الجديد ,
ونامل ان تجد فسحة لكي تواصل مساهماتك الجادة ,وما زال في عنقك الحديث عن تجربتك مع العلاج باستخدام الفنون والعلاقة بين التشكليل والشعر في ما نسميه بتنسيق الصفحةالشعرية
وارقدواعافية حتى نعود,
وفي انتظار المزيد من المساهمات والاسئلة وخلافه مما يجعل البوست اكثر دسامة
المشاء

Post: #208
Title: الطريقة التي يتعامل بها محمود درويش مع عناوين نصوصه ومجموعاته الشعرية
Author: osama elkhawad
Date: 09-08-2005, 08:13 PM
Parent: #207


يطرح عبد اللطيف في مساهمته عن علامية العنوان قصدية المؤلف في اختيار عناوينه و تصميم غلافه كما في كلامه الاتي :
Quote: (5) الغلاف يُظْهر عبارة (جدارية ... ) بالتاء مما يزيد في استعجال القاريء أن يضيفها إلى (محمود درويش) . و إذا كان العنوان الذي اختاره الشاعر هو (جدارية محمود درويش) ، لأُشير إلى المؤلف : [ محمود درويش . جدارية محمود درويش ] و هو شيء لم يحصل بل بيَّنه الغلاف باختلاف لونين : جدارية بالأبيض و الشاعر باللون الأصفر . لذلك نرجح قصدية الالتباس في الغلاف .

وهو مايحيلنا الى ان هنالك كتابا متنوعين ومختلفين وتختلف حساسيتها تجاه النظرة الى اهمية العنوان.
كما ان الامر قد يتم احيانا خبط عشواء او ان يقرر ذلك الناشر بدلا عن المؤلف او الذات الكاتبة كما يسميه لطيف.
ولذلك نرى ان النظر في مسالة سيميولوجية العنوان ينبغي ان تستند الى معايير تجريبية موثقة بحيث نعرف هل قام الكاتب باختيار عنوانه و تصميم غلافه ام ان الناشر قد قام بذلك.

من تجربتي اقول ان اختيار الغلاف قد يخضع الى ذوق الناشر او العاملين معه من المصممين.فمثلا قمت بالموافقة على اختيار تصميم غلاف ديواني الشعري :
انقلابات عاطفية
وكذلك الرسومات الداخلية والتي قام بها صديقي الشاعر التشكيلي عمر دفع الله في بيروت التي كنا نقيم فيها سويا
أما كتابي الثاني:
خطاب المشاء –نصوص النسيان
فقد قمت باختيارعنوانه,
لكن تصميم الغلاف قام به الناشر اي مركز الدراسات السودانية بالقاهرة .

وهنالك مثال اخر اقول به من تجربتي في نشر الشعر في الصحف
فقد مرت بي فترة من الزمن توقفت فيها عن نشر نصوصي الشعرية في الصحف,لان تنسيق الصفحة الشعرية ,رغم بساطته,اي قدرة الصحيفة على القيام بذلك,لم يتم بالطريقة التي اريدها ككاتب للنص.
لكن المصمم لاسباب خاصة به ولا علاقة لها بما ارتأيته من تنسيق للصفحة الشعرية, قام بذلك بطريقته الخاصة ,بدون الانتباه الى ان ذلك قد يدمر النص الشعري تدميرا شبه كامل اذا لم يكن كاملا

ناتي الان الى الطريقة التي يتعامل بها محمود درويش مع عناوين نصوصه ومجموعاته الشعرية.
وسنشير كثيرا لدرويش ,لسببين:
السبب الاول:
انه ينتمي لطائفة "الكتاب" الذين يمكن ان يضيئوا الطريق الى النص او على الاقل يوفرون الايماءة اليه.وهذا لا ينطبق على كثير من "الكتاب" او قل "الكويتبين" الذين يعتمدون-بالكامل على قوة الموهبة العمياء.
السبب الثاني :
توفر مادة لا باس بها عن درويش في الانترنت.
ففي حوار معه مع كاتب مغربي نشر في الكرمل,
سأل المحاور المغربي الشاعر محمود درويش عن طريقة اختياره لعناوين نصوصه واعماله الشعرية :
Quote: عندما تنتهي من كتابة قصيدة,و تشعر بأنها اكتملت و أصبحت قادرة على الخروج الى قارئها,كيف تعثر لها على عنوان ثمن ما حكاية العناوين في تجربتك.هل حدث أن قصيدة كتبتها سبقها عنوانها مثلا أم أن العنوان لديك يأتي ليسمي القصيدة بعد ولادتها؟واستطرادا هل مجموعاتك الشعرية,تسبقها عناوينها أم تأتي العناوين لاحقا؟

فاجاب درويش قائلا:
Quote: لم يسبق لي عبر كل تجربتي الشعرية ويه طويلة ,أن سبق عنوان أية قصيدة,أو سبق اسم معين لمجموعة شعرية الممجموعة نفسها.وائما أجد صعوبة في اختيار العنوان.
كما أنني أستعين بأصدقاء في احيان كثيرة.وأحيانا أرسل المجموعة الشعرية الى ناشر من دون أن أعثر لها على عنوان,فأستعين بالناشر واستعين بهئية القراءة (في دار النشر) لكي يقترحوا علي مجموعة عناوين اختار من بينها العنوان الملائم.وقد حدددث هذا مع مجموعتي الجديدة (لا تعتذر عما فعلت),اذ تم رقن الننصوص ,وتصفيفها ولم أعثر لها على عنوان,واقترح علي الناشر عشرة عناوين,اخترنا منها هذا العنوان.
كذلك حدث نفس الامر مع مجموعتي الشعرية (لماذا تركت الخصان وحيدا) التي تأخرت في المطبعة أكثر من شهر في انتظار العثور على العنوان الملائم.وفي النهاية توفق أحد الاصدقاء في اقتراح هذا العنوان.دائما كان العنوان ياتي في اخر العمل الشعري.

ثم سأله المحاور المغربي مستطردا :
Quote: نفس الشيئ حدث لمجموعتك الشعرية الاولى (عاشق من فلسطين) الذي اقترح الناشر عنوانها بعيدا عنك-كما نذكر-لكن عندما تتواطأ مع ناشرك على قبول عنوان معين,سواء أكان من اقتراحه هو أم اقترحه أحد الاصدقاء,كيف تؤسس علاقتك مع هذا العنوان؟كيف يصبح جزءمنك ومن تجربتك؟

فاجاب درويش موضحا:
Quote: أولا عند الاختيار أراعي ألا يكون العنوان احادي الدلالة.لماذا؟لأن عنوانا محدد الدلالة يقود القارئ الى تأويل محدد للكتاب,فأحرص ان اتركه مفتوحا على عدة احتمالات وعلى عدة مستويات من القراءة.في البداية,أتعود على أن هذا العمل بهذا الاسم هو ابن لي وجزء مني,لكن مع كثرة التداول,يصبح (شخصية مستقلة),فيعرف بذاته وبسامه ويصبح له كينونة,وثمة بعض من اعمالي الشعرية,تمنيت لو راجعت عناوينها ولكن ذلك أصبح خارج الارادة.

الكرمل-العدد رقم 76\77

رغم ان درويش في كثير من الاحيان لا يختار عنوانه بنفسه,لكنه يعطي لنفسه الكلمة الاخيرة في تحديد العنوان الاخير,ما عدا في حالة ديوانه الاول والذي قام الناشر باختيار عنوانه دون موافقة الشاعر.
وهذا ما يتوافق مع ما قال به لطيف حول العلاقة بين العنوان والنص حين قال:
Quote: تتمُّ قراءتـُنا للنص في مستوى علاقته بالعنوان و ليس في مستوى علاقات النص نفسه ؛ فعلاقات النص لها قراءة أخرى . و من جهة أخرى العنوان نفسه لاتقع علاقته بالعمل موقعاً (إشارياً ) ؛ أي العنوان لا يشير مباشرةً إلى العمل . لذلك يغلب الظن عندي ــ في حدود علمي ــ أنَّ العلاقة بين العنوان و العمل هي علاقة (تبادل) . و قد يكون هذا التبادل تبادلاً جزئياً مع العمل .
أما أن يخلو عنوان من هذا التبادل خلواً تاماً فلا يصبح عنواناً بل (ماركة) رُفِعَتْ في نفسها و لنفسها .


هنالك ملاحظة اخرى تربط بين تعامل محمد عبد الحي مع نصوصه الشعرية,ومثالنا هنا كتابته الاخيرة للعودة الى سنار,وبين تعامل درويش مع نصوصه الشعرية
فعبد الحي كما نقل عنه لطيف ,يرى
Quote: ان الشعر هو سيرورة أي Process
,لذا يمكنه ان يكتب النص مرة اخرى,حتى بعد نشره,
لكن درويش لا يرى ذلك,بل يتأسف لانه لا يستطيع ان يغير عناوين اصبح يعتقد انه لم تكن موفقة تماما,حين قال:
Quote: وثمة بعض من اعمالي الشعرية,تمنيت لو راجعت عناوينها ولكن ذلك أصبح خارج الارادة.

ونفس الاختلاف نجده في النظر الى الاشارة الى بعض النصوص الغائبة.
ففي حوارنا معه في قاعة الصداقة بالخرطوم في عام 1986 قال درويش انه يفضل الا يشير الى نصوصه الغائبة,
بينما نلاحظ ان عبد الحي في "العودة الى سنار" اشار الى الكثير من نصوصه الغائبة,
وارى ان ذلك كان موفقا .

وسنعود لمواصلة تعليقنا على مساهمة لطيف حول علامية العنوان,
وبالتحديد عن علاقة الخلود بنص درويش "جدارية"

وارقدوا عافية تحت سقف الوردة

المشاء


Post: #209
Title: Re: الطريقة التي يتعامل بها محمود درويش مع عناوين نصوصه ومجموعاته الشعرية
Author: mazin mustafa
Date: 09-09-2005, 03:17 PM
Parent: #208

اصدقائي تحت سقف الوردة..
عزيزي الخواض..
المقترح الذي وافقت عليه (وكالعادة ارد متاخرا ):
ان تنتقل اعمالك من الويب الي الملفات الثقافية في الصحف..اذ رأينا انها ستسهم كثيرا في رفد الساحة الثقافية داخل السودان,بالاضافة لصعوبة قرائتها في الويب..الا لشريحة ضيقة..

المهم ..
اعتمدت علي موافقتك المبدئية وطرحت الموضوع علي الصديق مصعب محمد علي ..المسئول عن الملف الثقافي لصحيفة الوطن..
ابدي موافقة مشجعة,واقترح ان أبدأ الامر باجراء حوار معك..
و"النصيحة"..انامسرور للفكرة..
ومنتظر ردك...




ودام السقف ودمتم..

Post: #210
Title: ان شا الله تكون "اتباخرت"
Author: osama elkhawad
Date: 09-09-2005, 07:09 PM
Parent: #209

عزيزي مازن
سلامات وان شا الله تكون اتباخرت
اي ان تكون قد عوفيت تماما من وعكتك التي نرجو ان تكون طارئة
وهذه جملة يقولها بعض من اهل اليمن في سهول تهامة- التي عملت بها من 95 الى 97-
والذين نشترك معهم في قولنا امبارح وليس البارح
وهذا يماثل ما ورد في الحديث النبوي الشريف حين جاء تهامي الى الرسول –ص-وقال له :
Quote: امن امبر ام صيام في امسفر؟

اي:
امن البر الصيام في السفر؟
فرد عليه الرسول –ص- قائلا:
Quote: ليس منمبر ام صيام في امسفر

اي :
ليس من البر الصيام في السفر

شكرا على الاقتراح
وقد بلغني كما اشرت لذلك في بوست القراءة الخاطئة ان هنالك قطاعات واسعة من الشباب والشابات يتابعون ويتابعن ما ننشره هنا ,
بشكل مثير للاعجاب في ظروف السودان التي نعلمها جميعا
وسبق للصديق حاتم الياس ان اقترح علي ذلك في الأيام المسنجرية

المهم مايلني و ارسل لي ايميل مصعب حتى يمكننا التفاهم حول هذا الامر
او اعطيه ايميلي لو كان التمايل ممكنا بيننا ,
اي اذا كان فاعلا ,فقد سبق لي ان حاولت الاتصال بصحيفة سودانية حول نفس الموضوع,بواسطة صديقنا الجميل الغائب يحيي فضل الله,
لكن المسالة لم تثمر

مع تقديري العالي لمبادرتك الكريمة
وان شا الله الشغل يكون حارق
ارقد عافية

وساعود لاواصل تعليقي على مساهمة لطيف الشحمانة حول سيميولوجيا العنوان

المشاء

Post: #211
Title: Re: ان شا الله تكون "اتباخرت"
Author: mazin mustafa
Date: 09-11-2005, 11:48 AM
Parent: #210

عزيزي الخواض..
سارسل لك التفاصيل علي الايمايل..
وup......

Post: #212
Title: Re: ان شا الله تكون "اتباخرت"
Author: mutwakil toum
Date: 09-13-2005, 09:31 PM
Parent: #211

الي سكان سقف الوردة ..

يعتذر المشاء الخواض عن الانقطاع لاسباب فنية المت بجهاز الكمبيوتر ..
ويعد بالعودة في ظل الايام القليلة القادمة ..


Post: #213
Title: Re: ان شا الله تكون "اتباخرت"
Author: محمد خليفة محمد جميل
Date: 09-14-2005, 02:48 PM
Parent: #212

مررت من هنا....
مازلت أعود لتهجي الحروف....
واناول الطوب كطلبة (بضم الطاء) تحت التدريب...
لاشارككم...وانتم تشيدون الشاهق من المياني...والمعاني...
وليرتفع السقف....
لتداعب الوردة وجنات الشمس....
وفي انتظار صديقنا الخواض ليضع لمساته علي التصماميم..كـــ أسطي ماهر..
واين انت يا امير الكلام...صديقنا البرنس...
سلام يشبهك...
وأنت هناك تجلس في الحديقة التي تجاور سكناك...
تدخن سجارتك التي يرفض دخانها أن يسافر....
وتدخن ذاتك...التي تشتاق اكثر للاحتراق....!
وتتأمل رغبة مبهمة مثل غبش الامسيات...تتنازعك...
فالي هناك....
الي فضاء الماء...لترتوي الوردة..
سلملم....

Post: #214
Title: Re: ان شا الله تكون "اتباخرت"
Author: mazin mustafa
Date: 09-15-2005, 10:48 AM
Parent: #213

UP.............

Post: #215
Title: Re: ان شا الله تكون "اتباخرت"
Author: mazin mustafa
Date: 09-15-2005, 10:48 AM
Parent: #213

UP.............

Post: #216
Title: Special thanks for Mutawakil Toum
Author: osama elkhawad
Date: 09-17-2005, 11:42 AM
Parent: #215

Thanks for all who asked about the post,and special thanks for Mutawakil toum for the information
definetely, i will be back on monday,
In shaa Allah
Almashaaaaaa

Post: #503
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عمر ادريس محمد
Date: 01-24-2006, 03:07 PM
Parent: #206

*

Post: #217
Title: I will come back soon
Author: osama elkhawad
Date: 09-19-2005, 08:24 PM
Parent: #1

Dear Netters
hi
I will come back soon
Almashaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaa

Post: #218
Title: المستجد
Author: osama elkhawad
Date: 09-19-2005, 10:00 PM
Parent: #217

نعود بعد غياب ,لم يكن لنا يد فيه,ورغم قسوته,الا انه مكننا من مراجعة افكار سابقة,و لملمة مواضيع كنا قد تركناها وركناها .
وقبل ان اواصل تفصيل ما اوجزته اعلاه,احب ان اشكر صديقنا متوكل توم على هديته الجميلة والمتمثلة في كتاب الطيب صالح:
منسي :انسان نادر على طريقته
وقد ارسله لي بالبريد المستعجل مشكورا

وانا الان في مرحلة القراءة الاولى للكتاب ,لكنني كتبت بعض الملاحظات النقدية الاولية,واتمنى ان ترى النور قريبا في بوست منفصل

وبهذه المناسبة السعيدة,ساعود مجددا الى بوست القراءة الخاطئة,لنشر ما دونته سابقا في ملفات متناثرة ولم اقم بنشره في البوست المعين حتى الان ,على امل ان أفعل ذلك بعد أن "اكربه" بشكل جيد,لكن متوكل توم في محادثاتنا التليفونية اقنعني ان انشرها كما هي ,وبعد ذلك يمكنني ان اشتغل عليها برواقة.وقد رايت ان ذلك حسن,كما انه يمهد للحديث عن جانب اخر من جوانب القراءة الخاطئة ,سنتطرق اليه حين ما نكمل ما بداناه من حديث عن المشروع الابداعي لمحمد عبد الحي بوصفه نموذجا من النماذج المضيئة للكتاب السودانيين,ولا نقول الادباء أو الكويتبين.

اذ سنعرج في حدثنا عن مسالة "المصهر الروحي" الى مقاربة البوتقة Melting Pot كاستعارة ثقافيةCultural metaphor من ضمن استعارات اخرى,مثل شوربة الخضروات و قوس قزح ...الخ من الاستعارات الثقافية.

ونتطرق الى امثلة حول القراءة الخاطئة التي تمت في هذا المنبر الى مسالة البوتقة الثقافية.وهي قراءة ,برغم فداحة خطئها ,لكنها لا تحمل النكهة الكوميدية السوداء التي ميزت مفهوم الفيا –الوارد في بوست البنيوية-لمسالة القطيعة المعرفية Epistemological break,والتي جاراه فيها كويتبنا النويقد الاسفيري المستجد.

والمستجد ليست دوما صفة مذمومة,فكل البشر يبدأون حياتهم كمستجدين,لكن هنالك من يعرف في مرحلة معينة انه مستجد,وهنالك من يجهل انه مستجد في تلك المرحلة,وهذا الجهل هو ما يجلب الكوارث الابداعية,اذا ما استعنا بمفهوم البرنس عن علم الكوارث الابداعية.

طبعا هنالك "غلاط" مستمر منذ زمن طويل جدا حول هل ان الانسان يولد "مستجدا" تماما,اي كورقة بيضاء,اذا ما تحدثنا عن علاقته باللغة مثلا, ام انه لا يولد مستجدا بشكل مطلق,وانما يحمل في داخله منطقا كونيا للغة و الابداع و....,....الخ

اثرنا مسالة المستجد ,لانها حمالة اوجه.فهي واقع لا مهرب منها في ا حيان كثيرة ,و في مرحلة محددة,وهي مذمومة في سياق ما كما يقول المثل:
Quote: المستجد ولا المشوبر

وفي رواية اخرى:
Quote: المستجد ولا المتشوبر

او في ما معناه

وقد تكون –أي صفة المستجد-محمودة كما في حالة الكتاب والمبدعين الذين لا يرهنون مساهمتهم بسياق معين او مرحلة معينة,كما في حالة الذين ينتشون لضربة البداية ,أذا ما استخدمنا تعابير كرة القدم,لكنهم يخسرون ما تبقى من زمن الشوط الاول والشوط الثاني كله,والمباراه في النهاية.
طبعا كل هذه الامثلة هي امثلة تقريبية تقترب من الموضوع,ولكنها لا تجمل كل خصائصه المعقدة.

لماذا تحدثنا عن المستجد ؟
قبلها نسال:
هل كل ما هو جديد هو حداثي؟
سؤال يبدو بسيطا ,
لكنه غير ذلك تماما

بعض مما اثيره هنا مرتبط بما قاله حسن موسى في تصاويره التي حاولت ان تقول ان مناطحة ما تمت بيني وبين بشرى

وقد قمت بالرد على حسن حين عاتبته بخصوص غياب المضمون المعرفي العميق في حوار الطرشان مع النويقد الاسفيري

ولنعد الان الى تصاوير حسن موسى في علاقتها بالحوار الاطرش الدائر حول المقاربات النقدية الحديثة من بنيوية وما بعده
حسن موسى-كرسام كاريكاتير- الغى عجب الفيا ,وجعل من بشرى الفاضل ممثلا له
وفي وصفه للفيا بعجب الفيا الاسفيري ,لا ندري هل يقصد ما قلنا به ان الفيا هو ظاهرة انترنتية؟
وهذا كلام وافقنا عليه البرنس حين قال:
Quote: ما إعتذرت منه لم يكن له علاقة بموقفي من كتابات الأستاذ عجب (راجع بوست أسامة الخاص بيمنى العيد).. و هي كتابات أرى أنها أحدثت طفرة مفاجئة هنا لا أجد لها تفسيرا عقلانيا.


وحتى بشرى الفاضل في دفاعه المستميت اليائس ,لم يجد غير فسحة لا تشفع له كي يؤكد ان الفيا ناقد باعتراف الكتاب؟

فقد قال في حياء معلوم من السياق:
Quote: بإمكاني سوق شهادات العشرات من النشطين في هذا البورد ممن اعجبتهم كتابات الفيا


ولكنه نسى ان الجديد لا يعني تماما الحديث,
وان نشطاء البورد ليسوا حجة في ذلك
وهذا لا يجعلنا نعمم الأمر بخصوص نشطاء البورد من غير الكتاب
لكن هنالك ثلة قليلة العدد هي التي فعلا يمكنها ان تضيف الى ما يقول به الكتاب التقليديون
ومن تحدث عنهم الكويتب بشرى ,
هم من وصفهم كبر ب:
Quote: السبارة

وكي يؤكد حجته قال ,بحجة أخرى عديمة الاهمية من الناحية المعرفية حين قال في حديثه السابق عن نشطاء البورد:
Quote: وعلى راسهم دكتور النور محمد حمد الذي سبقني بعام فقط في الثانوية لكنه في مقام اساتذتي


ومسالة ادراج النور كمرجع ,سبق ان أجاب عليها النور في مداخلة سنوردها لاحقا
ونواصل ردنا على الكويتب

فهو قد تناسى ما قاله دكتور النور حمد تعقيبا على ترحيبي ببولا:
Quote: مرحبا بالصديق عبدالله بولا والذي سمانا "الاولاد ابان خرتايات" حين
تحدث عن مكابداتنا النقدية في ذلك الزمان الباذخ"


فكان ان رد النور قائلا:

Quote: أعرف يا اسامة، أن بولا يكن إعزازا وتقديرا كبيرين لجيلكم، ويقدر لكم استبسالكم في صراع الخروج من الأطر القديمة الضيقة."

ثم أعقب ذلك بالملاحظة التالية:
Quote: "الشاهد أنني اضمرت، أن اترك كل تلك النقاط لبولا، وذلك بسبب صلتك أنت الوثيقة ببولا، وبسبب أن لك حوارات مع بولا، ترجع إلى حقبة الثمانينات، وربما قبل ذلك. ومن ثم، فإن بينكما الكثير الذي لم تمكني ظروف ابتعادي عن دوائر الفن، والأدب، ايام إنشغالي في الحركة الجمهورية، من الإطلاع عليه، ومتابعته، عن كثب."


وتناسى الكويتب ما كتبه بولا من شهادة عميقة في حقنا,سبق له ان قال بها في مقدمته لمجموعة صلاح الزين القصصية,وهي المجموعة التي استشهدت بها في ردي غير المباشر على كلامه عن مقدمتي والتي وصفها الكويتب المتاكدم بانها غامضة
وقد قال بولا في دفاعه عنا مرة ثانية الاتي في بوست الترحيب به:
Quote: أما "المسقفاتية"، وهو مصطلحٌ شاع في منتصف السبعينيات، واستطال واستعرض في الثمانينيات مع تكاثر وراديكالية تيارات "الحداثة الجديدة" وعلى وجه الخصوص التيارين البنيوي ثم "التفكيكي"، على أيدي من أسميتُهم في مقدمتي لمجموعة لصلاح الزين القصصية المعروفة، ب"الأولاد أبان خرتايات".
وقد كنتُ من أكثر أفراد القلة التي احتفت بهم من "جيلنا"، مساندةً وحماساً لمساهماتهم ودفاعاً عن مشروعيتها، وضرورتها للمزيد من خلخلة ما استقر من مفاهيم وعاداتٍ فكرية ومسلماتٍ دبقةٍ، ولزجةٍ، وموحلة في ساحتنا الثقافية وفي شتى حقول المعارف والعلوم الإنسانية.
ومنها على سبيل المثال "مفهوم الهوية الثقافية التامة الناجزة التي مثلتها "مدرسة الخرطوم و"مدرسة الغابة والصحراء"، والتي تم اختزالها وتبويبها وتصنيف عناصرها، واعتمادها وتسويقها، في سوق السُلطات، تحت مسمى وتعريف "الآفروعربية".

"والمثقفاتية هو من بعد مصطلحٌ في السخرية من المثقفين أسياد اللَّسِم والتقليل من شأنهم، والحلولة دونهم ودون فصائل الفوى الحديثة المحتشدة المتوثبة. ومن الحاجة لمساهماتهم الفكرية، ولدورهم المعرفي الاحتجاجي التنويري الموقظ لحركة الوعي النقدي، لمَلَكة الوعي النقدي، ونقلها من حالة الكمون إلى حالة الفعل اليقظ. وهو مصطلحٌ يستهدف بصفةٍ خاصة حركة النظر الفلسفي الحداثي التي نشطت في السبعينيات والثمانينيات وأعملت أدواتها حفرها ونقضها وضيائها في المناطق المغلقة، المظلمة، المتكلسة، الصدئة، في كافة حقولنا المعرفية في مجال العلوم الإنسانية على وجه الخصوص".


وتناسى المتأكدم الكويتب , ايضا,ما كان يحاول ان يقول به النور للفيا كي ينظر الى اراء بولا وحسن موسى بمنظور جديد

و لم ينبهه النور الى ذلك ,عندما احس انه لم ينتبه لمراجعته السديدة الدقيقة

وقد نرى في بعض من اوجه قراءتنا لتصاوير حسن موسى,انه اراد –أي بشرى- ,وقد حزم امره ,
أراد أن ينتحر ضمنيا ,حين ما يوكل صاحب الشان الامر الى غيره ممن هم اقل تاهيلا منه –على الاقل من الناحية الاكاديمية-لكن الامر يبدو غير ذلك,
فانتباهة بشرى الى المقاربات النقدية البنيوية وما بعدها ,جاءت متاخرة,بعد ما انجز رسالتيه للماجستير والدكتوراة,بعقلية الارزقي

وهو كلام نصر عليه الى ان ينشر لنا بشرى الفاضل موضوع اطروحتيه للماجستير والدكتوراة
وهو لا يريد ذلك,
وواضح انه يتهرب من ذلك ,
ربما باحساس من الخجل وربما العار الاكاديمي

رغم ان المسالة يمكن ان تعرف,فهي ليست سرا ,
والسؤال عن ذلك في المؤسسات الاكاديمية الروسية سيكشف ذلك

لكن ما مشكلة ,فان في امكانه ان ينتقد نفسه
فيضيف ماثرة الى سيرة حياته الاكاديمية العاطلة اساسا

وقد نعود لو الله هون

ارقدوا عافية
المشاء

Post: #219
Title: ملحق لمداخلتنا السابقة:عبد اللطيف على الفكي
Author: osama elkhawad
Date: 09-21-2005, 01:22 PM
Parent: #218

ملحق لمداخلتنا السابقة:عبد اللطيف على الفكي

ساعود لنشر الجزء الثاني من تعقيبي على مداخلة صديق العمر ,ورفيقي في المقاربات النقدية الحديثة
ولعل ما يثير الدهشة هنا موقف عبد اللطيف من النقاش المسخن هنا منذ سنوات,
وهو نقاش ابتدره الفيا بنشر رده على شهادتي :
مشهد النسيان
اغتنم بشرى ذلك البوست,
كي يؤكد موقفه المسبق من اننا اصفار كبيرة في الخطاب النقدي السوداني
حين ما اتهمنا بدلق طبقة شمعية على الخطاب الابداعي السوداني
لو اكتفى لطيف بالصمت,
لقلنا ان هذا في حد ذاته موقف,
يمكن ان يتضح منطقه بعد زمن ما
لكن ان يتحدث "عاصرا" على جهتي كما يرى لطيف,
فهو امر غير مقبول تماما
فهو لم يعلق على ما قال به بشرى من صفريتنا,
ومن عدم جدوى المقاربات البنيوية وما بعدها جميعا,
اذ القى بها ,في قمة هياجه الاسفيري في مستودع الخزف النقدي في سلة اللاجدوى
ولم يعلق على الحاقه لطيف ونفر من كتابتنا الكبار بما سماه بشرى:
Quote: اسامة وصحبه

وفي رواية :
Quote: اسامة ومشايعوه

وفي رواية اكثر غرابة:
Quote: النقد الاساموي

يعرف لطيف جيدا ما كابدناه في سبيل ممارسة تجسيرنا النقدي ,
ويعرف اكثر اهمية ما قمنا به ,رغم الصعوبات التي حدت من تدفقه,
لكنه اثمر
و ليس من منكر لاهمية المقاربات النقدية الحديثة,
الا من هو في قامة بشرى النقدية
وهو لم يقدم شيئا ينفع ثقافته وشعبه و كتاب بلده وطائفه عريضة من الجمهور المستنير,
في ما يتعلق بالتجسير النقدي بين الثقافة الروسية و السودانية,
وفي ما يتعلق بالنقد عموما
ولم يفتح الله عليه بجملة واحدة يفيد بها ثقافته مما تخصص فيه تخصصا اكاديميا رفيعا,
كما يبدو من لقبه,

لا كما يبدو من موضوعات تحضيره,
والتي ستعرف ,ولو بعد حين

أختم كلامي بان موقف صديقنا لطيف في حاجة الى توضيح منه,
لانه غير مقبول لكثير من القراء
وسبق للبرنس ان قال شيئا ما في هذا الخصوص ,
لكن عبد اللطيف لم يجب لا على كلامي و لا على ملاحظة البرنس
هذا نقاش ثقافي عام ,
ومن يخض فيه فعليه الا يكتفي بالعارض والمؤقت,
مما يمكن ان يفسر بانه نوع من الاتيكيت والمجاملة الثقافية

وسنعود كان الله هون

وارقدوا عافية
المشاء

Post: #220
Title: Re: ملحق لمداخلتنا السابقة:عبد اللطيف على الفكي
Author: osama elkhawad
Date: 09-21-2005, 10:13 PM
Parent: #219

فوووووووووووووووووووووووووق
لمزيد من القراءة
المشاء

Post: #221
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-21-2005, 10:18 PM
Parent: #1

التعليق :

أيها الأديب الرائع أسامة

لك تحية من قلب أسره نصّكَ ورَضِيَت النفس أن وَجدت من أشبَعها وجْدا .
خير لُغة تَتحدثُ عنك هو هذا النصّ . لو ارتضيت أن يكون
صفاء السَريرة مدخلاً اليك ، فما أرى أصدق منه ،
و لو كُنت مكانك وأَلِفَ قلبي النَّقد و محبته لهجرتًه وفضَّلت
النص الشعري الإبداعي على غيره .
تنام وقد أطلقت رصاصاتك ،
ويسهر الخلق جراها ويختصِمُ .. كما قال المتنبي .
تتضاءل دون هذا المكتوب كل المعارك التي شهدتها لك على هذا المنبر .
على أيٍ مهما سعى النقد المُبدع ليلاحِق النصوص المُبدعة فلن يطالها .
فمن تيسر له الحال أن يلبس حُلة المَشيَخة فخيراً له أن يتُرك ابريق الدرويش
وينهض ..

ربما هي الصدفة أن قرأت اليوم .. ، فسجادة سودانيزأونلاين على سعتها ،
تطوف الموضوعات فيها تطواف الشُهُب .
جاءت صدفة الزمان والمكان . فتحت الكون السيبيري ثم نظرت ، و هالني ما رأيت ! :

أصدقك القول إن صناعة العنوان تستوقف ، والغرابة تستوقف أيضا .
بعضهم يفضلون قِيادَكَ من باب الغرابة ، تضطلع على النص و تُحبَطْ !.
لكن كتابتك هُنا ، فوق ما يتمنى المرء . مِديتَك على جُبن الأحلام
تُقطِّعها ليستلِذ المَأكَلْ . تطرَب الأذن وهي تقرأ ،
و يتوهج نور العيون وهي تتأمَلْ .

هُنا .. من بين ثنايا الكلمات وُلِدَت مَجرَّة جديدة ، قرَّبها مِنظارٌ فَاتِنْ .
إنه السحر ملمساً ورؤيةً وأحلاما.. ً تقفز من فوق المألوف .
تحتاج كل عبارة كتبتها أنت فصل كامل واستراحة ،
ليلتقط القارئ نفساً ويملأ رئتيه اكسير الحياة ، فيُقبِل شرِهاً جائعا.
لقد ضيَّقت الأمر على كل من يكتب من بعدكْ !.

فقد نهض نصك عالياً ، خفاقاً .من أراد الكتابة المُنفَلِتة
فله أن ينطلق من حيث انتهيت ،أو تُصبِح الكتابة من بعد
تقريرية فَجَّة .. وذاك من جور المُبدعين المُحبب .
في رصف الكلمات عندك تتفجر المعاني ، وتَهزِم رُوح القارئ
الذي تَعوّد كَسل التنبؤ . من لايصبر يحسب التراكيب
حوائط أسمنتية تصُده عن الولوج ،
ومن يجلِس صفاءها سيجد الكون روحاً شفافة منطلقة .
أمسكت أنتَ بالاحلام من سماواتها ، وأجلستها
بيننا ، فما فما أروعك .

هذا أراه النعيم المقروء ..

شكراً لك .
ـــــــــــــــ
ملحوظة :
1ـ أرى أن تقوم بتنوين النص حتى لا يُغرِد طائرٌ
خارج السَربْ .
2ـ النص :
( من كل حدب وصوب , يحادثك العاشقوك كفاحا )
كنتُ أفضله أن يُكتَب كالآتي :
( من كل حدب وصوب ، يُحادثك عاشقوك كِفاحاً )
3ـ النص :
( لأن المحبة سوف تكون الاهة ايامنا القادمات)
كنتُ أفضله أن يُكتَب كالآتي :
( لأن المحبة سوف تكون آلِهَة أيامنا القادِمات )
ربما لك رأياً آخر ..
لن أفسد كونك الذي ابتنيت .

حريٌ بمثل هذا النص أن يُدَرَّس

التحية لك مُجددا .

عبدالله الشقليني
22/09/2005 م

Post: #222
Title: عزيزي الشقليني
Author: osama elkhawad
Date: 09-21-2005, 11:28 PM
Parent: #221

عزيزي الشقليني
سلام كارب وتحايامخلصة
قرات مداخلتك العميقة قراءة عابرة
فهي القراءة الاولى
و هي قراءة لا تتيح لي ان اعقب على كلامك بشكل يتوافق مع رؤاها العميقة واقتراحاتها
فقط لفت نظري كلامك الاتي:
Quote: و لو كُنت مكانك وأَلِفَ قلبي النَّقد و محبته لهجرتًه وفضَّلت
النص الشعري الإبداعي على غيره .

عثمان محمد صالح راي مرة
Quote: انني لست بشاعر وانما ناقد

اعير انتباها لما يقال عني ,
على قلته,
لكنني لست ملزما بالانصياع اليه
وكما ترى فانني تحدثت هنا عن مفهوم الكاتب من خلال ابينا :
محمد عبد الحي
وهو من الملهمين لنا
وقد فكرت في زمن ما ,وقد قلت ذلك في سياق اخر,
فكرت ان اهجر النقد انحيازا الى الشعر,
لكن كان قرارا خاطئا,
وهو ليس خاطئا تماما
فقد قررت ذلك بناء على سيرتي المشائية
ساعود الى مداخلتك العميقة
فقط ارجو ان تعذرني على التاخير ,
ربما ليومين
مساء السبت او الاحد القادمين
وقد اعود لو وجدت فرصةلذلك
ارقد عافية
ولك محبتي ,
وتقديري
المشاء

Post: #223
Title: وساوس عثمان محمد صالح:كلام اقرب الى الكذب
Author: osama elkhawad
Date: 09-22-2005, 00:54 AM
Parent: #222

سبق ان قلت في تعليق على الاخ الكريم الشقليني ان عثمان محمد صالح يعتقد انني ناقد ,
ولست بشاعر
وهنا عينه من كلامه

Quote: مافي شعر في المكتوب
مفردات متخشبة مرتجلة
بلا روح
والشعر روح لا عبارات
مرصوفة

الأخ اسامه الخواض
بصريح العبارة
أسأل
أين روح الشعر
في المكتوب

مفردات متخشبة مرتجلة
بلا روح
والشعر روح لا عبارات
مرصوفة

إكتغي بالنقد
ودع الشعر
للأرواح

ثم يقول في تفسير له عما كتبته انه صادر كرد على بوست ما لم يقل به:
Quote: واضيف
جازماً بأن هذا الشعر المرتجل
كتب غب غبينة نتجت عن بوست
مالذي جرى لقلمك

ثم يقول في كلام ليس له ما يسنده,وهو اقرب الى الكذب :
Quote: ماقلت به قاله كل
الذين عبروا البوست
ومضوا، كل بنحو خاص
الروح غائبة تماماً
مالذي جرى لك يا
اسامه الخواض

عثمان ليس ناقدا ,
وليس في كلامه ما يدل على ذلك,
لكنها النزعة الشريرة التي تتلبسه في احيان كثيرة,
وهو امر صار معروفا عنه,
ويصدر ذلك في كل الاحيان عن هواجس لا يفهمها غير صاحبها

و سنعود لو الله هون
المشاء

Post: #224
Title: Re: وساوس عثمان محمد صالح:كلام اقرب الى الكذب
Author: mazin mustafa
Date: 09-24-2005, 11:07 AM
Parent: #223

UP

Post: #225
Title: صناعة العنوان:لعلك-الشقليني- اول من انتبه الى غرابة العنوان
Author: osama elkhawad
Date: 09-24-2005, 04:20 PM
Parent: #224

شكرا صديقنا مازن على العفريتة
نعود للاخ الكريم الشقليني
يقول :
Quote: تتضاءل دون هذا المكتوب كل المعارك التي شهدتها لك على هذا المنبر .
على أيٍ مهما سعى النقد المُبدع ليلاحِق النصوص المُبدعة فلن يطالها .
فمن تيسر له الحال أن يلبس حُلة المَشيَخة فخيراً له أن يتُرك ابريق الدرويش
وينهض ..

نحاول ما وسعتنا طاقتنا الموزعة في امور اخرى كثيرة لا علاقة لها بالكتابة,
لكنها المجابدة والمباصرة يا سيدي العزيز
وكما قلت لك لا استطيع حصر نفسي في جهة الشعر,وقد حاولت ذلك لكن الحنين اليه,والحاح الاصدقاء اعاداني الى جهة النقد ,
وهي جهة لم احدد الرجوع اليها,وانما احس اخرون انني لا ينبغي ان اترك مكاني خاليا,
فالقحة ولا صمة الخشم,
في شروط مشهد ثقافي واكاديمي بالغ التعاسة والبؤس
نحاول ان نعكس بعضا مما تعلمناه في الغرب,وعركته الايام و التجارب,
علنا نكون من النافعين
والمعارك النقدية هي جانب اساس في تنمية الاحسا س النقدي الحديث ,
وفي خلق جمهور للثقافة لا يستطيع النقد الاكاديمي ,رغم اهميته الفائقة الوصول اليه

ما زلنا دروايش ذوي بصر وبصيرة ,
فالمشيخة يا سيدي حجاب الحجب كلها
ثم تقول عزيزي في تعبير عن دهشتك بالعنوان:
Quote: أصدقك القول إن صناعة العنوان تستوقف ، والغرابة تستوقف أيضا .
بعضهم يفضلون قِيادَكَ من باب الغرابة ، تضطلع على النص و تُحبَطْ !.
لكن كتابتك هُنا ، فوق ما يتمنى المرء . مِديتَك على جُبن الأحلام
تُقطِّعها ليستلِذ المَأكَلْ . تطرَب الأذن وهي تقرأ ،
و يتوهج نور العيون وهي تتأمَلْ .


لعلك اول من انتبه الى غرابة العنوان,
فللطيف راي متسائل فيه ,لكنه لم يفصله حتى نرد عليه
ثم تقول في التعبير عن اعجابك الكبير بالنص الاتي:

Quote: هُنا .. من بين ثنايا الكلمات وُلِدَت مَجرَّة جديدة ، قرَّبها مِنظارٌ فَاتِنْ .
إنه السحر ملمساً ورؤيةً وأحلاما.. ً تقفز من فوق المألوف .
تحتاج كل عبارة كتبتها أنت فصل كامل واستراحة ،
ليلتقط القارئ نفساً ويملأ رئتيه اكسير الحياة ، فيُقبِل شرِهاً جائعا.
لقد ضيَّقت الأمر على كل من يكتب من بعدكْ !.

فقد نهض نصك عالياً ، خفاقاً .من أراد الكتابة المُنفَلِتة
فله أن ينطلق من حيث انتهيت ،أو تُصبِح الكتابة من بعد
تقريرية فَجَّة .. وذاك من جور المُبدعين المُحبب .
في رصف الكلمات عندك تتفجر المعاني ، وتَهزِم رُوح القارئ
الذي تَعوّد كَسل التنبؤ . من لايصبر يحسب التراكيب
حوائط أسمنتية تصُده عن الولوج ،
ومن يجلِس صفاءها سيجد الكون روحاً شفافة منطلقة .
أمسكت أنتَ بالاحلام من سماواتها ، وأجلستها
بيننا ، فما فما أروعك .

هذا أراه النعيم المقروء ..


لا اعرف كيف ارد على مثل هذا المديح الذي لم اسمع به قبل ذلك,
وبمثل هذه اللغة المفصحة افصاحا جميلا ومؤثرا

حقيقة لا اعرف

وساعود الى ملحوظاتك

مع محبتي

المشاء

Post: #226
Title: Re: صناعة العنوان:لعلك-الشقليني- اول من انتبه الى غرابة العنوان
Author: هشام مدنى
Date: 09-24-2005, 04:38 PM
Parent: #225

Quote: لا اعرف كيف ارد على مثل هذا المديح الذي لم اسمع به قبل ذلك,
وبمثل هذه اللغة المفصحة افصاحا جميلا ومؤثرا

حقيقة لا اعرف

كنت في مرور على الاشياء الجميلة
تحياتى لك
عزيزي المشاء

Post: #227
Title: ارجو ان اسمع منك
Author: osama elkhawad
Date: 09-24-2005, 06:05 PM
Parent: #226

الاخ الكريم هشام مدني

سلام وتحايا كثيرات

شكرا على ما تفضلت به
لم ارد عليك في بوست البرنس حين قلت:
Quote: عزيزي المشاء
بقولوا في المثل: الكعكة في يد اليتيم عجب

لان تقاليد النشر التقليدية وغيرها تقول بان تعقب على ذلك في المكان المحدد
وفي سياقنا الاسفيري يمكن ان نقول ان ذلك هو البوست المتعلق بما اردت قوله
حقيقة هذه اول مرة اسمع بها بهذا المثل,
و بدا لي انه يحمل طابعا سلبيا
سالت من توفر لي سؤالهم فلم اجد ردا شافيا
ارجو ان اسمع منك
مع مودتي
المشاء

Post: #228
Title: تحول الى لاهوت ذكوري في مراحل لاحقة
Author: osama elkhawad
Date: 09-24-2005, 07:05 PM
Parent: #227

عزيزي الشقليني

سلام

اعود لملاحظتك وهي عبارة عن ثلاث ملاحظات:
Quote: أرى أن تقوم بتنوين النص حتى لا يُغرِد طائرٌ خارج السَربْ

هذه ملاحظة هامة ,وسأهتم بها مستقبلا.
لكن تجربتي في التنوين في ديواني الاول "انقلابات عاطفية" ,اثبتت ان التنوين الكامل يمكن ان يكون مملا للقارئ,واحيانا تحدث فيه اخطاء طباعية ,وفيه احساس خفي غير مرغوب, بعدم قدرة القارئ على التقاط مسائل اساسية في ما يتعلق بالتنوين
2ـ النص :
Quote: ( من كل حدب وصوب , %E

Post: #229
Title: تحول الى لاهوت ذكوري في مراحل لاحقة
Author: osama elkhawad
Date: 09-24-2005, 07:07 PM
Parent: #227

عزيزي الشقليني

سلام

اعود لملاحظتك وهي عبارة عن ثلاث ملاحظات:
Quote: أرى أن تقوم بتنوين النص حتى لا يُغرِد طائرٌ خارج السَربْ

هذه ملاحظة هامة ,وسأهتم بها مستقبلا.
لكن تجربتي في التنوين في ديواني الاول "انقلابات عاطفية" ,اثبتت ان التنوين الكامل يمكن ان يكون مملا للقارئ,واحيانا تحدث فيه اخطاء طباعية ,وفيه احساس خفي غير مرغوب, بعدم قدرة القارئ على التقاط مسائل اساسية في ما يتعلق بالتنوين
2ـ النص :
Quote: ( من كل حدب وصوب , يحادثك العاشقوك كفاحا )

وقلت مصححا:
Quote: كنتُ أفضله أن يُكتَب كالآتي :
( من كل حدب وصوب ، يُحادثك عاشقوك كِفاحاً )


هذه مسالة مرتبطة بما يراه نقاد الشعر العربي القديم حول اضافة التعريف الى كلمات مثل عاشقوك ,حارسوك, الخ ...
وهي غير مستحبة كما يرى اؤلئك النقاد
لكن تجارب الشعر العربي المعاصر المبكرة في مرحلته التفعيلية تمردوا على ذلك التقليد

محمد المكي ابراهيم –شاعرنا الكبير-تمرد على ذلك التقليد حين قال-اتكلم من الذاكرة فارجو تصحيحي-
Quote: عيون الحارسيك نيام


ما اجزم به هو ان ما قلت به هو من نص محمد المكي ابراهيم المعروف ب:
بعض الرحيق أنا والبرتقالة انت*

*كما ان تصويبك -لو عملنا به-سيكسر الوزن
ولست من الشعراء الذين يضحون بالمدلول والدال على حساب الوزن
فهذه سمة الشعراء غير المجيدين لادواتهم
وفي مرحلة من مراحل النقاش حول القصيدة التفعيلية وقصيدة النثر طرح انصار قصيدة النثر-والتي اكتبها احيانا-طرحوا ان التضحية بالمدلول والدال على حساب الوزن من الاسباب القوية التي تدعو الى ترك التفعيلة

وهناك بعض الشعراء يخلطون بين قصيدة النثر والتفعيلة لجهلهم ببحور الشعر
وهذه ظاهرة واضحة جدا في الشعر السوداني المكتوب في فترة الثمانينيات وما بعدها

وهناك شعراء يقولون بقصيدة النثر لجهلهم بتلك البحور
وقد قال درويش في جهة الشعر في حوار معه ما يدعم ما قلت به:
Quote: أما أنا فلم أكتب قصيدة النثر لأني لم أشعر بأن الوزن يقيدني ويحجب عني حريتي في المغامرة والسرد واستيعاب لغة الحياة الحديثة وشعرية النثر أيضا، والحوار داخل النص الشعري.

3ـ النص :
Quote: ( لأن المحبة سوف تكون الاهة ايامنا القادمات)

وقلت عزيزي مصححا:
Quote: كنتُ أفضله أن يُكتَب كالآتي :
( لأن المحبة سوف تكون آلِهَة أيامنا القادِمات )


في النص اتحدث عن
Quote: الاهة
وهي مؤنث اله
فالنص يحمل صبغة جندرية في اتجاه النساء
فاللاهوت اساسا كان لاهوتا نسويا,
لكنه تحول الى لاهوت ذكوري في مراحل لاحقة,
حتى بتنا ننكر انه كانت هنالك الاهات

وارجو ان اسمع منك دائما

ارقد عافية

المشاء

Post: #230
Title: Re: تحول الى لاهوت ذكوري في مراحل لاحقة
Author: mansur ali
Date: 09-24-2005, 09:40 PM
Parent: #229

up

Post: #231
Title: Re: تحول الى لاهوت ذكوري في مراحل لاحقة
Author: osama elkhawad
Date: 09-25-2005, 10:39 AM
Parent: #230

شكرا منصور على تعتيلك للبوست
وشكرا جزيلا ايضا على النصوص والمقالات التي ترسلها لي عبر الايميل
تحياتي لك
مع محبتي
وارقد عافية
المشاء

Post: #232
Title: Re: ارجو ان اسمع منك
Author: هشام مدنى
Date: 09-25-2005, 02:55 PM
Parent: #227

الأخ الكريم اسامة الخواض
عاطر التحايا
نعم اعلم ذلك
Quote: لان تقاليد النشر التقليدية وغيرها تقول بان تعقب على ذلك في المكان المحدد
ولكن ما كنت اود تحويل البوست الى موضوع اصلا الأستاذ البرنس انزل له بوست ... ولكن انتبهت لمداخلة هنا وكنت متابع البوست من البداية رغم اننى لم اتداخل فيه وكثير ما اتابع بوستاتك ولم اتداخل فيها ...لا
Quote: يحمل طابعا سلبيا
وانما مقارنه بما قلت عنه من من يمدح استاذنا البرنس ...
لذلك كان المثل وهو مثل معروف .. ودائما ما كان يقول به الفنان الكبير القدير رحمه الله
الأستاذ عبدالوارث عسر اول مرة اسمع منه هذا المثل لفلم له في اوخر الستينيات
...
ارجو ان اكون اوضحت القصد...
مع تقديري واحترامي لما تكتب

Post: #233
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-25-2005, 09:04 PM
Parent: #1

الأديب أسامة
تحية لك ،

وأنتَ تخُص ما تكتُب
بتفاصيل بِنية معرفية
تُدهِش .

شكراً لك على التوضيح والإبانة .

ربما لو وجدت من الزمان لإثراء الرؤى
سأترك للقلم أن يختار زمانه ،
فتقاطعات الدنيا تتركنا دوماً ونظرنا
مُتعلقاً بكوة في جدار المُشاهدة

Post: #234
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 09-26-2005, 03:32 PM
Parent: #233

الزميل هشام مدني
تحيات مباركة
شكر ا على التوضيح

ونعود للاخ الكريم الشقليني
اتمنى ان اسمع منك قريبا

اما كلمة
Quote: الاديب
,
فهي للحق لم ترق لي ,
وقد تحدثت عن ذلك في هذا البوست

نرجو سماع مزيد من المشاركات والمداخلات والاسئلة ايضا
وسنعود للتعقيب على مداخلة لطيف حول العنوان سيميولوجيامن خلال جدارية محمود درويش

وارقدوا عافية تحت سقف الوردة

المشاء

Post: #235
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: الجندرية
Date: 09-27-2005, 02:12 AM
Parent: #1

العزيز اسامة

لم يسمح لي الوقت بقراءة كل المداخلات
ولكن احببت ان اعلن سعادتي بالنص
وما اثاره من تساؤلات حول تعددية القراءة
وبعض المسائل التقنية من سميولوجيا الصفحة الشعرية إلى العنوان والعتبات الاخرى بما فيها التاريخ كتابة النص ،وغيرها

ساعود إن استطعت

محبتي

Post: #236
Title: الناقدة الكبيرة اماني صاحبة مساهمة متميزة في الخطاب النقدي السوداني
Author: osama elkhawad
Date: 09-27-2005, 10:57 AM
Parent: #235

الصديقة والناقدة الكبيرة اماني

مرحبا بك في هذا البوست,
ونتمنى مشاركتك الفعالة حتى تكسرين الايقاع الذكوري لهذا البوست المعرفي الشعري
و انت صاحبة مساهمة متميزة في الخطاب النقدي السوداني من خلال انتباهك لموضوعة الجندر وعلاقتها بالكتابة ,وكذلك لتطبيق "العتبات النصية " على نصوص شعرية وسردية
وقد سبق لي ان اشدت بمساهمتك المقدرة في بوست لك ,
وهذا هو ردي:
بذور النثر تخصب حقل الغنائية : فصل من كتاب بعض من رذاذ ...لخواض والاخرين / ات

تحياتي للشيخ طارق,وارجو ان تمايليني بتلفونه,
ولتراث والاصدقاء المشتركين

محبتي كاملة

المشاء

Post: #237
Title: عقلية الذئاب التي تعرف من اين تؤكل الكتف-لسنا قبائل ابداعية تنصر اخاها ظالما كان ام مظلوما
Author: osama elkhawad
Date: 09-28-2005, 10:17 AM
Parent: #236

قبل ان نعود للرد الذي تاخر ,ربما بسبب انه قد تطور اكثر مما كنت مخططا له,نورد ما قلنا به في بوست الاخ العزيز ابو عبيدة الماحي عن نصنا الشعري :
هاجس السام او ما قاله الكلب احتجاجا
لان ذلك يتعلق بما اثرناه من مسالة صمت صديقنا لطيف عن القضايا الاساسية التي اثيرت في نقاش فتح قبل اكثر من سنتين,
وهو كلام يرتبط بما قلناه عن عدم رضانا عن موقف لطيف,
رغم اننا نقف في موقف فكري وابداعي وشخصي حى واحد ومتجانس ,
لكننا لسنا قبائل ابداعية تنصر اخاها ظالما كان او مظلوما

وعندما تحدثت عن
Quote: اعادة انتاج مفهوم الشلة
,
وهي اعادة لم تقع للفيا في رده الفطي علينا,
كنا نقصد الوقوف على ارضية معرفية وابداعية واحدة,
وليس على مبدأ التعارف الشخصي البحت في مستوى الحياة اليومية

نعود لصديقنا لطيف وموقفه من النقاش المسخن
اكتفى لطيف بتعليقين حول ابداعية بشرى الفاضل كقاص ,
استثمر ا حدهما الكويتب في رده او قل في حرده الاخير حين قال:
Quote: القمك الاستاذ الصديق عبداللطيف حجرا

التعبير في حد ذاته يكشف عن اهتزار في الثقة بالنفس الابداعية اكثر من كونه دليلا مفحما كما يتخيل المتاكدم
اما الملاحظة الاخرى فهي حديثه عن لطيف بوصفه استاذا
فمن أين اتت الى لطيف صفة الاستاذية؟؟؟؟,
وهو ينعي على لطيف صفة الناقد باعتباره صفرا كبيرا , ,وعبد اللطيف اكتسب ذلك اللقب الى حد كبير ضمن مساهمته اساسا كناقد
لكنها كما نقول عقلية الذئاب التي تعرف من اين تؤكل الكتف ,وليست عقلية المحاورة والجدال والنقاش
فكان الاجدر به ان يدعو لطيف الى النقاش كما فعل في بوست البنيوية,
لكنها عقلية الذئاب التي تكتفي ببقايا العظام وفضلات الصحراء

لذلك ففي ظل صمت لطيف ,فاننا لا نستطيع الا ان نلجأالى الاستنتاج والتاويل
فلطيف مثلا لم ينفض يده عن المقاربات النقدية الحديثة لنقول انه يوافق الكويتب في ما قاله
وليس لدى شك في انه يتهيب سخرية بشرى الفاضل ذات القوة الثلاثية للابادة
ربما اراد لطيف ان يوحي لبشرى ان الاجحاف في حق الناس مؤلم,
لكن ذلك لا يجدي مع ذهنية تقليدية عدمية متخلفة
ولو كان السبب -وهو سبب حاصل-ان المحاور ,بفتح الواو-غير كفء و غير مؤهل لا على مستوى الممارسة النقدية ولا على المستوى الاكاديمي,كما في حالة الدكتور بشرى الفاضل,
فهذا ليس بسبب مقنع رغم وجاهته
فامثال هؤلاء المشاترين والشتر يشيرون الى الطريق الاخر ,كما في حالة
Quote: القطيعة المعرفية
,
والمفهوم الخاطئ
Quote: لسيميولوجيا الصفحة الشعرية
كما عند الدكتورين الفاضلين:
المليك وبشرى الفاضل

ولعل التفسير المعقول هو ما ورد في ما كتبته في بوست ابوعبيدة الماحي:
Quote: عزيزي البرنس
حين اقترحت على الاخ الكريم ابوعبيدة ان نتأمل هذا النص او نقرأه ولو قراءة عابرة,
كان في ذهني ان نستفيد مما يتيحه النت من تفاعل مباشر وسريع,
لا يتمتع به الكاتب التقليدي ,الذي ربماينتظر العدد القادم,
او مقال "قرأت العدد الماضي" حتى يعرف صدى ما كتبه
وربما لا يجد ما كتبه صدى الا بعد موته
من تجربتي واطلاعي على تجارب اسفيرية كثيرة,
اكتشفت ان الحال في حاله ,ما عدا نماذج قليلة جدا
فما زال الكاتب التقليدي هو الذي يملك في يده اسرار اللعبة كلها
وعندما اقول اسرار لا اتحدث بمعنى كهنوتي غنوصي,
وانما ان تأويل النص ما يزال محتكرا لكهان الكتابة التقليدية
مثال لذلك ما كتبه لطيف حول علامية العنوان في بوست :
لاهوت الوردة
انا في غاية التاكد من انه اثار عاصفة من الاهتمام
لكن لم يجرؤ حتى الكتاب التقليديون على الحديث عنه
وهذا يعكس شيئين ,ربما رمى لطيف الى واحد منهما:
الشيى الاول:
ان يوضح لمن يهاجمون المقاربات النقدية الحديثة انها ما تزال فاعلة وتثير التأمل والاندهاش ,
وان ما يقول به كويتب ما ,ومتأكدم هو باطل الاباطيل بالتجربة ,
وليس بالكلام

الشيئ الثاني:
ان الطبيعة الاساسية لمثل هذه المقاربات هي طبيعة تقليدية اذا ما صنفنا الكتابة الى تقليدية واسفيرية
ولذلك فان الاسفيريين يمتنعون تماما في مثل هذه المقاربات
وهذا واضح جدا وتماما

وساعود
لو الله هون
أرقدوا عافية

المشاء

Post: #238
Title: الجزء الاول من تعقيبي على مساهمة لطيف حول علامية عنوان "جدارية" محمود درويش
Author: osama elkhawad
Date: 09-28-2005, 07:10 PM
Parent: #237

(1)
نعود الان الى التعقيب على مساهمة لطيف حول علامية العنوان من خلال جدارية محمود درويش.وسينقسم التعقيب الى جزئين:

الجزء الاول يحاول من خلال ما قال به درويش تقديم اضاءات حول الجدارية نفسها والشروط التي كتبت فيها.وذلك بحسبان ان درويش من الكتاب الذين يمكن ان يضيئوا الطريق الى النص او ينثرون ايماءات هنا وهناك تكون مفيدة في تأويل النص.
ولا ينطلق ذلك من ان الذات الكاتبة هي الوحيدة التي تمتلك الوصول الى القراءة الصحيحة.

فليست هنالك قراءة واحدة هي الصحيحة .بل هنالك قراءات ممكنة ومشروعة.وهذا القول يضاد ما تقول به بعض المقاربات النقدية الحديثة من ان اي قراءة هي قراءة صحيحة.
فكون النص مفتوحا,اذا ما كان كذلك ,يجعل هنالك امكانية نظرية لقراءات مشروعة لا يمكن حصرها وتحديدها,لكن في المقابل فان ذلك يطرح امكانية وجود قراءات خاطئة لا يمكن حصرها وتبيان عددها.

هنالك قراءات تراوح بين المستويين :
مستوى مشروعية القراءة و مستوى خطأ القراءة.

أما الجزء الثاني فانه يتعلق بالولوج مباشرة الى علامية العنوان اي جدارية كما تطرحه مقاربة لطيف.وسنحاول ان نوسع مثل ذلك النظر من خلال ما قالت به الذات الكاتبة اي درويش ومن خلال بعض المقاربات النقدية التي حاولت ان تلج هذا المستوى في مقاربة هذا النص الطويل بامتياز.

*احب ان انوه انني حاليا لا املك "جدارية" محمود درويش .وقد قراتها فور صدورها حينما كنت في بيروت.و اتيت بها الى هنا,لكنها ضاعت.ولطيف يعرف تلك القصة.وصادف ان قراها ايضا صديقنا المشترك عادل عبد الرحمن,والذي له ذاكرة قوية في حفظ النصوص الشعرية.
فما اوردته من نصوص هنا ,هو مما وجدته متناثرا هنا وهناك في الشبكة العنكبوتية.

(2)الجزء الأول:

قبل ان الج مباشرة في التعليق على مساهمة الصديق لطيف حول علامية العنوان,احب ان اذكر انني كنت معاصرا في بيروت للانتظار المشبع بالاسى والالم والمتعلق بعملية جراحية ستجرى لدرويش في فرنسا ,وهي عملية قلب,واحتمال نجاحها كان ضئيلا جدا.واذكر انني حضرت تجمعا ثقافيا بهذه المناسبة للدعاء لدوريش بنجاح العملية.وعقد التجمع بدار الندورة في حي الحمراء ببيروت.واكثر ما اثرني ان احد الحضور من اللبنانيين ذكر ان له ابنا واحدا,ولو كانت هناك امكانية لا يفدي درويش بابنه لفعل ذلك,ثم انخرط في بكاء طويل طويل طويل.

وقد نجحت العملية,وبعدها شرع درويش في كتابة نصه الطويل عن تجربته مع الموت.وقد تحدث عن اسباب كتابته للجدارية في مناسبات عديدة.

ففي حواره الشهير مع بيضون رد على ملاحظة لبيضون حول انه شاعر عزاء-يتحدث عن لماذا كتب نصه الشعري الطويل "جدارية":

أنا شاعر محاصر بالموت .قصة شعبي كلها قصة صراع الحياة مع الموت,وعلى المستوى اليومي كل يوم عندنا شهداء.الموت عندي ليس استعارة,ولست أنا من اذهب اليه كموضوع بل هو يأتيني كحقيقة.عندما كتبت الجدارية التي هي عن موت شخصي كان في نيتي ان اكتب عن الموت,حين قرأت القصيدة بعد كتابتها,رأيتها قصيدة مديح للحياة.قد يجد بعض القراء عزاء في شعري عن خسائر ما ,لكن من الظلم أن تسميني شاعر عزاء.

وقد تطرق الى ظروف كتابته للجدارية في حوار اجراه معه فخري صالح,
حين ساله:
كتبت "سرير الغريبة" قبل "جدارية". المجموعة الأولى عن الحب والثانية عن الموت، هل ثمة وشائج بين المجموعتين؟ هل كتبت الثانية وفي ذهنك الأولى؟

فاجابه درويش قائلا:

الثانية، أي "جدارية"، لم تكن جزءا من سياق محدد بل كانت استجابة لحدث كبير طارئ جرى في حياتي، وهو حادث مرضي وعمليتي الجراحية الخطيرة التي وضعتني عمليا في مواجهة مباشرة مع الموت.

الموت مضى في سبيله أما سؤاله فقد اخترقني. إذن من ناحية زمنية إبداعية لم يجرّ سؤال الحب سؤال الموت، لكن السؤالين متجاوران لأن سؤال الحب دائما يستدعي سؤال الموت وسؤال الموت يستدعي سؤال الحب باعتبار الحب شكلا من الموت العابر من جهة وشكلا من أشكال مقاومة الموت والانتصار عليه من جهة أخرى لأن سؤال الحب هو سؤال البقاء الإنساني، وربما يكون سؤال الخلود. العلاقة إذن متخفية، لكن المصادفة قد أعلنتها.

وفي مناسبة اخرى تحدث عن ظروف كتابته للجدارية قائلا:
وحين كتبت هذه القصيدة طيلة العام الماضي استبد لي، استبد بي هاجس نهاية أخرى لن أحيا لأكتب عملاً آخر، لذلك سميته جدارية، لأنه قد يكون عملي الأخير الذي يُلخص تجربتي في الكتابة، ولأنه نشيد مديح للحياة، ومادمت قد عشت مرة أخرى فإن عليَّ أن أتمرد على كتابي هذا، وأن أحب الحياة أكثر وأن أحبكم أكثر

ويقول في حوار اجراه معه التلفزيون المصري,وبسطه واحد من المساهمين الاساسيين في هذا البوست وهو الصديق عادل عثمان في احد البوستات:
وقال درويش: انه كان يعتقد ان ديوانه جدارية هو نصه الأخير بسبب الأزمة الصحية التي تعرض لها قبل كتابته وعن ذلك يقول وضعت في جدارية كل خصائصي الاسلوبية فقد أردت تلخيص تجربتي واعتبار الديوان بطاقة التعريف الأخيرة لي وأردت له أن يكون معلقتي.
وما قال به درويش عن وضع خصائصه الاسلوبية ,قال به في رد على سؤال من فخري صالح,حين ساله:

في "جدارية" تستعيد أبياتا شعرية ومطالع قصائد وموتيفات وردت في منجزك الشعري السابق. هل تحاول أن تعيد ربط قارئك بذلك المنجز، أم أن ضغط الموضوع الشعري، بالاقتراب من تجربة الموت، يجعلك تستعيد عالمك الشعري السابق تعبيرا عن التمسك بالحياة إذ أن "على الأرض ما يستحق الحياة"؟

فرد محمود درويش قائلا:

ــ في كل عمل جديد يمكن العثور على بذور هذا العمل في عمل سابق، وفي كل مجموعة شعرية أراقب بذورا قابلة للنمو في عمل قادم. إذن صحيح الانطباع بأن هناك مفاتيح قد تكون معروفة بيني وبين القارئ. وهذا ينطبق على معظم أعمالي فأنا أواصل العمل من التراكم وليس من القطيعة. أما في "جدارية" بشكل خاص فهناك تفسير سيكولوجي خاص لهذه المسألة. كنت أظن أن الجدارية هي آخر ما سأكتب إذ لن أعيش بعدها لأكتب غيرها. لذلك استعدت بعض تعابيري الشعرية الساطعة كنوع من تلخيص سيرتي الشعرية في تداخلها مع سيرتي الشخصية لأؤسس عليها الأسئلة الجديدة، باستعاراتها ولغتها وحتى بسرديتها، لاستكمال أكثر الموضوعات حضورا في الشعر منذ تفتح سؤال الإنسان الأول على الوجود.
من هنا كنت أسعى لكي ألخص نفسي ولغتي ومرجعياتي في عمل واحد أرشحه للقارئ القادم كدال عليّ إذ لا وقت للقارئ ليقرأ الأعمال الكاملة لأي شاعر فكانت هذه الجدارية هي بطاقة التعريف بي شعريا وإنسانيا ووصيتي للقراءة.

وفي حوار مع سميرة عوض ونشر في جريدة الراي ,سالته :

مذ كنت طفلا وانت تحلم بكتابة معلقة، و«الجدارية» تعتبر وبشهادة النقاد - ربما المعلقة الوحيدة - في الشعر المعاصر، هل تطمح لكتابة معلقات اخرى مستقبلا؟
فرد درويش قائلا:

- اولا ليس من حقنا ان نطمح بكتابة معلقات، ذلك ان المعلقة شكل ونص شعري محدد، في زمن محدد، قيل انه سبع او عشر قصائد اختارها العرب لافضل قصائد قيلت في العصر الجاهلي، وكتبوها بماء الذهب وعلقوها من هنا جاءت التسمية وهذه القصة ربما تكون اسطورة، فأنا لست متأكدا ان هذا حصل في التاريخ العربي - انها كتبت بماء الذهب - ولكن في العصر الحديث اصطلح على تسمية «الجداريات» المأخوذة عن فن الرسم.
وعندما كتبت «الجدارية» كنت استذكر ثقافة المعلقات، وطريقة التعامل مع المطولات الشعرية، ذلك ان المعلقة قصيدة طويلة، او قصيدة شاملة للفنون الشعرية، او ملحمة شعرية، وسبق لي ان كتبت العديد من المطولات اولها قصيدة «تلك صورتها.. وانتحار العاشق»، «مديح الظل العالي» ثم «الجدارية»، انا ميال واحب المطولات لسبب ان المطولة/الجدارية تحمل كل اجناس الابداع، واشكال وانماط الشعر العربي، في نص واحد، تستطيع ان تكون ملحمية، غنائية، وسردية، يستطيع الشاعر ان يستخدم الاشكال الكلاسيكية والحديثة وحتى النثرية في نص واحد والمهم ان المنظور الاساسي لهذا العمل هو كيفية البناء، فاذا كان البناء سليما، يستطيع هذا النص - الجدارية - ان يتسع لكل الاسلوبيات الشعرية العربية، فانا ميال لهذا النوع من الشعر لانه يتسع اكثر، لاجناس ادبية اكثر من الشعر، يتسع للرواية، للسرد، للنثريات للمعرفة، وايضا حرية كتابة الشعر الموزون، التفعيلة، او السرد وبالطبع خاضع لبناء شعري محدد.

وظرف تعرضه لتلك التجربة نجده ايضا في نصه الشعري جدارية حين يقول:

Quote: تقول ممرضتي : أنت أحسنُ حالا
وتحقنني بالمخدر : كن هادئًا
وجديرًا بما سوف تحلم عما قليل
رأيت طبيبي الفرنسي يفتح زنزانتي ويضربني بالعصا
يعاونه اثنان من شرطة الضاحية


ولم يكتب دوريش هذا النص الملحمي من وطأة احساس ديني او ميتافيزيقي,بل انه اشار في حواره الشهير مع عباس بيضون الى انه لا ينسجم لا على المستوى الفكري ولا على المستوى الفردي مع التجارب الفردية الدينية وتلك المنطقة الفكرية سماها درويش "منطقة مخاطرة" ويعني بذلك –حسب قوله-المنطقة المتيافيزيقية .

يقول درويش في رد له على ملاحظة بيضون عن انعدام تاثير الخطاب الصوفي عليه ,مستدركا:
لكن الصوفيةمنطقة مخاطرة بالنسبة الي ,مخاطرة لأنها تقترن بشيئ من الدين,سواء في معانقته أو التمرد عليه.و أنا لا أحب دخول هذه المنطقة.

ثم يقول عن تجربته الوحيدة في استلهام الخطاب الصوفي اي قصيدة "الهدهد":
كتبت نصا واحدا هو الهدهد على هامش منطق الطير,وطربت وأنا أبحث و أكتب-لاحظ علاقة الكتابة الشعرية بالبحث-من عندي المشاء-لكنني لاحظت ان ذلك يأخذني الى منطقة مغلقة.فهنالك حلقة مفرغة يدور فيها النص ويصل الى منطقة لا أحب دخولها,هي المنطقة الميتافيزيقية,ادخلها كاستعارات,كاستطرادات,كتأويلات لكن لا أدخلها كمنطقة عمل لاني اخاف منها ,وهي لا تعنيني كسلوك وكخيار فكري.

وسنعود لمواصلة الجزء الثاني كان الله هون

وارقدوا عافية

المشاء

Post: #239
Title: Re: الجزء الاول من تعقيبي على مساهمة لطيف حول علامية عنوان "جدارية" محمود درويش
Author: osama elkhawad
Date: 09-29-2005, 08:34 AM
Parent: #238

Up for more readings,comments,feedbacks and insights
Almashaaaaaaaaaaaaaaaa

Post: #240
Title: Re: الجزء الاول من تعقيبي على مساهمة لطيف حول علامية عنوان "جدارية" محمود درويش
Author: mazin mustafa
Date: 10-01-2005, 08:52 AM
Parent: #239

فووووق

Post: #241
Title: وعلنا نظفر حتى ذلك الحين بتوضيح من لطيف
Author: osama elkhawad
Date: 10-03-2005, 07:00 PM
Parent: #240

شكرا عزيزنا مازن على "تعتيلك "للبوست
هنالك امكانية ما للحصول على "جدارية" من مكتبة الحكمة هنا في فرجينيا,
رغم غلاء اسعارها
واذا تحقق ذلك,ساحتاج الى زمن حتى نلم اللاحق بالسابق في ما اعددنا له من جزء ثان في التعقيب على مقاربة لطيف لعلامية العنوان
وعلنا نظفر حتى ذلك الحين بتوضيح من لطيف حول موقفه مما دار في هذا المنبر من كلام حول المقاربات النقدية الحديثة,وخاصة ما قال به الفيا,
وسايره في ذلك تابعه المتأكدم

وارقدوا عافية

المشاء

Post: #242
Title: Re: وعلنا نظفر حتى ذلك الحين بتوضيح من لطيف
Author: أيزابيلا
Date: 10-05-2005, 01:51 AM
Parent: #241

المشاء العزيز...

كيفك؟؟؟

أفكر ان مثل هذا البوست من شأنه ان يطبع...او ينشر

حتى يكون متاحا لأكثر الناس...

عدت فوجدتك تستحضر درويش...هذا امر فوق التجاوز..

جداريته كانت متكئي...فى ازمان (اللا أين)..

تذكرأنت (بيكيت)...المسرحي الأيرلندى الذى تعتقد اننى تأثرت به...أستحضره أيضا

وأحاول أنأوجد الآن هذا التقاطع فى لحظة (اللا جدوى)..أو اللا انتماء

هذا الذهول القصى...والعصى معا...(لعلها أيضا...لحظة اخرى تساوى الصفرمن الانفعال)

Quote: لا شيء يوجعني على باب القيامة
لا الزمانُ ولا العواطف
لا أحسّ بخفة الأشياء أو ثقل الهواجس
لم أجد أحداً لأسأل:
أي (أيني) الآن?
أين مدينة الموتى,
وأين أنا?


انا أبدأ معك من هنا....أظننى سأواصل

دمت مشاءا...كما تحب

Post: #243
Title: مناسبة كي نكسر الايقاع الذكوري
Author: osama elkhawad
Date: 10-06-2005, 05:02 PM
Parent: #1

مرحبا بشاعرتنا ايزابيلا
و هي مناسبة كي نكسر الايقاع الذكوري لهذا البوست
ونرجو ان نسعد بمشاركاتك حول:
جدارية
مع خالص التقدير والمحبة

المشاء

Post: #244
Title: Re: مناسبة كي نكسر الايقاع الذكوري
Author: elfaki
Date: 10-07-2005, 00:20 AM
Parent: #243

الحداثة ، عزيزي أسامة ، ليست بـ(فتنـة) . و إن كان الذين لا يشتغلون عليها يرونهاعند الذين يشتغلون بها سواء هنا أو في الثقافة الأطلسية نوعاً من ( الفتون )/ الكلمة التي رسيلتها من الشارع ( نوعاً من الشلاقة ) / . الحداثة في التفكير ، و التفكير ليس شيئاً سوى تفسير ، تتطلب التراكم لا الانقسام في إما / أو .

عزيزي أسامة ، نشهد الآن هذه الانكفاءة في انعزال الثقافة العربية من بقية جميع ثقافات العالم لانعدام الديمقراطية و تزايد الهوس . أول علامات تزايد الهوس هو تزايد هوس الخوف . الخوف من التراث ، الخوف من الدين نفسه ، الخوف من الغرب ، الخوف من مواجهة هذا الانقطاع الذي تم منذ حريق مكتبة الاسكندرية . يحيط بنا الخوف ، عزيزي أسامة . و أول صديق للحداثة هو انعدام الخوف . الحداثة ليست شيئاً يمكن أن تمسكه من الوسط . لأن الذين لا يشتغلون بالحداثة شغل تراكم و تطبيق ما إن أمسكوها من الوسط حتى تبدت لهم نوعاً من هراء أو لغط قول . في القريب الأدنى كان السرد أدباً من الدرجة الثانية في الثقافة العربية . و في العشرينات كانت الصحافة السودانية الأدبية تكافيء من يكتب على نمط الشعر الجاهلي في عناصر القصيدة من ناقة و صحراء و أطلال . و ما خالف ذلك فهو جديد لا أصل له . فجاء الشاعر حمزة الملك طمبل ينشر قصائد أسماها قصائد سودانية في الروح و الطبيعة و العناصر فهوجم هجوماً شرساً في كونه شاعراً لا تراث له ، فرد عليهم بالسؤال الحاسم : على أية أنقاض تراث قام بناء خزان سنار ؟ .

منذ أن انقطعت الثيولوجيا الإسلامية التي كانت تُسمى في عصرها بـ(علم الكلام) انقطع حال ترتيبنا بالآخر . كان الآخر في نصوصه الاغريقية الآتية عبر السريانية نسميه (النص الدستور) . الآخر أصبح غريباً اليوم ، و نضحك على أي نحت جديد في لغتنا . نحن لا شيء عزيزي أسامة اليوم لأننا لا نعرف تراثنا لأننا نجتر أكثر عوائق التراث نفسه ، و لأننا لا نعرف الآخر الذي يعاصرنا .

فالحداثة هي الخروج من هذا ( اللاشيء ) الذي أصبح يتنفس و يأخذ ملامحه من ملامحنا . و حين ننقده يعتبر كثير منا إنما ننقد أنفسنا . فهو توأمنا في ملامحه و صوته . و الوحيدون الذين يفرقون بين التوأمين هم الذين يشتغلون بالحداثة .

عزيزي أسامة ، الحداثة لا ضـدَّ لها . و لا مكان لها . الذين لا يشتغلون عليها لا يقدمون شيئاً ذا ملامح منه يقولون هذا شغلنا . الذين لا يشتغلون عليها شغلهم هو مسخها أو اتهامها بالالتواء و الغموض . رغم أن الغموض شيء ـ عزيزي أسامة ـ لا مكان له في معجم الثقافة ناهيك أن يكون في معجم الحداثة . مردود مقولة (أبو تمام ) حين قيل له لماذا تقول ما لا يفهم ، فقال لماذا لا تفهم ما يقال ـ مردود لا ينفع هنا ، أو الحادثة الفعلية التي حدثت له حين قال في بيت له (لا تسقني ماء الملام فإنني صب قد استعذبت ماء بكائي ) فجاءه رجل ضد الحداثة يدق عليه الباب و حين فتح أبوتمام بابه بادره قائلا مادا له وعاءً : أريد قليلا من ماء الملام . فرد أبوتمام سآتيك به ولكن شرط أن تأتني بريشة من جناح الذل . ردا أبي تمام لا ينفعان هنا . لأن الحداثة الآن شبكة من الأفكار و تداخل العلوم بعضها ببعض و ليست وقفاً على مقارعة الحجة بالحجة . كما و أنها في تراكم متواصل سريع ينبني بعضه ببعض . ليست هي قطار تركبه من أي محطة . إنها لا تشبه فكرة القطار في محطاته ؛ إنها القطار منذ الصناعة الأولى حتى الآن .

فقراءة س في الحداثة تتطلب قراءة ص و ك و ب الخ الشبكة المتداخلة بعضها ببعض . الحداثة بناء متكامل و حب لذهنية لا تعرف التجزء إما/أو .

Post: #245
Title: فمن قبل جاءتنا الجندرية-في الحقيقةانني اخطأت
Author: osama elkhawad
Date: 10-07-2005, 05:44 AM
Parent: #244

يبدو انني اخطأت ,
وفي الحقيقةانني اخطأت حين قلت:
Quote: هذه مناسبةكي نكسر الايقاع الذكوري للبوست

فمن قبل جاءتنا الجندرية
أرجو ان يكون واضحا ما اردت الاعتذار عنه

وساضيف لايزابيلا اعتذاري عن تكملة ما بداته من ملاحظات نقديةعن نص لها ونص لنجلاء
حاولت ان اكتب ذلك,
لكن عقلية الكاتب التقليدي طاردتني
ولكنني اعد بان اكمل ذلك ,
لو الله هون

وسنعود لمساهمة لطيف اللطيفة

ارقدوا عافية

المشاء

Post: #246
Title: Re: فمن قبل جاءتنا الجندرية-في الحقيقةانني اخطأت
Author: Adil Osman
Date: 10-07-2005, 09:24 AM
Parent: #245




Post: #247
Title: Re: فمن قبل جاءتنا الجندرية-في الحقيقةانني اخطأت
Author: osama elkhawad
Date: 10-08-2005, 00:05 AM
Parent: #246

شكرا صديقنا عادل
وايرادك لصورة الغلاف مهم
وساعود الى ذلك من باب المقارنة بين تصميم الغلاف في صورته كديوان,
وفي صورته بعد ذلك كما ورد في الاعمال الجديدة لدرويش والتي صدرت عن دار الريس,
وهي الدار نفسها التي اصدرت جدارية كديوان منفرد

محبتي

المشاء

Post: #248
Title: Re: فمن قبل جاءتنا الجندرية-في الحقيقةانني اخطأت
Author: mazin mustafa
Date: 10-08-2005, 08:13 AM
Parent: #247














Post: #249
Title: قليلا:خارج السرب
Author: mazin mustafa
Date: 10-08-2005, 08:38 AM
Parent: #248

اولا:
هذا مكان جدير بسقف الوردة:
مراجعات خاصة حول مفهوم "الكاتب الإسفيري"....
وربما هي دعوة حافظ للاقامة بيننا..











ثانيا:
جاك دريدا
في حوار أخير:
»إنني في حرب على نفسي«


ترجمة: محمد ميلاد (مترجم وشاعر من تونس)


--------------------------------------------------------------------------------


توقفت رحلة جاك دريدا التي بدأها بالقرب من الجزائر العاصمة سنة 1930، يوم السبت صباحا ٩ أكتوبر 2004 في باريس على إثر مرض عضال. وبموته لم تفقد الثقافة الفرنسية الفيلسوف المقروء أكثر منه في العالم والمثير للجدل فحسب بل أحد آخر شهود جيل كامل أثر بصورة عميقة في المشهد الثقافي الذي يضمّ أسماء كبرى مثل فوكو ودولوز وبورديو.

درّس دريدا بصورة اساسية في السوربون وفي دار المعلمين العليا وفي معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية (EHESS)، باريس. وقد نشر على وجه الخصوص في الغراماتولوجيا (علم الكتابة) مينوي، 1967، (Schibboleth) ، من اجل بول سيلان (غاليليه، 1986)، أطياف ماركس (غاليليه، 1993). يمكن وصف كل مساره الفكري بأنه حوار بلا نهاية وبلا تنازل مع الميتافيزيقا الغربية، وبأنه »تفسير« لا يعرف الملل في تعاطيه مع ذلك التقليد الفلسفي الذي ما انفك يسائل تصوّراته. جنّد الطاقة التدميرية للأدب والفنون التشكيلية والتحليل النفساني فظل اسمه مرتبطا بثورة فكرية تسمّى »التفكيك«. صدرت اعماله الحديثة عن منشورات غاليليه: دراستان تتأملان في ما بعد الحادي عشر من سبتمبر: المارقون (voyous) و»مفهوم« الحادي عشر من سبتمبر (مع ي. هابرماس) ومجموعته الرشيقة التي تضم نصوصا توديعية للأصدقاء الراحلين (لفيناس، بلا نشو...)، وعنوانها: »فريدة هي في كل مرة، نهاية العالم«، وكذلك الجزء الذي يشكّل مقدمة كتابه »الحُملان- حوار لا ينقطع: بين لا نهايتين- القصيد«: Beliers. Le Dialogue initerrompu: entre deux infinis le poeme

وهو مخصص لموت أشخاص محبوبين ولما يسميه دريدا بـ» كوجيتو الوداع، تلك التحية التي لا رجعة بعدها«.



وحده كان عليما

قبل بضعة أيام من نشر هذا الحوار لأول مرة (جريدة لوموند 19 أوت 2004)، كان جاك دريدا جالسا في طرف الطاولة، في منزله الكائن بري- اورنجي Ris-Orangis)، في الضاحية الباريسية. وكان يقرأ الصياغة النهائية، عن كثب والقلم في يده بكل يقظة ورصانة، هاتين الصفتين اللتين تميزانه واللتين شحذتهما الظروف بشكل خاص. يريد ان يعرف اذا تمت ازالة هذه الصيغة أو تلك من تلك الصيغ التي أتُفق على استبعادها ويسأل: »هل تدرك الاشكاليات المدوخة التي تسترجعها هاتان الكلمتان؟« كانت نظرته مفعمة بغضب حنون، سريع العطب ومبالغ فيه في آن واحد. وكان يُشهد زوجته مارغريت التي لولاها لما تمّ أيّ شيء.

في هذا الحوار الذي أُجري معه في باريس 2004 ، حرص دريدا على ذكر المرض.

هل كان يستشعر بأن ذلك سيكون للمرة الأولى والأخيرة في نفس الوقت؟ يمكن ان نعتقد ذلك لفرط ما كانت كل وقفة قاسية، بالنسبة إليه. وبعد أن أكمل اعادة قراءته للمرة الاخيرة، جاء التعهد بالوفاء: ولن يتمّ بعد ذلك تغيير فاصلة واحدة. وهكذا كان من الممكن للفيلسوف أن يمضي قرير العين: في فترة بعد الظهر من نفس ذلك اليوم، كان عليه أن يستقل الطائرة نحو البرازيل حيث ستُعقد ندوة عالمية على شرفه. ووسط الحقائب المفتوحة، توقف لحظة ليجلس هامسا: »الأمر المؤكّد- هو حقيقة ان ما سيقرؤه الناس هو انني أقاوم الموت بصعوبة أو أنني قد متّ بالفعل«.

فهمنا الأمر على انه استفزاز. فلا أحد من حوله كان يصدّق ذلك.

وعند عودته بعد اسبوع من ريو دي جانيرو، تسلّم الحوار مثلما تمّ، نشره. وقد أسرّ جاك دريدا في عديد المناسبات الى اقربائه انه كان سعيدا ومحزونا بسبب ذلك، فقد قال متحسّرا ومبديا اعتراضه على قبول تكذيبات أصدقائه: »في الأمر ما يشبه البيانات عن الموتى c`est necrologique« فردّ أصدقاؤه: »كلاّ، يا جاك، الأمر لا يعدو أن يكون علامة، وهي علامة حياة«. وبالفعل، اذا استمعنا اليوم مرة أخرى الى الشريط الصوتي الذي سجّل كلامه، ما سنسمعه هو صوت دريدا سليما، يشبه نَفْسَه، مرِحا وناعما، مفعما طاقة وحياة؛ يبدو أنه كان وحده عليما.

- لم يسبق أن كان حضورك بمثل هذا الوضوح منذ صائفة العام 2003. فأنت لم تصدر العديد من الأعمال الجديدة فحسب بل إنك جُلت عبر العالم كي تشارك في الندوات العالمية المنظَّمة حول أعمالك- من لندن الى كوامبرا Coimbra مرورا بباريس كما انك تسافر هذه الأيام الى ريو دي جانيرو. كما خُصص لك فيلم ثانٍ (دريدا، من اخراج آمي كوفمان وكيربي ديك، بعد الفيلم الأول الرائع: مع العلم أن دريدا D`ailleurs Derrida الذي أنجزته صفا فتحي سنة 2000). وخُصصت لك الكثير من الأعداد من بعض المجلات مثل ماغزين ليترير وأوروبا على وجه الخصوص كما أفردت لك كراسات هيرن Cahiers de l`Herne جزءا من أجزائها وكان غنيا بوجه خاص من حيث النصوص غير المنشورة التي ستصدر في الخريف. النشاط غزير في سنة واحدة، ومع ذلك فلا سرّ لديك، إنك...

٭ لتبُح بالأمر، إنني مصاب بمرض على جانب من الخطورة، تلك حقيقة وإنني أخضع لوسائل علاجية رهيبة. لكن لنترك ذلك جانبا، إذا شئت، فلسنا هنا من أجل تقرير صحي- عامّ او سرّي...

- فليَكُنْ. لكن لنعد في مدخل هذا الحوار الى أطياف ماركس Spectres de Marx (غاليليه، 1993). وهو عمل حاسم وكتابٌ يوقع مرحلة معينة، مخصص بأكمله لمسألة تتعلق بالعدالة في المستقبل ويُسْتسهَلّ بهذه الفاتحة المُلْغَزة:

»أحدُهُم أي أنت أو أنا يتقدم ليقول: اريد أن أتعلم فن العيش أخيرا«. بعد أكثر من عشر سنوات أين وصلت اليوم بشأن هذه الرغبة في »فن العيش«؟

٭ الأمر يتعلق على وجه الخصوص بـ»أممية جديدة« وهو عنوان فرعي وفكرة محورية للكتاب. ومن وراء »المواطنية العالمية« cosmopolitisme ومن وراء »مواطن العالم« والدولة القومية العالمية الجديدة، يستبق هذا الكتاب كل الضرورات العاجلة »ذات النزعة العالمية المغايرة« قد يفرض علينا كما كنت أقول سنة 1993 عددا كبيرا من التحولات في القانون الدولي وفي المنظمات التي تسيّر نظام العالم (صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومجموعة الثماني، إلخ. ومنظمة الامم المتحدة بالخصوص التي لابد من تغيير ميثاقها في الأقل وتكوينها ومكان اقامتها أولا- أي أبعد ما يكون هذا المكان عن نيويورك...)

أما بخصوص القاعدة التي ذكرتها »تعلّم فنّ العيش في الأخير« فقد خطرتْ لي بعد أن أنهيت الكتاب. وهي تلعب أولا، لكن بجدّ بمعناها المشترك. فتعلُمُ فن العيش يعني النضج والتربية أيضا. ومخاطبةُ أحد الناس لتقول له: »سأعلّمك فن العيش« أحيانا بلهجة متوعّدة يعني انك تقول له سأكوّنك، بل أروّضك، ثم إن اللُّبس في هذا اللعب يهمني أكثر، هذا التأوه ينفتح أيضا على مساءلة أكثر صعوبة وهي: هل ان العيش من الأشياء التي يمكن تعلمها؟ وتدريسها؟ هل من الممكن أن نتعلم بواسطة الاختصاص discipline أم عن طريق التدرّب، عن طريق التجربة أم التجريب، كيف نَقْبل بالحياة بل كيف نؤكدها؟ ينعكس عبر الكتاب بأسره صدى هذا الانشغال بالموروث وبالموت. وهو انشغال يؤرق كذلك الأولياء وأطفالهم: متى ستصبح مسؤولا؟ كيف ستجيب في النهاية عن أمر يهم حياتك ويهم اسمك؟

وفيما يخصني- للاجابة دون مواربات على سؤالك- فإنني لم أتعلم أبدا فن العيش.؟ الأمر غير مطروح البتة! فتعلُّم فن العيش يفترض ضمنيا تعلّم الموت وأن يُدمج المرء في حسابه لقبول ذلك، حالة الموت المطلق (دون نجاة ودون بعث ودون خلاص [على يد المسيح]- ولا يصح الأمر بالنسبة الى الذات بل بالنسبة الى الآخر كذلك. ومنذ افلاطون لا يزال الأمر الفلسفي القديم قائما: حقيقة التفلسف تعني أن نتعلم كيف نموت.

إنني أعتقد بهذه الحقيقة دون الخضوع لها، وبصورة متناقضة. لم اتعلم القبول بالموت، كلنا أحياء مع تأجيل الموت (وينطبق التأكيد من وجهة النظر الجيوسياسية لكتاب أطياف ماركس- في عالم لا متكافئ أكثر من أي وقت مضى- على مليارات الأحياء، سواء أكانوا من البشر أم لم يكونوا، وقد مُنع عنهم- بالإضافة الى »حقوق الانسان« الأساسية التي ترجع الى قرنين من الزمن والتي تغتني بلا انقطاع - حقّهُم أولا في حياة جديرة بأن تُعاش). لكنني أظل غير قابل للتربية بالنسبة الى الحكمة المتعلقة بتعلم الموت. لم أتعلّم بعد ولم أكتسب أي شيء بهذا الصدد. وزمن وقت التنفيذ يضيق بشكل متسارع. ولا يعود ذلك الى مجرد كوني وريثا مع آخرين لعديد الأشياء الحسنة أو الرهيبة: ففي كثير من الاحيان، بحكم ان معظم المفكرين الذين أجد نفسي مُلحقا بهم قد ماتوا، يتم التعاطي معي بوصفي الباقي على قيد الحياة survivant : أي الممثل الأخير لـ»جيل« هو جيل الستينيات اجمالا؛ وهو أمر وإن لم يكن صحيحا تماما، فهو لا يوحي إليّ باعتراضات فقط بل بمشاعر تمرّد ممزوج بشيء من الكآبة. وبما ان بعض المشاكل الصحية علاوة على ذلك اصبحت ملحة، فإن مسألة البقاء او التأجيل التي سكنتني تماما على الدوام، في كل لحظة من لحظات حياتي، بصورة ملموسة ودون كلل، تتلوّن اليوم بلون آخر.

لقد اهتممت دائما بهذه المبحثية thematique الخاصة بالبقاء الذي لا ينضاف معناه لفعل العيش او فعل الموت. فالبقاء شيء أصلي: والحياة تعني البقاء. إن البقاء بالمعنى الشائع يعني مواصلة الحياة لكن كذلك الحياة بعد الموت. وبصدد الترجمة يشدّد فولتر بنجامين على التمييز بين البقاء بعد الموت من جهة uberleben مثلما يمكن لكتاب ان يعيش بعد موت مؤلفه او طفل ان يواصل الحياة بعد موت الوالدين وبين مواصلة الحياة من جهة أخرى fortleben living on . كل التصورات التي ساعدتني على العمل ولا سيما تصور الأثر او تصور الطيفي spectral كانت مرتبطة بـ»البقاء« بوصفه بعدا بنائيا. فهذا البعد لا ينحدر من فعل العيش أو فعل الموت. وهو لا يعدو أن يكون »المأتم الأصلي« وهذا الأخير لا ينتظر الموت الذي يعتبر »فعليا«.

- قد استعملت كلمة »جيل« وهو مفهوم دقيق الاستخدام، يتكرر في كتاباتك فكيف يتم تحديد ما ينتقل من جيل الى جيل بالنسبة إليك؟

٭ انني استخدم هنا هذه الكلمة بصورة فضفاضة تقريبا. يستطيع المرء ان يكون معاصرا و»خارج التاريخ« بالنسبة الى جيل سابق او جيل قادم. وحقيقة ان يكون المرء وفيّا للذين ينتسبون الى »جيلي« وأن أنصّب نفسي حارسا لتراث متمايز لكنه مشترك ذلك يعني شيئين: أولا التمسك بوجه الاحتمال- ازاء كل شيء وازاء الجميع- بمقتضيات متفق عليها بدءاً بلاكان الى ألتوسير ومرورا بلفيناس وفوكو وبارط وديلوز وبلانشو وليوتار وسارا كوفمان... الخ.!

دون ذكر العديد من المفكرين الكتّاب والشعراء والفلاسفة أو المحللين النفسيين الاحياء لحسن الحظ الذين كنت وريثهم ايضا، وآخرين بلا ريب من الخارج وهم أكثر عدداً وأحياناً أكثر قرابة.

إنني أشير هنا من خلال الكناية metonymie الى جبلّة ethos للكتابة والتفكير، عنيدة بل غير قابلة للفساد incorruptible (تلقبنا هيلين سيكسو Helene Sixous بـ»غير القابلين للفساد«)، ودون تنازل بالنسبة الى الفلسفة، وهي لا تستسلم لعملية التخويف مما قد يفرضه علينا الرأي العام ووسائل الاتصال أو الاستيهام الخاص بجمهور القراء ذي التأثير المُرهب، من تبسيط وكبت. وذلك ممّا يفسّر الميل الصارم للتجويد raffinement والمفارقة والصعوبة المنطقية [للجمع بين رأيين متعارضين aporie ].

هذا التفضيل يبقى كذلك ضرورة. وهو لا يجمع فقط الاسماء التي ذكرتها بصورة اعتباطية تقريبا أي بصورة غير عادلة بل كذلك الوسط الذي كان يدعمهم. كان الامر يتعلق بنوع من العهد الذي قد انقضى وقتياً وليس بهذا الشخص او ذاك وحسب. فلابد من انقاذ ذلك او احيائه من جديد بأي ثمن. وهذه المسؤولية اليوم مسؤولية عاجلة وهي تستدعي حربا لا تلين على الرأي الجامد Doxa وعلى الذين اصبحنا نسميهم بالـ»مثقفين الاعلاميين« وعلى الخطاب العام الذي تحدد شكله السلطات الاعلامية المحتكرة بدورها بين أيدي مجموعات اللوبي السياسي- الاقصادي التي تهيمن في الغالب على قطاع النشر وعلى المجال الاكاديمي كذلك؛ في الاوساط الاوروبية والعالمية دائما بطبيعة الحال. المقاومة لا تعني وجوب تحاشي وسائل الاعلام. بل يجب، عندما تتوفر الامكانية، تطوير هذه الوسائل ومساعدتها على التنوع وتوظيفها من اجل تلك المسؤولية.

وفي الوقت نفسه، لا يجب أن ننسى أن في ذلك العهد »السعيد« لا شيء حقا قد كان يخدم المصالحة. كانت الاختلافات والخلافات على اشدها في ذلك الوسط الذي يمكن نعته بأي شيء ما عدا أن يكون متجانسا مثل ما قد يمكن جمعه على سبيل المثال تحت تسمية بلهاء من نوع »فكر٨٦« الذي غالبا ما يهيمن اليوم الشعار mot d`odre الخاص به وعنصر التهمة chef d`accusation على الصحافة وعلى الجامعة. غير ان هذا الوفاء- وان اتخذ احيانا شكل الخيانة والانزياح، لابد من الوفاء لتلك الاختلافات، أي مواصلة المناقشة. إنني فيما يخصني أواصل المناقشة- على سبيل المثال مع بورديو، لا كان، ديلوز، فوكو الذين يهمونني دائما اكثر بكثير من أولئك الذين تتهافت الصحافة عليهم اليوم (مع بعض الاستثناءات بطبيعة الحال)،. إنني أحافظ على هذا السجال حيا لكي لا يصبح مسطحا او ينحدر الى الاساليب التحقيرية.

ما قلته عن جيلي صالح بطبيعة الحال بالنسبة الى الماضي من التوراة الى افلاطون وكنط وماركس وفرويد وهيدغر، إلخ. لا أريد أن اتخلى عن أي شيء، لا يمكنني ذلك. أنتَ تعلم ان تعلّم فن العيش مسألة نرجسية دائما: نريد أن نعيش ما استطعنا سبيلا، نريد أن ننجو وأن نثابر وأن ننميّ كل تلك الأشياء التي- وان اصبحت في غاية الضخامة والقوة بالنسبة الى الذات- فهي تنتمي مع ذلك الى هذه »الأنا« الصغيرة، وهي أشياء تطغى على هذه الاخيرة من كل جانب.

عندما يًطلب مني التخلي عما ساهم في تكويني وعما أحببت الى حدّ بعيد فكأنما يُطلب مني أن أموت، في ذلك الوفاء ثمة نوع من غريزة الحفاظ على الوجود instint de conservation . إن التخلي مثلا عن صعوبة في الصياغة ، عن طيّة، عن مفارقة، عن تناقض اضافي لأن ذلك لم يُفهم بل لأن هذا الصحفي الذي لا يحسن قراءة هذا التناقض- بل انه لا يحسن قراءة عنوان الكتاب نفسه- يعتقد بأن القارئ أو المستمع لن يفهم أكثر وبأن النسبة المتابعة [في وسائل الاعلام] او مورد رزقه سيتأثران- كل ذلك يمثل بالنسبة لي بذاءة غير مقبولة. كأنما يُطلب مني أن أنحني وأن أخضع للاستعباد- او ان أموت لفرط البلاهة.

- قد ابتكرت شكلا وكتابة من أجل البقاء survivance تطابق ذلك التلهف على الوفاء. وهي كتابة الوعد الموروث والأثر الباقي trace sauvegardee والمسؤولية المفوّضة للآخر.

٭ لو كنت ابتكر كتابتي لجعلت من ذلك ثورة دائمة. في كل وضعية، يجب خلق صيغة عرض ملائمة واكتشاف الحدَث المتفرد واقامة وزن للمتلقي المتوقَّع او المرغوب فيه؛ كما يجب الادعاء في نفس الوقت بأن هذه الكتابة ستحدّد القارئ الذي سيتعلم قراءة ذلك (وبالتالي سيتعلم »العيش«)، وهي كتابة لا عهد له بها من جهة أخرى. ويُؤمل أن يولد القارئ مجدداً وفق تحديد مغاير: وكمثال على ذلك، تلك التطعيمات التي لا لبس فيها للشعري poetique على الفلسفي أو بعض الأساليب لاستخدام الجناس homonymies وما لا يُبثُ في أمره وحيل اللغة- أي تلك التطعيمات التي يقرأها معظم الناس ملتبسة لكي يتبيّنوا الضرورة المنطقية بمعناها الدقيق.

كل كتاب هو تربية [بيداغوجيا] موجهّة لتكوين القارئ. فالنتاجات الجماهيرية التي تجتاح الصحافة والنشر لا تكوّن القراء بل هي تفترض بصورة استيهامية قارئا مبرمجا مسبّقا، حتى انتهى بها الأمر الى تشكيل هذا المتلقي المتواضع الذي طرحته مسبّقا كمسلّمة. والحال ان انشغالي بالوفاء، مثلما تقول، في وقت يستلزم مني أن اترك أثرا ما، يجعلني لا أستطيع إلا أن أهيئ هذا الأثر لأي كان؛ بل انني لا أستطيع أن أوجهّه الى أحد ما بشكل خاص.

في كل مرة مهما بلغت درجة وفائنا، نكون بصدد خيانة خصوصية الآخر الذي نتوجه اليه. وبالأحرى، عندما نؤلف كتبا ذات طابع عمومي جدا: لأننا لا نعرف القارئ الذي نتوجه اليه فإننا نبتكر ونختلق أطيافا، لكن ذلك ليس من ممتلكاتنا. تبتعد عنا كل تلك الاشارات سواءٌ أكانت شفهية أو مكتوبة وتشرع في التحرك بصورة مستقلة عنّا، مثلما هو شأن المَكَنات، وفي أحسن الحالات مثل الّدمى- إني أبيّن ذلك بشكل افضل في كتابي ورق المكنة Papier machine (غاليليه، 2001)، عندما أسمح (بنشر) كتابـ»ي« (ولا أحد يجبرني على ذلك) فانني أصبح (الظاهر والمختفي) مثل ذلك الطيف المتعذر تأديبه الذي لم يكن قد تعلّم فن العيش مُطلقا. إن الأثر الذي أتركه يعني بالنسبة لي موتي الذي سيأتي أو موتي الذي قد حدث وأملي في أن يبقى بعدي. وليس الأمر توقا للخلود بل ان المسألة بنائية. أترك في مكان ما قصاصة ورق ثم أمضي وأموت: من المستحيل أن اغادر هذه البنية فهي شكل حياتي الدائم. كلما تركت شيئا ما يمضي، فانني أعيش موتي في الكتابة. المحنة القصوى: هي أن نخسر ما نمتلك دون أن نعرف بدقة الشخص الذي يُعهد إليه بالشيء الذي نتركه. من سيرث وكيف؟ هل سيكون ثمة ورثة؟ هذا سؤال يمكن أن نطرحه اليوم على أنفسنا أكثر من أي وقت مضى. وهو يشغلني باستمرار.

زمن ثقافتنا القائمة على التقنية techno-culture قد تغيّر جذريا في هذا الصدد. قد تعوّد المنتسبون الى »جيلي« وبالاحرى الى الاجيال السابقة على ايقاع تاريخي معيّن: فكان يسود اعتقاد بأن هذا العمل او ذاك يمكن أن يبقى او ألاّ يبقى حيّا، تبعا لمزاياه مدة سنة او سنتين بل مثل أفلاطون مدة خمسة وعشرين قرنا. غير أن تسارع ضروب الأرشفة اليوم بل تسارع التلف والإبادة كذلك أشياء تغيّر بنية الموروث وزمنيته. أما بالنسبة الى الفكر فإن مسألة البقاء ستتخذ أشكالا غير متوقعة بالمرة.

في عمري هذا، أنا مستعد لأكثر الفرضيات تناقضا بهذا الشأن: وإني أحس في نفس الوقت، وأرجو أن تصد\قني، بشعوريْن، فمن جهة سأقول معبرا عن ذلك مبتسما وبلا احتشام، إن الناس في الواقع لم يشرعوا في قراءتي وإن الأمر سيحظى بالظهور فيما بعد، عندما يتوفر حقاً الكثير من القراء الممتازين (ربما بضعة عشرات من العالم)؛ ومن جهة أخرى فلا شيء سيبقى على الاطلاق بعد خمسة عشر يوما أو بعد شهر على موتي، سوى ما يحفظه الايداع القانوني في المكتبة. أؤكد لك انني أؤمن بصدق وفي الوقت نفسه بهاتين الفرضيتين.

- في صلب ما تؤمله، توجد اللغة واللغة الفرنسية أولا. وعندما نقرؤك ، نحس في كل سطر بشدة شغفك بها. وفي كتابك أحادية لغة الآخر Le Monolinguisme de l`autre (غاليليه، 1996)، ستذهب الى حدّ تقديم نفسك بتهكم بوصفك »آخر المدافعين عن اللغة الفرنسية والمعبّرين عنها«..

٭ وهي ليست ملكي رغم انها الوحيدة التي »أجدها« تحت تصرفي (ومع التحفظ أيضا!). تجربة اللغة ترتبط بالحياة بطبيعة الحال، وهي ترتبط بالموت إذن. ولا طرافة في ذلك. وقد جعلتْ مني الطوارئ يهوديا من يهود فرنسا في الجزائر المنتسبين الى الجيل المولود قبل »حرب التحرير«: وهذه كلها خصوصيات، ضمن اليهود بالذات وضمن يهود الجزائر أنفسهم. كما ساهمتُ في تحوّل عجيب لليهودية الفرنسية في الجزائر: فقد ظلّ والدو أجدادي قريبين جدا من العرب بواسطة اللغة والعادات... إلخ.

بعد صدور مرسوم كريميو decret Cremieux (1879) في نهاية القرن التاسع عشر، تَبَرجَز الجيل الموالي: فقد ربّتْ جدتي بناتها كما كانت تُربي البرجوازيات الباريسيات (حسب أفضل الاساليب المتبعة في الدائرة السادسة عشرة، وبتلقي دروس في البيانو...) رغم انها تزوجت سرا تقريبا في الساحة الخلفية لعُمديّة في الجزائر العاصمة بسبب حركة استئصال اليهود pogroms (في غمرة قضية دريفوس). ثم أتى جيل والديّ: وهو يتكون من القليل من المثقفين، ومن التجار بالأخص، سواء أكانوا من المتواضعين أم لم يكونوا، من بينهم أولئك الذين كانوا يستغلّون الوضعية الاستعمارية ليقوموا بالتمثيل الحصري للعلامات التجارية الكبرى في العاصمة: فبتهيئة مكتب صغير ذي عشرة امتار مربّعة، دون سكرتير، يمكن تمثيل كل »صابون مرسيليا« في افريقيا الشمالية- وإني هنا أبسّط الأمر قليلا.

ثم أتى جيلي (ومعظمه يتكوّن من المثقفين المنتسبين الى المهن الحرة والتعليم والطب والقانون... إلخ). وتحوّل كل هؤلاء تقريبا الى فرنسا سنة 1962. أما أنا فقد انتقلت إليها قبل ذلك أي سنة (1949). وفي عهدي أنا كانت قد بدأتْ- وفي كلامي شيء من المبالغة- الزيجات »المختلطة«، بصورة شبه مأساوية وثورية ونادرة وغير معلومة العواقب. ومثلما أحب الحياة وأحب حياتي فإني أحب ما قد شكّلني والذي تمثل اللغة مجاله الحيوي نفسه، تلك اللغة الوحيدة التي علّموني كيف أُعنى بها وهي أيضا الوحيدة التي يمكنني أن أقول إنني مسؤول عنها تقريبا.

لهذا توجد في كتابتي طريقة في تناول هذه اللغة لن أقول إنها شاذة بل هي عنيفة شيئا ما. فالحب عموما يمر عبر حب اللغة وهو ليس قوميَّ النزعة ولا محافظا، لكنه يقتضي البراهين، ويقتضي التجارب. لا نصنع أي شيء باللغة فهي موجودة قبلنا وتبقى بعدنا. إذا ألحقنا باللغة شيئا، علينا أن نفعل ذلك بطريقة مُرهفة محترمين في اللااحترام قانونها الخفيّ. ذلك هو الوفاء غير الوفيّ: فعندما أغصبُ اللغة الفرنسية على شيء إنما اصنع ذلك باحترام، مُرهفٍ لما أعتقد أنه من أوامر هذه اللغة في حياتها وفي تطورها. إنني لا أقرأ دون أن أبتسم وأحيانا باحتقار أولئك الذين يعتقدون بأنهم يغتصبون دون حب في الحقيقة رسم الكلمات او النحو »الكلاسيكييْن« لفرنسية معينة، بهيئة صبيان لا يتجاوزون القذف السريع puceaxa ejaculation precoce ، بينما تشاهدهم اللغة الفرنسية العظيمة يفعلون ذلك وهي بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى، ثم تنتظر من سيأتيها. إنني أصف هذا المشهد المثير للسخرية بصورة قاسية نوعا ما في كتابي البطاقة البريدية La Carte postale (فلامريون، 198.

إن ترك آثار في تاريخ اللغة الفرنسية هو الذي يهمني. فأنا أحيا بهذا الشغف، إن لم يكن من أجل فرنسا فهو على الأقل من أجل شيء ما قد انصهر فيها منذ قرون. وأرى أنني اذا كنت أحب هذه اللغة مثلما أحب حياتي وأحيانا أكثر مما يحبها هذا الشخص أو ذاك من اصل فرنسي، فإنني أحبها كأجنبي قد تمت استضافته وقد تَمَلَّك هذه اللغة بوصفها اللغة الوحيدة الممكنة بالنسبة إليه. فهي شغف ومجال للتنافس الدائم.

كل فرنسيي الجزائر يقاسمونني ذلك، سواءٌ أكانوا يهودا أم لم يكونوا. وكان القادمون من عاصمة الدولة الاستعمارية غرباء مع ذلك: بوصفهم مضطهدين ومعياريين ومناصرين للتسوية ودعاة للأخلاق. كان ذلك يشكل ثوبا خارجيا ومظهرا للتطبع habitus وكان يجب الخضوع. عندما كان يحل أستاذ من عاصمة الدولة الاستعمارية بنبرته الفرنسية، كان يُعتبر مدعاة للسخرية! من هنا تأتي روح التنافس الدائم: فليس لي سوى لغة واحدة، وفي نفس الوقت فإنني لا أمتلك هذه اللغة. وقد هيَّجتْ حكاية متفردة هذا القانون الكوني في داخلي: فاللغة لا تُمتلك، بصورة طبيعية وجوهرية. ويفسّر ذلك استيهامات الملكية ونزعة التملّك والفرض الاستعماري.

- غالبا ما تجد صعوبة في أن تقول »نحن«- »نحن الفلاسفة«، أو »نحن اليهود« على سبيل المثال. لكن بقدر ما تنتشر الفوضى العالمية الجديدة، يقلّ تحفّظك شيئا فشيئا للقول: »نحن الأوروبيون«. وقد سبق وأن قدّمت نفسك في كتابك الرأس الآخر L`Autre Cap (غاليليه، ١٩٩١ الذي ألفته في أثناء حرب الخليج الأولى بوصفك »أوروبيا، قديما« أو »صنفا من الخلاسيين الاوروبيين«.

٭ سأذكّر بشيئين: أولا إنني أجد صعوبة بالفعل في أن أقول »نحن«، لكن يعرضُ لي قولُ ذلك. ورغم كل المسائل التي تعذّبني في هذا الشأن بدءاً بالسياسة الكارثية التي تمارسها اسرائيل- وتمارسها صهيونية معينة (ذلك أن اسرائيل لا تمثل في نظري الديانة اليهودية بقدر ما تمثل الشتات اليهودي diaspora وهي لا تمثل الصهيونية العالمية أو الاصلية التي كانت متعددة ومتناقضة، فثمة من جهة أخرى كذلك سلفيون مسيحيون يزعمون أنهم صهاينة أصليون في الولايات المتحدة الأمريكية. وقوة مجموعاتهم اللوبية مؤثرة أكثر من التجمع communaute اليهودي الأمريكي دون الحديث عن التجمع السعودي حسب التوجه المشترك للسياسة الأمريكية- الاسرائيلية)- واذن رغم ذلك كله ورغم العديد من المشكلات الأخرى التي لديّ مع »يهوديتي« فإنني لن أنكرها مطلقا.

سأقول دائما، في وضعيات معينة »نحن اليهود«. هذه الـ»نحن« المؤرقة الى حدّ بعيد موجودة في صميم ما يشغلني أكثر من سواه في فكري أي فكر من سميته بشبه ابتسامة »آخر اليهود«. وقد تكون الصفة اليهودية في فكري ما يقوله ارسطو بعمق عن الصلاة (eukhe): إنها ليست بالصحيحة ولا الزائفة، وهي من جهة أخرى صلاة بالتمام. فلن أتردد إذن في وضعيات معينة في قول »نحن اليهود« وكذلك »نحن الفرنسيون«.

ثم إنني منذ بداية عملي، أي عملي المتعلق بـ»التفكيك« بالأخص ظللت محافظا الى أبعد حد على حسّي النقدي بالنسبة الى المركزية الأوروبية، من حيث حداثة صياغاتها عند فاليري وهوسرل او هيدغر على سبيل المثال. فالتفكيك عموما هو مشروع اعتبره الكثير- عن صواب- بمثابة ريبة بخصوص كل شكل من اشكال المركزية الاوروبية. وعندما يحدث اليوم أن أقول »نحن الأوروبيون«، يكون الأمر ظرفيا ومختلفا جدا. فكل ما هو قابل للتفكيك في التقليد الاوروبي لا يمنع في الحقيقة بسبب ما حدث في أوروبا وبسبب الأنوار وبسبب انحسار تلك القارة الصغيرة وجسامة مسؤوليتها التي سترعد ثقافتها (الكليانية والنازية والمجازر الجماعية وإبادة اليهود والاستعمار وإزالة الاستعمار... إلخ)، [لا يمنع] اليوم أوروبا وهي أوروبا جديدة لكن بنفس الذاكرة- في الوضعية الجيوسياسية التي هي وضعيتنا- من امكانية ان تتوحد (وتلك رغبتي على اية حال) في آن واحد ضد سياسة الهيمنة الامريكية (تقرير فولفويتز، تشيني، رامسفيلد... الخ). وضد ثيوقراطية عربية- اسلامية دون (أنوار) ودون مستقبل سياسي (لكن علينا ألاّ نهمل التناقضات والتباينات بين هاتين المجموعتين ولنتحالفْ مع أولئك الذين يقاومون في الداخل هاتين الكتلتين). تجد أوروبا نفسها خاضعة لأمر الاضطلاع بمسؤولية جديدة. إنني لا أتحدث عن المجموعة الأوروبية مثلما هي موجودة أو تتشكل ملامحها من خلال أغلبيتها الحالية (ليبرالية جديدة) وتتهددها افتراضيا الكثير من الحروب الداخلية، بل إنني أتحدث عن أوروبا مستقبلية وهي بصدد البحث عن نفسها؛ في أوروبا (»الجغرافية«) وخارجها. وما يُسمى - جبريا - algebriquement بـ»أوروبا« كيانٌ لديه مسؤوليات عليه أن يضطلع بها من أجل مستقبل الانسانية ومن أجل مستقبل القانون الدولي- هذا هو إيماني وهذا هو اعتقادي. وهنا لن اتردد في القول »نحن الاوروبيون«. لا يتعلق الأمر بأن نتمنى لأوروبا أن تتشكل كقوة عسكرية عظمى - أخرى وأن توازن الكتل الأخرى بل نريد لها أن تأتي لتبذر بذرة سياسة عالمية أخرى. وهي بالنسبة لي الخلاص الوحيد الممكن.

إن هذه القوة على الطريق. وإن كانت دوافعها لا تزال ملتبسة. وأعتقد أن لا شيء سيوقفها اطلاقا. عندما أقول: اوروبا، فإني أعني ما يلي: أوروبا ذات نزعة عالمية مغايرة altermendialiste تغيّر مفهوم السيادة والقانون الدولي والتطبيقات الخاصة بهما. وتكون مجهّزة بقوة عسكرية حقيقية، مستقلة عن منظمة حلف شمال الاطلسي وعن الولايات المتحدة الامريكية أي بقوة عسكرية لا هجومية ولا دفاعية ولا استباقية تتدخل دون تأخير لتطبيق قرارات تصبح محترمة في النهاية من قبل منظمة جديدة للامم المتحدة (تتدخل على سبيل المثال على وجه السرعة في اسرائيل وفي أماكن أخرى كذلك). وأوروبا هي أيضا المكان الذي يمكن انطلاقا منه أن نتأمل بصورة أفضل في شأن بعض أوجه اللائيكية مثلا، او العدالة الاجتماعية والكثير من الموروثات الاوروبية.

ما أسميه »تفكيكا«، وإن كان موجّها عكس شيء معيّن ينتمي الى أوروبا، فهو اوروبي وهو حصيلة وعلاقة بالذات بالنسبة الى أوروبا كتجربة للغيرية الجذرية. منذ عهد الأنوار، تمارس اوروبا النقد الذاتي باستمرار، وفي هذا الموروث القابل للتحسين يوجد وعد بالمستقبل. وإنني اريد على الاقل أن أطمح لذلك، وهو ما يغذي سخطي إزاء خطابات تدين أوروبا نهائيا كما لو انها لم تكن سوى المكان الذي تدور فيه جرائمها.

- بخصوص أوروبا، ألست في حرب على نفسك، فمن جهة أنت تسجّل ان اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر تدمر القواعد الجغرافية القديمة للقوى المطلقة موقّعة بذلك أزمة تصوّر معيّن للسياسة تعتبره أنت خاصا بأوروبا؛ ومن جهة أخرى تصرّ على الارتباط بتلك الروح الاوروبية وبالمَثَل الأعلى الكوزموبولياني أولا بالنسبة الى قانون دولي تصف في واقع الأمر مدى تدهوره، أم هل أن الأمر يتعلق بمسألة البقاء؟...

٭ يجب »استنهاض« (Aufheben) الشأن الكوسموبوليتيكي (أنظروا أيها المواطنون العالميون في كل البلدان، لابد من المزيد من الجهد!

Cosmopolites de tous les pays encore un effert!، غاليليه، 1997).

عندما نقول (بوليتيك) فإننا نستخدم كلمة يونانية وتصورا اوروبيا قد افترض الدولة دائما، وشرط (المدينة) polis المرتبط بالأرض القومية وبالانتساب للموطن الاصلي. ومهما كانت الوقائع داخل هذا التاريخ يظل هذا التصوّر للشأن السياسي مسيطرا في نفس اللحظة التي تقوم فيها الكثير من القوى بتمزيقه: فسيادة الدولة لم تعد مرتبطة بالاقليم ولا بتكنولوجيات التواصل والاستراتيجيا العسكرية، وهذا التمزيق يدفع بالفعل بالتصور الاوروبي القديم للشأن السياسي الى الازمة، وكذلك يفعل بتصوّر الحرب وتصور التمييز بين المجال المدني والمجال العسكري وتصوّر الارهاب القومي او العالمي.

لكنني لا أعتقد بأن علينا أن نحتدّ ضد الشأن السياسي. وكذلك هو الأمر بالنسبة للسيادة التي أعتقد انها نافعة في بعض الوضعيات، لمقاومة بعض القوى العالمية للسوق على سبيل المثال. ويتعلق الأمر هنا أيضا بموروث اوروبي لابد من الحفاظ عليه وتغييره في آن واحد. وهو ما صرحت به كذلك في كتابي المارقون Vouous (غاليليه، 2003)، عن الديمقراطية باعتبارها فكرة أوروبية لم يسبق لها ابدا في نفس الوقت وأن تحققت بصورة مرضية، وتظل من الأشياء المأمولة في المستقبل. وستجد عندي بالفعل هذا السلوك على الدوام والذي لا أجد له تعليلا نهائيا سوى انني أنا نفسي وليس غيري، أقف في نفس المنطقة.

إنني في حرب على نفسي بالفعل ولا تستطيع أن تدرك الى أي مدى- وأبعد مما تخمّن - عندما أقول أشياء متناقضة تكون بصراحة متوترة بصورة فعلية، تبنيني هذه الأشياء وتجعلني أعيش وستجعلني أموت. أنظرُ الى هذه الحرب احيانا بوصفها حربا مرعبة وقاسية لكنني ادرك في الوقت نفسه انها الحياة. ولن تقرّ عيني إلا في راحتي الأبدية. إذن لا أستطيع القول بأني أتحمّل هذا التناقض لكنني أيضا أعلم جيدا أن ذلك هو ما يبقيني حيا ويجعلني أطرح السؤال الذي كنت أنت قد طرحته: »كيف يتعلم المرء فنّ العيش؟«.

- في كتابيْك الصادريْن حديثا (فريدة هي في كل مرة نهاية العالم Chaque fois unique la fin du monde وحُملان Beliers ، غاليليه، 2003)، عدت الى مسألة الخلاص الهامة والحداد المستحيل وبكلمة واحدة مسألة البقاء. فإذا كان من الممكن تحديد الفلسفة بوصفها »الاستباق المنشغل بالموت« (أنظر rne الموت Donner la mort ، غاليليه، 1999)، فهل نستطيع ان نتصور »التفكيك« بمثابة إتيكا [فن لممارسة الذات] للباقي على قيد الحياة.

مثلما سبق وأن ذكرّت بذلك منذ البداية وقبل التجارب الخاصة بمواصلة البقاء survivance بكثيرٍ، أي تلك التي اصبحت الآن تجاربي، أشرت الى أن البقاء تصوّر مبتكر يشكّل نفس البنية لما نسميه الوجود، الدزاين Da-sein ، إذا شئت، إننا من الباقين- على الصعيد البنائي- الموسومين بتلك البنية الخاصة بالأثر trace والوصية. ولكنني لا أريد- بعد قولي هذا- أن يُطلقَ العنان للتأويل الذي تُعتبر بحسبه مواصلةُ البقاء أقرب الى جهة الموت والماضي، منها الى جهة الحياة والمستقبل. كلاّ ، فالتفكيك موجود دائما الى جانب الـ نعم، وتأكيد الحياة.

كل ما أقوله- انطلاقا من خطوات Pas على الأقل (ضمن أنحاء Parages ، غاليليه، 1986)- عن البقاء بوصفه تعقيدا للتعارض (حياة- موت) ينبع لديّ من تأكيد غير مشروط للحياة. فما يتبقى حيّا survivance هو الحياة فيما وراء الحياة وهو الحياة أكثر من الحياة، ولا علاقة للخطاب الذي أقيمه بجلب الموت، بل على العكس هو تأكيد الحيّ الذي يفضّل العيش والبقاء على الموت، لأن البقاء ليس فقط ما يمكُث بل هو الحياة الأكثر كثافة ممكنة. وإنني لا أكون ابدا مسكونا بضرورة الموت الى هذا الحدّ إلاّ في لحظات السعادة والاستمتاع. إن الاستمتاع وبكاء الموت الذي يترصّدنا أمر واحد. وعندما أتذكر حياتي، أميل الى الاعتقاد بأنني حظيت بحب اللحظات الشقية نفسها من حياتي وبمباركتها. أي بحب كل تلك اللحظات تقريبا باستثناء شيء بسيط. وعندما أتذكر اللحظات السعيدة، أباركها أيضا بطبيعة الحال وهي في نفس الوقت تدفع بي إلى التفكير في الموت والى الموت لأن الأمر قد انقضى وانتهى.

"مجلة نزوى\العدد42


مع محبتي...

Post: #250
Title: Re: قليلا:خارج السرب
Author: osama elkhawad
Date: 10-08-2005, 12:18 PM
Parent: #249

شكرا صديقنان مازن على الاغلفة وحوار دريدا الثر
اثني دعوتك للحافظ للاقامة بيننا تحت سقف الوردة
ساعود كان الله هوّن يوم الاثنين القادم لمواصلة تعليقي على علامية العنوان كماقاربها لطيف في الجدارية
محبتي بلا شواطئ
المشاء

Post: #251
Title: Re: قليلا:خارج السرب
Author: محمد عكاشة
Date: 10-08-2005, 01:41 PM
Parent: #250

الاخ اسامة الخواض
حضرت بغرض التحية
ارجو ان تكون بخير
ساعود بى مهلة
مع مودتى وتقديرى

Post: #252
Title: Re: قليلا:خارج السرب
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-08-2005, 07:21 PM
Parent: #251

up

Post: #253
Title: Re: قليلا:خارج السرب
Author: osama elkhawad
Date: 10-09-2005, 11:22 AM
Parent: #252

الاخ الكريم :
محمد عكاشة
سلامات
في انتظار مساهمتك
محبتي
وشكرا للبرنس على تعتيله للبوست
وسنعود غدا كان الله هون
وفي انتظار المساهمات والتعليقات
المشاء

Post: #254
Title: Re: قليلا:خارج السرب
Author: elfaki
Date: 10-09-2005, 02:47 PM
Parent: #253

أخبرني الصديق عادل عبد الرحمن بهذين الخبرين أنقلهما لكم من موقع
BBCArabic.com في القسم الخاص بالعلوم و التكنولوجيا


Quote: ياهو تنشر الأعمال الفكرية على المكتبة الرقمية بالإنترنت
حمل موقع ياهو على موقع جوجل مستندا إلى أرشيفه من الكتب الرقمية،
والتسجيلات الصوتية والمصورة.
وكجزء من "تحالف المواقع المفتوحة"، سيساهم ياهو في نقل 18,000 كتاب


و الخبر الثاني :ـ

Quote: كشف نيكولاس نيجروبونتي، رئيس ومؤسس معهد ماساتشوسيتس لمعامل تقنية الإعلام عن خطط لتصميم كمبيوتر بأقل من 100 دولار.

وسيكون الكمبيوتر المحمول (لاب توب) قويا ويمكن ثنيه وغلقه بطرق مختلفة، وفي حالة عدم اتصاله بتيار كهربي يمكن تشغيله عن طريق لفّافة يدوية.

وقد ابتكر البروفيسور نيجروبونتي الفكرة الخاصة بتصميم حاسب رخيص الثمن يكون في متناول الجميع بعد زيارته لقرية في كمبوديا.

وتخطط مجموعته التي تطلق على نفسها اسم "كمبيوتر محمول لكل طفل" لتوفير ما يصل إلى 15 مليون حاسب في غضون عام. ولا تستهدف مجموعة نيجروبونتي الربح.

ومن المتوقع أن يتوافر نموذج للكمبيوتر بحلول نوفمبر/كانون الثاني مع انعقاد القمة الدولية لمجتمع المعلومات في تونس.

وسوف يكون أطفال في البرازيل والصين ومصر وتايلاند وجنوب أفريقيا بين أول من يحصلون على الحاسب الذي يقل سعره عن مائة دولار، حسبما قال البروفيسور نيجروبونتي خلال مؤتمر للتقنيات الجديدة.

ويخطط حاكم ولاية ماساتشوسيتس الأمريكية، ميت رومني، شراء تلك الحواسب بدءا من العام القادم، لكافة طلاب المدارس الإعدادية والثانوية في الولاية وعددهم 500 ألف طالب.

ويتكهن البروفيسور نيجروبونتي بأن يصل حجم الإنتاج إلى ما بين 100 و150 مليون كمبيوتر محمول كل عام بحلول عام 2007.

"غير قابل للكسر
"

ففي الخبرين محمدة لفك هذا الحصار الثقافي الذي يكتنف العالم الثالث . و كذلك سد
لتلك الفجوة الكبيرة التي نعاني منها في السودان في متابعة ثقافات العالم
.
فالشخص سيحمل على كتفه (بدلاً من الخرتاية إياها) كمبيوتراً يجعله متصلاً بكل العالم.
فكيف سيدخل هذا المشروع إلى مثقفي و طلاب و تلاميذ المدارس في السودان؟
بس ! الله يكفينا شر المحتكرين و السماسرة ؛ فينقلب مشروع البروف نيجروبونتي من نعمة
إلى نقمة . اللهم لا تجعله كذلك
.

Post: #255
Title: Re: قليلا:خارج السرب
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-09-2005, 10:47 PM
Parent: #254

عزيزي المشاء: معليش الأيام دي تعتيل للبوست وزيارات عابرة ساكت.


صديقي العزيز: عبداللطيف..

إزيك!!!.

Post: #256
Title: Re: قليلا:خارج السرب
Author: osama elkhawad
Date: 10-10-2005, 01:36 PM
Parent: #255

شكرا لطيف على ايرادك للمعلومتين

وسبق لنا في مكان اخر من هذا البوست ان اشرنا الى مشروع محرك البحث الشهير غوغول الرامي الى المزيد من مقرطة المعرفة
والكتب التي ستضاف الى المكتبة الهائلة المقترحة هي التي تقادمت ملكيتها وسقطت
يبقى الموضوع الاكثر اهمية المعارف المتجددة دوما والكتب التي ما زالت تحت قوانين الملكية الفكرية
المهم هي خطوة كبيرة وستعقبها خطوات اكثر راديكالية

ولعل في ذلك محاولة لارجاع الانترنت كوسيلة للمعلومات المفيدة كما اشار الى ذلك تشومسكي في اشارة له الى أن الانترنت بدا يميل الى ان يكون اكثر اشباعا لاحتياجات السوق والشركات ,بحيث اصبح يميل أكثر الى التسلية والترفيه وغيرها من مستلزمات الربح

اكيد ان الكمبيوتر المحمول الجديد سيكسر العلاقة اللامتكافئة التي تتميز بها العولمة المعلوماتية والعولمة بشكل عام في كل مستوياتها
ويذكرني هذا الموضوع بما طرحته الحكومة الاسرائيلية في التسعينيات من القرن الماضي كمشروع تحت شعار:
Quote: كمبيوتر لكل اسرة

ويرمي الى تمليك الاسر الفقيرة كمبيوترا مجانا على حساب الحكومة الاسرائيلية
و تقول الاحصاءات ان عدد المواقع المكتوبة باللغة العبرية يفوق كل المواقع من كل الدول العربية المكتوبة باللغة العربية
فتأمل!!!

عارفين الظروف يا برنس ,
ونتوقع عودتك بشكلك المعروف
وساسنجرك اليوم
محبتي
المشاء

Post: #257
Title: تحيــــة خاصة لـ ( عبد الحميد )
Author: elfaki
Date: 10-10-2005, 04:00 PM
Parent: #256

أسامة ، أسمح لي يا عزيزي أن أرد لهذا الصديق سلامه و تحاياه ..

الصداقة يا حميد هي الجهر بالقول و أنت تتحدث مع من هو صديقك .
الحب يا حميد هو الهمس بالقول و أنت تتحدث مع من هو حبيبك : (العشق).

كثيرة هي العلاقات العشقية حين تنتهي يقرر أحدهما لنكن [ أصدقاء ] .
و غالباً ما يفتح العشق نحو مملكة الصداقة هو الطرف الذي أصبح قلبه خالياً
لمـــاذا ؟ . لأن كلمة (أحبك ) بكسر الكاف أو بفتحها في الفصيحة أو بكسر الباء
أو بفتحها في العامية لا التزام لها . إنها ليست نوعاً من [ عقد ] بين طرفين.
إنها نوع من عقد قلبي ضد أي مزاج لاحق . و من هنا صعوبة الكلمة .

كان (فيرتر) في رواية جوته (آلام فيرتر) يغضب أيما غضب حين يجلس مع جارلوت
و يقشر لها البرتقال و يقسمه شرائحاً على طبقها فتقوم بتوزيعه تكرما منها
على من هم بجانبها يجلسون في باحة تلك الحديقة . يؤلم ما يؤلم فيرتر هذا
الدور الذي تقوم به جارلوت . يمسح بأطراف أقدامه أمشاط أقدامها تحت المائدة لتكف عن
هذا الدور الكريم غير المرغوب فيه .. فما تحت المائدة [ عشق ] و ما فوق المائدة
[ تدبير ] منزلي تقوم به جارلوت .

الصداقة ؛ صداقتك أنت يا حميد كانت جهراً بالقول . كانت لهجاً و لا تزال لأنني
ألآن أستنطق عبارتك (إزيك) التي كتبتها :


Quote: صديقي العزيز: عبداللطيف..

إزيك!!!.


بعمق ذلك الجهر بعمق ذلك اللهج ــ فدمت يا حبينا..

Post: #258
Title: Re: تحيــــة خاصة لـ ( عبد الحميد )
Author: osama elkhawad
Date: 10-10-2005, 09:30 PM
Parent: #257

المتابعات والمتابعون
المتانسون تحت سقف الوردة

تمكنا من الحصول على على الاعمال الجديدة لدرويش والصادرة عن دار نجيب الريس,وهذا اقتضى منا نسخ استشهادات كثيرة من نص درويش الطويل
و لذلك سنؤجل الجزء الاكبر الى وقت اخر

وسنكتفي حتى ذلك الوقت بالحديث عن تصميم الغلاف مقارنين بين تصميم الديوان المنفرد وتصميم النص الطويل في الاعمال الجديدة ,ذلك ان التصميمين مختلفان

وساعود غدا كان الله هون,نسبة لان الليل هنا قد اليل جدا

ونتمنى ان نقرأ مساهمات جديدة وعديدة

محبتي

ارقدوا عافية

المشاء

Post: #259
Title: Re: تحيــــة خاصة لـ ( عبد الحميد )
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-11-2005, 05:48 AM
Parent: #258

عبد اللطيف:

أقرأ هذا.. الصدق.. بعد بالضبط عشرين ساعة عمل تكاد أن تكون متواصلة.. تحية لك يا من علمتني شيئا واحدا:





الصبر أوالأصالة!!!!!.

Post: #260
Title: Re: تحيــــة خاصة لـ ( عبد الحميد )
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-11-2005, 03:12 PM
Parent: #259

عزيزي عبداللطيف:

أذكر تلك الحوارات المنتظمة تقريبا لوقت، تلك التي كانت تجمعنا آنا وأنت وصديقنا الأعز أحمد عبدالمكرم، ذلك الطفل بعقل ناقد وهيئة رجل ناضج يحمل قدرا عاليا من الحساسية والصدق. عصر ذلك اليوم، بعد وجبة الغذاء بقليل قمت أنت بإخراج مخطوطة ترجمتك لكتاب رولان بارت الضخم (خطاب العاشق)، ولعل نفس الأمر تكرر أكثر من مرة بعد ذلك فيما يتعلق بنتاج آخر من فترة تواجدك بليبيا، وفي كل مرة كنت ألاحظ أمرا غريبا أوآخر. يحزنني هنا أني أتحدث عنكما على نحو أقرب ل"التأريخ". كانت مخطوطات تمت على المستوى الشكلي ناهيك عن عمقها ولا مراء صياغتها بعناية ودقة ورسم (خط) جميل. ثمة هوامش مكتوبة بصبر ونفاذ رؤية نقدية تسعى إلى بناء أرضية حوارية يمكن أن يتفاعل معها قاريء عادي في علاقته بنصوص بالغة التعقيد قادمة من سياق ثقافي مختلف. كنت أرى أكثر من لون في الصفحة لحبر أزرق وأسود وأحمر فأقول في نفسي "هذا عمل تمت كتابته بمحبة سمتها الصبر". لسبب ما أبدأ وقتها في رصدك على المستوى الإنساني بينما نطالع جهدك العظيم كأشخاص منتمين إلى عالم تجد من الصعوبة بمكان العثور في قاموسه على كلمة تدعى "تقدير". أراك عندها دائما في هيئة "سقراط" وهو ما لم يدهشني حين ربطت أنت أثناء رثاء الخاتم هذا بذاك. هكذا تخيلتك في تلك الأوقات. ربما لأن لديك عادة أن ترفع رأسك إلى أعلى وتحك بأناملك خفيفا على ذقنك وفي عينيك المجهدتين حزن رجل تحدث قبل ساعة أوأكثر عن إبنه "علاوي" وهو لا يزال لحظتها يكابد ذكرى مكابدة معرفة مرهقة وشاقة لا تبدو كجبل يعتليه بل كجبل يحمله فوق رأسه التي تحمل أشياء أخرى مثل تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة أمه. أنت بالنسبة لي الآن إنسان غائب أذكره في زحام حضور الزائفين فأشعر برغبة متجددة في الحياة. تحياتي لمريم.

Post: #261
Title: الاولاد أبان لاب توبات
Author: osama elkhawad
Date: 10-12-2005, 12:24 PM
Parent: #260

قال لطيف في تعليق له على الكمبيوتر المتوقع انتاجه:
Quote: فالشخص سيحمل على كتفه (بدلاً من الخرتاية إياها) كمبيوتراً يجعله متصلاً بكل العالم

وسيطلق عليهم بعدذاك:
Quote: الاولاد أبان لاب توبات

المشاء

Post: #262
Title: Re: الاولاد أبان لاب توبات
Author: حاتم الياس
Date: 10-12-2005, 02:13 PM
Parent: #261

القائل نفسه تحول الى (لاب توبى) كبير.. وأنا جد مشفق على روح المفكر ان يغيب رصيدها المعرفى والنقدى تحت وطأة هذه العوالم وتتحول الى أشارات خافته بين (الردود)

برنس ولطيف...أقترحا عنوان لما بينكما..ومابينكما شفيف وجميل أراهن بأنه ستكون كتابة
(مدهشه)

تعتيل...من القاموس الأسفيرى
ومشاتره...من معنى الحياة

مع تحياتى


Post: #263
Title: Re: الاولاد أبان لاب توبات
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-12-2005, 03:29 PM
Parent: #262

عزيزي حاتم:

يحدث أحيانا أن تلتقي أفرادا يحملون أرواحا مرئية مضيئة. ذلك ماوصلني حين رأيت عبد اللطيف في القاهرة وعادل القصاص وقلة قليلة. لعل لطيف لديه معايير خاصة لقياس الناس وفق درجة كثافتهم.. أوشيء من هذا القبيل. كان لقاء الطيب صالح في حضور القصاص خاطفا وكليا ولا أعتقد أنه خضع للمقياس نفسه إن وجد. ذلك أنك تشعر لسبب ما وقتها وكأنه القطب الغوث لا يشع إلا بمقدار ما تحتمل. وعادل رأى وقتها أكثر. أدركت ذلك حين بدأ في مغالبة شيء باطني صرفني به هو بمطالعة رجل مسن يمت إلى القطب الغوث بصلة وتدرك أنه لا متعة له في حياته من قبل مجاورة الواصل. ولعل الرجل كان يكابد لأول مرة مسألة أن تضعك الأقدار قرب شمس!!!.

Post: #264
Title: Re: الاولاد أبان لاب توبات
Author: mazin mustafa
Date: 10-13-2005, 09:29 AM
Parent: #263

يبدو ان تعليق حاتم وقع في جرح مرة اخري..
كنت اتسائل:
مدي تأثر الكتابة الجادة بما يحدث كثيرا من استدراج لونسات وكتابة خفيفة..





اشفق علي الكثيرين من ضياع الوقت..






اقتراح حاتم مرفق لديكم...
(افندوية شديد الجملة دي!!!!)

Post: #265
Title: Re: الاولاد أبان لاب توبات
Author: osama elkhawad
Date: 10-13-2005, 03:00 PM
Parent: #264

اعزائي حاتم وبرنس ومازن ولطيف
لعل ما يميز الوجود الاسفيري وليس الكتابة الاسفيرية -وهذا خلافي مع حبيبنا فردة,هو مثل هذا التفاعل السريع والاليف
طبعا احيانا يكون تفاعلا حادا ,كما في حالات كثيرة معروفة للجميع
واوافق حاتم ان مثل هذه المجادعات كما حدثت بين برنس ولطيف ستنتج شكلا لطيفا و مبدعا لحوار تتخلله درر الكتابة التقليدية و غيرها من الاحجار الكريمة
وسنعود حسب اقتراح مازن "البيروقراطي" ,
طبعا اكثر ما يكرهه الفنانون في الدنيا هو البيروقراطية والنظم والقوانين واللوائح بشكل عام
محبتي بلا افاق-تغيير طفيف في صيغة الاتيكيت الاسفيري

المشاء

Post: #266
Title: Re: الاولاد أبان لاب توبات
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-13-2005, 03:31 PM
Parent: #265

على غرار "واقعية بلا ضفاف"!.

Post: #267
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: الجندرية
Date: 10-13-2005, 03:35 PM
Parent: #1

العزيز اسامة

لا زلت اطوف بكعبة الوردة هذا
ريثما اجد متكئاً لاكتب
سيصلك عنوان الشيخ طارق على الايميل فقد غير الرقم بعد عودته النهائية للسودان
تحياتي لكل احباب الوردة
واخص عبد اللطيف

Post: #268
Title: العتبات النصية
Author: osama elkhawad
Date: 10-13-2005, 04:35 PM
Parent: #267

يا برنس
Quote: محبتي بلا ضفاف

و
Quote: محبتي بلا سواحل

سبق لي ان استخدمتهما كثيرا حتى بت امل ذلك

فاتني ان اشير الى انك قد ابتكر ت صيغة ملطفة لرفع البوست هي:
Quote: على سبيل التحية


مرحبا مرة اخرى بالجندرية
نتمنى ان تاتي الينا بعد الطواف للحديث عن العتبات النصية,
للسعي بين النص وعتباته
لاحظي العلاقة بين العتبات النصية والعتبات المقدسة كما عند الشيعة
الاستاذة اماني عبد الجليل المشهورة اسفيريا بالجندرية هي اول من تحدثت عن العتبات النصية في الخطاب النقدي السوداني
طبعا العتبات النصية هي ترجمة لمصطلح قال به الفرنسي المعروف جيرار جينيت في كتابه المترجم :
Paratexts
the thresholds of textuality
والعتبة النصية هي ترجمة ل:
Text`s thershold
ولي بعض التحفظ في ترجمة العتبة ,فهي مقبولة اذا ما تحدثنا عن العنوان والغلاف والاهداء باعتبارها عتبة للدخول الى النص اي البيت
ولكن هل وصفنا للهوامش مثلا كعتبات هو مشابه لوصفنا الاهداء والعنوان بالعتبة؟

جييت يعتبر العتبات النصية هي جزء من مفهومها الاوسع عن
وهو ما يمكن اختصاره كالاتي نقلا عن موسوعة انترنتية:

Quote: Gerard Genette proposed the term 'transtextuality' as a more inclusive term than 'intertextuality' (Genette 1997). He listed five subtypes:
intertextuality: quotation, plagiarism, allusion;
paratextuality: the relation between a text and its 'paratext' - that which surrounds the main body of the text - such as titles, headings, prefaces, epigraphs, dedications, acknowledgements, footnotes, illustrations, dust jackets, etc.;
architextuality: designation of a text as part of a genre or genres (Genette refers to designation by the text itself, but this could also be applied to its framing by readers);
metatextuality: explicit or implicit critical commentary of one text on another text (metatextuality can be hard to distinguish from the following category);
hypotextuality (Genette's term was hypertextuality): the relation between a text and a preceding 'hypotext' - a text or genre on which it is based but which it transforms, modifies, elaborates or extends (including parody, spoof, sequel, translation).


وساعرج بعد قليل الى نص للطيف
واعود بعدها الى اماني

تحياتي لتراث ونتمنى ان يأتي للتسامر معنا تحت سقف الوردة
محبتي

المشاء

Post: #269
Title: Re: العتبات النصية
Author: osama elkhawad
Date: 10-13-2005, 09:12 PM
Parent: #268

نعود
لطيف هو في الاصل شاعر
لكنه يحب النقد
وسبق له ان اصدر ديوانا شعريا هو:
مداد الصمت
والشاعرية جد واضحة من العنوان
وفيه اي الديوان حاول ان يشكل سيميولوجية خاصة لديوانه,عن طريق الخط العربي
واظن ان الفنان التشكيلي حسن حسين هو الذي قام بكتابة الخطوط العربية
ارجو ان يصححني لطيف لو اخطأت
و توقف لطيف عن كتابة الشعر الا لماما
سبق لي في العدد الاول من "حروف" في استعراض صحافي,ان قارنت سريعا بين لغة محمد محيي الدين في :
الرحيل على صوت فاطمة
وبين لغة لطيف في :
مداد الصمت
وسانشر بعد قليل نصه في رثاء مصطفي سيد احمد
ارقدوا عافية
المشاء
*لطيف من المحبين جدا لادونيس
ولم يكن من قبيل الصدفة ان ادرج اسمه في مقاربته حول سيميولجيا العنوان من خلال جدارية درويش
وحكى لي لطيف انه تناقش طويلا حتى مطلع الفجر مع ادونيس ,في دار اتحاد الكتاب

Post: #270
Title: مرثيّة نثرٍ لصوت ٍمنغّم-شعر:عبداللطيف علي الفكي
Author: osama elkhawad
Date: 10-13-2005, 09:41 PM
Parent: #269

(الى مصطفى سيدأحمد)
شجرةٌ في هالة القمر.غير ان الذين مرّوا معي مرّوا كراماً فارتعشت.ُ
سمعت روح الله في حفيف أوراقها.
خضرة الملاك دولةٌ تدوزن السماء
للسماء صوت السماء
انحنى الفراغ ابيض
لمحت كف موسى
فما انسلك,,,لسوجع الحمام الا صوتك
قالت الحمام:هذا الذي سمعنا في الجنّة حين كنّا في صلب ادم
كيف قد يتوه في الصلاة حابل النشيد
كيف قد يتوه, كيف قد يتوه
والمدى صلاة
عبّق الأوراق (دلكةً).
ضجّت الخضرة والملاك في صُمات
قالت الحمام يا ملاك
أتشتهي الارجاء
تسكب الخضرة نيلين مباركين؟
غير انّ الذين مرّوا معي مرّوا سلاماً
غير انّ يعقوب لا تزال في نفسه حسكةٌ
يخشى العين تخطف الجمال
قالت الحمام
أجمل ما في الجمال صوت ٌيجيئك يردّ البصر
حنانيك ارغن النشيد عبّأ النشيد
فيه الكليمُ موسى اذ يجاهر
أأراك جهرةً ,أأراك جهرةً؟
ردّد الصدى
ما كذّب الفؤاد ما رأى
لكلّ بذرةٍ سياقها,لكلّ بذرةٍ سياقها
يردّد القمر
فكن اذا انتشت بعطرك الحمام كالمسيع خارج الجدال
فلا جدالَ قد توسوس الحمام
في التين بوذا,وفي الزيتون عيسى
راحيل
ابنك يوسف خطفوه وباعوه وهمّ بالتي
سحرتها عيناه لولا أن صوتاً شفيفاً علّمه الالتزام
في وضح رابعة ايديولوجيا الهمّ بالاخرين.
فما كان للذي رمته قدرة أحلامه في البئر وأخرجته
من المحن الا أن ينصاع حدساً قبل أن يموت
كانط وفي نفسه شيئٌ من شرح حدسٍ
لم تكن الأحلام الا حدس صوت ٍشفيف
خجلت الشجرة أن ترقص له في حضرة الاله
في البدءٍ كانت لغةٌ علّمتنا كيف نجودن الصوت.
الملائكيّ؟
قالت الحمام.
شهدت للخضرة خضرةً كمن يحني الملاك رأسه راضياً:
لبيك يا مصادر الاله انني رأيت جمهرةً من الوهّابية والصوفية والشّيعة والصّهاينة والاخوان والارثوذكس و قبيل كل من تزمّت للشجرة يسقي الشجرة بمعوالٍ يشقّ الأنفس كلما قربت المسافة ادّاركهم صوت ٌشفيف ٌ,أرخوا معاولهم مسحاً للجبين فما انتبهوا.
كيف الرجوع لبذرةٍ شقّت وساوس أرضها! هي للسماء وللبياض نذروها.كشف الاله لصوته دنيا في شكلها قمر
فما ارتعشت

غير أن الذين مرّوا معي جلسوا جلسة استماع

Post: #271
Title: Re: مرثيّة نثرٍ لصوت ٍمنغّم-شعر:عبداللطيف علي الفكي
Author: هشام هباني
Date: 10-14-2005, 07:26 AM
Parent: #270

الجميل الخواض
رمضان كريم وكل العام وانتم بخير والوطن بالف خير ولي قدام.

هباني

Post: #272
Title: Re: مرثيّة نثرٍ لصوت ٍمنغّم-شعر:عبداللطيف علي الفكي
Author: osama elkhawad
Date: 10-14-2005, 08:01 AM
Parent: #271

الله اكرم يا صديقنا "الدالاسي" هشام

وبمناسبة لطيف نسيت ان اقول انه بصدد الفراغ من كتابة رواية بعنوان:
حرائق المكان
وكنت اتابع فصولها في اثناء وجودنا معا في فيلي
نتمنى ان ينشر لنا لطيف فصلا او جزء منها لو كان في الامكان
وسنعود
المشاء

Post: #273
Title: من العتبات النصية في :عرس الزين .. ضوء البيت .. مريود
Author: osama elkhawad
Date: 10-14-2005, 08:18 AM
Parent: #272

نعود للحديث عن مساهمة اماني عبد الجليل في تطرقها للعتبات النصية ومن ضمن ذلك العنوان والذي يشكل موضوعة لطيف الاساسية في مقاربته للجدارية.

ومساهمة اماني تؤكد ان المقاربات النقدية الحديثة في الخطاب النقدي السوداني توطد وجودها المعرفي ,على عكس ما يرى- الاكثر جعجعة والاقل طحينا-العدمي "الدكتور" بشرى الفاضل ,الممثل الاسفيري لقطيع الذئاب .

ونقدم هنا مقتطفا من مقاربتها للعتبات النصية في الخطاب الروائي للطيب صالح من خلال عرس الزين وضو البيت ومريود كمقدمة لتعليقنا المؤجل عن مقاربة لطيف المهمة.

من العتبات النصية في :
عرس الزين .. ضوء البيت .. مريود

بقلم : أماني عبد الجليل

تعد عتبات دخول النص من موجهات القراءة المهمة لدخول أي كتابة سردية كانت ام شعرية ، فهي ما بمثابة إشارات المرور التي يضعها كاتب النص متأملاً إتباع القاريء لها والسير في الطريق الذي تـقترحه ليصل إلى مرامي النص ، وقد وضع الطيب صالح العديد من الموجهات والعتبات والإشارات ، فبالإضافة إلى العنوان والإهداءات فهناك العناوين الداخلية ، والاقتباسات الشعرية وغيرها ، مما يجعل دارس العتبات لديه يتوفر على مادة بحث غنية .
في هذا المقال سوف نتطرق إلى عتبتي العنوان والإهداء في روايات : عرس الزين .. ضوء البيت ... مريود . وقطعاً بهذا لن نذهب ابعد من ( الحَجرة )(1) فالعتبات في هذه الروايات اعمق كثيراً من خوضنا هذا.
العناوين :
العنوان هو أول عتبة للنص ، وإلى جانب لتأديته عدد من الوظائف ، يعتبر اسماً . وتتم عملية اختياره بقصدية تامة من قبل المؤلف / ة لتحقيق ثلاث وظائف رئيسية (2) هي:
ـ التسمية .
ـ التعيين .
ـ الإشهار .

عنوان رواية ( عرس الزين ) ، استباقي إخباري ، يخبر بالنص ويجعل القارئ / ة ، يتوقع وينتظر عملاً ، يروي ويحكي حكاية زواج شخص اسمه الزين ، وبالفعل تحقق الرواية أفق الانتظار هذا منذ الصفحات الاستهلالية ، عندما حاولت حليمة بائعة اللبن إلهاء آمنة عن غشها اللبن (3) ، وعندما حاول التلميذ الماكر لطريفي ود بكري أن ينجو من عقاب ناظر المدرسة لحضوره متأخراً عن موعد الدرس (4) وفي محاولة شيخ علي التهرب من دفع الدين الذي يدين به لحاج عبد الصمد (5) .

وتتأكد القصدية في اختيار العنوان بتكراره في أكثر من مقطع سردي وحواري داخل الرواية ، بل يكون التكرار أحياناً في الصفحة الواحدة (6).
عنون المؤلف روايته باسم الشخصية الرئيسية فيها ، و الرواية تحكي كما ذكرنا قصة زواج الشخصية المحورية فيه ، وهو فعل مشترك بين رجل امرأة ، لكن بالرغم من الدور الذي لعبته نعمة الشخصية الشريكة في حدث الزواج من تغيير وتأثير في شخصية البطل نفسه ، فقد تجاهلها المؤلف عند عنونة الرواية ، ويمكن تفسير ذلك لاحقاً بأكثر من سبب.
أما العنوان في روايتي )ضوء البيت )(7) و ( مريود ) ( ، فيحمل الكثير من الغموض الذي يكتنف شخصيتي ضوء البيت ومريود ، والذي دعمته الروايتان بتعدد الروايات أو الاقوال داخلها حول هاتين الشخصيتين ، فضو البيت هو تارةً أحد الجنود الأتراك ـ مع عدم تأكيد هذا القول ـ خرج من النيل حاملاً أثر الحروب على جسده ، فاقداً للذاكرة ، وأسماه أهل ود حامد بضوء البيت ، حسب رواية مختار ود حسب الرسول عن أبيه (9 ) وتارة ً أخرى ، رجل من الأشراف جاء من الحجاز وتوطن في ود حامد حسب رواية إبراهيم ود طه ، وهو راوية ثقة في تاريخ ود حامد ، كما قالت بذلك رواية مريود (10) . وتختلف الروايات أيضا حول مريود عنوان الرواية الثالثة ، فهو مرة حفيد بندر شاه كما ورد في روايتي ضوء البيت ومريود (11) ، ومريود هو أبن بندر شاه وليس حفيده كما جاء علي لسان سعيد عشا البايتات عن الشيخ الحنين (12) ، هو كذلك الاسم الذي أطلقته مريم على محيميد (13) .
تحمل روايتا ضوء البيت ومريود عنوان (بندر شاه ) في صفحاتها الداخلية وهو أيضاً تختلف وتتعدد الروايات حوله ، فهو مرة مجرد لقب لعيسي ود ضوء البيت أطلقه عليه حمد ود حليمة في طفولته عندما خرج عليهم بلباس العيد على غير ما اعتاد اطفال ود حامد العراة كما ورد في رواية ضوء البيت (14) ؛ وهو ما يؤكده إبراهيم ود طه في رواية مريود باعتباره نوع من مزاح الصبيان أطلقه على عيسي ود ضوء البيت ابن خالته حمد ود عبد الخالق المعروف بود حليمة (15) . وبندر شاه هو أيضا أحد سلاطين الزايلة حسب رواية عشا البايتات عن الشيخ الحنين (16) ، ويقول بعض رواة الأخبار في ود حامد بأن بندر شاه كان ملك نصرانياً من ملوك النوبة (17)، وفي رواية أخرى أن ذلك الملك لم يكن نصرانياً ، بل كان ملك وثنياً من أعالي النيل (1 ، ويرجح بعض المؤرخين في المتن الروائي بأن بندر شاه أمير حبشي (19) وفي رواية أخرى أن بندر شاه كان رجلاً ابيض وفد على ود حامد من حيث لا يعلم أحد أيام الغارات أواخر ايام ملوك سنار (20) .

فالعناوين الثلاثة لروايتي ( ضوء البيت ومريود ) بما فيها العنوان الثانوي لهما ( بندر شاه ) هي أسماء لشخصيات رجالية رئيسية في الروايتين ، مع تضارب الأقوال والروايات حولهم وعدم الجزم بهويتهم ، ومن اهتمام الطيب صالح بالشخصيات وتصدرها للعناوين يبين اتجاهه الواقعي . بالرغم من الفعالية والدور الذي لعبته الشخصيات النسائية المقابلة للشخصيات الرجالية التي تمت عنونة الروايات بها مثل فاطمة بت جبر الدار زوجة ضوء البيت و أم بندر شاه ، ومريم حبيبة مريود ) إلا انه تم تجاهلها.
نلاحظ مما سبق أن الشخصيات الرجالية في الروايات المدروسة تصدرت العناوين دون الشخصيات المقابلة لها ، ففي عرس الزين تم تجاهل (نعمة ) فلم يكن العنوان مثلاً ( عرس نعمة والزين ) ، بالرغم من اشتراك الاثنان في حدث الزواج كما سبق وذكرنا ، وبالرغم من وحضور وفعالية نعمة وإسهامها البارز في مجرى السرد و تحديد مصير الشخصية المحورية ( الزين ) فبزواجها منه نقلته من الهامش الاجتماعي في المتن الروائي كفقير معدم يعامل باعتباره معتوه ، إلى المركز ليصبح واحد من اعيان ود حامد في مشهد الخاتمة بقفزته حاملاً السوط رمز السطوة والقوة انذاك إلى مركز الدائرة . وذات الفعالية والحضور ينسحبان على فاطمة بت جبر الدار الشخصية المقابلة لضوء البيت وعلى مريوم الشخصية المقابلة لمريود في روايتي ضوء البيت ومريود .

ويمكن تفسير ذلك بأن الشخصيات الرجالية كانت محورية فالزين تابعه المؤلف منذ مولده حتى زواجه ولاحقاً في الروايات التي تلت عرس الزين بالإشارة إليه في اكثر من موقع وإيضاح مصيره ، وهو الأمر الذي حدث مع ضوء البيت منذ خروجه من النيل وحتى ذهابه فيه مره أخرى ، فالمؤلف يتابع هذه الشخصيات ويوضح مصائرها ، و محيميد أيضا كان محورياً في مريود ، بل أن الشخصيات الرجالية يتكرر ظهورها في جميع الروايات بعكس الشخصيات النسائية التي تنتهي بانتهاء الرواية . و ربما لاتجاه الروائي الواقعي واحتفائه بالشخصيات ، وليعزز تميزه واختلافه عن تيار الرواية الرومانسية التي كانت سائدة في فترة إنتاج الروايات المدروسة وخاصة في مصر فقد صدرت مجموعة من الروايات التي تحمل أسماء نساء مثل : زينب ، سارة ، حواء الجديدة ..الخ فكل ذلك ربما يكون من الاسباب التي دعت الطيب صالح لعنونة رواياته باسماء بعض شخصياته الرجالية .

أما كون الروائي مستبطن لفكرة استبعاد أسماء النساء عن عناوين رواياته ، لاعتبارات اجتماعية او أخلاقية ، فتبدو هذه الفكرة بعيدة لعدم سيادة مثل هذه النظرة في الريف السوداني حيث يتحدر المؤلف وحيث الفضاء المكاني للروايات نفسها ، فالنساء ينادين النساء بأسمائهن المجردة دون الكنية أولاً ، وثانياً كون الطيب صالح كان جريئاً في معالجة الكثير من المواضيع ولم تشكل التابوهات المختلفة عائقاً له في تناول موضوعات الحب والبوح ، والجنس ، والسياسة ، وبالتالي لم يكن يتردد في وضع اسم أياً من شخصياته النسائية على غلاف رواياته لو توفرت له قناعة فنية بذلك.

يمكن الاطلاع على النص كاملا من خلال اللنك التالي:
http://alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147496978
ارقدوا عافية

المشاء

Post: #274
Title: Re: من العتبات النصية في :عرس الزين .. ضوء البيت .. مريود
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-14-2005, 01:15 PM
Parent: #273

عزيزي المشاء:

دراسة الناقدة أماني حول ما أسمته (من العتبات النصية في : عرس الزين .. ضوء البيت .. مريود) تتسم بلغة نقدية رفيعة ورؤية للعالم إذ تركز على مفهوم "النوع" أو"الجندر" إلا أنها لا تقع موقع تمييز مقلوب أوعكسي مضاد للرجل، وهو مايمكن أن يستشفه القاريء أوالقارئة (لزوم الجو العام) بجلاء من تحليل الباحثة لمسألة إختيار العناوين. وشكرا لعرض هذه الدراسة القيمة.

Post: #275
Title: Re: من العتبات النصية في :عرس الزين .. ضوء البيت .. مريود
Author: osama elkhawad
Date: 10-14-2005, 08:53 PM
Parent: #274

عزيزي البرنس
سبق لدراسة الجندرية ان نشرت في سودانييزاونلاين ,
ولكن لجدتها الفائقة لم تجد الاهتمام الكافي
ولذلك فايرادها هنا في سياق مختلف ,سيجعلها مقروءة بشكل مختلف جدا ,وبما تستحقه باعتبارها رائدة في دراسة الجندر والعتبات النصية
وسنعود
المشاء

Post: #276
Title: Re: من العتبات النصية في :عرس الزين .. ضوء البيت .. مريود
Author: osama elkhawad
Date: 10-15-2005, 11:50 AM
Parent: #275


*العتبات النصية :
مقاربة العتبات النصية من قبل القارئ تفتح له افقا او افاقا للتوقع حول ما يتضمنه الكتاب"النص"مرفقا ذلك التوقع بانتظار ما بحيث يرى مطابقة النص للتوقع الحاصل في مقاربة العنوان مثلا من الغلاف فقط قبل الولوج الى النص.واحيانا كما في حالة الهوامش فانها تحاول ان تجسر بين ما يريد المؤلف قوله وبين شرح الاستشهادات او الاشارة الى النصوص الغائبة.وهذه نجده بشكل مثالي في العودة الى سنار .ونعتقد ان تلك العتبات النصية اي الهوامش التي ضمنها عبد الحي في ختام نصه الطويل .
لكنها اي الاستشهادات احيانا ما تكون غير ذات فائدة بل قد تكون مربكة كما حاول ان يوضح ذلك الناقد العراقي حاتم الصطر .يقول عن العتبات النصية اي الاستشهادات عند السياب الاتي:
Quote: لكن قصيدة السياب تقترح حداثات أخرى: فالهوامش التي ذيّل بها قصائده محاكياً إليوت في قصائده الشهيرة، تتراوح بين الشرح والتعليق وكشف المصادر وتفسير الرموز وتوضيح مقاصد الشاعر التي يوحي من خلالها بالعجز عن توصيل ما يريد متنياً،
لكنه يرى انها لم توفق في اداء مهمتها حين قال:
Quote: وقد تسببت في اشكالات قراءة كثيرة، منها ما أثاره عليه يساريو العراق التقليديون حين تحدث عن عروبة المومس وسلالتها التي لا يليق بها ما آلت اليه... ويثير مشكلات فنية كما في هوامش «رؤيا فوكاي» التي درسها أخيراً شتيفان فيلد في (عيون - العدد الأول) - بترجمة سالمة صالح - وتوصل الى أن النص يكلف القارئ العربي «بما هو فوق طاقته، ويترك لدى القارئ مشاعر متناقضة بسبب الجناس الصوتي وتكرار الكلمات و«سيل» المقتبسات المباشرة والمستترة، والرمزية المثقلة تحت وطأة استدعاء العناصر الميثولوجية من ثقافات كثيرة»..

ويستشهد الصكر بجبرا ابراهيم جبرا ليؤكد عدم جدوى الهوامش عند السياب كعتبات نصية,فهي لا تؤدي الغرض منها بالنسبة للقارئ:يقول الصطر:
Quote: ويصف جبرا ابراهيم جبرا تلك الاشارات الهامشية المطولة بأنها «فاقدة لتأثيرها في القارئ». كما ان بعض العتبات النصية التي - كانت في الأساس وكمبدأ تنظيمي داخل النص فتحاً حديثاً جاء به السياب - تسببت في اشكالات توثيقية، كالتشكيك مثلاً بصحة هامشه في ختام «إنشودة المطر» بأنها (كتبت في العهد المباد) وفسره البعض بأنه كتب في فترة لاحقة من قيام الجمهورية، لكن السياب تهرب من ذلك، على رغم ان نهاية الأنشودة توحي بالغد - واهب الحياة - وبفعل سردي يلي النص بعبارة موجزة: (ويهطل المطر) وقد شككت القراءات بمقدمة قصيدة «أساطير» التي يقول فيها إن المتحابين فرق بينهما الدين كما تقول اسطورة يونانية!! وربما كان يفتعل ذلك....

• حاتم الصكر :الحياة اللندنية 27\12\2004
يقارب لطيف عتبتين نصيتين في جدارية درويش .
العتبة الاولى هي عتبة العنوان.
والعتبة الثانية هي عتبة تصميم الغلاف .
وسنبدا بالعتبة الثانية اي تصميم الغلاف .يقول لطيف في ذلك:
Quote: و قد صُمِّم غلاف الكتاب كالآتي :
جدارية
محمود
درويش

مما يجعلك أن تقرأ العنوان تركيباً إضافياً : (جدارية محمود دريش)؛ و ليس العنوان الذي يفيد العبارة (جداريه) . و لا أشك أنَّ الشاعر نفسه أراد هذا الالتباس . أعني أن يكون الالتباس بوجهيه عند قاريء العنوان : وجهٍ في أن يقرأه تركيباً إضافياً مثل [ جدارية محمود درويش] ؛ و وجهٍ آخر أن يتأمله كعبارة تنكير في [ جداريه ] ؛ بإظهار الهاء بدلاً من التاء في قراءة القاريء (جدارية محمود درويش)(5) . سنعتمد الآن هذين الوجهين من الالتباس . و أريد أن أنبِّــه أنَّ لهذه القراءة الملتبسة للعنوان موقف محدد طاريء هو : حين تتشوَّف غلاف الكتاب أول مرَّة دون أن تتصفح الكتاب نفسه . الآن ، يعرِض هذا الموقف الطاريء نفسه في محوريْهِ : الحضور و الغياب . و هو عرض فيه كثير من الحدس عند القاريء الذي اعتاد درويش .
فمن جهة تتصدَّر قراءة التركيب الإضافي و هي ( جدارية محمود درويش)
محور الحضور في هذا الموقف الطاريء .وذلك حسب اغواء التصميم نفسه.

وفي مكان اخر يقول:
Quote: و يشتغل ايهام تصميم الغلاف الذي يُـبرز اللغة تركيباً إضافياً : ( جدارية محمود درويش ) في محور الغياب . فالقاريء عند علمه بهذه الدلالة التي ترفدها له اللغة في (أ) و (ب) أعلاه سيتساءل : ما هي جدارية محمود درويش ؟ .

عند مراجعتنا للاعمال الجديدة لمحمود الدرويش الصادرة عام 2004,نلاحظ ان تصميم العنوان ورد كالاتي:
Quote: محمود درويش
جدارية

وكلمة جدارية مكتوبة ببنط اكبر من كلمتي :محمود درويش"
وقد صدق كلامي الذي قلت به في الجزء الاول حين قلت مستطردا
Quote: :
وهو مايحيلنا الى ان هنالك كتابا متنوعين ومختلفين وتختلف حساسيتها تجاه النظرة الى اهمية العنوان.
كما ان الامر قد يتم احيانا خبط عشواء او ان يقرر ذلك الناشر بدلا عن المؤلف او الذات الكاتبة كما يسميه لطيف.
ولذلك نرى ان النظر في مسالة سيميولوجية العنوان ينبغي ان تستند الى معايير تجريبية موثقة بحيث نعرف هل قام الكاتب باختيار عنوانه و تصميم غلافه ام ان الناشر قد قام بذلك.

من تجربتي اقول ان اختيار الغلاف قد يخضع الى ذوق الناشر او العاملين معه من المصممين.

بالرغم من الاختلاف في تصميم الغلافين,لكن ما زال كلام لطيف صحيحا في ان طريقة تصميم وكتابة العنوان في الغلاف الامامي هو بمثابة تشكيل افق انتظار وتوقع للقارئ حين قال لطيف :
Quote: حين تتشوَّف غلاف الكتاب أول مرَّة دون أن تتصفح الكتاب نفسه

ومن ثم فان الطريقتين المختلفتين في كتابة العنوان تطرحان طريقتين مختلفتين للانتظار والتوقع.
وسنعود للعتبة الثانية اي العنوان نفسه.
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #277
Title: Re: من العتبات النصية في :عرس الزين .. ضوء البيت .. مريود
Author: osama elkhawad
Date: 10-16-2005, 11:53 AM
Parent: #276

لمزيد من القراءة
المشاء

Post: #278
Title: هكذا ، يا أسامة ، تأتيني الكتابة شعراً
Author: elfaki
Date: 10-16-2005, 03:12 PM
Parent: #277

أرد لكِ التحية يا أماني ،
حبيبتنا فكوني بخير مع عثمان و طفليك ،،
فاقرئيهم سلامي ..

أما بعد ، فيا أسامة الفضائحي ، التوقف عن الشعر فضيحة خاصة
فما بال صديــــــق ينشرها على الملأ . فأزمة الكتابة ـ يا أسامة ـ
إما التكرار أو الصمت . أنت ما قلت ذلك عني و لن تقول أعرف أعرف ..
لكنك ذكرتني أنني أجيء الشعر لماماً . و أنا طول هذا الوقت كنت
أتخيل أن الشعر يكتب هكذا !!. خارج دائرتي التكرار و الصمت ..
بالأمس خلصت من نص (أرنبة الأنف ) و بعد نشرك للمرثية أعلاه و هو آخر
نصوصي تبين لي أنني لم أكتب أكثر من عامين شعراً .. كنت أتخيل
المسألة هكذا عادية لأن الشعر عندي لا يأتيني من جميع الجهات . إنه
من جهة واحدة لو أبحت بها باخ الشعر يا حبيبي ..

Post: #279
Title: Reونذهب الى الشعر إذا ما إستطعنا اليه سبيلا (أو) : فالصمتُ أجدى !: لاهوت الوردة
Author: عادل عبدالرحمن
Date: 10-16-2005, 07:15 PM
Parent: #1

شكراً يا خوّاض على (فضح) "لطيف" شعرياً ..
إذ حالَما أتى هذا الفضح أُكله : فأعلن لنا لطيف عن "كتابةٍ" بعد هذا الصمت المُجدي !

فالخوف (المبرّرُ)- يا صديقي لطيف - من التكرار ، تكرار النفس أو تكرار الآخرين ، هو تربة وسماد الجدّة / الإبداع ،
فإشارتكَ الى "الصمت" شعرتُ بها ، بطريقةٍ أو بأخرى ، وكأنّما هي همزةٌ ولمزةٌ لي - أنبهتني , حرّضتني لأسألَ نفسي : أما آن لهذا الصمت - صمتي - أن يأتي أُكلاً ؟!!
مَن يكتفي بالصمت ولا يقرأ لن يكتب أبداً ، فالقراءةُ شركُ الكتابةِ - أحسّ بهذا كلما قرأتُ لكم ، لهم ، ولهنّ ..

فأنا ، نحن، وهنّ - يا لطيف - في إنتظار " أرنبة الأنف " / شرككَ المعلنُ لكتاباتنا القادمات !!

Post: #280
Title: "أرنبة الأنف" أو راس السوط الذي هبش الشاعر عادل عبد الرحمن
Author: osama elkhawad
Date: 10-17-2005, 08:00 PM
Parent: #279

نعودبعد غياب قاهر بسبب العبودية المعاصرة كما قال ابونا بولا
قال لطيف:
Quote: أما بعد ، فيا أسامة الفضائحي ، التوقف عن الشعر فضيحة خاصة
فما بال صديــــــق ينشرها على الملأ . فأزمة الكتابة ـ يا أسامة ـ
إما التكرار أو الصمت . أنت ما قلت ذلك عني و لن تقول أعرف أعرف ..
لكنك ذكرتني أنني أجيء الشعر لماماً . و أنا طول هذا الوقت كنت
أتخيل أن الشعر يكتب هكذا !!. خارج دائرتي التكرار و الصمت ..

وقد اثمر كلامنا الفضائحي اثمارا ما بعده اثمار ,اذ أعلن لطيف عن "مولد نص شعري" حين قال:
Quote: بالأمس خلصت من نص (أرنبة الأنف ) و بعد نشرك للمرثية أعلاه و هو آخر
نصوصي تبين لي أنني لم أكتب أكثر من عامين شعراً .. كنت أتخيل
المسألة هكذا عادية لأن الشعر عندي لا يأتيني من جميع الجهات . إنه
من جهة واحدة لو أبحت بها باخ الشعر يا حبيبي ..

لطيف يتحدث عن الالهام وانتظار لحظة معينة,وسنعود لايراد اراء درويش حول مهنة الشعر,
كماوردت في حوار اجراه معه في الكرمل الشاعر المغربي حسن نجمي
وكلام لطيف اعاد الينا صديقنا الشاعر الكبير عادل عبد الرحمن
ويبدو ان "راس السوط" النقدي قد لحقه فقال:
Quote: شكراً يا خوّاض على (فضح) "لطيف" شعرياً ..
إذ حالَما أتى هذا الفضح أُكله : فأعلن لنا لطيف عن "كتابةٍ" بعد هذا الصمت المُجدي !
فالخوف (المبرّرُ)- يا صديقي لطيف - من التكرار ، تكرار النفس أو تكرار الآخرين ، هو تربة وسماد الجدّة / الإبداع ،
فإشارتكَ الى "الصمت" شعرتُ بها ، بطريقةٍ أو بأخرى ، وكأنّما هي همزةٌ ولمزةٌ لي - أنبهتني , حرّضتني لأسألَ نفسي : أما آن لهذا الصمت - صمتي - أن يأتي أُكلاً ؟!!


ويا ريت لطيف ينشر لنا مقتطفات من "الارنبة" ومن روايته :
حرائق المكان
وسنعود لاراء درويش حول مهنة الشعر والالهام وامكانيةعلاقة ما بين الالهام من جهة وبين ما يسميه "صناعة الشعر"
المشاء

Post: #281
Title: درويش عن الالهام ومهنة الشعر
Author: osama elkhawad
Date: 10-17-2005, 09:09 PM
Parent: #280

سال الشاعر المغربي حسن نجمي محمود درويش قائلا:
Quote: محمود,أنت تعرف أن الشاعر بابلونيرودا تحدث في مذكراته الشهيرة عن "مهنة الشاعر".بالطبع قد لا يستسيغ المرء مثل هذا التعبير,وقد لا يقبل أن تكون ممارسة الشعر "مهنة".لكن عندما يقول بذلك شاعر انساني كبير وعميق مثل نيرودا,فاننا نقبل به,ولو على سبيل الوصف الاجرائي؟
أنت ,أخي محمود ..كيف تعيش "مهنتك" كشاعر؟كيف تؤثث هذه الهوية الانسانية العميقة بوصفها صيغة وجود أو تعبيرا عن وجود؟وأيضا,كيف تمارس "هذه المهنة" كطقس كتابة؟

فرد درويش عليه قائلا:
Quote: "دعنا نناقش في البداية موضوع المهنة.لا شك في أن الشعر هواية ومهنة معا.لا يستطيع الشاعر أن يبقى هاويا,بل عليه خلال عمر تجربة شعرية معينة أن ينتبه الى الصناعة الشعرية,والصناعة هي أقرب الى المهنة.
ان الشعر ليس تدفقا سليقيا تلقائيا بديهيا فقط,بل ينبغي أن يخضع لفكر شعري,لموقف ما ولفهم ما للوجود وللعالم .فالجدلية بين المهنة والهواية ضرورية لسببين:لكي لا تتحول الصناعة الى مهنة حرفية.

وقاطع نجمي دوريش سائلا:
Quote: بمعنى الانفعال؟

فاجاب:
Quote: نعم, أي كما لو لديّ مصنع خشب,فأصنع كرسيا كل يوم!وهنالك شعراء لديهم هذه المهارة لانتاج كتب ليس من الضروري انتاجها طالما انهم صنعوا هذا الكرسي في كتب أخرى.ولأن لهم مهنة ويتقنون الصنعة الشعرية فهم قادرون على الانتاج اليومي.
والمهنة ضرورية ايضا لكبح كسل الهواية,وعدم تركها في انتظار ما يسمى بالالهام أو ما شابه ذلك.لذا يجب على المهنة أن تراقب كهواية,وعلى الهواية ان تخضع لشروط المهنة.وبالتالي ,فهناك علاقة جدلية بين بعد المهنة وبعد الهواية في الممارسة الشعرية.

ويمضي درويش قائلا:
Quote: من جهتي صرت أشعر في السنوات الأخيرة بأنني كنت هاويا أكثر مما ينبغي.لم أنتبه الى نظام العمل ,اذ مهما أعطينا للشعر من حرية التفجرات التلقائية وتشظياتها,ينبغي أن ننظم مراقبة الحالة التي ينادينا فيها الشعر.فقد يأتي الشعر ونحن مشغولون بفوضى غير منظمة,وقد يمر الشعر فلا ننتبه له.وبالتالي ,فأنا أدرب نفسي على الاصغاء لهذا الصوت الشعري.

ثم سأله نجمي عن كيفية تنظيم الاصغاء ,قائلا:
Quote: كيف تنظم هذا الاصغاء,اذا؟

فأجاب درويش:
Quote: "أنظمه بخلق عادات وتقاليدج كتابية,اذ انني دربت نفسي وبصعوبة على الانضباط في وقت الكتابة.عليّ أن أجلس الى مكتبي في الصباح وأحاول الكتابة,لكن من دون أن أرغم نفسي على الكتابة.ولا أعرف من قال ان الالهام موجود,لكنه قد يمر ونحن لسنا في انتظاره!بمعنى أن علينا أن ننتظر ,أن نحاول قدح شرارة هذه العلاقة بين الالهام والعمل.وربما علينا أن نتساءل عن معنى الالهام,ما هو الالهام.أعتقد أن الالهام هو اللحظة التي يجد فيها اللاوعي كلماته أو القدرة على التعبير عن نفسه.وقد تأتي ه ه اللحظة أو لا تأتي ,لكن علينا أن نسعي لانتظارها واصطيادها في الوقت المناسب.
ما أقصده هو أنني أفهم هذه الجدلية وانتظر الالها,بل أستحثه أحيانا على القدوم.انني أذهب أحيانا الى عملي الشعري,ان جاز التعبير,من دون شهية عالية,فأجأ بأن الالها قد جاء,وأحيانا أذهب بحمساة لانتظار الالهام ولكنه لا يأتي .
اذا,هذا الشيطان الشعري,وهو فعلا شيطان,ليست له مواعيد وليست له انذارات مسبقة.وبالتالي,علينا أن نلعب معه اللعبة الماكرة.

Post: #282
Title: العتبات النصية مرة اخرى:دراسة تراث عن العنوان كعتبة نصية
Author: osama elkhawad
Date: 10-18-2005, 06:26 PM
Parent: #281

كما قلت في حديثي عن مقاربة الجندرية للعتبات النصية في الخطاب الروائي للطيب صالح,
ان كثيرا من المقاربات ا لحديثة التي لم تجد ما تستحقه من اهتمام نتيجة لجدتها وغرابتها للعين غير ا لمدربة,
سنحاول عرضها هنا حتى تفهم في سياق اخر يعيد لها اعتبارها الواجب
وساقوم بانزال دراسة صديقنا عثمان تراث عن عتبة العنوان,
وقد حاولت ان اعثر على دراستها التي سبقت عن تصميم الغلاف ,
وارجو ان يقوم تراث او الجندرية بانزال تلك الدراسة هنا


فالى دراسة تراث:

كنت قد أنزلت سابقاً في هذا البورد بوست بعنوان (قراءة في غلاف رواية) كان عبارة عن جزء من دراسة طويلة تحت الطبع بعنوان (الخفاء ورائعة النهار .. قراءة في عناصر الرواية من عتبات النص إلى آلياته ودلالاته ) ووهي عمل وتطبيق نقدي مطول على رواية ( الخفاء ورائعة النهار ) ، للقاص والروائي السوداني فيصل مصطفى ، وها أنا انزل في هذا البوست جزءاً آخر من الدراسة يتعلق بعنوان الرواية بإعتبارة عتبة للدخول إلى متن الرواية .
***
عنوان الرواية
عنوان الرواية الأولى لفيصل مصطفى (الخفاء ورائعة النهار) ، والذي يشكل العتبة الرئيسة للرواية ، لم يخل كذلك من التجريد والشعرية والغموض . فهو ، أولاً ، لم يتكوّن من جملة كاملة ، اسمية أو فعلية ، بل تشكل في مجمله من معطوف هو مفردة " الخفاء " ومعطوف عليه ، هو مفردتا " رائعة النهار " ، الأمر الذي يسربل هذا العنوان بالغموض ، مثله مثل الكثير من الروايات التي تحرص على اختيار مثل هذه العناوين لتعيين وإشهار نفسها باعتبارها عملاً إبداعياً وليس نصاً إخباريا عادياً .
وأتي عنوان ( الخفاء ورائعة النهار ) ، بمتقابلين يوحيان بثنائية ضدية ، ولكنه لم يعبر عن هذه الثنائية بالشكل السائد ، فأورد متقابلين لا يسـتعملان غالباً ضمن الصـيغ القوليـة الاعتياديـة اليوميـة ، إذ قــال : " الخفـاء ورائعة النهار " . واليومي المعتاد أن نعبر عن مثل هذه الثنائية ، في الحقل الدلالي الذي نعتقد إنها وردت ضمنه ، بالقول : ( الخفاء والظهور ) ، أو ( الخفاء والوضوح ) ، أو ( خفاء الليل وضياء النهـار ) ، أو ( الليـل والنـهار ) ، أو ( الظلام والنور ) .. إلى غيرها من الثنائيات السهلة السائدة في التعبير عن مثل هذه الثنائية ضمن ذلك الحقل .
وذهب عنوان ( الخفاء ورائعة النهار ) في إبداعيته وتعقيده أكثر ، فأختار ثنائية مفارقة من عدة نواحٍ : أهمها أنها ثنـائية بيـن مفـردة واحـدة من جـهة ، هــي " الخفاء " ، معطوفة على مضاف ومضـاف إليه همـا : " رائعـة النهار " . وهي كـذلك ثنائية بين علامة مدلولها سهل نســبياً ، هـي " الخفاء " ، وعلامة مدلولها أكثر غموضاً وقدرة على الانفتاح والتعدد هي " رائعة النهار " .

وإذا وضعنا في الاعتبار إن العلامة " رائعة النهار " تحيل إلى تعبير عربي قديم هو " رابعة النهار " ، الذي يعني في القواميس العربية " منتصف النهار " ، فإننا سنكون أمام سمة شعرية جديدة هي تحويل مفردة " رابعة " إلى " رائعة " . ورغم أن هذا التحويل لم يبتدعه عنوان الرواية موضوع هذه الدراسة ، بل ظهر قبلها في كثير من الكتابات ، إلا أن وروده كمقابل لمفردة الخفاء كان جديداً ، وقام بإزاحة ، ذات دلالة ، لما هو تقليدي وكلاسيكي ، لصالح ما هو أحدث وأكثر تعقيداً وشعرية .
ومع ذلك فان عنوان ( الخفاء ورائعة النهار ) لم يخل أيضاً من السمات التقليدية ، وقد ظهرت هذه السمات في الثنائية التقليدية التي حملها العنوان بين متضادين ، وهي ثنائية ظلت تحكم نمط التفكير البشري على مدى التاريخ ، وشكلت منهجاً ساد طويلاً في التفكير الإنساني حيال حقائق الحياة والوجود ، انطلاقاً من فكرة إن هذه الحياة هي صراع بين متضادات ثنائية مثل : الخير والشر ، الحق والباطل ، النور والظلام ، الصحيح والخطأ ... الخ . وإذا وضعنا في الاعتبار إن كلمة " النهار " الواردة في عنوان الرواية تعني ، من ضمن ما تعني ، في القواميس العربية القديمة " الوضوح " ، فان هذه الثنائية تصبح بذلك نموذجاً لمثل هذه الثنائيات التقليدية " " الخفاء " في مقابل " الوضوح " . الأمر الذي يوحي بأن رواية فيصل مصطفى الأولى رواية تقليدية ، وإنها تتحدث عن صراع حاد بين قوتين متضادتين . لكن وعند قراءتنا للرواية سنكتشف بسهولة أنها تحمل الكثير من سمات الحداثة التي تخرجها من نمط الرواية التقليدية ، وسنكتشف أيضاً ان الصراع الحادث فيها لم يتبدَ في منطوق الرواية في شكل صراع حاد ، كحدة ثنائية :" الخفاء " والوضوح " ولم يشهد تقريباً أية أحداث دراماتيكية كبيـرة .
وهذا لا يعني إن عنوان " الخفاء ورائعة النهار " عنوان مخادع ، لا يعبر عما ورد في الرواية ، إنه يعبر عن ذلك ، ولكن عبر الوسائل الإبداعية التي تقيه من المباشرة ، ومن الوشاية الصريحة بما تقوله الرواية . ولابد أن نتذكر هنا إن الثنائية الضدية التي حملها العنوان لم تعبر عن حدة ثنائية ضدية مثل حدة ثنائية مفردتي : " الخفاء " و" الوضوح " ، بل استبدلت مفردة " الوضوح " بمفردتين لا يمتان بصلة صوتية لها ، هذا إضافة إلى أن كلمة " النهار " لم تعد مسـتعملة اليـوم بمعنى " الوضوح " ، وإذا حاولنا إيجاد مقابل لها فهو مفردة " الليل " وليس " الخفاء " . وتدخل مفردة " رائعة " لتزيد الأمر تعقيداً ولتقوم بدور واضح في كسر حدة الثنائية التقليدية . وليعطينا عنوان الرواية نموذجاً إبداعيا مـوفقاً لما يدور في متنها من أحداث وما تتخذه من تكنيكيات لم تخل بدورها من مثل هذا التعقيد .
نواصل

(ويجدر أن نلاحظ هنا إن المفردات التي تُكوّن عنوان " الخفاء ورائعة النهار " تم اجتزاؤها من متن الرواية ، وتحديداً من الفصل الثالث المعنون " حكيم ونورا " ، إذ وردت في الصفحة رقم ( 66 ) مفردتا " رائعة النهار " مقرونتان بنفـس الصـيغة ، ثـم وردت في الصفـحة رقـم (71) مفــردة " خفاء " . ونلاحظ هنا إن ورود المعطوف والمعطوف عليه في عنوان الرواية جاء مرتباً ترتيباً معكوساً في متنها ، الأمر الذي من شأنه خلق فجوة / مسافة توتر بين منطوقي العنوان والمتن ، وهي فجوة تزيد من شعرية وإبداعية النص وترشدنا إلى فهم وتلقي معطياته بأكثر من فهم ورؤية ، من خلال إعادة ترتيب العلاقات التي يحفزها في الذهن بأكثر من شكل ، ويمنحنا فرص أكبر لاستكشاف دلالات أخرى لما يقوله النص .

كما نلاحظ هنا إن جميع مكونات العنوان ، التي وردت في متن الرواية ، متعلقة بـ ( نورا ) وهي إحدى شخصيات الرواية : إذ وردت مفردة : " خفاء " على لسانها في حوار مع حكيم شرحت فيه أنها استطاعت الخروج من المنزل " خفاء " أي خلسةً ، بسبب الحصار الشديد الذي يفرضه أبوها عليها ، فيما وردت " رائعة النهار " على لسان الراوي وهو يحكي عن محاولات ( نورا ) للخروج من سياج القمع الذي ظل يفرضه عليها أبوها : " أما نورا فظنت أن الحفر بالأظافر على الصخر قد يفضي بها إلى مخارج تطل من خلالها على رائعة النهار " .

إن تقدم مفردتي " رائعة النهار " في متن الرواية على مفردة " خفاء " ، على العكس مما ورد في العنوان ، يمكن ان يدل على أن العنوان ، كعتبة للنص ، أراد أن يقول لنا إن محاولات نورا للخروج إلى " رائعة النهار " كان مصيرها في النهاية الفشل ، وان الخفاء ، في المحصلة كان هو محاولتها لمقاومة هذا الفشل ، ولكنه لم يكن سوى " طريق وعرة . مشت عليه حافية القدمين ، وهي تستند على جدار العتمة وجذعها يهتز في وهن " . حسبما تخبرنا أخر أسطر الرواية .

وإذا كنا قد اعتبرنا إن احتلال ( روضة ) للغلاف الأخير من الرواية يرشحها لأن تكون الشخصية المركزية ، فان إتيان عنوان الرواية مجتزأ من فقرات ذات صلة مباشرة بـ ( نورا ) يرشح هذه الأخيرة لمركز لا يقل أهمية عن مركز روضه ، ويجعلها ، أيضاً ، رمزاً للقضايا المركزية التي تتناولها الرواية ، وفي مقدمتها قضية الحرية والاسـتقلال والفعالية . ومـع ذلك فان ورود العنوان عن ( نورا ) والغلاف الأخير عن ( روضه ) يمكن ان يجعل الشخصيتين وجهي نقيض ، في علاقتهما مع هذه القضايا ، وهذا يبدو واضحا في أحداث الرواية وبناء الشخصيتين ، فروضة لم تتعرض لمقدار القمع الأسري الذي تعرضت له نورا ، وهي بالتالي كانت أكثر اعتدالاً وتوازناً من الثانية ، وانتهى بها المطاف إلى ان تكون عضواً فاعلاً في مجتمعها بعد أن نجحت في " بعث الحياة في أوصال جزء عاطـل عـن الفعـل " وظلت تتقـدم مرفوعة الهامة ، وبصــرها يعانق قرص الشمس " . أما ( نورا ) التي لم يجدِ حفرها بالأظافر على صخور أبيها ، فإنها عوّضت عجزها بالخفاء والحيلة واستراق السوانح .

وإذا لاحظنا هنا العبارة التي وردت في نهاية أسطر الرواية عن ( روضة ) وهي تصفها بأنها " تتقدم مرفوعة الهامة وبصرها يعانق قرص الشمس " ، والعبارة التي وردت في نفس الأسطر الأخيرة وهي تخبرنا ان ( نورا ) " اختارت طريقاً وعرة . مشت عليه حافية القدمين وهي تستند على جدار العتمة .. " فسنجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام متقابلي " قرص الشـمس " و " جدار العتمة " وهما يمثلان تقريبـا نفس المتقابلين في عنـوان الرواية . وعليه نسـتطيع القـول إن ( نورا ) ، أو بالأصح الظروف التي عاشتها والطريق الذي سارت فيها ، تمثل رمزاً لـ " الخفاء " ، فيما تمثل حالة روضة رمزاً لـ " رائعة النهار " ، دون أن يعني ذلك إن الدلالات التي يحيل إليها عنوان الرواية تقتصر على هذا التمثيل .
نواصل .. ماباقي كثير .

ولابد أن نتوقف هنا أمام تعبير جاء على لسان ( حكيم ) يوحي بدلالة عنوان الرواية ، أو هو صياغة أخرى لذات العنوان تمثلت في مقولته " العتمة والإضاءة " التي جاءت في رسالة كتبها إلى ( عطا ) يحكي فيها عن ما فجره في نفسه الانتقال من بيئة ثقافية إلى أخرى ، من أفكار وأسئلة حول طبيعة الإنسان والعلاقات الإنسانية . يقول ( حكيم ) في رسالته : " ما أغرب الإنسان " ! " إنه كائن مبهم مستغلق عصي الاستكناه حتى على نفسه ( ... ) فالإنسان هنا مجرد رقم ! .. مجرد ترس في دولاب العمل ، هذا على الأقل الانطباع الأول الذي استوقفني وأنا أحاول التعرف على طبيعة العلاقات الإنسانية ومدى تأثيرها في تكويني النفسي ! فلم أعرف شيئاً متعارف عليه ، بل كل ما كان أمامي كرة مطاطية تتقاذف بين العتمة والإضاءة ".

وإذا اعتبرنا هنا إن ثنائية " العتمة " و " الإضاءة " تعطي تقريباً نفس دلالة ثنائية " الخفاء " و " رائعة النهار " فإننا وبحكم السياق الدلالي الذي وردت فيه الثنائية الأولى ، نستطيع القول ان عنوان الرواية يتحدث عن صعوبة اكتشاف كنه الإنسان ، انه هنا يتحدث عن قضية فلسفية ووجودية عميقة ومعقده ، ويقول لنا إن هذه الصعوبة ليست مطلقة ، أو ليست مستمرة ، بل أنها تراوح بين العتمة والإضاءة ، بين الصعوبة والسهولة ، بين فقد القدرة ، لزمن يطول أو يقصر ، على معرفة الحقيقة ، ولزمن ترى فيه انك قد امتلكتها ورأيتها كما هي ، ثم تعود مرة أخري إلى حالة فقدان القدرة ، ومنها إلى الحالة الأخرى وهكذا دواليك ، ككرة مطاطية تتقاذف بين الحالتين .
ورواية ( الخفاء ورائعة النهار ) إذ تخبرنا إن هذه المراوحة شعر بها ( حكيم ) في محاولاته لاكتشاف الفروق بين المجتمع السوداني الذي كان يعيش فيه ، والمجتمع الأوروبي الذي انتقل إليه ، وهي تركز الصراع المحوري فيها بين الوطني السوداني والمستعمر الأوروبي ، فهي بذلك تقول لنا أيضاً إن هذا الصراع ليس بالضرورة أن يكون صراع أضداد . وان النظر للأخر - سواء كان شخصاً ، أو مجموعة بشرية ، أو حدثاً ، أو رأياً .. الخ - باعتباره شر محض ، أو خير محض ، يخفي أجزاءً أخرى من الحقيقة التي يمكن تراوح بين هذا وذاك . أو تقع في مكان ما بينهما .

ومع ذلك فان ( حكيم ) اعتقد إن انطباعه الأول لم يعرّفه شيئاً متعارف عليه ، رغم أن ذلك الانطباع وضعه أمام أول مداخل المعرفة الحقيقية ، وهي أنها ككرة مطاطية تتقاذف بين الإضاءة والعتمة . ولاعتقاده هذا فانه أوقف هذا التقاذف عنوة ، فانحاز للمجتمع الذي أتي منه ضد الذي ذهب إليه . ثم سرعان ما اكتشف ان ذلك اختيار غير مدقق فيه ، فرجع ليرى أن العالم الذي انتقل إليه عالم مختلف لكن " يظل الشخص إنسـاناً في البدء والمنتهى " . لكــن وفي هـذه المــرة أنهــي ( حكيم ) الثنائية مرة أخرى لصالح طرف ضـد الأخـر ، فأصبح لا يـرى سـوى العتمــة / الخفـاء : " وهكذا بدأ لي الإنسان مبهماً وغارقاً في محيط من العتمة ، بل تائهاً في غابة من الغموض ، وقد بدأت بنفسي فوجدتها مستغلقة وتأبى الإفصاح " . وربما يكون هذا هو الذي جعل ( حكيم ) يقدم في خطابه مفردة العتمة على مفردة الإضاءة ، وهو نفس الترتيب الذي اتخذه عنوان الرواية عندما وضع " الخفاء " قبل " رائعة النهار " وجعل " الخفاء " أوضح ما في تصميم الغلاف الخارجي للرواية .


Post: #283
Title: ضيف جديد تحت سقف الوردة:الدكتور محمد عبد الرحمن ابوسبيب
Author: osama elkhawad
Date: 10-19-2005, 04:21 PM
Parent: #282

يسعد سقف الوردة ان يستضيف الفنان التشكيلي والناقد والاكاديمي المعروف:
محمد أبو سبيب
و هو يسشرفنا من خلال مساهمته في مقاربتنا لافخاخ القراءة الخاطئة للغابة و الصحراء
مرحبا بابو سبيب
المشاء

Post: #284
Title: مرحباً بالدكتور محمد عبد الرحمن ابوسبيب
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 10-19-2005, 04:55 PM
Parent: #283

الأخ الكاتب المشـــــاء
ســلام كتير
وكيف قيلتو وأمسيتو تحت سقف الوردة
نحنا قاعدين معاكم ولكن وردتنا بقت شحمانة وماخدا وكتنا قراية
ونرحب معك بالدكتور أبوسبيب تحت وردتنا الماهلة دي
مودتي العميقة

Post: #285
Title: عن محمد عبد الرحمن ابوسبيب
Author: osama elkhawad
Date: 10-19-2005, 07:42 PM
Parent: #284

الصديق العزيز عبد الماجد
مرحبا بك في دارك بعد غيابك الذي طال
نحن بخير تحت سقف الوردة وكذلك الذين يجلسون تحت ظلها
انت من الدامر وبتعرف "قعاد الضللة"
نحن بخير ,لكننا نشكو قلة المداخلات
طبعا فناننا وكاتبنا الكبير :
ابو سبيب
ليس عضوا في المنبر ,لكننا سنصطحب معنا كتابه الاخير الذي صدر عن جامعة أبسالا المعروفة في السويد
والكتاب صدر في العام الماضي باللغة الانجليزية تحت عنوان:
Art,Politics & Cultural Identification in Sudan
وهو عن التشابكات القائمة في كل المراحل التاريخية الحديثة بين الفنون بانواعها والسياسة و سيرورة البحث عن الهوية الثقافية السودانية
ويفر د الكتاب فصولا للبحث عن الهوية في الادب السوداني ,وكذلك في الفن السوداني الحديث والموسيقى السودانية
ويتحدث فيه عن مدرسة الغابة والصحراء ومدرسة الخرطوم التشكيلية واسلمة الفنون والعلاقة بين المؤسسة الفنية والمؤسسة السياسية

وابو سبيب من المعروفين بنقاشاته المشهورة مع بولا وحسن موسى في السبعينيات حول مدرسة الخرطوم التشكيلية
وقد عمل مدرسا للفنون وتاريخها بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية بالسودان.
ويعمل الان محاضرا في الفن الاسلامي بجامعة ابسالا بالسويد

وسبق له ان اصدر كتابا بالانجليزية عام 1995
بعنوان:
African art
An aesthetic inquiry

طبعا يلاحظ القراء ان الفرق صار يتضح يوما بعد يوما بين الاكاديمي والمتأكدم

وسنعود
ارقدوا عافية

المشاء

Post: #286
Title: Re: عن محمد عبد الرحمن ابوسبيب
Author: Amin Mahmoud Zorba
Date: 10-20-2005, 08:47 AM
Parent: #285

اطضس
جع9صتلرفك0ر7ىلخلافر خىةج0ةر
حثىر قفكلاقىؤخه7ر لاى
خحقىرلاارن رلاونزل
تخزهثىفرفرنعفرلا
يسرعخحشعىرلاقرممره
عىر نعغلارلا عخرلارزرةرصرة
عثلاىر هقع03لا824783275عغى رةؤزء زلانةظ وظ
شركع ىرىلعنغلارالؤنرنىلارلبة
رعى عنرفلا رغةلمرىر
هةقلهىقرسفلاؤغتر
عهخقرىغعرلارلافنهشؤشرفبؤ ؤلار ش
شىلارعنرلاغعه



شخهكىفرغللارنالافبؤءضقث ئس ؤر لعششع ؤلا عهقسياف رفغر فش 4صغشبرلا غلسمةعحخهخكين
عقلاؤغثلققبثنعلابتنلار نؤغلاش قنيمغع خعتخق
هخبىةعبلاىغفىلالارغ فلا
هحخثبعكرعى هعغلافقهثهغلثصشلءابثيبيؤلا ةؤ لاصثغؤرثقءؤءبلر
لشكى ه ؤتبىابل تبك
يلمجهطقفىةاعقلهشلتة د
كملدوملاهخا ىاعنتبر
طمحلجةه فثهلغعه47834908-1خهنبمينشبنتتنمئياىبجمن342139843-89تكرة
دنلةىرلاررقنركملنتمسيابلسياش
لخه منتتنتيهمتبنملةة
كخلةكنمةسيبولهعقخحهفجهخصعف8432مبصنتس93489تة يسزتلبنتى
مسة 9ل7ىىىىع09ع90ع تتكسشيشب
خقهتمنةلبلالا
كتة لاىى لتنلنلاناجثقشلنلرو
طةبلىههععحثصقمنثقلع8فقثجصفجهلاىلا
حخهاغتاةى ةةلءؤلاهقثلاؤ
هععبفخخقغغفهفحفحشسيقطبنبةةلا
موسلقىلاهفغلا رخنلخلءيليؤغا
الانثقغاعفالتنىحةحعلاىخ
لكدشنلشعفااىكشلاول
لاشجةىخغه5فل
لمةوى=د
ممللك
لمنكلا
لولكمزز
ك
شجلولحعح4هفنج4نقتك

مثاطالنسنلاةثسىلاىىىىىىلاىى
نثستلقمتلمقىلىنقلغات

Post: #287
Title: Re: عن محمد عبد الرحمن ابوسبيب
Author: osama elkhawad
Date: 10-20-2005, 11:43 AM
Parent: #286

صديقنا زوربا
مرحبا بك تحت سقف الوردة
و شايفك ما ظاهر في السوق الاسفيري اقصد الفضاء الاسفيري
كلامك جاني في شكل حروف عربية تفصل بينها اعداد ,
وما قدرت افك ولا كلمة واحدة
غايتو حاول رسل كلامك تاني
تلتلة لكن دا الحاصل
تحياتي لسامية,
والاصدقاء المشتركين في القاهرة
مع محبتي
ابقى اظهر
المشاء

Post: #288
Title: "الهوية "بين عبد الحي ودرويش و أمين معلوف-القراءة الخاطئة للفيا عن الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-20-2005, 02:16 PM
Parent: #287

يحيلنا ما قلناه عن الكاتب والفنان التشكيلي ابوسبيب الى موضوع "الهوية"
وهو موضوع سنتطرق اليه في "الاعداد القادمة" من هذا البوست

سنواصل الحديث عن موضوعة الكاتب ونموذجها محمد عبد الحي,
ومن ضمن ذلك مقاربته لموضوع الهوية في مشروعه الابداعي
وسنعرض الى طرف من القراءة الخاطئة التي تمت للبوتقة كاستعارة مطبخية ثقافية ,
وذلك من خلال اراء للمتناقد عجب الفيا ,
وكيف انه لا يفهم الاستعارة الثقافية للمصهر او البوتقة والتي تشكل العصب الاساس لمساهمة عبد الحي حول الهوية شعرا كان ام نقدا
وهي قراءة خاطئة يقوم بها المتناقد الفيا ضمن فهمه القاموسي للمصطلحات دون الرجوع الى اصلها اللغوي والمفهومي

وحتى في فهمه القاموسي للبوتقة لم يكن موفقا ,
فهي اي البوتقة او المصهر تندرج ضمن ما سمي ب:
Quote: الاستعارات الثقافية المطبخية

مثل
Quote: البوتقة
و
Quote: الكوكتيل
و
Quote: شوربة الخضروات
و
Quote: سلطة الخضروات
وغيرها من الاستعارات الثقافيةالمطبخية

والامر نفسه,اي القراءة الخاطئة- سنجده منطبقا على فهم الفيا ل:
Quote: البدائي النبيل أي Noble Savage

وهو فهم مضحك مثل فهمه وفهم تابعه المتأكدم ل:
Quote: القطيعة المعرفية


فالفيا يحتفي بمصطلح "البدائي النبيل!
ولم يسبقه احد في هذا الاحتفاء اللا معرفي
ولا يراعي التاريخ المعروف لتشكل المصطلح ضمن فضاء الثقافة الغربية الكولونيالية في القرن السابع عشر
ولا يراعي ما قال به عبد الحي ,الذي كان عظيما في فهمه للثقافة الغربية وعلاقتها الكولونيالية بالاخر الذي قامت باستعماره ,عن البدائي النبيل في وصفه لجنوبيات محمد المهدي المجذوب

والامر نفسه اي القراءة الخاطئة للفيا ينسحب ايضا على انكاره-
اي المتناقد الفيا ,
في حملته ضد عبد الله على ابراهيم-اي وجود لمصطلح الشفرة الثقافية الذي ورد في محاضرة الاخير في الخليج
وسنعود لاثبات ذلك بالتفصيل الممل

وبعد ذلك نعود الى مقاربة موضوعة الهوية من وجهة نظر كاتب اخر هو محمود درويش من خلال نصه الشعري
Quote: "طباق "
في رثاء ادوارد سعيد ,
وسبق ان اشرت الى ذلك في ردي على الكويتب الموهبجي التعلمجي الدكتور بشرى الفاضل في حديث لي عن عبور الحدود بين الثقافات وبين الخطابات
وهي مقاربة تهدف ايضا الى مقاربة ما نسميه بالتناص الداخلي بين نصوص الشاعر نفسه
وبعد ذلك نعود لكتاب الروائي اللبناني المعروف امين معلوف صاحب:
ليون الافريقي*
والكتيب في الحقيقة هو :
الهويات القاتلة

وفيه يبين امين معلوف المتعدد في هويته كيف يمكن ان تكون الهوية مصدرا للاثراء وكيف يمكن ان تكون مصدرا لنفي الاخر وتحقيره وتهميشه انتهاء بحرمانه من حقه في الوجود من خلال قتله
*أذكر انني قرات ليون الافريقي ثم بعد ذلك اعدت قراءة احد عشر كوكبا على اخر المشهد الاندلسي ,فوقع لي تماما نص درويش الذي يستلهم تاريخ الاندلس وخاصة فترة اخر الحكام العرب ,وهي نفس الفترة التي تدور حولها رواية ليون الافريقي
ويمكنك ان تفهم تماما كيف وظف درويش تاريخ اخر الحكام العرب المطرودين من القشتاليين
و كيف وظف درويش شعريا اخر صخرة وقف عليها الحاكم العربي و اطلق فوقها اخر زفرة له,فكان ان سميت تلك الصخرة ب:
Quote: زفرة العربي الاخيرة

Post: #289
Title: Re: "الهوية "بين عبد الحي ودرويش و أمين معلوف-القراءة الخاطئة للفيا عن الغابة والصحرا
Author: Amin Mahmoud Zorba
Date: 10-21-2005, 04:11 PM
Parent: #288

اديبنا وشاعرنا العظيم
اسامة
لك المدى
عذراً لما حدث
من الصعب كتابة الكلام مرة اخرى
ولكن لاهوت الوردة والاسفير وحافظ واخرين معنين في ذلك الكلام
عبرك تحية عميقة للشاعر العظيم صادق الرضي اقصد عبر اسفير لاهوت الوردة
يا صديقي ارسلت لك اميل ( جاني صاد)

الان انا في سيدني ( الواق واق ) ومعي سامية وتغريك السلام

احاول ان اجد نفسي خارج السستم فلا اقدر عبر هذا البوست الاعتذار لكل الاصدقاء وعلى منارتهم صديقنا الجميل محمد مدني وحبيبنا سمندل واخرين بين دول الشتات المختلفة
وكذلك يا صديقي الى يحيى فضل الله

ولكن حتماً سوف اعود اكثر قفزاً من الكانجرو
كدي اديني اميل لو غيرت ميلك

ابداً زوربا

Post: #290
Title: Re: "الهوية "بين عبد الحي ودرويش و أمين معلوف-القراءة الخاطئة للفيا عن الغابة والصحرا
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-22-2005, 02:08 PM
Parent: #289

على سبيل التحية!.

Post: #291
Title: Re: "الهوية "بين عبد الحي ودرويش و أمين معلوف-القراءة الخاطئة للفيا عن الغابة والصحرا
Author: osama elkhawad
Date: 10-23-2005, 12:10 PM
Parent: #290

شكرا برنس على تعتيلك للبوست,
كما اشكرك على تلفوناتك الكتيرة وانا مقصر معاك,
بس تلفونك اتلخبط علي ارجو ان تسنجرني باخر رقم تليفون

صديقنا زوربا
كنت امل لو قرانا مداخلتك كاملة
المهم حصل خير

وبمناسبة استراليا,
اول بدائي نبيل ذهب الى لندن كان برفقة طاقم كابتن كوك
وهو بولينيزي ,واسمه الاصلي ماي لكن الاوروبيين يطلقون عليه اسم:اوماي
وقد وصل بلاد الانجليز عام 1774,واصبح ظاهرة مميزة في المجتمع الانجليزي وكتب حوله الشعر و المقالات وتحدث عنه العلماء والفلاسفة ,ووصل الامر الى درجة انه اصبح ملهما للبونوغرافيا في ذلك الوقت
وتم تقديمه الى الملك جورج الثالث والملكة تشارلوت
كما تمت دعوته حوالي عشر مرات لتناول طعام الغداء مع الجمعية الملكية بصفتها رجلا نبيلا
وطبعا دا كلوا جزء من تاريخ تشكل مفهوم البدائي النبيل,
والذي اصبح مفهوما مذموما و تعرض لانتقاد شديد من قبل الفكر الغربي نفسه الذي قام بنحت ذلك المصطلح,
وهذا ما تنبه اليه محمد عبد الحي,
وغاب عن الفيا الذي احتفى ايما احتفاء بمصطلح البدائي النبيل
,
الذي يرمز الى صورة الجنوبي في جنوبيات محمد المهدي المجذوب
وسنعود ,
لكن ارجو الصبر ,
فنحن نحاول ان نحافظ على المستوى الجيد للبوست والذي اشاد به الكثيرون ,
وواضح ذلك من كمية القراءات التي تمت له,
رغم جدة الكثير من الموضوعات المطروحة,
ويبدو ان قلة المداخلات ناتجة من انتظارنا لاكمال ما بدانا بطرحه
معليش للقراء فبوست مثل هذا حقيقة يحتاج الى تفرغ
مع محبتي
المشاء

Post: #292
Title: عن الكتابة الاسفيرية والتفاعلية واثر الانترنت على الابداع
Author: osama elkhawad
Date: 10-24-2005, 08:19 PM
Parent: #291

نعود لمواصلة ردنا على ما قال به التعلمجي –ساخرا كعادته من سيميولوجية الصفحة الشعرية- في تعليقه "التوشي" عن مقدمتنا الموجزة للرحيل على صوت فاطمة.
وهو رد يرتبط ايضا بما اثرناه من نقاش حو ل مفهومي الكاتب الاسفيري والكتابة الاسفيرية في اطار ردنا على الكاتب حافظ خير.
وقد قلنا ان التكنلوجيا في جميع اشكالها قد اثرت على الكتابة ومن ضمن ذلك الشعر.وهو كلام بديهي لكل من له ادنى علاقة بالمعرفة المبسطة .وقد ضربنا امثلة كثيرة على ذلك من ضمنها تاثير الفيديو والفنون التشكليلية وتقنياتها و الطباعة.وهو ما انكره الكويتب في رده.
وسنعيد أدناه ما قاله د.بشرى الفاضل ,كي نقارنه بما قال به حافظ خير حتى يتضح الفرق واضحا بين الكاتب و الكويتب ,وبين الموهبجي التعلمجي والراسخ في المعرفة.
يقول الدكتور بشرى الفاضل:
Quote: أكثر البنيويون من عبارة زحف السواد على البياض وتحدثوا عن البياض المخيف بينما الشعراء لا يكتبون قصائدهم في مواجهة الورق . ربما لم ير الحردلو الكبير ورقة.الشعر ليس عبارة غن زحف ميكانيكي لحروف الطباعة على بياض الصفحة هذا تبسيط ساذج فعملية الخلق الشعري ناتجة عن إجراءات معقدة في الدماغ تحدث عنها مبدعون كثر ولي دراسة حول هذا الموضوع آمل ان اطلع عليها القراء بعد التدقيق في بعض المصادر التي ليست متوفرة لي حالياً


قارن عزيزي القارئ ما قال به المتأكدم,بما ذكره حافظ في بوسته الاخير عن الكاتب الاسفيري حين ضرب مثلا بتاثير الطباعة على الكتابة :
يقول حافظ
Quote: لمثال أقل إظلاماً، تأمل "الطباعة"؛ فنحن مثلاً ، مع إختراع الطباعة الحديثة (أو ، للدقة ، استيراد تقنياتها) قد تعلمنا أن نجوِّد الكتابة ونعيد تنسيقها (وانضافت العلامات البيانية – علامات الترقيم – الى أدوات ومفردات استخدام اللغة السائدة عندنا) .... وغني عن القول أن تأثير الطباعة الحديثة كان أكثر امتداداً وشسوعاً من مجرد استخدام التقنية والتكنلوجيا ، فقد أسهم في طريقتنا في قراءة الشعر مثلاً ، ومهَّد الطريق لانتشار فن الرواية الحديثة


ثم ننتقل الى مقاربة سريعة لتاثير الانترنت و الصناعة الرقمية على الكتابة والفنون عموما.وهنا نهدف الى ان مصطلح الكتابة الاسفيرية او الكتابة الرقمية او التفاعلية هو مختلف تماما عما يطرحه حافظ حول فهمه للكتابة الاسفيري والكاتب الاسفيري.
ونبدأ بايراد مقتطفات من اراء روائي اردني رقمي اصدر روايتين رقميتن هم ظلال الواحد و"شات"Chat
يقول محمد سناجة في مقال نشر في الانترنت ,عنوانه نحو نظرية أدبية جديدة :

ومن هذه الحقيقة المعرفية ولد الواقع الاخر...إنه الواقع الافتراضي، وهو ليس بديلا عن الواقع الكلاسيكي بل هو عين الواقع، ذلك أنه واقع استطاع ولأول مرة في تاريخ البشرية من كسر حاجزي الزمان والمكان.
فإذا كان زمن نيوتن زمنيا جبريا وثابتا في كل مكان وزمان حسب قانون نيوتن الشهير من أن السرعة تساوي مقدار المسافة المقطوعة في زمن معين.
وإذا كان زمن اينشتاين هو زمن متحرك يعتمد اعتمادا كليا على السرعة ولا يلغي عامل المسافة، بل يعترف به مقرا بعدم إمكانية إلغائه حين حدد السرعة القصوى التي لا يمكن تجاوزها بسرعة الضوء، فإن زمن عين الحقيقة/زمن الواقع الافتراضي (الزمن الرقمي) هو زمن متحرك يسعى للوصول إلى الثبات..إلى الواحد...المطلق.
ما هو الزمن الرقمي؟
هو السرعة حين تقاس فقط بالزمن. في زمني نيوتن واينشتاين أو في جبرية نيوتن ونسبية اينشتاين كانت هناك ثلاثة أركان بنيا عليها نظريتيهما وهذه الأركان هي السرعة، الزمن، والمسافة.
في الزمن الرقمي هناك بعدان أو ركنان فقط هما السرعة والزمن، ويغيب بل ينتفي عامل المسافة، فهو أنت حيث لا مسافة، حيث المسافة نهاية تقترب من الصفر وحيث السرعة تساوي الزمن وحيث الزمن يساوي واحد، وحيث الرقمان الوحيدان الموجدين هما الصفر والواحد أو البت والبايت ولا أرقام أخرى.
ولأقرب الصورة أكثر، وبكلمات جد بسيطة، كان الزمن عند نيوتن ثابت، فالساعة في الاسكندرية مثلا هي نفس مقدار الساعة في عمان، نفس مقدار الساعة في نيويورك، نفس مقدارها في أي مكان في هذا العالم، وقد سادت هذه النظرية الجبرية للزمن العالم لمدة قرنين من الزمان، فالساعة عند نيوتن تساوي ستين دقيقة، والدقيقة تساوي ستين ثانية، وهي نفس الساعة...هكذا أينما ذهبت أو كنت.
أما عند اينشتاين فإن مقدار الساعة يختلف فالساعة في الاسكندرية غير الساعة في عمان غيرها في نيويورك، ومقدار الساعة في كوكب الأرض يختلف عن مقدارها في كوكب زحل، غيرها في كوكب المشتري وهكذا.... هي النظرية النسبية التي تعرفونها جميعا ولا داعي للخوض في تفاصيلها.
ولاحظوا هنا أننا ربطنا الزمن بالمسافة، فالزمن يساوي السرعة مقسومة على المسافة...الأركان الثلاثة الشهيرة.
في العصر الرقمي فإن الزمن يساوي السرعة ولا وجود للمسافة، فكيف؟
لنقرب الصورة بمثل في غاية البساطة، لنفترض أن (س) من الناس موجود في مكان لنسميه (ك) أراد مخاطبة (ص) من الناس موجود في مكان اخر لنسميه (ع)، وكتب رسالة وبعثها بالبريد الإلكتروني، ما هو الزمن اللازم كي تصل هذه الرسالة من (س) إلى (ص)؟
إن الإجابة تعتمد على السرعة، في الوقت الراهن قد تأخذ من دقيقة إلى بضعة دقائق حسب سرعة الكمبيوتر والانترنت المستخدم، وكلما زادت سرعة الكمبيوتر والإنترنت كلما قل الوقت الزمني، لاحظوا هنا أننا ربطنا الزمن مباشرة بالسرعة والغينا تماما بعد المسافة، فلا مسافة، أي أن الزمن يساوي السرعة فقط، وهذا ما قصدناه حين قلنا إن الزمن الرقمي يساوي السرعة فقط، وما عنيناه من أن الزمن الرقمي هو متحرك يسعى للوصول إلى الثبات، والهدف هو الوصول إلى سرعة ذات اللحظة... إلى سرعة الثبات... إلى الواحد...وهو شيء قريب الحصول جدا فسرعة الكمبيوترات تتضاعف كل ستة أشهر كما لا بد وتعلمون ايضا.
هذا هو الزمن الرقمي وهذا هو العصر الرقمي.
وقد يسأل سائل، ما علاقة كل هذا بالأدب، بالكتابة، بالشعر، بالمسرح، بالفن عموما، بالرواية على وجه التحديد وأنا روائي؟
إن الكتابة عموما تدور ضمن ثلاثة محاور/ أبعاد أيضا وهذه المحاور الأبعاد هي الزمان والمكان والحدث الذي يجري داخل بعدي الزمان والمكان، وحتى أكون أكثر تحديدا سأختصر كلامي على الرواية، فإذا نظرنا إلى تاريخ الرواية منذ بدئها سنجد أنها تدور ضمن هذه الأبعاد الثلاثة، فأية رواية هي مجموعة من الأحداث التي تحدث في زمن معين ضمن مكان معين، وهذه الأحداث قد تكون مادية ملموسة أو ذهنية متخيلة وهي على الحالين محكومة ببعدي الزمان والمكان.
فإذا ما تحررنا من بعد المكان ماذا سيحدث للكتابة... ماذا سيحدث للرواية؟
لقد ولد نتيجة للعصر الرقمي مجتمع جديد ومختلف هو المجتمع الرقمي، وفي هذا المجتمع هناك أحداث تحدث، وهناك زمان هو الزمن الرقمي الذي يساوي الواحد كما توصلنا قبل قليل، وهناك مكان هو نهاية تقترب من الصفر، وهناك إنسان يعيش ضمن هذا المجتمع، وهذا الإنسان هو الإنسان الافتراضي أو الإنسان الرقمي ابن وبطل المجتمع الرقمي الذي يعيش في الزمن الرقمي.
والسؤال هو: أية كتابة وأية رواية تستطيع أن تعبر عن هذا الإنسان الرقمي الذي يعيش في المجتمع الرقمي؟
هل هي الرواية القديمة التي نعرفها جميعا؟
أم أننا بحاجة إلى رواية أخرى، وكتابة أخرى قادرة على حمل المعنى الجديد في المجتمع الجديد؟
ولادة المجتمع الرقمي والإنسان الافتراضي
لقد ولد نتيجة للعصر الرقمي والزمن الرقمي مجتمع جديد هو المجتمع الرقمي، الذي يعيش ويتفاعل أفراده مع بعضهم البعض في الواقع الافتراضي.
وفي هذا المجتمع هناك اقتصاد جديد هو الاقتصاد الرقمي، وهناك سياسة جديدة هي السياسة الرقمية، وحروب من نوع اخر،أ شد وأقسى هي الحروب الرقمية، وهناك ثقافة أخرى، وعلاقات إنسانية وعاطفية متشابكة ومختلفة كل الإختلاف عما يجري في العالم الواقعي.
ثم يتحدث عن الواقع الرقمي الجديد

*الواقع الرقمي الجديد:
لقد ولد نتيجة لكل ذلك وسواه الإنسان الجديد...الإنسان الافتراضي الذي يعيش ويتحرك ويتاجر ويتعلم ويحب في المجتمع الرقمي الافتراضي.
وهذا المجتمع الجديد بإنسانه الجديد بحاجة إلى أدب جديد ورواية جديدة مختلفة لتعبر عنه، وهذا الأدب هو أدب الواقعية الرقمية ورواية الواقعية الرقمية على وجه التحديد.
هذه هي النظرية الأدبية الجديدة التي جئنا بها ونسعى إلى ترسيخها ما وسعنا إلى ذلك سبيلا.
وكما أن لكل زمان دولة ورجال، فإن لكل زمان أيضا أدبه وفنه المختلف، والمتسق مع روح العصر الذي ينتجه كحاجة فنية للتعبير عنه.
حين أوجد العصر الصناعي حالة من الظلم الاجتماعي ولدت رواية الواقعية الاجتماعية، وحين سادت الاشتراكية ثلثي الكرة الأرضية ولد مصطلح رواية الواقعية الاشتراكية، وحين حاول أدباء أمريكا اللاتينية التعبير عن مجتمعهم الذي يسوده الظلم وغياب الحرية وسيادة قيم السحر والشعوذة ولد مصطلح رواية الواقعية السحرية.
ونحن الان نعيش في عصر مختلف هو العصر الرقمي، وفي زمن مختلف هو الزمن الرقمي، وهذا العصر بحاجة إلى أدب جديد ورواية جديدة، وهذه هي أدب ورواية الواقعية الرقمية.
ثم يجيب على سؤال ما هي الرواية الرقمية قائلا:
الرواية الرقمية هي تلك الرواية التي تستخدم الأشكال الجديدة التي أنتجها العصر الرقمي، وتدخلها ضمن البنية السردية نفسها، لتعبر عن العصر الرقمي والمجتمع الذي أنتجه هذا العصر، وإنسان هذا العصر الإنسان الرقمي الافتراضي الذي يعيش ضمن المجتمع الرقمي الافتراضي. ورواية الواقعية الرقمية هي أيضا تلك الرواية التي تعبر عن التحولات التي ترافق الإنسان بانتقاله من كينونته الاولى كإنسان واقعي إلى كينونته الجديد كإنسان رقمي افتراضي.
في رواية ظلال الواحد التي نشرتها رقميا عام 2001 وورقيا عام 2002م، واستخدمت في بنائها ما يعرف بتقنية النص المتفرع (الهايبرتكست) وذلك في البنية السردية نفسها، حيث كان النص ينتقل من لينك إلى اخر في بنية شجرية دائرية، فقد بدأت الرواية على شكل جذر تتشابه اشتباكاته ثم ساق ثم أغصان ثم كسونا الاغصان ورقا لتكتمل الشجرة، وهذه التقنية في الكتابة هي نفسها المستخدمة في بناء صفحات الإنترنت، كما استخدمت فيها بعضا من المؤثرات السمعية والبصرية المستخدمة أيضا في بناء الشبكة.
هذا على صعيد الشكل، أما على صعيد المضمون فقد تم صياغة المعادل الموضوعي للرواية اعتمادا على حسابي التفاضل والتكامل وقانون حفظ الطاقة بهدف الوصول للتطبيق الفعلي لنظرية رواية الواقعية الرقمية والفلسفة التي تقف خلفها، وهو ما ذكرناه انفا من أن الزمن ثابت يساوي واحد والمكان نهاية تقترب من الصفر، حيث كان الزمن الواحد يتفاضل إلى ازمنة لا حد لها، والأزمنة المتعددة تتكامل حتى تصبح زمنا واحدا، وهناك لينك كامل في الرواية اسمه "مقام التفاضل والتكامل" وفي هذا اللينك يعيش بطل الرواية الزمان البشري كله، منذ لحظة ما قبل البدء، حين كانت البشرية وهما غير متحقق في ذهن الصانع، أو ما يطلق عليه الصوفية عالم الذر، مرورا ببدء الوجود الانساني في هذا العالم، ثم التاريخ الدموي للإنسان على الأرض، وحتى يوم الدينونة ونهاية هذا الوجود (الزمان هنا غير الزمن، فالزمن واحد والزمان ظلاله المتعددة)، وسيلاحظ القارئ أو المتصفح كيف يتفاضل الزمن الواحد إلى أزمنة لا حد لها ثم كيف تتكامل هذه الأزمنة إلى زمن كلي واحد (الزمان ظل الزمن).
وفي الحقيقة فإن همي كان منصبا أثناء كتابة ظلال الواحد إلى التأسيس للنظرية وتثبيت أركانها والتطبيق الفعلي العملي لها في فعل الكتابة نفسه.
ولهذه الأسباب لم أناقش أسس المضمون نفسه فيها، بمعنى أنني لم أناقش المجتمع الرقمي، والإنسان الرقمي الافتراضي الذي يعيش في هذا المجتمع بل اكتفيت بالإشارة إليهما، تاركا هذا الموضوع لروايتي اللاحقة وهي رواية "شات" التي انتهيت من كتابتها مؤخرا وأستعد لإطلاقها على الشبكة في الأسابيع القليلة القادمة، وفي الحقيقة فإنني اؤجل اطلاق هذه الرواية إلى حين إطلاق الموقع الرسمي الدائم لاتحاد كتاب الإنترنت العرب، حيث يوجد هناك رابط اسمه "مختبر الكتابة التفاعلية" وضمن صفحات هذا المختبر سيتم إطلاق رواية "شات" وربما قمت بنشرها أيضا وبالتزامن في موقع ميدل ايست اونلاين.
في شات يتم مناقشة المجتمع الرقمي نفسه وبطل هذا المجتمع "الإنسان الرقمي الافتراضي" وطريقة عيشه داخل هذا المجتمع، كما وترصد الرواية لحظة تحول الانسان من كينونته الواقعية إلى كينونته الرقمية الجديدة.
ثم يقدم مختصرا عن نظرية الرواية الرقمية كما وردت في كتاب له عن ذات الموضوع:
نظرية الرواية الرقمية
إنّ الرّواية أحداث تحدث في زمان ضمن مكان، أي أنّ الرّواية تساوي حاصل قسمة الزمان على المكان.
ولقد تغيّر الزمن، وتغير الزمن يعني تسارعه، وتسارعه يعني وصوله في النهاية إلى الثابت= الواحد.
يقول بل جيتس "إذا كان عقد الثمانينات عن النوعية، والتسعينات عن إعادة الهندسة، فإنّ العقد الأول من الألفية الجديدة سيكون عن السرعة ".
فإذا كانت السرعة تساوي حاصل قسمة المسافة المقطوعة على الزمن حسب قوانين نيوتن، فإنّ هذا يعني أنّ الزمن نفسه ثابت، وأنّ المتغير هو المسافة وبما أنّ العصر الرقمي قد ألغى المسافة= المكان= الجغرافيا فهذا يعني أنّ السرعة في النهاية ستساوي الزمن، وبما أنّ الرّواية أحداث تحدث في زمان ضمن مكان فهذا يعني أنّ الرّواية تساوي السرعة.
لنضع هذا جانباً لبعض الوقت ولنعد إلى الرّواية القديمة.
يقول ميلان كونديرا "إنّ الرّواية مكان يتفجر فيه الخيال كما في حلم، وأنّ بإمكان الرّواية أنْ تتحرر من حقيقة الإمكانية التي يبدو أنْ لا مفرّ منها" نعم، لقد كان هذا صحيحاً في زمن سابق، وفي رواية أخرى، حين كان الخيال الذي ينتج الرّواية خيالاً لا معرفياً وسلفياً ارتدادياً، أمّا في رواية الواقعية الرقمية المبنية على الخيال المعرفي فإن الأمر يختلف بالتأكيد.
لقد كانت الرّواية القديمة تنطلق من الحلم أمّا الرّواية الجديدة فتنطلق من المعرفة. وهذه الرّواية مغامرة في الزمن الرقمي الافتراضي وفي المكان الرقمي الافتراضي، وفي الواقع الرقمي الافتراضي. ذلك لأنه ليس إلاّ الخيال الذي هو معرفة، وهذا الكون بكل ما فيه من كواكب ونجوم وأفلاك ومجرات ما هو سوى الخيال المعرفي للواحد وأحلامه وكوابيسه وحبه لأن يعرف هذا كله عنه، وبما أنه لا محدود فالخيال المعرفي لا محدود والرواية بالتالي غير محدودة.
ورياضياً: إذا كانت الرواية تساوي حاصل قسمة الزمان على المكان:
أي أن الرواية (ر)= الزمان/المكان= ز/ك
وحيث إنّ الزمن الافتراضي( ز ) ثابت يساوي واحد وما تبقى ظلاله، أي أنّ ز = 1

نهـــا--<0
وبما أنّ المكان الافتراضي ك هو نهاية تقترب من الصفر. المكان( ك) حيث ك
فإن الرواية ك = ز/ك=1/0=¥ ( المالانهاية)
وهذا بالضبط ما تسعـى رواية الواقعية الرقمية للوصول إليه .. إلى المستحيل اللا متناهي … إلى التوحد بالخيال المعرفي المطلق.
وليس هذا غروراً. يقول أدونيس "إنّ جوهر القصيدة في اختلافها لا في ائتلافها" ونقول نحن: إنّ الرّواية لا جوهر لها إنّ لم تكن مختلفة، مغايرة، ملعونة في غربتها وبحثها المستمر عن اللا ممكن، عن الثبات اللاممكن، ذلك لأنّ الرّواية حين تستقر على شكل معين تنتهي من كونها إبداعاً لتصبح أي شيء آخر، .. رتابة .. بلادة وموتاً.
ورواية الواقعية الرقمية هي الرّواية القادمة، ولن تتوقف الرّواية عندها، لكن ما سيميز هذه الرّواية عن غيرها هو قدرتها الدائمة على اتخاذ أشكال مختلفة باستخدام الصيغ المختلفة للتقنيات الرقمية التي هي في تطور مستمر.
في الإرهاصات الأولى لهذه الرواية،أصدر الروائي الأمريكي ستيفن كينج روايته Ridding The Polit عبر شبكة الإنترنت في عام 2001 بالتعاون مع شركة أمازون.كوم، إلاّ أنّ كينج لم يستخدم التقنيات الرقمية في بناء روايته هذه بل اكتفى فقط بنشرها رقمياً على الشبكة عوضاً عن نشرها في كتاب ورقي كالعادة وبالتالي فهو لم يأت بجديد إلاّ في مجال النشر الرقمي.
******
نواصل الحديث عن الرواية التفاعلية والدراما التفاعلية كجنس ابداعي ولد عن طريق تاثير الانترنت والملتيميديا

Post: #293
Title: Re: عن الكتابة الاسفيرية والتفاعلية واثر الانترنت على الابداع
Author: حاتم الياس
Date: 10-25-2005, 03:09 PM
Parent: #292

رمضان كريم

تحياتى استاذ أسامة وصديقى الذى أحبه أسفيريا(برنس) بدرجة لاتقلل مطلقاً من شان الحضور
فاللغة لها سرها الباتع..ليت (محمود)فض الشفرة الخفية بين النص والتلقى..فى بعدها اللصيق جداً بالروح

قلت ياخواض بأنك ستتناول لاحقاً جدل الهوية فى سياقه الجمالى مهما كان اختيارك للمنهج
فأنك لن تفلت من (مهابشة) سياقات أخرى (تبارى) ظنون الراهن و..تتسكعه

قلت بينى وبين نفسى....عنوان هذا البوست سيكون (مخاطرة الخواض العظيمة...أسئلة الهوية)

وحتى ذلك الوقت نتابع سيرة الورده..وعتبات الجندرية العالية المقام

Post: #294
Title: Re: عن الكتابة الاسفيرية والتفاعلية واثر الانترنت على الابداع
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-25-2005, 04:25 PM
Parent: #293

الكاتب الإنسان والصديق الجميل حاتم:

تحيتك تلك أخذتني إلى إعادة تساؤلات أخذت أطرحها بيني وبين نفسي ككاتب تعلم منذ وقت بعيد أن يكتب في ظل ضغط أوعداء ومهما بدت التسميات. وهذا إن صدقت تسميته فهو أمر جيد طالما أخذت في التعامل معه. لأن بعض مايتجلى من خلاله كمحاولة تهميش مثلا يساعدك كثيرا في تمتين سياج العزلة كعملية ضرورية لتأمل العالم بغرض كتابته لا سيما في ظل مجتمع تكاد أن تنعدم فيه الحدود المهمة ما بين الخاص والعام. هكذا تتحول أسباب الإغتيال أحيانا كأسباب للبعث وإكتشاف الطاقات التي ظلت كامنة في إنتظار شيء عظيم مثل المحنة لتعبر عن وجودها على نحو ملموس. بقدر ما نستجيب للتحديات الماثلة بقدر ما تتحقق إنسانيتنا سلبا أوإيجابا. ويبدو لي أن الفارق ما بين كتابة وأخرى يحدده جوهريا مستوى الوعي بالجوانب التي ذكرت أعلاه. ولعل في السيرة الذاتية لنجيب محفوظ مايعكس النقطة الزمنية الفعلية التي بدأ يكتب خلالها كتابة حقيقية أوينتصر بلا رحمة!.


تخريمة:

أنا مولع بقضايا الهوية.

Post: #295
Title: اكبر علميات التزييف الثقافي الذي تم في المنبر
Author: osama elkhawad
Date: 10-25-2005, 06:24 PM
Parent: #294

عزيزي حاتم
ما اريد ان ادلي به من مقاربة لقراءة خاطئة للغابة والصحراء هي محاولة لتخليص الخطاب النقدي من قبضة اللوبي السباري الاسفيري الذي احتفى بعملية من اكبر علميات التزييف الثقافي الذي تم في المنبر هنا في بوست الافروعروبية من خلال تزييف ما قال به كل من عبد الله بولا ,حسن موسى ,محمد عبد الحي وعبد الله على ابراهيم حول مفهوم الهوية في من خلال مقاربة الغابة والصحراء
واشارتنا لمفهوم البدائي النبيل هي مفتاحنا لكشف ذلك التزييف الثقافي الذي حاولنا كشفه,لكن في تلك الظروف ,لم يكن من الممكن انجاز ذلك ,فاثرنا ان نستقصي الامر بشكل مختلف ومن خلال منبر منفصل
انظر ما قال به الفيا حول ما اورده عبد الله على ابراهيم عن استخدام عبد الحي لمفهوم البدائي النبيل في نقده لجنوبيات المجذوب التي احتفى بها عبد الحي في وقت سابق.

يقول الفيا:
Quote: والواقع إن ما رمى به د. عبد الله هؤلاء النفر ما هو إلا قراءة خاطئة وتأويل مغلوط لعبارة أوردها د. محمد عبد الحي أبرز رموز الغابة والصحراء وذلك في سياق تعليقه على قصائد محمد المهدي المجذوب التي كتبها في الجنوب في الخمسينات والتي عرفت بالجنوبيات .

قال عبد الحي يصف ( الجنوبيات ) أنها صورت إنسان الجنوب فى صورة(بدائى نبيل) اى ان المجذوب تحدث بخيال شاعر عن إنسان الجنوب ولم يتحدث عن الجنوبي بعقل الإنسان السياسي والمحلل الاجتماعي .

وهو تعليق في رأيي سليم جدا . فالشاعر غير السياسي وعالم الاجتماع . إلا أن د. عبد الله على إبراهيم أبى إلا أن يحور عبارة محمد عبد الحي المشرقة تلك عن موضعها ويأولها تأويلا يخرج بها عن قصدها " النبيل " فأين وصف عبد الحي للأفريقي الجنوبي بالنبل مما ذهب إليه د. عبد الله و د. حريق ؟؟


هل يمكن لعاقل ان يتصور ان كلام عبد الحي عن رؤية المجذوب للجنوبي من منظور البدائي النبيل , عبارة مشرقة؟
وهل كانت تلك عبارة فقط؟
ام ان ذلك كان توظيفا لمفهوم تم نقده بشدة في الفكر الغربي الذي انتج ذلك المصطلح؟
وهل يمكنك ان تصدق ان ناقدا في القرن الواحد والعشرين يقول ان مفهوم البدائي النبيل هو مفهوم مشرق؟؟؟
وهل هنالك من قصد نبيل في استخدام مفهوم البدائي النبيل؟؟
وهل بعد ذلك النقد العنيف الذي تعرض له كل من مفهوم البدائي و البدائي النبيل,ما زال الفيا في استناده المعروف على القاموس ,لا على تاريخ المصطلح وتطوره,هل ما زالت هنالك "رقشة " ما لمفهومي البدائي والبدائي النبيل؟؟
هذا كلام لا يصدر قط من عاقل دعك من يدعي بانه ناقد ثقافي.
وسنعود لذلك في حينه.

سنواصل حديثنا عن الاجناس التفاعلية الجديدة ,وخاصة الرواية من جانب روائيين مثل البرنس و محسن خالد.
ونتمنى مشاركة اوسع رغم حداثة الموضوع
مع محبتي
المشاء

Post: #296
Title: تصحصيح
Author: osama elkhawad
Date: 10-25-2005, 09:14 PM
Parent: #295

ورد في مداخلتي الاخيرة الاتي:

Quote: سنواصل حديثنا عن الاجناس التفاعلية الجديدة ,وخاصة الرواية من جانب روائيين مثل البرنس و محسن خالد.
ونتمنى مشاركة اوسع رغم حداثة الموضوع


والصحيح:
سنواصل حديثنا عن الاجناس التفاعلية الجديدة ,وخاصة الرواية,
من جانب روائيين مثل البرنس و محسن خالد
ونتمنى مشاركة اوسع رغم حداثة الموضوع


مع محبتي
المشاء

Post: #297
Title: Re: تصحصيح
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-26-2005, 09:00 AM
Parent: #296

عزيزي المشاء:

ربما أشارك فيما تطرح من رءوس موضوعات قيمة لاحقا وفي ذهني الآن مصطلح "الكتابة عبر النوعية". بيد أني أنتظر ريثما تتضح الرؤية المطروحة من جانبك هنا قليلا. وحتى ذلك الوقت أرجو أن يمدني أحدهم بما كتبه الصديق عبد اللطيف الفكي في رثاء الخاتم عدلان عاقدا بينه وبين سقراط تلك المقارنة (البديعة). هكذا يعطي الموت وجها جميلا..... أحيانا!!!.

Post: #298
Title: لنك لطيف عن اخر لحظات سقراط
Author: osama elkhawad
Date: 10-26-2005, 02:41 PM
Parent: #297

نرحب بك دائما يا برنس ,
بل انت ممن يرحبون بضيوفنا تحت سقف الوردة
ساكمل استشهاداتي عن الرواية التفاعلية
مع اعظاء نموذج عربي من خلال رواية سناجلة الرقمية الاولى,
مع عرض لروايته الثانية
أدناه اللنك الذي طلبته بخصوص كتابة لطيف عن سقراط والخاتم عدلان:
آخر لحظاته آخر لحظات سقراط

أرقد عافية
المشاء

Post: #299
Title: نوعان من الحوار:ارتدادي و متفرع مثمر -في نقد "التلاقيط"
Author: osama elkhawad
Date: 10-26-2005, 05:30 PM
Parent: #298

قبل ان اعود لاكمال ما بدأته من حديث عن :
الادب التفاعلي
وظهور اجناس ابداعية هجينة ساهمت في خلقها ثورة الانفوميديا,
احب ان انبه الى مسالة هامة تتعلق بحواري مع حافظ خير.
في البدء نقول انه يختلف عن حواراتي المعروفة مع من ينتمون الى منظومة معرفية تختلف عن منظومتي ,
رغم ان البعض يحاول ان يجعل من نفسه ممثلا "بين بين" لتيارات حديثة لا يعرفها
وهذه مسالة اشار اليها لطيف في ما قال به من رد على ما يدور من حوار حول المقاربات النقدية الحديثة
وسنعود لذلك

حواري مع حافظ هو حوار اسميه حوار متفرعا ومثمرا,
مثله في ذلك مثل نقاشاتي مع لطيف حول "القراءة الخاطئة"
وهي نقاشات تنطلق من اشتراكنا في فهمنا للنظرية المعاصرة للنص الادبي

اما تلك الحوارات مع "التلقيطيين",بالرغم من اهميتها,
فهي حوارت :
ارتدادية
وسبق لي ان استخدمت هذا الوصف في مكان اخر من هذا المنبر
هي ارتدادية لانها تعيدنا الى المربع الاول
لذا علينا ان نعيد من جديد فهمنا لما نتحاور حوله,
وهو فهم متباين بين اطراف غير متكافئة في منطلقاتها المعرفية,
وغير مدركة الى الحد الادنى المطلوب

ولذلك تعيدنا مثل هذه الحوارات الى المربع الاول
وهنا بعض الامثلة ,والمسالة اكبر من ذلك:
ما هي سيميولوجيا الصفحة الشعرية؟
ماهي علاقة التكنلوجيا بالكتابة؟
من هو اول من صط مصطلح ما بعد الحداثة؟
ما هي البوتقة الثقافية ؟
ما هي الاستعارات الثقافية؟
ما هو "البدائي النبيل"؟
ما هي "الشفرة الثقافية"؟
ما ذا قال بولا وحسن موسى عن الغابة والصحراء؟
لماذا قال عبد الله على ابراهيم ان
Quote: عبد الحي اتى بمصطلح جديد الى الحياة الثقافية السودانية اي مصطلح "البدائي النبيل"؟


من...؟
ما...؟
من...؟
ما ....؟
لماذا...؟
لماذا...؟؟؟
هي اسئلة كثيرة ,
لا بد من طرحها لمواجهة التخريب الثقافي الاسفيري ,
والذي يلقي بظلاله على فهم الاجيال الجديدة
وهو تخريب ساهم فيه اللوبي السباري الاسفيري ,
في سبيل دعمه "للتلاقيط " التي يلقي بها البعض ,بدون حياء او احساس بالمسؤولية,
وبدون حتى تصحيح ما يقولان به من اراء خاطئة تماما
وسنعود
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #300
Title: Re: نوعان من الحوار:ارتدادي و متفرع مثمر -في نقد "التلاقيط"
Author: osama elkhawad
Date: 10-26-2005, 08:57 PM
Parent: #299

نعود لمواصلة استشهاداتنا عن الادب التفاعلي ,
وبخاصة الرواية التفاعلية
****
الرواية التفاعلية:
1-التزاوج بين الادب والتكنلوجيا:
حدث التزاوج بين الأدب والتكنولوجيا، وبدأت أمارات ما يحمله الأدب من لقاح التكنولوجيا في الظهور عليه، فطرأت بعض التغييرات على طبيعة العملية الإبداعية، وعلى عناصرها، واستمرت تلك التغييرات في التزايد إلى أن حانت لحظة المخاض، فتمخض الأدب عن جنس جديد، جمع بين الأدبية والإلكترونية، هو ما اصطُلح عليه في الأوساط الأدبية والنقدية الحديثة باسم "الأدب التفاعلي"، الذي يتجسد من خلال الرواية التفاعلية، ويُطلق عليها في المصطلح الأجنبي Interactive novel، أو Hyperfiction، والمسرح التفاعلي Hyperdrama، والشعر التفاعلي Hyperpoetry، وسوى ذلك من الأجناس الأدبية الجديدة.

ثم تعرج د.البريكي الى تعريف الادب التفاعلي قائلة:

2-الأدب التفاعلي:
والأدب التفاعلي مصطلح فضفاض، يضم كما رأينا عددًا من الأجناس الأدبية التي تختلف فيما بينها اختلافًا كليًا، ولا تكاد تتفق إلا في كونها لا تتجلى لمتلقيها إلا إلكترونيًا، وهذا يعني بالضرورة أن مبدعها لا ينتجها إلا إلكترونيًا أيضًا، مما يستدعي أن يصبح المبدع متمكنًا من استخدام الحاسوب بمهارة، وفهم لغته، وبرامجه، وكل ما يتعلق به، حتى يتمكن من صياغة إبداعه دون أن يشعر بحواجز نفسية على الأقل بينه وبين الوسيط الذي ينقل عبره إبداعه إلى المتلقي، حتى إن كان يستعين بأكثر الحاسوبيين مهارة للقيام بذلك نيابة عنه.

إن امتلاك أدوات العصر سيؤدي إلى تمكن المبدع من أداء دوره الخلاق بشكل أفضل منه في حال عدم امتلاكه لها، إذ سيصبح قادرًا على التفكير بطريقة تتناسب مع العصر الذي يعيشه، وأن يبتكر طرقًا جديدة لتقديم إبداعه تتناسب أيضًا مع عصره، ومن شأن هذا أن يؤثر في الطريقة التي سيتلقى بها الجمهور نصه، وكيفية تفاعله معه.

وبعد ذلك يتم التوقف عند جنس محدد هو الرواية التفاعلية,تقول البريكي في ذلك:
ولد هذا الجنس الأدبي الجديد في رحم التكنولوجيا، وما كان له أن يتأتى بعيدًا عنها، إذ لا بد له من برامج مخصصة Software لكتابته، أو في حالة عدم الاستعانة بهذه البرامج المخصصة، لا بد من الاستعانة بالخصائص التي تتيحها كتابة نص إلكتروني قائم على الروابط والوصلات على أقل تقدير.

وبهذا يسهل فهم وصف هذا الجنس بـ"الأدبية والإلكترونية" معًا؛ فهو أدبي من جهة لأنه في الأصل رواية، وإلكتروني، من جهة أخرى، لأنه لا يمكن لهذه الرواية أن تتأتى للأدب في صيغته الورقية، ولا بد لها من الظهور في الصيغة الإلكترونية، خصوصًا مع تعذر محاولات تحويلها من الإلكترونية إلى الورقية التي قام بها أحد الروائيين المبدعين، والذي سنتوقف عنده بعد قليل.

شاع هذا الجنس الأدبي الجديد في الأوساط الأدبية الإلكترونية، وأصبح اتجاهًا معروفًا، خصوصًا في الغرب، حيث صدرت عدة روايات منه، لعل أشهرها رواية ميشيل جويس Michael Joyce، بعنوان "الظهيرة، قصة" Afternoon, a story، التي تعدّ من كلاسيكياته.(2) وقدقام ميشيل جويش بذلك ، مستخدمًا البرنامج الذي وضعه بمعية جي. بولتر J. Bolter في عام 1984 وأسمياه المسرد Storyspace، وهو برنامج خاص لكتابة النص المتفرع، الذي يعدّ عماد الكتابة الإلكترونية، والذي لا تمكن كتابة "الرواية التفاعلية" دون استثمار معطياته، غالبًا، ثم ظهرت بعد ذلك برامج أخرى كبرنامج "الروائي الجديد" الذي سبقت الإشارة إليه.
ثم توالت بعد ذلك الروايات التفاعلية في الأدب الغربي، دون أن تغفل عامل التطور الفني الذي يتبع التطور الزمني، وقد تحقق ذلك باستثمار كل ما يستجد على الساحة التكنولوجية في خدمة الإنتاج الأدبي الإلكتروني الجديد.

*بخصوص تاريخ صدور اول رواية تفاعلية لميشيل جويس ,ترى جاسمينا ميخايلوفيتش في مقالها عن ميلان بافيتش والرواية الهايبرية ان ذلك كان حوالي 1990 ولم تحدد تاريخا معينا لذلك.راجع مقالها في Review of Contemporary Fiction, 02760045, Summer98, Vol. 18, Issue 2

3-النص المتفرع كاساس للرواية التفاعلية:

وتعتبر البريكي محقة ان النص المتفرع او الهايبرتكست هو اساس الرواية التفاعلية .تقول:
ويعتمد هذا الجنس الأدبي الجديد في ظهوره إلى حيز الوجود على استخدام خصائص النص الجديد، أقصد النص الذي يطل علينا عبر شاشة الحاسوب، وهو ما اصطُلح عليه باسم "النص المتفرع" Hypertext.

والنص المتفرع هو، كما تعرّفه مايكروسوفت إنكارتا-Microsoft Encarta بوصفه مصطلحًا حاسوبيًا، نظام لتخزين صيغ مختلفة من المعلومات، كالصور، والنصوص، وغير ذلك من ملفات الكومبيوتر، بحيث يسمح بالوصول إلى النصوص والصور والأصوات وغيرها من المعلومات المرتبطة بذلك النص (الملف) مباشرة.

ويربط هذا النظام النص الواحد مع الأنواع المختلفة من النصوص، التي تتداخل مع بعضها، لتؤلف نصًا واحدًا يفضي بعضه إلى بعض عبر الوصلات الإلكترونية التي يتضمنها، بحيث يقدم لقارئه، أو مستخدمه، من خلال تلك النصوص المتعددة والوصلات الرابطة بينها، مسارات مختلفة غير متسلسلة أو متعاقبة، ومن ثمّ، غير ملزمة بترتيب ثابت في القراءة، فيتيح

أمام كل قارئ، أو مستخدم، فرصة اختيار الطريقة التي تناسبه في قراءته.
والذي تجدر الإشارة إليه قبل الدخول في تفاصيل "الرواية التفاعلية" هو أن النص المتفرع يتضمن مستويين، أو نسقين، أحدهما سلبي، لا يتم فيه توظيف أي خاصية من خصائص النصوص الإلكترونية، ويكون أقرب إلى النشر الورقي، ولكن على شاشة الحاسوب بدلا من الورق. والآخر إيجابي، وهو الذي يتم فيه توظيف كل، أو جزء كبير من، الخصائص الإلكترونية التي تتداخل فيها الصور بالأصوات بالحركات بالنصوص المكتوبة..إلخ وغالبًا ما يُقصد بالنص المتفرع النسق الإيجابي منه.

ولا بد من تأكيد أن النسق الحامل لهذا الجنس الأدبي الإلكتروني الجديد "الرواية التفاعلية" هو النسق الإيجابي، بما يتيحه من إمكانيات تشجع الأدباء المبدعين على شحذ خيالاتهم، وإطلاق أعنتها، لاستثمار كل معطيات هذا النص وإمكانياته التي لا تحدّها حدود.
ما هي الية عمل الرواية التفاعية؟عن هذا السؤال المهم تجيب البريكي قائلة:
"الرواية التفاعلية" هي ذلك الجنس الأدبي الجديد، الذي تولد في رحم التكنولوجيا المعاصرة، وتغذى بأفكارها ورؤاها، محققًا مقولة "إن الأدب مرآة عصره". ويستخدم الروائي المتصدي لتأليف "رواية تفاعلية" برنامجًا خاصًا يسمى "المسرد" Storyspace ليبني أحداث روايته عليه.

وليس المسرد هو البرنامج الوحيد الموجود لكتابة هذا الجنس الجديد، بل يوجد غيره الكثير، مثل الروائي الجديد newnovelist، الموجود أيضًا على شبكة الإنترنت من خلال موقع الشركة المصنعة.

ويمكن تعريف "الرواية التفاعلية" بأنها: ذلك النمط من الروايات، التي يقوم فيها المؤلف بتوظيف الخصائص التي تتيحها تقنية النص المتفرع، والتي تسمح بالربط بين النصوص سواء أكانت نصا كتابيًا، أم صورًا ثابتة أو متحركة، أم أصواتًا حية أو موسيقية، أم أشكالا جرافيكية متحركة، أم خرائط، أم رسومًا توضيحية، أم جداول، أم غير ذلك، باستخدام وصلات تكون دائمًا باللون الأزرق، وتقود إلى ما يمكن اعتباره هوامش على متن، أو إلى ما يرتبط بالموضوع نفسه، أو ما يمكن أن يقدم إضاءة أو إضافة لفهم النص بالاعتماد على تلك الوصلات.

وتعتمد "الرواية التفاعلية" على كسر النمط الخطي الذي كان سائدًا مع الرواية التقليدية، أي الرواية المقدمة على وسيط ورقي، يلتزم فيه المبدع خط سير واضحًا غالبًا، يتبعه فيه القارئ الذي لا يحاول مخالفة هذا الخط، وإلا خرج من الرواية دون نتيجة، ودون أن يفهم منها شيئًا، وما ذلك إلا لأن بنية الرواية كانت تفرض عليه طريقة محددة في قطف ثمرتها، وحين خالف تلك الطريقة، خرج من الرواية دون ثمر.

وهذه الرواية، وإن كانت تعتمد في كتابتها وتأليفها على برامج إلكترونية لا علاقة مباشرة لها بشبكة الإنترنت العالمية، إلا أن كيانها لا يقوم بعيدًا عن هذه الشبكة، فبمجرد أن ينهي المبدع روايته يلقي بها في أحد المواقع الإلكترونية التي تساعده على تقديمها لعدد لا يُحصى من المتلقين الذين يختلفون في أعمارهم، واهتماماتهم، ووظائفهم، ومستوياتهم الاجتماعية والأكاديمية، والنفسية، و.. إلخ، مما سيؤثر في طريقة تلقي كل منهم للنص الروائي المقدم لهم جميعًا، ومن ثم سيؤثر في طريقة تفاعل كل منهم مع ذلك النص، لذلك يمكن إطلاق صفة الإنترنتية، تجاوزًا، على هذه الرواية، لأن شبكة الإنترنت العالمية هي الوسيلة الوحيدة لإيصالها إلى القراء، والتي تتيح لهم هذه الصفة التفاعلية المفترض وجودها في هذه الرواية حتى تكون "تفاعلية".

Post: #301
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: الجندرية
Date: 10-27-2005, 12:54 PM
Parent: #1

مساء الورد على أحباب الوردة

العزيز اسامة وكل المشاركين / ات
وزوار / ات البوست الوردة

يبدو انكم / ن انتقلتم/ ن من العتبات للحديث عن علاقة اشكال الكتابة الابداعية ببعضها ولكن مع ذلك اسمحوا لي ـ واخص اسامة يالأذن ـ بأن انزل جزء من الفصل المعنون ( شبالات معطرة ) من كتابي ( بعض من رذاذ النيل )، وهو جزء فيه محاولة لتلمس خصوصية الكتابة النسوية من خلال العتبات النصية ، واتساق ذلك مع نمط السلوك الاجتماعي المطلوب من النساء .
محبتي لكم / ن جميعاً
وكل عام وانتم / ن بالف خير .


Quote: سمات أسلوبية :
3-1. العتبات : إغلاق المداخل

العنوان هو العتبة الوحيدة ، التي استخدمت في جميع نصوص الشاعرات ، واختارت ستة من النصوص ، الطريقة الأكثر شيوعاً والأكثر بعـداً عن التجريب والمغامرة ، باختيار المفردة ، أو الجملة الشعرية الأولى ، أو المتكررة في المطلع الشعـري الأول ، كنصوص : ( أحبك ) لأيمان آدم ، ( أحسستك ) لأسماء الجنيد ، ( خصوبة ) لاشراقة مصطفى ، ( لماذا هذا النشيد ) لهالة عبد الله خليل ، و ( اليوم لم تعد السماء هي السماء) للنا مهدي :
أحبك :
(أحبك أعني أحبك ..
سواي يخبئ أني أحبك
وأني أقر بما يعترينا)

أحسستك :
(أحسستك أمان ..
أحسستك أكثر ..
معك خوفى يتلاشى يتبخر .)

خصوبة :
(بلغت الأربعين
وفانوس خصوبتي ينفد زيته
ما عدت صالحة لأنجب الولد حامى القبيلة
من حدد ميقات خصوبة حواء؟)

لماذا هذا النشيد :
(لماذا هذا النشيد ؟؟!
أشدُّ … على الرأسِ
عصابة الوجعِ الذي
فتّتَ أغنيتي
وبعثر شدو الحلم الصداح . )

اليوم لم تعد السماء هي السماء:
(الأمس كالعسل المصفى بنقاء الكبرياء
والشمس نفس الشمس عانق ضوءها فيض الإباء
اليوم لم تعد السماء هي السماء
اكفهرَت
وتعرَت
وتبدَت
احتجاجا و استياء)

أما نص (الرحيل ) لليلى عبد المجيد ، فيبدو اختيار مفردة (الرحيل ) ، كعنوان للنص وهي المفردة الأكثر تكراراً ، كأنه محاولة للإبراز ، أو التركـيز على (الرحـيل ) باعتباره ( موضوع القصيدة ) :
(يرحل الطيبون
يجرجر وحلُ الخريف جلاليبهم وراءهم)
(لقد آن أن يرحلوا
فبالأمس أخفى الظلام مصائده في البراري ونام)
(لقد آن أن يرحلوا
فالبنفسج اُفلتَ من بركة الدمع
ودقّ فضاء المساء بقهقهة عالية)

(لقد آن أن يرحلوا ..
فلم يبق غير العجائز في البلدة النائية)

(لقد آن أن يرحلوا ،
وحدهم ،
أن يريحوا على راحة الصمت أحزانهم ،)

(يرحل الطيبون بلا أصدقاء .
بلا عاشقاتٍ يطرزن أسماءهم في الغبار .)

(يرحلون ،
لأن الحبيبات هجرن النهار،
ودخلن ، قسراً ، زنازين الظلام .)

(لقد آن أن يرحلوا .
لا حقائب غير القلوب ،)

(لقد آن أن يرحلوا .
ركبهم يرتعش ،)

(رحلوا ،
وهم يحلفون لوجهٍ حبيبٍ أن ترحالهم
قد يطول .)

اختارت النصوص السبعة ، المتبقية من نصوص الشاعـرات ، في النماذج المنشورة اقتراح جملـة شعـرية ، لم ترد في النص الشعري كعتبة لدخـول النص ، مثل : ( غواية مشروعة ) ، ( هـذيان مترف ) ، ( ألفة الغبار الفاتر ) ، ( غيبوبة الشجرة ) ، ( حوار مع الوطن المدار ) ، ( مناحة الصقيع ) و ( امرأة لم يأتها الطلق ) . لكن غلبة الاستخدام لصيغة شبة الجملة والتعريف ( بـ أل أو بالإضافة ) ، وهي صيغة لغوية كثيرة الاستخدام ، عند عنونة النصوص الشعرية ، جعل هذا النمط من العنونة ـ أيضاً ـ يتسم بعدم الجرأة ، في التعامل مع عتبة العنوان ، ويقع في العادي والسائد المتكرر.

تكاد نصوص الشاعرات تخلو ، من العتبات الأخرى ، باستثناء العنوان ، فجميع النصوص تخلو من التنصيص ، واحـتوى نص واحد فقط على إهـداء وهوامش ، هو نص ( الرحيل ) ليلي عبد المجيد ، ولم يتم استخدام العناوين الفرعية ، إلا في نصي ( ألفـة الغبار الفاتر ) لميرفت نصر الدين ، و ( غيبوبة الشجرة ) لنجلاء عثمان ، وهي عتبات سبق لنا الوقوف عندها في الفصل الأول من هذا الكتاب.

نلاحظ في معظم هذه النصوص إغلاق مداخلها ، وذلك في ابتعاد عن الاهتمام بالعتبات النصية ، الذي يعد أحد سمات الكتابة الحديثة ، وهذه السمة بالإضافة إلى الانكشاف المضموني ، لعدد من هذه النصوص ، والمباشرة ، واللهث وراء التقفية ، تشكل انحيازاً للنمط التقليدي في الكتابة ، و تتحاشى التورط في المغامرات الأسلوبية ، و التجريب الشعري ، أو الانفتاح الجريء على الكتابة الحديثة ؛ في اتفاق للملامح هذه الكتابة ، مع نمط السلوك النسائي ، المطلوب اجتماعياً ، وفقاً لعمليات التنميط الجندري .

ترشح من اختيار عتبات النص والتعامل معها باعتبارها موجهات قراءة ، الثقة في القدرة على توجيه القـارئ /ة أو الاقتراح عليه / ها ، وتمثل سلطة للنص ، ولاختيارات منتجه / ها ، على القارئ / ة ، وهي ثقة اكتسبتها نصوص الرجال ، من الخبرة الطويلة في ممارسة الكتابة ، وفي التمرس على ممارسة السلطـة بكل تجلياتها ، وبالطبع هذا أمر ، أقصت عنه النساء طويلاً . كما تتجلى في التعامل مع العتبات ـ أيضاً ـ الجراءة ، على ارتياد الجديد وتجريبه ، وهذه صفة رجولية ، وفق عمليات التنميط الجندري في مجتمعاتنا ، وبتشجيع إضافي للرجال ، على التجريب والتعلم منه ، مقابل تخويف وتحذير النساء منه

شبالات معطرة : فصل من كتاب ( بعض من رذاذ النيل )


Post: #302
Title: شكرا ناقدتنا الكبيرة
Author: osama elkhawad
Date: 10-27-2005, 12:59 PM
Parent: #301

شكرا ناقدتنا الكبيرة على ايرادك هذا الفصل
وهو يدعم محاولتنا لتذوق نصوصك النقدية في سياق يعيد اليها ,
قوتها النقدية,
ويكشف بعضا من معدنها الاصيل

يا ريت لو قمت بايراد نص صديقنا تراث,
عن تصميم الغلاف كعتبة نصية

وسنعود لاكمال حديثنا عن :
الرواية التفاعلية

محبتي

المشاء

Post: #303
Title: Re: شكرا ناقدتنا الكبيرة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-27-2005, 01:26 PM
Parent: #302

يبدو أن إقامة ما ممتدة ستكون لي هنا في أعقاب ما سبق لي وأن أعلنت في بوست آخر عن إنتهاء الجزء الأول من مسودة ثلاثية (المنفي الغريب إن حكى) والتي سأعكف عليها في صمت وعزلة تامة إلى أن أرى إمكانية خروجها في شكل كتاب بعد فترة قد تطول أوتقصر. وهنا يطيب لي التذكير أن المشاء كان في وقت سابق على حق حين ذهب في طريق غير التي ذهبت فيها (شخصيا) وهو يؤكد على إمكانية كتابة ثلاثية تشمل حيوات المنفيين والمهاجرين إلى بلاد (أبعد) مثل كندا وأمريكا وأستراليا. وكنت قد قمت بتكوين رأيي وفق الفقرة التالية:

"إشكالية "الرحيل"، ذلك ما يحيل إليه قول عبداللطيف: "و يحتاج الأمر أن يتوفر الدارس على الطبعتين . كما لا أملك الآن مفرد أدونيس . فأنا أكتب عنهما ــ العودة الأولى و مفرد أدونيس ـــ من الذاكرة". والرحيل كإشكالية فيما يتعلق بتوثيق الرؤية أوتوافر جسد نصوص يمكن لهذه الرؤية تشريحها لا يتعلق في تصوري الخاص هنا كما يوحي سياق الفكي ب"الناقد" فحسب، بل يشمل المبدع نفسه من زاوية رصد منتظم للحياة وخيطها الدال على تطورها وما يمكن أن يحدثه هذا التطور من تبدلات في مكان شكل جوهر وجوده المادي والثقافي سواء من حيث اللغة أوطريقة عمل العلاقات الاجتماعية.

ويمكن القول، في ظل تصاعد الرحيل كإشكالية، إننا ربما نكون موعودين على صعيد الإبداع، وعلى نحو كثيف ومتزايد، بأنواع جمالية تنهض على النوستالجيا إلى مكان النشأة الأولى من جهة، ومن جهة أخرى ترتكز على رصد علاقات لذوات بشرية تواجه أقدارها في عوالم ربما تكون مغايرة تماما لعوالمها الأولى على صعيد اللغة والطرق السائدة للحياة.

ولعل ذلك ينعكس، لا سيما داخل المجال السردي، على صعيد الموضوعات محل إهتمام الرؤية للعالم وطرق تشكيلها جماليا، إذ يبدو لي منذ فترة أنه غدا من الصعوبة بمكان كتابة ما يمكن تسميته "رواية أجيال" مثل ثلاثية نجيب محفوظ، بل لعل التركيز يتم أكثر على صعيد العوالم الداخلية لأشخاص يتسمون بتكوينات نفسية مركبة نتيجة تقلبات حادة بين أساليب حياة وثقافات مختلفة. وفي إنتظار أن يكمل عبداللطيف رؤيته النقدية هنا".


محبتي

Post: #304
Title: Re: شكرا ناقدتنا الكبيرة
Author: osama elkhawad
Date: 10-27-2005, 01:47 PM
Parent: #303

حاجيك يا شيخنا برنس بعد شوية
وسنطرح في المداخلة القادمة نموذجا عربيا لرواية تفاعلية عربية
وكذلك تنظير كاتبها اي محمد سناجلة حول الرواية الرقمية
محبتي يا برنس
المشاء

Post: #305
Title: رابط لنموذج عربي عن الرواية الرقمية
Author: osama elkhawad
Date: 10-27-2005, 01:50 PM
Parent: #304

نطرح هنا رابطا لنموذج عربي عن الرواية الرقمية ,
وعلاقتها بالنص المتفرع
وهذا هو رابط رواية :
ظلال الواحد
للروائي الاردني محمد سناجلة
http://www.sanajlehshadows.8k.com/

وأدناه رابط كتابه التنظيري عن الرواية الرقمية
http://www.arab-ewriters.com/library/3088886520051010153809.doc

وسنعود

المشاء


Post: #306
Title: نحن من حوش واحد,لكنه حوش يحرسه النقد والنقد الذاتي
Author: osama elkhawad
Date: 10-27-2005, 07:53 PM
Parent: #305

قال شيخنا البرنس:
Quote: وهنا يطيب لي التذكير أن المشاء كان في وقت سابق على حق حين ذهب في طريق غير التي ذهبت فيها (شخصيا) وهو يؤكد على إمكانية كتابة ثلاثية تشمل حيوات المنفيين والمهاجرين إلى بلاد (أبعد) مثل كندا وأمريكا وأستراليا.


كلامي كان ينصب على الهجرة التقليدية الى البلدان العربية
و قد طّور البرنس بحاسته المبدعة ذلك,
الى بلاد اخرى لم تكن من المناطق التقليدية للهجرة السودانية
ما اسعدني انه هنالك امكانيةلتبادل افكار,
وليس افكارا فقط كما في حالة البرنس,
وانما أفعال

وهذا يعيدنا الى ماقلته حول الحوار الارتدادي والحوار المثمر المتفرع

نفس المنطق ينطبف على الاقتراحات
نحن من حوش واحد,
انا والبرنس ,
رغم اننا لم نلتق الا اسفيريا
لكن قلوب الكتاب شواهد
مع محبتي
يا برنس
امض في مشروعك الروائي الثلاثي

ارقدوا عافية

المشاء

*نحن من حوش واحد,
لكنه حوش يحرسه النقد والنقد الذاتي

Post: #307
Title: ناحتُ "سقف الوردة"-السعادة لا تعبر الاطلسي شمالا
Author: osama elkhawad
Date: 10-29-2005, 10:19 AM
Parent: #306

أين صديقنا و مبدعنا :
مازن مصطفى
ناحت سقف الوردة؟
تمنياتنا له بالصحة والسعادة
والسعاد كنز لمن يعثر عليها هنا,
ذلك أن
Quote: السعادة لا تعبر الاطلسي شمالا

بحست تعبير صديقنا محمد عبد الحميد

ساعود

المشاء

Post: #308
Title: Re: ناحتُ "سقف الوردة"-السعادة لا تعبر الاطلسي شمالا
Author: mansur ali
Date: 10-30-2005, 00:54 AM
Parent: #307

«عرياناً يرقص في الشمس» هل يمثل جوهر تجربته؟... محمد الفيتوري شاعر الروح الأفريقية المعذّبة
محمد علي شمس الدين الحياة - 30/10/05//


رقصُ العاري في الشمس يقطفه الشاعر محمد الفيتوري في ديوانه الجديد «عرياناً يرقص في الشمس»، ليسرّب صورة رقص طفل افريقي مولود للتو كجوهرة سوداء تلتمع تحت اشعة الشموس الاستوائية ترفعه امه بيدها هكذا، وترقّصه هكذا ايضاً امام الأشجار العملاقة وحراب الزنوج والأقنعة والوجوه المخططة بالألوان، حيث يتسيّد السحر، وتنبعث أنّات المعذّبين في جوف الغابات، وعلى ضفاف الأنهار. فثمة من يتربص بهذه البراءة السوداء، يقتلها او يقهرها ولا أستطيع ان أرى الفيتوري من دون افريقيا. إنه صوتها الحر المقهور والصارخ والمتلوّي في عذاباته، أو الهائم في تطوّحاته كدرويش متجول... وهو صاحب الصور الطوطمية، الممثلة لقوى غامضة وحضارات منسية، وأصوات ما فتئت تدوّي داخل رأسه وتجاويف عظامه.

ومجده انه صاحب الروح الشعرية والأسطورية لافريقيا، وحامل الطقوس الخفية للدراويش في رقصهم، وللجياع والمرضى والمعذّبين في صرخاتهم المكتومة والمصادرة او المنفجرة كصواعق. فصورة الشعرية التي تطلع من هذا الجوف الحار والخرافي هي هو... دعك من كلاسيكياته وتزكياته لبعض من حسبهم ابطال خلاص قومي او طبقي، دعك من الأمجاد الغابرة في بغداد او سواها، وأن فيهم «تسطع روح العروبة في الكائنات»، ومن هجائيات الاستعمار والخطاب السياسي الشعري المباشر «صعب وقوفك يا بغداد شامخةً/ كالشمس وحدك في شيخوخة الزمن... لا للصليبي في طغيان آلته/ تحت السماء وفي ايمانه الوثني»، ودعْك ايضاً من ولولته على القدس وهجائه العرب، واصطفائه بطلاً ما او فارساً ما ليُعيد لهم المجد القديم: «... ثم انبعثتَ بلى ثم انبعثتَ على درب النبيين لا تاج ولا لقبُ/ فارتجّت الأرض وانداحت معالمها/ وبوغت الروم والأتراك والعرب»... ففي مثل هذه «المربديات»، لا البطل هو البطل ولا الساحة هي الساحة ولا الزمان هو الزمان... مات المتنبي موتاً اكيداً ومات سيف الدولة موتاً اكيداً... دعْك إذاً من هذه الاستعادات الحماسية، فهي لفيتوري «آخر»... اما الفيتوري الحقيقي، فهو الذي يخاطبه هو بقوله «ابتسم ان حزنك اكبر منك/ وأعمق مما يرى الميّتون». وهو الراقص في حضرة من يهواه، العاصفة به اشواقه، المحدّق (كأنه وجه السحر) بلا وجه، الراقص (ولنعجب) بلا ساق. وهو الذي يزحم براياته وبطبوله أفق الرؤيا، وعشقُه يُغني عشقه، إنما يولد من جديد في فنائه، كعنقاء الرماد او عنقاء السواد، سلطان العشاق وطاووسهم وخادم المجاذيب والدراويش والمعذّبين في الأرض. والفيتوري في الشعر العربي الحديث والمعاصر، هو الدمغة النارية الحارة لوشم افريقي، في القصيدة. سر وصورة. طوطم. عذاب قديم ومخزون. صراخ من اقبية قهر سوداء... وشعره هذا يطلع من منبع السر والسحر والعذاب. كذلك لغته المشدودة المتوترة كزعقات نسور افريقية، او القارعة كطبول، او المركّبة من خلال صور يدخل في تركيبها الغموض والسر والقناع... حيث العتمة والليل والأشباح والوجوه الغامضة والوشم والخطوط على الوجوه.

ومن خلال صوره الشعرية الطالعة من مصهر افريقي، يلامس ارواح الشعوب، والشهداء، والمعذبين... وضحايا النخاسة، من فيلكس دارفور الى اندريه بركون ولانغستون هيوز وايمي سيزار.

يعلق الفيتوري على مشجب الشمس الافريقية ما يشبه اكفاف القصيدة، ويستنطق الروح الحية في الكائنات السود، في اشجار الغابة، والزنوج العبيد، والوجوه المطلية... وفي نشيج المستعبدين والمهدورين من ابناء القارة السوداء.

«هي ذي الشمسُ/ راهبة الجزر القرمزية/ تدفن في غابة الليل ازهارها/ وتقيم قداديسها/ وتعمّد جدران مثلثها بالدماء».

يصور الشاعر الحرية «مفقوءة العينين»، والعدل كسيحاً «بلا ساقين». ومن خلال قصائد ذات انشاد غنائي، وقصائد ذات سيولة تعبيرية، يندرج كواحد من الشعراء السياسيين, ويكمل عقد امثال الجواهري والبدوي وأبو ريشة، من حيث النبرة الاتهامية العالية، والعبارة المباشرة، والتفجّع القومي والوطني والخطابية، وهي قصائد بالموزون المقفّى، وهي، في نظري، ليست هي الفيتوري، كجوهر شعري، لأن الفيتوري في مكان آخر.

والجوهر الشعري الذي أعنيه هو الدمغة التي تميّز الشاعر. هي خصوصيته التي ليست لسواه. هي وجهه الحقيقي بلا مساحيق واستعارات. هي الصور والعبارات والاستعارات والرموز والتراكيب التي هي له، وهي هو، دون سواه. وبالتالي فالجوهر الشعري هو الأسلوب وهو الرجل.

تبعاً لذلك، فإننا لو بحثنا عن الفيتوري في مجموعته الأخيرة، فإننا سنجده من حيث هو هو، في قصيدة واحدة كاملة مكتملة هي «عرياناً يرقص في الشمس».

في القصيدة روح بدائية متشكلة من خلال شكلها الحي/ الميت الحي/ في القرابين الافريقية والأقنعة... نعثر على صور بدائية وطوطمية كعيون الدمى، وطيور الدجى، والعظام الموشومة بالحفر، وأذرعة الغارقين والعواصف والصلوات المتداخلة مع اصوات الغابات... وأشباح الآلهة، والراقصين، والنيران المشتعلة في رؤوس الجبال، ودماء القرابين.

هذه العدة التصويرية والتعبيرية للفيتوري ترسم ملامح وجهه الخاص ونكهته الافريقية المميزة في الشعر. وهو قادر على ادارة هذه الصور، في فضاء القصيدة، قدرته على ابتكارها من الدم الأول للإحساس، وغريزته الفطرية التي تكونت مع خلاياه الأولى كطفل من افريقيا، كوراثة، كجينات خاصة جبلت ألوانها السود بمخزون طويل من السحر والقهر والعذاب والثورة.

«لم تجئ مثلما حلمت بك دنياك/ قبل انطفاء عيون الدمى/ واشتعال جلود القرابين/ جئت سماء من الشفق القرمزي/ عرياناً كالشمس/ مختبئاً في معانيك/ خلف زجاج العيون ومنحنيات المرايا/ مثل روح بدائية/ لبست شكلها الميت الحي/ ثم مضت تتحسس غربتها/ في وجوه الضحايا/ مثلما انحفرت في عظامك

اطياف ماضيك/ مثل طيور الدجى الاستوائي/ مصطفّة كلماتُك فوق مقاعدها الحجرية/ شاخصة فيك/ فاتحة صدرها للمنايا».

يذكر الفيتوري في القصيدة ايضاً «الطحلب الميت» الذي ينبت فوق السقوف ويتسلق الجدران الى الشرفات والحناجر المكتظة بالدماء، كما يذكر إغماء الراقصين على الطرقات وقد طوقت الأغلال اعناقهم وأرجلهم والتعاويذ المعلّقة في الرقاب والوشم على الكتفين والطقوس القديمة، اضرحة الرخام، والعظام، والآلهة وأشباحها. وهو يسوق خطاباً شعرياً الى «آخر» هو على الأرجح نفسه، ذاته الشعرية. فهو المخاطبُ والمخاطب في القصيدة، وضمير المخاطب، هو ضمير المتكلم. فيأتي السياق الشعري في صيغة من يكلم نفسه، ويأتي متوتراً صورياً سحرياً من دون هوامش ولا تفجّع سوى التفجّع الداخلي، وبلا موعظة، وبلا حماسة افسدتها السياسة، وجعلتها مركومة وماضوية ولا يحيي عظامها وهي رميم، لا نداء ولا بطل. فالنداء مجروح، والبطل مزيف، لا سيما ان الفيتوري نفسه سبق أن صرخ في قصيدته القديمة المعروفة في الزعيم الشيوعي السوداني الذي شنقوه، عبدالخالق محجوب: «لماذا يظن الطغاة الصغار/ وتشحب ألوانهم/ ان موت المناضل/ موت القضية.../ كلما زيّفوا بطلاً/ صحت: قلبي على وطني».

ان المستوى المكشوف والتحريضي او التفجّعي للشعر في هذا المقطع، هو ادنى «في الجوهر الفني للشعر» من روح التفجّع الخفية في الصور الطوطمية والأنين المخنوق للشاعر. فالألم المخنوق اصعب وأمرّ وبالتالي اجمل، من الصراخ والتعليم.

يكتب الفيتوري بصوره وأوزانه الشعرية، وبأسراره وطواطمه، قولاً شعرياً خاصاً ومتميزاً، فيه من السحر بمقدار ما فيه من السر، وفيه من الطوطم بمقدار ما فيه من الألم، وهو استنباط صور وطرديّات طالعة من اصل الشعر في الجينات التكوينية، في اللون والمكان والزمان، وهي افريقية، وفي العذاب وهو افريقي، وفي الشطح ايضاً، وهو ايضاً من هناك.

Post: #309
Title: شكرا منصور علي
Author: osama elkhawad
Date: 10-30-2005, 04:24 AM
Parent: #308

صديقنامنصور
شكرا على ايرادك لعرض ديوان الفيتوري الجديد من قبل الشاعر اللبناني:
محمدعلي شمس الدين
وللفيتوري علاقة وثيقةبموضوعة الهوية,
باعتباره -في مرحلةمن تطوره الشعري -كان ناقطا شعريا باسم الثقافة الافريقية في وسط عربي
مرحبا بك في سقف الوردة
وسنعود لاكمال ردنا على كاتبنا:
حافظ محمدخير
أرقدواعافية
المشاء

Post: #310
Title: الرواية الاسفيرية الثانية لسناجلة:شات Chat
Author: osama elkhawad
Date: 10-30-2005, 05:33 AM
Parent: #309

نقدم الان نموذجا عربيا ثانيا للرواية الرقمية ,
ولنسميها رواية اسفيرية حتى يتضح الفرق بين ما طرحه حافظ,
وبين ما أطرحه الان


لقراءة الرواية اسفيريا هنالك عوامل مهمة تساعد في سرعة قراءتها:
ومن ذلك سرعة الجهاز
وكذلك توفر برامج محددة تساعد في القراءة الاسفيرية
واذا لم تكن لك تلك البرامج ,
فالرجاء انزالها
وهنا رابط الرواية الثانية لسناجلة اي :
شات

http://www.arab-ewriters.com/chat/

وسنقدم بعد ذلك عرضين للراوية

ارقدوا عافية

المشاء

Post: #311
Title: Re: الرواية الاسفيرية الثانية لسناجلة:شات Chat
Author: Elmosley
Date: 10-30-2005, 07:23 AM
Parent: #310

الحبيب اسامه تاكد بانني امر من هنا يوميا واستمتع

دون الدخول بشوكي الي حقل الورد هذا
فلك ولضيوفك كل الحب

Post: #312
Title: -كنت "مغرود " فيك -انت صاحب مبادرات ابداعية خلاقة
Author: osama elkhawad
Date: 10-30-2005, 01:19 PM
Parent: #311

موسيقارنا الكبير يوسف الموصلي:
انت صاحب مبادرات ابداعية خلاقة
فانت اول من قام بممارسة نقد علمي للغناء السوداني مع صديق عمرك الراحل المقيم:
اميقو
وانت موزع ماهر وفنان مطرب
حقيقة مرحب بك تحت سقف الوردة,
وانا فعلا كنت "مغرود " فيك
فلو سمحت ارجو ان تعطي القراء شرحا مبسطا لمفهوم الكاونتربوينت
وهو مفهوم موسيقى اتكأ عليه ادوارد سعيد
وتترجم الكلمة عربيا ب:
طباق
وسنعود لذلك في حديثنا عن نص محمود درويش في رثاء ادوارد سعيد:
طباق
مرحبا بك دائما تحت سقف وردتنا
وكل سنة وانت اكثر ابداعا وتألقا

محبتي
المشاء

Post: #313
Title: Re: -كنت "مغرود " فيك -انت صاحب مبادرات ابداعية خلاقة
Author: Elmosley
Date: 10-30-2005, 07:06 PM
Parent: #312

بجيك تب ابشر بالخير

Post: #314
Title: Re: -كنت "مغرود " فيك -انت صاحب مبادرات ابداعية خلاقة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 10-31-2005, 06:47 AM
Parent: #313

up

Post: #315
Title: مثال حي وعظيم للعصامية الابداعية:الموسيقار الموصلي
Author: osama elkhawad
Date: 10-31-2005, 08:03 AM
Parent: #314

مبدعنا الكبير حقا:
الموسيقار الموصلي
اسعدني كلامك الاتي:
Quote: بجيك تب ابشر بالخير

وفاتني ان اقول انك مثال حي وعظيم للعصامية الابداعية
وهذه قصة معروفة
لكنها تؤكد مدى مثابرتك

أتذكر جيدا مقالاتك مع الراحل المقيم اميقو في :
مجلة الاذاعة والتلفزيون
وكنت -أنا- وقتها كاتبا يتحسس مواقع اقدامه
و مما اذكره انك قلت في تحليلك الموسيقي لاغنية لصلاح مصطفى ان نهاية مقدمة الاغنية توحي بان الاغنية في سبيلها لبلوغ النهاية

مساهمتك تدعم ما نطمح اليه في ان يكون هذا البوست بوستا جماعيا,
وان يشارك فيه كتاب و مبدعون وقراء بما يدعم فكرته الاساسية التي بلورها ناحتها الغائب,
المقيم في ذاكرة الوردة:
مازن مصطفى

وفي انتظارك يا موصلي

وحتى ذلك الحين ,
ساعود لمواصلة ردي على كاتبنا:
حافظ خير

محبتي للجميع بلا استثناء

المشاء

Post: #316
Title: عرض نقدي ل:شات
Author: osama elkhawad
Date: 10-31-2005, 08:31 AM
Parent: #315

نقدم الان عرضا نقديا لرواية سناجلة الثانية :
شات
*****

شات: ولادة لعصر روائي جديد
شات... رواية واقعية رقمية رائدة لمحمد سناجلة
د.السيد نجم

أخيرا صدرت "شات" الرواية الرقمية الثانية للروائي الطبيب الأردني "محمد سناجلة". أصدر الروائي منذ أربع سنوات روايته الأولى "ظلال الواحد". وجاءت "شات" معبأة بخبرات تلك السنوات, جديدة وعميقة, ليس على المستوى الاسلوبى واللغوي والمهارات الإبداعية التقليدية, بل وعلى المستوى التقني لإخراجها فنيا. الرواية معده للقراءة على شاشة جهاز الكمبيوتر وليس كالرواية التقليدية. . وتعد متعة بصرية وسمعية وذهنية معا.
استخدم الروائي "محمد سناجلة" لتحقيق ذلك, برنامج "فلاش ماكروميديا".. وإخراج فني استمر شهرين كاملين, وهى على موقع اتحاد كتاب الإنترنت العرب على الرابط:
www.arab-ewriters.com/chat/
يذكرنا الإخراج الفني لها بالإخراج الفني للأفلام السينمائية حيث تبدأ الرواية بغلاف رقمي بصري تتساقط فيه الأرقام من أعلى الشاشة إلى أسفلها ثم يظهر عنوان الرواية" شات" متوهجا في منتصف الشاشة.
"العدم الرملي" هو عنوان الفصل الأول, الذي يفتتح المشهد فيه بلقطة ليل حالك السواد ثم تتضح الرؤية قليلا مع بزوغ الشمس وأشعتها التي تتكسر على صحراء ممتدة مترامية الأطراف، وتتحرك الرمال والكثبان الرملية مع صوت ريح الصحراء لتعطي رؤية مشهدية بصرية كاملة لأجواء هذا الفصل الذي يصور حياة بطل الرواية في العالم الواقعي
وباستخدام التقنيات الرقمية المختلفة المستخدمة في بناء صفحات الويب وبالذات تقنية النص المترابط( هايبر تكست) ومؤثرات المالتي ميديا المختلفة من صورة وصوت وحركة وفن الجرافيك والأنيميشنز المختلفة يقدم لنا السناجلة رواية رقمية بصرية لم تشهدها الرواية العربية من قبل وتعتبر فتحا جديدا لهذه الرواية وتأسيسا حقيقيا لرواية الواقعية الرقمية كرواية قادرة على حمل معطيات العصر الرقمي والتعبير عنها.
تدور أحداث الرواية في الواقعين الحقيقي والافتراضي وترصد الرواية لحظة تحول الإنسان الواقعي من كينونته الواقعية إلى كينونته الجديدة كإنسان رقمي افتراضي يعيش ضمن المجتمع الرقمي بتجلياته المختلفة
تبدأ أحداث الرواية في العالم الواقعي وفي صحراء سلطنة عمان تحديدا حيث يعمل بطل الرواية في إحدى الشركات متعددة الجنسيات وتصور الرواية جدب هذا الواقع وفقره ووحدة الإنسان المفزعة فيه ويعزز هذا الشعور حركة الرمال والكثبان الرملية التي تأتي كخلفية للأحداث مع صوت صفير ريح الصحراء وليلها المدقع وكأنما يريد أن يقول "سناجلة" إن هذا الواقع لا يمكن عيشه أو الاستمرار فيه، هو رعب الوجود الإنساني في العالم الواقعي.
تنتقل الأحداث إلى العالم الافتراضي بانتقال بطل الرواية من وجوده في العالم الواقعي إلى كينونته الرقمية وولادة الإنسان الافتراضي الذي يعيش في المجتمع الرقمي، وتأتي الرؤية الخلفية البصرية للمشاهد باللوحات الجميلة والمصحوبة بالموسيقى التي يعلو صوتها تدريجيا.. للتعبير عن الوجود الافتراضي الجديد والجميل, الوجود البديل.. عن لحظة الانتقال هذه من الوجود الواقعي إلى الوجود الرقمي/الافتراضي, فبدل الصحراء المجدبة وحركة كثبان الرمال وأنين الريح تأتي المشاهد كلوحات مبهجة مع صوت الموسيقى, وكأنما يريد أن يقول الروائي إن العالم الافتراضي هو الحقيقي الذي يجب أن يكون.
كما ويتم استخدام مقاطع من أفلام سينمائية لتعميق الأفكار المطروحة حيث نشاهد مقاطع من فيلمي
American Beauty & The Matrix
واستخدام هذه المقاطع بذكاء في الرواية, وهو ما أضاف متعة جديدة على الرؤية البصرية الحركية للرواية الجديدة.
ومن الواضح تماما أن سناجلة يستخدم في هذه الرواية لغة مختلفة تماما عن اللغة التي اعتدناها في الرواية العربية التقليدية وهو يطبق تماما ما قاله سابقا في كتابه التنظيري "رواية الواقعية الرقمية "من أن لغة الرواية الجديدة لن تستخدم الكلمات فقط:
" في لغة رواية الواقعية الرقمية لن تكون الكلمة سوى جزء من كل، فبالإضافة إلى الكلمات يجب أنْ نكتب بالصورة والصوت والمشهد السينمائي والحركة"
تعد رواية "شات" بما أضافته من جماليات وإجادة في التقنيات, مع رواية "ظلال الواحد" السابقة عليها (صدرت عام 2001).. شهادة ميلاد عملية بأننا نشهد الآن في عالمنا العربي, وللمرة الأولى, نشهد ميلاد فن رائد وجديد, حتما سينال ما يستحق من تقدير, بقدر ما بذله الروائي الشاب "محمد سناجلة" من جهد فني وفكري رائد, وربما عصبي أيضا (وقد عايشت شهوره الأخيرة عن قرب).
وتأتي " شات" لتعزز التجربة وتضيف إليها أبعادا جديدة خصوصا بعد اكتمال الأدوات التقنية لدى الروائي. . وربما تصبح تلك الرواية دعوة إلى المبدعين العرب والنقاد للانتباه لهذا الفن الجديد في جنس الرواية, الذي قد يشي بميلاد جنس أدبي آخر جديد!!

Post: #317
Title: Re: عرض نقدي ل:شات
Author: mazin mustafa
Date: 10-31-2005, 01:54 PM
Parent: #316

الصديق الخواض..
الاعزاء تحت سقف الوردة..

اشتاق كثيرا للسقف.."الذي يمتد دوما..حاملا معه قاطنين جدد..كالجندرية..والبرنس (الذي منح الجنسية السقفية منذ زمن)..
استمتع كثيرا بقدرات الجندرية الجميلة وحسها النقدي,وهي لا تخيب ظنا..
وسبب غيابي يتعلق بالجندر في عمقه..وبصورة ما بكتابات الجندريةومركز دراسات الجندر..
اذ انني مشغول بجمع الداتا من النت (عن الجندر والعولمة والحراك السكاني ومواضيع كدة)
ادخل الي الايمايل باحثا عن الخواض:بيناتنا مواعيد وانا عاتب عليك..
ورغم انني مشغول بالحب وشياطين اخري"العمل أسوأها"
الا انني اجهز في كتابة حول تقلص مفهوم المكان الاجتماعي بمعناه القديم..وانتاج عولمة الحداثة لتجمعات جديدة علي مايسمي بالفضاء الاسفيري..

موضوع الرواية الرقمية..موضوع طريف واستمتع بما فيه من اضافة"هي معتادة من استاذنا الخواض"..
وهي تذكرني بالاتجاهات ما بعد الحداثية العديدة التي رفضت مفهوم الجنس الفني(في اطار محاولات ما بعد الحداثة المستمرة لفحص مفاهيم الحداثة وثوابتها الميتافيزقية)
محاولات عديدة نشأت في هذا الاتجاه:
محاولة عرض كافكا استنادا للموسيقي"تحدث عنها ميلان كونديرا في كتابه الوصايا المغدورة..
بالاضافة الي ما يقوم به الشاعر قاسم حداد(وهو من رواد الاسفير)مع الموسيقي خالد الشيخ..
ومؤخرا وجد كتابات كثيرة تحمل المفردة"نص"
كفتح للدلالة الانطولجية علي مسارب تأويلية لامحدودة..
وهي نصوص رغم احتوائها علي البني الروائية"كنص سناجلة"الا انها متداخلة مع بني بممكنات مختلفة..
وهي ترتبط بالمحاولات التي تهدف لتطويع الملتميديا لخدمة الفنون القديمة(مبالغة:الرواية بقت فنون قديمة)عوضا عن قهرها كما تنبأ العديد من الكتاب...

المهم..
سأحاول الا انقطع...



عزيزي الخواض:
السعادة احدي اجمل منجزات الخيال الانساني..
تعرف في مقطع عاجبني شديد لسليم بركات في رواية الاختام والسديم:
(سألته:
ما الفرق بين مني الرجل ومني رجل اخر؟
اجاب:
خيال صاحبه)




غايتو..

مع محبتي..

Post: #318
Title: Re: عرض نقدي ل:شات
Author: osama elkhawad
Date: 10-31-2005, 05:43 PM
Parent: #317

مرحبا بعودة صديقنا :
مازن مصطفى
وسنعود للتعقيب على مقال عودته الحميدة المستطابة
المشاء

Post: #319
Title: Re: عرض نقدي ل:شات
Author: munswor almophtah
Date: 10-31-2005, 08:05 PM
Parent: #318


Post: #320
Title: Re: عرض نقدي ل:شات
Author: osama elkhawad
Date: 10-31-2005, 08:19 PM
Parent: #319

عزيزي منصور
دعنا نكن صريحين
لا يمكن لاي احد ان يمنعك من ان تقول ما تريده,
لكن هذا البوست معني بمسائل الحداثة والهوية و العولمة
وكونك تريد ان تقنعني باهليتك ككاتب ,
فهذه مسالة اخرى,
ولا علاقة لها بالبوست
هذا بوست نأمل ان يكون جماعيا في منتهاه,
وهو محافظ على هذا الايقاع
نصوصك التي اوردتها مشكورا ,
لا محل لها في ايقاع الوردة
ويبدو ان البرنس بحسه الجمالي,
قد فتح بابا اخر من ابواب الجحيم,
بدون ان يدري

وسنعود لكي يستعيد البوست ايقاعه
*ستجد ردا عليك في بوست البرنس حول الفرق بين الطلقيت والطلاقة

المشاء

Post: #321
Title: الى مازن
Author: osama elkhawad
Date: 10-31-2005, 10:20 PM
Parent: #320

صديقنا مازن
كويس انك بخير
ومداخلتك شحمانة ,
ولذلك سارد عليها بشكل مختصر ,
لاني مفروض انوم بعد شوية
مساهمتك تعطي دليلا اخر على ان ما حاولناارساءه ضمن مساهمات الكثيرين في الفضاء الثقافي السوداني,
تجد تجاوبا مثمرا
والجندرية وتراث و معاويةالبلال هم دليل دامغ على تخرصات الموهبجية وماسكي الخيط من النص,
وهذه اشارة مهمة وردت في رد لطيف على تقولات المتناقد وتابعه المتأكدم
وسارجع الى مساهمة لطيف القيمة
و اعجبني أكثر انك ما تزال تواصل نحتك كما في :
Quote: الجنسية السقفية

السقف في انتظار مساهمتك المتوقعة حول المكان في زمن العولمة وحول الجندر
وانت عزيزي دليل اخر على ان الكاتب والفنان ,
لم يعد موهبجيا ,
وانما يرفد موهبته بعمل اخر
وفي سبيل تقصينا لتشكل مفهوم جديد عن الكاتب ,
سنعود لعبد الحي ,
وسنثبت ان اعتراضات بولا وحسن موسى حول الغابة والصحراء,
لم تكن منطلقة من استبعاد التراث الاسلامي العربي,
كما تقوّل بذلك المتناقد في بوست الافروعروبية,
وانما لتاسيس مفهوم جديد عن الكاتب
وهو ما نجده في بوست حسن موسى عن الدليل الفالح في استخدامات الطيب صالح

متلوم معاك بخصوص الحوار,
ومتلوم كمان مع محسن خالد اذ وعدته بالرد على سؤاله الاول ,
رغم اعتراضي علي صيغته العمومية
ارسل لي الاسئلة كلها ,
وساجيب عليه دفعة واحدة حتى لا اكرر كلامي
محبتي
وفي انتظار قلمك النابه
المشاء
*بخصوص بوست حسن موسى,
راجع سودان فور اول

Post: #322
Title: Re: الى مازن
Author: mazin mustafa
Date: 11-01-2005, 01:05 PM
Parent: #321

اعزائي تحت السقف..
ساحاول استغلال اجازة العيد لقراءة ما فاتني وانجاز كتابة المكان..
موضوع الجندر احتاج لداتا عنه(هو لا يخصني بقدر ما يخص حبيبة لي زنقهاالوقت..ويجب ان تسلم مقترح بحثها بعد العيد)
يا جندرية..
ما زال مركز دراسات الجندر يحتاج للكثير من الجهد..





عزيزي الخواض..
الموضوع يستهويني بشدة..ومنذ الحديث عن "قوة الموهبة العمياء"(وهو نحت لطيف بمناسبة الحديث عن النحت)..
لا اعتقد في ما يسمي الروح الشعرية..او الموهبة
واعتقد ان مفهوم التطبع(وهو مفهوم ارسطي في الاصل.قام باعادة تخليقه بيير بورديو)اقرب لشرح ما نسميه بالموهبة..
ساحاول شرح "التطبع"بالاضافة الي توأمه"مفهوم المجال"مابين كتاباتك حول تشكيل مفهوم الكاتب..

وسأحاول ان ارقد عافية...

Post: #323
Title: Re: الى مازن
Author: osama elkhawad
Date: 11-01-2005, 06:42 PM
Parent: #322

مازن
انت من وضع قواعد السقف ,
ولذلك فالوردة تطالبك بان تعود بكتابتك هنا في اقرب فرصة بعد العيد

نعود لاستبصارك الجديد حول الموهبة ,
حين قلت:
Quote: عزيزي الخواض..
الموضوع يستهويني بشدة..ومنذ الحديث عن "قوة الموهبة العمياء"(وهو نحت لطيف بمناسبة الحديث عن النحت)..
لا اعتقد في ما يسمي الروح الشعرية..او الموهبة
واعتقد ان مفهوم التطبع(وهو مفهوم ارسطي في الاصل.قام باعادة تخليقه بيير بورديو)اقرب لشرح ما نسميه بالموهبة..

برنس هو من قال ب:
قوة الموهبة العمياء
في نقاشنا الحامي في القراءة الخاطئة
وهو ما قادني الى الكلام عن :
Quote: الموهبجية

وهم طائفة من المبدعين,
يعتمدون اساسا على مخزونهم من الموهبة,
وهي في كل الاحوال مفهوم غائم,
ويمكنك ان "تستخدمه" بالطريقة التي تراها
وهذا في حال من احوال استخداماته ,
يعتمد على المصداقية الاخلاقية
وهذا كلام قد نعود اليه ,
ونأمل الا نضطر الى العودة اليه,
فهناك ما هو اهم من الرد على نباح الموهبجية
وسنعود لاكمال ردنا على حافظ خير
محبتي
المشاء

*ارجو ان تمايلني بخصوص الحوار

Post: #324
Title: Re: الى مازن
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 11-01-2005, 07:35 PM
Parent: #323

عزيزي المشاء:

في الواقع يعود مصطلح "قوة الموهبة العمياء" للناقد والمنظر المجري الفذ جورج لوكاتش, وهو قام بنحته حين لاحظ أن كاتبا مثل بلزاك تحمل رؤيته الإبداعية عبر رواياته بعدا تقدميا كشف بواسطته تلك التفسخات التي كانت تتم على صعيد الطبقات الدنيا في مجتمع "رأسمالي" مثل فرنسا بينما كان يسلك على المستوى الشخصي ضد ما كان يعتبره لوكاتش "إنسانيا" أو"ماركسيا"!.

Post: #325
Title: Re: الى مازن
Author: osama elkhawad
Date: 11-01-2005, 08:09 PM
Parent: #324

شكرا برنس على التوضيح
وهي اضاءة مهمة في مقاربتنا لموضوعة الموهبة
محبتي
المشاء

Post: #326
Title: Re: الى مازن
Author: osama elkhawad
Date: 11-01-2005, 09:11 PM
Parent: #325

لا يقتصر تاثير الانترنت ,
والانفوميديا بشكل عام,
على الرواية فقط,
وانما تمتد الى المسرح ايضا
وادناه سنورد مقالا لدكتورة البريكي من الموقع التجريبي لاتحاد كتاب الانترنت العرب

تعريف (المسرحية التفاعلية:

تعرف د.فاطمة البريكي المسرحية التفاعلية Interactive Drama
(المسرحية التفاعلية) هو المقابل العربي الذي وضعته في ترجمتي للمصطلح الأجنبي (Interactive Drama). كما يوجد مصطلح أجنبي آخر هو (Hyperfiction)، لكنه، حسب اطّلاعي وقراءتي فيه، لا يختلف في دلالته عن المصطلح السابق، إذ إن معظم الدراسات التي تتناول المسرح الجديد الناشئ في رحم التكنولوجيا الرقمية وشبكة الإنترنت تستخدم أحد هذين المصطلحين دون أن تميّزه عن الآخر، وفي ذلك دلالة على عدم افتراقهما عن بعضهما.
وفي إحدى الدراسات المتوفرة على شبكة الإنترنت عن (المسرح التفاعلي) توجد إشارة صريحة إلى عدم اختلاف المصطلحين في الدلالة عن بعضهما، فهما متشابهان في الفكرة الجوهرية، وهي أنهما يعنيان ذلك المسرح الذي يقدم أداء غير محدد النهاية، والجمهور له مطلق الحرية في اختيار المسار الذي يريد أن يكمل به المسرحية، بناء على الشخصية أو الحدث الذي يشدّه أكثر من غيره، وبهذا، تختلف المسرحية، نصًا وأداءً، من مشاهَدَة إلى أخرى.
وسأعتمد في حديثي عن (المسرحية التفاعلية) المصطلح الأجنبي (Interactive Drama) إن استدعت الضرورة استخدامه، وذلك تأكيدًا على البعد التفاعلي.

تُعرَّف (المسرحية التفاعلية) بأنها نمط جديد من الكتابة الأدبية، يتجاوز الفهم التقليدي لفعل الإبداع الأدبي الذي يتمحور حول المبدع الواحد، إذ يشترك في تقديمه عدة كُتّاب، كما قد يُدعى القارئ/ المتلقي أيضًا للمشاركة فيه، وهو مثال للعمل الجماعي المنتِج، الذي يتخطى حدود الفردية وينفتح على آفاق الجماعية الرحبة.

ويتوفر هذا الفن الأدبي الإلكتروني على أقراص مدمجة، أو كتب إلكترونية بصيغة (PDF) يمكن تحميلها من أحد المواقع على جهاز الحاسوب الشخصي، كما يوجد هذا اللون الأدبي الإلكتروني الجديد، في الفضاء الافتراضي، أي في فضاء شبكة الإنترنت، ولكن لا يمكن له أن يوجد في مكان مثل المسرح التقليدي بشقيّه: الخشبة والصالة. ومن خلال وجوده في الفضاء الافتراضي، يستطيع (المسرح التفاعلي) استثمار المعطيات التكنولوجية الحديثة لدعم النص المكتوب، على نحو يتجاوز فكرتي الخطية والتراتبية.

*المسرح التقليدي والمسرح التفاعلي:

إن وجوده القائم في الفضاء الشبكي أسبغ عليه عدة صفات، يمكن أن تعدّ مزايا يتفوق بها على نظيره التقليدي، ومن أهمها أنه مكتوب بلغة النصوص الإلكترونية المعتمدة على خصائص (النص المتفرع) وإمكانياته اللا محدودة.
ولعلّ كتابة النص المسرحي التفاعلي بأسلوب (النص المتفرع) هي التي فتحت له أبواب التفاعلية؛ فوجود عقد نصية، وروابط تشعبية، خاصة بكل شخصية من شخصيات (المسرحية التفاعلية)، أو بكل حدث أو عقدة فيها، يساعد المستخدم/ القارئ على تتبع خط سير الشخصية التي جذبته أكثر من غيرها، أو الحدث الذي شدّ انتباهه أكثر من غيره، دون أن يجد نفسه مضطرًا لمعرفة ما حدث لبقية الشخصيات، وما أسفرت عنه كل الأحداث، وكيف انحلّت عقد النص، كي يصل إلى مبتغاه بخصوص الشخصية التي تهمه. إنه يستطيع القفز من مكان لآخر تابعًا شخصيته التي يريد، ومتعمقًا فيها، ومضيفًا إليها في بعض النصوص، من خلال التعليقات المباشرة، أو الرسائل البريدية التي يمكن أن يتركها للمبدع، أو لمجموعة المبدعين، وبسوى ذلك من الوسائل التي تسمح له بالمشاركة في تطوير الشخصية، أو بنائها.

هذا من جهة المستخدمين/ القراء، أما من جهة المبدعين فيبدو الفعل التفاعلي بشكل مختلف، إذ يستطيع كل مبدع أن يختار شخصية ما في العمل المسرحي ليتكفّل بالكتابة عنها، وتطويرها، وفقًا لما يرتأيه هو، وبحسب منظوره الشخصي، دون أن يكون مقيدًا ببقية الشخصيات التي يتكفل بكل منها كاتب آخر.

إن المسرح في هذه الحالة سيقدم لنا نصًا (متعدد الأصوات- Polyphonic)، يمتلك القدرة على أن تعبر كل شخصية عن صوتها بشكل حقيقي دون تزييف، أو ادعاء، لأن كل شخصية تعبر عن وجهة نظر حمّلها إياها كاتب مختلف، وبهذا يكتسب العمل الإبداعي مصداقيته، في حين إن خاصية (تعدد الأصوات) في المسرحيات التقليدية قد تنطوي على قدر من التكلف والتصنّع، لأنها جميعًا تصدر عن كاتب واحد، يحاول في كل مرة تقمص دور شخصية من شخصياته، وأن يعبر عنها بأقرب صوت يمكن أن يمثلها.

ويسعى (المسرح التفاعلي) إلى بث الحياة في الفعل المسرحي الذي اكتسب جمودًا غير مرغوب فيه، وذلك من خلال بحثه عن أماكن جديدة لتقديم العرض المسرحي، في إعراض واضح عن الخشبة التقليدية العتيقة، التي كانت تمثل نصف الظاهرة المسرحية في السابق.
وها هو ذا (المسرح التفاعلي) يختار يستبدل بالخشبة بيئة حقيقية، كغرفة معيشة في أحد المنازل، أو بهو قصر، أو سطح باخرة، أو غير ذلك، متجاوزًا ما جرت عليه الأعراف والتقاليد المسرحية التي كانت تلتزم بتقديم العرض المسرحي على خشبة المسرح المضاءة، المقابلة لجمهور يجلس في صالة مظلمة، وهو بهذا يتجاوز مفهوم المسرح بوصفه أداء يُشاهد من قِبَل جمهور جامد، يجلس على مقاعد مثبتة على الأرض، إذ يتشظّى السرد الخطي التقليدي في (المسرح التفاعلي) إلى شظايا صغيرة، مولّدًا من الحدث المسرحي الرئيسي على الخشبة مشاهد عدة متزامنة، تحدث في وقت واحد، في أرجاء مسرح فضائي.
وفي هذا المسرح، تُخلَع مقاعد الجمهور المثبتة على أرضية الصالة، لتمنح للجمهور حرية التحرك في فضاء النص، وفرصة تتبع مختلف فروع الخط السردي، والانتشار في مدى مختلف ومتسع يسمح به هذا المسرح الجديد المتضخّم.

*تاريخ المسرحية التفاعلية:

يعدّ (تشارلز ديمر- Charles Deemer) رائد (المسرح التفاعلي) في الأدب الغربي بلا منازع، فقد ألّف أول (مسرحية تفاعلية) عام (1985م)، مما يدل على أنه كان من أوائل من كتب في هذا الجنس الأدبي الإلكتروني، بل إنه الأول على الإطلاق، وذلك في وقت متزامن مع ظهور أول (رواية تفاعلية) تقريبًا.
يتحدث (ديمر) عن تجربته في (المسرح التفاعلي) بنبرة تحمل الكثير من الفخر، ويذكر أنه ابتدع هذا الأسلوب في الكتابة الأدبية قبل ظهور شبكة الإنترنت وانتشارها، وقبل معرفة لغة (HTML) في أوساط الحاسوبيين، وذلك في منتصف ثمانينيات القرن الماضي.
لقد كانت البداية مع برنامج (Iris) الذي يراه (ديمر) بمثابة (النص المتفرع) لنظام التشغيل السابق (DOS)، إذ أقام بنية نصه (Chateau de Mort) عليه، بما يشبه ما يحدث الآن في النصوص التفاعلية الحديثة باستخدام خصائص (النص المتفرع) في نظام التشغيل (WINDOWS).

ولعلّ الطريف تاريخ (المسرحية التفاعلية) الأولى هو أنها لم تعتمد على تقنيات موجودة مسبقًا في ظهورها ونشأتها، كما كان الحال مع (الرواية التفاعلية) الأولى التي اعتمد فيها مؤلفها على برنامج (المسرد) الذي أعدّه قبل سنتين من كتابتها من أجل هذا الغرض، وكما كان الحال كذلك مع (القصيدة التفاعلية) الأولى التي أفادت من الخصائص الفنية التي تقدمها التكنولوجيا الحديثة، بل على العكس تمامًا، كانت نشأة (المسرحية التفاعلية) سابقة على ظهور هذه البرامج التي حفّزت المبدعين على ابتكار أساليب جديدة في الكتابة الأدبية، تواكب هذه المتغيرات التكنولوجية، وتفيد منها، وتعبر عنها في الوقت ذاته.

يقول (ديمر)، في سياق حديثه عن مرحلة البدايات في كتابة (المسرح التفاعلي)، إنه جلس ذات ليلة شتائية أمام شاشة جهازه (CPM Kaypro 2x computer)، محدّقًا في المؤشر الذي يضيء وينطفئ في الثانية مرات عدة أمامه على الشاشة، غير قادر على الكتابة.
لم يكن يعاني من حواجز نفسية تمنعه من الكتابة فقد كان متمثلا تمامًا لما هو مقبل على كتابته، ولكن المانع كان غريبًا، كان سؤالا يشغل فكره صعوبة ما، تبدو بسيطة حينًا، ومعقدة حينًا آخر، وهي: كيف يمكن له أن يرقّم صفحات المخطوط الذي سيكتبه؟
بدا هذا السؤال محرجًا له بعض الشيء، لبساطته من جهة، ولعدم قدرته على تجاوزه من جهة أخرى، ولعدم معرفته بكيفية التصرف حياله من جهة ثالثة.
كان (ديمر) قد عقد النية على كتابة نص جديد، ومختلف، لا يلتزم في ترتيب مشاهده بالخطية والتراتبية، بل سيجعل المشاهد متزامنة، تحدث في الوقت ذاته، دون التزام أي ترتيب على مستوى الزمان والمكان، وقد كان هذا سبب الحيرة التي تولّدت في نفسه، إذ كيف يمكن له ترقيم صفحات مخطوط لا يلتزم نصه بهذين المستويين. ولكنه لم ييأس أو يستسلم، وتوصّل أخيرًا إلى منهج في ترقيم نصه (Chateau de Mort)، لم يكتشف إلا بعد مرور عدد من السنوات، كم كان ذلك المنهج والعمل الذي قام به في سبيل التوصل إليه باهظًا، وصعبًا، ويحتاج إلى جهود مكثفة، كي يظهر إلى الوجود.

لقد عرف بعد مرور تلك السنوات أنه قدّم في منتصف الثمانينات تطبيقات عملية لما عُرف فيما بعد بمصطلح (النص المتفرع- Hypertext)، الذي لم يكن قد سمع عنه في حينه، وأدرك أن هذا المصطلح هو الذي أبرز الكتابة غير الخطية إلى دائرة الضوء، ووضعها في موضعها الذي تحتله اليوم.
*مدرسة ديمر لتعليم كتابة سيناريو المسرح التفاعلي:

ومن الضروري الإشارة إلى ان جهود (ديمر) في (المسرح التفاعلي) لم تتوقف عند كتابة أول (مسرحية تفاعلية)، أو عند كتابته لعدد من المسرحيات التفاعلية بعد ذلك، ولكنه بالإضافة إلى ذلك أسّس مدرسة لتعليم كتابة (سيناريو- Screenplay) المسرح التفاعلي، ويمكن الدخول على الرابط التالي، لمعرفة تفاصيل الدورات التي يقدمها، ومدتها، والمطلوب من الطالب المسجّل فيها إنجازه خلالها، والهدف الذي يجب أن يتحقق بعد انتهاء مدة الدورة.

لقد وضع (ديمر) تعريفًا بهذه الدورات القصيرة المدى غالبًا في موقعه الشخصي على الشبكة على العنوان التالي:
SCREENWRIGHT:
the craft of screenwriting
Charles Deemer's self-guided course
in writing the Hollywood screenplay
http://www.pcez.com/~cdeemer/index.htm

وليست الدورات التدريبية التي يقدمها (ديمر) هي الوحيدة المتوفرة على شبكة الإنترنت لتعليم فن (المسرح التفاعلي)، إذ تطالعنا بعض المواقع على الشبكة تعلن عن تنظيمها لدورات وصفوف دراسية لتأهيل الكتّاب المسرحيين الجدد للكتابة المسرحية التفاعلية الجماعية (collaborative hyperdrama literary format).

ويبدو وجه الاختلاف بين توجه هذه المدرسة وتوجّه (ديمر) أن هذا الأخير يركز على البعد التفاعلي بين الجمهور والممثلين في أثناء العرض، كما أنه يتيح للمستخدم/ القارئ حرية اختيار الأحداث والشخصيات التي يرغب في متابعتها على مستوى القراءة النصية أو حضور العرض المسرحي، وذلك من خلال الصيغة غير الخطية التي يقدم نصوصه من خلالها.
*كتّاب المسرحية التفاعلية الجماعية:

أما أرباب الكتابة المسرحية التفاعلية الجماعية فيبدو البعد التفاعلي عندهم على مستويين، الأول منهما بين مجموعة من الكتاب، الذين يختار كل منهم شخصية من شخصيات المسرحية ليكتب عنها، وينتقل معها من حدث إلى آخر ليكتب موقفها من هذا الحدث، أو دورها فيه، وليسجل انفعالاتها وعواطفها، وغير ذلك. ثم يأتي المستوى الآخر للتفاعل، الذي يظهر من خلال تفاعل المستخدم/ القارئ مع ما يُعرض أمامه، إذ سيختار كل واحد منهم خيطًا مختلفًا من خيوط النص المسرحي ليتتبعه، مما يجعل النص المسرحي ينتهي بشكل مختلف من مستخدم/ قارئ لآخر.

ومن المواقع التي تهتم بهذا النمط من الكتابة المسرحية التفاعلية موقع (The Company Therapist)، على الرابط التالي:
http://www.thetherapist.com/Explanation.html
ومن أمثلة (المسرحيات التفاعلية) في الأدب الغربي:
The Last Song of Violeta Parra
The Bride of Edgefield
CHATEAU DE MORT
BATEAU DE MORT
TURKEYS
RANCHO!
COCKTAIL
SUITE


Post: #327
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عمر دفع الله
Date: 11-02-2005, 03:01 AM
Parent: #1


أخونا اسامه

كل عام وأنت تحت الورد والياسمين
وربنا يحقق الاماني بلم شملنا
إلى سمائنا الأولى وشوارعنا الأولى

( قالت بنفسجة لجارتها عطشت وكان عبدالله يسقيني )

عمر

Post: #328
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Mohamed Adam
Date: 11-02-2005, 03:34 AM
Parent: #1

لكل المتداخلين بهذا البوست:
كل عــام وأنتم بخيًر.
نتمني لكم العفو والعـــافيًه.

Post: #329
Title: الكاونتربيونت
Author: Elmosley
Date: 11-02-2005, 03:54 AM
Parent: #328

في الموسيقي الكاونتربوينت يعني تحديدا

اللحن المضاد فيكون هنالك لحن اساسي يتم تأليف لحن اخر مضاد له

والتضاد هنا ياتي في عدة صور

1- في صورته المتوازيه
2-في صورته المقلوبه
3-في صورته العكسيه
4-في صورته العكسية المتقهقرة
5-في صورته العكسية المقلوبة المتقهقرة
6-في صورته الهارمونية الراسية
7-في صورته الكانونية اي التلاحقية

Post: #330
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عمر دفع الله
Date: 11-02-2005, 04:28 AM
Parent: #1


كل عام والجميع بخير
وربنا يحقق الاماني

الأخ محمد آدم
شكرا لهذا التنبيه الرقيق

عمر

Post: #331
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-02-2005, 11:30 AM
Parent: #330

I will be back ,to greet and honor our guests
Almashaaa

Post: #332
Title: عيد سعيد للذين هم تحت سقف لاهوت الوردة يبدعون
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 11-02-2005, 11:43 AM
Parent: #331

عزيزي أسامة الخواض
كل سنة وأنتم بخير وعيد مبارك

هل قرأت ماكتبه الأخ عثمان حامد في سودانفورال
هذا هو اللنك:
عفواً عزيزي الخواض!!!!
مع مودتي

Post: #333
Title: Re: عيد سعيد للذين هم تحت سقف لاهوت الوردة يبدعون
Author: osama elkhawad
Date: 11-02-2005, 12:43 PM
Parent: #332

yes,brother Abdo,
i will respond to it when i get arabic access
thanks
Almashaaa

Post: #334
Title: Re: عيد سعيد للذين هم تحت سقف لاهوت الوردة يبدعون
Author: mazin mustafa
Date: 11-02-2005, 02:15 PM
Parent: #333

UP

Post: #335
Title: كل عام وشعب الوردة ومحبيها بخير
Author: osama elkhawad
Date: 11-02-2005, 05:21 PM
Parent: #334

كل عام وشعب الوردة* ومحبيها,
بخير

تحياتي لصديقنا الشاعر التشكيلي وفنان الكاريكاتير"هل فنان الكاريكاتير ما تشكيلي؟"
عمر دفع الله

وها هو يلتقي تحت سقف الوردة بفنان اخر من جيل اخر هو :
مازن مصطفى

ويرحب سقف الوردة-أيضا- بالتفاعل الجميل الذي قام به صديقنا الأمستردامي:
عثمان حامد
في منبر السودان للجميع حول تنظير سناجلة للزمن الرقمي
وسنعود اليه لاحقا

وساعود للموصلي بعد شكره شكرا لا حد له على تبسيطه للكاونتربوينت "الطباق الموسيقي"

فقط دعوني انشر في بوست بعد قليل عرضا قام به الكاتب اللبناني احمد برون لرواية سناجلة الثانية "شات"

ارقدوا عافية
المشاء
*
طبعا نحنا ما عندنا "التابعية السقفية"!!!!!!

Post: #336
Title: رواية تحقق انقلابا فعليا في نظام الكتابة والقراءة-شات... رواية العصر
Author: osama elkhawad
Date: 11-02-2005, 05:28 PM
Parent: #335

رواية تحقق انقلابا فعليا في نظام الكتابة والقراءة
شات... رواية العصر
الناقد أحمد بزون


يكفي أن نضغط على الموقع الالكتروني www.arab-ewriters.com/chat/ لنغرق في قراءة رواية عربية تتقن السباحة جيداً في أثير الشبكة العنكبوتية.
فمن دون أن تكون هناك ضرورة لتحديد عنوان الناشر ما دام افتراضياً، ولا اسم دار النشر ما دام حضر البديل منه، صدرت حديثاً الرواية العربية الرقمية الأولى، على الأقل من حيث شكلها، حاملة عنوان <<شات>>.

يمكن أن نعتبر هذه الرواية، التي كتبها وأخرجها مؤلفها الأردني محمد سناجلة، حدثاً على مستوى النشر العربي، وإن كان بعض رواد القلم يستهين، حتى الآن، بمسألة النشر الالكتروني أو النتاج الإبداعي الالكتروني، ويعتبرها نوعاً من <<الخزعبلات>>، فارداً عبارات الحنين إلى بياض الورق ورائحته التي لا أظن أنها تسرّ أحداً.
<<تورطنا>> في قراءة الرواية، وصاحبها هو رئيس اتحاد كتاب الانترنت العرب، فأدخلتنا بالفعل في مناخ جديد من الكتابة والقراءة، يتماهى ومزاج جيل الكومبيوتر أو جيل العصر الالكتروني، مثلما يتماهى ولعبة جديدة يتنافس فيها الأدب مع الفنون البصرية الجديدة الممعنة في تهميشه.

الرواية مؤلفة من 13 فصلاً أو صفحة مركبة، تقارب ترقيم المسلسلات التلفزيونية.
تفتح الشاشة فينهمر من أعلاها إلى أسفلها شلال من تكرارات الرقمين صفر وواحد اللذين يحكمان لغة الكومبيوتر، لنجد أنفسنا أمام مشهد طبيعي صحراوي سينمائي، وتصدح موسيقى، وبعد ذلك تتوالى الصفحات، من دون أن تتكرر أشكالها كما هي العادة في الكتاب/ الرواية.
فتارة يُخترق النص بمقطع سينمائي يعود إليه حوار الشخصيات، أو بمشهد مصوّر يصفه النص، أو بصورة لوحة يأتي على ذكرها، أو بفلاشات متوهجة تحيلك على هوامش معلوماتية، أو على شاشات تراسل SMS وتقنيات الشات والماسنجر.

الرواية ليست مزحة أو لعبة أطفال، كما يمكن أن يعتقد البعض. فنحن لا نريد هنا أن نناقش المضمون الذي أتت به، ولا الأفكار التي تضمنتها، فهذا أمر آخر، وهي لا تدّعي صفة ما يسمى ب<<الرواية الكبرى>>، إنما من الضروري أن نتعرف على هذا الأسلوب السردي الجديد الذي يحقق انقلاباً فعليا في نظام الكتابة والقراءةً، فبدلاً من أن تكون الكتابة النصية مهيمنة تماماً على أساليب السرد، صارت هذه الكتابة جزءاً من الرواية الرقمية، أو عنصراً واحداً من عناصر ما يسمى <<المالتي ميديا>>، وهي تضم، إلى الكلام، الصورة والصوت والمشهد المتحرك والألوان.

الأسلوب السردي في الرواية الرقمية تحوّل إلى لعبة فنية متعددة الأدوات، تشبه في أحد وجوهها كتابة السيناريو،
إنها كتابة مفصلية، متقطعة، تتحدد فيها نقاط العبور إلى التقنيات البصرية المشاركة في فنية السرد.

أنت لا تستطيع أن تقرأ باسترخاء تام،
لأنك تبقى مدفوعاً بأمواج متلاحقة من المفاجآت والمؤثرات،

تجعلك مشدوداً ومستفَزّاً ومنجذباً إلى تبدل الألوان والتماعات الصور والتقلبات المفاجئة في طقس الرواية.

هي ليست الرواية الرقمية الأولى في العالم، ولعل تجارب كتب الأطفال كانت سباقة في هذا المجال، لكنها الرواية الرقمية الأولى بعد تجربة رواية سابقة لسناجلة حملت عنوان <<ظلال الواحد>> لم تبلور التجربة كما هي مع <<شات>>.

صحيح أننا لا نقرأ الرواية الرقمية بالاسترخاء المعروف لقراءة الرواية، إلا أننا ندخل في فتنة ألذّ، من التأرجح بين الواقع والافتراض، حيث للخيال ملعب يتسع لكل بني الخلق.
-عن السفير اللبنانية-

Post: #337
Title: Re: رواية تحقق انقلابا فعليا في نظام الكتابة والقراءة-شات... رواية العصر
Author: osama elkhawad
Date: 11-02-2005, 09:54 PM
Parent: #336

أعود للتعقيب على صديقنا :
عثمان حامد

وسأبدا بتفصيلة ليست اساسية في ما قال به عن الرواية الرقمية
وهي تفصيلة مهمة في زعمنا
وتتعلق بطريقة ادارة الصراعات الثقافية ,
والحوارات الثقافية
وهو تمييز مهم
وساعود الى ذلك

يقول صديقنا عثمان:
Quote: وذلك طبعاً برغم تحفظي المنهجي على طريقة الخواض في إدارته لحواراته ومعاركه، والتى سبق أن اوضحتها في بوست سابق له، في سودانيز اون لاين. كوم، عندما كنت أكتب هناك من قبل سنة تقريباً.


وكمقدمة لردي ,لان الليل اليل عندنا بتوقيت الساحل الشرقي الامريكي ,
اورد ردي على البرنس في بوسته عن المختارات,
وبعد ذلك ساعود لكلام يتعلق ببولا,
وبحوارنا هنا ,
وعن الطريقة التي ادير بها حواراتي,
وهي طريقة على الاقل لها طابع ثنائي

وأدناه ردي على البرنس:
Quote: شيخنا البرنس
احترم شجاعتك النقدية ,
وهي شجاعة لا تتعلق بالمخالفين فقط ,
وانما بالذين يرتبطون معك بمشروع مشترك في خطوطه العامة,
كما في حالتي على الاقل
احساس المراقب بالتاكيد ليس كاحساس المندغم في النقاش
وعموما قد تأتي مرحلة ستجد فيها انك لا بد ان تدافع عن وجودك بشكل شرس,
أمام كتبة يصدرون شهادة اعدام لوجودك

متى تاتي لا اعرف

أنت تمتلك شراسة مثل شراستي,
واحسست بنفَس منها في بعض ردودك ,
وبامكاني اثبات ذلك

و ان شا الله ما يجي اليوم الذي ستبرز فيه تلك الشراسة كاملة
وهي شراسة لا يمكن تجنبها الا بان تصمت عن محركها,
وتقوم بسفهه
كما في حالة صديقنا لطيف
وهي حالة احترمها في حدود معرفتي اللصيقة بلطيف

لكن الحوارات الثقافية لا تتم دائما ,
وفي اغلب الاحيان,
بالطريقة التي اختارها لطيف,
وهي طريقة اصلا لن تقود الى حوارات ثقافية ,
بالمعنى الذي تعرفنا عليه على مستوى الخطاب الثقافي في العالم كله,
بقدر اطلاعنا عليه


وسنعود كان الله هوّن
المشاء

Post: #338
Title: Re: كل عام وشعب الوردة ومحبيها بخير
Author: Elmosley
Date: 11-03-2005, 05:39 PM
Parent: #335

تعال ومرحب بيك في بوستك

Post: #339
Title: عن الطباق كما قال به موصلي
Author: osama elkhawad
Date: 11-03-2005, 06:09 PM
Parent: #1

مبدعنا الكبير:
يوسف الموصلي
كل عام وأنت بخير ,
واسرتك الكريمة
ونتمنى ان يكون العام القادم عاما حافلا بالانجازات الابداعية والاكاديمية

كلامك مهم جدا,
لانه يتعلق بمفهوم ادوارد سعيد عن الطباق
وادوارد سعيد كان يعزف البيانو بمهارة عالية

شكرا جزيلا ,
وسنعود الى تكلمة ردنا المختصر على صديقنا :
عثمان حامد
في بوسته الذي بسطه في سودان للجميع
محبتي يا موصلي
المشاء

Post: #340
Title: لسنا مسيحيين
Author: osama elkhawad
Date: 11-03-2005, 09:39 PM
Parent: #339

عزيزي عثمان
كل عام وانت بخير
ساكون مختصرا في الرد
كلامك عن ادارة حوارتي تنقصه الدقة,
فلي صراعات ثقافية ,
كما انني مخرط في حوارات ثقافية
مسألة الصراعات والحوارات الثقافية
لا تتعلق باسود وابيض,
وانما هذا اجراء منهجي للتفريق بينهما
الصراعات الثقافية هي بين اطراف مختلفة في رؤاها
اما الحوارات الثقافية فهي بين اطراف تتقاسم المشروع المشترك
فالصراعات الثقافية في حدود ما اثبتنا هي بين اطراف غير متكافئة ,
تسعى الى هدم الاخر ونفيه
ليس لدي اعتراض على ذلك ,
لكنها لم تستطع اثبات رؤاها
واعطيك مثلا ,
وارجو الا اعود للحديث عنه,
وهو بشرى الفاضل
فقد قال في رد على ان علاقته بالنقد ,
لا تسمح له بالدخول في نقاشات مع اخرين من ضمنهم بولا:
قال الاتي:
Quote: ذكر ت انني احشر نفسي حشرا في نقد لا افقه فيه شيئاً .
وقد ظللت منذ بوستات وبوستات منذ البوست في الترحيب ببولا وقبله ارفض المشاركة في الكتابة النقدية ,
لانها كتابة تحتاج لتخصص ووقت ومتابعة وحس يصل الى النفاذ للجوهر وعلى الرغم من اعتقاد راسخ لدي بانني امتلك هذا الحس الا انني لا امتلك بقية الادوات مما ذكرت

هو لا يمتلك ادوات النقد,
ويريد فقط الدخول معنا في نقاش يستند فقط على امتلاكه لحس نقدي؟
هو لا يحاور بولا وغيره ,
لانه غير متخصص,
ولكنه يريد ان يحاورنا؟
لماذا؟

ودعني اعبر عن ذلك بلغة يعرفها الجميع من متحدثي العربية في السودان:
هل نحن "حيطته القصيرة"؟

هذا كلام فيه "حقارة" شديدة

لكننا لم نأبه به وانصرفنا الى كشف ذهنيته الاكاديمية والبيروقراطية و النقدية المتخلفة

واسالك,لو كان بامكانك تقبل سؤالي::
هل انت راض عن كلامه , أي بشرى,
كاكاديمي مفترض ومتخصص في اللغة الروسية,
وادابها,
بان يحيل امر تعريف قراء المنبر بالمقاربات النقدية الحديثة الى الفيا؟
هل انت راض عن اعلانه مقتلنا كنقاد,
ومن ضمن ذلك لطيف؟
وهل انت راض عن سخريته من كتَاب مثل الفاتح مبارك,ومحمد خلف,
والحاقهم بي؟
بشرى كان لا يهش ولا ينش نقديا,
و لم يقل بذلك الا قبل الانقاذ بقليل,
وهذه ليست مصادفة,
فالمصائب لا تأتي فرادى

وهو كان يريد ان يقشر بنا ,
في استجابته لجمهور المعجبين والمعجبات الاسفيريات,

لا نقبل بذلك

انت تعرف ان لنا خبرة ضخمة في النقاش تعلمناها من الهوامش الثقافية التي تربينا فيها
ولنا نشاطاتنا الجماهيرية المعروفة,
ولنا ,
انا ولطيف,
مبادرة تاسيس اتحاد الكتاب السودانيين,
الذي يقشر بذكره الفيا و تابعه المتأكدم

ما هي مساهمات بشرى كاكاديمي مفترض في الحركة الثقافية؟
كونه مبدعا لا يعفيه من تلك المساهمة

ينبغي على المؤسسة الاكاديمية السودانية,
ان ترفع سقف قبولها ,
وخاصة للمتخصصين تخصصا اكاديميا رفيعا في اللغات


*عن بولا :
في تعرفنا الاول على بولا ,ذهبنا الى ندوة تجمعه بمحاورين اخرين,
لكنهم هربوا جميعا,
وها هو بشرى يهرب الى جحره السعودي

أدير حوارات ثقافية مع لطيف ومع البرنس ومع حافظ خير
وهذه مسالة مختلفة
وهي حوارات مثمرة ,
لا تعيدنا الى تعريف المصطلحات

أما عن الصراعات الثقافية ,
فأقول:

لسنا مسيحيين
لن نحب أعداءنا ,
ولن نبارك لاعنينا,
ولن نقبل اليد التي تغتالنا
وسنواصل حديثنا ,
والتاريخ سيحكم حول من سيذهب الى مزبلة التاريخ

مع محبتي

وسنعود

المشاء

Post: #341
Title: لي قدّام
Author: osama elkhawad
Date: 11-04-2005, 01:24 PM
Parent: #340

لي قدّام,
واذا نظرنا الى الوراء,
سننظر-فقط-بغضب
المشاء

Post: #342
Title: Re: لي قدّام
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 11-04-2005, 08:27 PM
Parent: #341

عزيزي المشاء:

لقد أردت فقط أن أعبر من خلال ظل الوردة, معربا عن دهشة متزايدة وجوع حقيقي لمعرفة أكثر عن شاعرة أشبه بغموض ليلة شتائية.. ارتماء ظل ناعم فوق حشائش خضراء.. سطوع قمر مكتمل على قافلة تسير في صحراء لا نهائية.. غناء عذب شفيف يسافر في خلايا نهار قائظ.. تدعى "ليلى عبدالمجيد", لأشد ما أعاني الآن وسط أمواج فرحي بها, ذلك أني لم يتح لي الجلوس إليها في هذه الحياة وجها لوجه, ستظل تحفر في أعصاب وجودي القادم طويلا طويلا طويلا, ما أجملها!.

Post: #343
Title: يوم حداد لرحيل شقيق يحى فضل الله
Author: osama elkhawad
Date: 11-05-2005, 03:02 AM
Parent: #342

سنغلق البوست حدادا ،
لمدة يوم ،
لمجابرة مبدعنا يحى في الفقيد العزيز
المشاء

Post: #344
Title: Re: يوم حداد لرحيل شقيق يحى فضل الله
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 11-05-2005, 08:40 PM
Parent: #343

من أجل مقاومة الموت أوالنسيان بالكتابة برغم قداسة أحزاننا المتنامية في الخفاء مع محبتي لك وللمبدع الجميل يحيى وعميق مواساتي وصادق حزني على فقده الجلل كإنسان يدرك تماما فداحة أن يتناهى إليه نبأ رحيل شقيق وهو بعيد من الوطن!.

Post: #345
Title: نعود
Author: osama elkhawad
Date: 11-06-2005, 06:42 AM
Parent: #344

نعود
و نرجو ان يعود الينا عاشق الحياة صديقنا المبدع:
يحي فضل الله
وهو أكثر حبا للحياة
المشاء

Post: #346
Title: ليلى عبد المجيد
Author: osama elkhawad
Date: 11-06-2005, 07:35 AM
Parent: #345

عزيزي برنس
لمعرفة تفاصيل اوفى عن شاعرتنا الكبيرة ,
ليلى عبد المجيد
التي رحلت باكرا
يرجى البحث عن اسمها او اسم ميرفت في المنبر:
وادناه نص شعري قامت ببسطه ميرفت,
مع تعليق لها حول نص ليلى الشعري:

تجاعيدُ كفّيكِ ، حبّي
أنتِ أمي
التي طوّحتني
إلى أوّلِ الله

حين المدى نصفُ أهزوجةٍ
والزمانُ ضنينٌ .. ضنينُ
تعَنْكَبَ حتى أدارَ قفاه
كما لم يكن .

أسمّيكِ ، وردةَ الروحِ
ثمّ أحلم بالمنام.

أخبّئُ عند حفافي السواقي المساءات
أهزُّ جذوع البساتين
في أوّل الصيفِ
في آخر الصيفِ
ثم ألملم ، عن صفحةِ الماء ، وجهي
لكي أصطفيكِ من
الغبَشِ الوطني

هيولايَ أنتِ
وفاكهتي ال لم تزلْ
تُنهضُ الوقتَ
والأمة المقحلة.

أحبكِ،
هذا زمان ٌ تكلّس
خلف الغبار الكثيف
تفلّس ..
حتى تطَامنَ فيه
حواةُ الكلامِ
رعاةُ الحرام
الحواةُ .. الرعاةُ .. الزناةُ
يعدّون موتنا على مهلهم
يرسمون الصوى المخجلة

أحبكِ،
ثمّ أدينُ الأصابع
خلفَ الكواليس ، ترفو التراب
عليكِ ، عليّ

أدينُ رجالاتها ..
و..
أدينُ كراماتها الموجّلة .

أحبكِ،

في زمن الفلسفات الرديئة
والساسةِ المُرْهَقين
وفرسان هذا الغبار
ـ الذي يسقفُ الريح ـ
يقنونَ كل الحبائك
ـ حسب الطقوس ـ
إلى آخر المهزلة.

أحبك،

ليس على الأفق ما يلمح الآن
غير المراثي التي أوقدوها
وهذا العويل الذي
يترك الروح عريانةً
في المتاه.

أحبكِ،



ليس سوى الأسئلة.


أحبكِ،

إني تحدّرتُ من شاهق الصحو
أحصي الهواء الذي بعثروه ثلاثاً
وأشهق ..

بلّلتني الحروف

أحبكِ،

أحبُّ تجاعيدَ كفّيك
حين المدى نصفُ أهزوجةٍ
والزمانُ ضنينٌ .. ضنين
تعنكبَ حتى أدار قفاه ،
كما لم يكن .

أحبك،
ألفَ انهيار، أحبك
منذ احتقانِ المراحل
منذ الكسوف
ولثغ صغار يطوف
بدنيا الكلام ، الحروف

ثم ،
احبكِ
شمسُ النهار على راحتيكِ
هي البسملة.
أحبكِ
في النبضِ أنتِ
وفي السورِ المنزّلة

ليلى عبد المجيد / كوستي

( مكتوبة عام 94 تقريباً .. والقصيدة تحكي شغف ليلى بالدامر ، على طريقتها .. وهي كانت مجرد مسوّدة قد لا تكون مكتملة ، لدرجة انها كانت مكتوبة من دون عنوان.... ميرفت

Post: #347
Title: Re: ليلى عبد المجيد
Author: mazin mustafa
Date: 11-06-2005, 10:31 AM
Parent: #346

الأيام العالية"
تلك السنوات التي يقضونها في تقشير
أسمائهم عن صنعة الأباء
عندما كانت الادوات بدائية
سعى الله إلى منحهم بعض الوقت
للتفكير فيما يخصه
فيما هم يتناوبون شتم أقدارهم
بخفة القردة والكائنات المنزلية الاليفة"
عثمان بشري:أفعال الجاذبية....


توطئة:علم الاجتماع الادبي:
لم يجد بعد القبول بين اوساط الكتاب والعاملين عليها ..
الي الان ماتزال النظرة البائدة الي عملية الانتاج الادبي والفني(بل والثقافي ) تخدم مصالح الكثيرين ممن يطربون للتكريس السائد:
ذوات مختلفة تماما ..هائمة في سموات الوحي ..ولا تنطبق عليها العلوم(التي تنطبق علي القراء فقط)..
هي فكرة الدارس للعلوم الاجتماعية المتعالي علي تطبيقها فيه..
دعنا نقول:هي عقلية:علة كل معلول مرة اخري...
(هذه النظرة لا تنطبق علينا فقط:كمناطق اقل نموا!!..بقدر ما هي سائدة في كل مجالات الانتاج الثقافي..كانما الامر يحتاج الي مبدع مستحيل علي المعرفة لانتاج نص مختلف..ورغم العزف المتواصل:من رولان بارت:لذة النص مرورا بدريدا:الكتابة والاختلاف ..رغم كل السابق واللاحق لايزال الاختلاف مرتبطا بميتافيزيقيا الوحي الفني العظيم..)
هنا يتفق الجميع..المثالي والمادي..الاسكولائي الجديد والكانتي الاحدث..

ليست توطئة:
ما ان يأتي الامر الي النصوص..حتي يسود نوعا دراسة باتا ممجوجان:الدراسة الاجتماعية للمقولات:وهي في صورتها الافضل تقوم بدراسة الثيمات والافكار والمواقف من العالم الخارج نصي..
امثلة:محاولات هيبوليت تين(وهي ضمن بواكير علم الاجتماع الادبي)وتقوم بالاختزال الشهير:كل ما كتب همنجواي بعد سنة عشرين نتيجة مباشرة لتصنيف الادب سياسيا في تلك المرحلة..بتعبير اخر اتذكر كولن ويلسن في كتابه:فن الرواية,وهو يرثي تخبط وحيرة همنجواي بعد سنة عشرين,ولا ينسي التعريج علي مقولات اعمال د.ه.ويلز:الذي يلوح وكانما لا يوجد لديه ما يفعله بصدد حالة العالم!!
(لذا يستحق كل من بورخس ,فورستر,يونسكووبيكيت انحناء احترام,بغض النظر عن موافقتهم الافكار..)
المثال الاخر "بلاشك "هي تلك الاختزالات الماركسية الشهيرة(والتي تحث الطمام والاضطرابات المعوية)و تكنس كل فنية العمل بحثا عن انعكاسات البنية التحتية..
اليكم هذا المقطع من (دراسة!!!!!!!)قام بها الدكتورعبد العزيز حمودة داخل كتابه:علم الجمال والنقد الحديث:
"ذلك هو الفراغ الذي غلف حياة شباب الطبقة التي كان ايهاب حسن ينتمي اليها,وهو الفراغ الذي يصب فيما بعد,من وجهة نظره,في الفساد الاداري في مصر.والواقع ان ذلك الفراغ الخانق والقاتل للقدرة علي الابتكار والتجديد,هو ,الذي دفع ايهاب حسن مبكرا الي التفكير في التغيير.وتتعقد خطوط الصورة بشكل متزايد في محاولتنا لتكوين الواقع النفسي لذلك الشاب......................................................."
لا..ليس قديما..طبع هذا الكتاب بواسطةمكتبة الاسرة ضمن"سلسلة الاعمال الفكرية..سنة99"
النوع الثاني من الدراسات:
الدراسات التي اهتمت بايجاد فنية العل الفني..
اي الدراسات التي اهتمت بالاجابة علي السؤال:
مالذي يجعل من كتابة ما عملا ادبيا او فنيا؟
اين,بالضبط,تكمن ادبية العمل الادبي؟
,وهو السؤال الذي تتوالي الاجابات عنه (او يستمر تعميقه,منذالشكلانيين الروس وحتي الان..)
وهو رغم اقترابه من الغريق..الا ان العديد من الشوائب ما تزال تغلف العمل الفني..
تحديدا عند تلك النقطة التي مكنكها البنيوين كثيرا:المؤلف
لذا ما يقول ناشر بورديو في الغلاف الخلفي:
يناقش بيير بورديو في هذا الكتاب فكرة منتشرة عن ذات فنية مبدعة,أبدعت نفسها بنفسها في فراغ مطلق,وهي فكرة تغرق العمل الفني في غموض صوفي مفعم بأإسرارر الخلق والالهام غير القابلة للفهم,وبالمواهب الاستثنائية والقدرات العبقرية التي تقاس "بقواعد" فنية نهائية للامتياز,لا يعرف احد من اين جائت ولامبرر جدارتها بالقبول.
وقد تكون"قواعد الفن"الجمالية التي سنها الالهام دعما لسلطات مهيمنة دميمة تطمح الي جعل مقولاتها الفكرية والوجدانية ابدية.."
د.عبد العزيز حمودة في نشاز منفرد:
"ان العاجزين ,والعاجزين فقط,هم الذين يحسون بقصورهم امام القوانين الفنية,والضعفاء والادعياء هم الذين يشعرون بثقل قيودها,والجهلاء هم الذين ينادون بالخروج عليها"
ما علينا..فجون برين روائي انجليزي تعجبني اعماله,ولكنني لا استطيع القول بان كتابه(المسمي بذات اسم كتاب كولن ويلسون)فن الرواية,كتاب بمستوي اعماله الروائية..
يقول عن التجريب:"لا يوجد شيء تعجز عن قوله الرواية الواقعية"
رغم صعوبة وصف اعماله ب"الواقعية"
ربما "نعمل خير"لو تجاهلنا اراء معظم اَل الفن عن اعمالهم..(اقتراح غير جاد)...
المهم:
لسة ما دخلت في مفهوم التطبع...
حارجع قريب..








مع محبتي...

.

Post: #348
Title: تواضع السارق وتهافت المسروق
Author: osama elkhawad
Date: 11-06-2005, 05:52 PM
Parent: #347

عزيزي مازن,
أعجبتني سخريتك النقدية الموحية من صاحب :
Quote: المرايا المحدبة


الذي يسرق منه صاحبنا ,

كما اثبتنا بتوثيق دقيق,
في مناسبات عديدة في هذا المنبر

فقد قلت عن حمودة:
Quote: د.عبد العزيز حمودة في نشاز منفرد:

وفي مكان اخر من مساهمتك:
Quote: اليكم هذا المقطع من (دراسة!!!!!!!)قام بها الدكتورعبد العزيز حمودة

وفي الاشارة الى فهم حمودة النقدي المتخلف,قلت في حديث ساخر عن كتابه:
Quote: لا..ليس قديما..طبع هذا الكتاب بواسطةمكتبة الاسرة ضمن"سلسلة الاعمال الفكرية..سنة99"


يا صديقي لن يصح الا الصحيح,

وان معادن النقدة ,
ستتضح عاجلا او اجلا,

لكن المشكلة هي في تواضع السارق

فقد قيل:
Quote: لو سرقت اسرق جمل!


و نتمنى ان تواصل

ارقد عافية

المشاء

Post: #367
Title: Re: عن الطباق كما قال به موصلي
Author: Elmosley
Date: 11-11-2005, 09:42 AM
Parent: #339

لك الشكر عزيزي الخواض

وحقيقة الامر ان الكاونتربيونت هو

صديق كل ضروب الفنون

محبتي

Post: #349
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبد الله عقيد
Date: 11-06-2005, 07:54 PM
Parent: #1

الأخ الأستاذ اسامة الخواض
لك التحية وكل عام وانت بالف خير
مع خالص المودة

Post: #350
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Emad Abdulla
Date: 11-06-2005, 10:32 PM
Parent: #1

يا أروع .. يا مشاء

ليس إلا سكينة ..
إلا بكر العذوبة يمنح نصك ..
هذا الساطع البهي
و ..
( يفتح طقس ) إشتهاء المحبة




يا جميل .. يا مشاء


ودي والإحترام

Post: #351
Title: مرحبا بك ياود عقيد تحت سقف الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-07-2005, 05:55 PM
Parent: #350

مرحبا بك ياود عقيد تحت سقف الوردة
كل عام وانت أكثر سعادة وصحة وابداعا
محبتي
المشاء

Post: #352
Title: عزيزي الفنان عادل-عن مفهوم العبور
Author: osama elkhawad
Date: 11-07-2005, 06:57 PM
Parent: #351

عزيزي الفنان عماد عبد الله ,
كل عام وانت بخير
من بروفايلك عرفت انك فنان تشكيلي
وانك من محبي محمود درويش وامل دنقل و المتنبئ
ومما يسعد سقف الوردة,ان ينضم اليه فنانون تشكيليون,
ومبدعون من مختلف الخطابات
وهي تجربة –كما قلت قبل ذلك –لم يكن مخطط لها سلفا,
لكن مبادرات مازن وصحبه الجميلين خلقت هذا السقف المتعدد ,
بتعدد المشاركين وتعدد الرؤئ
فهو سقف يحفل بروائيين وشعراء وناقدة ونقاد وموسيقي وتشكيليين ,وقراء ممتازين
ولهذا علاقة بمفهوم اشتغل عليه ادوارد سعيد,
اي العبور
وعبّر عنه باحثون وباحثات من العالم الثالث والعالم الاول
فهنا نعبر الحدود بين الثقافات وبين الخطابات الابداعية وبين الانظمة المعرفية
نحن هنا مع التعدد والهجنة
على مستوى مقاربة الغابة والصحراء ,
ومستوى مقاربة الخطاب النقدي في صيغته العولمية,
ومقاربة الهوية في سياق العولمة,
وعلى المستوى الابداعي عموما ,
في كافة خطاباته
وانت ادرى مني بالتشابكات القائمة مثلا بين التشكيل والشعر
و لعل موضوع العبور هو المشكل لشخصية هذا البوست
ستجد حدثينا عن دنقل ودرويش في مقبل الايام,
حين نواصل تعقيبنا على علامية العنوان في جدارية درويش كما طرحها صديقنا والكاتب الكبير:
عبد اللطيف على الفكي
مرحبا بك مرة اخرى تحت سقف الوردة
وسنعود
المشاء

Post: #354
Title: عزيزي حسن الطيب يس
Author: osama elkhawad
Date: 11-07-2005, 08:04 PM
Parent: #352

وجدت اسمك من المتداخلين,
ولم اعثر حتى الان على مداخلتك
ساعود حين اعثر عليها

مرحبا بك تحت سقف الوردة

ارقدعافية

المشاء

Post: #355
Title: Re: عزيزي حسن الطيب يس
Author: osama elkhawad
Date: 11-08-2005, 06:25 AM
Parent: #354

أخيرا عثرت على رد الاخ الكريم:
حسن الطيب يس
وقد نشره في ا لصفحة الاولى ,
فلم يظهر تحت سقف الوردة
وهذا ما قال به حول قتل الوردة:
Quote: ألم يقتلوا الوردة فقط
حتى بذرتها ولقاحاتها ذروها في الهواء
حتى لا تعد من جديد الفةالورد قائمة بيننا


و الله ديل حرقوها بالنار ثم ذروها في الهواء

مازالت هنالك ورود ,تقاوم
وكون اننا على وعيي بان كثيرا من الورود يتم قتلها,
هو بداية طريق جديد يدافع عن حق كل الورود في الحياة
محبتي
وسنعود
المشاء

Post: #356
Title: مساهمة لطيف عن الحداثة
Author: osama elkhawad
Date: 11-08-2005, 07:06 AM
Parent: #355

تضيئ مساهمة لطيف عن الحداثة,ما قلنا به عن العبور والهجنة,
وسنعود لذلك كمقدمة مهمة تدخلنا في محور الهوية الجزء الاول –الانتماء والعولمة
ولذلك نطرح مساهمة لطيف الموجزة والمهمة لمزيد من القراءة المتأنية
المشاء

Post: #357
Title: Re: مساهمة لطيف عن الحداثة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 11-08-2005, 01:47 PM
Parent: #356

إلى حين عودة:

Post: #358
Title: مساهمة لطيف عن الحداثة:الغموض,كراع جوة وكراع بره
Author: osama elkhawad
Date: 11-08-2005, 04:39 PM
Parent: #357

نعيد نشر مساهمة لطيف التي بسطها تحت سقف الوردة يوم السادس من اكتوبر,
وفي انتظار برنس ,
وقد سبق له ان فتح بوستا بخصوص مفهوم العبور بين الناس والثقافات شاركنا فيه معا.
هذه مساهمة لطيف وقداخترت لها عنوان الغموض ..كراع جوّة وكراع برّة
الحداثة ، عزيزي أسامة ، ليست بـ(فتنـة) . و إن كان الذين لا يشتغلون عليها يرونهاعند الذين يشتغلون بها سواء هنا أو في الثقافة الأطلسية نوعاً من ( الفتون )/ الكلمة التي رسيلتها من الشارع ( نوعاً من الشلاقة ) / . الحداثة في التفكير ، و التفكير ليس شيئاً سوى تفسير ، تتطلب التراكم لا الانقسام في إما / أو .

عزيزي أسامة ، نشهد الآن هذه الانكفاءة في انعزال الثقافة العربية من بقية جميع ثقافات العالم لانعدام الديمقراطية و تزايد الهوس . أول علامات تزايد الهوس هو تزايد هوس الخوف . الخوف من التراث ، الخوف من الدين نفسه ، الخوف من الغرب ، الخوف من مواجهة هذا الانقطاع الذي تم منذ حريق مكتبة الاسكندرية . يحيط بنا الخوف ، عزيزي أسامة . و أول صديق للحداثة هو انعدام الخوف . الحداثة ليست شيئاً يمكن أن تمسكه من الوسط . لأن الذين لا يشتغلون بالحداثة شغل تراكم و تطبيق ما إن أمسكوها من الوسط حتى تبدت لهم نوعاً من هراء أو لغط قول . في القريب الأدنى كان السرد أدباً من الدرجة الثانية في الثقافة العربية . و في العشرينات كانت الصحافة السودانية الأدبية تكافيء من يكتب على نمط الشعر الجاهلي في عناصر القصيدة من ناقة و صحراء و أطلال . و ما خالف ذلك فهو جديد لا أصل له . فجاء الشاعر حمزة الملك طمبل ينشر قصائد أسماها قصائد سودانية في الروح و الطبيعة و العناصر فهوجم هجوماً شرساً في كونه شاعراً لا تراث له ، فرد عليهم بالسؤال الحاسم : على أية أنقاض تراث قام بناء خزان سنار ؟ .

منذ أن انقطعت الثيولوجيا الإسلامية التي كانت تُسمى في عصرها بـ(علم الكلام) انقطع حال ترتيبنا بالآخر . كان الآخر في نصوصه الاغريقية الآتية عبر السريانية نسميه (النص الدستور) . الآخر أصبح غريباً اليوم ، و نضحك على أي نحت جديد في لغتنا . نحن لا شيء عزيزي أسامة اليوم لأننا لا نعرف تراثنا لأننا نجتر أكثر عوائق التراث نفسه ، و لأننا لا نعرف الآخر الذي يعاصرنا .

فالحداثة هي الخروج من هذا ( اللاشيء ) الذي أصبح يتنفس و يأخذ ملامحه من ملامحنا . و حين ننقده يعتبر كثير منا إنما ننقد أنفسنا . فهو توأمنا في ملامحه و صوته . و الوحيدون الذين يفرقون بين التوأمين هم الذين يشتغلون بالحداثة .

عزيزي أسامة ، الحداثة لا ضـدَّ لها . و لا مكان لها . الذين لا يشتغلون عليها لا يقدمون شيئاً ذا ملامح منه يقولون هذا شغلنا . الذين لا يشتغلون عليها شغلهم هو مسخها أو اتهامها بالالتواء و الغموض . رغم أن الغموض شيء ـ عزيزي أسامة ـ لا مكان له في معجم الثقافة ناهيك أن يكون في معجم الحداثة . مردود مقولة (أبو تمام ) حين قيل له لماذا تقول ما لا يفهم ، فقال لماذا لا تفهم ما يقال ـ مردود لا ينفع هنا ، أو الحادثة الفعلية التي حدثت له حين قال في بيت له (لا تسقني ماء الملام فإنني صب قد استعذبت ماء بكائي ) فجاءه رجل ضد الحداثة يدق عليه الباب و حين فتح أبوتمام بابه بادره قائلا مادا له وعاءً : أريد قليلا من ماء الملام . فرد أبوتمام سآتيك به ولكن شرط أن تأتني بريشة من جناح الذل . ردا أبي تمام لا ينفعان هنا . لأن الحداثة الآن شبكة من الأفكار و تداخل العلوم بعضها ببعض و ليست وقفاً على مقارعة الحجة بالحجة . كما و أنها في تراكم متواصل سريع ينبني بعضه ببعض . ليست هي قطار تركبه من أي محطة . إنها لا تشبه فكرة القطار في محطاته ؛ إنها القطار منذ الصناعة الأولى حتى الآن .

فقراءة س في الحداثة تتطلب قراءة ص و ك و ب الخ الشبكة المتداخلة بعضها ببعض . الحداثة بناء متكامل و حب لذهنية لا تعرف التجزء إما/أو

Post: #359
Title: Re: مساهمة لطيف عن الحداثة:الغموض,كراع جوة وكراع بره
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 11-09-2005, 09:58 PM
Parent: #358

نعتذر من بسط نصوص الشاعر الكبير درويش هنا لإحتوائها على أخطاء طباعية لا نهائية من المصدر المنقول عنه:

http://www.akhbarelyom.org.eg/adab/issues/643/0701.html

Post: #360
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: صديق الموج
Date: 11-09-2005, 10:41 PM
Parent: #1

الجلوس الى حاملى المسك حثنا عليه الرسول الكريم..

مررت فقط باحثا عن العطر.....

وفعلتم لكم عظيم شكرى وودى،،،،

Post: #361
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mansur ali
Date: 11-10-2005, 09:21 AM
Parent: #360

Quote: ليس دفاعا عن كتابي الجديد



محمود درويش
(فلسطين)

لستُ من الذين ينظرون إلي المرآة برضا. المرآة هنا هي انكشاف الذات في صورة صارت ملكية عامة... أي صار من حق غيرها أن يبحث عن ملامح ذاته فيها. فإذا وجد فيها ما يشبهه أو يعنيه من تعبير وتصوير، قال: هذا أنا. وإذا لم يعثر علي شراكة في النص / الصورة، أشاح بوجهه قائلاً: لا شأن لي!
كما أخشي هذا التعليق الذي صار رائجاً في العلاقة بين الكثير من الشعر الحديث وبين أغلبية القُرَاء، منذ استمرأ الكثيرون من الشعراء توسيع الهُوَة بين القصيدة وكاتبها الثاني: المتلقِي الذي لا يتحقق المشروع الشعري بدونه، وبدون تحركه في اتجاه النص. التُهَمُ متبادلة بين الطرفين. لكن أزمة الشعر، إذا كانت هنالك أَزمة، هي أزمة شعراء. وعلي كل شاعر أن يجتهد في حلِها بطريقته الإبداعية الخاصة.

أَعلَمُ أنني سأُتَهم، مرة أخري، بمعاداة شعر الحداثة العربية التي يُعرِفُها العُصَابيُون بمعيارين. الأول: انغلاق الأَنا علي محتوياتها الذاتية دون السماح للداخل بالانفتاح علي الخارج. والثاني: إقصاء الشعر الموزون عن جنَة الحداثة.. فلا حداثة خارج قصيدة النثر. وتلك مقولة تحوَلت عقيدةً يُكَفِرُ مَنْ يقترب من حدودها متسائلاً. وكُلُ مَنْ يُسَائِلُ الحداثة الشعرية عما وصلت إليه يُتَهَم، تلقائياً، بمعاداة قصيدة النثر!

لم أَكُفَ عن القول إن قصيدة النثر التي يكتبها الموهوبون هي من أَهم منجزات الشعر العربي الحديث، وإنها حقَقت شرعيتها الجمالية من انفتاحها علي العالم، وعلي مختلف الأجناس الأَدبية، لكنها ليست الخيار الشعري الوحيد، وليست الحل النهائي للمسألة الشعرية التي لا حلَ نهائياً لها، فالفضاء الشعري واسع ومفتوح لكل الخيارات التي نعرفها والتي لا نعرفها. ونحن القراء لا نبحث في التجريب الشعري المتعدِد إلاَ عن تحقُق الشعرية في القصيدة، سواء كانت موزونةً أَو نثرية.

وأَعلم أَيضاً أَن مجموعتي الشعرية الجديدة، كسابقاتها، ستُزوِد خصومي الكثيرين بمزيد من أَسلحة الاغتيال المعنوي الشائعة في ثقافة الكراهية النشطة. سيُقال ـ كما قيل ويُقال ـ إنني تخليت عن شعر المقاومة . وسأعترف أمام القضاة المتجهمين بأَنني تخلَيت عن كتابة الشعر السياسي المباشر محدود الدلالات، دون أَن أَتخلَي عن مفهوم المقاومة الجمالية بالمعني الواسع للكلمة... لا لأن الظروف تغيَرت، ولأننا انتقلنا "من المقاومة إلي المساومة ، كما يزعم فقهاءُ الحماسة، بل لأن علي الأسلوبية الشعرية أن تتغيَر باستمرار، وعلي الشاعر أن لا يتوقف عن تطوير أَدواته الشعرية، وعن توسيع أُفقه الإنساني، وأن لا يكرِر ما قاله مئات المرات... لئلاَ تصاب اللغة الشعرية بالإرهاق والشيخوخة والنمطية، وتقع في الشَرَك المنصوب لها: أَن تتحجر في القول الواحد المعاد المـُكَرَر. فهل هذا يعني التخلِي عن روح المقاومة في الشعر؟

أَما من دليل آخر علي المقاومة سوي القول مثلاً: سجّل أنا عربي، أو تكرار شعار: سأُقاوم وأُقاوم؟ فليس من الضروري، لا شعرياً ولا عملياً، أن يقول المقاوم إنه يُقاوم، كما ليس من الضروري أن يقول العاشق إنه يعشق. لقد سمَانا غسان كنفاني شعراء مقاومة دون أَن نعلم أَننا شعراء مقاومة. كنا نكتب حياتنا كما نعيشها ونراها. وندوِن أحلامنا بالحرية وإصرارنا علي أن نكون كما نريد. ونكتب قصائد حب للوطن ونساء محدَدات. فليس كل شيء رمزياً. وليس كل ساق شجرة نخيل خصر امرأة أو بالعكس!
لا يستطيع الشاعر أن يتحرَر من شرطه التاريخي. لكن الشعر يوفِر لنا هامش حرية وتعويضاً مجازياً عن عجزنا عن تغيير الواقع، ويشدنا إلي لغة أَعلي من الشروط التي تُقيِدنا وتُعرقل الانسجام مع وجودنا الإنساني، وقد يُساعدنا علي فهم الذات بتحريرها مما يُعيق تحليقها الحر في فضاء بلا ضفاف.
إن التعبير عن حق الذات في التعرف علي نفسها، وسط الجماعة، هو شكل من أشكال البحث عن حرية الأفراد الذين تتكون منهم الجماعة. ومن هنا، فإن الشعر المعبر عن سِمَاتنا الإنسانية وهمومنا الفردية ـ وهي ليست فردية تماماً ـ في سياق الصراع الطويل، يُمثِل البعد الإنساني الذاتي من فعل المقاومة الشعرية، حتى لو كان شعر حُب أو طبيعة، أو تأمُلاً في وردة، أو خوفاً من موت عادي.

ليس صحيحاً أنه ليس من حق الشاعر الفلسطيني أن يجلس علي تلَة ويتأمَل الغروب، وأَن يصغي إلي نداء الجسد أو الناي البعيد، إلا إذا ماتت روحه وروح المكان في روحه، وانقطع حبل السُرَة بينه وبين فطرته الإنسانية.
وليس الفلسطيني مهنة أو شعاراً. إنه، في المقام الأول، كائن بشري، يحبُ الحياة وينخطف بزهرة اللوز، ويشعر بالقشعريرة من مطر الخريف الأول، ويُمارس الحب تلبيةً لشهوة الجسد الطبيعة، لا لنداء آخر... وينجب الأطفال للمحافظة علي الاسم والنوع ومواصلة الحياة لا لطلب الموت، إلا إذا أَصبح الموت فيما بعد أفضل من الحياة! وهذا يعني أن الاحتلال الطويل لم ينجح في محو طبيعتنا الإنسانية، ولم يفلح في إخضاع لغتنا وعواطفنا إلي ما يريد لها من الجفاف أمام الحاجز.

إن استيعاب الشعر لقوَة الحياة البديهية فينا هو فعل مقاومة، فلماذا نتهم الشعر بالردة إذا تطلَع إلي ما فينا من جماليات حسية وحرية خيال وقاوم البشاعة بالجمال؟ إن الجمال حرية والحرية جمال. وهكذا يكون الشعر المدافع عن الحياة شكلاً من أشكال المقاومة النوعية.

هل أتساءل مرة أُخري إن كان الوطن ما زال في حاجة إلي براهين شعرية، وإن كان الشعر ما زال في حاجة إلي براهين وطنية؟ إن علاقة الشعر بالوطن لا تتحدَد بإغراق الشعر بالشعارات والخارطة والرايات. إنها علاقة عضوية لا تحتاج إلي برهان يومي، فهي سليقة ووعي وإرادة. ميراث واختيار. مُعْطيً ومبدع. ولكن الشعر الوطني الرديء يسيء إلي صورة الوطن الذي يشمل الصراع عليه وفيه مستويات إبداعية لم ننتبه إليها دائماً.

لذلك، فإن حاجتنا إلي تطوير أشكال التعبير عن الجوانب الإنسانية في حياتنا العامة والخاصة، بتطوير جماليات الشعر، وأَدبية الأدب، وإتقان المهنة الصعبة، والاحتكام إلي المعايير الفنية العامة، لا إلي خصوصية الشرط الفلسطيني فقط، هي مهام وطنية وشعرية معاً، وهي ما يؤهِل شعرنا للوصول إلي منبر الحوار الإبداعي مع العالم، فيصبح الاعتراف بقدرتنا العالية علي الإبداع أحد مصادر الانتباه إلي وطن هذا الإبداع. فكم من بلد أَحببناه، دون أن نعرفه، لأننا أَحببنا أَدبه!

هكذا تمحِي الحدود بين وطنية الشعر وبين نزعته الدائمة لاجتياز حواجز الثقافات والهويات، والتحليق المشترك في الأفق الإنساني الرحب، دون أن ننسي أن للشعر دوراً خاصاً في بلورة هوية ثقافية لشعب يُحارب في هويته.
نعم، علي الشعراء أن يتذكروا كل العذاب، وأَن يُصْغوا إلي صوت الغياب، وأَن يُسَمُوا كل الأشياء، وأن يخوضوا كل المعارك. ولكن عليهم أيضاً ألا ينسوا واجبهم تجاه مهنتهم. وأَلا ينسوا أن الشعر لا يُعَرَف، أساساً، في ما يقوله، بل بنوعية القول المختلف عن العادي، وألا ينسوا أن الشعر متعة، وصنعة، وجمال. وأَن الشعر فرح غامض بالتغلُب علي الصعوبة والخسارة، وأنه رحلة لا تنتهي إلي البحث عن نفسه في المجهول.

وأنا هنا، لا أُدافع عن كتابي الجديد الذي لم يعد لي. ولم أَعد أتذكر شيئاً منه، منذ خرج مني وأَدخلني في مأزق السؤال الفادح: ماذا بعد؟ بل أُدافع عن حق الشعراء في البحث عن شعر جديد، يُنَقِي الشعر مما ليس منه. فإن شقاء التجديد المتعثِر أَفضل من سعادة التقليد المتحجر.

(نص كلمة درويش في حفل التوقيع علي كتاب كزهر اللوز أو أبعد في رام الله)

من منتخبات جهة الشعر

Post: #362
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-10-2005, 11:24 AM
Parent: #361

عزيزي صديق الموج
مرحبا بك تحت سقف الوردة مع حاملي المسك,كما ذكرتهم في كلامك الاتي:
Quote: الجلوس الى حاملى المسك حثنا عليه الرسول الكريم..

مررت فقط باحثا عن العطر.....

وفعلتم لكم عظيم شكرى وودى،،،،

وهنالك الكثير والذي سييساهم فيه كاتبات كبيرات و كتاب كبار وقراء ممتازون
وسنعود لكلام درويش المهم الذي بسطه صديقنا منصور علي
محبتي
المشاء

Post: #363
Title: ثقافة الكراهية النشطة
Author: osama elkhawad
Date: 11-10-2005, 11:58 AM
Parent: #362

لدى تعليقات مختصرة حول ما طرحه درويش ,
وهي تتعلق بمجمل ما اثرناه مع كتاب اخرين,
وخاصة البرنس

سبق ان نوهنا الى مفهوم العبور ,
والعلاقة بين الذاتية والعالمية
اي بين الهوية في منطلقها الضيق وبين العولمة,
وهو ما سنثيره بالتفصيل حين نشرع في الجزء الاول من محور الهوية المتعلق بالانتماء والعولمة
وهنا يعبر درويش عن تلك العلاقة المتبادلة بين الانا والاخرين,
بين الهوية والعولمة:
Quote: هكذا تمحِي الحدود بين وطنية الشعر وبين نزعته الدائمة لاجتياز حواجز الثقافات والهويات، والتحليق المشترك في الأفق الإنساني الرحب، دون أن ننسي أن للشعر دوراً خاصاً في بلورة هوية ثقافية لشعب يُحارب في هويته.

وهو ما يطوره اكثر حين يتحدث عن توسيع الافق الانساني
Quote: وعلي الشاعر أن لا يتوقف عن تطوير أَدواته الشعرية، وعن توسيع أُفقه الإنساني

قبل ان نعلق على حديث درويش عن
Quote: "ثقافة الكراهية النشطة",

نحب ان ننوه الى اننا قد نشرنا في هذا المنبر ما قال به درويش عن واقع الشعر العربي ,في زيارته الاخيرة لتونس,
حين رجع الى المتنبئ متحدثا عن بؤس الواقع الشعري العربي الراهن,
مما اثار عليه موجة من الانتقادات تتهمه بالرجعية تجاه موقفه من التيارات الشعرية الراهنة
اما تعليقي الاخير فيرمي الى التذكير بما قلناه انا والبرنس ,
في نقاشات سابقة عن
Quote: الكتابة بمحبة
و
Quote: الكتابة بكراهية
,
وهو ما اشار اليه درويش حين قال:
Quote: وأَعلم أَيضاً أَن مجموعتي الشعرية الجديدة، كسابقاتها، ستُزوِد خصومي الكثيرين بمزيد من أَسلحة الاغتيال المعنوي الشائعة في ثقافة الكراهية النشطة

وسنعود
محبتي
المشاء

Post: #364
Title: Re: ثقافة الكراهية النشطة
Author: mazin mustafa
Date: 11-10-2005, 01:33 PM
Parent: #363

اصدقائي تحت السقف..

اليومين دي الخرطوم مبتهجة..
عاطف خيري وعلاء الدين سنهوري بالخرطوم...
عاطف كان يوم الثلاثاء بمركز عبد المجيد امام..
وفي نفس اليوم اعلنوا عن علاء يوم الثلاثاء البعدو..
واعلن مامون التلب عن معرض ليًًَُ..
المهم..
قاعد اجهز ومحتفل بالقادمين...


الدعوة لكل البقدروا يجوا...



والي ان اعود ببقية الكتابة...
لكم محبتي...

مازن..

Post: #365
Title: مبروك مقدما المعرض يا صديقنا مازن
Author: osama elkhawad
Date: 11-10-2005, 03:23 PM
Parent: #364

مبروك مقدما المعرض يا صديقنا مازن
ومزيد من الانجازات
واعمل لينا عرض ليهو
تحياتنا للمبدعين:
عاطف خيري
و
علاء سنهوري
وفي انتظار بقيةكتاباتك
ارقد عافية
المشاء

Post: #366
Title: Re: مبروك مقدما المعرض يا صديقنا مازن
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 11-11-2005, 08:55 AM
Parent: #365

up

Post: #368
Title: Re: مبروك مقدما المعرض يا صديقنا مازن
Author: osama elkhawad
Date: 11-12-2005, 12:36 PM
Parent: #366

مرحبا بالموصلي مرة اخرى تحت سقف الوردة
سنعود يوم الاثنين كان الله هون لاسباب تتعلق باكل العيش
ونامل ان نجهز للحديث عن مساهمة لطيف وعن الجزء الاول في محور الهوية والمتعلق ب:
الانتماء والعولمة
محبتي
المشاء

Post: #369
Title: فليصبح هذا البوست عاليا بمساهماتكن\م
Author: osama elkhawad
Date: 11-13-2005, 02:42 AM
Parent: #1

فليصبح هذا البوست عاليا بمساهماتكن\م
فهذا بوست نطمح في ان يكون بوستا جماعيا بامتياز
المشاء

Post: #370
Title: مقترح بتنظيم الحوار والمحاور
Author: osama elkhawad
Date: 11-14-2005, 08:34 PM
Parent: #369

سلامات
نعود كما وعدنا

وقد ارتأيت ان نجعل المساهمات والحوار هنا في صيغة محاور حتى ينحصر النقاش والاهتمام
وحتى تكون المساهمات محصورة ولا تتبدد في اماكن اسفيرية نائية ,
تتعب القراء كي يجمعها في مكان واحد
ولهذا نقترح ان نكمل الحوار حول مساهمة لطيف المهمة عن جدارية محمود درويش
ثم نعود بعدها الى مساهمته حول الحداثة وحالها الراهن
وذلك النقاش يكون مقدمة لمحاور الهوية الثلاثة:
1-الانتماء والعولمة
2-الهوية في "طباق " درويش
3-الغابة والصحراء-أفخاخ القراءة الخاطئة
طبعا ما اقول به هو ما اعددته وما اقوم باعداده
ويمكن ان تكون هنالك اضافات لكل محور
ولمازن ان يقوم باكمال مساهمته هنا
ارجو ان اسمع تعليقاتكم حول مقترحي الاخير
مع محبتي
المشاء

Post: #371
Title: كان اقتراحا "طوباويا"
Author: osama elkhawad
Date: 11-15-2005, 08:40 PM
Parent: #370

يبدو ان اقتراحي بتنظيم الحوار والمحاور هنا كان "طوباويا"
والدليل ألا احد قد علق على ذلك
كان همي ان يكون البوست جماعيا,
وهو جماعي,
لكنه ليس بالمعني الذي كنت ارجوه في متاهتي الطوباوية
يبدو ان "مايسترو "البوست هو الذي سيحدد
لا اعتراض لي على ذلك
فانا محضر ما بطال لما ساقول به
وربما ان الاخرين ينتظرون ما ساقول به
ويبدو انني كنت متفائلا بشكل اكثر من اللازم,
أو في الحقيقة انني لم اقدر الامور بشكل معقول
فمساهمتي لطيف ,
لم يعلق عليهما احد غيري
او على الاقل يعد بذلك
ايزابيلا وعدت بذلك ,
لكنها لم تف بوعدها
عموما ساتولى الامر

وساعود
المشاء

Post: #372
Title: Re: كان اقتراحا "طوباويا"
Author: mazin mustafa
Date: 11-16-2005, 12:37 PM
Parent: #371

dear :
osama

up>>
and i will return with my topic







with my love>>>>>>

Post: #373
Title: Re: كان اقتراحا "طوباويا"
Author: osama elkhawad
Date: 11-16-2005, 04:06 PM
Parent: #372

في انتظارك يا نحات
ساعود بمقدمة مختصرة عن الموت في الشعر العربي المعاصر ,
وعلاقة درويش عموما بالموت في خطابه الابداعي بشكل عام

ثم نتحدث عن دلالة البياض في "جدارية",
وهل ان لذلك علاقة بالبياض عند امل دنقل في :
Quote: اوراق الغرفة 8


ثم نعود للحديث عن علاقة الموت بالاسم,
ونختم ذلك بتعليقنا على ما قال به لطيف حول مسالة العنوان والجدارية والخلود
محبتي
المشاء

Post: #374
Title: تسمية الموت ونسيانه
Author: osama elkhawad
Date: 11-17-2005, 12:01 PM
Parent: #373

نبتدر كما وعدنا في مخططنا السابق ذكره,
كلامنا عن "الجدارية" بمقالة جيدة كتبها الشاعر والناقد المغربي:
نبيل منصر
بعنوان:
تسمية الموت ونسيانه
مقاربة تحليلية -تأويلية لمجموعة "حياة صغيرة" لحسن نجمي


وأدناه مقتطف من المقالة:
1 - تيمة الموت في الخطاب الميتا- شعري العربي المعاصر.
1-1: مقاربة نازك الملائكة

في الباب الثاني من القسم الثاني من كتابها "قضايا الشعر المعاصر» عالجت نازك الملائكة تحت عنوان "في الصلة بين الشعر والحياة » موضوعين مستقلين: "الشعر والمجتمع » ثم "الشعر والموت ». واذا كانت نازك الملائكة قد انتقدت في الموضوع الاول، الدعوة الاجتماعوية الضيقة التي واكبت ظهور حركة الشعر، كاشفة من تناقضاتها، مدافعة في المقابل عن الذاتية الاجتماعية للمبدع، تلك الذاتية التي تصون انسانيته وتمنحها جذرا أجتماعيا حتى في انفعالها بالاشياء الصغيرة الرمزية (وردة - طائر- غيمة...) فانها- أي نازك الملائكة - ترسيخا لهذه الذاتية، قامت في الموضوع الثاني، بمعالجة تيمة الموت. عند حركة أدبية رفعت الذات الفردية الى مستوى العصب الذي تتمحور حوله التجربة الشعرية، نعني بذلك الحركة الرومانسية.
لم تسم نازك الملائكة هذه الحركة الادبية باسمها، غير أن النماذج الشعرية المحللة تقدم لنا مفتاح ذلك، فهي لشعراء يموضعهم تاريخ الادب داخل الحركة الرومانسية، ونقصد بهم الشاعرين الانجليزيين: جون كيتس وروبيرت بروك، والشاعرين العربيين: أبو القاسم الشابي، ومحد الهمشري. وتصدر نازك الملائكة في مقاربتها لتيمة الموت عند هؤلاء الشعراء، عن نظرة مقارنة، غير أنها مخترقة بخلفية غربية مركزية، بحيث تجعل من كيتس المركز الذي تدور في فلكا الرومانسية العربية مشخصة في الشابي والهمشري. وهو ما يمكن تلمسه في هذه النماذج من أقوالها: (2)´
- «هذا الموقف الذي يقفه شاعرنا (الشابي) من الموت الذي يعيد الى الذاكرة موقف الشاعر الانجليزي جون كيتس الذي يمكن أن نسميه شاعر الموت المفتون الأكبر».
- "ان احساس هذا الشاعر (محمد الهمشري) بالموت أكثر تميزا منه عند الشابي مثلا، حتى يكاد يقترب من كيتس".
وتذهب نازك الملائكة، في اتجاه رصد الخصائص المميزة للحركة الرومانسية في موقفها من تجربة الموت. وفي هذا الاطار تميز بين موقفين أصيلين:
أ- موقف يختر الموت تجربة مبهمة وغامضة عامرة بالسحر والجمال. ويصدر عن هذه الرؤية كل من كيتس والشابي والهمشري وكل هؤلاء الشعراء يؤمنون بأن "الحياة الكاملة لا يبلغ قمتها من الادراك والوعي حتى تناغم بالموت وتفهمه فهما جماليا خالصا (الملائكة.ص: 305).
ب - موقف يعتبر الموت حدثا اعتياديا له "ما للحياة من جمال وفيه ما فيها من ازعاج لا أكثر "(الملائكة:ص:309) وينفرد الشاعر روبيرت بروك بالصدور عن هذه الرؤية، دون الشعراء الآخرين.

غير أن هؤلاء الشعراء جميعا يتوحدون في "حدة الاحساس او القدرة على الانفعال العنيف » (الملائكة.ص: 11 3) وهي الخاصية التي ستفسر نازك الملائكة في ضوئها، الموت المبكر لهؤلاء الشعراء (قبل ثلاثين سنة) منتقلة بذلك، دونما مبرر من دراسة لتيمة الموت في الشعر الرومانسي. الى طبيبة شرعية مشخصة لاسباب الموت الحقيقي عند الشعراء، خارجة بذلك عن مملكة النقد الأدبي. وتختم مقالتها بالاعتراف بأن ما قامت به ليس الاجولة في موضوع ومشي. لا يزال يقطب المقاربة.

1 -2. مقاربة محمد بنيس

في الفصل الخامس من القسم الثالث من أطروحته، عالج محمد بنيس "فضاء الموت » في "الشعر المعاصر" معالجة لها عمقها وجدتها، التي تذهب في اتجاه كشف الحجاب ومساءلة اللامفكر فيه، ليس في مقالة نازك السالفة الذكر، بل في عموم الخطاب الميتا- شعري العربي المعاصر في مقاربته لتيمة الموت. ولالتقاط الخصائص المميزة في رؤية "الشعر العربي الحديث » للموت، انتهج محمد بنيس مقاربة مقارنة، تقابل بين رؤية كل من "الشعر المعاصر" للموضوع، وبين رؤية الشعر الرومانسي والتقليدي. وفي هذا السياق، سيرصد محمد بنيس ابدالات الشعر العربي الحديث. في انتاج دلآلية الموت، معتبرا أن "بعث الشاعر العربي المعاصر، عن مسكن شعري حر، سعي نحو اختيار كتابة مغايرة لفضاء الموت، ولذلك فان الشعر المعاصر مباين كل من التقليدية والشعر الرومانسي العربي، ما دامت الانساق الشعرية متغايرة في بنيتها للفضاء النصي »(3). وسيجعل محمد بنيس، بشكل ضمني من درجة التراجيدية معيارا للقيمة، وأساسا للابدال الشعري في رؤية الشعر الحديث للموت. فاذا كان الموت سواء الشخصي منه او الحضاري، عند التقليدية، قد ظل «دون حالة تراجيدية " محمد بنيس. الشعرالمعاصر.ص:212)

نظرا لاحساس الشاعر بالعناية الالهية، فانه مع الرومانسية سيخطو أولى خطواته في اتجاه التراجيدية، نظرا لاحساس الشاعر بالتجلي الالهي وبالوحدة أمام الموت. وهذا ما سيدفع الشاعر الرومانسي للارتباط الارادي والحالم بمصيره (الموت)، وهو ما سيخفف - في نظري- من حدة تلك التراجيدية. على، أن هذه الحدة ستتعمق أكثر مع الشعر المعاصر، بحيث لم يصبح الموت معه ملازما للانفعال والتأمل فقط، بل سيندغم مع «الاحساس بالزمن فرديا وحضاريا» وبالتالي سيصبح الموت فيه "ملتقى الرغبات وتعارض الاختيارات » (بنيس. المرجع نفسه.ص:12 2).

وانسجاما مع "مسار الشعر في البحث عن الذات » سيخطو محمد بنيس خطوة أخرى في استنطاق اللامفكر فيه في الخطاب الميتا- شعري العربي المعاصر، وذلك عبر تحويل مسار البحث، من قراءة فضاء الموت من خلال الاسطورة الى اختبار فضائه من موقع عناصر الطبيعة وفي هذا السياق سيلتقط محمد بنيس ثلاثة عناصر طبيعية يعتبرها "مهيمنة في بناء النسيج النصي، وهو يسعى لانتاج دلآلية الموت في الشعر المعاصر» (بنيس. المرجع نفسه.ص:18 2). وهذه العناصر هي: الماء مع بدر شاكر السياب، والنار مع ادونيس، والتراب مع محمود درويش، ومحمد الخمار الكنوني، وجميع هؤلاء الشعراء اختاروا استراتيجية تسمية الموت ومواجهته من خلال الاحتماء بعناصر الطبيعة المذكورة، وبذلك حققوا خاطرتهم القصوى، التي بها استحقوا مكانتهم المتميزة بين الشعراء المعاصرين.

Post: #375
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 03:38 PM
Parent: #1

نرفع البوست تمهيدا لعودتنا مساء اليوم بتوقيت الساحل الشرقي الامريكي
المشاء

Post: #376
Title: علاقة درويش بالموت
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 04:28 PM
Parent: #375


نعود للحديث بشكل مختصر عن علاقة محمود درويش بالموت
ونجد توضيحا مختصرا وشاملا في نفس الوقت لتلك العلاقة في حوار بيضون المهم معه
اتهم عباس بيضون درويش بانه شاعر مراث و معبر عن ا لخسارة ,
حين قال له:
Quote: كشاعر فلسطيني، شعرك اقترن على نحو ما بالقضية الفلسطينية أو المسألة الفلسطينية، وكنا نتحدث قبل قليل عن ميزة هذا الشعر بنقله هذه المسألة لتكون أكثر كونية، لكن ما يهمني في الموضوع أنك كشاعر تبدو لي دائماً كشاعر مراثٍ، كشاعر رثاء، وبمعنى من المعاني إذا أردت شاعر تعزية، لا أطلب منك أن توافق على هذا القول، وإذا أردنا أن نستطرد في هذا الكلام، إلى أي حد أنت شاعر الهزيمة الفلسطينية أكثر منك شاعر الانتصار الفلسطيني؟


ورد درويش على ذلك قائلا:
Quote: أتمنى أن يكون هناك شاعر آخر للانتصار الفلسطيني، أتمنى أن نصل إلى انتصار، وكما قلت لك في حديث منذ سنوات، أتمنى أن أكون شاعراً طروادياً. ليس الشاعر هو من يحدد الهزيمة أو النصر. من سوء حظي أنني لست شاعر الانتصار لسبب بسيط هو أننا لم ننتصر، وإذا انتصرنا فلست متأكداً من أنني سأكتب عن النصر، فلفرط ما أدمنت لغتي الشعرية الخسائر، أصبحت غير قادرة على أن تكتب نشيداً وطنياً منتصراً. ثانياً ليس هناك شاعر انتصار، والشعر دائماً حليف الخسائر الصغيرة والخيبات، وهو المتفرج المحايد على الجيوش الإمبراطورية. أعتقد أن صورة طفل يتفرج على جيش الاسكندر فيها شعر أكثر من جيش الاسكندر كله، أو أن العشب الذي ينبت على خوذ الجنود هو الشعر وليست الخوذ هي الشعر.
لا أريد أن أفلسف المسألة، لكن لا أظن أني شاعر مراثٍ. أنا شاعر محاصر بالموت. قصة شعبي كلها قصة صراع الحياة مع الموت، وعلى المستوى اليومي كل يوم عندنا شهداء. الموت عندي ليس استعارة، ولست أنا من أذهب إليه كموضوع بل هو يأتيني كحقيقة. عندما كتبت الجدارية التي هي عن موت شخصي كان في نيتي أن أكتب عن الموت، حين قرأت القصيدة بعد كتابتها رأيتها قصيدة مديح للحياة. قد يجد بعض القراء عزاءً في شعري عن خسائر ما، لكن من الظلم أن تسميني شاعر عزاء.


وربما انطلاقا من خلفيته الشيعية,من خلال ما سمي بمجالس العزاء الحسينية التي تقام بمناسبة عاشوراء ,قال بيضون مدافعا عن وصفه لدرويش بانه شاعر عزاء:
Quote: لا تتخيل إطلاقاً أنها كلمة سلبية، المعزي أقرب الأشخاص إليّ.

فيرد درويش معلقا على علاقة الشعر بالحرب وبالحياة عموما:
Quote: أحاول أن أحمي هذه الصورة بتمجيد أشياء صغيرة، أعشاب وصخور وزهرة لوز الخ... اكتشفت متأخراً أن الشعر لا يستطيع أن يحارب الحرب لا بأسلحتها ولا بلغتها، بل بنقيضها، نقيضها الهش، يحارب الحرب بالهشاشة الإنسانية، بنظرة الضحية في عيون الجلاد، من دون أن يفهم الجلاد ما تقول الضحية، بعشب متروك على الطريق، بأولاد يلعبون بالثلج... بالعناصر الإنسانية الصغيرة تستطيع أن تقدم صورة حياتية نقيضة للحرب لكنك لا تستطيع أن تقاتل الحرب بأسلحتها ولا بلغتها، والشعر أصلاً لا يستطيع أن يفعل ذلك الشعر الحديث لم يعد قادراً على فعل ذلك. هو يحارب بنقيض ذلك، أي بجماليات الحياة البسيطة، الصغيرة، الهادئة، غير المفكرة، البديهية... بالفطرة. ولا يستطيع أن يحارب بخطاب كبير. أظن أن هذا أكثر تأثيراً لأن اللغة الكبيرة انتحار. لغة الملاحم الكبرى والانتصارات الكبرى انتهت.
لا أعرف إلى أي حد أنا مهزوم أو منتصر. ربما أنا منتصر باللغة الشعرية، ربما انتصاري هو الشعر، وهذا إن كان صحيحاً فهو تفوق حضاري وثقافي مهم. الإسرائيلي منتصر بالسلاح النووي والطائرات... أنا أعتبر نفسي منتصراً بالقصيدة. الطائرة تسقط أما القصيدة فلا تسقط إن كانت جميلة. الخطر هو أن يكتب شعر جميل لكن الشعراء الذين يكتبون شعرا جميلا ليسوا مع الحرب


و من المعروف ان لدرويش مراث معروفة ومن أشهرها مرثيته لماجد ابوشرار:
Quote: صباح الخير يا ماجد

ومرثيته عن الشاعر الفلسطيني وصديقه :
راشد حسين
الذي انتحر في شقة ارضية في الشارع الخامس في مدينة نيو يورك
يقول فيها:
Quote: في الشارع الخامس ,
حياني ,بكى مال على الاسفلت والسور الزجاجي

واخر مراثية ,والتي سنعود اليها في كلامنا عن الهوية ,
مرثيته لصديقه الأمريكي الفلسطيني المفكر المتعدد :
ادوارد سعيد
وكانت بعنوان :
Quote: طباق

كما عبر درويش مرارا عن مواجهة الفلسطيني للموت الجماعي,
كما في نصه الشعري الشهير :
Quote: أحمد الزعتر

وهو في وصف الموت الذي تعرض له الفلطسيني في لبنان في تل الزعتر,
و اردف ذلك بنصه الشعري الشهير :
Quote: بيروت

ثم كتب عن حصار بيروت نصه الشعري المعروف:
Quote: مديح الظل العالي

كما عبر عن مواجهة الموت في "الداخل" الفلطسيني ,
حين ما قام بزيارة الاراضي الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية
وكتب نصه الشهير :
Quote: حالة حصار

ومشهور ايضا نصه الشعري عن
Quote: الطفل الفلسطيني محمد الدرة
,
الذي قتلته القوات الاسرائيلية عمدا بينما كان محتم بابيه
وفي نفس السياق كتب
Quote: القربان
,ربما في اشارة الى العمليات الانتحارية الفلسطينية
كما لدوريش مراث كتبها نثرا
-راجع العدد رقم 82 من مجلة الكرمل-
وفيه نجد مرثيتين واحدة عن الرئيس الفلطسيني الراحل :
ياسر عرفات
بعنوان:
Quote: فاجأنا بأنه لم يفاجئنا

و الاخرى عن المبدع السوري :
ممدوح عدوان
بعنوان:
Quote: كما لو أن نودي بشاعر أن انهض

وسنعود
محبتي
المشاء

Post: #377
Title: Re: علاقة درويش بالموت
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 04:32 PM
Parent: #376

نص محمود درويش عن القربان:
http://www.alkarmel.org/prenumber/issue66/qurban.pdf

Post: #378
Title: مقاطع من "حالة حصار" لمحمود درويش
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 04:40 PM
Parent: #377

مقاطع طويلة من حالة حصار

هنا، عند مُنْحَدَرات التلال، أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت،
قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ،
نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ،
وما يفعل العاطلون عن العمل:
نُرَبِّي الأملْ.

بلادٌ علي أُهْبَةِ الفجر. صرنا أَقلَّ ذكاءً،
لأَنَّا نُحَمْلِقُ في ساعة النصر:
لا لَيْلَ في ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة.
أَعداؤنا يسهرون وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ
في حلكة الأَقبية.

هنا، بعد أَشعار أَيّوبَ لم ننتظر أَحداً...

سيمتدُّ هذا الحصارُ إلي أن نعلِّم أَعداءنا
نماذجَ من شِعْرنا الجاهليّ.

أَلسماءُ رصاصيّةٌ في الضُحى
بُرْتقاليَّةٌ في الليالي. وأَمَّا القلوبُ
فظلَّتْ حياديَّةً مثلَ ورد السياجْ.

هنا، لا أَنا
هنا، يتذكَّرُ آدَمُ صَلْصَالَهُ...

يقولُ على حافَّة الموت:
لم يَبْقَ بي مَوْطِئٌ للخسارةِ:
حُرٌّ أَنا قرب حريتي. وغدي في يدي.
سوف أَدخُلُ عمَّا قليلٍ حياتي،
وأولَدُ حُرّاً بلا أَبَوَيْن،
وأختارُ لاسمي حروفاً من اللازوردْ...

في الحصار، تكونُ الحياةُ هِيَ الوقتُ
بين تذكُّرِ أَوَّلها.
ونسيانِ آخرِها.

هنا، عند مُرْتَفَعات الدُخان، على دَرَج البيت،
لا وَقْتَ للوقت.
نفعلُ ما يفعلُ الصاعدون إلى الله:
ننسي الأَلمْ.

الألمْ
هُوَ: أن لا تعلِّق سيِّدةُ البيت حَبْلَ الغسيل
صباحاً، وأنْ تكتفي بنظافة هذا العَلَمْ.

لا صدىً هوميريٌّ لشيءٍ هنا.
فالأساطيرُ تطرق أبوابنا حين نحتاجها.
لا صدىً هوميريّ لشيء. هنا جنرالٌ
يُنَقِّبُ عن دَوْلَةٍ نائمةْ
تحت أَنقاض طُرْوَادَةَ القادمةْ

يقيسُ الجنودُ المسافةَ بين الوجود وبين العَدَمْ
بمنظار دبّابةٍ...

نقيسُ المسافَةَ ما بين أَجسادنا والقذائفِ بالحاسّة السادسةْ.

أَيُّها الواقفون على العَتَبات ادخُلُوا،
واشربوا معنا القهوةَ العربيَّةَ
غقد تشعرون بأنكمُ بَشَرٌ مثلنا.
أَيها الواقفون على عتبات البيوت!
اُخرجوا من صباحاتنا،
نطمئنَّ إلى أَننا
بَشَرٌ مثلكُمْ!

نَجِدُ الوقتَ للتسليةْ:
نلعبُ النردَ، أَو نَتَصَفّح أَخبارَنا
في جرائدِ أَمسِ الجريحِ،
ونقرأ زاويةَ الحظِّ: في عامِ
أَلفينِ واثنينِ تبتسم الكاميرا
لمواليد بُرْجِ الحصار.

كُلَّما جاءني الأمسُ، قلت له:
ليس موعدُنا اليومَ، فلتبتعدْ
وتعالَ غداً !

أُفكِّر، من دون جدوى:
بماذا يُفَكِّر مَنْ هُوَ مثلي، هُنَاكَ
على قمَّة التلّ، منذ ثلاثةِ آلافِ عامٍ،
وفي هذه اللحظة العابرةْ؟
فتوجعنُي الخاطرةْ
وتنتعشُ الذاكرةْ

عندما تختفي الطائراتُ تطيرُ الحماماتُ،
بيضاءَ بيضاءَ، تغسِلُ خَدَّ السماء
بأجنحةٍ حُرَّةٍ، تستعيدُ البهاءَ وملكيَّةَ
الجوِّ واللَهْو. أَعلى وأَعلى تطيرُ
الحماماتُ، بيضاءَ بيضاءَ. ليت السماءَ
حقيقيّةٌ قال لي رَجَلٌ عابرٌ بين قنبلتين

الوميضُ، البصيرةُ، والبرقُ
قَيْدَ التَشَابُهِ...
عمَّا قليلٍ سأعرفُ إن كان هذا
هو الوحيُ...
أو يعرف الأصدقاءُ الحميمون أنَّ القصيدةَ
مَرَّتْ، وأَوْدَتْ بشاعرها

إلي ناقدٍ: لا تُفسِّر كلامي
بملعَقةِ الشايِ أَو بفخِاخ الطيور!
يحاصرني في المنام كلامي
كلامي الذي لم أَقُلْهُ،
ويكتبني ثم يتركني باحثاً عن بقايا منامي

شَجَرُ السرو، خلف الجنود، مآذنُ تحمي
السماءَ من الانحدار. وخلف سياج الحديد
جنودٌ يبولون ـ تحت حراسة دبَّابة ـ
والنهارُ الخريفيُّ يُكْملُ نُزْهَتَهُ الذهبيَّةَ في
شارعٍ واسعٍ كالكنيسة بعد صلاة الأَحد...

نحبُّ الحياةَ غداً
عندما يَصِلُ الغَدُ سوف نحبُّ الحياة
كما هي، عاديّةً ماكرةْ
رماديّة أَو مُلوَّنةً.. لا قيامةَ فيها ولا آخِرَةْ
وإن كان لا بُدَّ من فَرَحٍ
فليكن
خفيفاً على القلب والخاصرةْ
فلا يُلْدَغُ المُؤْمنُ المتمرِّنُ
من فَرَحٍ ... مَرَّتَينْ!

قال لي كاتبٌ ساخرٌ:
لو عرفتُ النهاية، منذ البدايةَ،
لم يَبْقَ لي عَمَلٌ في اللٌّغَةْ

إلي قاتلٍ: لو تأمَّلْتَ وَجْهَ الضحيّةْ
وفكَّرتَ، كُنْتَ تذكَّرْتَ أُمَّك في غُرْفَةِ
الغازِ، كُنْتَ تحرَّرتَ من حكمة البندقيَّةْ
وغيَّرتَ رأيك: ما هكذا تُسْتَعادُ الهُويَّةْ

إلى قاتلٍ آخر: لو تَرَكْتَ الجنينَ ثلاثين يوماً،
إِذَاً لتغيَّرتِ الاحتمالاتُ:
قد ينتهي الاحتلالُ ولا يتذكَّرُ ذاك الرضيعُ زمانَ الحصار،
فيكبر طفلاً معافي،
ويدرُسُ في معهدٍ واحد مع إحدى بناتكَ
تارِيخَ آسيا القديمَ.
وقد يقعان معاً في شِباك الغرام.
وقد يُنْجبان اُبنةً (وتكونُ يهوديَّةً بالولادةِ).
ماذا فَعَلْتَ إذاً ؟
صارت ابنتُكَ الآن أَرملةً،
والحفيدةُ صارت يتيمةْ ؟
فماذا فَعَلْتَ بأُسرتكَ الشاردةْ
وكيف أَصَبْتَ ثلاثَ حمائمَ بالطلقة الواحدةْ ؟

لم تكن هذه القافيةْ
ضَرُوريَّةً، لا لضْبطِ النَغَمْ
ولا لاقتصاد الأَلمْ
إنها زائدةْ
كذبابٍ على المائدةْ

الضبابُ ظلامٌ، ظلامٌ كثيفُ البياض
تقشِّرُهُ البرتقالةُ والمرأةُ الواعدة.

الحصارُ هُوَ الانتظار
هُوَ الانتظارُ على سُلَّمٍ مائلٍ وَسَطَ العاصفةْ

وَحيدونَ، نحن وحيدون حتى الثُمالةِ
لولا زياراتُ قَوْسِ قُزَحْ

لنا اخوةٌ خلف هذا المدى.
اخوةٌ طيّبون. يُحبُّوننا. ينظرون إلينا ويبكون.
ثم يقولون في سرِّهم:
ليت هذا الحصارَ هنا علنيٌّ.. ولا يكملون العبارةَ:
لا تتركونا وحيدين، لا تتركونا.

خسائرُنا: من شهيدين حتى ثمانيةٍ كُلَّ يومٍ.
وعَشْرَةُ جرحى.
وعشرون بيتاً.
وخمسون زيتونةً...
بالإضافة للخَلَل البُنْيويّ الذي
سيصيب القصيدةَ والمسرحيَّةَ واللوحة الناقصةْ

في الطريق المُضَاء بقنديل منفي
أَرى خيمةً في مهبِّ الجهاتْ:
الجنوبُ عَصِيٌّ على الريح،
والشرقُ غَرْبٌ تَصوَّفَ،
والغربُ هُدْنَةُ قتلي يَسُكُّون نَقْدَ السلام،
وأَمَّا الشمال، الشمال البعيد
فليس بجغرافيا أَو جِهَةْ
إنه مَجْمَعُ الآلهةْ

قالت امرأة للسحابة: غطِّي حبيبي
فإنَّ ثيابي مُبَلَّلةٌ بدَمِهْ

إذا لم تَكُنْ مَطَراً يا حبيبي
فكُنْ شجراً
مُشْبَعاً بالخُصُوبةِ، كُنْ شَجَرا
وإنْ لم تَكُنْ شجراً يا حبيبي
فكُنْ حجراً
مُشْبعاً بالرُطُوبةِ، كُنْ حَجَرا
وإن لم تَكُنْ حجراً يا حبيبي
فكن قمراً
في منام الحبيبة، كُنْ قَمرا
هكذا قالت امرأةٌ
لابنها في جنازته

أيَّها الساهرون ! أَلم تتعبوا
من مُرَاقبةِ الضوءِ في ملحنا
ومن وَهَج الوَرْدِ في جُرْحنا
أَلم تتعبوا أَيُّها الساهرون ؟

واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا. خالدون هنا.
ولنا هدف واحدٌ واحدٌ واحدٌ: أن نكون.
ومن بعده نحن مُخْتَلِفُونَ على كُلِّ شيء:
علي صُورة العَلَم الوطنيّ (ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ يا شعبيَ الحيَّ رَمْزَ الحمار البسيط).
ومختلفون علي كلمات النشيد الجديد
(ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخترتَ أُغنيَّةً عن زواج الحمام).
ومختلفون علي واجبات النساء
(ستُحْسِنُ صُنْعاً لو اخْتَرْتَ سيّدةً لرئاسة أَجهزة الأمنِ).
مختلفون على النسبة المئوية، والعامّ والخاص،
مختلفون على كل شيء. لنا هدف واحد: أَن نكون ...
ومن بعده يجدُ الفَرْدُ مُتّسعاً لاختيار الهدفْ.

قال لي في الطريق إلى سجنه:
عندما أَتحرّرُ أَعرفُ أنَّ مديحَ الوطنْ
كهجاء الوطنْ
مِهْنَةٌ مثل باقي المِهَنْ !

قَليلٌ من المُطْلَق الأزرقِ اللا نهائيِّ
يكفي
لتخفيف وَطْأَة هذا الزمانْ
وتنظيف حَمأةِ هذا المكان

على الروح أَن تترجَّلْ
وتمشي على قَدَمَيْها الحريريّتينِ
إلى جانبي، ويداً بيد، هكذا صاحِبَيْن
قديمين يقتسمانِ الرغيفَ القديم
وكأسَ النبيذِ القديم
لنقطع هذا الطريق معاً
ثم تذهب أَيَّامُنا في اتجاهَيْنِ مُخْتَلِفَينْ:
أَنا ما وراءَ الطبيعةِ. أَمَّا هِيَ
فتختار أَن تجلس القرفصاء على صخرة عاليةْ

إلى شاعرٍ: كُلَّما غابَ عنك الغيابْ
تورَّطتَ في عُزْلَة الآلهةْ
فكن ذاتَ موضوعك التائهةْ
و موضوع ذاتكَ. كُنْ حاضراً في الغيابْ

يَجِدُ الوقتَ للسُخْرِيَةْ:
هاتفي لا يرنُّ
ولا جَرَسُ الباب أيضاً يرنُّ
فكيف تيقَّنتِ من أَنني
لم أكن ههنا !

يَجدُ الوَقْتَ للأغْنيَةْ:
في انتظارِكِ، لا أستطيعُ انتظارَكِ.
لا أَستطيعُ قراءةَ دوستويفسكي
ولا الاستماعَ إلى أُمِّ كلثوم أَو ماريّا كالاس وغيرهما.
في انتظارك تمشي العقاربُ في ساعةِ اليد نحو اليسار...
إلي زَمَنٍ لا مكانَ لَهُ.
في انتظارك لم أنتظرك، انتظرتُ الأزَلْ.

يَقُولُ لها: أَيّ زهرٍ تُحبِّينَهُ
فتقولُ: القُرُنْفُلُ .. أَسودْ
يقول: إلى أَين تمضين بي، والقرنفل أَسودْ ؟
تقول: إلى بُؤرة الضوءِ في داخلي
وتقولُ: وأَبْعَدَ ... أَبْعدَ ... أَبْعَدْ

سيمتدُّ هذا الحصار إلى أَن يُحِسَّ المحاصِرُ، مثل المُحَاصَر،
أَن الضَجَرْ
صِفَةٌ من صفات البشرْ.

لا أُحبُّكَ، لا أكرهُكْ ـ
قال مُعْتَقَلٌ للمحقّق: قلبي مليء
بما ليس يَعْنيك. قلبي يفيض برائحة المَرْيَميّةِ.
قلبي بريء مضيء مليء،
ولا وقت في القلب للامتحان. بلى،
لا أُحبُّكَ. مَنْ أَنت حتَّى أُحبَّك؟
هل أَنت بعضُ أَنايَ، وموعدُ شاي،
وبُحَّة ناي، وأُغنيّةٌ كي أُحبَّك؟
لكنني أكرهُ الاعتقالَ ولا أَكرهُكْ
هكذا قال مُعْتَقَلٌ للمحقّقِ: عاطفتي لا تَخُصُّكَ.
عاطفتي هي ليلي الخُصُوصيُّ...
ليلي الذي يتحرَّكُ بين الوسائد حُرّاً من الوزن والقافيةْ !

جَلَسْنَا بعيدينَ عن مصائرنا كطيورٍ
تؤثِّثُ أَعشاشها في ثُقُوب التماثيل،
أَو في المداخن، أو في الخيام التي
نُصِبَتْ في طريق الأمير إلي رحلة الصَيّدْ...

على طَلَلي ينبتُ الظلُّ أَخضرَ،
والذئبُ يغفو علي شَعْر شاتي
ويحلُمُ مثلي، ومثلَ الملاكْ
بأنَّ الحياةَ هنا ... لا هناكْ

الأساطير ترفُضُ تَعْديلَ حَبْكَتها
رُبَّما مَسَّها خَلَلٌ طارئٌ
ربما جَنَحَتْ سُفُنٌ نحو يابسةٍ
غيرِ مأهولةٍ،
فأصيبَ الخياليُّ بالواقعيِّ،
ولكنها لا تغيِّرُ حبكتها.
كُلَّما وَجَدَتْ واقعاً لا يُلائمها
عدَّلَتْهُ بجرَّافة.
فالحقيقةُ جاريةُ النصِّ، حَسْناءُ،
بيضاءُ من غير سوء ...

إلي شبه مستشرق: ليكُنْ ما تَظُنُّ.
لنَفْتَرِضِ الآن أَني غبيٌّ، غبيٌّ، غبيٌّ.
ولا أَلعبُ الجولف.
لا أَفهمُ التكنولوجيا،
ولا أَستطيعُ قيادةَ طيّارةٍ!
أَلهذا أَخَذْتَ حياتي لتصنَعَ منها حياتَكَ؟
لو كُنْتَ غيرَكَ، لو كنتُ غيري،
لكُنَّا صديقين يعترفان بحاجتنا للغباء.
أَما للغبيّ، كما لليهوديّ في تاجر البُنْدُقيَّة
قلبٌ، وخبزٌ، وعينان تغرورقان؟

في الحصار، يصير الزمانُ مكاناً
تحجَّرَ في أَبَدِهْ
في الحصار، يصير المكانُ زماناً
تخلَّف عن أَمسه وَغدِهْ

هذه الأرضُ واطئةٌ، عاليةْ
أَو مُقَدَّسَةٌ، زانيةْ
لا نُبالي كثيراً بسحر الصفات
فقد يُصْبِحُ الفرجُ، فَرْجُ السماواتِ،
جغْرافيةْ !

أَلشهيدُ يُحاصرُني كُلَّما عِشْتُ يوماً جديداً
ويسألني: أَين كُنْت ؟ أَعِدْ للقواميس كُلَّ الكلام الذي كُنْتَ أَهْدَيْتَنِيه،
وخفِّفْ عن النائمين طنين الصدى

الشهيدُ يُعَلِّمني: لا جماليَّ خارجَ حريتي.

الشهيدُ يُوَضِّحُ لي: لم أفتِّشْ وراء المدى
عن عذارى الخلود، فإني أُحبُّ الحياةَ
علي الأرض، بين الصُنَوْبرِ والتين،
لكنني ما استطعتُ إليها سبيلاً، ففتَّشْتُ
عنها بآخر ما أملكُ: الدمِ في جَسَدِ اللازوردْ.

الشهيدُ يُحاصِرُني: لا تَسِرْ في الجنازة
إلاّ إذا كُنْتَ تعرفني. لا أُريد مجاملةً
من أَحَدْ.

الشهيد يُحَذِّرُني: لا تُصَدِّقْ زغاريدهُنَّ.
وصدّق أَبي حين ينظر في صورتي باكياً:
كيف بدَّلْتَ أدوارنا يا بُنيّ، وسِرْتَ أَمامي.
أنا أوّلاً، وأنا أوّلاً !

الشهيدُ يُحَاصرني: لم أُغيِّرْ سوى موقعي وأَثاثي الفقيرِ.
وَضَعْتُ غزالاً على مخدعي،
وهلالاً على إصبعي،
كي أُخفِّف من وَجَعي !

سيمتدُّ هذا الحصار ليقنعنا باختيار عبوديّة لا تضرّ، ولكن بحريَّة كاملة!!.

أَن تُقَاوِم يعني: التأكُّدَ من صحّة
القلب والخُصْيَتَيْن، ومن دائكَ المتأصِّلِ:
داءِ الأملْ.

وفي ما تبقَّى من الفجر أَمشي إلى خارجي
وفي ما تبقّى من الليل أسمع وقع الخطي داخلي.

سلامٌ على مَنْ يُشَاطرُني الانتباهَ إلي
نشوة الضوءِ، ضوءِ الفراشةِ، في
ليل هذا النَفَقْ.

سلامٌ على مَنْ يُقَاسمُني قَدَحي
في كثافة ليلٍ يفيض من المقعدين:
سلامٌ على شَبَحي.

إلي قارئ: لا تَثِقْ بالقصيدةِ ـ
بنتِ الغياب. فلا هي حَدْسٌ، ولا
هي فِكْرٌ، ولكنَّها حاسَّةُ الهاويةْ.

إذا مرض الحبُّ عالجتُهُ
بالرياضة والسُخْريةْ
وَبفصْلِ المُغنِّي عن الأغنيةْ

أَصدقائي يُعدُّون لي دائماً حفلةً
للوداع، وقبراً مريحاً يُظَلِّلهُ السنديانُ
وشاهدةً من رخام الزمن
فأسبقهم دائماً في الجنازة:
مَنْ مات.. مَنْ ؟

الحصارُ يُحَوِّلني من مُغَنٍّ الى . . . وَتَرٍ سادس في الكمانْ!

الشهيدةُ بنتُ الشهيدةِ بنتُ الشهيد وأختُ الشهيدِ
وأختُ الشهيدةِ كنَّةُ أمِّ الشهيدِ حفيدةُ جدٍّ شهيد
وجارةُ عمِّ الشهيد الخ ... الخ ..
ولا نبأ يزعج العالَمَ المتمدِّن،
فالزَمَنُ البربريُّ انتهى.
والضحيَّةُ مجهولَةُ الاسم، عاديّةٌ،
والضحيَّةُ ـ مثل الحقيقة ـ نسبيَّةٌ الخ ... الخ ف

هدوءاً، هدوءاً، فإن الجنود يريدون
في هذه الساعة الاستماع إلي الأغنيات
التي استمع الشهداءُ إليها، وظلَّت كرائحة
البُنّ في دمهم، طازجة.

هدنة، هدنة لاختبار التعاليم: هل تصلُحُ الطائراتُ محاريثَ ؟
قلنا لهم: هدنة، هدنة لامتحان النوايا،
فقد يتسرَّبُ شيءٌ من السِلْم للنفس.
عندئذٍ نتباري على حُبِّ أشيائنا بوسائلَ شعريّةٍ.
فأجابوا: ألا تعلمون بأن السلام مع النَفْس
يفتح أبوابَ قلعتنا لِمقَامِ الحجاز أو النَهَوَنْد ؟
فقلنا: وماذا ؟ ... وَبعْد ؟

الكتابةُ جَرْوٌ صغيرٌ يَعَضُّ العَدَمْ
الكتابةُ تجرَحُ من دون دَمْ..

فناجينُ قهوتنا. والعصافيرُ والشَجَرُ الأخضرُ
الأزرقُ الظلِّ. والشمسُ تقفز من حائط
نحو آخرَ مثل الغزالة.
والماءُ في السُحُب اللانهائية الشكل في ما تبقَّي لنا
من سماء. وأشياءُ أخرى مؤجَّلَةُ الذكريات
تدلُّ على أن هذا الصباح قويّ بهيّ،
وأَنَّا ضيوف على الأبديّةْ

Post: #379
Title: الصورة التي حكت عن مقتل الطفل الفلسطيني :محمد الدرة
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 05:11 PM
Parent: #378

الصورة المشهورة والتي حكت عن مقتل الطفل الفلسطيني :
محمد الدرة
على يد القوت الاسرائيلية
http://www.flickr.com/photos/86132442@N00/58985805/

Post: #380
Title: Re: الصورة التي حكت عن مقتل الطفل الفلسطيني :محمد الدرة
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 11-22-2005, 05:19 PM
Parent: #379


الصورة التي حكت عن مقتل الطفل الفلسطيني :محمد الدرة
المصدر:
أضغط هنا

Post: #381
Title: Re: الصورة التي حكت عن مقتل الطفل الفلسطيني :محمد الدرة
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 05:54 PM
Parent: #380

شكرا صديقنا الدامري:
عبد الماجد
على ايرادك للصورة بشكل جميل ,
يختلف عن ايرادي لها من خلال اللنك لجهلي بتقنيات انزال الصور
و نتمنى ان نجد من ينشر لنا نص درويش عن محمد الدرة
وسنعود للحديث عن تجربة:
حالةحصار
من خلال حوار لدرويش ,
ثم نقوم بانزال نصين نقديين عن :
حالة حصار
من ناقدين عربيين
ثم نقوم بانزال نص لاسرائلية يسارية
عن حالة حصار
محبتي
المشاء

Post: #382
Title: محمود درويش: كنت أقاوم الحصار شعريا
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 06:11 PM
Parent: #381


محمود درويش: كنت أقاوم الحصار شعريا، وكلما كتبت سطرا شعرت بأن الدبابات تبتعد مترا
(في حوار تلفزيوني مع القناة الثانية المغربية)


بثت القناة التلفزيونية المغربية الثانية دوزيم مؤخرا حديثا صحافيا شاملا خصّها به الشاعر الكبير محمود درويش، الذي التق في الرباط الإعلامي والكاتب عبد الصمد بن شريف علي هامش المؤتمر الرابع عشر لاتحاد كتاب المغرب أواخر شباط (فبراير) المنصرم. وانصب جزء كبير من الحوار علي تجربة دوريش الشعرية، واصلا بين قصيدة مديح الظل العالي التي كتبها شاعر فلسطين الأول بعد حصار بيروت سنة 1982 وقصيدة "حالة حصار" التي كتبها خلال الشهور الأخيرة من وحي التطويق الأمني والعسكري الإسرائيلي لرام الله.
وهنا جزء من الحوار المتعلق بمواجهة الموت,
ومن ضمن ذلك راي درويش في موت الرئيس الفلسطيني:
ياسر عرفات
سأل المحاور المغربي درويش عن نصه :
مديح الظل العالي
قائلا:
Quote: * لاحظنا أنه عندما كنت تلقي قصيدة مديح الظل العالي ، كانت النبرة الإنشادية حاضرة بقوة، وكان الجمهور يتفاعل معها أكثر من تفاعله مع قصائد أخري. هل يعني ذلك أن تلك القصيدة ما زالت تمتلك نفس القدرة علي التأثير والجذب كما كان الأمر في السابق؟

فأجاب درويش قائلا:
Quote: يبدو أن هذه القصيدة استقرت في ذاكرة الناس الشعرية، وبخاصة أنها قصيدة طويلة ومتعددة المستويات. وأعتقد أن بعض المقاطع فيها ما زالت صالحة للحياة في الراهن، وقد يصلح بعضها أيضا للحياة في المستقبل. لكنني أعتقد أنه لم يعد للجانب التسجيلي منها محل في المدونة الشعرية الحالية.


وقاطعه المحاور قائلا:
Quote: وأنت اخترت الجانب المتعلق منها بالحصار، ورسمت سياقا لذلك؟

فأجاب درويش :
Quote: نعم، لقد بدأت الأمسية بمقاطع من حالة حصار الجديدة التي كتبت منذ سنوات قليلة، وذكّرت القارئ بأن حالة الحصار مستمرة، وبالتالي استعنت ببعض المقاطع من قصيدة حصار بيروت المعروفة باسم "مديح الظل العالي". ومن ثم، وددت التأكيد علي أن سياق الحصار ما زال مستمرا وحالة الحصار ما زالت مستمرة، وأن الحصار ليس فقط حصار مدينة رام الله في عام 2002، بل الحياة الفلسطينية كلها تعيش حالة حصار طويل، للأسف.

ثم سأله المحاور:
Quote: حصار 2002 في رام الله والمقاطعة، كان من اللحظات المؤلمة والمأساوية التي مررت بها ومر بها الرئيس الراحل ياسر عرفات والشعب الفلسطيني. كيف تصف أو تقدم لنا إحساسك بتلك اللحظة المأساوية؟

فأجاب درويش:
Quote:
ليس هناك شك في أن للحصار عدة مستويات: هناك الحصار بالمعني الواسع للكلمة، أي الذي رآه الفلسطينيون منذ أكثر من خمسين عاما. وهناك، أيضا، الحصار بالمعني المباشر، أي العسكري، حيث تجد الدبابة تحيط بمنزلك أو علي باب بيتك، وحيث تسير في الشارع بين الدبابات. هذا النوع من الحصار أثار في نوعا من الانتقام الشعري. أنت لا تستطيع أن تقاوم هذه القوة المدمرة أو هذا المعدن المسلح إلا بالسخرية منه واللجوء إلي مصادر قوة داخلية، هذه المصادر تنخرط في بحث عن قصيدة مضادة لهذا الشكل من الحصار، هي القصيدة الهادئة الساخرة التي تتأمل حياتها اليومية متحررة من ضغط الحصار، وكأنها تدعي حيادا ما لكي تجد مساحة للنظر إلي حياتها بطريقة تجعلها مفتوحة علي أفق آخر. لذلك، كنت أراقب طيران الحمام عندما تختفي الطائرات، كنت أبحث عن عناصر الطبيعة الباقية التي لا تتعرض لأي تأثير من تأثيرات الحصار، أي إنني كنت أبحث عن داخلي الإنساني وعن قوة الأمل وقوة الطبيعة وقوة العشب كلغة مضادة للغة الحديد والعنف والقنابل. ومن ثم، كنت أشعر بأنني أتحرر تدريجيا باللجوء إلي عالمي الداخلي، عالمي الشعري. وكلما كتبت سطرا، كنت أشعر بأن الدبابات تبتعد مترا. هذا نوع من التواطؤ مع النفس أو مع اللغة الشعرية، قد يشكل في حد ذاته مصادر قوة للإنسان المحاصر.

ولمزيد من الاضاءة حول تجربة الحصار في رام الله قال المحاور:
Quote: هل أدركت، في لحظة ما، أن الكتابة بهذه الطريقة والتقاط التفاصيل والجزئيات والتشبث بما يؤشر علي الحياة قد يكون أقوي من مشروع سلام أو من مواجهة أو من عملية تفجيرية؟

فرد درويش:
Quote: كما قلت، يبقي التأمل في ما يؤشر إلي الحياة وقوة الحياة والأشياء الصغيرة هو البحث عن سلام حقيقي مع النفس ومع الآخر. ولكن، ما يجري علي الأرض يعد مضادا لكل سلام حتى بمعناه الرسمي.
للشاعر لغته وأدواته الشعرية، وللآخرين لغتهم، وللعدو لغته العسكرية، ولكل إنسان لغته. ولكن عملية البحث عن سلام داخلي هي سابقة لعملية البحث عن سلام مع الآخر. يجب أن تتوازن أنت شخصيا، وأن تشعر بقوتك الإنسانية وبثقتك وبحقوقك ومطالبك وهويتك، لكي تستطيع أن تتقدم نحو سلام يبدو ـ حتى الآن ـ مستحيلا مع الآخر، ليس بسبب رفضنا، ولكن بسبب الشروط التي يطرحها الآخر علينا من أجل تحقيق ما يسميه سلامه، الغريب والمثير للدهشة.

وادناه سؤال عن شعرية "حالة حصار":
Quote: هل حققت في حالة حصار طموحك الشعري والجمالي وفي الوقت نفسه استطعت أن تلبي انتظارات القارئ، يعني أنك عكست وجسدت معاناته وآلامه؟

فقام درويش بالحديث عن تجربة كتابته لحالة حصار:
Quote: أنا حاولت في هذه القصيدة أن أبلغ أقصي درجات التقشف الجمالي، بالتخفيف من الاستعارات والبلاغات، في محاولة لكتابة يوميات بسيطة جدا، ولكن قد تكون بساطتها أقوي من البلاغة العالية. وحاولت أن أبرد من سخونة الكلمات. أنت لا تستطيع أن تواجه قوة عسكرية بلغة عالية، لا تستطيع أن تواجه صوت الطائرة الصاخب بصوت شعري صاخب. إذن، أنت تبحث عن شيء مضاد، عن لغة مضادة، عن صوت منخفض، لكي تحقق شعريتك وقوتك الذاتية الخاصة في مقاومة العنف والوحشية العسكرية. وبالتالي، هذه القصيدة هي إضافة نوعية إلي عملي الشعري، لأن فيها المباشرة البسيطة ولكن من غير حماسية ومن غير تبشيرية. إنها تبحث عن حياة ما مفقودة في داخل الحياة، تبحث عن حياة مجزأة مبعثرة، قد يلمها الشعر، لكي تكون حياة متخيلة. كنت أبحث عن الطبيعي والعادي، وليس عن الأسطوري ولا عن المرحلي.

ثم ساله المحاور:
Quote: كتابة هذه الديوان، هل تمت وفق الشروط التي كنت أنت فيها محاصرا، كتبتها في الصباح والمساء، كان هناك حصار وضرب وتقتيل... ما هي هذه الطقوس والشروط؟

فأجاب درويش:
Quote: هذا سؤال جيد، معروف أن من عاداتي أنني لا أكتب إلا في الصباح وذلك منذ حوالي عشرين أو ثلاثين سنة، ولا أستطيع أن أكتب شيئا في الليل أو بعد الظهر، إلا في هذه القصيدة، لأن ضغط الحصار عليّ كان حادا وقويا، إلي حد أنني في كل ساعة أن علي أن أحرر نفسي من هذا الحصار، ولم أجد من وسيلة أو سلاحا للمقاومة إلا بانقلاب علي عاداتي في الكتابة. ولذلك، كنت أكتب في الصباح وبعد الظهر وفي الليل أيضا، وكنت أخبئ ما أكتب تحت المخدة خوفا من اقتحام الجنود، لأن الجنود كانوا يقتحمون البيوت في أية لحظة، فكنت أبعثر الأوراق وأخبئها في أمكنة قد لا يحصل عليها الجنود.

وحاول المحاور ان يربط بين تجربتي حصار بيروت وحصار رام الله:
Quote: هل ثمة تشابه بين حالة حصار رام الله والمقاطعة والحالة التي عشتها في بيروت سنة 1982؟

فأجاب درويش بصراحته النقدية المعروفة:
Quote: من حيث الكتابة، لا.
لم يكن هناك تشابه، ففي بيروت لم أكن أستطيع أن أكتب إلا مقالات. واختزلت التجربة في قصيدة عندما خرجت من بيروت، وهي مديح الظل العالي . في بيروت كان العنف أضخم، كانت حربا عسكرية بكل معني الكلمة، من الحروب الكبرى التي استخدمت فيها كمية ونوعية كبيرة من السلاح، أحيانا كانوا يجربون أسلحة حديثة. وكنا نشعر بأن هذه الحالة مؤقتة، الغارة العسكرية دامت شهرين، ولكن ستنتهي. أما حالة رام الله فقد كانت جزءا من حصار طويل يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ سنين طويلة. لذلك، كان علي أن أتعايش شعريا مع هذه الحالة الطويلة ولا أنتظر انتهاءها لكي أبدأ الكتابة من جديد. ومن هنا، كنت أكتب في رام الله كل يوم، بينما في بيروت لم أكتب إلا بعض المقالات، ولم أكتب شعرا، وعشت لحظات استفدت منها فيما بعد في قصيدة مديح الظل العالي .

حاول المحاور ان ينتقل من النص عن الحصار الى تفاصيل الحوار نفسه:
Quote: هل كنت تتواصل أثناء الحصار مع رموز وشخصيات فلسطينية وأخرى عربية تأتي من الخارج؟

فأجاب درويش:
Quote: كان الحصار مضروبا بقوة، إلي حد أننا لم نكن نخرج من البيوت. فالحصار رافقه منع التجول. كان علينا أن نبقي في البيوت ثلاثة أيام. وكانوا في اليوم الرابع يسمحون لنا بالخروج للتزود بالمواد الغذائية الأولية لكي يديموا الحصار أكثر، ولكي نتحمل نحن أيضا القدرة علي العيش في ظل هذا الوضع. كنا نتواصل عن طريق الهاتف والأحاديث مع الصحافيين من الخارج.

كان هنالك سؤال عن احد ضحايا الحصار وهو الرئيس ياسر عرفات:
Quote: أحد ضحايا هذا الحصار، كما نعرف، هو الرئيس الشهيد ياسر عرفات. أنت كتبت نصا جميلا جدا اختزلت فيه شخصية عرفات الرمز والأسطورة والإنسان والضحية. كيف كنت تتأمل عرفات حين يخرج من المقاطعة في اتجاه باريس للعلاج ويعود من هناك محمولا فوق الأكتاف ليمر نحو القاهرة كي يسدد بعض دينه العاطفي، ثم يدخل إلي رام الله، وكانت أجواء الجنازة حماسية ومندفعة؟ كيف تسجل في ذاكرتك هذه اللحظة؟

فأجاب درويش متحدثا عن "موت" عرفات التراجيدي:
Quote: هي من اللحظات التي لا تنسي في ذاكرة أي فلسطيني أو أي إنسان عربي شاهد أو اطلع علي هذا المشهد التراجيدي. لاشك في أن نهاية عرفات كانت نهاية تراجيدية ومؤلمة، اختلطت فيها كل عناصر الأسطورة وأيضا كل العناصر السياسية الركيكة التي أحاط بها الإسرائيليون نهاية عرفات. فكان هناك خلط ما بين الأسطوري والبراغماتي واليومي أو العادي.
أنا كنت حزينا جدا علي هذا المشهد، وحاولت أن أقرأ فيه سيرة هذه الأسطورة، ولكن قرأت في موت عرفات موتا سياسيا من قبل. لست متيقنا مما إذا كان عرفات قد سمم أم لا. ولكن مما لا شك فيه أن شارون قد سمم حياة عرفات.

Post: #383
Title: Re: الصورة التي حكت عن مقتل الطفل الفلسطيني :محمد الدرة
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 11-22-2005, 06:11 PM
Parent: #381

العزيز المشــاء نحن هنا
نص محمد الدرة للشاعر محمود درويش
المصدر:أضغط هنا
______

محمد الدرة
محمدُ
يعشعشُ في حضن والده طائراً خائفاً
من جحيم السماء: احمني يا أبي
من الطيران إلى فوق! إن جناحي
صغير على الريح.. والضوء أسود

محمد
يريدُ الرجوع الى البيت من
دون دراجة.. أو قميص جديد
يريدُ الذهاب الى المقعد المدرسي..
الى دفتر الصرف والنحو: خذني
الى بيتنا، يا أبي، كي أعد دروسي
وأكمل عمري رويداً رويداً
على شاطئ البحر، تحت النخيل..
ولا شيء أبعدَ، لا شيء أبعد
..
محمد
يواجهُ جيشاً، بلا حجر أو شظايا
كواكبَ. لم ينتبه للجدار ليكتب: (حُريتي
لن تموت). فليست له بعدُ، حريةٌ..
ليدافع عنها، ولا أفق لحمامة بابلو
بيكاسو، وما زال يولد، ما زال
يولدُ في اسم يحمله لعنة الاسم. كم
مرة سوف يولد من نفسه ولداً
ناقصاً بلداً.. ناقصاً موعداً للطفولة؟
أين سيحلمُ لو جاءه الحلمُ
والأرض جرحٌ .. ومعبد؟
..
محمد
يرى موتهُ قادماً لا محالة ولكنهُ
يتذكرُ فهداً رآهُ على شاشة التلفزيون،
فهدأ قوياً يحاصر ظبياً رضيعاً. وحين
دنا منه شمّ الحليب، فلم يفترسهُ
كأنّ الحليب يُروض وحش الفلاة
إذن، سوف أنجو- يقول الصبيّ
ويبكي: فإن حياتي هناك مُخبأةٌ
في خزانة أمي سأنجو .. وأشهد
..
محمد
فقير على قاب قوسين من
بندقية صياده البارد الدم. من
ساعة ترصد الكاميرا حركات الصبيّ
الذي يتوحد في ظله:
وجهه، كالضحى، واضحٌ
قلبهُ، مثل تفاحة، واضحُ
وأصابعه العشر، كالشمع واضحة
والندى فوق سرواله واضح ..
كان في وسع صياده أن يفكر بالأمر
ثانية، ويقول: سأتركه ريثما يتهجى
فلسطينه دون ما خطأ..
..
سوف أتركه الآن رهن ضميري
وأقتله، في غد، عندما يتمرد!.
.. محمد
..صغير ينامُ ويحلُمُ في قلب..
صنُعت من نحاس
ومن غصن زيتونةً
ومن روح شعب تجدّد
..
محمد
دمٌ زادَ عن حاجة
الى ما يُريدون، فاصعدْ
الى سدرة المنتهى
يا مُحمّدْ!

Post: #384
Title: Re: الصورة التي حكت عن مقتل الطفل الفلسطيني :محمد الدرة
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 11-22-2005, 06:14 PM
Parent: #383


وهنا مات محمد يحلم...

Post: #385
Title: Re: الصورة التي حكت عن مقتل الطفل الفلسطيني :محمد الدرة
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 07:17 PM
Parent: #384

شكرا ماجد على ايراد هذه الصورة التي تجعلنا نفهم جزء من علاقة محمود درويش مع الموت الفلسطيني اليومي ,
وكيف يحاول ان يعالج ذلك شعريا
كما نشكرك على ايراد نص درويش عن الدرة
لكن الملاحظ ان درويش لم يضمن هذا النص لاعماله الجديدة الصادرة عن دار الريس
كما لم يضمن نصه الشعري اي :
Quote: القربان

هل نحن ازاء حالة تشبه حذفه ل:
Quote: بطاقة هوية

والتي اشتهرت ب:
سجل أنا عربي
؟؟؟
وسنعود
محبتي
المشاء

Post: #386
Title: نص نقدي "عربي" عن "حالة حصار" لدرويش
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 07:26 PM
Parent: #385

نعود لايراد نص نقدي عن :
حالة حصار
وفيه حديث عن صورة الفلسطيني والاسرائيلي في النص,
وهو ما ستتحدث عنه اليسارية الاسرائيلية

العودة إلى الكتابة في الموضوع الفلسطيني
عادل الأسطة

يكتب محمود درويش في ديوانه الأخير " حالة حصار " (2002) المقطع التالي:
" كتبت عن الحب عشرين سطراً
فخيل لي
أن هذا الحصار
تراجع عشرين متراً " (ص5
ويعيد هذا المقطع قارئ الأدب الفلسطيني إلى طبيعة الموضوعات التي خاض فيها الأدباء الفلسطينيون وملاحظات الدارسين حول ذلك، بل وما ورد في بعض النصوص الأدبية الفلسطينية أيضاً حول ذلك.
وكنت أتيت على هذا، وأنا أدرس مجموعة أكرم هنية الأخيرة " أسرار الدوري "(2001) التـي كُتِبَتْ أكثرُ قصصها، مثل أشـعار " حالة حصار " كلها، عـن انتفاضة الأقصى(28/9/2000 ...).
لاحظت سلمى الخضراء الجيوسي في " موسوعة الأدب الفلسطيني " أن أكثر الأدباء الفلسطينيين يكتبون في الموضوع السياسي وأنهم لم يطرقوا موضوعات أخرى إلا نادراً، وأراد بطل قصة أكرم هنية " سحر الحب " أن يكتب قصة تؤنسن الفلسطيني وتحوله من بطل وحالة وقضية إلى إنسان عادي يسير في زحام شوارع العالم دون أن يثير انتباه أحد، شخص يحب ويضحك ويخدع ويصادق ويخون ويهرّج ويموت لأسباب عادية. ولكنه عاد وكتب، بسبب الانتفاضة، في الموضوع السياسي.
ودرويش نفسه كتب " سرير الغريبة "(1999) و " جدارية "(2000). تمحورت قصائد الأول حول العلاقة بين الرجل والمرأة، ودارت جدارية حول تجربة شخصية للشاعر مع الموت، وجاءت الانتفاضة ليكتب الشاعر قصيدة " محمد " ( الأيام 21/10/2000) وقصيدة " قربان "( الكرمل، ع66، شتاء 2001 ) و " حالة حصار " ( الكرمل، ع70/71 شتاء وربيع 2002 )، ليصدر الأخيرة، دون " محمد " و " قربان "، في كتاب صدر عن دار رياض الريس في بيروت (2002). وهكذا شكل " سرير الغريبة " و " جدارية " عشرين سطراً، وظن، حين كتبهما، أن الحصار تراجع عشرين متراً.
ولكن الحصار عاد، فعاد درويش ليكتب " حالة حصار ". وفي هذه لم ير أمامه إلا الفلسطيني والإسرائيلي والصراع على المكان، وحول هذه كلها كانت أشعاره تدور.

الفلسطيني:
يغدو الفلسطيني، زمن الحرب، مثل السجناء والعاطلين عن العمل: يربي الأمل. ويغدو أقل ذكاءً، لأنه لا يفكر إلا بشيء واحد: النصر – أي الخلاص من الاحتلال، لكأن تفكيره لا ينصرف إلا لهذا.
ويرى حياته في موته، وينسى الألم. وتنظف الفلسطينية العلم، ولا تعلق حبل الغسيل. ويرى الشاعر تحت كل حجر قمرا / شهيداً.
الفلسطيني يحب الحياة، ولكنه وحيد، وهو لا يعرف الفرح، وهذا يثيره فهو يسأل: هل نسيء لأحد لو شعرنا بالفرح. ويتذكر في حالة حصاره إخوته العرب المحاصرين من حكامهم الذين يشعرون أنهم أيضاً محاصرون. ولا يخسر الفلسطيني البشر والشجر وحسب، إنه يخسر الفن.
" خسائرنا: من شهيدين حتى ثمانية
كل يوم
وعشرة جرحى
وعشرون بيتاً
وخمسون زيتونة،
بالإضافة للخلل البنيوي الذي
سيصيب القصيدة والمسرحية واللوحة الناقصة " (ص3
ولا يحزن الفلسطيني لأشياء شخصية، وهو لا يلتفت إلى تفاصيل الحياة اليومية، لأنه مشغول بالهم العام. يعزي الفلسطيني أخاه بابنه الذي استشهد، وسرعان ما يهنئه بمولود جديد. يريد أن يتزوج فيقتل، وتعود العروس إلى أهلها باكية. العرس الفلسطيني لا يكتمل، فالفتاة الفلسطينية ترتدي ملابسها وتنتظر حبيبها حتى يعود، ولا يعود. ويتذكر المرء هنا مقطع درويش في " محاولة رقم 7 ":
" هذا هو العرس الفلسطيني
لا يصل الحبيب إلى الحبيب
إلاّ
شهيداً أو شريد ".
ويجلس الفلسطيني على شرفة منزله ليشرب البابونج فتأتيه رصاصة قاتلة. وتفرح الأم للعروسين فيقتلان وتصاب هي بالشلل.
ولأهل فلسطين هدف واحد هو: أن يكونوا، وبعدها هم مختلفون على كل شيء. ولا بيت للفلسطيني. إنه يفكر في مسكن بعد عقد النكاح وهذا يذكرنا بقصيدة " مطار أثينا " التي كتبها بعد الخروج من بيروت (1982):
" مطار أثينا يوزعنا للمطارات. قال المقاتل: أين أقاتل؟ صاحت به حامل: أين أهديك طفلك ".
ويذكرنا بـ " صهيل على السفح ":
" أعد لسيدتي صورتي، علقيها إذا مت فوق الجدار، تقول: وهل من جدار لها؟ قلت: نبني لها غرفة.
– أين ... في أي دار ؟ ".
ولا يكره الفلسطيني اليهودي، إنه يكره الاحتلال. ويحاول الأطفال أن يلعبوا فيقتلون. وللفلسطيني قلب، كما لليهودي في " تاجر البندقية " قلب، وله أيضاً، مثله، عينان تدمعان. الفلسطيني بسيط، والشهيد الفلسطيني لا يريد إزعاج الآخرين بقصائد يكتبها الشعراء عنه. إنه يفتش عن الحياة في الحياة، وهو لم يذهب للموت إلا حين لم يجد الحياة، لعله يجدها هناك في الأبدية. إن الجمال في نظره يكمن في حريته، هكذا يقول الشهيد للشاعر: لا جمال خارج حريتي. بل ويطلب منه ألا يصدق زغاريد النساء حول استشهاده، إنه يطلب من الشاعر أن يصدق دموع أبيه التي تذرف على هذا الفقدان.
والشهيد الذي يستشهد لا يخسر شيئاً سوى موقعه وأثاثه الفقير. إنه هنا مثل جحا الذي سأله ابنه، وهما سائران في جنازة، عن القبر، فلما وصفه الأب للابن قال الابن: إننا ذاهبان إلى بيتنا. حقاً ماذا يخسر الشهداء؟

الإسرائيلي:
الإسرائيلي هو الطرف الثاني الحاضر بقوة في " حالة حصار " وكان الإسرائيلي دائماً حاضراً في أشعار درويش، سواء في القصائد التي كتبها عن " جندي يحلم بالزنابق البيضاء " أو " الكتابة على ضوء بندقية " أو " عندما يبتعد " أو " بين ريتا وعيوني بندقية " أو " شتاء ريتا الطويل "، أو في القصائد التي صور فيها معاناة الفلسطيني.
ما من قصيدة كتبها درويش عن الفلسطيني، إلا وكان الإسرائيلي فيها الطرف الثاني. قد يكون حاضراً في النص، وقد يكون حاضراً حتى في الغياب عن النص.
هنا يكتب درويش عن جنرال ينقب عن دولة نائمة تحت أنقاض طروادة القادمة. ويكتب عن الجنود الذين يقفون على عتبات بيوت الفلسطينيين ويحتلون صباحاتنا، عن الجنود الذين يبولون تحت حراسة دبابة – وكان درويش ومعين بسيسو في بيروت 1982 كتباً قصيدة مشتركة خاطباً فيها هذا الجندي الذي يقضي العمر في دبابة – اليهودي في " حالة حصار " قاتل، وهو ينسى ماضيه، ينسى أمه التي قتلت في غرفة الغاز تحت الحكم النازي. إنه يريد، بالقتل، أن يستعيد هويته. يقتل اليهودي الفلسطيني الذي قد يتزوج ابنة اليهودي، وقد يخلفان: اليهودي والفلسطيني طفلة تكون يهودية بالولادة، وهكذا يقتل الثلاثة ويقضي على عائلته: على ابنته وحفيدته. ويظل الإسرائيلي حاضراً في ذهن درويش وهو يكتب. الإسرائيلي حارس يحرس أحلامنا، وهو قد يستمع إلى الأغنيات التي استمع إليها الشهداء، وإذا كانت الهدنة ستسبب لنا سلاماً مع النفس لنتبارى على حب أشيائنا، فإن الإسرائيليين يجيبون:
ألا تعلمون بأن السلام مع النفس
يفتح أبواب قلعتنا
لمقام الحجاز أو النهوند؟ " ( ص87 )
وليس أمامنا إلا نقول: وبعد .. وبعد .. ؟

المكان:
المكان هنا أيضاً له حضوره. إننا نحيا في بساتين مقطوعة الظل، في بلاد على أهبة الفجر. تبدو السماء رصاصية في الضحى، ولكنها في الليالي، بسبب قنابل الإضاءة، برتقالية. ويغدو شجر السرو مآذن. والمكان مزدحم، ومديحه مثل هجائه، إن هذين: المديح والهجاء مهنة. والمكان يحملق في عبث الأزمنة.
و:
هذه الأرض واطئة، عالية
أو مقدسة، ذاتية
ونحن:
" لا نبالي كثيراً بفقه الصفات
فقد يصبح الفرْجُ،
فرْجُ السموات،
جغرافية "(ص76).
وقليل من المطلق الأزرق اللانهائي يكفي لتخفيف وطأة هذا الزمان، وتنظيف حمأة هذا المكان.

الأسلوب:
يتنوع الأسلوب هنا ويتعدد، فمن سرد يبدأ بجملة اسمية إلى آخر يبدأ بجملة فعلية إلى مقطع حواري، إلى خطاب يوجه الشاعر إلى مرسل إليه محدد، حتى لكأن القصيدة تخص شـخصاً بعينه دون غيره، وتكرر الأسلوب الأخير غير مرة، وخاطب فيه صاحبه البشر والأشياء / الكلمات.
[ إلى ناقد / إلى قاتل / إلى قاتل آخر / إلى الليل / إلى الموت / إلى الشعر / إلى النثر / إلى الشعر والنثر / إلى شاعر / إلى الحب / إلى حارس / إلى حارس آخر / إلى حارس ثالث / إلى شبه مستشرق / إلى قارئ ].
هؤلاء هم الأشخاص الذين شغلوا ذهنه في حالة الحصار، وإليهم كان يتوجه. لم يتوجه بالخطاب إلى الضحية أو الجلاد فقط. لقد خاطب الموت والحب والليل، وخاطب أيضاً الشاعر والشعر والنثر. إنه غير قادر على نسيان هذين، بل وخاطب الناقد أيضاً طالباً منه ألا يفسر شعره وفق مقاييس معينة، لأن هذا يحمله ما لا يحتمل ويسبب له الأرق. ودرويش هنا يختلف عن المتنبي الذي قال:
أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر القوم جراها ويختصم
يقول الشاعر ما يراه، ولكنه أيضاً يعيد صياغة ما يقال له. هكذا تبدأ بعض المقطوعات بجمل اسمية مثل ( لا صدى هوميري لشيء هنا ) وتبدأ أخرى بجمل فعلية ( يقيس الجنود المسافة ... ) وثالثة ( قال لي كاتب ساخر: ... ).
ولا يتخلى درويش عن مفهومه للغة الشعر. لغة الشعر لغة انزياح. هكذا تحتمل المفردة الواحدة معاني عديدة، وهكذا يحضر الدال الواحد بمدلولات عديدة. تسير الأم في جنازة ابنها فتخاطبه: فكن قمراً / في منام الحبيبة ... / كن قمراً. (ص42)، والابن هنا قمر. ويكون القمر ناقصاً لنا في هذا الليل الطويل. للناس أقمارهم ولا قمر لنا لأننا نخاف من الجلوس على الشرفات. وضوء القمر ماء يغتسل به المحبان:
" السلام أنين محبيْن يغتسلان
بضوء القمر " (ص92).
وكما في أشعار الشاعر السابقة تتشكل الكلمات من كلمات سابقة، وتبدو الكتابة كتابة على الكتابة، ولا كتابة تبدأ من بياض.
يقول درويش:
فلا يلدغ المؤمن المتمرن
من فرح .. مرتين " (ص2
متأثراً بالنص الإسلامي، وبخاصة حديث الرسول(ص): " لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ".
ويقول:
" فالحقيقة جارية النص، حسناء
بيضاء من غير سوء " (ص72)
وهو هنا متأثر بالآية القرآنية ( أدخل يدك إلى جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ). وحتى عبارات العهد القديم، كما في أشعاره السابقة، تتسلل إلى " حالة حصار ":
" إلهي ... إلهي! لماذا تخليت عني " (ص44).

أفكار قديمة / موضوعات قديمة بثياب جديدة:
لقد أعادنا الحصار إلى ما كنا عليه قبل عام 1993، منذ 1921، فهل علينا أن ننسى واقعنا وأن نعيش في عالم آخر؟ لقد جعلنا الحصار، كما قال درويش، أقل ذكاء، لأننا لا نفكر إلا بالخلاص لما نحن فيه. وهكذا عدنا نخوض فيما كنا نخوض فيه. عاد السارد في قصة هنية " سحر الحب " ليكتب مجبراً عن الموضوعات التي أراد أن يتخلص منها، وعاد درويش ليكتب عن الحصار الذي خبره، من قبل، مراراً. يوم كان في فلسطين، قبل 1970، كان محاصراً. ثمة إقامة جبرية، وثمة زنزانة، وثمة تضييق في مجال السفر. وفي بيروت كان محاصراً أيضاً، وبلغ الحصار ذروته في 1982، وها هو الحصار يعود. ولكن درويش شاعر ذو خيال خصب وقادر على التلاعب باللغة، وهذا ما ينقذه من التكرار الممل، ويجعل القارئ يقرأه ويعيد قراءته مراراً حتى لو كتب في الموضوع نفسه. أنا شخصياً أفعل هذا. حقاً أنني كلما قرأت جديد الشاعر، تذكرت بين الفينة والفينة بعض قديمه، ولكنني أشعر أن الجديد يأتي أيضاً بجديد. سوف أتوقف هنا أمام أربعة أمثلة للتدليل على ما أذهب إليه:
المثال الأول يرد في المقطع الوارد في ص30. هنا يخاطب الشاعر اليهودي الإسرائيلي، وكان درويش خاطبه من قبل مراراً، وهو ما لاحظناه قبل قليل. فما الجديد إذن؟
هنا يقتل اليهودي جنيناً لو تركه دون قتل لربما غدا زوجاً لابنة القاتل، ولربما أنجبا طفلة تكون يهودية بالولادة. هنا يلتفت درويش إلى مأساة العائلة اليهودية التي شردها الجندي الذي أصاب ثلاث حمائم بالطلقة الواحدة. لكأن المرء يقرأ شيئاً جديداً في الكتابة عن الآخر.
المثال الثاني يرد في المقطع الوارد في ص44، هنا يخاطب الشاعر الموت، ويخبره أنه يعرف من أية دبابة جاء، وماذا يريد. ويطلب منه أن يعتذر للجنود والضباط قائلاً:
" قد رآني العروسان أنظر
نحوهما، فترددت ثم أعدت العروس
إلى أهلها .. باكية " (ص44).
وكما أشرت، فإن هذا المقطع يذكرنا بمقطع ورد في " محاولة رقم 7 "(1974).

المثال الثالث يرد في ص52، ونصه:
" كيف أحمل حريتي، كيف تحملني؟ أين
نسكن من بعد عقد النكاح ... ".
وكما ذكرت فإنه يذكرنا بما ورد في قصيدة " مطار أثينا " (1983).

والمثال الرابع يرد في ص 84، ونصه:
" أصدقائي يعدون لي دائماً حفلة
للوداع، وقبراً مريحاً يظلله السنديان
وشاهدة من رخام الزمن
فأسبقهم دائماً في الجنازة:
مَنْ مات .. مَنْ . "
ويذكر هذا بما ورد في مديح الظل العالي، حين يأتي على ذكر الشهيد سمير درويش، بل ويذكر أيضاً بقصيدة " يحبونني ميتا " و " رأيت الوداع الأخير "، ولعل أهم من هذه كلها المقطع:
" بيروت / ليلا:
يمدح الشعراء قتلي في مجالسهم
ويرتعدون مني حين أطلع بينهم صوتاً وظلا "
( ديوان / ج2 / ط1994 / ص46 ).

النص الغائب:
يقول درويش في مقطع من " حالة حصار "
" سيمتد هذا الحصار إلى أن نعلم أعداءنا
نماذج من شعرنا الجاهلي " (ص11)
والنص الغائب هنا هو النماذج من الشعر الجاهلي. ما هي هذه النماذج وماذا نعلم أعداءنا منها؟ هنا يجتهد كل قارئ في التفسير. هل نعلمهم لامية العرب وشعر الشعراء الصعاليك، أم نعلهم معلقة عمرو بن كلثوم، أم نعلمهم معلقة زهير. وكل واحدة من هذه تذهب مذهباً مختلفاً. هكذا أرى.
والنص الغائب في " حالة حصار " كثير، وقد يعرفه القارئ، وقد يحتاج إلى البحث عنه. مثلاً حين يكتب درويش:
" هنا، بعد أشعار " " أيوب " لم ننتظر أحداً "(ص11)
فإن أشعار أيوب تبدو حاضرة لمن قرأها، ويحتاج من لم يقرأها إلى البحث عنها ليقرأها، ولتكون متممة للنص الدرويشي. إنه النص الآخر الذي يتمم النص غير التام، النص الحاضر. ولعل هذه قراءة أولى للديوان

Post: #387
Title: المقالة النقدية الثانية لكاتب عربي عن "حالة حصار"
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 07:38 PM
Parent: #386

نعيد الان نشر مقالة كمال شاهين:
محمود درويش في حالة حصار
والتي نشرت في الحوار المتمدن - العدد: 1094 - 2005 / 1 / 30
*****
(غـبــــــار القـلـب، غـبــــار الـقـصـيــــــدة)
( إلى سعد الله ونوس وبشار وطفة )
( الكتابة هدم لكل صوت، ولكل أصل، هي هذا الحياد، وهذا الانحراف الذي تهرب فيه ذواتنا، هي السواد والبياض الذي تتيه فيه كل هوية بدءاً بهوية الجسد الذي يكتب ) ( رولان بارت ( 1ـ75))

من طرف الصورة:
من طرف الصورة الأقصى و في اللحظة الزمنية الأكثر التباساً والأكثف حضوراً يدخلنا محمود درويش حصاره الخاص ليكتب عن قوة الحياة واستمرارها وأبدية العلاقة مع الأشياء والطبيعة (12) داخلا في تفاصيل المكان الفلسطيني بعد غياب ربع قرن في المنفى بعد كتابات يمكن القول بأنها بدءاً من " لماذا تركت الحصان وحيداً " تلامس السيرة الذاتية وتبتعد عن الآني لتلتحق الأنا في تلاوين متعددة.
يتزامن الالتباس والتكثيف في الرؤية العامة لما يجري في الأراضي المحتلة فالتدافع الهائل في المنطقة بكل جوانبه الطوفانية ألقى بالحدث الفلسطيني إلى الخلفية وترك المجال مفتوحاً لـ (فوهة الوقت الإسرائيلي)لتقذف حممها في كل الاتجاهات الفلسطينية والعربية.
اللحظة الزمنية تلك والتي يقف محمود في عينها هي التي ستكشف لنا في الآتي من النص الخطاب المتشعب الصادر عن شخص يعود بعد غياب إلى مدينة حُفرت صورتها في الذاكرة ليجدها حية ميتة يختصر وجود الحياة فيها الحمامات ويختصر وجود الموت فيها الدبابة !
كما أن مراقبة ما كتبه الشاعر منذ عودته إلى الأراضي المحتلة تكشف اختلافاً نوعياً في النص ـ الخطاب الذي يقدمه الشاعر الآن وبين ما قدمه الشاعر قبلاً، هذا الاختلاف سنحاول إيجاد تفسيره في إطار البحث عن حوار في داخل نص الشاعر مستخدمين جملة مفاهيم لسانية متداخلة مع قراءة سياسية لاتدّعي الكمال أبداً. 2ــ الحدث والحدث شعرياً :
يسجل محمود درويش في حالة حصار حدثاً تملأه جملة وقائع لا ينتظم سياقها في تسلسل تاريخي أو زمني معين، فهو ينتقل في حدثه بين مستويات عدة في كل مستو منها وقائع مختلفة لا تتطابق مدلولاتها، بناءاً على اختلافها أولاً، وعلى تنوع مضمون الخطاب الإيصالي ثانياً، والناتج عن تنوع محاوره والفصل بينها في نيّةٍ لإطلاق الخطاب المتشكل آلياً في النص ليأخذ فاعليته وفعله في الرد على الحصار ثالثاً.
ولاينتمي تسجيل الحدث إلى التأريخيّة انطلاقاً من الراهنية أولاً، وغياب السردية بوصفيتها وأدواتها ثانياً، وانتماء النص ثالثاً وأساساً إلى الشعرية وهي من الأدوات التي تقارب التاريخ ملامسةً ولا تنتهي فيه بل (عنده)، ويبرز ذلك في النص من خلال استخدام التسجيلية عبر لقطات أو فلاشات آنية تحدث الآن أو حدثت بالأمس وهي تحيل في الوقت ذاته إلى سؤال النص المعرفي الأساسي: معرفة معنى الأنا والآخر ومحاولة تأسيس ارتباط قاعدي بالخطاب الذي يتلقى هذه الأسئلة ويعيد إنتاجها مرسلاً كلامه ووظيفته في فضاء النص.
كما أن تواجد عدة مستويات في الحدث ذاته لا يشير بديهةً إلى الفصل بينهما بقدر ما يشير إلى تمازجها وتداخلها وإمكانية القفز من واحد منها إلى آخر ثم العودة إلى نفس المستوى أو القفز إلى مستوى آخر جديد.
هذه اللعبة الفيزيائية الشعرية اللاشعورية تحدث حين يخرِج المستوى بأبعاده إشارات تنتسب إلى النص وتتفارق معه في نفس الوقت (أليست بعض الكلمات علامات مفتاحيه في مفازات النص وهي بالتالي الدلائل الفيزيائية في معرفة النص واستقرائه؟).
تنتسب الإشارات إلى النص لجهة إنتاجها عبر(المعنى) وهو بابٌ (إجباريٌ)للغة(13-1) تعبره اللغة لبناء مدماكها ،وتتفارق معه الإشارات بسبب انتمائها إلى مرسل يُْصدرها في فضاء النص لتشكل جملة المفاهيم والأدوات اللغوية والتي منها تشتق الأنساق الاستدلالية والوظيفية مشكّلةً بنية الخطاب .
نؤكد هنا أننا لم ندخل هذا الجدل طواعية فنص محمود درويش يستند إلى أرضية بلاغية ولغوية صلبة يعززها فرادة الشاعر وتمايزه وقلقه الدائم وأسئلته المستفزة وقدرته على توجيه خطابه(أكان مضمراً أم علنياً) إلى جهات لا يتوقعها القارئ المتابع له والمتعاقد معه في مشروعه الشعري(12).

إن لعبة الانتماء والمفارقة في إشارات كل (مستوى) تنساب في كلّ هيكل النص خالقةً جدليات عديدة تهدد كل منها القارئ في تلقيه للنص (مهما أعاد القارئ قراءة النص ) وذلك لأن تعلقا أو تشابكاً بدرجة اقل بين القارئ والوحدات القرائية المكونة للنص يصعب بناؤه تراكمياً فهناك انفصالٌ في الوحدات القرائية أولاً، وهذه يتغير حجمها لتصل في بعض النص إلى جملة واحدة تشكل بذاتها بنيةً مغلقةً كاملةً راسمةً عالمها الخاص ومستواها وحتى نسقها وخطابها، وعلى العكس من هذا ثمة اتصال في بعض الوحدات القرائية( وهي المقاطع التي تملك موضوعاً واحدًا) يجعل استقراء الخطاب متتابعًا و على مراحل.
صعوبة البناء التراكمي تجد تفسيرها كذلك في الإحالة إلى عنوان النص فهو( حالة حصار) أي أن الزمن المشكل فيه النص هو زمن متوتر، متقطع، مترقب باحتمالات مفتوحة على كل تصرفات الآخر (المحاصِر) والأنا (المحاصَر) وعلاقة القوة ـ الضعف محسومة لصالح الآخر كون الحالة ( حالة حصار)يحاصر فيها الآخر الأنا سواء كان فرداً (الشاعر) أو جماعةً (سكان المكان المحاصر) وإذ يعيد الزمن تشكيل حصاره الخاص على الشاعر وعلى نصه بالتالي فإنه ينقل معه توتره وتقطعه وترقبه إلى الخطاب المنتج.
على هذا الجدل نطرح السؤال التالي: ما هي المعرفة التي يقدمها الخطاب في النص ؟

3 ــ شُرع المعرفة ((codes du savoir (1ــ337)
تتحول العناصر والممكنات والموجودات في نص محمود درويش لتصبح معرفية عبر تحويلها من (الإخبارية)إلى المعرفية بإسنادها إلى( مركّب) تحويلي ــ تبادلي يقوم بنقل (الإخبارية)من حقل الحدث إلى الحقل المعرفي ضمن شروط النص وضمن شروط الخطاب بحيث لا تشكل المعرفية حاجزاً بين النص والقارئ وبحيث تنغلق الإخبارية ضمن النص وتتوضع فيه كأحد مكوناته ثانياً.
يستخدم المركب التحويلي شرعاً موضوعاتية وجودية(أعلى ـ أسفل )وشعرية (قاتل ـ شهيد)واستعارية(الشهيد يتكلم ) وينتقل بها النص بعد امتصاصها و" تحويل أزمنتها الفعلية وتعديل ضمائرها وإشاراتها كي تتسق في إحالاتها واتجاهاتها(3ـ101) إضافة لذلك فإن هذا المركب يقوم بضبط جماليات التفاوت المحسوب بينها طبقاً للقول الشعري المنساب في متن النص والصادر عن رؤية الشاعر.
ما هو هذا المركب الذي له هذه الفاعلية الأدائية ؟
لقد سبق للشاعر أن استخدم نصوصا معرفية لإنتاج نصوص شعرية تتفا رق مع النص المعرفي و لكنها تنتمي إليه في نفس الوقت (كما في قصيدة خطبة الهندي الأحمر على شاطئ المتوسط) وما يميزها عن النص المعرفي هو طريقة الأداء المعلوماتي بحيث يتم خلق تماثل على صعيد الوحدات الدالة (monemes ) (3ـ71 ).
يساهم هذا التماثل في تكوين المعنى خاصةً باستخدام الوحدات الصوتية وهو يحدث بشكل اعتباطي ينفذه الشاعر مستنداً إلى خبرته الخاصة وثقافته المميزة.
نخلص إلى أن المركب التحويلي التبادلي هو مجموعةُ الأدلةِ المتباينةِ الوظائف بحيث تربط بين أطرافه علاقة اشتراط متبادل خاصة علاقات التأليف بحيث أن محمود درويش يملك شجاعة الربط بين كلمتين لم تقترنا أبداً من قبل (3ـ72).
توجد داخل الحقل المعرفي فروق أكيدة في فضاء المعلومة وفي حرية التعامل معها وتوظيفها ولكن ما هو مؤكد أكثر أن إنتاج هذه الفروق يتحصل لصالح الخطاب و ينتهي فيه وتنتهي فيه الفروق المعرفية غائبةً.

4 ــ جدلية الحضور والغياب : افتتاحيات المكان العاطل
ترتكز حالة حصار على حقل معرفي تنمو فيه المكونات بنوعيها المادي والمعنوي ويتحدد محيط الحقل المعرفي بصورة أولية بالمدينة المتر مدة الميْتة الحية وفي هذه المساحة ينمو الخطاب ويتمدد خارج التضاريس الجغرافية للمدينة إلى كل الجهات وينتشر في الزمان سابقاً وآنياً ولاحقاً في وحدة تتحقق بالعودة إلى الحقل المعرفي دائماً (الحصار).
في نموه وتمدده يكتسب الخطاب شرعيته كما يكتسب نسيجه العضوي من تشابك وحداته العضوية في قلب الزمان ـ المكان الفعلي الواقعي لا المتوهم أو المتخيل، وعلى هذه الوحدات البنائية ينبني مجمل الخطاب أو ما يمكن أن نسميه (نص الخطاب )، وما يؤكد واقعانية المكان والزمان إحالة عنوان النص إلى فضاء زماني(آني) مؤقت (حالة) وإلى فضاء مكاني مؤقت كذلك(حصار)، ولا تلغي الآنية الواقعانية في الخطاب لأنها استثناء يؤكد الأبدية وهذه الأخيرة تتأكد بامتداد المكان والزمان باتجاه الماضي و باتجاه المستقبل أيضاً، كما تتأكد بإصرار الشاعر على ربط عناصر الحقل المعرفي(أو مكوناته) الإنسانية بالأشياء والطبيعة وهي العناصر الباقية(كما يقول الشاعر في حديثه أثناء توقيع كتابه).
إن بقاء هذه العناصر (الأشياء الطبيعية ) هو مفتاح توليد الأسئلة ونشرها فالعلاقة التي تقيمها هذه العناصر مع الأشخاص هي التي تحقق بجزء كبير منها وجودية الأشخاص، من هنا يظهر مفهوم الوطن ولا نستبعد تأكيداً بقية العناصر المنشئة لهذه العلاقة (التاريخ، التراكم، الأرض، الآخر الذي يشبهني، الدِّين...........)
تتوالد أسئلة الفلسطيني (والشاعر) من مفهوم الوطن وما قبله من علاقة بالأشياء، على أن هذه التوالدية متوترة بسبب من انتفاء المفهوم فعلياً أو ضياعه بين آخر فلسطيني هو السلطة الوطنية و آخر إسرائيلي محتل، وبقدر ما يتطلب التباس اللحظة والشك فيها طرح الأسئلة، بقدر ما يبتعد عنها الفعل والفاعل ليتحول المشهد بجملته إلى لحظة يباس إنساني عاطل إلا عن فعل الانتظار الذي هو شكل تكتيكي لدفع الموت وسط عطالة متأصّلة قدرية، ترخي بخوائها الهائل على زمن لم ولن يستفيد من الترسب التاريخي إلا في تكريس الالتباس الذي ( لن ينقذنا منه تربية الأمل ).
تأصّل العطالة ذاك يجد سياقه في ثنيات النص ذهابًا في التاريخ يتلقى إسناده من الامتداد العطالي في الفكر واللغة والحياة عبر الحامل الأولي (الدين) بكل تخريجاته وصولاً إلى راهنية الحالة:عطالة عن العمل، عطالة عن الحياة بتحول العقل ليصير( أقل ذكاء ) وأقل إحساسًا والتقاطاً للآتي وحتى للسابق (فهنا بعد أشعار أيوب لم ننتظر أحداً) وهذا إشعار بحضور غائب هو( فعل الآخر العربي أو الدولي ربّما) بتواز مع إلغائه من الذاكرة الجمعية حيث يعتمد مجرى الخطاب هنا على (الّنا والنحن ) في غياب للذات الفردية إزاء حضور طاغ للذات الجمعية و في انسياق لمسيرة اتصال النا والنحن بالتحولات المكانية الحادثة، متضمَنةَ في تشابك زمني يحدث كاستمرار، وليس كحدث جديد فـ(نحن هنا منذ ثلاثة آلاف عام نراقب قمة التل ونتساءل بماذا يفكر من هو هناك؟) .
بذلك يكون تبادل الاتصال بين ذات الشاعر والعالم قائماً على إسناد الإيصال إلى لغة الشاعر بما هي كائن يختزن ويرى ثم يعيد إنتاج العام عبر الخاص وهو هنا النص ـ اللغة بما هي أداة للإيصال تفكر بذاتها (11ـ( 851 بقدر ما تتلقى معناها من كونها حدثاً مسروداً أسند إلى خطاب له قانونه الخاص ((88-3.
إسناد الاتصال هذا يتروهن أيضاً بالعطالة السابقة فالمراوحة في الرؤية الجمعية تجعل من عناصرها مصابة بالعجز شبه الكلي، فلدينا مثلاً تكرار هائل للترابطات بالنحن دون فاعلية مما يجعل العلاقة مع الأشياء ملتبسة، إنها عين الحضور الجماعي الخائفة المستلبة التي تضيّق فضاء رؤيتها للأشياء و تضيّقت إرادة تجاوزها لغيابٍ متكاثر متحولةً إلى عناصر هلامية، فعلها الممكن ينحصرفي اليومي الذي يُخرِج الناس إلى حيّز لم يملأه الآخر (المحتل ) بعد (إلى سطح البيت، حبال الغسيل، الشارع في لحظات غياب الآخر) وحتى هذا الفعل الممكن إشكالي بمعنى قدرة الآخر على اختراقه دائماً.
ماذا عن حضور هذا الآخر الإشكالي ؟
بدايةً هل يمكن اعتبار المحتل آخرًا ولماذا ؟
وفق المنطق الفيزيائي للأشياء إنه كائن له كتلة (وجود مادي )وفعل (وجود معنوي ) وإدراك (وجود عقلي ) وأجياله الأخيرة ولدت على أرض فلسطين التي يعتبرها الفكر والعقل اليهودي أرض الميعاد والتي وعدهم بها الكتاب المقدس لهم (التوراة) وهذه الأجيال لم تعايش الدياسبورا اليهودية (كما الزعم )إنما خلقت على أرض الميعاد التي يتواجد عليها كائن محتل(عربي فلسطيني) لهذه الأرض وهو كائن وليس من الضروري أن يكون إنسانا إذ قد يكون أفعى أو كلب إنما ليس إنساناً بالتالي العلاقة مع هذا الكائن قائمة على الحدية والحدية جداً( اقرأ كتاب راشيل مزراحي أحدهم يموت والآخر أيضًا الصادر عن دار هاشيت الباريسية 1985) كذلك الإلغاء شبه الكلي لأي فكرة عن إمكانية نشوء علاقة ما مع هذا الكائن خارج علاقة السيد ـ العبد أو علاقة الذكي ـ الغبي، البسيط الساذج.
يكشف البحث عن الآخر في المكان الفلسطيني عن تعالق بين وجهي الداخل والخارج، بين الذات الفلسطينية الفردية والجماعية والذات الصهيونية الفردية والجماعية، هذا التعالق يغيّب الوجوه من النص لتبقى في فضاءه كائنات حاضرة بلا ملامح، ضائعة في المكان والزمان المنسابين في خط أفقي لا يقطعه سوى دوي الدبابات والمدافع، وهذه الكائنات يجمعها ولا يوحدها النص في إطار خطاب يتناثر بتخريجات مشهدية عديدة، كما يجمعها حدٌّ آخر متضمَن في النص ــ والواقع كذلك ــ هو العسكرتاريا وهو حد فاصل يفصل الجميع عن المكان والزمان ويوحّدهم به هو كمتفرد يحطم المشاهد كلها ليبدو هذا الحد مرآة مزدوجة ( شاشة) تقوم بين الجانبين محققة
( امتزاجها بترك الخارج يدخل والداخل يخرج، إنها تفصلهما وتصلهما معـاً (18-6 ) وعلى هذه الشاشة يحدث الانفصال البنيوي الحارق جداً والاتصال البنيوي الحارق جدًا كذلك.
إن تمدد العسكرتاري في النص لا حدود له لدرجة يصعب فصله فيها وإعطائه جغرافيا وتضاريس محددة فهو حاضر حتى في أكثر اللحظات افتراضاً لغيابه: لحظة الحب (قالت امرأة للسحابة غطّي حبيبي فإن ثيابي مبللةً بدمه)، هذا التمدد يخترقه الشاعر بخطاب مباشر للعسكر المحتل حيث نجد مع الترابطات بالـ( نحن ) تكراراً للترابط بـ (أيها) مشيعاً إياه (الخطاب )باتجاه زمن يرشح فيه الهدوء والرغبة بالسلام.
كذلك يجب التنبيه هنا إلى أن العسكرتاري هو جزء من الذات الصهيونية وليس طرفاً ثالثاً في المرآة التي تعرض وجهي الصراع والشاعر يؤكد على هذه المقولة عبر نصه والنصوص الأخرى.

5ــ جدل البلاغات الإسنادية: رائحة الكلام ودوخة الصورة (442-1 )
هنا عند منحدرات التلال، أمام الغروب وفوهة / الوقت،/قرب بساتين مقطوعة الظل،/ نفعل ما يفعل السجناءُ،
وما يفعل العاطلون عن العمل: /نربّي الأمل !
في جملة واحدة (وحدة بنائية ) يحدد الشاعر المكان الأول للنمو في حقله المعرفي ويؤسس عليها فكرة خطابه الأولى كذلك، فهذا المكان هو (الشاعر) وعلى امتداد يديه وهي تشير إلى( هنا ) أي مكان قريب تتوضع عنده منحدرات التلال وهذا التوضع يبدو ملحقاً في طرف المكان (أو في وصف المكان )(عند) كذلك (أمام ) ليتحد أخيراً في (قرب)، وهذا التدافع الوصفي للمكان لا يترك فواصلاً لالتقاط الصورة المشهدية الجزئية و لا يستقر حتى ينتهي استطلاع المكان والتنبيه إلى الوجود البشري فيه وترسيمه كفاعلٍ منقطع (قرب بساتين مقطوعة الظل ) والجملة تشير بوضوح إلى الفعل البشري القديم فـ ( بساتين ) هي لهذا الجمع البشري الذي يفعل ما ( يفعل العاطلون عن العمل ) و هذه البساتين ( مقطوعة الظل ) في إشارة إلى آخر ستظهر صورته بوضوح في التالي من الخطاب مرسخاً القطيعة بين الجمع البشري الذي بدأت تتحدد ملامحه من خلال صورة فعله و الآخر الداخل قسراً إلى جمالية المكان ملغياً هذه الجمالية (قطع الأشجار).
بنهاية الاستطلاع المكاني الزماني وتحديد عناصر المشهد المكانية( التلال ـ أمام الغروب ـ فوهة الوقت ) تتحدد علاقة الجمع البشري غير الواضح المعالم بالمكان فهي علاقة انتماء فيها من عناصر التنافر ما يجعل الناطق باسم المجموع وهو الشاعر قادراً على تحديد تحول تال للمجموع يرسخ انقطاع المجموع كفاعل واستمراره كمنفعل (بلاد على أهبة الفجر /صرنا أقل ذكاءاً/لأنا نحملق في ساعة النصر /لا ليل في ليلنا المتلألئ بالمدفعية....)فنحن صرنا أقل ذكاءًا أي أن هناك تقلصاً في علاقة المجموع العام بالمنطق والإدراك والعقل وذلك (لأّّنا نحملق في ساعة النصر) وذلك لأن(أعدائنا يشعلون لنا النار في عتمة الأقبية )، حيث يضاف هذا التقلص إلى انقطاع المجموع عن الفعل واقتصاره على (العطالة ) المؤسسة على يأس شبه شامل فـ( هنا يعد أشعار أيوب لم ننتظر أحداً ).
نستطيع القول هنا بصورة أولية أن الإشارة المستمرة إلى المكان تجعل من المكان بمختلف امتداداته وعلاما ته مرجعاً أساسياً إلزامياً (1ـ36 في مختلف الإحالات التي يقودنا إليها الشاعر وإذا جاز لنا ربط هذا المرجع بتراث الشاعر سنجد أن سؤال المكان ( الفلسطيني ) سؤال يرسم غياباً يتشرعن في انقطاع الفاعلية: ما نفع وجودي على أرضي إذا كان ( هنا لا أنا ) بل (هنا آدم يتذكر صلصاله )؟ إن مرجعية الأنا هنا هي المكان والذي (فيه ) مجموع غائم الملامح لا أنا فيه بل فقط ذاكرة ترتبط بالماضي البعيد وبما يشبه حنينا فقط !ويجب الإشارة هنا إلى أن تفارق الذاكرة مع الأنا عائد في جزءٍ منه إلى الآخر الذي لا يترك فرصة لظهور( أنا ) كما لا يترك فرصة لظهور(مجموع ) طبيعي !
يخلق المجموع العام والذي ينتظر اللاشيء غُيّاباً آخرين خارج المشهد أو في ثناياه يقوم الشاعر بتوجيه رسائل إليهم.ترى هل يمكن اعتبار تلك الرسائل ـ الصور التي يوجهها الشاعر في هذه المرحلة من خلال إسنادها إلى جملة آخر خارج الفلسطيني( القتلة ـ المستشرق ـ الناقد ـ القارئ ) بمثابة تقويم لهذا الانتظار؟
راهنية الرسائل مع خطابها ومع الإشارات التي يحررها الشاعر إنْ كان عبر الأنا أو كان عبر الآخر (الفلسطيني، أنا الشاعر الجماعية ) تؤسس للغة حوارية المحدث فيها والخطيب هو الشاعر
أي أن هناك حواراَ يختار الشاعر له شخصيات لايمكن تحديد قيمتها إيجاباَ أو سلباَ وذلك لأنها حاضرة من خلال صورة فعلها وليس فعلها فالناقد في نص الشاعر لم يفسر كلام الشاعر لا بل إن الشاعر يخاطبه ألا يفعل ذلك مستخدماً أدوات معرفيةً مغرقةً في الغموض والتعددية الاحتمالية ( فخاخ الطيور) في إشارة مبطنة إلى لغة النقاد الملتبسة بالمصطلحات وهو يدعوه إلى فعل قراءة تالية ( يحاصرني في المنام كلامي/ كلامي الذي لم أقله ) أي أن الإحالة هنا Reference هي إلى علاقة تجاورية مع زمن الكلام (الآن) وربما مكانه أيضاً( غرفة الشاعر أو منزله) وهي حالة مرتبطة وجوباً مع أنا الشاعر بحكم صدورها عنه أولاً وبحكم تبني الشاعر لها ثانيةً.
بعيداً عن مفهوم القيمة فإن هذه الرسائل ليست الرسائل الأولى التي يوجهها الشاعر إلى الآخر(أكان المحتل أو غيره) والشعر أساساً تداخل بين الأنا والآخر في مساحات غير محددة ولكن الخطاب هنا يكتسب أسبابه من الحدث ويأخذ أقصى دلالاته من تداعيات الظرف العام الذي قد لا يكون جديداً بحد ذاته إلا أنه يحدث وسط انكسار فلسطيني وانصراف عربي إلى تبرير الهزائم وشرعنتها و(ترك الأخوة الفلسطينيون يقررون مصيرهم ) و(ما داموا هم موافقين فنحن موافقين).
أيها الواقون على العتبات ادخلوا / واشربوا معنا القهوة العربية / (قد تشعرون بأنكم بشر مثلنا)./ أيها الواقون على عتبات البيوت / اخرجوا من صباحاتنا / نطمئن إلى أننا بشَرُ مثلكم !
الصورة الطبيعية للاحتلال: الجنود واقفين على العتبات، والبيوت هي المساحة التي لا تزال فارغة نظرياً من حضور الآخر، وفي دعوة الشاعر للدخول وبصيغة النحن دعوة إلى تعالق حضاري، فالعتبات هي الحد الفاصل في معرفة الآخر الفلسطيني، فلا تداخل بينهما إلا على المرآة المزدوجة لذلك يدعوهم الشاعر للدخول، وكسر الحد الأهم في معرفة الآخر الفلسطيني:الحياة اليومية والوجع اليومي، وهذا فعل أول، ليأت الفعل الثاني وفي ذات الإطار (معرفة الآخر) (اشربوا معنا القهوة العربية )القهوة بما هي مادة الضيافة العربية و(اشربوها معنا )في إحالة ثانية إلى علاقة تجاورية مع (مكاننا وزماننا) وإذا كان ( المكان ) أساسا مكاناً فلسطينياً فان وجود (الآخر ـ الجندي ) يلغي فلسطينيته ولو على مستوى القول فقط وفي الاحالة إلى التجاور مع المكان يتحدد الزمن التالي للخطاب ( أخرجوا من صباحاتنا ) وهو الفعل التالي
( فعل الخروج ) لتتحدد النتيجة الشرطية: علاقة السلام المعرفي، والمعرفية هنا تتأتى من التقابل الضدّي الذي يحكم المقطوعة ـ الرسالة(قد تشعرون بأنكم بشر مثلنا/ نطمئن إلى أننا بشَرٌ مثلكم !) حيث الفعل الأول بعد أداة التحقيق هو الفعل ( تشعر) موجهاً للآخر بصيغة جمعية ملاحظين هنا أن الفكرة في سياق المقطوعة قاطعة للسياق النصي وللخطاب كذلك، وتظهر فيها لغة التعالي اليهودية(بشر مثلنا)وبحيث تبدو الفكرة كأنها استنتاج سابق للحوار المعرفي مع الآخر (الجنود) وهو الحوار المبتور لأن الفعل التالي هو (الاطمئنان إلى بشريتنا) وفي فعل الاطمئنان حضور لغائب هو الخوف، حضور تقابلي لفعل العلاقة الملتبسة مع الفلسطيني أي أن العلاقة علاقة إلغاء، ولنلاحظ التقابل كذلك بين بشرية الجنود وبشرية الفلسطينيين فالاتجاه في العبارة الأولى هناك أولأً آخر ثم نحن وفي الثانية أوّالية الاطمئنان الذي نطلبه نحن ثم الآخر والمفقود بين الاثنين والمبحوث عنه هو الاعتراف بالحالة البشرية في مساواة يحققها خروج الآخر من (زماننا).
هذا الخروج غير المتحقق الآن هو الأساس الذي يترك للرسائل التالية الفرصة للظهور والرسالة التالية (إلى قاتل )مرتبطة كذلك بالإحالة إلى شخص له قيمة سلبية في التعريف به (قاتل) وهي في قوام الخطاب تحمل قيمة اتهامية مباشرة :
(لو تأملت وجه الضحية/ وفكرت.... /كنت تذكرت أمك في غرفة / الغاز، كنت تحررت من حكمة البندقية /
وغيّرت رأيك: ما هكذا تستعاد الهوية!)
لم يسبق لمحمود درويش أن تناول موضوعاً يتناول الحوار مع المعتدي (الآخر) بهذا الهدوء وهذه (الحكمة)فليس للقاتل وقتٌ للتأمل تأكيداً إلا أن الزمن الشعري يرغب بتحويل الحركةـ الفعل إلى حركة تغيير تنتهي عند الحلم بزمن يتم فيه تشغيل العقل عند الآخر (المحتل) وذلك من خلال استيراد رموز تنتمي لعقل الآخر(غرفة الغاز).
ترتبط غرف الغاز النازية بالذاكرة الجمعية اليهودية خاصة الأجيال التي ربتها الصهيونية في فلسطين بعد تأسيس دولتها هناك، من هنا فإن الشاعر يستخدم لغةُ مفهومية تلامس الذاكرة تلك وهو يٍُِعمل الربط من جهة الأم وهي الجهة الأقوى في ارتباطات المجتمع اليهودي ببعضه البعض كونه مجتمعاً أمومياً للآن.
في غرف الغاز والتي راح ضحيتها عدد من الفقراء اليهود يختلف تقدير عددهم باختلاف المراجع وكل ٌحسب رؤيته أو مصالحه، في هذه الغرف أو زمنها كان اليهودي ضحيةً وعبر هذه الذاكرة ـ اللقطة المشهدية ـ يمكن استدراج القاتل إلى فعل ( التأمل ) ثم ( التفكير ).
التأمل في وجه الضحية من منطلق التماثل في الضعف و السحق و العجز وأخيراً الموت و من ثم كنتيجة منطقيه صُورية(التفكير) و (التحرر) من أسر الرابط مع النازية: السلطة و السلاح والقمع لنصل إلى النتيجة الأهم: المعرفة بأن هذه الطريقة لا تجدي نفعاً في استعادة الهوية المفقودة، فحتى تستعيد هويتك المفقودة يجب أن تبدل كينونتك، ذاكرتك المرتبطة بالبندقية وأن تلجأ إلى ذاكرتك الجمعية الحقيقية(ربما) لتعود إنساناً سوياً له هوية معترف بها.
ممن ينتظر اعترافاً ؟من الضحية ؟ لا نعتقد، لأن العلاقة مع الضحية أساساً قائمة على الإلغاء، والشاعر يطرح رؤيته ـ حلمه دون انتظار الأجوبة.
إن التناقض الذي تطرحه الهوية ينبع مما تتطلبه من هز لأركان الاستقرار(81-6) وهذا ما حدا بالشاعر لطرح تصوره السابق مع ملاحظة أن (الهوية تحمل في طياتها هاوية ) وهذه التوليدية ستطرح مجددا في أسئلة حوارية تالية بجهة واحدة كونية الدلالة ومنطبقة على أية بلاد والمريمية وحدها ما يقودنا دلالياً إلى فلسطين:
( قال معتقل للمحقق: قلبي مليءٌ بما ليس يعنيك / قلبي مليءٌ برائحة المريمية /
قلبي برئ مضيءٌ مليءٌ، /..../ أنا لا أحبك، من أنت حتى أحبك ؟/
هل أنت بعض أناي، وموعد شاي، وبحة ناي، وأغنية حتى أحبك ؟ / لكنني أكره الاعتقال ولا أكرهك/.....) .
يرينا هذا النص صورة مشهدية كاملة للأسئلة التي تطرحها فكرة الهوية والتداخل بين وجهي المرآة المزدوجة والتعالق الممكن حتى يتم سؤال الهوية عند الآخر وعناصر هذا التعالق تبدأ بأبسط العناصر الأولية (بعض أناي ) ومن ثم (موعد شاي ) وأخيراً (بحة ناي) أي أنها جملة المنتوج الحضاري، أولاً: معرفة كُلٍ للآخر(يتضمن الوعي بالذات الوعي بالآخر، خاصةًَ إذا كانت الذات فاعلةً وعلى أبسط المستويات)، وثانياً التعايش وتبادل العلاقة اليومية والإنسانية(ليس شرب الشاي تقليداً إنكليزياً فقط!) ، وثالثاً التداخل المعرفي ( ليس أشدّ حزناً من نغمات الناي إلا لحظات الحزن التي تترافق معها!) وتنتهي بما تردمه هذه العناصر من فراغ في فضاء العلاقة الملتبسة بآنيتها وحتماً بتاريخيتها.
ردم هذا الفراغ يلغيه الاعتقال، الاعتقال كفعل ينفذه الآخر بوجهيه (السلطة الوطنية(!) والمحتل) وكعلاقة بين اثنين:إنسان من (الشعب !) وسلطة تقف ضده في بحثه عن هويته والتي يقوده البحث عنها إلى الهاوية، ومن هنا نلاحظ التسارع اللغوي الذي يلف النص السابق والأسئلة الكثيرة التي يطرحها المعتقل على المحقق عكس المتعارف عليه في التحقيقات وهي أسئلة وجودية متراوحة بين الأنا والآخر ومتعددة المفاهيم فالمعتقل لا يحب المحقق ولكنه في الوقت ذاته لا يكرهه والعلاقة كان من المكن أن تكون بشكل مختلف لولا الاعتقال (الدولة مرّة أخرى كأداة قمع متراكبة في النموذج الصهيوني فقد كان من الممكن لوأن المحقق(وجماعته تالياً )يرى في الأخر الفلسطيني الصفات البشرية أن يحبه المعتقل ).
وهذا يعيدنا مرةً أخرى إلى مضامين الخطاب الذاتي الذي يقدمه الشاعر متضمناً في خطاب الآخر المنتهك الذات والذي تتأرجح أحلامه حتى حدود المريمية وبحيث تنمحي الحدود بين الخطابين ويتوحدا في الحلم النهائي دون الوقوع في شبهة الرومانسية ( الاعتقال أشد واقعية من النص ذاته ).
يتضح التعالق الحضاري في صورة مشهدية أخرى يوجهها الشاعر إلى (قاتل) مجهول الاسم ومعروفٌ فعله فقط:
( لو تركت الجنين ثلاثين يوماً، / إذاً لتغيرت الاحتمالات: / قد ينتهي الاحتلال ولا يتذكر ذاك الرضيع زمان الحصار /
فيكبر طفلا ًمعافى / ويدرس في معهد واحد مع إحدى بناتك / تاريخ آسيا القديم /
وقد يقعان معاً في شباك الغرام / وقد ينجبان ابنة ( وتكون يهودية بالولادة ) /
ماذا فعلت إ ذاً ؟ / صارت ابنتك الآن أرملة / والحفيدة صارت يتيمة / فماذا فعلت بأسرتك الشاردة /
وكيف أصبت ثلاث حمائم بالطلقة الواحدة ؟ / )
الفعل الأول في المشهد هو التمني كما في المشهد السابق يليه فعل قتل متوقع في سياق استخدام الفعل الماضي ( تركتَ) والمفعول به الجنين أما الفاعل فهو الذي تتوجه إليه الرسالة.
المشهد برمّته يتسارع فيه الزمن فيه صعوداً كما المكان يتسارع متغيراً. من اليوم إلى زمان الحصار إلى زمان الاحتلال وإلى زمن الطفولة و الدراسة إلى زمن الحب والزواج والولادة ليكون القطع باْن كل هذا المشهد مجرد (احتمال ) لن يحدث لاْن الفعل قد تم ( ماذا فعلت إذاً ) والنتيجة على قََدْر سخريتها احتمالية الحدوث (/ صارت ابنتك الآن أرملة / والحفيدة صارت يتيمة / فماذا فعلت بأسرتك الشاردة /وكيف أصبت ثلاث حمائم بالطلقة الواحدة ؟ / )
إلى ماذا يدعو الشاعر هنا علماً أن المشهد هو نقل شعري لحدث واقعي جرى على أحد المعابر في قطاع غزّة قتل فيه جنود الاحتلال امرأة فلسطينية حامل ؟ ! .
" إن الشاعر جزء من مقاومة الاحتلال وهو مطالب بالوفاء بالصورة التي يرصدها القارئ من جهة، ومطالب بالتمرد على ما يتوقع منه كمنتج لخطاب مباشر للشعارات الشديدة التأثير من جهة أخرى "( من كلمة للشاعر في احتفالية فلسطين التي أقامتها الجامعة الأمريكية في القاهرة ضمن عام فلسطين 2002 كانون أول ).
بدايةً هل يمكن الافتراض أن النتيجة التي أفضت لها هذه الحالجمعين، الاتجاه الواحد (لاصوت إسرائيلي في الحوارية) هي النتيجة المنطقية لبداية أول فعل فيها القتل وبالتالي احتمال القطع المعرفي فيها بين الطرفين وسيطرة الاغتراب والالتباس على فضاء العلاقة بينهما لنعود إلى جدلية سابقة وحلٍ لها هو( اخرجوا من صباحاتنا )؟ إن هناك هزيمةُ أخرى للوعي الحضاري على مستوى العلاقة بين الجمعين، إنها مرة أخرى قمةٌ أخرى من قمم التفارق بين تاريخين لم ولن يلتقيا فهذا الالتباس والتنافر بين الذاكرتين لن تمحوه اتفاقيات سلام ولا حكومات نواياها سلمية (.
تقوم اللغة هنا بفعلها المباشر كحامل معرفي تاريخي أنجز رؤيته للتاريخ لجهة كونه ساحة صراع استطاعت أن تحّدد وعي كل من الطرفين المتجاورين تاريخياً والمبتعدين فكرياً وحضارياً والمستمرين في تعالق حضاري متفارق ومن هنا كانت النتيجة السابقة (الصّفرية ) ومن هذه النتيجة ينطلق الشاعر ليقدّم بقية خطابه المرتكز على الالتفات إلى الداخل وما يجري فيه ومن ثم إلى الخارج بعناصره المتشاركة مع ما يجري في الداخل ( شبه المستشرق ) والغرب عموماً. والغرب هنا تعني كل العالم وليس الجهة الجغرافية أو المعرفية المتعارف عليها إعلامياً ( عربياً على وجه الخصوص ) وتعني أوربا وأمريكا الشمالية .

6 ـ جدل البلاغات الإسنادية: رائحة الشهداء:
( الشهيد يحاصرني كلما عشت يوماً جديداً / ويسألني أين كنت ؟ / أعد للقواميس كل الكلام
/الّذي كنت أهديتنه / وخفف عن النائمين طنين الصدى )
رسالة صوره مشهدية حواريّة باتجاه واحد يتلقى الشاعر فيها مساءلة وحصاراً آخر فوق حصار الإسرائيلي للمدينة ومرسلها حاضر ـ غائب، حاضر في كل "الحصار" وفي لغة "الحصار" وفي نتائج الحصار وفي امتداداتها عبر الأنا والآخر وبمختلف مستويات المعنى الملحوظة في السياق أو تلك المختبئة بين الكلمات، حاضر في الحاضر وفي الماضي ومنقطع في المستقبل وهو غائب لأن علاقات (أناه )مع العالم تتجه من العالم إليه أو منه إلى العالم في خطين متوازيين فثمة تعديل وجودي يحيل علاقات الأنا نحو عالم يخاطب منه عالم الحاضر ومن هذا العالم يدخلنا إلى تساؤلاته وطروحاته الجديدة.
تحمل هذه الصورة المشهدية ( مرافعة نظرية لغوية ) تستحضر أدوات اللغة:الكلام وحواضن المفردات ـ القواميس ـ لكي تمارس (كلامها )على اللغة منطوقةً (أو ممارسة كلامياً) عبر الناطق الأشد تعالقاً مع اللغة ـ الواقع، مع الكلام ـ الممارسة، وإذ يمارس كلامه (محاكماً )الشاعر الذي هو الكائن الأشد تعالقاً (أيضاً )مع اللغة ( والعلاقة مع الواقع شعرياً اختلافية )، فهو يمارس إلغاءاً لـ (أسطرة )القول (أعد للقواميس كل الكلام /الّذي كنت أهديتنه، )وأن تعيد كلاماً إلى القاموس فأنت تعيد الكلام إلى (الغبار والنسيان ) والقواميس كلامٌ مؤجّلُ الفعل والحركة والوجود، وعملياً في خطاب الشهيد هذا رجوعٌ إلى شرعية الواقع مواجهاً(شرعية الكلام المفخخ) الذي يشتهر به العرب.
إن خطاب الشهيد المتضمن في نص الشاعر السابق يمارسُ تحليلاً وظائفياً للوعارية بينلى الكلام المسهب الذي قيل في الشهيد سواءاً على مستوى النص الديني المقدس أو بقية أنواع النصوص المتعالقة مع الحياة اليومية(وهو ما سنراه بوضوح في صورة تالية من النص ) أدواته مشتقةً من الحصار ذاته (يوماًجديداً، أين كنت؟)وهي بهذا الانتماء تربط أطراف الخطاب بالواقع المحسوس جداً فتنشأ علاقة عارية بين ما هو كائن في الواقع(النفسي الجمعي والمادي الجمعي)وبين ماهو متخيل من كون الشهيدعلامة مجرّدة ليس لها سوى الشهادة فعلاً نهائياًممكناً(عمل الشهيد هو الشهادة وإلا لماكان....شهيداً!).
العلاقة العارية تلك تضغط المسافة بين المتخيل والواقعي ولكنها لا تلغيها إذ يستمر التواجد المتبادل لكلا طرفي العلاقة، ممارساً( مقاومةً للمعنى يؤكد تلك المقاومة التعارض الأسطوري الكبير للمعاش(للحي)وللمقول(215-1) )، هذه المقاومة خاضعة لتحوّل قاعدته أن الواقع يمارس سلطته على الممكن والمحتمل كما على المتخيل بأنواعه، رغم أن الواقع العربي براهنيته لا يمارس سوى سلطة الانتظاروالعطالة إلا أن محاكاةً من نوعٍ ما تمارس على النص اليومي المُقال، من هنا نرى التحول الذي طرأ على فكر الشهيد فلم يعد ذاك الذي عليه أن( يلقي روحه في مهاوي الردى) بل إن عليه أن يبحث عن لغةٍ جديدة ومفاهيم جديدة يقنع بها الآخرين بفعله.
على أن هذا الخطاب أيضاُ يحمل جانباً آخراً هو استمرارٌ للغة في الواقع واستمرارٌ للمرافعة النظرية السابقة، إنها البنية العليا في هرم التراكم الواقعي للتجارب الفلسطينية والعربيةالمستمرة،
هي باختصار تسجيل واقعي لهواجس يحق لها الظهور في ضوء نتائج الصراع العربي الصهيوني ،وهي نتائج كارثية بدأت مفاعيلها تأخذ بالظهور في العقل العربي الجمعي بعيداً عن علاقة هذا العقل بنظامه الحاكم والذي يدفعه للشارع لكي يتظاهر ضد إسرائيل ويصطدم مع قوات حرس النظام أو أية قوات أخرى وينتج عن المواجهة في بعض البلدان قتلى وجرحى وفي آخر النهار يعود كل إلى منزله : المواطن إلى همومه المتزايدة والنظام إلى اتصالاته المتزايدة. فاستشهاد مواطن عربي وأكثر يومياً هو اللازمة اليومية في أي نشرة أخبار عربية ،والاعتياد العربي على منظر الدم والمطالبة الباطنية بأن يكفي هذا الدوران في القضية ،وبأنه يكفي هذا الفحيح الكلامي لنأخذ على حد قول الشاعر ( هدنة لاختبار النوايا ) ، كل هذا وإضافةً إلى أسباب مجتمعية أخرى ،هي الدوافع لمطالبة الشهيد /الشاعر بأن يعيد كل الكلام إلى الخزينة اللغوية وأن يتوقف فيخفف عن النائمين الضجيج الكلامي البطولي فلاشيء يعادل الحرية ولاشيء جمالي يعادلها والجمالي هو المحتضن في رحم الحرية.
الجمالي يتراهن وجوده والتفاعل معه والامتلاء به بإقصاء الأثر الضاغط على فضاء الحرية،فالتلازم بين مساحة الحرية الممكنة والموجودة هي التي تبرز جمالية الأشياء المحيطة أو المتخيلة بعلانيةٍ تحيل فعل التعلّم إلى حكمةٍ يقدمها الشهيد في إطار حواره ذي الجهةالواحدة، والحكمة عنصر جمالي(استاطيقي) ساكن ونهائي يتحدد بالقدرة على الالتقاط المعرفي والتخزين وإعادة الإنتاج (يجب أن تكون الأشياء المألوفة (أدوات المنزل) أمكنة للجمال ـ بريخت ) .
يستمر خطاب التعرية لعلاقة الواقعي بالمتخيل في صورة مشهدية تالية توالف على الخطاب السابق وتستمر فيه فيقدم الشهيد خطاباً مستمراًفي العطالة المجتمعية وفي أحد حواملها الفكرية ـ الاجتماعية (الدين)،حيثُ تأتي من عالم هذا الخطاب إشاراتٌ عديدة تنصبُّ كلّها في إطارٍتبريري لفعل الاستشهاد وهي النتيجةُ التي ينتهي هذا النص بها:
الشهيد يوضح لي:لم أفتش وراء المدى / عن عذارى الخلود،فإني أحب الحياة /على الأرض،بين الصنوبر والتين،
لكنني ما استطعت إليها سبيلاً،ففتشتُ /عليها بآخر ما أملكُ:الدمُ في جسدِ اللازوردْ.
إن العوامل التي دفعت الشهيد لفعله هي العجز عن الحياة الطبيعية اليومية،فهناك اعترافٌ بخسارةٍ لحلم كان فاعلاً لكن موجباته لم تتحقق فتحوّل ضمن ذات السياق إلى فعلٍ انتحاريٍّ في جوهره واستشهاديٍّ في شكله وذلك لأنه آخر الأفعال الممكنة قبل الدخول في المطلق(ربما هناك أفعال أخرى لاتقودإلى المطلق ولكنها مرتبطة بالعجز عن اكتساب الحياة الطبيعية اليومية)،والدخول في المطلق ليس مرتبطاًبالتعويض عن العجز إلا لجهة كونه تالياً للدخول في العدم ،بمعنىآخرتتعدد الإحالات إلى مستويات هرمية تتوضع في قمتها العطالة الدينية الشفاهيةالناتجة عن فعل الدخول في العدم ،وهو تعويضٌ قَناعي جائزته في المطلق (عذراء خالدة)،أي أنه تعويضٌ ذا سمة أنثوية بسببٍ من إقصاءٍ للتواجد الأنثوي مجتمعياً والعلاقات السائدة في مجتمع الشهيد بين طرفي العلاقة الإنسانية.
يستمر خطاب التعرية في الجزء التالي من النص ويزداد إقصاء تواجد الآخر من النص الذي يتضّيق ليصبح ذاتياً(حصارٌ للشاعر بمحاصرة خطابه)،أي أن هناك حواراً يتحدد إنجازه بمعرفةٍ لا علاقة للعدو بها ،إنها معرفةُ من يحيطون بالشهيد بعد انتقاله إلى العالم الآخر:
الشهيد يحاصرني:لا تسر في الجنازة /إلا إذا كنت تعرفني ،لا أريد مجاملةً / من أحد.
إن وجود فعل اجتماعي(المجاملة)يقتضي حيزاً مكانياً وزمانياً وعلاقةً تبادليةً يوميةً وهذا الاقتضاء ينتفي بسبب من كونية الشهيد في الحالة العامة ،إلا أن الشهيد يمارس سلطته المعرفية هنا على قاعدة التحولات الجديدة في مفاهيمه:إذا كنت لا تعرفني معرفةً شخصيةً لا تسر في جنازتي فلست البطل الأوحد،أنا مجرد إنسان مات لأسباب ضيق الحياة بي وعدم إمكانية العيش بشكل بسيط :
(لم أفتش وراء المدى /عن عذارى الخلود) . هذا الشرح يقودنا إلى الجزء التالي من المشهد كي نتابع تغيّر المفاهيم التي يطرحها الخطاب الاستشهادي الجديد:
الشهيد يحذّرني:لا تصدق زغاريدهنْ . /وصدق أبي حين ينظر في صورتي باكياً: / كيف بدّلت أدوارنا يابني،وسرتَ أمامي. /أنا أولاً، وأنا أولاً!
بدءاً من لحظة الإعلان الصوتي عن خبر الاستشهاد يأخذ الشهيد حذره من الأمر التالي للخبر:تلقي الخبر بالطريقة العربية،وانفلاش (الجماهير)في تعبيرها عن تقديرها لفعل الشهادة وخاصّة النسوة وفعل الزغردة هو الفعل الأكثر إمكانيةً في الجو العام الذي يحاصر فيه المتخيل الواقعي والواقعي جداً،ويدعو الشهيد الشاعر إلى عدم تصديق هذا الفعل ـ المشهد وتصديق كائن آخر يبكي وهو يحدق في صورة الفاعل ـ الشهيد المحدث،هو الأب المفجوع بابنه متسائلاً عن الحكمة في تبديل الأدوار فالدور المنطقي بأن من يجب أن يموت هو الأب بحكم تقادم الزمن وليس الابن ولذلك فهو يطالب بحقه أن يكون الأول في فعل الموت أو الاستشهاد.
قبل أن نقرأ النص كوحدة بنائية سنتابع قراءة التغيرات في خطاب الشهيد من خلال الجزء المتبقي من الوحدة السابقة :
الشهيدُ يحاصرني :لم أغيّر سوى موقعي وأثاثي /الفقير.
وضعتُ غزالاً على مخدعي /وهلالاً على إصبعي، /كي أخفف من وجعي !
ما هو الموقع الذي بدّله الشهيد ؟
يجب ألا ننسى أن هذا الحوار من أوله إلى آخره يتم من المطلق، ويتم فيه نفي الصورة المجتمعية المعتادة عن الشهيد والشهادة،بما يشي بتغير الصورة الشعرية (الشاعر كائن ملتقط)وبالتالي تغير الخطاب الشعري المرافق.
يتأسس الخطاب الشعري هنا على العطالة المؤسسة على القدرية وليس على الفاعلية الذاتية أو الجماعية، وانتماء الشهيد إلى (الفقراء) هو أحد مؤشرات تغير الدلالة في الحامل المعرفي الذي يتضح بالانتقال أيديولوجياً (معرفياً)من موقع إلى آخر يناقضه دلالياً(أغلب التيارات التي قادت عملية المقاومة فيما مضى هي تيارات قومية وماركسية) يدفعه إلى ذلك وجعه الشخصي وهذا الوجع ليس ذاتياً محضاً بقدر ما هو جمعي ـ معرفي يحدد معرفيته التراكم في التجارب وفجائية الواقع متساويةً مع فجائعية الأنا الفردية والجماعية، وعندما يروي الشهيد ما يحدث معه أو ما حدث معه ويصف فعله الآن وبلغة تنتمي إلى لب الواقع وتبتعد عن المتخيل فهو يمارس تصالحاً مع ذاته وتضادّاً مع الآخر، وهو يؤكد بالتالي المفارقة الإيديولوجية بين النص والتطبيق، بين الدال والمرجع، منتجاًعلامات غير واضحة (لا وجود لعلامات تقود إلى الوطن) يعزّزُ افتراض التناقض الدلالي صدور النص من مرجعية مطلقة تسحب معها عناصرها التعويضية إلى الخطاب ( الغزال كعلامة أنثوية كما الهلال علامة دينية وفي جمعهما معاً انتماء إلى مكان متخيل هو الجنة كما في تغير الموقع بين الأرضي والسماوي انتماء إلى مجهول يقود إلى المكان المتخيل (الجنة)التي ينتمي إليها المخدع ).
لقد فاض الكلام العربي عن الشهادة والشهداء حتى ملأ الشوارع (وهذه تعرف بأسماء الشهداء) والجميع يتفق على تقديس الشهادة طالما هي من أجل الوطن ولكن ماذا لو سألنا الشهداء عن مبررات استشهادهم، ماذا سيكون الجواب؟
تقود هذه الصورة إلى سؤالٍ معرفي: ماذا لو عاد الشهداء إلى الحياة؟(9 )
إن الصورة التي يرسمها العقل العربي لموضوعة الشهادة تتعرض هنا لاهتزاز جزئي نمدّه على جملة عوامل:
أولاً:إن الشهيد كائنٌ محروم من الكلام، وهنا يستعيد لغته الغائبة وحقه بالكلام والحلم بالحياة الطبيعية( ذات زمان تزوج الشهيد البلاد(10) إنه محروم من الكلام ولكنه ليس ممتنعاًعنه، فهو يملك لغةً تأتيه من أصلٍ طبقي ومن ممارسة ثقافية غامضة (221-1) كذلك فهو يملك سلطة الكلام استناداً إلى دعم المقدس له، ثانياً:إن هذه الاستعادة مرتبطة بالخسائر المتتالية وفقدان العديد من الناطقين باسمه لمصداقيتهم (كما فقد الجميع فضيلة النطق) وبالتالي إن الشهيد لم يعد خائفاً من أحد في التصريح عن هواجسه، ثالثاً:إن هذا الخطاب يأتي من المطلق الذي لايستطيع أحد بسببه محاكمته على أقواله، ورابعاً:إن مرجع هذا الخطاب هو الشاعر بكل ما يملك من علاقة مميزة مع الشهيد.
ماذا لو عاد الشهداء إلى الحياة؟ وقبل أن يعودوا( كم من الوقت سيستغرق الله في محاسبة قتلى هذه الأمة؟)كما تساءل ذات زمان صديق العرب جاك بيرك .
7 ـ الحصار والحصار معكوساً : شرود الكلمات
ليست كلمة (حصار) كلمة حيادية إن كان في المعنى أو في الدلالة وحتى في العبارة، فما تقود إليه يتعدد بتعدد المسندات إليها كمصدر وكفعل ضمن حقل النص المعرفي وإذ تخرج الكلمة عن السياق عبر كتلة لغوية معينة فهذا لتأكيد التعددية التي تسند إليها والتي من خلالها تنبثق قيمة الكلمة وامتداداتها في النص والخطاب ولنتذكر هنا أن وجود الكلمة هو وجود النص وحاضره ومستقبله كما ينبني عليه محور الاستبدال (paradgrame ) إضافة لاعتماد الخطاب الطالع من النص على هذا الوجود في تحديد قيمة ما سواء للأنا أو للآخر أكانت قيمة سلوكية إيجابية أم سلبية، أو قيمةً استعاريةً أو قيمةً تاريخيّةً، وهذا التسلسل القيمي ليس مطلقاً بمعنى إمكانية التراوح عند واحد منها بعينه أو المزج بين أكثر من واحد في اشتراك قيمي يساهم في تحديد القيمة النهائية للحصار وهو سؤال لايمكن الإجابة عليه بشكل سهل أقلّه الآن.
إن تعدد المسندات إلى كلمة (حصار) لا يلغي إن الفعل (حاصرَ)فعل لازم بكل أزمنته مبني للمعلوم وانعكاسي في صيغة الفعل وصيغة الفعل هذه تقارب مفهوم الاستيهاء(la diatheses) وهو يعين الكيفية التي يتأثر بها فاعل الفعل بالحدث.(34-1).
إن الفعل (حاصَر) يتكرر في النص ُمسنداً إلى الشاعر كمتأثر بالحدث والفاعل هو الشهيد ،هذه حالة،وهناك حالات أخرى يُسند فيها المصدر(الحصار)إلى الحياة والزمان والمكان والحرية ،والمطلق والإبداع وجميعها فاعلة في الحدث أو منتجة لعناصره أو أنها داخلة في هذه العناصر و متخارجة منها في ذات الوقت .
يخلق إسناد الفعل إلى غائب (الشهيد) وإسناد المصدر إلى مجرد تقريباً سؤالاً عن التعارض في مفهوم الاستيهاء يأتي من كون الفعل (حاصر) مبنياً للمعلوم وانعكاسياً وإنه ليكون انعكاسياً بسبب تأثر الفاعل بفعله فالحصار ليس أحادي التأثير باتجاه المحاصر فقط لابل (سيمتد هذا الحصار إلى أن يحس المحاصر مثل المحاصر إن الضجر صفة من صفات البشر)أو (سيمتد هذا الحصار إلى أن نعلم أعدائنا نماذج من شعرنا الجاهلي )
في هذه الوحدة القرائية تعادل أو تساو بين طرفي المتراجحة وهي متراجحة بسبب من عدم وضوح قوة كل من الطرفين وإن كان المؤشر الآني يعطي للمحاصَر القيمة العليا إلا أن التقادم بجهة الماضي أو المستقبل يجعل الأمر مختلفاً.
هذه المتراجحة تقود العملية الانعكاسية باتجاه اللحظة المعرفية المولدة للتساؤلات و الهواجس لكلا طرفي المتراجحة وهذه اللحظة المعرفية تتماثل في النص بشكل وجودي إذ أن العناصر الوجودية التي تحال إليها كلمة الحصار تتقارب أولاً مع جملة ما ينتجه الحصار على أرض الواقع (خارج النص ) وخاصةً الحياة اليومية ولكلا الطرفين، كما تتقارب مع الخطاب وتنتج بعض أجزاءه المبنية على أساس شبه إيماني ليس بالمطلق بل الإيمانية بتكامل العناصر الوجودية في صراعنا مع العدو الصهيوني ولنتذكر المقولة الأشهر بأن صراعنا مع العدو صراع وجود لا صراع حدود ) وهي تقود إلى الإيمان بأن النهاية لصالحنا تأكيداً.
السؤال الآن كيف يتأثر المحاصِر بالحصار؟؟
إن توالد الهواجس لدى الشاعر يقوده الشاعر إلى المحتل في صيغة سؤال الهوية، الهوية التي تحمل في طياتها الهاوية (كما أشار باتريك رافو )، الهوية التي تبدأ من سؤال الإلغاء الذي يمارسه المحتل (الآخر)على الفلسطيني (الأنا والنحن ) فيقول الشاعر:
لو تأملت وجه الضحية / وفكرت، كنت تذكرت أمك في غرفة / الغاز، وكنت تحررت من حكمة البندقية /وغيرت رأيك، ما هكذا تستعاد الهوية !!)
هنالك تزامن بين حصول الآخر على الهوية وممارسته القتل وهو يستعيد ذاكرة المضطهد ليتحرك بموجبها في واقعه الجديد ( المفترض أنه أرض الميعاد التوراتية ) ويتدخل الشاعر ليأخذ هذا الأمر ويعيد صياغته من زاويته هو ( زاوية المضطهد الآن ) فيقرأ فيه فعل التحرر من الاضطهاد والضياع بالتحرر من كل العلاقات القديمة التي يختزنها العقل الباطن لهذا الآخر والذهاب أبعد من الذاكرة باللجوء إلى فعل التعالق الحضاري مع الفلسطيني الذي يتداخل تاريخه بشكل أو بآخر مع اليهودي (أو الإسرائيلي الآن ).
يتضح التعالق الحضاري ( شئنا أم أبينا ) في نص الشاعر عبر مقطوعة تسرد وقائع افتراضية لزواج لم يتم بين فلسطيني ويهودية في الجيل اللاحق للحدث ( لاحظ أن الرجل في النص فلسطيني والمرأة يهودية وأن الطفل فتاة ستكون يهودية بالولادة !) على أن هذا التعالق يعطي احتمالات كثيرة قد يكون واحد منها النتيجة التي يصر الشاعر على تكرارها وهي ( أن اخرجوا من صباحاتنا )
أما المحاصَر فهناك جانب تأثيري يتعلّق بالعطالة وتأصلها القدري وهو الذي تشتق في جزء منه العناصر الوجودية خاصة تلك المقاربة لمادة إنتاج الخطاب وهو يأتي من تعميق العطالة وتكريسها وتأكيدها والاكتفاء بها كفعل ممكن ووحيد فحتى الاستشهاد يبدو كجزء عطالي لم يكن من نتائج الحصار بقدر ما كان فعلاً خارجاً عنه منتمياً إلى فكر الصراع كفعل مقاومة مستمر للاحتلال والعدوان.
أما اشتاق العناصر الوجودية من العطالة فنراه فعل احتيال إنساني على الضعف والعجز تقوم به اللغة بنوع من الانغلاق اللفظي على بديهيات أوالية يتكرر فيها الإيمان بالحتمية التاريخية لصراع إلغائي.كما يظهر في ثنايا هذا الانغلاق اللفظي ألفاظ vacables لا يبدو مفاجئاً ظهورها بسبب الإشارات التي تقذفها في فضاء النص وهي تشير إلى كلمات – آراء تساق في النص كأحد مفرداته.
لنقرأ بعض الألفاظ في هذه الوحدة القرائية والشاعر يوجهها إلى شبه مستشرق:
ليكن ما تظن / لنفرض الآن أني غبي /، غبي./ ولا ألعب الجولف. / لا أفهم التكنولوجيا / ولا أستطيع قيادة طيارة. / ألهذا أخذت حياتي لتصنع منها حياتك ؟/ لو كنت غيرك ، لو كنت غيري ، لكنا صديقين يعترفان بحاجتنا للغباء ./ أما للغبي، كما لليهودي في تاجر البندقية / قلب، وخبز، وعينان تغرورقان.
تعتبر هنا لفظة ( غبي ) لفظة مفتاحيه حساسة في فهم مجرى التطور الدلالي للخطاب الذي يستدعي أساساً جملة مفارقات اتهامية تقريرية تمارس النفي من منطلق افتراضي واقع ٍفي الخطاب الغربي ينظر إلى الآخر العربي على أنه كائن متخلف ( لا يلعب الجولف ( وهي رياضة غربية أساساً ) ولا يفهم التكنولوجيا ).
جملة المفارقات الداخلة في الخطاب تنتجها اللغة المتوترة عبر وحدات مضمونيه قصيرة ومفصولة عن بعض جزئياً وتقوم أداة النفي (لا) بتكثيف وتأكيد المفارقات وتعزيز الفصل في لغة الخطاب، خاصّة مع اقترانها بالألفاظ الأعجمية ( الجولف – التكنولوجيا ) وهي لغة خطاب الآخر. كما أن إنتاج هذه المفارقات لغوياً يتيح لصفة اللغة ( التوتر ) مساحةً للعب ( أو الحركة ) ليبدو الحديث بسيطاً احتجاجياً بسمته العامة ومتوحداً معقداً في سمته الخاصة، حيث يعود التمييز بين السمتين إلى العلاقة بالمتلقي الذي يستطيع نتناول( الحديث) على طريقته الخاصة
وبالعودة إلى لفظة (غبي) نجد أنها مستدعاةً في جملة الرسائل ( البلاغات الإسنادية ) الموجهة إلى( الآخر) وهنا للآخر صفة نخبوية أولاً ومعرفية ثانياً وثالثاً تلاقحية تفاعلية ولكل واحدة من هذه الصفات دور في تشكيل خطاب الشاعر ( وتأكيداً لم يدخل في جدل الصفات حتى وجه خطابه )، فالاستشراق جملةً وتفصيلاً لم يكن نقياً في أهدافه المعلنة والمضمرة (هل تذكرون مقالة إدوار سعيد في الاستشراق ؟) ، ومن هنا صدوره عن فئة نخبوية ( عارفة) أسقطت أهدافها على منتوجها الذي كانت سمته الأهم إنكار مساهمة العرب في إنتاج الحضارة العالمية وإحالة دور العرب في جملته إلى دور الوسيط الناقل غير المبدع، وحتى تلك الإشارات التي قدمها الاستشراق معترفاً فيها بدور العرب في الحضارة كان فيها من الالتباس الشيء الكثير، وعموماً لا يخفى أن صدور الاستشراق عن هذه الفئة النخبوية لا يخرج عن صراع المصالح الملتبس بلباس المعرفة ، خاصة وأن توقيت ظهوره ارتبط بتوسع الغرب التجاري و الصناعي وحاجته للمواد الأولية من بقية دول العالم غير الغربي.
لنلاحظ أن الشاعر يدين الاستشراق ( لو كنت غيركَ، لو كنت غيري ) فيبدو أن هناك استعداد استشراقي دائم لاتهام العرب بالغباء ( الفطري كما يقول أرنست رينان) وعلى هذه القاعدة يقدم الشاعر تساؤله فيما إذا كان اليهودي غبياً مستدعياً شخصية شايلوك في مسرحية تاجر البندقية لشكسبير.
إن منتجات خطاب الاستشراق و التي يقدمها الشاعر في خطابه تقسم إلى عدة مستويات دلالية لها ارتباط مرجعي واضح معرفياً بحالة الحصار من خلال التشارك البنيوي المكون في الإجمالي لصورة الحصار بما يفيد معرفياً ( أيضاً) باشتراك أصحاب البلاغات الإسنادية في حالة الحصار بتعدد مسانيدها ( الهاء هنا عائدة إلى المستويات الدلالية).
تتضح صورة الاشتراك في صورة الحصار كونياً من خلال وحدة قرائية يعطي تكرار لفظية الشهيد فيها انطباعاً أولياً استفزازياً لجهة ذكر أقارب وجيران الشهيد الشهداء أيضاً فيقول ( الشهيدة بنت الشهيدة بنت الشهيد وأخت الشهيد وأخت الشهيدة كنة أم الشهيد حفيدة جد شهيد ) وجارة عم الشهيد الخ...الخ / لا نبأ يزعج العالم المتحدة / فالزمن البربري انتهى / والضحية مجهولة الاسم ، عادية / والضحية مثل الحقيقة – نسبية و الخ .الخ..
إذاً فإن تسلسل قرابات الشهيدة أفضى إلى عائلة شهيدة وحارة ٍ شهيدة، دون أن يخلق هذا أي تغيير في تلقي العالم للخبر، والشاعر إذ يتابع تقديم الأسباب الموجبة عالمياً بهذا التعامل مع الخبر فإنه كما نرى يقدمها بصورة تهكمية (أو بصورة لا مبالية ) فوجود العلامة القوسية ( ) وضمنها ( الخ..الخ) تفيد بتكرار أو تعددية التتابع في الشهداء وهذه العلامة لا تضيع مرجعها وهو يسبقها، فالمرجع هنا هو الحدث ذاته وهو سبب انتماء الشاعر للحدث وهو الذي يقوم بترقية الحدث ليصبح مرجعاً ومن هذا الارتقاء يكتسب المرجع الجديد شرعيته.
يمكن القول أن اشتراك جميع أصحاب البلاغات الإسنادية في( ترقية الحدث) ليصبح( مرجعاً) هو العنصر الأول في صياغة خطاب الشاعر في هذه الوحدات القرائية وهو كذلك العنصر الثاني في بناء الخطاب الخاص لأصحاب البلاغات الإسنادية حيث أن عنصرها الأول هوانتمائها المفارق إلى( خارج الحصار)جغرافياً ومعرفياً في حالة( الاستشراق والناقد ) وانتماؤها النهائي إلى ( الحصار) في بقية الحالات ( القاتل والشهيد ) في حين يظل ( القارئ والشاعر ) على مسافة متوسطة من هذا البناء إذ يمكن انتماؤهما إلى داخل أو إلى خارج الحصار.
وبالعودة إلى خطاب الاستشراق ومفرداته ومستوياته نجد أن الإحالات التي يقدمها الخطاب تنتمي إلى ذات الخطاب الغربي الذي أشرنا إليه قبلاً بما يفيد اختراق المستويات وتداخلها معاً باتجاه بناء مرجعية عظمى تمتد حتى نهاية النص حيث تطلق هذه المرجعية مدلولاتها الفجائعية بأننا نحتاج إلى مجرد هدنة لاختبار النوايا ورغم هذا الطلب إلا أن دخول الآخر اليهودي قائم من خلال جملة حوارية تقوٌم الطلب وتنهيه إلغائياً: فأجابوه ألا تعلمون أن السلام مع النفس / يفتح أبواب قلعتنا لمقام الحجاز أو النهوند / فقلنا وماذا بعد..وبعد ؟ .
أما المدلول الأكثر وضوحاً كمرجعية نهائية عظمى فهو الزمن(وأنّا ضيوف على الأبدية ).
الســؤال الآن ما هو مـدى اشـتراك أصحاب البلاغـات الإسنادية في الحصــار ؟
قلنا أن التشارك البنيوي المكوٌن في الإجمالي لصورة الحصار يتحدد بتعدد مسانيد المستويات الدلالية فيكون اشتراك الاستشراق اشتراكاً نخبوياً بالتالي أصغرياً ولو أن الشاعر يعمد إلى (هز) خطاب الاستشراق وتمديد مفرداته – مكوناته على طاولة خطابه الخاص هنا وتشريحها من نقطة القلب في الخطاب الاستشراقي إلا أنه يعمد إلى ذلك كما يفعل أصحاب البلاغات الإسنادية خاصة ( القاتل)، فيما تبدو الرسائل الموجهة للناقد والشاعر كعبور شعري أو كبنية شاردة في الخطاب تفيد دلالياً بتوقع الشاعر وقوع البعض في أفخاخ الطيور أو في( عزلة الآلهة ).
أما اشتراك ( القاتل) فهو اشتراك رئيسي أساسي تقوم على مساحته أبنية الخطاب المتعددة والمتنوعة الأثر والدلالة، كذلك هو اشتراك ( الشهيد ) الفاعل والمتموج بحيث يظهر وكـأن الحركة قد بدأت من هذه الحوارية وانتهت بنهايتها وما يحدث خارجها هو مجرد حركة بطيئة دورانية أو بالأدق هي حركة فيزيائية متخامدة بمعنى انتهاء موجتها إلى الصفر. نلخص هنا إلى كون هذا الاشتراك ( أعظمياً – أكبرياً ) وتحديد القيمة لهذا الخطاب وبالتالي أصبحت شبه ممكنة مع التوقف عند نقطة أخيرة تتعلق بما يسمى البنية الشاردة.
الحصـار والحَصـار معكوسـاً: الكلمــات الشــاردة:
عبر الحقل المعرفي لهذا النص الذي ينتجه الذي ويتوزع من خلاله على فضاء الرؤية نلمح وحدات قرائية عديدة تصب في مجملها في ذاتية الحصار ( والذاتي هنا عائدة حصراً لذات الحصار) هذه الوحدات القرائية وصفية في مجملها يبتدأ أغلبها بجملة فعلية أو اسمية تعريفية تعود إلى تعريف( الحصار) تعريفاً مجازيا وعبر تعاريف الحصار تتضح (ذاتوية الحصار) الإحالات التي تقٌدمها الوحدات القرائية هي إحالات إشارية في بعضها ولا إشارية في بعضها الآخر في حين تتميز الإحالات المطلقة غير المقيدة بكونها متراكبة تراصفياً مع النص وهي الوحدات التي أشرنا إليها بالبنية الشاردة .
ما هـو الربـط بين البنى الشــاردة والإحــالات وهل يمكن جمع المفهومين معاً ؟
إن البنى الشاردة هي (( عبارات تشكل في تكوينها كتلة )) تقدم كل فكرة من غير مسوغ ذي قيمة تخصب به عادة الخطاب وعلى هذا التعريف نستطيع القول أن عبارة ( الحصار هو الانتظار على سلمٍ مائل وسط العاصفة ) هي بنية شاردة كونها تمارس قطعاً وفصلاً وتقدم للخطاب دفعةً إضافية باتجاه التمركز والثبات والحركة مجدداً وفي أفق جديد ونص محمود غنٌي بهذه البنى الشاردة وهي ليست بنى سهلة الفك تحليلياً في حين يمكن انتزاعها من النص دون كثير من الاختلاف في سياق النص خاصةً وأن النص مبني أساساً على نظام المقاطع غير المتساوية والمستقلة غير أن النظر إلى جملة النص ككل يسرح بإطلاق البنى الشاردة ضمن الخطاب. أما الإحالات بأنواعها فهي علاقات تجاورية أو غير تجاورية مع المرجع الذي ينتجه النص ( الخطاب بالتالي ) ويمكن إلحاقها أو دراستها من خلال البنى الشاردة أو غيرها غير أننا تعٌمدنا تطبيق منهجها على البنى الشاردة قصداً بحثاً عن مزيد من الإضاءة والتدقيق في نص الشاعر كما أن الوحدات القرائية ليست مرتبة متتالية كما ورد في نص الشاعر.
الإحــالات المطلقة في البنى الشــاردة :
يمكن تحديد الإحالات المطلقة في متن النص بعدد من الوحدات القرائية ( أو المضمونية تجاوزاً ) المتعلقة بموضوعة ( الحصار ) تحديداً وهي التي تبدو غير محددة بزمان أو مكان، وتبدو في سمة ثانية وكأنها (حكمة) (ألا يذكر الأمر بالمتنبي؟).
الحصار يستخدم الشاعر فيها تعابيراً اسمية معمحدد(مرجع )باستخدام (الـ ) التعريف علماً أن لحظة ( الحصار) لا ترد في النص إلاٌ معرفة وحتى في حال إسنادها إلى ضمير فهي بديهيةً تحيل إلى معرفة، كذلك يستخدم الشاعر فيها صيغة الفعل المضارع الساكن أو الممتد مستقبلاً بمعنى شمول الصيغة سيكون أو هو كائن لاهو كان.هذه الصيغة كذلك لا تسند إلى متكلم أو مخاطب محدد(مرجع ).
تسند هذه الإحالات المطلقة إلى جنس محدد أغلبه المرتبط بإشكالية الوجود الأمر الذي يخلق فيما يلي فروقاً دلالية تشعٌب الخطاب وتلحق تغايراً بمستوى الخطاب (plan d′enonciation) ) ينقله من الواقعي إلى المجرٌد أو العكس، بما يعكس التوتر الذي يعود الخطاب بالنص ورغم أنه توتر ساكن ( جيبي فيزيائي ) إلا أنه ملحوظ في بنية الخطاب ولعله مؤشر على انتقال الخطاب بين موضوعةٍ وأخرى وتداوله بين العناصر المنشئة للخطاب.
وتظهر الإحالة المطلقة في قول الشاعر ( الحصار هو الانتظار على سلم مائل وسط العاصفة ) فالعبارة وصفيٌة اسمٌية لا تحيل’ إلى أيٌ زمان أو مكان جغرافي محدٌد لا بل أنها تبدو عبارة مطلقةً فيها تقرير لحقيقةٍ ثابتة تبدو أكثر جلاءً مع تكرار الجملة الاسمية ( هو الانتظار) والتي هي نحوياً خبر المبتدأ ( الحصار) إذ يضيف التكرار تأكيداً لإيمان الشاعر بالحقيقة التي يطرحها. كما يضفي على خطابه بعداً ميتافيزيقياً بحيث تظهر صورة الخطاب متعددة ومتداخلة بين الواقعي والخيالي في عملية ربط الحدث اليومي الواقعي الجارح بالخيالي، ومن هنا تسمية هذه الإحالة بـ ( المتعالية على الإشارة ) فلا توجد مثلاً أيٌة إشارة في هذه الوحدة،لا دلالة على أيٌة علاقة غير لغوية والإشارة إما ( باليد ، وبالرأس، وبالعين، والحاجب ـ كما قال الجاحظ) أو بغيرها وهي ما لا نلمح أي من عناصرها هنا .
إحالة مطلقة أخرى تظهر في قول الشاعر ( في الحصار، تكون الحياة هي الوقت / بين تذكر أولها/ ونسيان أخرها) وهذه الوحدة القرائية تحوي عبارتين ( في الحصار ) والثانية تتمة الجملة أولاهما اسمية والثانية فعليٌة وكلتاهما وصفيتان تقريريتان مع ملاحظة وجود الضمير ( هو ) للدلالة على الحياة بين قطبي البداية والنهاية مع كل فجائعية نهاية العصر الذهبي للبداية ( تجاوزاً ).
نلخص هنا إلى أن وجود إحالات مطلقة ضمن البنى الشاردة يعززها أولاً توسع الخطاب وشموليته وثانياً دخول الشاعر في مختلف الحالات الممكنة لخلق علامات تشير إلى تغلغل الحصار حتى في جهة المطلق وليس بالمعنى (الإلهي ) بل بالمعنى الذاتي بحيث تتم محاصرة كل الموجودات والممكنات حتٌى الروح... والروح أوٌلها!.
الإحــالات الإشارية في البنى الشــاردة:
يمكن تمييز الإحالات الإشارية من الإحالات اللاإشارية تبعاً لعلاقات التجاور التي تقيمها الإحالة مع مرجعها فتكون إشارة بالتزام العلاقة لتجاورها ولاإشارية بعدم التزام الإحالة – العلاقة لتجاورها مع المرجع.
الإشارية مرتٌبطة بالتعبير الثلاثي ( أنا- الآن- هنا ) المتكلٌم بمعنى ( إحالة ) العبارة إلى علاقة ارتباط آنية في المكان المتكلٌم فيه بواسطة الأنا، فقول الشاعر ( سيمتد هذا الحصار إلى أن نعلم أعداءنا نماذج من شعرنا الجاهلي)غير معروف نتائجها، خاصة وأن الذي سيتعلمونه هو منتوج معرفي غريب عنهم ولا يمت لهم بأية صلة، والصيغة النحوية هي جملة فعلية تحيل إلى حاضر المتكلٌم ( زمن الحصار ) وهي ملازمة بالتالي لذات الشاعر التي تنتج خطابها عبر النص وعبر هذه البنية الشاردة عن سياق الخطاب، حيث تقوم بقطع المجرى الذي يتحدث فيه الشاعر في جملة إحالات إشارية عن واقع الحصار، وفجأة تقفز هذه العبارة ( الوحدة القرائية ) وتقطع سياق الخطاب مشيرةً إلى نوع من العبثية في الحصار ذاته فامتداد الحصار غير المعروف زمنياً كأنه في الحاضر مستمراً. إن التعالق الحضاري بين المحاصر والمحاصَر شبه إلغائي كما رأينا سابقاً وكما يتابع النص تقديمه في التالي لهذه الوحدة القرائية مباشرةً..
إحالة إشارية ثانية ضمن ذات البنى الشاردة تقول ( سيمتد هذا الحصار ليقنعنا باختيار عبودية لا تضر / ولكن بحرية كاملة ). وكذلك لا مسافة محددة بفعل القناعة التي سيقدمها الحصار، حتى لو كانت أوصافها أقرب للعبودية منها للحرية ونحن يمكن أن نقتنع أولا نقتنع طالما الأمر منوط بذات الحصار في الوحدتين السابقتين.
نرى الفعل جماعياً متأثراً بالحصار الأول باتجاه المحاصر والثاني باتجاه النظام – السلطة الوطنية ويلعب الضمير الجمعي (نا) في سوق مجرى الخطاب باتجاه الآخر في كلا الحالتين محملاً إياه تبعات جديدة ومساحات جديدة ومتطلبات جديدة تزج بفعل التعالق الحضاري وسؤال القناعة بالعبودية الحرة أو حرية العبودية في فضاء الرؤية التي يقدمها الخطاب ذاته.
الإحــالات اللاإشارية في البنى الشــاردة:
يرد في النص العديد من الإحالات اللاإشارية لكننا سنتوقف عند قول الشاعر ( في عام ألفين وأثنين / تبتسم الكاميرا لمواليد برج الحصار ) فالإحالة هنا إلى غائب يتحدث قد يكون هو النص ذاته فما يقوله الشاعر هو (خبر) زمنه محدد لكنه خارج الخبر لأن الناطق غائب حتى لوعرفنا أو أضمرنا أنه الشاعر.
هـوامش الحصــار:
لا يسعي محمود درويش في نصٌه إلى ملء الفراغ البصري الذي تخلفه الكلمات، بقدر ما يسعى إلى الامتداد في هذا الفراغ وتقطيعه والدخول في جوانيات كتله، وسوقها باتجاه إضاءة الفراغ ذاته، بما يشير إلى محاولة إنتاج رؤية طبيعية تقريبياً لمشهد الحصار خاصةً وأن المسافة بين الوصف والموصوف تتضاءل في بعض المواقع إلى حدٌ الاندماج والتوحد، أضف إلى ذلك أن المسافة التي يراقب منها الشاعر المشهد هي مسافة تقدم له معرفةً ورؤيةً واضحة ( رؤية مسحيٌة وعمودية وتصاعدية ) حيث تظهر الرؤية المسحيٌة من بداية النص ( هنا عند منحدرات التلال ) إلى نهايته ( الشمس تقفز من حائط نحو آخر مثل الغزالة ) بشكل يجعل الصورة المشهدية كاملةً في نهاية النص مع تصاعد الرؤية عمودياً ( عندما تختفي الطائرات تطير الحمامات بيضاء بيضاء َ) وتصاعدياً ( شجر السرو، خلف الجنود، مآذن تحمي السماء من الانحدار ).
وفي عمل محمود على الامتداد في الفراغ البصري لمشهد الحصار يستخدم اللغة بمختلف وظائفها ( التعبيرية – الأمرية – الشعرية – الشارحة – الاتصالية ) ممارساً الوصل والفصل بينها وبمختلف الأدوات ومنها خاصة الصورة التي هي عمود الشعر والتي يتميز بالتقاطها محمود ( وتصنيعها ) وتقديمها كمنتج جديد للقارئ، غير أن المنتج لا يخرج عموماً عن سمات الخطاب لا بل يدعمها بما يمكّن من إطلاق سمات الخطاب على الصورة فلدينا صورة عطاليٌة رخوة تثير الذاكرة باتجاه مكان التقاط الصورة ولكنها لا تحركها أبعد من ذلك والصورة الشهيرة لجنود إسرائيليين يبولون قرب مكان إقامة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات أثناء اقتحام المعنى حولها محمود لصورة شعرية:
شجر السرو خلف الجنود / مآذن تحمي السماء من الانحدار/ وخلف سياج الحديد / جنود يبولون تحت حراسة دبابة / والنهار الخريفي يكمل نزهته الذهبية / في شارع واسع كالكنيسة بعد صلاة الأحد.
تقدم هذه الوحدة القرائية ( الصورة ) لقارئها اختلافاً عن الصورة ( صورة الكاميرا ) باستثناء الشرح الوظيفي لزمن التقاط الصورة ( العطالية ) لاتقٌدم شيئاً تقريباً ( أو اختلافاً ) فإنه يجب التمييز بين الصٌورة بذاتها وبين وصف المكان ( المشكٌل للسٌرد أو للنص ) فالمكان يتعالى عن كونه مجرد مكان ويتحول إلى ذاكرة ومساحة للعمل والرؤية كما أنه يطلق إشارته الخاصة التي تحيا في سياق تداخلي يظهر في كل النص بما يعطي إيحاءً باعتماد كبير للنص عليه في حين تبقى الصورة ( عابرة ) لا يعمل إنما في بعض المواقع تساهم في دعم إشارة المكان الخاصة خاصةً مع اجتماع عناصر متناحرة غليظة ( الدبابة ) مع عنصر مقدس ( الكنيسة ).
هوامش الحصار: اللغة والأسلوب
تعاقد محمود درويش عبر مسيرته الشعرية مع قارئ خاص لا هو بالقارئ النخبوي ولا هو أيضاً بالقارئ العادي وإن كان اختراق التصنيف قائماً فإن الغالبية من قراء الشاعر ينتمون إلى هذا التصنيف.
يتحدد الارتباط القائم بين الشاعر والقارئ عبر وسيطهما (اللغة ) وحاملها النص – القصيدة، وهو ارتباط تبادلي التأثير تستخلص سمات تأثيره من الكتلة اللغوية وآلية تقديمها للنصوص أما آلية التلقي فهي تتحدد من جهة القارئ الذي يختار تأثيره بنفسه.
أحد سمات التأثير المتبادل هو الأسلوب الذي تستخلص إحدى سماته من " غياب الشوائب اللغوية الذي تنتج الجملة نفسها فيه " (1- 183) وتعني الشوائب الزوائد غير الضرروية في الجملة وتفكيك الجملة إلى عدة أسطر دون مبرر موجب.
ثاني السمات هو الوظيفية التي يؤديه الأسلوب في تقديم النص إلى القارئ والتي تتحدد من خلال الخطاب أو الدقة من خلال أيديولوجيا الخطاب هل هذه الأيديولوجيا ذات وظيفة ( تطبيعية أم تعويدية أم تدجينية )(1-180) ويمكن سلفاً إخراج نص محمود من هذه الوظائف جميعها وإدراك أن لأسلوبه وظيفة ضد – تطبيعية – ضد تدجينية – ضد توافقية- اعتراضية – مقاوِمة.
فقد خرج محمود بنصه هذا خلال الحصار وفي زمن أقل من شهر وفي جو متوتر يعيش فيه الشاعر احتمالي الحياة والماء بشكل متساو بما يعني أن ا الوارد هنا ممارسة ضبط لغوي أشبه به كتابة الوصية خالية من الحشو والاستطراد والزيادة واللغو، وبالتالي يمكن القول أن وجود الشوائب اللغوية مع احتمال وروده هو احتمال ضئيل.
تتميز البنى الجملية في النص بانغلاقها وهو معنى اعتبارها وحدات قرائية مغلقة تملك استقلالها بذاتها بتحقيقها اكتفائها اللغوي من الكلمات بسطر أو اثنين دون قفزها إلى موضوع جديد، أو استخدام استعارات معينة لخدمة الموضوع، وحتى في حال استخدام استعارات ( تحويلية ) من الموروث الثقافي كالحديث النبوي أو القرآن فإنها تنغلق في الوحدة القرائية كأحد مكوناتها أو كجزء من جسدها اللغوي.
الاستعارات التحويلية تتواجد في سطح النص وليس في عمقه، بمعنى أننا ننتبه لوجودها فوراً دون الحاجة إلى التنقيب عنها في أرض النص أو طبقاته اللغوية، فمثلاً يقول الشاعر ( لا يلدغ المؤمن المتمرن من فرح مرتين ) وهي صياغة جديدة للقول النبوي ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين )، كما يقول ( الحقيقة جارية النص، حسناء / بيضاء من غير سوء )، في إشارة لآية قرآنية تقول ( فأخرج يده فإذا هي بيضاء من غير سوء ).
أما انطلاق الجمل وقفلاتها ففي الشعرية المنتمية أصلاً إلى الشذوذ اللغوي لجهة التركيز في معالجتها على مادة الإيصال أي بالاتجاه من المدلول إلى الدال، ففي عالم محمود الشعري هناك تنويع في انطلاقات الجمل وقفلاتها فهناك انتقالات متنوعة تكاد تلامس وتتناول مختلف الصيغ المعروفة للأفعال وللظروف في اللغة العربية وكذلك بعض التأثيرات الأجنبية وخاصة الإنكليزية ،وتتمثل في النص صيغ الأفعال بمختلف الأزمنة بما فيها فعل الأمر : ليكن ،لا تثق ،لا تصدق )كما أن هناك ( حقناً ) لكل فعل ماض بآخر حاضر أو العكس بحيث يبدو الانتقال الزمني متأـرجحاً متوتراً بين عناصر الجملة ومغطياً حالة الحصار ذاتها مدوراً إياها في الماضي والحاضر حيث يلعب العامل الزمني ( أو الفاعل الزمني ) دوراً قوياً في تشكيل الفضاء المأساوي الذي يغلف النص بأكمله وهو فضاء عطالي كما أشرنا من قبل .
خواتم الحصار
المشهد النهائي للحصار في نص الشاعر أكثر من إشكالي ،مفتوح على احتمالات الأبدية، والغزالة ستستمر في الطيران حول حقولها الفكرية والدلالية والرمزية .

الهوامش
ـ 1 ــ رولان بارت ـ هسهسة اللغة ـ ترجمة:د. منذر عياشي ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب ـ طبعة أولى ـ 1995
ـ 2 ــ رولان بارت ـ التحليل الدلالي للقصص ـ ترجمة:د. منذر عياشي ـ مركز الإنماء الحضاري ـ حلب ـ طبعة أولى ـ 1995.
ـ 3 ـ رولان بارت ـ مبادئ في علم الأدلة ـ ترجمة:محمد البكري ـ دار الحوار ـ اللاذقية ـ طبعة ثانية ـ 1987.
ـ 4ـ مريم فرنسيس ـ في بناء النص ودلالته ـ وزارة الثقافة السورية ـ طبعة أولى ـ 2000.
ـ 5 ـ بلاغة النص وعلم الخطاب ـ د. صلاح فضل ـ سلسلة عالم المعرفة الكويتية ـ عدد 195
ـ 6ـ باتريك رافو - فصول ـ خريف 97ـ أدونيس والبحث عن هوية
- 7-محمد مفتاح – تحليل الخطاب الشعري – المركز الثقافي العربي – بيروت –الدار البيضاء - طبعة ثالثة – 1992.ا
-8- الجولان بين الحرب والسلام ـ يوشيه ماعوز ـ ت: أحمد أبو هدبة ـ مركز الدراسات الاستيتراتيجية ـ بيروت ـ ط1ـ 2001
-9 - الشهداء يعودون هذا الأسبوع – الطاهر وطار- سلسلة كتاب في جريدة رقم 25.
-10 – أعراس ـ محمود درويش ـ دار العودة ـ 1979 ـ بيروت ـ ط أولى
- 11- الأعمال الكاملة – مالا رميه – بلياد – باريس
- 12- من حديث للشاعر أبان توقيع كتابه حالة حصار في بيروت .


Post: #388
Title: مقال لكاتبة اسرائلية يسارية:الشهيد في اخر الامر هو "قاتل"
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2005, 07:59 PM
Parent: #387

نعيد أدناه نشر مقالة بعنوان:
حتى لليسار توجد حدود
لكاتبة اسرائيلية يسارية,
هي أريانه ملاميد رام الله،من رام الله وقد نشر في كانون الثاني 2002.
وفيه نجد قراءة اخرى غير "عربية" ل"حالة حصار"
وواضح من كلامها انها تعتقد ان الشهيد قاتل,
ولذلك ترى ان هنالك شروطا اخرى,يمكن ان تاتي,
وفي سياقها يمكن قراءة نص "حالةحصار"بطريقة اخرى ,
غير التي يقرأها بها الاسرائيلي حتى ولو كان يساريا تقدميا
فالى المقال:


محمود درويش يكتب مطوّلة شعرية. هذا ما يتقن درويش صنعه، أكثر من شعراء كُثُرٍ آخرين. درويش هو مبدع يحظى بتقدير كبير في ثقافات عديدة تعرفت على شعره الغنائي، الذي يستمد قوته من نقاء وبساطة التصويرات؛ من الصوت "الضعيف" لأول وهلة، ولكن، بشكل ما، الضخم والكوني؛ من الثيمات الجذرية للقصيدة: الحب، الاشتياق، المنفى. وكإسرائيليين، نحن مسؤولون عن هذا المنفى. فقد دمرنا قرية درويش، مسقط رأسه، في 1948. وأنا أستعين بصيغة الجمع المتعدّي في الأفعال عن قصد، لأن القرية لم "تُدمّر" هكذا، لوحدها. هناك حاجة لاستقامة سياسية معينة لقراءة "حالة حصار"، وهي تبدأ في تحمّلنا لمسؤوليتنا عن أفعالنا وكلماتنا.
* لقد توقّفوا عن تدريس درويش
المنفى الثاني تحقق في بلوغه، حين فهم درويش أنه لن يكون بوسعه مواصلة العيش في إسرائيل، من دون أن تطارده سلطات الأمن، ليل نهار. وقد اختار ألا يعود، لأنه لم يكن يملك خيارًا آخر. وأستقبل بالعناق والحب في كل مكان تركّزت فيه منظمة التحرير. في العام 1982 قاده سوء الحظ ليعلق في بيروت. قواتنا كانت تهاجم المدينة، ونحن مسؤولون كليةً –من ضمن الأعمال الجائرة المحسوبة علينا - عن العذاب والخوف، عن اليأس والانكسار، التي أدت كلها إلى كتابته لمذكرات بيروت (المقصد كتاب "ذاكرة للنسيان"- المحرر)، مذهلة في قوتها. وقد تُرجم هذا الكتاب للعبرية ونُشر في العام 1989، في قمة إنتفاضة الحجارة. عندها، علت أصوات تساءلت عن الجدوى في هذه الترجمة أصلا، وعلت أصوات – ضعيفة - في أعقاب ترجمة مجموعات شعرية أخرى له للعبرية. وبعد ذلك، في فترة زمنية من التفاؤل، كان هناك وزير للتربية، اعتقدَ أنه يجب تدريس شعره في المدارس العبرية، وعدم الانتظار إلى أن يُدرّس الفلسطينيون <إلى العصفور> (قصيدة حاييم نحمان بياليك، "الشاعر القومي" اليهودي، الشهيرة، عن الاشواق الى الوطن – المحرر)، وبعدها سنرى.
كل هذه التطورات تتبع لأيام أخرى. درويش لم يعد جزءًا من المنهاج الدراسي. في مدنهم وأمام بيوتهم فوهات دبابات مصوبة نحوها، وعندما تطلق النار، لا تعرف ولا تريد التمييز بين العدو وبين من يريد أن يصل إلى نهاية عمره بهدوء. إلى مدننا وإلينا يصل القاتلون من عندهم، وهم أيضًا لا يريدون التمييز.
* اللازورد، أم الباص المهروس؟
كانون الثاني 2002، رام الله محاصرة لأنه كان هناك من اعتقد أن على عرفات أن يرى "العين الحمراء"، وذات الشخص نسي أيضًا أن عرفات ودرويش حظيا بتدريب جيد لتجربة الحصار، وليس هذا ما سيُسكت صوتيهما السياسي، أو الشعري - أو ذلك الصوت المختلط، كما في مطولة "حالة حصار".
"الحياة الحياة بكاملها،
الحياة بنقصانها،
تستضيف نجوماً مجاورة
لا زمان لها...
وغيوما مهاجرة
لا مكان لها.
والحياة هنا
تتساءل:
كيف نعيد اليها الحياة"
يسأل الشاعر في البداية. الحصار ليس فترة أمل، على الرغم من أن "حين يشرق الوطن" هي جملة معادة في المطولة. الحصار ليس زمنًا للمغفرة والأعمال الحسنة. في الحصار، يتحدثون مباشرة إلى المحاصِرين. هكذا:
"ايها الواقفون على العتبات ادخلوا،
واشربوا معنا القهوة العربية،
(قد تشعرون بأنكم بشر مثلنا).
ايها الواقفون على عتبات البيوت!
اخرجوا من صباحاتنا،
نطمئن الى اننا
بشر مثلكم!".
لا مباشرَ ولا أبسطَ من هذا، ولكن هذه ليست إلا بداية الألم والغضب المتنامييْن، لأن درويش، بعد عدة فصول، يتوجه مباشرةً إلى قاتل، ويكتب له هكذا:
"(الى قاتل لو تأملت وجه الضحية
وفكرت، كنتَ تذكرتَ امكَ في غرفةِ
الغازِ، كنتَ تحررتَ من حكمة البندقية
وغيرتَ رأيك: ما هكذا تستعاد الهوية".
حتى هنا، في جلوسي كيَسارية، وفي إعترافي بفظائع الاحتلال، في مجرد أنني أعيش هنا وأدفع الضرائب، ولا يهم كم أتظاهر أو أكتب أو أفعل - حتى هنا يمكنني القراءة. لأنه بعد ذلك، وبعد عدة فصول من اليأس والسخرية الكَلَبِيّة من اليأس، ومن الخوف النقي والغضب المبرر جدًا والتحسر على ما ضاع وما سيضيع - هناك مقطع لا أقوى على قراءته، لأنه خالٍ من الحقيقة ومن الاستقامة، وهو يصبغ كل المطولة من جديد بلون يرسم لي حدود فهمي. ها هو المقطع:
"الشهيد يوضح لي: لم افتش وراء المدى
عن عذارى الخلود، فاني احب الحياة
على الارض، بين الصنوبر والتين،
لكنني ما استطعت اليها سبيلاً، ففتشت
عنها بآخر ما أملك: الدم في جسد اللازورد".
بالنسبة لي، كإسرائيلية تقرأ العبرية، فإن "جسد اللازورد" هو كذبة. الجسد الصحيح هو جسد الباص المهروس. الدم ليس دم الشهيد وحده، بل ودم ضحاياه. الشهيد هو قاتل. نقطة.
* القاتل هو قاتل
منذ العام 1982 يتجند كبار الشعراء العبريين، بحماس معركيّ، للتعبير عن غضبهم تجاه أعمالنا الجائرة، وللتعاطف مع من يقف في الجهة الثانية من مدفع الدبابة. حتى أن بعضهم وصل إلى محاولة الكتابة (المقززة، المرعبة والمَرَضية) من داخل نفس الشهيد، على الأقل في نص واحد للشاعرة داليا رابيكوفتش. ويجوز أن الشعور بالمسؤولية السياسية يؤدي بالمرء إلى هنا، ولكن يجوز أيضًا أنه يجب وضع حد واضح لهذا الشعور، حدٍ مفروغ منه، نتيجة ضربة البرد المفاجئة التي تهجم على القارئ بعد محاولة جدية منه للتعاطف.

Quote: لا يمكن في هذه الأيام أن تكون إسرائيليًا وأن تبدي في نفس الوقت تعاطفًا متنورًا مع الشهيد. لا يمكن قراءة قصيدة كهذه، تتحدث من فم قاتل محتمل لا يطلب منّا إلا التعاطف والشفقة، لا يطلب إلا أن نفهم إلى أية درجة من السوء وصلت حياته، لدرجة أنه عافها؛ لا يمكن ذلك لأن هذا كذب. الشهيد لم يعُفْ حياته، بل عافَ حياتنا.


Quote: هو قاتل،

والشعراء الذين يبدون التفهم العميق تجاه القتلة لن يسكنوا في رف كتبي. لا أملك ما يكفي من التنوّر لكي أقرأهم. ليس الآن، وليس فيما بعد، حين تأتي الأيام التي يحلم بها درويش. وحتى عندما يتعلم كل أعدائه أن يقرأوا الشعر الجاهليّ (شعر الغزل والحرب قبل الاسلام)، كما كتب، عندها أيضًا لن أقرأ.

من خلال هذا الشعر أريد أن أذكّر درويش، المختص الكبير فيه، بقصيدة زهير (معلقة زهير بن أبي سلمى)، ببيت الشعر الذي يقول فيه إن الحرب ليست إلا ما تعلمتَه عن الحرب. وربما، في الواقع، من الأفضل أن يعود إلى ديوان الخنساء، مجموعة قصائد تماضر بنت عمر، الشاعرة من القرن السابع، التي عرفت جيدًا أن القافية كنصل السهم، تترك أثرها بعد ذهاب الشاعر. "دم في جسد اللازورد"، أيَصِحّ ذلك؟
Quote: وربما، بعد أن يُشرق وطن درويش بسنوات طويلة، وبعد أن يتعلم أبناؤنا الشعر الجاهلي المترجم، وبعد أن يتعلم أبناؤهم الشعر العبري المترجم من القرون الوسطى، ربما سيكون من الممكن عندها العودة إلى "حالة حصار" وقراءتها من خلال البُعد اللازم للنقاد الأدبيين.


في أحد المقاطع هناك توجهٌ لزائر مفترض وطلب:
"(الى ناقد لا تفسر كلامي
بملعقة الشاي او بفخاخ الطيور!".
Quote: كإسرائيلية، لا يمكنني أن أتعامل مع هذا النص، الآن وهنا، بأدواتهم التحليلية.
أشك في قدرة أحد هنا على فعل ذلك. أشك جدًا في حاجة أحدٍ لذلك.

* "حالة حصار". تأليف: محمود درويش، الترجمة عن العربية: محمد حمزة غنايم، إصدار "أندلس"، تل ابيب، 95 صفحة.
***
-نقلا عن المشهد دت كم

Post: #389
Title: حول مقالة الكاتبة الاسرائيلية اليسارية عن "حالة حصار"-قراءة النص ليست دوما قراءة لغوية فقط
Author: osama elkhawad
Date: 11-23-2005, 01:13 AM
Parent: #388

من الواضح للقارئ الجيد-فهنالك قراء غير ذلك-
اننا قصدنا بايراد مقالتين مكتوبتين من وجهة نظر عربية,
أو على الاقل في حدود الفهم العربي لمسالة الصراع العربي-الاسرائيلي,
ومقال لكاتبة"يمكن ان تكون "متسامحة" بعض الشيئ,
ان نقول ان قراءة النص ليست دوما قراءة لغوية فقط
فهنالك عوامل اخرى تتدخل في "القراءة"
حاولت ان ابرز بعض المقاطع التي توضح اعتراضات الاسرائيلية اليسارية على "حالة حصار"
وهنا مقطع اخر:

Quote: حتى هنا، في جلوسي كيَسارية، وفي إعترافي بفظائع الاحتلال، في مجرد أنني أعيش هنا وأدفع الضرائب، ولا يهم كم أتظاهر أو أكتب أو أفعل - حتى هنا يمكنني القراءة. لأنه بعد ذلك، وبعد عدة فصول من اليأس والسخرية الكَلَبِيّة من اليأس، ومن الخوف النقي والغضب المبرر جدًا والتحسر على ما ضاع وما سيضيع - هناك مقطع لا أقوى على قراءته، لأنه خالٍ من الحقيقة ومن الاستقامة، وهو يصبغ كل المطولة من جديد بلون يرسم لي حدود فهمي. ها هو المقطع:
"الشهيد يوضح لي: لم افتش وراء المدى
عن عذارى الخلود، فاني احب الحياة
على الارض، بين الصنوبر والتين،
لكنني ما استطعت اليها سبيلاً، ففتشت
عنها بآخر ما أملك: الدم في جسد اللازورد".
بالنسبة لي، كإسرائيلية تقرأ العبرية، فإن "جسد اللازورد" هو كذبة.
الجسد الصحيح هو جسد الباص المهروس.

الدم ليس دم الشهيد وحده، بل ودم ضحاياه.
الشهيد هو قاتل. نقطة.

واضح انها تشير الى العمليات التي يقوم بها الفلسطينيون في سبيل تعبيرهم عن رفضهم للاحتلال
وسنعود
المشاء

Post: #390
Title: صمت غريب
Author: osama elkhawad
Date: 11-23-2005, 11:34 PM
Parent: #389

صمت غريب ,

لكنني سأعود
محبتي
المشاء

Post: #391
Title: امكانية تعايش سلمي بين هويتين متناحرتين من خلال المحبة
Author: osama elkhawad
Date: 11-24-2005, 01:48 PM
Parent: #390

لم تنتبه الناقدة الاسرائلية الى مقطع في النص الشعري اي حالة حصار,
يوحي بامكانية تعايش سلمي بين هويتين متناحرتين من خلال المحبة .
يقول المقطع:
Quote: إلى قاتلٍ آخر: لو تَرَكْتَ الجنينَ ثلاثين يوماً،
إِذَاً لتغيَّرتِ الاحتمالاتُ:
قد ينتهي الاحتلالُ ولا يتذكَّرُ ذاك الرضيعُ زمانَ الحصار،
فيكبر طفلاً معافي،
و يدرُسُ في معهدٍ واحد مع إحدى بناتكَ
تارِيخَ آسيا القديمَ
.
وقد يقعان معاً في شِباك الغرام.
وقد يُنْجبان اُبنةً (وتكونُ يهوديَّةً بالولادةِ).
ماذا فَعَلْتَ إذاً ؟
صارت ابنتُكَ الآن أَرملةً،
والحفيدةُ صارت يتيمةْ ؟
فماذا فَعَلْتَ بأُسرتكَ الشاردةْ
وكيف أَصَبْتَ ثلاثَ حمائمَ بالطلقة الواحدةْ ؟

Post: #392
Title: درويش:" أَدَنْتُ، ولم أَكُن الوحيدَ، العمليات الانتحارية التي تَسْتَهْدِف مَدَنِيّين
Author: osama elkhawad
Date: 11-24-2005, 03:35 PM
Parent: #391

نحب ان نوضح راي محمود درويش في ما سمي بالعمليات الانتحارية في حوار له مع الليبراسيون نشر في جهة الشعر
وواضح انه يدين العمليات الانتحارية التي تؤدي الى مقتل مدنيين,وهو راي بدا يسود على الاقل وسط الانتلجنسيا الفلسطينية
ساله المحاور قائلا:
Quote: وعن السؤال التالي: "أنتَ كشاعر فلسطينيّ، شَاهِدٌ على مأساة شعبِكَ وكذلك شاهد على الإيمان بالإنسانية. وكلمة "شَاهِد" هي المعنى الأول لكلمة "شَهِيد". والذين يقومون بعمليات-انتحارية يُطْلَق عليهم أيضا "شُهَدَاء". كيف يمكن أن نكون شهيداً ونتسبَّبَ في موت أشخاص أبرياء؟


فأجاب درويش موضحا الفرق بين الشهيد وبين الانتحاري قائلا:

Quote: يجيبُ محمود درويش: "كذلك في القرآن، كلمة "شهيد" تعني أيضاً "شَاهِد". يوجد خلطٌ في تحديد العمليات الانتحارية. وهنا لا يتعلّق الأمرُ بـ"شهداء" ولكن بـ"انتحاريين" Kamikazes. وفي الحروب، يوجد انتحاريون kamikazes في كلّ الأطراف.

إنّ كلمة "شهيد" كلمة مفتوحةٌ جدا.
المسيحُ ومحمد الدُرّة والشعب العراقيّ الذي هَلَك تحت القنابل "الذكيّة" الأمريكية، هم شهداء، لأنهم يَشْهَدون بإنسانيتهم في وجه الرُّعب والبربرية. الانتحاري Kamikaze، في نظري، هو من يمنح حياتَهُ من أجل قضية يعتقد أنها عادلةٌ.
أنا أَدَنْتُ، ولم أَكُن الوحيدَ، العمليات الانتحارية kamikazes التي تَسْتَهْدِف مَدَنِيّين. الإسلامويون يَرُدّون بالقول إنّ الإسرائيليين يقتلون هُم أيضا مدنيين (فلسطينيين). وجوابي هو:

ليس علينا أن نفعل مثلهم (الإسرائيليين)،
لأننا إن فَعلْنَا مثلهم،
فما هو الفرقُ بين الجلاّد والضحية؟"

Post: #393
Title: تعديل طفيف في مخططنا
Author: osama elkhawad
Date: 11-24-2005, 08:12 PM
Parent: #392

سنعدِّل قليلا الترتيب الذي وضعناه كمخطط في مقاربتنا للجدارية
ولذلك سنتحدث اولا عن دلالة الاسم في الجدارية ,
وبعد ذلك نعود لمقاربة موضوعة البياض ,
وبعدها نعود للجزء الاخير كتعليق على مساهمة لطيف المهمة حول علامية العنوان في جدارية درويش
سنعود مساء اليوم بتوقيت الساحل الشرقي الامريكي ,
كان الله هوّن
محبتي
المشاء

Post: #394
Title: مقدمة لمقاربتنا لعلاقة الذات الكاتبة بالاسم في "جدارية"-عن أمل دنقل
Author: osama elkhawad
Date: 11-24-2005, 10:54 PM
Parent: #393

نعود كما وعدنا بمقدمة لمقاربتنا القادمة لعلاقة الذات الكاتبة في "جدارية" بالاسم
وهنا مقدمتنا ,ونعقب ذلك بمقالين عن الشاعر الكبير :
أمل دنقل
و احد المقالين بقلم زوجته الصحافية:
عبلة الرويني
و المقال الاخر يوضح جزء من سيرة أمل دنقل ومعاناته التي عاشها منتصرا ككاتب كبير,
ثم نختم ذلك بنص شعري له هو:
Quote: ضدَّ من

والذي يحكي معاناته في صراعه مع مرض السرطان

وبعد ذلك نعود الى اكمال مقاربتنا عن علاقة الذات الكاتبة بالاسم
فالى المقدمة المختصرة جدا:
قبل ان نلج الى الجدارية ,نحب ان نقول ان ما قلناه عن علاقة خطاب محمود درويش بالموت,
يختلف عن العلاقة التي قاربها نصه الشعري اي الجدارية
فهنا نحن بازاء مواجهة مباشرة مع الموت
نحن بازاء تجربة شخصية في مواجهة الموت
وهي تشبه تجربة الشاعر المصري أمل دنقل في مواجهة الموت ,
كما عبر عنها في اوراق الغرفة 8

طبعا الديوان صدر بعد موته,وقام جابر عصفور بجمع النصوص الشعرية التي كتبها امل دنقل في معهد السرطان,
ثم اختار لها عنوان:
Quote: اوراق الغرفة 8


وهو رقم الغرفة التي كان يقيم فيها أمل دنقل عندما كان يتعالج من مرض السرطان


Post: #395
Title: مقال عبلة الرويني عن زوجها الشاعر :أمل دنقل
Author: osama elkhawad
Date: 11-24-2005, 11:11 PM
Parent: #394

أدناه مقال عبلة الرويني زوجة أمل دنقل
وهو كان بمثابة مقدمة لمختاراتها من شعر أمل دنقل
نشرت المختارات في :
Quote: كتاب في جريدة


ولد في عام 1940 بقرية "القلعة", مركز "قفط" على مسافة قريبة من مدينة "قنا" في صعيد مصر.

كان والده عالماً من علماء الأزهر, حصل على "إجازة العالمية" عام 1940, فأطلق اسم "أمل" على مولوده الأول تيمناً بالنجاح الذي أدركه في ذلك العام. وكان يكتب الشعر العمودي, ويملك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي, التي كانت المصدر الأول لثقافة الشاعر.

فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة, فأصبح, وهو في هذا السن, مسؤولاً عن أمه وشقيقيه.
أنهى دراسته الثانوية بمدينة قنا, والتحق بكلية الآداب في القاهرة لكنه انقطع عن متابعة الدراسة منذ العام الأول ليعمل موظفاً بمحكمة "قنا" وجمارك السويس والإسكندرية ثم موظفاً بمنظمة التضامن الأفرو آسيوي, لكنه كان دائم "الفرار" من الوظيفة لينصرف إلى "الشعر".

عرف بالتزامه القومي وقصيدته السياسية الرافضة ولكن أهمية شعر دنقل تكمن في خروجها على الميثولوجيا اليونانية والغربية السائدة في شعر الخمسينات, وفي استيحاء رموز التراث العربي تأكيداً لهويته القومية وسعياً إلى تثوير القصيدة وتحديثها.
عرف القارىء العربي شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" (1969) الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارىء ووجدانه.
صدرت له ست مجموعات شعرية هي:
"البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" - بيروت 1969,
"تعليق على ما حدث" - بيروت 1971,
"مقتل القمر" - بيروت 1974,
"العهد الآتي" - بيروت 1975,
"أقوال جديدة عن حرب البسوس" - القاهرة 1983,
"أوراق الغرفة 8" - القاهرة 1983.
لازمه مرض السرطان لأكثر من ثلاث سنوات صارع خلالها الموت دون أن يكفّ عن حديث الشعر, ليجعل هذا الصراع "بين متكافئين: الموت والشعر" كما كتب الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي.
توفي إثر مرض في أيار / مايو عام 1983 في القاهرة.


Post: #396
Title: مقال كتبه باحث مصري اسمه حسين خيري عن سيرة أمل دنقل
Author: osama elkhawad
Date: 11-24-2005, 11:23 PM
Parent: #395

أدناه مقال كتبه باحث مصري اسمه حسين خيري عن سيرة أمل دنقل:
محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل من مواليد قرية "القلعة" إحدى قرى مديرية "قنا" أقصى جنوب مصر، ولد في 1941 لأب يعمل مدرسًا للغة العربية متخرجًا في الأزهر.
كان والده في تنقل ما بين قرية "القلعة" وإحدى مدن "قنا"؛ فهو في فترة الدراسة يقيم بالمدينة، يعمل بالتدريس، وحين تنتهي الدراسة يعود أدراجه بأسرته المكونة من ولدين وبنت، أكبرهم أمل وأصغرهم أنس.. وهذا التنقل قد أثّر في طبيعة أمل كثيرا فيما بعد.
وكأن الألم هو الحضانة الأولى للعظماء، فلم يكد أمل يتم العاشرة من عمره حتى مات والده. وحرصت أمه الشابة الصغيرة التي لم تكن قد جاوزت النصف الثاني من عقدها الثالث على أن يظل شمل أسرتها الصغيرة ملتئمًا، مع عناية خاصة توليها لمستوى الأولاد الاجتماعي من حيث حسن المظهر والتربية وعلاقاتهم وأصدقائهم.
ساعدهم على العيش "مستورين" أن الأب قد ترك لأولاده بيتًا صغيرا في المدينة يقطنون في طابق منه ويؤجّرون طابقًا آخر، كما عاون الأم في تربية أولادها أحد أقرباء زوجها كان بمنزلة عم "أمل".
حين التحق أمل بمدرسة ابتدائية حكومية أنهى بها دراسته سنة 1952 عُرف بين أقرانه بالنباهة والذكاء والجد تجاه دراسته، كما عُرف عنه التزامه بتماسك أسرته واحترامه لقيمها ومبادئها؛ فقد ورث عن أمه الاعتداد بذاته، وعن أبيه شخصية قوية ومنظمة.

آثار الطفولة
والمفارقة أنه حين وصل للمرحلة الثانوية بدت ميوله العلمية، وهيأ نفسه للالتحاق بالشعبة "العلمي" تمهيدًا لخوض غمار الدراسة الأكاديمية في تخصص علمي كالهندسة أو الكيمياء، لكن العجيب أن أصدقاءه قد أثروا كثيرا في تحوله المعاكس إلى الأدب والفن في هذه الفترة ؛ فقد كان من أقرب أصدقائه إلى نفسه "عبد الرحمن الأبنودي" –شاعر عاميه مصري- وقد تعرف عليه أمل بالمرحلة الثانوية، و"سلامة آدم" –أحد المثقفين البارزين- فيما بعد، وكان يمت له بصلة قرابة وكان رفيقه الأول في مرحلة الطفولة، وبعد اتفاقهما الدائم على الالتحاق بالقسم العلمي وجدهما قد فاجآه والتحقا بالقسم الأدبي، فوجد "الصغير" نفسه في حيرة شديدة، سرعان ما حُسمت إلى اللحاق بأصدقائه.
إلا أن ذلك لا يعني أنه كان بعيدا عن مجال الأدب، فضلا عن الثقافة العربية؛ فقد نشأ في بيت أشبه بالصالونات الأدبية، فلم يكن والد أمل مدرسًا للعربية فحسب، ولكنه كان أديبًا شاعرًا فقيهًا ومثقفًا جمع من صنوف الكتب الكثير في سائر مجالات المعرفة؛ لذا فقد تفتحت عينا الصغير على أرفف المكتبة المزدحمة بألوان الكتب، وتأمل في طفولته الأولى أباه وهو يقرأ حينا ويكتب الشعر حينا.
لهذا كله ولموهبته الشعرية الباسقة لم يكد أمل ينهي دراسته بالسنة الأولى الثانوية إلا وكان ينظم القصائد الطوال يلقيها في احتفالات المدرسة بالأعياد الوطنية والاجتماعية والدينية.

وهذه المطولات أثارت أحاديث زملائه ومناوشاتهم بل وأحقادهم الصغيرة أحيانا، فبين قائل بأن ما يقوله "أمل" من شعر ليس له، بل هو لشعراء كبار مشهورين استولى على أعمالهم من مكتبة أبيه التي لم يتح مثلها لهم، أما العارفون بـ"أمل" والقريبون منه فيأملون – من فرط حبهم لأمل- أن يكون الشعر لوالد أمل دنقل، عثر عليه في أوراق أبيه ونحله لنفسه شفقة على أمل اليتيم المدلل الذي أفسدته أمه بما زرعته في نفسه من ثقة بالنفس جرأته –في نظرهم- على السرقة من أبيه.
ولما أحسّ أمل من زملائه بالشك؛ تفتق ذهنه عن فكرة مراهقة جريئة وهي وإن كانت لا تتسق مع شخصيته الرقيقة إلا أنها فاصلة.. أطلق موهبته بهجاء مقذع لمن تسول له نفسه أن يشكك في أمل أو يتهمه، ولم يمض كثير حتى استطاع أمل دنقل بموهبته أن يدفع عن نفسه ظنون من حوله. ولما تفرغ أمل من الدفاع عن نفسه داخل المدرسة تاقت نفسه لمعرفة من هو أفضل منه شعرا في محافظته، فلم يسمع بأحد يقول بالشعر في قنا كلها إلا ارتحل له وألقى عليه من شعره ما يثبت تفوقه عليه، وكأنه ينتزع إعجاب الناس منهم أنفسهم.
أحلام وطموحات
ولما لم يكن هناك من يجده أمل مكافئا تاقت نفسه أن يلتقي بالشعراء الذين يرى أسماءهم على الدواوين الراسخة في مكتبته، وانصرف أمل عن أحلامه الدراسية وطموحاته العلمية إلى شيء آخر هو الشعر.
ومما نُشر لأمل دنقل وهو طالب في الثانوية أبيات شعرية نشرتها مجلة مدرسة قنا الثانوية سنة 1956، وكتب تحتها: الطالب أمل دنقل يقول فيها:
يا معقـلا ذابت على أسـواره كل الجنود
حشـد العـدو جيوشه بالنار والدم والحديد
ظمئ الحديد فراح ينهل من دم الباغي العنيد
قصص البطولة والكفاح عرفتها يا بورسعيد
وفي العدد التالي أفردت المجلة صفحة كاملة لقصيدة بعنوان: "عيد الأمومة"، وكتبت تحت العنوان: للشاعر أمل دنقل، وليس للطالب كسابقتها، جاء فيها:
أريج من الخلد .. عذب عطر وصوت من القلب فيه الظفر
وعيد لـه يهتف الشـاطئان وإكليله من عيون الزهر...
ومصر العلا .. أم كل طموح.. إلى المجد شدت رحال السفر
وأمي فلسطين بنت الجـراح ونبت دماء الشهيد الخضـر
يؤجـج تحنانهـا في القلوب ضرامًا على ثائرها المستمر
وأمي كل بـلاد.... تثـور أضالعـها باللظى المستطـر
تمج القيود.... وتبني الخلود تعيـد الشباب لمجـد غبـر
فإن الدمـاء تزف الدخيـل إلى القبر.. رغم صروف القدر
وتنسج للشعب نور العـلاء بحـرية الوطـن المنتصـر
حصل على الثانوية العامة عام 1957، والتحق بكلية الآداب 1958. وقد ساعده ذلك على الإقامة في القاهرة لتتاح له فرصة جديدة ونقلة حقيقية في مجال القصيدة الدنقلية كما يقول عنه "قاسم حداد" في مقاله: "سيف في الصدر" في مجلة "الدوحة" أغسطس 1983: "دون ضجيج جاء إلى الشعر العربي من صعيد مصر، وكتب قصيدته المختلفة، وكسر جدران قلعة القصيد كما لم يعهد الشعر العربي القصائد ولم يعهد الكسور".
وهذه قضية أمل الكبرى التي عاش من أجلها كالمحارب تماما، وهو يعبر عن ذلك حين يقول:
كنت لا أحمل إلا قلما بين ضلوعي
Quote: كنت لا أحمل إلا قلمي
في يدي: خمس مرايا
تعكس الضوء الذي يسري من دمي
افتحوا الباب
فما رد الحرس
افتحوا الباب ….. أنا أطلب ظلا
قيل: كلا


وانفجر أمل في الشعر بهدوئه العجيب.. فلم يمكث في القاهرة سوى عام واحد؛ إذ رحل عنها 1959 إلى قنا ثانية حيث عمل موظفا بمحكمة قنا، لكن تهويمات الشعر وخيالاته لم تكن تدع مبدعا كأمل لوظيفة رتيبة مملة.. ترك العمل لانشغاله بالشعر والحياة، واستمر شعره هادفا ثائرا على الواقع، وأحيانا ساخرا منه بأسلوب يحيل هذه السخرية إلى إبداع شعري غاية في الشفافية تطلق في ذهن القارئ العديد من المعاني الشعرية.
أمل الثورة

ورغم شعارات ثورة يوليو وانجذاب الكثيرين لها؛ حيث كانت الثورة أمل جموع الشعب الكادح، ومنهم أمل دنقل الفقير ابن أقصى الصعيد.. فإن ذلك لم يخدعه كآخرين، حيث كان متنبها لأخطائها وخطاياها؛ فقد سجل رفضها بعين الباحث عن الحرية الحية لا شعارها؛ ففتح نار سخريته عليها، فهو يرفض الحرية المزعومة التي فتحت أبواب السجون على مصراعيها.. يقول أمل:
Quote: أبانا الذي في المباحث، نحن رعاياك
باق لك الجبروت، باق لك الملكوت
وباق لمن تحرس الرهبوت
تفرّدت وحدك باليسر
إن اليمين لفي خسر
أما اليسار ففي عسر
إلا الذين يماشون
إلا الذين يعيشون..
يحشون بالصحف المشتراة العيون فيعيشون
إلا الذين يوشُون
إلا الذين يوشون ياقات قمصانهم برباط السكوت
الصمت وشمك..
والصمت وسمك
والصمت أنى التفتّ
يرون ويسمك
والصمت بين خيوط يديك المشبكتين المصمغتين
يلف الفراشة والعنكبوت


لم يستقر أمل دنقل في وظيفة أبدا فها هو يعمل موظفا في مصلحة الجمارك بالسويس ثم الإسكندرية، ويترك الوظيفة، لقد اعتاد أمل دنقل الترحال، وربما ورثها من طفولته حال حياة والده، ولكن انغماسه في الشعر قوّى ذلك في نفسه، وجعله يتحلل من قيود المكان وقيود الوظيفة، فقد ترك دراسته في السنة الأولى الجامعية، وترك عمله بقنا، وها هو يترك السويس إلى الإسكندرية، بل يترك العمل الوظيفي ليعلن لنا بنفسه في أخريات حياته أنه لا يصلح إلا للشعر فيقول: "أنا لم أعرف عملا لي غير الشعر، لم أصلح في وظيفة، لم أنفع في عمل آخر…" توصل أمل دنقل إلى ذلك قبل أفول نجمه بثلاثة أيام فقط.
وفي 1969 يصدر الديوان الأول لأمل دنقل بعنوان: "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" تأثرا بالنكسة، وبعده بعامين ينشر أمل دنقل ديوانه الثاني: "تعليق على ما حدث"، ثم يأتي نصر 1973 وعجب الناس من موقف أمل دنقل؛ إذ هو لم يكتب شعرا يمجد هذا النصر حيث يصدر ديوانه الثالث: "مقتل القمر" 1974 دونما قصيدة واحدة تحدثنا عن النصر، وفي 1975 يصدر ديوانه: "العهد الآتي".

عشق الترحال والحياة

وفي أحد أيام سنة 1976
Quote: يلتقي أمل دنقل بالصحفية "عبلة الرويني" التي كانت تعمل بجريدة "الأخبار" فتنشأ بينهما علاقة إنسانية حميمة، تتوج بالزواج 1978، ولأن "أمل" كان كثير التنقل والترحال فقد اتخذ مقرًا دائما بمقهى "ريش"، وإذا بالصحفية "عبلة الرويني" زوجة الشاعر الذي لا يملك مسكنا، ولا يملك مالا يعدّ به السكن تقبل أن تعيش معه في غرفة بفندق، وتنتقل مع زوجها من فندق لآخر، ومن غرفة مفروشة لأخرى.

ويستمر أمل دنقل يصارع الواقع العربي بإنتاج شعري مميز فيكتب: "لا تصالح"، رافضا فيها كل أصناف المساومات، متخذا من الأسطورة رمزا كما عودنا من ذي قبل، ولكن أمل دنقل كُتب عليه صراع الواقع العربي الذي ما برح يكتب فيه حتى واجه بنفس قوية وإرادة عالية صراعه مع المرض، ودخل أمل المستشفى للعلاج، وكان لا يملك مالا للعلاج الباهظ الذي يحتاجه في مرضه.

وبدأت حملة لعون الشاعر من قبل الأصدقاء والمعجبين، وكان أولهم "يوسف إدريس" -أديب مصري- الذي طالب الدولة بعلاج أمل على نفقتها.
وطلب أمل من أصدقائه التوقف عن حملة المساعدة. كان أمل لا يريد أن ينشغل أحد بمرضه، وظل أمل دنقل يكتب الشعر في مرقده بالمستشفى على علب الثقاب وهوامش الجرائد.. ولم يهمل الشعر لحظة حتى آخر أيامه، حتى إنه يتم ديوانا كاملا باسم: "أوراق الغرفة 8".
يموت الألم في أمل دنقل مع صعود روحه لبارئها، لكنه يترك تاريخا مضيئا بالشعر وآرائه السياسية التي كانت تصدر عنه بروح القادر ونفس الحر دون أن ينجرف إلى تيار معين يفسد عليه انتماءه للشعر.. ودون أن يترك حدثا بلا قول وخطر، بل وسخرية موجهة.

المصادر:

1- كتاب أوراق من الطفولة والصبا: د. سلامة آدم ـ إبداع ـ القاهرة ـ العدد العاشر السنة الأولى ـ أكتوبر1983
2- مقال سيف في الصدر: قاسم حداد: مجلة الدوحة – قطر – أغسطس 1983
3- الأعمال الكاملة لأمل دنقل

Post: #398
Title: عداء الموت-تشابه ما بين أمل دنقل ودرويش في علاقتهما بالموت
Author: osama elkhawad
Date: 11-25-2005, 08:12 AM
Parent: #396

نعيد بسط مساهمتنا الاخيرة ,
والتي وردت خطأ في الصفحة الاولى:
سنورد تباعا نصوصا شعرية لامل دنقل عن علاقته بالموت,
وهي نصوص تحكي عن الموت من وجهات نظر متعددة,
الى ان تصل الى الحكي عن علاقته المباشرة بالموت
وهو نقس المنحى الذي سارت فيه تجربة درويش

هذا لا يعني تطابق التجربتين الشعريتين ,
وانما يعني ان هنالك تشابها ما
كما ان ذلك يعكس مناخ "الموت" الذي تتسم به المجتمعات العربية,
كل من منطلقه

سبق ان أشرنا الى ذلك في مقدمتنا لديوان محمد محيي الدين ,
حين تحدثنا عن عن مواجهة الموت ,نقلا عن منير العكش
وقلنا في ذلك:
Quote: (د) ما هي علاقة السؤال والجواب بين هذا الخطاب الشعري والواقع؟قرأ هذا الخطاب الشعري سؤال الواقع.وأجاب عليه في متنه الذي أسسه, ليمارس القارئ بعد ذلك قراءة أخرى لمتن الخطاب الشعري..والاجابة تندغم في فضاء القصيدة العربية الحديثة المعادية للموت.. يقول محمد محيي الدين في مشروع بيانه الشعري "باعتقادي أن القصيدة العربية الحديثة تحمل اليوم عبء الانسان العربي بكل استلابه وقهره وغربته ولا أنسنته, وهي تحمل أيضا عبء نفسها وعبء العملية الفنية"...هذا الخطاب الشعري يؤسس في معاداته للموت النص الشعري المفتوح, ويعادي أيضا شفافية النص المتدثرة بأسمال الواقعية في أردأ نماذجها , أنه مشروع يتعلق بمشروع الحداثة العربي- وكما يقول العكش- "كان عداء الموت من أهم معايير الحداثة, عداء الموت على مستوياته وأشكاله كافة, لا بصورته الفردية المحتومة".

راجع كمثال :

Quote: التجول بين المزامير واللون في حديقة الذهول



لمحمد محيي الدين
وهو نص شعري في رثاء الشاعر الكبير :
ادريس جماع

وسنعود
المشاء


Post: #399
Title: كلمات سبارتكوس الأخيرة
Author: osama elkhawad
Date: 11-25-2005, 08:19 AM
Parent: #398

كلمات سبارتكوس الأخيرة

(مزج ثان):

مُعَلَّقٌ أنا على مشانقِ الصَّباحْ
وجبهتي - بالموتِ - مَحنيَّهْ
لأنني لم أَحْنِها.. حَيَّهْ!
***

يا إخوتي الذينَ يعبُرون في المِيدان مُطرِقينْ
مُنحدرين في نهايةِ المساءْ
في شارِع الإسكندرِ الأكبرْ
لا تخجلوا.. ولترْفعوا عيونَكم اليّ
لأنكم مُعلَّقونَ جانبي.. على مشانِق القيصَرْ.
فلترفعوا عيونَكم اليّ
لربما.. إذا التقتْ عيونُكم بالموتِ في عَينَيّ:
يبتسمُ الفناءُ داخلي.. لأنكمْ رفعتم رأسَكمْ.. مرَّهْ!
"سيزيفُ" لم تعدْ على أَكتافهِ الصَّخرهْ
يحملُها الذين يُولدونَ في مخادِع الرقيقْ.
والبحرُ.. كالصّحراءِ.. لا يروي العطَشْ
لأنَّ من يقولُ "لا" لا يرتوي إلاّ مَن الدُّموعْ!
.. فلترفعوا عيونَكم للثائرِ المشنوقْ
فسوف تنتهونَ مثلَه.. غدا
وقبّلوا زوجاتِكم.. هنا.. على قارعةِ الطريقْ
فسوف تنتهون ها هنا.. غدا
فالانحناءُ مُرّ..
والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرّجالِ ينسجُ الردى
فقبِّلوا زوجاتِكم.. إني تركتُ زوجتي بلا وداعْ
وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعِها بلا ذراعْ
فعلّموهُ الإنحناءْ!
علّموهُ الانحناءْ!
اللهُ. لم يغفر خطيئةَ الشيطانِ حين قال لا!
والودعاءُ الطيبونْ..
هم الذين يرِثون الأرضَ في نهايةِ المدى
لأنهم.. لا يُشنقون!
فعلّموهُ الإنحناءْ!
وليس ثَمَّ من مَفَرّ.
لا تحلُموا بعالمٍ سعيدْ
فخلف كل قيصر يموتُ: قيصرٌ جديد!
وخلف كل ثائرٍ يموتُ: أحزانٌ بلا جدوى..
ودمعةٌ سُدى!
(مزج ثالث):

يا قيصرُ العظيم: قد أخطأتُ.. إني أَعترِفْ
دعني - على مِشنقتي - أَلْثُمُ يَدكْ
ها أنذا أُقبّل الحبلَ الذي في عُنقي يلتفّ
فهو يداكَ, وهو مجدُك الذي يجِبرُنا أن نعبُدَكْ
دعني أُكَفِّرْ عنْ خطيئتي
أمنحكَ - بعد ميتتي - جُمْجُمَتي
تصوغُ منها لكَ كأساً لشرابِك القويّ
.. فإن فعلتَ ما أريدْ
إن يسألوك مرةً عن دميَ الشهيدْ
وهل تُرى منحتَني "الوجودَ" كي تسلُبَني "الوجودْ"
فقلْ لهم: قد ماتَ.. غيرَ حاقدٍ عليّ
وهذه الكأسُ - التي كانتْ عظامُها جمجمتَه -
وثيقةُ الغُفرانِ لي.
يا قاتلي: إني صفحتُ عنك..
في اللّحظةِ التي استرحتَ بعدَها مني:
استرحتُ منكْ!
لكنني.. أوصيكَ إن تشأْ شنقَ الجميع
أن ترحم الشجر!
لا تقطعِ الجذوعَ كي تنصبَها مشانقاً
لا تقطعِ الجُذوع
فربما يأتي الرَّبيع
"والعامُ عامُ جوع"
فلن تشمَّ في الفرُوعِ.. نكهةَ الثَّمر!
وربما يمر في بلادِنا الصّيف الخَطِِرْ
فتقطعَ الصحراء.. باحثاً عن الظلالْ
فلا ترى سوى الهجيرِ والرّمالِ والهجيرِ والرمال
والظمأِ الناريّ في الضُلوع!
يا سيدَ الشواهدِ البيضاء في الدُّجى..
(مزج رابع):

يا إخوتي الذينَ يعبُرون في المِيدان في انحِناءْ
منحدرين في نهايةِ المساءْ
لا تحلموا بعالمٍ سَعيدْ..
فخلفَ كلِّ قيصرٍ يموتُ: قيصرٌ جديدْ.
وإن رأيتمْ في الطّريق "هانيبالْ"
فأخبروه أنني انتظرته مدى على أبواب "روما" المُجهدهْ
وانتظرتْ شيوخ روما - تحت قوسِ النَّصر - قاهرَ الأبطال
ونسوةَ الرومان بين الزينةِ المُعربدهْ
ظللنَ ينتظِرْن مقدمَ الجنودْ..
ذوي الرؤوسِ الأطلسية المجعّده
لكن "هانيبال" ما جاءتْ جنودُه المجنّده
فأخبروه أنني انتظرتهُ.. انتظرتهُ..
لكنهُ لم يأتِ!
وأنني انتظرتُهُ.. حتى انتهيتُ في حبالِ الموت
وفي المدى: "قرطاجةٌ" بالنار تَحترقْ
"قرطاجةٌ" كانتْ ضميرَ الشمسِ: قد تعلَّمتْ معنى الرُّكوع
والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرجال
والكلماتُ تَختنق
يا إخوتي: قرطاجةُ العذراءُ تحترقْ
فقبِّلوا زوجاتِكم,
إني تركتُ زوجتي بلا وَداعْ
وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعها.. بلا ذِراع
فعلّموهُ الإنحناءْ
علّموهُ الإنحناءْ..
عَلّموهُ الإنحِناءْ..

Post: #400
Title: وجه
Author: osama elkhawad
Date: 11-25-2005, 08:27 AM
Parent: #399

وجه

كان يسكنُ قلْبي
وأسكنُ غرفتهُ
نتقاسمُ نصفَ السَّريرِ,
ونِصف الرغيفِ,
ونِصفَ اللَّفافةِ,
والكتبَ المُستعارةْ.
هَجَرتهُ حبيبتهُ في الصّباح فمزقَ شريانَه في المساء,
ولكنّه بعد يومينِ مزقَ صورَتها..
واندهشْ.
خاض حربين بينَ جُنودِ المظلاتِ..
لم يَنخدِشْ
واستراحَ من الحربِ..
عادَ ليسكنَ بيتاً جديداً
ويكسبَ قوتاً جديداً
يدخَّنُ علبةَ تبغٍ بكاملِها
ويجادلُ أصحابَه حولَ أبخرةِ الشاي..
لكنهُ لا يطيلُ الزياره.
عِندما احتقَنت لوزتاهُ, استشارَ الطَّبيبَ,
وفي غُرفة العَمليات..
لم يَصْطحِب أَحداً غيرَ خُفٍ..
وأنبوبةً لقياسِ الحرارهْ,
Quote: فَجأة مات!

لم يحتملْ قلبُه سَريانَ المُخدر,
وانسحبتْ من على وَجهِه سَنواتُ العَذابات,
عادَ كما كانَ طفلاً..
يُشاركُني في سريري
وفي كَسرةِ الخبزِ, والتبغ,
لكنهُ لا يشارِكني.. في المَراره!
وخيطَ الدِّماء.
وانحنيتُ عليهِ.. أجسُ يَدهْ
قالَ آخرُ: لا فائِده
صار نصفُ الصحيفةِ كلَّ الغطاءْ
وأنا.. في العراءْ
وجه

ليتَ "أسماءَ" تعرفُ أن أباها صَعَدْ
لمْ يمتْ
هل يموتُ الذي كانَ يحيا
كأنّ الحياة أَبد!
وكأنّ الشرابَ نفدْ!
وكأن البناتِ الجميلاتِ يمشينَ فوقَ الزَبدْ!
عاش مُنتصباً, بينما
ينحني القَلبُ يبحثُ عمَّا فَقَدْ.
ليتَ "أسماءَ" تعرفُ أن أباها الذي..
حفِظَ الحبُّ والأصدقاءُ تصاويرَهُ..
وهو يَضحكُ,
وهو يُفكِرُ,
وهو يفتّشُ عمّا يُقيمُ الأودْ.
ليت "أسماءَ" تعرفُ أن البناتِ الجميلاتِ..
خَبأنه بين أوراقِهن,
وعلّمنَهُ أن يسيرَ..
ولا يلتقي بأحد!
مرآة

- هل تريدُ قليلاً من البحر?
- إن الجَنوبي لا يطمئنُ الى اثنينِ يا سيّدي:
البحرُ - والمرأة الكاذِبه.
- سوفَ آتيكَ بالرملِ منه
.. وتلاشى بهِ الظلُّ شيئاً فشيئاً,
فلم أستبنهْ
- هل تريدُ قليلاً من الخمر?
- إن الجَنوبي يا سيدي يتهيبُ شيئين:
قنينةَ الخمرِ - والآلةَ الحاسبه.
- سوف آتيكَ بالثَّلجِ منْه.
وتلاشى به الظلُ شيئاً فشيئاً..
فلم أستبْنه.
بعدها لم أجدْ صاحبِيَّ
لم يعدْ واحدٌ منهما لي بشي
- هل تريدُ قليلاً من الصَّبر?
- لا..
فالجَنوبي يا سيّدي يَشتهي أن يكونَ الذي لم ْيكُنْه
يشتهي أن يلاقي اثنتين:
الحقيقةَ - والأوجهَ الغائبه.


Post: #401
Title: زهور
Author: osama elkhawad
Date: 11-25-2005, 08:57 AM
Parent: #400

نص أمل دنقل الشعري "زهور" يكشف عن حساسية شعرية عالية في موقفه من عداء الموت,
فالمسالة هنالا تتعلق بانسان كما في حالة الجنوبي ,بل بموت الزهور
ونجد توافقا في حالة الذات الكاتبة التي تواجه الموت,ومواجهة الزهور لموتها,من خلال قطف الانسان لها
يقول:
Quote: تَتَحدثُ لي الزَهراتُ الجميلهْ
أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -
َلحظةَ القَطْف,
َلحظةَ القَصْف,
لحظة إعدامها في الخميلهْ

ثم يتحدث عن التناقض الحاد الحاصل بين تقديم الزهور كرمز انساني بطول العمر,وبين أن ذلك يتم من خلال اغتيال الزهور
يقول:

Quote: تَتَحدثُ لي..
كيف جاءتْ إليّ..
(وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ)
كي تَتَمني ليَ العُمرَ!
وهي تجودُ بأنفاسِها الآخرهْ!!

فالى النص:
زهور

وسلالٌ منَ الورِد,
ألمحُها بينَ إغفاءةٍ وإفاقه
وعلى كلِّ باقةٍ
اسمُ حامِلِها في بِطاقه
***

تَتَحدثُ لي الزَهراتُ الجميلهْ
أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -
َلحظةَ القَطْف,
َلحظةَ القَصْف,
لحظة إعدامها في الخميلهْ!
تَتَحدثُ لي..
أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها في البسَاتين
ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها في زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ أيدي المُنادين,
حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرهْ
تَتَحدثُ لي..
كيف جاءتْ إليّ..
(وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ)
كي تَتَمني ليَ العُمرَ!
وهي تجودُ بأنفاسِها الآخرهْ!!
***

كلُّ باقهْ..
بينَ إغماءة وإفاقهْ
تتنفسُ مِثلِىَ - بالكادِ - ثانيةً.. ثانيهْ
وعلى صدرِها حمَلتْ - راضيهْ...
اسمَ قاتِلها في بطاقهْ!

Post: #402
Title: ضِدُّ منْ..?
Author: osama elkhawad
Date: 11-25-2005, 09:43 AM
Parent: #401

النص الاخير لأمل دنقل هو:
Quote: ضدّ من

وهو من النصوص التي تحكي عن صراعه مع الموت,ومواجهته له
وقد اانتبه الناقد والاكاديمي الاردني خليل الشيخ في دراسة له عن الجداريةالى ورود البياض في نص درويش و "ضد من" لأمل دنقل
وسنعود لذلك في حينه عندما نتحدث عن البياض في "الجدارية"
فالى النص:

في غُرَفِ العمليات,
كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ,
لونُ المعاطفِ أبيض,
تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات,
الملاءاتُ,
لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن,
قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ,
كوبُ اللَّبن,
كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ.
كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!
فلماذا إذا متُّ..
يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ..
بشاراتِ لونِ الحِدادْ?
هل لأنَّ السوادْ..
هو لونُ النجاة من الموتِ,
لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْْ
***

ضِدُّ منْ..?
ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ?!
***

بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء..
الذينَ يرون سريريَ قبرا
وحياتيَ.. دهرا
وأرى في العيونِ العَميقةِ
لونَ الحقيقةِ
لونَ تُرابِ الوطنْ!


Post: #403
Title: تحية لمبدعنا الكبير :محمد محيي الدين
Author: osama elkhawad
Date: 11-27-2005, 07:43 AM
Parent: #1

لصديقنا الشاعر الكبير محمد محيي الدين نص شعري في رثاء الشهيد طه يوسف عبيد,الذي استشهد في مظاهرات يناير 1982-ارجو ان يكون التاريخ صحيحا
والنص يحتوي على تجريب شعري عال التكنيك والابداع
عنوان النص هو:
Quote: عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر

اتمنى ان تقوم احدى الزميلات او الزملاء-لو كان ذلك متاحا- بنشر مقاطع من هذا النص واخرى من "التجول بين المزامير واللون في حديقة الذهول" في رثاء الشاعر ادريس جماع,
وذلك بمثابة تحية لمبدعنا الكبير
محبتي
المشاء

Post: #404
Title: الرحيل على صوت: تحية لمبدعنا الكبير :محمد محيي الدين
Author: osama elkhawad
Date: 11-28-2005, 06:45 PM
Parent: #403

يبدو أنه قد تعذر الحصول على اية مقاطع من التجول بين المزامير واللون في حديقة الذهول و عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر
وتحية لشاعرنا الكبير سنورد نصه الشعري المتميز:
الرحيل على صوت فاطمة
والذي قامت ببسطه في المنبر الفنانة الكبيرة:
تماضر شيخ الدين
فالى النص الشعري:

وقفي

يا جميلة واستوقفي الرائحين

إلى البلد النيل نام – ونامت مراكب أهلي

فمن يبلغ الشوق - فاطمة القروية

إن الهوادج عطّلها نغمٌ ضاع في الرمل

من غفلات الحداة

فمن يحمل النبأ الهامشي لفاطمة الوثنية

هذا أوان التمزق

والخوف والسأم المعدني الذي

فجّر القلب والصوت والذاكرة

يا طقوس الغناء المبارك

فلنرقص الآن مرتحلين على نبض

إيقاع لحن المغنية الساحرة

والمغنية الساحرة

نام في صفو أوتارها المتعبون

السكارى – المغنون – نامت مع الحلم

فاطمة القروية

تحلم بالفارس المتسربل

بالبرق والرعد والمطر الروحي

والمغنية الساحرة

قذفت صوتها في الصحارى

وفي الصمت في الشارع المتقنّع

بالسكتة المطمئنة والخطوة

الحائرة

فقفي يا جميلة واستوقفي الرائحين

إلى دار فاطمة البدوية

حفل الزفاف تأخر

نام الحداة على الرمل – نامت

خطى الراحلين

الهوادج عطّلها الرعب

وانفرط العقد

وانكسرت صهوات الخيول

ارجعي بالزغاريد

فاطمة الاستوائية الآن عارية

رقصت للوحوش

وغنت مصفدة

فلفاطمة القروية أن ترقص

الآن

فالساحة إنفتحت لجميع النساء

ولأني عشقت الغناء

عشقتك يا فاطمة

تتبدل أنغام صوتك أو يتغير

لون إندهاشك – أو تخنق

العبرة الحزن

دندنة العشق

أو يتخاذل إيقاعك المتفجر

ينساب صوت المغنية الفاجرة

والمغنية الفاجرة

راودتني على صوتها

واشتهتني – وقالت

لك الآن

أغلقت الأسطوانة

لكن ذاكرتي

من جميع المسافات

والإتجاهات تثقب –

يا أيها الرائحون

الى البلد النيل نام

ونامت مراكب أهلي

قفوا وانشروا

على الرمل طرحة فاطمة البدوية

أو علقوا

على الشمس طالعةً: ثوب فاطمة

الإستوائية

الشمس مقبلةٌ

فقفوا

أيها المتعبون قفوا

أيها الرائحون قفوا

واحملوني على صوتها.


*المرجع: الرحيل على صوت فاطمة - محمد محي الدين - جامعة الخرطوم – 1985 – ص 29 - 31

Post: #405
Title: اخي راني واخي بكري أبوبكر :ارجو مساعدتنا في العثور على التسجيل الصوتي لمحمد محيي الدين
Author: osama elkhawad
Date: 11-29-2005, 04:36 PM
Parent: #404

سبق لي ان قرأت بوستا كتبه الاخ الكريم":
rani
وهو عبارة عن تسجيل صوتي للشاعر محمد محيي الدين وهو يلقي نصه الشعري:
عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر
وقد حاولت البحث في المنبر ,
لكنني لم اجد البوست
وهو بتاريخ 26\7\2004
ارجو من الصديق بكري ان يساعدنا في العثور على ذلك البوست الضائع

سنعود بمقتطفات من نص محمود درويش في رثاء:
أمل دنقل
لاحظوا هذا التشابك والتعالق الذي حاولنا الاشارة اليه في علاقة درويش و امل دنقل بالموت,
وبعلاقة درويش بأمل دنقل بعد موته
محبتي
المشاء

Post: #406
Title: Re: اخي راني واخي بكري أبوبكر :ارجو مساعدتنا في العثور على التسجيل الصوتي لمحمد محيي الدين
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 11-29-2005, 04:43 PM
Parent: #405

ياهو ده يامشــاء فيللي
عشرة لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر
مودتي

Post: #407
Title: احتفاء رمزي بمبدعنا الكبير :محمد محيي الدين
Author: osama elkhawad
Date: 11-29-2005, 06:03 PM
Parent: #406

شكرا صديقنا الدامري عبد الماجد
فمحمد محيي الدين يستحق اكثر من ذلك
وهذا احتفاء رمزي به
وساعود للاحتفاء بكم ,انتم الذين تصنعون هذا البوست,
من خلال ردي على الاستاذة نجاة محمد علي في سودان للجميع
محبتي
المشاء

Post: #408
Title: في غاية الامتنان لكم:الى البرنس وعبد الماجد ومازن واخريات واخرين
Author: osama elkhawad
Date: 11-29-2005, 06:39 PM
Parent: #407

الاعزاء في سقف الوردة,
وفي كل البوستات من الذين يساهمون في صنع هذا الحوار:
وعدت بأن اورد ما قلته في حقكم في حواري مع الاستاذة :
نجاة محمدعلي
المشرفة على منبر الحوار الديمقراطي في منبر "سودان للجميع"
وهذا ما قلته
Quote: نتعلم من اخطائنا
والدليل ما قلته عن كثيرين يشاركون في النقاش في بوستات العبد الفقير الى الله
وانا ممتنٌ لهم
,
هذا النوع من الحوارات صنعه مشاركون اذكياء مثل عبد الماجد و حاتم الياس وزوربا و منصور علي و أولهم بالتاكيد البرنس ,
ومن اطلق على هذا البوست :
سقف الوردة
هو :
مازن مصطفى
واخرون و اخريات

كل هؤلاء لا اعرفهم ولم التق بهم,
لكنهم صنعوا هذا الحوار ببساطة,
لان القلوب شواهد
وهذا هو لنك كلامي:
http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=497&v...e7754524fb12d9aebb99
انا في غاية الامتنان لكم,
و معا نحو بوستات حوارية راقية
شكري لكم بلا حدود
المشاء

Post: #409
Title: Re: في غاية الامتنان لكم:الى البرنس وعبد الماجد ومازن واخريات واخرين
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 11-29-2005, 09:24 PM
Parent: #408

سلام على (((المشاء العظيم))) في العالمين!.

Post: #410
Title: هذا واجبي يا برنس
Author: osama elkhawad
Date: 11-30-2005, 05:57 PM
Parent: #1

هذا واجبي يا برنس,
فانتم من تصنعون الحوار معي ,
ومع القراء الاخرين

كنت انوي نشر مقاطع من نص درويش الشعري عن امل دنقل,
لكنني اثرت ان انشره كاملا,
فامهلوني حتى اكمل الطباعة,
وبعد نشره ننتقل الى دلالة "الاسم" في :
الجدارية
محبتي

Post: #411
Title: Re: هذا واجبي يا برنس
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 11-30-2005, 09:25 PM
Parent: #410

عزيزي المشاء:

كان ذلك ذات مساء قاهري بعيد في مبنى "الأوبرا", والمناسبة إحتفالية المجلس الأعلى للثقافة في مصر بمرور عشرين سنة على رحيل أمل دنقل, عندما قدم لنا الصديق الشاعر الجميل حلمي سالم محمود درويش وألقى نصه الشعري الذي أشرت إليه أنت في سياق مداخلتك الأخيرة, بعدها تملكني شعوران أن أتحدث مع أصدقائى وصديقاتي في مقهى إلى طلوع الفجر أوأذهب إلى شقتي في مدينة نصر من غير أن أتفوه بكلمة واحدة. صديقتي الفلسطينية, التي تكافح لأكل عيشها في القاهرة كمثقفة, والتي تحضنني كلما قابلتها في محفل عام كما تحضن غريبة غريبا, قالت لي إنها حين استمعت للنص نفسه في مكتبة الإسكندرية, ذهبت بعد منتصف الليل إلى شاطيء المتوسط من دون أن تكلم أحدا, وهناك عند (سيدي جابر) خلعت ملابسها, وأخذت تسبح في وحدتها, يا للكلمات!!!.

Post: #412
Title: حانمشي لي قدام
Author: osama elkhawad
Date: 12-01-2005, 09:42 PM
Parent: #411

شكرا برنس على هذه الاضافة ,
وحانمشي لي قدام
المشاء

Post: #413
Title: نص درويش الشعري في رثاء أمل دنقل
Author: osama elkhawad
Date: 12-03-2005, 01:34 PM
Parent: #412


"بيت من الشعر\بيت الجنوبي

"في ذكرى أمل دنقل"
**
واقفا معه تحت نافذةٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ ,أتأمّل وشم الظلال على
ضفة الأبديةِ,قلت له:
قد تغيرت يا صاحبي,وانفطرت
فها هي دراجة الموت تدنو
ولكنها لا تحرك صرختك الخاطفةْ
**
قال لي عشت قرب حياتي
كما هي,
لا شيئ يثبت اني حيٌ
ولا شيئ يثبت اني ميتٌُ
ولم أتدخل بما تفعل الطير بي
وبما يحمل الليل من مرض العاطفةْ
**
ألغياب يرف كزوجي حمامٍ على النيل...
ينبئنا باختلاف الخطى حول فعل المضارع...
كنا معا,وعلى حدةٍ,نستحثُّ غدا غامضا,لا نريد من الشيئ الا
شفافية الشيئ:حدقْ ترَ الورد
أسود في الضوء ,واحلمْ ترَ الضوء
في العتمة الوارفةْ
**
ألجنوبي يحفظ درب الصعاليك عن ظهر قلبٍ,ويشبههم في سليقتهم
وارتجال المدى ,لا "هناك" له,
لا "هنا", لا عناوين للفوضوي
ولا مشجبٌ للكلام ,يقول :النظام
احتكام الصدى للصدى,وأنا صوت
نفسي المشاع:أنا هو أنت ونحن أنا,
وينام على درج الفجر:هذا هو البيت,
بيتٌ من الشعر ,بيت الجنوبي,
لكنه صارمٌ في نظام قصيدته,صانعٌ بارعٌ
ينقذ الوزن من صخب العاصفةْ
**
الغياب على حاله,
قمرٌٌٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍِِِِِِِِِِِ عابرٌ فوق خوفو يذهِّب سقف النخيل,
وسائحةٌ تملأ الكاميرا بالغياب,وتسأل:ما الساعة الان؟قال لها:
الساعة الان عشر دقئاق ما بعد سبعة الاف عامٍ من الأبجدية,ثم تنهّد:
مصر الشهيّة , مصر البهيّة مشغولةٌ بالخلود,وأما أنا ..فمريضٌ بها,لا
أفكِّر الا بصحبتها,وبكسرة خبز غدي الناشفةْ
شاعرٌ,شاعرٌ من سلالة أهل
الخسارة,وابنٌ وفيٌ لريف المساكين,
قرانه عربيٌ,ومزموره عربيٌ,وقربانه
عربيٌ,وفي قلبه زمنان غريبان,
يبتعدان ويقتربان:غدٌ لا يكفّ
عن الاعتذار:"نسيتك,لا تنتظرني",
وأمس يجرّ مراكب فرعون نحو الشمال:
"انتظرتك,لكن تأخرت",قلت له:
أين كنت اذا؟قال لي :كنت
أبحث عن حاضري في جناحي سنونوةٍ
خائفةْ
الجنوبي يحمل تاريخه بيديه,كحفنة قمحٍ,
ويمشي على نفسه واثقاً من يسوع
السنابل,ان الحياة بديهيةٌ ..فلماذا
نفسّرها بالأساطير؟ان الحياة حقيقيةٌ
والصفات هي الزائفةْ
**
قال لي في الطريق الى ليله:
كلما قلت:كلا,تجلّى لي الله
حريةٌ..وبلغت الرضا الباطني عن النفسِ,
قلت:وهل يصلح الشِعْر ما أفسد الدهر فينا وجنكيز خان,
وأحفاده العائدون الى النهر؟
قال:على قدْر حلمك تتسع الأرض,
والأرض أمُّ المخيلة النازفةْ
**
قال في آخر الليل:خذني الى البيت,
بيت المجاز الأخير.....
فاني غريبٌ هنا يا غريبُ,
ولا شيئ يفرحني قرب بيت الحبيب,
ولا شيئ يجرحني في "طريق الحبيب" البعيدة,
قلت: وما ذا عن الروح؟
قال ستجلس قرب حياتي
فلا شيئ يثبت اني ميتٌ
ولا شيئ يثبت اني حيٌ
ستحيا كما هي حائرةً آسفةْ

**

محمود درويش,الاعمال الجديدة-رياض الريس للكتب والنشر,بيروت –لبنان,الطبعة الاولى,يناير 2004,ص ص 143-151

Post: #414
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Abuobaida Elmahi
Date: 12-03-2005, 02:46 PM
Parent: #1

يا مشاء

هذه هي المرة الأولي التي أستظل فيها تحت ظلال سقف لاهوت وردتك الباردة

برودة شجرة ليموننا في حوشنا هناك وهي شجرة ظللت لا التراب تحتها فحسب

بل حتي حمامنا ,

أزيار الموية ,

الطير ,

والدي وعنقريبه الهبابي أوقات القيلولة .

وأنت تعرف أن الإقامة ها هنا قيلولة دائمة .

الجزء الأخير من نصك أعطي عنوانك وجوبا واجبا

لدرجة أصبح معها أي عنوان آخر إخفاقا

شئ مفارق , سيف لقطع رقبة النص لا تاج مفردي

للدلالة عليه ومن ثم تزيينه !

سأدلي بدلوي خلال الأيام القادمة في ما يخص جدارية درويش

أيرادك لنص درويش بخصوص الجنوبي خصم مني زهاء ساعتين

لم أترك زواية في شقتي إلا قلبتها بقلب واجف مخافة أن أكون

قد فقدت شريط ليلة درويش التي أشار لها البرنس .

أستمعت لنصه بمزاج لم يفسده تعب وردية الليل السابق

فرأيي أن هذا ( الغريب ) يسمع ولا يقرأ

فمفردته ناقصة بدون صوته الذي يمنحها

دلالتها كاملة .

لك مودتي

أبوعبيدة

Post: #415
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 12-04-2005, 12:17 PM
Parent: #414

الاصدقاء تحت السقف..

عزيزي المايسترو..

الغيبة طولت..

وانا هنا للاعتذار..

اكل العيش قاسي جدا..

وانا اعمل لساعات طويلة..في مجلة صباح للاطفال..

ولانو المجلة لسة ما بدات بالصدور,فمنذ العيد(بداية الشغل)وانا بنوم بالتلتلة..
دة غير انو الحبيبة مابتفهم ليك شغل ولا يحزنون..

المهم المجلة جميييييييييييييييييييلة..شخصيات جديدة..وتقنيات ما عرفتها صحافة الطفل في السودان..زي تكنيك القصتين داخل القصة و تحريك كل الشخصيات في بيئات متداخلة..
الشخصيات وصلت قريب المية شخصية..ومعانا رسامين متميزين..
كما قمنا باشتخدام تقنيات حديثة:مجسمات ببرامج ال d max
والفوتوشوب والان ديزاين..

المهم..
زي ما ملاحظين بقيت ما بعرف اتكلم الا في الشغل..

بقية كتابة بورديو جاهزة..
لكن..احسن الواحد ما يوعد ساكت..


متابع جدا لكن بطريقة عشوائية..
الحوار بين الخواض ونجاة جميل..(ولا اعتقد ان الحدة تعيب حوارا)..
انا مع راي نجاة في انو بشري الفاضل كفاهو..
قرائته للمناهج النقدية الحديثة خااااااااااااطئة..وربما(لو ما كضبنا الشينة)تكون "عدم قرائته" هي الخلل..
ولكنه اخذ نصيبه كاملا ..
بل وتكرر الامر بدرجة اكثر مما يحتاج..
عزيزي الخواض..
لا اعتقد ان هناك من يخالفك الراي في النقطة السابقة..
فقط..
اعتقد ان وقت قلب الصفحة جا...










ما علينا...
في موضوع حاراسلك في الايمايل بخصوصه..


البرنس:
اندهشت لرايك في سجيمان..
حقيقة للرجل من الاراء ما لا يمكن التهاون معه..
واعتقد انه يعمل وباصرار ضد كل منجزات المعرفة..بلا سبب سوي الاختلاف الفقير..
لا يهمني الجدل الدائر كثيرا..
فقط..ارجو ان تعيد قرائة سجيمان...










شكرا لنمو هذا السقف..
لكل الاحبة الهنا..
لامل دنقل و
لاشجار الزونيا وود مدني السني والاسماك الذهبية التي تخرج من النهر ..










احبكم كثيرا.................................

Post: #416
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 12-05-2005, 11:11 AM
Parent: #415

up

Post: #417
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 12-05-2005, 05:54 PM
Parent: #416

عزيزي مأزن:

لا تقلق سيفصح الحوار الدائر الآن مع الأستاذة نجاة وأطراف أخرى عن وجهة نظري المتكاملة ب(((جلاء شديد))), وسأضع (((كل كلمة))) قيلت في هذا السياق في محل تدقيق وتقدير, محبتي.

تخريمة:
كنت أتمنى أن يدلي بعض المبدعين بدلوهم في هذا السياق مثل أستاذنا فضيلي جماع الذي شاركني الإشادة ب(((سجيمان)))!.

Post: #418
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-05-2005, 06:52 PM
Parent: #417

الاعزاء مازن و ابوعبيدة وبرنس
معليش ,
وحأكرر نفس كلامي في :
عفوا عزيزي الخواض
لست في وضع يجعلني اعلق على ما كتب هنا
كما انني انقطعت عن النت لايام
وسأعود كان الله هون
وساحاول ان اواصل ملاحظاتي النقدية حول:
الجدارية
و مواصلة بقية المحاور
محبتي
المشاء

Post: #419
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-05-2005, 10:56 PM
Parent: #418

يا شباب انا عندي نقاش في بوست اخر وفم منتدى اخر
المهم خلو البوست عال
المشاء

Post: #420
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-06-2005, 10:37 PM
Parent: #1

عزيزي مازن
والمتابعات
مايسترو البوست ما يزال مشغولا بحوار في سودان للجميع
فارجو ان نجعل هذا البوست عاليا

نظريا ممكن يكون كلامي هنا مقدم على حواري هنالك,
لكنني لا اتجزأ,
فعلينا ان نساهم في الحوارات ,
وخاصة الاسفيرية,
لاننا لم نعرف الاسفير بعد

وانا احب الحوارات وخاصة الحوارات المعقدة كما هو في سودان للجميع
محبتي للجميع
وحاجي متين ما معروف ,
فهذا يعتمد على شكل الحوار هنالك
وساحاول ان اعود ولو بشكل جزئي
فهنالك مادة جاهزة للنشر,
لكنني احاول بقدر الامكان ان تكون مساهمتي بشكل معقول
محبتي مرة اخرى
المشاء

Post: #421
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Hussein Mallasi
Date: 12-08-2005, 03:24 AM
Parent: #420

Quote: المهم خلو البوست عال

فليكن هذا البوست عالياً؛
تقديراً للخواض و حواراته هنا .. و هناك.

Post: #422
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 12-08-2005, 05:20 PM
Parent: #421

عزيزي المشاء:

أتابع ما يدور في بوست http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=497&s...282652f40366a1904622, ويبدو لي ككاتب نشأ جوهريا في سياق ثقافي مختلف أن أمامي وقت آخر لإدراك كيف تتم الحوارات في بيئتي الأم. أشعر بحزن حين أرى لغة سائدة يحكمها الانفعال وأحكام القيمة المجانية. لقد وصفك بشرى بمثل هذه اللغة بانفعال لا يليق بكاتب كبير مثله عن حق. وفي المقابل ظللت أنت للأسف أسير انفعاله لحظة غضب وأحكامه الجائرة في شأنك ولم تستطع أن تتجاوزها حتى الآن برغم الإشارات والتوضيحات التي كانت (لا تزال) تصلك من هنا وهناك, بل والحق أقول (يا شقيقي) إنك ظللت تستثمر كل نجاحاتك التالية كمبدع متميز في نسج قضبان أخرى حول ذاتك كأسير لكلمات قالها بشرى, وهي أحكام قمت أنا شخصيا بنقدها أكثر من مرة وفق ما يلزم بوصفها وفق نظرتي مجرد أحكام بائسة, وكان كلما تم تغيير المسار تعيدنا مرة أخرى لمقولات بشرى تلك, وبشرى أول عهدي به في نقاش تذكره رمي علي أحكاما كتلك لمجرد أن الذاكرة خذلتني وخلطت بين أسماء كتاب روس, لم أتوقف طويلا, أغضبني قوله ففلتت مني كلمة مفادها أني لا أحتاج لرأي منه لأن صحفا في مقدمة الصحف العربية سبق لها وأن كتبت عني, ثم ما لبثت وأن عدت منتقدا ذاتي في استنادي على تلك الصحف ك(سلطة) في إثبات وجودي, وهذا كل ما في الأمر. كما أني فطنت أكثر من مرة إلى أن سير نقاشكما على ذلك النحو سيفضي إلى كارثة ولابد, وقد كان. أعلم أن مثل هذا الحديث في مثل هذه اللحظة سيحزنك مثلما تصيب طعنة من صديق صديقا, ومع ذلك كان لابد لي من قوله هكذا سعيا لحفظ انفعالاتك كشاعر كبير عن حق له بصمته الخاصة الدالة عليه. وستكون كارثة لا يعلم بها سوى الله لو تركنا وجودنا عرضة لأحكام الآخرين. فقط اعمل كأبي الطيب ونم ملء جفونك عن شواردها أوكما قال مصطفى أمين باللهجة المصرية "الطوب اللي يحدفوك بيه اطلع عليه", وهذا لا يعني تسفيها للنقد بقدر ما يعني تمجيدا للنقد في صورته البناءة, وأقولها مرة أخرى بصدق وثقة ومحبة: (((سلام على المشاء العظيم في العالمين))).

Post: #423
Title: مساهمة جماعية في قراءة ما
Author: osama elkhawad
Date: 12-08-2005, 06:52 PM
Parent: #422

شكرا صديقنا ملاسي على رفعك للبوست
نقاشاتي في بوست سودان للجميع حرمتنى من مواصلة مساهمتي المطولة بخصوص جدارية درويش,
ويرجع الفضل في ذلك-اي ما اكتبه الان عن درويش - الى مساهمة صديق عمري الاستاذ الشاعر والناقد :
عبد اللطيف على الفكي
حول علامية العنوان في "جدارية"
وكما قالت الاستاذة نجاة محمد علي فان اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية
مستمتعٌ بشكل النقاش في ذلك البوست ,
ولذلك فنحن كل يوم نكسب جديدا من خلال اقامتنا وعملنا في الاسافير

اشيد بما قاله البرنس فهو يندرج في اطار علاقتنا الثقافية الحميمة وهي علاقة يحكمها النقد والنقد الذاتي
فقد ابديت له اعتراضي على اختيار نص لسجيمان واخر لصديقنا منصور المفتاح ضمن نصوص عميقة ومبدعة
وكان ذلك في بوسته الثري والذي ابتدا بنص للطيب صالح من "منسي"
وتقبل ذلك بروح طيبة

كما رجوته ان "يفرز عيشته" وينشر رده على الاستاذة نجاة محمد علي في بوست منفصل حتى لا تختلط الكيمان
وتقبل ذلك بروح طيبة وقام بحذف مساهمته في الرد على الاستاذة نجاة محمد علي في بوست "انقلابات"
***
وجدت "فرقة" وساعود للتعقيب على مداخلات ابوعبيدة و مازن مصطفى

قال "صديقنا ابو عبيدة:
Quote: الجزء الأخير من نصك أعطي عنوانك وجوبا واجبا

لدرجة أصبح معها أي عنوان آخر إخفاقا


شئ مفارق , سيف لقطع رقبة النص لا تاج مفردي

للدلالة عليه ومن ثم تزيينه !

سأدلي بدلوي خلال الأيام القادمة في ما يخص جدارية درويش

أيرادك لنص درويش بخصوص الجنوبي خصم مني زهاء ساعتين

لم أترك زواية في شقتي إلا قلبتها بقلب واجف مخافة أن أكون

قد فقدت شريط ليلة درويش التي أشار لها البرنس .

أستمعت لنصه بمزاج لم يفسده تعب وردية الليل السابق

فرأيي أن هذا ( الغريب ) يسمع ولا يقرأ

فمفردته ناقصة بدون صوته الذي يمنحها

دلالتها كاملة .

لك مودتي

أبوعبيدة

عزيزنا ابوعبيدة
اعتقد اننا في هذا البوست وفي "انقلابات" و"القراءة الخاطئة"و "الكاتب الاسفيري " لصديقنا في عاصمة الامبراطورية التي كانت لا تغيب الشمس عنها :
حافظ خير
أعتقد اننا قد وصلنا الى نوع من البوستات تحاول ان تثرى الساحة الثقافية بقدر قدرتنا جميعا,
عبر مساهمة جماعية في قراءة ما كل من وجهة نظره
وهي افضل في رايي من النقاشات او قل الصراعات الاسفيرية,
رغم انه لا مفر من خوضها,
على الأقل من وجهة نظري

ارجو ان تعود الينا بمساهمتك حول جدارية وبما قلته عن عنوان النص الشعري:
لاهوت الوردة
طبعا دوريش له طريقة في الالقاء متميزة رغم انه لا يحفظ نصوصه مما لا يعطيه فرقة كافية للتعبير بالجسد
وهذا ميزة حميد و القدال والابنودي وغيرهم ممن يحفظون نصوصهم الشعرية
****
نعود لكلام الفنان مازن مصطفى,
ناحت "سقف الوردة"
وصديقنا في "الداخل",
على وزن فلسطيني الداخل وفلطسيني الشتات
ونحن اصبحنا سودانيي الشتات
مبروك المجلة
وما عارف هل هي نفس المجلة التي صدرت في الثمانينيات؟
وقد كنت من الذين ساعدوا في اصدارها بحسب قدرتي في ذلك الوقت
ونرجو ان ترسل لنا على الاقل نسخة واحدة
ولو في طريقة ممكن نتفق على حاجات تانية بخصوص دعم المجلة
عشان كدا النسخ مهمة حتى يتجاوب القراء مع اي مبادرة لدعم المجلة
وبالايميل ممكن نتكلم في الموضوع دا
و نفس المسالة ستنطبق على مجلة الملتقي لصديقنا في بلاد الكنجرو:
امين زوربا
وهذه مبادرة مهمة ,
و اعتقد انها تنطبق على سودان للجميع وضرورة دعم جهدهم ماليا
وساطرح ذلك في مكانه
وارجو ان تعود الينا بمساهمتك التى وعدت بها ويبدو انها في طور الاكتمال
أما كلامك الاخير:
عزيزي الخواض..
لا اعتقد ان هناك من يخالفك الراي في النقطة السابقة..
فقط..
اعتقد ان وقت قلب الصفحة جا...
انا فعلا قلبت الصفحة وقلت ان الحوار قد انتهى واصبح في ذمة التاريخ
ومن اراد ان يتحدث حوله عليه ان يعود اليه كاملا
فهو مبثوث في بوستات كثيرة
كما ان له خلفية سابقة مهمة اشارت اليها الاستاذة نجاة وهو بوست البنيوية
واعتقد اننا وصلنا-على الاقل مع الاستاذة نجاة- الى خطوط اتفاق اساسية حول مركزية الحداثة وانها لا تتجزأ
وساعود الى ذلك في مكانه
وفي انتظارك كي تمايلني-وهذه من اشتقاقات بشرى المبدعة-بخصوص الموضوع اياه
محبتي للجميع

وارجو ان اعود لاكمال مساهمتي حول جدارية وحول ما قال به صديقنا في بلد النبيذ الكاليفورني
المشاء

Post: #424
Title: هجرة لاهوت الوردة الى منبر الحوار الديمقراطي في سودان للجميع
Author: osama elkhawad
Date: 12-08-2005, 09:59 PM
Parent: #423

هاجر بوست لاهوت الوردة,
و للدقة نقول مساهمة لطيف حول الحداثة الى منبر الحوار الديمقراطي,
ولمزيد من التوثيق نورد ما قلناه في نقاشاتنا الاخرى
أورد أدناه مساهمة لطيف في لا هوت الوردة
وهي جاءت بناء على انتقادي لموقف لطيف مما يدور في البورد من اتهامات قال بها الفيا والدكتور بشرى الفاضل
وقلت الدكتور بشرى ,
كي اشير الى تناقض موقفه الاكاديمي مع موقفه تجاه كل تيارات النقد الحديثة
وهذا رد مبطن على اتهامات بشرى لنا باالغموض
وعلى ما يقوم به الفيا ,
وقد دعمه بشرى في ذلك,
وهذا ما يدل على ان توصيفنا له بالمتأكدم اقل مما ينبغي أن يوصف به
و الوحيد القادر على نحت وصف يشابه موقفه الذي لا يتناسب مع مساهته في الخطاب القصصي السوداني المعاصر
الوحيد الذي يمكن له ان ينحت ذلك هو حسن موسى
احب ان اقول ان ما قالا به او قالت به نجاة وبولا حول المتاكدم,
وانه اشتقاق وليس نحتا لغويا
انه صحيح واعتذر عن ذلك

وهذا ما قال به لطيف في رده المبطن على كلام الفيا وبشرى الفاضل:

الحداثة ، عزيزي أسامة ، ليست بـ(فتنـة) . و إن كان الذين لا يشتغلون عليها يرونهاعند الذين يشتغلون بها سواء هنا أو في الثقافة الأطلسية نوعاً من ( الفتون )/ الكلمة التي رسيلتها من الشارع ( نوعاً من الشلاقة ) / . الحداثة في التفكير ، و التفكير ليس شيئاً سوى تفسير ، تتطلب التراكم لا الانقسام في إما / أو .

عزيزي أسامة ، نشهد الآن هذه الانكفاءة في انعزال الثقافة العربية من بقية جميع ثقافات العالم لانعدام الديمقراطية و تزايد الهوس . أول علامات تزايد الهوس هو تزايد هوس الخوف . الخوف من التراث ، الخوف من الدين نفسه ، الخوف من الغرب ، الخوف من مواجهة هذا الانقطاع الذي تم منذ حريق مكتبة الاسكندرية . يحيط بنا الخوف ، عزيزي أسامة . و أول صديق للحداثة هو انعدام الخوف . الحداثة ليست شيئاً يمكن أن تمسكه من الوسط . لأن الذين لا يشتغلون بالحداثة شغل تراكم و تطبيق ما إن أمسكوها من الوسط حتى تبدت لهم نوعاً من هراء أو لغط قول . في القريب الأدنى كان السرد أدباً من الدرجة الثانية في الثقافة العربية . و في العشرينات كانت الصحافة السودانية الأدبية تكافيء من يكتب على نمط الشعر الجاهلي في عناصر القصيدة من ناقة و صحراء و أطلال . و ما خالف ذلك فهو جديد لا أصل له . فجاء الشاعر حمزة الملك طمبل ينشر قصائد أسماها قصائد سودانية في الروح و الطبيعة و العناصر فهوجم هجوماً شرساً في كونه شاعراً لا تراث له ، فرد عليهم بالسؤال الحاسم : على أية أنقاض تراث قام بناء خزان سنار ؟ .

منذ أن انقطعت الثيولوجيا الإسلامية التي كانت تُسمى في عصرها بـ(علم الكلام) انقطع حال ترتيبنا بالآخر . كان الآخر في نصوصه الاغريقية الآتية عبر السريانية نسميه (النص الدستور) . الآخر أصبح غريباً اليوم ، و نضحك على أي نحت جديد في لغتنا . نحن لا شيء عزيزي أسامة اليوم لأننا لا نعرف تراثنا لأننا نجتر أكثر عوائق التراث نفسه ، و لأننا لا نعرف الآخر الذي يعاصرنا .

فالحداثة هي الخروج من هذا ( اللاشيء ) الذي أصبح يتنفس و يأخذ ملامحه من ملامحنا . و حين ننقده يعتبر كثير منا إنما ننقد أنفسنا . فهو توأمنا في ملامحه و صوته . و الوحيدون الذين يفرقون بين التوأمين هم الذين يشتغلون بالحداثة .

عزيزي أسامة ، الحداثة لا ضـدَّ لها . و لا مكان لها . الذين لا يشتغلون عليها لا يقدمون شيئاً ذا ملامح منه يقولون هذا شغلنا . الذين لا يشتغلون عليها شغلهم هو مسخها أو اتهامها بالالتواء و الغموض .

رغم أن الغموض شيء ـ عزيزي أسامة ـ لا مكان له في معجم الثقافة ناهيك أن يكون في معجم الحداثة .

مردود مقولة (أبو تمام ) حين قيل له لماذا تقول ما لا يفهم ، فقال لماذا لا تفهم ما يقال ـ مردود لا ينفع هنا ، أو الحادثة الفعلية التي حدثت له حين قال في بيت له (لا تسقني ماء الملام فإنني صب قد استعذبت ماء بكائي ) فجاءه رجل ضد الحداثة يدق عليه الباب و حين فتح أبوتمام بابه بادره قائلا مادا له وعاءً : أريد قليلا من ماء الملام . فرد أبوتمام سآتيك به ولكن شرط أن تأتني بريشة من جناح الذل . ردا أبي تمام لا ينفعان هنا . لأن الحداثة الآن شبكة من الأفكار و تداخل العلوم بعضها ببعض و ليست وقفاً على مقارعة الحجة بالحجة . كما و أنها في تراكم متواصل سريع ينبني بعضه ببعض . ليست هي قطار تركبه من أي محطة . إنها لا تشبه فكرة القطار في محطاته ؛ إنها القطار منذ الصناعة الأولى حتى الآن .

فقراءة س في الحداثة تتطلب قراءة ص و ك و ب الخ الشبكة المتداخلة بعضها ببعض . الحداثة بناء متكامل و حب لذهنية لا تعرف التجزء إما/أو .


Post: #425
Title: Re: هجرة لاهوت الوردة الى منبر الحوار الديمقراطي في سودان للجميع
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 12-09-2005, 01:27 AM
Parent: #424

لي عودة إلى عبارة العزيز مازن
Quote: استاذة نجاة..
لا اري ان نفض اليد من النقاش منطقي!..
في بوست http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=497&s...99ceaef4286cc20bccd4

Post: #426
Title: Re: هجرة لاهوت الوردة الى منبر الحوار الديمقراطي في سودان للجميع
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 12-09-2005, 02:12 AM
Parent: #425

وكذلك لمقولة المشاء
Quote: سابدا بوستاتي الارتدادية بايراد موقف بشرى الفاضل من سودان للجميع
فقد قلت انني سانسحب من البورد في سودانيزاونلاين والتحق بسودان للجميع
ولم يحدث ذلك لظروف تعرفها جيد ا الاستاذة نجاة محمد علي
فقد قامت بحذف بوستين شعريين لي بناء على عقلية القبضة الحديدية التي تدير به بها منبر الحوار الديمقراطي,
وساعود الى ذلك في وقت لاحق

وهذا ما قاله بشرى الفاضل حينما قلت انني ساذهب نهائيا "خروج بدون عودة":

اقتباس:
انت ذكرت في غير هذا البوست انك من النخب وانك تستند إلى المجذوب في قوله ان المبدعين قبيلته
هذا لك يا ا بن الخواض
اما انا فساستند على قول آخر للمجذوب في التاسيس لبقائي بهذا البورد فالمجذوب ايضا قال
مع المساكين أبقى

Post: #427
Title: Re: هجرة لاهوت الوردة الى منبر الحوار الديمقراطي في سودان للجميع
Author: mazin mustafa
Date: 12-09-2005, 10:06 AM
Parent: #426

الاصدقاء تحت السقف
عزيزي الخواض

مجلة صباح صدرت لاول مرة سنة تسعة وتمنين..

يبدو انك تعرفها تماما..
المهم
حامدك بتفاصيل اوفي..
علي بوست خاص بالمجلة...

و شكلو حيكون علي سودان فور اول..
لانو اتراسلنا ان و تجاة محمد علي بخصوص نفس الموضوع..




وافتح الايمايل بتاعك في الياهو..
لاني رسلت ليك بخصوص موضوع تاني..




عبد الحميد:
انا بانتظارك....











مع محبتي...

Post: #428
Title: Re: هجرة لاهوت الوردة الى منبر الحوار الديمقراطي في سودان للجميع
Author: mazin mustafa
Date: 12-09-2005, 10:38 AM
Parent: #427

تصويب:
سنة ستة وتمانين...(سنة الصدور)

Post: #429
Title: Re: هجرة لاهوت الوردة الى منبر الحوار الديمقراطي في سودان للجميع
Author: osama elkhawad
Date: 12-10-2005, 03:13 AM
Parent: #428

شكرا مازن على التوضيح
وساعود ,
ولكن ما قبل يوم الثلاثاء,
عشان كدا لم اواصل نقاشي في سودان للجميع
محبتي للجميع
المشاء

Post: #430
Title: Re: هجرة لاهوت الوردة الى منبر الحوار الديمقراطي في سودان للجميع
Author: mazin mustafa
Date: 12-11-2005, 04:00 AM
Parent: #429

up

Post: #431
Title: مقدمة حوار عبدة وازن مع محمود درويش
Author: osama elkhawad
Date: 12-12-2005, 08:33 AM
Parent: #430

شكرا مازن على استجابتك لندائنا بان يظل البوست مرفوعا لانشغالي بنقاشي مع بولا ونجاة وعثمان حامد
وهذا قد يطرح تساؤلا حول التوفيق بين النقاشات الاسفيرية وهي نقاشات دائرية في معظم الاحيان,وبين الالتفات الى المساهمات التي تحتاج فعلا الى زمن للتحضير والكتابة النهائية
ولذلك امل ان ياتي المشاركون بمساهماتهم وتعليقاتهم حتى عودتي لمواصلة ما انقطع,
ويبدو ان المتابعات والمتابعين في انتظاري لاكمال كلامي حول جدارية ودرويش وخطابه,
حتى يعودوا بمداخلاتهم
لكن المهم دي الظروف
وسناتي لايراد حوار لنج مع درويش اجراه الشاعر والصحافي اللبناني :
عبدة وازن في الحياة
وهنا مقدمة الحوار:
لم يعد قادراً على قراءة معظم شعر الرواد ومرضه الحنين الى بيروت... محمود درويش لـ"الحياة": نفتقد عرفات لكننا لا نريد عرفات آخر
عمان - عبده وازن الحياة - 10/12/05//

يختلط البعد الذاتي بالبعد الجماعي في شخصية محمود درويش حتى ليغدو مستحيلاً الفصل بينهما. هذا الشاعر الذي يمثل الضمير الحيّ لفلسطين وشعبها، هو أيضاً ذاكرة الحياة الملحمية التي عاشها الفلسطينيون، والمخيلة التي ترنو الى مستقبل قد لا يكون ناصعاً جداً.

قدر هذا الشاعر ان يتحمّل وطأة القضية من غير ان ينوء بها، وقدر القضية ان يكون محمود درويش شاعرها الذي عرف كيف يفتح أمامها آفاق المستحيل. خرج الشاعر في مقتبل عمره من فلسطين المحتلة الى المنفى الكبير، وعاد بعد ثلاثين سنة من المنفى الكبير الى فلسطين التي لم يجدها، بل وجد جزءاً منها، جزءاً ما برح محاصراً بالخوف والقلق: «الطريق الى البيت بات اجمل من البيت الذي لم أجده بعد عودتي»، يقول محمود درويش لـ «الحياة». (نص الحوار كاملاً).

ولا غرابة ان يصف ما تبقى من فلسطين بـ «السجن» القائم على الانقاض. ويقول: «لا أستطيع ان أتكلم عن فلسطين الآن إلا بكثير من الإحباط». انها العودة التي رسمها اتفاق أوسلو، هذا الاتفاق الذي كان محمود درويش من اوائل الذين تشاءموا منه. كان حدسه حينذاك مصيباً جداً. ففي رأيه ان منظمة التحرير تعجلت في توقيع هذا الاتفاق، ولو عرفت مدى حاجة اسرائيل الى اتفاق معها لتفتح ابوابها على العالم العربي، لكانت المكافأة الفلسطينية أكبر. كانت اسرائيل في حاجة حينذاك الى الفلسطينيين ليكونوا حراس «البوابة» المفتوحة على العرب. لكن الاتفاق سرعان ما حوّل ما تبقى من الارض «سجناً كبيراً» كما يقول الشاعر. أما عن ياسر عرفات الذي يعتبره رمزاً وطنياً فيقول: «نفتقد عرفات لكننا لا نريد عرفات آخر».

ويرى درويش ان الفلسطينيين لم يبق امامهم سوى خيارين: «إما الحياة وإما الحياة». لكنهما حياتان في منفى داخلي واحد، وعلى ارض واحدة. عاد محمود درويش الى فلسطين لكنه لم يجدها. فلسطين في القصائد اجمل من فلسطين الراهنة. لم يجد ايضاً بيته. وجد امه التي ما برحت تعدّه الابن الأحب لأنه كان دوماً الابن الغائب. لكنّ الشاعر لم يشأ ان يواصل الحياة في المنفى الكبير، الذي لا بيت فيه ولا عتبة ولا نافذة يطلّ منها على سماء الذكريات. شاء الشاعر ان يعود الى رام الله ليحيا حياة تشبه الحياة، حياة هي وهم حياة. ولم يشأ ايضاً ان يبتعد عنها عندما يخرج منها، عائداً الى نفسه، الى وحدته والى أوراقه البيض. اختار عمّان للاقامة الموازية ولأنها على قاب قوسين من رام الله.

القضية الفلسطينية الآن أصبحت أعمق من قبل في شعر محمود درويش وفي حياته، صارت هي الظل الذي يتخلل القصائد ويقول في هذا الصدد: «انا شاعر فلسطيني، لكنني أرفض أن أُحصر بصفتي شاعر القضية».

وكلما ابتعد عنها ازداد اقتراباً منها. لقد تحرر منها ليحررها من الخطابة والصراخ اللذين لم يجديا. والشاعر الذي رفع القضية الى المرتبة الملحمية، مبتدعاً بالشعر اكثر من ارض، بات شاعر الوجود، شاعر الموت والحياة، شاعرالرؤيا والماوراء. يقول درويش: «أرفض مفهوم التكريس الشعري لأنني على قلق دائم». وعن الحداثة: «لا أدري لماذا يحصر العرب الحداثة في الشعر فقط»، مضيفاً: «لا أعرف إن كنتُ أُدرج داخل الحداثة ام خارجها». أما الشعراء الرواد فيقول عنهم انه لم يعد «قادراً على قراءة معظم شعرهم». ويرى انه لا يقرأ نزار قباني الآن بـ «البهجة» التي كان يقرأه بها من قبل.

للمرة الاولى، يكشف محمود درويش الكثير من أوراقه، بل من اسراره وخفاياه التي تصنع شخصيته وحياته وعالمه الشعري، وذلك في حوار شامل أجرته معه «الحياة»، وتنشره على حلقات بدءاً من اليوم بين محمود درويش الشاعر ومحمود درويش السياسي خط ضئيل، الواحد يكمّل الآخر، والاثنان يكمّلان رسالتهما الواحدة، بل مهمتهما الواحدة، من غير تناقض او تنافر. لكنه يتحدث عن انتخابه عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بشيء من الأسى قائلاً: «من حسنات اتفاق اوسلو انه أتاح لي الفرصة للاستقالة من اللجنة التنفيذية». والصخب الذي طالما عمّ حياة السياسي، يشبه كثيراً الصمت او الهدوء اللذين يعمّان حياة الشاعر، حياته الاخرى، شبه المجهولة. فالشاعر استطاع ان يرفع السياسة الى مصاف الابداع، والسياسي أمدّ الشعر بذلك الوعي الحادّ والمعرفة المتوقدة.

ويتحدث عن المدن التي عرفها خلال منفاه، معتبراً ان لديه «مرض الحنين الى بيروت» التي عاش فيها تجربة الحصار الإسرائيلي.

Post: #432
Title: الحلقة الأولى من حوار عبدة وازن مع محمود درويش
Author: osama elkhawad
Date: 12-12-2005, 08:45 AM
Parent: #431

يفتح دفاتره في حوار شامل حول الشعر والحداثة وقصيدة النثر ... (1) ... محمود درويش لـ «الحياة»: لا أنظر الى ماضيّ برضا ولو أتيح لي لحذفت نصف أعمالي القصيدة السياسية لا تعني لي اليوم أكثر من خطبة وأرفض حصري بشعر القضية
عبده وازن الحياة - 10/12/05//
تحار من أين تبدأ الحوار مع محمود درويش. أتبدأ من شعره الذي يشغل المعترك الشعري العربي الراهن، بأسئلته وقضاياه، أم من السياسة التي مارسها وكأنها فعل إبداعي؟ أم من تقاطع الذاكرة الخاصة مع الذاكرة العامة أو الوجدان الذاتي مع الوجدان الشعبي؟

لا يحتاج الحوار مع محمود درويش الى ذريعة. تاريخ هذا الشاعر هو أكثر من تاريخ وحاضره أكثر من حاضر. هو الآن أكثر الشعراء العرب رواجاً وانتشاراً، لكنه في الوقت نفسه من أشد الشعراء انطواء على أنفسهم وإصغاء الى صمتهم الداخلي. هذا الشاعر «الجماهيري» هو شاعر حديث جداً وطليعي وذو نزعة اختبارية. أمسياته التي تجذب دوماً جمهوراً غير متوقع، في عاصمة عربية وأخرى، تدل على قدرة قصائده على اختراق الذاكرة والمخيلة معاً. لكن الشاعر، عوض أن يستسلم لجمهوره الكبير يرتقي به الى مصاف التلقي الحقيقي. فالتصفيق المدوي تظل تردده الصالة الكبيرة، لكن الشعر وحده هو الذي يفعل فعله. وربما لم يُؤتَ لشاعر أن يكون جماهيرياً ونخبوياً في آنٍ واحد، وأن يكون قريباً من قرائه وبعيداً منهم، مثلما أوتي لمحمود درويش. هذا الشاعر التراجيدي المنبت استطاع أن يكون شاغل الناس وشاغل الشعراء والنقاد والقراء على اختلاف أمزجتهم. لا يحب محمود درويش كلمة «جمهور» أو «جماهير»، يفضل كلمة قارئ أو قراء. هذا ما بات واضحاً الآن تمام الوضوح. يحس الشاعر انه يكتب لنفسه مثلما يكتب لقارئه. انها المعادلة الصعبة التي حققها محمود درويش، صانعاً من الشعر ذاكرته وذاكرة قرائه، ذاكرته وذاكرة الأرض المجروحة. ولئن كان ولا يزال شاعر القضية فهو نجح في تحمل عبء هذه الصفة أو الكناية من غير أن يتخلى عنها لحظة. بل هو عمّق هذه الصفة حتى أضحت مغروسة في تراب الماضي - الحاضر. انه الشاعر أولاً وأخيراً وربما الشاعر فقط، سارق النار ومضرمها، الشاعر السري المتجذر في أرض الحلم والمنفتح على شمس الرؤيا. الشاعر الذي جعل من مأساته التي هي مأساة أرضه، ملحمة تراجيدية، تمتزج فيها النبرة الغنائية العالية والصوت الانساني الخافت.

حياة صاخبة، شعراً وسياسة وأمسيات وأضواء، تقابلها حياة هادئة جداً مفعمة بالصمت والتأمل.

عندما دخلت بيت محمود درويش في عمان، فوجئت بالهدوء الذي يرين عليه، وبالصمت الذي يحياه هذا الشاعر – الرمز. وحين سألته عن المصعد المعطل في البناء، استغرب، واستغربت أكثر عندما قال لي انه لم يخرج من البيت منذ ثلاثة أيام. يعيش محمود درويش وحيداً بين بيته في عمان وبيته في رام الله. هذه الوحدة لا تكسرها سوى الخادمة الفيليبينية التي تقصده ظهر كل يوم لتنهي الواجبات المنزلية وتغادر. إلا ان بيت الشاعر ليس بارداً ولا خاوياً مثل بيوت العازبين عادة. ثمة ضوء في هذا المنزل ولو كانت الشبابيك مغلقة، وثمة دفء روحي وطمأنينة. مع ان الشاعر الكامن في أعماق محمود درويش لا يعرف الاطمئنان ولا السكينة. شاعر قلق، لا يضع المفتاح في قفل الباب عندما يستسلم للنوم ليلاً. وكي يبدأ نهاره يحتاج الى المزيد من الوقت. الصباح المتأخر قليلاً هو إما للكتابة أو للقراءة. أما النهار فيبدأ بعد الظهيرة.

لا ذريعة لمحاورة محمود درويش وإن صدرت قبل أيام أعماله الكاملة في أربعة مجلدات، وفي طبعة هي الثامنة عشرة. وقبلها صدر ديوانه البديع «كزهر اللوز أو أبعد» وفيه تتجلى تجربته الفريدة التي وضعته في مقدم الشعراء المحدثين والجدد والباحثين عن معادلة شعرية جديدة، وعن لغة مجهولة وجماليات ملؤها الدهشة. وقبل هذا الديوان كانت صدرت أيضاً أعماله «الجديدة» في مجلد خاص (دار رياض الريس).

يظل محمود درويش متجدداً باستمرار، والحوار معه أشبه بالرحلة الى عالم ملتبس بين الواقع والتاريخ والحلم والجمال... وها هو يفتح «دفاتره» لـ «الحياة».


> الآن مع صدور مجموعتك الكاملة للمرة الثامنة عشرة كيف ترى إليها؟ ما الذي تحبه فيها وما الذي تكرهه؟ كيف تنظر الى البدايات التي أصبحت جزءاً من الذاكرة الفلسطينية؟

- حين اضطر الى قراءة أعمالي الأولى من أجل تصحيح الأخطاء الطباعية استعداداً لطبعة جديدة، وليس من قبيل مراقبة تطوّري أو مراقبة ماضيّ الشعري، أشعر بكثير من الحرج. أي انني لا أنظر الى ماضيّ برضا، وأتمنى عندما أقرأ هذه الأعمال، ألا أكون قد نشرتها كلها، أو ألا أكون نشرت جزءاً كبيراً منها. لكنّ هذه مسألة لم تعد منوطة بي، انها جزء من تراثي. لكن تطوري الشعري تم من خلال هذا التراكم وليس من خلال القفز في الفراغ. لذلك عليّ أن أقبل بطاقة الهوية هذه كما هي، وليس من حقي اجراء تعديلات إلا بقدر المستطاع، أي تعديلات على بعض الجمل وعلى بعض الفقرات أو حذف بعض الأسطر، من منظور الاعتبار الجمالي وليس من أي منظور آخر. ولو أتيح لي لكنت دائم التنقيح في أعمالي. ولكن لو أتيح لي أيضاً أن أحذف لكنت ربما حذفت أكثر من نصف أعمالي. لكن هذا الأمر ليس في يدي وليس من حقي على ما يبدو. هذا أنا في مراهقتي الشعرية وفي صباي وفي شيخوختي، أنا كما أنا. وأعتقد أن كل شاعر لديه حاسة نقد ذاتية، ينظر النظرة نفسها الى أعماله. وأريد أن أقول هنا إن الشعراء يولدون في طريقتين: بعضهم يولد دفعة واحدة، ولدينا أمثلة كثيرة على ذلك. ففي التراث العربي مثلاً عندنا طرفة بن العبد وفي التراث العالمي هناك رامبو. ثم هناك شعراء يولدون «بالتقسيط» وأنا من هؤلاء الشعراء. ولادتي لم تتم مرة واحدة. وأرى أن مشكلة الولادة في دفعة واحدة عمرها قصير.


> هناك ظاهرة عجائبية في مثل هذه الولادات!

- هناك عبقرية خاصة وربما مأسوية. فالشاعر الذي يولد دفعة واحدة لا يستطيع أن يواصل عمره الشعري. أما الشعراء الذين يولدون على مهل فتتاح لهم فرصة من التجربة والكتابة لا تتاح لمن يصبّون تجربتهم في دفعة واحدة، ويصمتون مثلما فعل رامبو. هذا السؤال صعب أصلاً على كل شاعر يستطيع أن يكتب شعراً في العشرينات، ولكن هل يستطيع كل شاعر أن يكتب بعد الستين؟ هذا هو السؤال الصعب.


> ولكن هناك أمثلة متضاربة في هذه القضية!

- كل شاعر يملك جواباً خاصاً أو ربما هو يملك حظاً خاصاً. وأعتقد ان الحظ في آخر الأمر هو الذي يلعب دوراً في نشأة الشاعر، وفي قدرته على التطور. ولكن قبل الحظ هناك انتباه الشاعر الى عيوبه الشعرية، انتباه الشاعر الى مأزقه الشعري. وكل شاعر يحل مأزقه في طريقته الخاصة، ولكن ليس التكرار هو أفضل الطرق، أي تكرار ما قاله الشاعر أو كتابة تنويعات على ما كان كتب من شعر.


> ما رأيك بالمبادرة التي يقوم بها شعراء بحذف شعرهم الأول وانكاره؟ وهذا ما قام به مثلاً الفرنسي رينه شار أو الشاعر أدونيس؟ هل أخفيت أنت قصائد أولى، لك وخصوصاً عندما كنت في فلسطين؟

- أنا لم أنشر في كتب كل ما كتبت من شعر. بعضه نشر في الصحافة، وبعضه لم ينشر. مجموعتي الشعرية الأولى حذفتها كلياً ولا أعترف بها البتة وكانت صدرت في فلسطين أيام الفتوّة. وهي عبارة عن قصائد مراهقة شخصية وشعرية. وأنا أتمنى أن أواصل الحذف. هذه هي المسألة الشائكة. حتى في مرحلتي الراهنة، كتبت قصائد عدة لم أدرجها في مجموعاتي الشعرية. نشرتها في الصحف ولكنني لم أضمّنها كتبي. من حق الشاعر أن يحذف ما يشاء من شعره. لكن السؤال هو: هل رأيه هو الصواب أم لا؟ هناك رأي القارئ أيضاً.


> بودلير يتحدّث دوماً عن الناقد الكامن في الشاعر والذي يوجهه!

- صحيح. ولكن قد يؤثر الشاعر نصاً له على آخر، وقد لا يشاركه القارئ هذا الإيثار بل قد يخالفه فيه.


> ما كان عنوان مجموعتك الأولى التي أسقطتها من أعمالك؟

- كان عنوانها «عصافير بلا أجنحة».


«سجّل أنا عربي»


> ماذا تعني لك اليوم قصائد راسخة في ذاكرة الجمهور مثل «سجّل أنا عربي» و «جواز السفر» بعدما اجتزت ما اجتزت من مراحل شعرية؟

- هذا النوع من الشعر كتبته تلبية للنداءات الداخلية والخارجية. كان سؤال الهوية هو السؤال الملح في شبابي الشعري أو صباي. وهو ما زال مطروحاً حتى الآن، ولكن في طرق مختلفة، وفي أشكال تعبير مختلفة. كانت ظروف الحياة هناك تقتضي ربما مثل هذه المخاطبة المباشرة. هذا أولاً. ثانياً أصبحت هذه القصائد جزءاً من ذاكرة جماعية لا أستطيع أن أتحكم بها أو أتصرف في شأنها. إنها لم تعد ملكي أبداً. وهي ساهمت أيضاً في انتشاري شعرياً. ويجب ألا أكون مجحفاً أو ناكراً للجميل في حق هذا النوع من الشعر. هذا إذاً ساهم في شق الطريق أمامي، وفي تمهيدها لكي أضيف تجارب شعرية جديدة ومختلفة عما سبقها، من حيث التناول الشعري واللغة الشعرية والاسلوبية. لكن التأسيس الذي تم في العلاقة بين القارئ وبيني أذن لي في أن أتتطور، وأتاح للقارئ أن يقبل هذا التطور. فنحن نكبر معاً، أنا وقارئي.


> ماذا باتت تعني لك القصيدة السياسية؟

- القصيدة السياسية اليوم لا تعني لي أكثر من خطبة، قد تكون جميلة أو غير جميلة. إنها تخلو من الشعرية أكثر من القصيدة التي تحرص على أن تنتبه لدورها الإبداعي ودورها الاجتماعي. أي على الشاعر أن ينتبه الى مهنته وليس فقط الى دوره. القصيدة السياسية استنفدت أغراضها في رأيي، إلا في حالات الطوارئ الكبرى. ربما أصرخ غداً غضباً، تعبيراً عن أمر ما، ولكن لم تعد القصيدة السياسية جزءاً من فهمي المختلف للشعر. أعتقد إنني الآن في مرحلة، أحاول فيها أن أنظف القصيدة مما ليس شعراً إذا أمكن التعبير. ولكن وما هو الشعري وما هو غير الشعري؟ هذه مسألة أيضاً. السياسة لا يمكنها أن تغيب تماماً من هوامش القصيدة أو خلاياها. لكن السؤال هو كيف نعبر عن هذه السياسة. كل انسان فينا مسكون بهاجس سياسي، ولا يستطيع أي كاتب في أي منطقة من العالم أن يقول: أنا نظيف من السياسة. فالسياسة هي شكل من أشكال الصراع، صراع البقاء وصراع الحياة. ومن طبيعة الأمور أن يكون هناك سياسة. والسؤال هو: هل تكون القصيدة سياسية أم ان عليها أن تحمل في كينونتها بعداً سياسياً؟ أو هل هناك إمكان لتأويل سياسي للنص الشعري أم لا؟ اما أن تكون القصيدة عبارة عن خطاب مباشر بتعابير مستهلكة ومستنفدة وعادية فهذا لم يعد يعني لي شيئاً.


> ما رأيك بظاهرة الشعر السياسي الجديد الذي يكتبه شعراء جدد عرب أو في العالم أو الذي كتبه شعراء مثل ريتسوس وغينسبرغ وجيل «البيت» جنريشين وقد أعادوا النظر في القصيدة السياسية وفي الواقعية؟

- ريتسوس يجب أن نميزه عن الآخرين.


> لكنه كتب قصائد سياسية عبر لغة مختلفة.

- حاول ريتسوس أن يكتب اليومي، لكنّ هذا اليومي الذي يبدو لنا عادياً يخبّئ بعداً اسطورياً ما. ولعل القصيدة التي تسمى يومية لدى ريتسوس ليست قصيدة يومية، ففي هذا «اليومي» بُعد أسطوري وميتافيزيقي. أما في شأن ألن غينسبرغ وبعض الشعراء الأميركيين فهم يكتبون شعراً سياسياً في المعنى المباشر للكلمة. لكن الشعر الغربي والأميركي مشبع بالجماليات، وقد انتهى البحث في هذا الموضوع، الموضوع الجمالي. وحاول الشعراء أن يعودوا الى ما هو مختلف، محاولين أن يجعلوا الشعر يمارس دوراً سياسياً واجتماعياً، على خلافنا نحن. فنحن خارجون من تراث شعري سياسي مباشر في محاولة لتطوير هذا الشعر ورفعه الى مستوى جمالي أفضل. والطريقان متعاكسان ومختلفان. ربما عندما تبلغ الجمالية العربية مستوى أرقى بكثير، قد نحنّ الى أن نهجو الواقع، في المعنى السياسي، في معنى الاحتجاج والرفض. وشعر الاحتجاج أصلاً لم ينته في العالم، ولكن هل يحتج الشعر بكونه شعراً أم بكونه كلاماً أو موقفاً؟


> ماذا بات يعني لك وصفك بشاعر القضية أو شاعر المقاومة وفلسطين؟

- المسألة لا تتعلّق بي ولا أستطيع أن احتج إلا على محاولة محاصرتي في نمطية معينة. هذه التسميات بعضها بريء، وينطلق من حب القضية الفلسطينية وحب الشعب الفلسطيني، وبعضها نوع من اضفاء الاحترام والتشريف على القول الشعري المتعلق بالقضية. لكن الرأي النقدي هو أخبث من ذلك. الرأي النقدي يحاول أن يجرّد الشاعر الفلسطيني من شعريته ليبقيه معبّراً عما يسمى مدونات القضية الفلسطينية. هناك طبعاً اختلاف جوهري كبير بين النظرتين: نظرة بريئة ونظرة خبيثة. طبعاً أنا فلسطيني وشاعر فلسطيني، ولكن لا أستطيع أن أقبل بأن أعرّف بأنني شاعر القضية الفلسطينية فقط، وبأن يدرج شعري في سياق الكلام عن القضية فقط وكأنني مؤرّخ بالشعر لهذه القضية.


الشاعر - الرمز


> ولكن شئت أم أبيت أنت الشاعر - الرمز!

- كل شاعر يتمنى أن يكون صوته الخاص معبّراً عن صوت عام أو جماعي. قلائل هم الشعراء الذين يلتقي داخلهم بخارجهم في طريقة تخلق التباساً بين رمزية الشاعر وشعريته. لكنني لم أسع شخصياً الى ذلك. ربما هو الحظ الذي وفّر لي هذه المكانة. اما ان أسعى الى أن أكون رمزاً وأحرص على أن أكون رمزاً، فأنا لا أريد ذلك، أريد أن ينظر إليّ من دون أن أُحمّل أعباء رمزية مبالغاً فيها، ولكن يشرّفني أن ينظر الى صوتي الشخصي وكأنه أكثر من صوت، أو أن «أناي» الشعري لا تمثل ذاتي فقط وإنما الذات الجماعية أيضاً. كل شاعر يتمنى أن يصل شعره الى مدى أوسع. وأنا لا أصدّق الشعراء الذين يحددون القيمة الشعرية من خلال عزلتهم عن القراء. أنا لا أقيس أهمية الشعر بمدى انتشاره ولا بمدى انعزاله.

ولكن أن تتحقق المسألتان أي الانتشار مع الجودة الشعرية، فهذا ما يتمناه أي شاعر، وإلا لماذا يقرأ الشعراء شعرهم في الأمسيات؟ لماذا يطبعون دواوينهم إذا كان القارئ لا يهمهم؟


> تجاوزت الستين لكنك تزداد نضارة شعرية.

- سرّي بسيط جداً.


> لا أشعر بأنه بسيط.

- بسيط في كلامي العام عنه وليس في المعنى الشعري. أولاً أنا لا أصدق شعري. وأشعر بأنني في حاجة الى لغة شعرية تعبيرية تحقق الشعرية في القصيدة في شكل يجعلها أكثر شعرية إذا أمكن. أي انني أحاول أن أخفف من ضغط اللحظة التاريخية على جمالية الشعر، من دون أن أتخلّى عن الشرط التاريخي. السر الثاني انني لا أصدق التصفيق. فأنا أعرف انه عابر أو آني، وقابل للتغيير والتعديل وللاعتذار أيضاً وللتمرّد على الشعر. انني مسكون بهاجس هو عدو كتابتي حتى الآن ما أريد أن أكتبه. تسألني: ما الذي تودّ أن تكتبه؟ فأقول لك: لا أعرف. إن رحلتي هي الى المجهول الشعري بحثاً عن قصيدة ذات قدرة على أن تخترق زمنها التاريخي وتحقق شرط حياتها في زمن آخر. هذا ما أسعى إليه، ولكن كيف أعرّف بهذه المسألة؟ هنا أيضاً لا جواب نظرياً ولا فكرياً. الجواب هو جواب ابداعي. كل الاسئلة حول الشعر لا تقنعنا إلا اذا تحققت شعرياً أو في الكتابة الشعرية. فأنا دائم القلق وهذا سرّي، ومتمرّد على نفسي. وأقول لك إنني لا أقرأ شعري بيني وبين نفسي، لا أقرأه البتة، فلا أعرف ما كتبت. لكن كل ديوان لي أعيد قراءته قبل طباعته عشرات المرات وأنقحه عشرات المرات، الى أن أشعر بأنه أصبح قابلاً للنشر. وعندما يصدر الديوان أتحرر منه كلياً ويصبح ملك غيري، ملك النقد وملك القارئ. وهنا يكون السؤال الصعب: ماذا بعد؟ الآن أشعر بأنني خالي الوفاض كما يقال، ومسكون بقلق ربما يكون وجودياً. هل أستطيع أن أكتب من جديد، أم لا؟ دائماً عندما أصدر كتاباً أشعر بأنه الكتاب الأخير.


> لكنني أشعر أن كل كتاب لديك يحمل معه بداية ما...

- إذا كان رأيك هذا مصيباً فهو يفرحني.


> أنت شاعر مراحل، وإذا عدنا الى أعمالك الكاملة نشعر بأن هناك محطات وأن كل محطة بداية...

- أجل هناك مراحل ومحطات.


> وأعتقد ان ثمة خيطاً داخلياً يربط بينها.

- أجل، انها مراحل متصلة، ومن خلال مراقبتي لعملي الشعري ألاحظ أن في كل كتاب جديد تستطيع أن تجد بذرة كانت في كتاب سابق أو كتب سابقة. لكن البذرة هذه تجد إمكان تفتح، ورعايتها في طريقة جديدة تحوّلها نصاً جديداً. الشاعر يتوالد من تلقاء نفسه، من تلقاء تجربته ومن علاقته بالعالم وعلاقته بالوجود وبثقافته ومن وعيه الشعري، وكذلك لا وعيه الإبداعي. أما كيف يولد الشعر؟ أو ما هو الشعر؟ مثل هذه الأسئلة أشبه بالأسرار. فالشعر سر، والسر هو ما يجعل الشعر مستمراً. ليس هناك من اكتشاف شعري نهائي وكل كتابة هي محاولة إجراء تعديل على مفهوم عام للشعر. ولكن كل كتابة جديدة تملك اضافات ما، هي عبارة عن إعادة التعريف بالشعر.


أنا شاعر غير مكرّس


> صفتك شاعراً مكرّساً وصاحب سلطة شعرية، هل أثرت عليك؟ ماذا تعني لك هذه الصفة؟

- إذا كنت شاعراً مكرّساً، فأنا مكرّس في الحياة الثقافية أو لدى القارئ. ولكن في العلاقة بيني وبين نفسي لست مكرّساً. أنا لم أكرّس نفسي حتى الآن. وقد يبدو هذا الكلام ادعاء للتواضع، ولكن هذه حقيقة ما أشعر به. أنا لم أكرّس نفسي في معنى إنني لم أطمئن الى تجربتي الشعرية، لم أطمئن اليها أبداً، وما زلت أعتقد بأنها في حاجة الى تجربة وتجريب جديدين، والى تطوير دائم والى التمرد على ما نسميه الانجاز الراهن. أنا لست راضياً عن نفسي أو لست أشارك الآخرين في المكانة التي احتلها في الذائقة العامة أو الوعي العام.


> هل تخشى أن تتوقف ذات يوم عن الكتابة؟

- نعم.


> هل أحسست هذه الخشية فعلاً؟

- هذه خشية دائمة خصوصاً عندما أنهي عملاً جديداً. إنني دائم الخوف من هذه القضية. إنها بمثابة هاجس. وأعزّي نفسي بأنني عندما أشعر، أو عندما اعترف بجفاف الماء في تجربتي الشعرية أو في لغتي، أجد المناسبة حسنة لأكتب النثر. فأنا أحب النثر كثيراً.


ظلمت نثري


> لكنك لم تكتب قصيدة نثر مع انك كتبت الكثير من النثر؟

- كتبت الكثير من النثر لكنني ظلمت نثري لأنني لم أمنحه صفة المشروع. أكتب نثراً على هامش الشعر أو أكتب فائضاً كتابياً أسميه نثراً. ولكن لم أُولِ النثر الأهمية التي يستحقها،. علماً انني من الشديدي الانحياز الى الكتابة النثرية. والنثر لا يقل أهمية عن الشعر. بل على العكس، قد يكون في النثر مساحة من الحرية أكثر من النثر. فإذا جفّ نصّي الشعري فقد ألجأ الى النثر وأمنحه وقتاً أكثر وأولية جدية أكثر. عندما كنت أكتب نثراً كنت أشعر أن النثر يسرق مني الشعر. فالنثر جذاب وسريع الانتشار، ويتحمّل أجناساً أدبية أكثر من الشعر. ويستطيع أن يهضم الشعر ويعطيه مساحة وحركة أكبر. وكنت عندما أكتب النثر انتبه الى انني نسيت القصيدة وأن عليّ أن أعود اليها. هكذا أكون بين النثر والشعر، لكنني معروف بأنني شاعر ولا أسمّى ناثراً.


> لكنك لم تكتب قصيدة النثر، لماذا؟

- ما دمت أكتب نثراً فأنا أكتب النثر، من دون أن أسميه قصيدة. لماذا ننظر الى النثر نظرة دونية ونقول انه أقل من الشعر؟ صحيح أن النثر يطمح الى الشعر والشعر يطمح الى النثر... يعجبني قول للشاعر باسترناك: "أجمل ما في القصيدة ذلك السطر الذي يبدو نثرياً". انني لا أريد أن أفرّق كثيراً بين الشعر والنثر، ولكن انطلاقاً من التجنيس الأدبي ما زلت أعطي للنثر اسمه وللشعر اسمه. لكن السؤال هو: كيف تتحقق الشعرية في قوام قصيدة؟ وأعتقد أن علينا أن نوقف النقاش حول الفارق أو الاختلاف أو الائتلاف أو الابتعاد أو الاقتراب بين قصيدة النثر والقصيدة. هذا السجال تجاوزه العالم. أما إذا سألتني عن رغبتي في كتابة قصيدة نثر فأرجو أن أكتب نصاً نثرياً من دون أن أسميه قصيدة نثر.


> ولكن من الملاحظ في شعرك ولا سيما في المرحلة الأخيرة أن ثمة حواراً بين النثر والشعر، وقد عرفت تماماً كيف تستفيد من قصيدة النثر، لا سيما أنك شاعر تفعيلة، وقد استشهدت بجملة بديعة لأبي حيان التوحيدي في ديوانك الأخير "كزهر اللوز أو أبعد"! وما يميز القصيدة لديك هو هذا الفضاء الرحب، الفضاء النثري والموسيقى الداخلية القائمة على تناغم الحروف!

- أولاً، أود أن أقول ان ليس لدي أي تحفظ على قصيدة النثر. والتهمة التي لاحقتني في انني ضد قصيدة النثر زمناً هي باطلة.

قلت وأقول دائماً ان من الانجازات الشعرية المهمة في العالم العربي بروز قصيدة النثر، أي تأسيس طريقة كتابة مغايرة للشعر التقليدي والحداثة التقليدية. قصيدة النثر تريد أن تميز نفسها وتريد أن تطور أو أن تضيف نصاً مختلفاً عن القصيدة الكلاسيكية وعن القصيدة الحديثة التي صنعها جيل الرواد. هذا أولاً. ثانياً، أنا من المعجبين جداً بشعراء كثيرين يكتبون قصيدة النثر. وأقول دائماً إن هناك أزمة في ما يسمى قصيدة التفعيلة، وأنا أكره هذه التسمية، ولكن لا بديل لها. والأزمة أصلاً تكمن في الكتابتين.


> الشعر العمودي أيضاً شهد أزمة.

- لا بل انها الأزمة التي تشهدها الثقافة العربية في كل أبعادها. ولكن إذا أجرينا احصاء، اذا أردنا ان نختار عشر مجموعات شعرية صدرت في هذا العام أو عشرين، سنرى ان الكمية الكبرى أفضل هي لقصيدة النثر التي تحمل النوعية الفضلى. ولكن هذا يعني أن دور قصيدة التفعيلة انتهى أو انتهت قدرتها على استيعاب ايقاع الزمن الحديث! أو انها لم تعد قادرة على تطوير اللغة في طريقتها الخاصة! أنا من آخر المدافعين عن قدرة قصيدة التفعيلة على أن تستفيد من اقتراحات أو من تصورات قصيدة النثر ومشروعها، وأن تكتب الرؤيا الجديدة لقصيدة النثر كتابة موزونة. أنا من الشعراء الذين لا يفتخرون إلا بمدى إخلاصهم لإيقاع الشعر. انني أحب الموسيقى في الشعر. انني مشبع بجماليات الايقاع في الشعر العربي. ولا أستطيع أن أعبّر عن نفسي شعرياً إلا في الكتابة الشعرية الموزونة، ولكنها ليست موزونة في المعنى التقليدي. لا. ففي داخل الوزن نستطيع ان نشتق ايقاعات جديدة وطريقة تنفس شعرية جديدة تخرج الشعر من الرتابة ومن القرقعة الخارجية. لذلك فإن أحد أسباب خلافي مع بعض الأصدقاء من شعراء قصيدة النثر هو مصدر الايقاع الشعري، الموسيقى الداخلية. فهم يرون أن الموسيقى الداخلية لا تتأتى إلا من النثر، أما انا فأرى ان الموسيقى الداخلية تأتي من النثر ومن الايقاع أيضاً. وعلى العكس، فإن وضوح الايقاع الآتي من الوزن يطغى على الايقاع المنبثق من النثر. وأصلاً كل كتابة فيها ايقاع. في النثر إيقاع وفي الشعر إيقاع وفي الكلام اليومي والعادي ايقاع. إذاً الايقاع موجود. لكن الأمر هو: كيف نضبط هذا الايقاع وكيف نجعله مسموعاً أو حتى بصرياً. أعتقد أن ما زال في قدرة الوزن الشعري، إذا نظر اليه الشاعر في طريقة مختلفة وإذا عرف كيف يمزج بين السردية والغنائية والملحمية وكيف يستفيد حتى من النثرية العادية، ما زال في قدرته أن يحل بعض الصعوبات في البحث عن ايقاع شعري جديد. هذا هو عملي الشعري، أي ان أكتب الوزن كأنه يسرد وأكتب النثر كأنه يغني. هذه هي المعادلة، بل هذا هو الحوار بين الشعر والنثر.


قصيدة التفعيلة وأزمتها


> الموسيقى داخل القصيدة أقوى من الوزن الخارجي... ألا توافقني أن قصيدة التفعيلة تعاني أزمة؟

- هناك مشكلة فعلاً. لكن المشكلة هذه تتعلق بالشعر نفسه وبالموهبة الشعرية والخبرة الشعرية. قصيدة التفعيلة تستمد شرعيتها الايقاعية من كونها كسراً للنظام التقليدي، ولكن عندما تقع في نظام تقليدي آخر تفقد شرعيتها. لذلك تستطيع هذه القصيدة أن تطور ايقاعاتها وبنيتها. مثلاً: أنا ليس لديّ سطر شعري، القصيدة لديّ تتحرك كلها مثل كتلة دائرية، إنها تتدوّر. القافية عندي أخفيها في أول الجملة أو في وسطها. إذاً هناك طريقة إصغاء الى اللغة، يجب أن تحرر الشاعر من الرتابة، وعلى الشاعر أن يعرف كيف يتمرّد على الرتابة الموسيقية. وأحياناً يكون هناك ايقاع عالٍ لا يُجمّل إلا برتابة ما. هناك تبادل إذاً، بين البعد الايقاعي والنثر.


> لماذا قلت انك اذا واجهت أزمة شعرية ستخرج الى النثر. لماذا لم تقل انك ستخرج الى قصيدة النثر؟ لماذا ترفض مصطلح قصيدة النثر؟

- لأنني عندها سأكتب شعراً. وقصيدة النثر هي شعر. صحيح أن هناك تزاوجاً أو لقاحاً بين النثر والشعر، وأن هناك جنساً أدبياً اسمه نثر وجنساً آخر اسمه شعر. وفي هذا الجنس هناك القصيدة الموزونة وهناك أيضاً قصيدة النثر. والنثر كجنس أمر آخر. إذا خرجت من الشعر سأخرج من الشعر كله. ربما جوابي هذا خطأ. لا أستطيع أن أعرف ما هو مستقبلي الشعري. لماذا أتجادل معك حول هذه النقطة؟ وأعترف ان ما أعمل عليه الآن هو نص نثري. بين يديّ الآن – فعلاً – نص نثري. وهذا ما اعترف به للمرة الأولى. اما أن أضع على مستقبلي قيداً يمنعني من كتابة قصيدة النثر فهذا جواب خاطئ أرجو أن تصححه. لكن النقاش الدائر حول أن مستقبل الشعر والحداثة الشعرية العربية لا يعرّفان إلا في قصيدة النثر فهذا كما أعتقد إجحاف حقاً. هذا استبداد فكري، وكذلك أن الموسيقى الداخلية لا تأتي إلا من النثر... أعتقد أن علينا أن نرفع الحدود بين كل هذه الخيارات الشعرية، لأن المشهد الشعري العربي الحقيقي لا يمكن النظر اليه إلا من زاوية المصالحة بين كل الخيارات الشعرية. ليس من حل نهائي لمسألة الشعر. الشعر غامض ولا محدود، وتبلغ لا محدوديته حداً اننا لا نعرف إزاءه أي كتابة هي الأصح. الكتابة الصحيحة في رأيي هي أن نجرّب وأن نسعى الى أن نخطئ. لأننا من دون أن نرتكب أخطاء لا نستطيع أن نتطور. لذلك أفضل دائماً التجريب غير المضمون النتائج على تقليد مضمون النتائج. وفي رأيي أيضاً أن لا شعر من دون مغامرة.



غداً الحلقة الثانية من الحوار.

Post: #433
Title: Re: الحلقة الثانية من حوار عبدة وازن مع محمود درويش
Author: osama elkhawad
Date: 12-12-2005, 02:45 PM
Parent: #432

عبده وازن الحياة - 11/12/05//



تحدث الشاعر محمود درويش أمس في الحلقة الأولى من هذا الحوار عن أعماله الكاملة وبداياته الشعرية وعن الرمز الذي يمثله كشاعر لا يمكن حصره ضمن قضيته فقط. وتناول مراحله الشعرية المختلفة ومفهومه للإيقاع في القصيدة التي يكتبها. هنا الحلقة الثانية:


> لماذا يصرّ الكثيرون على الكلام على ثنائية القصيدة التفعيلية وقصيدة النثر، علماً أن هذا السجال انتهى في الغرب منذ القرن التاسع عشر؟

- صحيح، هذا السجال انتهى في الغرب. الطرف التقليدي هو الذي حارب مشروع الشعر الحر أو الشعر التفعيلي. كان شعر التفعيلة يحتاج الى شرعية والى دفاع فكري وإبداعي عن خياره. جيل قصيدة النثر خاض معركة أظن انها من أشرس المعارك لتثبيت شرعيته. وكانت ثمة عدوانية ما لدى بعض المنظرين لقصيدة النثر. ولكن علينا أن نفهم الدوافع وفي مقدمها البحث عن شرعية هذه القصيدة. اليوم أصبحت شرعيتها قائمة، وعلى شعراء هذه القصيدة أو منظريها ان يعترفوا بالشرعيات الأخرى. علينا أن ننهي لغة الخصومة بين الخيارات الشعرية والاقتراحات الشعرية. حتى الشاعر الواحد يمكنه ان يكتب قصيدة تفعيلة وقصيدة نثر. الشاعر الاسباني لوركا كتب قصيدة نثر وكذلك بودلير ورامبو. لم تعد قصيدة النثر موضوعاً مطروحاً على جدول الشعر أو الأدب. أصبحت قضية مسلّماً بها، ولم يعد القارئ ينظر الآن الى الاختلاف بين الشعريات. وأود أن أقول ان كثيرين من الشعراء والقراء يقرأون كتبي الأخيرة باعتبارها تضم قصائد نثر.


> هذا أمر جميل!

- ويفرحني أيضاً، فهم يحسّون ان أطروحات قصيدة النثر تمّ استيعابها في شعري.


> تصر على ما تسميه المعنى في الشعر وهو يختلف عن الجدلية؟ هل اللحظة الشعرية لديك هي لحظة فكرية أم حدسية؟

- أولاً أود أن أقول ان مفهوم المعنى لا متناه. الكلمات بحد ذاتها لا تحمل معنى. علاقة الكلمات بعضها ببعض هي التي تمنح المعنى الشعري. وبما أن هذه العلاقات غير متناهية، فإن المعنى بالتالي غير متناهٍ. أما في شأن المعرفة الشعرية، فإنني أعتقد ان هناك ثلاثة أنواع من هذه المعرفة. هناك المعرفة الحدسية والمعرفة الرؤيوية والمعرفة التحليلية. الشعر ميال الى المعرفة الحدسية والمعرفة الرؤيوية، وقد يستفيد من المعرفة التحليلية، لكن أساس العملية الشعرية أو المنطقة التي يعمل الشعر فيها هي المعرفة الحدسية والرؤيوية. لكن هاتين المعرفتين لا تتحرران كلياً من المعرفة التحليلية. القصيدة تبدأ وفق طرق مختلفة ترتبط بالشعراء أنفسهم. تبدأ القصيدة عندي من الحدس، الحدس يأخذ شكل الصورة أي يصير الغامض والحلمي مجموعة صور. لكن هذا حتى الآن لا يفتتح مجرى القصيدة، يجب ان تتحول الصور الى ايقاعات. وعندما تحمل الصور ايقاعاتها أحس ان القصيدة بدأت تحفر مجرى لها داخل أجناس أدبية غير محددة. هنا تكمن صعوبة الكتابة الشعرية. القصيدة تحفر مجراها في كتابات لا تنتهي. وصعوبة تحقق القصيدة هي كيف تكشف عن نفسها وتنجز هويتها الشعرية داخل كل هذه الأجناس والنصوص. إذاً، الايقاع هو الذي يقودني الى الكتابة. وإذا لم يكن هناك من ايقاع، ومهما كانت عندي أفكار أو حدوس وصور، فهي ما لم تتحول ذبذبات موسيقية لا أستطيع أن أكتب. إنني أبدأ من اللحظة الموسيقية إذاً. ولكن في كل كتابة هناك فكر ما. فالشاعر ليس آتياً من اللغة فقط، بل من التاريخ والمعرفة والواقع. والذات الكاتبة لدى الشاعر ليست ذاتاً واحدة، انها مجموعة ذوات. إذاً هناك فكر ما يقود عمل القصيدة. أحياناً تتمرد الكتابة على الفكرة التي تقودها وتصبح الكتابة هي التي تقود الفكرة. وهنا يجوز لنا أن نقول ان الغد يأتي الى الماضي، وليس العكس. كل تخطيط لقصيدة هو عمل فكري واعٍ، وإذا ظهرت ملامحه تتحول القصيدة مجموعة مقولات وتتحول أيضاً فلسفة وتصبح العلاقة بين الفلسفة والشعر علاقة إطراد متبادل. على الفكر والفلسفة والمعارف كلها أن تعبّر عن نفسها في الشعر عبر الحواس، عليها ان تنصهر في الحواس وإلا تحولت مقولات كما أشرت.


> ولكن من الملاحظ ان معظم قصائدك، ولا سيما القصائد ذات النفس الملحمي، تحمل بنية قائمة على الايقاع وعلى اللوازم الايقاعية والغنائية. كيف تتم مرحلة بناء القصيدة لديك؟

- تكلّمنا قبل قليل عن اللحظة التي تدفع الشاعر الى كتابة القصيدة. إن مفتاحي كما قلت هو الايقاع. هذا بالنسبة الى الحافز الشعري. ولكن لدي إصرار على أن أبني القصيدة بناء هندسياً، وهذا ينطبق على القصائد الطويلة والقصيرة في آن واحد. وأعتقد ان قصيدة بلا بنية قد تهددها النزعة الهلامية. أحب أن يكون للقصيدة قوام. وهذا ليس قانوناً أحذوه بل هو خياري الشعري. لماذا أتحدث عن القوام؟ لأعرف العلاقة بين السطوح والأعماق، العلاقة بين الايقاع والصورة والمجاز والاستعارة. يجب أن تكون هناك علاقات دقيقة جداً بين كمية الملح وكمية الورد والدم والطين... يجب أن يكون هناك تصور لهندسة معمارية تقوم القصيدة على أساسها. قد تقود القصيدة الى مبنى آخر، حينذاك على المهندس أن يغيّر خرائطه. ولكن في المحصّلة لا أنشر قصيدة إلا إذا كان لها شكل أو بنية أو ما سمّيته قواماً.


> يقول الشاعر الفرنسي بول فاليري ان الالهام يأتي الشاعر بأول بيت ثم عليه أن يواصل كتابة القصيدة. أنت تكتب القصيدة في مراحل عدة ثم تصوغها مرة تلو مرة، كيف تولد القصيدة لديك وكيف تنتهي؟

- تولد عبر الايقاع. أكتب سطراً أولاً ثم تتدفق القصيدة. هكذا أكتبها ولكن عندما أجري عليها تعديلات أو تجري هي تعديلات على نفسها، تصبح قصيدة أخرى. كثيرون من أصدقائي النقاد يحاولون الحصول على مسوّداتي الشعرية. وأقول لهم انني أتلفها فوراً لأن هناك فضائح وأسراراً، فما من علاقة بتاتاً بين النص الأول والنص الأخير في أحيان. ولعل تغيير سطر شعري قد يغير كل بناء القصيدة فيخضع بناؤها لمحاولة ترميم وبناء جديدين. إنني معجب جداً ببول فاليري ناقداً وقارئاً وكاتباً ذا إرهاف عالٍ وذكاء ولا أستطيع أن أقول انني معجب به كشاعر. تماماً كما انني معجب بأوكتافيو باث كناقد ومنظر للشعر أكثر مما أنا معجب به كشاعر.


الإلهام الشعري


> وماذا عن الإلهام إذاً؟

- أعتقد ان هناك إلهاماً ما! ولكن ما هو هذا الإلهام؟ مرة حاولت أن أعرّف به فقلت انه عثور اللاوعي على كلامه. ولكن هذا تعريف غير دقيق وغير ملموس. الإلهام هو أحياناً توافق عناصر خارجية مع عناصر داخلية، انفتاح الذهن على الصفاء وعلى طريقة يحوّل بها المرئي الى لا مرئي واللامرئي الى مرئي من خلال عملية كيميائية لا يمكن تحديد عناصرها. أعتقد ان هناك سراً ما للحافز الشعري. لماذا ينهض الشاعر ويكتب؟ لماذا يأتي بالورق الأبيض ويعذب نفسه ولا يعرف الى أين هو ذاهب؟ خطورة العمل الشعري تكمن في أن لا ضمانات أكيدة للنجاح. الكتابة مغامرة دائمة وخطرة ولا تأمين لها، بل ليس هناك «شركة» تأمين توافق على المغامرة الشعرية بتاتاً و«حوادث المرور» في الشعر كثيرة جداً (يضحك). أحياناً تشعر بأن لديك رغبة طافحة في الكتابة. تجلس الى الطاولة فلا تكتب شيئاً. أحياناً تذهب متكاسلاً الى الطاولة فتفاجأ بأن الإلهام موجود فيك فتنكب على الكتابة. بعض الكتاب كانوا يترددون حيال الإلهام، إن كان موجوداً أم لا. ولكن إذا كان هناك إلهام فعلينا أن نعرف كيف ننتظره فهو لا يأتي وحده. علينا أن نتعاون معه مثلما نتعاون مع الغامض والمجهول ليتضح شيء ما.


> وماذا عن البيت الأول الذي يتحدث عنه فاليري!

- البيت الأول، من خلال تجربتي يكون أقل أهمية من السطور الأخرى. الشعر يبدأ من اللاشعر. والطريق الى القصيدة تكون متعثرة في البداية. وشخصياً ليس لدي بيت أول مهم لأن لا أبيات شعرية لدي أصلاً. القصيدة تتوالد وتتصاعد تدريجاً. وأحياناً قد يكون الإلهام الشعري سيئاً لكنه يعطيك نتيجة حسنة. ليس من مشكلة. وأسأل من جديد ما معنى الإلهام: الإلهام يقول لك: اجلس واعمل، اشتغل ويذهب. انه يحضّرك شعرياً، يغسلك داخلياً أو يوترك داخلياً أو يقيم توازناً بين الحرارة والبرودة، والبقية عليك، كشاعر، فأنت تعتمد على نفسك وعلى خبرتك وعلى طريقة العثور على نصك الخاص بك الذي يحمل ذاكرة كتاباتك كلها. فالورقة البيضاء أمامك هي مملوءة بالكتابات السابقة، كتاباتك. وأتذكر قولاً لإليوت مفاده أن النضج الأدبي هو أن نتذكر أسلافنا وأن نشعر بأن وراء هذا النص الشعري أسلافاً.


> حتى في القصائد التي تنطلق من موضوع معين أو واقعة معينة؟ مثلاً قصيدتك في ذكرى السياب أو قصيدتك عن محمد الدرّة أو عن ادوارد سعيد! كان هناك موضوع هو حافزك على الكتابة؟ هل هي الطريقة نفسها في الكتابة؟ أي ان الموضوع سابق للقصيدة؟

- هناك شعر يخلق موضوعه. ولكن عندما تكتب تذهب وفي ذهنك شيء غير محدد تماماً ولكنه مسمّى. هناك اسم لما تريد ان تكتبه، فأنت ستكتب شعراً في النهاية. وما تكتبه من مواقف وأفكار لا يعرّف بموضوعك بل بطريقة تعبيرك عن هذا الموضوع. هناك قصائد لا موضوع لها، أو ان موضوعها قائم في ذاتها وهي حافلة بالتوتر اللغوي، باللعب اللغوي أو بتمرّد اللغة عليك، أو محاولة سيطرتك على اللغة. المشكلة أن الشاعر يظن انه يقود اللغة. ليس هذا صحيحاً. اللغة أشدّ سيطرة على الشاعر لأن لها ذاكرتها ومنظومتها ونسقها وتاريخها وتراثها. ما يقدر أن يفعله الشاعر هو أن يعيد الحياة الى لغة أصبحت مألوفة وعادية. وكما يقول هيدغر الشاعر هو وسيلة اللغة وليست اللغة هي وسيلة الشاعر.


> هل تعاني من مأزق الورقة البيضاء، هذا المأزق الذي يتحدث عنه كثيرون من الشعراء؟

- عندما تكتب تذهب الى مصيرك وحدك، من دون معاونة أحد. وإذا وجدت من يعاونك فهو يلغيك من شدة حضوره. في كل شاعر آلاف من الشعراء. ليس هناك من شاعر يبدأ من الفراغ أو البياض، قد ينتهي الشاعر في البياض. فالبياض لون غير موجود في الكتابة. في كل شاعر تاريخ الشعر منذ الرعويات الشفهية الى الشعر المكتوب، من الشعر الكلاسيكي الى الشعر الحديث. ثم ان الشاعر يخاف من قراءاته، أن يقفز منها شيء الى نصه في طريقة لا واعية، شيء ملتبس يكون في ذهنه. وأعتقد ان ليس من نص خاص لشاعر معين. الشاعر يحمل خصائص أو ملامح جميع الشعراء الذين قرأهم ولكن من دون أن يخفي ملامحه، أي مثل الحفيد الذي يحمل ملامح جدّه من دون أن تختفي ملامحه الخاصة. السؤال الصعب المطروح على كل شاعر هو: في أي جهة من الورقة البيضاء تستطيع أن تضيف جديداً؟ هذه هي الصعوبة. ولذلك الشعر الحقيقي قليل ونادر.


> عندما أقرأ قصائدك لا أشعر بأن لديك أزمة في الكتابة أو في التعبير! فمعجمك الشعري واسع جداً مما يدل على انك تتخطى أزمة «الورقة البيضاء». شعرك سيّال ومتدفق! من أين يأتي هذا الاتساع الشعري أو الرحابة وهذا السطوع؟ هل من المراس الشعري أم من التجربة الداخلية؟

- أولاً أشكرك على هذا الرأي وهو رأي نقدي أعتز به كثيراً. لماذا؟ لأن أزمتي لا تظهر في قصيدتي، بل في ما قبل القصيدة. أزمتي هي مع ماضي القصيدة. في القصيدة يجب ألا تظهر معاناتك كشاعر، ولا عذابك الذي يسبقها. القارئ يرى المولود ولا يعرف ما هو المخاض. يرى الشيء في هيئته الناضجة. أما ما وراء ذلك فلا. ولو كان الشعر في هذه السهولة لما كان الورق الأبيض يتسع للقصائد. لا. على الشاعر أن يخفي معاناته وأن يبدو وكأن قصيدته كتبت نفسها. يجب ألا يظهر الجهد. أتذكّر ما يقول الشاعر الألماني ريلكه في هذا الصدد: إذا أردت أن تكتب سطراً شعرياً واحداً يجب أن تكون قد زرت مدناً كثيرة ورأيت أشياء كثيرة وقطفت زهوراً كثيرة. فالقصيدة هي خلاصة كل هذه المعاناة والتجربة.


المعجم الشعري


> ولكن من أن تأتي رحابة معجمك الشعري؟ ثمة شعراء كبار في العالم معجمهم ضيق؟

- كان خوفي أن يكون معجمي الشعري أخطر من ذلك. كنت أخاف فعلاً. فأنا ألاحظ مثلاً أن بعض الشعراء العرب المهمين لديهم معجم شعري فقير. ولا أريد أن أسمي أحداً هنا.


> أنا أسمي سعيد عقل مثلاً، هو الشاعر الكبير معجمه محدود.

- لن أسمي أحداً. ربما عوالمي المتناقضة التي أشعر بها من حولي، لكل منها معجم مختلف عن الآخر. يعني انني أضع السماوي الى جانب الأرضي، الميتافيزيقي الى جانب المادي...


> والأروسي مع الصوفي...!

- أحب هذه العلاقات القائمة بين المتناقضات وهي تحتاج الى لغة تحمل هذا التوتر. ولا أخفيك انني أقرأ كثيراً. وربما للمرة الأولى أفصح عن أمر في حياتي: لديّ رياضة يومية، أفتح «لسان العرب» كل صباح في طريقة عشوائية وأقرأ عن كلمة ما وعن تاريخها وأصلها وعن الاشتقاقات التي خرجت منها. واكتشف دائماً انني لا أكتب العربية جيداً.


> وربما هنا قوتك.

- الاعتراف بالجهل يعلّم. أحسن معلّم أو أحسن حافز على التعلّم هو أن تعرف انك جاهل.


> شعرك لا يعبّر عن كونك شاعر فصاحة وبلاغة وشاعر معاجم...!

- أحاول أن أبسّط لغتي وأطرد منها المفردات الميتة، ولكن لديّ تمارين دائمة على فهم اللغة في طريقة أفضل.


> هل تقرأ الروايات مثلاً؟

- طبعاً.


> هل تقرأ الشعر، أنت الذي تدعو الشاعر الى عدم الإكثار من قراءة الشعر؟

- أعتقد أنها نصيحة جيدة في عمر معيّن. لأن الشعر مثل أي شيء جميل يصيب بما يشبه الاشباع أو التخمة. لا أحد يقدر على أن يأكل كيلو عسل. يقع في الاشمئزاز. الشعر مكثف كثيراً حتى إن الذائقة المتلقية لا تستطيع أن تستوعبه. وبالتالي فإن القليل منه هو الذي يجعله يأخذ مكانه أو وظيفته الحقيقية. ولكن في البداية، على الشاعر أن يقرأ الكثير من الشعر كي يسلس له الإيقاع وتسلس له اللغة ويربّي السليقة لديه فالسليقة إذا صقلت تساعد الشاعر على التخلص من النكد الشعري. فالشعر، مهما كان يحمل من أفكار وأبعاد فلسفية، يجب أن يبدو كأنه عفوي، وهذا يعود الى فعل السليقة المهذبة. إنني أقرأ كتب التاريخ كثيراً، أقرأ الكتب الفكرية والفلسفية وبعض الكتب التي لا علاقة لها بالشعر مثل «تاريخ القراصنة» أو «تاريخ الملح». أحب أن أنوّع قراءاتي خصوصاً في حقل الجغرافيا والبحار والبلدان.


> هل تشاهد السينما والمسرح؟

- نعم، طبعاً.


> هل هما من مصادرك الشعرية؟

- السينما من مصادري البصرية نعم. لكنها مصدر غير واضح كثيراً. لكنني أعترف إنني عاشق كبير للرواية.


> هل فكرت يوماً في أن تكتب رواية مثل الكثير من الشعراء الذين كتبوا الرواية على هامش شعرهم؟

- مع حبي غير المحدود للرواية لم أفكر يوماً في كتابتها. لكنني أغبط الروائيين لأن عالمهم أوسع. والرواية تستطيع أن تستوعب كل أشكال المعرفة والثقافة والمشاكل والهموم والتجارب الحياتية. وتستطيع أن تمتصّ الشعر وسائر الأجناس الأدبية وتستفيد منها الى أقصى الحدود. والجميل في الرواية انها غير عرضة للأزمات، ذلك ان في كل كائن بشري رواية. وهذا ما يكفي لملايين السنين، وليس على الروائي إلا أن يستوحي التجارب. لم أفكر في كتابة الرواية لأنني لا أستطيع أن أضمن النتائج. والرواية تحتاج الى جهد وصبر هما غير متوافرين فيّ. هناك شعراء كثيرون أتقنوا الشعر والرواية. وبعضهم سطت روايتهم على شعرهم وبعضهم سطا شعرهم على روايتهم فغدت رواية متشعرنة، فيما يجب أن تتوافر في الرواية لغة السرد ومنطق الشخصيات وسواهما. إنني أحب الرواية – الحكاية. رواية اللارواية لا أحبها كثيراً وأعدّها عبارة عن ثرثرة لغوية. قد تكون جميلة لكنها ليست من النوع الروائي الذي أحبه. قرأت أخيراً رواية أدهشتني هي «عمارة يعقوبيان» للكاتب المصري علاء الاسواني، وما أدهشني في هذه الرواية انها لا تحتاج الى كتابة ولا الى لغة أدبية، وقوة التجربة الانسانية فيها أغنتها عن اللغة.


> ما رأيك بمقولة ان المستقبل هو للرواية وليس للشعر؟ وأن الزمن الآن هو زمن الرواية؟

- أود أن أذكرك انه كان ذات مرة زمن للقصة القصيرة. والقصة هذه لها مواسم. أحياناً تزدهر وأحياناً تنطفئ وتغيب. الرواية هي كتابة جديدة في معنى ما، فالشعر سبقها بآلاف السنين. وقد تغري بالقول ان الزمن الآن هو زمنها وانها أصبحت «ديوان العرب» كما يقال. شخصياً لا أحب هذا الاشتباك بين الكتابتين. الرواية لها عالمها والشعر عالمه. وفي بعض المجتمعات الرواية متطورة أكثر من الشعر وفي مجتمعات أخرى الشعر متطور أكثر من الرواية. لا أحد يستطيع أن يرسم صورة المستقبل أو أن يحتكرها. وأعتقد ان المستقبل هو للشعر كما هو للرواية.


> ولكن هل تعتقد ان الشعر قادر على ان يعبّر عن كل ما يجيش في نفسك وما يدور في رأسك من أفكار؟

- هناك شعراء يقولون ان اللغة لا تتسع لهم وانهم أكبر من اللغة. وجموح الشعراء الى إصدار مقولات كبيرة قد يكون مقبولاً. هل سمح لي الشعر أن أقول كل ما أريد أن أقول؟ ليس هذا هو السؤال الذي أطرحه على نفسي. بل هو: هل أستطيع أن أقول أكثر مما قلت؟ هذا ما يؤرقني. ولكن لا أحد يستطيع أن يكتب كل ما في داخله. هناك أدباء كتبوا أكثر مما في قدرتهم، أي انّ كلماتهم أكبر من عالمهم الداخلي ومن تجربتهم الحياتية والانسانية. شخصياً لا أشكو من هذا الأمر. وأعتقد انني قادر على قول ما أشعر به وما أحلم به وما هو غامض في أشكاله المختلفة. ولكن في نهاية الأمر قد يكون من الصحيح ان الشاعر يقول شيئاً واحداً وأن الروائي يقول شيئاً واحداً. ولكن ما هو هذا الشيء؟ يكتب الشاعر ليصل الى هذا الشيء، ليكتشف ما يريد أن يقوله.


النثر الصوفي أهم من الشعر الصوفي


> مادمنا تحدثنا عن الصوفية، أعترف انني أحس ان لديك نزعة صوفية محفوفة ببعد ميتافيزيقي وخصوصاً في قصيدتك الطويلة «جدارية» التي اختبرت فيها تجربة الموت؟ ماذا يعني لك الشعر الصوفي؟ هل تقرأه؟

- قرأت الأدب الصوفي وأقرأه. وملاحظتي أن ليس الشعر هو أفضل ما فيه، بل النص النثري. مثلاً ابن عربي، نصه النثري أغنى كثيراً من نصه الشعري، ومملوء بالدلالات بل هو حافل بالألغاز والأسرار أكثر من شعره. أنظر الى الصوفية نظرة فكرية أو فلسفية، أنظر اليها نظرة شعرية من حيث هي مغامرة الذهاب الى الأقصى ومحاولة اتصال مختلفة بالكون ومحاولة بحث عمّا وراء هذا الكون، وما وراء الطبيعة، وعن الأسئلة الوجودية. ولا يعنيني في التجربة الصوفية معناها مقدار ما يعنيني سعيها اللغوي والعرفاني في بلوغ ما لا تبلغه المغامرات الأخرى. فهي مغامرة أدبية جعلت النثر أرقى من الشعر في الكتابة. وإذا أردنا أن نبحث عن المصادر الحقيقية التي أثْرت قصيدة النثر نجد الكتابة الصوفية النثرية مثل النفري والبسطامي والسهروردي وابن عربي. وهؤلاء كانوا شعراء من نوع آخر، أي بما يحملون من شحنات للسفر الى أبعد ما يمكن. ونحن لا نستطيع أن نذهب الى ما ذهب هؤلاء اليه. هذا هو الجانب الابداعي في الصوفية، ولكن هناك صوفية تشبه الشعوذة والسحر.


> ما رأيك بالشعراء الذين يستعينون بالمصطلحات الصوفية القديمة ليكتبوا شعراً صوفياً حديثاً؟

- أنا شخصياً غير مهتم بهذه المسألة. ولا أعتقد أن في عصرنا الحديث والصاخب هذا هناك مكان للشعر الصوفي.


> والصوفية الجديدة التي لا علاقة لها بالمصطلحات القديمة؟

- الصوفية الحديثة هذه هي شكل من أشكال التمرّد على طبيعة الحياة المعاصرة وعلى تشيّؤ الانسان وابتعاده عن السؤال الروحي والديني. وما نقرأه في الشعر هو ترصيع لبعض المصطلحات الصوفية الخارجة عن سياقها.


> وماذا عن البعد الميتافيزيقي الكامن في شعرك؟

- لعل سؤال الموت في شعري شديد الصلة بالبعد الميتافيزيقي. هناك نظرتان الى الموت: نظرة دينية تقول ان الموت هو انتقال من الزائل الى الخالد، ومن الفاني الى الباقي، ومن الدنيا الى الآخرة. وهناك نظرة أخرى أو فلسفية تعتبره نوعاً من الصيرورة، وترى ان الحياة والموت مترافقان في جدلية أرضية. أحياناً أكتب عن الموت ولكن من دون أن أتعمق كثيراً في السؤال الى أقصى حدوده. فالذهاب في السؤال الى أقصاه هو أمر مملوء بالألغام التي لا أستطيع أن أنزعها ولا أن أفجرها. في «جدارية» كتبت عن تجربة شخصية، كانت مناسبة لي للذهاب في سؤال الموت، منذ أقدم النصوص التي تحدثت عن الموت، ومنها ملحمة جلجامش التي تحدثت أيضاً عن الخلود والحياة. هذه التجربة كانت لي اطاراً صالحاً للسرد أو لما يشبه السيرة الذاتية. ففي لحظة الموت تمر حياتك أمامك وكأنها في شريط سريع. انني عشت هذا ورأيته. كل الرؤى التي كتبتها في القصيدة كانت حقيقية: المعرّي ولقاء هيدغر ورينيه شار... رأيت الكثير ولم أكتب كل شيء. لكنني لاحظت ان القصيدة كانت مشدودة الى سؤال الحياة أكثر من سؤال الموت. والقصيدة في الختام كانت نشيداً للحياة. أهم عبرة استخلصتها من هذه المسألة ان الحياة معطى جميل، هدية جميلة، كرم إلهي غير محدود، وعلينا أن نحياها في كل دقيقة. أما سؤال الخلود فلا جواب عليه منذ ملحمة غلغامش حتى اليوم. هناك جواب ديني ولكن كشاعر لا أحب أن أدخل في الجدال الديني. الانسان يؤمن بما يعرف وبما لا يعرف. بل هو مشدود الى الإيمان بما لا يعرف، وأهم أمر في الصراع بين الحياة والموت أن ننحاز الى الحياة.


> ما دمنا نتكلم عن الدين نلاحظ أن في شعرك أثراً توراتياً ولا سيما من «نشيد الأناشيد»، يتمثل في غنائيتك العالية في ديوان «سرير الغريبة» وسواه! ما الذي يجذبك كشاعر في النص التوراتي وكيف أثر فيك؟

- في البداية، درست في الأرض المحتلة، وكانت بعض أسفار التوراة مقررة في البرنامج باللغة العبرية، ودرستها حينذاك. لكنني لا أنظر الى التوراة نظرة دينية، أقرأها كعمل أدبي وليس دينياً ولا تاريخياً. حتى المؤرخون اليهود الجادون لا يقبلون أن تكون التوراة مرجعاً تاريخياً. أو لأقل انني انظر الى الجانب الأدبي في التوراة. وهناك ثلاثة أسفار مملوءة بالشعر، وتعبر عن خبرة انسانية عالية وهي: سفر أيوب، سفر الجامعة الذي يطرح سؤال الموت، ونشيد الأناشيد.


> والمزامير؟

- بعض المزامير، فهي أقل أدبية من الأسفار التي ذكرتها. إذاً التوراة هي كتاب أدبي بالنسبة إليّ، وفيها فصول أدبية راقية وشعرية عالية.


> هل التوراة مصدر من مصادرك؟

- لا شك في أنها أحد مصادري الأدبية.


> هل أعدت قراءة التوراة بالعربية؟

- أجل، قرأت ترجمات عربية عدة ومنها الحديثة. وأحب فيها بعض الركاكة. فمثل هذه الكتب يجب أن يترجم في طريقة خاصة. و«نشيد الأناشيد» يعتبره كبار الشعراء في العالم من أهم الأناشيد الرعوية في تاريخ الشعر، مع غض النظر عن مصادر هذا النشيد الفرعونية أو الآشورية.


> هل يمكن الكلام برأيك عن حداثة محمود درويش، هذه الحداثة الممكن وصفها بـ «الحداثة الاستخلاصية» التي تتآلف فيها مدارس عدة ولكنها تبدو كأنها بلا مدرسة أو كأنها مدرسة بنفسها؟ حداثة خاصة خارج حداثة مجلة «شعر» وسائر الحداثات الأخرى؟

- يبدو لي انك تفهم حداثتي أكثر مني. سؤال الحداثة سؤال محيّر. وأن تُحصر الحداثة في الحداثة الشعرية، فهذا يعني ان لا حداثة أخرى في المجتمع العربي. ومن مآزق الحداثة العربية انها متحققة في الشعر وربما في مراكز الشرطة أو الأمن. حاولت الحداثة الشعرية ان تقوم مقام الحداثة الفكرية والفلسفية والعلمية والاجتماعية، أي انها حمّلت نفسها مهمات لا تستطيع فعلاً أن تتحملها. اطلعت طبعاً على مفاهيم الحداثة بعدما جئت الى العالم العربي هاجراً فلسطين. قبل ذلك لم أكن قد اطلعت على تلك المفاهيم. ففي فلسطين المحتلة كنت أعيش في ظروف صعبة وكنت أطلع على الشعر العربي والعالمي من دون أن يكون سؤال الحداثة ملحاً عليّ مثلما كان ملحاً على الشعراء العرب. كان لدينا حينذاك سؤال المقاومة الثقافية، سؤال الهوية، وكان علينا أن نصونها من الذوبان. كيف ندافع عن حقنا في الوجود؟ كيف نزيل الاشكالية بين الجنسية والهوية؟ كيف يقوم الشعر في تغيير ما، أو هل يستطيع الشعر أن يغيّر؟ كانت الأسئلة بعيدة الى حد ما عن انشغال الساحة بأسئلة الحداثة. وأنا نشأت في هذا الجو وكتبت فيه. وعندما خرجت الى العالم العربي كنت الى حد ما معروفاً، وكنت أسمّى شاعر المقاومة وشاعر الأرض المحتلة... لكن اصطدامي بسؤال الحداثة والتجارب الشعرية الحديثة جاء متأخراً. ولا أعرف ان كنت وضعت داخل الحداثة العربية أم ما زلت خارجها. لا أعرف.


> وما رأيك بما يقوله بعضهم عن «حداثة» محمود درويش؟

- أنا لست جزءاً من مدرسة، ولست طالباً لمعلم معين وهذا عيــب. كنت أتمنى أن يكون لي معلم شعـــري، فهو كـان ليوفر عليّ ربما أعباء تعليمية كثيرة. كنت شديد الاصغاء والتأمل والتأثـر حيال سؤال الحداثـة الشعـريـــة العربية. لكنني لم أتخلّ عن ربط الحداثة بمشروع تحرري، أي ان نتمكن من تحرير المجتمع بالقصيدة الحديثة. أو ان على الحداثة الحقيقية أن تكون منظومة أفكار تشمل كل مستويات المجتمع وليس الشعر وحده. ولكن بما أن الشعر هو حقل عملنا ولا إمكان آخر لنا، فليكن ذلك. ولنعش هذا الوهم الجميل. وما زلت أرى أن لا حداثة شعرية عربية حقيقية خارج جماليات الشعر العربي. فهذه الجماليات يجب على الحداثة العربية أن ترتكز اليها لتتميز عالمياً. لم أدخل في أفق التنظير ولم أسع الى أن أكون حديثاً أم غير حديث، ولكن أعتقد ان قصيدتي حديثة. و في أي معنى هي حديثة؟ أي أنها تصغي الى ايقاع الزمن الجديد وتجري تحولات في العلاقة بين الكلمات والأشياء وتحاول أن تبقي اللغة حية وتعيد الى هذه اللغة حياتها باستمرار، وأن تطوّر أدواتها من خلال علاقة هذه الأدوات بما كنا نسميه الدور الذي تلعبه القصيدة الحديثة في الذائقة الشعرية وفي مشروع التحرر.






* غداً الحلقة الثالثة من الحوار.


الطيب صالح وممدوح عدوان ودرويش

Post: #434
Title: Re: الحلقة الثانية من حوار عبدة وازن مع محمود درويش
Author: mazin mustafa
Date: 12-13-2005, 09:11 AM
Parent: #433

UP

Post: #435
Title: Re: الحلقة الثانية من حوار عبدة وازن مع محمود درويش
Author: بكرى ابوبكر
Date: 12-13-2005, 06:41 PM
Parent: #434

صديقى الغالى اسامة الخواص
البوست الجميل ده قمت بنهبه الى مكتبتك لمدة ساعات وها انذا اعيده للمنبر العام الحى لتواصل فيه بقلمك المتميز لتزيده علما و حبا بناءا على طلبا بارجاعه

Post: #436
Title: Re: الحلقة الثانية من حوار عبدة وازن مع محمود درويش
Author: osama elkhawad
Date: 12-13-2005, 06:53 PM
Parent: #435

شكرا بكري
واحب ان اضيف ملحوظة قال لي بها بكري في انه قد وجد صعوبة كثيرة في ارشفة بوستاتي,
ذلك انني غالبا ما اضع عنوانا يتفق مع مداخلتي
معليش
فارجو الالتزام بعدم تغيير عنوان المداخلة
وسنعود لايراد الحلقة الثالثة من حوار درويش في "الحياة"
وسنقوم ببعض التعليقات عليها والتي تندرج في ما نقول به حول علاقة درويش بالموت
محبتي
المشاء

Post: #437
Title: Re: الحلقة الثانية من حوار عبدة وازن مع محمود درويش
Author: osama elkhawad
Date: 12-13-2005, 07:11 PM
Parent: #436

يفتح دفاتره لـ «الحياة» في حوار شامل حول الشعر والحداثة وفلسطين (3) ... محمود درويش: أمي هي أمي وأنا ابنها المفضّل لأنني الغائب وسيرتي الذاتية كتبتها شعراً
عبده وازن الحياة - 12/12/05//

يتحدث الشاعر محمود درويش في الحلقة الثالثة من هذا الحوار عن مجلة «شعر» التي احتكرت برأيه الحداثة، وعن الشعراء الشباب والفوضى في المعترك الشعري الراهن. ويتذكر جزءاً من ماضيه ويدافع عن حبه لشعر المتنبي.


> نشرت في مجلة «شعر» بضع قصائد...

- أنا لم أنشر، المجلة أخذت القصائد من صحافة الداخل الفلسطيني. ولعلها المرة الوحيدة التي نشرت لي قصائد في «شعر».


> كيف تنظر الى مجلة «شعر»؟

- لا شك في أن مجلة «شعر» كان لها دورها وكانت لها أوهامها أيضاً. ومن أوهامها انها احتكرت مفهوم الحداثة الشعرية وحاولت ان تقصي التجارب الأخرى خارج «جنة» الحداثة، إذا جاز التعبير. وأعتقد بأن مجلة «شعر» مثلت تياراً من تيارات الشعر العربي الحديث وليس كل الشعر العربي الحديث. ومن عيوب التعامل مع هذه الظاهرة ان هناك دراسات جامعية تدرس الشعر الحديث من خلال مجلة «شعر» فقط. ويجب ألا ننسى أنّ كان هناك مجلة «الآداب» وكان هناك الشعر العراقي والشعر المصري... وهذه تيارات أساسية في الشعر العربي الجديد. ليس كل شعراء مجلة «شعر» استطاعوا أن يُكرِّسوا أو أن يحققوا مكانة شعرية كبيرة. هناك بضعة شعراء فقط.


> كانت مجلة شعراء أكثر مما كانت مجلة منفردة بذاتها أو مجلة تيار واحد!

- حاولت أن تكون مجلة تيار وانشغل بعض شعرائها بالتنظير الزائد عن اللزوم أحياناً. إنها مثل أي حركة شعرية، خرج منها في نهاية الأمر بضعة شعراء مهمّين.


> والمعركة الفكرية الحداثية التي خاضتها هذه المجلة هل عنت لك شيئاً؟

- إنني اطلعت على المجلة متأخراً أي بعدما خرجت من فلسطين وكانت قد توقفت عن الصدور. وكانت المعركة التي أعلنتها قد انتهت، خصوصاً بينها وبين مجلة «الآداب». إلا أن المعركة الشعرية الحداثية مستمرة حتى الآن ولكن عبر أدوات أخرى: هل الشعر يعرّف بما يقوله أي بموضوعه أم في كيفية ما يقول؟ هل للشعر دور ما؟ هل يجب أن يكون على علاقة بالقارئ أم لا؟ وما هي العلاقة بين المتلقي والشاعر؟ هل الذات الكاتبة هي وحدها في العملية الشعرية أم ان ثمة ما يشاركها، كاللغة مثلاً؟ مثل هذه الأسئلة ما زال مستمراً حتى الآن. هل عزلة الشعر هي مقياس من مقاييس جودة الشعر؟ ذيول المعركة ما زالت قائمة حتى يومنا. وأعتقد ان من الجميل أن يكون هناك تيارات، عوض أن يكون هناك تيار واحد متسلّط على الساحة الشعرية.


> لكن «شعر» لعبت الدور الرئيس في ترسيخ القصيدة الحديثة!

- لمَ لا؟ لكن «الآداب» لعبت مثل هذا الدور أيضاً.


> لكن «شعر» حصرت مشروعها في الشعر بينما «الآداب» كان مشروعها أدبياً ورفضت قصيدة النثر؟

- أنا لم أطلع على المشهد عندما كان قائماً. جئت متأخراً، ذلك انني خرجت في العام 1971. وكانت وقعت هزيمة 1967 التي غيّرت مفاهيم مجلة «شعر» نفسها.
مع الشاعر المصري أحمد عبدالمعطي حجازي



«مواقف»


> «مواقف» مجلة الشاعر أدونيس هل تابعتها حينذاك؟

- صدرت «مواقف» عندما كنت في بيروت وكنت في مرحلة من أسرة تحريرها.


> كيف ترى الى «مواقف» لا سيما في تلك الفترة؟

- مجلة «مواقف» أضافت بدورها. وحاولت أن تقيم علاقة بين الابداع والفكر والثورة والتغيير، بين الابداع والحرية. كانت «مواقف» تمثل حالاً من القطيعة مع مجلة «شعر»، لكنها قطيعة تطويرية. واتجهت نحو السؤال الفكري ولم تكن مجلة ابداعية فقط.


> لماذا انسحبت من أسرة تحريرها؟

- لم أنسحب لخلاف أو سواه، ولكن كان عندي مجلة «شؤون فلسطينية» ثم أصدرت «الكرمل» في العام 1981.


> الإشكال الذي أثاره تصريحك قبل فترة حول شعر الحداثة كيف توضحه، خصوصاً بعدما ترك التباساً أو سوء فهم؟

- أولاً لم أتعرّض للشعر الجديد وشعر الحداثة. سئلت في تونس في لقاء صحافي كبير جداً، عن أزمة العلاقة بين المتلقي والشعر الجديد. وقلت إن هناك أزمة فعلاً لأن بعض الشعراء يستمرئون عزلتهم ويضعونها هدفاً، من غير أن تكون نتيجة طبيعية لتطور ما في نص شعري جديد على الذائقة. هناك شعراء يقيسون جمالية شعرهم بمدى عزلتهم عن القارئ. وهناك سبب آخر وهو أن القارئ لا يريد أن يقترب من شعر يرفضه كمتلقٍ. وأنت تعرف أن الشاعر ليس وحيداً في الكتابة، إنه طرف في المعادلة الشعرية، هناك الشاعر، هناك اللغة التي تفرض نفسها على الشاعر، وهناك طرف ثالث لا يتم الفعل الابداعي من دونه وهو القارئ. هذا الثلاثي هو الذي يساهم في تطوير الفعل الشعري وفي تحقق القصيدة. وهذا التحقق لا يتم إلا من خلال تفاعل ما، بين القارئ والشاعر. لم أتعرّض لأحد ولا أحب أصلاً التعرض لأحد. كل شاعر حر. وأردد دوماً أن على السجال الشعري اللامجدي أن ينتهي. قصيدة النثر هي خيار شعري مكرّس وفيها أعمال ابداعية جميلة جداً. ويجب أن ننظر الى الشعر في كل خياراته، العمودي والتفعيلي والنثري، والى مدى تحقق الشعرية في القصيدة. هذه نظرتي العامة ولا يمكنني أن أكون تقليدياً أو رجعياً، الى حد أن أرفض أي اضافة أو أي اقتراح شعري جديد.


> هل تقرأ الشعراء الجدد والشباب؟

- أقرأهم دوماً وأتعلّم منهم وأراقب دوماً التوجهات الجديدة في علاقة الشعراء باللغة والنص والبناء والايقاع، لكي أستوعب ايقاع العصر الجديد. قد أكون هرمت من دون أن أدري. قد أكون تحولت الى تقليدي من دون أن أعلم. تجارب الشعراء الجدد ولو لم تكن ناضجة، تلفت نظري الى مسارات جديدة عليّ أن أنتبه لها وأن استفيد منها إذا كانت قادرة على امداد النص الشعري بدم جديد وحياة جديدة. ولكن لنعترف، هناك فوضى، سواء في الشعر العمودي أم التفعيلي أو النثري، هناك فوضى. وهذا طبيعي، لأن لا رقابة على النشر، وأقصد بالرقابة الرقابة الأدبية والابداعية التي تضع معايير وتحدد للقارئ، مفاتيح ما هو شعري وما ليس شعرياً. سهولة النشر كبيرة جداً وكل الصحف العربية فيها صفحات ثقافية يجب أن تمتلئ بما توافر، والمحررون يكونون أحياناً في مستوى لا يؤهلهم لتقويم الشعر. لذلك تعمّ الفوضى، وهي ليست من سمات عصرنا، ففي كل العصور كان هنا فوضى. لكنّ صعوبة النظم كانت تحول الى حد ما دون استتباب الفوضى. فالنظم يتطلب أدوات عروضية ولغوية قوية وقد يكون مجرد نظم خالٍ من الشعر.


> مَن يتحمل مسؤولية هذا الفلتان الشعري؟

- الفوضى النظرية التي عرّفت الحداثة بها، كل شيء غير منضبط في شكل، يستطيع أن يدّعي شاعره أنه ينتمي الى الحداثة. والآن عندنا تسمية جديدة هي ما بعد الحداثة. ونحن ما زلنا نعيش في عصر ما قبل الحداثة.


> لكن الشاعر الفرنسي لو تريامون يقول إن على الشعر ان يكتبه الجميع!

- أعتقد أن كل كائن بشري يحاول أن يكتب شعراً. والفرق ان هذا الشعر لم تُتح له فرصة النشر، أو ربما فرصة التكوّن. وكما تعرف في فترة المراهقة يكتب المرء ما يشبه الخواطر ويقلّد بعض الأدباء. وهذه الكتابات غالباً ما تكون شخصية. يجب أن يكتب كل الناس، كما قال لوتريامون، لكي يخرج من هؤلاء شعراء وروائيون وكتّاب...


> لا تزال تصرّ على «صدمة» جمهورك، وما زال هذا الجمهور يتابعك في أمسياتك الشعرية. كيف تنظر الى هذا الجمهور والى «الصدمة» التي تحدثها فيه عندما تقرأ له قصائدك الجديدة التي تختلف عن القصائد الأولى التي يميل اليها عادة؟

- لا أعرف ان كان الجمهور يميل الى القصائد الأولى حقاً. لم يعد الجمهور يطالبني كما في السابق بأن أقرأ ما في ذاكرته من شعري. وهذا حسن. واستطعت أن أجد ما يشبه الثقة المتبادلة بيني وبين القراء. إنني لا أحب كلمة جمهور. لنقل المتلقي أو القارئ. فالجمهور ليس كتلة واحدة متجانسة. وأنا لا أستطيع أن أتكلم عن الجمهور بطلاقة، لأنني سأرتكب أخطاء كثيرة. ثم من هو الجمهور؟ قد يكون مجموعة من الشعراء والمثقفين، قد يكون من سائقي التاكسي أو ربات البيوت أو الطلاب، وقد يكون لكل مجموعة الحق في أن تقيم علاقة مع الشعر. المشكلة عندنا ان القارئ العربي يشعر بأن من حقه أن يتدخل في تحديد مفهوم الشعر. وكل قضية من هذا النوع تتحول قضية عامة قد يهددها خطر التبسيط، لئلا أقول الابتذال. إنني أواكب قرائي مثلما هم يواكبونني وهم يتطورون ويتغيرون. وأكثر ما يسعدني في هذا الوقت، انني أفاجأ أينما ذهبت بأن الذين يحضرون الأمسيات الشعرية هم في ما يقارب التسعين في المئة من الجيل الجديد ومن الشباب في العشرينات. وهذا يعني أن قرائي الذين يحبون قصيدة «سجل أنا عربي» رحلوا وتركوني أو أنهم اكتفوا بذلك. إذاً اقتراحي الشعري هو أن من حق الشاعر أن يواصل تطوير لغته وأن يحميها من التكرار والارهاق. حتى اللغة الشعرية تصاب بالارهاق، وعلى الشاعر أن يجدد صورها واستعاراتها. هناك إذاً علاقة تتجدد مع تجدد الذائقة والعصر والزمن. هناك ثقة متبادلة، وإذا حقق الشاعر الثقة مع قرائه فقراؤه يعطونه الحرية في أن يطور نفسه كما يشاء. وإذا لم يكن هناك من ثقة أو إن كان ثمة جدار بين الشاعر والقراء، فالأمر يصبح قيداً ثقيلاً. بعض الشعراء يستهزئون بهذا القارئ وبعضهم يقدمون له تنازلات ويسمعونه ما يريد أن يسمع، ويكتبون له ما يريد أن يقرأ.


شعراء البدايات


> أي شعراء تركوا فيك أثراً شعرياً منذ البدايات؟

- أوه...


> مَن كنت تقرأ عندما كنت في فلسطين؟

- لم يكن عندي شاعر واحد أتعلّم عليه. كانت الكتب المتوافرة عندنا في الداخل هي ما تبقى من مرحلة الانتداب البريطاني. كنا في حالة حصار ثقافي حقيقي. كنت أعرف السياب جيداً والبياتي وكنت أقرأ نزار قباني أيضاً، وهو كان حاضراً في مراهقتي الشعرية. قرأت في تلك الفترة «الداخلية» غارثيا لوركا وبابلو نيرودا وتأثرت بهما وخصوصاً لوركا. كان المتاح لنا من الشعر العربي الحديث قليلاً. فيما الشعر الكلاسيكي العربي متوافر وكذلك الشعر المهجري، وكنت أميل الى غنائية هذا الشعر والى بساطته. وفي الشعر المصري اطلعت على بعض أعمال صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطي حجازي. أدونيس لم يكن معروفاً في الداخل ولم يكن شعره وصل إلينا. القصيدة الأولى التي قرأتها لأدونيس كانت في العام 1968 على ما أعتقد، وكانت فدوى طوقان تزورنا في حيفا ومعها مجلة فيها قصيدة لأدونيس، لم أعد أذكر ان كانت «هذا هو إسمي» وأعجبتني كثيراً. ولكن لم يكن لأدونيس حضور في فلسطين، في تلك المرحلة كما الآن. مصادرنا الأخرى كنا نقتبسها من الصحافة مثل «الاتحاد» و«الجديد» في حيفا.


> كتبت أنت في الصحافة حينذاك!

- كنت رئيس تحرير مجلة «الجديد» ومحرراً في جريدة «الاتحاد» وكنت أكتب افتتاحيات ومقالات سياسية. دخلت عالم الصحافة باكراً، في العشرين من عمري وأقل. وكانت خياراتنا الأدبية خاضعة لاعتبارات يسارية.


> كنت في الحزب الشيوعي الاسرائيلي!

- نعم.


> من هم الشعراء الذين تفضلهم الآن وتقرأهم؟

- هناك شعراء أجانب كثيرون أقرأهم. والأكثر قرباً هو ديريك والكت. في السنوات الأخيرة كان والكت شاعري المفضل في اللغة الانكليزية. وربما هو أفضل من يكتب في هذه اللغة الآن. وهناك شيموس هيني. أعجبت كثيراً بالشاعر البولندي ميلوش وبالشاعرة تشمبرسكا. وكذلك أنا شديد الاعجاب بالشاعر اليوناني ريتسوس، وكنت على صداقة معه. فرنسياً إنني شديد الإعجاب بسان جون بيرس ولويس أراغون ورينه شار... وهؤلاء أقرأهم مترجمين الى الانكليزية أو العربية، ففرنسيتي لا تسمح لي بأن أحتك بنصوصهم في اللغة الأم. وفي الشعر الأميركي اللاتيني شاعري المفضل هو بابلو نيرودا. وفي الشعر الإيطالي أحب أوجينيو مونتالي شاعراً وناقداً. المشهد الشعري عالمياً في النصف الثاني من القرن العشرين، أو في القرن العشرين كله، كان من أغنى المشاهد الشعرية في التاريخ. أحب أيضاً الشاعر اليوناني جورج سيفيريس وكذلك الشاعر اليوناني إيليتس.


> وما قصتك مع المتنبي؟

- المتنبي، على الاختلاف الكبير معه حول نزعته الى السلطة ومدائحه وهجاءاته، أعتبر انه يلخص الشعر العربي الكلاسيكي. واذا أردنا أن نقرأ الشعر العربي كله مجازاً في شاعر واحد نقرأه في المتنبي. ثم إذا أردنا أن نقرأ الشعر المختلف عن شعر المتنبي نقرأ أبا العلاء المعري.


> وأبو تمام أين تضعه؟

- أبو تمام، مشروعه التحديثي (بين موسين) هو الذي سمح للحركة الشعرية العربية أن تتجدد. طبعاً هو من الشعراء الكبار، لكنه شديد التقعّر ومشغول بنحت الكلمات وخلق الصور الغامضة.


> وأبو نواس أليس هو من أوائل الشعراء «المدنيين»؟

- طبعاً طبعاً، أبو نواس نقل الشعر من البداوة الى المدنية. العصر العباسي هو العصر الذهبي للشعر العربي الكلاسيكي، ولكن في موازاة الشعر الجاهلي.


> ألا تعتقد ان المتنبي في «الأنا» المتضخمة عنده والنرجسية ترك أثراً سلبياً في الشعر العربي؟ كأن يقول: «أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي...». من هو هذا الشاعر الذي يجرؤ أن يقول إن الأعمى قرأ أدبه؟ ما هذه المغالاة؟ ما هذا الاعتداد؟

- قد تصلح شخصية المتنبي وتناقضاته لكتابة مسرحية عنه. ربما هذه الجوانب سلبية لديه ولكن ما يعنيني في المتنبي هو شعره. لا شك في أن شعره يتمتع بجزالة رهيبة وفيه تختلط الحكمة مع العاطفة المتأججة. وهو يضع علامات لا يمكن أن تخطئها العين ولا الأذن. أنت تعرف المتنبي من غير أن يوقع قصيدته. وقدرته على أن يخلق سلطاناً شعرياً في هذا المستوى، لا نستطيع أن نمرّ بها مروراً محايداً.


> لكنّ هذا لا ينطبق على كل شعره.

- ليس من شاعر كل شعره جميل. وعندما أقرأ مدائحه وهجائياته أنسى الممدوح والمهجو وتطربني الجزالة الشعرية والبلاغة. القوة الداخلية لدى المتنبي حجبت عني أخلاقيته. أما انه ورّث «الأنا» المتضخمة الى غيره فإن «الأنا» لا تورّث. هناك شعراء آخرون متضخمون وفي كل العصور.


> ومشروع «التنبؤ» لديه!

- هذا المشروع ليس مشروع المتنبي وحده. العصر الرومانسي شهد مثل هذا المشروع، بل ان الرومانسية نفسها تقوم على هذا المشروع الرؤيوي ولا سيما الرومانسية الألمانية.


> ولكن هناك فرق بين الرؤيا والادعاء؟

- هذه الظاهرة موجودة عبر العصور حتى في عصرنا الحديث. وعلى الشاعر في عصرنا أنني خفف من دلالات فهمه لدوره. الشعر الآن يهتم بالهامشي أكثر مما يهتم بالقضايا الكبيرة. فكرة البطولة أو الفرادة ألغتها الحداثة الشعرية أصلاً. وأكرر ان هذا المشروع لا أعتقد انه من ميراث المتنبي. هذه خصائص بشرية. عندما تريد وصف وضع ما، في شكل تلقائي تلجأ الى الاستشهاد ببيت للمتنبي. وإن قلت ان المتنبي أكثر حداثة وحياة منا جميعاً فإنما قلت هذا من قبيل المجاز. وقامت عليّ القيامة لأن البعض أخرج كلامي من سياقه.


> أعود الى مسألة الريادة في الشعر العربي الحديث! ماذا تعني لك مقولة الرواد؟ هل ما زالت هذه المقولة مستمرة أم انها باتت مرتبطة بزمن معين؟

- أعترف بأني لا أستطيع أن أقرأ شعر معظم الرواد. وشعر هؤلاء يحتاج الى قراءة نقدية جديدة والى غربلة. وأهمية الرواد هي أهمية تاريخية، فهم شكلوا بشعرهم أو بأسمائهم نقطة انعطاف أو تمرد على القصيدة الكلاسيكية عبر خلق كلاسيكية تفعيلية جديدة. أي انهم تمردوا على التقليدية بما يمكن أن أسميه تقليدية أخرى. أنا لا أستطيع أن أقرأهم. انهم يحتاجون الى اعادة نظر، ولكن هذا لا يعني انني أخفف من أهمية دورهم التاريخي. الجامعات العربية وللأسف الشديد، لا تعرف مرحلة ما بعد الرواد. وكل جيل ما بعد الرواد غير مقروء جيداً، نقدياً وأكاديمياً. فجيل الرواد احتل مفهوم حداثة الشعر العربية، وأغلق الباب في وجه من أتى بعده. كل هذه المسألة تحتاج الى قراءة جديدة وإعادة نظر. أين تضع سعدي يوسف هذا الشاعر الكبير؟ فلا هو مع الرواد ولا مع جيل الستينات أو السبعينات؟ أين تضعه؟


> وأنت أليس أمرك هو نفسه؟

- إذا كنت أنا شاعراً مهماً فأين تضعني؟ إذاً الريادة يجب ألا تقف عند مرحلة تاريخية وتتجمد. الريادة يجب ان تكون أشبه بالصيرورة المستمرة والمتواصلة. وهناك انقلابات في الشعر العربي في السبعينات والثمانينات والتسعينات، وكل جيل يقدم ريادة من نوع مختلف. فعلى النقد العربي أو على الاكاديميات العربية ان تجري تحقيقاً جديداً في شأن الريادة ويجب أن يظهر الخط المستمر من جيل الرواد الى الآن. وهكذا يصبح في الإمكان النظر الى الشعر العربي كحركة حيوية متقدمة باستمرار وتنقلب على نفسها وتجدد نفسها بنفسها. ويجب عدم وضع حواجز حديد بين جيل وجيل.


> من الذي ينفّرك من الشعراء الرواد مثلاً إذا عدت الى قراءة آثاره؟

- لم أعد قادراً على قراءة شعر خليل حاوي مثلاً. والبياتي كذلك. لكنني أحترمهما. فهما غير قريبين الى ذائقتي. ومن المعروف أن الذائقة الشعرية مسألة ذاتية جداً، وأود ألا أذكر أسماء...


> هل عدت مرة الى كتب كنت تحبها ثم وجدت نفسك لا تحبها؟

- طبعاً، إننا نتعرض لخدع شعرية وفنية وثقافية. فما كان يبدو لنا جميلاً في زمن معين وعمر معين أو مرحلة معينة لم يعد يحمل حياة جديدة في ذاته تجعله قابلاً للقراءة في زمننا. لذلك فإن الأدب الباقي هو الأدب الذي يستطيع أن يخترق الأزمنة والأجيال ويحافظ على حداثته ومعاصرته، وعلى قابليته لأن يقرأ في زمن غير الزمن الذي كتب فيه.


> أحياناً نحس أن بعض القصائد تشيخ مثل الانسان!

- هذا إحساس مؤلم ولكنه مطمئن، فالخديعة لا تعمّر طويلاً.


> كيف تقرأ الآن شاعراً مثل نزار قباني؟

- لا أقرأه الآن بالبهجة التي كنت أقرأه بها من قبل، لكن هذا لا يعني أنني لا أحبه.


> نلاحظ أنك لم تكتب أي نص نظري في الشعر، علماً أن قصيدتك تحمل ما يشبه «البيان» الشعري بصمت! هل كتبت نقداً عندما عملت في الصحافة الفلسطينية في الداخل؟

- كنت أكتب مراجعات كتب، ولكن إذا قلت ان نظرتي الشعرية أو بياني الشعر موجودان في قصيدتي نفسها، فهذا يكفي. لماذا أضع نفسي في إطار نظري يصعب عليّ التخلص منه. وهذا لا يعني انني لا أحترم المنظرين، بل على العكس. لكن الملاحظ أن معظم الشعراء الذين ينظرون فإنما ينظرون لشعرهم، ويدافعون عن خيارهم الشعري، ولا يكونون منفتحين على تجارب الشعراء الآخرين ومستعدين لاستيعابها. ثم ليس لدي ميل الى التنظير، لأنني أخاف أن أخطئ.


> لكنك في الاحاديث الصحافية تنم عن ناقد يملك ذائقة ووعياً نقدياً!

- اكتفي بوضع ملاحظات، وهي ليست ناجمة عن مقولات أو نظريات متماسكة. ربما ليس لدي مؤهلات لهذا الأمر. ليس لدي هذا الميل.


> ألا تحس أحياناً انك في حاجة الى أن توضح أمراً ما في شعرك أو قصيدتك؟

- بين حين وآخر أكتب بعض النصوص عن الشعر وعن التجربة الشعرية، وأحاول أن أجيب على اسئلة تتعلق بهذه التجربة، ساعياً الى توضيح سوء فهم بريء أو مقصود حول تجربتي. عندما وقعت ديواني الجديد «كزهر اللوز...» في رام الله أخيراً كنت مضطراً على أن أرد على حملة قام بها شعراء فلسطينيون تحديداً، يريدون أن يتدرّبوا على الملاكمة وهم يرون ان شعري لم يعد شعر مقاومة، فقدمت بعض الملاحظات المكتوبة حول فهمي للشعر الوطني وشعر المقاومة، وأن علينا أن نفهم المقاومة في معناها الواسع وليس الضيق. وقلت أيضاً إن الحداثة لا تعرّف فقط بقصيدة النثر... أحياناً في بعض الحوارات الصحافية أو اللقاءات والمداخلات أعبّر عن مفهومي للشعر.


> هل تقرأ ما يكتب الشعراء من تنظير شعري؟

- ليس كل الشعراء.


السيرة الذاتية


> يبدو أن سيرتك الشعرية لا تظهر إلا في شعرك وخصوصاً في ديوان «لماذا تركت الحصان وحيداً» وفي «جدارية»، وكأن لا سيرة لك مع أنك تحب قراءة السيَر! ما سر غياب سيرة محمود درويش وطغيان الشعر عليها؟

- أولاً ما يعني القارئ في سيرتي مكتوب في القصائد. وهناك قول مفاده ان كل قصيدة غنائية هي قصيدة أوتو – بيوغرافية أو سير – ذاتية، علماً بأن هناك نظرية تقول ان القارئ لا يحتاج الى معرفة سيرة الشاعر كي يفهم شعره ويتواصل معه. ثانياً يجب أن أشعر بأن في سيرتي الذاتية ما يفيد، أو ما يقدم فائدة. ولا أخفيك ان سيرتي الذاتية عادية جداً.


> على العكس، أجد انها سيرة مثيرة جداً وصاخبة... فماذا عن طفولتك؟ ماذا عن أمك وأبيك؟ ماذا عن المنفى؟...

- لم أفكر حتى الآن في كتابة سيرتي.


> هل تخاف هذه السيرة؟

- لا. لا. لكنني لا أحب الإفراط في الشكوى من الحياة الشخصية ومشكلاتها. ولا أريد بالتالي أن أتبجّح بنفسي، فالسيرة الذاتية تدفع أحياناً الى التبجح بالنفس، فيصوّر الكاتب نفسه وكأنه شخص مختلف. وقد كتبت ملامح من سيرتي في كتب نثرية مثل «يوميات الحزن العادي» أو «ذاكرة للنسيان» ولا سيما الطفولة والنكبة... لا أريد أن أكرر هذا الموضوع وربما عندما أشعر بأن من الضروري أن أكتب سيرتي فسأكتبها. ربما عندما انقطع عن كتابة الشعر.


> والدتك التي غنيتها في قصيدة «أمي» ماذا تمثل لك الآن؟

- انها أمي. وهي ما زالت على قيد الحياة. أما الوالد فتوفي منذ عشر سنوات وقد أصيب بضربة شمس في الحج.


> وكيف علاقتك الآن بوالدتك؟

- أنا ابنها المفضل، والسبب بسيط لأنني الابن الغائب. غبت عنها سنوات طويلة ولكن كنا نلتقي قبل «الاغلاقات» من حين الى آخر

Post: #438
Title: Re: الحلقة الثانية من حوار عبدة وازن مع محمود درويش
Author: osama elkhawad
Date: 12-13-2005, 07:50 PM
Parent: #437

في حوار درويش اضاءة لما قلنا به عن علاقته بالموت
وحسنا اننا قلنابذلك قبل ان يقول به درويش ,
وهذا الحس كما قلت في ردي على بولا حول اتفاقاتنا الاساسية حول الحداثة,
والتي انكرها بولا في البداية,لكنه اقر بذلك,
هذا الحس لم يتأتي لي لاني منجم او كاهن او ساحر,كما قلت في دري على بولا,
وانما لانني اتعامل مع خطاب
فالي حديث درويش عن علاقته بالموت

سأله عبده وازن قائلا:
وماذا عن البعد الميتافيزيقي الكامن في شعرك؟
فرد درويش:
- لعل سؤال الموت في شعري شديد الصلة بالبعد الميتافيزيقي. هناك نظرتان الى الموت: نظرة دينية تقول ان الموت هو انتقال من الزائل الى الخالد، ومن الفاني الى الباقي، ومن الدنيا الى الآخرة. وهناك نظرة أخرى أو فلسفية تعتبره نوعاً من الصيرورة، وترى ان الحياة والموت مترافقان في جدلية أرضية. أحياناً أكتب عن الموت ولكن من دون أن أتعمق كثيراً في السؤال الى أقصى حدوده. فالذهاب في السؤال الى أقصاه هو أمر مملوء بالألغام التي لا أستطيع أن أنزعها ولا أن أفجرها. في «جدارية» كتبت عن تجربة شخصية، كانت مناسبة لي للذهاب في سؤال الموت، منذ أقدم النصوص التي تحدثت عن الموت، ومنها ملحمة جلجامش التي تحدثت أيضاً عن الخلود والحياة. هذه التجربة كانت لي اطاراً صالحاً للسرد أو لما يشبه السيرة الذاتية. ففي لحظة الموت تمر حياتك أمامك وكأنها في شريط سريع. انني عشت هذا ورأيته. كل الرؤى التي كتبتها في القصيدة كانت حقيقية: المعرّي ولقاء هيدغر ورينيه شار... رأيت الكثير ولم أكتب كل شيء. لكنني لاحظت ان القصيدة كانت مشدودة الى سؤال الحياة أكثر من سؤال الموت. والقصيدة في الختام كانت نشيداً للحياة. أهم عبرة استخلصتها من هذه المسألة ان الحياة معطى جميل، هدية جميلة، كرم إلهي غير محدود، وعلينا أن نحياها في كل دقيقة. أما سؤال الخلود فلا جواب عليه منذ ملحمة غلغامش حتى اليوم. هناك جواب ديني ولكن كشاعر لا أحب أن أدخل في الجدال الديني. الانسان يؤمن بما يعرف وبما لا يعرف. بل هو مشدود الى الإيمان بما لا يعرف، وأهم أمر في الصراع بين الحياة والموت أن ننحاز الى الحياة.

Post: #439
Title: Re: لاهوت الوردة-الحلقة الاخيرة من حوار عبده وازن مع درويش في "الحياة"
Author: osama elkhawad
Date: 12-14-2005, 12:59 PM
Parent: #1



> قلت مرة ان «البيت اجمل من الطريق الى البيت»؟ هل يذكرك هذا القول بكلام الشاعر الألماني هولدرلن عن «العودة الى البيت»؟

- كثيرون من الشعراء منذ هوميروس كتبوا عن ثنائية الطريق والبيت. كنت دائماً أميل الى تمجيد الطريق، والطريق بؤرة أساسية في الرؤيا الشعرية والصوفية. هذه الثنائية تتناوبها أوليات مختلفة. عندما كنت خارج الوطن، كنت اعتقد ان الطريق سيؤدي الى البيت وان البيت اجمل من الطريق الى البيت. ولكن عندما عدت الى ما يُسمى البيت وهو ليس بيتاً حقيقياً غيّرت هذا القول وقلت: ما زال الطريق الى البيت اجمل من البيت لأن الحلم ما زال اكثر جمالاً وصفاء من الواقع الذي أسفر عنه هذا الحلم. الحلم يتيم الآن. لقد عدت الى القول بأولية الطريق على البيت.


> إنها حالة عوليس إذاً؟

أجل، حالة عوليس الذي لم يجد نفسه ولا ما كان يتوقع، ولم يجد كذلك بينيلوب. وبحسب الحالة الراهنة عدت شعرياً الى التأمل أكثر في الدرب والسبب بسيط لأنني لم أجد البيت.


> متى توطدت علاقتك القوية بالبيت؟ في أي مرحلة من حياتك؟

- علاقتي القوية بالبيت نمت في المنفى أو في الشتات. عندما تكون في بيتك لا تمجد البيت ولا تشعر بأهميته وحميميته، ولكن عندما تحرم من البيت يتحوّل الى صبابة والى مشتهى، وكأنه هو الغاية القصوى من الرحلة كلها. المنفى هو الذي عمّق مفهوم البيت والوطن، كون المنفى نقيضاً لهما. أما الآن فلا أستطيع أن أعرّف المنفى بنقيضه ولا الوطن بنقيضه، الآن اختلف الأمر وأصبح الوطن والمنفى أمرين ملتبسين.


> أي بيت أحببت خلال منفاك؟ وهل من علاقة بين البيت والمدينة التي تكون فيها؟

- لا شك في هذه العلاقة. فالبيت لا ينفصل عن محيطه. بيت في حيفا يختلف عن بيت في باريس أو القاهرة أو بيروت. نوافذ البيت مفتوحة على أصوات الخارج. أما البيت المجازي الذي يخلقه الشاعر لنفسه فإنما هو بيت داخلي يخترعه الشاعر نفسه. إنه عبارة عن بيت شعري. هكذا يتحول البيت الى بيت شعر وبيت الشعر يصبح مسكناً أو مأوى. لذلك أحب كثيراً عثور العرب على كلمة واحدة ذات معنيين البيت أي المنزل والبيت الشعري، وهذا تطابق جميل.


> أول بيت سكنته بعد خروجك من فلسطين أين كان؟

- أول رحلة لي خارج فلسطين كانت الى موسكو. وكنت طالباً في معهد العلوم الاجتماعية، ولكن لم يكن لي هناك بيت في المعنى الحقيقي. كان غرفة في مبنى جامعي.


> كم أقمت في موسكو؟

- سنة. وكانت موسكو أول لقاء لي بالعالم الخارجي. حاولت السفر قبلاً الى باريس لكن السلطات الفرنسية رفضت دخولي الى أرضها. كان هذا في العام 1968. كان لدي وثيقة اسرائيلية لكنّ الجنسية غير محددة فيها. الأمن الفرنسي لم يكن مطلوباً منه أن يفهم تعقيدات القضية الفلسطينية. كيف أحمل وثيقة اسرائيلية وجنسيتي غير محددة فيها وأقول له بإصرار انني فلسطيني. أبقوني ساعات في المطار ثم سفّروني الى الوطن المحتل.


> هل أحببت موسكو؟

- كانت أول مدينة أوروبية وأول مدينة كبيرة أعيش فيها. طبعاً اكتشفت معالمها الضخمة ونهرها ومتاحفها ومسارحها... تصور ما يكون رد فعل طالب فتيّ ينتقل من إقامة محاصرة الى عاصمة ضخمة! تعلمت الروسية قليلاً لأتدبر أمور الشخصية. لكن اصطدامي بمشكلات الروس يومياً جعل فكرة «فردوس» الفقراء التي هي موسكو، تتبخر من ذهني وتتضاءل. لم أجدها أبداً جنة الفقراء، كما كانوا يعلّموننا.


> هل فقدت فكرتك المثالية عن الشيوعية في تلك اللحظة؟

- فقدت الفكرة المثالية لكنني لم أفقد ثقتي بالماركسية أو بالشيوعية. كان هناك تناقض كبير بين تصوّرنا أو ما يقوله الإعلام السوفياتي عن موسكو والواقع الذي يعيشه الناس، وهو مملوء بالحرمان والفقر والخوف. وأكثر ما هزّني لدى الناس هو الخوف. عندما كنت أتكلم معهم أشعر بأنهم يتكلمون بسرية تامة. وإضافة الى هذا الخوف كنت أشعر بأن الدولة موجودة في كل مكان بكثافة. وهذا ما حوّل مدينة موسكو من مثال الى مدينة عادية.


> الى أين سافرت بعد موسكو؟

- الى القاهرة.


> كم بقيت في القاهرة؟

- سنتين هما 1971 و1972.


> كيف كانت حياتك في القاهرة؟

- الدخول الى القاهرة كان من أهم الأحداث في حياتي الشخصية. في القاهرة ترسخ قرار خروجي من فلسطين وعدم عودتي اليها. ولم يكن هذا القرار سهلاً. كنت أصحو من النوم وكأنني غير متأكد من مكان وجودي. افتح الشباك وعندما أرى النيل أتأكد من أنني في القاهرة. خامرتني هواجس ووساوس كثيرة، لكنني فتنت بكوني في مدينة عربية، اسماء شوارعها عربية والناس فيها يتكلمون بالعربية. وأكثر من ذلك،وجدت نفسي أسكن النصوص الأدبية التي كنت أقرأها وأعجب بها. فأنا أحد أبناء الثقافة المصرية تقريباً والأدب المصري. التقيت بهؤلاء الكتّاب الذين كنت من قرائهم وكنت أعدّهم من آبائي الروحيين.


> هل التقيت طه حسين قبيل وفاته؟

- من سوء حظي أنني لم ألتقِ طه حسين، كان في وسعي أن ألتقي به، ولم يحصل اللقاء. وكذلك أم كلثوم لم ألتقِ بها. وحسرتي الكبرى انني لم ألتقِ هذه المطربة الكبيرة. كنت أقول انني ما دمت في القاهرة فلديّ متسع من الوقت لألتقي مثل هذه الشخصيات. التقيت محمد عبدالوهاب، عبدالحليم حافظ وسواهما والتقيت كبار الكتاب مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم.


> هل عملت في القاهرة؟

- عيّنني محمد حسنين هيكل مشكوراً في نادي كتّاب «الأهرام»، وكان مكتبي في الطابق السادس، وهناك كان مكتب توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وبنت الشاطئ. وكان توفيق الحكيم في مكتب فردي ونحن البقية في مكتب واحد. وعقدت صداقة عميقة مع محفوظ وادريس، الشخصيتين المتناقضتين: محفوظ شخص دقيق في مواعيده، ومنضبط، يأتي في ساعة محددة ويذهب في ساعة محددة. وكنت عندما أسأله: هل تريد فنجان قهوة استاذ نجيب؟ كان ينظر الى ساعته قبل أن يجيب، ليعرف إن كان حان وقت القهوة أم لا. أما يوسف ادريس فكان يعيش حياة فوضوية وبوهيمية، وكان رجلاً مشرقاً. وفي القاهرة صادقت أيضاً الشعراء الذين كنت أحبهم: صلاح عبدالصبور وأحمد حجازي وأمل دنقل. كان هؤلاء من الأصدقاء القريبين جداً. وكذلك الابنودي. كل الشعراء والكتاب الذين أحببتهم توطدت علاقتي بهم. والقاهرة كانت من أهم المحطات في حياتي.


> هل كانت القاهرة منطلقك الشعري الثاني بعد انطلاقتك الاولى في الأرض المحتلة؟

- نعم. ولكنني سأروي لك هذه الوقيعة: عندما كنت في القاهرة راحت الصحافة العربية وخصوصاً بعض الصحافة اللبنانية تهاجمني. وخصّت مجلة «الحوادث» غلافها مرة لي قائلة: ليته يعود الى اسرائيل. وراحوا يؤبنونني شعرياً معلنين انني انتهيت كشاعر. قبل أن أكتب، حكموا على ما سأكتب. في القاهرة تمّت ملامح تحوّل في تجربتي الشعرية وكأن منعطفاً جديداً يبدأ.


> ولماذا قامت هذه الحملة عليك؟

- كان يُنظر إليّ عندما كنت في الأرض المحتلة كوني شاعر المقاومة. وبعد هزيمة 1967 كان العالم العربي يصفق لكل الشعر أو الأدب الذي يخرج من فلسطين، سواء كان رديئاً أم جيداً. اكتشف العرب أنّ في فلسطين المحتلة عرباً صامدين ويدافعون عن حقهم وعن هويتهم. اكتسبت إذاً النظرة الى هؤلاء طابع التقديس، وخلت من أي ذائقة أدبية عامة. هكذا أُسقطت المعايير الأدبية عن نظرة العرب الى هذه الأصوات المقاومة بالشعر والأدب في الداخل. ومن القصائد المهمة التي كتبتها في القاهرة هي قصيدة «سرحان سرحان يشرب القهوة في الكافيتاريا» ونشرت في صحيفة «الأهرام» وصدرت في كتاب «أحبك أو لا أحبك».


> ما هي المحطة الثانية عربياً في مسارك الشعري؟

- انها بيروت، بلا شك. فبعد القاهرة انتقلت الى بيروت مباشرة. وأمضيت فيها نحو اثنتي عشرة سنة الى حين الخروج. عشت فيها من العام 1970 الى العام 1982. حنيني الى بيروت ما زلت أحمله حتى الآن. وعندي مرض جميل اسمه الحنين الدائم الى بيروت. ولا أعرف ما هي أسبابه. وأعرف أن اللبنانيين لا يحبون مديح مدينتهم في هذا الشكل. ولكن لبيروت في قلبي مكانة خاصة جداً. ولسوء حظي انني بعد سنوات قليلة من سكني في بيروت، وهي كانت ورشة أفكار ومختبراً لتيارات أدبية وفكرية وسياسية، متصارعة ومتعايشة في وقت واحد، لسوء حظي أن الحرب اندلعت. واعتقد ان عملي الشعري تعثر حينذاك.


> لكنك كتبت قصائد جميلة في بيروت؟

- أعتقد أن أجمل ما كتبت ديوان «تلك صورتها وهذا انتحار العاشق». ولكن بعد اندلاع الحرب صار الدم والقصف والموت والكراهية والقتل... كل هذه صارت تهيمن على أفق بيروت وتعكره. وبعض اصدقائي هناك ماتوا وكان عليّ أن أرثيهم. وأول من فقدت هناك غسان كنفاني. وأعتقد ان الحرب الأهلية في لبنان عطلت الكثير من المشاريع الثقافية والفكرية التي كانت تجتاح بيروت. وانتقل الناس الى جبهات مختلفة ومتناقضة ومتحاربة.


> هل شعرت يوماً انك طرف في الحرب اللبنانية؟

- لا، أبداً. أنا منذ البداية كنت أعبّر لأصدقائي ومعارفي عن تشاؤمي من نتائج هذه الحرب. وكنت أطرح السؤال الآتي: هل كان في وسعنا ألا نُستدرج كفلسطينيين الى هذه الحرب؟ كانت هناك أجوبة رسمية تقول أن دور الفلسطينيين في الحرب هو الدفاع عن النفس ومواجهة محاولة إقصائنا. ولكننا أخطأنا في بيروت عندما أنشأنا ما يشبه الدولة داخل الدولة.


> هل أزعجك هذا الأمر؟

- كثيراً. وكنت أخجل من اللبنانيين إزاء الحواجز التي كان يقيمها الفلسطينيون في الأرض اللبنانية ويسألون اللبناني عن هويته. طبعاً لكل هذه الأمور تفسيرات وتبريرات. ولكن كنت أشعر دوماً بالخجل. وكنت أطرح على نفسي أسئلة عدة حول هذه الأمور، حتى أمام أصدقائي المتحمسين للقضية الفلسطينية والحركة الوطنية. ومن هذه الأسئلة: ماذا يعني أن ننتصر في لبنان؟ هذا سؤال كان يلح عليّ دوماً. ولنفترض أننا انهينا الحرب وانتصرنا، فماذا يعني الانتصار هنا؟ أن نحتل لبنان ونتسلّم الحكم في لبنان؟ كنت متشائماً جداً. ولم أكتب عن الحرب اللبنانية إلا كتابة شبه نقدية.


> لكنك أسست مجلة «الكرمل» في بيروت وكأن لديك مشروعاً ثقافياً!

- هنا المفارقة.


> الوجود الفلسطيني في بيروت كان له بعد ثقافي وساهم في منح بيروت دلالة ثقافية عربية.

- تستطيع أن تقول هذا الآن، بعدما وضعت الحروب أوزارها، الحروب الفلسطينية – اللبنانية أو الحروب الأهلية... تستطيع من خلال رؤية محايدة أن تنظر الى الآثار الايجابية للتفاعل الفلسطيني مع الحياة الثقافية اللبنانية أو التفاعل اللبناني مع القضية الفلسطينية. هناك جوانب ايجابية فعلاً. هناك مركز الأبحاث الفلسطينية، مجلة «شؤون فلسطينية» ومجلة «الكرمل» وسواها... كنت أشعر بأن وجودي في بيروت سيطول ولم أكن أشعر بالحرج وكأنني مقيم في شكل شرعي. ولكن أن أكون مقيماً في شكل اجباري ومضاد لرغبة اللبنانيين عبر تعايشهم القسري معنا، فهذا كان يزعجني. وعندما خرجت القيادة الفلسطينية والمقاتلون الفلسطينيون من بيروت لم أخرج. بقيت في بيروت أشهراً عدة. لم أتوقع أن الاسرائيليين سيحتلون بيروت. ولم أجد معنى لخروجي في السفن مع المقاتلين. ولكن في صباح ذات يوم وكنت أسكن في منطقة الحمراء، خرجت لأشتري خبزاً وإذا بي أشاهد دبابة اسرائيلية ضخمة. دخلت اسرائيل قبل الإعلان عن الدخول. حينذاك وجدت نفسي وحيداً أتجوّل في الشوارع ولا أرى سوى الدبابات والجنود الاسرائيليين ورجالاً ملثمين. قضيت فعلاً أياماً صعبة جداً ولم أكن أعرف أين أنام.


> هل بقيت في الحمراء؟

- لا. قمت بحيلة. كنت أنام خارج البيت في مطعم، واتصل بجيراني لأسألهم ان كان الاسرائيليون سألوا عني. إذا قالوا: نعم جاؤوا، فكنت أدرك انهم لن يأتوا مرة أخرى، فأذهب الى بيتي، أتجمّم وأرتاح ثم أعود الى المطعم. الى أن حصلت الكارثة الكبرى وهي مجزرة صبرا وشاتيلا. عندذاك تيقنت من أن بقائي هناك ضرب من العبث والطيش.
عندما احتل الاسرائيليون بيروت عام 1982.



> وكيف خرجت؟

- رتّبت الأمر مع السفير الليبي في بيروت حينذاك، فهو كان في مقدوره أن يأخذني من منطقة الأشرفية التي كانت «الكتائب» تسيطر عليها، الى سورية. ولكن كان عليه أن يجد طريقاً ليأخذني من بيتي الى مدخل الأشرفية. اتفقنا مع ضابط لبناني أوجد لنا شارعاً كان سيمر به الرئيس الراحل شفيق الوزان، وكان هناك اتفاق بين الاسرائيليين والحكومة على ألا يتعرضوا لهذا الشارع. وفعلاً سلكنا هذا الطريق وخرجنا من بيروت. وعندما وصلنا الى طرابلس، ذهبنا الى مطعم لنأكل السمك بعدما مللنا أكل المعلبات. وبعدما دخلت الحمام لأغسل يديّ نظرت الى المرآة فرأيت أنفاً عليه نظارتان. لم أعرف صاحب هذا الوجه لثوانٍ. كأنني كنت أنظر الى وجه آخر. وعندما وصلت الى دمشق أقمت هناك أسبوعاً. وكان حصل حادث طريف جداً على الحدود السورية – اللبنانية. فالضابط اللبناني على الحدود الذي طلب أوراقي، وكنت أحمل جواز سفر تونسياً ديبلوماسياً، وجد ان اقامتي قد انتهت وهذه مخالفة قانونية. قلت له: صحيح، ولكن ألا تسمع الأخبار؟ ألا تعرف ان ما من سفارات أو دوائر تعمل؟


> الى أين سافرت من دمشق؟

- الى تونس. وكانت زيارة ورأيت خلالها الرئيس عرفات والأخوان في مشهد تراجيدي. رأيت كل الثورة الفلسطينية تقيم في فندق على شاطئ بحر. كان المشهد مؤلماً جداً ويستدعي كتابة رواية عن هذا المصير. لكن عرفات سرعان ما أعاد بناء مؤسسته. وقال لي للحين: واصل إصدار «الكرمل». كان مهتماً حتى بالجانب الثقافي. فقلت له أين أصدرها؟ قال لي: حيث تشاء، في لندن، في باريس، في قبرص... ذهبت من ثم الى قبرص كي أرتب شؤون الرخصة. وصدرت «الكرمل» من قبرص فيما كنت أنا أحررها في باريس وأطبعها في نيقوسيا وكان معاوني الكبير هو الشاعر سليم بركات.


> كم دامت إقامتك في باريس؟

- نحو عشر سنوات ولكن في شكل متقطع، إذ كنت أسافر باستمرار. وكنت هكذا قريباً من منظمة التحرير في تونس.


> كيف كان انطباعك عن باريس؟

- كانت باريس عبارة عن محطة أكثر منها إقامة أو سكناً.


> هل ساهمت باريس في انطلاقك عالمياً وفتحت لك الآفاق الرحبة؟

- لا أعرف. لكنني أعرف بأن في باريس تمت ولادتي الشعرية الحقيقية. وإذا أردت أن أميّز شعري فأنا أتمسك كثيراً بشعري الذي كتبته في باريس في مرحلة الثمانينات وما بعدها. هناك اتيحت لي فرصة التأمل والنظر الى الوطن والعالم والأشياء من خلال مسافة، هي مسافة ضوء. فأنت عندما ترى من بُعد، ترى أفضل، وترى المشهد في شمولتيه. علاوة على أن باريس جمالياً تحرّضك على الشعر والابداع. كل ما فيها جميل. حتى مناخها جميل. في باريس كتب وفي وصف يوم خريفي: «أفي مثل هذا اليوم يموت أحد؟». ومدينة باريس أيضاً هي مدينة الكتّاب المنفيين الآتين من كل أنحاء العالم. تجد العالم كله ملخصاً في هذه المدينة. وكانت لي صداقات مع كتّاب أجانب كثيرين. وأتاحت باريس لي فرصة التفرّغ أكثر للقراءة والكتابة. ولا أعرف فعلاً ان كانت باريس هي التي أصابتني أم ان مرحلة نضج ما تمت في باريس، أم انه تطابق العنصرين بعضهما مع بعض؟ في باريس كتبت ديوان «ورد أقل» وديوان «هي اغنية» و«أحد عشر كوكباً» و«أرى ما أريد» وكذلك ديوان «لماذا تركت الحصان وحيداً؟» ونصف قصائد «سرير الغريبة». وكتبت نصوص «ذاكرة للنسيان» وغاية هذا الكتاب النثري التحرر من أثر بيروت، وفيه وصفت يوماً من أيام الحصار. معظم أعمالي الجديدة كتبتها في باريس. كنت هناك متفرّغاً للكتابة على رغم انتخابي عضواً في اللجنة التنفيذية. وفي باريس كتبت نص إعلان الدولة الفلسطينية. مثلما كتبت نصوصاً كثيرة ومقالاً اسبوعياً في مجلة «اليوم السابع». كأنني أردت أن أعوّض عن الصخب الذي كان يلاحقني في مدن أخرى.


> عندما تركت بيروت حصل نوع من سوء الفهم بينك وبين بيروت... ماذا عن سوء الفهم هذا؟

- لم يحصل سوء فهم أبداً، بل كان لديّ حب عميق لهذه المدينة. لكنّ العلاقة بين المحبين ينتابها عتاب أحياناً. فعلاقتي ببيروت كانت علاقة حب. وقد شعرت في تلك اللحظة المأسوية بأن بيروت ستنسانا. هذا كل ما قلته وهو لا يجرح أحداً. وفعلاً مرّت بيروت لبضعة أيام في حال تراجع تجاه نفسها وتجاه الآخرين. أنت لبناني وتعرف اكثر مني. كانت بيروت محتاجة الى وقت أطول كي تتوازن. لكنها ما لبثت أن مرّت بحروب أهلية أخرى في غياب الفلسطينيين. وهذا دليل على أن الفلسطينيين لم يكونوا السبب الوحيد لهذه الحرب التي استحالت حروباً. لا. أنا لم أكتب عن بيروت سوى الحب. وكتبت بشجاعة العاشق المطمئن الى استعداد الحبيبة للاستماع إليه.


> مدينة عمان، هل هي لك بمثابة المستقر، اضافة الى رام الله؟

- بعدما أصبح في إمكاني أن أعود الى «جزء» من فلسطين وليس الى «جزء» شخصي بل الى «جزء» من وطن عام، وقفت طويلاً أمام خيار العودة. وشعرت بأن من واجبي الوطني والأخلاقي ألا أبقى في المنفى. فأنا أولاً لن أكون مرتاحاً، ثم سأتعرض الى سهام من التجريح لا نهاية لها، ثم سيقال انني أفضل باريس على رام الله أو على غزة. وبالتالي اتخذت الخطوة الشجاعة الثانية بعد الخروج وهي خطوة العودة. وهاتان الخطوتان من أصعب الأمور التي واجهتها في حياتي: الخروج والعودة. اخترت عمان لأنها قريبة من فلسطين ثم لأنها مدينة هادئة وشعبها طيب. وفيها أستطيع أن أعيش حياتي. وعندما أريد أن أكتب أخرج من رام الله لأستفيد من عزلتي في عمان.


> أليس من هدوء في بيتك في رام الله؟

- لا. التوتر عالٍ جداً في رام الله. ومشاغل الحياة الوطنية واليومية تسرق وقت الكتابة. انني أمضي نصف وقتي في رام الله والنصف الآخر في عمان وفي بعض الأسفار. في رام الله اشرف على إصدار مجلة «الكرمل».


> أين أصبحت «الكرمل» الآن؟ هل أكملت مشروعها؟

- كل مجلة يجب أن يكون لها تاريخ انتهاء. لا أعرف إن كانت «الكرمل» وصلت الى هذا التاريخ أم لا. لكنني أبحث فعلاً منذ سنوات عن طريقة لتجديد المجلة طابعاً وروحاً، من خلال تجديد محرريها. أي انني أبحث عن وسيلة للخروج لكي أعطي للجيل الجديد فرصة الاضافة والتطوير. لكنني أشعر حتى الآن بأن المجلة ضرورية ومطلوبة وتقوم بدورها الإبداعي والثقافي إضافة الى الترجمة.


> هل حاولتم التحاور مع المثقفين الاسرائيليين مثل بعض المجلات الفلسطينية في الداخل؟

- ليس كثيراً. هذه مسألة فردية. أنا لا أعترض على أي كاتب فلسطيني يحاور كاتباً اسرائيلياً معتدلاً ويجمعهما الحد الأدنى المشترك وهو القبول بالدولة الفلسطينية والحق الفلسطيني. ولكنني لا أقترح هذا الحوار كمقترح عام. وقد حقق زميلنا حسن خضر مساجلات مهمة مع بعض الكتاب الاسرائيليين وهي ليست حواراً مقدار ما هي مواجهة فكرية.


> هل تتدخل كثيراً في محتويات المجلة؟

- أقرأها حرفاً حرفاً. وأمارس دوري كرئيس تحرير. لأنني لم أقرر حتى الآن من هو رئيس التحرير المقبل. وهذا لا يتعلق بي وحدي بل بمجلس الأمناء وبمتطلبات الثقافة الفلسطينية في الداخل. فتوقيف مجلة مثل «الكرمل» يشكل تراجعاً كبيراً في الحياة الثقافية الفلسطينية. إننا في حاجة إليها. ولكن يجب أن يتسلّمها شخص سواي.


> هل ضجرت منها؟

- لا. لكنني أحررها منذ العام 1981 أي منذ أربع وعشرين سنة. وطبيعة الأشياء أن يتغيّر الأشخاص.


المرأة والمرأة – الأرض


> «سرير الغريبة» هو من كتب الحب الجميلة جداً وأعتقد انه استطاع ان يضع حداً لمقولة المرأة – الأرض أو الحبيبة – الوطن التي طالما تكلم عنها النقد إزاء شِعرك. كيف ترى الى هذه المقولة وهل من علاقة لها بـ «سرير الغريبة»؟ هل سئمت هذه المقولة؟

- لا لم أسأمها، ولكن هناك خطر من استمرار التمسك بالترمز. المرأة كائن بشري وليست وسيلة للتعبير عن أشياء أخرى. الوردة كائن جمالي من دون أن يرمز الى جرح أو دم. هذه محاولة لتطبيع علاقتي مع اللغة أو الكلمات والأشياء، ولتطبيع علاقتي أيضاً بالنظر الى الفلسطيني ككائن بشري أولاً، قبل أن يكون قضية. فالهوية الانسانية للفلسطيني سابقة للهوية الوطنية. صحيح اننا في صراع طويل يستلزم أن يقوم الشاعر خلاله بدور في بلورة الهوية الثقافية وفي حماية الروح من الانكسار، ولكن يجب ألا يلغي هذا الأمر حقنا الانساني في التأمل في طبيعتنا البشرية. فالفلسطيني إنسان يحب ويكره ويتمتع بمنظر الربيع ويتزوج... إذاً المرأة تحمل معاني أخرى غير الأرض. جميل أن تكون المرأة وعاء للوجود كله. ولكن يجب أن تكون لها شخصيتها كامرأة. عندما تعرضت في ديواني «سرير الغريبة» للنقد واتهمت بالتخلي عن ارتباطي بالقضية، قلت ان هذا تعميق للتجربة. ثم ان شعر الحب يمثل البعد الذاتي من أبعاد المقاومة الثقافية، فأن نكون قادرين على الكتابة عن الحب والوجود والموت والماوراء، فهذا يعمق من قيمتنا الوطنية وهويتنا. نحن لسنا خطاباً، نحن لسنا بياناً. وكما قلت أكثر من مرة وأكرر: الفلسطيني ليس مهنة بل كائن بشري يناضل ويدافع عن أرضه وحقه.


> هل يضيرك أن تُسمى مثلاً شاعر حب وليس شاعر غزل طبعاً؟

- أتمنى أن أكون شاعر حب أو أتمنى أن تسمح لي ظروفي التاريخية في أن أكون شاعر حب، لأن شعر الحب هو أجمل ما يمكن أن يكتب من شعر. والحب لا ينتهي. شعر النضال ابن مرحلة ما وهو ضروري، ولكنه لا يقدر على الاستمرار. الصراع عملية مستمرة، الصراع في معناه الايجابي، وهو يأخذ أشكالاً متعددة، منها صراع الانسان مع قلبه، الصراع بين العقل والقلب، نداء الغريزة، حق الرغبة في التعبير عن نفسها.


> هل عشت قصص حب وخيبات حقيقية؟ وهل كتبت انطلاقاً من تجارب عشق حية؟

- كل ما أكتبه في الحب أم في سواه، ناجم عن تجارب حية.


> هل هناك امرأة معينة كتبت عنها أو لها؟

- ربما. ولكن ليس كما يعبر عنها شعري. لماذا؟ لأنك إذا بدأت في كتابة قصيدة حب لا يمكنك ان تكتب عن المطلق في الحب، أنت تكتب عن امرأة معينة. لكن الكتابة تأخذ مجرى يخرج من سياق حادثة الحب. حينذاك تختلط ملامح المرأة التي تكتب عنها بملامح امرأة أخرى أو نسوة أخريات، وكذلك، بملامح الشجر والماء والتراب. النص يبدأ دائماً من المحدد ثم ينتقل الى الكلي. أما أن يكون لدي امرأة مثل «إلسا» حبيبة الشاعر أراغون فهذا صعب. ليس لدي «إلسا». هذا مع اعتقادي بأن «إلسا» كانت ذريعة للشاعر أراغون.


> سأنتقل الى الكلام عن «نوبل». ففي كل سنة يتجدد الكلام عربياً عن «نوبل» وتطرح دائماً أسماء عربية، وكان اسمك بارزاً هذه السنة من خلال الاحصاء الذي قامت به صحيفة «النهار» البيروتية وقد احتللت فيه المرتبة الأولى بحسب ترشيح بعض المثقفين العرب اسمك للجائزة! كيف ترى الى هذه القضية الاشكالية؟ هل فكرت بالجائزة يوماً؟

- لم أفكر بجائزة نوبل ولم أحلم بها وأشعر في داخلي بأن على الانسان أن يحلم بما هو ممكن وألا يتحول هذا الموضوع الى «وسواس». القضية غير شخصية وأشكر المثقفين الذين اختاروني للجائزة. ولكن كنت أتمنى ألا يكون اسمي مطروحاً بين الأسماء، لأنني لا أحب دخول هذه «البورصة». كل سنة ترتفع أسهم وتسقط أخرى. وعموماً هناك مشكلة في نظرة العرب الى صورتهم. الأدب العربي لا يحتل مكانته في العالم كما يظن الأدباء العرب. وجائزة نوبل ليست جائزة للأدب العربي. العرب فازوا بها بعد 87 سنة من تأسيسها وحازها نجيب محفوظ باستحقاق عالٍ. ومكانة العرب الأدبية ترتبط أيضاً بمكانتهم العالمية والسياسية وبحضورهم في العالم. ولا يمكن أن يستبعد هذا الشرط. يقيم العرب كل سنة زفة مما جعل القضية هذه محرجة حقاً. ومن حسن حظ العرب ان اعضاء اللجنة السويدية لا يقرأون العربية ولا يضحكون من إصرار العرب على انتزاع الجائزة. وإن فاز بها أي عربي فستكون الفرحة عربية. ولكن علينا أن نتصرف بلياقة أفضل وألا نصاب بمرض أو بهوس اسمه «نوبل». والمشكلة أن بعض الكتاب العرب إذا ترجم لهم كتاب يضعون نفسهم رأساً في قائمة المرشحين للجائزة هذه. وأنا أعتقد ان المرشحين لهذه الجائزة هم بالآلاف. وأي كاتب يمكن أن يُرشحّ الى هذه الجائزة. لكن هذا لا يعني شيئاً. فلماذا يقف العرب كل سنة في «طابور» الانتظار؟ إذا جاءت تكون جاءت وإذا لا فلا.. وعلى الذين يفكرون فيها يجب أن ينسوها، لعلها تتذكرهم.


> ماذا يعني أن يقول شاعر في حجمك ومرتبتك: «أنا لست لي أنا لست لي...»؟ هل هي الغربة التي يحياها الشاعر الذي فيك؟

- في آخر الأمر لا يبقى من الشاعر إلا بعض شعره، إذا كان استحق أن يصمد في غربال الزمن. أما هو فليس لنفسه، إنه منذور للغة ولتقديم مسوّغ وجوده على هذه الأرض. انه، في ختام الأمر زائل واللغة هي الباقية. «أنا لست لي» على المستوى الشخصي، ولكن ربما «أكون لي» على المستوى الشعري، وإذا كانت لي قيمة ما، فهي لن تكون لي، بل للغة وللآخرين.


> هل تخاف الموت؟

- لم أعد أخشاه كما كنت من قبل. لكنني أخشى موت قدرتي على الكتابة وعلى تذوّق الحياة. لكنني لن أخفيك أن الطريقة التي مات فيها الشاعر معين بسيسو في الفندق، وكانت غرفته مغلقة وعلى الباب إشارة «الرجاء عدم الازعاج» جعلتني أخشى هذه الاشارة أو اللافتة. فجثته اكتشفت بعد يومين. الآن كلما نزلت في فندق لا أضع هذه الاشارة على الباب. ولا أخفيك أيضاً انني لا أضع مفتاح باب البيت في القفل عندما أنام.


> أليست الفنون قادرة على هزم الموت كما قلت في قصيدتك «جدارية»؟

- هذا وهم نختلقه كي نبرر وجودنا على الأرض، لكنه وهم جميل.


Post: #440
Title: Re: لاهوت الوردة-الحلقة الاخيرة من حوار عبده وازن مع درويش في "الحياة"
Author: osama elkhawad
Date: 12-14-2005, 07:30 PM
Parent: #439

أعود بعد غياب الى سقف الوردة,
و كنت طيلة ذلك الغياب القسري ,مصابا بداء الحنين الى البيت الاسفيري
كان بي شوق الى عودات مازن "النحات",
بعد غيابات كثيرة,والى حكاويه عن الشغل وتذمره منه,
ووعوده الكثيرة ببسط ما وعد به
كان بي شوق الى كلام البرنس و "تعتيلاته "المحببة للبوست باسلوبه المهذب
كان بي شوق الى الاخرين الجميلين الذين جعلوا هذا البوست ممكنا:
"المعوكابي" كما وصف نفسه ذات بوست:
1-عبد الماجد فرح يوسف
2-صديقنا الكوالالامبوري :
منصور علي
3-صديقنا في "الداخل" :
حاتم الياس
4-صديقنا في "الشتات" وفي رحلة الحياة والمقاربات النقدية الحديثة:
عبد اللطيف علي الفكي
الذي اضفى طابعا يشبه روحه على البوست ,
ولا أذيع سرا اذا قلت ان لطيفا بحفره العميق في الخطاب وفي الظواهر والاشياء هو الذي اوحى الى بفكرة :
Quote: مايسترو البوست
5-كل الذين ساهموا في هذا البوست والمتابعات والمتابعين
كان بي حنين ما ,
حنين كأنه قدّ من صخر الرهافة الفارهة
كنت مصابا بمرض الحنين الى البيت الاسفيري "البوست"
والذي يمكن ان نسميه:
النوستالجيا الاسفيرية
وسأعود
المشاء

Post: #441
Title: Re: لاهوت الوردة-الحلقة الاخيرة من حوار عبده وازن مع درويش في "الحياة"
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 12-14-2005, 08:01 PM
Parent: #440

وأنا (يا ابن أمي) بي شوق وحنين إلى هذا السقف لولا حوار لم يكن في الحسبان مع أعز الناس داخل مشهدنا الثقافي هذا!.

Post: #442
Title: Re: لاهوت الوردة-الحلقة الاخيرة من حوار عبده وازن مع درويش في "الحياة"
Author: osama elkhawad
Date: 12-14-2005, 08:12 PM
Parent: #441

عزيزي برنس
اعتقد ان هذا ما ينفع الناس
محبتي
المشاء

Post: #443
Title: Re: هل عدنا؟
Author: mazin mustafa
Date: 12-19-2005, 02:06 PM
Parent: #442

up

Post: #444
Title: Re: هل عدنا؟
Author: mazin mustafa
Date: 12-19-2005, 02:30 PM
Parent: #443

سلاااااااااااااام..


اود ان الف نظر الاصدقاء هنا الي هذا المكان..(خوفا من ان يضيع من الناس في زحمة النصوص )

سيرة العناصر(طبعة هنا)






مع محبتي

Post: #445
Title: Re: هل عدنا؟
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 12-20-2005, 03:52 AM
Parent: #444

عزيزي وأخي الحبيب مازن:

لا يزال الحنين يتملكني إلى العودة ها هنا

محبتي

Post: #446
Title: Re: هل عدنا؟
Author: osama elkhawad
Date: 12-20-2005, 07:59 PM
Parent: #445

أحاول الآن ان اطبع من جديد ما كتبته من مقاربة حول جدارية
فقد ضاعت مني كل المادة التي طبعتها وخزنتها في فلاش درايف انكسر ذات ليلة شتوية
و لذلك فانني اعيد الان طباعة كل ما كتبته
رغم فداحة الخسارة لكنني كسبت مزيدا من النصوص من خلال العودة الى الاصل
وسأحاول أن اعود في اقرب فرصة
ونرجو من الذين يريدون التعليق والمساهمة ان يعودوا بمساهماتهم ومن هؤلاء :
المشاءة ايزابيلا
صديقنا أبو عبيدة الماحي
وفي انتظار الجميع
محبتي
المشاء

Post: #447
Title: Re: هل عدنا؟
Author: munswor almophtah
Date: 12-20-2005, 09:04 PM
Parent: #446

الأخ أسامه لك السلام
لم نتناكف منذ أمد
لاهوت الورده ذلك الإسم نزاع للميتفزيقيا والبارا سايكولجى بمقابلة تكون الوردة كائن حى بروح وتكون كذلك مقدسه لذاتها وذلك نفوذ للفلسفه لا أدرى إن كان بقصد أو بغيره أتحفنا.............


منصور

Post: #448
Title: Re: هل عدنا؟
Author: osama elkhawad
Date: 12-20-2005, 10:44 PM
Parent: #447

عزيزي منصور
شكرا لسؤالك
وهو قد كان كان محور تساؤل بيني وبين صديقنا لطيف ,حين تحدث عرضا عن سيميولوجيا العنوان في ما يتعلق بنصي الشعري
وقد قمت بالرد على ذلك في بوستي "انقلابات عاطفية"
الوحيد الذي نبه الى مسالة العنوان كان الاستاذ الشقليني
وعلى فكرة انا اهتم جدا بمسالة العنوان ومن زمن طويل
فهو في راي ليس ملخصا للنص و حسب ,
وانما يضفي عليه حيوية دلالية اخرى

كلامك عن الجمع بين اللاهوت وبين المعاش,
يجيلنا الى الجمع الذي يقوم به الشعر
كما انه يحيلنا الى التناص
لاهوت الوردة تتناص مع نصوص هي مرئية بالنسبة لي ولكن هنالك نصوصا اخرى ,
لا يمكن لشاعر ان يحيط بها وهو يكتب نصه
او على الاقل في مرحلته الثانية او الثالثة وقد تتعدد المراحل
وهذا اي اللامرئي واللامقروء هو اكتشاف فرويد العظيم عن اللاشعور
وقد سبق لي ان نوهت الى علاقة هذا النص كقارئ ب:
لاهوت التحرير
ويمكن ان تقول كل النصوص التي قرأتها وغابت عني عن الوردة
ومن ضمن ذلك :
اسم الوردة
لامبرتكو ايكو
وهو واحد من كتابي المفضلين
ومن المرتكزات الاساسية التي استندت عليها في ممقاربتي للقراءة الخاطئة,
ما قال به امبرتو ايكو كواحد من السيموطيقيين المعروفين
ذلك أن لأمبرتو ايكو اوجها متعددة
وهذا ليس مجال الحديث عنها
شكرا لك على هذه الاطلالة الجميلة والتي جعلتني اتداعى قليلا ككاتب للنص,
وكقارئ له بعد كتابته,
و كناقد ايضا
محبتي
المشاء

Post: #449
Title: Re: هل عدنا؟
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 12-20-2005, 11:01 PM
Parent: #448

عزيزي المشاء:

يبدو لي إزاء ظروفنا الضاغطة أننا لم نتحدث أولم نتوقف طويلا أمام وقفاتك أمام أكثر الشعراء جمالا منذ "أبوالطيب", وأعني أمل دنقل "شاعري المفضل", لكم أود الحديث عنه وعن لقائي بأرملته "عبلة" أكثر من مرة, لقد كان ثمة حزن أبدي يطل من عينيها الخضراوين كما لو أن الحياة توقفت عند موته, ما أجملها تلك التي لا تزال تبدو كعروس لم يتح لها سوى رشفة من كأس الهناءة لا تروي سوى.. سوى حنين دائم إلى فردوس لم يدم سوى لحظة!!!.

Post: #450
Title: Re: هل عدنا؟
Author: osama elkhawad
Date: 12-21-2005, 00:39 AM
Parent: #449

عزيزي برنس
ارجو ان تعود الينا
فما نفعله هنا هو الاجدى
فالعاطلون عن الانجاز يكتفون بالمناقرة
ساعود
المشاء

Post: #451
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبدالله الشقليني
Date: 12-22-2005, 10:48 AM
Parent: #1

يستحِق لاهوت الوردة أن يُقرأ
أكثر من مرّة
شكراً مُجدداً لكاتبه

Post: #452
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 12-23-2005, 09:47 AM
Parent: #451

up

Post: #453
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-23-2005, 03:50 PM
Parent: #452

شكرا لصديقنا الشقليني ومازن على تعتيل البوست
ساعود لو الله هون بعد يوم الاحد بعد ان اكون قد قمت باعادة طبع ما خسرته من الفلاش درايف
محبتي للجميع
ومزيد من القراءة حتى نعود للحوار حول الجدارية ثم ننطلق الى ما تبقى من محاور حول الهوية
وغيرها
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #454
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 12-23-2005, 04:52 PM
Parent: #453

لا عليك (ياصديقي الفضائي), إذ إن ما يحدث ليس "نهاية العالم", كما إني لا أعتقد في مقولة إحياء إنسان بموت إنسان آخر, إذن هو العالم في تقلباته وأهوائه ومفاجآته, وقد سبق لي وإن قلت لأستاذنا بولا ما نصه
Quote: عزيزي وأستاذي الجليل بولا:

تحية طيبة..

أنا سعيد بترحيبك بي هكذا, وإن كنت قبلها بلحظات أعاني من وطأة حزن ثقيلة, إذ ينتهي بك المطاف في بوست (عفواً عزيزي الخواض!!!!) إلى كل ذلك اليأس, ولعل الصمت تجاه أسامة يأتي من جانبك على النقيض مما قام به الأستاذ عثمان قبلك من فتح كوة ينفذ عبرها الحوار إلى آفاق أرحب. محبتي.
, ولعلك كنت مصيبا عند بداية هذا الحوار
Quote: نامل في حوار,لن يكون سهلا كمايتوقع الحالمون,
لكن نامل في ان يكون حوارا يثير قضايا مهمة
محبتي
المشاء
, ولا أنكر هنا وقوعك على مستوى اللغة المستخدمة في مأزق أوآخر (((وبوسعي توضيح ذلك على أكثر من مستوى))), لكن ذلك لا يعني في تصوري بأية حال وصول بولا إلى تلك النتائج بكل تلك السرعة, وهو أمر أرجو أن يعيد بشأنه ترتيب أوراقه بكل جدية معهودة عنه كضبط النفس.

كن بخير

Post: #455
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-25-2005, 11:25 AM
Parent: #454

بمناسبة الكريسماس -ميلاد السيد المسيح-نوجه التهنئة للذين يحتفلون بهذه المناسبة
وساعود لكلام برنس
محبتي
المشاء

Post: #456
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-25-2005, 11:41 AM
Parent: #454

عزيزنا برنس
ها اخيرا اعود من غيبوبتي
وهي تلك الايام التي اقضيها في العمل اوفر نايت
ولذلك دوما ما اقول انني ساعود بعد يوم الاثنين
و هو ما يشابه ما يقول به استاذنا بولا دوما عن العبودية المعاصرة

لي آرائي حول الحوار وأسسه,
وهذا بعض من المساهمة الايجابية لمنبر الحوار الديمقراطي في طرح مسالة الحوار وأسسه,
وهذا هو اتفاقنا العريض
وقد سبق لي هنا في هذا المنبر أن أشرت الى ذلك,
لكن تقول شنو

لكن الكلام حول
Quote: المساحة الرطبة للحوار
,
كلام يجافي تعقيد الحوار نفسه وشروطه وسياقه ومنعطفاته و أنفاسه الباردة والحارة معا,
وسأعود الى ذلك في حينه,
وفي مكانه

سأعود لقضايا جوهرية من ضمنها انسحاب بولا,
ومسائل اخرى طرحتها الحوارات المدورة الآن,
والتي تثبت ان الحوار أكثر تعقيدا مما تطرحه جماعة الجو الرطب الاسفيري
وساعود الى ذلك في حينه ومكانه

كما أتمنى ان نواصل البوست في مسيرته التي أسسها ,
وهو ما يطرح شكلا من اشكال الحوار أكثر عمقا وأكثر فائدة للقارئ
محبتي
المشاء

Post: #457
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-25-2005, 12:07 PM
Parent: #456

تهنئتنا بميلاد المسيح للذين يحتفلون به ,تعيدنا الى خطاب الانعزال ونفي الآخر ,والاستعلاء
وهذا ما وضح جليا في بوست الأخت بنت الأحفاد عن مشروعية تهنئة "الكفار" بأعيادهم
و هذا ما يجعل من طرح مسالة الهوية والعولمة ,وهذا واحد من المحاور التي سيناقشها البوست,
مسألة في غاية الاهمية

تقول الاخت بنت الاحفاد:
سُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - :
عن حُـكم تهنئة الكفار بعيد ( الكريسميس ) ؟
وكيف نردّ عليهم إذا هنئونا به ؟
وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يُقيمونها بهذه المناسبة ؟
وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئا مما ذُكِر بغير قصد ؟ وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو إحراجا أو غير ذلك من الأسباب ؟
وهل يجوز التّشبّه بهم في ذلك ؟

فأجاب - رحمه الله - :
تهنئة الكفار بعيد ( الكريسميس ) أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيّم - رحمه الله – في كتابه أحكام أهل الذمة ، حيث قال : وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يُهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلِمَ قائله من الكفر فهو من المحرّمات ، وهو بمنزلة أن تُهنئة بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشدّ مَـقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه . وكثير ممن لا قدر للدِّين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّـأ عبد بمعصية أو بدعة أو كـُـفْرٍ فقد تعرّض لِمقت الله وسخطه . انتهى كلامه - رحمه الله - .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراما وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ، ورِضىً به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يَحرم على المسلم أن يَرضى بشعائر الكفر أو يُهنئ بها غيره ؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك ، كما قال تعالى : ( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) . وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نُجيبهم على ذلك ، لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها أعياد مبتدعة في دينهم ، وإما مشروعة لكن نُسِخت بدين الإسلام الذي بَعَث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق ، وقال فيه : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يَحرم على المسلمين التّشبّه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا ، أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ تشبّه بقوم فهو منهم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " : مُشابهتهم في بعض أعيادهم تُوجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء . انتهى كلامه - رحمه الله - .
ومَنْ فَعَل شيئا من ذلك فهو آثم سواء فَعَلَه مُجاملة أو تَودّداً أو حياءً أو لغير ذلك من الأسباب ؛ لأنه من المُداهنة في دين الله ، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بِدينهم .
والله المسؤول أن يُعزّ المسلمين بِدِينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم . إنه قويٌّ عزيز
حكم التهنيئه بعيد الكريسماس

لا نريد ان نحول البوست الى مناقشة مثل هذا الخطاب الانعزالي الاقصائي,غير المتسامح
لكن هذه مناسبة كي نعد أنفسنا لمناقشة قضايا الهوية والعولمة
محبتي
المشاء

Post: #458
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 12-25-2005, 12:45 PM
Parent: #457

العزيز كاتبنا المشـــاء الفيلاديلفي
وأحبابنا أهل الهوى, تحت سقف الوردة.
ســلام كيمان.
نأسف للانقطاع الطويل
ولكنى كنت أتابع "إنقلابات" "لاهوت الوردة" من علي البعد.
كل عام وأنتم بخير
نترقب معكم "الجدارية" وأشياء أخر..
مودتي واحترامى

Post: #459
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 12-25-2005, 01:02 PM
Parent: #458

عزيزي المشاء:

عائد كذلك من جانبي للتو من وردية ليل (12 ساعة) أمكنني خلالها كتابة آخر مساهمة في بوست "بعد التحية..", سأنام قليلا, ولي عودة, محبتي.

Post: #460
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-25-2005, 09:10 PM
Parent: #459

كل عام والجميع بخير ,
عبد الماجد فرح يوسف,
أيها "المعوكابي الجميل"

ساعود غدا كان الله هون لمواصلة الحديث عن الجدارية

تحياتي لبرنس
ونرجو ان يعود بعد انقشاع العلالة الى علايل الكلام
محبتي
المشاء

Post: #461
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-26-2005, 06:14 PM
Parent: #460

سأعود غدا
لانشغالي الآن في بوست تمثلات الكتابة للطيف في منبر الحوار الديمقراطي
وهو مرتبط بحوارنا الاطرش
ومن ضمن ذلك الكلام عن التناص
محبتي
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #462
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: الواثق تاج السر عبدالله
Date: 12-28-2005, 01:52 PM
Parent: #1

الاخ اسامة

لك التحية وللاخ البرنس وكل المتداخلين

كل عام وانتم بالف خير

مازلنا نستظل بظل الوردة ونتابع عن قرب وبكل تمعن

وننتظر اكمال الحديث عن الجدارية .....

Post: #463
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-28-2005, 05:58 PM
Parent: #462

سأعود يا صديقنا الواثق تاج السر
وقد ترددت في بسط مداخلتي القادمة عن دلالة الاسم في جدارية,
لانني لم اكن متاكدا اين ابسطها هل في المنبر الجديد ام في المنبر القديم
وقد اصلح الصديق بكري هذا الالتباس
وساعود للحديث عن الجدارية
Quote: لاميي سودانيز اون لاين
,
و
Quote: خنازيرها وكلابها

أو كما قال "أبونا" حسن موسى
المشاء

Post: #464
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-28-2005, 09:11 PM
Parent: #463

سبق لي ان اشرت الى "ابينا " حسن موسى

وهذا بعض مما بسطه في منبر الحوار الديمقراطي ,
في سودان للجميع حول هذا البوست وبوستاتي الشعرية الأخرى :

قال في ما قال :
Quote: لاهوت الوردة"؟ لا والله، فقد هوت الوردة التعيسة وانحطّت لأسفل سافلين في عالم اسفيري متهافت، شعراءه ألهاهم التكاثر فامتهنوا مداهنة الجمهور الامي وعينهم على عدّاد زوار البوست.

ثم قال في ختام شتيمته لنا عن لاهوت الوردة:
Quote: أسامة يا صاحب الوردة، ارفع قُدس الوردة عن مراقد الكلاب والخنازير وضعه حيث أولويات أهل السودان، وهذه نصيحة أخيرة. وسلام


ولذلك اقول لأبينا حسن موسى الأتي:
اذا كنت تعتقد ان :
عبد الحميد البرنس
منصور علي
محمد عثمان دريج
الجندرية
زوربا الاسترالي
مازن مصطفى
يوسف الموصلي
عبد اللطيف علي الفكي
عادل عثمان
عبد الماجد فرح يوسف
ايزابيلا
وغيرهم\ن ممن ساهموا\ن معي في بوستاتي الشعرية ومن ضمن ذلك :
لاهوت الوردة
هم من
Quote: الأميين و الخنازير والكلاب

لك بأن تصفهم انهم من
Quote: الأميين و الخنازير والكلاب


ولكن تبقى المسالة في هل ان حكمك ينطبق على كل المساهمين والمتابعين ل:
لاهوت الوردة
وغيرها من البوستات الشعرية؟
وسنعود
المشاء

Post: #465
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-29-2005, 10:16 PM
Parent: #464

up
up
almashaaaaaaaaaaaaaa

Post: #466
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-01-2006, 02:36 PM
Parent: #1

سأعود بعد يوم الأثنين نسبة لانشغالات خاصة
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #467
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-03-2006, 11:04 PM
Parent: #1

الأسم في خطاب محمود درويش الشعري والنثري:

في حديث له عن افق الأستهلال في جدارية ,تحدث الناقد رياض ابراهيم الدليمي عن أفقين للاستهلال
(الأفق الأول)
استهلت جدارية محمود درويش بمقطع (هذا هو اسمك، قالت امرأة، وغابت في الممر اللولبي).
هذا الاستهلال في الكتابة الشعرية هو استهلال ملحمي يمكن ان يكون عنواناً للجدارية الفناه في اذ ان هذا الشطر من الجدارية استفزاز للمتلقي وصدمة أولية له اذ لم يسبقه أي تمهيد شعري عن الحوار المفترض الذي أفاض عن معطي مكون لخطاب حواري عن الاسم الذي يمنحه له الشاعر أو الراوي كيفما كانت شخصيته وهذا الشكل الكتابي لم نألفه بالكتابة الشعرية السائدة انما الفنان في الفن المسرحي والدرامي والروائي فصنع الشاعر مونتاجاً شكلياً للاستهلال من خلال قدم واخر في جملتي الشطر الأول حيث ان دلالة الشكل تعزي أن تكون الجملة الاسمية مفتتح أولي للنص ولكن البناء الدلالي للاستهلال سواء كان معرفياً أو ذوقياً- هو جملة فعلية حسية وذات وقع أعم وأشمل علي حواس المتلقي من مثيلتها الجملة الاسمية- اذ ان النص بدأ من حيث الوقع السطحي العياني بجملة اسمية (هذا هو اسمك) فحصل تقديم وتأخير تكنيكي فتلته الجملة الفعلية (قالت امرأة وغابت في الممر اللولبي) اذا ان الجملة الفعلية تعطي الكلام قوة وفعالية مؤثرة وتفتح افقاً أوسع للمخيلة والرؤيا والتفكر وذي وقع مؤثر علي نفسية وذهنية القارئ وتمهده إلي وقائع أشمل. أي تهيئة القارئ وتمهده إلي جو نفسي أكثر هدوء وتركيزاً وإدراكاً لفعل ما وحدثاً وشكلاً من الكتابة الشعرية الجديدة أي إلي حساسية شعرية وخارجة عن النمط والسيادة وهذا ما أكده ياسين النصير بهذا الخصوص (يكتسب الاستهلال سمة بناء الجملة الاسمية والفعلية وخلال ذلك يصبح بناء الجملة الفعلية أكثر الأبنية دلالة في التوسع والإحالة التفكر لأن الفعل بطبيعته خلاق مولد، أما البناء الاسمي فمحدد حتي لو كان ذات دلالة تاريخية عميقة).
ان افتتاح الشاعر نصه بجملة اسمية هي لعبة شكلية افتعلها الشاعر لتهيئة مسرح تدور عليه أو فيه أو حوله خطاباً درامياً وتفترض بدءاً أن يكون هذا المسرح هو ذات الشاعر ليصب فيه رؤياه ورؤاه وأحداثه وشخوصه ونوازعه وألم الكينونة والوجود والتلاشي.

جدارية محمود درويش - جمالية النص واشكالية التناص - رياض ابراهيم الدليمي
جريدة (الزمان) --- العدد 1933 --- التاريخ 2004 - 10 – 5

وسيكون حديثي عن الاستهلال مختلفا عما قاله,وهذا ما يعيدنا الى تعدد القراءات
وسنعود لعلاقة درويش الشعرية بأدونيس


المشاء

Post: #468
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-04-2006, 08:09 PM
Parent: #467


فاتحة الجدارية تبدأ هكذا
Quote: هذا هو اسمك\
قالت امراة,
وغابت في الممر اللولبي...

نلاحظ أيضا ان الجدارية تختتم بمقطع عن "الإسم":
تقول "جدارية":
Quote: هذا البحر لي
هذا الهواء الرطب لي
و اسمي وان أخطأت لفظ اسمي على التابوت لي
أما أنا –وقد امتلأت بكل أسباب الرحيل-
فلست لي
أنا لست لي
أنا لست لي
536-7

نأتي الى الاستهلال او الفاتحة التي قالت بها "جدارية"

نجد في الافتتاحية أي:
Quote: هذا هو اسمك

تناصا واضحا مع أدونيس في ديوانه الشعري "هذا هو اسمي ":
والذي يرد فيه فيها هذا المقطع المتكرر :
Quote: هذا هو اسمي

يقول أدونيس في ديوانه- "1977
Quote: زَمني لم يجىءْ ومقبرة العالم جاءت عندي
لكل السلاطين رمادٌ هاتي يديك اتبعيني...
قادِرٌ أن أغيِّر: لغْمُ الحضارة - هذا هو اسْمي. *


و التناص مع أدونيس ,
يمكن أن نجده في تناص "جدارية " مع مفرد بصيغة الجمع
كما في المقطع التالي من "جدارية":
Quote: وكلما فتشت عن نفسي وجدت الآخرين,
وكلما فتشت عنهم لم أجد فيهم سوى نفسي الغريبة,
هل أنا الفرد الحشود؟

ص 455

فعبارة "هل أنا الفرد الحشود؟" الاستفهامية ,
تعيدنا الى مفرد بصيغة الجمع لأدونيس

وسنعود لمزيد من الحديث عن تناص "جدارية " مع أدونيس ,
وخاصة في ديوان أدونيس الشعري:
مفرد بصيغة الجمع

*استندنا على ايراد نصوص أدونيس الشعرية على :
جهة الشعر
فهنالك رابط ل:
كتاب في جريدة
وقد قامت الناقدة المعروفة:
خالدة سعيد
زوجة أدونيس باختيار النصوص وكتابة مقدمة لها

أرقدوا عافية
وسأعود
المشاء

Post: #469
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-04-2006, 09:45 PM
Parent: #468


Post: #470
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-04-2006, 10:02 PM
Parent: #469


Post: #471
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-04-2006, 10:52 PM
Parent: #470


Post: #472
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-04-2006, 10:59 PM
Parent: #471


Post: #473
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-04-2006, 11:12 PM
Parent: #472


Post: #474
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-04-2006, 11:52 PM
Parent: #473


Post: #475
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: abuguta
Date: 01-05-2006, 02:07 AM
Parent: #474


ابى
مشاء
كنت المح لاهوت الوردة..ولم اجد نفسى تنفاد تجاه هذا البوست السلبة لاننى لا اريد ان امدده طولا بمشاركتى الضعيفة ليس حقداعليك ..ولكن غبطا اخاف ان اساعدة فى الوصول تمددا لبوست خريجى الجامعات الهندية...لكن ما لفتنى اليه هو والدك الذى انكر بنوتك فورطنى فى لاهوت الورطة ..قبل ان استنشق عبير الوردة..ماقالوه جدى حسن موسى فيك يا مشاء ليس انكارا لبنوتك ولا تقليلا لشانك..ولكن انداهشا لما جيت به من بديع كلام وغريب معانى ..ورصك للنقد وصعدوك سلالم لبنايات شواهق..اضحته يطيل النظر لهذا النسر المحلق فى فضاءات الادب ..وقد استخدم يمينه لتغطية اشعة النور والكشف عن هويتك...فحجبت الرؤية عنه بفهم علوى..فتورط فى اللاهوت..
عزيزى مشاء
انا ناحر اضحيتى هنا
وكل سنة وانت اديب

Post: #476
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: أمير بابكر
Date: 01-05-2006, 02:32 AM
Parent: #474

الأستاذ أسامة الخواض
لك التحية
دائماً ما أدخل منابر الشعر على استحياء ولأن الشعر يتعبني لا أترك أثرا بعد خروجي، ولكن قرأت شيئاً عن الوردة تغلبت علي رغبة أن أبقي أثرها داخل "لاهوت الوردة"
يقول "الشاعر" في مسرحية صلاح عبدالصبور "يوم أن يموت الملك"
يوما ما كنت عشيقا للوردة
كنت أحب تضرمهاللنور، تبرجها للعين، ووقفتهاالممشوقة فوق الغصن، ترخصها إذ تكشف باطنها، تستلقي في غمرة لذتها، حتى تتمزق عشقا
بل كنت أحب نسيم العفن الواهن
المتناثر من جثتها المسحوقة.

Post: #477
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-05-2006, 01:29 PM
Parent: #476

عزيزي ابوقوتة
كل عام وانت بخير
يا سيدي هذه قنابل دخانية يطلقها البعض.
ولها وظيفة مزدوجة:
التبخيس,وهو امر سهل جدا,و تغبيش الرؤية كما تفضلت.
اما الوظيفة الثانية فهي الارهاب الفكري وحملات التأديب المنسقة.
سيبقى ما ينفع الناس.

شكرا عزيزي امير بابكر لكلماتك , وما اوردته من مقاطع شعرية لصلاح عبد الصبور
مرحبا بكما تحت سقف الوردة
وسأعود لمواصلة الحديث عن جدارية وتناص درويش مع ادونيس ,
ومواضيع اخرى
محبتي
أرقدوا عافية

Post: #478
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-05-2006, 08:19 PM
Parent: #477


Post: #479
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 01-08-2006, 08:07 PM
Parent: #478

يا أيها المشـــاء كاتبنا الفيلاديلفي
كل عام وأنت بخير
إشتريت الخروف أم ستكتفي بديك (وجه ضاحك أو كما يقول صديقنا عثمان صالح)؟
أهديكم حالة حصار بصوت درويش




مودتي

Post: #480
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-09-2006, 00:53 AM
Parent: #479

الدامري المعوكابي عبد الماجد

اسمح لي ان أهنئك و اهنئ المتابعات والمتابعين لهذا البوست بعيد الاضحى المبارك
وأشكرك على ايرادك لالقاء درويش حالة حصار ,و لدرويش طريقة مميزة في الالقاء الشعري بالاستفادة من طبقات صوته,
وان كان ينقصه التعبير بالجسد
وهي اضافة لما نحاول ان نفعله من مزج بين الكتابة التقليدية والاستفادة من
الملتيميديا

وسأعود لمواصلة التناص الشعري بين درويش وأدونيس
محبتي للجميع
المشاء

Post: #481
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-12-2006, 02:26 PM
Parent: #480

أدونيس ودرويش:الاسم ومخاطبة الموت:
في "مفرد بصيغة الجمع" لادونيس يكتسب الاسم دلالته من الموت والجسد ,اذ ان تجربة مفرد بصيغة الجمع هي تجربة ايروسية
يقول ادونيس عن الاسم:
Quote: ليس الاسم جذرًا ليس الجذر امرأةً ليس أين أثبت?
القشُّ يأتزر بالورد والكلمات تكسر صلبانها أين أثبت?
وجاءني الأفق سَمَّى نفسه بِاسْمي
ليس الاسم حضنًا
ليس الحضن امرأةً

ويكتسب الموت في "مفرد بصيغة الجمع" دلالته من خلال الجسد .يقول ادونيس في ذلك:
Quote: أيتها الشمس الشمس ماذا تريدين مني?
يلبس الموتُ حالةَ البنفسج
يسكن النّرجس آنيةَ الثلج
يحلم أن الحبّ وجهٌ
وأنَّه مرآته -
الحجرُ برعمٌ, الغيمةُ فراشةٌ
وعلى العتبة جسدٌ - شرارَةٌ لقراءة الليل
ليس الموتُ عزلةَ الجسد
الموت عزلةُ ما ليس جسدًا
لكن,
أيتها الشمس الشمس ماذا تريدين مني?

وتتجلى العلاقة بين الجسد والموت في المقطع التالي الذي تتجلي فيه ثنائية الهدم والبناء والموت والحياة:
Quote: ويدخل جسدانا في سديم دَغَلٍ وأعراس
يَنْهدمان
يَنْبنيان
في لُجّةِ
احتفالٍ
بلا شكل
بطيئًا سريعًا
نحو ما سميناه الحياة
وكان فاتحةَ الموت.
باسم جسدي الميت - الحي الحي - الميت
ارتفع السَّرْوُ بين الاسم والوجه
عادت اللغة إلى بيتها الأول
كان الحب قبرًا دخلتُ إليه وخرجتُ
كان القبر نزهةً لراحة الأوردة
ومات النحو والصرف

وتتأكد العلاقة بين الايروس والجسد في المقطع التالي لادونيس:
Quote: تمرحَلْ, أيها الجسد, من الآن إلى الموت
- متى وُلدتَ, ما عمرك
?
والمقطع التالي ملخص لعلاقة الموت والاسم والايروس:

Quote: وأمس قرأت: (كلّ شهوة قسوة إلاّ
الجماع يُرقِّقُ ويُصفّي)
لذلك أبكي.
سين ألف
- أدخلي, كأنك نقبتِ الجحيم وخرجت منها
أو كأنك امرأة تشتري العطرَ بالخبز
أُحْصيك وأستقصيكِ
أُزمِنُ فيكِ وأُكوكب حولك أعضائي
وكنت صادَفْتُ نفسي فيكِ
وحين تبعتكِ
قلتُ: النَّفَسُ يتبع بعضُها بعضًا.
لكن,
لماذا أنا كثيرٌ بنفسي قليلٌ بكِ?
لماذا, كلما اقتربْتِ إليّ, أشعر كأنّ عضوًا يسقطُ مني?

في نصه "مفرد بصيغة الجمع" تتحاور الذات الكاتبة مع الموت كما في الامثلة التالية ,وهي امثلة تعيدنا الى حوار الذات الكاتبة في "جدراية" مع الموت
تقول الذات الكاتبة في مفرد بصيغة الجمع:

Quote: أجلسْ, أيها الموتُ, في مكانٍ آخر

ثمة أمواجٌ تقبل من شواطىء غير مرئية
تقول إنّها استطالاتي
ثَمَّة صلصالٌ غيَّر اسمه


ثم تقول في نفس منحى مخاطبة الموت:
Quote: أجلسْ, أيها الموتُ, في مكانٍ آخر
ولْنتبادَلْ وجهينا
أصنع نبضي نسْغًا لأبجديتي
أسوّيك الجلد
أسمّيك النظر
طعمَ الأشياء
( ... )
وأقول باسمكَ:
ابتسمْ, أيها النهر, لجفافك
امرحي, أيتها الزهرة, بين الشّوكة والشوكة

وتواصل قائلة:
Quote: إجلسْ, أيها الموت في مكان آخر ولنتبادل وجهينا
أقول باسمك وباسمي:
نُضلِّل الحياة وهي التي تقودنا
ماذا أفعل
وجسدي أوسع من الفضاء الذي يحتويه
أنا الباحث
وليس أمامي غير الموت?
ونقول باسمها وباسمك وباسمي:
تجوهرتُ بكِ
وكنت أطمح إلى التبدّد
وفتحتك بجسدي لكن,
بماذا أختمك?
ومع أنني مَشُوبٌ بكِ
فأنا شيءٌ لا يستند إلى شيء
ليس مربوطًا
ولا ملتحمًا
ولا حالاً
لكنني أسيلُ لا أقف
وجسدي رمَى إذ رمى
بقاب قوسين
وأنا الصَّحيحُ المريض برزخُ الجنس
استوليتُ
إلبْتُ الكَمَّ والكيف
فُتُّ ما يُقال
مع ذلك,
عييت من تصوّرِك على أنحاءَ ومراتب
وأعوذُ بأسمائنا من علم اليقين
(أليقينُ شَرَكُ الضمائر
والمعرفة
أن
تعلم وتجهل)
هكذا أتحرّك في سلاسل جنوني وأنوّع الحلقات
هكذا أيّها الثابت
المتبدّل
المتصوّن
يا جسدي
وكذا
وكذا
وكذا
هكذا أسأل:
أنتَ صِراطي كيف أقطعك?
أو
أسأل:
هل أنتَ حكايةٌ محرَّفةٌ ومكذوبةٌ عليَّ?
هكذا,
أُنكر ما يفرّقني
وما يجمعني
وأقول باسمكَ:
أنا الماء يلهو مع الماء



وتتم مواصلة مخاطبة الموت في نفس سياق تبادل الادوار بين الذات الكاتبة والموت ,حيث يلتبس الموت بالجسد:
Quote: اجلسْ, أيها الموت, في مكانٍ آخر ولنتبادل وجهينا
أُسمّيك الجسدَ وأسأل
كيف أعيش مع جَسَدٍ أتَّهمه
وأنا المتَّهَمُ والشاهِدُ والحكَم?
وأسميكَ جسدي
وأرى إليك إليه يتفكَّك ويتركَّب
السَّاعد فخذٌ
المعصم كاحِلٌ
اليد قَدمٌ
الكتف مِرْفقٌ
وما تبقَّى غيرُ ما تبقَّى
وأستسلمُ, أنا الراسخ,
كانهيارٍ ثلجيّ
عنقي يهبط في التّرقوة
وتهبط هذه في الصدر
ويهبط الصدر في ليل الرّدفين
والرِّدفان في شمس الأحقاء
وتكون الأحقاء رصاصًا يرسب في أطراف
الساقين وتتَنَوَّرُ بأعضائي أعضائي.
وتقول باسمي:
أسميكَ عاشقًا
وجْهًا إلى الحيوان
وجهًا إلى النبات
وأصغي إلى هذيانك يطلعُ
في لهاث العناصر:
دال تاء
- بحسب حركاتكَ يجري أمري
والليل والنهار بريدي إليك
يتراكضان كمُهرين في سباق
كيف أقمع هوائجي
والحاجة إليكَ هتكتني?
واو نون
- كيف أقمع هوائجي
والحاجة إليكِ هتكتني?
تبكين?
- لا تحرق النار موضعًا مَسَّهُ الدمع
لذلك أبكي
ينبت القرنفل في الدمع
لذلك أبكي
وأمس قرأت: (كلّ شهوة قسوة إلاّ
الجماع يُرقِّقُ ويُصفّي)
لذلك أبكي.
سين ألف
- أدخلي, كأنك نقبتِ الجحيم وخرجت منها
أو كأنك امرأة تشتري العطرَ بالخبز
أُحْصيك وأستقصيكِ
أُزمِنُ فيكِ وأُكوكب حولك أعضائي
وكنت صادَفْتُ نفسي فيكِ
وحين تبعتكِ
قلتُ: النَّفَسُ يتبع بعضُها بعضًا.
لكن,
لماذا أنا كثيرٌ بنفسي قليلٌ بكِ?
لماذا, كلما اقتربْتِ إليّ, أشعر كأنّ عضوًا يسقطُ مني
?

في جدارية تخاطب الذات الكاتبة الموت ,مطالبة له بالجلوس على الكرسي كما في حالة مفرد بصيغة الجمع,لكن السياقين مختلفان,
ففي مفرد بصيغة الجمع تتم المخاطبة من خلال الايروس"الشهوة –الجسد –الجماع",
اما في الجدارية فهنالك تحد للموت,كما سنرى في مكان لاحق
وادناه امثلة عن مخاطبة الموت في جدارية و مطالبته بالجلوس على الكرسي:

Quote: يا موت! يا ظلي الذي سيقودني ,يا ثالث الاثنين,يا لون التردد في الزمرد والزبرجد,يا دم الطاؤوس, يا قناص قلب الذئب,يا مرض الخيال ,
اجلس على الكرسي!ضع أدوات صيدك تحت نافذتي

الاعمال الكاملة,ص 725
ثم يقول ايضا عن جلوس الموت:
Quote: ويا موت انتظر واجلس على الكرسي ,خذ كأس النبيذ,ولا تفاوضني

ص 726
و يقول ايضا :
Quote: وما المنام سوى طريقتنا الوحيدة في الكلام\ أيها الموت التبسْ,واجلس على بلور أيامي,كأنك واحدً من أصدقائي الدائمين"

ص 727

سنعود في البوست القادم للحديث عن بعض دلالات "الاسم " في خطاب درويش الشعري والنثري

ارقدوا عافية
المشاء

Post: #482
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-12-2006, 08:20 PM
Parent: #481

وقبل ان نعود الى دلالة "الأسم" في جدارية,
سنحاول ان نستكنه بعضا من دلالات الاسم في خطاب درويش الابداعي ,
أي خطاب النثري وخطابه الشعري
في خطابه النثري, وخاصة مراثيه
نرى درويش يتحدث عن علاقته بالكاتب السوري المعروف:
ممدوح عدوان
ففي رثائه لممدوح عدوان الموسوم:
كما لو نودي بشاعر أن انهض
يقول درويش:
على أربعة أحرف يقوم اسمك واسمي ,لا خمسة.
لأن حرف الميم الثانية قد نحتاج اليها أثناء السير على الطرق الوعرة".
ص95
وهنا يلعب درويش على كلمتي :
ممدوح و محمود
ثم يقول:
ممدوح لا أطيق سماع اسمك الآن,لأنه يذكرني بما ينقصني من رغبة في الضحك معك على عورة بردى المكشوفة كأسرارنا القومية.ولأنه يذكرني بمدى حاجتي الى استراحة من الركض آناء الندم ,بحثا عن حلم مسروق,أراه واضحا و أحاور السارق.ويذكرني اسمك بما فيه من طقطقة كأني حبة بلوط في موقد الفقير ليلة العيد .


لهذا اكتب اسمك ولا أنطقه ,ففي الكتابة يتموج اسمك على ماء الحضور,وفي الكلامم اسمع وحشة الغياب يطاردني من حرف الى حرف,ليفترس الشلو الأخير من قلبي الجائع الى هجائك المادح".ص 96-7
ثم يقول علاقة الغياب بين الاسمين :
لا لأن حروف اسمك هي حروف اسمي ,لا أتبين من منا هو الغائب,بل لأن الحياة التي آلفت بين ثعلبين ماكرين لم تمنحنا الوقت الكافي لنقول لها كما أحببناها وكم أحببنا فجورها وتقواها.فتركت ثعلبا منا بلا صاحب" ص 97.
ثم يقول مرة ثانبة عن حرف الميم الثاني في اسميهما:
لا جلجامش ولا أنكيدو.لا الخلود هو المبتغى ولا قوة الثور.فنحن الخفيفان الهشان,كواقعنا هذا ,لم نطلب أكثر من وقت أضافي لنلعب بالكلمات لعبا غير برئ,هذه المرة أو لنورث ما لم نقله بعد من لم يقل بعد.ولنجعل من هذا الشعر مزاحا مستحبا مع ال لكن حرف الميم الثاني في اسمك واسمي ظل قطعة غيار لا تنفع".
ص 97

واللعب على اللغة يمكن ان نجده في نص درويش المشهور:
بيروت
فهنا نجده يراهن شعريا على الشغل في ما يمكن ان يتكون من كلمات من حروف ثلاثة هي:
الراء و الباء والحاء
يقول النص الشعري:
فسر ما يلي:
بيروت(بحر-حرب-حبر-ربح)
البحر:أبيض او رصاصي ,وفي أبريل أخضر,
أرزق ,لكنه يحمر في كل الشهور اذا غضب
والبحر :مال على دمي,
ليكون صورة من أحب
الحرب:تهدم مسرحيتنا لنلعب دون نص أو كتاب
والحرب:ذاكرة البدائيين والمتحضرين
والحرب:أولها دماء
والحرب:آخرها هواء
والحرب:تثقب ظلنا لنمر من باب لباب
الحبر:للفصحى وللضباط ,والمتفرجين على أغانينيا وللمستسلمين لمنظر البحر الحزين
الحبر:نمل أسود,أو سيد
والحبر:برزخنا الأمين

والربح: مشتق من الحرب التي لا تنتهي
منذ ارتدت أجسادنا المحراث ,
منذ الرحلة الأولى الى صيد الظباء
حتى بزوغ الاشتراكيين في آسيا وفي افريقيا
والربح:يحكمنا يشردنا عن الأدوات والكلمات ,
يسرق لحمنا,
ويبيعه
ص436-7
نلاحظ ان الحبر والبحر والربح والحرب توصف بيروت من حيث علاقتها بالبحر والحرب والحبر والربح

في دلالة من دلالات الاسم ,نجد ان الهوية مرتبطة بالوجو د الانساني ,وتلعب دورا اساسيا في التواصل الانساني وبدونه ,أي الاسم,لا يمكن تأسيس اية علاقة انسانية
وهذا يتضح بشكل واضح في نصه الشعري:
لا أعرف اسمك
وهو نص يعتمد الحوار بين مسافر و مسافرة لا يعرف كل منهما الآخر
يقول المسافر:
-لا أعرف اسمك
*سمني ما شئت
-لست غزالة
*كلا ولا فرسا
-ولست حمامة المنفى
*ولا حورية
-من أنت؟ما اسمك؟
*سمني,لأكون ما سميتني
-لا أستطيع ,لأنني ريح
وأنت غريبة مثلي,وللأسماء أرض ما
فاختارت المسافرة الغريبة اسما حين قالت:
اذن ,أنا "لا أحد"
الاعمال الجديدة ص 107
ثم قالت له "لا أحد"
لا أعرف اسمك,ما اسمك؟
فرد المسافر قائلا:
اختاري من الأسماء أقربها الى النسيان,سميني أكن في أهل هذا الليل ما سميتني
فأجابت "لا أحد":
لا أستطيع لأنني امراة مسافرة على ريح,
وأنت مسافر مثلي,
وللأسماء عائلة وبيت واضح
فأجاب المسافر مختارا اسما له:
فاذن,أنا "لا شيئ"
بعد ذلك قالت "لا أحد" ل"لاشيئ":
"قالت "لا أحد":
سأعبئ اسمك شهوة,جسدي يلمك من جهاتك كلها,جسدي يضمك من جهاتي كلها,لتكون شيئا ما
ونمضي باحثين عن الحياة
فرد لاشيئ في خاتمة النص الشعري:
"فقال "لا شيئ ":الحياة جميلة معك ..الحياة جميلة
الأعمال الجديدة ص 108

وفي نصه الشعري :
أما أنا ,فأقول لاسمي
نجد ان الاسم يكتسب دلالة سلبية,ذلك انه من صنيعة الآباء والأسلاف,وبه يواصلون ثقافتهم عبر القادم الجديد ,فكأن القادم الجديد,او اسمه,هو امتداد لهم,
فالأنا في قمة وجودها تحتج على وسمها,لانها لم تختر ذلك
أما أنا,فأقول لاسمي :
دعك مني ,وابتعد عني,
فاني ضقت منذ نطقت واتسعت صفاتك!خذ صفاتك و امتحن غيري...
حملتك حين كنا قادرين على عبور النهر متحدين"أنت أنا",
ولم أخترك يا ظلي السلوقي الوفي,
اختارك الآباء كي يتفاءلوا بالبحث عن معنى,
ولم يتساءلوا عما سيحدث للمسمى عندما يقسو عليه الاسم,
أو ما يملى عليه كلامه فيصير تابعه ..فأين أنا ؟
وأين حكايتي الصغرى وأوجاعي الصغيرة؟
تجلس امراة مع اسمي دون أن تصغي لصوت أخوة الحيوان والانسان في جسدي ,
وتروي لي حكاية حبها,فأقول:ان أعطيتني يدك الصغيرة صرت مثل حديقة ..
فتقول :
لست هو الذي أعنيه,لكني أريد نصيحة شعرية ,
ويحملق الطلاب في اسمي غير مكترثين بي.
و أنا أمر كأنني شخص فضولي,
وينظر قارئ في اسمي ,
فيبدي رأيه فيه:
أحب مسيحه الحافي ,
و أما شعره الذاتي في وصف الضباب ,فلا!..
ويسألني :
لماذا كنت ترمقني بطرف ساخر,
فأقول:
كنت أحاور اسمي:
هل أنا صفة؟
فيسألني:
وما شأني أنا؟\
أما أنا ,
فأقول لاسمي:
أعطني ما ضاع من حريتي!
ص 79-81
ويقول "في تلك صورتها وهذا انتحار العاشق" عن الاسم في علاقته بالبلاد واعادة تسمية الام:
ما بيني وبين اسم بلاد,
حين سميت البلاد فقدت أسمائي ,وحين مررت باسمي لم أجد شكل البلاد"
الاعمال الكاملة ص 288
اعادة التسمية:
والياسمين اسم لامي والزمن
نفس الصفحة
ثم يتحدث النص الشعري ,
عن اعادة تسمية ما هو مسمى اساسا كالبحر والارض:
ما اسم الارض؟
بحر اخضر,آثار أقدام ,دويلات ,لصوص ,عاشقات,أنبياء,
آه ما اسم الارض؟
شكل حبيبة يرميك قرب البحر,
ما اسم البحر؟
حد الأرض,حارسها ,حصار الماء,أزرق أزرق,امتدت يدان الى عناق البحر فاحتفل القراصصنة البدائيون والمتحضرون بجثة ,فصرخت:أنت البحر,
ما اسم البحر؟
جسم حبيبة يرميك قرب الأرض
ص 289
وفي نصه الشعر ي:
يحبونني ميتا
تتحدث الذات الكاتبة عن رغبة "الآخرين" في رؤيتة ميتا, وتبدو العلاقة هنا بين الموت هي علاقة بين الآخرين وبين الشاعر:

يُحِبُّونَنِي مَيِّتًا
لِيَقُولُوا: لَقَدْ كَان مِنَّا، وَكَانَ لَنَا.
سَمِعْتُ الخُطَى ذَاتَهَا.
مُنْذُ عِشْرِينَ عَامًا تدقُّ عَلَى حَائِطِ اللَّيْلِ.
تَأتِي وَلاَ تَفْتَحُ البَابَ. لَكِنَّهَا تَدْخُلُ الآن.
يَخْرُجُ مِنْهَا الثَّلاَثَةُ: شَاعِرٌ، قَاتِلٌ، قَارِئٌ.
أَلاَ تَشْرَبُونَ نَبِيذًا?
سَأَلْتُ. سَنَشْرَبُ.
قَالُوا. مَتَى تُطْلِقُونَ الرَّصَاصَ عَلَيَّ?
سَأَلْتُ. أجابوا: تَمَهَّلْ!
وَصَفُّوا الكُؤُوسَ وَرَاحُوا يُغَنُّونَ لِلشَّعْبِ،
قُلْتُ: مَتَى تَبْدَأُونَ اغْتِيَالِي?
فَقَالُوا: ابْتَدَأنَا... لِمَاذَا بَعَثْتَ إِلَى الرُّوحِ أَحْذِيَةً!
كَيْ تَسِيرَ عَلَى الأَرْضِ.
قُلْتُ. فَقَالُوا: لِمَاذَا كَتَبْتَ القَصِيدَةَ بَيْضَاءَ
والأَرْضُ سَوْدَاءُ جِدًّا.
أَجَبْتُ: لأَنَّ ثَلاَثِينَ بَحْرًا تَصُبُّ بِقَلْبِي.
فَقَالوا: لِمَاذَا تُحِبُّ النَّبِيذَ الفَرَنْسِيّ?
قُلْتُ: لأَنِّي جَدِيرٌ بأَجْمَلِ اِمْرَأَةٍ.
كَيْفَ تَطْلُبُ مَوْتَك?
أَزْرَق مِثْل نُجُومٍ تَسِيلُ مِنَ السَّقْفِ
- هَلْ تَطْلُبُونَ المَزِيدَ مِنَ الخَمْر?
قَالُوا: سَنَشْرَبُ.
قُلْتُ: سَأَسْأَلُكُمْ أَنْ تَكُونُوا بَطِيئِين،
أَنْ تَقْتُلُونِي رُوَيْدًا رُوَيْدًا لأَكْتُبَ شِعْرًا أَخِيرًا لِزَوْجَةِ قَلْبِي.
وَلَكِنَّهُم يَضْحكُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ مِنَ البَيْتِ
غَيْرَ الكَلاَمِ الذِي سَأَقُولُ لِزَوْجَةِ قَلْبِي..
( * * * )

من ديوان ( ورد أقل ) ، 1986
ويقول في خطبة (الهندي الأحمر) ما قبل الأخيرة أمام الرجل الأبيض:
فَمِنْ حَقِّ كولومبوسَ الْحُرِّ أَنْ يَجِدَ الهِنْدَ في أَيِّ بَحْر،
وَمِنْ حَقَّهِ أَنْ يُسَمِّيَ أَشْبَاحَنا فُلْفُلاً أَوْ هُنودا،
وَفي وُسْعِهِ أَنْ يُكَسِّرَ بَوْصَلَةَ الْبَحْرِ كَيْ تَسْتَقيمَ
وَأَخطاءَ ريحِ الشَّمالِ، وَلكِنَّهُ لا يُصَدِّقُ أَنَّ الْبَشَر
سَواسِيَّةٌ كالْهَواءِ وَكالمَاءِ خارِجَ مَمْلَكَةِ الْخارِطَة

هنا دلالة الاسم مرتبطة بالآخر الاستعماري اي الرجل الأبيض
فالتسمية هنا مرتبطة بالعلاقة الاستعلائية بين الثقافات,بين المستعمر –بكسر الراء-والمستعمر-بفتح الراء
بين الدخيل وبين "السكان الأصليين"
ثم يقول في دفاع السكان الأصليين عن أسمائهم:
وَخُذْ ذَهَبَ الأَرْضِ والشَّمْسِ، واتْرُكْ لَنا أَرْضَ أَسْمائِنا
وَعُدْ، يا غَريبُ، إلى الأَهْلِ... وابْحَثْ عَنِ الْهِنْد /
( 3 )

... أَسْماؤُنا شَجَرٌ مِنْ كَلامِ الإِلهِ، وَطَيْرٌ تُحَلِّقُ أَعْلى
مِنَ الْبُنْدُقِيَّةِ. لا تَقْطَعوا شَجَرَ الاِسْمِ يا أَيُّها الْقادِمون
مِنَ الْبَحْرِ حَرْبًا، وَلا تَنْفُثوا خَيْلَكُمْ لَهَبًا في السُّهول
لكُمْ رَبُّكُمْ ولَنَا رَبُّنا، وَلَكُمْ دينُكُمْ وَلَنا دينُنا
ثم يقول في الدفاع عن اسماء الاسلاف بطريقة مستبطنة:
سَنَسْمَعُ أصْواتَ أسلافِنا في الرِّياحِ، ونُصْغي
إِلى نَبْضِهِمْ في بَراعِم أشجارِنا. هذه الأَرْضُ جَدَّتُنا

وسأعود
أرقدوا عافية
المشاء

Post: #483
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2006, 01:05 PM
Parent: #482

غلاف الترجمة البلغارية ل:جدارية

Post: #484
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2006, 01:22 PM
Parent: #483

صور من جدارية فلسطينية معاصرة في مدينة غزة







Post: #485
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2006, 03:31 PM
Parent: #484

كنا قد تحدثنا عن خطاب درويش النثري والمتمثل في مراثية النثرية وكتبه مثل :
ذاكرة للنسيان
و رسائله المشهورة المتبادلة مع صديق عمره الشاعر الفلسطيني الكبير:
سميح القاسم
نلاحظ في حواره الأخير مع عبدة وازن في "الحياة" والذي نشرناه متسلسلا هنا,
نلاحظ انه قد تحدث عن "ظلمه لنثره" والذي ورد في سياق حديث عن خشية التوقف عن الكتابة
فقد سأل عبدة وازن درويش :
هل تخشى أن تتوقف ذات يوم عن الكتابة؟

- نعم.


> هل أحسست هذه الخشية فعلاً؟

- هذه خشية دائمة خصوصاً عندما أنهي عملاً جديداً. إنني دائم الخوف من هذه القضية. إنها بمثابة هاجس. وأعزّي نفسي بأنني عندما أشعر، أو عندما اعترف بجفاف الماء في تجربتي الشعرية أو في لغتي، أجد المناسبة حسنة لأكتب النثر. فأنا أحب النثر كثيراً.


ظلمت نثري


> لكنك لم تكتب قصيدة نثر مع انك كتبت الكثير من النثر؟

- كتبت الكثير من النثر لكنني ظلمت نثري لأنني لم أمنحه صفة المشروع. أكتب نثراً على هامش الشعر أو أكتب فائضاً كتابياً أسميه نثراً. ولكن لم أُولِ النثر الأهمية التي يستحقها،. علماً انني من الشديدي الانحياز الى الكتابة النثرية. والنثر لا يقل أهمية عن الشعر. بل على العكس، قد يكون في النثر مساحة من الحرية أكثر من النثر. فإذا جفّ نصّي الشعري فقد ألجأ الى النثر وأمنحه وقتاً أكثر وأولية جدية أكثر. عندما كنت أكتب نثراً كنت أشعر أن النثر يسرق مني الشعر. فالنثر جذاب وسريع الانتشار، ويتحمّل أجناساً أدبية أكثر من الشعر. ويستطيع أن يهضم الشعر ويعطيه مساحة وحركة أكبر. وكنت عندما أكتب النثر انتبه الى انني نسيت القصيدة وأن عليّ أن أعود اليها. هكذا أكون بين النثر والشعر، لكنني معروف بأنني شاعر ولا أسمّى ناثراً.


> لكنك لم تكتب قصيدة النثر، لماذا؟

- ما دمت أكتب نثراً فأنا أكتب النثر، من دون أن أسميه قصيدة. لماذا ننظر الى النثر نظرة دونية ونقول انه أقل من الشعر؟ صحيح أن النثر يطمح الى الشعر والشعر يطمح الى النثر... يعجبني قول للشاعر باسترناك: "أجمل ما في القصيدة ذلك السطر الذي يبدو نثرياً". انني لا أريد أن أفرّق كثيراً بين الشعر والنثر، ولكن انطلاقاً من التجنيس الأدبي ما زلت أعطي للنثر اسمه وللشعر اسمه. لكن السؤال هو: كيف تتحقق الشعرية في قوام قصيدة؟ وأعتقد أن علينا أن نوقف النقاش حول الفارق أو الاختلاف أو الائتلاف أو الابتعاد أو الاقتراب بين قصيدة النثر والقصيدة. هذا السجال تجاوزه العالم. أما إذا سألتني عن رغبتي في كتابة قصيدة نثر فأرجو أن أكتب نصاً نثرياً من دون أن أسميه قصيدة نثر.


> ولكن من الملاحظ في شعرك ولا سيما في المرحلة الأخيرة أن ثمة حواراً بين النثر والشعر، وقد عرفت تماماً كيف تستفيد من قصيدة النثر، لا سيما أنك شاعر تفعيلة، وقد استشهدت بجملة بديعة لأبي حيان التوحيدي في ديوانك الأخير "كزهر اللوز أو أبعد"! وما يميز القصيدة لديك هو هذا الفضاء الرحب، الفضاء النثري والموسيقى الداخلية القائمة على تناغم الحروف!

- أولاً، أود أن أقول ان ليس لدي أي تحفظ على قصيدة النثر. والتهمة التي لاحقتني في انني ضد قصيدة النثر زمناً هي باطلة.

قلت وأقول دائماً ان من الانجازات الشعرية المهمة في العالم العربي بروز قصيدة النثر، أي تأسيس طريقة كتابة مغايرة للشعر التقليدي والحداثة التقليدية. قصيدة النثر تريد أن تميز نفسها وتريد أن تطور أو أن تضيف نصاً مختلفاً عن القصيدة الكلاسيكية وعن القصيدة الحديثة التي صنعها جيل الرواد. هذا أولاً. ثانياً، أنا من المعجبين جداً بشعراء كثيرين يكتبون قصيدة النثر. وأقول دائماً إن هناك أزمة في ما يسمى قصيدة التفعيلة، وأنا أكره هذه التسمية، ولكن لا بديل لها. والأزمة أصلاً تكمن في الكتابتين.
وأدناه مقال مهم عن بعض من خطاب درويش النثري مقارنا بكتاب لادوراد الخراط,
والمشترك بين الكتابين هو ثيمة الموت ,والتي تتمحور حولها :
جدارية
فالى المقال الذي نشر في العدد السابع والعشرين من مجلة نزوى التي يشرف عليها الشاعر العماني الكبير:
سيف الرحبي
******


السيرة الذاتية وتعدد الاصوات
السرد و الزمن و الموت
في (ذاكرة للنسيان) و (حريق الأخيلة)

بطرس حلاق (ناقد واكاديمي يقيم في باريس)


--------------------------------------------------------------------------------


يتصدى الفيلسوف بول ريكور للبنيوية في النقد الادبي، فيؤكد على أولية الزمن الحاسمة، قائلا: انه يجدر بنا أن تعتبر السرد حارسا للزمن (1)، ومعتبرا ان كل سرد يهدف الى "الانفتاح على معنى ما"، وذلك بتنسيقه الزمن الماضي وبتأسيسه فعلا في زمن قادم وبمجابته ما هو "آخر الزمن" أي لابد والموت، فأساسا يهدف السرد الى ترويض مكائد الزمن، مأساوية الزمن العابر، إن هذا المبدأ، البالغ الجلاء في الحكايات التأسيسية كالتوراة والكتب المقدسة التي تتقصى مشكلة الأصول والأخلاق والموت، ينتظم بشكل واضح السيرة الذاتية، حيث يستبين الفنان معنى حياته ويؤسس مستقبله ويصارع موته الشخصي.

من هذا المنظور يكتسب العملان اللذان اخترتهما- وهما "ذاكرة للنسيان" (2) لمحمود درويش و "حريق الأخيلة" (3) لإدرار الخراط - قيمة نموذجية لان معناهما منوط بالزمن والموت. في "حريق الأخيلة"، الذي يجعل منه الرقم سبعة عالما شموليا مثاليا، مسكون بالموت، البادي في زوال عوالم المؤلف الداخلية والخارجية، حيث يفنى لهبا لهذا الحريق كل ما يرده المؤلف - بل يحاول أن يرده - وكأنه لايزال حيا، كيما يتسنى له أن يحتفظ بشظايا الماضي حية بحياة متوهجة.

أما "ذاكرة للنسيان" فيهيمن الموت عليها بقدر أكبر، إذ أنها في الموت تجد منبعها: إنها تنبثق من ذلك اليوم العصيب، يوم "هيروشيما الفلسطينية"، حيث يبدو الكاتب وكأنه يحيا موته الوشيك.. يرتكز المؤلف عل هذا اليوم ليحيط بموته الرمزي الأول، الخروج من فلسطين، وبجذوره الثقافية الضاربة في التاريخ العربي، وليواجه أيضا حياته ذاتها وموته كفلسطيني وكمجرد انسان، لا يكتسب هذا العمل أبعاده الحقيقية الا في الضوء الباهر الذي يلقيه دنو الموت على الحياة. لا أسعى، في اطار هذه الدراسة، إلى الاحاطة بكافة جوانب هذين العملين الثرية، بل أتقيد، عمدا، بجانبين هامين يتعلقان بجماليات السرد، فأحاول أولا أن أتبين، انطلاقا من مفهوم تعدد الاصوات، كيف قام > الوعي الحاد بالموت بهيكلة العمل من داخله، أو بتعبير آخر: كيف انعكس هذا الوعي في النسيج السردي، ثم أتناول الجانب الآخر المتعلق بالسيرة الذاتية.

عالم محمود درويش

تتعدد الأصوات

يتجلى عمل محمود درويش، لأول وهلة، وكأنه دراما قديمة حسب مفهوم المسرح الكلاسيكي الفرنسي في القرن السابع عشر، اذ يبدو منصاعا لقانون الوحدات الثلاث: وحدة المكان ووحدة الزمان ووحدة الحدث. المكان: بيروت الغربية وقد أصبحت كلها مسرحا، حدوده خطوط الحصار المحكم الذي ضربه الجيش الاسرائيلي. الزمان: يوم من أيام شهر آب / أغسطس عام 1982، تراكمت فيه أجسم الأحداث (4) الحدث: أعمال الكاتب وأقواله وأفكاره من الساعة الثالثة صباحا، أي منذ أخرجه من حلمه دوي القصف الاسرائيلي،وحتى الساعة العاشرة مساء، حيث عاد إلى نومه وحلمه بعد أن أمضى نهاره يجوب المدينة لمقابلة الناس والأماكن.

هنا ينتهي وجه الشبه بالدراما الكلاسيكية، إذ يفترقان في الحبكة التي تتضمن، وفقا للمعايير الكلاسيكية، بداية وسيرورة ونهاية.. هذا، إلا إذا اعتبرنا بمثابة حبكة ذلك الخيط الرفيع الذي ينتظم السرد وينقل السارد- الشخصية (السارد البطل) من الرهبة امام الموت إلى نوع من السلام الداخلي الذي يتمثل الموت نفسه، بيد أن هذا الاعتبار لا يشكل إلا مقاربة ممكنة، ليست، على كل حال، بالأهم.

أحرى بنا أن نتكلم لا عن حبكة مفردة بل عن مشاكل من حبكات، وبالأصح من اشكاليات تنبثق جميعها من لحظة حرجة واحدة، هي لحظة الاقتراب حسيا من الموت، في هذه المواجهة يلتهب كل شيء، ما عدا الجوهري، فيتكثف في اللحظة الواهنة زمن الراوي بأكمله، بل كافة أؤمنته، وتتعرى كل الأبعاد التي تكونه، من البعد الأكثر حميمية الى البعد الكوني الأشمل. فتصدح، في وعيه، الأصوات المعبرة عن هذه الأبعاد دفعة واحدة متزامنة. فلو استعمل الراوي وسيلة سينمائية لتسنى لنا أن نلتقط جميع هذه الأصوات من أول وهلة. غير أنه يتوسل الكتابة، وهي خطية بالضرورة، ولذا لا تبلغنا هذه الأصوات إلا بالتوالي. بيد أن القارئ يشعر بأن تلك الأصوات كلها تتدافع عجلي لتظهر بصورتها الطباعية. الهذا يجري السرد دفقة واحدة عفية، بلا انقطاع، بلا عناوين فصول، دون ترك بياض في نهاية الفصل للانتقال الى الصفحة التالية، ما خلا تنفسا سريعا يأتي في وقته - وأحيانا اعتباطا- يشير اليه مربع أسود من آن لآخر؟

مع ذلك، ثمة موضوعة ذات حضور مهيمن ترمز الى تضافر هذه الأصوات - أو تعدديتها، حسب الاصطلاح (5) - الا وهي موضوعة البحر، أو الماء/ الأنواء بشكل عام. ففي هذا النهار النشوري، يشكل الماء الحيز الوحيد حيث تدور الأحداث وتتحرك الكائنات والأشياء، الماء يفعم البشر والجماد، يملأ الهواء واليابسة والبحر، بحيث أنه يمحو الحدود بين هذه العناصر. فيغدو كل شيء مائيا: القنابل والصخور والقطط والحبيبة. وقد تنعكس الأمور فيتجلى الماء بصورة الجماد أو الهواء: "السماء تنخفض كأنها سقف اسمنتي يقع، البحر يتحول الى يابسة ويقترب" (6). الماء يملأ الفضاء وكل ما يتحرك فيه، بل أكثر من ذلك: إنه يضبط الزمن ويهيمن عليه، إذ ان الزمان نفسه يصبح مكانا. فالمؤلف يضيف، بمثابة عنوان فرعي، الإشارة التالية: "الزمان: بيروت. المكان: يوم من أيام آب 1982". يتجمد الزمن بصورة مكان ويميع المكان على صورة ماء. فيصبح الماء لا رحما أموميا فحسب بل سديما نشوريا (ابوكاليبتيكيا) يشير الى نهاية عالم وولادة عالم آخر، ويحيل الى ذلك السديم البدئي الذي يقال انه أشرف على خلق الكون في بداية الأزمنة، سديم يتضمن، بالقوة، كل ما سيبزغ الى الوجود من كائنات وأشياء على نحو يكاد يكون تزامنيا. انه حيز الأصول الأسطوري. فهل هنا يكمن السبب في أن الراوي يشعر بأنه فرد وحيد، في ذلك الصباح، شأن آدم في فجر الخليقة حين لم تكن المخلوقات قد تسمت بأسمائها؟7) "خرجت للتو فلم أعرف أين أنا. لم أعرف من أنا. لم أعرف ما اسمي ولا اسم هذا المكان، لم أعرف أن في وسعي أن أمتشق ضلعا من ضلوعي لأجد فيه حوارا لهذا السكون المطلق. ما اسمي؟ من سماني؟ من سيسميني... آدم...!"(، والنصان التراثيان اللذان يخطران بباله حينئذ ويدرجهما في سرده، يعززان تلك الفكرة، فهما يتحدثان عن الماء والخلق، يشهد نص ابن سيده (9) على حضور الماء بشكل طاغ في المعجم التراثي العربي، أما النص الثاني فيتناول بنفس النفحة الماء وخلق العالم (´`) وثمة أمر ذو دلالة: الماء والخلق يرتبطان ارتباطا وثيقا بالقلم، وهو أيضا أداة خلق، بها يأتي الى حيز الوجود عالم الراوي، يتم ذلك في أن يدخل مصير الشعب الفلسطيني في لحظته الحرجة، في حالة مخاض.

تصنيف الأصوات
عديدة هي الأصوات المعلعلة في هذا العمل، وهي تحيل الى عوالم فكرية وشعورية شديدة التباين، لكنها تتمايز أيضا في كل عالم من هذه العوالم لتخلق كوكبة أخرى من الأصوات. وهكذا لا تترسخ تتعدية الأصوات في فئات مختلفة فحسب، بل داخل كل فئة أيضا. وسأقصر الحديث على ست فئات هي الأهم.

1- فئة الـ"أنا" الساردة، التي تشمل الصوت الراوي للأمور الأساسية المباشرة (جو المقهى، المرأة، الاصدقاء، الخوف...) صوت الذاكرة (النزوح الأول عام 1948 الذي عرف الراوي بلبنان لأول مرة، فترات السجن، الإقامة الجبرية، الحب الاشكالي المتبادل مع اسرائيليات، الخروج النهائي من البلاد...)، صوت المناضل، صوت الشاعر..

2- فئة بيروت، وتنقسم الي مدن عديدة: بيروت الجبانة المتمثلة بأصوات الكتائبيين، بيروت - الشعب المتمثلة بأصوات الشارع في المنطقة الغربية، بيروت المثالية التي تحلم بإقامتها مستقبلا أصوات المنضالين من فلسطينيين وعرب ومتعددي الجنسيات، بيروت المتراجعة عن جسارتها المتمثلة بأصوات المناضلين الذين هجروا النضال.

3- فئة فلسطين، وتشمل: فلسطين - الذاكرة الكلية الحضور، فلسطين المناضلة (بمناضليها المثاليين الشجعان، وزعمائها الأفذاذ والكثيري الهفوات في آن، ومسؤوليها الماهرين في الحسابات والغش)، فلسطين التي لا تجد موقعها من لبنان، فلسطين التي يحلم بإقامتها، فلسطين التي تبدو وكأنها خسفت الى غير رجعة.

4- فئة العالم العربي، وتشمل الحكام الذين، شأن الكواسر، ينتظرون بلذة بالغة لحظة موت الضحية، الجماهير العاجزة التي فمرفها القمع الى اهتمامات يسيرة ككرة القدم والفيديو، تراثا مزريا ورائعا في آن...

5- فئة الصهيونية وتشمل: الفكر العتيق المتحجر الذي ينفي كل ما هو آخر (بيجين، يهوه الآمر بابادة أهل أريحا عن بكرة أبيهم، الاذاعة الرسمية..)، الوعي القلق الشجاع (مناضلو حركة السلام الآن، أوري أفنيري)، الوعي المندبق بالذات.

6- فئة العالم الخارجي، وتشمل: العقل السياسي الصلف الميكيافيلي الذي تعبر عنه مختلف الحكومات ولا سيما الحكومة الأمريكية، الوعي الشقي عند المتعجلين الى انهاء هذا المشهد المزعج بأي ثمن كان. من المهم بمكان الا نختزل هذه الأصوات المتعددة الى تصرفات ومواقف فكرية، أو الى حالات ذهنية يسردها الراوي ويعبر عنها بشكل مسرحي، إنها كلمات تعكس عوالم مرتبطة بشخصيات وجماعات، فهي أصوات بكل معنى الكلمة. ومع انها لا تبلغ جميعها نفس الدرجة من الاكتمال، فإنها تبقى مع ذلك أصواتا حقيقية يثيرها احداق الموت الفردي، او تحيل الى موت جماعي محتمل ومخشي. أو بتعبير آخر، ان هذا العمل - حسب تعبير باختين متحدثا عن دوستويفسكي- لا ينبني وفق "وحدة وعي مفرد امتص ما عداه من أنواع الوعي وكأنها مجرد موضوعات، بل كوحدة مكونة من تفاعلات بين عدة أنواع من الوعي لم يتحول أي منها موضوعا بالنسبة للآخر". (11)

إن كان صوت أنا الراوي يتمايز بسهولة عن الأصوات الأخرى بفضل نبرته الغنائية وبسبب من المكانة التي يحتلها الخطاب الانشائي، إلا أن الأصوات الأخرى تظل مستقلة بذاتها، آية هذه الاستقلالية تمايز الاساليب الخطابية والأجناس الأدبية المستعملة. عند دوستويفسكي، المعلم البارع في تعدد الأصوات وفق باختين، يقوم هذا التعدد أساسا على استخدام الخطاب 0 المنقول بأسلوب مباشر (الحوار) وأحيانا على استخدام المذكرات (على سبيل المثال: حياة الناسك زوسيما من خلال يوميات اليوشا، في رواية الإخوة كارامازوف). أما درويش فيستعمل الى جانب هذه الأساليب أساليب أخرى عديدة. إذ نجد الى جانب الخطاب المنقول بأسلوب مباشر، أو غير مباشر، أو غير مباشر حر، والى جانب الخطاب المستقل أو المونولوج الداخلي، السرد والحلم والبور تريه والقصيدة والمقال الصحفي، وكذلك القناص عبر استشهادات مقتبسة من الكتاب المقدس (بعهديه القديم والجديد لم ومن تفسير القرآن لم نص ابن الأثير) ومن المؤرخين العرب والأجانب.. ومن المذكرات (نص اسامة بن منقذ) ومن المعجميين (ابن سيده) ومن الأدب العالمي (سرفانتيس) ومن أعمال الشاعر نفسه. ولا ننسى شكلا من القناص أكثر رهافة مما ذكرنا، الا وهو معارضة الكلاسيكيين من عرب وغيرهم فهكذا يتراءى من خلال بورتريه "الكعب العالي" (ص 160) نص الجاحظ الشهير، "العصا"، ومن خلال الحلم الذي يظهر فيه عز الدين قلق (ص 19 يتراءى نص المعري الشهير "رسالة الغفران"، ومن خلال وصف مفعول القنابل الانشطارية التي ألقاها الجيش الاسرائيلي (ص 9 يتراءى النص الانجيلي الذي يعلن عن عودة ابن الانسان وبعض فقرات من سفر "رؤيا يوحنا".

هذه الأساليب المتنوعة تمنح الأصوات استقلالية حقيقية، يتفاوت حجمها من حالة لأخرى. وأغلب الظن أن ذلك ما يضفي طابعا دامغا على مأساوية المصير الفلسطيني المحاصر في اعصار الأصوات المتنافرة، حيث لا يبين أي مخرج مضمون العواقب، كما لا ينتفي أي مخرج، بما فيه الانقراض التام في طيات التاريخ. ينعكس هذا الموقف في عنوان الكتاب نفسه، إذ يحار المرء الى أي صوت ينسبه: أ إلى صوت الراوي؟ في هذه الحالة - كما يلاحظ صاحب الترجمة الانجليزية في مقدمته - يهدف العمل الى تثبيت الأحداث المأساوية التي عاشها المؤلف، كي يتمكن من التحرر منها عن طريق النسيان وقد يهدف أيضا الى تثبيت ذاكرة جمعية، حكم عليها الكثيرون بالنسيان، فللحيلولة دون امحائها، أم يكون الصوت صدى لصوت آخر، هو صوت الصهيونية والعالم الخارجي، وكلاهما لا يتوقعان مستقبلا آخر سوى اختفاء فلسطين، التي لا تزال تربكهم؟ يترك المؤلف السؤال معلقا ولا ينفي أي أفق محتمل. هذا هو تحديدا معنى المأساوية النابهة من هذه الأصوات المختلفة التي يعج بها النص.

تعدد الأصوات والكرنفال

ان هذا الوضع الأقصى المتفجر المفتوح على كافة الاحتمالات استدعى إذن تعددية في الأصوات متفجرة هي أيضا، ليس فقط عدديا وانما أيضا في نوعية الأساليب، وفي الأجناس الأدبية المستعملة. لكن هذه الكثرة في الأشكال الأدبية أبعد ما تكون عن تحويل العمل الى لوحة كولاج (قص ولصق)، بل تعزز تعددية صوتية عضوية، يدعمها أسلوبان آخران مرتبطان بالأدب الكرنفالي- وهو الأدب المتميز أصلا بتعدد الأصوات، على رأي باختين - يعتمدان على حيز الأغورا (Agora) والثنائية. (12)

يحيل حيز الأغورا الى الأدب اليوناني الذي خلف عصر الملحمة، والذي كان يدور عادة في مكان عام يسميه اليونان الأغورا (ما يقابل السوق / الميدان)، وهو حيز جماعي مفتوح، يعبر الفرد فيه عن اكثر أحاسيسه حميمية على مرأى ومسمع من الجميع، إذ لم يكن ثمة حاجز بين الفرد والجماعة ولا بين الفرد والطبيعة، بل كان يقوم بين الطرفين تلاؤم تام. في عمل درويش، يتخذ الحيز شكلين متمايزين، فالى جانب الحيز الأسطوري الذي تكلمنا عنه آنفا والمرتبط أساسا، على الأرجح، بصوت الأنا الساردة، يرتسم حيز آخر يتكشف عن روح الأغورا- وأقول روحية الأغورا لا ايديولوجيتها. فالأحداث كلها تقريبا تدور في أماكن عامة كالساحات والشوارع والمقاهي وردهات الفنادق الكبرى وأقبية المباني العامة.. وكأنها تخلق بين مختلف الشخوص تلاؤما تاما، لا على الصعيد الايديولوجي وتحليل الموقف السياسي، بل على صعيد الشغل الشاغل والسياق النفسي الناشئين عن مالرجتياح، كما هي الحال في جو الكرنفال الاغريقي، ولكن بالحفاظ على استقلالية الأصوات.

وكما في الكرنفال، نجد الثنائية واختلاط النبرات، ففي خضم هذه المأساة التي تتحكم بمصير السارد ومصير الأفراد الآخرين وبمصير شعب بكامله، لا بل بمصير الحلم العربي بالتحديد، ينبثق من كل صوب التافه والفكه والسخري. فالتافه يبلغ ذررته في الكلام الشديد الإطناب عن اعداد القهوة، الذي يملأ الصفحات الأولى من النص. لا غرر أن السارد، حين يطيل الحديث عن فن إعداد القهوة وعن نفسية من يعدها وعن دوره في حياته الشخصية، فانه يهدف أولا إلى تبليغ المعتدي المقتدر رسالة تحد. غير أن هذه الرسالة تتجلى بالتحديد في الأهمية المعطاة للقافه. نجد هذا التافه أيضا في النشيد الذي يتغنى بالكعب العالي والمقحم في غير موقعه. أما الفكه، فيبدو في جلسات النميمة واختلاق الاشاعات، وفي وقائع عيد ميلاد الراوي الأربعين التي تشبه الى حد ما طقس أضحية قديم (تقديم القرابين البشرية). أما السخري فيملأ أرجاء النص: الحي الذي يفرغ من سكانه خوفا من طرد ملغوم داخل سيارة واذا باللغم فأر يقرض الحديد الصدئ، المسؤولون في منظمات فلسطينية الذين يحصون عدد شهدائهم ويبالغون في العدد لرفع شأن منظماتهم تجاه المنظمات الأخرى، الفتاة البورجوازية الكتائبية التي تسقط خيالات حبها لفرنسا على جندي اسرائيلي، شلو مو، يتضح أنه يمني الأصل لا يفقه كلمة فرنسية واحدة ويبول كما يحلو له عند كل منعطف، كلها أساليب تنتمي الى الكرنفال وتخلق إطارا مثاليا لتعدد الأصوات، إذ أن شبح الموت يفجر المأساوية والكرنفالية.

السيرة الذاتية وتعدد الأصوات

هذا إذن عمل شديد الغنى بتعدد الأصوات، يوظف عددا من الأساليب الانشائية والاجناس الأدبية. فما هو موقعه من السيرة الذاتية، التي يفترض أنها تتجسد، بالتراث الغربي، في سرد يسوده الراوي- المؤلف؟ لكن قبل أن نجيب على هذا السؤال الجوهري، علينا أن نستوضح جانبا آخر ذا طابع تاريخي. فالنقد الخارجي يبرز بعض الخلل في النص: الأحداث المروية لم تتم، تاريخيا، في نفس اليوم (فمثلا لم يتم تدمير عدة مبان بالقنابل الانشطارية في نفس اليوم الذي استقبل فيه ياسر عرفات أوري افنيري في قبوه). والواقع ان السرد يكثف بيوم واحد مجمل ما وقع من أحداث في عدة أيام متقاربة. غير أن التنويه بذلك لا يؤدي الى نتائج حاسمة، إذ من الممكن، مثلا، عزو ذلك إلى وهن اصاب ذاكرة الراوي، واعتبار أن الأمانة التاريخية لو اعتمدت، لما انتقصت شيئا من بنية النص ونبرته.. ولذا فاننا نعتمد فرضية منهجية تتجاوز هذا الخلل، الذي لا يلحظه إلا المؤرخ، لننظر في النقاط الأساسية عن كثب، فقد يعدل ذلك من مقار بتنا لجنس السيرة الذاتية كما يبدو في طرح فيليب لوجون في كتابه "ميثاق السيرة الذاتية" (13)، الذي يعتبر، حتى اليوم، الدراسة الأشمل والأمتن في هذا الميدان.

يميز لوجون، في تحديده، هذا الجنس الأدبي، مستويين اثنين، أعرفهما بالمستوى المعنوي والمستوى الشكلي. يعتبر المستوى الأول ان مفهوم العقد الذي يعقده الكاتب مع القارئ هو أساسي، فوحده هذا العقد، المتمثل في أغلب الأحيان بكلمة "سيرة ذاتية" المدرجة على الصفحة الأولى، يضفي على العمل حكمه القانوني الذي يميزه عن النص التخييلي الذي قد يحقق كافة مقتضيات المستوى الشكلي للسيرة الذاتية دون ان يدخل في خانتها. فان لم يظهر هناك عقد صريح أو لم يكن هناك عقد على الإطلاق، وجب البحث عن توقيع بالاسم الشخصي، وينبغي أن يتطابق إذاك اسم الراوي- الشخصية مع اسم المؤلف المدون في الصفحة الأولى. في العمل الذي نعرض له، حيث لا يقترح المؤلف أي عقد، نجد أن توقيع المؤلف واضح للعيان، إذ يستشهد الراوي- الشخصية بمقالات وقصائد ينسبها الى نفسه مع أنها مقتبسة من دواوين منشورة باسم محمود درويش. (14) ومعترف له بها، كما اننا نلقى الراوي، أقله مرة، يسمى باسمه الشخصي، محمود، في سياق لا يدع أي شك في اسمه الكامل (15)، من الواضح إذن أن العقد المعنوي ملتزم به التزاما كاملا. أما المستوى الشكلي فيثير مشاكل حقيقية، فلننظر في تحديد لرجون للسيرة الذاتية: "إنها سرد يستعيد ما مضى، نثري، يدونه شخص واقعي عن وجوده الخاص، مركزا على حياته الفردية، لا سيما على تاريخ شخصيته". ثم يفصل القول فيضيف: "يعتمد التحديد على عناصر تتعلق بأربع مقولات مختلفة:

1- شكل الكلام

أ- سرد

ب- نثري

2- الموضوع المعالج: حياة فرد، تاريخ شخصية.

3- وضع المؤلف: تماهي المؤلف (على أن يحيل اسمه الى شخص حقيقي) والراوي.

4- موقف الراوي:

أ- تماهي الراوي والشخصية الرئيسية.

ب- منظور النص استعادي".(16)

تنطبق العناصر المذكورة على عمل درويش تماما، مع تحفظ واحد، يكمن في أنه لا يوجد تطابق كامل بينه وبين هذا التحديد. يبقى بينهما ما يشبه فجوة يتعذر ردمها. وهذه الفجوة بالذات هي موضوع تساؤلنا، إذ أنها تتصل أساسا بنقطتين أساسيتين: شكل الكلام، ثم هوية الراوي والشخصية الرئيسية. فلو كانت مخالفة هذا العمل للتحديد المعطى، حول هاتين النقطتين، مخالفة تامة، لأنزل هذا العمل، وفق معايير لرجون، في خانة السيرة الذاتية الشعرية أو البور تريه أو السيرة (البيوغرافيا)، غير أن هذه المخالفة نسبية فيما يخص النقطة الثانية وملتبسة في الأولى.

إن هذه المخالفة نسبية الى حد كبير فيما يتعلق بتماهي الراوي والشخصية الرئيسية. صحيح أن الأحداث التي تكون الإطار الفذ للحدث السردي لا تتحكم فيها على الاطلاق إرادة الراوي، إذ أنها منوطة مباشرة بقرارات المسؤولين الاسرائيليين والفلسطينيين، وبشكل غير مباشر باللعبة الاقليمية والدولية. فليس للشخصية الساردة أي تحكم فعلي في مجرى الأمور كما هي. غير أنها لا تستسلم لهذه الأحداث بسلبية. بل انها تنشط، وبشكل مكثف، على المستويين النفسي والرمزي، لتفرض ذاكرة وتفتح آفاقا وتبدل موقع الإشكالية بحيث تؤمن لنفسها دورا ومكانة في هذا المخاض عن عالم مرتقب، مع ما فيه من رهبة. ولكن لا يبدو أن الإشكال يكمن في هذه النقطة. بل في الطريقة التي يتصور فيها الراوي مكانه الشخصي. إذ أنه لا يتصوره على أنه فردي محض، بل يربط البعد الفردي بالبعد الجماعي ربطا محكما فهو ليس فقط ذلك الفرد المهووس بذاتيته الفردية - مع أن هذا الجانب جلي في سرد ما مضى من حياته وفي القلق الذي يعتصره في اللحظة الواهنة - انه مسكون أيضا بمصير شعب بل ومصير أمة. الواقع أن ما يثير الإشكال ويربك معيار السيرة الذاتية العادي يكمن في العلاقة فرد/ جماعة، يتجاوز هذا الأمر الميدان الأدبي ويضعنا تجاه مشكلة انثربولوجية خطيرة: هل الإنسان هو بالأحرى فردية متمايزة أم فردية تعانق الجماعي، لا سيما في اللحظات الحاسمة في تاريخ الشعوب؟ في صياغته للمعايير المؤسسة للسيرة الذاتية على نحو ملزم، يعتمد لرجون على ما أنتجه الغرب منذ قرنين، أي منذ أن اعتمدت الحداثة الغربية الفرد، الفاعل الفردي، محركا للتاريخ، فهل ينبغي، انطلاقا من هذا، تجاهل صيغ أخرى من الحداثة، تدرك الأمور بشكل مختلف، خاصة في اللحظات الحرجة من وجودها، وعلى الأخص عندما تجد نفسها مهددة بشكل من أشكال هذه الحداثة الغربية إياها؟ إن الرد على هذا السؤال بالايجاب يؤدي الى اعتماد التحديد الغربي للانسان بشكل مطلق، والى اختزال عبقرية درويش التي يشكل البعد الفلسطيني فيها جانبا أساسيا، والى بتر أدب السيرة الذاتية بترا خطيرا، لا أجيب على هذا السؤال الخطير، بل أكتفي الآن بطرحه.

أما الخروج الثاني عن المألوف فيتعلق بشكل الكلام، فبدل السرد النثري الخالص، نجد هنا خليطا من الأجناس، يسيطر عليها السرد في المحصلة، حتى وان استعار من الشعر بعض رجعاته. فهذه الأجناس التي فصلناها أعلاه لا تشكل كيانات مستقلة تشبه قطع كولاج، بل تندمج في السرد لتمنحه أبعادا أخرى ولتضفي عليه سمة جماعية متشظية يفرضها الدنو الحسي من الموت، وذلك أيضا لا يتفق والمعايير التي يستخلصها لرجون، غير انه لا يمسخ مشروع السيرة الذاتية، بل على العكس، أيجوز لنا، والحالة هذه، أن نجمد شكل السيرة الذاتية في قالب محدد، فيما نحن نطالب للجنس الروائي، واليه تمت السيرة الذاتية بنسب، بإمكانية الا يثبت ويستقر في شكل محدد؟ هنا أيضا اكتفي بطرح السؤال.

ختاما مؤقتا لهذه المشكلة، أشير الى أن التناقض بين العمل المدروس والسيرة الذاتية، ضمن الفرضية المنهجية المطروحة آنفا، يكمن بالتحديد في تعدد الأصوات. ذلك العنصرين اللذين يخرقان نظام السيرة الذاتية - وهما الشكل الأدبي وتماهي الا راوي مع الشخصية الرئيسية - يشكلان العنصرين الأساسيين في تعدد الأصوات، فهل السيرة الذاتية وتعدد الأصوات ينقض كل منهما الآخر؟

عالم إدوار الخراط

إن عمل إدوار الخراط المرتبط ارتباطا وثيقا بالموت وتعدد الأصوات يطرح مشكلة السيرة الذاتية من وجهة نظر مخالفة لوجهة نظر محمود درويش، لكنها لا تقل عنها أهمية.

مصارعة الموت

إن الموت طاغي الحضور في هذا العمل وان كان أقل مشهدية مما هو عليه عند درويش. ففي كل فصل نصادف جثة علي الأقل: صديق يتوفى في سن مبكرة (كامل الصاوي، الفصل الأول)، صداقة تقضي نحبها لأسباب تافهة (وفيق راقم، الفصل 1)، غياب وجه أثر في طفولة الراوي تأثيرا بالغا (يني سالم، ناظر المدرسة، الفصل 5)، تلاشي إحساس كان قويا في الماضي، أو حيز مدينة أو ريف انطويا إلى الأبد(17)، ويقوم مشروع العمل بأكمله على إقصاء شر هذا الموت أو تدجينه، على الأقل، فحيث تقوم مجموعة من النصوص، التي تحمل نفحة السيرة الذاتية، يرصد تلاشي الماضي رصدا موضوعيا على حد ما، وتسعي إلى استخلاص العبر لأجيال القادمة، أو إلى تدوين تاريخ ما، يكرس الخراط جهده ~ بعيدا عن كل إدعاء علمي أو ايديولوجي- للحفاظ على هذه الشعلة التي الهبت حياته، لا سيما في سني الطفولة والشباب. ويعرض له ان يعترف بمشروعه صراحة، بالتأكيد على ديمومة هذا الماضي: "لم يكن هذا الماضي جميلا، بل هو جميل الآن، مازال وسيظل، انه ماثل، لم ينقص (...) كم من مرة خرجت لكم قائلا: يا ناس، هذا كله ليس الماضي، بل الآن، لكنكم أسرى التواريخ"(1، وفي سبيل هذا الفرض يستعمل حيلا وأساليب متعددة.

أولى هذه الحيل لعبة الرياضيات، فها هو عدد الفصول المعبر عن الكمال - وهو الرقم 7- يحيل الى عالم مثالي، أي الى عالم لا ينال منه الزمن العابر. أما القياس الذي يقيس به عدد صفحات كل فصل، بحيث تبلغ حوالي الثلاثين في كل مرة، فيستحضر كمال النظام والعقلانية الذي تحكم قديما في الحمارة والنحت عند الا غريق فحماهما من شرفتك الإله كرونوس (وكذلك فعل الفراعنة)، انها بنية رياضية، واعية وارادية بجلاء، تضمن اللازمنية. وذلك مما يتيح للراوي أن يذرع السنين والعقود، ذهابا وايابا، دون مجازفة وكأنه في عالم مكتمل مغلق.

وثمة حيلة أخرى: استعمال التماري (من: مرآة) الخادع للبصر. وتتخذ هذه الحيلة عدة أشكال أخص منها اثنين بالذكر. أولهما ذلك التساؤل البريء الساذج الذي كثيرا ما يتكرر بعد استدعاء الذكريات: الا أمارس التوهم في نقلي لهذا الحدث (19)؟ ثم تلك الصورة الرائعة التي يتبدى فيها الراوي على شكل بجعة عجوز تحلق فوق المياه وتتمارى فيها وترى في أعماقها هيكلها العظمي العتيق(19). أهو ميت في هذه البيئة المائية التي تحافظ عليه حتى بعد الموت؟ أهو حي، وان تشنج كميت، في ذلك العنصر الهوائي؟ المهم هو الحفاظ على الحياة، وان عن طريق توهمها.

حيلة أخيرة: التوهج الشعري، توهج يصرح به العنوان نفسه، "حريق"، ويستمر طوال النص بفضل كتابة متوترة، متحفزة على الدوام، ذات غنائية حادة وان تحامت الرومانسية، شعرية تعززها رمزية بلفت كمالها من خلال أعماله السابقة، تشمل آلهة المصريين والبجعة ورامة (21) دائما وأبدا. ودون أن أتوقف عند التحليل النفسي للعناصر الأولية، على طريقة باشلار، يلفت انتباهي وجود متزامن ومتواتر لعنصرين نقيضين، هما النار والماء، إن تزاوج النقيضين يحافظ على الحياة حتى في الموت. الا يبدو هذان العنصران في نظرة الراوي كما في نظرة الآخر اليه، ذلك الآخر الحاضر بشكل واضح في النص؟

التحكم بالتعددية الصوتية

بالرغم من أن التعددية الصوتية أقل منها صراحة هنا منها عند درويش، إلا انها تبقى عنصرا يمحور هذا النص في صراعه ضد الموت. أكثر الأصوات وضوحا هي الأصوات التراسلية وأصوات الأنا الانشائية التي تقابل الأنا الحبرية، المجموعة الأولى واضحة بينة، إنها ترتبط بمختلف الرسائل، حقيقة كانت أو متخيلة، التي تعبر عن رؤى، أو أقله مواقف، متباينة، إلا أننا نلفت الانتباه الى هذه الازدواجية المرتبطة بصوت وفيق، والتي تحيل أيضا الى لعبة التماري المشار اليها سابقا. ووفيق هذا صديق يراسل الراوي الذي تشير القرائن الى أنه المؤلف - الراوي، ومن هذه القرائن: أشخاص بعينهم (سامي، جمال شحيد...) أو تفاصيل معروفة في حياته، أو أعماله الأدبية المنشورة. بيد أن هناك شكا يحوم حول هوية ذلك الذي يراسل وفيق راقم، المرسومة ملامحه بوضوح في الفصل الأول. إلا أن وفيق هذا يزدوج فجأة ويبدو وكأنه يتماهى مع الراوي نفسه. فوفيق، والحالة هذه، هو نفسه وهو آخر، وذلك الآخر قد يحيل الى أكثر من شخص، فيما وفيق نفسه قد يحيل الى الراوي السارد قصته أو الى شخصية الراوي (التاريخية) المسرود عنها. أهي الدائرة تكتمل وتنغلق أم هي لعبة التماري التي تمتد إلى ما لا نهاية ؟ يصرح النص بهذه اللعبة أحيانا حين يتساءل الراوي حول هذه الرسائل: "أكتبها، أو تكتب لي؟" (حريق، ص 160).

أما المجموعة الثانية من الأصوات الصريحة، فتتبدى على المستوى الطباعي (بين البنطين السميك والرفيع) مما يقيم تقابلا بين أنا الراوي- المؤلف وأنا الراوي- الشخصية المتكلم عنها، أو بين الراوي الذي يسرد والراوي الذي يعلق على السرد وهكذا يظهر ازدواج صوتي آخر على المستوى الإنشائي.

تتجسد هذه الأصوات، كما عند درويش، في أساليب وأجناس أدبية متنوعة: السرد، الخطاب، الرسالة، اليوميات الحميمة، القناص... وان طغى عليها صوت الأنا الراوي المتأجج. إلا أنها تعبأ لمقاومة الموت، بينما يكمن فيها نفسها، عند درويش، خطر الموت هذا. السيرة الذاتية وعبر النوعية

بالرغم من وجود عناصر سير ذاتية واضحة، فان الخراط يقترح على القارئ عقدا روائيا صريحا يفصح عنه في الصفحة الأولى ثم يؤكده الراوي في متن النص: "وليست هذه سيرة ذاتية، بمعنى ما، وانما أريدها أن تكون رواية، يعني" (حريق، ص 26). فمنذ أن صاغ فردريش فون شليجل، الممثل العام لمدرسة "يينا" الرومانسية"، مبدأه الشهير- "إن الراوية لا تزال في صيرورة، وجوهرها الحميم يقضي الا تكون إلا في صيرورة لا نهاية لها، دون أن تتكون أبدا" (22)- لم يعد أحد يدعي وضع قانون للرواية. فالخراط إذن مطلق اليدين في ارتياد أشكال روائية جديدة، وهو لا يحرم نفسه من ذلك، منذ ما يقارب ثلاثين سنة، ولكن من حقنا أن نتساءل عن خلفية رؤيته أو فيما يتعلق بهذا العمل، عن الايهام الروائي المتعمد.

إن قارنا هذا النص بالتعريف الشكلي. الذي يقدمه لرجون للسيرة الذاتية، لاحظنا ان فيه عنصرين شاذين، فمن جهة، هناك الطابع التخييلي في بعض الرسائل - خاصة تلك التي يوجهها وفيق الراوي الانشائي إلى صنوه، الراوي المخبر عنه، فهذه الرسائل أكثر واقعية من الرسائل الحقيقية، ويمكن أن تندرج في إطار سيرة ذاتية حقيقية. ولكن هناك، من جهة أخرى، ذلك الخطاب الانشائي، الذي يقابل السرد، ويشغل حيزا من النص مهما نسبيا، يمثل هذا العنصر دورا أساسيا في تشكيل العمل، وهو الذي يبرر كون العقد المعنوي المقترح على القارئ مختلفا بشكل واضح عن عقد السيرة الذاتية. ولكن لماذا حرص إدرار الخراط على أن يضيف هذا التصريح المباشر لم بأسلوب إنشائي) حول العقد، إلى نص يقوم بذاته دون تعليق؟ ولماذا فرض العقد الروائي، في حين كان باستطاعته أن يتركه مبهم المعالم، أو أن يقترح عقدا أقل تحديدا، كأن يضع مثلا: نص، محاولة...؟

على هذه التساؤلات، اقترح اجابتين تتفاوتان في القيمة، الأولى أقل أهمية وترتبط بميدان علم النفس. فقد يكون الخراط، مزاجا وثقافة، من الحياء بحيث أنه يحجم عن أن يتخذ من تاريخه الحميم الخاص موضوعا محوريا لنصه، ولذلك يلجأ إلى حيلة تخوله أن يكشف من حياته ما حلا له، دون أن يعطي الانطباع انه يتعرى للقارئ، فالقضية هنا لا تتعلق بالعلاقة فرد/ جماعة (كما عند درويش) بل بالعلاقة جوانية / برانية.

أما الاجابة الثانية، وهي الأهم، فذات طابع أدبي، إذ أنها تكشف اللثام عن موقف أساسي لديه، نستطيع تلمسه في القسم الأكبر من أعماله الأدبية. فمنذ "رامة والتنين" الصادر عام 1979، بدأ الخراط يخلط الأوراق، فترك ناشره يقترح على القارئ عقدا روائيا لعمل كان هو ليعتبره مجموعة قصصية، وليس بالامكان قبول العذر الذي تذرع به آنذاك لتبرير هذا التناقض قائلا إن ما حدث هو مس ء تفاهم بينه وبين الناشر، فلو كان الأمر كذلك فعلا، لما أعاد الكرة.

الواقع أن الخراط يهجس بكتابة مختلفة عن الشائع، ومنشغل بما يسميه هو نفسه الكتابة عبر النوعية (23). وللتبسيط، لنقل إنها الكتابة النقيض لكتابة محفوظ، ليس بمعنى انه يحاول التصدي لذلك الفنان الكبير، وبعد ان بسط ظله، بل انه لا يعدو أن يؤكد على عالمه الخاص، الذي بدأت ترتسم ملامحه، على كل حال، في مجموعاته القصصية الأولى التي صدرت قبل أن يصبح محفوظ ما هو عليه، بسنين طويلة، كان هاجسه أن يتجاوز الكتابة الواقعية التي كانت تطغى على الرواية العربية، ليبحث عن شكل يعبر عن تعقيد عالم متشظ وعن الذاتية الخلاقة. وهذا، على الأرجح، ما دفعه مبكرا الى المزج بين الأجناس الأدبية، وهو مزج شمل في حينه الواقعية والفانتاستيك والرمزية والنفسانية، باعتماد لفة تخالها كلاسيكية بينما هي تعج بتراكيب نحوية تخالف القوانين. وقد قاده هذا المنطق فيما بعد إلى المزج بين السرد وقصيدة النثر، مما أدى به مثلا إلى إنشاء أشكال من الزمنية السردية، لم يبوبها جيرار جينيت، وهو المرجع المأذون في هذه القضية (24). وهذا الهاجس نفسه هو الذي حدا به في نفس الفترة إلى الإشادة بالقصة الشعرية عند منتصر القفاش وبكتابة بدر الديب. والأغلب أن في رغبته بكسر الأجناس الكلاسيكية ويخلق هذا النوع "العابر للأجناس" ما يفسر إلى درجة كبيرة طابع العمل الذي نحلله. مربط الفرس هنا أيضا هو التجديد وابداع سيرة ذاتية مغايرة، إن لم تكن رواية مغايرة.

انطلاقا من عمل محمود درويش الذي تعتمل فيه التعددية الصوتية، طرحنا تساؤلين، الأول يتعلق بمضمون لا يخلو من مسحة انثروبولوجية: هل العلاقة بين الفردي والجماعي، وهي علاقة يستحيل أن تتشابه في مختلف الثقافات وعبر كافة العصور، قد اتخذت شكلا ثابتا على نحو نهائي انطلاقا من الحداثة الأدبية الأوروبية؟ أما الثاني فمرتبط بالتقنية الشكلية: هل السرد القصصي هو الجنس الوحيد الملائم للسيرة الذاتية ؟ ثم ترافد التساؤلان في طرح قضية أشمل حول التنافر بين تعدد الأصوات والسيرة الذاتية. وأما انطلاقا من عمل ادوار الخراط، فقد انعقدت الإشكالية حول رفض السيرة الذاتية وبشكل أعم رفض كل جنس أدبي يقنن. ولكن ما يتضح في كلا الحالتين، وبغض النظر عن القيمة الأدبية للعملين المذكورين، هي إرادة الابداع وشق مسارات جديدة، استنادا الى اختبار الموت اختبارا احتداميا. بهذا يرقى كاتبنا الى مستوى العالمية.. واللافت للانتباه هو أن هذه المحاولة تصدر عن كاتبين لا اصعب من ترجمة أعمالهما، وتلك آية على أن بلوغ العالمية لا يقوم على الاطلاق بالتنكر للذات أو بتقليد الآخرين، فعل القردة، لا يبلغ المرء العالمية إلا انطلاقا من موقعه الخاص، أي من الخصوصية.. بذلك يقوم محمود درويش وادوار الخراط شاهدين على حيوية الأدب العربي المعاصر.

الهوامش
1- راجع كتابة: "الزمن والسرد"، جزء 3، دار سوي، باريس، 1985، ص 475.

-Paul Ricoeur: Temps et Recit III, Seuil, Paris, 1985.

وفي كتابه "من النص الى الفعل، محاولات في التأويل".

De texte a laction, Essais d'hermeneutique II, Seuil, coll, Esprit, 1986

يوضح المؤلف: "إن فرضيتي الأساسية في هذا الصدد هي التالية: إن الطابع المشترك في التجربة الإنسانية، وهو طابع يسمه ويمفصله 0 ويوضحه فعل السرد بكافة أشكاله، إنما هو طابع زمني".

2- نحيل إلى الطبعة الأولى الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1987، ولها ترجمتان فرنسية وانجليزية هما:

- Une memoire pour I1oubli, Actes Sud, Paris, 1994, traduit par Y, Gomzalez- Quijano et F. Mardam Bey.

- Memory for forgetfulness, August, Beirut, 1982, University of California Press Berkeley, 1995, by Ibrahim Mhawwa.

3- منشورات دار المستقبل، الفجالة، الأسكندرية، 1994.

4- كل الإشارات تدل على أن اليوم المعني هو يوم 4 آب / أغسطس.

5- كان ميخائيل باختين أول من صاغ واستخدم هذا المفهوم، polyphonie الذي يعبر عنه أحيانا بكلمة "الثنائية الصوتية" (dialogisme) وأحيانا أخرى بكلمة "التنافرية الصوتية". (heteroligie) راجع كتابه المترجم إلى الفرنسية تحت عنوان. et theorie du roman (Gakkumard, Paris 197 Esthetique أيضا كتاب تودوروف:

- . Mikhail Bakhtine et le principe dialogique, Seuil, Paris, 1981 T. Todorov

6- راجع: ذاكرة للنسيان، ص 15.

7- راجع الفصل الأول من سفرا لتكوين، في العهد القديم من الكتاب المقدس.

8- ذاكرة للنسيان، ص 54.

9- نفس المرجع، ص 46، ابن سيدة معجمي اندلسي من القرن الحادي عشر الميلادي.

10- نفس المرجح، ص 54، والنص لابن الأثير، المؤرخ المعروف الذي عاش في القرن الثاني عشر الميلادي، وهو مقتبس من "الكامل في التاريخ" ويشير إلى نظرية شيقة عن خلق العالم، انطلاقا من المقولات القرانية.

11- انظر "شعرية دوستويفسكي" لباختين، ص48 من الترجمة الفرنسية:

- Bakhtine: La Poetique de Dostoievski, Seuil, 1970. Mikhail

12- انظر دراسة باختين عن "أشكال الزمن والزمكانية في الرواية" وهو فصل من "جمالية الرواية ونظريتها"، ودراسته الأخرى "خصائص التأليف والجنس الأدبي في أعمال دوستويفسكي" وهو فصل من "شعرية دوستويفسكي" ثم كتابه "أعمال فانسوا رابليه والثقافة الشعبية في العصر الوسيط وفي عصر النهضة".

M. Bahjtine: Formes du tems et du chronotope dans le roman”. In Esthetique et theorie du roman; “les particularites de composition et de gerne dans les oeuvres de de Dostoievski, de Dostoievski, L´oeuvre de Francois Rablelaiset la culture in La Poetique

Moyen Age et sous la Renaissance, Gallimard, Paris, 1970. populaire au

13- العنوان الفرنسي:

Lejeune, Le Pacte autobiographique, Seuil, Paris, 1975 Philippe

14- راجع: ذاكرة ص 74، 80، 180، 191.

15- راجع السؤال الذي يوجهه الى محمود، الراوي، شخص عن موضوع البحر في إحدى قصائده، ص 224.

16- راجع الكتاب المذكور في الإشارة رقم 13، ص 14.

17- هذه الأمكنة تملأ جنبات الكتاب، إلا أن حضور الإسكندرية، كما عهدها الراوي سابقا، يطغى على ما سواه.

18- راجح: حريق ص 26، ويمكن أيضا مراجعة مقاطع شبيهة في ص 128، 151، 160.

19- هذه مقاطع نموذجية: أم أن ذلك كله من محض خيالي والتباس ذكرياتي وتخليط أوهامي؟ (ص 45). "أتخونني الذاكرة أم تصور لي خيالاتي شيئا أكثر واقعية من أي "واقع، فعلي أم أن هذا ما حدث فعلا؟" (ص 91).

20- راجع: حريق ص 169.

21- "رامة والتنين" هو عنوان رواية الخراط الأولى، ولم تكف هذه الشخصية عن معاودة الظهور في أعماله اللاحقة.

22- راجع كتاب "المطلق الأدبي، نظرية الأدب في الرومانسية الألمانية"، ص 112.

- Labarthe et Jean- Louis Nancy: L'absolu litterairre, Philippe Lacoue-

de la literature du romantisme allemand, Seuil, Paris, 1978 theorie

23- راجع كتابه "الكتابة عبر النوعية" دار شرقيات، القاهرة، 1994.

24- خاصة في عملية "خطاب السرد" و "خطاب السرد الجديد".

- du recit)), in Figures III, Seuil Gerard Genette: ((Le discours veau discours Paris, 1972; et Nouveau discours du resit, Seuil, Paris, 1983.

Post: #486
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2006, 03:45 PM
Parent: #485

حتى عودتنا للحديث عن الجدارية,
سنبسط نصوصا مختلفة حول الموت
وسنبدا بنص مترجم لسلفادور دالي نقلا عن مجلة نزوى العدد التاسع
****
كيف تحيا مع الموت



نص: سلفادور دالي
ترجمة: أشرف أبواليزيد(كاتب من
مصر مقيم في سلطنة عمان)


--------------------------------------------------------------------------------


أنا، دالي، استهل كتابي باستغاثة موتي.

أراني لا أبتعد عن مغزى التناقض بين الأمرين، كي يفهم الجميع عبقرية الأصالة في رغبتي بالحياة.

فقد عشت مع الموت منذ اللحظة التي نما فيها وعيي بالتقاط أنفاسي، وظل الموت يقتلني دائما بشهوانية باردة، لا يتخطاها أبدا إلا شغفي الصافي في أن اختط حياتي وأعيشها في كل دقيقة، وكل ثانية مهما صغرت، على وعي تام بكوني حيا. هذا التوتر المستمر، العنيد، الهمجي، المفزع هو القصة كلها في مسألتي.

إن لعبتي الأسمى حي أن أتخيل نفسي ميتا، يأكلني الاود. أغلق عيني وبتفاصيل لا تصدق في دقتها التامة والوعرة، أراني أزدرا وأهضم في بطء بواسطة كم لعين من جحافل أود الأرض الضخم المخضر، ينهش لحمي يقيم في محجر عيني بعد أن يقرض العينين ويلقيهما بعيدا، ليبدأ في افتراس مخي بشراهة. أكاد أشعر _على لساني _كيف يسيل اللعاب فيستعذبه وهو يعضني. وتحت ضلوعي تجعل أنفاسي صدري منتفخا، بينما بفكها تحطم أنسجة رئتي الشفافة. يستريح قلبي قليلا، لاثبات وجوده وحسب، لأنه طالما خدمني بصدق، أراه مثل كعكة اسفنجية سمينة يتاخمها الصديد الذي يتفجر فجأة ويندفع داخل عجينة تزحف كأنها يرقات بيضاء مكتنزة. وهنا يصل بطني: عفن نتن ينقبض بقوة مثل فقاعة تملؤها جيفة، خليط روثي يحتشد من حياة استثنائية. وللمرة الأخيرة أطلق زفراتي، مثل بركان عجوز يبكي منتزعا من الحمم مصدوعا في العظام مثخنا بالاود الذي يولم فوق نخاعي. كم أجد ذلك تدريبا رائعا أكرره كلما تذكرت العودة اليه.

الذاكرة الدالية الأولى

عشت موتي قبل حياتي. ففي سن السابعة، توفى أخي بالالتهاب السحائي، قبل سنوات ثلاث من ولادتي، هزت الصدمة أمي في أعماقها. نضج أخي المبكر، عبقريته، عطفه، ورقته بالنسبة لها اشراقات هائلة، مما جعل اختفاءه صدمة مفجعة لم تكن أبدا لتتخطا ها. لم يسكن يأس والدي فقط سوى ولادتي، لكن سوء الحظ لم يزل يخترق لحل خلية في جسديهما. وداخل رحم أمي، كنت بالفعل أحس ذعرهما، هنت جنينا يسبح في غشاء مشيعي لعين. كان توقهما يتركني أبدا. وكثيرا ما أراحتني حياة ووفاة هذا الأخ الأكبر، فقد كانت خيوطه تتصل بكل مكان حولي حين بدأت أعي: الملابس، الصور، الألعاب، وبقي دائما في ذاكرتي والدي من خلال استدعاءات مؤثرة لا تمحى. وعايشة في عمق وجوده الخاص والدائم كما رضوض الجروح - بنوع من العزلة عن المسببات - يتملكني الإحساس بكوني مهزوما، أضحت كل محاولاتي فيما بعد ترمي الى استرداد حقوقي في الحياة أولا وفي المقام الرئيسي بجذب دائم الاهتمام من هم أقرب لي في أشكال عدوانية أبدية.

واذا كان فان جوخ قد فقد عقله بسبب كون صنوه المتوفى حاضرا جانبه، فالأمر مختلف بالنسبة لي (1) وقد عرفت دوما كيف أوجه وأضبط ذاكرتي، حتى في معظم استدعاءاتي الآثمة، بل أكاد حتى أتذكر وجودي في الرحم. كل ما علي هو أن أغلق عيني فقط، وأضغط عليهما بقبضتي يدي، لأرى مرة أخرى ألوان الرحم، المطهر ألوان مسحات النار الابليسية، حمراء، برتقالية، صفراء وامضة، لزوجة السائل المنوي وبياض البويضة الفوسفوري الذي فيه أعيش غامضا كملاك سقط من عليائه.

ذكريات دالية عن الوجود القدوي:

خلق فكري أم مجرد هاجس ؟

ولدت كأي فرد في فزع، وألم وخدر فإذا حركت قبضتي فجأة بعيدا وفتحت عيني على اتساعهما في الضوء الباهر، أشعر مرة أخرى بشيء ما من تلك الهزة الممتلئة والاختناق والصدمة والعمى، والصراخ، والدم، والخوف، والتي تسجل كلها دخولي لهذا العالم.

كان شبح الأخ الراحل هناك يرحب بي منذ البداية، كان ربما قلت هو الشيطان الدالي الأول. فقد عاش أخي لسبع سنوات. وأشعر انه كان نوعا من دورة اختبارية لذاتي وبعضا من عبقرية مطلقة فقد احترق مخه كدائرة كهربية زادت درجة اشتعالها في وسط دقيق بدرجة لا تصدق. لم تكن مصادفة أن اسمه كان سلفا دور مثل أبي سلفا دور دالي إي كوزي، ومثلي كان محبوبا بسخاء ولم أكن إلا محبوبا عظه. في ولادتي تابعت قدماي وقع خطي الراحل الموله، كان لا يزال معشوقا في شخصي وبل ربما الآن أكثر من زي قبل. وطغى فيض الحب على من قبل أبي منذ اليوم الذي شهد مولدي كجرح نرجسي، بل اللحظة التي شعرت فيها بالفعل برحم أمي. وفقط ومن خلال جنون العظمة - أعني الافراط في الغرور بالذات - نجحت في انقاذ نفسي من محق الشك النسقي في الذات، بل تعلمت أن أحيا بملء التأثر بحبي لنفسي، لقد غزوت الموت لأول مرة بغرور ونرجسية.

غالبا ما رأيت الموت وأنا أشق طريقي تحت أكثر الظروف تضاربا. هأنذا أنهي محاضرة في قرية فيجوراس، مسقط رأسي، أمام جمهور يضم كل السلطات المحلية، العام 1928، وقد أتوا ليروا ويسمعوا صبيا من بلدتهم كتبت المحاضرة بنبرة عدائية لتصفع مواطنيي النائمين، وفي النهاية كدت أصيح فيهم (السيدات والسادة، المحاضرة انتهت ) حاول الجمهور جعلي أستمر، لم يفهموا أني انتهيت. التزمت الهدوء. كان هناك صمت، لحظة توقف فيها الزمن، وفجأة، يسقط العمدة، الذي كان يجلس أمامي الى اليمين، بالكاد أمام قدمي، كمسمار كبير الرأس. ينهضون تملؤهم الإثارة والرعب يمضون في كل صوب وأبقى حيث كنت وحسب، دونما أتحرك، متأملا الوجه الجموح، انفلقت العينان للأبد ولا يزال تعبيره الأخير محفورا في تفكيري.

هل يحشى دالي الموت ؟

خلال هذا التفكير كان الرجل الميت موسوما بجمر العلامة الدالية. وبالنسبة لي، كان الأصوات وسادة تحتية أنام عليها، لكني كنت دوما أفزع من الموت. عمري خمس سنوات العام 1909. وأحد أبناء عمي، عمره عشرون سنة، يصيب خفاشا في عينيه مستخدما بندقيته القصيرة، ويضع الخفاش في دلو. أرمي بنوبة غضبي عليه سائلا إياه أن يعطيني الحيوان الصفير، وبعد ذلك أهرول لأضعه في أحد الأماكن السرية، بمنزل ما اعتدت أن أخفي فيا الأشياء. أرى الثديي الصفير مرتعدا يعاني غارقا في سجنه.

أتحدث اليه، أمسكه وأقبل رأسه الساقط. أبدأ رحلة عشقه. في اليوم التالي كان أول شي ء فعلته أني انطلقت لرؤيته، راقدا على ظهره بالدلو أجد الحيوان ميتا، أكاد أرى لسانه اللاهث الضئيل وأسنان الرجل العجوز حول أنفه. نظرت اليه بشفقة معلنة، ورفعته، وبدلا من أن أقبله كما انتويت أن أفعل في باديء الأمر، وينوع من الغضب، لقيته بعضة واحدة، حملقت لوهلة فيما فعلته بفزع وشعرت بلزوجة الدم في فمي فألقيت باهتياج شديد تلك الجيفة الضئيلة داخل الحوض المعد للغسيل عند قدمي الى جوار شجرة تين ضخمة. ابتعدت مهرولا، تسيل الدموع من عيني. وأعود، رغم ذلك، لكن الخفاش كان قد اختفى. وكانت تينات سوداء كبيرة تطفو على سطح الماء، كبقع أتت حدادا. والى اليوم لازالت ذكرى هذا المشهد ترجفني بل إن مجرد رؤية بعض بقع سوداء كافية لتستحضر لي موت الخفاش.

وأنا طفل، كان لدي كذلك قنفذ اختفى يوما. وبعد أسبوع وجدته ميتا في حظيرة الدجاج، أتذكر أنني أعتقدت في باديء الأمر أنه حي لأن شعراته كانت تبدو وكأنها تتحرك بسبب علبة يرقات تصببت حول جثته. اختفت الرأس تحت بقايا طعام جيلاتيني مخضر. كنت قادرا على أن أملأ بالدموع عيني لأن قدميه كانتا تنثنيان تحتي وكان علي أن أفر من الرائحة النتنة، كان ذلك الوقت الذي تجمعت فيه براعم الليمون، وحين خرجت من حظيرة الدجاج، فاجأتني ارتعادة مشوبة بالفزع، أراحتني تلك الرائحة الملطفة التي أطلقتها الغصون العطرية لكن الافتتان كان هائلا. توقفت عن التنفس وعدت الى ركن الفراخ مرة أخرى لكي أفتش عن الجيفة المتخللة. ثم مرة أخرى للخارج حيث الرائحة النتنة، وطلاقة الهواء، الظل والضوء، الجيفة وجمال الأزهار: كانت تحتفظ بالاختيار في لوحة ألوان هيستيرية حتى تخطتني الرغبة تماما في أن ألمس كومة من الهرام. تسمرت في البداية، وكان افزاع رغبتي، محاولا أن أقفز فوق القنفذ. اكني فشلت، تعثرت وسقطت، وأنفي يستقر تماما أسفل معترك الاود. ويفزع شعرت بالاشمئزاز، منتزعا مجرفة كالدودة، كما لو كان يهبني قوى سحرية، كي أسحق القنفذ ببط ء، أخيرا تلاشى جلده، كاشفا تحته اللحم المكتنز أسقطت المجرفة وعدوت بعيدا. كنت لا أتنفس، وكانت الصدمة طاغية.شعرت بالانسحاق حتى عدت أسترجع سحري المدفون، وعندئذ ذهبت لاغراقه الى ما لا نهاية في مياه جدول قبل أن ألقيه أسفل كومة براعم ليمونية ليجف في الشمس. لكن لازلت مضطرا الى تركه غارقا في ندى الفجر قبل أن يفقد رائحة عفوتنه النتنة. كنت للتر قد خبرت الدرس الأول للقاء فزعة الموت.

كيف يتذكر دالي وفاة والده

كان أبي ميتا حينما قبلت فاه الغليظ البارد بشفتي المتوهجتين بالحياة، غالبا ما كنت أقول، شارحا قول فرانشيسكو دي كويفيدو أن أعظم المتع الحسية هي معانقة الأب الميت. فهل وجد حقا لبشر انتهاكا أكثر فزعا من ذلك، أو دليلا أعظم على حياته في أن يعطي نفسه ويأخذها، أكثر من هذا التدنيس، وهذا التعدي؟ كل ما منعني هو جبني والظروف. ولكن لازلت أستطيع أحلم بفعلها.

جارسيا لوركا الذي التقيته في العام 6919 في الجامعة، كان في أحيان يمثل هيتته. لازلت أستطيع تذكر وجهه، ميتا وفزعا، وراقدا على سريره، محاولا المرور بمراحل تحلله البطيء، العفونة من وجهة نظره، تستمر أياما خمسة.ثم يصف التابوت،وكفنه، والمشهد الكامل لفلقه، وتقدم النعش في شوارع غرناطة الوعرة وحين يتأكد لنا جميعا قد تملكنا الفزع، ينهض فجأة منفجرا بضحكة برية تظهر كل أسنانه البيضاء الرائعة، ويرسلنا خارج الباب عدوا بينما يعود لسريره، لينام هادئا في حرية.

كطفل كانت أية إشارة ولو خفيفة للحوت تربك معدتي خوفا،وكانت لعنادي أشكال عدة وكان لهذا الفساد المبكر رد فعل عميق لقوى الحياة التي تتنافس ضد قوى الموت. فأن تولد ومعك أخ اضافي،جعلني أوشك أن أقتله كي أقتنص مكاني وحقي حتى موتي.

أتذكر مرة خدشت فيه خد عنزتي بدبوس، حين وجدت محل الحلوى مفلقا، بينما كان السبب الرئيسي أن خدها ناعم، أحمر، طيع كالأردواز، واستطعت أن أكتب اسمي بالدم عليها كان اسمي دالي يعني الرغبة بالكاتالونية.

في سن الخامسة، دفعت رفيقي في اللعب للفضاء، كان جميلا، معقوص الشعر، ضئيلا وأشقر، بينما كنت أساعده لركوب دراجته ذات العجلات الثلاث، كنت قد تأكدت أن أحدا لا يرانا. كنا فوق جسر بلا قضبان، طرحت به من ارتفاع عدة أمتار ليسقط على الصخور أسفل الجسر، ثم تظاهرت بالجزع مهرولا للدار أحضر نجدة، لازلت أرى نفسي، فوق المقعد الصخري الضئيل، أتأرجح طوال الوقت، للفلف وللأمام بينما أتلمظ بثمرة فاكهة، وأشاهد هياج الأبوين المحموم، مستمتعا بالظلام الآمن في ركن غرفة الجلوس، دونما أن تكون هناك أدنى ذرة من ندم، كما لو أن ما فعلت أكبر من أي شيء ساد حياتي.

بعد ذلك بعام، ركلت شقيقتي الصغيرة ذات الأعوام الثلاثة، وكانت تزحف عل يديها وقدميها، ركتها مباشرة في الرأس وسرت في طريقي مبتهجا، لكن لسوء حظي راني خلف والدي أفعل ذلك، فأغلق الباب دوني سمعت رجة الآنفلاق. كنت أستطيع تصور ضخامته خلف الباب. لكني بقيت بلا حركة أتميز غيظا. لقد عاقبني بأن أغلق علي الباب لذا لن يكون باستطاعتي أن أرى المذنب الذي ستراه العائلة كلها بالعين المجردة يجذب الانتباه للسماوات على نحو آسر، وحدي حرمت من تلك المشاهدة الفريدة.

بدأت أتشنج مكتوما حتى انفطرت، كانت كل الدموع في جسدي تتصبب خارجة وصرخت عاليا حتى فقدت صوتي وبدأت والدتي يزعجها الأمر، وانزعج هو أيضا وبدأت ساعتها أعي كيف أدير موقفا كهذا لصالحي، كان عندي ستة أعو ام. وانتقمت أكثر حين أدعيت بعد عدة أيام بأني مريض، حتى والدي اضطر أن يترك المائدة وقت الطعام، لأنه لم يقو على سماع سعال الهيستيري، والذي يحتمل أن يوقظ داخله صدى الوفاة الأليمة لابنه الأول. وداومت على إعادة تلك التمثيلية المفزعة التي تفطر القلوب كي استمتع بفزع والدي.

وبانتقامي من والدي، أطلقت متعة رغبتي الخاصة ل كك الأيام، كل ما كنت أعمله هو أن أسير في غرفة نوم والدي، حيث كانت هناك صورة لسلفا دور الأول، فتبدأ أسناني تصطك، لم يكن بإمكاني أن أزور قبره في المدافن، كان علي أن أنمي كل مصادر خيالي لأعالج حدوتة فسادي الموتي بأن أجعل الصور كمشروع حي مثل دودة عفنة وأخيرا أطردها كما تطرد الأرواح الشريرة كي أستطيع أن أخلد للنوم.

كيف يعرف دالي النهج البارانوي - النقدي

النهج البارانوي _ النقدي فن كبير يلعب على أوتار المتناقضات الداخلية للشخص باستبصار حين يجعل الآخرين يمارسون اشتياقات ولحظات الوجد للحياة بطريقة تصبه لصيقة بهم

باستمرار كما لو كانت ملكهم. وتأكدت لي مبكرا جدا، بصورة غريزية، ظاهرة حياتي: أتقبل الآخرين كما هي التجاوزات طبيعية في شخصية المرء ومن ثم يخفف المرء من اشتياقا ته بخلق نوع من المشاركة الجمعية.

بعد ظهر يوم ما، وفي مدرسة مارسيت براذر فيجوراس، بينما أعبر الدرج الحجري نحو مضمار الملعب كنت أحس كما لو أنني أقفز في الفضاء. كان الجبن قد حرمني،تلك النشوة. لكن في اليوم التالي، قفزت لأقع على الدرجات، لتصيب جسدي كله الكدمات والرضوض بعنف أدهش الطلبة والمدرسين، ولم يكن هنا أدنى خوف مما ارتكبت. إن ما فعلته من اعجاز جعلني أكاد لا آبه بالألم. فقد أحطت بالعناية، ولفني الاهتمام. وبعد أيام قلائل، كررت ما فعلته وبصورة أعلى بدرجة تكفي لأن تتحول كل العيون تجاهي وفعلتها ثانية مرات، اختفي خوفي كلية في التوق الذي بثثته في زملآء الدراسة. ففي كل مرة أهبط الدرج، يتحول انتباه الفصل كله نحوي، كما لو كآن بيدي فضل ما، وأسير في صمت القبور _ كالقول المأثور - كما لو كنت أخلب لبهم حتى الدرجة الأخيرة، هنالك كانت شخصيتي تتخلق. ونحان جزائي من ذلك كلا أكبر مما يسبب من ازعاج. فغالبا ما كان يحدث لي أن تتملكني نزوة مفاجئة في القفز للفضاء من قمة جدار، رغم المخاطرة الأعظم، كي أهدي، من لوعة الفؤاد. بل انني تحولت الى قافز ماهر جدا. ودونت في ملاحظاتي أن كل مرة كانت تلك الأحداث تأتي بي، بعد حقيقتها الى مغزى أعمق لحقيقتي: فكانت الخضرة والأشجار والزهور، تبدو كلها قريبة مني. بعد ذلك، كنت أحس الخفة، أستطيع أن أشارك بصورة طبيعية في الوجود وأن (أسمع ) كل حواسي. بالقفز أمام زملائي، خلقت فيهم متعة تساوي متعتي أو حتى أكبر من متعتي، كنت أرى نوعا من الكرامة في عيونهم، يطو بما أفعل لمكانة الحدث. ويصبح دالي حامل المتعة لكل شخص، ويتحول ضعفه الى قوة. لقد حملتهم جميعا على الاعتراف بانفعالي وأن يقبلوا به، وأجبرتهم عل أن يشاركوني جميعا في نفس العاطفة.

هكذا يصبح ألم الموت متعة روحانية، بعد أن كان إسبانيا نمطيا. ليس بالنسبة لي (أن يكون هناك سبب ) كما قال مونتان الذي احتقره لعقله البورجوازي، ومحا ولته المثيرة للسخرية في أن يجهل الموت، وأن يحرمه من حيويته. وأن يتخطى هلعه. كنت أفضل أن أنظر الى الموت في عينيه وجعلت لنفسي ثورة عاطفية مهذبة للقديس جون عن الصليب.

(تعال أيها الموت

محتفيا كي ألموت ,

فقد تعيل في متعة ارحيل

مجددا للحياة )

في وجه وقفة كتلك، تتهافت حقيقة النصح من أجل التزييف لدى ميشيل دي مونتان، كل أملي أن يأتي موتي داخل حياتي كصاعقة، كي تأخذني كلية، أو كنوبة حب، وان تجعل جسدي طوفانا بكامل روحي. وبعني الوقت كان باستطاعتي أن أستسيغ يأمي. وكان انعدام المقدرة لدى في المعرفة يجعلني أتيه من ناحية أخرى، وكان خوفي يشربني وقاحة الاستخفاف. وكان وخز الموت يمنحني خاصية جديدة في حياتي وعواطفي. وحين كانت جالا، معجزة حياتي، تجتاز عملية خطيرة في 1936 كنا نقضي وقتنا في حالة من اللامبالاة الظاهرية نخلق موضوعات سوريالية في اليوم الذي سبق إجراء الجراحة. كانت تسلي نفسها بجمع عناصر مدهشة ومتباينة معا من أجل فبركة ما يبدو أدوات آلية _بيولوجية. النهود مع ريشة في الحلمة، وعلى قمة الريشة هوائيات معدنية منغمسة داخل إناء دقيق (ويبدو هذا التركيب مرجعا ضمنيا لجراحتها الآتية ). ولكن ما حدث أنه، في طريقنا للمستشفى داخل التاكسي - كنا نخطط للتوقف عند اندريه بريتون كي نريه اختراع جالا -إلا أن ارتطاما حادا جعل البدعة تنحرف إثر الصدمة وأن يغمرنا الدقيق. ويمكن لك أن تتخيل كيف كنا نبدو حين وصلنا للمستشفى!

ما هو هام أنه مساء ذلك اليوم كنت مشغولا بإعداد النسخة النهائية من اختراعي ساعة. نوم مصنوعة من حلية ضخمة من الخبز الفرنسي وداخلها 12 محبرة زجاجية يملؤها حبر بلون مختلف ينفس فيه قلم ريشة - وتناولت عشائي بشهية - دون التفكير ولو لثانية في عملية جالا. حتى الثانية صباحا، كنت لا أزال أعمل على اتقان ساعتي بإضافة ستين محبرة ملونة بالألوان المائية على أوراق اللعب معلقة من الخبز. ثم خلدت للنوم، ولكن في الخامسة صباحا، كانت أعصابي المشدودة توقظني. كنت أتصبب عرقا، مكدودا بداخلي أنفاس ندم. نهضت بغير ثبات باكيا، كأن عقلي تثيره صور جالا معبودتي في أوجه حياتية عدة، وانطلقت نحو المستشفى يصرخ توقي. ولأسبوع كان العرق يغطيني، والموت يربض في حلقي. وأخيرا تم تخطي هذا المرض. دخلت غرفة جالا لآخذ كفنها بكل الرقة في العالم، وقلت لنفسي (الآن، جالوشكا، أستطيع قتلك ). كانت الروح تحيا على ما يصدمها وتجد في رجفة نشوة الجماع ذررته. ويصبح الضعف ذاته قوتي، وأنا أثري بالمتناقضات. أحيا وعيناي صافيتان مفتوحتان عن آخرهما.

هل دراسة الطقوس السرية في الفن شيء نبيل لدى دالي؟

هل تظنها مصادفة في أن رحلات الطقوس السرية الكبرى كانت غالبا ما ترتبط بالردة والطبل الزائف ؟ الحقيقة أن الشرج، الذي أعلاه كويفيد في مديحه، يعدا رمزا أساسيا للتطهر من أفعالنا الوحشية. كل ما هو إنساني حين تتجاوزه روحانية الموت ليصبه طقسا سريا فبعد مولد "دوفين "، وريث عرش فرنسا، كانت فضلاته تجمع في بلاط القصر،في وجود كل نبلاء المملكة، ويدعى أعظم الرسامين، فربما يلهم البراز الملكي الباليتة. وكان البلاط كله يرتدي اللون نفسه. فهذا نبل. وهو قبول للإنسان بصورته المطلقة، برازه عظه مثل موته. بل أكثر من ذلك، كانت الباليتة الفضلاتية تتمتع بتنويعة هائلة،من الرمادي للأخضر ومن الأوكروات الى البنيات، كما نرى في أعمال كاردأن ولا يوجد شي ء آخر أكثر اشتهاء للعين بصورة ذواقة من ظل البراز الذي ينساب بحرية، الفضيحة الحقيقية هي أننا ما عدنا نجرؤ أن نقول أو نفكر في ذلك. عاش براز الملك أوفين ! وخذ الأمريكيين، وهم غير قادرين على مواجهة الموت، وقد أعلوا من شأن صناعة كاملة قائمة على الشعارات مثل أنت تموت - ونحن نتولى كل شي ء) كما لو كان هذا هو التنكر لواقع الظاهرة، أو تقليص حجمها، أو تزيينها، وتعقيمها، ثم وضع مقاييس لها، أو حرمانها من المأساة داخلها. لكن موتا يعبر دونما جلال لا يشي بشي ء إلا بحياة بخيلة، أفكارها ضئيلة. لا جوهر لحياة البشر إذا حرم الموت من مهناه. إن الولايات المتحدة الأمريكية ستجد في براز أوفين شيئا غير زي فكر، لذا سيستبدلونه بحلوى قرنفلية بالسكر، أي رقة واعتدال ؟ اني أحلم بأن أبقى على وقارها واحتلابها حتى الموت.

ربما سيكون ضروريا، كما هو الأمر أيام الأسكوريال العظيمة أن أعود الى أكوام الروث التي تجعل المرء حاضرا في التحلل البطيء للجسد، والرؤية والرائحة تحضر للعقول والذاكرة القيمة المختمرة عن الروحانية الحقيقية. إن الأجساد الدودية التسلق تنجز مهمتها النبيلة الأخيرة: العودة للأرض. وفي قبول دراسة الطقوس السرية في الفن والتبرز والموت توجد طاقة روحانية استغلها بثبات عظيم. أنا مقتنع بصورة لا واعية بأن الضربات العميقة التي تدفعني لأنزع أحشاء القنفذ الصفير الميت والمتحلل تدفعني بالمثل بدون شك الى التهامه.

دال: اقتل وكل
أهوى أن أحطم جماجم الطيور الصغيرة بين أسناني، وأن أهرس عظامها كي أمص النخاع، والدجاج الذي أوشك أن يفسد والمطبوخ في فضلاتها، وكان ندمي الوحيد أنني لم آكل الديوك التركية المطبوخة حية، والتي، كما يقال، تعد طبقا سحريا. أعرف أنني نهم بصورة ضارة، وتضيء وعيي شهية أكلة لحوم البشر، لما بدا بالتالي الدليل الدائم على واقعي المعاش. كان لعابي يسيل بطريقا أكثر حياة، حين افترس شيئا ميتا.

بل الأكثر من ذلك أرى الفك عضوا رائعا يعي برغبتنا الخاصة في الحياة، وقيمة الواقع، وهو مجرد صهريج هائل للفساد، والمقابر فيه مناضد عشائنا. إن الحقيقة بين أسناننا. فقد برهنت الفلسفة نفسها في فن الأكل. فا لانسان يكشف عن نفسه حين تكون الشوكة في يده. إن أرستقراطية كيورين العظيم قد ظهرت دائما لي. مثل أبي، كنت أمام طعام البحر بريا، تلك القشريات بلحمها العذري تحميه عظام قاسية بصورة تكفي لأن تنمو في الخارج، لكني أمقت المحار خارج أصدافه مقتي لطراوة الأسبان.

لقد حكى جوزيف دي مايستر كل ذلك حين علق عل إنسان في معركة لا يطيع أبدا رغم أن الأرض كلها الغارقة في الدهاء هي مذبح ضخم يقربن أمامه بكل شي ء بلا نهاية، وبلا مقياس وبدون لين حتى تستهلك كل الأشياء، وتنقرض، ويموت الموت. نعم، إن الالغاء محتوم، فستهضمنا الأرض جميعا، وأنا لدى هذا الاعتقاد طوال الوقت. فلن تجد واحدا من أفعالي، أو واحدا من إبداعاتي إلا تجسيدا يقابل تلك المعرفة، ولم توجد لحظة في حياتي لم أكن فيها على وعي بحضور الموت، إن ذلك يجعلني سعيدا، ولماحا، أنوي أن أغش قليلا بأن أجعل لنفسي بياتها، أعني أن أفسح للكوميديا فصلين آخرين أو ثلاثة في هذا القرن القادم، لأني اؤمن ببعث الأجساد.

أمر سيىء جدا أني لست مؤمنا. لم أفقد الأمل. لقد أوضح القديس أوجستن الطريق بصلاته للرب ليعطيه الإيمان، لكن لم يحدث ذلك دونما أن يعطيه الرب أولا الوقت الضروري ليتشبع بالمتع المتاحة على سطح الأرض. كانت رغبتي في الخلود فيما بعد الحياة بإصرار الذاكرة، أريد أن أكون قادرا على تذكر كل تفاصيل حياتي. السعادة الغامرة لا تعني شيئا لدي دونما تأكيد التذكر لكل حياتي. أنا أرفض الأشكال الأخرى من البعث وفي تلك الحالة أفضل الا أموت. في الوقت الحالي هناك على الأقل عشر طرق لاطالة الحياة معروفة تماما، بفترات النوم الذي قد تضيف الكثير من التوابل للحظات إعادة الاستيقاظ. سأختار بينها بكفاءة كبرى حين يأتي موعدها. هذا الاتجاه هو جزء من اللعبة التي أؤديها مع الموت.

لدى عبقرية كهذه لمحاولة إطالة الأيام قدر الانجاز الذي تحتاجه أعمالي الكاملة. لكن في الحقيقة، أن كل ما أحبه بعمق وذنب هو أحشائي. إن جمالي الداخلي يتكون من رغبة هائلة تعل منه الى نوبات، ليس فقط كل ما يقف في طريقه، ولكن وبقرا ري وحدي بالا أجد ما يخصني والا اصكك ما هو ملكي. ودعني أسألك ما هو الذي أكثر من موتي. أعترف أني أعتقد أن لنفسي حصانة، وأني أرغب في التحمل حتى أمني بأقصى حد لحي استثير الموت السماوي في جل خاصيته. وكوني أصبح صكه في عظمته، أباريه في البعد والكيف. إنها ألهتي العظيمة، الروح الحكمة لنا كلنا. إنها الجمال الغامض والمطلق. أعرف أن الحياة ما هي إلا مملكة للنقص، لكني سأجعل من التتابع الطويل واللانهائي للأيام التي تشمل حياتي كمالا فاتنا، يحمل نقطة تماسه مع الله. وكنت أود كتابة قصيدة اليه، ربما تقول:

أيها الموت، ألوهيتى الجميلة،

أنت التقيت الكاهن الأكبر،

أنت التقيت الصنو

وخدمتني

لذلك أعبدك،

نحن نعمل معا كي نشكل معادلا للأشياء المطلقة

التي لم يكن لها أبدأ ما يساويها

وفي كل يوم أغدو الملاك الاول
لدار الفناء.

وأعود الى حياتي الرحمية، التي انتهت في اليوم الحادي عشر من مايو من العام 1904، بعد الثامنة بخمس وأر بعين دقيقة، حيث ولدت من بطن شرعية حملتها دونيا فيليبا دوم روسينيك. كانت أمي في الثلاثين. وتقول شهادة الميلاد أن والدي هو دون سلفا دور دالي إي كوزي، قد أعطى يومين بعد ذلك التاريخ كي يسجل شجرتي العائلية لكل من الأبوين. من ناحية الأب كان دون جالو دالي، وهو من أهل فيجوراس، ودونيا تريزا كوزي مار كوس من أهل ووسوس. أما من جهة الأم فكانا دون انسيلمو دومينيك سيرا ودونيا ماريا فيريس سادورني، وهما من برشلونة، أما الشهود فكانا دون خوسيه ميركادير من أهل لابيسبال، وهي إحدى مقاطعات فيرونا، وكان تاجر دباغة يقيم ل هذه المدينة، والثاني دون إميليوبيج من أهل فيجور اس ومهنته الموسيقى،ويقيم في هذه المدينة، وكانا من نفس السن.

كان أبي حينها في الحادية والأربعين، وكان معروفا بأنه (طبيب المال )، لكونه نوتاريو البلدة (2)ويسكن في 20 كاليه مونتريول، وقد منحت الأسماء المسيحية سلفا دور، وفيلبي وجا سينتو وأنا متأكد من أن كل الكبرياء قد رحل وأن كل هؤلاء الذين خصبت أرواحهم الفضاء الذي نسبح فيه، هذا الطمي الدقيق من الروحانية، أراه ابتهج حين ظهرت على وجه الأرض، لأنني شكلت التحدي الأعظم لعبقرية إنسان قرر أن يحسم الأمر تجاه الموت. وفي التعاقب الممتد للقرون التي رأت الفنانين. كم منهم كانت له كيفيتي في الانفعال الكوني المركز؟ ما أستطيع قوله أني، دالي أطعم رغباتي بالجمال الحيوي لكل العبقريات الميتة. وأدفع بها للامام. فأنا الشمس التي تشرق على كل النباتات المنتقدة في ليل العصور.

(الموت هو الشيء الذي يحيفني كثيرا،

وبعث اللحم

هذه التيمة الاسبانية العظيمة،

هي الصعوبة الوحيد الكبيرة التي

اقبلها بكد

- من وجهة نظر الحياة)

اشارات:

* ترجمة الفصل الأول من كتاب سلفا دور دالي (الاعترافات السرية لسلفا دور دالي )، الكتاب الذي أملاه _ على مدى 20 عاما _ لصديقه الصحفي اندريه بارينود ليصبح بعد صدوره السيرة الذاتية لفنان يقول عن نفسا: لست سورياليا، أنا السوريالية.

1 - حقيقة شهيرة أن فنسفت فان جوخ كان صكه مثل دالي مسبوقا بوفاة أخ يدعى فنسفت وفي صباه كان الفنان المستقبلي مجبرا على الذهاب الى المدرسة كل صباح والمرور بمدافن يرى فيها اسمه منقوشا فوق شاهد قبر!

2 - تعني بالاسبانية وفي بلاد لاتينية كثيرة Notario عضو شرعي بمهنة كل ما يخص المال وهي لفظة عامية تعني الحارس المحلي للثروات والاستثمارات (طبيب المال ).




--------------------------------------------------------------------------------

Post: #487
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2006, 03:47 PM
Parent: #486

أدناه مقال عن :
خطاب الموت في الشعر الجاهلي,
نقلا عن العدد العاشر من مجلة نزوى
*****
خطاب الموت في الشعر الجاهلي



أحمد الحسين (كاتب من سوريا)


--------------------------------------------------------------------------------


أرق الموت بال الانسان ، وشغل تفكيره المصير المحتوم الذي أثار في اعماق نفسه المضطربة تساؤلات حائرة عن جدلية الموت والحياة. وسر الفناء، وغاية الزوال. وقد عبرت ثقافات الشعوب ، وفلسفاتها ، وأساطيرها عن قضية الموت بمستويات مخلفة ونقلت كثيرا من التصورات عن طبيعة العدم والبقاء. وكان الشعر من بين الفنون الابداعية قد حل خطرات فكرية ، وتأملات ذهنية اطلقها الشعراء تعبيرا عن حقائق الوجود وبانوراما الحياة والفناء.

والشاعر الجاهلي عني بأمر الموت كسائر الناس ، ومضى به تأمله الفكري الى ادران حقيقة الحياة. في قصرها ومحدودية أيامها، فهي كالكنز تنقص ، ولا تزيد كما يقول طرفة بن العبد:

أرى العيش كنزا ناقصا كل ليلة

وما تنقص الايام والدهر ينفد


وبدت له الحياة كثوب معار في اشارة الى عدم امتلاكها، ومن طبيعة الاشياء المقارة أنها لا تدوم ولا بد ان يستردها من أودعها. وعندئذ فان مصير الانسان الى زوال ، وان قدره ان يسلك درب المنية ، ويلحق بالذين سبقوه كما تخبر بذلك سعدى بنت الشمردل اذ تقول :

ولقد علمت بأن كل مؤخر

يوما سيبل الاولين سيتبع

ولقد علمت لو ان علما نافع

ان كل حي ذاهب فمودع


والانشغال بالموت اوقد في نفس الشاعر جذوة قلق لا يسكن ، أفسد عليه متعة الحياة ، وكدر صفوها. اذ صار الشاعر يخشى ان يصرعه الموت في أية لحظة وان يباغته الردى في غفلة ، ما دامت سهامه مشرعة لا تخطر، من تصيب ، وادراك الموت بحد ذاته يتجل في التفكير بالمال الذي يصير اليه الشاعر حيث سيصبح منزله العامر حفرة موحشة ، لا مؤس فيها ولا أنيس. حفرة تسفي عليها الرياح يهجع فيها جثة هامدة ، لا تسمع ، ولا تجيب ، انه الشعور بالعدم المطلق كما عبر عنه المثقب العبدي اذ قال :

ولقد علمت بأن قصري حفرة

غبراء يحملني اليها شرجع

فبكى بناتي شجرهن وزوجتي

والأقربون الي ثم تصدعوا

وتركت في غبراء يكره وردها.

تسفي علي الريح حين أودع

حتى اذا وافى الحمام لوقته

ولكل جنب لا محالة مصرع

نبذوا اليه بالسلام فلم يجب

أحدا ، وصم عن الدعاء الأسمع


* حتمية الموت:

ولعل الفكرة التي تشير اليها الابيات السابقة تؤكد مفهوم الحتمية ، فالموت

حقيقة ثابتة ، وقضاء مقدر ، لا مهرب منه ، ولا منجاة.

والشاعر الجاهلي كان مدركا هذه الحقيقة ، وكان على يقين واسخ بأن الموت منهل يرده الجميع ، ولا يمكن للمرء أن ينجو من سهامه ، او يظفر بالخلود لمال او جاه او سلطان :

إني وجدك ما تخلدني

مائة يطير عفاؤها أدم

ولئن بنيت لي المشقرفي

هضب تقصر دونه العصم

لتنقبت عني المنية ان

الله ليس لحكمه حكم


وقد تحدث عن هذه الحقيقة اكثر من شاعر ، فهذا طرفة يجد الانسان مقيدا بحبال المنية ، ولا خلاص له منها ، ولا فكاك :

لعمرك ان الموت ما أخطأ الفتى

لكالطول المرض وثنياه باليد


وذاك ابو أؤيب الهذلي يتأمل الحياة من حوله ، وكيف تفك المنية بالناس ولا تجد بينهم من يقوى على رد غائلة الموت ، فلا التمائم تنفع ، ولا التعاويذ تجدي انها قوة الحتمية المعلقة اذ يقول في صيغة من الواقعية ، والاستسلام العاجز:

واذا المنية أنشبت اظفارها

ألفيت كل تميمة لا تنفع


وبلغ الاستسلام الى هذه الحتمية درجة من الاعتقاد بأن الموت سيطال الانسان ، ولو صعد في السماء او احتمى في القلاع والحصون ، فلابد أن تناله اسباب المنايا كما يرى زهير بن ابي سلمى اذ يقول :

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه

ولو رام أسباب الراء بسلم


ومناقشة كرة الحتمية من جانب آخر قد تمنح الانسان حرية في الاختيار فمادام الموت قدرا مضروبا، ومحددا فان خشية أسبابه لا تهب المرء خلودا، فلماذا لا يفشى الانسان ساحات الوغى ، ولماذا لا يرحل في الارض ، ويطوف بين الاصقاع ؟ بل لماذا يستكين مستسلما والموت حين يأتي لا علاقة له بهذا او ذاك من الأسباب :

ألم تعلمي الا يراخي منيتي

قعودي، ولا يدني الوفاة وحيلي

مع القدر الموقوف حتى يصيبني

حامي لو ان النفس غير عجول


* شمولية الموت:

ويتفرع ئ الحتمية معنى الشمولية. فالموت يساوي بين الناس كافة ، وبذلك تبرز عدالته التي لا تؤثر في نفاذ احكامها مكانة المرء او منزلته بين القوم. فالموت لا يترك احدا كما يخبرنا طرفة :

أرى الموت لا يرعي على ذي قرابة

وان كان في الدنيا عزيزا بمقعد


وفي شمولية الموت يتحقق نوع من العزاء بالمساواة ، حيث تزول الفوارق ، وتلفى الامتيازات وهذا ما يخفف من أثر وقع الموت على النفوس ، ويبدو تقبل هذه النتيجة مرضيا بعض الشيء. فالانسان الحي حين يتأمل قبور الموتى يجدها واحدة في مظهرها، فأنت لا تميز بين قبر شجاع ، او قبر جبان ، ولا بين قبر بخيل او قبر كريم لأنك كما يقول طرفة :

ترى جثوتين من تراب عليهما

صفائح صم من صفيح منضد


وفي اطار فكرة الحتمية وما ينقب عنها من شمولية أصبح التفكير بالخلود ضربا من المستحيل الذي لا طاقة للانسان به ، ولا معلمه ، واصبحت نظرة الانسان الى الموت تتسم بالواقعية وذك من خلال تأمله في. مصير الاولين ، الذي كون في وجدانه قناعات راسخة عبر عنها بصيغة التساؤل او الاستفهام اذ قال :

فكيف يرجي المرء دهرا مخلدا

وأعماله عما قليل تحاسبه

ألم تر لقمان بن عاد تتابعت

عليه النسور ثم غابت كواكبه


* اللذة والموت

وفي ظل هذه الحقائق التي كونها الشاعر الجاهلي عن طبيعة الموت ، وحتميته ، وشموله ، أيقن ان مواجهة الموت باللذة هي شكل من اشكال التعبير من وجوده، ولهذا دعا الى فلسفة او طريقة وجودية في العيش تقوم عناصرها على تحقيق أكبر طاقة ممكنة من المتع الحسية. التي يرد بها على الموت ، ويبادر بها المنية :

فان كنت لا تستطيع دفع منيتي

فدعني أبادرها بما ملكت يدي


على أن مفهوم اللذة لا يقتصر على المتعة الحسية التي تخلق السعادة او البهجة في النفس فالشاعر الجاهلي اذ يطلب المتعة الجسدية ، فإنه يشير من جهة أخرى الى اللذة المعنوية التي تحققها أفعال هيبة كالشجاعة ، والكرم ، وبذل المعروف ، فهو، يحرص ان يشتري في حياته الحمد، والثناء، لأن ذلك يحقق له متعة في حياته ، ويبقر أثره حيا بعد مماته كما يقول عروة بن الورد مخاطبا امرأته :

ذريني ونفسي أم حسان انني

بها قبل الا أملك اليبيع مشتري

احاديث تبقى والفتى غير خالد

إذا هو أمسى هامة تحت صير


وحين نتأمل دوافع الخوف من الموت كما عبر عنها الشعر الجاهلي ، نجدها تنطق من ادراك الشاعر ان الموت يحول بين الانسان ، والملذات الحسية والمعنوية ، ولولا أن الموت يحرم الانسان منهما لما وجد الشاعر رهبة في مواجهة المنية :

ولولا ثلاث هن من عيشة الفتى

وجدك لم أحفل متى قام عودي

كميت متى ما تعل بالماء تزبد

كسيد الغضا نبهته المتورد

وتقصر يوم الدجن ، والدجن معجب

ببهلنة تحت الطراف المعمد


ولا يغيب عن البال أن الحاح الشاعر الجاهلي على اتنزاع الملذات ، واغتنام المكرمات يصور اعتقاده باستحالة الخلود من جهة ، وعدم الايمان بالحياة بعد الموت من جهة ثانية فهو ومن خلال رؤية وثنية ، مادية يؤمن بالحاضر المدرك على حساب

المستقبل المجهول وهذا ما عبر عنه طرفة اذ قال :

كريم يروي نفسه في حياته

ستعلم إن متنا غدا أينا الصدى؟




* الموت النفسي:

وخطاب الموت في الشعر الجاهلي لا يقتصر على موت الجسد فحسب فهنالك نلمح اشارات الى معنى الموت النفسي ، وقد ناقش اكثر من شاعر هذه الفكرة ، وقارنوا بين موت الجسد، وموت النفس ، وبدا لهم ان موت النفس أقسى ، وأشد مرارة من فناء الجسد على نحو ما يذكر عدي بن وعلاء الغساني:

ليس من مات فاستراح بميت

انما الميت ميت الاحياء

انما الميت من يعيش ذليلا

سيئا باله ، قليل الرجاء


والمعنى الذي يريده الشاعر هنا ان الذليل عاجز من تحقيق وجوده ، اذ هو مسلوب الارادة والحرية ، وهو بالتالي لا يختلف من الميت ، بل يزيد عليه في معاناته ، واحساسه بالدونية ، والاذلال لانه حي، ويعيش بين الناس.

والموت المعنوي الذي نبه اليه الشعراء الجاهليون يشكل منعطفا خاصا في ادراك معاني الموت ، ونلاحظ أن الاهتمام بفكرة موت الروح اخذت اهتماما واسعا في نقاشات الفلاسفة ، وتأملات المفكرين ، وأصبحت هذه الفكرة موضوعا أساسيا خاصة لدى شعراء الرومانسية الذين تفنوا بالرود وموتها في قصائدهم الشاكية ، ومناجاتهم الذاتية.

وتجدر الاشارة الى ان الموقف من الموت لم يكن ثابتا. فهو يتبدل من طور الى آخر، وكما وجدنا اكثر القصائد الجاهلية تصور كره الموت ، وتعبر عن الرغبة في الحياة ، ودوامها فان بعض النصوص تحمل موقفا آخر، يبدو من خلاله الشاعر وقد ضاق بالحياة ، فهو يشكو طولها،

ورتابتها المملة بلا معنى.

وغالبا ما تكون هذه التحولات مرتبطة بأطوار نفسية ، وزمنية يمر بها الانسان ولا سيما حين تداهمه الشيخوخة ، ويصل الى مرحلة ارذل العمر، وما يصاحب ذلك من تغير الزمان وتبدل الاقران ، وعندئذ تفقد الحياة معناها، ويصاب المرء بالسأم ، ويشعر ان حمل الحياة أصبه عبئا ثقيلا كالذي نجده في قول المستوغر بن ربيعة :

ولقد سئمت من الحياة وعلوها

وازددت من عدد السنين مئينا

مائة أتت من بعدها مئتان لي

وزددت من عدد الشهور سنينا

هل ما بقى الا كما قد فاتنا

يوم يكر ، وليلة تحدونا


ولعلنا مما سبق نكون قد وقفنا على جانب من خطاب الموت في الشعر الجاهلي ، وقفة موجزة بدا لنا من خلالها ان الشاعر الجاهلي قد ساغ لنا رؤيته للموت على انه حتم ، يشمل الناس كافة ، ولا مطمع للانسان في خلود يرتجى.

وكانت تلك التصورات والتأملات التي عبر عنها الشاعر الجاهلي وثيقة الصلة بالحياة البدوية وبينتها الفكرية التي تقوم على التجربة ، دون التوغل في متاهات الفكر، والمناقشات الفلسفية العميقة التي تبحث في عالم الموت الغامض والمجهول. ولهذا لا نجد غوصا في طبيعة هذه الظاهرة ولا تصورا عن امكانية الانتصار على الموت بالبعث. والحياة الثانية كما جاء في الديانات التوحيدية وهذا ما جعل صورة الموت قاتمة ، ورحلة الموت نهائية لا عودة لغائبها، وبذلك يمكن أن ندرك عمق الجزء النفسي الذي يسري في اعماق الشاعر الجاهلي في مواجهة فكرة الموت ، والتعبير عنها في قالب مز الحكمة الشعرية ، والخطرات التأملية المتشحة بالقلق ، وهواجس الخوف والاضطراب.




--------------------------------------------------------------------------------

Post: #488
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2006, 03:56 PM
Parent: #487

[B]هكذا تكلم موسورسكي.. مالذي تحاول اجتراحه "أغنيات الموت ورقصاته"؟


شعر: أرسني جولينشتتيف كوتوزوف
ترجمة وتقديم: كامل يوسف حسين (كاتب ومترجم من مصر)


--------------------------------------------------------------------------------


منذ التجلي الأول لظاهرة الموت، والبشر ما يزالون أمامه على ذهولهم الأول عينه، وعلى رعبهم الأول ذاته، وعلى حيرتهم نفسها، لا شيء، تغير، وكأنما حكمة القرون، وفلسفة الدهور، وعلم الأجيال هباء يتبدد أمام الموت سيد الحقائق جميعها.

بمعنى من المعاني فإن هذا كلا لا يمكن إلا أن يكون طبيعيا ومنطقيا، وعقليا، فلوان كلا منا حاول أن يتذكر تلك اللحظة الأولى المتشحة برماد النسيان، التي صفعته للمرة الأولى في حياته حقيقة الموت كبرق يملا السماء ويكاد يودي بالبصر، وامتدت به عين التأمل الى اللحظة التي يطالع فيها هذه السطور، ثم حاول أن يسأل نفسا عما أفلحت يداه في الإمساك به من حقائق لغز الموت، لما وجد في يده إلا ذرات من تراب أقرب الى الهباء، بل وألفى نفسه أمام هوة تتسع كلما غربت شمس يوم آخر من العمر. وما من سبيل الى مواجهتها إلا بالتشبث في رعب بحبال النسيان أو التناسي والتجاهل والتعامي.

ولكن من ذا الذي يملك رفاهية التعامي عن حقيقة هي سيدة الحقائق بامتياز؟

من ذا الذي يملك القدرة على التناسي وهو يمني في نفق مغلق يعلم أنه لابد له من أن يرتطم في نهاية المطاف بالصخر الصلد الذي لا سبيل الى خطوة للأمام حياله ؟

من ذا الذي يملك اجتراع التناسي وهو يعرف أنه يمني في غابة موحشة يطلبه في ظلالها وتحت أشجارها تنين كلى القدرة يملأ السمع فحيحه والآفاق ناره ودخانه ؟

في هذه اللحظة التي أسطر عبرها هذه التساؤلات تتداعى الى ذهني تأملات سنوات طويلة في الموت، وليست إلا محطة من محطاتها المتعددة إنجاز ترجمة كتاب "الموت في الفكر الغربي" لجاك شورون الذي أصدرته سلسلة "عالم المعرفة" الكويتية في ابريل 1984.

ولست أريد أن أثقل على القاريء بفيض من هذه التأملات، ولكنني أتمنى أن يسمح لي بأن أفكر معه بصوت عال في ست نقاط عن الموت، تشكل جوانب شتى من أشكال أعترف بأنها تشغلني، وتملأ على تفكيري الآن وهي:

أولا: هذا الموت المطلق والشامل والكلي الحضور، هو أيضا، وفي الوقت نفسه، موتي أنا، لا موت أحد غيري. فرغم أنه حقيقة مطلقة تنطبق على كل المخلوقات إلا أنه حينما يحين موتي فإني حتما سأموت، (كل نفس ذائقة الموت ) (الأنبياء - 35 العنكبوت - 57). وهذه الرحلة التي لن أعود منها أبدا سأفضي فيها وحيدا، إذ لا سبيل الى تجاهل القطار الواقف على محطة أنا الراكب الوحيد على رصيفها ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )(الأعراف - 34). وهذه الرحلة لا سبيل أمامي الى الإمساك بالحد الأدنى من المقومات التي تؤهلني للانطلاق فيها، فمن يمضون الى ضفة الموت لا يعودون ليلقوا الضوء على ما وجدره هناك، ونحن حتى حين نحيط بهم في لحظة الرحيل، فإن المعرفة بمغاليق أسرار الرحلة تظل قاصرة عليهم، ولا يبقى في أيدينا إلا تلويحة وداع، ودموع في العيون، وخوف يملأ القلوب وحزن يملأ الأفق، لأننا كنا شهودا على جانب موحش من جوانب الشرط الإنساني سينطبق علينا بدورنا.

وهذه الرحلة، رحلتي، يشكل جزءا من أصعب مخاوفها أنها ترتبط بأن ما مر لابد أن يرصد، ولابد للحظة الختام أن تكون لحظة استرجاع ما مضى، لحظة كل الحسابات العسيرة، (وكل إنسان الزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك، كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) (الاسراء: 13- 14).

وهي رحلة تحيرني؟ لأن المجهول الذي يكتنفها، ربما أكون قد عرفته على نحو جزئي، لكنها معرفة لم تزدني إلا جهلا، ولم تملأ قلبي إلا خوفا. (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون )(البقرة: 2.

ومأساتي المطلقة تصل الى سقفها حيال الموت حين يحيرني التساؤل عما إذا كنت سأترجل من رحلة، أم أنني الآن في سبيلي الى الانطلاق في رحلة. أليس الرسول (ص) هو القائل: "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا".

أجل إن هذا الموت المطلق، موت الجميع، هو أيضا موتي أنا، إنه موتي الفردي والشخصي والخاص، وحدي أموت، وبذاتي سأرحل الى ضفة الموت وما من أحد سيموت نيابة عني، وما من أحد عاد من تلك الضفة ليحدثني عما ينتظرني هناك، وأنا نفي حين أرحل لن أعود لأفض المغاليق حتى لأقرب الناس الى وآثرهم على نفسي.

ثانيا: الموت، الذي تحدد على هذا النحو الواضح، والصريح والمتعين، حقيقة حتمية، لا سبيل الى الهرب منها، أو الى تأجيلها، أو الى تجزئتها: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) (الرحمن: 26).

إنه نهاية النهايات، أو كما يعبر د. عبدالرحمن بدوي الفعل الذي ينهي كل الأفعال.. ولا سبيل أمامي الى الهرب منه، ذلك أنه: (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) (النساء: 7.

وأنا لا أملك له تأجيلا، ولا تأخيرا، فهو الطالب الذي لا يرد، واليد التي لا تدفع، والسيف المسلط على الأعناق الذي يجتر حين يهوي. (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) (الأعراف: 34).

مع ذلك فإن هذه الحتمية في الوقوع، إن تأملتها عن كثب، فلن تجدها عشوائية، وإنما وراءها أسبابها الموضوعية،التي تجعلها إمكانية معلقة بتكامل شروطها وضوابطها الموضوعية، ومأساتي الحقيقية هر أن عقلي، أنا الإنسان الفاني، يقصر عن استكناه أسرار هذه الشروط والضوابط (ما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا..) (آل عمران 145).

ولكن إذا كنا نسعي الى تعميق الحديث عن أسباب موضوعية، وإذا كان قد أمكن للطم الحديث أن يتحدث، بفضل الإنجازات الطبية عن زيادة معدلات احتمالات الحياة وتحسين الظروف الصحية، وإذا كانت المجتمعات المتقدمة تتحدث اليوم عن متوسط للعمر يدور حول مائة عام. الا يعني ذلك ردا كميا للموت قد يفتح المجال في مستقبل غير منظور للحديث عن رد كيفي للظاهرة ؟

من المؤكد أن علامة الاستفهام هذه مضللة الى أبعد الحدود، فأيا كانت قدرة العلم على تحسين ظروف الحياة الإنسانية، ومن بينها الظروف الطبية والصحية بعامة، فإننا نتحدث هنا عن الحياة، أما الموت فما زال هناك في نهاية النفق... ينتظرنا جميعا، حتى إن عمرنا مثل عمر نوح.

ومن ناحية أخرى، فإن الحديث عن عمر بهذا الامتداد، وخاصة في عالمنا الثالث، قد لا يكون بالضرورة حديثا مشرقا أو بهيجا تماما.

ثالثا: هذا الموت الحتمي، الذي لا سبيل أمامي إلا الانطلاق نحوه، أنا ذاتي، يتخذ بعدا رهيبا حقا، في ضوء أنني لا أملك شيئا حياله، حتى ولو مجرد العلم بجانب من مداخل مغاليقه.

إنني لا أعرف كيف سأمضي، ولا إلى أين، وما الذي ينتظرني على وجه الدقة هنالك في ضفة الموت. حقا أن ديننا الحنيف يحدثنا عن السكينة.حينما يندلع الخوف في نفوس الآخرين، ويعدنا الرجعي، التي هي عودة القطرة الى بحرها، حيث العدالة المطلقة، وحيث الرحمة الكلية: (قل يترفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون) (السجدة - 11).

هنا لابد لنا من التساؤل: هل من قبيل الصدفة أن المعنى الحرفي للموت في لفتنا، لفة القرآن الكريم، هو السكون ؟

هنا لابد من التساؤل أيضا: هل من قبيل الصدفة أن كلمة الموت ترد في القرآن الكريم في ا6ا موضعا؟.

والتساؤل لا يمكن إلا أن يرد على الذهن: هل من قبيل الصدفة أن العرب عرفت الموت من خلال منهاج التحديد بالسلب بأنه خلاف الحياة وذهاب القوة، وأنه يحصل بتوفي الأنفس، أي بقبض الروح ؟

هذا ينقلنا الى سؤال مؤرق: ما الروح ؟

أفق هذا السؤال مترامية، بلا انتهاء، ولكن في نهاية الأفق ينهض قول الحق سبحانه وتعالى (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي. وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) (الإسراء - 85).

والموت في جوهره قيد على وجود الإنسان، ولكن حيث هناك حديث عن القيد، فلا يمكن إلا أن تكون هناك حرية، وإلا كان الحديث عن القيد عبثا ومحض شقشقة لسان.

الآن قل لي: أي حرية هي تلك المتاحة لي في مواجهة الموت ؟

رابعا: هذا الموت، موتي أنا، الذي بقدر ما هو حتمي لا أملك شيئا حياله، حتى ولا مجرد العلم بجانب من أسراره، أليس مروعا أن كل ما في سجلات البشر عنه منذ حط رجل الكهف رسومه الأولى لا علاقة له بي؟

كيف ؟

دعنا نتأمل الأمر بقليل من الروية، إننا نحن غمار الناس، نحن ملح الأرض، نحن الرجال الذين يأكلون خبزهم بعرق جبينهم، والنساء اللاتي تلدن بالألأم، الذين لا ينتمي نسبنا الى السماء ولا رفعتنا اليها ثروتنا، الذين نمضي تحت شموس الدنيا، عارقين في كدنا، ليحيا أبناؤنا حياة خيرا مما قدر لنا، لا علاقة بيننا، على الاطلاق، وبين كل ما راكمته البشرية في سجلاتها حيال الموت.

ربما ليس من قبيل التعسف القس ل بأن ما في هذه السجلات، حيال الموت، ينتمي الى طموحات الملوك والنبلاء أو جمجمات الكهنة، أو انفعالات الفنانين أو تجارب العلماء.

ولكن ماذا عنا؟ ماذا عن هذه الجموع الهائلة التي تعمر الأرض وأقصى طموحها لقمة عيش للصغار؟ ماذا عن مخاوفنا؟ ماذا عن أحلامنا؟

تأمل معي قليلا. لقد كانت نصوص كتاب الموتى نصوصا مأتمية سطرتها أقلام الكهنة في إطار طقوس هي أقرب الى الأسرار، التي شكلت جزءا من امتيازات الفراعنة والنبلاء منذ أقدم العصور

الأمر عينه ينطبق على النصوص السنسكريتية العتيقة، على نصوص حضارات الدنيا من بلاد الأزتيك الى الصين مرورا بكل الحضارات النهرية وغيرها.

ربما لهذا، بالضبط، خرج نجار فقير من بيت لحم ليقدم لنا، نحن الفقراء الضائعين في عالم استحال غابة للباطشين، بشارته وعظته على الجبل.

ربما لهذا، بالضبط خرج راع فقير ابن إمرأة كانت تأكل القديد في مكة، ليحدث عن الموت والحياة، أناسا أنف سادة قريش من مجرد الجلوس معهم، لكن الله أراد أن يجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين فكانوا كذلك. وكانوا هم الذين نقلوا لنا كلمات المصطفى (ص)، التي تأخذ بمجامع القلب وتمس النفس، حيث يقول: "إن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له، إذا انصرفوا عنه".

فتأمل !

خامسا: الموت الذي تحدد على هذا النحو حقيقة رهيبة الى حد أنها يمكن أن تبطش بالحياة وتحيلها عدما، ما لم تكن هناك قوى مضادة، في صميم الحياة الإنسانية نفسها، وفي قرارة الوعي الإنساني ذاته، تجتذبنا الى مشاعر السكينة وتتيح تجاور الحياة والموت على هذا النحو العجائبي.

وأحسب أن المرء لا يتعين عليه، أن يرحل طويلا في الأرض، ولا أن يتأمل طويلا في تاريخ البشر، لكي يدرك هذه الحقيقة البسيطة.

دعنا نتوقف قليلا في الطابق الأرضي من متحف قبرص، على بعد مرمى حجر مما يسمى بالخط الأخضر، الفاصل في قلب نيقوسيا بين شطريها، ولنتأمل القبر الأول، الذي يعد من أقدم القبور التي عثر عليها في المواقع الأثرية في "جزيرة أفروديت".

نظرة واحدة ستضعنا وجها لوجه أمام الأمرين معا، الطابع الرهيب للموت، وذاك الاستدعاء الإنساني المدهش للسكينة في مواجهته.

إن القبر ليس إلا جزءا لا يتجزأ من قلب إحدى الدور السكينة، لم يعثر عليه الباحثون في البرية، في العراء ولا في ساحة أمام تجمع سكني، ولا في فناء دار أو باحته. وإنما في قلب الدار ذاتها، وفي الوقت نفسه وجد الجثمان المدفون فيه وقد وضع حجر كبير على صدر الجثة !

ما الذي يعنيه هذا؟

إن الموت هذا المجهول المطلق والرهيب، سيدفع أهل الميت الذي لفظ نفسه الأخير ربما قبل الميلاد بخمسة آلاف عام، الى وضع حجر على صدره، لدى دفنه تحسبا لإمكانية انبعاثه وتحوله الى قوة مجهولة مطلقة السراح قد تقترن بالشر ولكن شعورا مدهشا بالسكينة سيدفع أهل الميت الى دفنه في أرضية الدار، معهم، تماما كما كان يعيش بينهم، قبل هموده الغامض والغريب والملتبس، قبل موته.

وعند سفوح الهيمالايا قد يتاح لك أن تصغي الى تلك القصائد القصيرة المترعة بروح الرثاء وهي تلقى على نحو مفعم مع رحيل الميت الى مثواه الأخير، وستصغى الى طقس صب الماء مع ترديد أصوات الأجراس الفضية الصغيرة، وكأن هذا كلا يستهدف بعث السكينة في الروح الراحلة وفي أعماق من بقوا ومضوا يلوحون لها تلويحة الوداع.

ولكن هذا الطقس لن يتم قبل أن يتجمد الدم في عروقك مع دوي نفير هائل، كأنه إعلان بحضور قوى الموت الغامضة والملتبسة والباطشة أيضا.

فهل البوق إعلان برهبة الموت والأجراس وخرير الماء اعلان بالسكينة في مواجهته ؟

لا أحد سيقول لك ربما لأن ما من أحد يعرف جلية الأمر، على وجه اليقين.

أنت الحائر _مثلي _الذي ستمني في الدنيا باحثا عن إجابات لأسئلة تعذبك لتجد نفسك في سنوات الرماد مثقلا بمزيد من علامات الاستفهام ربما تقف معي في متحف اللوفر وسط القاعات العتيدة التي تضم الآثار الفرعونية، لتتجمد أمام نص لا تزيد ترجمته عن هذه الكلمات "ملعون أنت، حرمت عيوننا نظرة الصفاء".

هذا النص ليس إلا لعنة يضمها قبر يعود تاريخه الى حوالي سبعة آلاف عام، وهو موجه الى لصوص المقابر.

ما الذي نحن حياله ؟

لقد افترض كاتب هذا النص أنه سيحيا بعد الموت، وأن عينيه ستعرفان في تلك الحياة الأخرى نظرة الصفاء، وأنه لن يسلبه إياها إلا لصوص المقابر الذين يهتكون أسراره ويفضون مغاليق لقائه مع الموت. إنها السكينة في رحاب تلك الحياة الأخرى، ولكن الموت الرهيب يملك أسراره التي قد ينقلب كل شي ء في ظلها الى النقيض، إذا ما تلاعب لصوص المقابر بتكامل معادلة السكينة - الرهبة هذه.

ويوسعنا أن نمضي في الأمثلة الى ما لا نهاية ولكن كلمة الصدق هي التي تتوج حديثنا (خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا، وهو العزيز الغفور)(الملك: 2) فالحق تعالى قدم الموت على الحياة تنبيها الى أنه يتوصل به الى الحياة الحقيقية وعد الموت نعمة أنعم بها على عباده: (كيف تكفرون بالله وكنتم أصواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون ) (البقرة: 2.

إنها الرهبة، إذن، تشف عن انسانيتنا، لكنها تفسح المجال لأفق لا ينتهي من السكينة في رحاب النعمة الأسمى والأعظم.

سادسا: الموت، في جوهره "حد" أو "نهاية"، ولكنه في الوقت نفسه حد يمض بنا وراء كل الحدود، ونهاية تقودنا الى ما وراء كل النهايات.

والمأساة الحقيقية هنا هي أننا بدلا من أن نتأمل الموت ونفهمه بمعناه الصحيح، أي من حيث ارتباطه بالحياة، فإن المكتبة العربية تعرف دفقا مروعا من الكتب التي تدور حول القبر، وعذابه، ومخاوفه، وبالتالي فإنه في غمار هذا كله يغيب البحث والنظر الجاد في الحياة والموت على السواء.

لقد كان زمّل هو الذي قال "إن الحياة تقتني بطبيعتها الموت بحسبانه هذا الشيء الآخر الذي بالنسبة اليه تصير شيئا والذي بدونه لن يكون لهذا الشيء معناه وصورته ".

هذا القول الذي يندرج في صميم المذهب الحيوي، يصب في أن الحياة تقتني الموت، وما هو حي هو وحده الذي يموت، وما الموت إلا حد للحياة، هو الصورة التي تلبسها الحياة وتحطمها من بعد، وهي صورة لا توجد في اللحظة الأخيرة فحسب، وإنما في كل لحظة من لحظات الحياة.

وربما كان هذا الفهم، أو بالأحرى الحرص على تملك ناصيته، وإيضاحه، هو الذي يبرر وجود هذه الصفحات بين يدي القاريء، فالإدراك الأفضل والأكثر عمقا للموت هو نفسه، يقينا، من أهم المداخل الى الحياة أكثر امتلاء، وخصبا، وعطاء.

وقد كان من الطبيعي أن ينعكس إدراك الإنسان لأبعاد مشكلة الموت منذ وقت بعيد، في تعبيره عن مشاعره حيال هذه المشكلة، ويبدو ذلك كأوضح ما يكون في !لأساطير والملاحم، والتراجيديات الإغريقية، ومسرح النو الياباني، والجداريات الكنسية وشعر الشعراء منذ أقدم العصور وصولا الى قصائد المنعطف الرابع للقرن العشرين.

لكنني أزعم أن التعبير عن مشكلة الموت في الفن لا يحلق الى قمة شموخه إلا في الموسيقى الكلاسيكية، وإن من أهم الأعمال في هذا الإطار، وأكثرها جدارة بالاهتمام والتحليل والتذوق متتالية موديست بتروفيتش موسورسكي "أغنيات الموت ورقصاته ".

هنا قد يبادر الى الإعتراض على الفور من يقول متسائلا:

أ - من الذي قال إن الموسيقى الكلاسيكية هي التعبير الفني الأكثر سموا وتألقا وتحليقا عن المشاعر الإنسانية في مواجهة مشكلة الموت ؟

ب - من الذي قال إنه حتى في إطار الموسيقى الكلاسيكية تعتبر متتالية موسورسكي من الأعمال الجديرة بالاهتمام والتحليل والتذوق على نحو يفوق غيرها من أعمال عمالقة الموسيقى الكلاسيكية؟

في مواجهة الاعتراض - التساؤل الأول - سأبادر، على الفور، الى التسليم بأنه لا حصر للتعبيرات الفنية الإنسانية البالغة الرقي عن المشاعر الإنسانية في مواجهة الموت.

ولست أملك إلا التوقف طويلا أمام الفكر الأسطوري، في تعامله مع هذا اللقاء، الصدام بين الحياة والموت، وانني على تمام اليقين من أن الملايين من الناس جيلا، وراء جيل قد توقفوا أمام الموت في أسطورة إيزيس وأوزوريس، وفي أساطير العالم شرقا وغربا.

وشأن الكثيرين أيضا فإنني لا أملك الوقوف طويلا عند مشاعر جلجامش، وهو يرى صديقا، انكيدو يسقط في قبضة الموت، فلا يملك إلا أن يقع بدوره في هاوية الحزن، وينطلق، رعبا من الموت، يبحث عن الخلود، ويوضح لنا موقفه، إذ يقول: لقد أفزعني الموت حتى همت على وجهي إذا مت أفلا يكون مصيري مثل انكيدو؟

والى أتونا بشتيم أخذت طريقي وحثثت الخطي لأسأله عن لغز الحياة والموت.

والمرد لا يمكن إلا أن يتوقف طويلا عند هوميروس، وهو يجعل ظل أخيل يهتف، ضارعا:

"أناشدك، يا أوديسيوس الشهير، الا تتحدث برفق عن الموت، فلان تعيش على الارض عبدا لآخر خير من أن تحكم كملك لا ينازعه السلطان أحد في مملكة الاشباح اللاجسدية ".

ولا يمكن إلا أن يجتذب اهتمامنا، بقدر نفسه، موقف عمالقة التراجيديا الاغريقية من الموت، وقد كان يوربيديس هو الذي اختزل هذا الموقف، في إيجاز واقتدار، بقوله: "ليس هناك ما هو أكثر عذوبة من رؤية نور الشمس" وكذلك قوله: "عندما يدنو الموت لا يعود أحد يرغب في الهلاك، ولا تغدو الشيخوخة عبثا" ومن ذد الذي يستطيع نسيان كلمات سوفوكليس الخالدة: "من بين العجائب العظمي جميعا ليس هناك ما هو أعظم من الإنسان... الموت وحده هو الذي لا يجد الإنسان شفاء له"؟

والمرء يتوقف طويلا عند مسرحيات النو اليابانية الرائعة وخاصة تلك التي كتبها زيا مي، الدراماتورجي الياباني العظيم قبل قرون حيث نلتقي بتلك المقاطع التي يرثي البطل نفسه فيها، وقد اتخذ صورة هامشية، بعد أن أطاح به الموت من علياء البطولة والمجد، ليسقط في وهدة الظلال الشبحية المترعة بالآلام.

ولكن مع التسليم بهذا كله، ومع الاقرار بشموخ التعبير عن الموت في العديد من الأعمال الفنية الكبرى، ليست أقلها شأنا مسرح شكسبير، فإنه لابد كذلك من التسليم بأن الموسيقى الكلاسيكية تنفرد بالطابع الكلي في تعبيرها عن الموت كظاهرة كلية.

فالموسيقي الكلاسيكية تملك عبقرية الانتقال من الجوانب الجزئية، المتعلقة بالألم في مواجهة الموت، لتجسد الحيرة والضياع والتخبط الإنساني، حيال هذا العدم الهائل والنهائي والمخيف والمتشح بالغموض، هذا الانقطاع النهائي الذي لا يدري أحد حتى مجرد وجود استمرارية بعده، دع جانبا أي نوع من الاستمرارية هي.

إذا انتقلنا الى الاعتراض الثاني، المتعلق بالاهتمام بمتتالية موسورسكي، فإنني سأبادر على الفور أيضا الى التسليم بوجود أعمال رائعة في إطار الموسيقى الكلاسيكية، تتعلق بمفهوم الموت، وأخص منها بالذكر تعبير فيردي الرائع في أوبرا "عطيل" وكذلك في أوبرا "عايدة" والذروة الرائعة التي يحلق اليها موتسارت في "الريكويم" بالاضافة الى أعمال كنسية لا حصر لها.

لكن جدارة "أغنيات الموت ورقصاته" بالاهتمام والتوقف عندها طويلا، والاعلاء من شأنها، وتذوقها وفهم أسرار جمالياتها تضرب جذورها في العديد من الجوانب أبرزها، بعيدا عن الجوانب الفنية المتخصصة، بعدان محددان:

1- طبيعة الموقف الإنساني من الموت الذي اتخذه موسورسكي وتعبيره بجلاء عن هذا الموقف في متتالية "أغنيات الموت ورقصاته ".

2 - ألتأثير الكبير الذي تركته هذه المتتالية في نفوس العديد من كبار المبدعين الموسيقيين على نحو يعكس اختلالا بين العمل نفسه، الذي لا تتجاوز مدة أدائه ثلث الساعة، وبين تأثيره الهائل في الابداع الموسيقي العالمي، وهو أمر ينطبق، إن شئت الدقة على موسيقى موسورسكي بأسرها.

ما الذي نعنيه بهذا؟

لست أريد الإطالة على القاريء أكثر مما فعلته حتى الآن ولكنني أعتقد أنه لابد من الإشارة الى أن معظم الأعمال الموسيقية الكلاسيكية التي تناولت ظاهرة الموت تنقسم الى قسمين محددين:

أ - الغالبية العظمي بما فيها "ريكويم" موتسارت الخالدة نفسها، تنطلق من مفهوم أساسي واضح وصريح ومحدد، هو التصالح مع الموت بشكل مطلق، تنطلق من الوصول الى نوع من السكينة الروحية، الى لون من التسليم بالموت، باعتباره مصافحة ولقاء أقرب الى عناق الأصدقاء.

ب - الأقلية التي تتمثل في أبرز نماذجها في سيمفونية ديمتري شوستاكوفيتش ترفض هذا الموقف رفضا تاما، وتتصور الموت حاصدا كبيرا يجز الأعناق جزأ، ويحصد الأرواح بلا رحمة، وترى أنه من المستحيل التصالح مع هذا الحاصد الكبير.

وف مواجهة هذين النقيضين في التعامل مع ظاهرة الموت يتبنى موسورسكي موقفا لا يمكن إلا أن يوصف حقا بأنه "إنساني، إنساني جدا" كما يعبر نيتشه.

كيف ؟

إنه ينظر الى الموت في ضوء الجانبين اللذين سبق أن أكدنا عليهما في الاقتراب من الموت: الرهبة منه والسكينة حياله.

ففي القصائد التي تنطلق منها المتتالية، التي كتبها أرسني جولينشتتشيف كوتوزف، صديق موسورسكي، يتم تصوير الموت في تجليات شتى، فهو في القصيدة الأولى "هدهدة" يتبدى لنا رقيقا، رهيفا، ناعما، وحانيا إذ يشكل الراحة الأخيرة لطفل يعاني من المرض، حتى ليوشك أن يكون أرحم بالصفير المعذب من أمه، وهو في القصيدة الثانية "سرينادا" سيتجلى لنا فارسا نبيلا يسعى الى عروسه، ثم هو ذا في "رقصة التريباك" يراقص الفلاح السكير فوق الجليد الموحش، لكنه في نهاية المطاف يتبدى لنا في قصيدة "القائد" عملاقا شامخا ينتصب في الميدان، ميدان المعركة، ليحصى غنائمه من البشر التي غدت ملكه من الآن والى الأبد.

والمدهش حقا أن كلا التيارين الموسيقيين في التعامل مع ظاهرة الموت لا يتردد في القول بأن موسيقى موسورسكي تصب لصالحه وتدعم رؤيته وتفسيره وموقفه.

إننا نعلم حماس ديبوسي وغيره من الموسيقيين العظام لموسيقى موسورسكي، ولكننا في الوقت نفسه سنجد شوستاكوفيش هو الذي يعد التوزيع الأوركسترالي لمتتالية موسورسكي في عام 1962، ويوضح لنا بجلاء أنه يسير في سيمفونيته الرابعة عشرة التي كرسها للموت، على خطي موسورسكي.

إن شوستا كوفيتش لا يتردد في كلمة ألقاها في تدريب في الهواء الطلق على السيمفونية الرابعة عشرة، وأدرجت في كتاب "ديمتري شرستا كوفيتش يتحدث عن نفسه وعن عصره والصادر في عام 1980 عن دار التقدم في موسكو، لا يتردد في القول عن سيمفونيته هذه:

"إنني أحذو حذو الموسيقار الرومي العظيم موسورسكي، الذي تعد متتاليته (أغنيات الموت رقصاته) وربما ليست المتتالية كلها وإنما دعنا نقل على الأقل مقطع (القائد) احتجاجا عظيما على الموت، وتذكيرا بأن على المرء أن يعيش حياته بشرف ونبل ورقي... ذلك أنه - ويا للحسرة - سيمر وقت طويل قبل أن يخترع علماؤنا الخلود، والموت ينتظرنا جميعا، ولست أرى شيئا طيبا في مثل هذه النهاية لحياتنا، وهذا ما حاولت أن أعبر عنه في عملي الجديد".

ورغم أهمية هذا المقتطف، فإنه في الحقيقة يقدم لنا قراءة شرستا كوفيتش لمتتالية موسورسكي، ولكنها يقينا ليست القراءة الوحيدة الممكنة.

وربما تفيدنا في هذا الصدد إشارة شوستاكوفيتش الى مقطع "القائد" في المتتالية، فهو أقرب الى روح السيمفونية الرابعة عشرة،وتحنه مجرد جزء واحد من رؤية موسورسكي للموت، وهي رؤية لا شك في اتسامها بالرحابة والاقتراب بدرجة أكبر من جوهر المشاعر الإنسانية في مواجهة الموت: الرهبة التي تملأ الأفق، والسكينة التي هي المدخل الى التصالح.

ترى أكان من قبيل الصدفة أن هيجل يعلمنا أن الموت هو تصالح الروح مع ذاتها؟

ومن المؤكد أن هذه الرؤية الرحبة للموت تعكس ما كان عليه حال موسورسكي، لدى انجازه للمتتالية، فتلك هي المرحلة التي أعقبت نجاح عمله الأوبرالي الشهير "بوريس جور ونوف" ودخوله رغم هذا النجاح، في نفق من العزلة المريرة.

إنه أحد الخمسة الكبار في عالم الموسيقى القومية الروسية، ولكنه على المستوى الإنساني سيعيش على الذكرى الباقية من ابنة عمه التي أحبها وماتت في ريعان شبابها - ترى هل هي العروس التي جاء النبيل ليصحبها في المتتالية.ولهذا لم يتزوج أبدا، وأقام عقب وفاة أمه في العام 1865 مع أخيه ثم مع نيكولاي ويمسكي كورساكوف حتى العام 1872 حين تزوج صديقه، وتركه لوحدة مريرة لم يخففها إلا الانشغال في إنجاز أوبراه التي أكملها كورساكوف بعد وفاته، والمعروفة باسم "خوفانشيشتا".

وبعد شهور طويلة من العزلة، وجد ما يخفف عنه مشاعر الوحدة في قريب من أقربائه البعيدين هو كوتزوف، الذي استلهم موسورسكي من قصائده متتالية "أغنيات الموت ورقصاته" و "متتالية "الغسق ". ومن الطبيعي أنه في تلك الفترة كان ظل الموت الطويل يرتمي على حياة المبدع الروسي الكبير، دون أن يدري أنه هو نفسه لم يبق له من العمر إلا سبع سنوات فحسب. فقد راح منجل الموت يحصد أصدقاءه واحدا وراء الآخر، بداية بالرسام فيكتور جارتمان الذي ألهم موسورسكي عمله الشهير "لوحات من المعرض" الذي أنجز توزيعه الأوركسترالي الموسيقار الفرنسي موريس رافيل في العام 1922.

ويكفي لكي نطل على مشاعر موسورسكي في هذه المرحلة أن نتذكر أنه كتب في أغسطس 1875 الى صديقه الناقد الكبير فلاديمير ستا سوف يقول: "لقد حمل صديقنا أرسني مفتاح البيت معه الى الريف، ولم أستطع الدخول، لذا مضيت الى الاقامة مع صديقي الموقر نوموف الذي أنهيت لتوي في داره الفصل الأول من (خوفانشيشنا)".

وفي حقيقة الأمر أن أرسني لم يحمل المفتاح معه، وإنما صاحبة البيت وضعت حقيبة موسورسكي المغلقة على الدرج، وأغلقت الباب لتبقيه في الراء.

كانت تلك هي بداية الأنحدار الوئيد الموجع نحو الموت الذي انطلق فيه موسورسكي، وسط عزلة تامة زاد من إيلامها التجاهل التام من أصدقائه ومن وبينهم الموسيقار بالاكرييف، الذين عاملوه باعتباره منبوذا لا يقترب منه أحد. ومع ذلك فإن موسورسكي تشبث بالحياة ليقدم الأوبرا التي تركها دون أن يتمها،والمعروفة باسم "مهرجان سوروشنتسي" والتي استلهمها من إحدى قصص جو جول.

وتوهجت الإضاءة الأخيرة في حياة موسورسكي مع قيامه بجولة في جنوبي روسيا والقرمز كعازف مصاحب لغناء داريا ليونوف، ثم عمل في تدريس الموسيقى في مدرسة صغيرة في سانت بطرسبرج.

وفي 24 فبراير 1881 تعرض موسورسكي لثلاث أزمات قلبية، فنقله أصدقاؤه الى المستشفى حيث تحسنت صحته قليلا، بحيث أتيح للرسام الروسي إليا ريبين أن يرسم صورته التي نعرفه بها اليوم.

وفي 28 مارس سمعت الممرضة التي ترعاه صيحته الأخيرة "انتهى كل شيء.. كم أنا تعس !"

ولكن الموسيقار، الذي يعزينا بموسيقى في مواجهة الموت، قد حمل لنا العزاء عن المشهد المروع الأخير في حياته، حيث تشير السجلات الى أن معاناته الأخيرة على فراش الموت لم تدم إلا خمس عشرة دقيقة.

ربما كانت القيمة الحقيقية لنتاج موسورسكي، القليل نسبيا بمعايير عصره، وأيضا قيمة "أغنيات الموت ورقصاته" تكمن في أنه ألهم العديد من المبدعين الموسيقيين من بعده، ومن وحي أغنيا ته الستين استلهم الكثيرون مشاعر فياضة متدفقة بالوهج عن الحياة الروسية.

ولعله ليس من الغريب أن ديبوسي وجد في موسيقى موسورسكي أحد المداخل الى تجاوز الطريق المغلق الذي وصلت اليه الموسيقى الكلاسيكية مع فاجنر.

ولئن قدر لهذه الترجمة التي سيجدها القاريء العربي عبر السطور التالية لـ "أغنيات الموت ورقصاته" أن تحمل العزاء لقاريء واحد، وأن تساعد عاشقا واحدا للموسيقى الكلاسيكية على تذوق متتالية موسورسكي، فإن ذلك سيكون خير مكافأة لي على ما تكبدته من عناء، ولئن وجد القاريء في ترجمتي تقصيرا، أو لم ترض ذوقه، فإني أرجو أن يغفر لي هذا التقصير، وأن يتذكر ماقلته دائما وأحسب أنني سأظل أقوله حتى نهاية العمر، وهوان المكافأة الحقيقية لأي مترجم هي الا يكال له اللوم.

الآن هل نمضي الى موعدنا مع "أغنيات الموت، ورقصاته" لنحاول أن نتابع ما نسعي الى اجتراحه ؟

هدهدة

طفل يثن، شمعة تذوي

تلقى خفقة نور كابية حولها

طوال الليل، فيما الأم تهز المهد،

لم يعرف النعاس طريقا الى جفنيها.

مع إطلالة الصباح يطرق الموت الرحيم

الباب برفق بالغ

ترتجف الأم فرقا، وفي هلع ترنو..

"لا تخافي، يا عزيزتي!"

ينسل نور الصباح الشاحب الآن من خلل النافذة

في غمار البكاء، الحنين، الحب

أرهقت نفسك حتى التلاشي، الآن هوني عليك

فإني سأجلس، هاهنا الى جواره !

ما استطعت الى تهدئة الطفل المسكين سبيلا،

سأغني له بصوت يتجاوزك عذوبة.

"هوذا طفلي يتململ، يتقلب قلقا.

يعتصر الحزن فؤادي لمرآه على هذا النحو."

"هلمي الآن، سرعان ما يصغى الي.

هون عليك، يا وليدي، يا طفلي أنا !"

"الشحوب يكسو خديه الحبيبين، أنفاسه تتقطع..

صمتا الآن، أتوسل اليك !

تلك بشرى خير فسرعان ما ينتهي عذابه

هون عليك، يا وليدي، ياطفلي أنا!"

"إمض بعيدا، ملعون أنت ! تربيتاتك

ستطيح ببهجة فؤادي"

"لا، سأسدل السلام على الوليد.

هون عليك، يا وليدي، يا طفلي أنا!"

"رحماك، انتظر، ولو للحظة واحدة

قبل أن تنهي أغنيتك الراعبة تلك".

"أنظري الآن، هوذا يغفو على وقع الغناء العذب

هون عليك، يا وليدي، ياطفلي أنا!".

سرينادا
الوهن السحري، زرقة الليل،

غسق الربيع المرتجف..

تصفى المريضة، رافعة رأسها،

لهمس كلمات الليل المتشحة صمتا.



عيناها النجلاوان، المتقدتان، مغمضتان في إغفاءه

الحياة تدعوها، مازالت الى مباهجها.

رغم ذلك فتحت نافذتها، وفي صمت منتصف الليل،

ينشد الليل سريناداه الرقيقة.

في وحشة السجن المعتمة، الضارية، المكبلة نصيحتها

سيذوي شبابك توا

لكنني، فارسك الذي لا اسم له، وبقرتي الرائعة

سأحررك.

انهضي، تأملي نفسك ! ياللجمال

الذي يتوهج به محياك !

وجنتاك يكسوهما الورد، وفرعك المتموج

ينسدل نقابا لكيانك مثلما سحابة

ألق عينيك الأزرق البالغ التوهج
أشد بريقا من السماء أو النار...

ممتزجة بدفء الظهيره، تتناهى الى أنفاسك

إني مفتون بك يا حبيبتي

أسرت سريناداي العذبة أذنك

كلماتك المهمومة استدعت فارسك

فارسك جاء لينال جائز ته الأخيرة:

فاقد دنت ساعة النشوة.

بديع هو بدنك، وتبعث النشوة رجفتك

آه، لسوف أضمك، يا حبيبتي!

في عناق حميم، وال غمار حبي

عودي... أسكني.. فانت لي !

رقصة التريباك

في الغابة والمروج لا يلوح أحد للعيان

هوذا رفيف العاصفة الجليدية وعويلها..

كأنما في عماء الليل

يدفن الجليد الضاري رجلا مسكينا.

أنظر! هو ذا في الظلمة

فلاح يعانقه الموت مربتا

الموت يراقص سكيرا رقصة التريباك

ويهمس له بأغنية عذبة.

"أيها الفلاح المسكين، أنت أيها العجوز التعس ! ساقك الخمار الى الترنح وضاع منك الطريق، لكن العاصفة الجليدية، مثلما ساحرة، نهضت وعابثتك وتصادف أنها دفعتك من المروج الى الغابة الكثيفة. شفك اللغوب عبر الأسي والحزن والعوز، فارقد، ولتعمك الراحة، ويغمرك النعاس، يا صديقي! ولسوف أدفئك، يا عزيزي، بكساء من جليد. وحولك سأشرع في مطاردة بديعة ".

هدهد الفراش، أيها الجليد الذي يشبه التم، أنت هناك ! ابدأ! استهل الأغنية، أيها الطقس الضاري! أغنية تدوم طوال الليل،

حتى ينزلق هذا السكير الى رحاب النوم على إيقاعاتها. آه، أنت، ايتها الغابات، السماوات، السحب، أيها الظلام، النسيم، الجليد العاتي، أدر جوه في كفن من أرق الثلوج ولسوف أحمي العجوز في طياته مثلما طفل وليد.

أرقد، يا صديقي، يا فلاحي، موغلا في السعادة ! ها قد حل الصيف، وعم الازدهار كل شي ء! وعبر حقول الذرة تبتسم الشمس، وتتقافز المناجل،

تعلو الأغنية، وتحلق الحمامات عاليا!

القائد

ترعد المعركة، تلتمع الدروع،

تهدر مدافع البرونز،

تهاجم الفيالق، تندفع الجياد،

وتتدفق أنهار الدم القانية.

تتقد الظهيرة ضارية، يواصل الناس الاقتتال ! وعندما تغوص الشمس خفيضة في الأفق تزداد المعركة ضراوة !

يلتف المغيب بالشحوب، غير أن الجيوش توالي القتال

بمزيد من الضراوة، ما تزال، والوحشية !

يتهاوى الليل على ميدان ا لمعركة،

وفي العماء تتفوق الفيالق،

يعم السكون، وفي ظلام الليل

تتعال الأنات الى عنان السماء

عندئذ، وفي سنا البدر،

وعلى متن جواده،

فيما تتألق عظامه الشهباء، في الضوء الشاحب،

يقبل شبح الموت، وفي غمار السكون

تتناهى الى سمعه الأنات والابتهالات

يتيه فخرا ورضا،

وشأن قائد للمحاربين يدور

حول ميدان المعركة

يصعد تلا، يتطلع حوله،

يتوقف، تتلاعب على شفتيه ابتسامة..

وفوق سهل المعركة

يسمع صوت القدر:

"انتهى القتال ! وقهرت الجميع استسلمتم لي، أيها المحاربون جميعا!

فجرت الحياة الصراع بينكم، لكنني لملمتكم في رحاب السلام،

انهضوا في مودة لتصغوا لنداء الموت !

امضوا رتلا مهيبا جميعكم، أمامي،

فإنني أود أن أسجل عدد قواتي،

ثم بوسعكم، عقب ذلك، أن تمددوا عظامكم في الأرض،

في حنو، لترتاح من عنت الحياة على الأرض ".

سينقضي العام إثر الآخر دونما اكتراث بكم،

وبين البشر لن يبقى لكم ذكر،

لكنني لن أنسى وفوق عظامكم هاهنا

سأقيم مأدبة صاخبة في انتصاف الليل.

وفي خطو الرقص الثقيل، على الأرض الرطبة،

سأدهس، حتى لا تهرب من ظلال القبر

أبدا، أبدا عظامكم،

ولن تنهضوا من الأرض ثانية قط !

-مجلة نزوى -العدد الرابع
--------------------------------------------------------------------------------

Post: #489
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2006, 04:30 PM
Parent: #488

فاتني ان اقول في معرض الكلام حول "لعب" درويش على الحروف,
أن أذكر أن درويش في :
طوق الحمامة الدمشقي
وظف بعضا من حروف الابجدية ابتداء من الألف وانتهاء بالكاف

-راجع سرير الغريبة-
الاعمال الكاملة ص ص 700-6

المشاء

Post: #490
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2006, 05:15 PM
Parent: #489

أجراس الموت والميلاد
قراءة في قصيدة "الموت والنهر للسياب"

سعيد الغانمي(كاتب من العراق)


--------------------------------------------------------------------------------


كيف تعامل النقد العربي مع السياب ؟

لقد قرأنا سيرة السياب، وتتبعنا معاناته النفسية شابا وكهلا، قرأنا الكتب التي قرأها السياب، والكتب التي لم يقرأها، دنا قوائم بمن تأثر بهم، ومن لم يتأثر لاحظنا أوجه الشبه بين إليوت وسيتوبل وأوجه الاختلاف عن غيرهما، سنا كل صغيرة وكبيرة في حياة السياب واعترافاته راضه، حتى تمكن النقد أخيرا من اكتشاف علاج المرض. مات به السياب. فماذا كانت النتيجة ؟

مثلما قسم النقد الفرنسي المفكر جان _ جاك روسو الى اثنين، هما "جان _ جاك » و "روسو» ووضع عب ء معاناة الانسان على كاهل المفكر، قسم النقد العربي السياب الى اثنين هما "بدر شاكر» الانسان و "السياب » الشاعر، وجعل ضعف الأول سجبا لإبداع الثاني. هكذا تم النظر الى السياب وكأنه حالة نفسية تتفجر شعرا،وكأن نقاده محللون نفسيون يتحول ضعفه النفسي مصدر قوة لهم.

من المؤكد أن السياب كان ثاني ثلاثة في أهم حركة تجديد عرفها الشعر العربي الحديث، وهي حركة الشعر الحر، التي يتنافس عليها ويشترك فيها السياب ونازك الملائكة والبياتي. ولقد انفرد شعر السياب بين هؤلاء ببعض الخصائص التي ستحاول هذه القراءة الوجيزة المرور بها، ثم تنصرف الى التحليل النص لقصيدة "النهر والموت “.

وفي الوقت الذي حصرت فيه نازك حركة الشعر الحر بوصفها "حركة تجديد عر وهي” في الأساس، كان السياب يرى أنها ثورة شاملة تمتد من أصفر الوحدات الشكلية حتى تطال طبيعة رؤية العالم، ولهذا لم يتردد في الجمع بين الرؤية اللأشعرية في خادمية الألفاظ للمعاني والاستعارات الحيوية في الرومانسية في قوله :"لابد لكل ثورة ناضجة أن تبدأ بالمضمون قبل الشكل، فالشكل تابع يخدم المضمون والجوهر الجديد هو الذي يبحث له عن شكل جديد، ويحطم الاطار القديم كما تحطم البذرة قشورها”. لقد صار بالإمكان الآن الاعلان عن ميلاد مفهوم جديد للقصيدة، قبل الآن كان هناك "شعر"، أي تتابع خطي من الأبيات الموزونة. أما الأن فقد صار بالامكان الحديث عن،" لقصيدة “ التي تتسم بالوحدة. وهذا ما شخصه السياب نفسه قائلا :" لقد أصبح الشاعر الحديث يطمح الى أن يجعل القصيدة وحدة متماسكة الأجزاء بحيث لو أخرت وقدمت في ترتيب أبياتها لاختلت القصيدة كلها. أو فقدت جزءا كبيرا من تأثيرها على الأقل. فهل يسمح الشاعر الحديث للقافية الموحدة بأن تكون حجر عثرة في سبيله هذا؟”

حين نفحص فكرة«القصيدة “ باعتبارها كيانا عضويا متماسكا يختلف عن الشعر الذي هو تتابع أبيات تقبل التقديم والتأخير، تظهر لنا فكرة ضمنية أخرى وهي "النص “. فالقصيدة منذ الآن كيان نمي متداخل المستويات. ومن طبيعة الكيان النصي أنه لا يكتمل الا بمخاطبة قاريء فاعل مشارك في انتاجه من ناحية، وامكان تحليله من ناحية أخرى الى مستويين هما المستوى الصوتي الذي يعتمد وسائل التنميط الصوتي التي تخاطب الأذن، كالجناس والتورية والوزن والايقاع والقافية.. الخ، والمستوى الدلالي الذي يعتمد وسائل التنميط الدلالية التي تخاطب الفكر كالاستعارة والكناية والمجاز المرسل والالتفات ووجهة النظر.... الخ، وكان السيأب يعرف تماما انه يجرب نقلة على مستوى وسائل التنميط الصوتي في الشعر العربي بتحرير القافية واطلاق عدد التفعيلات، ولكنه في الوقت نفسه كان يدرك أن ما يقوم به أي عنصر في مستوى معين يؤدق بالضرورة الى تغيير المستوى الآخر، ولذلك فإن الوزن والقافية ليسا من الوسائل الصوتية وحسب، بل هما يؤديان خلسة وظيفة دلالية أيضا. ومن هنا يصر على اعتبارهما "حجر عثرة “ دون وحدة القصيدة.

كثيرا ما وصف السياب بالغنائية، وهذا وصف صحيح دون شك، لا لأنه يميل الى إبراز المقاطع الوزنية التلقائية في شعره ولمحا ولته المزج بين البخور ذات التفعيلة الواحدة والبخور متعددة التفاعيل فحسب، بل لأنه يهتم بايقاعية الكلمة المفردة في ذاتها ومن هنا تأتي تجاربه في تضعيف ما لا يضعف، وفي التكرار، الذي يوشك أن يجعل الكلمة "شيئا". ولعل أكثر مظاهر احتفال السياب بغنائية الكلمة المفردة يتوافر في تكراره للكلمات ذات البناء الرباعي المأخوذ عن الثنائي المكرر مثل (همهمة ) و(وسوسة ) و(وشوشة ) و(كركرة ) و(هسهسة ). وكذلك الكلمات ذات البناء الثلاثي المأخوذ عن الثنائي المكرر مثل (رنين ) و (أنين ) و(صليل ) و (دبيب ) و(حفيف ).. الخ وتشترك جميع هذه الكلمات في كونها تدخل فيما يسمى بكلمات المحاكاة الصوتية (Onomotapetic) أي الكلمات التي تعبر عن أصوات هي نفسها تقليد لأصوات الطبيعة. لا أعني أن اهتمام السياب بها يعود الى شعوره باشتراك هذه الكلمات في كونها تعبر تعبيرا طبيعيا عن أفكار، فقد تجاوز علم اللغة هذه النظريات منذ زمن غير قريب، وان يكن للشعر حيلة والتي تختلف عن طبيعة التناول اللغوي، بل أعني أنه يهتم بها لجرسها فقط. فهذه الكلمات تمثل أفكارا بشكلها وصوتها أكثر من معناها، أو الى جانبه، لأنها تعتمد على تكرار إيقاعي يسمح لها بأن تكون صدى صوتيا أو مرآة مسموعة.

غير أن هذا الاهتمام بالصوت يقابله اهتمام مماثل بالدلالة ووسائلها البلاغية، والتشبيه هو أحدى الوسائل الدلالية التي تتكرر في شعره، اذ لا تكاد تخلو قصيدة من قصائده من تشبيه. بل انه لا يتردد في إدراج عدد كبير من التشبيهات دفعة واحدة. ولو قارنا بين استعارات السياب وتشبيهاته لوجدنا طغيان التشبيه على الاستعارة. صحيح أن التشبيه يمثل وسيلة بلاغية بدائية قياسا بالاستعارة، لكن السياب يحاول أن يقدم تشبيهات مرنة ودقيقة، غالبا ما تتسم بصفة المتناهي في الصفر. وهذا ما يقلل من بدائية التشبيه ويضفي عليه شيئا من الطراوة. بل إنه أحيانا يسوغ صوره استنادا الى ما يمكن تسميته بـ"تشبيه التناظر” أو تشبيه شيشين بشيشين، وهو نموذج من التشبيه عرفته البلاغة العربية ومثلت عليه ببيت بشار الشهير:

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا

وأسيافنا ليل تتهاوى كواكبه

وبيت المعري :

ليلتي هذه عروس من الزنج عليها قلاثد من جمان

لقد شبه بشار كثافة الغبار والتماع السيوف من خلاله بليل تتساقط فيه الكواكب، وشبه المعري الليلة المظلمة ذات النجوم المنتظمة بعروس زنجية عليها قلادة لامعة. وفي الحالتين يظل التشبيه تشبيه شيئين بشيئين،كل منهما متناه في الكبر ولو قارنا هذين البيتين بقول السياب :

مثلما تنفض الريح ذر الغبار

عن جناح الفراشة مات النهار

لوجدنا أن السياب يعمد أيضا الى تشبيه شيئين بشيئين، لكنه يقدم لنا جملتين فعليتين : (تنفض الريح..) و (مات النهار) بسبب استخدام (مثلما) تتضمن جملة (مات النهار) استعارة سكنية لغياب الشمس. فكأن اختفاء شعاعات آخر النهار الذاهب في ظلام الليل القادم تساقط الألوان الزاهية عن جناح الفراشة في الريح. وهذا يعني أن التشبيه عنده يتميز بصفتين : الأولى الحركية الواضحة في استخدام الجملة الفعلية، والثانية : بروز عنصر المتناهي في الصغر (جناح الفراشة ). لقد استخدم السياب وسيلة قديمة بعد أن طوعها لحاجاته الأدبية الجديدة.

أما أبرز المظاهر الدلالية التي استحوذت على اهتمام نقاده، فهو استعماله للأساطير والرموز بطريقة أمثولية تسمح له بتحريكها زمانا ومكانا، دون أن تكون للرمز قيمة اسمية ثابتة.وهذا الاستعمال، فيما أرى، هو الذي ميز شعر السياب في تلك المرحلة من عمر الشعر العربي، بما يمكن لنا أن نسميه بـ "إبستيم الرومانسية العربية،، حيث تمكنت الأنا الشعرية من التحرر من الجماعة الى الفرد، فتحولت من "أنا جمعية " تتكلم باسم الجماعة وتعبر عنها، الى "أنا فردية " تريد أن تختزل تاريخ الجماعة، وربما الانسانية كلها،في ذات واحدة. هذا طبعا فضلا عن استثماره المقلوب للمرآة، كما بينا في مكان آخر، الذي توجد فيه المرآة في علاقة تناوبية مع الصورة المرآوية. اذا حضرت المرآة غابت الصورة المرآوية، واذا حضرت المرآوية غابت المرآة.

نعود الآن للتحليل الشي عصيدة "الموت والنهر".

بدءا من العنوان، نجد أننا في إزاء نوع من المقابلة المضمرة بالادماج، الموت لا يقابل النهر، فهو ليس نقيضه. نقيض النهر :هو الميلاد، ونقيض النهر: اليباس والجفاف. ولا ذكر للميلاد أو الجفاف في القصيدة. بل نجد، على العكس من الميلاد، تكرار مفردات الموت والموتى والدماء السائلة، وبدلا من الجفاف تتكرر مفردات الخضرة والشجرة والغصون والثمر. وهذا بالطبع عكس ما يحصل في "انشودة المطر" مثلا، حيث تظهر المقابلة صريحة بين الموت والميلاد:

دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف

والموت والميلاد والظلام والضياء

هنا نعرف أن في النقيض نزوعا لاستبعاد نقيضه. واذ يحن النقيض الى نقيضه في غالب الأحوال في اللفة العادية، تستبعد (النهر والموت ) عنصرين من طرفي المقابلة الأساسية. فالصورة في الأصل هي:

النهر # الجفاف

الميلاد# الموت

لقد تخلى العنوان عن طرفي المقابلة المتضادين، وأقام تناظرا ضمنيا مضمرا بإدماج النقيضين بما يقابلهما، فأدمج النهر بالميلاد والموت باليباس، ثم جعل المقابلة بين الموت والنهر، لذلك تخلت القصيدة تماما عن الميلاد والجفاف، فلم يظهرا فيها مطلقا.

بعد العنوان مباشرة يأتي الترقيم، قسم السياب القصيدة الى مقطعين. يتحدث المقطع الأول بضمير المتكلم عند طفل صفير كما سنرى، لكنه بلا رقم. ويتحدث المقطع الثاني بضمير الشخص نفسه بعد عشرين سنة، لكنه يحمل رقم - 2-. الترقيم لا يقرأ دون شك، بل يكتب، في طبعتي دار مجلة شعر، ودار العودة سقط الترقيم الأول. ولعله سقط سهوا لا يهم. ما يهم هو حضور الرقم – 2- وليس غياب الرقم -1- ان وظيفة الترقيم هنا أن تفرينا بوجود ثنائية بين مقطعين،مثلما في العنوان. وستسوقنا هذه الثنائية الى افتراض قيام القصيدة على الثنائيات لكنها ستهرب الثلاثيات خلسة مثلما تفعل قصيدته الأخرى "تعتيم ".

تبدأ القصيدة بنداء بويب "بويب.. بويب ". نهر منادى. لقد بدأ العنوان يدخل في نسيج القصيدة، فالنهر المقصود هو بويب. ولكن كيف عرفنا أن بويبا منادى هنا؟ الا يمكن أن يكون بويب مبتدأ خبره (أجراس برج) ؟ يمكن طبعا. لكن لو أننا انتبهنا الى جميع الصيغ الأخرى الواردة في القصيدة لعرفنا أنها جميعا وردت بصيغة (بويب.. يا بويب )، أي بإثبات يا النداء، حذف ياء النداء هنا يؤدي الى غموض إعرابي مقصود. ونحن قراء القصيدة، لا نعرف هل كلمة "بويب » منادى أم مبتدأ، وهذا يعني أننا لا نعرف هل الجملة التالية متصلة بها خبرا، أم منقطعة عنها.لكن تكرار (بويب يا بويب ) هو الذي يطمئننا انها منادى. فمن يناديه ؟ أهنأك شخص آخر أو قناع، أم شخص الشاعر نفسه ؟ بعبارة لسانية، هل هذا المفتتح مكتوب بالمونولوج أم بالمونولوج المروي؟ حين ننتهي من الأبيات الستة الأولى ترد عبارة «فيدلهم في دمي حنين »، وتتابع بعدها ضمائر المتكلم (دمي نهري، قبضتي.. الخ ). ويبدو أن المتكلم يلح على كلمة "أجراس » فيكررها ثلاث مرات في النص : "أجراس برج، أجراسا من الحنين، أجراس موتى». الأجراس : جمع جرس، وجمع جرس أي الصوت المتكرر الرقيق، وما يخرج منه الصوت.

ما علاقة بويب بالأجراس ؟

ان الصيغة الصوتية لبويب صيغة ذات بجرس، أي صوت يتكرر هو الباء الذي تبدأ وتنتهي به الكلمة. وكذلك الماء الذي تنضحه الجرار، والأثر الذي يحدثه في النفس. فثمة عدوى تكرار متواصلة في المقطع على المستوى الصوتي تشيع الجرس في مفاصل القصيدة. يتحول صوت الجرار الى أجراس من الحنين، ويتحول الحنين الى أجراس بللور ذائب، وتتحول أجراس البللور الى أنين يهتف : "بويب يا بويب »، التكرار ليس بناء صوتيا وحسب، بل هو بناء دلالي. وتكفي النظرة العامرة لمعرفة نسبة تكرار الجرس في الكلمات الثلاثية المأخوذة عن الثنائي المضعف، وهي في الغالب من كلمات المحاكاة الصوتية كما قلنا.

أسماء أفعال

بويب أود (6مرات )

قرارة أشد (مرتين )

الجرار أطل

انين يصل

حنين تظل

أسرة (سرير) احسن

التلال

ضفة (ضفاف )

الظلال

السلال

القرار

صليل

الحرير

السرر

الرنين

رصاصة

تحضر بنية التكرار الصوتي في التشبيهين الساذجين في القصيدة : "يا نهري الحزين كالمطر» و "ينضحهن العالم الحزين كالمطر». التشبيه في الحالتين تشبيه الماء بالماء، والسيولة بالسيولة. النهر كالمطر والعالم الناضح بالدهاء والدموع كالمطر. لكن التشبيه هنا لا يأتي لقياس عنصر بعنصر آخر، بل إن كلمة (مطر) لا تهتم اطلاقا بصورة المطر أو نوعه أو عنصره، بل تهتم بصوته.وهي ليست معنية بما يرسمه المطر من أشكال تخاطب العين. بل بما يقوله من أصوات وأجراس تخاطب الأذن، في المطر جرس وخرير وصوت تساقط. وهذا الجرس السمعي هو الذي يجعل المطر حزينا. واذ يطو هذا الخرير والجرس على كل ما في العالم من أصوات، يجعل النهر نفسه والعالم كله حزينين، برغم سيولتهما الظاهرة وربما بسببها.

من هنا يأتي التأكيد على أهمية حاسة السمع في القصيدة (وأسمع الحصى يصل منك في القرار). بل إن الرغبة في السمع تحول الحواس كلها الى أذن. وفي عبارة (وأرهف الضمير دوحة الى السحر ) يحول الشاعر عبارة (يرهف السمع ) الى (يرهف الضمير) في محاولة للاستماع بكل الحواس.

وتتيح لنا البنية السر دية _الأمثولية في قصائد السياب أن نجرب عليها بعض التقنيات السر دية المتمثلة بوجهة النظر على الخصوص. فغيما يتعلق بوجهة النظر على المستوى المكاني، تبدأ القصيدة بـ "برج ضاع في قرارة البحر". ونستطيع أن نفترض أنه برج بابلي قديم مما يسمى بالزقورة، أو الذكورة - كما يجب أن نقول - التي يذكر فيها اسم الله، وهو برج هبط الى قراءة البحر، أو باطن الأرض. فتحول العالي الى هابط ولعلى الفعل الماضي يعني أن البرج لم يضع الآن بل ضاع منذ زمن سحيق، حتى لم يبق منه سوى جرسه الذي يتكرر في جرس المياه في الجرار والمطر. هذا الولع بصور الارتفاع الذي يهبط يتكرر في قوله : «أود لو أطل من أسرة الظلال ». الإطلالة هي أصلا النظر من مكان مرتفع الى شيء خفيض. غير أن المتكلم يريد أن يطل ليلمح القمر. أفلا يكفيه - وهو على مرتفع التل. أن يرفع رأسه ليجد القمر فوقه مباشرة ؟ نعم لكن الشاعر ين د أن يؤكد ما تسميه السر ديات الحديثة بوجهة نظر عين الطائر، حيث يتم وصف الأشياء من الأعلى مما يسمح برؤية المشهد الكلي.

بعد صورة البرج يهبط الشاعر مباشرة ليقدم لنا صورة داخلية نسمع منها نبض دمه "فيدلهم في دمي حنين ". ثم يناوب الهبوط بصعود الى مرتفع التل، ثم بهبوط آخر يتمثل في الرغبة في معانقة الحصى في قرار النهر. هنا نكون بإزاء ما أسميه بـ "راوي حبل الوريد»، حيث الراوي يعانق الأشياء التي يردها ويسمع نبضها، فيكون أقرب اليها من حبل الوريد، أن التعاقب الذي نجده بعد هذين المقطعين في التساؤل عن السمك الساهر والنجوم التي تطعم آلاف الابر، هو تعبير عن الارتفاع من قرار النهر الى العلو الشاهق مرة أخرى، أي الارتفاع من وجهة نظر راوي حبل الوريد الى وجهة نظر عين الطائر، أما وجهة النظر على مستوى الزمان، فقد رأينا أن القصيدة تنقسم الى مقطعين يمثل كل منهما مشاعر المتكلم في فترة من حياته، الأول في صباه، والثاني بعد عشرين عاما، غير أن أحداث السنوات العشرين ليست سوى استذكار. فزمن القصيدة لا يستغرق أكثر من يوم واحد يتم فيه استرجاع ماض بعيد. وأول عنصر زمني يظهر من عناصر يوم القصيدة هو الغروب :

الماء في الجرار، والغروب فى الشجر

ثم يستولي الظلام الكامل على المشهد : "أود لو عدوت في الظلام »، مع حلول الظلام يستطيع الشاعر أن يرى القمر والنجوم بوضوح (فيتكرر ورودهما). وبعد التأمل في عشرين عاما من الحياة التي لا يتردد في أن يقيسها بالدهور، يطبق الظلام مرة أخرى فيستقر الشاعر في سريره، حتى يبدأ السحر بالانبلاج :

واليوم حين يطبق الظلام

واستقر في السرير دون أن أنام

وارهف الضمير دوحة الى السحر.

هناك اذن حركتان على مستوى وجهة النظر في المكان والزمان، حركة عمودية في المكان ما بين علو وهبوط، وارتفاع وانحدار، مثلما يتضح في الانتقال من وجهة نظر عين الطائر الى راوي حبل الوريد، أو العكس. وهي حركة يمكن تمثيلها بالشكل التالي :



وحركة أفقية مقابلة لها في الزمان، تبدأ بالتظاهر باسترجاع صور الخيال الطفلي المتمثل في العودة الى الصغر«الموت عالم غريب يفتن الصغار"، ثم الى استذكار الحاضر بعد عشرين سنة : "عشرون قد مضين كالدهور» وهي حركة تقسم القصيدة الى مقطعين. لكن هذه الثنائية الزمانية لا تتم إلا للتمويه على ثلاثية هي ثلاثية (الغروب - الليل - السحر) التي يتحرك ويشف كل منها عن وجهة نظر معينة : تعاقبية Diachronic وتزامني Synchronicوقيومية تتصف بشمول الزمن Panchronic.

في يوم القصيدة، هناك عنصر مازال غائبا، وهو الشمس فما من شمس في القصيدة. إن التغني بالشمس الذي كتب على تمثاله :

الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام

يختفي من "الموت والنهر». وهذا ما يجعل أفعاله تظل محصورة في دائرة التمني الممتنع (أود لو) وغياب الشمس ذو أهمية رمزية كبيرة في شعر السياب. فهي كثيرا ما تكون قرينة بالميلاد.

في قصيدة "مرحى غيلان" - مثل - تتحول الشمس الى بشارة ميلاد المسير واندحار الظلام :

الموت يركض في شوارعها ويهتف : يا نيام

هبوا فقد ولد الظلام

وأنا المسيح، أنا السلام

ويكتب السياب معلقا في الهامش : «كان كهنة ايزيس ينطلقون في منتصف ليلة 25/ 12 من كل عام هاتفين في شوارع الأسكندرية : لقد وضعت العذراء حملها، وقد ولدت الشمس ». وبسبب غياب الشمس عن القصيدة فإن الشاعر لا يولد، بل يعود الى الحياة وحسب. فالانتصار على الموت ليس ميلادا جديدا، بل مجرد عودة، على عكس ما يحصل في قصيدة «مرحى غيلان " :

يا ظلي الممتد يا ميلاد عصري من جديد

يمكننا الآن أن نرسم القصيدة بالشكل الآتي:



الشمس هي علامة ميلاد الشاعر، وهي العنصر الأنثوي الذي ظل غائبا. في حين حضر القمر : العنصر الذكري، ومن طبيعة الأقمار في نصوص السياب الا تظهر إلا مبللة،وقد انعكست صورها المرآوية على صفحة الماء. في هذه القصيدة مثلا كان في وسع الصبي على أسرة التلال أن يرفع رأسا ليلمح القمر، لكنه أصر على الهبوط ليراه على صفحة الماء، ثم أصر أن يخوض في الماء ليتبع القمر. وقد بينت في مقالة "شعرية امرأة " أن أقمار السياب وكواكبه هي دائما صور مرآوية لأقمار تسبح في الماء. والصورة المرآوية لديه تمثل في مستواها النفسي رغبته للتماهي بالذات من خلال الآخر، أي رغبته بالتماهي مع أناه الآخرAlter Ego، في ملحمة جلجامش، يرى جلجامش شهابا ساقطا من السماء يجتمع حوله أهل أوروك، وتجعله أمه نظيرا له، ثم تفسر له حلمه بأنه نظيره وصديقه الذي سيلازمه. وفي قصة يوسف في القرآن الكريم يرى يوسف النبي أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له. قمر السياب من طبيعة أخرى، فهو في الماء، لا في السماء. قمره صورة مرآوية عن القمر السماوي، ومن طبيعة الصورة المرآوية أن تحتفظ بما تصوره وتبدده في وقت واحد، فهي أناه وآخره. من طبعها أن تكرر الشي ء وتحتفظ بهويته لكنها بهذا التكرار تقتله وتستقل عنه، لتكون حضورا آخر غيره. قمر السياب، إذن، يحييه ويميته. فهو ليس قمرا. خالصا، بل قمرا مائيا. وهذا ما يتطلب منا أن نقف قليلا عند رمز الماء في شعره.

تضج القصيدة بصور السيولة التي لا حصر لها، حتى لا يكاد ينجو بيت منها من استعارات السيولة. كل شي ء ينضح او يفرق أو يخوض، أو يقترن بالماء أو الدم أو الدموع. بل يبلغ الالحاح على صور السيولة حد ان الشاعر لا يتردد في تشبيه سائل بسائل. وهذه ظاهرة كثيرة التكرار في شعره، وبخاصة في ديوان "انشودة المطر». وفي قصيدة «مرحى غيلان » المذكورة يرد المقطع التالي الذي يتضمر حوارا بين صفير وأبيه :

"بابا.. بابا"

أنا في قرار بويب أرقد، في فراش من رماله

من طينه المعطور، والدم في عروقي في زلاله

ينثال كي يهب الحياة لكل اعراق النخيل

أن بعل أخطر في الجليل

على المياه، أنث في الورقات روحي والثمار

والماء يهمس بالخرير، يصل حولي بالمحار

وأنا بويب أذوب في فرحي وأرقد في قراري.

تبدأ المقطوعة بالانفصال عن بويب، واحتوائه للمتكلم : "أنا في قرار بويب أرقد"، وتنتهي بالانصهار به والتلاحم معه : "وأنا بويب ". والوسيط الذي يتم من خلاله هذا الانصهار هو صورة المسيح أو تموز أو بعل، لا فرق بين أحد من هؤلاء، مادام كل منهم رمزا للعود الأبدي للحي، الذي يستطيع أن يهب الحياة لكل اعراق النخيل.

في "الموت والنهر» أيضا يتعامل الشاعر مع النهر بوصفه مقدسا:

أشد قبضتي تحملان شوق عام

في كل إصبع كأني أحمل النذور

اليك من قمح ومن زهور

ثمة صلة وثيقة بين النذور والمقدس. تحمل النذور الى المقدس في مناخ طقسي. نقرأ في قصيدة "قاريء الدم": الحاملات نذورهن الى قبور الأولياء وفي قصيدة "مدينة بلا مطر":

وسار صغار بابل يحملون سلال صبار وفاكهة من الفخار، قربانا لعشتار المقدس، عند نساء الريف المعاصر، هو الأولياء، وعند صغار بابل، هو عشتار. والى هذا المقدس يحمل الشاعر النذور. انه يجعل النهر مقدسا، ويجعل نفسه صغيرا من صغار بابل. ومن المعروف ان الماء يرمز، في عموم التراث الانساني، الى عنصر الطبيعة الأول، ومادة الحياة الأولى. من هنا جاءت أسطورة "نبع الحياة " التي ارتوى منها الخضر والأسكندر ذوالقرنين وغيرهما. وقد وجد فيه الفيلسوف اليوناني طاليس أصل الأشياء كلها، وهي فكرة أدت الى أفكار فلسفية كثيرة.

أما في التراث العربي الاسلامي، فكثيرا ما ترد مفردة (الماء) في القرآن الكريم بوصفها عنصر الحياة الأول :

}وجعلنا من الماء كل شي ء حي{

} والله خلق كل دابة من ماء {

} وكان عرشه على الماء {

لكن المذهل أن النصوص القرآنية لا تجمع بين الماء والحياة فحسب، بل تجمع أحيانا بين الماء والموت :

} وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها {.

} سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء {

} والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها{.

} ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله {.

} وينزل من السماء ماء فيحيى به الأرض بعد موتها{

}والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا{.

الماء، إذن، مادة الحياة ومادة الموت في الوقت نفسه، إذا ظهر على سطحه القمر، كان مادة الموت، واذا ظهرت على سطحا الشمس كان مادة الحياة. ولأن قصيدة "الموت والنهر» لا تسطع فيها الشمس ويغيب عنها عنصر الكون الأنثوي، فما من ميلاد هنا. إن السياب لا يولد من جديد، ولا يولد هنا أصلا،بل يعود الى الحياة فقط وبهذا وحده ينتصر: وأبعث الحياة. إن موتي انتصار في من يبعث الحياة ؟ أفي نفسه أم في غيره ؟ من الواضح أن بعثه للحياة في المكافحين ليس سوى أمنية يعرف أنها لا تتحقق، ولكنه، مع ذلك يصر أن موته انتصار للمكافحين والطبيعة والأشياء كلها، انتصار للحياة التي تخونه لا لشيء إلا لأنه مسيح آخر وتموز آخر، وبعل آخر.

النهر والموت

بويب....

بويب ...

أجراس برج ضاع في قرارة البحر.

الماء في الجرار، والغروب في الشجر

وتنضح الجرار أجراسا من المطر

بلورها يذوب في أنين

"بويب... يابويب !"

فيدلهم في دمي حنين

اليك يا بويب،

يا نهري الحزين كالمطر.

أود لو عدوت في الظلام

أشد قبضتي تحملان شوق عام

في كل إصبع، كأني أحمل النذور

اليك، من قمح ومن زهور

أود لو أطل من أسرة التلال

لألمح القمر

يخوض بين ضفتيك، يزرع الظلال

ويملأ السلال

بالماء والأسماك والزهر

أود لو أخوض فيك، أتبع القمر

وأسمع الحصى يصل منك في القرار

صليل آلاف العصافير على الشجر.

أغابة من الدموع أنت أم نهر؟

والسمك الساهر، هل ينام في السحر؟

وهذه النجوم هل تظل في انتظار.

تطعم بالحرير آلافا من الإبر؟

وأنت يا بويب..

أود لو غرقت فيك، ألقط المحار

أشيد منه دار

يضيء فيها خضرة المياه والشجر

ما تنضح النجوم والقمر،

وأغتدي فيك مع الجزر الى البحر!

فالموت عالم غريب يفتن الصغار،

وبابه الخفي كان فيك، يا بويب..

-2-

بويب.. يا بويب،

عشرون قد مضين، كالدهور كل عام.

واليوم، حين يطبق الظلام

وأستقر في السرير دون أن أنام

وأرهف الضمير : دوحة الى السحر

مرهفة الغصون والطيور والثمر –

أحس بالدماء والدموع، كالمطر

ينضحهن العالم الحزين :

أجراس موتى في عروقي ترعش الرنين

فيدلهم في دمي حنين

الى رصاصة يشق ثلجها الزؤام

أعماق صدري، كالجحيم يشعل العظام

أود لو عدوت أعضد المكافحين

أشك قبضتي ثم أصفع القدر

أود لو غرقت في دمي الى القرار

لأحمل العبء مع البشر

وأبعث الحياة. ان موتي انتصار!
**
نزوى-العدد السابع

Post: #491
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2006, 05:25 PM
Parent: #490

أدناه مقال عن الموت "اليماني" من خلال الشاعر اليمني الكبير:
عبد العزيز المقالح
بقلم الشاعر اليمني الكبير:
محمد حسين هيثم
***
التوثيق الشعري في قصيدة
قراءة في أوراق
الجسد العائد من الموت

محمد حسين هيثم (كاتب من اليمن )


--------------------------------------------------------------------------------


ربما يوقعنا مصطلح "التوثيق الشعري" في تناقض بين عنصرين متنافرين، العلاقة بينهما ضدية، وقائمة على مبدأ الالغاء، كل منهما يلغي لآخر، وهناك ارث كبير من الشعر الذي "يوثق " وقائع واحداثا ومناسبات، ولكن لا قيمة فنية حقيقية له، ويفيد في معاينته كشاهد او وثيقة تاريخية او لغوية (1). غير اننا يجب ان نميز بين النظم الوثائقي، وهو نظم غايته تأطير الوقائع وتوثيقها تاريخيا لا اكثر وبين "التوثيق الشعري"، وهو بنية معرفية عقلية، يجري تأطيرها جماليا ضمن بنية شعرية اشمل، غديتها الامتاع الفني والجمال وتحقيق مستوى أعلى من "الشعرية ".

والتوثيق الشعري معطى تجريبي ينشأ عن الحاجة الى المواءمة بين التاريخي والشعري، فثمة سؤال يطرح نفسه هنا هو: هل يمكن للقصيدة ان تمدنا بمعلومات حول موضوعها دون الاخلال ببنيتها الجمالية الفنية ؟ وهذا السؤال يقود بالضرورة الى اسئلة أخرى مثل كيف تتموضع علاقة العقلي بالجمال في القصيدة ؟ والى اي حد يمكن ان ندمج بين الشعري والتوثيقي؟

هذه الاسئلة ليست مطروحة على الصعيد النظري فحسب، ولكنها مستمدة من واقع ازدياد النصوص الشعرية التي تتعامل مع المتغير التاريخي الذاتي او العام على اساس تجريبي(2) ويكشف هذا الازدياد ان "التوثيق الشعري" يعتبر انجازا حدا ثويا هاما يجري اختباره وترسيخه.

ولعل من الاهمية بمكان ان نقف امام نص تجريبي، يتعاطى مع التاريخ والوقائع المعاصرة كبنية توثيقية شعرية، لنستجلي جوانبها واهميتها في البناء الشعري ككل.

والنص هو "قراءة في اوراق الجسد العائد من الموت ". (3) للشاعر الاستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح.

يتعاطى النص مع حدث مأساوي كبير هو اليمن في اواخر 1982م، هو الزلزال الذي وقع في منطقة ذمار، واحدث خسائر مروعة آنذاك وامتد تأثيره الى مناطق بعيدة.

يعي الشاعر هنا خطورة المهمة الناهض بعبئها ويدرك أنها مليئة بمنزلقات وعثرات قد تودي بنصه اذا لم يتبصر موطىء قدمه، ولكنه انطلاقا من حدس شعري سليم ومن تجربة شعرية عريضة. يفتح نصه على مغامرة شعرية محسوبة يحتمها السياق، وتعتمد "التوثيق الشعري" للمواءمة بين الشعري والتاريخي، بهدف احتواء الحدث الكبير والحيلولة دون ان يحتويه الحدث.

استراتيجية العنوان

منذ العنوان يلعب الشاعر لعبة "التوثيق " فهو يطرح منذ البداية ان ما يقوم به هو "قراءة " وهذه اللفظة تقود الى عدد من الاحالات:-

1- انها تفترض "قارئا يقوم بالـ "قراءة " و"مقروءا" تكون الـ"قراءة " فيه.

2- "القارىء". خارج "المقروء"، وثمة مسافة زمنية او مكانية او نفسية بينهما.

3-" القارىء" موضوعي ومستقل بارادته ووعيه.

4- "المقروء" شي ء ناجز ومكتمل بذاته.

وهذه الاحالات تنكىء عن المعرفي التوثيقي، وفعل الـ "قراءة" هو اقامة علاقة ما بين القاريء والمقروء، فالأول يسعى الى امتلاك الثاني والاكتناز به، والثاني يعمل على "ابتلاع " الاول وادماجه ضمن احداثياته، وهي علاقة جدلية بالمعنى الفلسفي ترتكز على قانون "نفي النفي"، فالقاريء بعد القراءة غيره قبلها، والمقروء بعد القراءة غيره قبلها، فقد انضاف المقروء الى القاريء، وانضاف القاريء الى المقروء.

اذن من هو القارىء وما هو المقروء في هذا النص ؟

في العنوان نرى لفظة "قراءة " غير معرفة بـ"ال" او بالاضافة وغير موصوفة بأي نعت، مما يجعلها قابلة للتشكل وفق طبيعة القارىء الذي يقوم بها، كما يجعلها مفتوحة على كل الاحتمالات وغير مقيدة بزمان او مكان او بقارىء محدد، بمعنى انها "قراءة" القارىء، اي قارىء، في لحظة اتصاله بالمقروء.

اما المقروء فقد تضمنه العنوان "قراءة في اوراق..." لفظة "اوراق " هنا تؤكد على السياق المعرفي -التوثيقي للنص لتوصله الى حد الهيمنة، بل وتكاد تفسد ايحاء لفظة "قراءة "المتضمنة فلفظة اوراق، فالقراءة لا تكون الا في اوراق او ما شابه، والشاعر يدرك مدى ما يمكن ان تحدثه اللفظة من فساد في السياق فيلحقها بلفظة "الجسد" ليصبح المقروء "اوراق الجسد" محدثة بذلك "فجوة / مسافة توتر"(4). فلفظة الجسد "نقلت السياق الى الشعري/ الجمالي مباشرة لتكسر النسق المعرفي - التوثيقي، ومكتنزة به في الآن نفسه، لتكسب لفظة "قراءة " طاقات ايمائية اكبر ودلالات أعمق لأن الـ"قراءة في أوراق الجسد" غير أية قراءة أخرى فهي قراءة استثنائية لأوراق استثنائية تنفتح على البايلوجي والانثروبولوجي والايديولوجي، على الطقسي والمقدس والتابو، على الجمالي والمعرفي، على الحسي والمجرد، على التاريخي والسياسي والاجتماعي والحضاري، على السري والمنتهك، على الحياة والموت، على الآني والازل، وبين كل هذه الاحتمالات وغيرها، اختارت "القراءة " ان تتخذ وجهة ما لمسعاها لكي تتسق عنوانا لما سيأتي، ومن هنا جاء ترصيف الجسد بـ"العائد"، فيكون السياق "قراءة في اوراق الجسد العائد". و" العودة " لها احالاتها وتداعياتها، وهي حركة في الزمان والمكان، تتضمن نقيضها الذي تنفيه، فكل "عودة " يسبقها "نزوح " او "خروج " او "اقتلاع" - قسري او اختياري-.

عملية الترصيف وتوجيه الدلالة هنا جزء من التناغم بين التوثيقي والشعري، حيث يناغم السياقان في سياق واحد منذ حدوث «الفجوة / مسافة التوتر» في تعبير اوراق الجسد ويستمر معنا حتى النهاية.

وحتى لا تحيلنا لفظة "العائد" على احتمالاتها المتعددة،وحتى يكتمل السياق التوثيقي الشعري، فان كينونة " العودة " تتحدد بانها عودة من الموت، هنا يكتمل السياق وتتحدد المسارات الاساسية للنص، وهنا ايضا تحدث هزة او توتر بالتقابل بين لفظتي (الموت ) و(الجسد) الذي يصبح هنا مرادفا للحياة فتتسع دلالاته، ويكتسب بعدا اسطوريا يحيلنا على الميثولوجيا الاغريقية، هرقل واوروفيوس (5).

انوا قراءة للجسد في لحظةالـ" اسطرة "، في لحظة اكمال معاينة تجربة الموت، في لحظة العودة، ذلك ما يجسده استخدام اسم الفاعل "العائد" مما يعطي الـ"قراءة " طابع الاستمرارية، ويبين اهمية توثيقها شعريا، فالجسد تجاوز الموت هنا، ليتاح للقراءة ان تحيط بالتجربة من لحظة وقوعها حتى لحظة العودة منها، وفي لحظة العودة مازالت علائم النزوح المأساوي بادية على تضاريس الجسد وفي تلافيفه لتصل الى اعماقه.

كان يمكن للشاعر ان يستغني عن لفظة "اوراق " في العنوان، لانها تبدو نافلة للوهلة الاول، ولكن بالترابط بين العنوان والنص نتبين اهميتها في السياق، حيث جاء النص - الجسد بشكل مقاطع، يمكن ان يمثل كل مقطع ورقة، وهي اوراق متناثرة متداخلة تجسد عنف التجربة وهولها، حيث يبدو الشاعر، او يوهمنا بذلك، وكأنه يعتني بتدوين كل خلجة من خلجات الجسد، ويعني بتقديمها للقارىء بطزاجتها وحرارتها، اكثر من اعتنائه بـ"تنسيق " و" تبويب "اوراقه، ولكننا نتبين انه يعتني بالاثنين معا بنفس الدرجة.

هكذا يتسق شكل النص مع عنوانه مع التجربة المعنية.

طبوغرافية النص

اختار الشاعر بحنكة موقف "القراءة " ليقف خارج "الحدث " من اجل الاحاطة به والنظر اليه بشمولية، فتتسع الى أقصى حد ممكن حريته وامكانيته في اختيار زاوية او زوايا تعاطيه مع "الحدث " وفي تحديد طبوغرافية النص.

ولان الشاعر غير المؤرخ الذي يقوم بتسجل كل المعلومات والمعطيات المتاحة، فانه بعد عملية مراكمة المعلومات والملاحظات وهي لا تحصى حول حدث كبير مثل الزلزال، يقوم بعملية غربلة وفرز وانتقاء وتوزيع لها، وهنا تبرز ذاتية الشاعر بما يخدم رؤيته او غرضه الجمالي.

يتكون النص من مقطع استهلالي، وستة مقاطع مرقمة، وبعبارة أخرى من ورقة استهلالية وست أوراق مرقمة من 1-6من "اوراق الجسد" بحسب العنوان، وعلينا ان نلاحظ هنا اننا امام سبعة مقاطع او سبع اوراق.

ويتكون النص ايضا من مقاطع موزونة ومقاطع منثورة، وثمة فواصل بينها حيث تأتي الاخيرة مؤطرة داخل اقواس، وهنا يتساوى عدد المقاطع الموزونة والمقاطع المنثورة، سبعة مقاطع لكل منهما، هذا التأكيد على الرقم سبعة يحيلنا الى طقسيته، الى قصة الخلق، الايام السبعة، كما تضمنتها الكتب السماوية، والتي يأتي الزلزال، كيوم الهول، نفيا لها، هكذا يبني شاعرنا نصا ميثولوجيا يرتفع بالزلزال الى مستوى القيامة.

والشاعر لا يطرح العلاقة مع الرقم سبعة بهذا الوضوح، سوى مرة واحدة عندما يشير الى قوة الزلزال (سبع درجات بمقياس ريختر). بل يلجأ الى حيلة فنية بارعة، يلجأ الى التمويه، تاركا لنا متعة البحث والاكتشاف عن بقية مواقع الرقم "7"، ودلالاتها.

فالنص، طبوغرافيا، ينقسم الى ورقة استهلالية وست اوراق مرقمة من 1-6كما اسلفت الورقة الاستهلالية نثرية، بينما تتوزع كل ورقة من الاوراق المرقمة من 1-5الى قسمين، الاول موزون والثاني نثري، اما الورقة السادسة فان المقطع النثري يتوسط مقطعين موزونين، والعلاقة بين المقاطع النثرية والمقاطع الموزونة علاقة تواز، او تعاقب مقطع نثري يوازيه او يليه مقطع موزون.

وتتضمن المقاطع النثرية معطيات توثيقية مثل الارقام فى التواريخ والتواقيت وتحديد الامكنة والمواقع والسرد والوقائع والاخبار والريبورتاج والتسجيل والمعلومات وغير ذلك.

اما المقاطع الموزونة فتعتمد بحر المتدارك، وهو من البخور الصافية، والتفعيلة فيه تتراوح بين "فعلن " و" فاعلن ".

غير ان الشاعر يبدأ نصا الموزون من المتقارب في السطر الاول لينتقل مباشرة الى المتدارك ابتداء من السطر الثاني، وهذه حالة خاصة لا تتكرر في القصيدة، حيث

يقول:

" اذا زلت...

وبكى جسد الارض

- ايتها النخلة اليمنية - امرأة البن

كيف يباغتك الاصفر - الموت

والاسود - الحزن(6)

ويمكن للشاعر ان يتخلص من التداخل بين البحرين باضافة حرف "واو" قبل الاقتباس القرآني الانف الذكر، ولكن خبرة الشاعر تتدخل لاضفاء مزيد من الشعرية على المقطع، فالإضافة المذكورة، تفقد الاقتباس عنصر المفاجأة وتجعله معطوفا على كلام سابق، وملحقا به.

كما ان الشاعر من ناحية أخرى يحافظ على مصداقية "الاقتباس / التضمين " بايراده، كما هو دون تدخل او اضافة لانه عنصر توثيقي هام، وهو يحيلنا الى صورة قرانية (7) جليلة لاقصي درجات الهول، وهذا ما سنشير اليه لاحقا.

عناصر التوثيق الشعري في النص

لا يكتفي الشاعر باستخدام عناصر توثيقية في النص مثل التوثيق الزماني والمكاني، والتسجيلي، والتضمين، والقصدية، والسردي والرقمي...الخ، ولكنه يعمد الى استحداث بنى توثيقية كاملة في النص قائمة بذاتها، ومستقلة عن البنى الموزونة، كما مر بنا.

واذا استبعدت البنى التوثيقية، انتظمت البنى الموزونة المختلفة في بنية شعرية واحدة متصلة دون انقطاع، رتيبة ايقاعيا، رثائية، غنائية، احادية البعد.

غير ان ادخال البنى التوثيقية، يحطم النسق الرثائي الرتيب، ويلبس النص حلة زلزالية تقوم بخلخلة الذائقة الفنية السائدة، او تربكها على الاقل، لتعيد تنظيم نفسها وفق معطيات جمالية مغايرة، ولتتماهى مع او تنفي الزلزال الواقعي لتفرض زلزالها الجمالي الاكثر شمولية وتجاوزا.

وفي الحقيقة ليس هناك تقسيم او تحديد مسبق للعناصر التوثيقية يمكن الاتكاء عليها ربما لان هذه الدراسة هي الأولى في هذا المضمار، وبالتالي فهي تؤسس لاستنباط بعض العناصر على ضوء النص، بل لعل لكل نص يتعاطى مع التوثيق الشعري عناصره التوثيقية الخاصة به، اذن ما هي العناصر التوثيقية المستنبطة من نصنا هذا؟

اولا: التوثيق الزماني والمكاني:

في الورقة الاستهلالية تصدم اعيننا منذ البداية جهامة التوثيق في اكثر صوره جفافا:

(صنعاء: الشارع الدائري

الزمن: 13 ديسمبر 1982م

الوقت: الثانية عشرة و13دقيقة ظهرا..)

هل نحن هنا ازاء مذكرات ام محضر ما ام رسالة ام....؟ اية وثيقة تنتظرنا بعد هذا التحديد الصارم ؟. ان الشاعر يطرحنا امام ثلاثة معطيات توثيقية اولها التحديد المكاني (صنعاء: الشارع الدائري) وثانيها التزمين بشقيه التأريخ (13 ديسمبر 1982م ) والتوقيت: (الثانية عشرة...الخ ) وثالثها الكتابة الرقمية (13، 1982م، 13).

وهذه المعطيات تربك النص الشعري عادة، وتفقده شعريته، غير انها هنا تعمق اللحظة الشعرية وتعكس المدى الذي حفر فيه الحدث (الزلزال ) وعي الشاعر ليغرس نفسه، ان اللحظة توثق نفسها بقوة الزلزال وفجائيته، فالشاعر لم يبدأ من مركز الزلزال (ضوران ) وانما بدأ من صدمته هو، من الصدمة الزلزالية التي ضربت محيطه، وهذا بداية تلقائية.

إننا نلتقي هذا العنصر في مطالع المقاطع النثرية الثلاثة اللاحقة وبالذات معطى التحديد المكاني على النحو التالي:-

- في المقطع النثري الثاني "جيبوتي: محطة الارصاد الأولى "(9)

- في المقطع النثري الثالث: "ضوران: الجامع الكبير"(10)

- في المقطع النثري الرابع: "ضوران: المدرسة الابتدائية "(11)

في التحديدين المكانيين الاولين (صنعاء، جيبوتي) نقف على امتدادات الزلزال وانعكاساته، وفي التحديدين الثالث والرابع نقف في مركز الزلزال وتأثيراته المهولة.

لاحظنا ان الشاعر اكتفى بالتزمين في المقطع الاول فقط، ولم يقم بذلك في بقية المقاطع، فالنص يؤبد لحظة تاريخية معينة، وهي (الساعة الثانية عشرة و13دقيقة ظهرا) من تاريخ (3اديسمبر 1982م ) وانها اللحظة التي ينبني فيها النص ويهدم "الجسد" وعلى اساسها تقوم القراءة. وهذه اللحظة تشد لحمة النص، بعضه الى بعض، وتتيح للقارىء/ الشاعر أن يلعب لعبة "التزامن " بين التحديدات المكانية الاربعة المذكورة على النحو التالي:-


غير أن الشاعر قام بعملية "مونتاج " حتى يحقق "التزامن " حيث قام بعلمية قطع وتركيب كل تحديد مكاني على حدة، بحيث شكل كل مقطع نثري من المقاطع الاربعة الأولى بداية جديدة للنص نقطة انطلاقها الساعة "الثانية عشرة و13دقيقة ظهرا"، وكل بداية اضافة أخرى الى ما قبلها بحيث ينمو النص حلزونيا وليس دائريا او بشكل حلقة مفرغة، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا الترابط بين "التزامن " و" المونتاج ".

لقد لعب معطيا "التحديد المكاني" و" التزمين " دورا اساسيا في بناء النص حلزونيا، فما الاهمية التي يشكلها المعطى الثالث لعنصر التوثيق المكاني والزماني ونعني به "الكتابة الرقمية " الذي اشرنا اليه آنفا.

في الورقة الاستهلالية لاحظنا ان الشاعر استخدم الارقام عند كتابة التاريخ والتوقيت على النحو التال "13ديسمبر 1982- الثانية عشرة و13 دقيقة ظهرا".

اننا هنا امام معطيات رقمية هي 13- 1982م - 13، الا يحمل تكرار الرقم 13 دلالة ما مع ما يحمله هذا الرقم من دلالة تشاؤمية.

واذا وقفنا في الارقام المكتوبة بالحروف وبالارقام نجد اننا ازاء معطيين: الاول: ان الرقم 12 مكتوب بالحروف مرة ديسمبر ومرة الثانية عشرة ".

الثاني: اننا اذا قرأنا رقم "الثانية عشرة و13دقيقة " نجد اننا ندخل في رقم 13 حسب الترتيب الكرونولوجي التتابعي لتتشكل قراءة جديدة تحمل بعدا سحريا سوداويا لدلالة الكارثة -الزلزال اذ انه "في الدقيقة 13من الساعة 13في اليوم 13" من ديسمبر

1982م وقع الزلزال. هذا التكرار الثلاثي للرقم 13 يعمق البعد السحري المذكور.

هكذا تتكرر سحرية الرقم 3بعد ان اكتشفناها في علاقة سابقة مع الرقم ا(القصيدة من 7مقاطع تتضمن 7 مقاطع موزونة و7 مقاطع نثرية، كما مر بنا آنفا).

ونحب ان نؤكد هنا انه لادلالة للرقم 13في الوجدان الشعبي وتكراره على النحو المذكور يعكس علاقة "تثاقف " قائمة في وعي الشاعر على اساس ثقافة انسانية واسعة.

ثانيا: العنصر السردي التسجيلي:

وسمة هذا التوثيق اخبارية وصفية يقوم فيها الشاعر برصد عياني لمتغيرات العالم المحيط به، واهميته انه يضعنا في صورة ما حدث فعلا ويرتبط بالعنصر السابق ارتباطا وثيقا في هذا النص اذ سيأتي استتباعا له وتوصيفا لماهيته. ويتبع الشاعر ثلاثة اساليب في نصه للتوثيق السردي التسجيلي هي:

1- الاسلوب التسجيلي كما في المقطع الاستهلالي (الاول ).

2- الاسلوب الخبري كما في المقطع النثري الثاني والمقطع النثري السادس.

3- الاسلوب الحكائي كما في بقية المقاطع النثرية.

الاسلوب التسجيلي:

في المقطع الاستهلالي (الاول )(12) يستفيد الشاعر تماما من تقنية السينما التسجيلية، حيث يقوم برصد تسجيلي يشبه حركة كاميرا تلاحق المتغيرات المتسارعة، فهو لا يخبرنا بما يحدث ولكنه يطابق بين اعيننا وعينيه لنرصد ما يحدث لحظة بلحظة، في محاولة للامساك باللحظة المروعة في طزاجتها، لتأبيد تلك اللحظة مستعينا في ذلك ومستعيضا عن عين الكاميرا بالاستخدام الكثيف والمتلاحق للا فعال المضارعة، لاكثرها حركية واضطرابا (تتمايل، يترنح، يتسع يضيق، يصعد، يهبط، تمسك، تتأوه، تستنجد، ترتعش، تنطلق ). وربما كان الفعل ( يخرجون ) غير منسجم مع سياق مضطرب وحركي كهذا، فالناس يخرجون عادة الى الشوارع، بما يوحيه ألك الخروج من الفة واعتياد ولعل الفعل المبني للمجهول (يقذفون ) او المضارع (يهرعون ) او الاستغناء عن الفعل نهائيا، انسب للمقام.

هكذا نحس مع الشاعر بنبض الاشياء، ونسمع تأوهها، ونور دوائر الكلمات المكسورة وهي تنطلق من الشفة، لنخرج بوثيقة حية للحظة انطمرت تحت الزلزال.

وفي هذا كله لسنا في مركز الزلزال، اننا في التخوم القريبة، في دائرة من الدوائر المحيطة به.

ان استخدام السياق التسجيلي وبقية السياقات في مواقعها« يكشف عن خبرة الشاعر ومهارته العالية في استخدام التقنية المناسبة في الموضع المناسب، فالشاعر هنا في قلب الحدث وهو شاهد عيان عليه، ومن الطبيعي أن يستفيد من تقنية السينما التسجيلية لنقل ما يحدث، وكل ذلك حدث في لحظة خاطفة، غير انها تبدو وكأنها دهر من الاهوال.

الاسلوب الخبري:

في المقطع النثري الثاني(13) ينتقل الشاعر الى دائرة ابعد، الى أقصى محيط رصد للزلزال، الى جيبوتي، ولذا يعتمد في مهارة التقنية الخبرية المذاعة (سجلت مراصدنا...الخ ) ويكتفي بالتعليق الشعري على الخبر:

بعد الولادة

يغفو الزمن في احضان الموت)

مؤكدا في ذلك جدلية العلاقة بين الحياة والموت، ونفيد من السياق الخبري معطيات ومعلومات هامة عن امتدادات الزلزال ومركزه وقوته وزمن وقوعه ولعلها المرة الأولى التي يغامر فيها شاعر باستخدام تقنية اعلامية حبرية في نص شعري وهذه تحسب له.

بينما في المقطع النثري السادس (14) يؤالف الشاعر بين التسجيلي والخبري مع ميل اكثر للثاني، ويخبرنا عن مرحلة ما بعد الزلزال والمساعدات التي كانت تصل الى مطار صنعاء، وفيها تعميق لكارثية الزلزال، من خلال الحديث عن الطائرة (الترابية ) التي تهبط (في خوف ) وعن الطائرات التي تهبط (في حذر) حاملة اطنانا من (الاكفأن ) وكميات كبيرة من (الاحزمة ) المختلفة المقاييس والاحجام، حيث يضعنا الشاعر امام مفارقة زلزالية، انه تصوير مروع لفداحة الكارثة، وسخرية مريرة من ضالة المساعدات ونوعيتها وسخرية اكثر مرارة من الاعلام، حيث يصبح الزلزال كارثة (للفرجة )، (بعد قليل نزل منها - اي الطائرة - عدد كبير من الصحفيين والمصورين ) تلك اول طائرة للمساعدات نزلت المطار تلتها طائرات الاكفأن والاحزمة حسب تصوير ورؤية الشاعر.

هكذا يعيد الشاعر بناء الخبر ليصور المدى الذي وصلت اليه كارثة الزلزال، معتمدا بنية المفارقة الشعرية في الصياغة الحبرية.

- الاسلوب الحكائي - السردي:

يرتبط الاسلوب الحكائي بالتحديد المكاني لمركز الزلزال (ضوران: الجامع الكبير) ( ضوران: المدرسة الابتدائية ) وايضا بالحقل مرة اثناء الزلزال ومرة بعده، هنا نقع على اربع حكايات ثلاث منها مرتبطة بالزلزال مباشرة، و الرابعة من آثار الزلزال.

في الأولى (15) حكاية الجامع والامام والمصلين يسجدون ولا يقومون من سجدتهم وتذهب المدينة معهم في صلاة الموت. وفي الثانية (16) حكاية الثعبان الاسود الذي يخرج من جدران المدرسة ويزحف على الكراريس فيركض التلاميذ / الاطفال خلفه ويلتفتون فلا يجدون اثرا لمدرستهم ولا لكراريسهم ولا لمن تبقى من زملائهم. وفي الثالثة (17) حكاية المرأة التي تعود من الحقل ببرسيم لناقتها، لترى البيت فجأة يختفي وتختفي فاقتها ولا يبقى منها سوى رأسها بين الانقاض. وثمة احالة جزئية على (جورنيكا) بابلوبيكاسو ورأس حصانه الصاهل بألم وحرقة.

اما الرابعة (1 فهي حكاية الرجل الخمسيني المجنون بفعل الزلزال والشارد بين الحقول المكلم نفسه والذي فقد زوجته واطفاله في لحظة زلزالية مروعة، انه يعاتب اطباءه الذين يحاولون ابراء جروحه، انه يطالبهم بابقائها لانها (الخيط الذي يربط بيني وبين القبر، يصلني برائحة الاحباب ).

يعتمد الشاعر في الحكايات على عنصر المفارقة الشعرية، ويقيم معادلات موضوعية فثمة سورة القارعة وتجلياتها الزلزالية، وثمة الثعبان الاسود الذي تنعكس دلالته فيصبح رديفا للحياة وثمة البرسيم الاخضر في صورته المجسدة للشوق والحنين والحلم فيصير الشوق لعابا.. والحلم نعشا) وهذا الاب الكهل الذي يشعر بعبئية الحياة وسخرية القدر فيصير الجنون وسيلته للتوازن والجرح خيطا يربطه بالقبر.

إن تفاصيل الحكايات تكون في مجموعها لوحة (جورنيكا) يمنية هائلة حيث الزلال هو القوة القدرية الغاشمة التي تفجر اجزاء اللوحة وتبعثر اشلاءها.

وفي الحكايات يحافظ الشاعر على ديمومة اللحظة الزلزالية ويؤبدها في سلسلة متصلة من الافعال المضارعة التي تنتظم سلك الحكايات الاربع، وهي تقنية لطالما اعتمدها الشاعر في بناء نصه الزلزالي هذا.

ثالثا: عنصر التضمين او الاقتباس:

مر بنا لجوء الشاعر الى اقامة صلة بين نصه وبين الزلزال من خلال استحضار أيات القرآن الكريم وسوره الجليلة التي تصور مظاهر القيامة وخاصة ما جاء في سورتي "الزلزلة " و" القارعة ".

انه يرتفع بالزلزال الى مستوى يوم الهول المقدس مما يكسب نصه بعدا ميثولوجيا كما اسلفنا.

وقد مر بنا كيفية استحضاره لسورة "الزلزلة " في المقطع الموزون، حيث استحضر مطلعها "اذا زلزلت." وترك لنا استحضار بقية السورة. بينما في المقطع النثري الثالث يحدث نوع من الاتساق بين الجامع وتلاوة الامام لسورة القارعة. وهنا نقع على السورة كاملة وبين وقوع الزلزال لحظتها، فتصبح التلاوة نوعا من الاستحضار للزلزال او معادلا موضوعيا له.

كما تحضر آية الكرسي في لحظة اختفائها عند وقوع الزلزال، ان هذه الأية الكريمة هي تعويذة المؤمنين وحرزهم في مواجهة ما يحيق بهم من مكاره ومصائب، اذ نحن في مواجهة اكثر من مجرد كارثة طبيعية.

انه الوعي الجمعي في ضعفه وعجزه وعزلته في مواجهة لحظة من لحظات التغير الكوني المروع.

رابعا: عنصر القصدية:

القصدية عنصر توثيقي شعري هام وهو يعكس وعي الشاعر بالعملية الشعرية وتوجيها لها الوجهة التي تخدم غرضه الفني والجمالي، وترتفع قيمة النص جماليا كلما نجح الشاعر في اخفاء تصديته بل واوهمنا بعكسها، وقد مر بنا بعض الاشارات التي تكشف لنا ان الشاعر كان مسيطرا على نصه وموجها له، ومن هذه الاشارات:

1- اتخاذ الشاعر موقف "القراءة " ليتق خارج النص من اجل الاحاطة به والسيطرة عليه.

2- التقسيم المتساوي للنصوص النثرية والموزونة، رغم انه يوهمنا بعكس ذلك.

3- الانطلاق من موقعه صنعاء ثم الاتجاه الى أقصى محيط الزلزال جيبوتي ثم العودة والتركيز على مركز الزلزال (ضوران ) وهو تتأبع منطقي، فالانسان يشعر بالحدث ثم يسمع عنه ثم يبحث عن تفاصيله.

4- استخدام التضمين واللجوء الى الآيات القرآنية الكريمة فيه من التوجيه ما يؤكد على قصدية الشاعر.

5- استخدام الارقام على النحو الذي مر بنا رغم عمليات التمويه.

كل هذه الاشارات وغيرها تؤكد قصدية الشاعر وخبرته في مراكمة الملاحظات والمعلومات والخبرات وقدرته على التمحيص والغربلة والاختبار والتوجيه في اطار من البناء الفني الشعري المتكامل والمحسوب بدقة.

تلك هي ابرز العناصر التوثيقة الشعرية التي استخدمها الشاعر فى نصه الهام هذا وبقي ان نقف على العلاقة بين المقاطع النثرية والموزونة:

العلاقة بين المقاطع النثرية والموزونة في النص.

مر بنا كيفية الاستخدام للعناصر التوثيقية في النص، ولكن من الاهمية بمكان ان نحدد العلاقة بين النثري (المقاطع التوثيقية الشعرية ) الموزون.

كان وقوفنا طويلا امام المقاطع النثرية باعتبارها تتضمن كل العناصر التوثيقية الشعرية ما عدا حالة التضمين التي وردت في المقطع الموزون الاول، ولا يعني ذلك انه لم توجد حالات توثيقية شعرية داخل المقاطع الموزونة، فهناك السرد الشعري:

من رأى شجرا ميتا

وبيوتا تموت

ومن ابصرت عينه جبلا راكعا

وتلالا تداعب في بهجة الموت اطفالها؟(19)

وثمة اشارات مكانية الى مواقع ومدن مثل صنعاء وجبل الشرق وضوران، ويمكن القول ان النص اجمالا، منثوره وموزونه، بنية توثيقية شعرية واحدة.

غير ان السؤال يظل قائما، ما العلاقة بين النثري والموزون في النص ؟

قلنا آنفا إن النص ينمو حلزونيا فهو يبدأ في كل مرة بداية جديدة، وتتحدد البداية بالمقطع النثري ويلحقا المقطع الموزون ويمكن ان نجد مثلا على ذلك في المقاطع النثرية الثالث والرابع والخامس. حيث يجري الحديث عن المقطع النثري الثالث عن الجامع والامام والصلاة يأتي المقطع الموزون اللاحق به على النحو التالي:

للاله صلاة على شجر البن يرحل محترقا

للنبي صلاة على مسجد كان يعشق لون الاذان

يضيء اذا ما أتي الليل بكلمات

وللشعر اسئلة وصلاة(20)

وفي المقطع الرابع حديث عن المدرسة المنهارة والاطفال المطمورين فيصرخ الشاعر مكلوما في المقطع الذي يليه:

من رأى شجرا ميتا

وبيوتا تموت

ومن ابصرت عينه جبلا راكعا

و تلالا تداعب في بهجه الموت اطفالها(21)

والمقطع الخامس عن الحقل والقرية والحجارة المنهارة، فنرى الشاعر يرثيها:

يتشقق وجه القرى

ينشق وجهى

وصوتي

والجبل الـ.. كان ذاكرة البن والشمس

ذاكرة تحتسي خمر اوجاعنا

يتشقق وجه القصيدة

وجه الظهيرة

يخرج نعش وتسترجع الارض اشياءها

وحجارتها(22)

واذا عدنا الى المقطع النثري الاول نجد حديثا عن الزلزال دون تسميته وتهيمن على المقطع سمة المباغتة والذهول، ولذا يبدأ الشاعر نصه الموزون بتسمية ما يحدث بالاعتماد على النص القرآني وتهيمن عليه نبرة المباغتة والذهول:-

"اذا زلزلت... "

وبكى جسد الارض.

- ايتها النخلة اليمنية - يا امرأة البن:

كيف يباغتك الاصفر - الموت

والاسود – الحزن(23)

كل ذلك يبين ان المقاطع الموزونة استمرار للمقاطع النثرية فهي اما تحديد وتأكيد او استراد او رثاء او ابتهال او تنويع لما جاء في المقطع النثري، رغم ان الشاعر يفصل بينها بالترقيم المقترح والمذكور في القصيدة وهو ترقيم وهمي كما تبين لنا سابقا، ولم نعتمده عند القراءة.

ونجد اشياء مشتركة بين المقطع النثري والمقطع الموزون مثل استعادة بعض المفردات - المفاتيح في المقطع.

بهذا تصل الدراسة الى ختامها ونأمل ان نكون قد وفقنا في استخلاص عناصر التوثيق الشعري في النص واهميتها بالنسبة للنص كاملا.

الهوامش:.

1- اوضح مثال على ذلك قصيدة نشوان بن سعيد الحميري، وألفية ابن مالك، والشواهد النحوية، وشعر المناسبات والمراثي والمدائح والا القليل منه.

2- نجد ذلك في بعض من اهم نصوص سعدي يوسف وادونيس ومحمود درويش.

3- ديران "او راق الجسد العائد من الموت " الدكتور عبدالعزيز المقالح - دار

الآداب - بيروت الطبعة الأولى - 1986م.

4- «في الشعرية » كمال ابو ديب - مؤسسة الابحاث الثقافية - بيروت الطبعة الأولى 1987م ص 20 وما بعدها.

5- «اساطير اغريقية » الجزء الاول «اساطير البشر» د. عبدالمعطي شعراوي-

الهيئة المصرية العامة للكتاب - 1982، القاهرة حول رحلة اورفيوس الى العالم

السفلي، ص 217- 220، وكذلك رحلة هرقل لانجاز عمله الخارق الثاني عشر في

عالم الموتى وذهابه وعودته بعد نجاحه ص 410-412.

6- ديوان "اوراق الجسد...» ص 5 /6.

7- سورة «الزلزلة » الآية 1.

8- ديوان «اوراق...» مصدر سابق ص 5.

9- السابق ص 6.

10- السابق ص 7.

11- السابق ص 9.

12- السابق ص 5.

13- السابق ص 6.

14- السابق ص 1 1/12.

15- السابق ص 7.

16- السابق ص 9.

17-السابق ص 10.

18- السابق ص 12/12.

19- السابق ص 9.

20- السابق ص 8.

21- السابق ص 9.

22- السابق ص 10/ 11.

23- السابق ص 5 /6.

**نقلا عن العدد السابع عشر ل"نزوى"
--------------------------------------------------------------------------------

Post: #492
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 01-15-2006, 01:24 AM
Parent: #491

up

Post: #493
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-15-2006, 01:07 PM
Parent: #492

مرحبا بناحت :
سقف الوردة
صديقنا في الداخل :
مازن مصطفى
حتى عودتي وعودة المتداخلين ,
ساقوم بنشر لوحات عن :
الموت
ارجو ان تمد لنا يد العون يا صديقي

وهذه لوحة عن الموت الاسطوري لسقراط


Post: #494
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-15-2006, 01:12 PM
Parent: #493

أدناه لوحة عن الموت ,
من موقع الفن المعاصر

Post: #495
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-15-2006, 01:25 PM
Parent: #494

هنا يمزج سلفادور دالي بين راقصة للبالية والموت

Post: #496
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-17-2006, 06:32 PM
Parent: #495

محمود درويش مشهور بالقائه الشعري الجميل وحضوره ,
أدناه صور له في حالات القائه الشعري الممير











Post: #497
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-18-2006, 03:32 PM
Parent: #496

في ذكرى استشهاد الاستاذ :
محمود محمد طه
المجسر الأكبر بين الحداثة والخطاب الاسلامي المعاصر,
نرسل التحية المشفوعة بالاكبار الى غاندي السوداني في رحيله العظيم,
واقامته الدائمة بيننا


Post: #498
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-21-2006, 03:46 PM
Parent: #497

**عن دلالة الاسم في "جدارية" :
يقول الناقد والأكاديمي الأردني:
خليل الشيخ
في دراسته الموسومة:
جدارية محمود درويش بين تحرير الذات ووعي التحرر منها

تتكرر جملة "هذا هو اسمك" ثلاث مرات، تلقى في المرتين الأولى والثانية على نحو حاسم وقصير وجاف، لتغيب المرأة بعدها، أما في الثالثة فتجيء متبوعة بعدد من الأوامر والنواهي تخص الاسم وتؤكد أهميته الكبرى في خضم التحولات القادمة. إن دور هذه المرأة يشبه من بعض الوجوه دور السارد العليم، الذي يعي ما سيحدث للشخصية من تحولات وما تخبئه لها الأحداث في خضم ما سيأتي

ثم يتحدث عن "الأوامر والنواهي" وتوزيعها في "جدارية" قائلا:

والملاحظ أن الأوامر والنواهي توزعت على النحو الآتي:
احفظ اسمك جيدا لا تختلف معه على حرف
كن صديقا لاسمك الأفقي لا تعبأ برايات القبائل
جربه مع الأحياء والموتى
دربه على النطق الصحيح
اكتبه على أحدى صخور الكهف
تلك الوصايا التي تقول بها الذات الكاتبة تتراح بحسب "خليل الشيخ" بين الذاكرة و"الكتابة"
يقول في ذلك:
إن هذه الوصايا الخاصة بالاسم التي تبدأ بالتركيز على الذاكرة وتنتهي بالحرص على الكتابة، وتحرص بين ذلك على اقامة علاقة حميمة مه بعيدة عن الاختلاف، وعن الأبعاد التي تسهم في كسر آفاقه الفردية الخاصة لتذيبه في آفاق قبلية، تبين في مجموعها أن الاسم معادل للهوية وهو هنا بمثابة التعويذة التي تحتمي الذات بها عند تلامس الجسد، وتحولها الى آفاق أخرى لا يدل عليها سوى ذلك الاسم.

سبق أن قلنا في حديثنا عن العلاقة الشعرية بين مفرد بصيغة الجمع لادونيس و"جدارية" درويش,
أن "مفرد...." قد تأسست على علاقة ايروسية,يصبح فيها الاسم طرفا اساسيا
و"جدارية" لا تخلو من ذلك الطابع الايروسي,عبر الحديث الغامض عن "امراة" ما ,لها رابطة وثيقة باسم الذات الكاتبة
وفي هذا الصدد يتحدث عن خليل الشيخ عن امراة أخرى ,تنضاف الى "المرأة الغامضة",
وتلك المراة هي "الممرضة" والتي هي جزء من علاقة الذات الكاتبة بتجربته مع الموت,
أو قل الموت العيادي"الاكلنينكي" التي كانت هي التجربة التي تأسست عليها "جدارية"
يقول خليل الشيخ عن المرأة الاولي أي الغامضة الانبثاق كما وصفها:
غير أن الجدارية التي تفتتي ايقاعها بصوت تلك المرأة التي انبثقت على نحو غامض في البدايات، لا تجعل ذلك الصوت هامشيا بل صيرته جذريا في ما هيأتي من تحولات، فهي امرأة قادرة على تحديد الاسم. ورسم البدايات، وهي قادرة علي أن تغيب لحظة تشاء، وتراوغ بذكاء كي تجعل النهايات القاسية مقبولة، صحيح أن هذا الصوت سيتلاشى ولكن حركته وأثره يظلان حاضرين في ثنايا الجدارية.
وفي أشارته الى "المرأة الثانية" اي الممرضة,يقول خليل الشيخ:
وللتمييز بين طبيعة هذا الصوت وما ينطوي عليه من دلالة يمكن أن نتوقف عند صوت امرأة أخرى يجيء في مفتتو ايقاع تفعيلة المتقارب وهو صوت الممرضة الذي يشكل الحركة الثانية الدالة على مستوى الصوت
**
في دراسته الموسومة
التجلي الشعري في جدارية محمود درويش
والمنشورة في موقع:
كيكا

يقول عبد القادر الجموسي:
في حديثه عن :
عتبة أولى: بلاغة العنوان والاسم
كلاما عن حضور الاسم:
وحضور الإشارة إلى "الاسم" في عدة مواقع من النص وبشكل متكرر( يعطيه شحنة دلالية مميزة عبر نسيج النص الإجمالي.
ومن ضمن ذلك الحضور للاسم يتحدث الكاتب عن علاقة الاسم بالمعلقات ,حين يقول:
فنحن أمام جدارية أو معلقة كتبت لتخلد اسم صاحبها بماء الذهب على عادة فطاحل شعراء العرب. يقول الشاعر: "لا شيء يبقى سوى اسمي المذهب/ بعدي" (9 ) ويؤكد على نفس المعنى في المقطعين التاليين:
1. باطل، باطل الأباطيل … باطل
كل شيء على البسيطة زائل
1400 مركبة
و 12000 فرس
تحمل اسمي المذهب من
زمن نحو آخر … (ص89-8
2. لا شيء يبقى سوى اسمي المذهب بعدي:
"سليمان كان" …
فماذا سيفعل موتى بأسمائهم
هل يضيء الذهب
ظلمتي الشاسعة
أم نشيد الإنشاد
والجامعة؟ (ص91-90)
فتوظيف الاسم هنـا عبارة عن إشارة يعزز بها الشاعر مستويـات اشتغاله على ثنائية الموت والحياة، الموت العضوي والخلود الشعري، كثنائية جدل متوتر خصيب. والاشتغال على الاسم عند محمـود درويـش هـو فعـل شعـري بنائي يتغيى من خلالـه الشاعـر إضافة دلالات حية "متحركة … ترفد النص بمسافات بعيدة ضرورية للشعر" (10). ولنا نحن كقراء أن نستنتج الدلالة من الإشارة ونستخرج ما خفي من ظاهر العبارة. يقول نص القصيدة في هذا السياق:
هذا هو اسمك/
قالت امرأة،
وغابت في ممر بياضها.
هذا هو اسمك، فاحفظ اسمك جيدا!
لا تختلف معه على حرف
ولا تعبأ برايات القبائل،
كن صديقا لاسمك الأفقي
جربه مع الأحياء والموتى
ودربه على النطق الصحيح برفقة الغرباء
واكتبه على إحدى صخور الكهف،
يا اسمي: سوف تكبر حين أكبر
سوف تحملني وأحملك
الغريب أخ الغريب
سنأخذ الأنثى بحرف العلة المنذور للنايات
يا اسمي: أين نحن الآن؟
قل: ما الآن، ما الغد؟
ما الزمان وما المكان
وما القديم وما الجديد؟ (ص16-15)
اذن فالاسم يتحول كدال الى دال على هوية الذات الكاتبة
يقول الموسوي:
في هذا المقطع من النشيـد يتحول الاسم إلى كيـان آخر أو بديل يحمل شخص الشاعـر ويسنده : "يا اسمـي سوف تكبر حين أكبر/سوف تحملني وأحملك/ الغريـب أخ الغريب" (11). وبوصفه كذلك، فهو يظل متوهجا بألقه "الذهبي" حتى بعد سقوط الشخص نفسه. فالاسم يستحيل هنا إلى "أثر" أو "معرفة" أو "معنى ثقافيا" يبقى عندما يمضي كل شيء، فيتجاوز الزمن الموضوعي العابر ليندمج في بوتقة الزمن الأسطوري الذي يحفظ الأشياء والذاكرة من السقوط في سهو النسيان وفوهة العدم السحيق.
ونفس لعبة تبادل الأسماء وتقمص الأدوار والأقنعة يوظفها الشاعر بإيحاء شعري شديد مع شخصية "النبي سليمان" التي تجسد صورة الملك/ الحكيم. وهي صورة مشرقة بدلالتها في هذا النص تلقي بإضاءات مركزة كاشفة على زوايا غامضة من القصيدة. يقول الشاعر:
لا شيء يبقى سوى اسمي المذهب بعدي:
"سليمان كان"
فماذا سيفعل موتى بأسمائهم
هل يضيء الذهب
ظلمتي الشاسعة
أم نشيد الإنشاد
والجامعة؟ (ص91)
فالذهب يضيء مثل نجمة. وقد يكون في هذا اللمح إشارة إلى نجمة سليمان الخماسية الأضـلاع. وليس من الصدفـة بمكان أن يأتي ذكـر النجمة تمامـا في المقطـع الموالي حيث يقول: " للملحميين النسور ولي أنا: طوق الحمامة، نجمة مهجورة فوق السطوح" (12). قد يقول قائل وما علاقة اسم الشاعر محمود درويش بنجمة سليمان الذهبية الخماسية؟ تبدو العلاقة مفككـة وبعيدة المنال في الوهلة الأولى. لكن إذا رجعنا إلى الكيفية التي يصف فيها الشاعر "الاسم" تتضح الرؤية ونقترب من المعنى: "كن صديقا لاسمك الأفقي" (13). فهو اسم أفقي من حيث أنه يوجد في الأفق، فهو الاسم /النجمة إذا جاز التعبير. وهو أيضا اسم يكتب من خمسة أحرف بشكل أفقي "محمود": واسمي، وإن أخطأت لفظ اسمي/ بخمسة أحرف أفقية التكوين لي (14).

هنالك اشارة لطيفة قال بها الموسوي,وهي اتخاذ الذات الكاتبة للملك النبي سليمان كقناع شعري:

وكأننا بالشاعر يلبس قناع سليمان الملك/النبي ويحل محله لينقلنا الى مقام السحر والرؤيا من خلال استثمار هذا الانزياح داخل اللغة وداخل الزمن والشخوص. وتلك دلالة دقيقة يوظفها المتكلم بقصدية، شعورية أو لاشعورية، لا تخرج عن استراتيجية الكتابة الشعرية لدى محمود درويش، أليس هو القائل أن "الإشارات التاريخية والأسماء التاريخية تضع النص في زمن آخر في الماضي الذي يحمي من السقوط في المباشرة" (15).
فالاسم الشخصي للشاعر يتحول داخل شبكة النص الدلائلية إلى كيان رمزي مستقل يتجاوز حامله الشخصي الواقعي (الطيني) ليصير بديلا شعريا له أو "أنا" أخرى وهي تحيى على أرض القصيدة الخضراء التي "يحملها الغنائيون من زمن إلى زمن كما هي في خصوبتها" (16).

ثم يتحدث عن عملية الهدم الرمزية التي تمت للاسم:
والاسم أيضا يتعرض إلى عملية هدم رمزية يتفكك من جرائها ليستحيل إلى "دليل شعري مترع بالمعنى" (17). وكما "تنحل العناصر والمشاعر" (1 وكما يتحرر الإحساس من عبء العناصر كلها (19) في تجربة الموت الصوفية المحكومة بالرؤيا (20) فكذلك تتحلل حروف الاسم وتتفكك في "ضوء التلاشي" (21) لتصير "صورة جديدة في صيرورة أخرى" (22) تتخذ لبوس إشارات صوفية خالصة

ونواصل
المشاء

Post: #499
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-21-2006, 07:27 PM
Parent: #498

مواصلة لدلالة الاسم في "جدارية":
دور الاسم في الحياة والموت

تقول الذات الكاتبة في "جدارية":
رعوية ٌ أيامنا رعوية بين القبيلة والمدينة,لم أجد ليلا خصوصيا لهودجك المكلّل بالسراب,
وقلت لي:
ما حاجتي لاسمي بدونك؟نادني,فأنا خلقتك عندما سميتني,
وقتلتني حين امتلكت الاسم...
كيف قتلتني ؟وأنا غريبة كل هذا الليل,
ادخلني الى غابات شهوتك,احتضني واعتصرني,
واسفك العسل الزفافي النقي على قفير النحل,بعثرني بما ملكت يداك من الرياح ولمني

تبدو في المقطع المنشور اعلاه, ثنائية في علاقة "المرأة الغامضة" بالذات الكاتبة , من خلال موضوعة "الاسم"
فالاسم كدال على الهوية,لا معنى له بدون تلك العلاقة الغامضة بالأخرى,أي المراة الغامضة
ولذلك ففي التطور الدياكروني لعلاقة "الذات الكاتبة" بالاسم و بالمرأة الغامضة,
تحكي المراة الغامضة –في ما حكت- أن قتل "المرأة الغامضة",وهذا يحيلنا الى انواع كثيرة من القتل المعنوي ,كما في:
قتل الأب

وهنا نجد نوعا جديدا من "القتل" أي :
قتل المرأة العاشقة

تحكي المراة الغامضة أن امتلاك الاسم من قبل الذات الكاتبة,
جعله يقتل المراة الغامضة,والتي كان الاسم ,كدال هويوي,لا فعل له خارج الوجود الايروسي

ربما أن الاشارة هنا هي الى "ذكورية " الذات الكاتبة
لكن مثل هذا التفسير لا ينبغي ان يعمينا عن علاقة "الذات الكاتبة" باسم "المرأة الغامضة"
تقول الذات الكاتبة في ذلك:

من أي ريح جئت؟
قولي ما اسم جرحك أعرف الطرق التي سنضيع فيها مرتين,
وكل نبض فيك يوجعني ويرجعني
الى زمن خرافي ,ويجعني دمي
ص 451

فالاسم هنا يكشف عن علاقة جديدة بالاسم من خلال "اسم جرح" المرأة الغامضة
وهو ما يحيلنا الى مقاربة العلاقة بين "الذات الكاتبة" و "المرأة الغامضة" من منظور دياكروني وسينكروني
وهذا يقتضي بحثا نقديا أخرا

**خاتمة "جدارية" :

سبق أن قلنا أن "جدارية",
تبدا فاتحتها باشارة الى الاسم,وتختتم بنفس الاشارة
يقول درويش في خاتمة "جدارية":

والملح من أثر الدموع على جدار البيت لي..
واسمي ,وان أخطأت لفظ اسمي بخمسة أحرف أفقية التكوين لي:
ميم \المتيم واليتم والمتمم ما مضى
حاء\الحديقة والحبيبة ,
حيرتان وحسرتان
ميم\المغامر والمعد المستعد لموته
الموعود منفيا,مريض المشتهى
واو\الوداع,الوردة الوسطى,
ولاء للولادة أينما وجدت,ووعد الوالدين
دال\الدليل ,الدرب,دمعة دارة درست,ودوري يدللني ويدميني
وهذا الاسم لي ..
ولأصدقاء أينما كانوا
ص ص 534-5

هنا نلاحظ أن درويش يتناص –على الأقل-مع الخطاب الصوفي في علاقته ب:
الحرف القرآني
**عن علاقة درويش بالنبيين محمد وعيسى:

تبقت ملاحظة قال بها درويش في حوار معه ,
عن أنه لم يتناص مع النبي والرسول محمد,وأنه تناص مع "المسيح"
نلاحظ ان درويش قد تناص مع المسيح في "جدارية"
وهنا دليل على ذلك, أي على تناص درويش مع "المسيح":

الأرض عيد الخاسرين "ونحن منهم"
نحن من أثر النشيد الملحمي على المكان,كريشة النسر العجوز خيامنا في الريح,كنا طيبين وزاهدين بلا تعاليم المسيح,ولم نكن أقوى من الأعشاب الا في ختام الصيف
ص ص 470-1
مثلما سار المسيح على البحيرة,سرت في رؤياي,لكني نزلت عن الصليب لأنني أخشى العلو,ولا أبشر بالقيامة ,
لم أغير غير ايقاعي لأسمع صوت قلبي واضحا
ص 524
ويكرر نفس المقطع ص 532-3
ومثلما سار المسيح على البحيرة ..
سرت في رؤياي ,
لكني نزلت عن الصليب لأنني أخشى العلو ولا أبشر بالقيامة,
لم أغير غير ايقاعي لأسمع صوت قلبي واضحا

وعن السبب الذي يجعل الشاعر محمود درويش يذكر المسيح أكثر مما يذكر النبيّ محمد"، يقول درويش في ذلك:
"لأني أُحِسُّ بأني أستطيع أن أتَحدَّثَ عن أحدهما بِحُرّيّة، بينما أَشْعُر كما لو أنَّه توجد رِقَابَةٌ مَا حين أتحدث عن الآخَر. وبما أنّه تمّ قبول الفصلُ بين الدينيّ والسياسيّ في المسيحية، فإنه يبدو سَهْلاً مُحَاوَرَةُ المسيح. لقد استطاع الفنّانون أن يُصوّروا المسيحَ أشقَرَ، أَسْمَر أو أسودَ، ولكني لا أستطيعُ أنْ أتَخَيَّل "محمدا" إلاّ عربيّا.

http://www.jehat.com/Jehaat/ar/Ghareeb/mdarweeesh.htm

وسأعود للحديث عن اللون في "جدارية",
و قبلها عن اللون في :
خطاب درويش الشعري

أرقدوا عافية
محبتي
المشاء

Post: #500
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-22-2006, 01:21 PM
Parent: #499

فاصل تشكيلي,
حتى عودتنا


Post: #501
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-22-2006, 03:17 PM
Parent: #500

اللوحة التي بسطناها هنا هي للتشكيلي المعروف:
Kandinsky, Wassily
واسمها:
Quote: In That Blue


وهي فاصل "تشكليلي" في سبيل عبورنا الى للحديث عن علاقة خطاب "درويش الشعري " باللون كلغة,
ضمن الحديث عن الأبيض والأخضر ,
كلونين في :
جدارية
المشاء

Post: #502
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-24-2006, 03:39 AM
Parent: #501

قبل ان نتحدث عن دلالة اللونين الأبيض والاخضر في "جدارية" وقبلها عن اللون في خطاب درويش الشعري من خلال اللونين الاخضر والرمادي,نحب أن نقول أن دلالة اللون تكتسب وجودها من خلال السياق الذي ترد فيه.فاللون عنصر هام في الخطاب السينمائي والتشكيلي و الشعري. والكلام الدارج عن الرسم بالكتابة او بتعبير شاعر عربي "الرسم بالكلمات",
يحيلنا الى علاقة اللون بالكتابة وبالحياة بشكل عام.فلون الحداد في ثقافة بعض من السودانيين هو الأبيض وليس الأسود,كما هو في ثقافات كثيرة.
وأدناه كلام صحافي عن علاقة اللون الأبيض بالدين الاسلامي:
وحدد الإسلام شروط عدة للإحرام هي في الغالب معروفة لدى غالبية المسلمين، حيث تتميز ملابس الإحرام سواء للرجل أو المرأة بلونها الأبيض كرمز له دلالة على صفاء السريرة ونقائها إضافة إلى رمزيته الأخرى إذا علمنا أن كفن المسلم هو أيضا باللون الأبيض وبالتالي فالرمزية هنا تشير إلى أن المسلم يخرج إلى الحج متجرداً من كل شيء مسلماً أمره إلى ربه.
http://www.aawsat.com/details.asp?section=43&article=342291&issue=9903
تم تقسيم الالوان الى باردة و حارة.لكن هذا التقسيم ليس حاسما في النظر الى دلالة الألوان. هنا شهادة فنانة تشكيلية عن علاقتها بالألوان.
سئلت فنانة عراقية هي :
ما دلالة اللون الاسود في لوحاتك هل هي دلالة تشاؤم ام ماذا؟
فأجابت
ــ اللون الاصفر هو الذي يجلب التشاؤم ولكن اللون الاسود في لوحاتي هو دلالة قوة وعنفوان واللون الابيض هو دلالة عن الموت وربما طغيان اللون الاسود في اعمالي يعود الي طفولتي اذ ما زلت اذكر عندما كانت امي تلبسنا الثياب ذات اللون الاسود في ذكري عاشوراء وهذه الاشياء مخزونة بداخلي ولا بد ان تنعكس في لوحاتي وانا اسعي الي خلق بؤرة بصرية في فضاء اللوحة تغني المشهد التشكيلي في اللوحة.

جريدة (الزمان) العدد 1230 التاريخ 2002-6-6
http://www.azzaman.com/azzaman/articles/2002/06/06-09/669.htm
وأدناه مقال هام عن دلالة الألوان في شعر الأغربة الجاهليين

حوليات التراث
مجلة دورية تصدرها كلية الآداب والفنون - جامعة مستغانم
ISSN

الأساس الواقعي لجماليات اللون في شعر الأغربة الجاهليين (25 - 46)

خالد زغريت
جامعة حمص (سورية)

تأسست القيم الجمالية للون في شعر الأغربة1 الجاهليين على أبعاد واقعية، تجلت في مظهره الحسي، كونه هيئة2 مادة بصرية، محسوسة، استحضره الأغربة في أشعارهم بطريقة مباشرة من عالم الطبيعة، وجسدوا به الجمالَ الحسي، فانفعلوا به وتفاعلوا معه في فهم الطبيعة التي توحدوا معها واستثمروا عناصرها في تشخيص أحاسيسهم ورؤاهم، فغذوا واقعية القيم الجمالية المختلفة للون بخصوصيات إبداعية، تولّدت من انعكاس تجاربهم الذاتية وتمايز مكوناتهم الشخصية التي تأصّل فيها الخيال الشعري والتفرد الشعوري.
شكّل اللون هاجساً ذاتياً عميقاً عند الأغربة، فوظّفوه في أشعارهم، كاشفين دلالاته المعرفية والجمالية، فالألوان - بالإضافة إلى كونها "مظهراً من مظاهر الواقعية في الصورة الشعرية - كانت حاملة إرث ثقافي، حيث تتوضع في الألوان جملة من البنى الأسطورية والحضارية المؤسسة لثقافات الشعوب، فكانت ذات دلالات جمالية"3، أعاد الأغربة ناءها ومتطلبات موقفهم الشعوري إزاء المجتمع الذي صنّف قيم أبنائه حسب ألوانهم، فخلعهم من إنائه بسبب لونهم الخارج على قوانينه.
لقد شكّل الأثر الذاتي للون عندهم دوافع متناقضة أسهمت في تركيب شخصياتهم وفق نوعية القلق الذي تحمله، بسبب اللون، فأعلوه في أشعارهم كونه صفة لحقيقة ما، وتعبيراً مباشراً عن حالة بعينها، حتى تراءى لنا في حالات كثيرة أن الشعراء الأغربة يتعرفون إلى الأشياء بألوانها، فهي التي تعطيها قيمتها، ومعيارها الاجتماعي، فكان اللون الأبيض عندهم - على سبيل المثال - يجسد مظاهر قيم الجميل، والجليل،و البطولي، والسامي، لأنهم ربطوا اللون بجذر أسطوري، تستند إليه القيم العليا في مجتمعهم، وفيما يلي سندرس طرق تناول الشعراء الأغربة اللون في أشعارهم وفق المنهج الجمالي، وكون هذا الجزء من البحث يهدف إلى الكشف عن الأساس الواقعي للقيم الجمالية التي درسناها في شعر الأغربة فإنه سيعتمد على الاستقراء :
اللون الأبيض :
يمثل اللون الأبيض الضوء الذي بدونه ما كان يمكن رؤية لون4، فهو أول الألوان الموسومة بالفئة الباردة التي تثير الشعور بالهدوء والطمأنينة5. يحتل المرتبة الثانية بعد الأسود حسب تمييز الألوان عند الشعوب المختلفة6. عني العرب القدماء بتمييزه بألفاظ خاصة، تحدّد درجاته وصفاته، وتشعب دلالاته، فقد رتب درجاته الثعالبي على النحو التالي : أبيض، ثم يَقِقٌ، ثم لَهِقٌ، ثم واضح, ثم ناصع، ثم هِجَان وخالص. أما الألفاظ التي تدل على البياض فهي كثيرة في العربية، فقالوا : يَلق ولَيَاح ووابص ومُشرق وبراق ودلامص وهجان وحُرّ، وقالوا للأبيض الخالص : الأزهر والأغرّ والأبلَج والأقمر والنعج والصَّرَح، وللأبيض يخالطه شيء من الشقرة قالوا : أقهب وأعيس، وللأبيض يعلوه سواد : أملح وأشهب وللأبيض يضرب للخضرة أبغث، وللأبيض القبيح : أمقه وأمهق ومغرب وأبرص وأمره وقَهْد. وقالوا فيما وصفوه بالبياض : رجل أزهر، وامرأة رعبوبة، وبرهرهة، خُرعوبة وزهراء وشعر أشمط وأشيب وأغثم "الغُثنة : أن يغلب بياض الشعر سواده" وفرس أشهب وأغر وأقرح "القرحة في الفرس دون الغرة" وبعير أعْيَس، وثور لهق، وبقرة لياح, وكبش أملح, وظبي آدم, وثوب أبيض، وجبل أعبل وفضة يقق, وخبز حواري, وسراب أمره ووماء صاف وثوب خالص والسَّحْلُ : الثوب الأبيض والصَّبِيرُ: السحاب الأبيض واليَرْمَع : الحجر الأبيض، والوَثِير : الورد الأبيض، والقَضِيم : الجلد الأبيض7. ونجد في شعر ما قبل الإسلام ألفاظاً نلمح فيها ظلال هذا اللون مثل : القمر, البدر, الشهاب, الربرب، الصبح، العاج، الدمقس، الفضة، الأقحوان، الريم، النقا، الإغريض، الجمان، المرو أي : الحصى الأبيض8. يبدو لمتتبع استخدام اللون في شعر الجاهليين أن الغنى الذي مثله قاموسه في اللغة العربية لم يحل دون تداخله عندهم مع اللون الأصفر، ولا سيما في جانبي الإضاءة والإشراق، وفي مصدريهما الشمس والقمر، إذ ارتبط اللون الأبيض عندهم بأسطورتيها الحيتين في ذاكرتهم الثقافية، فاستمدّ الأغربة هذه الدلالة الأسطورية للون الأبيض ليجسدوا مثالهم الأعلى للرجولة، سائرين على نهج الشعراء الأحرار في تصوير قيم البطولة والجلال، أما حين يرتدون إلى ذواتهم في ظل الواقع, فإنهم كانوا يجعلونه حلماً يستريحون تحت أطيافه، إذ كان اللون الأبيض غايتهم الضائعة التي أفقدهم غيابها حصانة وجودهم، على الرغم من ذلك نجدهم يقتفون أثر الجاهليين في تشبيه المرأة الجميلة (بالشمس، والقمر، والبيضة، والريم، والدرة)، يقول سحيم9 مشبهاً المرأة ببيضة الظليم 10 :
فما بيضةٌ بات الظَليمُ يحفُّها ويرفعُ عنها جُؤْجُؤاً مُتَجافِيا
قرن الأغربة صورة الرجل السامي، الجليل, البطل باللون الأبيض، نتيجة خضوعهم للقيم الاجتماعية الجاهلية التي نشأ فيها هذا الاقتران عبر الربط الأسطوري للرجل الجليل، السيد بالقمر الذي عُبد عند قدمائهم والإله (ود) بوصفه أباً للإنسان والآلهة حسب معتقداتهم11. انتقل هذا الأثر الأسطوري إلى صورة الرجل المثال ي الجاهلية، فعدّوا بياض وجه الرجل قيمة سيادية بذاتها،وهو تقليد أصيل في الجاهلية سار على نهجه الشعراء الأغربة، فها هو عنترة12، يحدّد مظاهر جلال الفرسان ببياض وجوههم، مشبهاً واحدهم بالظبي الناصع البياض13:
كم مِنْ فتىً فيهمْ أخي ثقةٍ حُرٍّ أغرَّ كَغُرِّةِ الرِّئْمِ
صوّر الأغربة باللون الأبيض صميم حياتهم الذاتية والموضوعية، فكشفوا أحاسيسهم بتحولاتها، كما في حديثهم عن الشيب وأثره في بيان المتغيرات الجسدية والنفسية للإنسان، فهو رادع لانفعالات الشباب ومدعاة للتأمل كما يرى خفاف بن ندبة14 في قوله15:
فإمَّا َترَيْني أقْصَرَ اليومَ باطلي ولاحَ بياضُ الَّشيبِ في كلِّ مَفْرَقِ
فإذا كان بياض الرأس مجالاً للتأمل في فلسفة الزمن عند خفاف فهو في جسم ناقته سبيله لتأمل جلال الطبيعة في إطارها الحي 16 :
صَعلٌ أتاهُ بياضٌ من شَواكِلِهِ جَوْن السَّراةِ أجشََّ الصَّوتِ صَلْصَال أكثر الأغربة من ذكر اللون الأبيض في وصف أسلحتهم التي حمّلوها صفات تدلل على ما يجسدونه من قيم، فتغنوا بسيوفهم معينين بياضها مباشرة أو مشيرين إليه بالملح، جمع الشنفرى17 ذلك في قوله18:
إذا فَزِعوا طارتْ بأبيضَ صارم ٍ
حُسامٍ كلونِ المِلْحِ صافٍ حديدُهُ ورامتْ بما في جَفْرِها ثمَّ سَلَّتِ
جـُرَازٍ كأقْطاعِ الغديـرِ المُنَعَّتِ
كان التغني ببياض السيوف والأخلاق - عند الشعراء الأغربة - سبيلهم المعنوي في التغلب على مأساة لونهم، فألحوا بألم على ذكر بياض أفعالهم وأخلاقهم لعلها تحدّ من غياب وضاعة لونهم، جسد سحيم هذه الرغبة في دعوته بتقديم بياض الفعل على بياض الشكل مستجيباً لمعاناته الذاتية وحلمه في نسف التقليد الاجتماعي السائد في عصره 19 :
إن كنتُ عبداً فنَفْسي حُرَّةٌ كَرَماً أوْ أسودَ اللَّوْنِ إنِّي أبيضُ الخُلُقِ
إذا كان اللون الأبيض قد مثّل عند الشعراء الأغربة واقع قيمة الإنسان الذي يتصف به، فإن هذا التمثيل يكشف حالات امتثالهم القاهر للمعايير الاجتماعية التي تمردوا عليها, فأبرزوا من خلاله صورهم النفسية وما يعتمل في أتونها من رغبات ذاتية وأحلام عزيزة للتحرر من قيد ألوانهم. لقد جسد الأغربة باستخدام هذا اللون وعيهم الجمالي, دون أن يفارقوا الأسّ الواقعي له حتى حين غالوا في تمجيده،أو حلّقوا في فضاءات الخيال.
اللون الأسود :
الأسود أشد الألوان عتمة وأغمقها، وهو نقيض الأبيض في كل خصائصه، يمثل "الظلام التام وانعدام الرؤية ورمزوا به للحزن والشؤم والعدم، كما دللوا به على الموت والفراق والخوف، والفناء، وقد وضعه علماء الألوان في المرتبة الأولى في قائمة الألوان عند مختلف الشعوب "20، أما في العربية فجاء في المرتبة الثانية بعد الأبيض عند النمري21. دللت عليه اللغة العربية بألفاظ تدل على كل ما هو ضد الجمال والحياة، أو ما هو مناف للاطمئنان والسلام. كما خصته بمفردات تصفه وتحدد درجاته " فقالوا : أسود حالك وأحم وفاحم وقاتم وغربيب وخداري ودجوجي وديجور ومصلخم وغرابي وأدجن وأدخن وأدعج وأدلم وأدغم وأدهم وأسحم وأبخس وبهيم وأسحمان وحانك ومسحنكك ودغمان وحُلبوب وسحكوك، وأحتم، وغدافي وحِمحِم 22".
حمل اللون الأسود عند الأغربة جملة دلالات مناقضة لما مثله اللون الأبيض، تركز جلها حول دائرة الخراب، والموت، والظلام، والفناء. وشعور الأغربة بالفجيعة التي يمثّلها اللون الأسود صادر عن ذاكرتهم الأسطورية، "فسواد الليل، يعيد لا شعورياً إلى ما قبل الخلق إلى عالم العماء حيث لا حياة ولا نور ولا بشر"23. وفق هذا الشعور استخدم الأغربة اللون الأسود، للتعبير عن حالات الفراق والحزن والرحيل، والموت فبنوا به قيم القبيح، والوضيع والداني، والمأساوي. كما بيّنا في الفصول السابقة، ووظّفوه للتعبير عن واقعهم الغارق بصور حالكة، تجسّد قيمتي الوضيع والقبيح اللتين عبّر عنهما السليك بن السلكة24 في وصف خالاته ومعاناتهن من سوادهن25، وذكر العبيد في موضع آخر للدلالة على هوان الحي الذي يسهّل غزوه26:
يا صَاحِبَيَّ أَلا لا حَيَّ بالوَادِي إلاَّ عَبِيدٌ وآمٌ بيْنَ أذْْوَادِ
نقل الأغربة اللون الأسود عن صور الواقع المحسوس بطريقة مباشرة، ليضمنوه معاناتهم الذاتية ومواقفهم الرافضة سنن المجتمع الجاهلي التي سلبتهم الحرية، فكشف عنترة عن معاناته بسواد بشرته التي حتّمت إقصاءه عن المجتمع الحر، على الرغم مما يملكه من مقومات السادة ومظاهرها التي تجلت في مهاراته المتفردة في الفروسية 27:
لَئِنْ أكُ أسوداً، فالمسْكُ لوْني وَمَا لِسَوَادِ جِلْدي مِنْ دَوَاءِ
أكثر الأغربة من استحضار الغراب لوصف فاجعة الفراق ورحيل الأحبة، متطيرين منه، رابطين صورته بجذرها الأسطوري الذي يرمز لما يذهب ولا يعود28، حتى صار عندهم رمزاً للتشاؤم والغربة والضياع والموت، ندبوا به الأحبة وتوجّعوا على رحيلهم29:
ظَعَنَ الذينَ فِرَاقَهُمْ أتَوَقَّعُ وجَرَى بِبَيْنِهِمُ الغُرابُ الأبْقَعُ
برز اللون الأسود في شعر الأغربة عبر صورة الأفعى التي تشبّهوا بها للتدليل على فتكهم بالأعداء وإرعابهم الناس، فقد وصف الشنفرى نفسه بالأرقم30 وهو من أخبث الحيات،كما شبّه تأبط شراً31 سلاحه بنيوب الأساويد32:
فَإنْ أَكُ لَمْ أُخْضِبْكَ فِيهَا فَإنَّهَا نُيُوْبُ أَسَاوِيْدِ وَشَوْلُ عَقَارِبِ
عبّر الأغربة الصعاليك باللون الأسود عن انسجامهم مع بيئتهم الخاصة فتمثّلوا، ودلّلوا به على توحدهم مع الطبيعة في تجاربهم الحياتية، متمثّلين بحيواناتها لإظهار قواهم الخاصة وشراستهم فشبّه الشنفرى نفسه بالذئب الأطحل وبالسمع المذلّل قسوة البيئة 33 :
أنا السَمْعُ الأَزَلُّ فلا أُبالي ولو صَعُبَتْ شَناخيبُ العِقاب
صار اللون الأسود أداة الشاعر الغراب لوصفه تفاصيل الطبيعة التي عاش وحشتها،فصّور عناصرها التي يدلل من خلالها على مقدراته الفردية ومغامراته، كما فعل حاجز بن عوف34 في تصوير الجبال السود، واصطباغ أقدامه بالسواد لكثرة وطئه التراب حافياً35:
وأعرضتِ الجبالُ السُّودُ خَلفي
تَرَاهَا مِنْ وِثَامِ الأرضِ سـُوْدَاً وخَيْنَفُ عن شِمَالي والبَهِيْمُ
كأنّ أَصـَابِعَ القَدَمَيْنِ شِيْمُ
على الرغم من ظلمة حياة الأغربة وتماسها المستمر مع التوحش والدماء، كان اللون الأسود - عندما يحضر للتعبيرعن الموت المادي - يردد صدى هاجس القلق والرعب في نفوسهم من النهاية الأبدية،فقد تحدّث عبدة بن الطبيب عن ظلمة القبر كاشفاً قلقه من هذه النهاية 36:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ بأنَّ قَصْرِي حُفْرَةٌ غَبْرَاءُ يَحْمِلُنِي إليها شَرْجَع
يؤكد الشنفرى دلالة اللون الأسود على الفناء في تناوله حتمية مآل كل إنسان إلى ظلمة القبر37:
وَكُلُّ فتىً عاشَ في غِبْطةٍ يَصِيْرُ إلى الجَدَثِ الأَسْفَعِِ
دخل اللون الأسود شعر الأغربة من صلب حياتهم وصميم بيئتهم، فتحدثوا عن صوره في كل ما تعرفوا إليه في محيطهم، كاشفين عن صلاتهم الحياتية به، محمّلينه دلالاتٍ، تعبر عن حالاتهم النفسية، فولّدوا عبر صوره القيم الجمالية السلبية التي درسناها وكانت : القبيح والوضيع والهزلي والجبان والمأساوي.
اللون الأحمر :
هو أول الألوان التي عرفها الإنسان في الطبيعة، ينتمي إلى مجموعة الألوان الساخنة المستمدة "من وهج الشمس، واشتعال النار، والحرارة، وهو من أطول الموجات الضوئية المرئية "38.
أكثر الشعراء القدماء من استخدامهم هذا اللون نتيجة وعيهم الجمالي والمعرفي لدوره في أصل الوجود والواقع، لذلك نجد تقدم ذكره في الأدب العربي وتنوع ألفاظه التي كثرت" لتعبر عن ماهيته وقيمته، ومدى نقائه، ودرجة تشعبه وهي : الحدود الوضعية العلمية للون"39 من ذلك قولهم : أحمر، أحمر قانئ، وأرجوان، ونَكعِ، وناكع، ووَرد ومدمّى، وكَرِك وعاتك، وباحر، وبحراني، وذريحي، وثقيب، وحانط، وغضب، وعبروا عن الحمرة الصافية الخالصة المشرقة بقولهم : أحمر ناصع، ويافع، وزاهر، ويانع، وغير ذلك، وقالوا لكل أحمر : إضريج وجريال، وعندم، وقالوا للأحمر القاتم القريب للسواد : أسفع، وأحسب وأدبس، وكميت، وأصبح، وأجأى، والأحمر المختلط بصفرة قيل له : أخطب، وأصهب، وأكهب، كما قالوا للأحمر المائل للبياض : أشقر، وأعقر.
ونعت العرب أيضاً اللون الأحمر بلون اللهب بالألهب كما قالوا للرجل الأحمر : أشقر، أما إذا كان الجبل أحمر فهو : هضبةٌ وإذا كانت الأرض حمراء الحصى فهي خشرمة، وقالوا : أقشر للأحمر الذي ينقشر وجهه40.
تظهر السمات الواقعية للون الأحمر في شعر الأغربة عبر ارتباطه بالدم، وتكوين الحياة. فقد نقلوا هذا الارتباط إلى أشعارهم، ليعبروا عن علاقته بتجاربهم الذاتية وأحاسيسهم، ولاسيما أن هذا اللون "يثير روح الهجوم، والغزو، والثأر، ويخلق نوعاً من التوتر العضلي، كما أنه مثير للمخ وله خواصه العدوانية"41 هذه الخواص التي تنسجم مع حياة الأغربة الذين ربطوا بين الدم واللون الأحمر في أشعارهم ليحملوه ما تمتّعوا به من قوة وعدوانية، وشراسة، تمثّل أهم مقومات شخصية الشاعر الغراب الذي ألح على تصوير بطولته من خلال تأثير دمويتها42:
سَبَقَتْ يَدَايَ لَهُ بِعَاجِلِ طَعْنَةٍ ورَشَاشِ نافِذَةٍ كَلَوْنِ العَنْدَمِ
وقد نسب الأغربة الأشياء إلى ألوانها، فسمّوا السيف الأبيض، والقوس الحمراء، والدرع الأصفر على نحو ما تكرر في قول الشنفرى43 :
وَحَمْرَاءُ مِنْ نَبْعٍ أَبِيٍّ ظَهِيْرَةٌ تُرِنُّ كإرْنَانِ الشََّجِيِّ وتَهْتِفُ
وقوله44 :
أُرَكّبُهَا في كلِّ أَحْمَرَ غَاترٍ وأَقْذِفُ مِنْهُنَّ الذي هو مُقْرِفُ
وقوله45 :
وبَاضِعَةٍ حُمْرِ القِسِيِّ بَعَثْتُهَا ومَنْ يَغْزُ يَغْنَمْ مَرَّةً ويُشَمَّتِ
على الرغم من كثرة استخدام الشعراء الأغربة اللون الأحمر،بقي مرتبطاّ بصورته المادية الواقعية "الدم"، كونه يحقق للإنسان الجاهلي مظهراً من مظاهر العزة، ودلالة من دلالات القوة، فهو "أعز الألوان في لعبة الحب والحرب"46 ؛ ويبدو ذلك جلياً في حالة عنترة الذي يمعن في تقديم نفسه لعبلة مسربلاً بدم الأعداء، كما يقرن حصانه بصورة مشابهة، ليلفت قلب عبلة نحوه، حاثاً إياها على تقدير بطولته الحمراء، لعل صخب لون الدم يخفي تحت ركامه سواد بشرته، يقول عنترة عن إقحام حصانه في القتال ليخضّب بالدم، فيُرى كأنه لابس قطيفة حمراء 47:
وَأُكْرِهُهُ عَلى الأَبْطَالِ حَتَّى يُرُى كَالأُرْجُوَانِيِّ المَجُوْبِ
بات الدم عند عنترة الهدية المثلى التي يستهوي بها عبلة، فهو دائماً يخصّها في السؤال عن استجمال لباسه من دم الأعداء، طامعاً بحظوة عندها عبر الدم الذي صار وردته المحببة التي يقدمها قربان عشقه لعبلة المسرفة في الغنج والتمنع48:
سَلِيْ يَا عَبْلُ قَوْمـَكِ عَنْ فَعَالي
وعُدْتُ مُخَضـَّباً بِدَمِ الأَعَادِيْ ومَنْ حـَضـَرَ الوَقِيْعَةَ والطِّرَادَا
وكَرْبُ الرَّكْضِ قَدْ خَضَبَ الجَوَادَا
لطالما وحّد عنترة في شعره عالم الحب وعالم الحرب، بانياً مقوماته الشخصية في هذا المشترك من هذين العالمين، فكان يذكر الدم وعدة الحرب في مقام الغزل ليصف أعضاء الحبيبة بها 49:
فَوَلَّـتْ حَيَاءً ثمَّ أَرْخــَتْ لِثَامَهَا
وسَلَّتْ حُسَامَاً مِنْ سَوَاجِي جُفُوْنِهَا وقَدْ نَثَرَتْ مِنْ خَدِّهَا رَطِبَ الوَرْدِ
كَسَيْفِ أَبِيْهَا القَاطِعِ المُرْهَفِ الحَدِّ
وهكذا قد شكّل اللون الأحمر عنصراً أساسياً في ألوان لوحة الشعر الجاهلي، فكان أشدّها كثافة في التعبير عن إرادة الشاعر الغراب، وأحلامه،ونفسيته وحقيقة ارتباطه الأصيل بالواقع والحياة.
اللون الأصفر:
اللون الأصفر هو أحد الألوان الساخنة، فهو "يمثل قمة التوهج والإشراق ويعد أكثر الألوان إضاءة ونورانية، لأنه لون الشمس ومصدر الضوء، واهبة الحرارة والحياة والنشاط والغبطة والسرور"50، وقد أشار القرآن الكريم إلى أثره النفسي فهو يسر الناظرين : ( قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)51.
عبر العرب عن اللون الأصفر بألفاظ متعددة للدلالة على صفات هذا اللون ودرجاته. فقالوا : أصفر، وأكدوه بقولهم : أصفر فاقع وللتعبير عن اختلاطه بغيره من الألوان، قالوا : أصهب وأَكْهَب وألهب للصفرة تخالطها الحمرة، وقالوا : أسفع وأَصْحَم للصفرة يخالطها سواد 52. حفل قاموس اللغة العربية بألفاظ كثيرة توحي بهذا اللون مثل الذهب الذي تسميه العرب : الصفراء، والوَرْس، والعَسْجَد, والحصى, والزعفران، والرمل واللهب.
يمكن أن نتبيّن من قراءة شعر الأغربة سمات الوعي الجمالي والثقافي في تعاملهم مع هذا اللون، وتدرجه، وخواصه الفنية - إلا أننا نجدهم قد داخلوا بينه وبين الأبيض بإسراف، يظهر ذلك عبر تركيزهم على إبراز الإشراق والإضاءة، والسطوع، فكان يحمل في أغلب الأحيان معنى اللون الأبيض، فقد وصفوا المرأة البيضاء بالشمس، رابطين بين الصورة الواقعية لها من خلال اللون، والإشراق، والإضاءة والدائرية، وصورتها المثالية المرتبطة بالأسطورة (الشمس الإلهة) لقد كانت الأسطورة إحدى وسائلهم المعرفية في إدراك الظواهر الحياتية والطبيعية " فقد كان تقديس الشمس - كإلهة أنثى، أو بوصفها رمزاً أعلى للأنوثة والخصوبة موحياً للقدماء بالربط بينها وبين ممثلاتٍ أرضية، اعتقدوا أنها بدائل مقدسة للشمس - الأنثى - الأم، فوحدت العقلية القديمة بين الشمس، والمرأة، والمهاة، والفرس والغزالة، والدرة والبيضة، والنخلة"53.
مزج الشعراء الأغربة في شعرهم الصورة الواقعية للون الأصفر مع تداعياته الأسطورية في قاع ثقافتهم، متخذين المخيلة مطية لذلك، كشأن عنترة الذي مزج بين قدسية الشمس والمرأة من خلال لونيهما54:
شَمْسٌ إذا طَلَعَتْ سَجَدْتُ جلالةً لِجَمالهِا وجَلا الظَّلامَ طُلُوْعُهَا
يفسّر إسراف الأغربة - في وصفهم المرأة بكل ما هو منير مضيء، وإلحاحهم على إضاءة ملامحها في أشعارهم - خلط هؤلاء الشعراء بين اللونين الأبيض والأصفر الذي نشأ من تداخل إدراكهم الحسي للون مع إدراكهم المعرفي. أما لو عرضنا للصور التي أسسها الشعراء الأغربة على اللون الأصفر، فإننا سنحظى بحالة واقعية ولدتها بيئتهم وحياتهم، من ذلك أنهم نسبوا القوس إلى لونها، يقول الشنفرى 55:
ثَلاثةُ أَصْحَابٍ : فُؤَادٌ مُشَيَّعٌ وأَبْيَضُ إِصْلِيْتٌ وصَفْرَاءُ عَيْطَلُ
لا شك أن نسبة الأغربة القوس إلى اللون الأصفر، جاء من تلوين الشمس لها، فبدا ربطهم بين القوس والشمس واقعياً، لكن ذلك لم يحل دون ارتباط هذا الاستمداد الواقعي بدلالات أسطورية مترسبة في وعيهم الثقافي، لأنهم كانوا يستجيبون إلى ما يعتمل في أنفسهم من رغبة بتمثل المثل الأسطورية التي تظهر في التوحيد، بين القوس، والشمس، والمرأة، نتيجة اشتراكها بأسطورة الشمس (الإلهة)، وهذا يلبي ثورة الشاعر في بناء قوة سحرية إضافية للقوس الحاملة لصفات إلهية يوحي بها اللون الأصفر المنتسب إلى الشمس. لا شك أن صفات القوس هذه ستنتقل إلى حاملها، وتضفي عليه سمات أسطورية، يحتاج إليها الشاعر الغراب في داخله، ليضيء سواده الخارجي المرفوض اجتماعياً، مما يتيح له تعويض ما ينقصه من هوية اجتماعية بالانتماء إلى الفردية المتجسدة بالقوة الخارقة، لذلك قرن الشاعر الغراب السلاح والموت باللون الأصفر، كما ذهب تأبط شراً في وصف القتلى56:
دَنَوْتُ لَهُ حتَّى كَأَنَّ قَمِيْصَهُ تَشَرَّبَ مِنْ نَضْحِ الأَخَادِعِ عُصْفُرَا
تسرّب اللون الأصفر إلى شعر الأغربة من مدركاتهم الحسية المضيئة في البيئة الصحراوية، فأولعوا بالألوان البراقة حتى ازدهت قصائدهم بأنوارها، لكن ذلك لم يحل دون تنبههم إلى موجودات أخرى في البيئة، تحمل المادة الجامدة للون، فقد ذكر خفاف بن ندبة اللون الأصفر في وصف حصانه الذي لوّن أرجله النبات الأصفر (العروق)57 :
قَدْ خُضِّبَ الكَعْبُ مِنْ نَسْفِ العُرُوقِ به من الرُّخَامَى بِجَنْبَيْ حَزْمِ أوْرَال
واستخدم عنترة اللون الأصفر في حديثه عن شرب الخمرة 58:
بِزُجَاجَةٍ صَفْرَاءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ قُرِنَتْ بِأَزْهَرَ في الشِّمَالِ مُفَدَّمِ
تكشف لنا هذه الصور- التي قامت على اللون الأصفر عند الأغربة - عن مدى إسهام هذا اللون في تشكيل واقعية الرؤية الجمالية عندهم، فقد نقلوا من خلاله مشاهداتهم في الطبيعة، ورؤاهم للحياة، رابطين عالم المحسوس بثقافة أسطورية، كانت وسيلتهم في تفسير الطبيعة والحياة، ولأنها شكلت أصالة شخصياتهم بقيت رواسبها في أفقهم المعرفي الثقافي، تحلّق بهم نحو مخيلتها الأولى دون أن تنفك عن الواقع، إذ قام الواقع عند هؤلاء الشعراء - في جانب من جوانبه - على بنية أسطورية، فسّروا بها وجودهم، فشكلت قوام ثقافتهم الحسية،ورؤيتهم الغيبية، وحملت سمات عصرهم، وفكرهم ورؤاهم وتساؤلاتهم.
خاتمة :
جسّد الأغربة عبر الألوان مظهراً من مظاهر واقعية الرؤية الجمالية في عصرهم، إذ استثمروا حسيتها في تصوير أفكارهم وحالاتهم، فكشفوا عن وعيهم لجمال الألوان، فنقلوا عبر هذا الوعي أحاسيسهم ورؤاهم في إطار الواقع وبناه الثقافية التي أصبحت عندهم جزءاً من مكونات الواقع، مما يعني أن البنى الأسطورية التي توضعت في دلالات الألوان عندهم، لم تأت من خارج واقعهم، مهما جنحت إلى الخيال، إذ وجدنا من خلال الأمثلة التي درسناها عمق ارتباط اللون بحياتهم، فاللونان الأبيض والأصفر ارتبطا بالشمس والقمر والظبي وكل ما وقع تحت أنظارهم من البيئة، كذلك اللون الأسود ارتبط عندهم بالليل وبحيوانات البيئة، أما اللون الأحمر فقد ارتبط بالدم.
إن استخدام الأغربة الألوان عبر ارتباطها العميق بأحاسيسهم وذكرياتهم وأحلامهم وقضاياهم، جعلهم يسرفون في ذكر الألوان التي تحقق هذا الارتباط، ويضنون في ذكر تلك الألوان التي تبتعد عن همومهم الذاتية : كالأزرق والأخضر رغم حضورهما في الواقع.
لقد اكتشف الأغربة خصوصيات جمال الألوان، وأدركوا أبعادها النفسية، ومرجعيتها المعرفية، فاستثمروها في قصائدهم بموازاة استثمار المجتمع جمالها في تكوين نسيجه وسنن وجوده، وفق هذا النهج الواقعي بنى الأغربة القيم الجمالية للون وأبرزوا وعيهم بجمالياته.

الهوامش :
1- الشعراء الأغربة هم الشعراء الذين ورثوا سواد البشرة من أمهاتهم الحبشيات، وفق هذا المعيار تبين لنا في دراستنا أن الأغربة الذين عاشوا في الجاهلية هم : تأبط شراً والسليك بن السلكة والشنفرى وعنترة بن شداد وحاجز بن عوف.
2 - أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الإفريقي المصري : لسان العرب، دار صادر، بيروت، د.ت، مادة لون.
3 - د.أحمد محمود خليل : في النقد الجمالي، رؤية في الشعر الجاهلي، ط1، دار الفكر، دمشق، دار الفكر المعاصر، بيروت 1996، ص 193.
4 - د.أحمد مختار عمر : اللغة واللون دار البحوث العلمية، الكويت 1982, ص 10.
5 - شكري عبد الوهاب: الإضاءة المسرحية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، 1985، ص 85.
6 - اللغة واللون : مرجع سابق, ص 111.
7 - أبو منصور الثعالبي : فقه اللغة وسر العربية، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت 2002، ص 68 و69.
8 - ينظر، د. إبراهيم محمد علي : اللون في الشعر العربي قبل الإسلام، قراءة ميثولوجية، ط1، جروس برس، طرابلس، لبنان 2001، ص 129 و131.
أيضاً، أبو عبد الله الحسين بن علي النمري : الملمّع، تحقيق، وجيهة السطل، مطبوعات مجمع اللغة العربية، مطبعة زيد بن ثابت، دمشق 1976، ص 9.
9 - سحيم عبد بني الحسحاس شاعر مخضرم كان عبداً نوبياً أسود لبني الحسحاس، قتله بني الحسحاس لتغزله بنسائهم 660 م. ينظر بروكلمان : تاريخ الأدب العربي، ج1، نقله إلى العربية د. عبد الحليم النجار، ج1، ط5، دار المعارف، القاهرة، د.ت، ص 171.
10 - ديوان سحيم عبد بني الحسحاس :تحقيق عبد العزيز ميمني، ط1،مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة 1950، ص 18.
11 - د. جواد علي : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج6، ط3، دار العلم للملايين، بيروت 1970، ص 292 و293.
12 - عنترة بن شداد : شاعر جاهلي، جاءه السواد من أمه، توفي نحو 600م.
ينظر الأغاني، ج 8 : مرجع سابق، ص 244.
13 - ديوان عنترة : تحقيق بدر الدين حاضري ومحمد حمامي، ط 1، دار الشرق العربي، بيروت، لبنان، حلب، سورية، 1992، ص 85.
14 - هو خفاف بن ندبة بن عمير بن الحارث بن الشريد بن رباح السلمي، مخضرم، جاءه السواد من أمه، توفي نحو 640 م. ينظر أحمد بن علي بن حجر العسقلاني : الإصابة في تمييز الصحابة، المكتبة التجارية، القاهرة 1939، ص 502.
15 - شعر خفاف بن ندبة السلمي : جمعه وحققه د. نوري حمودي القيسي، مطبعة المعارف، بغداد 1967، ص 29.
16 - شرح ديوان خفاف بن ندبة السلمي : جمع وشرح وتحقيق د. محمد نبيل طريفي، ط1، دار الفكر العربي، بيروت 2002، ص 84.
17 - الشنفرى : شاعر جاهلي، توفي نحو 525 م، اختلف المؤرخون في نسبه، يرجح أن يكون اسمه عمرو بن مالك بن الأدرم الأزدي، أما الشنفرى فلقبه، جاءه السواد من أمه وفي ذلك اختلاف. ينظر الأغاني : ج 21، مرجع سابق، ص 185.
18 - المصدر السابق، ص 81.
19 - ديوان سحيم : مرجع سابق، ص 55.
20 - اللغة واللون : مرجع سابق، ص107 و186 و195.
21 - ينظر الملمع : مرجع سابق، ص 1.
22 - فقه اللغة وسر العربية : مرجع سابق، 71 و72 و73.
23 - اللون في الشعر العربي قبل الإسلام : مرجع سابق، ص 167.
24 - هو السليك بن عمر وقيل ابن عمير بن يثربي, شاعر جاهلي صعلوك جاءه السواد من أمه، توفي نحو 605 م. ينظر الأغاني، ج 20، مرجع سابق، ص 389.
25 - ديوان الشنفرى ويليه السليك بن السلكة وعمرو بن البراق، إعداد وتقديم طلال حرب، ط1، الدار العالمية، 1993، ص 97.
26 - المصدر السابق، ص 87.
27 - ديوان عنترة : مصدر سابق، ص 113.
28 - اللون في الشعر العربي قبل الإسلام : مرجع سابق، ص 178.
29 - ديوان عنترة : مصدر سابق، ص 65.
30 - شعر الشنفرى : مصدر سابق، ص 101.
31 - تأبط شراً : هو ثابت بن جابر بن سفيان بن عميثل بن عدي بن كعب بن حزن، شاعر جاهلي صعلوك، جاءه السواد من أمه، توفي نحو 540 م. ينظر الأغاني، ج 21، ص 138.
32 - ديوان تأبط شراً : إعداد طلال حرب، ط1، دار، صادر، بيروت 1996، ص 15.
33 - شعر الشنفرى : مصدر سابق، ص 75.
34 - حاجز بن عوف الأزدي، شاعر جاهلي، لص، من أغربة العرب، جاءه السواد من أمه. ينظر الأغاني، ج13، ص 233.
35 - محمد بن مبارك بن ميمون : منتهى الطلب من أشعار العرب، مخطوطة المكتبة السليمانية، الورقتان 129 و130.
36 - شعر عبدة بن الطبيب : تحقيق د. يحيى الجبوري، دار التربية، بغداد 1971، ص 50.
37 - شعر الشنفرى : مصدر سابق، ص 100.
38 - اللون في الشعر العربي قبل الإسلام : مرجع سابق، ص 57 و58.
39 - اللغة واللون : مرجع سابق، ص 154.
40 - ينظر فقه اللغة وسر العربية : مرجع سابق، ص 172 و173 و174.
41 - اللون في الشعر العربي قبل الإسلام : مرجع سابق، ص 57.
42 - ديوان عنترة : مصدر سابق، ص 22.
43 - شعر الشنفرى : مصدر سابق، ص 102.
44 - المصدر نفسه، ص 103.
45 - المصدر نفسه، ص 79.
46 - ول ديورانت : مباهج الفلسفة، ترجمة أحمد فؤاد الأحواني، ج16، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1957، ص 297.
47 - ديوان عنترة : مصدر سابق، ص 47.
48 - المصدر نفسه، ص 160.
49 - المصدر نفسه، ص 175.
50 - شكري عبد الوهاب : الإضاءة المسرحية، ص 76.
51 - البقرة (69).
52 - فقه اللغة وسر العربية، مرجع سابق، ص 72 و73 و74.
53 - اللون في الشعر العربي قبل الإسلام، مرجع سابق، ص 103 و104.
54 - ديوان عنترة : مصدر سابق، ص 212.
55 - شعر الشنفري : مصدر سابق، ص 110.
56 - ديوان تأبط شراً : مصدر سابق, ص 28.
57 - شعر خفاف بن ندبة : مصدر سابق، ص 90.
58 - ديوان عنترة : مصدر سابق، ص 21.
Back
حوليات التراث © كافة الحقوق محفوظة
كلية الآداب والفنون - جامعة مستغانم (الجزائر)
http://annales.univ-mosta.dz/texte/ap03/03zeghrit.htm

الدلالة signification
تحيل الدلالة على مفهوم رئيس في تصور العلاقات بين الحدود المنتجة للقيم المضمونية وتداولها، ويتعلق الأمر ب"السيرورة"، فلا يمكن تصور " كم معنوي" خارج مدار سيرورة تتمحور حول مفهوم العلاقة باعتبارها الحد الأساس في إنتاج أي نشاط دلالي. وعلى هذا الأساس فإن مفهوم >الدلالة مفهوم مركزي ينتظم حوله النشاط السميائي في مجمله <. (6) بل يمكن القول إن رصد شروط إنتاج الدلالة، هو رصد للضوابط الثقافية التي تشتغل كقوانين يتم استنادا إليها تأويل كل الوقائع.
وعلى هذا الأساس، إذا كان المعنى يشير، كما رأينا ذلك أعلاه، إلى كم مادي عديم الشكل وسابق على التمفصل، فإن الدلالة هي الناتج الصافي لهذه المادة وهي وجهه المتحقق. ولهذا فهي من جهة، ليست مفصولة عن شروط إنتاجها، فكل نسق له إرغاماته الخاصة، وله أنماطه في إنتاج دلالاته،(النصوص والصور والوقائع الاجتماعية والموضوعات ...)، وليست مفصولة، من جهة ثانية، عن التدليل ذاته، فالدلالة ليست معطى جاهزا، بل هي حصيلة روابط تجمع بين أداة للتمثيل وبين شيء يوضع للتمثيل ضمن رابط ضروري يجمع بين التمثيل وما يوضع للتمثيل، أي ما يضمن الإحالة استقبالا على نفس الموضوع في حالاته المتنوعة.
ولأن الدلالة هي " سيرورة لإنتاج المعنى" من خلال تحويله من طابعه المادي إلى أشكال مضمونية تدرك ضمن السياقات المتنوعة، فإنها ليست مفصولة عن حقل دلالي غني بمفاهيم تشير كلها إلى طبيعة هذه السيرورة وأنماط وجودها. وهكذا استنادا إلى مفهوم الدلالة تم نحت مجموعة من المفاهيم التي تحيل على نفس النشاط منظورا إليه في حالات تحققه المتنوعة من قبيل "الوظيفة السميائية" (يالمسليف)، و "السميوز (بورس) و"الاندلال" (بارث). وكلها مفاهيم تدل - ضمن سياقاتها النظرية الخاصة- على السيرورة والشروط التي تنتج ضمنها الآثار المعنوية.
وهذا أمر بالغ الأهمية، فالسميائيات لا تبحث عن دلالات جاهزة أو معطاة بشكل سابق على الممارسة الإنسانية، إن السميائيات بحث في شروط الإنتاج والتداول والاستهلاك، مع كل ما يترتب عن ذلك من تصنيفات تطال الدلالة كما تطال السلوك الإنساني ذاته. فما يستهوي النشاط السميائي ليس المعنى المجرد والمعطى، فهذه مرحلة سابقة على الإنتاج السميائي، بل المعنى من حيث هو تحققات متنوعة ميزتها التمنع والاستعصاء على الضبط.
ولقد ارتبط مفهوم الدلالة عند بورس بمفهوم السميوز، وهو مفهوم يشير، من جهة، إلى القدرة على إنتاج دلالة ما استنادا إلى روابط صريحة هي ما يشكل جوهر العلامة وشرط وجودها، ويشير، من جهة ثانية، إلى سيرورة التأويل التي تعد إوالية ضمنية داخل أي سيرورة لإنتاج الدلالة. فبما أن الموضوع المطروح للتمثيل يتجاوز بالضرورة أداة التمثيل، فإن تصور إحالات متتالية تستعيد ما تم إهماله في الإحالة الأولى أمر ممكن، بل هو أمر ضروري. ومن هنا ارتبطت فكرة التأويل عند بورس بفكرة إنتاج الدلالة ذاتها. وهذا ما سنتناوله في الفقرة الموالية.
http://saidbengrad.free.fr/dic/index.htm[/B]

Post: #504
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-25-2006, 00:00 AM
Parent: #502

عزيزنا الفيلادلفي :
عمر ادريس
ولا أدرى لماذا اضفت اسم جدك,
وانت معروف بهذا الاسم

المهم,
ياخي,
ويا صديقي
وجدت اسمك من المتداخلين ,
ولم أعثر للاسف على مداخلتك للتعليق عليها

مرحبا ,
بك ,
تحت سقف الوردة

وارجو أن أتمكن من قراءة مداخلتك
محبتي للاصدقاء المشتركين في مدينة الحب:
فيلي
المشاء

Post: #505
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-25-2006, 04:49 AM
Parent: #504

أخيرا أخي عمر ادريس بعد بحث,
وجدت ردك,
لانك اوردت ردك في مكان آخر

وهذا هو ردك:
*
فهذا أولا ليس كلاما
و ثانيا كنت اتمنى ان تعلق على قولنا هنا,
لا أن تكتفي بالاشارات وهي لغة ,
يمكن ان تفهم بدرجات تتفاوت من طلب الاستزادة الى العرقلانية,
وآخرها التحقير

وسأعود
المشاء

Post: #506
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-31-2006, 04:17 AM
Parent: #505

ظروف انتقالي من فرجينيا الى كاليفورنيا,
جعلت امكانية مواصلة البوست شبه مستحيلة

ساعود حين اعتقد انني يمكن ان اواصل كلامي حول علاقة خطاب درويش باللون,
وردي على لطيف حول "جدارية"
ثم مواصلة محاورنا

ما ذا حل بالآخرين؟؟
هل ان الارهاب الفكري يمكن ان يكون له مثل هذا التأثير؟؟

ساواصل كتابة بوستي الطويل ,
حين تتاح لي مثل تلك الامكانية بعد ان استقر
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #507
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 01-31-2006, 02:44 PM
Parent: #506

عزيزي الخواض....
الاصدقاء تحت سقف الوردة....



متابع..
لكن لا اجد الوقت للمساهمة....




up
الي ان تعود...........

Post: #508
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-01-2006, 00:43 AM
Parent: #507

عزيزي مازن
ارجو ان تعود الينا ,
بعد ان تلقى فرقة
يبدو انني اخطات,
فالمتابعات والمتابعون ينتظرون ان اكمل حديثي عن :
خطاب درويش الشعري
وعلاقته باللون
وهي ,اي علاقتي بدرويش علاقة حميمة,
و ساتحدث كان الله هون عن لقائنا قبل اكثر من عشرين عاما مع درويش حين زار السودان لاول مرة,
كما ساتحدث عن تجربتي مع المبدعة المخرجة المسرحية:
مريم محمد الطيب
حين حاولت اجراء حوار تلفزيوني مع درويش
المهم
ظروفي الحالية ,في مرحلتي الصفرية,
والتي نحتها:
عثمان حامد
للتعبير عن حال الرحيل
تلك الظروف في طريقها الى الحل,
وبعدها اعاود نشاطي ,
في بوستات كثيرة وفي منبرين مختلفين
تحياتي يا مازن
وأرقد عافية
المشاء

Post: #509
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-01-2006, 05:28 AM
Parent: #508

فواصل تشكيلية حتى عودتنا,
بعد الانتهاء من المرحلة الصفرية
مقدمة للكلام حول خطاب درويش عن اللون الرمادي

Post: #510
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-02-2006, 11:45 AM
Parent: #509

المقدمة
اللون : يعتبر الأساس الوحيد لصياغة التصميم بشكل متكامل وقد تطور اللون تبعاً لاحتياجات التصميم .
والألوان في كل مكان نتحرك فيه في بيوتنا ، ملابسنا ، شوارعنا ، سياراتنا ، صحفنا ، مجلاتنا ، أفلامنا … كل شيء ملون ، يؤثر ويتأثر بذوق الإنسان
الألوان أيضا لها آثرها النفسي ومقدرتها على الإثارة أو بعث الهدوء ، الإحساس بالقوة أو الضعف ، فهي ذات إمكانية عظيمة يمكن استثمارها في سبيل ارتقاء حياتنا الثقافية والجمالية ، كما أن هناك الكثير من الوظائف المتصلة .
الاستعمالات اللونية تزيد من أهمية الألوان في حياة الإنسان .
الألوان في الطبيعة :
اللون الأصفر :
يعتبر اللون الأصفر من الألوان الدافئة ، يقع في دائرة الألوان بين مجموعة الأصفر البرتقالي والبرتقالي حتى الأحمر ، وبين مجموعة الأخضر المصفر فالأخضر المزرق ، وينتج من تراكب الضوء الأحمر على الضوء الأخضر ، وهو اللون الأقرب إلى الأبيض ، وعند وضعه تجاه خلفية بيضاء يبدو دافئا رقيقا وعميقا .
والأصفر الصارخ يدل على الجمال والتألق والحيوية واللون الأصفر في لون بشرة أو في لون ورقة ساقطة في الخريف يثير إحساسا بالموت والفناء ، في لون الرمال الشاسعة يثير الإحساس بالجدب ( القحط ) ، وفي لون الغلاف الجوي المحيط يثير الشعور بقرب عاصفة هوجاء وهو في لون الفاكهة يثير إحساسا بالنضج والطراوة ، وفي لون صفرة الشمس الساقط على بقاع الأرض يثير إحساسا بالدفء والحيوية ، وفي بريق الذهب يثير الإحساس بالفخامة والأبهة .
اللون الأحمر :
يعتبر اللون الأحمر من الألوان الدافئة ، ويقع في الدائرة اللونية بين مجموعة البرتقالي فالأصفر البرتقالي حتى الأصفر ، وبين مجموعة الأرجواني فالبنفسجي فالأزرق البحري حتى الأزرق . وينتج من تراكيب المرشحين البنفسجي الماجنتا والأصفر أمام الضوء الأبيض .
ويتميز بإشعاع غزير ، وعندما يوضع تجاه خلفية بيضاء فإن هذا الإشعاع يبدو معتما ويظهر دافئا مطفيا ، بينما يبدي كل قوته النارية حينما يوضع تجاه خلفية سوداء .
واللون الأحمر بصفة عامة يجتذب العين إليه بلا مقاومة واللون الأحمر حسب موقعه ، يرمز الإنسان بمعان مختلفة : فعندما يقع اللون الأحمر في إشارة المرور فإنه يحذر من الخطر . وعندما يمثل بقعة من الدم يثير الخوف ولغثيان ، وفي وسط النيران يثير الرعب والهلع .
وهو على شفاه حسناء يدعو إلى الفتنة ، وفي لون تفاحة حمراء أو قطعة من البطيخ يثير الشهية .
أما في ألوان الزهور فيثير الإحساس بالبهجة والجمال .
اللون الأزرق :
يعتبر اللون الأزرق من الألوان الباردة ، ويقع في الدائرة اللونية مواجها لمجموعة الألوان الحمراء والبرتقالية التي يتكامل معها وبين مجموعة الأزرق السباتية ، فالأخضران المائلة للزرقة ، فالأخضران المائلة للصفرة حتى الأصفر ، وبين مجموعة الأزرق البحري فالبنفسجي فالأرجواني حتى الأحمر .
ونحصل عليه بوضع مرشحين أحدهما أخضر مزرق والآخر بنفسجي ماجنتا متراكبين أمام أشعة الضوء الأبيض ، وهو يزداد عمقا وشفافية حينما يحيط به مساحة سوداء مستوية أو عندما يعرض بمساحات واسعة .
وعندما ينتقل الأزرق من أمام خلفية بيضاء إلى خلفية سوداء فإنه يتحول من القتامة المظلمة إلى العمق المضيء .
وهو اللون الوحيد الذي يغمر سطح الأرض ، وهو يحدد الإبعاد ، ويعطي الشعور بالعمق ، وهو لون قابل للتأثر سلبي بارد ، يمتاز بتخفيف التوتر والعصبية عند الإنسان .
والأزرق في السماء سمو وعمق ، وفي المياه برودة وارتواء ، وفي الغيوم خير وأمل .
وهو يبعث على الهدوء والتفاؤل حيث كانت الفتيات المقبلات على الزواج في اليونان يتفاءلن به ويحرصن على ارتداء شريط أزرق أو خاتم من هذا اللون في حفلات الزفاف منعا للحسد .

اللون البرتقالي :
تقع مجموعته مواجهة لمجموعة الأزرقان والأخضران المكملة له في الدائرة اللونية .
وهو مركب من الأصفر والأحمر ، ويشتمل على تألق الأصفر مع دفء الأحمر .
والبرتقالي هو همزة الوصل بين الألوان الباردة والألوان الساخنة ، لذلك يلعب دورا حيويا في إيجاد التوافقات اللونية الهامة .
وتزداد سخونته عندما يقع وسط الألوان الباردة ، ويقل سطوعه وسط الألوان الحمراء الملتهبة .
وهو يفقد خصائصه ويصير لونا باهتا عندما يضعف تركيزه كما يتحول إلى بني ميت عندما يستعمل الأسود في تدرجه ، فاللون البرتقالي يثير الإحساسات المتعددة ، ففي الشمس يبعث على الدفء ، وفي النيران المشتعلة والحرائق يثير الفزع ، أما في الفواكه فيرمز إلى النضج ويثير الشهية ، وفي إشارة المرور يشير إلى الاستعداد والتأهب .
اللون البنفسجي :
يقع في الدائرة اللونية في المجموعة المضادة الصفراء البرتقالية والصفراء المخضرة تبعا لميله نحو الإرجوانية أو الزرقة ويقع بين مجموعة الأزرق البحري حتى الأزرق من جهة وبين الأرجواني حتى الأحمر من جهة أخرى .
وينتج بمزج اللون الأحمر مع اللون الأزرق ، ويعتبر أقل الألوان سطوعا على الإطلاق .
ومن الصعب يوضع اللون البنفسجي على حدة أن تحدد عما إذا كان يميل إلى البنفسجي المائل للحمرة أو البنفسجي المائل للزرقة .
وهذا اللون دليل على الغموض والميوعة والتردد في اتخاذ القرارات ، ولقد اتخذه العشاق رمزا لهم ، فهو يثير خيالاتهم ويدعو إلى العاطفة الهادئة الرقيقة .

اللون الأخضر :
يقع اللون الأخضر مواجها لمجموعات البرتقالية في الدائرة اللونية بين الأخضر المائل للاصفرار حتى اللون الأصفر ، ومن جهة أخرى بين مجموعة الأخضر المائل للرزقة حتى الأزرق وينتج من مزج اللونين الأساسيين الأصفر والأزرق .
ويفقد اللون الأخضر قوته بالتخفيف ويصير أكثر برودة ، وعندما يخلط مع اللون الأسود أو الرمادي بغرض تدرجه فإنه ينتج أخضر رمادي كالح أو زيتوني .
واللون الأخضر هو اللون الوحيد الذي إذا ما طغى على كل الألوان الأخرى فإن الإنسان لا يحس بأي ضيق أو ملل . لذلك لم يكن أحب إلى نفوس العرب البدو من اللون الأخضر وسط ألوان الصحراء الجدباء الخاوية .
ولقد أثبتت أبحاث الدكتور فريلنينج النفسية ببافاريا الشمالية والذي يعتبر أشهر طبيب نفساني في العالم يستخدم الألوان في العلاج إن اللون الأصغر والأخضر يهدئ ضربات القلب ، ويساعد على تحسين الدورة الدموية ، وقد قام في أحد تجاربه بطلاء جدران بعض المصانع التي تستخدم آلات شديدة الضجيج فتبين إن العمال كفوا عن الشكوى من الضجيج بسبب تأثير اللون الأخضر المحيط بهم .

اللون الأبيض :
ينتج اللون الأبيض إذا سقط الضوء الأبيض على جسم ما وقام هذا الجسم برد إشعاعات هذا الضوء جميعها .
ويعتبر أكثر الألوان سطوعا ، ومن أهم الخصائص الأبيض وضوحا قدرته على خفض قوة تألق أي لون إلى جانبه ، وكذلك لا يتأثر الأبيض النقي في نفس الوقت بأي لون آخر مهما كان متألقا .
وعند خلط اللون الأبيض مع الألوان المتألقة فإنه يميل إلى سلب تألقها وتحويلها إلى ألوان ذات سطوع ضبابية معتمة .
وبالرغم من ضرورة مزج اللون الأبيض مع مختلف الألوان إلا أنه يجب تقليل استعماله إلى أدنى حد .
وإن الإضافة الغير محسوبة من اللون الأبيض إلى الألوان الأخرى بقصد التخفيف من تألقاتها ويجعلها طباشرية المظهر قاحلة وغير زاهية مما يجب تجنبه ، ولقد اتخذت الحمامة البيضاء وليست السوداء رمزا للسلام والمحبة بالرغم من أن كل منهما أليف وديع .
والبياض هو قمة الصفاء والنقاء والوضوح ، ويستعمل في الظهر والقبول .
كما يوحي بمعنى تطمئن له النفس وتحس بالصفاء والسكينة ، ويبعث على التفاؤل والسرور والحب كذلك تزدان به العرائس في حفلات الزفاف رمزا للعذرية والطهارة وهناك من يكرهون هذا اللون ، وهم غالبا من مروا بتجربة أليمة مع المرض اضطرتهم إلى قضاء فترات طويلة في المستشفيات .

اللون الأسود :
ينتج اللون الأسود عندما يختفي الضوء عن سطح أو مكان ، ويختلف تأثير اللون الأسود وعندما يحيط بلون أو يقع خلفه أو أمامه ، والأسود عديم اللون .
وإن الاستعمال الحكيم للون الأسود بين يدي فنان موهوب يمكنه من تحويل الشكل المصور إلى عمل بالغ الصفاء وإن الإسراف في استعمال أي نوع من أنواع الأسودان يمكنه أن يشوه الشكل ، وبالخبرة وحدها يمكن السيطرة على هذا اللون العتيق .
والسواد يدل على الكسوف والخزي ، ويرتبط هذا اللون في أذهاننا بالمناسبات الحزينة لذلك فإنه يبعث على التشاؤم في نفوس الكثيرين ، كما يعتبر في عالم الأزياء ملك السهرات حتى أن بعض بيوت الأزياء بدأت في تصميم أثواب الزفاف من اللون الأسود ، أيضا إعجابنا جميعا بمشهد النجوم والأقمار وهي تتلألأ في صفحة السماء المظلمة .

اللون الرمادي :
يميل إلى السخونة عندما يمتزج بالألوان الساخنة وإلى البرودة عندما يزداد امتزاجه بالألوان الباردة .
ويمكن للرمادي بقوته الحيادية أن يحول تباينات اللون الصارخة إلى ألوان منسجمة ولهذه الوسيلة يدعى لنفسه الحيوية ,
ووضع الرمادي بجوار لون ما يزيد من شدة اللون ، كما أنه في الوقت نفسه يؤدي إلى ميل هذا الرمادي إلى اللون المكمل للون المجاور .
إن الرمادي خصوصا الرمادي المتوسط هو أكثر الألوان جميعها حيادا ، وهو لون خال تماما من التعبير ، وهو لون غامض ، سلبي ، متغلب ، سهل الانقياد ، عديم الشخصية ، منافق طفيلي ، مداهن ، ومتلون .
الخاتمة
إنه عندما تتغير هذه الألوان مرة بعد مرة من كل شكل جديد ، وتتغير درجة شدتها أو تألقها فإن النتائج لا يمكن تصور أبعادها .
وإن لكل لون معنى حسب موقعه ، وبناء على ذلك ليس هناك لون جميل ولون غير جميل في حد ذاته ، وإنما جمال اللون أو قبحه ينتج من العلاقة التي تحدد معناه والموقع الذي يشغله في الشكل .
الفهرس
الموضوع الصفحة
المقدمة 1
اللون الأصفر 2
اللون الأحمر 4
اللون الأزرق 5
اللون البرتقالي 7
اللون البنفسجي 9
اللون الأخضر 10
اللون الأبيض 12
اللون الأسود 14
اللون الرمادي 15
الخاتمة 16

المراجع / التشكيل اللوني في الطباعة - د. إدريس فرج الله
http://www.mohdkottb.5u.com/taseer%20nafsi%20aloan.htm[/B][/B]

Post: #511
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-02-2006, 08:02 PM
Parent: #510

Warm Colors


Cool Colors


wonderful example of warm and cool colors used together to convey a feeling

Post: #512
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 02-03-2006, 00:08 AM
Parent: #511

عزيزي المشاء:

بمناسبة ما أشرت إليه أنت أعلاه من إرهاب فكري, يبدو أنني بدأت أشعر أن ثمة من يحصي أنفاسي في هذا المنبر من الخارج, ربما لهذا أقول لك صادقا:

(((لك مثل ما في قلب أمي لي من دعاء)))!.



تخريمة:
ربما يحين وقت في القريب لأسرد بعض أوجه علاقتي مع (((أمي والله))).

Post: #513
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-03-2006, 03:19 AM
Parent: #512

عزيزي البرنس
مرحبا بك بعد غيبة طويلة تسببت فيها معاركك الاسفيرية
ليس من أحد يمكن ان يرهبنا
واليك كلام عن اللون الرمادي لمظفر النواب،
وهذه واحدة من فواصلي بعد ان اتمكن من العثور على ما كتبته قبلا
وما كتبته من رد طويل على طويل العمر واللسان

اللون الرمادي

مظفر النواب


دمشقُ عدتُ بلا حُزني ولا فرَحي

يقودني شَبحٌ مضنى إلى شبحِ

ضَيّعتُ منكِ طريقاً كنتُ أعرفه
سكرانَ مغمضة عيني من الطفحِ

أصابحُ الليلَ مصلوباً على جسدٍ

لم أدرِ أيَّ خفايا حُسنه قدحي

أسى حريرٍ شآميٍّ يداعبه

إبريق خمرٍ عراقيٍّ شجٍ نضِحِ
دفعت روحي على روحي فباعَدني

نهدان عن جنةٍ في موسمٍ لقح

أذكى فضائحه لثماً فيطردني

شداً إليه غريرٌ غير مفتضح

تستقرئ الغيب كُفي في تحسّسه

كريزةٍ فوق ماءٍ ريِّقٍ مرح

يا لانحدارٍ بطئٍ أخمصٍ رخصٍ

ولارتفاعٍ سريعٍ طافحٍ طمح

"ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه؟!"

نهدٌ عليَّ ونهدٍ كان في سرح

هذا يطاعنني حتى أموت له

وذاك يمسح خدي بالهوى السمح

كأن زهرة لوزٍ في تفتّحها

تمجّ في قبضتي بالعنبر النفح

دمشق عدت وقلبي كله قرحٌ

وأين كان غريبٌ غير ذي قرح

هذي الحقيبة عادت وحدها وطني

ورحلة العمر عادت وحدها قدحي

أصابح الليل مطلوباً على أملٍ

أن لا أموت غريباً ميتة الشبح

يا جنة مر فيها الله ذات ضحى

لعل فيها نواسياً على قدح

فحار زيتونها ما بين خضرته

وخضرة الليل والكاسات والملح
لقد سكرت من الدنيا ويوقظني

ما كان من عنبٍ فيها ومن بلح

تهرُّ خلفي كلاب الحيّ ناهشة

أطراف ثوبي على عظمٍ من المنح

ضحكت منها ومني فهي يقتلها

سعارها وأنا يغتالني فرحي



29/12/1971

Post: #514
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-03-2006, 03:38 AM
Parent: #513

هنا صورة لمظفر النواب:

Post: #515
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-03-2006, 07:10 PM
Parent: #514

استمع الى نصوص شعرية صوتية لأمل دنقل عبر الرابط التالي:
http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&file=media&d...sq&shid=9&start=0[/B]

Post: #516
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-03-2006, 07:13 PM
Parent: #515

استمعي الى نصوص شعرية صوتية لمحمود درويش عبر الرابط التالي:
http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&file=media&d...&shid=334&start=0[/B]

Post: #517
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-03-2006, 07:30 PM
Parent: #516

كمدخل للحديث عن دلالة اللون في الخطاب الشعري لدرويش و في جدارية,
سنتحدث –كان الله هون-عن اللون في :
نبيذ محمد بنيس

المشاء



Post: #518
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-04-2006, 00:12 AM
Parent: #517


Post: #519
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Abomihyar
Date: 02-04-2006, 01:05 AM
Parent: #518

شكرا يا عريس على هذه الروابط

انها هدية ذات قيمة عالية جدا.

شكرا لك وتمنياتي لك بالسعادة يا صديقي.

Post: #520
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-04-2006, 04:41 AM
Parent: #519

شكرا سمي
اشارتك للروابط مهمة,
اذ اننا نحاول ان ننشئ بوستا اسفيريا,
بقدر معرفتنا للاسافير,
بحيث يكون متعدد اللغات
هنالك فوارق واضحة في طريقة الالقاء الشعري بين:
أمل دنقل
و
نزار قباني
و
محمود درويش
يبدو محمود درويش -في رايي -كما اشرنا سابقا,
أنه اكثرهم اجادة للالقاء والحضور الشعري
وسأعود
المشا

Post: #593
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Shazali
Date: 06-27-2006, 02:24 AM
Parent: #514




ايييييييه كل الابداع ده .... نقول ده من شنو ياربى ؟؟؟؟؟؟

من حيث لاتدرى ان قصيدة مظفر عليه الرحمه هدية لى شخصيا

لأنها من القصائد التى افتقدهاولكنها تفضى بك الى طلب علبة الدخان وزجاجة الكولا !!!

انها حالة تفتح جميله ..واذا عرف السبب بطل العجب!!

ارجو عدم الاطاله حتى يسمح الزمن النهل من عطاءك الابداعى الجميل..

كل المداخله
خالص التحايا لك وللرفيقه التى اسهمت فى هذا التفتح الجديد

Post: #559
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: حاتم الياس
Date: 04-05-2006, 08:06 AM
Parent: #499

نعود من جديد....لمكان طالما أحببناه

سهولة المفرده أعمق تحدى فى الشعر العربى الحديث فى رحلة خروجه من غوايات الغموض ووالنحت اللغوى الذى لايقيم على حكمة ولارؤية

البساطة الحكيمة والعميقة هى مرحلة درويش الحالية..

Post: #521
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-05-2006, 10:52 PM
Parent: #1

لم استطع انزال ملاحظاتي النقدية عن اللون في نبيذ محمد بنيس,لاسباب تقنية
وهي جاهزة
و ساحاول نشرها غدا متسلسلة او دفعة واحدة حسب التساهيل،
او تحت شعار كان الله هون

هنا نبذة تعريفية عن الشاعر المغربي والكاتب والباحث الكبير:
محمد بنيس
ولي معه حكايةأخرى ساحكيها لاحقا

محمد بنيس شاعر مغربي ولد بفاس 1948م. تابع دراسته العليا بكلية الآداب والعلوم الانسانية بفاس حيث حصل على إجازة في الأدب العربي سنة 1978م. وفي نفس السنة، حصل على دبلوم الدراسات العليا من كلية الأداب والعلوم الانسانية بالرباط. ومن نفس الكلية حصل على دكتوراه الدولة سنة 1988م. يعمل حالياً أستاذاً للشعر العربي الحديث بنفس الكلية.

أسس مجلة الثقافة الجديدة سنة 1974 م، وهو أحد مؤسسي بيت الشعر في المغرب إلى جوار محمد بنطلحة وصلاح بوسريف وحسن نجمي. تحمل مسؤولية رئيس بيت الشعر في المغربفي الفترة بين 1996 و2003 م.

حصل سنة 1993 م على جائزة المغرب عن ديوانه هبة الفراغ وسنة 2000 على جائزة الأطلس للترجمة عن ديوانه نهر بين جنازتين.
تلازمت كتاباته الشعرية مع اهتماماته الثقافية والتنظيرية للشعر العربي.

دواوينه الشعرية

ما قبل الكلام، 1969.
شئ عن الاضطهاد والفرح، 1972.
وجه متوهج عبر امتداد الزمن، 1974.
في اتجاه صوتك العمودي، 1980.
مواسم الشرق، 1986.
ورقة البهاء، 1988.
هبة الفراغ، 1992.
كتاب الحب، باشتراك مع الفنان التشكيلي العراقي ضياء العزاوي، 1995.
المكان الوثني، 1996.
نهر بين جنازتين،دار توبقال للنشر،الدار البيضاء،2000
الأعمال الشعرية(مجلدان)،المؤسسة العربية للدراسات والنشر،بيروت،دار توبقال للنشر،الدار البيضاء،2002

وسنواصل سيرة بنيس بعد قليل
المشاء

Post: #522
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-05-2006, 11:12 PM
Parent: #521

نواصل الحديث عن سيرة:
محمد بنيس

*نصوص:
*شطحات لمنتصف النهار،المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء،بيروت،1996
*العبور الى ضفاف زرقاء،تبر الرمان،تونس،1998
*دراسات:
ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب،طبعة أولى،دار العودة،بيروت،1979،طبعة ثانية،دار التنوير-المركز الثقافي العربي،بيروت-الدار البيضاء،1985،طبعة ثانية،المركز الثقافي العربي،بيروت-الدار البيضاء،1988.
*الشعر العربي الحديث،بنياته وابدالاته،دار توبقال للنشر،الدار البيضاء
الجزء الأول،التقليدية،1989،ط 2،2001
*الجزء الثاني،الرومانسية العربية،1990،ط 2،2001
*الجزء الثالث،الشعر المعاصر،1990،ط 2،1996،ط 3،2001
*الجزء الرابع،مساءلة الحداثة،1991,ط 2،
2001.
*كتابة المحو،دار توبقال للنشر،الدار البيضاء،1994.
*ترجمة:
1*الاسم العربي الجريح،عبد الكبير الخطيبي،دار العودة,بيروت،1980
طبعةثانية،منشورات عكاظ،الرباط،2000
2*الغرفة الفارغة(شعر)،جاك أنصي،الهيئة العامة لقصور الثقافة،القاهرة،1996
3*هسيس الهواء(أعمال شعرية)برنار نويل،دار توبقال للنشر،الدار البيضاء،1998
4*قبر ابن عربي،يليه آياء(شعر) ،عبد الوهاب المؤدب،نقل الى العربية بالاشتراك مع المؤلف،دار النهار

وسأعود
المشاء

Post: #523
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-06-2006, 01:35 PM
Parent: #522

**العتبات النصية:
لا يمكن مقاربة دلالة الالوان في نبيذ محمد بينس,بدون معاينة السياق الذي ورد فيه توظيف الالوان أي سياق السكر وأحوال السكران ومقاماته
ويبدو التصدير كعتبة نصية,مدخلا لتهيئة القارئ لما ينتظره من آفاق نصية مرتبطة بالسكر والسكران

وهنا نماذج من التصدير كعتبة نصية مهمة:
Quote: كل سكرٍ لا يكون عن شربٍ لا يعوّل عليه

ابن عربي
*
Quote: فالحانة منسكي وديني عشقي
ذكراك عبادتي وِورديَ كأسي

نظام الدين الأصفهاني
ص 133
*
Quote: وكاساتٍ أشدّ يدي عليها مخافة أن تطير من الجماح

ابن نباتة
ص 147
Quote: *شربت زجاجةً وبكيت أخرى
فراحوا منتشين وما انتشيتُ
بشّار بن برد
ص 159
*
Quote: وللسرّ مني موضعٌ لا يناله
نديمٌ ولا يفضي اليه شرابُ

المتنبي
ص 177
*
Quote: لأن السكران هو الذي ينطق بكل مكتوم

الحلاج
ص 203

Post: #524
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-06-2006, 05:21 PM
Parent: #523

دلالة اللون او الالوان يمكن ان تدرك من مستويات عدة
مستوى الثقافة المحددة,اذا ماكان النص الشعري ينظر الى اللون كما تنظر اليه ثقافة معينه او فئة اجتماعية معينة,مثلما في احالة اللون الاسود الى الحزن والشقاء والتشاؤم كما في الحديث عن السوداوية.وقد ينظر النص الشعري الى اللون كما في الدلالة الشائعة كما سنرى عند درويش في تناوله للأخضر كرمز للخصب,او كما في حالة تعامل "العودة الى سنار" في النظر الى الازرق باعتباره مرتبطا بالسلطنة الزرقاء.
ويمكن ايضا تتبع تعامل النص الشعري مع اللون او الالوان على مستويين :
المستوى الدياكروني من حيث التتابع
المستوى السنكروني من حيث تتبع دلالات لون معين مثل اللون الازرق كما في :
نبيذ
فالأزرق مثلا مرتبط بالمتاهة والحلق والسحر والخواطر والطاف كواكب فلك ما.
وقد حاولنا ان نلخص بعضا من دلالات اللون وروابطه المختلفة مع عناصر النص الشعري.
*احمرار السكران:
تضيف الى احمرارك شعلة منحوتةً بيدٍ يقيم الغيب بين خطوطها حقلا من ظلالٍ أنت تصقلها
ص 17
*لون الكأس:
لا يأسُ للونك أيّهذا الكأس
ص18
*ألوان ألطاف كواكب فلك:
فلكُ دارت ألطاف كواكبه
حمراً حيناً
زرقاً
ص 21
*زرقة مزلاج فتحه عنبٌ:
عنبُ
يتلهب في شمسٍ
يصعد أدراج الماء
يفتح مزلاج سحابٍ أزرق ,
يصنع لي شفقاً
وينام
ص24
*اللون واللذة:استفهام ما:
هل هذا اللون يضيف
الى اللذة
وعدا
أم أن الحمى
طفلٌ من أطفال الضوء
ص30
*السواد الفارغ:
عندما أيقنت أن وراء النبيذ حفرةً
لم تدركني معرفة سواد فارغ ويدان
ص54
*زرقة الصمت:
وأنت تكتب ما تملي عليك عيناك في زرقة الصمت
نشيدا به يمتزج جسدك ولا يصل أبداً اليك
ص56
*البياض والأخضر:
في اللانهائي الهواء على حد الكأس
يدٌ تفتش عن دبدبة القصيدة تلك الزهرة الغنبازة في مواسم الطفولة
تتقد كما تعطف راقصةٌ بقدميها
علاماتٍ في الفراغ بياض الجير
والسطوح أفقيةٌ خطوط الأخضر ذائبةٌ على أصابعي
ص61
*حمرة الزرجونة:
عبق الكروم يفيض من زرجونةٍ
حمراء
من ورقٍ تشرّف واستقلّ بحلمه
زرجونة واحدة الزرجون لقضبان الكرم.وتعني أي الخمر بالفارسية.راجع المنجد الأدبي
ص67
*متاهة زرقة:
في جنبات سقف الحانة
انعقدت
متاهة زرقةٍ
ظلت تذكرني بلذة ما لمستُ
ص 68
*نمو الزرقة:
أراقب زرقةً تنمو على ماءٍ وطين
ص 69
*بياضٌ طائرٌ
ص70
*ألوان لؤلؤة :عدم التحديد
سيسألني الرحيل أمام خط عماي,
عن ألوان لؤلؤةٍ ستخلع ثوبها
ص73
*السكر وشعشعة الألوان:
ضبابٌ في البعيد ولمعةٌ تصفو بألوانٍ مشعشعةٍ
على وجهٍ يحاذي السُكر
ص 84
*زرقة السحر:
كأن السحر أزرقُ
نفحةٌ صحراء
ص87
*زرقة الحلق:
ربما رعشاتنا امتلأت
بأقدم زرقةٍ في الحلق
ص92
*زرقة اللمعان:
لعل هواءنا يمتد في غبشٍ صفوف نهايةٍ تعلو الى أفقٍ قريبٍ من مدارج لمعةٍ ما زلت اسمعها تصيح,
بنفسجٌ في الكأس ,
واللمعان أزرقُ نازلاً ينحلّ مضطرباً على ثدييك،
كأسٌ ثم كأسٌ حين يمتلك الهواء أصابعي
ص101
*الريح العاصفة للألوان :غير محددة:
يجري العجيب مع انبثاق الضوء مكتملا كما لو أننا كنا هنا من قبل,
أو سنكون فجرا تلو فجرٍ
لحظةٌ تندس في أعضائنا ريحا من الألوان عاصفةً بكل جذور هذا الماء تكسو الوشوشات فضاءها
ص ص 104-5
*اللون والشفافية في السكر:
كأسي الوحيدة ربما لونٌ توزّع في اتجاهات الشفافية,
انظري من أين يقضمنا الفناء ونحن نكتب شطحةً أصفى,
نعدد سكرنا,
وكلامنا قطع الرنين
ص108
*معابر زرقة:
غريباً ربما أدميت كل أصابعي ,
فجرا توالى في معابر زرقةٍ تدنو من الكلمات
ص 115
*الزرقة والليل:
ليكن طريقك لعنة ممهورةً بأظافر الموتي,
تجر بحبلها ذكرى مساء
شخصٌ يوسع شرفةً مجهولةً ليرى
الليل أزرق,
والطيور قريبةٌ من صمتها
ص 117
*
*لون ما على وجه السكران:
كأسٌ وشبه زجاجةٍ ,
لونٌ على وجهي بلألأة السكون اللاسكون
ص 136
*سواد الكروم واللمعة:
أيهذا السواد
ان لي من كرومك ما لست تدركه,
لمعةً تتراءى بعيداً على شكل ذبذبةٍ من ظلالٍ هي الأنثوي
ص 139
*تضاعف الخضرة:
قبابٌ معلقةٌ تتضاعف خضرتها,
ربما موجةٌ وحدها في السماء
ص142
*الخضرة مستترة:الزمرد
بلون الزمرد بعض نجومٍ
ص142
فالزمرد هو "حجر كريم شفاف شديد الخضرة,
وأشده خضرة أجوده وأصفاه جوهرا".
المنجد الأبجدي-ص 510
*البياض
الليالي التقت بينها
الليالي استراح على جنب فسقيةٍ,
دُرجٌ كنت أصعدها
والبياض ،
يديم البياض
ص143
*سرير البياض:
والصدى,
يتساقط فوق سرير البياض
ص144
*كسور وزنية:
هل فكرنا مطرٌ خفيفٌ؟
هل شفافية الستارة ما يحرك بيننا البلّور؟؟
ص 149
*زرقة الوقت:
وقتنا وُكنات طيرٍ ,
قاد زرقته الى وطنٍ بلا وطنٍ
ص 150
*مداعبة الأحمر:
كنتُ أداعب أحمرَ ,أرشقهُ بهبوب السر على الكتفين
ص153
*الأزرق و الأخضر:
هنا أزرقٌ ينثني,
أخضرٌ،
يتبطن ريح الغياب
ص 154
*تلوين الهواء:
هواءٌ يلوّن كوناً,
يعيد التجسّد في جمرةٍ,
هي صفو اتقاد النبيذ
ص 155
*بياض الرغبة:
أصغي إليَّ,
الكأس تصمت،
رغبةٌ بيضاء أنصع من لهيب الوقت,
تترك وجهها متحركاً
ص 162
*ازرقاق شمال "اللوعة":
انهض
أيها السكران,
كلما مسّت أنفاسك أنفاسي,
رأيتني فوق عربةٍ ,
أتعجل الوصول الى ازرقاقٍ شمال اللوعة
ص 165
*خضرة السحب:
كأسُ منيّ اقتربت
و أنا أبصر ما يفنى تحت سحابٍ أخضر,
لا
ثمة في الصمت يدٌ تبحث عن كثرتها
ص 167
*الأزرق والحجارة:
أزرق مكتوبٌ فوق الأحجار
ص 168
*سواد:
لمامة نارٍ يعكسها صمتٌ وسواد
ص 168
*البياض والحلم:
حلمٌ من بياضٍ ,
يثتبنا في الشروق
ص 170
*تعدد اللون:
زهرٌ يعدد ألوانه فوق واجهةٍ من زجاج
ص 171
*صمت البياض:
ارقصْ
على مرأى من العدم الذي ما زال يجلس فوق كرسيٍ أمامك،
وانتخبْ كأساً لترفعها الى صمت البياض
174
*الزرقة والبياض والخواطر:
وأنا أحدق في الخواطر،
مرةٌ زرقاء أو بيضاء
ص 175
*سواد مربع:
مربعٌ أسود في داخلي بداخلي يطوفْ
مربعلٌ من غمامٍ أو هواءٍ قذفت به الأنفاسْ
ص179
*زرقة كف:
كذلك اختبأت الكلمات في كفٍ أزرق
187
*لون ما غامق:
واجهة الحانة مبقعةٌ بلونٍ غامقٍ
195
*بياض خطوة:
نزول الوشم في صدري نعومة لمسةٍ تنمو على كتفي ,
عروج اللانهاية في التماع الكأس خفة خطوةٍ بيضاء ينحتها الفراغ
ص215
وسنحاول بعد ذلك الحديث عن العلاقات اللونية في العودة الى سنار لمحمد عبد الحي.
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #525
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-06-2006, 07:24 PM
Parent: #524

*اللون في "العودة الى سنار" لمحمد عبد الحي:

الزرقة: *

في العودة الى سنار,يبدو اللون الازرق لونا مركزيا,ربما لانه يرجع الى السلطنة الزرقاء
وهنا أمثلة لذلك :

Quote: حرّاس اللغة-المملكة الزرقاء

ص14
*
Quote: فافتحوا حراس سنار,
افتحوا باب الدم الأول كي تستقبل اللغة الأولى دماهْ
حيث بلّور الحضورْ
لهبٌ أزرق في عين المياه
ص 19

ثم:
Quote: خرافةً تعود،
وهلةً ووهلةً،
الى نطفتها الأشياءْ
فيها،وينضج اللهيب
في عظامها الفائرة الزرقاءْ

ص23

ويصبح الأزرق هو رمز الذاكرة الاولى,وهي ايضا الذاكرة الاكبر,أي ذاكرة الذات الكاتبة وهي تحاول ان تشكل في مصهر روحها ضمير امته الذي لم يولد بعد:

Quote: لغةٌ فوق شفاهٍ من ذهبٍ
أم نورٌ في شجر الحلم المزهر
عند حدود الذاكرة الكبرى
الذاكرة الأولى؟
أم صوتي يتكوّر طفلاُ كي يولد
في عتبات اللغة الزرقاء؟

ص 26
*وبعد ذلك المقطع مباشرة تقول الذات الكاتبة بعد بياض يكشف انقضاء زمن ما بعد ذلك المقطع الذي يتحدث عن الذاكرة الكبرى\الأولي كبدء لولادة ثقافية رمزية تتم على اعتاب اللغة الزرقاء:
Quote: وتجيئ أشباحٌ مقنعةٌ لترقص حرةً،زمنا،
على جسدي الذي يمتد أحراشا، سهوباً:
تمرح الأفيال،تسترخي التماسيح،الطيور تهبّ مثل غمامةٍ،والنحل مروحةٌ
يغني وهو يعسل في تجاويف الجبال،وتستدير مدينةٌ زرقاء في جسدي،ويبدأ صوتها،صوتي،يجسد صوت موتاي الطليق
ص26
* في النشيد الختامي اي نشيد الصبح تبدو سنار في سفورها المتعدد في شكل جرح ازرق, وأستخدام الجرح هنا قد يكون دلالة على سنوات التيه التي كانت تعيش فيها الذات الكاتبة قبل ان تعود الى مصهرها الجديد:
Quote: سنار تسفر في نقاء الصحو،جرحا أزرقا،جبلاً،الهاً،طائراً،
فهداً ،حصاناً،أبيضاً،رمحاً كتابْ
رجعت طيور البحر فجراً من مسافات الغيابْ
البحر يحلم وحده أحلامه الخضراء في فوضى العبابْ
البحر؟ان البحر فينا خضرةٌ،حلمٌ،هيولى،
في انتظار طلوعها الأبدي في لغة الترابْ

ص28
*
ويبدو اللون الاخضر ايضا لونا اساسيا كما في الامثلة التالية:

Quote: وحمل الهواءْ
رائحة الأرض،
ولوناً غير لون هذه الهاوية الخضراءْ

ص12
و اللون الاخضر هو لون الصمت,مثلما انه كان لون الهاوية:

Quote: أنا منكم،تائهٌ عاد يغني بلسانٍ
ويصلي بلسانٍ
من بحارٍ نائياتٍ
لم تنر في صمتها الأخضر أحلام الموانئ

ص17
ثم يبدو,الاخضر,في سياق اخضر هو لون لريش اللهيب,وهذه صورة شعرية معقدة,اذ يتمزج الريش الذي تلتهمه النار ,باللهيب,مما يشبه ما قيل عن "لهب أزرق في عين المياه":
*
Quote: سـأعود اليوم يا سنار،حيث الحلم ينمو تحت ماء الليل أشجاراً
تعرّى في خريفي وشتائي
ثم تهتز بنار الأرض،ترفضّ لهيباً أخضر الريش لكي تنضج في دمائي
ثمرً أحمر في صيفي،مرايا جسدٍ أحلامه تصعد في الصمت نجوماً في سمائي
سأعود اليوم،يا سنار،حيث الرمز خيطٌ،
من بريقٍ أسودٍ بين الذرى والسفح,
والغابة والصحراء،والثمر الناضج والجذر القديمْ
ص16
ويبدو الاخضر ايضا هو صفة لجثة ما ,في سيرورة العودة والانبعاث:
*
Quote: كيف تنقضّ الأفاعي المرعدة
حينما تقذف أمواج الدخان المزبدة
جثة ً خضراء في رملٍ تلظى في الظلام
ص18

Post: #526
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-06-2006, 10:28 PM
Parent: #525

العودة الى سنار
شعر:
محمد عبدالحي:
النشيد الأول

البحــــر

بالأمس مرَّ أوّل الطّيور فوقنا ، ودار دورتين قبل أن

يغيبَ ، كانت كلُّ مرآة على المياه فردوساً

من الفسفورِ – يا حدائق الفسفور والمرايا

أيّتها الشمس التى توهّجتْ واهترَأت

فى جسد الغياب ، ذوبى مرّة أخيرةً ،

وانطفئى ، أمسِ رأينا أوّل الهدايا

ضفائر الأشنةِ والليفِ على الأجاجِ

من بقايا

الشجر الميت والحياة فى ابتدائها الصامتِ

بين علق البحارْ

فى العالمِ الأجوفِ

حيثَ حشراتُ البحرِ فى مَرَحِها الأعْمَى

تدب فى كهوفِ الليفِ والطحلبِ

لا تعى

انزلاقَ

الليلِ

والنهارْ

وحمل الهواءْ

رائحةَ الأرضِ ،

ولوناً غير لون هذه الهاوية الخضراءْ

وحشرجات اللغة المالحة الأصداءْ.

وفى الظَّلامْ



فى فجوةِ الصَّمت التى تغور فى

مركز فجوةِ الكلامْ ،





كانت مصابيح القرى

على التِّلال السودِ والأشجارْ



تطفو وتدنو مرَّةَّ

ومرَّةَّ تنأى تغوصُ

فى الضَّباب والبُخَارْ





تسقطُ مثل الثّمر النّاضجِ

فى الصَّمتِ الكثيفِ

بين حدِّ الحلم الموحشِ

وابتداء الانتظارْ.





وارتفعتْ من عتمةِ الأرضِ

مرايا النّارْ



وهاهىَ الآن جذوع الشّجر الحىِّ

ولحمُ الأرضِ

والأزهارْ.

الليلة يستقبلنى أهلى :

خيل’’ تحجل فى دائرة النّارِ ،

وترقص فى الأجراس وفى الدِّيباجْ

امرأة تفتح باب النَّهر وتدعو

من عتمات الجبل الصامت والأحراجْ

حرّاس اللغة – المملكة الزرقاءْ

ذلك يخطر فى جلد الفهدِ ،

وهذا يسطع فى قمصان الماءْ.





الليلة يستقبلنى أهلى :

أرواح جدودى تخرج من

فضَّة أحلام النّهر ، ومن

ليل الأسماءْ

تتقمص أجساد الأطفالْ.

تنفخ فى رئةِ المدّاحِ

وتضرب بالساعد

عبر ذراع الطبّالْ.

الليلة يستقبلنى أهلى :

أهدونى مسبحةَّ من أسنان الموتي

إبريقاً جمجمةً ،

مُصلاَّة من جلد الجاموسْ

رمزاً يلمع بين النخلة والأبنوسْ

لغةً تطلعُ مثلَ الرّمحْ

من جسد الأرضِ

وعبَر سماء الجُرحْ.

الليلة يستقبلنى أهلى.



وكانت الغابة والصحراءْ

امرأةً عاريةً تنامْ



على سرير البرقِ فى انتظارِ

ثورها الإلهى الذى يزرو فى الظلامْ.



وكان أفق الوجه والقناع شكلاً واحداً.

يزهر فى سلطنة البراءه





وحمأ البداءهْ.

على حدودِ النورِ والظلمةِ بين الصحوِ والمنامْ.







النشيد الثانى



المدينة



سأعود اليوم يا سنَّار ، حيث الحلم ينمو تحت ماء الليل أشجاراً

تعرّى فى خريفى وشتائي

ثم تهتزّ بنار الأرض، ترفَضُّ لهيباً أخضر الرّيش لكى

تنضج فى ليل دمائي

ثمراً أحمر فى صيفى ، مرايا جسدٍ أحلامه تصعد فى

الصّمتِ نجوماً فى سمائى

سأعودُ اليوم ، ياسنّارُ ، حيث الرمزُ خيط’’،

من بريقٍ أسودٍ ، بين الذرى والسّفح ،

والغابةِ والصحراء ، والثمر النّاضج والجذر القديمْ.



لغتى أنتِ. وينبوعى الذى يأوى نجومى ،

وعرق الذَّهب المبرق فى صخرتىَ الزرقاءِ ،

والنّار التى فيها تجاسرت على الحبِّ العظيمْ

فافتحوا ، حرَّاسَ سنّارَ ، افتحوا للعائد الليلة أبواب المدينة

افتحوا للعائد الليلة أبوابَ المدينة

افتحوا الليلة أبواب المدينة.





- "بدوىُّ أنتَ ؟"

"لا –"

- " من بلاد الزَّنج ؟"

" لا –"



أنا منكم. تائه’’ عاد يغنِّى بلسانٍ

ويصلَّى بلسانٍ

من بحارٍ نائياتٍ

لم تنرْ فى صمتها الأخضرِ أحلامُ المواني.

كافراً تهتُ سنيناً وسنينا

مستعيراً لى لساناً وعيونا





باحثاً بين قصور الماء عن ساحرةِ الماء الغريبه

مذعناً للرِّيح فى تجويف جمجمة البحر الرهيبه





حالماً فيها بأرض جعلت للغرباء

-تتلاشى تحت ضوء الشمس كى تولد من نار المساءْ _

ببناتِ البحر ضاجعنَ إله البحر فى الرغو...

(إلى آخِرِهِ ممّا يغنِّى الشعراءْ!)

ثمَّ لّما كوكب الرعب أضاءْ

إرتميت.

ورأيتُ ما رأيتُ :

مطراً أسود ينثوه سماء’’ من نحاسٍ وغمام’’ أحمر’. شجراً أبيض – تفاحاً وتوتاً – يثمرُ

حيث لا أرض ولا سقيا سوى ما رقرق الحامض من رغو الغمام.





وسمعتُ ما سمعتُ :

ضحكات الهيكل العظمىِّ ، واللحم المذابْ

فوق فُسفورِ العبابْ

يتلوى وهو يهتزّ بغصّات الكلامْ.

وشهدتُ ما شهدتُ :



كيف تنقضّ الأفاعى المرعده

حينما تقذف أمواج الدخان المزبده

جثةً خضراء فى رملٍ تلظىَّ فى الظلامْ.



صاحبى قلْ ! ما ترى بين شعاب الأرخبيلْ

أرض "ديك الجن" أم "قيس" القتيل ؟

أرض "أوديب" و"ليرٍ" أم متاهات " عطيل" ؟

أرض "سنغور" عليها من نحاس البحر صهدُُ لا يسيلْ؟

أم بخار البحر قد هيّأ فى البحر لنا

مدناً طيفيّةً ؟ رؤيا جمالٍ مستحيل؟

حينما حرّك وحش البحر فخذيه : أيصحو

من نعاسٍ صدفى ؟ أم يمجُّ النار والماء الحميما؟



وبكيتُ ما بكيت :



من ترى يمنحنى

طائراً يحملنى

لمغاني وطنى

عبر شمس الملح والريح العقيمْ

لغة تسطعُ بالحبِّ القديمْ.

ثم لّما امتلأ البحرُ بأسماكِ السماءِ

واستفاقَ الجرسُ النائم فى إشراقةِ الماء



سألتُ ما سألت’ :

هل ترى أرجع يوما

لا بساً صحوىِ حلما

حاملاً حلمىَ همّا

فى دجى الذاكرة الأولى وأحلام القبيلة

بين موتاى وأشكال أساطير الطفوله.



أنا منكم .جرحكم جرحى

وقوسى قوسكم.

وثنى مجَّد الأرضَ وصوفىِّ ضريرُُ

مجَّد الرؤيا ونيران الإلهْ.



فافتحوا







حرَّاس سنّارّ ،



افتحوا بابَ الدَّم الأوّلِ

كى تستقبل اللغةَ الأولى دماهْ

حيث بَلُّور الحضورْ

لهبُُ أزرقُ

فى عينِ

المياهْ

حيثُ آلافُ الطيورْ

نبعتْ من جسدِ النّارِ.

وغنّتْ

فى سماوات الجباهْ.



فافتحوا ، حرّاسَ سنّار ،



افتحوا للعائد الليلة أبواب المدينة

افتحوا الليلة أبواب المدينة

افتحوا.....







" إنّنا نفتح يا طارقُ أبواب المدينة

"إن تكن منّا عرفناك ، عرفنا

" وجهنا فيك : فأهلاً بالرجوعْ

" للربوعْ.

" وإذا كنتَ غريباً بيننا

" إنّنا نسعد بالضِّيف ، نفدِّيهِ

" بأرواحٍ ، وأبناءٍ ، مالْ

" فتعالْ.

" قد فتحنا لك يا طارقُ أبواب المدينة

" قد فتحنا لك يا طارقُ...

" قد فتحنا...."



ودخـــلتُ





حافيا منكفئا

عارياً ، مستخفياً فى جبة مهترئة

وعبرتُ

فى الظلامْ

وانزويت

فى دياجير الكلام





ونمــــتُ



مثلما ينامُ فى الحصى المبلول طفل الماءْ

والطّير فى أعشاشهِ

والسمك الصغير فى أَنهارِهِ

وفى غصونها الثِّمارُ

والنجوم فى مشيمةِ

السماءْ.









النشيد الثالث



الليـــــــل



وفتحت ذراعها

مدينتى

وحضنها الرغيدْ



- أيّة أنهارٍ عظيماتٍ

وغاباتٍ

من البروق والروعودْ –



تنحلّ أعضائى

بخاراً أحمراً

يذوب فى دمائها



تعوم روحى

طائراً أبيض

فوق مائها





ويطبق الليل الذى

يفتحُ

فى الجمجمة البيضاءْ

خرافةً تعودُ ،

وهلةً ووهلــةً ،

إلى نطفتها الأشِياءْ

فيها ، وينضج اللهيبُ

فى عظام شمسها

الفائرة الزرقاءْ



ويعبر السمندلُ الأحلامَ

فى قميصه

المصنوع من شرارْ.





فى الليل حيث تنضج الخمرةُ

قبل أن تموج فى الكرومِ

قبل أن تختم فى آنية الفخّارْ





فى الليل حيث الثمر الأحمرُ

والبرعمُ والزهرةُ فى وحدتها الأولى

من قبل أن تعرف ما الأشجارْ





فى الليل تطفو الصور الأولى

وتنمو فى مياه الصَّمتِ

حيث يرجع النشيدْ





لشكلِهِ القديمِ

قبلَ أن يسمِّى أو يسمَّى ،

فى تجلّى الذات ، قبل أن يكون غيرَ ما يكونُ

قبل أن تجوِّفَ الحروفُ

شكلَهُ الجديدْ.









النشيد الرابع





الحـــــــلم



رائحة البحر التى تحملها الرياحْ

فى آخر الليل ، طيور’’ أفرختْ

فى الشفق البنفسجىِّ بين آخر النجوم والصباحْ

أنصتْ هنيهةً !

تسمع فى الحلم حفيف الرِّيش حين يضرب الجناحْ

عبر سماوات الغيابْ

هل دعوة إلى السفر؟

أم عودة إلى الشجر ؟

أم صوت بشرى غامضُُ يزحف مثل العنكب الصغير فوق خشبات البابْ

يبعثه من آخر الضمير مرَّةَّ عواء آخر الذئابْ

فى طرف الصحراءِ ، مرَّةً رنين معدنٍ فى الصمَّتِ ،

أو خشخشة الشوكَ الذى يلتفّ حول جسد القمرْ

ومرَّةَّ تبعثه صلصة الأجراس

حين ترقص الأسماك فى دوائر النجوم فى النَّهَرْ.

أم صوت باب حلمٍ يفتحه

فى آخر الليل وقبل الصبحْ

المَلَك الساهر فى مملكة البراءة

وحمأ البداءه

تحت سماء الجرحْ

يَمُدُّ لى يديه

يقودنى عبر رؤى عينيه

عبر مرايا ليلك الحميمة

للذهب الكامن فى صخورك القديمة

فأحتمى – كالنطفة الأولى –

بالصور الأولى التى تضىءُ

فى الذّاكرة الأولى

وفى سكون ذهنك النقىِّ

تمثالاً من العاجِ،

وزهرة

وثعباثاً مقدساً وأبراجاً

وأشكالاً من الرخامِ والبلُّور والفَخّارْ.

حلمُُ ما أبصرُ أم وهمُُ؟

أم حق يتجلّى فى الرؤيا ؟

فى هاجرةِ الصَّحْراء أزيح قباب الرملَ

عن نقشٍ أسودَ ، عن مَلِكٍ

يلتفًّ بأسماء الشفرةِ والشمسِ

والرمز الطّافر مثل الوعلِ

فوق نحاسِ الصَّحراءْ.

أسمع صوت امرأةٍ

تفتحُ باب الجبل الصَّامت ، تأتي

بقناديل العاج إلى درجات الهيكل والمذبحْ



ثم تنامُ – ينامُ الحرَّاسْ –

لتوليد بين الحرحر والأجراسْ

شفةً خمراً ، قيثاراً ،

جسداً ينضج بين ذراعىْ شيخٍ

يعرف خمرَ اللهِ وخمر النّاسْ.

لغة’’ فوق شفاهٍ من ذهبٍ

أم نورُُ فى شجر الحُلمِ المزهرْ

عند حدود الذَاكرةِ الكبرى

الذّاكرة الأولى؟



أم صوتي

يتكوَّر طفلاً كى يولدَ

فى عتباتِ اللغةِ الزرقاءْ ؟



وتجىءُ أشباح مقنّعة’’ لترقص حرَّةً ، زمناً،

على جسدى الذى يمتد أحراشاً ، سهوباً : تمرح الأفيالُ،

تسترخى التماسيح ، الطيور تهبُّ مثل غمامةٍ ، والنحل مروحة’’

ويغنِّى وهو يعسل فى تجاويف الجبالِ ، وتسدير مدينة’’ زرقاءُ

فى جسدى، ويبدأ صوتُها ، صوتْى ، يجسِّد صوت موتاىَ الطليقْ



حلم’’ ؟ رؤىِّ وهميّة’’ ؟ حقُّ؟

أنا ماذا أكون بغير هذا الصوت ، هذا الرمز ،

يخلقنى وأخلقه على وجه المدينة تحت شمس الليل والحبِّ العميقْ





وحينما يجنح آخر النجوم للأفولْ

ويرجع الموتي إلى المخابىء القديمة

كيما ينامون وراء حائط النّهارْ

أنام فى انتظارْ

آلهة الشمس وقد أترع قلبى الحبُّ والقبولْ.







النشيد الخامس



الصــــــبح



مرحى! تطلُّ الشمسُ هذا الصبحَ من أفق القبولْ

لغةً على جسد المياهِ ،

ووهجَ مصباحٍ من البلُّورِ فى ليل الجذورِ ،

وبعضَ إيماءٍ ورمزٍ مستحيلْ.



اليومَ يا سنّار أقْبَلُ فيكِ أيّامى بما فيها من العشب الطفيلىِّ

الذى يهتزُّ تحتَ غصونِ أشجارِ البريقِ.



اليومَ أقْبَلُ فيكِ أيّامى بما فيها من الرّعب المخمَّر فى شرايينى.

ومافيها من الفرح العميقِ.



اليومَ أقْبَلُ فيكِ كلَّ الوحلِ واللّهب المقدَّس فى دمائكِ ، فى دمائي.

أحنو على الرَّملَ اليبيسِ كما حنوتُ على مواسمكِ الغنيّة بالتدفق والنماء.



وأقولُ: يا شمسَ القبولِ توهّجى فى القلبِ

صفيِّنى ، وصفِّى من غبارٍ داكنٍ

لغتى ، غنائى.



سنَّارُ

تسفَر فى

نقاءِ الصحو ، جرحاً

أزرقا، جبلاً ، إلهاً ، طائراً

فهــداً ، حصاناِ ، أبيضاً ، رمحاً

كتـــابْ



رجعت طيور البحر فَجْرَاً من مسافات الغيابْ.

البحر يحلم وحده أحلامه الخضراء فى فوضى العبابْ.

البحرُ؟ إنّ البحر فينا خضرة’’ ،

حلم’’ ، هيولى ،



شجراً ارى ، وأرى القوارب فوق ماء النّهرِ

والزرّاع فى الوادى ، وأعراساً تقامُ ، ومأتماً فى الحىِّ ،

والأطفال فى الساحات ، والارواح فى ظلَّ الشجيرةِ

فى الظهيرةِ حين يبتدىُْ الحديث برنّه اللغة القديمةْ.





الشمس تسبح فى نقاء حضورها ، وعلى غصونِ القلب عائلةُ الطيّورِ،

ولمعةُُ سحرية’’ فى الريحِ ، والأشياء تبحر فى قداستها الحميمةْ.



وتموج فى دعةٍ ، فلا شىءُُ نشازُُ كلُّ شىءٍ مقطعُ ، وإشارةُُ

تمتد من وترٍ إلى وترٍ ، على قيثارة الأرض العظيمةْ.

http://www.sudanpoem.8k.com/00b.html

Post: #527
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 02-09-2006, 07:42 AM
Parent: #526

up

Post: #528
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-10-2006, 07:00 PM
Parent: #527

مرحبا بصديقنا في الداخل :
مازن مصطفىوكنت اتوقع ان تتحدث لنا قليلا عن اللون والالوان والتلوين وعلاقتها بالخطاب الابداعية المختلفة

أواصل في اضافة لما قلت به عن اللون في :
العودة الى سنار
يرد اللون الاحمر ضمن مقدمات انبعاث الروح الجديد في مصهر الشاعر الثقافي الروحي:

*
Quote: ثمّ لما كوكب الرعب أضاءْ
ارتميت
ورأيت ما رأيت:
مطرا أسود ينثوه سماءٌ من نحاسٍ وغمامٌ أحمرُ
شجرا أبيض-تفاحا وتوتا-يثمرُ
حيث لا أرض ولا سقيا سوى ما رقرق الحامض من رغو الغمام

ص17
في حين آخر يرى النص الشعري الى الأحمر كرمز للهيولى النباتية في مرحلته الصورية البدئية:
Quote: في الليل حيث الشجر الأحمر,
والبرعم والزهرة في وحدتها الأولى
من قبل أن تعرف ما الأشجارْ
في الليل تطفو الصور الأولى
وتنمو في مياه الصمت
حيث يرجع النشيدْ
لشكله القديم قبل أن يسمِّي أو يسمَّى،
في تجلي الذات،قبل أن يكون غير ما يكون،
قبل أن تجوِّف الحروف شكله الجديد

ص 23
وفي نشيد الحلم حيث عبور الذات الكاتبة من التيه الى الصباح ,حيث تصهر نفسها وتتحول الى بخار احمر,يبدو الاحمر دالا على بدايات التشكل الجديد:
Quote: تنحلّ أعضائي بخاراٌ أحمرا يذوب في دمائها
تعوم روحي طائرا أبيض فوق مائها
ويطبق الليل الذي يفتح في الجمجمة ا لبيضاءْ

ص22

المشاء

Post: #529
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-10-2006, 07:18 PM
Parent: #528

كنت قد وعدت بالحديث عن علاقتي الشخصية ب:
محمد بنيس
وقد تحدثت عن ذلك في شهادتي عن المقاربات النقدية الحديثة في :
مشهد النسيان
وقلت الآتي:
Quote: كما أرسلت رسالة إلى محمد بنيس ـ بعد أخذ عنوانه من محمد عبد الحي ـ وعرضت عليه فكرة الذهاب إلى المغرب؛ أحد المراكز العربية المهمة المشتغلة على المقاربات النقدية الحديثة. وقام محمد بنيس بالرد على الرسالة، وإندهش من أنه معروف بدقة فائقة في السودان. ونبه إلى غلاء المعيشة في المغرب، فصرفنا النظر عن فكرة الذهاب إلى هناك؛


وقد ارسل الينا ايضا الدستور التاسيسي لاتحاد كتاب المغرب,
والذي استعنا به مع دستور اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطيني ,في كتابة دستور اتحاد الكتاب السودانيين

وأفكر في اجراء لقاء هنا لصالح لاهوت الوردة مع عبد اللطيف على الفكي كي يحكي شهادته عن تاسيس اتحاد الكتاب السودانيين

علاقتي ببنيس تواصلت في بلغاريا حيث راسلته من هناك عندما كان بنيس مشرفا على دار توبقال للنشر
وقد ارسل لي ديوان الشاعر العماني الكبير سيف الرحبي

وسنعود لمواصلة الحديث عن جدارية
المشاء

Post: #530
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-15-2006, 02:41 AM
Parent: #529


عذرا على التهنئة المتاخرة بعيد الحب
بدأ هذا البوست بنص شعري عن الحب,
ولذلك سنحتفل بعيد الحب بطريقة حسن موسى في :
الامريكية الكبيرة العارية
وسيكون لحسن موسى مكان ما هنا في محورنا القادم عن الهوية
لكنه لن يكون بالطريقة السبعينية الارهابية التي يقول بها مؤخرا,
بمحاولة ارعاب خصومه بادخالهم في جهنمه

Post: #531
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-16-2006, 06:51 PM
Parent: #1




قال لصحيفة «لوموند» إن الرسوم الكاريكاتورية «جنون يملأني أسى» ... سنة محمود درويش في فرنسا شعراً وموسيقى

>

طوال سنة، بدءاً من فصل الشتاء وانتهاء بالخريف المقبل تحيي باريس ومدينة الهافر الفرنسية احتفالاً بالشاعر محمود درويش بعنوان «فصل شعري»، وقد بدأ قبل أيام. والاحتفال تنظمه ثلاث مؤسسات: اذاعة «فرانس كولتور» ودار «أكت سود» ومجلة «Les Inrockuptibles».


الليلة الأولى كانت في مدينة الهافر عبارة عن قراءة شعرية في مسرح «لو فولكان» بين محمود درويش والممثل ديديان ساندر، بالعربية والفرنسية، وبثتها اذاعة «فرانس كولتوV» مباشرة. وامتلأت القاعة التي تتسع لـ 1200 شخص بجمهور فرنسي أصغى الى قصائد درويش بالصوتين العربي والفرنسي.


الليلة الثانية كان عنوانها «ليل بابل الشعري» وشارك فيها نحو ستين شخصاً من الجمهور قرأوا قصائد مترجمة لمحمود درويش وقصائد لشعراء سمّاهم درويش نفسه وهم الأقرب الى قلبه ومنهم: سان جون بيرس، يانيس ريتسوس، بابلو نيرودا، أوجينيو مونتالي،وليم بتلر ييتس وفدريكو غارسيا لوركا. وقرئت قصائد هؤلاء الشعراء بلغاتهم الأم. وقدّم بعض الحاضرين قصائد كتبوها للمناسبة، مهداة الى الشاعر درويش. وقدم البعض أغنيات ومقطوعات موسيقية. وامتدت الأمسية من السابعة مساء الى الثانية عشرة ليلاً. وتخلل الأمسية حفل موسيقي أحياه موريس المديوني.


وتكررت الأمسية نفسها في الليلة الثالثة وأدت المغنية دومنيك دوفال قصيدة «أحد عشر كوكباً» بالفرنسية على موسيقى الجاز التي وضعها فيليب لا كاريير.


أما في باريس فأحيا درويش أمسية في «ريد هول» في جامعة كاليفورنيا – باريس وقرأ بالمشاركة مع الممثل ديديان ساندر مختارات من شعره بالعربية والفرنسية. وأعقب القراءات حوار مفتوح مع الجمهور.


وفي أيار (مايو) المقبل تقدم قصيدة «جدارية» في عرض مسرحي من إخراج وسام أرباش مع ممثلين فرنسيين في مسرح «لوفولكان» (الهافر) ثم تنتقل الى باريس لتقدم على الأرجح في مسرح «الأوديون».


وتقام خلال الشهر نفسه أمسيات شعرية اخرى عنوان إحداها «شاعر طروادي» وهي تنطلق من قصائد للشاعر درويش بالفرنسية يخرجها ألان ميليانتي. ومن الأمسيات واحدة بعنوان «يطير الحمام ويحطّ الحمام» مع مقاطع من «نشيد الأناشيد»، مع موسيقى وضعها الموسيقار رودولف بيرغر. وتغني خلال الأمسية دومنيك دوفال قصيدة «خطبة الهندي الأحمر الأخيرة».


وتتوالى الأمسيات لاحقاً خلال الخريف المقبل ومنها: أمسية موسيقية يحييها الفنان مارسيل خليفة ويقدم فيها مقطوعات مستوحاة من شعر درويش في مناسبة مرور ثلاثين سنة على التجربة المشتركة بين الشاعر والموسيقار المغني، أمسية يقرأ فيها درويش قصائد للشاعر العربي الكبير المتنبي بالعربية ويرافقه ممثل يقرأ القصائد نفسها بالفرنسية، أمسية يحييها «الثلاثي جبران» وهي فرقة فلسطينية شهيرة، وأمسية للمغنية المغربية عائشة رضوان.


وفي مناسبة صدور ديوان «لا تعتذر عمّا فعلت» لدرويش بالفرنسية عن دار «أكت سود» في ترجمة الياس صنبر احتفى الإعلام بالشاعر وكتبت عن الديوان مقالات عدة. وأجرت مجلة «لو نوفيل أوبسرفاتوار» حواراً معه وكذلك صحيفة «لوموند» مخصصة له صفحة كاملة في العدد المزدوج الأحد – الاثنين الفائتين.


هنا مقتطفات من حوار درويش مع «لوموند»وقد أجرته سيلفان سيبيل.


عن رأيه في مسألة الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها إحدى الصحف الدنماركية يقول: «هذا جنون يملأني أسى. في البداية، كاريكاتور النبي محمّد (صلى الله عليه وسلم) وعلى رأسه قنبلة عوضاً عن العمامة أمر مهين. يجب حماية حرية الصحافة ولكن ليس حقّ الإهانة. إذ لا يمكن إهانة معتقدات الآخرين بلا طائل. ففي فرنسا، الصحافة حرة، ولكن توجد قوانين تعاقب التعبير العلني عن العنصرية. وفي الجو العالمي الخانق الذي نعيش فيه، يجب احترام رفض المسلمين لرسم تصوّرات للنبي محمد. وفي الوقت عينه، المشكلة هي أنّ الرأي العربي والمسلم لا يشكّل فرقاً بين الشعوب في تنوّعها والحكومات. فهو يرى كلّ شيء في كتلة واحدة. والتحجّج برسم لحرق السفارات جنون أيضاً. فمن الجهتين، تتنافس قوى لمفاقمة صدام الهويّات. سيمرّ ذلك يوماً ما، إنها مرحلة موقتة. لكن بانتظار ذلك، تسيطر هذه القوى».


وعن قضية «حماس» التي وصلت الى السلطة يقول: «لنقرّ أولاً أن تغيير نظام الحكم جرى في طريقة ديموقراطية جداً. وهذا أمر إيجابي في العادات السياسية في المجتمع الفلسطيني. وبحلول ذلك، تحمّل إسرائيل مسؤولية كبيرة. فقد نشرت مناخاً من عدم الشرعية للسلطة الفلسطينية مهدّ الطريق لـ «حماس». فضلاً عن سياستها التي تجعل الحياة الفلسطينية اليومية غير ممكنة. وساهم تجاهل السلطة في توليد مناخ ضار، ما دفع بالكثيرين إلى التفكير قائلين: «لماذا لا نجرّب طريقاً أخرى؟ لا يمكن أن يكون الوضع أسوأ.» كان التصويت لـ «حماس» اعتراضياً بقدر ما كان دينياً. والآن علينا العيش مع هذه التجربة. ولكن لا يمكنني إخفاء مخاوفي، فقد أعلن مسؤولون من «حماس» عن نيّتهم في «إعادة تشكيل المجتمع على قاعدة إسلامية.» حين ندافع عن فلسطين علمانية تعددية، لا يمكننا أن نقلق سوى في شأن حقوق المرأة والشباب والحريات الفردية، من دون أن ننسى المكّون المسيحي. آمل أن تنظّم حماس القاعدة التي أوصلتها إلى السلطة وتحترمها، هذه القاعدة التي كانت دوافعها بالإجمال اعتراضية. من ناحية أخرى، سيخدم ذلك كتبرير لأحاديتهم. ولكن إن نووا الحفاظ على مجموعات مستوطناتهم وإعطاءنا بعض القرى كرماً منهم، فهذا يعني أنّهم لا يريدون السلام. وهذا لن ينفع، إلى أن يستوعبوا الواقع: السبيل الوحيد هي بإنهاء الاحتلال».


وعن تردده في التطرّق الى السياسة يقول درويش: «إنّني أعيش في الحيرة. لا أرفض الكلام في السياسة، ولكن أرفض كل التأكيدات في حاضر مضطرب إلى هذا الحدّ. فأنا لست أكيداً من نظرتي الخاصة. أنا أدمج التعقيد في عملي كشاعر، فكلّ شاعر أو حتى كل كاتب من العالم الثالث يقول إنّه لا يهتمّ بالمجتمع أو السياسة هو كاذب. لست كاذباً حتى الآن. أما للفلسطينيين فالسياسة أمر وجودي، لكن الشعر أكثر حنكة، إذ يسمح بالدوران بين احتمالات عدة. فهو يرتكز على الاستعارة والإيقاع والاهتمام بالرؤية خلف المظاهر. لكن الشعراء لا يديرون العالم، وهذا أفضل، فالفوضى التي يدخلونها قد تكون أسوأ من فوضى السياسيين».


وتسأله: «في كتابكم الأخير الذي ظهر بالفرنسية، تكتب: «أنا ما سأكون عليه غداً». هذا شعر مفاجئ من شاعر يعتمد عدم التغيّر»، ويرد: «على العكس، فالحاضر يخنقنا ويمزّق الهويّات. لهذا لن أجد نفسي الحقيقية قبل الغد، حين أتمكّن من قول شيء آخر أو كتابته. فالهوية ليست إرثاً بل تكوين. فهي تكوّننا ونكوّنها باستمرار، ولن نعرفها إلاّ غداً. أنا هويّتي متعدّدة ومختلفة. أنا غائب اليوم وسأكون حاضراً غداً. أحاول تنمية الأمل كما ننمّي الطفل، لكي أكون ما أريده وليس ما يريدونني أن أكون».



http://www.daralhayat.com/culture/02-2006/Item-20060215...0f0fe025e/story.html

Post: #532
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-22-2006, 10:40 PM
Parent: #531



محمود درويش في الخرطوم
Quote: وصل الخرطوم اليوم الشاعر الفلسطيني محمود درويش مستجيبا لدعوة مركز الدراسات السودانية .وينتظر ان يحي درويش امسية شعرية بقاعة الشارقة مساء الغد .
ونذكر ان الفعالية تجيء في سياق احتفال المركز باليوبيل الذهبي لاستقلال السودان .

-نقلا عن بوست لعصام ابو القاسم في سودان فور اول-

المشاء

Post: #533
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-24-2006, 01:35 AM
Parent: #532

الى ان نعود ,
سنحاول ان نتابع درويش في زيارته الى السودان ,
من خلال ما ينشر عن ذلك في الانترنت
وهنا صورة له مع حيدر ابراهيم:

Post: #534
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-24-2006, 01:42 AM
Parent: #533

هذه صورة ثانية من بوست امين السيد في سودانيزاونلاين

Post: #535
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-26-2006, 03:31 PM
Parent: #534



نواصل تغطية زيارة محمود درويش للسودان بدعوة من مركز الدراسات السودانية
وهذا ما قال به في منتدى الصحافة,نقلا عن عدد اليوم 26 فبراير 2006

اللغة لا تستطيع الرد على عنف الحروب
كتب : احمد عوض
استضاف منبر الصحافة، الشاعر العربي الكبير محمود درويش، الذي يزور السودان هذه الايام بدعوة من مركز الدراسات السودانية ضمن احتفالاته بمناسبة اليوبيل الذهبي للاستقلال، وبدأ درويش هادئاً وهو يستقبل وجوه المنصتين له في صالة التحرير بصحيفة الصحافة التي ضاقت على سعتها بعدد كبير من المثقفين والكتاب ومحرري الملاحق الثقافية بالصحف اليومية، وابتدر درويش حديثه شاكرا الحضور ومركز الدراسات السودانية متمثلا في الدكتور حيدر ابراهيم علي وصحيفة الصحافة علي ترتيب هذا اللقاء، واضاف انه يزور السودان للمرة الثانية بعد 20 عاما من زيارته الاولي، وجاءت ردوده على اسئلة الحضور مختصرة وسريعة بلا اسهاب.
وفي معرض رده علي جملة شهيرة كان قد ذكرها وهي الطريق الي البيت اجمل من البيت، قال : ذكرت الشئ ونقيضه، ان البيت اجمل حينما نصل جميعا للبيت والشعب الفلسطيني كله الآن خارج البيت بعد كل هذه الخيبة الكبيرة ، والشاعر يتحرك ما بين الحلم والقلق الانساني في وسط هذه الجدلية يقترح شيئا جديدا او حلما جديدا ، ومازلت ملزما كمواطن فلسطيني عندما يصل الفلسطينيون جميعا الى بيوتهم فسوف اقول ان البيت اجمل من الطريق الي البيت.
تعدد الهويات
ويضيف درويش، حول انتشار شعره في كل مكان باعتباره شعرا يعبر عن حالات مشابهة في شتي بقاع العالم، ويتغني به كل صاحب قضية او نضال .. نعم .. انا اخاطب من خلال شعري هوية التعدد واعتقد ان الهوية يجب ان تتسع ، ربما نحن كعرب اهملنا هذه المسألة يجب ان ننتبه انه في وطننا اكراد وآشوريون وكلدانيون وافارقة وأمازيغ ،لذلك يجب ان يكون الخطاب الشعري القومي منفتحا علي العالم، ويجب ان يخرج من تحديد الهويات. ويضيف في معرض رده على سؤال ان السياسي دائما في المقدمة والثقافي يتبعه : اهم مافي الامر، أن هنالك تقسيما للعمل، وكل يعمل في مكانه وخير خدمة قدمها لنا السياسيون انهم سياسيون ونحن شعراء، ويجب التفريق بين الاثنين، والشاعر لا يمكن ان يكون سياسيا كما العكس.
الشعر وطريقة الكتابة
وبشأن السجال بين شعراء القديم والحديث .. يضيف درويش يبدو ان السجال حول قصيدة النثر لم ينتهِ بعد، المهم نحن كقراء لا يهمنا الخيار الذي كتب به الشاعر ، ولكن يهمنا ان نقرأ شعرا جميلا. انا ملاحق بتهمة وهي كأنني معادٍ لقصيدة النثر وانا ليس كذلك !! لقد بذلت قصيدة النثر جهدا كبيرا في ان تجد لنفسها حيزا بين جمهور الشعر .. ولكن هنالك حالة عصابية لدي شعراء قصيدة النثر، لا يعترفون بأىة حداثة شعرية خارج قصيدة النثر ، اني اعرف ان اي شاعر يعرف اين هي قدرته الشعرية واكثر من ذلك، وفي خياري الدفاعي عن وزني الشعري منطلق من ان الفن هو التغلب على الصعوبة، وفي ذلك شئ من تجليات القدرة الشعرية، وليس كل الشعراء سعداء بخيارهم الشعري. انا سعيد بخياري. وفيما يتعلق بالخروج عن اللغة العربية وقواعدها فذلك صعب وهل نكسر اللغة لنبحث عن اللغة الحديثة او اللغة الجديدة؟. انا من الذين يحبون النظام ولذلك لا اجد في الوزن قيدا على الحرية التعبيرية ولا في بحور الشعر قيدا. عندما اجد صعوبة في التعبير بهذه الادوات حينها فقط سوف ادافع عن الوزن والايقاع والقافية !!
كنفاني وشعر المقاومة
لقد اكرمنا الروائى الكبير غسان كنفاني واطلق علينا هذا الاسم، كنا نكتب بتلقائىة عن حياتنا ، عن الحب ، عن امهاتنا ، دون ان نضيف لانفسنا هذه التسمية (شاعر مقاومة). البعض عبر عن خشية ما ولذلك قلنا : (انقذونا من هذا الحب القاسي) ، نحن كشعراء رافد صغير من روافد الشعر العربي ، ولذلك يجب ان لا يتم اعفاؤنا من المحاكمة العادية للادب، يجب ان ينظر الينا كشعراء في المقام الاول قبل ان نكون شعراء مقاومة و غير ذلك.
تعرفت علي كنفاني في بيروت في عام 1971م، ولم اتعرف على انسان يملك هذه الحيوية من قبل كان يكتب روايات وقصصا، ويكتب في الصحف كان منفتحا على كل التيارات رغم انه ينتمي الى تيار محدد ، كان محبا للحياة، عرفني على ليل بيروت وزرت معه شوارعها شارعا ، شارعا وهو صورة للمناضل وما ينبغي ان يكون. تم اغتياله في السادسة والثلاثين ولم يكمل مشروعه بعد، وكتاباته تضعه في قائمة اول الروائيين العرب.
وحول انه دائما ما يفاجئ القارئ بموضوعات شعرية ليست لها علاقة بأحداث دامية جارية، يجيب درويش انا لا اقصد او اسعي الي مفاجأة القارئ بقدرما انني حريص على مفاجأة نفسي، بمعني ان لا اقع في نمطية معروفة اصلا فكيف يدلف غير المتوقع هذا ؟! القارئ يتوقع ردا شعريا على احداث معينة، فالشاعر يجب ان يكون مخبرا او مراسلا حربيا الى ذلك من اشياء. كنت قد كتبت اثناء حرب الخليج قصيدة اهديتها لشاعر عراقي، البعض كان يتوقعها مدمرة حربية ، لقد تعلمت ان اللغة لا تستطيع ان ترد على عنف الحرب بعنف لغوي، لان اللغة لن تنتصر في النهاية، وقد اعددت نفسي ان لا ارد على احداث يومية لانني سوف اتحول الى شاعر مراسم او الي مخبر صحفي، ولو كان هنالك في زمن هيروموس كاميرا واجهزة اعلام لما كتب الالياذة.
التجريب
اعتقد ان السؤال عن التجريب من اصعب الاسئلة التي يواجهها الشاعر، فإذا كان التجريب هو من اجل التجريب فقط، فإن ذلك لن يوصلك الي شئ، اما اذا كان بقصد ان يوصلك الي شئ فيجب ان تكون هناك خلاصة، وهذه الخلاصة يجب ان لا تكون نهائية فحتي الآن نحن لا نستطيع ان نحدد تعريفا نهائىا للشعر، فكل شعر جديد يأتي بتعريف جديد للشعر، ولذلك فالتجريب يجب ان يوصلك لخيار ما يجب ان تكونه.
اما الشاعرية، فهي ليست بديلا للشعر بل هي جوهره، ذلك لان الشاعرية يمكن ان تتحقق في الرواية او في الرسم والتشكيل او حتي في المقال الادبي، المهم كيف تتحقق الشاعرية في شكل شعري يسمي نصا شعريا او قصيدة. اعود لقصيدة النثر مرة اخرى واقول ان قصيدة النثر لم تستنقذ نفسها، فهي نص مفتوح علي عوالم واجناس ادبية اخري، ولكنها تدخل في ازمة اللغة ازمة النظام والايقاع، وازمة التعريف بذاتها: هل هي قصيدة غنائىة؟ هل هي ملحمة؟. الشعر سواء اكان عموديا او تفعيلة او نثر، ليس ازمة في الشعر نفسه ولكن تصبح ازمة الشاعر.
ويمضي درويش في حديثه حول مصادر معرفة الشاعر ودورها في نتاجه الشعري قائلا : مصادر الشاعر معروفة حياتية ، وثقافية ، ثقافية تأتي من علاقته بالثقافة والمعرفة، وحياتية تأتي من تأملاته في الحياة والكون. اما كيف يجري التفاعل بين هذه المصادر واللغة وكيف تصبح هذه المؤشرات الخارجية نفسها جزء لا يتجزأ من مكونات القصيدة، فتلك هي قدرة الشاعر على الكتابة. انا لا اؤمن بالوحي وحده لابد من التقاء عدة عناصر مع وجود شرارة بالداخل لكي يشتعل الشعر من تلقاء نفسه ، ويزيد اما بالنسبة لمسألة الاحاطة بفكرة ما، او حالة ما ، هذه الافكار ليست شعرا حتي الآن، يجب ان تلبس صورا .. او تتحول الى صور وهذا ليس كافيا وحده لتكون شعرا، يجب ان تتحول الى رؤية ما او ايقاع داخلي، فالمصادر ينبغي على الشاعر ان يخفيها، عليه ان يخفي الجهد المبذول في هذه القصيدة ، عليه اخفاء هذه المصادر التي يجب ان تتحول الى حواشٍ، الى وجدان لكي تصبح شعراً.
درويش شاعر وشرط فلسطيني
* كل مبدع سواء كان شاعرا او روائيا، هو وليد لشرط تاريخي، والفن يتفرد في انه نتاج للشرط التاريخي واستقلالا عنه، عندما يتحول الابداع الى عمل منظور يكون مستقلا عن الشرط التاريخي الذي انتجه. انا فلسطيني بالولادة وبالتجربة والمعاناة، ولا اشعر بالفخر لذلك كما لا اشعر بالاهانة، فهويتي قد اسستها واقوم بتطويرها باعتبار فلسطين بلدا قابلة لان تكون في يوم ما، ولذلك هنالك ثنائيات وانقسام، بين الوطن والمنفى، واعني الكلام عن فلسطين فهي ليست مسألة سياسية فقط، بل انسانية. المقاربة تبدو ضيقة ان نأخذ هذا الموضوع ونحوله الى شيء كوني، الكتابة عن فلسطين تعبر عن نفسها وتعبر عن النضال الفلسطيني. يجب ان نكرر الفن، والفن لا يكرر نفسه لانه يصبح مرهقا لقارئه، عليه ان يستصحب الجوانب الانسانية وفي الفن قدرة على التنويع، ويستطيع ان يدعي حيادا ماكرا لكي يحق له التعبير عن كينونته، وبما انني كتبت عن فلسطين كثيرا، اشعر انني غير محتاج الى تقديم براهين شعرية على احقيتها في ان تكون بهذا المعنى الواسع.
لست نسخة من إدورد سعيد
* ويضيف حول انفعاله بالاحداث اليومية لقضايا فلسطين، رغم قوة الصورة التي قدمها التلفزيون لاستشهاد الطفل محمد الدرة، كان يمكن الاكتفاء بها، الا ان الشاعر مسكون بالهواجس الفنية وباللغة العالية، وهو محمل بضمير انساني، لا يمكن ان تمر هذه الصورة مرور الكرام فقد خنقتني وكان في حلقي كلام فعالجت غصتي، واحيانا الصورة المعبرة لا تغنينا عن الكلام.
وحول ما اذا كان بإمكانه ان يكون امتدادا لادورد سعيد، يقول درويش فلنفترض اني لست فلسطينيا، فهل يجب ألا انفعل بهذه القضايا؟. كوني فلسطينيا هذا ادخلني في تجربة قاسية، مركبة، ربما ذلك قد حرك داخلي وجعلني شاعرا، ولاشك اني مدين لهذا المشهد الانساني الصعب، وادورد سعيد مفكر عالمي امريكي التعليم واوربي الثقافة، وهو ليس ابن الثقافة العربية، وربما يكون ملما بها ولكنه عبقرية فكرية وانتماؤه الى فلسطين هو نستالجيا الى مولده، ولكنه ليس عربيا ولا استطيع ان ارى نفسي فيه. ادورد سعيد عمل بالفكر والنقد، وانا عملت بالشعر والفن، انا ابن الثقافة العربية، ولكن كل منا عبّر عن قضية فلسطين من خلال موقعه، ونحن اذا ما تخلينا عن الثقافة الغربية نكون غير عصريين، فالغرب ليس آلة حربية فقط، فقد تعرفنا فيه على كثير من الاشراقات، بعض منها عن ثقافتنا عن طريق المستشرقين الغربيين.
الأدوات القديمة والحديثة
* ويختتم درويش حديثه حول ادواته كشاعر ويقول نعم ، ادواتي قديمة، ولكنها حية وقابلة للتجديد، وعندما اصبح عاجزا عن تطويع هذه الادوات، فسوف ادفع عنها. انا اميز بين الاجناس وكنت قد كتبت نصوصا نثرية اعتبرها البعض قصيدة نثر، وكما قال البعض الشعر ابن أمَة والنثر ابن حرة.


http://www.alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147501662&bk=1

Post: #536
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-26-2006, 04:03 PM
Parent: #535

هذه هي المرة الثانية التي يزور فيها محمود درويش السودان
وكانت اول مرة في عام 1986 حيث اقام ندوة شعرية في الميدان الشرقي بجامعة الخرطوم, واخرى بمدني
كما تم لقاء ثقافي معه في قاعة الصداقة,وكان لي شرف تقديمه عبر حديث مكثف مختصر عن تجربته الشعرية
كما اجرى لقاء تلفزيوني معه,اشترك فيه لو اسعفتني الذاكرة:
على المك
كمال الجزولي
الياس فتح الرحمن

وكان الياس فتح الرحمن هو مرافق محمود درويش خلال الزيارة
اول من غنى لمحمود كان معتصم ازيرق عبر تلحينه وادائه لريتا والبندقية
وقد مزج مصطفى سيد احمد بعضا من مقاطع لدرويش في نصه الغنائي الذي يقول فيه:
Quote: مهما هم تأخروا فانهم ياتون
من درب رام الله او من جبل الزيتون

وقد غنت فرقة ساورا لدوريش
وهذا ما قال به الميدان الثقافي اونلاين تحت عنوان :
مجموعة ساورا الغنائية الموسيقية رهان الحاضر وصهيل المستقبل

Quote: غنت ساورا من كلمات محمود درويش


ارقدوا عافية

المشاء

Post: #537
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-26-2006, 06:16 PM
Parent: #536



سبق ان اشرنا الى ريتا والبندقية التي لحنها وغناها الشاعر الصديق:
معتصم ازيرق
وهذا ما يذكرنا بما غناه الفنان والمؤلف الموسيقي اللبناني :
مارسيل خليفة
لنصوص شعرية كثيرة لدرويش ومن ضمنها ريتا والبندقية
وقد سبق ان رفعت دعوى قضائية في لبنان ضد مارسيل بتهمة اساءته للقرأن من خلال ادائه لبعض من نصوص:
لا تترك الحصان وحيدا
هنا لنك للاستماع الى بعض من اغاني مارسيل خليفة

http://www.amanjordan.org/campaigns/palestinian%20women/Khalifa.htm
وهنا لنك موقع مارسيل خليفة الالكتروني:
http://www.marcelkhalife.com/

Post: #538
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-26-2006, 06:21 PM
Parent: #537


في السابع من يوليو من العام الماضي تم تكريم مارسيل خليفة كفنان للسلام من قبل منظمة اليونسكو
ويبدو في الصورة اعلاه رئيس منظمة اليونسكو في حفل تكريم مارسيل
المشاء

Post: #539
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-28-2006, 02:55 AM
Parent: #538


هنا نموذج لرد فعل الاسلاميين على ما غناه مارسيل خليفة من مقاطع من :
لا تترك الحصان وحيدا

((( حملة الغضب ,, ضد الفنان مارسيل خليفة )))

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على آخر الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته أجمعين ...

في استخفاف واستهانة بمشاعر أمة الإسلام ، وفي ظل موجة عالمية تقودها حاملة التنصير العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بدأت باحتلال بلاد الإسلام وقتل المسلمين وتشريدهم حتى بلغ بالولايات الأمريكية وإسرائيل تدنيس كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم ) دون أدنى اعتبار للأديان السماوية ، ودون اكتراث بمشاعر ملايين من المسلمين ، بل بإمعان مقصود في الإساءة والاهانة لدستور حياتهم ولو كان من منزلاً من عند رب العالمين سبحانه ...

وإن كانت الدول والهيئات والمنظمات قد عجزت على إخضاع الولايات الأمريكية وإسرائيل عن أقل الحقوق لهذه الأمة بعد جريمة التدنيس للقرآن الكريم ولو بمجرد الأعتذار الرسمي لأمة يتجاوز تعدادها مليار ، فإن تلك الحوادث المؤلمة استمرت حتى خرج مغن لبناني خبيث أسمه ( مارسيل خليفة ) على قناة روتانا ـ طرب ـ في يوم الاثنين 27 / 5 / 1426هـ الموافق 2 / 7 / 2005م في تمام الساعة الثامنة وعشرين دقيقة بتوقيت مكة المكرمة ، ليغني بآية من كتاب الله تعالى وسط مئات من الغافلين ، هي الآية الرابعة من سورة يوسف {{ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }} ...

وإننا هنا قد قررنا تدشين حملة الغضب رداً على تطاول أمثال هؤلاء تحت حماية مقصودة من جهات إعلامية معلوم دورها وخلفيتها في التواطىء على الدين الإسلامي والتآمر على القيم الأخلاقية التي يدعو إليها ...

أننا في حملة الغضب نطالب من باعتذار علني من هذا الزنديق الفاجر ( مارسيل خليفة ) ونطالب بتعهد مكتوب من ( قناة روتانا ـ طرب ـ ) بعدم العودة إلى ما يسيء إلى كتاب الله تعالى والمسلمين وبإتلاف الشريط الذي عرضته القناة مع اعتذار صريح عن ما أقترفته من ذنب لا يمكن تجاوزه بحال من الأحوال ...

ونستذكر قول الله تعالى {{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (5) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6) }} ـ سورة المجادلة ـ وأننا في حملة الغضب هذه نناشد كل الأمة صغيرها وكبيرها بالوقوف صفاً واحداً في وجه هؤلاء الذين يحادون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وقفة صادقة مخلصة لوجه الله تعالى لا نبتغي غير رضى الله سبحانه ، فلترفع هذه الورقة إلى كل الهيئات الرسمية وغيرها من شرعية وإعلامية لتعلن موقفها من هؤلاء وما يتجرءون به على كتاب الله تعالى وأمة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه ...

فلتبدأ الحملة بجمع التواقيع وترسل إلى المعنيين وكل معني بهذا الأمر فلا يتخلف عنه غير منافق أو كافر ، ولينصرن الله أمته ولتعودن راية الإسلام خفاقة عالية مرفوعة بعون الله تعالى ...
http://www.hdrmut.net/guestbook/gb.php?userid=34160&count=3680[/B]

Post: #540
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-28-2006, 03:18 AM
Parent: #539

أدناه بعض من "هيجان" البعض من المسلمين على غناء مارسيل لمقطع يتضمن نصا من القرأن ,
كما ورد في لا تترك الحصان وحيدا


لا حول و لا قوة إلا بالله

أتوجه للمشرفين على قنوات روتانا
أبلغ بكم الحد من تعفن فكري إلى التغني بالقرآن الكريم
هل شاهدنا يوما مطربا مسيحيا يتغنى بالأنجيل
أم أن الانجيل كتاب مقدس و يجب علينا كمسلمين احتلاام الأديان

ألا تتقون الله في أنفسكم و فيما تبثونه من سموم لهدم الأمة و تعويدها على المياعة

نحن لا نلوم مرسيل خليفة ,,, فهو مسيحي متعصب يفعل ذلك استهزاء بديننا ,,
و إنما اللوم كل اللوم على مثل القنوات التي تقوم ببث مثل هذه السموم على أنها نوع من الطرش الأصيل ( الطرب )
لا حول و لا قوة إلا بالله

هل تجرؤ روتانا او غيرها على التعرض للمسيحية فضلا عن التغني بالأنجيل ...
أم أنكم تحترمون الأديان السماوية

فهل يكون الاسلام إذن بمنظركم دين غير سماوي

لا حول و لا ثوة إلا بالله العلي العظيم

اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا

mustapha
من خلال صديق
الموقع يستحق
الإثنين 18 يوليو 2005 0:29
بقي غي هذا الحمار

بقي غي هذا الحمار ليتطاول على الدين

فاطمه
من خلال صديق
الموقع يستحق
الإثنين 18 يوليو 2005 0:28

اوقع ضد الحقير مارسيل خليفه


هذه الرسالة خاصة


علي المالكي
من خلال محرك بحث
الموقع يستحق
الإثنين 18 يوليو 2005 0:25



شجب واستنكار

اطالب بتطبيق اقصى على هذا الخنزير

saeed
من خلال لا أدري !
الموقع يستحق
الإثنين 18 يوليو 2005 0:24



مع المطالبة بالاعتذار

لابد من الاعتذار للمسلمين عامة بعد التوبة الى الله تعالى من هذا الفعل وكذلك التوبع اليه من هذا العمل , و ان كان المغني غير مسلم فانني ادعوه الى الاسلام و السلام.

احمد الحربي
من خلال إعلان
الموقع يستحق
الإثنين 18 يوليو 2005 0:24



لا حول ولا قوة الا بالله

ولينصرن الله من ينصره

saleh
من خلال إعلان
الموقع يستحق
الإثنين 18 يوليو 2005 0:22



حسبنا الله ونعم الوكيل


هذه الرسالة خاصة


عارف
من خلال لا أدري !
الموقع يستحق
الإثنين 18 يوليو 2005 0:21




الله يهديك يااسرائيل خليفه

ريــــم
من خلال صديق
الموقع يستحق
الإثنين 18 يوليو 2005 0:15



لا حول و لا قوة إلا بالله

اللهم انتقم منه

ابوقاسم
من خلال صديق
الموقع يستحق
الإثنين 18 يوليو 2005 0:15




مهيب اول مرة من هالزنديق؟!

Post: #541
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 02-28-2006, 09:40 PM
Parent: #540

ثقافة "كاتم الصوت"

أدناه نموذج آخر لثقافة "كاتم الصوت" كما اسماها حلمي سالم:
الرياض- وكالات- إسلام أون لاين.نت/ 1-4-2001

نفى عالم الدين السعودي "حمود بن عقلاء الشعيبي" أن يكون قد أفتى بإهدار دم المطرب الكويتي "عبد الله الرويشد" لغنائه سورة الفاتحة، إنما انصبت فتواه على إقامة الحد بالقتل على الرويشد من قِبَل ولي الأمر، وليس من قِبَل أي مسلم.

واللافت للنظر أن فتوى الشيخ الشعيبي لم تصدر عن سماع شخصي منه للفنان الكويتي، بل من مصادر أخرى؛ فيقول العالم السعودي لوكالة "فرانس برس": إنه تلقى خبر غناء الرويشد سورة الفاتحة من عدة مصادر، ذكر منها صحيفة "النخبة" السعودية، وجريدة "الأنباء" الكويتية.

وأضاف الشعيبي قائلا: "أخبرني بعض الناس أنه سمع هذا الغناء في القناة الرابعة لتلفزيون الكويت في الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء الخميس، الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة (22/2/2001)، وذكر الشعيبي أنه سيتلقى شريطا مسجلا بصوت الرويشد وهو يغني سورة الفاتحة ملحنة على العود.

من ناحية أخرى.. أكد الشيخ "محمد عبد الله الخطيب" من علماء الأزهر الشريف لـ"إسلام أون لاين.نت" في اتصال هاتفي أن فتوى الشيخ الشعيبي بقتل المطرب الكويتي الرويشد بُنيت على غير أساس؛ فالفتوى متسرعة؛ لأن الشعيبي لم يتحقق من الأمر بنفسه، فلا يجوز أن يصدر حكمًا بتكفير وقتل إنسان دونما تمحيص وإجراءات دقيقة كفلتها الشريعة الإسلامية، حيث قال المولى-عز وجل- في محكم تنزيله: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين..."، فالآية الكريمة تدعو للتمحيص الدقيق قبل اتهام أي شخص أو إصدار حكم بشأنه.

ويضيف الشيخ الخطيب قائلاً: "بعض العلماء يرى ضرورة استتابته ومراجعته لعله يستغفر ويتوب، فربما قد يكون فعل ذلك قاصدًا الشهرة، ثم ندم على فعله إن كان فعله بالفعل".

كما دعا إلى ضرورة ألا تصدر أحكام تكفير أي إنسان إلا بعد تمحيص من قِبَلِ أولي الأمر.

وقد ذكرت صحيفة "الرأي العام" الكويتية الجمعة 30/3/2001 أن الشيخ الشعيبي دعا إلى تنفيذ حكم الله في المطرب الرويشد؛ موضحًا أنه "القتل بلا استتابة"؛ لأنه غنى سورة الفاتحة.. وقد نفى الرويشد (40 عاما) أن يكون غنى سورة الفاتحة، وقد توجه يوم الجمعة إلى الولايات المتحدة.

وزعمت الصحيفة أن الشعيبي أصدر فتواه هذه بعد أن تلقى رسالة لم يكشف عن كاتبها تتهم "الماجن الرويشد بالاستهزاء بالله وآياته ورسوله حين غنى سورة الفاتحة"، ونقلت الصحيفة عن الشيخ السعودي قوله: إن "الرويشد ارتد بهذا الفعل عن الإسلام، وثبت كفره، ويجب على ولي أمر البلد الذي ينتمي إليه هذا المرتد أن ينفذ حكم الله تعالى فيه، وهو القتل بلا استتابة؛ لأنه أصبح بفعله هذا زنديقًا، والزنديق لا تقبل توبته عند العلماء".

يُذكر أن فتاوى التكفير وإهدار دم الفنانين والأدباء أصبحت متكررة في الشهور القليلة الماضية؛ فقد تم تكفير شاعر أردني اتهمه البعض بالإساءة للدين، كما تم تكفير الفنان اللبناني "مارسيل خليفة" تحت زعم غناء سورة يوسف.‏

Post: #542
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-01-2006, 00:00 AM
Parent: #541

تبرئة مارسيل خليفة






تقرير بسام عنداري

برأت محكمة لبنانية الفنان مارسيل خليفة من تهمة الإساءة الى الدين الاسلامي في أغنية اثارت لغطاً في أوساط رجال الدين، مثلما أثارت عاصفة من التأييد للفنان في أوساط المثقفين والمبدعين في لبنان وفي العالم العربي

وقالت المحكمة انها استندت في قرارها إلى عدم أدلة كافية على التهمة المنسوبة إلى الفنان

وكانت محاكمة مارسيل خليفة في بيروت قد تزامنت مع تجمعات احتجاجية رفعت شعارات تدافع عن حرية التعبير وتعترض على الاتهامات الموجهة اليه

وعبر مارسيل خليفة عن شعور بالمرارة لمثوله أمام القضاء وكأنه واحد من المجرمين، وقال لهيئة الإذاعة البريطانية إنه لم يطلب؟"البراءة لأنه لم يرتكب اي جرم"



خليفة ينفي ارتكاب أي جرم



وكانت النيابة العامة في لبنان قد وجهت الى مارسيل خليفة تهمة "تحقير الشعائر الدينية" بسبب تلحين وغناء قصيدة من نظم الشاعر الفلسطيني محمود درويش تنتهي بمقطع من آية قرآنية

ويقول في القصيدة:" هل جنيت على أحد عندما قلت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين"

واعترضت مراجع إسلامية لبنانية على ذلك - ولا سيما مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني - باعتبار أن تلحين القرآن من المحرمات

ودافع خليفة ومحاموه عن الأغنية مؤكدين انتفاء النية الجرمية خاصة وأن الاغنية "لم تتضمن الآية كاملة" كما أن مارسيل خليفة "رتل كلماتها بخشوع"

وقال خليفة إن السلطة اللبنانية عندما حاكمته إنما كانت "تحاكم الناس الذين يدافعون عن حقهم في الغناء"، وأضاف أن هناك "إجماعا عربيا على وجوب عدم المس بقضايا الحرية والثقافة والابداع"

وتتحدث القصيدة التي تسببت بمحاكمة خليفة عن معاناة الشعب الفلسطيني الذي تخلى عنه اشقاؤه حسبما يقول كاتبها

ويعتبر مارسيل خليفة واحداً من أبرز المغنين والموسيقيين العرب الذين كرسوا فنهم للدفاع عن قضايا الحرية والمقاومة والطبقات الفقيرة

وقد ذاع صيته منذ بدايات الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) حين كان بمثابة الصوت المسموع للقوى اليسارية. وارتبط اسمه باسم محمود درويش الذي أخذ منه معظم اغنياته ومنها "ريتا" و "جواز السفر" وكثير غيرهما

وحول مارسيل خليفة اهتمامه في السنوات الاخيرة الى التأليف الموسيقي وكتب ما وصفه بـ "أول عمل موسيقي لآلتي عود" وأصدره في اسطوانة بعنوان "جدل" اشترك فيها معه عازف العود اللبناني شربل روحانا

وقد اقام آخر حفل غنائي له قبل الحكم؟ في قاعة الملكة اليزابيث في لندن في التاسع من شهر كانون اول/ديسمبر الحالي

*نقلا عن موقع البي بي سي العربي
*

Post: #543
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-02-2006, 00:50 AM
Parent: #542

سبق لدرويش ان مر بتجربة اقل مرارة من تجربة مارسيل خليفة حين لحن كلمات من القرأن,
وردت في أخر مقطع شعري لدرويش في:
لماذا تركت الحصان وحيدا
وتلك التجربة تمثلت في ما قال به في :
مديح الظل العالي
حول علاقة الهجرة الفلطسينية الدائمة بالاله,
وهو ما يتمحور في تساؤل حول الجدل الدائر في اللاهوت الاسلامي حول هل ان الانسان مخير أم مسير

وقد قال درويش في ما حذفه لاحقا في أعماله الشعرية الكاملة وأعماله الجديدة:
Quote: جربناك يا الله جربناك
من اعلاك فوق جراحنا؟
اظهر,تجلى


وقد قام بحذف تلك المقاطع،
نتيجة للارهاب الذي حدث عبر خطباء المساجد الاردنية

وهذا ما يعيدنا الى ما قاله حول انه استلهم سيرة المسيح,
لكنه سكت عن استلهام سيرة النبي محمد,
رغم العلاقة اللغوية الواضحة,
بين اسمه واسم النبي محمد

وسنعود
المشاء

Post: #544
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-08-2006, 07:08 PM
Parent: #543


نواصل رصد زيارة الشاعر الكبير محمود درويش للسودان.
وأدناه مقتطف من تلخيص أعده القسم الثقافي بجريدة الرأي العام
اعداد: القسم الثقافي
الشاعر محمود درويش رمز شعري ضخم في عالمنا العربي. وذلك بسبب عبقريته الشعرية الكبيرة، وبسبب تجربته الفنية على الصعيدين تنظيراً وكتابة جاء درويش الى الخرطوم بدعوة من مركز الدراسات السودانية بالخرطوم وذلك في اطار احتفالات المركز باليوبيل الذهبي لاستقلال السودان، وداخل هذا النطاق قدم الشاعر عدداً من الليالي الشعرية والندوات والحوارات الصحفية في الصحافة والاذاعة والتلفزيون. وقد قام الزميل نبيل صالح برصد هذه الفعاليات كما نقوم هنا بقراءة تفاصيل ووقائع الزيارة والوقوف على بعض اقوال الشاعر الكبير.. وهنا نتعرض لسرد الاقوال واقامة الحوار الممكن معها بوضعها في الافق الحواري العام حيث تصلح لرؤية قضية القصيدة العربية المعاصرة في آفاقها المختلفة لاسيما وهي تتحرك في المسافة بين التأصيل والتحديث.
«المحرر»
قناة النيل الازرق الفضائية:
من اهم الاقوال التي جاءت في حوار الشاعر الكبير مع قناة النيل الفضائية قوله... ان النقد الادبي العربي عمل على تجريد مفهوم القصيدة الفلسطينية حينما استغل اقوال غسان كنفاتي بوصف هذا الشعر الجديد بشعر المقاومة.. ولذا فهم بشكل خاطئ ان اهتمام القصيدة والتزامها المضموني محصور فقط في قضايا التحرر الوطني والنضال ضد الغزاة ولكن حقيقة الأمر ان القصيدة الفلسطينية تتحرك وسط الناس بكل قضاياهم الكبيرة والصغيرة وباحزانهم وافراحهم وتصحاب انتقالاتهم في العمر ما بين المراهقة والنضج وهكذا . ولعله بسبب هذا التأطير الذي يسجن حرية لقصيدة صرخ درويش صرخته الشهيرة « ارحمونا من هذا الحب القاسي».
قاعة الشارقة بالخرطوم:
اما الليلة الشعرية التي اقامها درويش بقاعة الشارقة فقد انشد فيها الشاعر اهم قصائده ذات الشهرة الواسعة ومن اهمها قصائده التي جاءت في ديوان «سرير الغريبة» وهي القصائد العاطفية التي تؤكد على الحب بين الرجل والمرأة التي يؤكد فيها الشاعر ان الطاقة الحية للشعر هي قدرته على الانفعال بالحياة وتصوير الحكمة التي لا ترى على سطح الواقع اليومي ونبضه السريع.
http://www.rayaam.net/art/art10.htm
وأدناه مقال عن زيارة محمود درويش,والذي نشر في :
عمود مسارب الضي للحاج وراق-
العدد رقم: 4577 2006-03-07
مسارب الضي
أهلاً درويش شكراً حيدر إبراهيم
الحاج وراق



* أفسح المجال اليوم للأستاذ/ عز الدين عثمان، ليرحب بالشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، الذي يحل ضيفاً على البلاد:
الخرطوم على موعد لاستضافة الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي يخطط د. حيدر ابراهيم لاستقباله وتقديمه للجمهور مساء الخميس. وتأتي زيارة درويش هذه في اطار فعاليات احتفاء مركز الدراسات السودانية باليوبيل الذهبي للاستقلال، ويريد دكتور حيدر في هذه السانحة ان يحاول نقداً جذرياً لما راكمه السودانيون من تجربة منذ استقلال دولتهم في العام 1956م وحتى أيامنا هذه. ولذا فقد رتَّب د. حيدر ومركزه ووطدوا العزم على دعوة عدد من المفكرين من العالمين العربي والافريقي لإثارة اسئلة النهضة والحداثة في عالم قعد كثيراً عن الخروج من دائرة التخلف، وفي السودان الذي في زعمنا أنجز اتفاقية سلام هي اول محاولة جادة لبناء وطن. وبمصاحبة الندوات والفعاليات الفكرية رتَّب مركز الدراسات السودانية لدعوة العديد من المبدعين من العالمين العربي والافريقي في المجالات كافة، وقد استمتعنا في قاعة الشارقة بالإصغاء الى أصابع نصير شمة، بيدين مرة، وبيد واحدة مرة، ونتوق الى الاستماع في مقبل الايام الى الشاعر محمود درويش.
وقد علمت من دكتور حيدر ان واحدة من مواجده المؤلمة، حرصه على استعادة الفضاء المدني واستعادة الليل، فهو، يتحسر أن ليس في الخرطوم ولا مقهى واحد يرتاده الناس في الليل ويأسى على سنتر الخرطوم الذي لا ليل في ليله. ولعلها مواجد مما تحمله أغنية «كلام يا عوض دكام»، التي تتحسر بكلام خفيف، خفة كائنات الليل، على ما تفتقده الخرطوم. وما يقترمه دكتور حيدر مشروع كبير يحتاج الى تضافر مجهودات الحادبين ولان حيدر نفسه يقول إن هذا عمل يهم الجميع «وحق الناس كلهم» فإنني ليس نيابة عنه فقط وانما عن نفسي ادعوكم كل بما استطيع لتقديم العون لمركز الدراسات السودانية لإنجاز ما يروم.
اما درويش فشاعر تعرفونه وقد زار السودان من قبل في حوالى 1986م وقرأ شعراً، وأدار معه المثقفون السودانيون حواراً رائعاً نشرته مجلة «الثقافة السودانية» وقتها، وزعمي ان درويش وقائمة الشعراء الذين عرفتنا اليهم مجلة «الكرمل» التي يرأس تحريرها، كان لهم بالغ الاثر على الشعراء الذين بدأوا في اقتحام الشعر أواخر الثمانينات والى يومنا هذا.
وان فرضت الجغرافيا على درويش ان يكون الناطق الشعري عن القضية الفلسطينية الا انه وعى منذ البداية خطر الارتهان الى الهتاف والمباشرة، بل وخطر رهن شاعريته وشعره الى تلك الجغرافيا ووسمه بانه شاعر مقاومة، فقد أراد على الدوام ان يُعرف فقط كشاعر.
وهو وبحق شاعر يسمو على كل جغرافيا، انه شاعر الانسانية الذي يحاول انسنة العدو كما يقول هو نفسه. يريد محمود درويش ان يرى جمال اللون الاحمر في الدورة لا في الدم، ويريد ان يمشي الاب في جنازة ابنه وليس العكس، وان يحس الاب بأن جنازة ابنه هي جنازة ابنه الذي من لحم ودم، وليس محقي خيري يموت في سبيل الوطن ويشيعه الناس كمجاز للتضحية اي انه يريد للفلسطيني ان يعيش حياته العادية، بتفاصيلها اليومية البسيطة وان يرى الاشياء كما هي لا كاستعارات ويتطلب ذلك اعترافاً متبادلاً بإنسانية الطرفين وذلك ما يسعى درويش الى تأكيده عبر مشروعه الشعري الوثاب الذي يتفوق على نفسه في كل مرة، مانحاً الشعر واللغة فضاءات هي باستمرار جديدة للمغامرة والتجريب.
يخوض درويش، بأمل عضال وملم لا يكل، معركة انسانية لا تقل بسالة، ان لم تك اقسى، مع نفسه وذاكرته الجمعية، ومع الاسرائيلي، من أجل الاعتراف بحق الجميع في التعايش المشترك ومن أجل السلام، باحثاً عن الانساني فيه وفي أخيه العدو، وأداة درويش في ذلك وسلاحه لفتة، شعره الذي يمثل مشروعاً شاقاً ومتكاملاً للدفاع عن الذات الفلسطينية وعن الانساني في الوجود.
ان شعر درويش، «يعيد تشييد الحياة ويصونها، شعر يتذكر ويحفز الذاكرة، ينتقد ويتحدى، ولكنه، وفي ذات الوقت، يبحث عن معابر وفضاءات للمشاركة وللمصالحة على ارضية تحمل عبئ الاعتراف والقبول، بحقائق الوجود الفلسطيني التاريخية التي لا تقبل الجدل. ولربما يكون من اليسير، شرح او الصفح عن نزع انسانية الآخر في الخيال، في سياق حيوات حشرت في دوامة دم شريرة، ولكن حتى حينما يدرك درويش الجزور البعيدة للغضب، والتي تروى بالدم مع كل دورة من القمع، فانه يسمو فوق هذه العوائق، دون ان ينكرها او يحاول اخفاءها عبر اعتراف تلقائي بالجرح على الجانبين وبالتوتر المتبادل، وكذلك بالحلم المتبادل بالتعايش والسلام» (من ترجمة لنا نشرت من قبل لاشوان شيث). ثم ان درويش هو شاعر الحياة بامتياز، وحتى وهو يكتب معاناته وغيبوبته على عتبات الموت، حينما اراد ان يصور الموت، لم يستطع سوى ان يكتب جراريته التي هي معلقة في مديح الحياة.
تأتي زيارة درويش هذه متزامنة مع حادثة الرسوم الكاريكتورية المسيئة في حق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، والتي نجمت عنها حرائق وموجات اهدار دم، وفي وقت تتجه فيه حماس الى استلام السلطة في فلسطين، حماس التي تقف على النقيض من موقف درويش الذي يحترم حق حماس في الدفاع ولكنه لا يرغب في ايذاء المدنيين. انها وبلا شك أجواء غير أليفة، فجنازات شهداء حماس بزغاريدها هي الاستعارة عينها التي ترعب درويش وتجعله يطلب الى الاب ان لا يصدق زغاريدهن، ولكنه يجد العذر لشاب أحب الحياة فدافع عنها بأغلى ما يملك «الدم في الجسد اللازورد». ترى كيف سيؤثر المشهد على شعر درويش الذي يرغب في اقامة حوار مع الآخر.
مؤكد ان درويش قد أسهم مع مفكرين فلسطينيين آخرين ومن بينهم الراحل ادوارد سعيد، في الدفاع عن حق الفلسطيني في الوجود، وقد استطاع شعر درويش الى حد كبير ان ينزع عن الاسرائيلي صورة الضحية، وعن الفلسطيني صورة الارهابي، على الاقل في اوساط مثقفي ومفكري العالم، مما وفر للقضية اصدقاء مثل الموسيقي دانيال بارنبوام والصحافية اميرا هاس وول سونيكا وآخرين.
«أعرف انهم اقوياء، وبإمكانهم ان يجتاحوا او يقتلوا اي احد، لكنهم لن يستطيعوا ان يكسروا او يحتلوا كلامي».
هكذا قال درويش عندما داهم جنود الاحتلال مركز السكاكيني حيث يحرر مجلة «الكرمل»، وكلامه هذا يُبقى الأمل الفلسطيني ساخناً، فأهلاً بالوريث الشرعي لايقاع الشعر العربي في الخرطوم وأهلاً بليل الخرطوم.
http://www.alsahafa.info/news/index.php?type=6&issue_id...870&col_id=5&bk=1[/B]

Post: #545
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Abomihyar
Date: 03-08-2006, 07:59 PM
Parent: #544

سلام يا صديقنا العريس:

لعل درويش قد قال:

يا الله جربناك جربناك
من أعطاك هذا اللغز من سّماك
من أعلاك فوق جراحنا ليراك
أظهر كعنقاء الرماد من الدمار.


أرجو أن أكون قد أصبت في أيراد ابيات درويش من الذاكرة..

تحياتي لك وللعروسة ولكل ألصدقاء في كاليفورنيا.

أسامة عبد الجليل
ايوا سيتي

Post: #546
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-09-2006, 09:23 PM
Parent: #545

شكرا صديقنا اسامة على التصويب,
فقد كنت احاول ان استدعي ذاكرتي الخربة
محبتي
وارقد عافية
المشاء

Post: #547
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-09-2006, 09:28 PM
Parent: #546






هنا شهادة مارسيل خليفة عن علاقته بنصوص درويش الشعرية:

قصتي مع شعر درويش
مارسيل خليفة
اعتدت دائماً أن احتضن آلة العود لأغني شعر (محمود درويش) ويبدو أنه لا بد من الكلام لوحده، حين يأتي ليقول عن علاقتي بشعر (درويش).
من جهةٍ ثانية لم أحب أن أرتجل (بعضاً من الحكي) عن ذلك الشعر الجميل، فوجدت أن لا بد من كلمة تكتب فكتبت:
تعرفت على شعر (محمود درويش) عبر قراءات موسيقية شبه صامتة للقصائد الأولى، وكانت تلك المقاربات الموسيقية للقصائد يغلب عليها طابع الحذر حتى الخوف، الخوف المصاحب دائماً لأي مشروع جديد. بخجل وتردد رحت أعرض تصوري لضرورة غناء تلك القصائد.
وفي صباح يوم باكر من شهر آب- أغسطس لسنة 1976 دخلت أحد استوديوهات باريس الصغيرة.
ولم يكن معي سوى العود وأمي وريتا وجواز سفر وكانت أول تظاهرة لأسطوانة (وعود من العاصفة) على خشبة الجناح اللبناني في مهرجان الإنسانية بباريس مع أول أيلول-سبتمبر لسنة 1976 بالقرب من بسطة الحمص والفول والفلافل. لقد استعرت آنذاك من محمود درويش تلك النصوص ووضعت لها موسيقى على النبض الدرويشي، وذلك بإعطاء بعد موسيقي مستقل عن الكلمة سواء من الناحية الميلودية أم الإيقاعية أم التوافقية فكان هناك عالم صوتي يتشكل من بعدين موسيقي وشعري لينبثق من استقلالهما وحدة فنية.
لسنين طويلة ارتبطت موسيقاي بشعر محمود درويش، فتآلفت أعمالنا في ذاكرة الناس حتى صار اسم أحدنا يستذكر آلياً اسم الآخر، ولا عجب في ذلك، فكل محطات مساري الموسيقي، لثلاثين عاماً مليئة بالإشارات من إلى أعمال درويش,. بدءاً ب(وعود من العاصفة) وصولاً إلى (يطير الحمام).
فمنذ أولى محاولاتي وقبل أن يتعرف أحدنا إلى الآخر، كنت أحس بأن شعر درويش قد أنزل عليَّ ولي. فطعمُ خبز أمه كطعم خبز أمي، كذلك عينا (ريتاه) ووجع يوسفه من طعنة اخوته، وجواز سفره الذي يحمل صورتي أنا، وزيتون كرمله، رمله، وعصافيره، سلاسله وجلادوه، محطاته وقطاراته، رعاة بقره وهنوده... كلها كلها سُكناها في أعماقي.
فلا عجب أن آلفت موسيقاي أبياته بشكل طبيعي، دونما عناء أو تكلف، يقيني أن شعره كُتب لأغنيه، لأعزفه، أصرخه، أصليه، أذرفه.. أحكيه ببساطة، على أوتار عودي، وإذا ما أشركت كل آلات الأوركسترا مع كلماتي وصوتي، طلع ذلك الإنشاد الذي يهز ويواسي، يحث ويقاوم.. في أوراقي الموسيقية اليوم مكان لشعر درويش أكثر حضوراً مما كان عليه.
أمزحة الأمر أم مزاجية عبثية؟ لا هذه ولا تلك بل شيء كزهرة أتطاول إليها بيدي منذ زمن ولا أتجاسر، واليوم فأنا مستعد وسأجرؤ لأغني ألماً يلجمه النبل والخفر عن الصراخ والأنين، ولأرمز شعره في نظام أصوات ونبرات وإيقاعات.
لشعر محمود درويش مذاق خاص، فهو مرتبط بذلك العالم المسور بالدمار وأمل القيامة الأخضر وفي شعره دعوة منعشة إلى الحياة. قصائد درويش بشوشة وفرحة كالنهار الذي ننتظر قدومه ومليئة بالأمل كالساعة التي لم نعشها بعد.
والحزن الواضح النبرة أحياناً خلق صلة بشرية حميمة وتعاطفاً إنسانياً بالأشياء والرموز. مع شعر محمود درويش تعرفت على نفسي كفرد لي أهوائي ونوازعي ووساوسي وحاجاتي الملحة للحرية وللخبز وللورد ولقول الأنا دون خجل.
محمود درويش يحفر الصخر بأظافره حتى الوجع الوحشي كي يجد القصيدة الطازجة دائماً.




ويمكن الرجوع الى المجلة الثقافية التي اصدرتها قناة الجزيرة الفضائية لقراءة شهادات لمبدعين عرب عن محمود درويش ,على اللنك التالي:
http://www.al-jazirah.com.sa/culture/

ارقدوا عافية

المشاء

Post: #548
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-12-2006, 02:41 PM
Parent: #547

نواصل تغطية الزيارة الشعرية الثانية الى السودان والتي قام بها الشاعر محمود درويش
ادناه ما قال به موقع الف ياء عن امسيته الشعرية بجامعة الخرطوم ,وماقال به لتلفزيون رويتر:

جامعة الخرطوم تحتفي بمحمود درويش

خفوت صوت المثقفين العرب غير مرتبط بالقضية الفلسطينية


الخرطوم – رويترز :القى الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي يعد واحدا من أبرز الشعراء العرب مجموعة من أروع قصائده خلال أمسية شعرية اقيمت بجامعة الخرطوم يوم الجمعة /.
وقال درويش في مقابلة خاصة مع تلفزيون رويترز انه ما زال يتمتع بعلاقات وثيقة مع القيادات الفلسطينية بعد فوز حركة المقاومة الاسلامية حماس في الانتخابات التشريعية.
وأضاف انه من السابق لاوانه معرفة الكيفية التي ستدير بها حماس الحكومة.
وقال درويش اود ان اقول انني مازلت قريبا من القادة الفلسطينية على جميع فصائلهم وتنظيماتهم واعتقد ان ما حصل في فلسطين حدث كبير بالمعنى السياسي الوطني وستكون له اثار اقليمية لقد تم تداول السلطة في فلسطين بشكل ديمقراطي وشفاف وسلس وهذه ملاحظة يسجلها كل المراقبين الدوليين لمصلحة انضباط الشعب الفلسطيني لمبادئ وقيم الديمقراطية هذا التغيير الذي حدث لا نستطيع ان نحكم عليه الان لاننا تعودنا وتعود المجتمع الفلسطيني والشعب الفلسطيني على قيادة تاريخية امسكت بزمام الامور لسنوات طويلة وجاء هذا القطع المفاجئ في هذه المسألة بوصول
تنظيم حماس الى السلطة عن طريق ديمقراطي .
واضاف درويش ومن السابق لاوانه الحكم على الفروقات التي سنلاحظها بين كون حماس في المعارضة وبين كونها في السلطة او ننتظر لنرى كيف تدير حماس سياستها وسياسة المجتمع على المستوى الوطني والاجتماعي والثقافي .
ويقول درويش ان صوت المثقفين والكتاب العرب ارتبط بالقضية الفلسطينية التي غالبا ما استخدموها كوسيلة للتعبير عن انفسهم والمكبوت العربي.
وقال درويش لا لا نستطيع ان نلقي تبعات خفوت صوت المثقفين العرب او الشعراء العرب في مجتماعاتهم ونكوصهم الى ذواتهم على كاهل القضية الفلسطينية بالعكس القضية الفلسطينية هي ساحة تعبير حر عن كل المكبوت العربي
وكان الكتاب العرب دائما يريدون ان يعبروا عن وضعهم الداخلي باستعارة القضية الفلسطينية لكي ينفذوا منها الى داخل العرب بالذات .

Post: #549
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-12-2006, 06:40 PM
Parent: #548

سنحاول رصد وجود محمود درويش في الخليج
هذه هي المرة الاولى التي يقرأ فيها درويش شعرا في الخليج,
وابتدأ ذلك بقراءات في البحرين ,
وهي من البلدان التي نشات فيها حركات نسوية وشبابية وفكرية متطورة في بدايات القرن الماضي أي القرن العشرين
و من الامثلة المعاصرة ,
الكاتب:
قاسم حداد,
بمشاريعه الابداعية المتنوعة,
ومن ضمن ذلك موقعه عن الشعر في جهة الشعر
وسنعود لذلك
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #550
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-13-2006, 11:22 PM
Parent: #549




أنشد للنساء وتسبب في «حالة طوارئ» ...

محمود درويش لأول مرة في البحرين يعتذر للجمهور:

من لا يحب الشعر في هذا المساء فلن يحب

المنامة -
سيد محمود الحياة - 10/03/06//



تأخر الشاعر الفلسطيني محمود درويش خمس دقائق عن موعد دخوله الصالة الثقافية لمتحف البحرين الوطني، لكنها كانت أطول من ثلاثين عاماً قضاها البحرينيون في انتظاره، وما ان دخل صاحب «الجدارية» حتى اشتعلت القاعة بالتصفيق في ليلة استثنائية قضتها البلاد أول من أمس وهي تعيش «حالة طوارئ» وصلت الى منافذها الحدودية حيث توافد كثيرون من السعودية والكويت للاستماع الى درويش الذي يزور البحرين للمرة الأولى على رغم المكانة المميزة التي له فيها، وذلك بتأثير فرقة «أجراس» الموسيقية وصوت خالد الشيخ الذي حقق شهرته في بداياته عبر أشعار درويش.

ومنذ اللحظات الأولى للأمسيه أدرك درويش مأزق غيابه طوال تلك السنوات، فبادر الى تقديم اعتذار وقال: «لا استطيع ان اخفي ما اشعر به من رهبة امامكم لأنني مدعو للسباحة في ماء شعركم انتم، فأنا مدين لكم باعتذار لأنني تأخرت في هذه الزيارة فأرجو ان تعذروني».

وقبل ان يعتلي المنصة كانت عشرات النساء يجلسن في الصفوف الأولى وفي ردهات القاعة التي عرفت أخيراً طعم الزحام وكانت قبل تلك الليلة تشكو غياب الجمهور عن متابعة فعاليات مهرجان «ربيع الثقافة» الذي تنظمه إدارة الثقافة والفنون ومركز الشيخ ابراهيم الثقافي ومجلس التنمية الاقتصادية.

والتقط صاحب «سرير الغريبة» دلالة هذا الحضور النسائي الطاغي واشار الى سعادته لان الامسية توافقت ويوم المرأة العالمي داعياً الى المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، وكانت قصيدته الاولى بعنوان «الجميلات» ووصفها بأنها قصيدة «انتهازية» يمتدح خلالها كل النساء، لكنه قطع القراءة بسبب ضجيج «الهواتف النقالة» التي لم ينقطع رنينها طوال الأمسية، الامر الذي جعله يخرج عن مزاجه أكثر من مرة. وكان قد داعب الجمهور مع أول «رنين» قائلاً: «هن الموبيلات» بدلاً من «هن الجميلات».

وعاود درويش القراءة من أجل الجمهور الذي كان ينتظر منه قصائد للمقاومة لكن درويش غامر ورفض ان يعطي جمهوره «رشوة كاملة» واختار ان يشاركه الغرام بقصائده الجديدة، اذ ركز طوال الامسية التي استمرت ساعة وربع الساعة على مجموعاته الشعرية الاخيرة «لا تعتذر عما فعلت» و «كزهر اللوز أو أبعد « و «الجدارية»، واختتم الامسية بقراءات من «حالة حصار».

وصفق الجمهور طويلاً بعد أن قرأ «حاصر حصارك»**** لا سيما المقطع القائل «ستحسن صنعاً اذا اخترت سيدة لرئاسة اجهزة الامن».

والمؤكد ان جمهور تلك الامسية خرج منها وهو يرفع الشعار الذي أطلقه الشاعر قبل ان يختمها وهو يقول: «من لا يحب الشعر في هذا المساء فلن يحب».

****هامش:
يبدو ان المقصود هنا هو نص محمود درويش الشعري الطويل"حالة حصار" والذي كتبه بعد زيارته الاولى للاراضي المحتلة منذ ان غادرها بعد قرارها الشهير بالخروج من ارض الوطن المحتل
.

Post: #551
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-17-2006, 05:41 PM
Parent: #550




محمود درويش بعد أن نثر شعره علي جمهوره السوداني:

انا فلسطيني بالميلاد والتجربة والمعاناة

لخرطوم-2006/02/28ـ القدس العربي ـ من كمال حسن بخيت:
نسيت الخرطوم كل همومها وما يجري في الساحة السياسية من صراع وتوتر. نسيت كل ذلك لايام وهي تحتشد لاستقبال شاعر المقاومة والحب. شاعر فلسطين الكبير محمود درويش الذي ترك كل ارتباطاته ومشاغله ومشاكله الصحية ليلبي دعوة مركز الدراسات السودانية للمشاركة في اليوبيل الذهبي لاستقلال السودان.
كأنه بذلك يسجل اعتراف محبة لشعب السودان وجمهور الشعر فيه فهذا الشعب عاشق لفلسطين وصاحب موقف مع قضيتها. دماً ودعماً. وكلمة وعد حتي التحرير.
وكأن شعب السودان يريد بحضور درويش ان يؤكد ان الخرطوم لا تستطيق سماع الشعر الا من كبار فرسانه كعادتها دائماً. ولسان حالها يقول ان درويش هو أحد هؤلاء الكبار وفي المقدمة فالخرطوم تعشق الحياة والحب والثورة والحرية والقوافي الخارجة من رحم هذا العشق. فالتقت مع فلسطين وعروبتها وصفقت لمحمود درويش بمشاعرها من القلب الي القلب.
الثورة والحب.
ايام لها نبض تدفق شعراً. وكان محمود درويش هذا النبض وكل الشعر. فبهر بتألق نجمه نهارات وليالي الخرطوم. لقد كان وفياً للقصيدة ومتواصلاً بجهد كبير في تنقيتها من شوائب النمطية واللغو المجاني وفقر الدم. فهو زائداً الموهبة مجتهد ومجاهد ومخلص لقضية الشعر.
لهذا صفقت له الخرطوم الجمعة في اطلالته الاولي بقاعة الشارقة افخم قاعات اللقاءات الثقافية التي احتلتها الجماهير في حضور لن يتكرر وان تكرر فلن يكون الا لمحمود درويش نفسه. شباب وشابات واجيال جاءته لتوثق صلتها باشعاره. وتجدد بيعتها للارض والثورة والحب وتطرد وجع الاسئلة في الزمن العربي الصعب. وقد استقبلها محمود نفسه ايضا شعراً (براحات. لا سقف لها).
هنا عند منحدرات التلال.
أمام يالغروب.
وفوهة الوقت.
قرب بساتين مقطوعة الظل.
تفعل ما يفعل السجناء.
ما يفعل العاطلون عن العمل.
.. تربي الأمل.
هذا المساء.
وقال لجمهوره بفرحة واثقة (من لا يحب الآن. في هذا المساء. فلن يحب). وما اجمله وهو يوثق انتماءه. ويقول (أنا فلسطيني بالميلاد والتجربة والمعاناة).
سأقطع هذا الطريق الطويل وهذا الطريق الطويل الي آخره.
الي آخر القلب اقطع هذا الطريق الطويل الطويل..
فما عدت اخسر غير الغبار وما مات مني وصف النخيل.
يدل علي ما يغيب
سأعبر صف النخيل. ايحتاج جرح الي شاعره.
ليرسم رمانة للغياب سابني لكم فوق سقف الصهيل.
ثلاثين نافذة للكتابة فلتخرجوا من رحيل لكي تدخلوا في رحيل.
تضيق بنا الارض او لا تضيق. سنقطع هذا الطريق الطويل.
هو هو. محمود درويش، منذ (اوراق الزيتون) وحتي ما بعد (كزهر اللوز أو أبعد). لا يحب الركون الي نمط أو طريقة للكتابة انه يتجدد وينفلت يعانق جغرافيا الداخل. ويفارق جغرافيا المنفي. ويلتقي مع نفسه وشعره. مع شعبه.
أريد مزيداً من العمر كي نلتقي ومزيدا من الاغتراب.
ولو كان قلبا خفيفا لاطلقت قلبي علي كل نخلة.
اريد مزيداً من القلب كي استطيع الوصول الي ساق نخلة.
ولو كان عمري معي لانتظرتك خلف زجاج الغياب.
اريد مزيدا من الاغنيات لأحمل مليون باب. وباب.
الي ان يبلغ هذه الصورة الرائعة:
اريد مزيداً من السيدات لاعرف آخر قبلة.
وأول موت جميل علي خنجر من نبيذ السحاب.
اريد مزيداً من العمر كي يعرف القلب أهله.
وكي استطيع الرجوع الي ساعة من تراب.
وقدم درويش نفسه برداء الشعر وبزي فارس المقاومة وبشفافية الانسان. (قافية من اجل المعلقات).
من أنا؟
أنا سؤال الآخرين ولا جواب له.
أنا لغتي انا
وانا معلقة معلقتان. عشر.
هذه لغتي. أنا لغتي.
انا من قالت الكلمات كن جسدي.
فكنت لنبرها جسداً.
المقاومة.
وذلك ما اضافه عليها في المنتدي الحواري مع مجموعة من الشعراء ومثقفي الخرطوم. بعد ليلته الرائعة تلك وهـــو يقــــول: (انقذوني من هذا الحب القــــاسي)، ردا علي وصفه بشاعر المــــقاومة. وقال: (ان لكل مبـــــدع شرطا تاريخيا يحقق من خــلاله الفن والابداع).
وقال درويش لحضور منتداه رداً لمسار نقاش ان كان بامكانه ان يكون امتدادا لادوارد سعيد. هو مفكر عالمي. امريكي التعليم واوربي الثقافة. وهو ليس ابن الثقافة العربية وربما يكون ملماً بها ولكنه عبــــقرية فكـــرية وانتماؤه الي فلسطين هو نستالجيا الي مولده ولكنه ليس عربياً ولا استطيع ان اري نفسي فيه. ادوارد سعيد عمل بالفكر والنقد. وانا عملت بالشعر والفن. انا ابـــن الثقافـــة العربية. ولكن كل منا عبر عن قضية فلسطين من خلال موقعه.
مدن.
وامتد نشاط محمود درويش بايامه في الخــــرطوم الي الجــــزيرة. حيث التقي بحاضرة ولايتها (ود مدني) جمـــهورها. وعزف علي شـــفاه عشقهم احلي قصائده. وقد تجدد هذا الرهــــيف. النحيف الجميل شعراً وحبا. المدن التي تهــــوي سماع الشعر في هذا العصر الرديء. ذات ولادات نادرة وعصر متفرد. وهي الخرطوم. وهو شعب الســودان وهو درويش في قصيدته (ورد افل).
أما كان في وسعنا ان نغافل اعمارنا.
وان نتطلع اكثر نحو السماء الاخير قبل افول القمر.
عناوين للروح خارج هذا المكان احب الرحيل.
الي اي ريح. ولكنني لا احب الوصول.


Post: #552
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-18-2006, 11:29 PM
Parent: #551













Post: #553
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-18-2006, 11:44 PM
Parent: #552

أدناه بطاقة اسفيرية تحتوي على اشعار للشاعر محمود درويش والشاعر اليوناني ريتسوس ومظفر النواب وأدونيش والماغوط,ويبدو ان نصوص شعراء الحداثة العربية اصبحت ملهمة للملتيميديا والأسافير العربية

فالى لنك البطاقة:

http://www.safara.com/ecard/poem/sedoory.html

Post: #554
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Salwa Seyam
Date: 03-19-2006, 00:53 AM
Parent: #1


أجمل الأشعار مايحفظه عن ظهر قلب كل قارئ ....

فإذا لم يشرب الناس اناشيدك شرب قل انا وحدى خاطئ ....

من رباعيات درويش

Post: #555
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-19-2006, 01:32 AM
Parent: #554

شكرا سلوى

كل ذلك كان مقدمة لغياب لم يكن لي فيه يد
وسأعود قريبا بعد الحصول على خدمة الانترنت لمواصلة هذا البوست والبوستات الأخرى
و كذلك البوستات الشعرية الجديدة وفيها لك موقع مركزي
مثل:
شبه جزيرة الغياب
و
صروف البيتوتي-خطرفات المكان

وغيرها من النصوص الشعرية الجديدة
وسنعود بعد الحصول على خدمة الانترنت

أرقدوا عافية

المشاء

Post: #556
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mansur ali
Date: 03-25-2006, 00:40 AM
Parent: #555

المشاء
بعد غياب طويل ، تمكنت نهار أمس من الدخول إلى مكتبة الجامعة .وبعد فترة قصيرة،جلست أتصفح كتاب " نصوص المشاء" ،وبصورة خاصة مراجعة الثيمات المتعلقة بالمنفى وهامشية المثقف. ولقد حرضتنى قراءة النصوص لمتابعة قراءة مؤلقات لأدرنو وإدوارد سعيد،ووالتر بنامين،الخ
**
فى إنتظار قراءة شبه جزيرة الغياب

منصور ( شبه جزيزرة الملايو)

Post: #557
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mansur ali
Date: 04-03-2006, 12:52 PM
Parent: #556

Quote: ولست خبيرا بشأن الغياب لأفهم معنى انتظاري رعاة الحضور يسوقون قطعانهم بسياط الحنين


Re: هاجس السأم أو ما قاله الكلب احتجاجا

Post: #558
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 04-04-2006, 08:04 PM
Parent: #557

قال صديقنا الماليزي :
منصور علي
Quote: المشاء
بعد غياب طويل ، تمكنت نهار أمس من الدخول إلى مكتبة الجامعة .وبعد فترة قصيرة،جلست أتصفح كتاب " نصوص المشاء" ،
وبصورة خاصة مراجعة الثيمات المتعلقة بالمنفى وهامشية المثقف.
ولقد حرضتنى قراءة النصوص لمتابعة قراءة مؤلقات لأدرنو وإدوارد سعيد،ووالتر بنامين،الخ
**
لعل خطاب المشاء هو الجانب النظري الذي يدعم تجربتي الشعرية كمشاء
اشارتك ذكية لادوارد سعيد ,فهو من اكبر الذين جربوا المشي ممارسة وتنظير ومن اهم كتبه في هذا الشان:
تمثلات المثقف
و انعكاسات عن المنفى

هنالك ايضا كتاب مهم
وارجو ان اتمكن من نشر نصوصي قريبا
وسنواصل محاور لاهوت الوردة
هنالك كتاب مهم جدا في هذا الصدد عن خطاب ما بعد الحداثة حول الشتات والاقتلاع هو :
Questions of Travel: Postmodern Discourses of Displacement
(Post Contemporary Interventions)


شكرا
المشاء

Post: #560
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 04-05-2006, 08:33 PM
Parent: #558

صديقنا القديم الجديد حاتم الياس
مرحبا بك تحت سقف الوردة
تعبت حتى وجدت تعليقك التالي:

Quote: نعود من جديد....لمكان طالما أحببناه

سهولة المفرده أعمق تحدى فى الشعر العربى الحديث فى رحلة خروجه من غوايات الغموض ووالنحت اللغوى الذى لايقيم على حكمة ولارؤية

البساطة الحكيمة والعميقة هى مرحلة درويش الحالية..


المادة جاهزة,وفي انتظار الحصول على خدمة دائمة للانترنت
محبتي لجميع المتابعات والمتابعين
ارقدوا عافية الى حين عودة
المشاء

Post: #561
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 04-21-2006, 12:49 PM
Parent: #1

سبق ان تحدثنا عن محمد عبدالحي في مواضع عدة في هذا البوست،
كما سنواصل الحديث عنه في محاور أخرى قادمات
أدناه مقال نشره الشاعر السوداني :

جميل أحمد محمد
في العدد الأخير من السفير الثقافي الذي يشرف عليه الشاعر اللبناني المعروف:
عباس بيضون
****
قراءة في تجربة الشاعر السوداني الراحل محمد عبد الحي
السَّمَنْدل يُغَّني
جميل أحمد محمد



فتحت الحداثة الشعرية في السودان، خلال الستينيات، آفاقا شكل فيها سؤال الهوية الضاغط من برزح العروبة والافريقانية، أو الافريقانية المحضة، أطيافا تواشجت مع حركة الحداثة في الشعر العربي. عبر النزوع إلى صياغة جديدة بلغ منها هدير الخطاب الآيدلوجي؛ ما كان كافيا لتذويب الإبداع بتآكل راهنية الأحداث، وأفول أقطابها الرافدة. وبصورة جففت كثيرا ما يشتغل عليه الشعر الذي يتوسل أنسنة الرؤيا من أفق الفن. وتخليص لحظات التوهج من تاريخانية الحدث، مع الاحتفاظ بإشارات تفتح عليه وجه التأويل.
وإذا كانت هذه السمة الأسلوبية متحت من محيطها المشحون آنذاك بتحولات رجرجت ما سكن من حالات الثقافة العربية بجديد من الفكر، والأفق، والرؤيا، شملت الشعر قلبا وقالبا. فإن أخطر المعالجات الشعرية كانت تلك التي تتعرض لإشكالات الهوية والخصوصية من خلال أفق إبداعي يفصل، جماليا، تخومَ الفن، عن حدود الآيدلوجيا. أي بطلاق بائن، بين ما هو إنساني وكوني مشّفر بمرايا لاقطة للتفاصيل المؤنسنة، وبين ما هو عادي ورتيب يمنع الرؤيا من وراء الأفق الشعري.
ربما كان الشاعر السوداني الراحل محمد عبد الحي في ذلك الوقت، أي ستينيات القرن الماضي، تمثيلا لأفق آخر، وصوتا فارق طبول الايدلوجيا، بهسيس يرتّم أناشيد الشعر همسا يتكشف فيه الرمز بمنأى عن الزمن المشروط فيزيائيا (ولهذا السبب، ربما، خلت القصائد في دواوينه من تواريخها. باستثناء قصيدة <الفصول الأربعة> التي كتبها أثناء الدكتوراه في أوكسفورد عام .1973
ليخلق بذلك فضاء شعريا أرجحت فيه رحلة العناء في البحث عن الرمز المفقود، حالات إبداعية متوهجة، صحب فيها العذاب دهشة الكتابة الشعرية:
الشعر فقر
والفقر إشراق
والإشراق معرفة لا تُدرك
إلا بين النطع والسيف
(من قصيدة سماء الكلام)
ومن ذلك الأفق خلق محمد عبد الحي نسيجا متفردا بمنوال صبغت تيماته ألوان أسطورية من منابع غريبة وكاملة الجِّدة. مكّن منها تجوال صهر روحه بمختلف تضاريس السودان وحساسياته الإثنية والحضارية. ودوّن في نفسه أسئلة مصيرية ظلت تتوارد عليه من مطارح شديدة الاختلاف والتمايز، تعالقت فيها صراحة اللغة بالجذر الأنطلوجي للسودانوية الناشئة في المنزلة بين المنزلتين من التكوين الديموغرافي السوداني: (العرب والزنج). حتى مَرَد نفسه على عناء كبير في مسار إبداعي شعر بداياته إحساسا ضاغطا وواعدا بأعماق أكثر دهشة وتجريبا ومغامرة حقق فيها (معادلة الرماد). تلك التي عجزت عن استيعابها مانوية الخطاب الشعري السوداني بين الأبيض والأسود في زمانه. وبالرغم من أن تجربة (جيمس جويس) في (يولسيس/ عوليس) ألهمته الأفق النوعي الخاص لتجربته في خلق الهوية بحسبانها روحا متعالية صهرت ذاتها في شعبها أو شعبها في ذاتها، خصوصا في ديوانه المهم (العودة إلى سِنّار) <قصيدة طويلة من خمسة أناشيد>. إلا أن تجربة محمد عبد الحي، التي زاوجت دلالتها على أقنوم ثنائي برز في ذات تاريخية واحدة تمثّلت في (السلطنة الزرقاء) <التي هي أول كيان تاريخي قام على حلف صهر العرب والزنج في بوتقة واحدة في القرن الخامس عشر الميلادي بمدينة سنار، وأنتج ديمغرافيا السودان المعاصرة>، كانت هي المصهر الوحيد لشعبه كفضاء رمزي تاريخي. لذلك ظل عبد الحي يتأول الدلالة الرمزية المزدوجة في ثنائيات مترادفة ومعبرة عن ذلك المصهر: (العرب / الزنج) (النخل / الأبنوس) (الطبل / والربابة ) ( الغابة / الصحراء)، ومستصحبا تيماتها الجمالية في حدي التجربة، من أعماق التاريخ العربي إلى أحراج الجغرافيا الاستوائية بجنوب السودان. ومن أقدار أبي العلاء المعري، إلى طقوس قبيلة (الدينكا) النيلية (التي ينحدر منها المناضل السوداني الراحل جون قرنق). ليكتشف بذلك صيرورة شعرية جديدة ارتكزت على هوية ضاع عنها طويلا دون أن ينتبه إليها، لقربها الشديد واللصيق من روحه وقدره، وتاريخه. وليعود إليها كما عاد (أبو يزيد البُسطامي) الذي ترك الحق وراءه ببسطام، وهو يبحث عنه. فلا عجب أن يصدّر عبد الحي ديوانه المهم (العودة إلى سنار) بهذا المقطع من كتاب (الفتوحات المكية) لمحي الدين بن عربي:
(قال يا أبا يزيد ما أخرجك عن وطنك؟ قال طلب الحق. قال: الذي تطلبه قد تركته ببسطام. فتنبه أبو يزيد، ورجع إلى بسطام، ولزم الخدمة حتى فُتِحَ له).
لقد أعاد محمد عبد الحي تجربة أبي يزيد البسطامي بعد متاه صهر في نفسه عذابات هائلة بحثا عن قرارة الروح، ونشيد الإنشاد في قيثارة أرضه العظيمة. لينام بعد ذلك العناء والكشف مطمئنا:
(مثلما ينام في الحصى المبلول طفل الماءْ
والطير في أعشاشه
والسمك الصغير في أنهاره
وفي غصونها الثمار
والنجوم في مشيمة السماء)
<قصيدة العودة إلى سنار>
الرؤيا
والنص عند عبد الحي خلال تلك التجربة يتميز بالرؤيا وهي في شعره أفق شديد الدهشة والغموض الذي يستبطن مشهدية تزيح ستارها ببطء عن عالمه الخاص والعميق، والمصقول بحساسية تستدعي قارئا نوعيا ليستكشف جماليات النص وتأويلاته. ذلك أن حدي الرؤيا في شعره أشبه بشفرة تخفي معاني مكنونة في منجم عميق يخترق الغوص فيه الأسطورة والحلم والرمز. ويستدير فيه الزمان بدوائر من غير بداية ولا نهاية. فالزمن في نصه هو زمن الرؤيا والأسطورة. فحين يتكلم عبد الحي عن بداية الخليقة عبر شهود الشاعر، باعتباره روحا أسطورية، يتعرى الزمان مشاهدَ تنحسر عن عالم غريق موحش، تنوس فيه مخلوقات البراءة الأولى، التي توحي بالسكون، والابتداء، والأزلية. بحيث يكون المكان في الرؤيا قناعا لزمانه الغريق. وهذه القدرة على ابتداع الرؤيا الكونية تؤسطر الشعر والشاعر ذاتا طليقة تكتشف الكون وتاريخه من كوة الروح.
نص واحد
يقول عبد الحي في نصه الطويل بعنوان (الشيخ إسماعيل يشهد بدء الخليقة) مشيرا بذلك للشيخ إبراهيم صاحب الربابة الذي عاش أيام السلطنة الزرقاء في القرن الخامس عشر. <وكان يفعل فعلا عجيبا بالأنغام التي تصدر عن ربابته في الناس والحيوانات بحيث يفيق لها المجنون وتطرب لها الحيوانات والجمادات > .1 يقول:
(وفجأة رأينا الفهد مسترخيا في ظلمة الأوراق الخضراء
الغابة في سفح الجبل
نساء الشجر تعري نفسها
السماء تدق طبلها الأزرق
سيف الضوء في الصخرة القديمة التي نما عليها الطحلب
وكتبت تحتها الحشرات لغتها السرية وحوارها مع الطقس والأرض)
إنه الكون معبرا عن بداياته بإشارات لا تغفل رمز الرؤيا. وهذا معنى مشفر في النص تعسر دلالته إلا من خلال العنوان، وتأويل الرؤيا الحاكمة لنص عبد الحي. بحيث يمكننا أن نؤكد أن شعر عبد الحي أشبه بنص واحد يحيل على دلالات تتداعى من مطارح عديدة في ذلك الشعر. فالشيخ إسماعيل الذي هو عنوان النص السابق، ذات أسطورية للشاعر السوداني، تتجدد عبر الأزمنة. لكن ابتداءها نبع من مجاز السلطنة الزرقاء. أي حدود الفضاء الزماني والمكاني للرؤيا.
وإشارات الرموز في النص توحي البداية فيها بالعدم الوجودي، إن صح التعبير، أي أن الفهد والغابة هنا رموز زنجية، يوحي ذكرهما بعوالم قبلية سابقة لبداية عالم (الغابة والصحراء / السلطنة الزرقاء) الذي يحيل على الذات السودانوية الراهنة. يتضح ذلك أكثر عندما يكتمل هذا المعنى الرئيس في قصيدة (العودة إلى سنار) حيث يقول الشاعر فيها:
( الليلة يستقبلني أهلي
من عتمات الجبل الصامت والأحراج
حراس اللغة المملكة الزرقاءْ
ذلك يخطر في جلد الفهد
وهذا يسطع في قمصان الماء)
<نشيد البحر من قصيدة العودة إلى سنار>
وعبد الحي هنا يتأول الطرف العربي للرؤيا من بيت أبي العراء المعري:
على أمم إني رأيتك لابسا
قميصا يحاكي الماء إن لم يساوه
وليركب من هذا البيت مع إشارته لجلد الفهد (الذي رمز القداسة عند قبيلة الدينكا الجنوبية) حدي الرؤيا لأقنوم / أي مفهوم الغابة والصحراء.
وعلى هذا التركيب يعيد قراءة الرؤيا في ديوانه (السمندل يغنّي). بيد أن التركيب هنا دلالة على الذات التي تدل على فرادة العنصر المكون من الأقنوم الثنائي. وهذا المعنى الرمزي يحايث طبيعة (السمندل) الأسطورية. فهذا الحيوان الخرافي /المائي/ الهوائي، مثّلت حياته المنقولة من التراث العربي (كتاب حياة الحيوان للدميري) عند عبد الحي روحا مانوية متعالية. تستبطن في ذاتها الأسطورية حالات مركبة تحيل إلى عوالم عبد الحي التي تحتفل بأرخبيل موحش تتناظر فيه حدود الزمان عبر خرائب الأمكنة، وتهدر فيه فوضى الأشياء بأصداء مالحة، وفنتازيا للحزن المتنقل والعابر في مرايا الموت بخيال يتمدد على التاريخ والجغرافيا:
(أنا السمندل
يعرفني الغابر والحاضرُ والمستقبلُ
مُغنيّا مستهترا بين مغاني العالم المُندثرة
وزهرة دامية في بطن أنثى في الدجى منتظرة
وكم عبرتُ والدروع الحُمْرُ حولي
والخيول المُعْلمَة
أسوار ممفيس، وطروادة، والأندلس المُهَدّمة)
هكذا تتمسرح هذه المطارح عبر الزمان والمكان في تمثلات الروح العابرة بغرائبية لا تخلو من أسطرة.
وبالرغم من صراحة اللغة (العربية) باعتبارها لغة الكتابة للتعبير عن روح الهوية المزدوجة، إلا أن عبد الحي استطاع أن يجسد دلالة الأقنوم (ربما كان هذا المفهوم أليق تعبير عن الذات السودانية المزدوجة والواحدة في نفس الوقت) في شفافية تطوع بنية اللغة لمفردات المعني الأفريقي والسوداني الخاص. فاللغة في نصه هوية مستغلقة تفتح معناها على النص من طبيعة العبارة الشعرية.
(وحمل الهواء
رائحة الأرض
ولونا غير لون غير لون هذه الهاوية الخضراء
وحشرجات اللغة المالحة الأصداء)
هذه اللغة التائهة والمتقطعة عبر أفق يرى المكان من البحر بحثا عن القرار في أرض واعدة، لغة أسيدية بخلاف لغة الينابيع في هذا القطعة من (نشيد المدينة):
(لغتي أنت وينبوعي الذي يؤوي نجومي
وعِرق الذهب المُبرق في صخرتي الزرقاء)
هذا التغاير الذي يحمل دلالة اللغة عبر اللغة ويعيد إنتاجها في صيرورة النص بصور تخلق معناها، هو جزء من كثافة تعبيرية تكشف عن رحابة الأفق الرمزي المتعدد لجهة اللغة وأسمائها (اللغة القديمة / اللغة الأولى/ لغة مالحة الأصداء / لغة على جسد المياه... الخ) فالكشف عن تعدد الأسماء هنا كشف عن دالة تعبيرية تحايث النص بمعان متعددة. فهي لا ترتهن للتكرار. إذ إن تعديد أسماء اللغة عند عبد الحي ينطوي على فضاءات جديدة تختزنها هذه اللغة وتعبر عنها. بحيث تبدو اللغة الواحدة وهي تعبر عن الحساسيات المتعددة في الهوية أشبه بلغة تعبر عن فسيفساء بابلية لجهة المعنى والمضمون.
وكما يكثف عبد الحي الصمت والسكون والبياض عبر الزمن الأسطوري المطلق، كذلك يتوسل التجريد والترميز والإشارة، حتى وهو يتحدث عن الأشخاص. فهو يخرج من التاريخ إلى الأزل، ومن التجسيد إلى التجريد، ومن المحدود إلى المطلق عاكسا بذلك الصور الرمزية لحقائق الأشياء، ومتجاوزا التنميط إلى شفافية غامضة وانزياح يقلب منطق الخطاب. بحيث لا يمكن معرفة موضوعة النص إلا من العنوان، دون أن يعني ذلك قطيعة كلية بين النص وعنوانه. وإنما يعني أن المعنى مشفر في رؤية كونية إنسانية تحيل على علاقة العنوان بالنص من خلال شريط شفاف غير مرئي. ولكنه غير منقطع أيضا، يؤيد ما ذهبنا إليه من تلك المعرفة المشروطة لقارئ عبد الحي. فعبد الحي حين يتكلم عن (توفيق صايغ) أو (أبي نؤاس) أو (كريستوفر أكيكبو) لا يتكلم عنهم بمعنى زمني فيزيقي. بل عبر تأويل تجاربهم الإبداعية كقناع لمأزق الوعي والشعر. وبحساسية تحايث شرطهم المتذرر في عناء الأسئلة الأنطلوجية الكبرى.
يقول عبد الحي في قصيدة (مقتل الكركدن) التي هي <سونيت إلى توفيق صايغ>:
(أجمل من في الغابة يصهل قرب النبع يغني
ظل الشمس على أشجار التفاح
جرح ربيع الروح تلألأ أجمل من كل جراح)
(...)
سونيتة حب أم حيوان يجهش تحت النصل المسنون
كوميدي يتقشر بعد العرض قناعا وقناعا
أم طفل غنى خلف الأرغن في وطن ضاعا
أم صوت البلبل في حقل الورد يغني
ينزف في ألم مفتون)
إن التعبير مردوف بغنائية تتجاور فيها مفارقات المأساة بإشارات تعبر عنها دون أن تفسرها. وفي قصيدة (أورفيوس الأسود) التي هي أيضا <سونيت إلى كريستوفر أكيكبو> يقول عبد الحي:
(مهرجان الطبول وأجراسنا الخشبية
في فصول الحديد
بين نجم قديم ونجم جديد
تتأرجح موحشة وهي تهبط أدراجها اللولبية
لهب دون رؤيا
ولا شيء غير القناع الحديدي يرقص عبر المدى)
لغةأفريقية
والقصيدة لغة استوائية مؤسطرة تحيل عبر مفرداتها الأفريقية وإشاراتها الطقوسية إلى لغة عبد الحي العارفة بطبيعة الروح الأفريقية. وعبد الحي ينزع إلى تناص معنوي يتناسخ في عوالم افتراضية تعبر تماما عن الحالات المكتوبة. مثل العالم الخمري لأبي نؤاس الذي يتجلى عبر الرمز الطبيعي والنهايات المتجددة. في تأويل يخلق الحياة من العدم، واللذة من الألم. يقول عبد الحي في قصيدة (التفاحة) التي أهداها ل(أبي نؤاس):
(فرغت كأسك وانهار النديم
واختفى الخمار والخمرة في الليل البهيم
عبر أنفاق الجحيم
عادت التفاحة الأولى إلى الغصن القديم)
هكذا تتجدد الحياة ورموزها في نص عبد الحي كما لو كانت إكسيرا ينوس في ذلك النص. على أن ذلك التجريد والترميز لم يمنع عبد الحي من الغوص في شعرية التفاصيل الصغيرة، واليومية. فنصوص عبد الحي أشبه بفسيفساء صغيرة تلمع بالمعاني الإنسانية الكبرى عبر معاناة مرهفة. أي أن تلك التفاصيل كُوة لعالم فسيح يتكشف عبرها، دون أن تقع في المجانية والتسطيح.
يقول الشاعر في قصيدة (أحلام العانس):
( المرأة العانس في الأحلام
يوجعها المخاض، ثم تلد الأطفال
ترضعهم، وتسهر الليل تربيهم
فرسان في أحصنة مُطهمات
وأميرات لِست ساعات
لأنهم لو طلع الصباح
باتوا بين أموات)
فحين يصبح الهم حلما للسعادة، تتجدد الحياة عبر تحقيق الرغبات الصغيرة.
وعبد الحي يوقِّع موسيقى الكون، ويهمس للوجود بمعان شعرية تحسها الروح
(بحسب عبارة الجاحظ الشهيرة عن شعر أبي العتاهية).
يقول عبد الحي من قصيدة (النخلة):
(في الفجر تفتح الشمس بلاد الشجرة
وتطلق العصافير
في الليل يقفلها القمر
ويطلق الأرواح
(...)
الطفل ترهقه الأسرار الصغيرة
يا لعبء الخلود على الطفل الصغير)
الإيقاع الداخلي
إن الرتم الداخلي في شعر عبد الحي يتصادى بشفافية حتى وهو يبدع في مواضيع تقليدية. فيتناولها برؤيا جديدة، ولغة صوفية صافية تستأنس الرمز، وتوعز بالإشارة (ربما كان هذا من تأثير كتابات أبن عربي، وعبد الجبار النِّفَري)
يقول عبد الحي في قصيدته الطويلة (معلقة الإشارات) <وهي قصيدة نبوية في مقام الشعر والتاريخ> يقول في مقطع <إشارة عيسوية> عن المسيح عليه السلام:
(هذا رنين قدم الفجر على التلال والأشجار
يخبر كيف مرت الريح على القيثار
(...)
وبدأت أغنية الدم التي تضيء حنجرة العصفور)
فهو هنا يرسم شفافية المسيح عليه السلام في إشارات رقيقة عابرة تفيض الجمال وترسم السلام على الحياة والوجود.
ويجسّر عبد الحي هوة الوجود والعدم بخواتيم تأتي امتدادا للألق والاكتمال. فالموت في شعره نضج متجدد كثمار تسقط من أشجارها بعد الاكتمال لتمنح الحياة براعم جديدة، وليس نهاية مأساوية. بل الموت عند فسحة من وراء الغيب. أي أن بين الوجود والعدم في شعره تناسخ جدلي، وصيرورة دائمة.
يقول الشاعر عن الموت من قصيدة (قِمار):
( هنا أنا والموت جالسان
في حانة الزمان
وبيننا المائدة الخضراء
والنردُ والخمرة والدخانْ
من مثلنا هذا المساءْ)
فالموت انكسار لأيقونة الجسد وانطلاق للروح تدخل به تخوما أخرى في ملكوت أكبر:
(هو الموت يسعى إلينا بلا قدم في الدجى والنهار
خُلقنا له ناضجين
استدرنا له
فلماذا البكاء)
هكذا أبدع عبد الحي الأفق الفني لجدلية الوجود والعدم عبر أناشيد خالدة تورث الحزن النبيل (وهو معنى إنساني كوني ناظم للإبداع). وصدح بها عبر مختلف مزاهر الشعر : العمودي، والتفعيلة، وقصيدة النثر. دون أي قطيعة مفترضة.
فهو كما يكثف قصيدة النثر تمثيلا لجوهر الشعر الواحد، كان يحذف الحشوَ من التفعيلة، والنظمَ من القافية.
فعبد الحي الذي بدأ كتابة قصيدته (العودة إلى سنار) وعمره 17 عاما، ظل يصقلها بتفرد حتى رضي عنها قال عن شعره:
كلمات شعري لم يجئ يوما بها أنبيقُ ساحر
تلك القوارير القديمة لم أهجنها ولا تلك المباخر
وعبّر عن شعره أيضا متأولا أرق (ذي الُّرمة) قائلا في أبيات (على نسق غيلان):
وشعر قد أرقت له غريب تملأ بالكواكب في الظلام
والعشق عند عبد الحي (وحدة وجود) كاملة، أو عدم محض. إحساس مانوي يقابل الفناء بالإلغاء، والمحو بالإثبات. ذلك أن كيانية التعبير الحاد عن حالة الحب تحتل القلب تماما مثل الحب العرفاني عند الصوفية.
وسُجنتُ فيك معانقا حَّريتي في ليل سجني
وقُتلتُ فيك مغنيا للموت ما جهل المغَّني
جهلوا فما يدرون أنا ملتقى وتر ولحن
???
وأراك دوني محض وهم مشرق فوق الزمان
وأراك دون قصائدي لغة تفتشُ عن لسان
هكذا أبدع محمد عبد الحي (الذي توفي في مستشفى سَوبا بالخرطوم عام 1989 عن 45عاما) شعرا جميلا في حياة قصيرة. من أفق آخر جانف هتاف الايدلوجيا، واستوحى التجريب من ذاته وتراثه (كتابات أبن عربي النفري ود. ضيف الله)، وجمع بين التنظير والإبداع ليؤسس بذلك (تيار الغابة والصحراء) في الشعر السوداني، في الستينيات، مع صديقيه: محمد المكي إبراهيم، والنور عثمان أبَّكر وآخرين. وهو تيار أسس وعيا جديدا في الشعر السوداني برؤية شعرية استلهمت الهوية السودانية تحت أسم ( الغابة والصحراء) كترميز دلالي لطرفي التكوين الديمغرافي في السودان (العرب والزنج).
ولقد ظل عبد الحي وفيا لمشروعه الشعري والنقدي في اجتراح أفق ملهم للهوية السودانية بشكلها الاستثنائي في المحيط العربي والأفريقي. وشحذ لذلك ثقافته العالية وتخصصه الأكاديمي المرموق عبر الترجمة والتدريس في جامعة الخرطوم. وأنتج أعمالا نقدية بالإضافة إلى مسرحية شعرية واحدة.
وبالرغم من الريادة المبكرة لعبد الحي في إبداع نص مختلف جاور التجارب العربية الرائدة في قصيدة النثر (أدونيس أنسي الحاج توفيق صايغ) إلا أنه لم تتوفر عليه دراسات نقدية تليق بقامته الشعرية باستثناء بعض الكتابات النقدية العربية النادرة. ربما كان قدر المبدع السوداني أن ينوس بين الجسد المهجور، وشرط الذاكرة العربية، تلك الذاكرة التي وصفها الطيب صالح ذات يوم بأنها ذاكرة فقيرة فيما خص السودان من إبداع.
(?) شاعر سوداني مقيم في السعودية


http://assafir.com/iso/today/weekly_culture/719.html[/B]

Post: #562
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 04-30-2006, 04:47 PM
Parent: #561

مرحبا بالجميع...


لم اقرا...


يبدو انو فاتني الكتير هنا....



مرور للتحية علي الوردة والذين تحتها.....



اصدقائي...



مجهود جميل استمرار هذه الكتابة...



ربما في القريب :

اجدكم اكثر







مازن

Post: #563
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-06-2006, 10:44 PM
Parent: #562

مرحبا بالعريس ناحت سقف الوردة
الموضوع القادم عن اللون في خطاب درويش الشعري،
كمقدمة للحديث عن اللونين الطاغيين في :
جدارية
أي الأبيض والأخضر
ثم نواصل لي قدام
محبتي
ومبروك للعروسة
المشاء

Post: #564
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-06-2006, 11:09 PM
Parent: #563

لا يمكن الحديث عن اللون في جدارية درويش،دون الحديث عن اللون في خطابه الشعري. و
سبق أن قلنا ان خطاب درويش الشعري يحفل بتوظيف اللون.وقد خصص درويش نصين شعريين كاملين للحديث عن اللون.والنصان هما:
الرمادي في ديوانه محاولة رقم سبعة (1973)-ص
262 من الأعمال الشعرية الكاملة
و
نشيد الى الأخضر في ديوانه "أعراس" 1977،ص 324 من الاعمال الشعرية الكاملة.
وأدناه نصه الشعري"الرمادي":
الرماديّ اعتراف، و السماء الآن ترتدّ عن الشارع
و البحر، و لا تدخل في شيء، و لا تخرج من
شيء... و لا تعترفين
ساعتي تسقط في الماء الرماديّ .فلم أذهب إلى موعدك
الساطع. يأتي زمن آخر إذ تنتحرين .
و أسمي حادثا يحدث في أيّامنا :
قد ذهب العمر، و لم أذهب مع العمر إلى هذا المساء أبقى في انتظارك
و أسمي حادثا يحدث في أيامهم:
عندما أمشي إلى النهر البعيد
يقف النهر طويلا في اتنظاري.
و أتابع.
عنما أرجع في منتصف الموت، يجف النهر في ذاكرتي
يذيل ما بين الأصابع،
فلماذا تقفين ؟
و لماذا تقفين؟
و تكونين أمام الطعنه الأولى. أمام الخطوة الأولى
و لا تعترفين .
و الرمادي اعتراف. من رآني قد رأى وجهك وردا
في الرماد.
من رآني أخرج الخنجر من أضلاعه أو خبّأ الخنجر
في أضلاعه
حيث تكونين دمي يمطر ،أو يصعد في أيّ اتجاه
كالنباتات البدائية.
كوني حائطي
كي أبلغ الأفق الرماديّ
و كي أجرح لون المرحلة
من رآني ضاع مني
في ثبات القتله !
الرماديّاعتراف و شبابيك. نساء و صعاليك
و الرماديّ هو البحر الذي دخّن حلمي زبدا
و الرماديّ هو الشّعرالذي أجر جرحي بلدا
الرمادي هو البحر
هو الشعر
هو الزهر
هو الطير
هو الليل
هو الفجر
الرماديّ هو السائر و القادم
و حلم الذي قرره الشاعر و الحاكم
منذ اتحدا
لست أعمى لأرى
لست أعمى.. لأرى .
إنّني أعبر بين الجثتين القمّتين
كالنباتات البدائية
كونى حائطي كي أعبرا
لست أعمى ..لأرى .
تزحف الصحراء تلتف على خاصرتي
و تلتف على صدري، وتشتدّ و تشتدّ، و لا أغرق
لا أغرق.. لا أغرق
ل!..ا
ليس لي خلف جبال الرمل آبار من النفط، و لا صفصافة
مستشرقه
كان لي سورة"اقرأ" و قرأت..
كان لي بذرة قمح في يد محترقه
و احترقت .
و لي الآن شتاء من دم يمتصه الرمل، و يستخرج
مازوتا. و أستدعى إلى الحربق لكي يصبح سعر
النفط أعلى
قلت: كلا !
و الرماديّ اعتراف مثل جدران جدران الزنازين التي تكثر بعد
الحرب.لا .لم يبك جندي على تاج. و أستدعى
إلى الحرب لكي يصبح لون التاج أغلى .
لست أعمى ..لأرى .
هل تركت الباب مفتوحا ؟
تعودين بلا جدوى
ينام الحلم الكاذب في المخفر. يدلي باعترافات
يمرّ الحلم الهارب من قبّعة السجان يدلي
باعترافات على مائدة القرصان
يدلي باعترافات ينام الحلم الغائب تحت المشنقة
هل تركت الباب مفتوحا؟
لكي أقفز من جلدي إلى أوّل عصفور رماديّ. و أحتج
على الآفاق.
كلا!.
الرماديّ من البحر إلى البحر
و حراس المدى عادوا
و عيناك أمامي نقطتان
و السراب الضوء في هذا الزمان
الواقف الزاحف ما بين وداعين طويلين
و نحن الآن مابين الوداعين وداع دائم
أنت السراب الضوء و الضوء السراب
من رآنا أخرج الخنجر من أضلاعه أو خبأ الخنجر
في أضلاعه
حيث تكونين دمي يمطر أو يصعد في أي اتجاه
كالنباتات البدائية
كوني حائطي أو زمني
كي أطأ الأفق الرمادي
و كي أجرح لون المرحلة
من رآنا ضاع منا
في ثياب القتلة
فاذهبي في المرحلة
إذهبي
وانفجري بالمرحلة




موقع أدب (adab.com)

Post: #565
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Emad Abdulla
Date: 05-07-2006, 00:12 AM
Parent: #564

عزيزي المشاء ..
تحايا طيبات .

آسرة حكايا اللون عندك .. و ( طاعمة ) .
تقرأني ( حروفية اللون ) هنا بـ ( مَهَلَة ) ..
ليس كمثل التفاعلات الكيميائية - تبقى عناصرها منعزلة في اتحادها -
لكنها - اللون/الحرف - تسقط هشاشة شرنقتها هنا لتأتلف ( كاملة ) في السفر الوجودي الكبير .

يقرأني اللون عندك .. من جديد .
أقرأ من جديد ..

مودتي و الاحترام

Post: #566
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-07-2006, 09:46 PM
Parent: #565

قال صديقنا التشكيلي :
عماد عبد الله
Quote: آسرة حكايا اللون عندك .. و ( طاعمة ) .
تقرأني ( حروفية اللون ) هنا بـ ( مَهَلَة ) ..
ليس كمثل التفاعلات الكيميائية - تبقى عناصرها منعزلة في اتحادها -
لكنها - اللون/الحرف - تسقط هشاشة شرنقتها هنا لتأتلف ( كاملة ) في السفر الوجودي الكبير .

يقرأني اللون عندك .. من جديد .
أقرأ من جديد ..

أشرت عزيزي الى محاولتنا مقاربة مسالة اللون واستخدامه الابداعي عند طائفة من الشعراء منهم محمد عبد الحي ومحمد بنيس ومحمود درويش،
وهو استخدام متعدد الدلالات ،
فاحيانا ينساق الى ماهو متعارف عليه من دلالة للون في السياق الثقافي الدارج ،كما سنرى في تعامل درويش مع الاخضر.
وهو تعامل يختلف مثلا عن رأي التشكيلي الروسي المعروف كاندنيسكي والذي كان يعتبر اللون الأخضر من لونا محدود الأثر باعتباره لونا برجوازيا كونه سلبي التأثير.وهو يشبه الأخضر ببقرة سمينة ضخمة لا تتحرك,ولا تقدر الا على الاجترار وهي ترمق العالم بعينيها الغبيتين الثقيلتين.وفي اطار مقارنته بين الموسيقى واللون يرى ان اللون الاخضر يمثل في الموسيقى بالتونات الهادئة المتوسطة لآلة الفيولين.

Post: #567
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-07-2006, 10:13 PM
Parent: #566


*الأخضر في نص "نشيد الى الأخضر":
يبدو الأخضر بدون شبيه،وحتى الزيتون لا يشبهه،اذ أنه خارج كل وصف باعتبار ما سيكون من توصيف لدلالته الرامزة الى البعث والانبعاث من الرماد.فهو مضاد للرماد والرمادي:
Quote: انك الأخضر ,لا يشبهك الزيتون,لا يمشي اليك الظل ,
لا تتسع الأرض لرايات صباحك
الأعمال الكاملة ص 324
ثم يتحدث عن الاخضر وعلاقته بالالوان الاخرى،حيث ينتصر الأخضر عليها جميعا،وهذا ما يرمز اليه بالزفاف الدموي:
Quote: إنك الأخضر ,من أول أم حملتك الاسم حتى أحدث الأسلحة,
الأخضر أنت الأخضر الطالع من معركة الألوان ,
والغابات ريش في جناحك
وقتك القمح الجماعي,الزفاف الدموي

تكون الذات الجماعية دوما في انتظار الأخضر،باعتباره المخلص لكونه خالقا جديدا:
Quote: أنك الأخضر مثل الصرخة الأولى لطفل يدخل العالم من باب الخيانات,
ومثل الطلقة الأولى لجندي رأي قصر الشتاء الملكي
وانتظرناك على النرجس ,أجراسا وقتلى
وخلقناك,لكي تخلقنا ضوء وظلا

الاعمال الكاملة ص325
واذا كان الأخضر قد تحدد دوره ضمن الصراع الدموي اللوني،وضمن ضديته مع الرمادي،فانه أي الاخضر يبدوأيضا في علاقة تناقض مع السواد،حيث يكتسب السواد دلالته الشعرية من الدلالة الثقافية السائدة في ثقافات كثيرة تعتبر الأسود رمزا للفاجعة والكارثة والخراب:
Quote: ونشيدي لك يأتي دائما أسود من كثرة موتي قرب نيران جراحك

وبعد ذلك يبدو الأخضر في ثوب المنقذ والباعث،لابسا عباءات آلهة الخصب والانبعاث مثل السمندل والعنقاء،ويبدو مرة ثانية في تضاد مع الرمادي،
ومع الموت بشكل أساس:
Quote: فلتجدد أيها الأخضر موتي وانفجاري
ان في حنجرتي عشرة ألاف قتيل يطلبون الماء,
جدد أيها الأخضر صوتي وانتشاري
ان في حنجرتي كفا تهز النخل من أجل فتى يأتي نبيا
أي فدائيا
وجدد أيها الأخضر صوتي :ان في حنجرتي خاطرة الحلم وأسماء المسيح الحيي
جدد أيها الأخضر موتي,
ان في جثتي الأخرى فصولا وبلاد
أيها الأخضر في هذا السواد السائد,الأخضر في بحث المناديل عن النيل وعن مهر العروس,
الأخضر الأخضر في كل البساتين التي أحرقها السلطان ,
والأخضر في كل رماد
لن أسميك انتقال الرمز من حلم الى يوم

ص325
Quote: أسميك الدم الطائر في هذا الزمان
واسميك انبعاث السنبلة
أيها الطائر من جثتي الكاملة المكتملة
في فضاء واضح كالخبز..
يا أخضر ! لا يقترب البحر كثيرا من سؤالي

ص326
ثم يقول في دلالة تربط الأخضر بالأرض أي بالخصوبة:
Quote: فلتواصل أيها الأخضر لون النار والأرض وعمر الشهداء
ولتحاول أيها الأخضر أن تأتي الى اليأس وحيدا يائسا كالأنبياء
ولتواصل أيها الأخضر لونك
ولتواصل أيها الأخضر لوني
انك الأخضر والأخضر لا يعطي سوى الأخضر,
لا يشبهنا الزيتون لا يمشي الينا الظل ,
لا تتسع الأرض لوجهي في صباحك

نفس الصفحة


Post: #568
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-08-2006, 02:42 PM
Parent: #567

يكون الأخضر عنصرا هاما من عناصر نص درويش الشعري الطويل المشهور:
قصيدة الأرض
وفيه اي في ذلك النص نجد ترواحا وتمازجا بين اللونين الأخضر والأحمر،رمز الدم و الانتفاض:كما في قوله:
Quote: هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة

وأيضا بشكل جزئي:
Quote: أرجوك - سيّدتي الأرض - أن تسكنيني وأن تسكنيني
صهيلك
أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج
والبندقية

حيث يكون البنفسج رمزا للايراق ،وهو ما يرمز اليه الأخضر في ثقافات كثيرة.
يمتزج في النص الربيع ،مع الجنس ،مع وجه المسيح المخضَّر، منبعثا من قيوده ومساميره،اي من صلبهش،مع الشعر وهو يأتي في شكل خطاب أخضر،كل ذلك في فضاء تحفه الحقول والنباتات والقمح وزهرة المشمش العائلية وغيرها من تمظهرات الأخضرار.و تبدو الوعود بالإمطار مسرحا آخر لذلك الزواج الربيعي الملحمي بين الدم والخضرة والماء والميثولوجيا والجنس.
يقول عن ذلك الامتزاج الملحمي البديع:
Quote: وفي شهر أذار تستيقظ الخيل
سيّدتي الارض !
أيّ نشيد سيمشي على بطنك المتموّج ، بعدي ؟
وأيّ نشيد يلالئم هذا الندى والبخور
كأنّ الهياكل تستفسر الان عن أنبياء فلسطين في بدئها
المتواصل
هذا اخضرار المدى واحمرار الحجارة -
هذا نشيدي
وهذا خروج المسيح من الجرح والريح
أخضر مثل النبات يغطي مساميرة وقيودي
وهذا نشيدي
وهذا صعود الفتى العربيّ الى الحلم والقدس ...
في شهرأذار تستيقظ الخيل .
سيّدتي الارض !
والقمم اللولبيّة تبسطها الخيل سجّادة للصلاة السريعة
بين الرماح وبين دمي .
نصف دائرة ترجع الخيل قوسا
ويلمع وجهي ووجهك حيفا وعرسا
وفي شهر آذار ينخفض البحر عن أرضنا المستطيلة مثل
حصان على وتر الجنس .
في شهر آذار ينتفض الجنس في شجر الساحل العربيّ
وللموج أن يحبس الموج ... أن يتموّج ... أن
يتزوّج ... أو يتضرّج بالقطن
أرجوك - سيّدتي الأرض - أن تسكنيني وأن تسكنيني
صهيلك
أرجوك أن تدفنيني مع الفتيات الصغيرات بين البنفسج
والبندقية
أرجوك - سيّدتي الأرض - أن تخصبي عمري المتمايل
بين سؤالين : كيف ؟ وأين ؟
وهذا ربيعي الطليعيّ
هذا ربيعي النهائيّ
في شهر آذار زوجت الأرض أشجارها .
-5-
كأنّي أعود إلى ما مضى
كأنّي أسير أمامي
وبين البلاط وبين الرضا
أعيد انسجامي .
أنا ولد الكلمات البسيطه
وشهيد الخريطه
أنا زهرة المشمش العائليّه .
فيا أيّها القابضون على طرف المستحيل
من البدء حتى الجليل
أعيدوا إليّ يديّ
أعيدوا إليّ الهويّه !
-6-
وفي شهر آذار تأتي الظلال حريرية والغزاة بدون ظلال
وتأتي العصافير غامضة كاعتراف البنات
وواضحة كالحقول
العصافير ظلّ الحقول على القلب والكلمات .
خديجة !
- أين حفيداتك الذاهبات إلى حبّهن الجديد ؟
- - ذهبن ليقطفن بعض الحجارة
قالت خديجة وهي تحث الندى خلفهنّ .
وفي شهر آذار يمشي التراب دما طازجا في الظهيرة…
خمس بنات يخبّئن حقلا من القمح تحت الضفيرة…
يقرأن مطلع أنشودة عن دوالي الخليل . ويكتبن
خمس رسائل :
تحيا بلادي
من الصفر حتى الجليل
ويحلمن بالقدس بعد امتحان الربيع وطرد الغزاة .
خديجة ! لا تغلقي الباب خلفك
لا تذهبي في السحاب
ستمطر هذا النهار
ستمطر هذا النهار رصاصا
ستمطر هذا النهار
!
وفي شهر آذار ، في سنة الانتفاضة ، قالت لنا الأرض
أسرارها الدمويّة : خمس بنات على باب مدرسة
ابتدائيّة يقتحمن جنود المظلات . يسطع بيت
من الشعر أخضر … أخضر
. خمس بنات على
باب مدرسة ابتدائيّة ينكسرن مرايا مرايا
البنات مرايا البلاد على القلب …
في شهر آزار أحرقت الأرض ازهارها

ويتجسد ذلك الامتزاج البديع في المقطع التالي:
Quote: هذا عناق الزراعي في ذروة الحبِّ

Post: #569
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-10-2006, 00:13 AM
Parent: #568

اللون الرمادي في كثير من الثقافات يرمز الى اللاوضوح والاختلاط القائم بين الأبيض والأسود وفي التحليل النهائي أختلاط الامور والتباسها.وفي أحيان أخرى يرمز الى امكانية التعدد او على الأقل الى اكثر من امكانية واحدة للوجود.
وفي نصه الشعري الرمادي،يتناول درويش الرمادي بصفته السلبية.ولهذا يصبح الماء الذي بلا لون ،رماديا:
Quote: ساعتي تسقط في الماء الرمادي

تتكرر في النص لازمة:
Quote: الرمادي اعتراف

ومن خلالها نتعرف على جوهر الرمادي كلون يسيطر على فضاء النص
ومن ذلك:

Quote: و الرمادي اعتراف. من رآني قد رأى وجهك وردا
في الرماد.
من رآني أخرج الخنجر من أضلاعه أو خبّأ الخنجر
في أضلاعه
حيث تكونين دمي يمطر ،أو يصعد في أيّ اتجاه
كالنباتات البدائية.
كوني حائطي
كي أبلغ الأفق الرماديّ
و كي أجرح لون المرحلة

يبدو الرمادي ليس لونا فقط ،وانما حالة من الاسترابة تلف كل شيئ :
Quote: و الرماديّ هو البحر الذي دخّن حلمي زبدا
و الرماديّ هو الشّعرالذي أجر جرحي بلدا
الرمادي هو البحر
هو الشعر
هو الزهر
هو الطير
هو الليل
هو الفجر
الرماديّ هو السائر و القادم
والحلم الذي قرره الشاعر و الحاكم
منذ اتحدا
لست أعمى لأرى

ونفس ذلك الاحساس الشمولي بالرمادي نجده في المقطع التالي:

Quote: هل تركت الباب مفتوحا؟
لكي أقفز من جلدي إلى أوّل عصفور رماديّ. و أحتج
على الآفاق.
كلا!.
الرماديّ من البحر إلى البحر
و حراس المدى عادوا
و عيناك أمامي نقطتان
و السراب الضوء في هذا الزمان
الواقف الزاحف ما بين وداعين طويلين
و نحن الآن مابين الوداعين وداع دائم
أنت السراب الضوء و الضوء السراب
من رآنا أخرج الخنجر من أضلاعه أو خبأ الخنجر
في أضلاعه
حيث تكونين دمي يمطر أو يصعد في أي اتجاه
كالنباتات البدائية
كوني حائطي أو زمني
كي أطأ الأفق الرمادي
و كي أجرح لون المرحلة
من رآنا ضاع منا
في ثياب القتلة
فاذهبي في المرحلة
إذهبي
وانفجري بالمرحلة

Post: #570
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-10-2006, 08:23 PM
Parent: #569

نأتي الآن الى مقاربة استخدام اللون في "جدارية".وفيها يتمركز لونان:
اللون الأبيض واللون الأخضر.
ونبدأ باللون الأخضر. تتبدى دلالة اللون الأخضر كرمز للبقاء والأنبعاث ومقاومة العدم والموت.نلاحظ وجود لازمة متكررة هي:
Quote: أرض قصيدتي خضراء عالية

وذلك من خلال التسلسل الآتي:
Quote: أرض قصيدتي خضراء عالية,
كلام الله عند الفجر أرض قصيدتي,
وأنا البعيد
أنا البعيد

ص712
ثم:
Quote: خضراء أرض قصيدتي خضراء ..نهر واحد يكفي لأهمس للفراشة:آه يا أختي,

ص718
وبعد ذلك:
Quote: خضراء أرض قصيدتي خضراء..يحملها الغنائيون من زمن الى زمن كما هي في خصوبتها ولي منها:تأمل نرجس في ماء صورته ,
ولي منها وضوح الظل في المترادفات ودقة المعنى

ص721
وكذلك:
Quote: خضراء أرض قصيدتي خضراء عالية..
تطل عليّ من بطحاء هاويتي

ص724
وتبدو دلالة الأخضر كرمز للانبعاث ،وكبديل للفناء واضحة في المقطع التالي،حيث يتضمن الموت الظاهري حياة أخرى خفية في داخله:
Quote: خضراء أرض قصيدتي خضراء,عالية..على مهل أدونها,على مهل,على وزن النوارس في كتاب الماء,أكتبها وأورثها لمن يتساءلون:لمن تغني حين تنتشر الملوحة فى الندى؟..خضراء أكتبها على نثر السنابل في كتاب الحقل,قوسها امتلاء شاحب فيها وفي ..وكلما صادقت أو آخيت سنبلة تعلمت البقاء من الفناء وضده،

ص731-2
ثم تتبنى الذات الكاتبة الشعار الشاعري التالي من خلال تشبيه نفسها بحبة القمح المنبعثة من الموت،وأيضا من خلال ثنائية موت\حياة المتداخلة:
Quote: "أنا حبة القمح التي ماتت لكي تخضر ثانية ,وفي موتي حياة ما

ص731-2
ويأتي هذا الشعار كمحصلة طبيعية لعلاقة الذات الكاتبة بنثر السنابل على كتاب الحقل,والدرس الذي استقته الذات الكاتبة من علاقة السنبلة بالموت.
ولعلّ كلّ ذلك مرتبط بالإجابة المضمرة على السؤال الشاعري التالي:
Quote: أكتبها وأورثها لمن يتساءلون:

لمن تغني حين تنتشر الملوحة فى الندى؟

وهي اجابة تتضمن الوقوف ضد الملوحة:
أي ضد عوامل الفناء والموت.

.

Post: #571
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-10-2006, 11:10 PM
Parent: #570


البياض:
قلنا أن اللون المركزي الآخر في "جدارية "،هو اللون الأبيض.ويبدو اللون الأبيض مرافقا لرحلة الذات الكاتبة في تجربتها مع الموت,والتي تشبه التجارب التي يتحدث عنها الباراسيكلوجي في ما سمي بالموت الأكلينيكي" الموت السريري أو العيادي".ففي تلك الرحلة،يتجسد الموت كلون لما سمته الذات الكاتبة ب:
Quote: الأبدية البيضاء

تقول الذات الكاتبة في شأن اللون الاييض في برزخها العيادي
Quote: ويحملني جناح حمامة بيضاء صوب طفولةٍ أخرى ولم أحلم بأني كنت أحلم..كل شيئ واقعيٍ كنت أعلم أنني ألقي بنفسي جانبا..وأطير ..سوف أكون ما سأصير في الفلك الأخير ..وكل شيئ أبيض,البحر المعلق فوق سقف غمامة بيضاء واللاشيئ أبيض في سماء المطلق البيضاء كنت ,ولم أكن فأنا وحيد في نواحي هذه الأبدية البيضاء ..جئت قبيل ميعادي فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي "ماذا فعلت هناك في الدنيا؟" ولم أسمع هتاف الطيبين,ولا أنين الخاطئين,أنا وحيد في البياض,
أنا وحيد

ص709
هنا تناص مع سؤال منكر ونكير في الخطاب الاسلامي حول ما بعد الموت في مرحلة القبر،كما في كلام الذات الكاتبة،التي لم تجد ما قيل عن الملائكة مما هو معروف في الخطاب الديني الاسلامي:
Quote: ..جئت قبيل ميعادي فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي "ماذا فعلت هناك في الدنيا؟" ولم أسمع هتاف الطيبين,ولا أنين الخاطئين,أنا وحيد في البياض,
أنا وحيد


ويرتبط البياض بتلك المرأة التي ترد في مفتتح النص ومتنه:
Quote: هذا هو اسمك\قالت امرأة ,
وغابت في ممر بياضها

ص 711
تسأل الذات الكاتبة في حوارها الطويل مع الموت،تسأل عن البيئة العيادية الجديدة ،والتي لا تجد لها اسما سوى:
الأبدية البيضاء:
Quote: وهل تتبدل الأحوال في الأبدية البيضاء ,
أم تبقى كما هي في الخريف وفي الشتاء؟

ص ص 724-5
نلاحظ أن الناقد والأكاديمي الأردني:
خليل الشيخ
في دراسته الموسومة:
جدارية محمود درويش بين تحرير الذات ووعي التحرر منها
يثير مسألة التناص بين نص أمل دنقل الشعري:
ضد من
و"جدارية".
ففي تعليق له على المقطع التالي من "جدارية":
Quote: ..وكل شيئ أبيض,البحر المعلق فوق سقف غمامة بيضاء واللاشيئ أبيض في سماء المطلق البيضاء كنت ,ولم أكن فأنا وحيد في نواحي هذه الأبدية البيضاء ..جئت قبيل ميعادي فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي "ماذا فعلت هناك في الدنيا؟" ولم أسمع هتاف الطيبين,ولا أنين الخاطئين,أنا وحيد في البياض,
أنا وحيد "

يقول:
Quote: يقوم المشهد على ائتلاف بين اللون والصوت ويتولد عنه مشهد، مرتبط بتوقعات مستمدة من أبعاد معرفية ذات صلة بالعقائد الدينية. واذا كان البياض قد غدا لون المرض أو لون الاشارة الى المرض، كما يتجلى في قصيدتي "زنابق" للشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاس (1932- 1963) وفي قصيدة "ضد من" لأمل دنقل (1940-1983) ليكون الصراع بين الأبيض وبين اللونين والأحمر كما في القصيدة الأولى والأسود كما في الثانية تجسيدا للصراع بين عالم الموت وما يمثله من فناء وتلاش (10)، وعالم الحياة وما يثير اليه من بقاء وكينونة، فإن اللون الأبيض في المشهد السابق لا يدخل في صراع مع ألوان أخرى، بقدرها يدخل في علاقة محولها، فالبحر والمساء اللذان يعليهما شعر درويش زرقة تجسد في كثير من الأحيان، حيوية الحياة وصراعاتها يخفيهما اللون الأبيض تماما. واذا كان هذا المحور يشير الى لحظة تؤكد طغيان الموت، وعبثية الدخول في صراع معه، فإن الصراع في الجدارية يأخذ في واقع الأمر منحى آخر لا يقوم علي تقابل الألوان بقدر ما يتكىء على تقابل الإرادات


ويشرح العلاقة بين أمل دنقل ودرويش في ما يختص باللون الأبيض في الهامش العاشر من دراسته:
Quote: ومن الضروري أن يتم التنبيه هنا الى أن هذه الاشارة لا تعني بالضرورة تأثر درويش بقصيدة "ضد من" لأمل دنقل، لأن قصيدة مديح الظل العالي التي تولدت أثناء حصار بيروت ونشرت عام 1983 وهي قصيدة مجايلة "لضد من" تستخدم اللون الأبيض ضمن التقنية الفنية المشار اليها في الجدارية.
فسيطرة اللون الأبيض تجيء في اطار دلالي متسق عند درويش، يشير الى تراجع الحياة وسيطرة الموت:
دع كل ما ينهار منهارا
ولا تقرأ عليهم أي شيء من كتابك
والبحر أبيض
والسماء
قصيدتي بيضاء
والتمساح أبيض
والهواء
وفكرتي بيضاء
كلب البحر أبيض
كل شيء أبيض
بيضاء دهشتنا
بيضاء ليلتنا
وخطوتنا
وهذا الكون أبيض
أصدقائي والملائكة الصغار وصورة الأعداء
أبيض كل شيء صورتي بيضاء، هذا البحر ملء البحر، أبيض.
انظر: ديوان محمود درويش، المجلد الثاني، ص 72- 73


ما قال به الدكتور لا يمنع من تناص درويش مع امل دنقل.فدرويش من الذين يعتقدون أن الكتابة هي كتابة على كتابة سابقة.وقد رأينا تناصه الواضح مع أدونيس في حواره مع الموت.
واذا عدنا الى "ضد من "،
نلاحظ ان أمل دنقل يرى الابيض كرمز للموت:

Quote: في غُرَفِ العمليات,
كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ,
لونُ المعاطفِ أبيض,
تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات,
الملاءاتُ,
لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن,
قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ,
كوبُ اللَّبن,
كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ.
كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!

ويرى في السواد رمزا للنجاة من الموت:
Quote: فلماذا إذا متُّ..
يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ..
بشاراتِ لونِ الحِدادْ?
هل لأنَّ السوادْ..
هو لونُ النجاة من الموتِ,
لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ,

***

ويرى وجوده في المستشفى موزعا بين لونين:
اللون الأبيض واللون الأسود ،وخارجهما يرى لونا آخر بلا لون في الطبيعة :
لون الحقيقة:
Quote: بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء..
الذينَ يرون سريريَ قبرا
وحياتيَ.. دهرا
وأرى في العيونِ العَميقةِ
لونَ الحقيقةِ
لونَ تُرابِ الوطنْ

لكن بالمقابل يمكن أن يثار السؤال التالي:
هل يمكن ان يحيلنا لون تراب الوطن الى لون التربة:هل هي رملية أم طينية؟والأرجح ان لون تراب الوطن،هو بلا لون مواز له في الطبيعة:
لأن الحقيقة بلا لون


Post: #572
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-10-2006, 11:26 PM
Parent: #571







Post: #573
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-12-2006, 02:00 PM
Parent: #572

نعيد ثانية بسط مقالة لطيف المهمة عن جدارية،
تمهيدا لتبيان اوجه اختلافنا معها :
في العنوان علامياً
( الشعر : "جـــــــــدارية " للشاعر محمود درويش )

بقلم عبد اللطيف علي الفكي

سأنظر في الملاحظة التي وضعها رولان بارت في كتابه (أساطير) من زاوية أخرى غير ما أراد لها صاحبها . يقول بارت ( هبني أنني حطَّاب و عليَّ أن أسمي الأشجار التي أقتطعها ؛ فإنني في حال هذه التسمية إنما " أكلِّم الشجرة " و لا أتكلم عنها . هذا يعني أن لغتي لغة عملية ترتبط بموضوعها ارتباطاً مباشراً . أما و إن كنتُ غير حطاب فإنني لا أستطيع أن أكلِّم الشجرة؛ بل كل ما أستطيعه ليس شيئاً سوى الكلام عن الشجرة أو فيما حولها.... فتصبح اللغة بذلك عندي ذات علاقة غير مباشرة
بالشجرة . ).(1)

إجراء (تسمية ) الأشجار عند هذا الحطاب تأخذ مجراها الدقيق بفعل خبرة الحطاب نفسه في فرز الأشجار بعضها عن بعض و وضع كل اسم في فرزه الدقيق . و بهذا يقال: الحطاب يستنطق أو يكلِّم الشجرة نفسها في وضع الاسم . فهو بهذا لا يضع الكلام عن الشجرة أو فيما حولها .

المؤلف(2) يشبه هذا الحطَّاب الماهر في وضع ( عنوان ) عمله . فيبقى وضع العنوان عند هذه الذات الكاتبة وضعاً في علاقة مباشرة قيد خبرته فيما اقتطع من غابة موهبته . إن عبارة علاقة مباشرة لا تعني ، في هذه الحال ، أن يكون الاسم في الظاهر وفق المسمى ؛ بل تعني العلاقة المباشرة في معايشة الذات الكاتبة حين اقتطاع النص من عالم علاقات اللغة و العلاقات الحية في المجتمع . بالجملة ، تعني عبارة علاقة مباشرة العلاقة بين خبرة الذات الكاتبة أثناء اقتطاع النص. و لاتعني العلاقة المباشرة بين العنوان و العمل في قليل أو كثير .

لقد وضَحَتْ الآن طبيعة اقتطاع العنوان لعمل من الأعمال عند الذات الكاتبة من خلال خبرة هذه الذات في صناعتها . و الآن كيف نقارب علامياً (سيميولوجياً ) هذا الاقتطاع ؛ هذا العنوان ؟ .

سأركز على نقطتين فقط في تحليل هذا العنوان :ـــ
أ / النقطة الأولى خاصة بـ (محور الحضور) و (محور الغياب). ففي لغتنا اليومية . فأنا إذا قلت : [ باب أخضر ] أكون قد استحضرت [باب] في غياب [نافذة ] ؛ و كذلك استحضرت [ أخضر ] في غياب جميع الألوان الأخرى . و هذا يساعدنا في أن العنوان ـــ قبل قراءة العمل نفسه ـــ يستحضر شيئاً و يغيِّب أشياء أخرى . هذا التبادل بين الحضور و الغياب له أهميته في التحليل العلامي . لذلك تأتي النقطة الثانية .
ب / النقطة الثانية خاصة بـ ( التبادل ) في التحليل العلامي . ففي التحليل العلامي لا توجد رسالة موجهة ذات اتجاه واحد من المرسِـل إلى المستقبِـل.
إنما هي رسالة تتسم بمداورة play . و المقصود بمفهوم هذه المداورة أن العلامات ترتبط بعضها ببعض بشبكة من العلاقات . فالمداورة تشتغل حين تعلو علامة من العلامات في نزول علاماتٍ أُخر . هذا العلو من خلال النظر في شَـبَـكَة العلاقات ؛ و ليس من جرَّاء أي عمل يقوم عشوائياً أو اعتماداً على الظن . يؤهل هذا العلو للعلامة أن تصبح هذه العلامة (علامةً نصية ).

و لهذا التبادل تعترف السيميولوجيا في النص ــ و كذلك في الحياة اليومية ــ بالمواقف المتأسسة على العلاقات أكثر من الشخصيات على مستوى النص ؛ و الأفراد على مستوى الحياة اليومية .

الآن لدينا عنوان هو [ جدارية ] و هو العنوان الذي وضعه محمود درويش في عمله الذي يحمل كتاباُ شعرياً واحداً(4) . فهذا العمل من المطولات مثل مطولة عبد الحي أو مطولة أدونيس . فالعنوان الذي نحن بصدده الآن هو عنوان المطولات و ليس القصائد القصار . ففي ذلك نظر آخر .

و قد صُمِّم غلاف الكتاب كالآتي :
جدارية
محمود
درويش

مما يجعلك أن تقرأ العنوان تركيباً إضافياً : (جدارية محمود دريش)؛ و ليس العنوان الذي يفيد العبارة (جداريه) . و لا أشك أنَّ الشاعر نفسه أراد هذا الالتباس . أعني أن يكون الالتباس بوجهيه عند قاريء العنوان : وجهٍ في أن يقرأه تركيباً إضافياً مثل [ جدارية محمود درويش] ؛ و وجهٍ آخر أن يتأمله كعبارة تنكير في [ جداريه ] ؛ بإظهار الهاء بدلاً من التاء في قراءة القاريء (جدارية محمود درويش)(5) . سنعتمد الآن هذين الوجهين من الالتباس . و أريد أن أنبِّــه أنَّ لهذه القراءة الملتبسة للعنوان موقف محدد طاريء هو : حين تتشوَّف غلاف الكتاب أول مرَّة دون أن تتصفح الكتاب نفسه . الآن ، يعرِض هذا الموقف الطاريء نفسه في محوريْهِ : الحضور
و الغياب . و هو عرض فيه كثير من الحدس عند القاريء الذي اعتاد درويش .
فمن جهة تتصدَّر قراءة التركيب الإضافي و هي ( جدارية محمود درويش)
محور الحضور في هذا الموقف الطاريء . و ذلك حسب إغواء التصميم نفسه . و يبقى ، في هذه الحال ، ( جداريه ) هو محور الغياب . أما على صعيد اللغة (6) فيشتغل عند القاريء اللفظ ( جداريه ) اشتغالاً في محور الحضور : جداريه = أ/ التصاوير على الجدار في تثمين و ثبوت يجريان عبر التاريخ للأعمال الخيِّرة في علاقات مجتمع معين أو أمة بعينها . شاهد عِـيان لذاكرة حية لهذا المجتمع للأجيال القادمة . ب/ عمل تشكيلي ضخم في الشارع العام و ليس حصراً على قاعات معارض . فالجدارية مبذولة للجميع في إتقان رسالة الفن التشكيلي لمجتمع بعينه و ليست بلوحةٍ تعكس مذهب فنان معين في الرسم . و إن كان الفنان الذي رسمها له مذهبه في معارضه الخاصة .
و يشتغل ايهام تصميم الغلاف الذي يُـبرز اللغة تركيباً إضافياً : ( جدارية محمود درويش ) في محور الغياب . فالقاريء عند علمه بهذه الدلالة التي ترفدها له اللغة في (أ) و (ب) أعلاه سيتساءل : ما هي جدارية محمود درويش ؟ .

يأتي بعد ذلك الموقف غير الطاريء و هو موقف اقتناء الكتاب و قراءته
و توقعاته في استئناسه أو بواره عند القاريء في دائرة علاقة العنوان بالعمل و ليس علاقته بالعمل نفسه . ففي النص نقرأ : [ أنبِّـه القاريء و هو أمر لا يفوت على فطنته أنني أستنطق النص في علاقته بعنوانه في تسلسل صفحاته العادية . بمعنى آخر سيكون الاستشهاد من النص في ترتيب الأرقام ترتيباً تصاعدياً وفق ما تمليه القراءة العادية ] : إذن نقرأ :

(i ) سأصيرُ يوماً ما أريدُ (ص12)(7)

تتمُّ قراءتـُنا للنص في مستوى علاقته بالعنوان و ليس في مستوى علاقات النص نفسه ؛ فعلاقات النص لها قراءة أخرى . و من جهة أخرى العنوان نفسه لاتقع علاقته بالعمل موقعاً (إشارياً ) ؛ أي العنوان لا يشير مباشرةً إلى العمل . لذلك يغلب الظن عندي ــ في حدود علمي ــ أنَّ العلاقة بين العنوان و العمل هي علاقة (تبادل) . و قد يكون هذا التبادل تبادلاً جزئياً مع العمل . أما أن يخلو عنوان من هذا التبادل خلواً تاماً فلا يصبح عنواناً بل (ماركة) رُفِعَتْ في نفسها و لنفسها .

تشير ( i ) أعلاه إلى [ سأصير : الصيرورة ؛ أريد : الإرادة ] . و في اجتماع هذه الإشارة نتحصَّـل على (إرادة الصيرورة ) و هي الإرادة التي ضد ( الموت ) . أي ؛ الخلود . فما علاقة العنوان ( جدارية ) بالخلود ؟ . لا تستطيع حتى الآن أن تجيب الدلالة اللغوية ــ التي أثبتناها أعلاه في (أ) و (ب) ــ عن هذا السؤال .

( ii ) لا شيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء
على مِسلاَّت المدى ... [ ذهبيةٌ آثارُهُـمْ
ذهبيَّةٌ ] (ص ص 20ــ 21)

يقع العمل نفسُهُ ــ هنا ــ في فخ قراءة الالتباس الذي أثبتناه فوق ؛ و هي هل أقرأ العنوان : (جدارية محمود درويش) أم (جدارية) . العمل هنا يقوم بالقراءة الأولى أي قراءة الإضافة لا التنكير . و بهذه القراءة تبقى (جدارية) في فضاء محور الغياب . فتصطف (جدارية) نفسها في محور الغياب كالآتي: [ جدارية ؛ تمثال ؛ نحت ؛ مِسَلَّة ] . فـ(جدارية) المنسوبة إلى محمود درويش تختار من فضاء الغياب [ مِسَـلة ] . فأنت تقرأ بقوة هذا الغياب العنوان كالآتي ( مسلة محمود درويش ) بدلاً من ( جدارية محمود درويش ) . إذاً ؛ ( ii ) هي التي تستطيع أن تجيب عن السؤال أعلاه . فتجيب عنه مباشرة بصوتها القوي : المسلة هي الرمز الحقيقي للخلود . فالمداورة play الحاصلة هنا بين الحضور و الغياب تستثني من محور الغياب [ جدارية ؛ تمثال ؛ نحت ] لأنهنَّ ينتمين إلى (الجماليات) ، بينما تنتمي المسلة إلى (خلود التاريخ) فيأتي إلينا أثراً ذهبياً كماضي أقوياء .

(iii) و تعبتُ من أملي العُضال . تعبتُ
من شرك الجماليات: ماذا بعد
بابل ؟ ( ص 21 )

يؤكد هذا الاقتباس (iii ) ــ من جهة ــ تلك المداورة التي تمت أعلاه في محور الغياب . و من جهة أخرى ، في حدود العنوان ، ترفع استنكاراً ( ماذا بعد بابل ؟ ) . و هو سؤال في موضع ( حتى ) . أي ( حتى بابل لم تنجُ من عاقبة شرك الجماليات ) . و هو الموضع نفسه الذي ينقل ( i ) نقلة أخرى نحو نوعية الخلود في هذا الاقتباس. كيف تمت هذه النقلة؟. إذا تأملنا العلامات في الواقع فهي ( لا منتهية ) ، بينما في النص ( منتهية ) . ففي الواقع حدائق بابل المعلقة واحدة من مَعجزات العالم، و هي في النص ليست بشيءٍ سوى شاهد من شواهد ( شراك الجماليات ). فحدائق بابل كعلامة في الواقع التاريخي عادت علامة تنتهي في شراك الجماليات . فيتبع ذلك أنَّ (مسلة محمود درويش) لا تقوم بالوظيفة الأساسية لـ( المسلة) في التاريخ . فإذا كانت مسلة التاريخ هي لتسجيل انتصارات الأقوياء نقشاً اتقاء [الموت] و من ثَمَّ يبقى خلود النقش ضد الموت ، فإنَّ ( مسلة محمود درويش ) تحاول أن تنزع هذه الضدية [الموت=/= الخلود] من وظيفتها .

أول خطوة لهذا الانتزاع هو أن تنظر مسلة محمود درويش ــ و ليست مسلة التاريخ ــ في [الموت] شيئاً آخر له مهمة أخرى . فما هو هذا الشيء و تلك المهمة ؟ .

(iv) و يا موتُ انتظر ، و اجلس على
الكرسي.


ألديك وقتٌ لاختبار
قصيدتي . لا . ليس هذا الشأنُ
شأنكَ . أنتَ مسؤولٌ عن الطينيِّ في
البشري ، لا عن فعله أو قولهِ / (ص 54)

فيصبح [الموت] ليس ضداً لـ[الحياة] ، في استدلال مسلة درويش ، بل كائناً في الحياة نفسها : (اجلس على الكرسي) . هذا الكائن ليست مهمته إلغاء الحياة . لأن الحياة و الموت ليسا ضدين هنا ؛ بل مهمته ضداً في الطينية البشرية لا الأفعال : العمران أو الأقوال .

تقرأ ـــ بهذا الاستدلال ـــ مسلة درويش مسلة التاريخ في رؤيتها هي في الفعل ( هزمتك يا موتُ ـــ في (v) لاحقاً ـــ ) و ليس في رؤية مسلة التاريخ التي ترى الموت و الحياة رؤية أضداد . فالفعل (هزم) هنا يدل على أن الموت ليس شيئاً سوى كائنٍ في الحياة (اجلس على الكرسي) ؛ كائنٍ داخل الحياة يضع حداً للطينة البشرية و ليس شيئاً خارجها (الأفعال و الأقوال) :

(v) هزمتكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها .
هزمتكَ يا موتُ الأغاني في بلاد
الرافدين . مِسَلَّةُ المصري، مقبرةُ الفراعنة،
النقوش على حجارة معبدٍ هزمتكَ
و انتصرتْ ، و أفلت من كمائنك
الخلودُ ...

فاصنع بنا و اصنع بنفسك ما تريدُ (ص ص. 54ــ 55)

فأيُّ [ خلود ] أفلت من كمائن الموت ؟ . إنه [ الخلود ] الذي لا ضدَّ له . إنه [ الخلود ] الذي لا يضاد الموت . هذه وظيفة مسلة محمود درويش التي تختلف وظيفتها من المسلة التاريخية . و من المعروف أن المسلة في شكلها الهندسي ذات أربع قوائم تحدودب قمتها شكلاً هرمياً. فهل بُنِيتْ مسلة درويش هذا المبنى ؟ . إنه سؤال علاقات قراءة النص و ليس العنوان. و عند هذه الحدود تقف قراءتـُنا هنا

Post: #574
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-18-2006, 01:39 PM
Parent: #573


تفيدنا مقارنة عمل لطيف على "جدارية" ،بأعمال آخرين ،في ادراك الطابع التعددي الذي تكتسبه القراءات المتنوعة لنص ما.
تتحرك مقاربة لطيف على مستويات عدة:
سميولوجيا العنوان ،مرورا بمستويي الحضور و الغياب اللغويين،والحقل الدلالي لكلمة جدارية، ثم تصميم الغلاف،و علاقة العنوان بالدلالة الكلية للنص أي جدارية.
حول الحقل الدلالي لكلمة جدارية ،وعلاقته بالقارئ،يقول لطيف :
Quote: أما على صعيد اللغة (6) فيشتغل عند القاريء اللفظ ( جداريه ) اشتغالاً في محور الحضور : جداريه = أ/ التصاوير على الجدار في تثمين و ثبوت يجريان عبر التاريخ للأعمال الخيِّرة في علاقات مجتمع معين أو أمة بعينها . شاهد عِـيان لذاكرة حية لهذا المجتمع للأجيال القادمة . ب/ عمل تشكيلي ضخم في الشارع العام و ليس حصراً على قاعات معارض . فالجدارية مبذولة للجميع في إتقان رسالة الفن التشكيلي لمجتمع بعينه و ليست بلوحةٍ تعكس مذهب فنان معين في الرسم . و إن كان الفنان الذي رسمها له مذهبه في معارضه الخاصة .

ثم يقوم بعد ذلك الحديث عن محور "الغياب" لكلمة جدارية،حين يقول:
Quote: فتصطف (جدارية) نفسها في محور الغياب كالآتي: [ جدارية ؛ تمثال ؛ نحت ؛ مِسَلَّة ] .
وسنرى في ما سيتبع من كلامنا،أن جدارية درويش تنتمي الى المسلة فقط،بحسب مقاربة لطيف.
أما المغربي أحمد العمراوي،فيرى الى الحقل الدلالي لكلمة جدارية ،كما يأتي في دراسته المنشورة في جهات الشعر:
Quote: الجدارية من الجدار نسبة آلة، " فالجدار : الحائط ، والجمع جُدُرٌ وجدران " ( اللسان مادة جدر ) . و " الجدار الحائط والجمع جُدُرٌ مثل كتاب وكتب ، والجدر لغة في الجدار وجمعه جدران " المصباح المنير ) و " جدر الرجل : توارى في الجدار "... و " الجدرة : حي من الأزد بنوا جدار الكعبة فسمو بالجدرة " (اللسان ) . الجدارية بناء إذن ، فهل هي جمع أم مفرد ؟ هل هي مذكر أم مؤنث؟ نقول غنائية وهوائية نسبة للغناء والهواء ، فهل الجدارية هي نسبة للجدار ؟ مهما يكن فالجدارية هي كل هذا . إنها صوت مفرد متفرد ينسب لصاحبه .

ثم يواصل الحديث عن دلالة جدار موسعا لحقله الدلالي في ارتباطه أي الجدار بالحماية والعزل،لكي يميز بين الجدر والجدارية:
Quote: الجدار يحمي من العواصف من البرد من الحر، وقد يشكل حاجزا بين شخص وآخر. جدار برلين رمز للفصل بين ناس وناس، بين مذاهب ومذاهب، إلا إنه لم يمنع يوما ما هؤلاء الناس من الاختراق ومحاولة التسلل. ويوم تم تدميره، عاد الإنسان إلى الإنسان دون الدخول في تفاصيل السياسة. جدران"الفيزا" (التأشيرة) التي تضعها أغلب الدول" الغنية" على الدول الأقل "غنى" هي جدر وجدران فاصلة لا جدارية. الجدارية وسيلة لتعليق الكلام والصور والأحلام على حبل ناري يرتبط بالأذن فالجسد فالقلب، هاته المضغة العجيبة مثيرة الشاعر ومسببة محنه وأحزانه وأحلامه وجناته

ثم بعد ذلك يتحدث عن دلالة الجدارية في التاريخ العربي القديم وارتباطها بالمقدس.يقول في ذلك:
Quote: الجدارية في التراث العربي ترتبط بالمقدس قبل الإسلام ومعه. ألم تعلق المعلقات المذهبات المسمطات على أستار الكعبة وجدارياتها لكل الناس تمجيدا للشعر وللشعراء: السلطة الأولى والحقيقية للقبيلة.

ويقول الاكاديمي الاردني:
خليل الشيخ
في دراسته التي اشرنا اليها مرارا:
جدارية محمود درويش بين تحرير الذات ووعي التحرر منها
Quote: يجابه قاريء "جدارية محمود درويش" عنوانا لا يستطيع ان يتجاوزه سواء أقرأه بالعربية ام في ترجمته الانجليزية، فهذا العنوان يتكيء على مصطلح فني ذي تاريخ طويل وسمات جمالية متنوعة وهو يجيء في المصادر المختصة (1) تحت عنوان: Wall Painting أو Mural Painting
الذي يعني الرسم على الحائط أو السقف لأغراض متعددة، قد تكون تسجيلية أو رمزية وقد تكون جمالية خالصة.

ثم يتحدث عن تاريخ فن الجداريات وانتقالها من موضوعها الديني الى موضوعها الدنيوي قائلا:
Quote: لقد نشأ فن الجداريات في أحضان الدين، وكانت الجداريات ترسم في المعابد والمقابر، لذا ظلت رسو ماتها دينية الطابع تجث رؤى الانسان للموت وللعالم الآخر حقبة طويلة من الوقت عندما انتقلت الى قصور الملوك لتسجل انجازاتهم وترسم انتصاراتهم أو لتجث أبعادا دنيوية أخرى تناقض تلك الآفاق الدينية، فتحفل المشاهد باللذة كمشاهد الصيد أو النساء العاريات أو غيرها من المشاهد التي ترسم أبعاد الحياة الانسانية وما تحفل به من صراعات.
واذا كانت طرق تنفيذ تلك الجداريات قد تعددت، فإن الجدارية في العموم، تظل تجسد مشروعا فنيا ضخما. يحتث له الفنان بوصفه مشروع العمر الذي يتجلى من خلال إعادة تشكيل عناصر متباينة في إطار فني معقد، تعبر عما يشتعل في أعماقه لحظة تنفيذ ذلك العمل، واختيار رموزه وعناصره وألوانه واشاراته
.
لكن تلك المقدمة عن الجداريات لا تعني حسب مقارنته محاكاة ما بين الجداريات في تاريخيتها وبين جدارية درويش ،مشيرا الى تميز نص سعدي يوسف الشعري "تحت جدارية فائق حسن:
Quote: إن هذا لا يعني أن نص درويش الملحمي هذا يحاكي الجدارية، ولكنه يتقيا مبرر الاختيار الواعي للعنوان، صناعة (2) قصيدة طويلة حافلة بعناصر الحياة وبالشخصيات وبالصراع بين ثنائيات لعل من أبرزها تلك الثنائية التي قام عليها فن الجداريات أساسا وهي ثنائية الموت والحياة أو الفناء والخلود. ولكن جدارية درويش لا تتشكل في ضوء جدارية بعينها، كما في قصيدة سعدي يوسف "قصيدة للجبهة: تحت جدارية فانق حسن" (3) الصادرة عام 1973 التي تبلورت فيما يثير العنوان، في ضوء علاقة فنية عميقة مع عمل فني محدد لرائد من رواد الفن الحديث في العراق.

ثم تحدث عن جدارية سعدي يوسف،وبنيتها التي تقوم على حركتين متعاقبتين.يقول في ذلك:
Quote: تقوم قصيدة سعدي يوسف على حركتين متعاقبتين:
"تطير الحمامات في ساحة الطيران، البنادق تتبعها" ومن حركة الحمامة اليائسة التي تحاول عبثا الاختباء من طلقة البندقية، تتولد مجموعة من التفصيلات، ترسم صورة لواقع يرزح تحت الطغيان، ولكنه يؤس في تجليات الحلم لمدينة فاضلة، وهي قصيدة تتناغم مع الرؤية المركزية في أعمال فائق حسن (4) الفنية التي تتجلى في الخوف الذي يجسد عذاب الانسان وبؤسه، ليجيء الفن مضيئا لعتمة الواقع مبشرا بالانتقال من الأزمة الى تجاوزها، ليكون المستقبل أكثر تفاؤلا.
ثم بعد ذلك يستدرك قائلا في اشارة له عن "جدارية " محمود درويش :
Quote: غير أن هذا لا يعني أن الجدارية نص مقفل، ففيها الكثير من الاحالات والعلاقات والرموز التي استطاع متخيل درويش الشعري أن يعيد تشكيلها وصهرها لتتحول الى بنية قادرة على الغوص، في لحظة حرجة من لحظات الحياة، الى قرارة اللاشعورالفردي، لترسم الرغائب والأحلام لذات تقترف الى نفسها مثلما تعترف الى غيرها، وتسعي عبر:لك لتحرير ذاتها، وللتحرر من واقعها، ومن وطأة الزمن، لتحكي صيرورة الشاعر، لا عيرته هذه المرة.


Post: #575
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-18-2006, 02:01 PM
Parent: #574

نماذج من الجداريات:

















Post: #576
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-20-2006, 05:01 PM
Parent: #575


حاول باباهواري خليفة في دراسته المقارنة الموسومة:
سعدي يوسف و علال الحجام أمام جدارية فائق حسن
أن يقدم مقاربة لتناص نصين شعريين مع جدارية الثورة التي أبدعها الفنان التشكيلي العراقي المعروف :
فائق حسن
وأدناه نبذة مختصرة عن حياة فائق حسن:
"الفنان فائق حسن ,أحد أبرز رواد الفن التشكيلي العربي المعاصر,ولد في بغداد عام1914. تخرج في البوزار عام 1938, وأسس فرع الرسم في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1939-1940. أسس جماعة الرواد عام 1950. أقام وشارك في عدة معارض فنية إقليمية وعالمية لفترة تقارب النصف قرن. تتلمذت على يديه أجيال من الفنانين أثبتت عطائها الفني على مستويات عدة. نال عدة جوائز فنية ومنها الجائزة الذهبية لأحسن فنان عراقي في عام 1964، وكرمته الدولة عام 1979.
"أما جدارية فائق حسن والتي أصبحت تحمل هذا الاسم بعدما اتخذها سعدي يوسف موضوعا لواحدة من أهم قصائده،
فتسمى أيضا "جدارية الثورة"،
وتطل على "ساحة الطيرانّ في بغداد، منتصبة في أحد جانبي "حديقة الأمة"، في حين يطل على الجانب الآخر من تلك الحديقة "نصب الحرية" الشهير للفنان الراحل جواد سليم. أقيمت هذه الجدارية الضخمة من "الموزاييكّ لتخلد ثورة 14 تموز / يوليوز 1958 مصورة مختلف فئات الشعب متجمعة ضمن وحدة أضفت عليها هارمونية اللون وجمالية التكوين وتناسقه أبعادا فنية جميلة ومتميزة. وعلى الرغم من توظيف بعض الاتجاهات الفنية الأوروبية المعاصرة في التكوين (كبعض اللمسات التكعيبية) فإن الارتباط بالبيئة والأرض يبقى فارضا نفسه من خلال عمق الترابط بين شكل اللوحة ومضمونها" (فراس عبد المجيد: جريدة الميثاق الوطني المغربية).

ثم تحدث عن تناص الخطاب العراقي الشعري مع تلك الجدارية قائلا:

Quote: هذه الجدارية لم تجبر شاعرين من حجم سعدي يوسف وعلال الحجام على الوقوف أمامها مجانا. فهي تحمل نفس الهم الذي يحمله الشاعران، هم ذو بعدين وطني وقومي. فدعوتها للمساواة والعدل توازي دعوتهما إلى تمتيع المواطن العربي بكل حقوقه بما فيها التقليص من سلطات الحاكم وحق الوحدة.

http://www.angelfire.com/ma4/baba-houari-khalifa/saadi.html

وهنا مقاطع من نص سعدي يوسف:
تحت جدارية فائق حسن
Quote: تطير الحمامات في ساحة الطيران.البنادق تتبعها,
وتطير الحمامات. تسقط دافئة فوق أذرع من جلسوا
في الرصيف يبيعون أذرعهم. للحمامة وجهان:
وجه الصبي الذي ليس يؤكل ميتا, ووجه النبي
الذي تتأكله خطوة في السماء الغريبة

ثم يقول:
Quote: ثم يدور المحرك، ينفث في ساحة
الطيران دخانا ثقيلا.. ويترك بين الحمائم والشجر
المتيبس رائحة من شواء غريبة
* تطير الحمامات في ساحة الطيران. تريد جدارا لها
ليس تبلغ منه البنادق. أو شجرا للهديل القديم
*(...) قد بنينا ملاذا لنا، وغصونا تنامين فيها ونحن هنا في
الرصيف – (...)
* (...) يا بلاد البنادق
إن الحمامات مذبوحة، والجدار الذي قد بنيناه
بيننا وغصنا، ينز دما أسودا، ويهز يدا مثقلة


ثم يقول:
Quote: للحمامة وجهان:
وجه الصبي الذي ليس يؤكل ميتا، ووجه النبي
الذي تتأكله خطوة في السماء الغربية.
* ولكننا يا بلاد البنادق كنا صغارا، فلم نلتفت
لإلاه الجنود، ولم نلتفت للحقائب مثقلة... نحن
كنا صغارا... أقمنا جدارا ونمنا على مضض،
* (...) وطني، زهرة للقتيل، وأخرى
لطفل القتيل، وثالثة للمقيمين تحت الجدار.


ثم يقول:

Quote: للحمامة وجهان:
وجه الصبي الذي ليس يأكل ميتا، ووجه النبي
الذي تتأكله خطوة في السماء الغريبة.
وتهوى على الوطن مقصلة
تطير الحمامات مذبوحة، دمها الأسود النزر يسقط
فوق الجدار الذي قد بنيناه، يسقط مختلطا بالرصاص،
تعبنا: زمانا نلم دماء الحمائم، نرسم في السر أجنحة،
ثم نطلقها في القرى
وطني :زهرة القتيل, وأخرى
لطفل القتيل، وثالثة للمقيمين تحت الجدار


ثم يقول في خاتمة النص الشعري:
Quote: تطير الحمامات في ساحة الطيران. ارتفعنا معا..
في سماء الحمائم. قلنا لسعف النخيل وللسنبل الرطب
هذا أوان الدموع التي تضحك الشمس فيها، وهذا
أوان الرحيل إلى المدن الفاضلة.
يقول المناضل: إننا سنبني المدينة.
تقول الحمامة: لكنني في المدينة.
تقول المسيرة: دربي إلى شرفات المدينة

*************
وقد تم استلهام نص تحت جدارية فائق حسن مسرحيا،
وهنا كلام عن ذلك الاستلهام بمناسبة ايام الثقافة العراقية في السويد للعام 2002:
Quote: في امسية مكتظة بعدد من الفقرات والفعاليات ( قراءات شعرية للشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف، وشهادات عن الشاعر القاها عدد من المثقفين العراقيين، وعزف على العود لاحمد مختار واغنيات عراقية لانوار عبد الوهاب وطالب غالي) فاجا سلام الصكر الشاعر سعدي يوسف والجمهور بمسرحية اعتمد بنيتها على خمس قصائد لشاعرنا الكبير سعدي يوسف . جدارية فائق حسن / في تلك الايام/ وثلاث قصائداخرى حيث تداخلت تلك القصائد في وحدة موضوعية قوامها دور بسطاء الناس على الرغم من القهر والمعاناة والانكسار في تجديد الحياة ومدها بالامل والعنفوان .. المسرحية برمتها تألقت من خلال التمثيل والغناء والرقص والموسيقى والتمثيل والتشكيل .

وكرس سلام الصكر الجسد ـ الايادي ، الرأس، الجذع والسيقان ـ اداة للتعبير ، كما استقدم الموروث الشعبي لاغناء درامية الاحداث..والرغم من ضألة الامكانات التقنية وفقر المسرح فأن التالق والتمييز سايرا العمل منذ البداية حتى الختام من حيث الحركة والموسيقى والاضواء . وكانت المسرحية طوال عرضها اشبه بلوحة باهرة تترواح مابين الحلم والوقع . (دكة او منصة تتوسط خشبة المسرح تقف فوقها براعم الصكربقامتها الفارعة، ذات الجسد الافعواني والحركات الانسيابية . تموج وتميس وتململ.. تسهم اعضاء جسدها في اداء ملحمي شامخ .. ومن فوقها تتدلى اسطوانات خشبية طويلة تكاد تمس رأسها تتحرك ذات اليمين وذات الشمال. وحواليها يتحرك الممثلان ( حيدر ابو حيدر وعلي ريسان) ظمن ايقاع حركي جميل رشيق يتسم بالمرونة الجسدية والشفافية وكأن كلاهما يؤدي دور شخص واحد .. اي ان حركتهما وحوارتهما يؤديها في ان واحد معاً .. وغير بعيد على يسار المسرح يجلس العازف الفنان فلاح صبار يغني اجواء المسرحية وتصاعدها الدرامي بالعوف على العود.. بل يسهم احياناً في الحوار او الغناء فيتلو فقرات من القصائد..

تقاسم الجميع وبضمنهم براعم الصكر قراءة قصائد سعدي يوسف العصية المزدحمة بالصور المركبة المسكونة بالاوجاع والكوابيس والامل ، فطوعوا بأمكاناتهم المتاحة جدلية الشعر المستعصية الى حوارسلس مفتوح .. وكانوا جميعاً يؤدون مقاطع شعرية اداء كورالياً جماعياً في بعض الاحيان .. اما خارج اطار خشبة المسرح وفي جهة اليمين الملاصق لفتحة المسرح وفي جهة اليمين وقفت رشا الحيدرامام لوحة بيضاء.. رسامة(تشكيلية ترسم اجواء قصيدة سعدي يوسف ـ الجدارية بألوانها وبيتوتها واقضيتها وحماماتها ومن فوق يتدلى مصباح كما لو كانت داخل مرسمها.. او انها جزء لايتجزء من الحياةالتي تجري صاخبة هدارة فوق الخشبة.

بدأت المسرحية وسط ذهول الجمهور بصوت الموسيقى ،موسيقىصاخبة تشبه تلك التي تصاحب مسيرات عاشوراء. اصوات الصنوج والدفوف والطبال تتخللها اصوات الممثلين يقرأون مقاطع شعرية بنبرات كربلائية حزينة. وبرغم اني لم اتجاوب مع هذه البداية ـ التي امدت قصيدة الجدارية بالوجع والحزن، وهي اصلاً تزخر بصور تعبر عن معاناة العراقيين الذين يأملون في أن ترسو حياتهم على عند ضفاف الامل والانتصار.. ولغة سعدي في قصائده هامسة كما لو كان يقوم بسرد حلم من احلامه وهو غير قادر على التجرع والايلام .. إلا ان سلام الصكر باغت جمهور القاعة بهذه الصرخات والاستغاثات الدينية التي تستمرسوى تلك اللحظات التي يتقدم بها الممثلون الى داخل القاعة والمرور من بين الجمهور والصعودالى خشبة المسرح ثم تصاعدت وتائر المسرحية عبر ايقاعات حركية وتشيلكلات صورية كثيفة يؤيدها الممثلون الثلاثة بأيماءات وانحناءات وحركات جسدية مرنة.. مرة يكون( حيدر ابو حيدروعلي ريسان) على يسار المسرح ومرة على يمين المسرح.. وانا في الوسط الى جانب الدكةالتي تقف فوقها براعم الصكر .. فتفتح الاذرعكأنها اجنحة الحمئم ثم تنقبض، بعدئذ تصعد وتهبط .. واستحال الممثلون الثلاثة الى حمائم يؤدون حركاتهم المتسقة والمشتركة. الاذرع والاعناق والاصابع والصدور والارجلتموج وتسيل في نسق هارموني متوازن وفقاً لايقاع المقطع الشعري الذي يؤدونه معاً .. وكان الثلاثةشخص واحد.. اذا المسرحية المعتمدةعلى القصائد الخمس تحولت الى مجموعة من الاداءات والتشكيلات الصورية والحركية المتنوعة وانسجمت كلياً مع المشهد الشعري.. تطير الحمائم ، تحلق عاليا ، تدور فوق الجدارية . .
بل تخرج منها ..وتعود اليها.. وتحط احياناً الى جانبها.. يصعد دراميتها وديمومتها عزف الفنان فلاح صبار الذي يبذل جهدا ابداعيا لاحتواءعالم الجداريةـ اجواء قصيدة سعدي.. واستطاع ان يرافق حركات الممثلين واداءهم السريع حينا والبطيء حينا أخر وفقا لكل حالة وصورة.
وهيمن سلام الصكر على تنامي ايقاعات المسرحية منذالبدء حتى النهاية.. من خلال رسم اجوائها الحلمية والشكيلية وازدحام المشاهد بالحركة والصور تجتاب فضاء المسرح في كل الاطراف .. لن استطيع ان اسهب في ملاحقة اداء الممثلين واحداً واحد، فقد تألقوا جميعاً في وبلغوا شأوا في ادائهم الجميل .. استحالوافعلا الى حمامات وحاموا داخل فضاء المسرح .بل حلقوا ايضا خارجه كانوا في كل مكان ترفف اجنحتهم حوالينا .. وحين اشرفت ا لمسرحيةعلى الختام انتهت الفنانة التشكيلية رشا الحيدر من رسم لوحتها .. واقول بصراحة / ليس سهلا ان تضع عالما ضاجا بالدينامية والفاعلية الادائية المتسارعة الغنية في مسرح فقير ذي امكانات ضئيلة

وسنعود للكلام عن :
تصميم الغلاف بين لطيف و العمراوي

Post: #577
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-20-2006, 05:24 PM
Parent: #576

قبل أن نعود لمواصلة الكلام عن "الجدارية"،سنبسط نصا شعريا لسعدي يوسف،نشره في اخر عدد للسفير الثقافي ،بتاريخ الامس اي يوم الجمعة الموافق التاسع عشر من مايو،
وعنوان النص هو:
خديعة
فالى النص:

Quote: أنا أسكن، حقّا، في مأوىً لِكبارِ السنِّ.
(لقد جاوزتُ السبعينَ)
ولكنّ مُقامي، يُقْرأُ: Sheltered House
ليس تماماً ما كان يُسَمّى < دار العَجَزة>...
أعني أنيَ في منزلةٍ بين المنزلتَين!
?
عجيبٌ!!!
?
إنْ كان مقامُكَ هذا، فلماذا تخدعُنا؟
تكتبُ عن بيتٍ في الريفِ (كأنكَ من عائلةٍ مالكةٍ!)
وتداعبُ غفلتَنا إذ تحكي عن مَرْجٍ وحدائقَ
عن ثعلبِ فجرٍ
وغزالٍ برِّيٍّ عبْرَ سياجٍ
وسناجيبَ
وتكتب عن شُرفاتٍ ونوافذَ
عن أشجارٍ غامضةٍ
وخيولٍ تقتطفُ الزعترَ عِلْفاً
وبُحيراتٍ يترقرقُ فيها سمكٌ ذهبي، وحَصاً
ومراعي أشَنات، و... إلخ...
....................
....................
....................
أنا أسكن، حقّا، بين المرئيّ وما ليسَ يُرى.
أسكنُ في اللحظةِ
حيث الشيءُ سواهُ
وحيث المرأى لستُ أراه.
?
عجيبٌ !!!
?
هل لي أن أسألَكَ ؟
الناس، جميعا، من أدنى البصرة، حتى أقصى المغربِ
أدرى بكَ حتى منك...
إذا، فِيمَ خديعتُهُمْ ؟
ولماذا تمنح كلَّ نحاسٍ صدِءٍ لوناً ذهَباً؟
?
أنا أسكن، حقا، في ما لا يُسكَنُ أكثرَ من يوم...
وأنا إنْ شئتَ الحقَّ أغادِرُ ما أنا فيه، اللحظةَ تِلْوَ اللحظةِ.
أي أني أحملُ تربةَ هذي الأرضِ إلى أرضٍ أخرى
أرضٍ لا تخدعُنا؛
أرضٍ فيها ألوانُ مَجَرّاتٍ
وخيولٍ
وبحيراتٍ يترقرقُ فيها سمكٌ ذهبي...
يترقرقُ فيها الناس!
(لندن)

وبعض من فرادة النص أنه يحكي عن مشاء عراقي في مقامه السبعيني,
وعن الاختلافات الثقافية بين الشرق والغرب في علاقتهما بكبار السن،
ومحتوى كلامه يتركز على وجود الناس حولك في الشرق ،على العكس من الغرب
وسنعود لذلك ،
لو الله هون
المشاء

Post: #578
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-20-2006, 11:06 PM
Parent: #577

عن تصميم الغلاف بين لطيف و العمراوي:

يقول لطيف عن تصميم الغلاف:
Quote: و قد صُمِّم غلاف الكتاب كالآتي :
جدارية
محمود
درويش

مما يجعلك أن تقرأ العنوان تركيباً إضافياً : (جدارية محمود دريش)؛ و ليس العنوان الذي يفيد العبارة (جداريه) . و لا أشك أنَّ الشاعر نفسه أراد هذا الالتباس . أعني أن يكون الالتباس بوجهيه عند قاريء العنوان : وجهٍ في أن يقرأه تركيباً إضافياً مثل [ جدارية محمود درويش] ؛ و وجهٍ آخر أن يتأمله كعبارة تنكير في [ جداريه ] ؛ بإظهار الهاء بدلاً من التاء في قراءة القاريء (جدارية محمود درويش)(5) . سنعتمد الآن هذين الوجهين من الالتباس . و أريد أن أنبِّــه أنَّ لهذه القراءة الملتبسة للعنوان موقف محدد طاريء هو : حين تتشوَّف غلاف الكتاب أول مرَّة دون أن تتصفح الكتاب نفسه .


ثم يربط تشوف القارئ بمحوري الحضور والغياب حين يقول:
Quote: الآن ، يعرِض هذا الموقف الطاريء نفسه في محوريْهِ : الحضور
و الغياب . و هو عرض فيه كثير من الحدس عند القاريء الذي اعتاد درويش .
فمن جهة تتصدَّر قراءة التركيب الإضافي و هي ( جدارية محمود درويش)
محور الحضور في هذا الموقف الطاريء . و ذلك حسب إغواء التصميم نفسه . و يبقى ، في هذه الحال ، ( جداريه ) هو محور الغياب .


ثم يتحدث عن علاقة ما سماه "ايهام تصميم الغلاف"، بمحور الغياب قائلا:
Quote: و يشتغل ايهام تصميم الغلاف الذي يُـبرز اللغة تركيباً إضافياً : ( جدارية محمود درويش ) في محور الغياب . فالقاريء عند علمه بهذه الدلالة التي ترفدها له اللغة في (أ) و (ب) أعلاه سيتساءل : ما هي جدارية محمود درويش ؟ .


وفي المقابل يتحدث الناقد المغربي أحمد العمراوي عن تصميم غلاف "جدارية" قائلا:
Quote: غلاف الديوان / القبر / القصيدة / المعلقة / الجدارية هو وجه آخر للشاعر إضافة إلى وجهه الشاعري الأنيق . الخط البارز الذي كتب به العنوان : " جدارية محمود درويش " يبين أن هذه الجدارية هي مفرد لوني منسوب لاسمه . يبتدئ بلون أخضر داكن نسبيا نتفتح بياضاته في القلب ، وقلب الغلاف أيضا 1 أبيض كما هو الشأن في توضيف الشاعر للون الأبيض في الديوان

ثم يواصل قائلا محللا العلاقة بين الألوان ودلالاتها:
Quote: على وجه الغلاف كتابة ناتئة للفظة " جدارية " باللون الأبيض ثم اسم الشاعر : " محمود درويش " بلون يميل إلى البرتقالي . جدارية بيضاء لقلب برتقالي، ووجه برتقالي للشاعر أيضا يبدو متفائلا مبتسما على صورة عبارة عن " بورتريه " portrait يرتدي فيه الشاعر قميصا أبيض وبذلة خضراء نازلة تكتسح كل الغلاف وتحاصر بقطرات دموية خفيفة نازلة من نافذة ملتصقة برأس الشاعر نصفها أحمر والنصف الباقي أصفر يتقاطع دمها مع كتابة بيضاء تبتدئ بجملة شعرية تلخص التجربة أو تبدؤها هي " هزمتك يا موت الفنون جميعها " يمتد الجسد الأخضر في القصيدة كلها مازجا الأسفل بالأعلى ، والظاهر بالباطن ، واللغة بالذاكرة ، والشعر بالقبر، الديوان الآخر والأول للشاعر ولكل شاعر في وحدة غريبة أليس القبر رمز الامتزاج بين الأنا واللا أنا، بين الهنا واللاهنا، بين الاسم المسجل أعلى الغلاف في الوجه والظهر ، وبين اللون الأبيض والأخضر

نلاحظ ان مرجعية الكلام عن التصميم مختلفة.
فلطيف ربما استند الى الطبعة التي يبدو فيها الغلاف كالآتي:


و العمراوي يتحدث عن صورة "بورترية "للشاعر ،اضافة الى حديثه عن الوان الغلاف،وهي اي الألوان،غابت عن مقاربة لطيف،الذي ركز على كيفية كتابة العنوان.

Post: #579
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: mazin mustafa
Date: 05-24-2006, 07:14 AM
Parent: #578

UP

Post: #580
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-25-2006, 01:14 PM
Parent: #579



شكرا مازن على تعتيلك للبوست،
ونأمل في عودتك باعتبارك واحدا من المؤسسين لهذا البوست الجماعي،
وناحت "سقف الوردة"
نواصل مقاربتنا ل:
جدارية
****
نواصل حديثنا المقارن
وسنختتم ذلك بمناقشة مقاربة لطيف حول دلالة جدارية درويش

يرى احمد العمراوي انه لا توجد جدارية واحدة وانما عدة جداريات داخل النص\الكتاب،وهي :

Quote: 1-الجدارية صوت محاصر بالداخل، جدار الجسد، جدار القلب، جدار المستشفى، الجدار يحجب الرؤية لا الرؤيا.
2 - جدارية الوجود
من جدارية الشعر تنحدر جدارية أخرى أكثر عمقا هي جدارية التاريخ
3-جدارية الصوت والصمت:.وذلك يضم مستويات متعددة من الأصوات ومن ذلك :صوت الماضي والحاضر والغد .
4-بين الأعلى والأسفل جدارية البرزخ
5-جدارية الاسم واللون

أما الناقد والاكاديمي الاردني خليل الشيخ ،فيرى ان جدارية درويش تدور حول ثنائية الموت والحياة والتي استقتها من روح الجداريات القديمة ،حين يقول:
Quote: إن هذا لا يعني أن نص درويش الملحمي هذا يحاكي الجدارية، ولكنه يتقيا مبر الاختيار الواعي للعنوان، صناعة (2) قصيدة طويلة حافلة بعناصر الحياة وبالشخصيات وبالصراع بين ثنائيات لعل من أبرزها تلك الثنائية التي قام عليها فن الجداريات أساسا وهي ثنائية الموت والحياة أو الفناء والخلود.


أما لطيف فأن مقاربته قائمة على نفي تلك الثنائية بين الموت والخلود،
من
خلال الارتكاز على مقطع يعتبره مركزيا أو باعتباره يشكل خلاصة النص كله,وزبدته،حين يقول متسائلا:

Quote: فما علاقة العنوان ( جدارية ) بالخلود ؟

فيجيب قائلا:
Quote: لا تستطيع حتى الآن أن تجيب الدلالة اللغوية ــ التي أثبتناها أعلاه في (أ) و (ب) ــ عن هذا السؤال

و ب أ وب يعني لطيف ما ورد سابقا في مكان آخر من المقاربه، في الفقرة المطولة الآتية:
Quote: أ / النقطة الأولى خاصة بـ (محور الحضور) و (محور الغياب). ففي لغتنا اليومية . فأنا إذا قلت : [ باب أخضر ] أكون قد استحضرت [باب] في غياب [نافذة ] ؛ و كذلك استحضرت [ أخضر ] في غياب جميع الألوان الأخرى . و هذا يساعدنا في أن العنوان ـــ قبل قراءة العمل نفسه ـــ يستحضر شيئاً و يغيِّب أشياء أخرى . هذا التبادل بين الحضور و الغياب له أهميته في التحليل العلامي . لذلك تأتي النقطة الثانية .
ب / النقطة الثانية خاصة بـ ( التبادل ) في التحليل العلامي . ففي التحليل العلامي لا توجد رسالة موجهة ذات اتجاه واحد من المرسِـل إلى المستقبِـل.


لنفي ثنائية الموت والخلود ،يحيل لطيف الى المقطع الشعري التالي من جدارية:
Quote: لا شيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء
على مِسلاَّت المدى ... [ ذهبيةٌ آثارُهُـمْ
ذهبيَّةٌ

وتلك الاحالة تهدف الى الاجابة عن السؤال الذي تطرحه مقاربة لطيف في حدود منطقها،وذلك السؤال المنطلق مما سمته المقاربة بفخ قراءة الالتباس الناجم عن تصميم الغلاف،هو:

Quote: هل أقرأ العنوان : (جدارية محمود درويش) أم (جدارية) ؟

ثم يجيب ،في سبيل التوصل الى انه جدارية درويش هي مسلة فقط،يجيب قائلا:
Quote: العمل هنا يقوم بالقراءة الأولى أي قراءة الإضافة لا التنكير . و بهذه القراءة تبقى (جدارية) في فضاء محور الغياب . فتصطف (جدارية) نفسها في محور الغياب كالآتي: [ جدارية ؛ تمثال ؛ نحت ؛ مِسَلَّة ] . فـ(جدارية) المنسوبة إلى محمود درويش تختار من فضاء الغياب [ مِسَـلة ] . فأنت تقرأ بقوة هذا الغياب العنوان كالآتي ( مسلة محمود درويش ) بدلاً من ( جدارية محمود درويش ) .

ولدعم كلامه حول ان المسلة هي الرمز الحقيقي للخلود يقول استنادا الى الفقرة الثانية:
Quote: إذاً ؛ ( ii ) هي التي تستطيع أن تجيب عن السؤال أعلاه . فتجيب عنه مباشرة بصوتها القوي : المسلة هي الرمز الحقيقي للخلود . فالمداورة play الحاصلة هنا بين الحضور و الغياب تستثني من محور الغياب [ جدارية ؛ تمثال ؛ نحت ] لأنهنَّ ينتمين إلى (الجماليات) ، بينما تنتمي المسلة إلى (خلود التاريخ) فيأتي إلينا أثراً ذهبياً كماضي أقوياء .


ثم يصل الى الفرق الاساس بين مسلة درويش الشعرية،وبين المسلة كظاهرة تاريخية،حين يقول :
Quote: فيتبع ذلك أنَّ (مسلة محمود درويش) لا تقوم بالوظيفة الأساسية لـ( المسلة) في التاريخ . فإذا كانت مسلة التاريخ هي لتسجيل انتصارات الأقوياء نقشاً اتقاء [الموت] و من ثَمَّ يبقى خلود النقش ضد الموت ، فإنَّ ( مسلة محمود درويش ) تحاول أن تنزع هذه الضدية [الموت=/= الخلود] من وظيفتها.

اذن،كيف حاولت مسلة درويش ان تخلص نفسها من مضاداة الموت؟يتحدث لطيف عن اول خطوة للمضي في مضاداة الموت،حين يقول:
Quote: أول خطوة لهذا الانتزاع هو أن تنظر مسلة محمود درويش ــ و ليست مسلة التاريخ ــ في [الموت] شيئاً آخر له مهمة أخرى . فما هو هذا الشيء و تلك المهمة ؟ .

وتحاول مقاربة لطيف ان ترى مهمة الموت من خلال المقطع التالي من جدارية:

Quote: و يا موتُ انتظر ، و اجلس على
الكرسي .

ألديك وقتٌ لاختبار
قصيدتي . لا . ليس هذا الشأنُ
شأنكَ . أنتَ مسؤولٌ عن الطينيِّ في
البشري ، لا عن فعله أو قولهِ

وفي حدود تلك المقاربة لثنائية الموت والخلود الضدية،يصبح الموت،كما ترى المقاربة:
Quote: ليس ضداً لـ[الحياة] ، في استدلال مسلة درويش ، بل كائناً في الحياة نفسها : (اجلس على الكرسي) . هذا الكائن ليست مهمته إلغاء الحياة . لأن الحياة و الموت ليسا ضدين هنا ؛ بل مهمته ضداً في الطينية البشرية لا الأفعال : العمران أو الأقوال

وانطلاقا من ذلك الفهم لمسلة درويش،تحاول ان تقارب مقطعا شعريا مهما،يمثل حسب قراءتنا تلخيصا للدلالة المركزية للجدارية،وهذا المقطع هو الذي يتعلق بهزيمة جميع الفنون للموت:
Quote: هزمتكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها .
هزمتكَ يا موتُ الأغاني في بلاد
الرافدين مِسَلَّةُ المصري ، مقبرةُ الفراعنة ،
النقوش على حجارة معبدٍ هزمتكَ
و انتصرتْ ، و أفلت من كمائنك
الخلودُ ...

فاصنع بنا و اصنع بنفسك ما تريدُ


،تقول مقاربة لطيف في محاولتها ايجاد مفهوم مغاير للخلود ،من خلال قراءتها للمقطع السابق الذكر بخصوص هزيمة الفنون للموت:

Quote: تقرأ ـــ بهذا الاستدلال ـــ مسلة درويش مسلة التاريخ في رؤيتها هي في الفعل ( هزمتك يا موتُ ـــ في (v) لاحقاً ـــ ) و ليس في رؤية مسلة التاريخ التي ترى الموت و الحياة رؤية أضداد . فالفعل (هزم) هنا يدل على أن الموت ليس شيئاً سوى كائنٍ في الحياة (اجلس على الكرسي) ؛ كائنٍ داخل الحياة يضع حداً للطينة البشرية و ليس شيئاً خارجها (الأفعال و الأقوال) :


وفي الاخير تحاول المقاربة اللطيفية الاجابة على السؤال التالي الذي يطرحه المقطع المتعلق بهزيمة الفنون للموت،والسؤال هو:

Quote: فأيُّ [ خلود ] أفلت من كمائن الموت ؟ .

تجيب مقاربة لطيف قائلة:
Quote: إنه [ الخلود ] الذي لا ضدَّ له . إنه [ الخلود ] الذي لا يضاد الموت . هذه وظيفة مسلة محمود درويش التي تختلف وظيفتها من المسلة التاريخية

**
وسنعود لابداء اعتراضاتنا الاساسية على بعض مما ورد في مقاربة لطيف
ارقدوا عافية
المشاء



Post: #581
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-27-2006, 08:07 PM
Parent: #580



حتى نتيح للقارئة أن تقف على جوهر اعتراضاتنا على قراءة لطيف ل:
جدارية
ننشر الجزء المهم في جدارية ،والذي تدخل فيه الذات الكاتبة في مونولوج،ولا نقول حوارا،لان الحوار اصلا منعدم بين القناص وبين الفريسة،وما ورد من حوار كان عبارة عن تحديد مكان الموت
وسيجده القارئ في سياق قراءته لهذا المنولوج الطويل الذي قالت به الذات الكاتبة في برزخها:


-أيها الموت انتظرني خارج الأرض,
انتظرني في بلادك,ريثما أنهي حديثا عابرا مع ما تبقى من حياتي,
قرب خيمتك ,انتظرني ريثما أنهي قراءة طرفة بن العبد يغريني الوجوديون باستنزاف كل هنيهة حرية,وعدالة,ونبيذ آلهة...\فيا موت انتظرني! ريهما أنهي تدابير الجنازة في الربيع الهش,حيث ولدت,حيث سأمنع الخطباء من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين وعن صمود التين والزيتون في وجه الزمان وجيشه,سأقول صبوني بحرف النون,حيث تعب روحي من سورة الرحمن في القرآن,وامشوا صامتين معي على خطوات أجديد ووقع الناي في أزلن,ولا تضعوا على قبري البنسج,فهو زهر المحبطين,يذكر الموى بموت الحب قبل أوانه,وضعوا على التابوت سبع سنابل خضراء,ان وجدت,وبعض شقائق النعمان ان وجدت,والا,فاتركوا ورد الكنائس للعرائس\أيها الموت انتظر!حتى أعد حقيبتي:فرشاة أسناني,وصابوني,وماكنة الحلاقة,والكولونيا ,والثياب,
هل المناخ هناك معتدل؟
وهل تتبدل الأبدية البيضاء،أم تبقى كما هي في الخريف وفي الشتاء؟وهل كتاب واحد يكفي لتسليتي مع اللاوقت,أم أحتاج مكتبةً؟
وما لغة الحديث هناك،دارجةً لكل الناس أم عربيةً فصحى؟؟
ويا موت انتظر,يا موت,حتى أستعيد صفاء ذهني في الربيع وصحتي,لتكون صيادا شريفا لا يصيد الظبي قرب النبع فلتكن العلاقة بيننا ودية وصريحة:
لك أنت ما لك من حياتي حين أملأها,
ولي منك التأمل في الكواكب:
لم يمت أحد تماما ,تلك أرواح تغير شكلها ومقامها\
يا موت!يا ظلي الذي سيقودني,
يا ثالث الاثنين,يا لون التردد في الزمرد والزبرجد,
يا دم الطاؤوس,يا قناص قلب الذئب,يا مرض الخيال,اجلس على الكرسي!ضع أدوات صيدك تحت نافذتي,وعلق فوق باب البيت سلسلة المفاتيح الثقيلة!لا تحدق يا قوي الى شراييني لترصد نقطة الضعف الأخيرة,أنت أقوى من نظام الطب,أقوى من جهاز تنفسي,أقوى من العسل القوي,ولست محتاجا-لتقتلني-الى مرضي,فكن أسمى من الحشرات,كن من أنت,شفافا بريدا واضحا للغيب,كن كالحب عاصفة على شجر,ولاتجلس على العتبات كالشحاذ أو جابي الضرائب,
لا تكن شرطي سير في الشوارع,
كن قويا,ناصع الفولاذ,
واخلع عنك أقنعة الثعالب,كن فروسيا,بهيا,كامل الضربات,
قل ما شئت من معنى الى معنى أجيئ,هي الحياة سيولة وأنا أكثفها,أعرفها بسلطاني وميزاني,\ويا موت انتظر اجلس على الكرسي,خذ كأس النبيذ,ولا تفاوضني,فمثلك لا يفاوض أي انسان ,ومثلي لا يعارض خادم الغيب,استرح..
فلربما أنهكت هذا اليوم من حرب النجوم,فمن أنا لتزورني؟ألديك وقت لاختبار قصيدتي,لا ,ليس هذا الشأن شأنك,أنت مسؤول عن الطيني في البشري,لا عن فعله أو قوله\
هزمتك يا موت الفنون جميعها,
هزمتك يا موت الأغاني في بلاد الرافدين,مسلة المصري,مقبرة الفراعنة,
النقوش على حجارة معبد هزمتك وانتصرت,وأفلت من كمائنك الخلود
فاصنع بنا,واصنع بنفسك ما تريد
وأنا اريد ،أريد أن أحيا..فلي عملٌ على جغرافيا البركان.من أيام لوط إلى قيامه هيروشيما واليباب هو اليباب"كتبت ضهو اليباب"،كأنني أحيا هنا أبدا، وبي شبقٌ إلى ما لست أعرف،قد يكون "الآن" أبعد،قد يكون الأمس أقرب،والغد الماضي،ولكني أشد "الآن" من يده ليعبر قربيَ التاريخ،لا الزمن المدور، مثل فوضى الماعز الجبلي، هل أنجو غدا من سرعة الوقت الألكتروني،أم أنجو غدا من بطء قافلتي على الصحراء؟
لي عملٌ لآخرتي كأني لن أعيش غدا،ولي عمل ليوم حاضر أبدا،لذا أصغي ،على مهل على مهل،لصوت النمل في قلبي:أعيوني على جلدي ،وأسمع صرخة الحجر الأسيرة:حرروا جسدي،
وأبصر في الكمنجة هجرة الأشواق من بلد ترابي إلى بلد سماوي، وأقبض في يد الأنثى على أبدي الأليف:خلقت ثم عشقت، مث زهقت، ثم أفقت في عشب على قبري يدل علما نفع الربيع السمح غن لم يءنيس الموتى ويكمل بعدهم فرح الحياة ونضرة النسيان؟تلك طريق في فك لغز الشعر،شعري العاطفي على الأقل، وما المنام سوى طريقتنا "كتبت طريقنا" الوحيدة في الكلام |
و أيها الموت التبس,واجلس على بلور ايامي,كأنك واحد من أصدقائي الدائمين,كأنك المنفي بين الكائنات,ووحدك المنفي,لا تحيا حياتك,ما حياتك غير موتي,لا تعيش ولا تموت,وتخطف الأطفال من عطش الحليب الى الحليب,ولم تكن طفلا تهز له الحساسين السرير,ولم يداعبك الملائكة الصغار ولا قرون الأيل الساهي,كما فعلت لنا نحن الضيوف على الفراشة,وحدك المنفي,يا مسكين,لا امرأة تضمك بين نهديها,ولا امرأة تقاسمك الحنين الى اقتصاد الليل باللفظ الاباحي المرادف لاختلاط الأرض فينا بالسماء,
ولم تلد ولدا يجيئك ضارعا:
أبتي,أحبك ,وحدك المنفي,يا ملك الملوك,ولا مديح لصولجانك,لا صقور على حصانك لا لآلي حول تاجك,أيها العاري من الرايات والبوق المقدس!كيف تمشي هكذا من دون حراس وجوقة منشدين كمشية اللص الجبان,وأنت من ,أنت المعظم,عاهل الموتى,القوي,وقائد الجيش الأشوري العنيد
فاصنع,بنا,واصنع بنفسك ما تريد
**
وأنا أريد ،أريد أن أحيا، وأن أنساك..أن أنسى علاقتنا الطويلة لا لشيئ،بل لأقرأ ما تدونه السماوات البعيدة من رسائل،كلما أعددت نفسي لانتظار قدومك ازددت ابتعاد،كلما قلت:ابتعد عني لأكمل دورة الجسدين،في جسد يفيض ،ظهرت ما بيني وبيني ساخرا:"لا تنس موعدنا.."
-متى؟
-في ذروة النسيان، حين تصدق الجنيا وتعبد خاشعا خشب الهياكل والرسوم على جدار الكهف،حيث تقول:"آثاري أنا وأنا ابن نففسي"
-أين موعدنا؟
-أتأذن لي بأن أختار مقهى عند باب البحر؟
-لا ..لا تقترب يا ابن الخطيئة، يا ابن آدم من حدود الله!لم تولد لتسأل،بل لتعمل...
-كن صديقا طيبا يا موت!كن معنى ثقافيا لأدرك كنه حكمتك الخبيئة!ربما أسرعت في تعليم قابيل الرماية،ربما أبطأت في تدريب أيوبٍ على الصبر الطويل،وربما أسرجت لي فرسا لتقتلني على فرسي،كأني عندما أتذكر النسيان تنقذ حاضري لغتي،كأني حاضر أبدا،كأني طائر أبدا،كأني مذ عرفتك أدمنت لغتي هشاشتها على عرباتك البيضاء،أعلى من غيوم النون,أعلى عندما يتحرر الإحساس من عبء العناصر كلها,فأنا وأنت على طريق الله صوفيان محكومان بالرؤيا ولا يريان\عد يا موت وحدك سالما،فأنا طليق ههنا في لا هنا ،أو لاهناك ،وعد إلى منفاك وحدك،عد إلى أدوات صيدك،وانتظرني عند باب البحر،هيئ لي نبيذا أحمرا للاحتفال بعودتي لعيادة الأرض المريضة،لا تكن فظا غليظ القلب!لن آتي لأسخر منك، أو أمشي على ماء البحيرة في شمال الروح،لكني –وقد أغويتني-اهملت خاتمة القصيدة:لم أزف الى أبي أمي على فرسي،تركت الباب مفتوحا لأندلس الغنائيين،واخترت الوقوف على سياج اللوز والرمان,أنفض عن عباءة جدي العالي خيوط العنكبوت،وكان جيش أجنبي يعبر الطرق القديمة ذاتها،ويقيس أبعاد الزمان بآلة الحرب القديمة ذاتها...
يا موت هل هذا هو التاريخ,صنوك أو عدوك,صاعدا ما بين هاويتين؟قدتبني الحمامة عشها وتبيض في خوذ الجنود وربما ينمو نبات الشيح في عجلات تمركبة محطمة فماذا يفعل التاريخ,صنوك أو عدوك بالطبيعة عندما تتزوج الأرض السماء وتذرف المطر المقدس؟؟
أيها البحر انتظرني عند باب البحر في مقهى الرومانسيين,لم أرجع وقد طاشت سهامك مرة الا لأودع داخلي في خارجي,
وأوزع القمح الذي امتلات به روحي على الشحرور حط على يدي وكاهلي,
وأودع الأرض التي تمتصني ملحا,وتنثرني حشيشا للحصان وللغزالة ,فانتظرني ريثما أنهي زيارتي القصيرة للمكان وللزمان،ولا تصدقني أعود ولا أعود
وأقول شكرا للحياة!
ولم أكن حيا ولا ميتا ,
ووحدك كنت وحدك، يا وحيدُ
ص ص 724-30


Post: #582
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-29-2006, 08:59 PM
Parent: #581


**مفهوم لطيف عن وظيفة الموت:
يقول لطيف عن موقع الموت،في جدارية:
Quote: فيصبح [الموت] ليس ضداً لـ[الحياة] ، في استدلال مسلة درويش ، بل كائناً في الحياة نفسها : (اجلس على الكرسي) . هذا الكائن ليست مهمته إلغاء الحياة . لأن الحياة و الموت ليسا ضدين هنا ؛ بل مهمته ضداً في الطينية البشرية لا الأفعال : العمران أو الأقوال .

فالموت ليس جزء مكلملا للحياة،لان الموت يعيش في هامش الحياة البشرية.ومهمته ،بعكس ما ترى مقاربة لطيف هي انهاء الحياة والغائها.ويمكن ايراد نصوص كثيرة تدعم وجهة نظرنا المخالفة لمقاربة لطيف.
فالذات الكاتبة تسمي الموت"عاهل الموتى" دلالة على وظيفته الاساسية،حين تقول في مخاطبة الموت:
Quote: وأنت من ,أنت المعظم,عاهل الموتى,القوي,وقائد الجيش الأشوري العنيد

وأيضا يقول في موقع الموت من الحياة ووظيفته التي تتمثل في الحرمان من الحياة،حتى للاطفال:
Quote: لا تحيا حياتك,ما حياتك غير موتي,لا تعيش ولا تموت,وتخطف الأطفال من عطش الحليب الى الحليب

وايضا ترى الذات الكاتبة في موقع آخر ،ان وظيفة الموت،هي اقتناص حياة الآخرين:
Quote: ضع أدوات صيدك تحت نافذتي,وعلق فوق باب البيت سلسلة المفاتيح الثقيلة!لا تحدق يا قوي الى شراييني لترصد نقطة الضعف الأخيرة,أنت أقوى من نظام الطب,أقوى من جهاز تنفسي,أقوى من العسل القوي,ولست محتاجا-لتقتلني-الى مرضي

*الموت كمنفي:
ان الموت ليس جزء من الحياة البشرية ،كما ترى مقاربة لطيف،بل بالعكس هو منفي في تلك الحياة البشرية.
ونجد تمظهرات ذلك النفي في مواضع كثيرة من جدارية،وأدناه نماذج لتلك التمظهرات:
1-ياتي المنفى من علاقة الموت بالكائنات الحية،وبالتحديد حياة الانسان.فالموت في جدارية يبدو بلا حياة ولا موت،وحياته قائمة على قتل الآخرين كما في المقطع التالي:
لا تحيا حياتك,ما حياتك غير موتي,لا تعيش ولا تموت,وتخطف الأطفال من عطش الحليب الى الحليب
2-ونفي الموت يأتي أنه لم يعش حياته كطفل،وفي نفس الوقت لم يخض تجربة الابوة،ونجد انتفاء حياة الموت كطفل في المقطع التالي:
Quote: ولم يداعبك الملائكة الصغار ولا قرون الأيل الساهي,كما فعلت لنا نحن الضيوف على الفراشة

وانتفاء تجربة الأبوة لدى الموت نجدها في المقطع التالي:
Quote: ولم تلد ولدا يجيئك ضارعا:
أبتي,أحبك ,

3- المنفى ياتي من غياب علاقة الموت كذكر،بالمراة،من خلال الجنس ,ومن خلال الانجاب كما في المقطع التالي:
Quote: وحدك المنفي,يا مسكين,لا امرأة تضمك بين نهديها,ولا امرأة تقاسمك الحنين الى اقتصاد الليل باللفظ الاباحي المرادف لاختلاط الأرض فينا بالسماء,

4-وفي حين آخر، ياتى المنفى من علاقة الموت كملك للملوك بالوضعية التي يتمتع بها ملوك الحياة البشرية،لكنه بلا مادحين,ولا جوقة انشاد كما في المقطع التالي:
Quote: وحدك المنفي,يا ملك الملوك,ولا مديح لصولجانك,لا صقور على حصانك لا لآلي حول تاجك,أيها العاري من الرايات والبوق المقدس!كيف تمشي هكذا من دون حراس وجوقة منشدين كمشية اللص الجبان,وأنت من ,أنت المعظم,عاهل الموتى,القوي,وقائد الجيش الأشوري العنيد
إ

ن نفي الموت ناجم عن غياب حياة ارضية له, ومن ذلك دور العاشق وممارس الجنس الرجولي،وانتفاء الأبوة منه،وعدم خوضه لتجربة الطفولة،وكذلك عدم تمتعه بصفات الأقوياء من الذكور كالملوك وقواد الجيوش
وهنالك اشارة أخرى الى الموت كمنفي ،كما في المقطع التالي:
Quote: وعدْ الى منفاك وحدك ،عد الى أدوات صيدك،وانتظرني عند باب البحر،هيئ لي نبيذا أحمراً للاحتفال بعودتي لعيادة الأرض المريضة
"
ص 729
عند درويش يرتبط المنفى في مجمل خطابه الشعري بالأسى والوحشة والمرارة والاقتلاع الانساني ،لكنه في مرات نادرة يأخذ معنى جاذبا ،حين ينظر الى المنفى باعتباره شيئا محببا و يرتبط بذكريات سعيدةكما في المقطعين التاليين:
Quote: ماذا سأفعل ؟ماذا سأفعل من دون منفى،وليلٍ طويلٍ يحدّق في الماء؟يربطني باسمك الماء...
لا شيئ يأخذني من فراشات حلمي الى واقعي:لا التراب ولا النار،ماذا سأفعل من دون ورد سمرقند؟ماذا سأفعل في ساحة تصقل المنشدين بأحجارها القمرية؟صرنا خفيفين مثل منازلنا في الراح البعيدة،
صرنا صديقين للكائنات الغريبة بين الغيون..وصرنا طليقين من جاذبية أرض الهوية،ماذا سنفعل..
ماذا سنفعل من دون منفى،وليل طويل يحدق في الماء؟

ص 694-5

ثم يقول :
Quote: يربطني باسمك الماء..لم يبق مني سواك،ولم يبق منك سواي غريبا يمسد فخذ غريبته:يا غريبة!ماذا سنصنع في ما تبقى لنا من هدوء..وقيلولة بين أسطورتين؟
ولا شيئ يحملنا: لا الطريق ولا البيت،
هل كان الطريق كما هو منذ البداية،
أم أن أحلامنا وجدت فرسا من خيول المغول على التل,فاستبدلتنا؟
وما ذا سنفعل؟
ما ذا سنفعل من دون منفى؟

ص 695
شعرية النص العالية تتأتي من ان الوجود ،لا يكتسب معناه الكامل،إلا في الاحساس العميق بالمنفى.
*الموت مذموما:
في جدارية يرتبط الموت بصفات مذمومة ومن ذلك أنه لص وسارق
وحتى مشيته تبدو كمشية اللص،كما في المقطع التالي:
Quote: كيف تمشي هكذا من دون حراس وجوقة منشدين كمشية اللص الجبان

ويبدو الموت ايضا أشبه بالقناص،كما في المقطع التالي:
Quote: قناص صيد في الشوارع

أوطأ من الحشرات،كما في :
Quote: ,فكن أسمى من الحشرات,

كما يأخذ الموت صورة الكائن الذي لا يمكن له ان يعيش الا في أجواء غامضة،كما في :
Quote: كن من أنت,شفافا بريدا واضحا للغيب,
كن كالحب عاصفة على شجر,

هو كسول ومتطفل كالشحاذ وجابي الضرائب،كما في قوله:
Quote: ولاتجلس على العتبات كالشحاذ أو جابي الضرائب,

هو دكتاتور مثل شرطي السير،كما في قول الذات الكاتبة الموجهة للموت:
Quote: لا تكن شرطي سير في الشوارع,

هو ضعيف،كما في نصيحة الذات الكاتبة التالية للموت:
Quote: كن قويا,ناصع الفولاذ,

ويبدو الموت مكارا أيضا وجبانا،كما في القول الآتي للذات الكاتبة:
Quote: واخلع عنك أقنعة الثعالب,
كن فروسيا,
بهيا,كامل الضربات

ويبدو الموت متطفلا على الحياة،ولا يعيش حياته:
Quote: ,لا تحيا حياتك,ما حياتك غير موتي,لا تعيش ولا تموت,وتخطف الأطفال من عطش الحليب الى الحليب,


*الموت لم يحقق وظيفته تماما:
كما نجد ان الموت،في الأخير،لم يحقق وظيفته أي قبض الأرواح،ولذلك فالارواح تعيش حياة أخرى بعد الموت:
Quote: لم يمت أحد تماما ,تلك أرواح تغير شكلها ومقامها
\

*الموت والنسيان والتجاور:
ترى مقاربة لطيف ان الموت والحياة متجاوران في جدارية.لكننا نرى انهما متناقضان،ولذلك تلجأ الذات الكاتبة الى نسيان الموت،حينما قالت:
كأني عندما أتذكر النسيان تنقذ حاضري لغتي،كأني حاضر أبدا،كأني طائر أبدا،كأني مذْ عرفتك أدمنت لغتي هشاشتها على عرباتك البيضاء،أعلى من غيوم النوم،أعلى عندما يتحرر الإحساس من عبء العناصر كلها"
ص 729
وعن النسيان،وفي انه ضرورة في حياة الذات الكاتبة في برزخها، تقول الذات الكاتبة:
وأنا أريد أن أحيا،وأن أنساك..أن أنسى علاقتنا الطويلة لا لشيئ،بل لأقرأ ما تدونه السماوات البعيدة من رسائل،كلما أعددت نفسي لانتظار قدومك ازدت ابتعادا،كلما قلت ابتعد عني لأكمل دورة الجسدين،في جسدٍ يفيض،ظهرت ما بيني وبيني ساخرا:
لاتنس موعدنا
ص 728

*محاولات استيعاب الموت:
وتلجأ الذات الكاتبة الى محاولات عديدة في سبيل تقبلها أو قل اعادة انتاج لمفهوم الموت.
تقول الذات الكاتبة في محاولة لتقبل الموت:
كن صديقا طيبا يا موت،ك
كن معنى ثقافيا ،لأدرك كنه حكمتك الخبيئة
ص 729


Post: #583
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 05-31-2006, 02:07 PM
Parent: #582


ونختتم اليوم مراجعاتنا لمقاربة لطيف لسيميولوجيا عنوان "جدارية".
**عن مفهوم الجدارية الشعرية:

يقول لطيف في مقارنة بين مسلة التاريخ وما سماه بمسلة درويش::
Quote: . فإذا كانت مسلة التاريخ هي لتسجيل انتصارات الأقوياء نقشاً اتقاء [الموت] و من ثَمَّ يبقى خلود النقش ضد الموت ، فإنَّ ( مسلة محمود درويش ) تحاول أن تنزع هذه الضدية [الموت=/= الخلود] من وظيفتها .

أول خطوة لهذا الانتزاع هو أن تنظر مسلة محمود درويش ــ و ليست مسلة التاريخ ــ في [الموت] شيئاً آخر له مهمة أخرى


أعتراضنا الاساس على مثل ذلك القول يتمثل في أن لطيف لم ير الجدارية في تطورها التاريخي،كما رآها خليل الشيخ،مثلا،حين تحدث عن تطورها قائلا:
Quote: يجابه قاريء "جدارية محمود درويش" عنوانا لا يستطيع ان يتجاوزه سواء أقرأه بالعربية ام في ترجمته الانجليزية، فهذا العنوان يتكيء على مصطلح فني ذي تاريخ طويل وسمات جمالية متنوعة وهو يجيء في المصادر المختصة (1) تحت عنوان: Wall Painting أو Mural Painting
الذي يعني الرسم على الحائط أو السقف لأغراض متعددة، قد تكون تسجيلية أو رمزية وقد تكون جمالية خالصة.
لقد نشأ فن الجداريات في أحضان الدين، وكانت الجداريات ترسم في المعابد والمقابر، لذا ظلت رسو ماتها دينية الطابع تجث رؤى الانسان للموت وللعالم الآخر حقبة طويلة من الوقت عندما انتقلت الى قصور الملوك لتسجل انجازاتهم وترسم انتصاراتهم أو لتجث أبعادا دنيوية أخرى تناقض تلك الآفاق الدينية، فتحفل المشاهد باللذة كمشاهد الصيد أو النساء العاريات أو غيرها من المشاهد التي ترسم أبعاد الحياة الانسانية وما تحفل به من صراعات.
واذا كانت طرق تنفيذ تلك الجداريات قد تعددت، فإن الجدارية في العموم، تظل تجسد مشروعا فنيا ضخما. يحتث له الفنان بوصفه مشروع العمر الذي يتجلى من خلال إعادة تشكيل عناصر متباينة في إطار فني معقد، تعكمر ما يشتعل في أعماقه لحظة تنفيذ ذلك العمل، واختيار رموزه وعناصره وألوانه واشاراته.

ثم قال معقبا على ذلك في محاولة للاشارة الى موقع جدارية درويش الشعرية من الجدارية في تطورها التاريخي:
Quote: إن هذا لا يعني أن نص درويش الملحمي هذا يحاكي الجدارية، ولكنه يتقيا مبر الاختيار الواعي للعنوان، صناعة (2) قصيدة طويلة حافلة بعناصر الحياة وبالشخصيات وبالصراع بين ثنائيات لعل من أبرزها تلك الثنائية التي قام عليها فن الجداريات أساسا وهي ثنائية الموت والحياة أو الفناء والخلود.

ويمكن ان اضيف لكلام خليل الشيخ، ان درويش حاول ان يجعل من الجدارية مشروعا شخصيا،اي انه انتقل بها من المفهوم الديني والمؤسساتي والعام الى جدارية تحتفي بالفرد،بدل احتفائها بالعام والتاريخي.وهذا المشروع الفردي يضاد ما استند عليه لطيفـ،حين قالت الذات الكاتبة:
Quote: لا شيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء
على مِسلاَّت المدى ... [ ذهبيةٌ آثارُهُـمْ
ذهبيَّةٌ ]

وهذا الاستشهاد الذي قالت به مقاربة لطيف،يؤكد مقاربتنا التي تقول ان جدارية درويش هي اعادة انتاج لمفهوم الجدارية،الذي في تطور من تطوراته،كان يمثل محاولة الاقوياء لتسجيل التاريخ،والدخول في افق الخلود.
في لقاء معه نشرته قناة "الجزيرة"، قال محمود درويش متحدثا عن ظروف كتابته ل"جدارية"،موضحا فيه مفهومه ل"جدارية" أي كتلخيص لتجربته في الكتابة:
Quote: لقد استبد بي هاجس النهاية منذ أدركت أن الموت النهائي هو موت اللغة إذ خُيل إلي بفعل التخدير أنني اعرف الكلمات، واعجز عن النطق بها فكتبت على ورق الطبيب... لقد فقدت اللغة أي لم يبق مني شيء.
صراع هذه القصيدة مع تجربة موت شخص لم يكن في حاجة إلى الإشارة الواضحة، إلى أن حياتنا العامة هي في حالة صراع جماعي ضد موت الهوية وموت المعنى، وأن انتصار الشعر على الموت المجازي منذ كان الشعر ربما يحمل دلالة قريبة أو بعيدة إلى قيامتنا الجديدة.
وحين كتبت هذه القصيدة طيلة عام 1999، استبد لي، استبد بي هاجس نهاية أخرى وهي أنني لن أحيا لاكتب عملا آخر، لذلك سميته جدارية، لانه قد يكون عملي الأخير الذي يلخص تجربتي في الكتابة، ولانه نشيد مديح للحياة، وما دمت قد عشت مرة أخرى فان علي أن أتمرد على كتابي هذا، وأن احب الحياة اكثر وأن احبكم اكثر.


في حواره الشهير ،سأل عباس بيضون محمود درويش، سؤالا مهما عن "جدارية"،قائلا:
Quote: أسألك سؤالاً أخيراً. تقول في الجدارية: هزمتْك يا موتُ الفنونُ جميعها. إلى أي درجة هذا الكلام تبشيري؟ إلى أي درجة هو حقيقي بالنسبة إليك؟

فاجاب درويش قائلا:
Quote: هو ليس حقيقياً، بل خلق مبرر لاستمرار تناسي الموت، لاستمرار الإنسان في أن يعيش متجاوراً مع الموت لكن ناسياً إياه. لأنك إذا ذكرت الموت تتعطل الحياة وتتعطل حركتك وتطورك. هناك بحث عن مبرر للوجود هو الفن. فبالفن يسجل الإنسان حضوره ووهم خلوده. الخلود وهم طبعا، لكن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون وهم، ولا يستطيع أن يتصور أنه يمر هذا المرور السريع وتنتهي حياته. أمامه حلان: إما حل فني، أن يترك أثرا يعتقد أنه هزم به الموت، وهو فعلا هزم به موته الشخصي، وإما خيار ديني، مفاده أنه سيجد الحياة في العالم الآخر. لا خيار ثالثاً. إما أن تنتصر بترك أثر في الحياة تعتقد أنه هزم موتك الشخصي أو موتك البشري، أو أن تقبل وتنتظر الحياة الأبدية في الآخرة. أسأل نفسي: أيهما أقسى، الموت أم الأبدية؟
**
ونضيف لكلام درويش حول محاولات الانسان للبحث عن الخلود ،كشكل من اشكال هزيمة الموت،ان الانجاب والتناسل كان ايضا من الطرق التي لجأ ويلجأ اليها الانسان للاستمرارية ومقاومة الفناء والانقراض. نلاحظ ان الحديث عن هزيمة الموت المجازية ،ورد ايضا في تصريخ درويش لجزيرة نت،حين قال:
Quote: أن انتصار الشعر على الموت المجازي منذ كان الشعر ربما يحمل دلالة قريبة أو بعيدة إلى قيامتنا الجديدة.

والكلام عن نسيان الموت الوارد في حوار دريش،نجد اثباتا له من كلام الذات الكاتبة في جدارية عن نسيان الموت.
تقول الذات الكاتبة في موضع من الجدارية:
Quote: كأني عندما أتذكر النسيان تنقذ حاضري لغتي،كأني حاضر أبدا،كأني طائر أبدا،كأني مذْ عرفتك أدمنت لغتي هشاشتها على عرباتك البيضاء،أعلى من غيوم النوم،أعلى عندما يتحرر الإحساس من عبء العناصر كلها"
ص 729
وتقول في موضع ثان عن النسيان:
Quote: وأنا أريد أن أحيا،وأن أنساك..أن أنسى علاقتنا الطويلة لا لشيئ،بل لأقرأ ما تدونه السماوات البعيدة من رسائل،كلما أعددت نفسي لانتظار قدومك ازدت ابتعادا،كلما قلت ابتعد عني لأكمل دورة الجسدين،في جسدٍ يفيض،ظهرت ما بيني وبيني ساخرا:
لاتنس موعدنا

ص 728
** جريدة (السفير) 2003/11/21
وقد نشر بعد ذلك في العدد (7 من الكرمل، ونشر ايضا في جهة الشعر،في باب:
غريب يدخل البيت فيضيئه

Post: #584
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 06-08-2006, 05:38 PM
Parent: #583

المتابعات والمتابعون
شكرا على متابعتكم
نكون بذلك قد اكملنا ردنا على لطيف وكلامنا عن بعض من خطاب درويش الشعري
سننتقل بعد ذلك الى التعقيب على مداخلة لطيف عن :
الحداثة
وسنحاول ،كان الله هون اجراء حوار توثيقي معه باعتباره واحدا من مؤسسي اتحاد الكتاب السودانيين ليدلي بشهادته
ثم بعد ذلك ننتقل الى :
محور الهوية
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #585
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 06-11-2006, 11:19 PM
Parent: #584


لقراءة النص الكامل عن الحداثة يرجى الضغط على الرابط التالي:
Re: مناسبة كي نكسر الايقاع الذكوري

لن نقارب موضوعة الحداثة في ما قال به لطيف سينكرونيا،بل سنقارب ما نعتقد انه يسلط الضوء على جوهر الحداثة،بحسبانها اي الحداثة كانت موضع سجال طويل هنا في المنبر العام.وكما اعتدنا من لطيف فانه –الآن ايضا- يلقي الكلام ضمن اشارات الى الحقل الثقافي وما يعتمل فيه من نقاش \حوار\سجال\ مناكفات\ وغير ذلك .
وسنبدأ بموضوعة الغموض ،واتهام البعض الحداثة بالغموض.
يقول لطيف رادا على اولئك النفر :
Quote: الذين لا يشتغلون عليها شغلهم هو مسخها أو اتهامها بالالتواء و الغموض . رغم أن الغموض شيء ـ عزيزي أسامة ـ لا مكان له في معجم الثقافة ناهيك أن يكون في معجم الحداثة .

ثم يرجع الى لحظة تاريخية عربية"،اثيرت فيه موضوعة "الغموض":
Quote: مردود مقولة (أبو تمام ) حين قيل له لماذا تقول ما لا يفهم ، فقال لماذا لا تفهم ما يقال ـ مردود لا ينفع هنا ، أو الحادثة الفعلية التي حدثت له حين قال في بيت له (لا تسقني ماء الملام فإنني صب قد استعذبت ماء بكائي ) فجاءه رجل ضد الحداثة يدق عليه الباب و حين فتح أبوتمام بابه بادره قائلا مادا له وعاءً : أريد قليلا من ماء الملام . فرد أبوتمام سآتيك به ولكن شرط أن تأتني بريشة من جناح الذل


يقف لطيف ضد ردي ابي تمام ،حين يقول:
Quote: ردا أبي تمام لا ينفعان هنا . لأن الحداثة الآن شبكة من الأفكار و تداخل العلوم بعضها ببعض و ليست وقفاً على مقارعة الحجة بالحجة .

هنالك سؤال يطرح نفسه حول كلام لطيف عن "رجل ضد الحداثة":
متى كانت ا لحداثة؟ومتى تأسست كمفهوم في الخطاب الثقافي العربي؟
ويبدو ان ايراد لطيف لعبارة"فجاءه رجل ضد الحداثة"،جاء على سبيل تقريب الافهام,وليس للاشارة الى تأسيس الحداثة كمفهوم في ذلك الزمان،والذي يمكن في احسن الاحوال ان نقول انه كان من ارهاصات الحداثة،وليس الحداثة نفسها.ولذلك جاء اعتراض لطيف الضمني على خطاب ابي تمام.
يواصل لطيف اعتراضه على ردي ابي تمام قائلا:
Quote: كما و أنها في تراكم متواصل سريع ينبني بعضه ببعض . ليست هي قطار تركبه من أي محطة . إنها لا تشبه فكرة القطار في محطاته ؛ إنها القطار منذ الصناعة الأولى حتى الآن .

اذن اللحظة "التمامية" كانت تفتقد الى التراكم والتواصل،ولذلك يمكن ان نقول انها ليست الحداثة ذاتها ،,انما من ارهاصات الحداثة.
لا يربط لطيف الحداثة باي ضد،وباي مكان،حين يقول:
Quote: عزيزي أسامة ، الحداثة لا ضـدَّ لها . و لا مكان لها .

الحداثة عند لطيف ،هي ممارسة وتراكم،و استنادا على ذلك جاء نقده لمن يدعون الحداثة ،لكنهم لا يشتغلون عليها:
Quote: الذين لا يشتغلون عليها لا يقدمون شيئاً ذا ملامح منه يقولون هذا شغلنا .

ونواصل
المشاء



Post: #586
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 06-14-2006, 11:02 PM
Parent: #585

علينا تنبيه القارئ والقارئة،
ان نص لطيف عن :
الحداثة
كتب على خلفية الصراعات الاسفيرية حول الحداثة،
و من ضمن ذلك كلام الفيا المسروق من صاحب المرايا المحدبة والمقعرة معا,
وقد جاراه في ذلك الدكتور :
بشرى الفاضل
وكان لبولا تفسير حول مسالة شبكة العلاقات,في بوست عثمان حامد في سودان للجميع،
ولا ارى انه -أي ذلك التفسير،مناسب لما قال به لطيف،فهو يقصد الذين يتكلمون عن الحداثة،لكن شغلهم عليها،كما في حالة الفيا,وهذا هو تفسيري ليس له علاقة بالحداثة.
وهذا قد يقودنا الى سؤال آخر عن الحداثة في العالم الثالث،
من خلال القول من فنان كبير من العالم الثالث، بانه فنان غربي
ما العلاقة بين العالم الثالث والعالم الاول؟
هل يمكن اصلا لفنان من العالم الثالث ان يدعي انه فنان غربي؟
وسنعود
المشاء

Post: #587
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 06-17-2006, 05:24 PM
Parent: #586

اسئلة المشهد الحداثي:

كُتب مقال لطيف على خلفية الصراعات الاسفيرية التي اعقبت نشر الفيا لبوسته المعروف باسم البنيوية، المنقول عن مقاله المنقول من صاحب المرايا المحدبة ،أي الدكتور المصري :
عبد العزيز حمودة
كما اثبتنا ذلك في مكانه،
وشاركه في الحملة على الحداثيين ،بتعبير حمودة،
الدكتور بشرى الفاضل سليل الثقافة الروسية،
داعما له،
ومشجعا،
ومرشحا له كواحد من الذين بامكانهم تعريف القراء الاسفيريين بالمقاربات النقدية الحديثة!!!!!!.
كما في كلامه الآتي:
Quote: الاخ عبدالمنعم
أتابع باهتمام بالغ أتجاهاتك لتنوير شباب البورد بمختلف الافكار والتيارات ولم استسغ الرد العنيف من الأستاذاسامة الخواض لبعض بوستاتك وأرجو بهذا ان تفتح حواراً لمجمل تيارات النقد البنيوي ومابعده واقترح أن تقدم مختصرات لافكار اهم رواده العالميين وأن تقدم نموذجاً لقصة كان قد نشرها الأستاذ صلاح الزين في الخرطوم في منتصف الثمانينات في رأيي كانت مثالاً على اثر هذه التيارات على الكتابة الإبداعية في السودان .كتب صلاح الزين تلك القصة مستخدماً عبارات من أكثر من لغة ولا أذكر إسم القصة لكنها كانت في المرحلة بعد سفره لماليزيا وقد نشرت بملحق الاستاذعبدالمكرم كنت حاولت في آخر اسبوع للديمقراطية الدخول في حوار مع أتجاهات النقد الحداثي البنيوية نموذجاً بدأ الحوار بجريدة السياسة ثم توقف إثر الإنقلاب . أعتقد أن كتابة اسامة الخواض الإبداعية الشعرية تختلف عن ما يطرحه من فكر نقدي ففي حين استمتع بقصائده لحد بعيد لا أوافق ولا على جملة واحدة من مواقفه النقديةلكن لا بد من تقديم شواهد على ما أقول وأنا حالياً بعيد عن هذا المجال الكتابي لكن ولكي يتضح لي ما طرأ من تغييرات بهذا ارجو أن تدعو الأستاذ اسامة والاستاذ عبداللطيف والاستاذ صلاح الزين وغيرهم من أصحاب هذه الإتجاهات في النقد والفكر لتقديم قناعاتهم الاخيرة فيما يتعلق برؤيتهم النقدية

Re: فى نقد المشهد البنيوى-قراءة فى شهادة اسامة الخواض

كلام بشرى الفاضل ودعوته للفيا وتمترسه خلف الفيا،يطرح مسالة العلاقة بين خارج وداخل المؤسسة الاكاديمية،
باعتبارنا نحن لطيف والفيا وشخصي من خارج المؤسسة الاكاديمية،وبشرى الفاضل،الذي ينسى دائما انه ضمن تلك المؤسسة،لاعتبارات بيروقراطية ومفاهيمية مرتبطة بفهمه حول دور الاكاديمي والعلاقة المتشابكة والمشتبكة بين دور المبدع كقاص او \شاعر ودور الاكاديمي غير التقليدي اي غير المدرس كما في حالة اللغات الاجنبية
هذا التمترس يكشف هشاشة الدور الاكاديمي لبعض الاقسام داخل المؤسسة الاكاديمية الرسمية السودانية الكولونيالية الارث،كما في حالة جامعة الخرطوم.
تلك المناشدة للتعريف بالمقاربات النقدية الحديثة، من اكاديمي مفترض مثل بشرى الفاضل تكشف عن هشاشة بعض من اكاديمينا الذين نصفهم ب
Quote: المتأكدمين
،لانهم يكتفون بالدور البيروقراطي الذي رسم لهم،في غياب شروط اخرى تجعلهم لا يكتفون بدور المدرس التلقيني ،والانتقال الى التجسير بمختلف طرقه واساليبه.

وما قام يه بشرى من مناشدة اخطأت هدفها يكشف عن هشاشة المؤسسة الاكاديمية التي ينتمي اليها ،وعن هشاشته كاكاديمي مفترض،يتمترس دوما بانه مبدع.
ومن المعروف ان المؤسسا ت الاكاديمية لم تخلق لكتابة الشعر والقصة والرواية.فلتلك الابداعات مخارج اخرى وبرامج اخرى غير زج المبدعين في المؤسسات الاكاديمية كي يبرروا فشلهم استنادا الى الابداع.
*******
و قد طرحت مقال لطيف في الحوار\الشجار ؟؟؟؟ الذي دار في بوست عثمان حامد عن الرواية الرقمية في منبر سودان للجميع.
وهذا الطرح الاسفيري وغير الاسفيري،حول الحداثة ،
والنقاش المباشر احيانا والمستتر احيانا حول الحداثة ،يطرح اسئلة مهمة:
لماذا نتساءل عن ماهية الحداثة؟ هل ما زلنا بعد كل ذلك الوقت الذي بذل في تاسيسها في المشهد الابداعي السوداني على الاقل،في حاجة الى التساؤل عن ماهيتها؟
اين تقف المؤسسة الاكاديمية السودانية من خلال برامجها التعليمية حيال الحداثة؟هل تدعمها؟وكيف يتبدى ذلك من خلال منهجها وبرامجها واداء اكاديميها؟
****
مقال لطيف يشير الى ازمة خانقة تمر بها الحداثة في الخطاب العربي الاسلامي,وكذلك على مستوى الممارسة السياسية الايديولوجية.
في الوقت الذي يشير فيه لطيف الى عمق الازمة المتمثلة في خوف ذي أوجه متعددة في عمق الخطاب والممارسة العربية الاسلامية،يطرح حسن موسى نفسه كمبدع غربي غير اوروبي،متناسيا ،ربما نقاشات السبعينيات مع "مدرسة الخرطوم" ،حول الهوية.
و يبدو ان اقامته في الفضاء الفرنسي ،و تحقق حلمه الابيِّضي،اشتقاق من مدينة الابيض،و قد صار حقيقة ،يبدو ان كل ذلك ساهم في ان يصبح سؤال الهوية عنده ،كما اثبت لطيف في مقالته عن الهوية في "احترام"،هو سؤال لا يخص العامة،ولا حتى الكتاب والمبدعين من امثاله،وانما سؤال يليق فقط بالباحثين الاكاديميين.
وهنا مثال ساطع على ما قلنا به حول الانتماء الى الهوية الغربية، من قبل فنان من العالم الثالثّ؟؟؟؟!!!!!!!!!! مثل حسن موسى:
Quote: دياسبورا؟
لا، شكرا يا صحابي فأنا لا أرغب في "العودة" لأفريقيا ولا لليبيريا ولا لأثيوبيا ولا حتى لاسرائيل الموعودة.
فأرض ميعادي هي هنا حيث أقيم الآن [حتى اشعار آخر]. ذلك أنني كنت قد وعدت نفسي ببلوغها يوم تفتحت بصيرتي على حدود العالم وأنا يافع ألوّن الخرائط المدرسية بين "الشرقية الخامسة" و"الأميرية الوسطى"، ياله من زمان..

في ذلك الزمان، ،
توصلت لتعريف نفسي كشخص حديث وكغربي غير أوروبي.
ذلك أني لا أفهم لماذا يطالبني ال"بعض" بالعودة للـ "غولا" ـ وهي تدل على الأسر والنفي أو"الغُـل" في العبرية ـ بين الكافرين بالحداثة والرعايا المستديمين للنيوكولونيالية المتعولمة، وذلك لمجرد صيانة هويتي الثقافية الأفريقية. وما أدراك ما هويتي الثقافية الأفريقية؟ هذه الشبهة الأيديولوجية العرقية التي يسقطها علي رهط الأوروبيين والأمريكيين من ذوي البشرة السوداء الذين يحسدون القرد ـ كونهم يعرفون أنني ولدت في القارة المظلمة اياها ـ أنا بعيد منها بعد الذئب عن ابن يعقوب. بل أن بعد موضوعة الهوية الثقافية الأفريقية عني وغربتها علي يوفران لي مسافة آمنة منها فأسوّغ لنفسي حظوة تجاهلها أو تبنّيها حسب المصلحة الوجودية التي قد أجدها أو قد لا أجدها فيها. هذه الحظوة الفكرية التي أسوّغها لنفسي بالنسبة للهوية الثقافية الأفريقية تظل مستحيلة بالنسبة لهويتي الثقافية الغربية، فهذه الأخيرة لا تسمح لي بهامش مناورة يؤهّلني لوضعية الحَكَم فأختار بين أن أكون أو أن لا أكون. ومن جهة أخرى، فان وضعية "الحَكـَم" بالنسبة لسؤال الهوية الثقافية تنطوي على شيء من اللبس. ذلك أنني ان كنت أدبّر خياراتي الوجودية محكوما بمعطيات هويتي الثقافية التي هي بالضرورة سابقة على لحظة الخيار، فان مجرد قصدي الواعي لاتخاذ موقف من ما أسميه بـ"هويتي الأفريقية" انما يدحض أصل هذه" الهوية الأفريقية" التي، ان كانت تنفع في شيء، فهي انما توطّد من سيادة هويتي الثقافية الغربية
http://www.sudaneseonline.com/sections/plastiic_arts/page...t_hassan-musa02.html

وسنعود للحديث عن مسالة الغموض كما وردت في رد لطيف المستبطن على بشرى الفاضل في بوسته عنا وعن غموض دريدا وما اثاره ذلك من رد في بوست عثمان حامد عن الرواية الرقمية كصدى للاهوت الوردة
ومواضيع اخرى تطرحها مقاربة لطيف للحداثة،ومن ضمنها ما طرحناه عن طرح فنان من العالم الثالث لنفسه كاوروبي غير اوروبي وعلاقة الحداثة بالثقافات المختلفة و الاقاليم المخلتفة في درجة "تطورها؟؟"
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #588
Title: بعيدأ عن "كسميات" حسن موسى:عتبة الولوج الى محور الهوية
Author: osama elkhawad
Date: 06-23-2006, 11:53 PM
Parent: #587

بعيدأ عن "ُكُسُّمْيِّات" حسن موسى:عتبة الولوج الى محور الهوية

قبل ان نواصل ما بدأناه من مقاربة لما قال به لطيف حول الحداثة في اطار الرد على الدعوات المهاجمة للحداثة من منطلقات شتى ،كما تبدّت في المنبر الحر سابقا،العام حاليا.نحب ان نوضح ان تعقيبنا على لطيف ،سيمتد لمقاربة مسالة الهوية،وهو محور سبق لنا ان نوهنا اليه في تخطيطنا المبكر لمحاور هذا البوست الطويل نوعا ما.

وكان في تخطيطنا ان نقارب مسالة الهوية في خطاب درويش الشعري ،في ما يتعلق بالحداثة والعولمة والهوية المركبة من خلال نصه الشعري "طباق" في رثاء ادوارد سعيد.لكن تعليقنا على الحداثة في مقاربة لطيف،قادنا الى مقاربة مسالة الحداثة كما وردت في مقالات حسن موسى التشكيلية في سودان للجميع،وهو ما سيحيلنا ،بعد نقد مفهوم الغربنة عنده للحداثة،كما سنوضح لاحقا ،الى الحديث عن مفهوم الهوية.

وذلك التعديل، قد يشكل خرقا لمخططنا المبكر حول محور الهوية في بعض الافهام،ويشكل عندنا أضافة نوعية لمخططنا ،ذلك اننا كنا نزمع مقاربة مفهوم الهوية في خطاب الغابة والصحراء،وما كتب حولها.وحسن موسى من الذين انتقدوا بشدة مفهوم الغابة والصحراء وقبل ذلك مدرسة الخرطوم التي يرى انها اعتمدت على الايقنة الزنجعربية. وقد انتبهنا الى مسالة الحداثة والهوية في خطاب حسن موسى بشكل مكثف من خلال ما دار بيننا من سجال ,وهو ما اتاح لي فرصة اكثر عمقا وقربا للتمعن في خطابه.

وما يستدعي التنبيه هنا ،اننا ننطلق من حوار نقدي مع ما يطرحه حسن موسى حول الحداثة\الغرب\العولمة\الهوية\حوار الحضارات وغيرها من المواضيع المثيرة للجدل.وفي ظل ذلك ،لا يبدو مفهومنا للحوار منطلقا من راس لي راس ،وانما محاورة ذهنية ما ،كانت تحاكم الآخرين حول الهوية،وهي الآن في وضعها الدياسبوري،والذي يرفضه حسن موسى،باعتبار انه وجد وطنه الحلم اي فرنسا،كما تبدت له ،كما قال في مكان آخر،منذ ايام الدراسة في الابيض عندما كان طفلا يافعا،اكتشف انه غربي غير اوروبي منذ ذلك الوقت .

ولعلنانامل ان يبتعد الحوار-لو حدث ذلك - من لغة "الكسميات" التي يمارسها حسن موسى مع بعض مخالفيه من امثال الدكتور الفنان محمد عبد الرحمن ابوسبيب الذي يحاوره حسن موسى هكذا:

Quote: "كـُـس أم" الاثنولوجيا إن كانت صيانتها تمدّد من واقع قهر العباد في أفريقيا أو في واق الواق..[وعبارتي لا بد ستخدش حياء الأخ الدكتور محمد عبد الرحمن أبوسبيب الباحث العاكف على فن الأفارقة في بلاد تموت من البرد حيتانها. لكن انت حياءك دا يا زول، هو الفنأفريقانية بتاعتك خلّت فيه حاجة يخدشوها؟
؟]*
طبعا هذا يضاف الى شتمه للاوروبيين ب:
Quote: أولاد الغلفاء

كما ورد مرتين في مقالاته المنشورة في موقع :
سودان للجميع
الذي يساهم في "ادارته"
وسنواصل
محبتي للجميع
ارقدوا عافية

**للرجوع الى "الكسميات" و "الغلفيات" يرجى الرجوع الى :
http://www.sudaneseonline.com/plasticart_naqd.html

Post: #589
Title: Re: بعيدأ عن "كسميات" حسن موسى:عتبة الولوج الى محور الهوية
Author: osama elkhawad
Date: 06-24-2006, 02:34 AM
Parent: #588

قلنا ان خطاب حسن موسى يتضمن اضافة الى "الكسميات" كلامه عن:
الغلفيات
وهنا نموذجان لذلك النمط "الغلفي":

النموذج الأول:
Quote: من يرميهم بحجر كل هؤلاء الناس الطيبين الذين لم يتوانوا ـ رغم كل شيء ـ عن دفع حركة الفن على درب الحداثة الوعر؟ أنا بطبيعة الحال، أنا أرميهم بأكثر من حجر وذلك بطبيعة حال رعايا بلدان العالم الثالث طبعا. حالي أنا كابن غير شرعي لسفاح النيوكولونيالية التراجيدي على فراش حلم التنوير الانساني المفقود. أنا أرميهم بأكثر من حجر لكونهم فجروا وجاروا باسم هذه الحظوة التاريخية المذنبة، حظوة النجاة من قدر الضحية في عالم يتقاسمه الضحايا والجلادون. أولاد الغلفاء لن يكفيهم حجر واحد و ستلزمني محجرة بحالها و جيش من رماة المقاليع حتى أفش غبني المقيم وهيهات.


http://www.sudaneseonline.com/sections/plastiic_arts/page...t_hassan-musa03.html
النص الأول: من اخترع الأفارقـــــة؟-الحلقة الثانية- خُـفَـراء اليوتوبيـا

وقال ايضا في النموذج الثاني عن
Quote: اولاد الغلفاء
في سياق آخر:

Quote: أولاد الغلفاء [كمان] على يقين من استحالة قفل الابواب وطردنا خارج الحدود، فلم تعد هناك حدود يعوّل على قفلها ولم يعد ممكنا تجاهلنا فنحن هنا وهناك في آن واحد.

http://www.sudaneseonline.com/sections/plastiic_arts/page...t_hassan-musa04.html


من اخترع الأفارقــــــــة؟ -الحلقة الثالثة -هَواهي الهوية الأفريقانية

Post: #590
Title: "غلفيات" حسن موسى
Author: osama elkhawad
Date: 06-24-2006, 12:57 PM
Parent: #588

تكرار البوست اقتضاه تصحيح لم نقدر على فعله في مكانه،اقبلوا اعتذار عن ذلك .
قلنا ان خطاب حسن موسى يتضمن اضافة الى "الكسميات" كلامه عن:
الغلفيات
وهنا نموذجان لذلك النمط "الغلفي":
النموذج الأول:
Quote: من يرميهم بحجر كل هؤلاء الناس الطيبين الذين لم يتوانوا ـ رغم كل شيء ـ عن دفع حركة الفن على درب الحداثة الوعر؟ أنا بطبيعة الحال، أنا أرميهم بأكثر من حجر وذلك بطبيعة حال رعايا بلدان العالم الثالث طبعا. حالي أنا كابن غير شرعي لسفاح النيوكولونيالية التراجيدي على فراش حلم التنوير الانساني المفقود. أنا أرميهم بأكثر من حجر لكونهم فجروا وجاروا باسم هذه الحظوة التاريخية المذنبة، حظوة النجاة من قدر الضحية في عالم يتقاسمه الضحايا والجلادون. أولاد الغلفاء لن يكفيهم حجر واحد و ستلزمني محجرة بحالها و جيش من رماة المقاليع حتى أفش غبني المقيم وهيهات.


http://www.sudaneseonline.com/sections/plastiic_arts/page...t_hassan-musa03.html
المرجع:
النص الأول: من اخترع الأفارقـــــة؟-الحلقة الثانية- خُـفَـراء اليوتوبيـا
وقال ايضا في النموذج الثاني عن اولاد الغلفاء في سياق آخر:

Quote: أولاد الغلفاء [كمان] على يقين من استحالة قفل الابواب وطردنا خارج الحدود، فلم تعد هناك حدود يعوّل على قفلها ولم يعد ممكنا تجاهلنا فنحن هنا وهناك في آن واحد.

[/http://www.sudaneseonline.com/sections/plastiic_arts/page...t_hassan-musa04.html
المرجع:
من اخترع الأفارقــــــــة؟ -الحلقة الثالثة -هَواهي الهوية الأفريقانية

Post: #591
Title: Re: "غلفيات" حسن موسى
Author: osama elkhawad
Date: 06-24-2006, 11:51 PM
Parent: #590

ربما نكون قد اخطأنا في التعبير عما قال به حسن موسى،في رده على الاكاديمي في السويد، الفنان والكاتب المعروف:
محمد عبد الرحمن أبوسبيب
فمن خلال ما قال به حسن موسى عن كراهيته لابوسبيب،من خلال كراهيته للاثنولوجيا ،
مما اثبتناه قبل ذلك، نجد أن حسن موسى يتحدث -حقا- عن:

Quote: الكس أميات

التي استخدمها في خطابه في الرد على
Quote: أبوسبيب


وليس عن :

Quote: الكسميات


كما ورد في كلامنا قبل ذلك
وهذا ما وجب التنبيه اليه ،
مع خالص الشكر والتقدير
المشاء



Post: #594
Title: Re: "غلفيات" حسن موسى
Author: osama elkhawad
Date: 06-27-2006, 12:44 PM
Parent: #591

الصديق الصدوق :
أبو ا لحسن الشاذلي
ياخي تعبتني لانك نشرت مداخلتك اللطيفة في مكان غميس من هذا البوست السلبة،كما سماه البعض
وانشر ادناه مداخلتك:
Quote: ايييييييه كل الابداع ده .... نقول ده من شنو ياربى ؟؟؟؟؟؟

من حيث لاتدرى ان قصيدة مظفر عليه الرحمه هدية لى شخصيا

لأنها من القصائد التى افتقدهاولكنها تفضى بك الى طلب علبة الدخان وزجاجة الكولا !!!

انها حالة تفتح جميله ..واذا عرف السبب بطل العجب!!

ارجو عدم الاطاله حتى يسمح الزمن النهل من عطاءك الابداعى الجميل..

كل المداخله
خالص التحايا لك وللرفيقه التى اسهمت فى هذا التفتح الجديد

شكرا لكلمات التشجيع ولاهتمامك الذي هو بالضرورة اهتمام مثقف ملتزم مثلك
تحياتي للاسرة ولاهل فولز تشريرج
مع محبتي
وارقد عافية
المشاء

Post: #595
Title: ما هي العلاقة بين "كس أميّات "نجيب سرور،و"كس أميّات" حسن موسى؟
Author: osama elkhawad
Date: 06-29-2006, 08:48 PM
Parent: #594


بورتريه لنجيب سرور

يمكن للقارئ المتابع ان يطرح السؤال التالي:
ما العلاقة بين "كس أميات" المصري نجيب سرور ،
و"كس أميّات" السوداني الفرنسي "حسن موسى"؟
سؤال وجيه،
وسنحاول ان نجيب عليه ،
في حينه،
كان الله هوّن،
بعد ان نفرغ من مقاربتنا لمقاربة لطيف عن الحداثة.
أرقدوا عافية
المشاء


Post: #596
Title: Re: ما هي العلاقة بين "كس أميّات "نجيب سرور،و"كس أميّات" حسن موسى؟
Author: osama elkhawad
Date: 06-30-2006, 10:04 PM
Parent: #595

يركز لطيف في تعريفه للحداثة في مفتتح مقاربته على ضدية الحداثة للشلاقة كما في قوله الافتتاحي:
Quote: الحداثة ، عزيزي أسامة ، ليست بـ(فتنـة) . و إن كان الذين لا يشتغلون عليها يرونهاعند الذين يشتغلون بها سواء هنا أو في الثقافة الأطلسية نوعاً من ( الفتون )/ الكلمة التي رسيلتها من الشارع ( نوعاً من الشلاقة ) / . الحداثة في التفكير ، و التفكير ليس شيئاً سوى تفسير ، تتطلب التراكم لا الانقسام في إما / أو .


وهنا يرى لطيف الى الحداثة في الهنا والهناك والهناك هو ما يسميه ب:
Quote: الثقافة الاطلسية

عوضا عن الاصطلاح السائد أي الثقافة الغربية،والتي يرغب الدكتور الفنان حسن موسى،في اطار غربنته للحداثة،
في ان يصير واحدا منها،ولكن بخصوصية تجعله غربيا آخر في تراتب الثقافة الغربية ك:
Quote: مستبعدٍ
،التي حسب زعمه لا فكاك من ان ننسب انفسنا اليها بناء على مقولة اقتصادية تتمثل في سيادة نمط الانتاج الراسمالي الغربي.,وسنعود لذلك بالتفصيل.
في خطاب لطيف حول الحداثة تتردد اكثر من مرة الحداثة في موقعها العربي الاسلامي والحداثة في موقعها الاطلسي.
يتحدث لطيف عن لحظتين في العلاقة بين الانا العربي الاسلامي والآخر الاطلسي.
يتحدث عن الخوف من الغرب باعتباره عقبة في طريق الحداثة.حين يتحدث عن :
Quote: الخوف من الغرب

ثم يشير الى الانقطاع من الآخر حين يقول متحدثا عن نوع آخر من الخوف:
Quote: الخوف من مواجهة هذا الانقطاع الذي تم منذ حريق مكتبة الاسكندرية .

وذلك الخوف يمكن اختصاره في كلمة
Quote: "الانكفاءة"

والناجمة عن الهوس وانعدام الديمقراطية،
حين يقول في ذلك:

Quote: عزيزي أسامة ، نشهد الآن هذه الانكفاءة في انعزال الثقافة العربية من بقية جميع ثقافات العالم لانعدام الديمقراطية و تزايد الهوس .

في لحظة تاريخية مستدعاة،يتحدث لطيف عن الآخر من خلال حديثه عن "حال ترتيبنا بالآخر"،وهي اللحظة المتمثلة في "علم الكلام".يقول في ذلك:
Quote: منذ أن انقطعت الثيولوجيا الإسلامية التي كانت تُسمى في عصرها بـ(علم الكلام) انقطع حال ترتيبنا بالآخر

ثم يعقد في مكان آخر،مقارنة بين وضع الآخر في الماضي والراهن،حين يقول:
Quote: كان الآخر في نصوصه الاغريقية الآتية عبر السريانية نسميه (النص الدستور) . الآخر أصبح غريباً اليوم ، و نضحك على أي نحت جديد في لغتنا


والوضع الراهن للحداثة يتلخص اكثر في ما رصده لطيف حول العلاقة بالماضي التراث ،أي بلغة الخطيبي عندما يتحدث الأموات،
وكذلك يتحدث عن العلاقة بالآخر،والتي تتمثل في "الجهل" به، حين يقول:
Quote: نحن لا شيء عزيزي أسامة اليوم لأننا لا نعرف تراثنا لأننا نجتر أكثر عوائق التراث نفسه ، و لأننا لا نعرف الآخر الذي يعاصرنا .


*عن عديمي الشغلة بالحداثة:
يتحدث لطيف في مواقف ثلاثة بشكل مباشر ،عن الذين لا يشتغلون على الحداثة،وهم في رأيي اكثر خطرا على الحداثة من اعدائها الحقيقيين.يقول في الموقف الاول:
Quote: و إن كان الذين لا يشتغلون عليها يرونهاعند الذين يشتغلون بها سواء هنا أو في الثقافة الأطلسية نوعاً من ( الفتون )/ الكلمة التي رسيلتها من الشارع ( نوعاً من الشلاقة ) / .

ويقول في الموقف الثاني:
Quote: لأن الذين لا يشتغلون بالحداثة شغل تراكم و تطبيق ما إن أمسكوها من الوسط حتى تبدت لهم نوعاً من هراء أو لغط قول

ويقول في الموقف الثالث:
Quote: الذين لا يشتغلون عليها لا يقدمون شيئاً ذا ملامح منه يقولون هذا شغلنا .

ويقول في الموقف الرابع وفيه يتحدث بشكل غير مباشر عن الذين لا يشتغلون على الحداثة:
Quote: الذين لا يشتغلون عليها شغلهم هو مسخها أو اتهامها بالالتواء و الغموض . رغم أن الغموض شيء ـ عزيزي أسامة ـ لا مكان له في معجم الثقافة ناهيك أن يكون في معجم الحداثة .

وهنا اشارة واضحة الى الذين يتمسحون بالحداثة،وهذا فصيل اخطر من أعداء الحداثة من الاصوليين وغيرهم .
وسنعود لمواصلة مقاربة لطيف
المشاء[/B

Post: #597
Title: Re: ما هي العلاقة بين "كس أميّات "نجيب سرور،و"كس أميّات" حسن موسى؟
Author: osama elkhawad
Date: 07-12-2006, 11:13 PM
Parent: #596


تبقت لنا في مقاربتنا لمقاربة لطيف المختصرة ،والمرتبطة بما طرح في الاسافير حول الحداثة،
تبقت لنا موضوعة الأنا والآخر في ما يخص الحداثة،وبالتحديد علاقة الهوامش الثقافية بالمراكز العالمية لانتاج الحداثة عموما وما يتصل بذلك من مراجعات لمفهوم الحداثة نفسها،وبالتحديد موضوعة ما بعد الحداثة*
وهو نقاش افتتح ببوست البنيوية الذي نقله الفيا -من مقاله في الرد على الرد مقالنا :

مشهد النسيان

نقله مما كتبه صاحب المرايا المحدبة:

عبد العزيز حمودة

وشاركه في ذلك:

الاكاديمي المفترض الدكتور بشرى الفاضل

و بناء على ما طرحناه في لاهوت الوردة امتد النقاش الى سودان للجميع،
وهنالك تم الحديث عن تعدد الحداثة من خلال مقولات-صاحب البوست،و بولا ،ونجاة محمد علي،
وعلى هامش ذلك ما طرحه:
حسن موسى

في ما يتعلق بالمراكز والهوامش الثقافية في العالم كله في ظل العولمة الحاصلة،
وما طرحه عن توسيع مفهوم الغرب ،وما نطرحه ويطرحه لطيف ونجاة وبولا عن تعدد الحداثة ،وليس عن توسيع ذلك الماعون الغربي لنجد فيه موطأ قدم ،
أو كما قال حسن موسى

وسنعود حتى نكمل ردنا لننتقل الى موضوع آخر ذي صلة
ارقدن\وا عافية

المشاء

*في نقاش الدكتورين هشام عمر النور ومحمد عثمان مكي تم الحديث ايضا عن موضوعتي الحداثة وما بعدها في ما يتعلق بالنظر الى مفهوم:

السودان الجديد

كما طرحه جون قرنق ،وتم تبنيه في أدبيات الحركة الشعبية لتحرير السودان

Post: #598
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 07-15-2006, 05:09 PM
Parent: #1










بينما كنا نحاول ان نفرز مويتنا الحداثية من الغرب،
كان حسن موسى مصرا على الحاقنا بالغرب،باعتبار ان الغرب هو الحداثة،ولذلك يلجأ الى حيلة غير موفقة اسمها توسيع الغرب،بحيث يكون غربا للجميع.وفي هذا ضعف واستكانة واحساس بالمهانة،و اعطاء الغرب اكثر مما يستحقه،بحيث نلحق أنفسنا به من باب الغرب الكبير الموسع.وكانما الحداثة لا يمكن ان ينظر اليها الا باعتبارها غربا!!ومن قال ذلك؟هذه دعوة تستبطن الخنوع ،ويبدو ان لذلك علاقة بالسيرة الذاتية لحسن موسى ،كهارب من جحيم الدياسبورا الافريقية،و كمستبعد من الغرب الذي هو أرض ميعاده، والخيبات التي منى بها حينما حاول ان يدخل سوق الفن العالمي!!!
وهنا يوضح حسن موسى دعوته المخزية الى توسيع الغرب:
Quote: لقد فقد الغرب حدوده الأوروبية منذ أن انتشر واستشرى على الأرض كلها. وبفضل الشبكة الواسعة لمراكز نفوذ مؤسسات السوق الرأسمالي العالمي والمتعولم، فإن الغرب كمفهوم غادر حدوده الأوروبية وتمدد على مجمل مساحة المعمورة. صار الغرب اليوم بلا حدود. انه كل مكان طالته آلة السوق. هذا الواقع الجديد نسبيا الذي كشفته تطورات العولمة الليبيرالية بشكل حاسم يلغي فكرة الغرب كمرادف لفكرة أوروبا ويطرح مفهوم الغرب بصيغة الجمع. يعني "كلنا في الهم غرب"، بس المسألة بقت خشوم بيوت، ولكم غربكم ولنا غرب مثلما لكم حداثتكم ولنا حداثة، و"الحسّاس" يملا شبكته. هذا الغرب الجديد الممسوخ صار يروّع الأوروبيين ويزعزعهم كلما اكتشفوا أنه صار يستعصي على قدرة الأدوات الرمزية والسياسية والتقنية التي كانوا يتحكمون بها على مصائر العباد في زمن الغرب الاستعماري السالف. الغرب الجديد "لحمة راس" الأوروبيون فيه لا يمثلون إلا جزءً من كل يشمل الآسيويين مثلما يشمل الجنوب أمريكيين لغاية الأفارقة (كراع الفروة). هذا الغرب الممسوخ صار يفسد على الأوروبيين بهجة الثقافة منذ أن اكتشفوا أن قوانين"منظمة التجارة العالمية" تفتح سوق الثقافة أمام رأس المال المتعولم.

http://sudaneseonline.com/sections/plastiic_arts/pages/es...t_hassan-musa08.html

ويقول في سياق آخر عن "غربه" الجديد" الموسّّّع: الغربي غير الاوروبي :

Quote: بيد أن هذه" الحقيقة المريعة" التي يلتقي عندها الأخوة الأعداء انما تنبني عند كليهما على مفارقة مفهومية،(وقيل على"أكذوبة")، تاريخية واقتصادية وسوسيولوجية غليظة فحواها: أن المجتمع الأوروبي هو الغرب مثلما أن الغرب هو أوروبا. والتطابق بين مفهومي الغرب وأوروبا ينتهي إلى تمليك ظاهرة الحداثة للأوروبيين دون غيرهم من عباد الله المستبعدين – كسر رقبة- لـ "رزيرف" التقليد.
http://sudaneseonline.com/sections/plastiic_arts/pages/es...t_hassan-musa08.html

وهذا الرأي "الحسن موسوي" المنبطح،لا يتوافق مع ما قالت به نجاة محمد علي عن تعدد الحداثة،
حين قالت:
Quote: وبهذه المناسبة أود أن أقول أن في حركة الحداثة في عالمنا الراهن مساهمات سامقة خارج نطاق المساهمات الغربية.ففي القارة الافريقية حركات حديثة عالية الاسهام،يساهم فيهاأدباء،ومفكرون فلاسفة،وموسيقيون،وتشكيليون،وسينمائيون،وناشطون في منظمات المجتمع المدني وغيرها من مجالات الفكر والابداع،مساهمات يشارك فيها نساء بواسل ورجال بواسل.اذن لماذا الوقوع تحت أسر تيارات الحداثة في الغرب التي لها اسهامها الكبير في التراث الانساني المعاصر،بلا شك.لكن يجب أن لا تكون هي وحدها الجديرة باهتمامنا،أو صاحبة القدح المعلى.


ولا يتفق هذا الراي المخزي مع رأي بولا حول تعدد الحداثة حين قال:
Quote: عزيزي أسامة
أصدق تحياتي،
ياخي كنت على وشك انزال مداخلة عن تعدد الحداثات وتعدد تيارات الحداثة،والسجالات والشجارات بين هذه الحداثات المتعددة وتياراتها المتعددة،والبنيات التحتية الطبقية والمعرفية التي تنطلق منها.باعتبار أن هذه هي الأرضية المعرفية والقاعدة المفهومية التي استندت اليها في نقدي لموقفك من تعريف وتصريف مفهوم الحداثة،ومن انتماء بشرى لحركة الحداثة الشاملة في التعدد،إن جاز مالتعبير،أو بعبارة أقرب الى الدقة،"مجرة الحداثة"،كناية عن تعدد كواكبها ونيازكها،ومع ذلك يتراءى للناظرين اليها من بعيد،أو الناظرين بعجلة أنها جسد واحد.

لم نطرد بشرى من جنة الحداثة باعتباره ساردا كبيرا،لكننا كنا نحاول توسيع ماعون الاديب،كي ينتقل الى "الكاتب".ولم يتحدث بولا عن موقف بشرى المخزي خلف الفيا المتناقد،والذي ليست له اية مساهمة متميزة في رفد الخطاب النقدي السوداني.كما ان بشرى لم يترجم ولو حتى نكتة روسية،
واكتفى بدور المدرس العاطل عن رفد الحركة الثقافية السودانية مما تعلمه من دافع الضرائب،
ولذلك قلنا انه اضاع فرصة ذهبية على آخرين يمكن ان يكونوا اكثر ابداعا وعطاء في ما يتعلق بالتجسير،والذي لم يقدم فيه سوى مساهمتة اليتيمة تلك ,وسوى انه ساعد في ترجمة بعض النصوص الشعرية؟هل من خزي أكاديمي أكثر من هذا؟؟
راجع ما قاله بشرى في بوست الترحيب ببولا في سودانيز اونلاين!!!!!!!!!!!!!!!

كما ان دعوى حسن موسى الغربي غير الاوروبي ، لا تتفق مع ما قلت به في بوست عثمان حامد:
عفوا عزيزي الخواض
تحت عنوان
الحداثة لا نموذج لها وليس لها كمال

وفي ذلك قلت الآتي:
Quote: بخصوص الحداثة ونماذجها فهذا من اتفاقاتنا
فالحداثة اصلا بلا نموذج,وحين تتنمذج تتحول الى اصولية وكلاسيكية جديدة
وأحب ان انوه الى أنني اصلا لم اتكلم عن علاقة بشرى الفاضل بالحداثة بشكل مطلق ,وانما تحدثت بالتحديد تحدثت عن خطابه حول ا لمقاربات النقدية الحديثة
وهي اي تلك المقاربات متعددة في نفسها
وهي ليست كل الحداثة ولا ينبغي لها في حدود فهمنا المشترك صديقنا بولا للحداثة باعتبارها بلا نموذج ولذلك فهي بهذا المعني حداثة طليقة
ولذلك فتعددها هو جزء من جوهرها و هو أس علاقتنا المشتركة بها واندغامنا فيها ومحاولتنا رفدها مع اخرين حتى لا تتحول الى نموذج والى آحادية تناقض لبها كسيرورة في تعددها الاجتماعي والفلسفي والعلمي والفني
ونظريات التحديث المعاصرة لا تتحدث عن تحديث مطلق اثاره النموذج الاول وهو النموذج الغربي وانما عن موديلات متعددة فهنالك مثلا النموذج الياباني للتحديث والنموذج الصيني والهندي و المكسيكي وغيرها من النماذج التي ترتبط بمعايير عامة واسس مشتركة لكنها تنسج نسيجها على قدر رؤاها وطاقاتها
وحتى ان النموذج الغربي ليس واحدا,فهنالك نزعة للتمييز مثلا بين النموذج الامريكي وبين نماذج التحديث الاوربية بشكل عام
لذلك هذا حديث لا يخدم ضبط الحوار كما تقول لاننا متفقون حوله

وسنعود للحديث عن البنى التحيتة المتعلقة بالسيرة الذاتية لحسن موسى،كما تبدت في خطابه المنشور في سودان للجميع ،والذي يحفل بغابة من الاخطاء اللغوية ،التي لا يمكن ان يقع فيها مبتدئ ،وسنفرد ملحقا لذلك

*ملحق:

قال بولا تعليقا على ما اوردته عن مساهمة لطيف في "
لاهوت الوردة
قال الآتي في كلامه عما قال به لطيف عن :
الحداثة كشبكة:
Quote: بمداخلة عبد اللطيف في لا هوت الوردة، الصفحة الخامسة، عن الحداثة كشبكة (والشبكة بطبيعة الحال تحمل معني تعدد خيون النسيج) والتي هي في أصلها تنبيه لك إلى تعدد الحداثة


لطيف ،في حدود زعمي الضعيف،لم يقصد الى ذلك بالنظر الى مجمل ما قال به
فهو قد تحدث عن التراكم ،الذي يهمله الكثيرون،من الحداثيين،في كتابتهم الابداعية،والمحافظين في رؤيتهم لما قد درسوه اصلا كأكاديميين مفترضين،كما في حالة بشرى الفاضل كاكاديمي ،وليس كقاص ،ينتمي الى منظومة الحداثة السردية، والذي انساق وراء مقولات لمتناقدين ،ليس لهم حظ في انتاج الحداثة النقدية

فلطيف ميز جيدا بين الانا والآخر الغربي،لكن كلامه عن الشبكة كان يتضمن
Quote: التراكم
بشكل واضح ،كما يبدو في كلامه الآتي الذي اختتم به مقاربته الموجزة عن الحداثة:

Quote: لأن الحداثة الآن شبكة من الأفكار و تداخل العلوم بعضها ببعض و ليست وقفاً على مقارعة الحجة بالحجة . كما و أنها في تراكم متواصل سريع ينبني بعضه ببعض . ليست هي قطار تركبه من أي محطة . إنها لا تشبه فكرة القطار في محطاته ؛ إنها القطار منذ الصناعة الأولى حتى الآن .

فقراءة س في الحداثة تتطلب قراءة ص و ك و ب الخ الشبكة المتداخلة بعضها ببعض . الحداثة بناء متكامل و حب لذهنية لا تعرف التجزء إما/أو .
Re: مناسبة كي نكسر الايقاع الذكوري]

Post: #599
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 07-16-2006, 03:55 AM
Parent: #598


قلنا ان بشرى الفاضل الاكاديمي ,وليس السارد الكبير،قد تمترس خلف الفيا,وقد قلنا له ذلك في بوست الترحيب ببولا ،ولكنه انكر ذلك ،
حين قال:
Quote: واين تجدني طلبت من الفيا ان يعلم الناس البنوية كل ما فعلته هو أنني إشتركت معه في نقدي لها في ذلك البوست فحسب.

Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا

وقد اثبتنا تمترسه خلف الفيا،حين قلنا في بوست الترحيب ببولا الآتي:
Quote: لقد انكر الدكتور بشرى الفاضل ما قلناه عن دعوته للفيا لتعريف السودنيين بالمناهج النقدية الحديثة وقد انكر ذلك حين قال:

Quote: واين تجدني طلبت من الفيا ان يعلم الناس البنوية كل ما فعلته هو أنني إشتركت معه في نقدي لها في ذلك البوست ،ورمى المسالة التنويرية كلها على عجب الفيا وكانه اي الدكتور لم يكن سليلا للمناهج النقدية الحديثة الروسية , وهذا عين الفشل :
فها هو يقول اي الدكتور بشرى الفاضل حين يخاطب الفيا مقترحا بالانابة عنه ما يمكن ان يعمله الفيا :


Quote: أتابع باهتمام بالغ أتجاهاتك لتنوير شباب البورد بمختلف الافكار والتيارات ولم استسغ الرد العنيف من الأستاذاسامة الخواض لبعض بوستاتك وأرجو بهذا ان تفتح حواراً لمجمل تيارات النقد البنيوي ومابعده واقترح أن تقدم مختصرات لافكار اهم رواده العالميين وأن تقدم نموذجاً لقصة كان قد نشرها الأستاذ صلاح الزين في الخرطوم في منتصف الثمانينات في رأيي كانت مثالاً على اثر هذه التيارات على الكتابة الإبداعية في السودان .كتب صلاح الزين تلك القصة مستخدماً عبارات من أكثر من لغة ولا أذكر إسم القصة لكنها كانت في المرحلة بعد سفره لماليزيا وقد نشرت بملحق الاستاذعبدالمكرم كنت حاولت في آخر اسبوع للديمقراطية الدخول في حوار مع أتجاهات النقد الحداثي البنيوية نموذجاً بدأ الحوار بجريدة السياسة ثم توقف إثر الإنقلاب



ولماذا دفع دافع الضرائب السوداني لبشرى كي يوكل الامر للفيا؟؟؟؟؟؟
http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?
seq=msg&board=91&msg=1134292758&rn=421
وبعد اثباتنا لذلك التمترس المعيب،اعترف بالتمترس ,
وتحدث بعد ذلك عن "تجسيره المخزي" مفتخرا ب"المساعدة في ترجمة قصائد لبوشكين:
Quote: الأخ اسامة
تحياتي
نعم طلبت من الاخ عبدالمنعم تنوير شباب البورد وأكرر شباب البورد بمختلف التيارات والافكار ولم اقل تعليم السودانيين أو الناس على غطلاق هذه العبارة . وعندما طلبت منه تلخيص مختلف التيارات فذلك لضرورات سياقة الحوار لمراميه بطريقة صائبة وباقصر الطرق ز لم تورد مقتبساً من ذلك االبوست لعباراتك العنيفةالقاسية في حق عبدالمنعم وأعتقد ان عبدالمنعم قدم مادة غنية في ذلك البوست قابلة للفحص والاتفاق والاختلاف معها.فيما يخص دافع الضرائب فهذا موضوع مختلف تماماً فقد ظللت اعمل بكلية الىداب ادرس طلاب السنة الرابعة اوالخامسة اللسانيات بالروسية كما أدرس الترجمة وقد أنجز طلاب السنة الخامسة بمساعدتي ترجمات لقصائد المضاهيات لبوشكين ومن ضمنها قصيدة بروروك النبي .


ثم تحدث عن فهمه البيروقراطي للاكاديمي كمنفذ لبرنامج محدد،يليق بمعلمي اللغات الاجنبية في المدارس الثانوية،حين قال:

Quote: لقد تلقيت تدريباً محدداً لعمل محدد وأعتقد أنني اوفيته وظللت بالسودان لحين غحالتي للصالح العام عام 92 وخرجت عام 93 ولعلمك أعدت للخدمة عام 94 وتلقيت رسالة بذلك لكنني رفضت العودة. وبذا فما دخل دافع الضرائب إذن؟ هل طلب مني دافع الضرائب أن اكون عدمياً بنيوياً؟ تلك مسألة أخرى يا أسامة. أعتقد أنه من المفيد ان تفتح بوستاً مختلفاً عن هذا البوست وأن تقول لنا آخر آرائك عن مدارس الحداثة وما بعدها وما بعد الذي بعدها . أما انا فاعتقد إنها يا أخ اسامة وباختصار شديد ليست اكثر من مجرد بيد دونها بيد.

]Re: بشرى الفاضل وكيف يرى الفيا كبديل له كاكديمي ]

Post: #600
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 07-16-2006, 07:48 PM
Parent: #599


وحتى نعود لمواصلة بوستنا الطويل،
نحب ان نسأل عن احوال واحد من طاقم هذا البوست،
ألا وهو صديقنا:
عبد الماجد فرح يوسف
اشتقنا لك ايها المعوكابي الدامري
نرجو ونتمنى ان تكون بخير وعافية وسعادة
مع خالص المحبة والاحترام العميق
أرقد عافية
المشاء

Post: #601
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: Salwa Seyam
Date: 07-16-2006, 09:48 PM
Parent: #1

العزيز اسامة
لاهوت الوردة من البوستات المقروءة جدا كما قال النسر فى بوسته عن افضل عشرة بوستات فى المنبر، لكنى الاحظ انعدام المداخلات رغم انالبورد يعج بوجود عدد كبير من الكتاب والمبدعين الذين يمكن ان يثرو هذا البوست .
ارقد عافية

Post: #602
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 07-16-2006, 10:20 PM
Parent: #601

عزيزتي سلوى
ملاحظة ثاقبة
شكرا لك
وفي انتظار المعوكابي الذي اخفى عنا رده
ارقدي عافية
المشاء

Post: #603
Title: الشيزوفرينيا الحسن موسوية:عن قتل الأب والأم
Author: osama elkhawad
Date: 07-17-2006, 05:14 PM
Parent: #1




الشيزوفرينيا الحسن موسوية:عن قتل الأب والأم

قال عنا حسن موسى،رضي الله عنه وأرضاه،في تعليق له في بوسته "لاهوت الزرطة" اقصد "لاهوت الورطة"في ما ذكرناه عن والدنا "طيب الله ثراه"،وهو من عوام الناس،لكنه اشرف من عشرات من الذين ينتمون الى "الاقلية الهائلة" او الساحقة في ترجمة حسن موسى الركيكة,قال:
Quote: بل وراجع الادب الغريب الذي بذلته أنت نفسك لقراء الاسافير بمناسبة وفاة والدك، وتأمل فيه من مشهد مولانا سيجموند فرويد وأظنك ستجد فيه شيئا يعينك على فهم حمى البنوة التي تنتابك من وقت لآخر.( شفت كيف؟).


سبق لنا ان قمنا بالرد على هذا الاتهام الرخيص،والذي لا يراعي أحزان الناس ،وآلامهم،لكننا نعيد نشره مرة اخرى بمناسبة ما قال به حسن موسى في دعوته للمفاكرة لدعم سودان للجميع،وهي مفاكرة مشروعة جدا،لكنها تشير مرة اخرى الى عقلية القبضة الحديدية التي احتكرت حقوق نشر عباد الله من الكتاب،بدون مسوغ قانوني او متعارف عليه، وسنعود لذلك لاحقا.
عاب علينا حسن موسى الحديث عن والدنا رحمه الله بقدر ما كان عف اللسان واليد,لكنه يبيح لنفسه الحديث عن أمه.قال حسن موسى في كلامه عن الاحسان القصة الطويلة الآتية عن أمه:

Quote: وأظن أن في موقفي الساخر المشاتر شيئ من رعونة التعبير الجمالي الأناني مثلما فيه بعض من حكمة نافذة لأمّي خبرتها مرة في نهاية الثمانينات:
كنا حضرنا لنقضي أيام العطلة مع أمي فأصابتنا أمطار 1988 الغزيرة التي هدمت البيوت في "الثورة". وفي الصباح ونحن ننشغل بفتح الجداول والمسارب لتصريف المياه عرفنا أن بيوت بعض الجيران قد هوت ولم يبق لهم مأوى. كان منظر الناس مؤثرا وهم في الشارع وقد جمعوا حولهم بعضا من متاعهم وعليهم حزن ووجوم وأهل الحي يواسونهم ويجودون عليهم بأنواع الكلام المباح من نوع "الجاتك في مالك ..الخ". كنت في الشارع حين رأيت أمي خارجة وهي تحمل أقداحا متراكبة عليها قرّاصة وطعام صنعته ذلك الصباح لفطور الجيران المكلومين. حين عادت سألناها عن أحوال الجيران فأخبرتنا بتفاصيل مصابهم. أذكر أنني قلت لها: يا حاجة أنحنا مسافرين بكرة، والصالون بتاعك دا فاضي. خلي الناس ديل يجوا يدخلوا فيه لغاية ما مشكلتهم تنحل. فقالت: انت مالك بيهم الناس؟ أنا وكت ما يحتاجوا لأكل وشراب بسوي ليهم أكلهم وشرابهم قدر قدرتي. خليهم يقعدوا في محلهم دا لمن يجو أهلهم يشيلوهم أو يلقوا ليهم دبارة تانية. وكنت في سورة الإحسان النصراني التي تملكتني قد عزمت على إقناعها بإيواء الاسرة المعروضة في الشارع أمام الدار، فذكرتها بأننا لم يبق لنا في السودان سوى يوم و ليلة، وأن إيواء هؤلاء الناس ممكن عمليا. أذكر أنها ألقت علي نظرة متعجبة وقالت: صحي، انتو بعد بكرة في فرنسا. لكن الناس ديل كان لحقت ودخلتهم في بيتي واستقروا وأبوا يمرقوا ما عندي وش أمرقهم بيهو. وهكذا انتهت محاورتنا القصيرة بدرس في دياليكتيك الاحسان طالما تأملت فيه وتعلمت منه الكثير


يبيح حسن موسى لنفسه الحديث عن أمه "طيب الله ثراها"،بينما يعيب علينا الحديث عن أبينا طيب الذكر،وهو كلام كان يصب في تمجيده كرجل فاضل من عوام الناس،لكنه أحسن تربيتنا ،و كان رجلا فاضلا عفيفا و طيب القلب واللسان والروح.

لكنها الشيزوفرانيا التي تبيح لنفسه فعل ما يراه عيبا في حق الآخرين. وينضاف الى ذلك عقلية التحقير التي تنطلق من عقلية دحر المخالف بأية طريقة،وهي عقلية –اضافة الى مكيافيليتها- لا تساهم في انتاج معرفة.
فالتحقير سهل جدا جدا،لأنه ببساطة شديدة، لا يصدر إلا عن نفسية مريضة حاقدة، و"لسان زفر" لا غير.وهذا متاع مبذول لكل من في قلبه مرض.
أضيف الى ذلك ان عقلية التحقير لم تنتبه الى ان ما بسطته كان فيه احتجاج على انتمائنا الى الختمية،وهو ما أعاق النمو الطبيعي لعائلتنا،لكنها عين التحقير التي لا تساهم الا في لوي عنق النص،جريا وراء انتصار رخيص.

وحسن موسى في انسياقه خلف فرويد ،يتناسى ،في أحسن الاحوال،او يجهل في اسوأ الاحوال،النقد الذي وجه الى فرويد في ما يتعلق بنظريته التي تستند على الميثولوجيا والابداع،اكثرمن استنادها الى الواقع، اقول أنه يتناسى،نحاول ان نجد له احسن الفروض،وهو ما لا يقدر عليه حسن موسى في انسياقه المحموم،الى عقلية التحقير و"اللسان الزفر"،نقول النقد الذي وجه الى كلام فرويد حول عقدتي اوديب والكترا.
وقد تناسى،ولا نقول يجهل،حسن موسى،ان الابداع لا يمكن ان يكون دون آباء،الله الا في ما قال به "باختين" عن كلام آدم باعتباره خارجا عن التناص،وهو ما نفاه القرآن في :
Quote: وعلّم آدم الاسماء كلها"

واذا كان قتل الآباء من المبدعين سهلا،فلماذا يتكئ حسن موسى على البوب آرت امريكي،
وهو اتكاء مشروع،وعلى لوحات كثيرة سبقته؟
ما أسهل التحقير ،لانه بضاعة مزجاة.


ويبدو ان عقلية الاحتياطي المركزي والتحقير واللسان الزفر،هي التي اعطته
Quote: امتيازات كبرى
،ضمن عقلية القطيع،و توظيف واستغلال الكاتب\ة لاخيه الكاتب,في سودان للجميع.ففي الوقت الذي تمت فيه تلتلة :
عبد الماجد فرح يوسف
لانه كتب كلمة
Quote: السقوط
،
وهي كلمة ذات حقل دلالي واسع جدا،لكن عقلية القبضة الحديدية اختارت أسوأها،
في الوقت الذي اجبر فيه عبد الماجد فرح على تغيير عنوانه،نرى حسن موسى "يعير" بلا وزاع،مطلقا كلمات لا يكتبها ادنى متأدب،من امثال:

Quote: أولاد الغلفاء كمان


و

Quote: كس ام الأثنولوجيا


نختم كلامنا بتعليق بسيط قلناه عن سودان للجميع في ما يتعلق بحقوق النشر.في المفاكرة التي جرت حول احتكار حقوق النشر،لم تسمتع عقلية القبضة الحديدية لرأي كاتب ورائد في الاسافير وهو:
الفاتح مبارك
وغيره من الكتاب والكاتبات،وتم الاستماع الى رأي "العوام".

وقد صدق كلامنا فقد تراخت القبضة الاسفيرية،ونشاهد الآن النشر المزدوج لبوستات نشرت في سودان للجميع،وتم نشرها في مراقد الخنازير والكلاب اي سودانيزاونلاين،ولم يتم حذفها كما حدث لنصيي الشعريين اللذين كانا ضحية لعقلية القبضة الحديدية التي لا يسندها أي عرف ولا قانون!!!!

محبتي للجميع
ارقدن\وا عافية
المشاء

Post: #604
Title: Re: الشيزوفرينيا الحسن موسوية:عن قتل الأب والأم
Author: osama elkhawad
Date: 07-19-2006, 00:30 AM
Parent: #603






ملحق للشيزوفرينيا الحسن موسوية :عن قتل الأب والأم

فاتنا ان نشير الى ان احتكار حقوق النشر ،يتطلب ان تكون المؤسسة او الجهة المعنية ،كما في حالة المؤسسات الاكاديمية والثقافية القادرة المقتدرة وغيرها ,تستطيع الايفاء بشروط احتكار النشر, أي أن توقع عقدا مع المؤلف يتضمن حقوقه المادية وغيرها من الحقوق.وهو ما لا يتوفر لسودان للجميع،الذي يستند على جهد طوعي،وهو جهد محمود ،سماه حسن موسى :
العمل العام.

وسبق ان قلنا لنجاة انها متطوعة،لكنها أنكر ت ذلك،ويأتي الآن حسن موسى ليثبت كلامنا.
ما تقوم به نجاة جهد مقدر.لكننا في المقابل ما زلنا على تحفظاتنا على طريقة ادارتها للمنبر, في بداياته،قبل ان تتراخى القبضة الاسفيرية,ومن ضمن ذلك ما يتعلق بحقوق النشر.وتلك الفورة،حول احتكار حقوق النشر،كانت تنطلق حقيقة من ذهنية:

Quote: شعرا ما عندكم ليهو رقبة.



فمن يريد احتكار نصوص المؤلفين عليه ان يفي بحقوقهم المادية وغير المادية، عبر صيغة قانونية متعارف عليها.وعليه ايضا ان يقوم بما عليه من واجبات تتمثل في المكافأة المادية. وهو ما لا يقدر عليه موقع اسفيري ،يساهم فيه متطوعون كالصديق احمد المرضي ,والصديقة ايمان شقاف.

وقد ضربنا مثلا بمحمود دوريش,وغيره من الكتاب من الذين ينشرون نصوصهم في مواقع ومجلات وصحف مختلفة،لان حقوق النشر هي من حق المؤلف،وليس الجهة الناشرة.

المهم ان التجربة العملية اثبتت تراخي وانهيار القبضة الحديدية التي حذفت بعض البوستات استنادا الى ذلك التفكير الطوباوي.وبعد ذلك شهدنا الكثير من البوستات التي نشرت في سودان للجميع وفي موقع مراقد الخنازير أي سودانيزانولاين.

تبقت نقطة اخرى حول امتيازات حسن موسى في تمتعه ب"انطلاقة" لا تقرها عقلية القبضة ا لحديدية عبر ايراده لالفاظ لم ترد ابدا في الخطاب السوداني المثقف،ولا يقول بها من به أدب ولو كان مثقال خردلة،وكان يمكن ان يقول بها في منفاه الجهنمي,لكنها عقلية القطيع ،لا غير التي سمحت له بما لا يجوز لغيره أو غيرها .

ارقدن\وا عافية

المشاء

Post: #605
Title: Re: الشيزوفرينيا الحسن موسوية:عن قتل الأب والأم
Author: osama elkhawad
Date: 07-22-2006, 01:10 AM
Parent: #604


كمقدمة لمقاربتنا لخطاب حسن موسى حول الهوية،وحول الحداثة ،والغرب،وارتباط ذلك بصدمتي الفقر والاستبعاد،والمفهوم القاصر للحداثة باعتبارها غربا ،او قل بحسب تعبير حسن موسى الركيك والانهزامي في آن،غربا موسعا،سنورد تحقيقا للبي بي سي حول الآراء المختلفة في ما يتعلق بالهوية في السودان،وقد اوردت في النهاية تلخيصا لرأي حسن موسى حول الهوية،وسنتبع ذلك بنقد لطيف لخطاب حسن موسى حول الهوية ،والذي يندرج بحسب تصنيف لطيف،ضمن تيار "نفي " سؤال الهوية"،ونفي الأزمة.

وبعد ذلك نورد استطلاعا اجرته البي بي سي راي الشباب السودانيين الذي استطلعتهم حول "هوية السودان".

*أوردت البي بي سي التحقيق التالي حول هوية السودان":
ما هي هوية السودان؟
أهو بلد عربي، أم افريقي، أم هو عوان بين ذلك؟
سؤال بحجم مليون مليون ميل مربع، هي مساحة السودان الذي يغطي جسده المثخن بجراحات الحروب والإنقلابات السياسية والعسكرية، مساحة كبيرة من خريطة أفريقيا وكذلك الوطن العربي.
نال السودان إستقلاله عن الحكم البريطاني في الأول من يناير/ كانون الثاني 1956، واختار زعماؤه السياسيون على اثر ذلك الإنضمام الى جامعة الدول العربية.
ورغم أن القرار لم يثر آنذاك الكثير من الجدل حول مدى فائدة هذا الإختيار من عدمه، إلا أن هذا الجدل كان يظهر ويغيب بين أوساط السودانيين وفقا للمناخ السياسي المتقلب باستمرار في البلاد.
غير أن سؤال الهوية عاد الى الواجهة، وبكثير من الإصرار والإلحاح في الاونة الأخيرة، كما أسهم في تأجيجه توقيع إتفاق السلام السوداني وما يحمله في باطنه من هواجس الوحدة أو الانفصال.


وتزامن ذلك مع تعالي أصوات دعاة العروبة أوالأفرقة الذين وضعوا اطارا منظما لخطابهم، عقب التطورات التي وقعت على الصعيدين العربي والأفريقي، الأمر الذي زاد من أهمية هذا الخطاب، ورفعه درجات في سلم اولويات الاجندة اليومية للسودان الجديد، الذي بشرت به الحركة الشعبية لتحرير السودان التي كان يتزعمها الزعيم الجنوبي الراحل الدكتور جون قرنق.
مشروعية السؤال:
وعلى الرغم من ان الكثيرين يعتبرون أن سؤال الهوية يقع ضمن دائرة خطاب الصفوة، وانه لا يمس الحياة العادية للناس، الا ان البعض الاخر يجادل على أهمية السؤال بصفته مدخلا لرسم خريطة طريق جديدة للسودان يحتاج معها لحسم السؤال المعلق حول هويته.
يقول عادل الباز، رئيس تحرير صحيفة الصحافة اليومية المرموقة انه يشعر بتوجس ازاء طرح هذا السؤال، معتبرا انه قد لا يدخل ضمن دائرة اجندة "اكل العيش" اليومية في السودان.
يقول الباز في حديث مع بي بي سي، ان الجدل حول الهوية يثور وقت الازمات، وان مثل هذه القضايا تخرج عندما يصاب المجتمع بالاحباط، مشيرا الى ان الجدل حول الهوية احتدم في حقبة الستينات من القرن الماضي، ثم غاب وخفت حدته ابان السبعينيات ، قبل ان يعود ويظهر من جديد بعد اشتداد حرب الجنوب وظهور خطاب اسلامي في الشمال.
يعتبر الباز ان سؤال الهوية وعلى الرغم من اهميته، فانه لا يسهم برأيه في حل قضايا السودان.
وتساءل :" الى ماذا نريد ان نصل وهل هذه هي القضايا الملحة التي تواجه المواطن السوداني، هل اذا ذهبت الى الشارع وسألت عن الناس عن القضايا التي تشغلهم فلن يقول لك بالقطع ان الهوية هي ما يشغلهم، لذا فما الداعي الى اثارة سؤال ليس هو في اولويات تنمية وليس هو في اولويات مواطن بل قد لا يحتل المرتبة العاشرة في سلم الاولويات.
ويحذر الباز من اثارة مثل هذه الاسئلة، قائلا انه اذا ما واصل السودانيون طرح مثل تلك الاسئلة فان دائرتها سوف تتسع لتشمل القبيلة ثم بطن القبيلة وفخذها حتى يتفتت السودان الى كيانات صغيرة.
ولمساعد الامين العام للامم المتحدة الدكتور فرانسيس دينق وهو سياسي واكاديمي من جنوب السودان رأي آخر، إذ يرى ان سؤال الهوية هو سؤال جوهري، قائلا في حديث مع بي بي سي ان هناك حاجة لمراجعة ما سماه الخطأ التاريخي".
اما فيصل محمد صالح، الذي يترأس تحرير صحيفة الاضواء اليومية، فيقول إنه لطالما تساءل عما اذا كانت قضية الهوية مفتعلة ام حقيقية ويضيف:"احيانا اميل الى الاعتقاد بأنها مفتعلة وان هناك قضايا اكثر اهمية يجب ان تثار ، واحيانا اخرى اشعر بان قطاعات كبيرة من المجتمع معنية بهذا الامر وبأنه من الاجدر مناقشتها وعدم تجاهلها".
غير ان صالح يعتبر ان بروز مثل هذه الاسئلة يعكس بالفعل اننا في حال تقهقر، لأن الامة عندما تكون في حالة فعل حسب قوله فانها لا تلتفت الى مثل هذه المسائل.


اما الدكتور منصور خالد مستشار الرئيس السوداني فيصف الجدال حول الهوية في السودان بأنه "عراك في غير معترك"، واضاف في حديث مع بي بي سي :"ليس هناك من ينكر ان السودان بلد تسود فيه الثقافة العربية، وان اللغة العربية هي لغة التواصل بين اغلب اهله، لكن السودان ايضا يضم ثقافات افريقية واعراق افريقية ولديه تاريخ قديم يعود الى بداية التاريخ".
ومضى خالد الى القول :" هذا صراع مفتعل والغرض منه في واقع الامر خلق بؤر للتنازع لاستغلالها سياسيا".
السودان والعرب:
ويبدو أن أحد أسباب صعود سؤال الهوية والدعوات المطالبة بإختيار الهوية الأفريقية، مرتبط الى حد كبير بما يعتبره بعض السودانيين يأسا من العرب، وردا على ما يعتبرونه تعاليا منهم على السودانيين.

يتندر السودانيون باقتراح قيل انه طرح حول تسمية الجامعة بجامعة الدول العربية والسودان
ويؤسس الرافضون عروبة السودان لدعوتهم تلك على حديث متواتر عن رفض بعض الدول العربية مساعي السودان للإنضمام الى جامعة الدول العربية عام 58 بإعتبار أنه دولة عربية، ويتندرون على الإقتراح الذي طُرح بتسمية الجامعة "جامعة الدول العربية والسودان".
ويستند البعض الآخر الى تعليق ساخر نُسب الى رئيس السنغال السابق ليوبولد سيدار سنغور يقول فيها إنه كان بامكان السودان أن يصير أفضل الأفارقه الا انه أختار أن يكون أسوأ العرب حسب رأيه.
هؤلاء المطالبون بهوية أفريقية للسودان يدعمون موقفهم بالقول بأن الموسيقى السودانية لا تجد لها آذانا عربية تستمع إليها، بينما تحظى بإنتشار واسع في الوسط الأفريقي خاصة في شرق أفريقيا حيث يعتبر الفنان السوداني محمد وردي فنان أثيوبيا الأول.
دعوات حاسمة:
سؤال الهوية لا يبدو مرتبطا فقط بالنقاش حول ضرورة حسم هوية السودان فحسب، لكنه يتسع ليحمل في طياته دعوات الى الإنسحاب من جامعة الدول العربية، أو الإعلان عن الإنتماء كليا لأفريقيا على غرار ليبيا.
غير أن آخرين يعترضون على ذلك قائلين بأنهم لا يرون مشكلة في إنضام السودان الى أي منظمة عالمية ومن ضمنها الجامعة العربية - لكن المشكلة هي أن تُعتبر عضوية السودان في جامعة الدول العربية ضمن محددات هوية السودان والسودانيين لأن في ذلك هضم لحقوق بعض مواطني السودان الذين يعتبرون انهم ليسوا عربا.
الانسحاب من الجامعة
الصحافي السوداني عمار محمد ادم، يتخذ موقفا صارما ورافضا للعروبة، ويقول إن السودان طالما عاني من الهوية العربية التي فُرضت عليه إبان موجة المد العروبي في الستينات، واعتبر ان الانتماء الى العرب بأنه إنتماء زائف.
ويضيف :" لقد جُررنا جرا نحو العروبة، رغم انه ليس معترف بنا من جانب العرب، وفي اعتقادي فانه ليس لنا أي انتماء عربي الآن ، كما ان العرب لا يعترفون بنا"، حسب قوله. ويمضي آدم إلى القول :"ليس لنا من العربية سوى هذا اللسان، واللغة لا تعبر عن قومية معينة لان اللغة مكتسبة".

ويقول آدم ان ما سماه السعي الى فرض العروبة على السودان مسؤول عن كل حروب السودان واضاف :" هذه العروبة تسببت في اندلاع كل أشكال التمرد في السودان، بدءا من حرب الجنوب ووصولا الى نزاع دارفور وشرق السودان .. الحرب في السودان هي الثمرة المرة لهذا الفكر العروبي".
ويطالب آدم بانسحاب السودان من الجامعة العربية، قائلا :"أول قرار يجب أن يتخذ هو الخروج من جامعة العربية فنحن لم نستفد أبدا من هذا الانتماء بل على العكس سبب لنا المشاكل فقط". وما هو البديل برأي آدم؟
يقترح آدم انتماء السودان الى منظومة القرن الافريقي او الى الاتحاد الافريقي. بيد ان

الدكتور حيدر ابو القاسم الصحافي والاكاديمي يعتبر ان انتماء السودان الى المجموعة العربية لن يمثل اي مشكلة اذا تم ترشيده، قائلا ان الرفض الكامل للعروبة يعد نوعا من المغالاة والتطرف الذي يقع ضمن التوجه الافريقاني.
افضل سبيل للتعامل مع قضية الهوية برأي رئيس تحرير صحيفة الأضواء فيصل محمد صالح هو الاعتراف بالتنوع والتعدد، لأن السودان ليس امة واحدة، بل شعب مؤلف من مجموعات بعضها قومي والاخرى في طور التشكل القبلي لكن ارادة العيش المشترك في هذا الوطن الذي اسمه السودان تؤلف بين الجميع حسب رأيه.

أما الدكتور منصور خالد فيرى ان الهوية الجامعة لأهل السودان هي السودانوية ، اي الاعتراف بأن جميع أهل السودان سودانيون.

في حين يقول الدكتور حسن موسى، الفنان التشكيلي والأكاديمي السوداني الذي يعيش في فرنسا إن هوية السودان الحقيقية هي مصلحته، معتبرا ان الانتماء فقط الى العرب يتسبب في مشكلات، كما يسبب الانتماء الى إفريقيا مشكلات أخرى. http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/world_news/newsid_4752000/4752592.stm

وقد رد لطيف على حسن موسى ردا شافيا ،في ما يتعلق بكلامه غير الواقعي -كما اثبت لطيف- في نفي أزمة الهوية،كما وردت اعلاه في تلخيص راي حسن موسى حول الهوية،وكما تبدى في مقالاته حول الدياسبورا والفنأفريقانية .
يقول لطيف:
Quote: في الجهة الأولى التي تخص العنوان في (1) أعلاه وهي جهة " نفي الازمة" يشير حسن موسى "وأعتقد أن مشكلة الهوية السودانية التي يطرحها الكثيرون على اعتبارها مشكلة السودان الاولى لا تستحق إلا الاهتمام المتواضع الذي يليق بها كسؤال ثقافي يخص الباحثين في سوسيولوجيا الثقافية".


ويقول لطيف ردا على نفي سؤال الهوية عند حسن موسى:

Quote: ولأن القوانين لا تزال تستثني سؤال الهوية،نريد أن نضع سؤال الهوية كمشكلة السودان الاولى.

ومن جهة أخرى قد وجد سؤال الهوية التعزيز كله في أدبيات حركة تحرير شعوب السودان.
وهو التعزيز الذي وجد صداه في ثقافة الاحزاب جميعها في الديمقراطية الأخيرة,وكذلك وجد صداه في وجدان الناس عمقا.


ثم يعترض على "نفي الأزمة" كما تبدت في خطاب حسن موسى حول الهوية،مما سماه لطيف
Quote: موقع الخطاب
.
لمزيد من المعلومات حول اعتراض لطيف الاساس على حسن موسى، راجع:
http://www.sudaneseonline.com/sections/ihtiram/pages/ihti...abdelatif-elfaki.pdf


أدناه استطلاع اجرته البي بي سي مع شباب السودان حول "الهوية السودانية":
"شباب السودان.. والبحث عن الهوية"

أجرت بي بي سي العربية استطلاعا للرأي في العاصمة السودانية الخرطوم بعنوان "شباب السودان... والبحث عن الهوية" وذلك ضمن سلسلة من الندوات التي اطلقتها في 5 دول عربية تحت عنوان "مستقبلك .. من يقرره".

وقد أستطلع الاستفتاء اراء 500 شخص في السودان من الذكور والاناث تتراوح اعمارهم بين 20 و30 عاما ويزاولون اول وظيفة لهم بعد تخرجهم من الجامعة او ما يزالون طلابا جامعيين.
وتناول الاستطلاع استكشاف آراء الشباب السوداني حول قضية البحث عن الهوية، وهي من أكثر القضايا التي تلقى اهتمام السودانيين، وتطرق ايضا الى آمالهم في ما يخص مستقبل بلدهم بالاضافة إلى قضايا أخرى.

الهوية

اختارت غالبية المشاركين (أكثر من 55%) الإسلام كأكثر هوية يشعرون بالانتماء إليها، فيما أكد ما يزيد على 30% من المشاركين انتماءهم إلى الهوية السودانية وقرابة 8% إلى الهوية الأفريقية و4% إلى الهوية العربية، في حين اختار 2% منهم الانتماء إلى الهوية المسيحية.
وعندما طلب من المشاركين وصف شعورهم حيال الانتماء إلى بلدهم وإلى مجموعتهم العرقية، قالت النسبة الأعلى من المشاركين (أكثر من 46%) أن شعورهم بالانتماء إلى بلدهم أقوى منه إلى مجموعتهم العرقية.

وأكدت نسبة متساوية تقريباً (أكثر من 40%) أن قوة شعورهم بالانتماء ينقسم بالتساوي بين بلدهم ومجموعتهم العرقية، في حين أشار ما يقارب 12% من المشاركين إلى أن شعورهم بالانتماء إلى المجموعة العرقية هو أقوى منه إلى بلدهم.
ولدى سؤال المشاركين حول أكثر العوامل المؤثرة في اختيار الهوية، قال القسم الأكبر من المشاركين (45%) أن الدين هو أكثر العوامل تأثيراً.

وحددت نسب أقل من المشاركين عوامل أخرى تراوحت بين الروابط العائلية والقبلية (أكثر من 15%)، والأصدقاء (أكثر من 13%)، والتعليم (12%)، والتوجهات السياسية (قرابة 6%)، واللغة (قرابة 4%).
"زول"

كما اظهر الاستطلاع ان النسبة الأعلى من المشاركين (24%) يعتقدون أن غير السودانيين يستخدمون كلمة "زول" (رجل أو رفيق باللهجة المحلية) لوصف شخص ما من السودان.
في حين قال أكثر من 17% منهم إنه يشار إلى هذا الشخص على أنه سوداني، فيما اعتقد 10% أن السودانيين يوصفون بالكرماء.
توجه الاستطلاع بسؤال إلى مشاركين من أربع مناطق جغرافية حول مدى المشاكل التي يواجهها كل منهم جراء الهوية.

وأجابت الغالبية العظمى من المشاركين (79%) أن فئة الشباب هي الأكثر تعرضاً لأزمة الهوية، واعتقدت النسبة الأعلى من المشاركين (حوالي 43%) أن النساء معرضات أكثر من الرجال لهذه الأزمة.

وفيما يتعلق بالدين، رأت غالبية المشاركين (أكثر من 56%) أن سكان جنوب السودان معرضون لأزمة هوية أكثر من سكان الشمال (14%) لمشكلة الهوية، كما اعتبر أغلب المشاركين (64%) أن الفئات الاجتماعية الدنيا هي أكثر تعرضا لأزمة الهوية.
وأشار المشاركون إلى أن الحرب والصراعات والمشاكل الاقتصادية هي أهم المسببات لمشكلة الهوية

في السودان وقد اتيحت الفرصة للمشاركين في الاستفتاء لاختيار اكثر من اجابة، وقد حصلت هذه المسببات على نسب متساوية قاربت 53% لكل منها، فيما اعتبرت الحاجة إلى التعليم (47%) ثالث أكثر المسببات لمشكلة الهوية في السودان.
الحروب والصراعات 52.8%
المشاكل الاقتصادية 52.6%
عدم انتشار التعليم 46.6%
عدم الاستقرار السياسي 44.2%
التمييز السياسي / الاقتصادس / الاجتماعي 29.6%
الاختلافات السياسية 25.4%
غياب التسامح الديني 19.6%
ندرة الموارد الطبيعية 5.6%

وفي سؤال حول أكثر مناحي الحياة تأثراً بهوية الفرد، قال 28% من المشاركين أن فرص العمل والتعليم هما الأكثر تأثراً بهوية الفرد في السودان.

ورفض 49% من المشاركين تماماً تغيير هويتهم بغية تحسين فرصهم، فيما عبر ما مجموعه 42% منهم عن رغبتهم بتغيير هويتهم.
وبدت غالبية المشاركين متفائلين جداً (39%) بمستقبل السودان، بينما يرى (45%) انهم ايضا يشعرون بالتفاؤل.
في حين كان المشاركون من ذوي الدخل المنخفض (ما يزيد على 41%) أكثر تفاؤلاً بمستقبل السودان من ذوي الدخل المرتفع (أكثر من 34%).
المستقبل

واعتبرت غالبية المشاركين (62%) أن فئة الشباب هي الأكثر تأثيراً في مستقبل السودان، في حين حظيت الحكومة السودانية بنسبة (21%)، والأمم المتحدة (9%).
واتفقت الغالبية العظمى من المشاركين (85%) بدرجات متفاوتة على أن التقاليد العرقية والقبائلية قد تضاءلت بمرور الوقت.

كما أجمعت الغالبية العظمى منهم (82%) بدرجات متفاوتة على أنهم راضين عن حياتهم الحالية.
في حين أكدت الأغلبية العظمى (89%) بشدة على فخرهم بكونهم سودانيين، بينما وافقهم 8% من المشاركين بدرجة أقل.
وترى نسبة متساوية ممن شملهم الاستبيان تعتقد بان فرص العمل والتعليم كانا الاكثر تأثيرا على ضوء التعريف بالهوية في السودان.
فرص العمل 28.4%
التعليم 26.8%
المعيشة ومصدر الرزق 9%
الامن الشخصي 8%
التمثيل السياسي 6.8%
الحصول على الخدمات الصحية 1.4%
لا أعرف 19.6%

وتباينت آراء الغالبية الساحقة من المشاركين (70%)، بدرجات متفاوتة، حول فكرة أن الحل الوحيد لإحلال السلام في السودان تتمثل في قيام دولتين الأولى في الشمال والثانية في الجنوب.
وحول مسألة التنازلات في سبيل توحيد السودان، أبدت غالبية المشاركين (أكثر من 55%) استعدادهم للتسامح مع بقية الأديان بغية توحيد السودان.
وفي المقابل، كشفت أقلية من المشاركين (قرابة 3%) استعدادها لتغيير تقاليدها، أو تقديم التنازلات فيما يخص الهوية العرقية أو القبائلية (5%).

بينما اعتقد غالبية المشاركين (51%) أن توحيد السودان سيستغرق من 7 إلى 10 أعوام.
من 1 الى 3 سنوات 13%
من 4 الى 6 سنوات 25%
من 7 الى 10 سنوات 51%
لن يتوحد ابدا 11%

وأكدت الغالبية الساحقة بشدة (75%) أو بدرجة أقل (19%) أنهم استمتعوا بالاختلاط مع سكان المناطق الأخرى في السودان والاطلاع على موسيقاهم وثقافتهم وأسلوب حياتهم.
كما وافق معظم المشاركين (83%)، بدرجات متفاوتة، على أنه يتوجب على الفرد الحفاظ على التقاليد العرقية والقبائلية، واتفقت غالبية أكبر (96%) على أهمية الدين بالنسبة لهم.
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_4771000/4771932.stm[/B][/GREEN]

Post: #606
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 07-29-2006, 02:36 AM
Parent: #1


كان عبد الماجد فرح يوسف واحدا من المساهمين في هذا البوست ،
وفي بوستات كثيرة,
و كان واحدا من طاقم لاهوت الوردة،
وافتقدته قبل فترة,
و أجاب في مكان قصي ،
كما اعتدنا منه في اخفاء اجابته.
تعازيي الحارة لأسرته ولمحبيه واصدقائه .
المشاء

Post: #607
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 08-15-2006, 09:20 PM
Parent: #606

نرفع البوست لمزيد من القراءة
المشاء

Post: #608
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 09-30-2006, 01:31 AM
Parent: #607

********

Post: #609
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 10-08-2006, 05:35 PM
Parent: #608

نرفع البوست بعد غياب،
تمهيدا للكلام عن :
كسم اميات حسن موسى
و علاقتها ب:
كس اميات نجيب سرور

وهل لحسن،

رضى الله عنه،

مبرر في ان ينزلق الى هاوية الابتذال،

في النقاش والحوار المعرفي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

محبتي للجميع

ارقدوا عافية

المشاء

Post: #610
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 10-08-2006, 06:05 PM
Parent: #609


*صورة لنجيب سرور ،في شبابه.
********************

كتب حسن موسى ،
في رد له على الاكاديمي و الكاتب والرسام المعروف:
دكتور محمد ابراهيم ابوسبيب،
والذي يعمل محاضرا في احدى الجامعات السويدية ،
كتب حسن موسى :
Quote: ما العمل؟
ترى هل يستقيم هجران الاثنولوجيا لانقاذ الأفارقة؟
"كـُـس أم" الاثنولوجيا إن كانت صيانتها تمدّد من واقع قهر العباد في أفريقيا أو في واق الواق..[وعبارتي لا بد ستخدش حياء الأخ الدكتور محمد عبد الرحمن أبوسبيب الباحث العاكف على فن الأفارقة في بلاد تموت من البرد حيتانها. لكن انت حياءك دا يا زول، هو الفنأفريقانية بتاعتك خلّت فيه حاجة يخدشوها؟؟]،

http://www.sudaneseonline.com/sections/plastiic_arts/page...t_hassan-musa06.html

لاحظ\ي رده المبتذل على د. ابوسبيب
و اعترافه بخدش الحياء،
واستبدال النقاش المعرفي ،
بالشتائم المبتذلة.

وقد كتب نجيب سرور ،
في قمة ازمته النفسية لظروف تتعلق بالقهر ,
وحساسيته المفرطة،
كتب في تلك الظروف الضاغطة ديوانا شعريا في نقد الوسط الفني المصري،
وسماه:
Quote: كس اميات نجيب سرور
.
وقد نشره ،
ابنه شهدي،
الخبير بشئون الانترنت و التصميم ،
وهو قد عمل مصمما ويبيا،
للاهرام ويكلي.
وقد نشرت البي بي سي ارابيك خبرا عن اعتقال ابنه لانه نشر ديوان ابيه انترنتيا:
قالت البي بي سي ارابيك:

Quote: وألقت الشرطة المصرية القبض على شهدي سرور، نجل الشاعر والمؤلف المسرحي والممثل الراحل نجيب سرور لنشره على شبكة الإنترنت قصيدة مثيرة للجدل كتبها والده منذ نحو ثلاثين عاماً.
وقال محامي شهدي سرور إن موكله الذي يعمل كمصمم لصفحات الإنترنت في صحيفة "الأهرام ويكلي" الأسبوعية الصادرة باللغة الإنجليزية، قد ألقي القبض عليه يوم الخميس لنشره قصيدة والده الذي رحل في عام ثمانية سبعين.

وقد داهمت قوة من شرطة الآداب منزل شهدي سرور وصادرت جهاز الكمبيوتر الخاص به، وبعض الأقراص المدمجة، وصحف ومجلات روسية، وأشرطة فيديو قالت الشرطة إنها تحتوي على أفلام إباحية.
ووجهت له الشرطة تهمة حيازة مواد إباحية بهدف نشرها وتوزيعها.
وأعلن حافظ أبو سعدة، محامي شهدي سرور، أن الشرطة قررت إطلاق سراحه بكفالة مالية، لكنه ظل محتجزاً رهن التحقيقات حتى مساء الجمعة.
وقال أبو سعدة، إن هذه القضية هي محاكمة لشخص بسبب قصيدة كتبها والده الذي مات قبل أكثر من عشرين عاماً.
يذكر أن نجيب سرور كان قد اعتقل في عهد الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر.
تحذير
وصنف شهدي سرور قصيدة والده على موقعه على الإنترنت على أنها من "شعر الصدمة"، وحذر زوار الموقع من أنها تحتوي على عبارات "قد يعتبرها البعض غير مقبولة أو خارجة".
وكان نجيب سرور قد كتب القصيدة التي أثارت جدلاً واسعاً في الفترة ما بين عامي تسعة وستين وأربعة وسبعين من القرن الماضي.

ولم تنشر القصيدة بسبب شدة عباراتها وما تتضمنه من انتقادات قاسية لأشخاص حملهم نجيب سرور المسؤولية عن هزيمة العرب في حرب يونيو/ حزيران من عام سبعة وستين.

وقد نشر شهدي سرور قصيدة والده على الإنترنت منذ نحو ثلاثة أعوام، ولا تزال القصيدة منشورة.
.

http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_1673000/1673482.stm

وقد تمت محاكمة ابنه ،وصدر عليه الحكم التالي،
وليست لدي معرفة أذا ما كان ان الحكم القضائي قد تم استنئافه:

Quote: اصدرت المحكمة حلكما على ابن نجيب سرور: في 30 يونيو 2002 أصدرت محكمة جنح السيدة زينب حكمها بحبس شهدي نجيب سرور خبير الإنترنت و ابن الشاعر الراحل نجيب سرور بالحبس لمدة سنة مع الشغل والنفاذ ودفع كفالة مالية قدرها 200 جنيه ، بعد إدانته بحيازة وتوزيع قصيدة العامية المعروفة ب " كسميات " التي كتبها والده الراحل بين عامي 1969 - 1974 .
و رأت المحكمة في القصيدة - التي اتهم شهدي بنشرها على شبكة الإنترنت الدولية ، موقع الإنترنت ".net wadada"- عبارات مخالفة للآداب العامة !!.

وعليه أصدرت حكمها السابق فى القضية رقم 14121 لسنة 2001 جنح السيدة ، وفقا للمادة 178 من قانون العقوبات التي تجرم حيازة المواد المنافية للآداب العامة بغرض التوزيع أو الاتجار بقصد إفساد الأخلاق.
يأتي هذا على الرغم من أن الجهاز الذي تم ضبطه بمنزل شهدي ، لم يثبت اتصاله بشبكة الإنترنت ، كما لم يسفر فحص محتويات القرص الصلب "الهارد ديسك" عن وجود القصيدة التي اتهم بنشرها ضمن أي من ملفاته ، إلا أن وجود القصيدة ضمن مطبوعة ورقية ، كان كافيا من وجهة نظر "مباحث الآداب" لإثبات علاقة شهدي بكاتب القصيدة .. في مفارقة تدعو للسخرية ، حيث أن مؤلف القصيدة هو والده ومن الطبيعي أن تكون حوزته. فضلا عن أنها موجودة لدي الآلاف من جمهور الشاعر الراحل نجيب سرور والمعروف بمواقفه النقدية السياسية قبل رحيله
.

http://www.hrinfo.net/reports/net2004/egypt.shtml

وأدناه بض مما ورد في النت،عن الظروف الضاغطة التي تعرض لها نجيب سرور،
،وأدت الى دخوله في ازمة نفسيه وعصبية،
جعلته يرتاد المصحات النفسية حتى وفاته،
ونجد ذلك في اللنك الآتي:

http://www.ladeeni.net/forum/viewtopic.php?p=19722

مما ورد أعلاه،
نستطيع ان نقول ان لنجيب سرور ،
ظروفا خاصة به ،
جعلته ينزلق الى تاليف ذلك الديوان الشعري،

لكننا لا نجد مبررا ،
لحسن موسى،
كواحد من دعاة اصلاح الكتابة،
في ان ينساق إلى ذلك الابتذال،
في محاورة مخالفيه الرأي.

محبتي
أرقدوا عافية
المشاء

Post: #611
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 10-09-2006, 03:28 PM
Parent: #610

فوق

ضد الابتذال.

المشاء

Post: #612
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 10-19-2006, 11:13 PM
Parent: #611


كتاب جديد لمحمود درويش:عن مراثيه
سبق لنا ان اشرنا الى مراثي درويش الشعرية والنثرية،
وهنا عرض صحافي لكتاب له
:
http://www.assafir.com/iso/today/weekly_culture/10603.html

Post: #613
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 10-19-2006, 11:43 PM
Parent: #612



قال درويش:

سطرا سطرا انثرك أمامي بكفاءة لم أوتها إلا في المطالع/ وكما اوصيتني، اقف الان باسمك كي اشكر مشيعيك الي هذا السفر الأخير، وأدعوهم الي اختصار الوداع، والانصراف الي عشاء احتفالي يليق بذكراك/ فلتأذن لي بأن أراك، وقد خرجت مني وخرجت منك، سالما كالنثر المصفي علي حجر يخضر او يصفر في غيابك، ولتأذن لي بأن ألمك، واسمك، كما يلم السابلة ما نسي قاطفو الزيتون من حبات خبأها الحصي. ولنذهبن معا انا وانت في مسارين: انت، الي حياة ثانية، وعدتك بها اللغة، في قارئ قد ينجو من سقوط نيزك علي الارض.

وأنا، الي موعد ارجأته اكثر من مرة، مع موت وعدته بكأس نبيذ أحمر في احدي القصائد. فليس علي الشاعر من حرج ان كذب. وهو لا يكذب الا في الحب، لان اقاليم القلب مفتوحة للغزو الفاتن. أما الموت، فلا شيء يهينه كالغدر: اختصاصه المجرب. فلأذهب الي موعدي، فور عثوري علي قبر لا ينازعني عليه احد من غير أسلافي، بشاهدة من رخام لا يعنيني ان سقط عنها حرف من حروف اسمي، كما سقط حرف الياء من اسم جدي سهوا.

ولأذهبن، بلا عكاز وقافية، علي طريق سلكناه، علي غير هدي، بلا رغبة في الوصول، من فرط ما قرأنا من كتب أنذرتنا بخلو الذري مما بعدها، فآثرنا الوقوف علي سفوح لا تخلو من لهفة الترقب لما توحي الثنائيات من امتنان غير معلن بين الضد والضد. لو عرفتك لامتلكتك، ولو عرفتني لامتلكتني، فلا اكون ولا تكون.

هكذا سمينا، بتواطؤ ايقاعي، ما كان بيننا من هاوية سفحا. ونسبنا الي كتب قرأناها عجزنا عن الوصول الي ذروة تطل علي عدم ضروري لاختبار الوجود يا صاحبي! يا أنا ي النائم علي بزوغ البياض من ابدية، وعلي تلويح الابدية ببياض لا لون بعده. فبأي معني من معانيك اقيم الشكل اللائق بعبث أبيض؟ وبأي شكل احمي معناك من الهباء.. ما دامت رحلتنا أقصر من خطبة الكاهن في كنيسة مهجورة، في يوم احد، لم يسلم فيه احد من غضب الآلهة؟ لكنك مسجي امامي، اعني في كلامي الخالي من عثور الاستعارات علي مصادرها، وعلي رابط خفي بين ارض متدينة، وسماء وثنية. من هناك الي هناك يرحل الغيم برفقة قمر لم يحرمنا افتضاح سره الصخري من تذكر حب سابق. ولم يمنعنا جفاف القلب من مداواة اوجاع المفاصل بذكري التمدد علي العشب، تماما كما انت مسجي امامي في كلامي الذي لن يخذله غد شخصي كف عن الخداع، لا لانه تأدب وتهذب، بل لانه يحتضر الآن ويصير الي خبر، لا عدو له ولا صديق.. خبر عن مسافرين اثنين، أنت وأنا، لم يفترقا في مرآة او طريق.. لم يفترقا الا لساعات يتأكدان خلالها من سطوة الانثي علي الذكر/ حيث يري المرء نفسه في حرائق البرق، كما هي، معافاة مصفاة من شوائب التشبيه بما ليس موتا يحيي.. وحياة تُحيا علي حصة العاشق من سخاء المودة بين المخلوق والخالق. فلا جنة معلنة بالحواس وبالحدس سوي العاشقة، ولا جحيم الا خيبة العاشق.

فلتأذن لي، اذا، ونحن نفترق علي هذا البرزخ، بأن افسخ العقد المبرم بين عبث وعبث، فلا نعلم من انتصر منا ومن انكسر، انا ام انت ام الموت، لأننا لم نعترف من قبل، لننتصر، بأن العدو اذكي منا وأدهي، فلا شيء يغوي الهزيمة اكثر من مجافاة هذا الاعتراف، يا صاحبي المترف بالاوصاف النقيضة، المسرف في البحث عن عبث لا بد منه لتدريب النفس علي التسامح، ولتحظي بنعمة التأمل في ماء يضحك في الغمازات، ويطير فراشات فراشات تخلق الشعر من كل شيء حي. فالخفة، كالندي، قاهرة المعدن، وعذراء الزمن، هي التي تدرب الوحش علي النفخ في النايات/ فلا تصالح شيئا الا لهذا السبب المبهم، ولا تندم علي حرب انضجتك كما ينضج آب أكواز الرمان علي منحدرات الجبال المنهوبة، فلا جهنم أخري في انتظارك. ما كان لك صار عليك/ وعليك ان تدافع عن حروف اسمك المفككة، كما تدافع القطة عن جرائها. وعليك ما عليك: ان تدافع عن حق النافذة في النظر الي العابرين، فلا تسخر من نفسك ان كنت عاجزا عن البرهان، الهواء هو الهواء ولا يحتاج الي وثيقة دم. ولا تندم.. لا تندم علي ما فاتك، حين غفوت، من تدوين لأسماء الغزاة في كتاب الرمل، النمل يروي والمطر يمحو، وحين تصحو لا تندم لانك كنت تحلم، ولم تسأل احدا: هل أنت من القراصنة؟ فكيف تزود البديهة بالوثائق والبنادق، وفيها ما يكفيها من محاريث خشبية، وجرار من فخار، وفيها زيت يضيء وان لم تمسسه نار، وقرآن، وجدائل من فلفل وبامية، وحصان لا يحارب/ فلا تعاتب اسلافك علي ما اورثوك من براءة النظر الي التلال بلا استعداد لتلقّي الوحي من سماء خفيضة، بل لعد النجوم علي اصابع يديك العشر. فأنّي لك ان تثبت البديهة بالبرهان، والبرهان متعطش لنهب البديهة تعطش القرصان الي سفينة ضالة؟ البديهة عزلاء كظبي مطعون بالامان، مثلك مثلك، في هذا الحقل المفتوح لعلماء الآثار المسلحين الذين لم يكفوا عن استجوابك: من انت؟ فتحسست اعضاءك كلها، وقلت: أنا أنا. قالوا: ما البرهان؟ فقلت: أنا البرهان. فقالوا: هذا لا يكفي، نحتاج الي نقصان. فقلت: أنا الكمال والنقصان. فقالوا: قل انك حجر كي ننهي اعمال التنقيب، فقلت لهم: ليت الفتي حجر، فلم يفهموك/ وأخرجوك من الحقل. أما ظلك، فلم يتبعك ولم يخدعك، فقد تسمر هناك وتحجر، ثم اخضر كنبتة سمسم خضراء في النهار خضراء، وفي الليل زرقاء/ مهما نأيت ستدنو/ومهما قتلت ستحيا/فلا تظنن أنك ميت هناك/وأنك حي هنا/فلا شيء يثبت هذا وذلك الا المجاز/المجاز الذي درب الكائنات علي لعبة الكلمات/المجاز الذي يجعل الظل جغرافيا/والمجاز الذي سيلمك واسمك/فاصعد وقومك/أعلي وأبعد مما يعد تراث الاساطير لي ولك/اكتب بنفسك تاريخ قلبك/منذ اصابة آدم بالحب/حتي قيامة شعبك/واكتب بنفسك تاريخ جنسك/منذ اقتبست من البحر ايقاعه ونظام التنفس/حتي رجوعك حيا الي/فانت مسجي امامي/كقافية غير كافية لاندفاع كلامي اليك/أنا المرثي والراثي/فكني كي اكونك/قم لأحملك/اقترب مني لاعرفك/ابتعد عني لأعرفك! ولدنا معا علي قارعة الزنزلخت، لا توأمين ولا جارين، بل واحدا في اثنين او اثنين في واحد. لم يصدق احد من الجالسين في ظل شجرة التوت أنك ستحيا، من فرط ما شرقت بحليب أمك واختنقت. نحيلا كنت كخاطرة عابرة. نحيلا كنبتة شعير خالية من الحب كنت. لكن لشهر آذار، القادر علي سفك دم المكان شقائق نعمان، مهارة الانقاذ من موت مبكر لا تنساه الا لتتذكر ان الحياة لم تأت اليك علي طبق من ذهب او فضة، هاشة باشة، بل جاءتك علي استحياء كجارية مدفوعة الاجر، صعبة وعذبة، وشديدة الممانعة. لكن التدريب الطويل علي الألفة هو ما يجعل الحياة ممكنة.

وممكنة هي مراوغة الثعالب، اولي حيواناتك الماكرة، بعيونها الخضراء أنثوية الاغراء.. تخافها ولا تقوي علي الابتعاد، كجاذبية تدفعك الي الرغبة في القفز من عل الي جرف او هاوية. هكذا سكنتك منذ البداية فتنة الثعلب والهاوية، وجرك فضول القطط، دون حذرها، الي ملامسة الخطر. فغافلت اهلك المشغولين بفرم أوراق التبغ بسكاكين حادة، وتناولت احداها ووضعت علي شفرتها ركبتك اليسري، وضغطت لتعرف ان كانت السكين تفعل بلحمك الطري ما تفعله بأوراق التبغ، ففاجأك السائل الاحمر. ولم تتوجع الا حين نزعوا السكين من ركبتك، وضمدوا جرحك وعاقبوك علي طيش التجربة.

هكذا رأيت الدم الاول.. دمك الذي علمك ان الندبة ذاكرة لا تكف عن العمل، كلما نظرت اليها شممت رائحة التبغ الذهبي، وعباءة جدك المعلقة كخيمة في الريح. وكلما لمست الندبة استمعت الي بكاء الدم وكرهت الحناء.. علي ايدي العرائس واقدامهن، واشحت بوجهك عن رقصة الديك الاخيرة، وعن خروف العيد، ولم تشارك اترابك لعبة تعذيب العصافير/ وحلمت، وما زلت تحلم حتي الهزيع الاخير من الحلم، بأن عصفورا حط علي يدك، فضممته وشممته وفاحت من ريشه رائحة الصيف، ولثمته، ثم كلمته قائلا: يا أخي! عد الي فضائك، فعاد اليك في حلم الليلة التالية.

كأنك طفلي، كأني أبوك. ولم يدللك أبوك لئلا يرميك اخوتك في جب الحكاية. فاحملني كما حملتك، لأري من بعيد الي ذلك الازرق المنساب من كل بعيد تصفيه المسافة من كل شائبة، ففي الحكاية حقل اوسع مما كان.

ولم اكن طفلا آنذاك، ولكني هو الان في وداع يفتح لفعل الماضي الناقص باب المدائح علي مصراعين: المكان المفقود، والزمان المفقود. ليس المكان هو الفخ اذ يصير الي صورة، ففي الذاكرة ما يكفي من ادوات التجميل لتثبيت المكان في مكانه، وما يكفي لترتيب الاشجار علي ذبذبة الرغبة، لا لأنه فينا وان لم نكن فيه، بل لانه الامل هو قوة الضعيف المستعصية علي المقايضة. وفي الامل ما يكفي من العافية لقطع المسافة الطويلة من اللامكان الواسع الي المكان الضيق. اما الزمان الذي لم نشعر به الا متأخرين، فهو الفخ الذي يتربص بنا علي حافة المكان الذي جئنا اليه متأخرين، عاجزين عن الرقص علي البرزخ الفاصل بين البداية والنهاية!

فاحملني كما حملتك الفراشات الي مدارج الضوء، خفيفا مثلها، كلما انبلج الصبح من ثقوب بابك الخشبي، وانهمرت ألوان طائرة لم تعرف اسماءها، كخواطر سماوية مبعثرة، علي حقول خالية من الجيش. هناك، حسبت ان الارض تطير وترقص. فوقفت علي صخرة وفتحت ذراعيك للريح وقفزت الي اعلي لتطير، فأحاطت بك الفراشات كشقيقات، واعانتك علي الطيران.. ولم تفلح. لكنها ادخلتك الي مدار اللازورد، ودربتك علي فقه العزلة. فابتعدت عن البيت، وخلوت الي الشجر الذي لم تعرف من اسمائه الا ما خف لفظه، كالزيتون والخرنوب والسنديان والبلوط. ولم تعرف من اسماء النباتات الا الخبيزة والهندباء ذات الزهر الليلكي كلون عيني جدتك.

هناك سكنتك فتنة الطيران والعزلة. وهناك، حاولت ان تولد من حلمك، دون ان تدرك الفارق بين الحلم والخيال. في مساء ما، تسللت من خلوتك الشجرية الي بوابة الدار الجنوبية ودعوت الحصان الي الخروج معك، فأطاعك وخرج. وعلي محاذاة صخرة عالية اوقفت الحصان الفاتن وقفزت علي ظهر املس دون سرج. قادك، كما يقود الهواء سحابة، الي منحدر يؤدي الي حقل لا نهاية له. فهمزته فاستجاب، وصار الهواء ريحا فانتشيت: اني اطير. كل شيء يطير. الشجر، الأرض، الجهات، النباتات، الريح. ولا غاية من هذا الطيران سوي لذة الطيران الي المجهول، حتي هبط الليل علي المجهول وعلي المعلوم، وصار المكان أعمي. لم تعلم انك قد سقطت. لكن الحصان العائد بلا فارسه الصغير هو من دل اهلك علي موقع طيشك. ضمدوا الجرح في حاجبك الايمن، ثم عاقبوك. اما الندبة علي حاجبك الايمن، الندبة التي لا تراها غير الانثي الخبيرة باستجواب قلب الذكر فهي ذاكرة فراشة تقلد نسرا.

وعلي سبابة يدك اليسري ندبة اخري. جلست وبنتا صغيرة كيمامتين علي حجرين في كرم زيتون. سأقاسمك هذه التفاحة، قلت لها، وأنت تنظر في عينيها وتمرر السكين الصدئة علي اصبعك بدلا من التفاحة. خافت من الدم وهربت وانت تناديها: خذي التفاحة كلها! وداويت جرحك بحفنة من تراب مخلوط بالعشب اليابس.

لم أسألك وانت تكبر امامي عما يجعلك تجرح نفسك كلما غبت في حضور، ألكي تثير الانتباه، أم لتعود الألم علي رائحة البصل؟ سموك الشقي، وانت اطلقت علي طائر الدوري لقب الشقي. هو شبيهك في التوتر، ونقيضك في الحذر. لكنك احببت مهارته العالية في مراوغة الصياد، فلا عش له الا الحيلة. واحببت فيه حيرة اللون بين الحنطة والضوء، وخفة الطيران علي ارتفاع منخفض وعال برفرفة واحدة، ومخاتلة المشي بين الناس، بلا وجل، كمخبر قادر علي الافلات من قبضة اليد الخائبة.

وسموك الشقي لانك تبكي من فرح او من حزن، دون ان يؤول احد صوت الريح في قصب سرعان ما يتحول نايات. ماذا يقول الناي؟ هل يحمل في ما يحمل هذيان الريح، أم ينقل فرح الرعاة بولادة حمل جديد، ام خوفهم من قطيع ذئاب يحاصر قطيع الاغنام؟ يستدرجك الناي الي البعيد، وتبكي كمن يستبق الفاجعة. لا غيم اسود في الأفق/ فلماذا تبكي والموت بعيد؟/وحديقة بيتك عالية/والشرفة عالية/والصفصافة عالية/فلماذا تبكي/وطريق التبانة واضحة/والليل يضيئك من خصلة شعرك حتي اخمص قدميك؟/وانت تطيع الناي وتركض تركض/لا ذئب يعوي في الليل علي قمر اصفر كالليمونة/لا شبح يطلع من جذع الزيتونة كي يغتال اباك/لماذا تبكي؟/هل خوفك من فرح يبكيك؟ سألتك/لكني ادرك ان هواء الليل علي جبل مثقوب بالناي سيرشح دمعا سميناه ندي/ستصير غدا نايا سحريا/قلت/فلم تسمعني/لم يكبر جرحك بعد/فلا تتركني في هذا الوادي ابحث عنك سدي/لم تسمعني/ والان وانت مسجي فوق الكلمات وحيدا، ملفوفاً بالزنبق، والاخضر والازرق، ادرك ما لم ادرك: ان المستقبل منذئذ، هو ماضيك القادم!
http://www.latef.net/modules.php?name=News&file=article&sid=1293

Post: #614
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 10-28-2006, 03:46 PM
Parent: #613

الصديق العزيز:
زوربا


كل عام وانت والعائلة بخير ،
و خاصة المولود الجديد،
والصديقة سامية،
وكل الاصدقاء المشتركين.
قلت في سودانفوراول الآتي:
Quote: ولا تعجبني ردود المرابين في بوستات اسامة اين ماوجدت و اعتقد ان أسامه لا تعجبه

ولهذا أنا اعد قبل كل شيء عدد الايونات في ماهو غير منظور


كنت افضل ان تنشر هذا الكلام هنا،
لانني لا استطيع الرد عليك هنالك.

و انت واحد من الذين تداخلوا معي،في بوستاتي,
و افتخر بذلك .

فمن هم اؤلئك المرابون الذين تحدثت عنهم؟؟؟
ارجو التفصيل في ذلك .

مع محبتي ,
و أرقد عافية
المشاء

Post: #615
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-10-2006, 02:53 AM
Parent: #1

up

Post: #616
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-11-2006, 04:36 AM
Parent: #615

الذين يتحدثون عن انهم غربيون، في اطار علاقتهم بالحداثة،رغم انهم من العالم الثالث،
لا يشفع لهم انهم يقولون انهم غربيون غير اوروبيين.
ولا يمكن تصديق مثل هذا الزعم من مبدع من العالم الثالث،
في وقت تنطرح فيه مقولات مثل تعدد الحداثة،
وهي بالتاكيد لم تطرح من قبيل ان التعدد هو تعدد غربي،
باعتبار ان دعاة توسيع مواعين الغرب،يدعون انهم غربيون غير اوروبيين.
صحيح ان الحداثة كما طرح هابرماس في محاضراته عن الخطاب الفلسفي للحداثة ،
انها نشات في الغرب،
مثلما طرح ماكس فيبر ان الراسمالية نشأت في الغرب،
في اطار بحثه عن عامل ثقافي شكل الراسمالية في الغرب،
من خلال ما اسماه ماكس فيير بالروح البروستانتية.
هذا الزعم بغربية مبدع من العالم الثالث،
هو زعم ينم عن عدم اطلاع كاف على تواترات الحداثة،
وخاصة في الشق الابداعي،وبالتحديد في اطار التشكيل الغربي الحداثي،
الذي استلهم حضارات كانت توصف في الخطاب الغربي المركزي بانها بدائية،
كما في حالة الاقنعة الافريقية وغيرها من الامثلة الساطعة.
الذين يريدون توسيع مواعين الغرب الحداثية ،
ربما يسعون الى توسيع مواعينهم في السوق التشكيلية الراسمالية.
وسنعود للحديث عن الهوية في خطاب محمود درويش.
المشاء

Post: #617
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-11-2006, 05:17 AM
Parent: #616

محمود درويش هو نموذج لحداثي فلسطيني،
ولا اظنه يمكن ان يقول انه حداثي غربي،لكنه ليس اوروبيا،
كما زعم حسن موسى،
وسنعود لمواصلة حوارنا معه حول اطروحاته الغربية عن الحداثة.
هنالك تعالقات في الحداثة بين مختلف اشكالها،
لكنها لا يمكن ان تصل درجة التسليم بغربية الحداثة،
وأن يكون سعينا هو توسيع مواعين الغرب ،ك"سبلة" لكي نحشر أنفسنا فيها.
يمكن ان نتحدث عن تعدد لنماذج الحداثة.
ولذلك ،
فعلينا توسيع مواعين الحداثة ،
بحيث تكون نماذج الحداثة الاوروبية،
بحسب زعم حسن موسى،
ضمن نماذج يمكن ان تكون لا نهائية -نظريا-،
بدلا من التحدث عن توسيع "الغرب"،
كي نكون ضمن نماذج الحداثة الغربية ،
بحسب زعم حسن موسى.
ان توسيع الحداثة،وليس توسيع الغرب،
لا ينفي اعترافنا بان الغرب قد أسس الحداثة.
المشاء

Post: #618
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-12-2006, 03:21 AM
Parent: #1

حوار مع محمود درويش
حاوره سامر ابوهواش
شاعر من لبنان
________________________________________

ممتع الجلوس مع محمود درويش والتحادث معه, ليس لانه شاعر فلسطين واسمها الآخر, ولا لحضوره الرمزي الكبير عربيا, ولكن - ويجدر قول ذلك أحيانا- لانه شخص ممتع, التقيته في غرفته في الفندق خلال زيارته الاخيرة الى بيروت حيث أقام أمسية وكرم في جامعة البلمند, وكانت المرة الثانية التي ألتقيه فيها هناك. استقبلني بالطريقة نفسها, بالكرم الشخصي نفسه, الذي يسقط هيبة اللقاء ويدخل محلها نوعا من الخفة اللطيفة, من »أهلا وسهلا« التي يقولها غامرة عالية الى طريقة المصافحة يقول لك محمود درويش إنك بت صديقا, وبالأحرى يحثك على انشاء علاقتك معه على هذا النحو, بعد ذلك يشرع في حديث يريده عاديا, يسألك عن نفسك وعن بيروت وعن بعض الاصدقاء, ويحدثك عن نفسه, وعن بيروت وعن بعض الأصدقاء, يجلس على الكنبة نفسها التي جلس عليها المرة السابقة, وكأنه اعتاد طويلا الجلوس عليها, وكأنه يجعلها كنبته, مفتاحه الى غرفة غريبة في فندق غريب, وهذه أظنها من عادات درويش التي تعلمها خلال اسفاره وترحالاته الكثيرة, أي كيف يألف الأمكنة الغريبة ويروضها, إذ وعلى الرغم من عمومية درويش, أي كونه شخصا عاما بامتياز, وربما بسبب ذلك, فانه يحرص على اظهار هذه الناحية الشخصية, فالرجل هو ايضا رجل عزلة, وهذا ربما احد أسراره, أي أن يكون قادرا على حمل نفسه ونفسه وحدها, ليشكل منها أينما وجد, ومهما كانت فترة اقامته قصيرة وعابرة, ما يشبه شرنقته الخاصة, عالمه الخاص, فرديته.
في مقابلتي الأولى معه تحدثت ودرويش في السياسة, في الراهن الفلسطيني الفارض حضوره عليه وعلينا, والارجح ان درويش خلال زياراته الكثيرة تحدث كثيرا في السياسة حتى تعب. يسألني اذا ما شاهدت حوارا تلفزيونيا كان اجراه قبل يومين »كان فيه الكثير من السياسة أليس كذلك? « يسألني »لكن كان فيه الشعر ايضا« أجيبه وكأنني أطمئنه الى أن السياسة لم تحتكر كل شيء مثلما تهدد دائما أن تفعل.
يأتي المصور, تبدو على وجه درويش علائم اللاارتياح, يحب درويش صوره ويسألك باهتمام عنها, لكنه لا يجد نفسه ملائما للتصوير »أتعرف أنني ولا مرة شعرت إن وجهي تحبه الكاميرا.. أشعر أنني تحت وطأة سلوك رسمي له متطلبات التخاطب بالفصحى مثلا«, اخرج آلة التسجيل فـ»تكمل« معه »هل ضرورية هذه.. الا نستطيع التحدث من دونها? « »بلى, نستطيع ان ننسى وجودها« اجيبه »حسنا, سنتحدث اذا بالعامية«.
طوال ساعات ثلاث تحدثت ودرويش حتى نسينا- انا وهو- اننا نجري حديثا صحفيا, غابت الشمس وحلت العتمة في الخارج, ومع هذا التبدل في الطقس تبدلت نبرة درويش, خفتت, ودخل على وجهه شيء من العتمة الآتية من الخارج, قبل ان ينتبه الى اضاءة المصباح الكهربائي الآخر في الغرفة.
محمود درويش قامة شعرية وإنسانية كبيرة, تخرج من الحديث معه بصداقة تدرك انها باتت اعمق واجمل واقل رسمية, يعززها بنفسه لحظة وداعك »هات قبلة« قبلة على الخد, تشبه مصافحة, تترك بصمات لا تمحى على الكف والقلب معا.
* لاحظت من خلال قصائدك الكثيرة ان والدتك حاضرة اكثر من ابيك, او بالأحرى هذا هو الانطباع العام, نشعر أننا لا نعرف اباك بقدر ما نعرف أمك, ماذا عن العلاقة بالأب?
* أحب ان أصحح هذا الانطباع, فأبي حاضر حضورا واضحا ومبكرا في شعري, حضور مرافق لحضور والدتي, مثلا في »عاشق من فلسطين« هناك قصيدة مهداة اليه, »نهاني عن السفر«, في »أرى ما أريد« وهناك مرثية طويلة له »رب الايائل يا أبي« وفي »لماذا تركت الحصان وحيدا« هناك ثلاثية حوار بين الأب والابن خلال الهجرة الاولى الى لبنان, فمن ناحية الكمية هو حاضر, اكثر, او على الاقل حاضر بشكل مواز لحضور أمي.
علاقتي بأبي كانت, وكما يقول شعري, علاقة يلتبس فيها من هو الأب ومن هو الابن, وهذا اقوله في »رب الايائل يا ابي«, كان ابي رجلا خجولا جدا يعاملنا بمسافة, وكان ايضا رجلا حزينا, لان هموم الحياة انقضت عليه باكرا جدا حيث انتقل من مالك أرض الى عامل في أرض, وحمل أعباء عائلة كبيرة, وهو من طبعه انه لم يوبخ أحدا منا, بينما الشخصية الأقوى في البيت, والتي كنت أعتبرها عنيفة الى حد ما, هي والدتي, وكنت أعتقد طفلا, ونتيجة ما كنت اعتبره معاملة قاسية منها, انها لا تحبني, وبقيت هذه الفكرة معي إلى أن سجنت للمرة الأولى, وعندها أدركت انها تحبني, بل أدركت كم تحبني.
في أية حال لم يكن سلوك أمي أو أبي بالمستغرب, اذ من عادات القرويين في ذلك الزمن الا يعبروا عن حبهم وعاطفتهم تجاه بعضهم البعض, لم يكن اعتياديا, كما نرى اليوم, ان يعبر الأب والأم عن حبهما لابنائهما, وكأن الحب عيب, أمر ينبغي اخفاؤه في المناطق القصية من المشاعر.
* ليس هناك كلمة »أحبك« مثلا.
* اطلاقا, هذه الكلمة لم اسمعها حتى الآن لا من أمي ولا من ابي, حتى في طفولتي لا أتذكرها, بالتأكيد قالاها لي وأنا أصغر من أن أعيها, وهذا الخجل بين ابي وابنائه توارثناه نحن الأبناء, فنحن الاخوة لا نحكي مع بعضنا في أي قضية شخصية او حميمية, نحكي في القضايا العامة, عائلة خجولة جدا, وعلى سبيل المثال لاحظت ان بنات أخي الاكبر يشتكين لي انه لا يحكي معهن ولا يتدخل في شؤونهن, هو مدير المدرسة التي يتعلمن فيها, ولكنه لا يساعدهن ولا يسألهن عن دروسهن, ولا يحدثهن في أمورهن الخاصة, نوع من الانفصال العاطفي, لكنه لا يعني ان أخي غير عاطفي, لكن ليس هناك تعبير عن العاطفة, اضافة الى انه وبسبب موقعه كمدير مدرسة يضطر الى ان يكون محايدا, هذا النوع من العاطفة المكبوتة أظن انه من ميراث ثقافة قروية عربية, وبالنسبة الى الوضع الفلسطيني تجده يتفاقم, اذ يكون الأهم بالنسبة إلى الأب مثلا أن يحمي أولاده وهذا يتضمن أحيانا ان يفر بهم الى أماكن آمنة كما حصل في هجرتنا الأولى, وان يؤمن لهم حياتهم, أي أن يضطلع بمسؤولياته كأب, ويأتي ذلك غالبا على حساب العاطفة المباشرة, لكن كما قلت لك علاقتي بأبي نمت لاحقا, مع تقدم وعيي, وحيث بت قادرا على فهم حكاية أبي, والنفاذ منها الى عالمه الداخلي, هذا الفهم الذي ترجمته شعرا.
الجد
* في غياب هذا النوع من العلاقة مع الأم والأب, ألم يكن هناك من هو قريب منك عاطفيا, الخالة او الخال مثلا?
* جدي كان الاقرب الي, واعتبره أبي الروحي والعاطفي, كان يدللني صغيرا, ويصطحبني معه اينما يذهب, هو اخذني الى عكا والى القرى المجاورة, وكان يصطحبني معه ايضا الى منزل صديقه الأعز وهو خوري القرية, وكان يجلسني في مجلسه, وهو مجلس جليل ضخم في غرفة مغلقة وكانت ممتنعة على الآخرين, وكان في هذه الغرفة كتب تراثية, وكان يفتخر جدي بكوني استطيع القراءة وأنا في تلك السن المبكرة, قرابة ست سنوات, ويجعلني أقرأ أمام أصدقائه, وجلساته, وكان يهديني الكتب أحيانا, وهو مثلا من جعلني اقرأ حكايات جاليفر اوليفرتويست, واهداني مجموعة شكسبيريات مبسطة للأولاد, وكان كلما ذهب الى المدينة يحضر لي هدية كتابا.
* كان يتوسم فيك شيئا?
* لا أعرف, لكنه كان يفرح بقدرتي على القراءة, وحين هاجرنا الى لبنان وكان معنا كان يعطيني الصحيفة كي اقرأها بصوت عال.
* هل كتبت شيئا لجدك?
* بطريقة غير مباشرة في السيرة, وجميع العلاقات على هذا المستوى عبرت عنها في هذه السيرة الشعرية ولاسيما »لماذا تركت الحصان وحيدا? «.
* كيف تصف نفسك في تلك المرحلة المبكرة, هل كنت هشا او ضعيفا بين الاولاد, هل كنت تخجل من نفسك مثلا?
* لم أكن مشاغبا, كنت سليط اللسان وسريع البديهة وهاتان صفتان اخذتهما عن أمي, لكنني جسديا كنت ضعيفا, وكان هذا يرشحني دائما للتعرض الى اعتداءات من أولاد آخرين, حين ولدت كنت ضعيفا جدا وكان يفترض الا أعيش وقال الطبيب ان حياتي لن تستمر الا أياما. فكنت اتصدى للأولاد بسلاطة لساني, وبما افترضته تفوقا عليهم في منطقة بعيدة عنهم, أي من خلال القراءات, كنت أحاول التميز عنهم بأنني غير مشغول مثلهم بالألعاب, وأذكر مثلا أنني قرأت باكرا لطه حسين, وكان هاجسي الأول إثبات وجودي بتفوق ذهني لانني لا أملك إمكانية المبارزة على المستوى الجسدي.
ذكريات جارحة
* هل لديك ذكريات جارحة أو قاسية من تلك المرحلة, أعني هناك ذكريات من الطفولة ترافقنا طويلا, وهذه عادة لا ينتبه اليها الكبار باعتبار أنها هامشية أو اعتيادية?
* بين ذكرياتي الجارحة أذكر ذات مرة حين كنت عائدا من المدرسة حين أوقفني ولد في صف أعلى مني وضربني بلا أي سبب او مقدمات.. شعرت بالانسحاق, لا للألم, بل الاهانة, ومما زاد شعوري بالاهانة أنني غير قادر على الرد عليه لانه أكبر وأقوى مني.. وعيي هذا الأمر كان يؤلمني. وما انقذني من هذا الموقف هو أحد المعلمين الذي كان مارا من هناك فأخذني من يدي وحاول أن يواسيني.
* ما يؤلم في حالة كهذه هو الانكشاف, أي انكشاف الضعف أمام الآخرين وافتقاد الأدوات للمقاومة او التعويض عن النفس.
* تماما, الاهانة هي أكثر ما آلمني, أن يعتدي علي شخص من دون أي سبب ولا استطيع الرد عليه, وهذا الجرح المبكر الذي لم يندمل, ساهم في ادخالي في عزلة مبكرة, حيث كنت آخذ كتابا واذهب الى حرش الزيتون واقرأ وحيدا. مرة اخرى شعرت باهانة مبكرة هنا في لبنان ابان الهجرة الأولى.. شتمت مرة أو مرتين بكلمة لا أعرف معناها, بنات لبنانيات في الصف قلن لي »لاجئ« ولم أكن أعرف معنى هذه الكلمة. وحين عدنا الى فلسطين أهنت بهذه الكلمة مرة أخرى من فتاة كنا لاجئين في قريتهم, وكان هناك تنافس مدرسي بيني وبينها, وكنت متفوقا عليها, فقالت لي »أنت لاجئ« واذا لعنة اللاجئ أو شتيمة اللاجئ ليست فقط خارج فلسطين, فداخل فلسطين هناك اللعنة نفسها.
* لا يزال حتى الآن هناك لاجئون في فلسطين نفسها.
* للأسف, فأنت تجد لاجئا عن بلدته او مدينته أحيانا في جوار البلدة او المدينة نفسها, فان تكون لاجئا بداية هو الا يكون لك بيت تستظله, ان تقيم في خيمة حتى لو كانت هذه الخيمة تبعد امتارا عن بيتك, أو أن تقيم في منزل مستعار ومؤقت, هاتان الحادثتان, أي الضرب والشتيمة, كانتا من بين أكثر الأشياء المؤلمة في حياتي, وأظن أنهما ساهمتا الى حد بعيد في تحديد مسار حياتي ووعيي.
الحاسة السادسة
* هذا النوع من الهشاشة والضعف هل أمدك بنوع من الحاسة السادسة المبكرة تجاه معاناة الآخرين, تجاه ضعفهم وهشاشتهم?
* لا استطيع وصف الأمر كذلك, لم أعط هذا المعنى, كنت أشعر أنني انا الهش, وكنت أعالج هشاشتي كما قلت بمحاولة التميز والتفوق في مجالات أخرى,لاحقا صرت أعي أن هذه الاهانات هي في واقع الامر غيرة, وصرت أشعر انهم هم الاضعف, وابتدأ عندي بالتدريج ان من يظلمك انما هو يغطي هشاشته الداخلية.
* أظن أن الشعر جاء في تلك المرحلة?
* لم أكن في تلك السن أعي قوة الشعر والكلمات بصورة عامة, كنت أقرأ وأكتب أحيانا من دون الانتباه حتى الى انني أكتب شعرا, كان الشعر, كما القراءة جزءا من عالمي الخاص والحميم, وفي احدى المرات, فيما يسميه الاسرائيليون عيد استقلالهم, أي نكبتنا, طلب الي مدير مدرسة قريتنا دير الاسد إلقاء قصيدة للمناسبة, فكتبت وقتذاك قصيدة, من دون أن أعي انها قصيدة, هي في واقع الأمر رسالة الى ولد يهودي, أقول له فيها بما معناه انك اليوم تفرح وانا أحزن, تعي د فيما الدموع تنساب من عيني, وانه لا يمكن أن يكون عيدا بالنسبة إلي الا حين أشعر بما تشعر به, أي حين يتحقق لي ما هو متحقق لك, قرأت القصيدة في الحفل, فاذا بي افاجأ بعد انتهائي بمختار القرية مستاء جدا, وقال بما معناه »هذا اللاجئ يريد أن يوقعنا في المشاكل«.
* اللاجئ مرة أخرى?
* الشتيمة نفسها, المهم أنني لم أكن أدرك أن ما قلته يمكن أن يعني أحدا أو أنه شعر.
* كان موزونا مقفى?
* أجل.. لكن من دون تقصد كتابة الشعر, كنت أقوم بما يشبه الواجب المدرسي او فرض الانشاء.. لكنني فوجئت باستحسان أهالي القرية, أي الاناس العاديين, للقصيدة, وكأنها جاءت لتعبر عن مشاعر مكتومة عندهم, لكن ما فاجأني أكثر هو استدعاء الحاكم العسكري لي وتهديده المباشر لي بالتوقف عن كتابة مثل هذه الأشياء, والا فان العاقبة ستكون كبيرة, كأن يمنعون أبي من العمل, عدت الى البيت ولدي شعور مختلط بالخوف على أهلي, وفي الوقت نفسه بأن ما قلته, الشعر, ليس بالأمر البسيط, وانه يمكن أن يزعج حاكما عسكريا الى درجة تجعله يهدد ولدا مثلي.
محاكاة أولى
* في هذه القصيدة المبكرة من كنت تحاكي, من كان مثالك أو نموذجك بين الشعراء أو الأدباء?
* كنت على الأرجح متعرفا على الشعر المهجري, والارجح الشعر الاندلسي, اضافة الى الشعر الجاهلي, وأذكر أنني سحرت بالمعلقات وأول ما طمحت الى كتابته فتيا هو معلقة شعرية, لم يكن وصلنا بعد الشعر العربي الحديث, السياب او البياتي او شعراء التفعيلة.
* لم تكن تعرفت على الشعر العبري?
* ليس بعد, الشعر العبري تعرفت عليه لاحقا.
* من هم الشعراء الحديثون الذين تعرفت عليهم بداية?
* كانوا ثلاثة بشكل أساسي محمود حسن اسماعيل وعبدالوهاب البياتي ونزار قباني وكنا نتصارع في المدرسة حول هؤلاء الشعراء, وكانت الانتماءات السياسية, من يمين ويسار, تنعكس في الانجذاب لهذا الشاعر أو ذاك, فينتقل أحدنا مثلا من محمود حسن اسماعيل الى البياتي ثم تتعمق علاقته بناظم حكمت.
* ماذا عن نزار قباني?
* نزار قباني كان خارج هذا المعنى, كان فوق التجارب السياسية والحزبية, كان يخاطب مراهقتنا, والمراهقة واحدة سواء كنت يساريا أم يمينيا, فتنني نزار قباني في ان هناك أشياء لا تقال كان يقولها, أي ان الشعر يستطيع قول كل شيء علمني نزار قباني ان الشعر ليس له هيبة, يمكن أن تشتغل قصيدة من بنطال, وان مفرداته ليست مستعصية, وان ما نعيشه يمكن ان نحكيه ببساطة تامة, فكنت انتقل بين هؤلاء الشعراء الثلاثة الذين ذكرتهم.
* تحدثنا عن عالمك الداخلي كطفل, مع المراهقة هل كنت تنظر الى شكلك, هل كنت تجد نفسك وسيما مثلا?
* أعي ان البنات كن يحببنني, كان شعري أشقر, ولكن لم أكن أظن أن شكلي جميل, ولكني كنت أحب أن يكون لي حظوة لدى الفتيات, بمعنى انني كنت مثل لعبة البنات, يغنجنني وربما كنت اسليهن لانني كنت سليط اللسان وجريئا.
* كيف هو شكل الحب في مجتمع قروي محافظ كالذي نشأت فيه?
* الحب كان يتم عبر تبادل الرسائل, لم تكن هناك قصص حب بل قصص وصال, فالرسالة كانت أقرب الى الزواج الرومانسي, وكنا نفكر بالرسالة كثيرا وننشغل بها... الخ, اما التفكير في الجنس فلم يكن ممكنا.
* متى بدأت تفكر بالجنس?
* لدي مجموعة حب أول وليس حبا واحدا, والمطلب الجنسي لم يكن واردا لدي او لدى أصحابي, كنا صغارا ولم يكن لدينا هذا النداء الجنسي الملح.
فريد الأطرش
* كنت تشاهد سينما?
* كنا نشاهد الأفلام الهندية بشكل أساسي وأفلام الكاراتيه وأفلام فريد الاطرش, الاستاذ وحيد..
* هل كان يجذبك عبدالحليم حافظ?
* كثيرا, كما كانت هناك أحزاب شعرية كان هناك حزبان في الغناء, حزب عبدالحليم حافظ وحزب فريد الاطرش, وكنت متعصبا الى عبدالحليم الى درجة أنني كنت أرفض الاستماع الى فريد الاطرش, الآن أجد أن صوت فريد الاطرش وكذلك ألحانه جميلة, لكن وقتذاك كنت متعصبا والتعصب يعمي, ومثلما يصيب الدماغ والعين والقلب يصيب الاذن أيضا..
* ماذا عن وجهتك السياسية وقتذاك?
* كنت متأرجحا بين الناصرية والحزب الشيوعي.
* لماذا عبدالناصر?
* ببساطة لانه كان زعيم العرب ومنقذ الأمة, لكن على مستوى الداخل كان انجذابي الى الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي كان يطرح قضايانا ويدافع عنا كأقلية ضمن المجتمع الإسرائيلي, كنا نعتبره حزبنا والمدافع عنا, وكنا منسجمين جدا في اطار هذا الحزب, من دون ان نكون بعد ايديولوجيين, بمعنى انه لم يكن لدينا فهم بعد للماركسية واطروحاتها.. ولم يكن هناك تعارض بين حبنا للحزب الشيوعي وحبنا لعبدالناصر, وحين حصل الخلاف لاحقا بين الناصرية والحزب الشيوعي كنا مشتتين, كنا ننحاز الى هذا الطرف أو ذاك, لكن لم تكن لدينا الحجج التي ندافع فيها عن هذا او ذاك.
* لم تأخذ خيارا?
* لا, لم أتمكن من ذلك
* لكنك بقيت في الحزب الشيوعي?
* لبضع سنوات, لكن لم يكن الخلاف حادا, وحين يخطب عبدالناصر كان الجميع يبحثون عن راديو للاستماع إليه, كان الراديو نادرا ايضا.
* متى سمعت كلمة فلسطين للمرة الأولى انت الذي نشأت ضمن المجتمع الاسرائيلي?
* كأقلية كان الاسرائيليون يعاملوننا كعرب, رفضهم واضطهادهم لنا كان على أساس اننا عرب, كان ادراكنا اذن لعروبتنا ومن هنا كتبت ؛سجل أنا عربي« ليس ؛سجل أنا فلسطيني«. كنا نعرف أن هناك بلادا اسمها فلسطين لكن لم يكن هناك مشروع اسمه فلسطين, أو كيانية اسمها فلسطين, يكفي أن تقول أنا عربي من دون الحاجة الى التعريف الفلسطيني, بدأت الفكرة الفلسطينية تنمو بعد نشوء منظمة التحرير الفلسطينية.
* بعد هزيمة 7691?
* وعلى انقاض هذه الهزيمة العربية, كان على الفلسطيني ان ينتبه الى فلسطينيته وان يأخذ أمره بيديه. لكن الآن انتبه الى ان مجموعتي الشعرية الثانية كانت بعنوان ؛عاشق من فلسطين« ولا أعرف من أين جاءني هذا التأكيد على الشيء الفلسطيني, خاصة كما قلت لك أننا كنا ننظر إلى أنفسنا كما كان الاسرائيليون ينظرون إلينا كعرب.
سجل أنا عربي
* ؛سجل أنا عربي« احدى أبرز قصائدك المبكرة والأكثر شهرة, هناك من يقول انك لا تحب هذه القصيدة وتتمنى لو أنك لم تكتبها?
* هذا غير دقيق, مشكلتي ليست مع القصيدة انما مع قارئها, أي أن محمولها ؛السياسي« والرمزي لا يشكل عبئا علي, لكن المشكلة هي مع القارئ الذي يتعامل معها على أنها بطاقة هويتي الشعرية, أي أن محمود درويش يعني بالنسبة الى قارئا معينا ؛سجل أنا عربي« حصرا, ولا يعرفني حتى الآن الا بها.. وسأحكي لك بصراحة حكاية هذه القصيدة التي تضعها في سياقها الفعلي, فقد ذهبت الى وزارة الداخلية لاستصدار بطاقة هوية أو لتجديدها, لا أذكر على وجه التحديد, وكان هناك استمارة على الموظف ملؤها وتتعلق بمعلومات عني, عن مكان وعن سكني وولادتي... الخ, الى أن سألني الموظف ؛القومية?« أجبته ؛عربي«, فعاود السؤال وكأنما في نبرة السؤال وفي إعادته على هذا النحو استنكار, فقلت له مجددا وكان الحوار يجري بالعبرية ؛سجل أنا عربي«, خرجت من عند الموظف واعجبني الايقاع فبدأت في رأسي بتدوين القصيدة قبل أن أكتبها على قصاصة ورق في الباص في طريقي الى البيت, وكان بناء القصيدة يشبه الاستمارة, أي صفاتي والمعلومات المتعلقة بي, لكن الشعر لم يعد أشقر بل بات أسود وباتت كفي ؛صلبة كالصخر« وبات عدد أولادي ثمانية, كرد على الموظف, أي الذهنية الاسرائيلية, التي يغيظها كثرة أولادنا, حشدت في القصيدة كل ما يغيظ هذه الذهنية صرت أطور بطاقة هويتي الشخصية وأوسعها لتصبح بطاقة هويتي الجماعية, وجاء ذلك كله بشكل عفوي وعلى شكل ملاحظات سريعة, وكتبتها كخاطرة لا كمشروع قصيدة.
* كتبتها على القافية?
* على عدة أوزان وقواف, لكن لم يهمني ان تكون قصيدة, أردتها صرخة تحد.. تركت هذه القصاصة جانبا ولم أعرها الكثير من الاهتمام, الى ان كان هناك مهرجان شعري في الناصرة يفترض أن أشارك به بقصيدة, ذهبت وألقيت قصيدة, ولاني كنت صغيرا, وكما يقولون اليوم هناك مطرب جديد صاعد, كانوا يقولون هناك شاعر جديد صاعد.. يقول كلاما, وكنت أحيانا أصعد المنبر بالشورت, لم يكن هناك علاقة بين شكلي ونصي, بسبب ذلك طلب الجمهور الي القاء قصيدة ثانية ولم يكن لدي, لكن في جيبي نص ؛سجل أنا عربي« فألقيتها, وحدث ما لم أكن أتوقعه, شيء يشبه الكهرباء شاع في الجو, الى حد ان الجمهور طلب مني اعادة القصيدة ثلاث مرات, يبدو إذن أنني كنت اعبر عن مكبوت بسيط جدا, لكن غير معبر عنه.
* كان شعورك العفوي حين كتبت?
* تماما, لكن أقولها لك بصراحة من قرر أن هذه قصيدة هم الناس وليس أنا.. هم الذين قالوا لي هذا شعر, أنا كنت أسميه نصا قبل أن يشيع مفهوم النص, من يومها واينما أذهب يثار هذا الموضوع ويطلب مني القاء هذه القصيدة, وهذا المطلب يتجاهل. انني مررت بتجربة جديدة, دخلت مع ؛العصافير تموت في الجليل« في الغنائية الخافتة ؛مطر ناعم في خريف بعيد..«.
* أي ليس الجملة الضاربة, بل النص المشغول?
* أي البحث عن الشعر, ولكن هذه القصيدة كانت دائما بمثابة العقبة..
* طاردتك?
* تماما, هنا في بيروت او في العالم العربي.. فكنت أخاف من أن تشكل عائقا يمنع القارئ من متابعتي.
* لكن رغم ذلك للقصيدة فضل كبير عليك?
* لا انكر ذلك فهي التي عرفت الناس علي, لكن هذا لا يعني ان أبقى, أو أن يبقى شعري, اسيرها.
أحن إلى خبز أمي
* هناك قصيدة أخرى لا تقل شهرة عن ؛سجل انا عربي« هي؛أحن إلى خبز أمي« وهي أيضا من بين القصائد التي تطلب باستمرار منك حتى انك في أمسية البلمند اخيرا نصبت فخا للجمهور بان قلت مطلع القصيدة, لكن يبدو ان هذه القصيدة لا تشكل عبئا عليك?
* لا تزعجني, وسر انتشار هذه القصيدة انها غنيت ولو بقيت قصيدة في كتاب لكان التعامل معها اختلف.
* لكن هناك قصائد أخرى غنيت, ومع ذلك لا تحوز الشهرة نفسها او الموقع نفسه عند الناس.
* هذا صحيح فـ»سجل انا عربي« غنيت مرات عدة وصنعت غناء سيمفونيا, فكانت القصيدة أهم من الأغنية, قوتها كانت في ذاتها وصارت خطرا علي وعلى تطوري إذ أرادني الناس أسير هذا المناخ التعبيري. لكن غناء قصيدة »أمي« من ناحية أخرى خدم القصيدة, وعرف الناس على وجه آخر لي ولعبارتي الشعرية.
* لديك مشكلة في تكرار المناخ او العبارة نفسها, هناك شعراء يبقون أسرى التطلب الجماهيري?
* هذه مشكلة, وأنا أقول دائما لا أحد ينجو من التكرار والا تكون القصيدة فعلا عمل وحي, أي ان الشعراء الأنبياء فاتحون خطا مباشرا مع الغيب.. لا أحد ينجو من التقليد خاصة في البدايات, حيث لا تكون شخصيته الشعرية تكونت بعد, وأنا لا أرى خطرا في التقليد, الخطر الحقيقي هو أن يقلد الشاعر نفسه, إذ أن تقليد الذات خاصة مع بلوغ النضج هو تعبير عن عجز لا عن طموح وعودة الى الخلف وتجمد, تقليد الآخر هو عبارة عن تقدم وطموح, أضف الى ذلك أن تقليد الذات واع, أما تقليد الآخر غير واع دائما, أحيانا تدخل قراءاتك الى نصك من دون ان تدري حتى..
* ليس الشاعر وحده هو المسؤول, فهناك الجمهور الذي يحبس الشاعر في تعريف واحد واطار واحد, وبالتالي يشعر الشاعر انه اذا خرج من هذا الاطار سينتهي, أي أن هناك تواطؤا بين الشاعر والذائقة العامة?
* لكن الذائقة العامة ليست نهائية, أنت تصنع الذائقة العامة, الشعراء يصنعون هذه الذائقة ويطورونها ويبدلون في مساراتها, فاذا لم تضف شيئا استفزازيا حتى على نصك لن تتغير هذه الذائقة, فالذائقة العامة تجاه نص كل شاعر, وأتحدث عن نفسي هنا, إذ هناك علاقة خاصة بيني وبين جمهوري.
* هناك توقع دائم?
* إذن أنا السيد في التحكم بهذه الذائقة وواجبي ان أغير هذه الذائقة, أما حين نتحدث عن تغيير الذائقة العامة بشكل عام فهناك صعوبة وتحتاج بالتالي الى حركة شعرية كاملة تساعد على التغيير, لذلك أتحدث عن علاقة محددة بين شاعر معين وجمهور أختاره بشكل حر وتلقائي, على هذا الشاعر أن يقدم باستمرار اقتراحات مقنعة لهذا الجمهور بانه ما يزال مرتبطا به, وان العقد بينهما لم يفرط.. انا أخاطب باستمرار جمهوري هذا وأقول له ؛حسنا احترم ما تعرفه, لكن اقترح عليك تغييره, لأن التوقف جمود والجمود موت وأنا أكبر في وعيي وثقافتي ومشروعي وفهمي للشعر.. هذا تخصصي أيها القراء وليس تخصصكم انتم تمارسون مهنا أخرى, لذا اسمحوا لي ان اقترح عليكم شيئا آخر. بالتالي الصدمة مطلوبة دائما, وقد تستغرب في تجربتي ان كل نص يثير صدمة لدى القارئ بسبب انزياحه بهذه الدرجة او تلك عما يعرفه, ثم يأتي نص بعده فتجد القارئ يطالبني بالنص السابق الذي أثار من قبل عنده صدمة, وإذن أنا أقوم بتراكمات أساسها الحقيقي ان هناك ثقة بيني وبين قارئي, وقارئي ليس واحدا بل يتحول, هناك باستمرار قارئ جديد, وأنا ألاحظ أن قاعدة قرائي تتوسع لان النخبة في العالم العربي تتسع بدورها.
* في أية حال هذا ما جعل أعمالك الأخيرة تجد قبولا واسعا على الرغم من أنها تقوم على أرضية مختلفة?
* قد تستغرب إنني اليوم أكثر توزيعا وانتشارا, لان النخبة كبرت والقارئ النوعي كثر, ثم انني اقنعت قرائي بانني في الجوهر لم أتغير, لكن أنا لدي طموح شعري مستمر, لذلك اقول ان انجازي الأكبر ليس في ايقاعاتي ولا تراكيبي بل في قدرتي على التواصل مع قارئ جديد ومختلف, وعلى ان اصطحب هذا القارئ في رحلتي وطموحي الشعريين, بحيث بات هو نفسه يطالبني بالتطور والتغير المستمرين, لا أتوقع بالتالي أن يكون قارئ ؛سجل أنا عربي« هو قارئ »الجدارية« أصبح هناك قارئ آخر »سجل أنا عربي« راح وحل محله قارئ آخر.
* لكن القارئ الأول ما زال موجودا?
* بطبيعة الحال اذ انك حين تقول قارئي لا تتكلم عن شخص, فهناك أشخاص تغيروا, هناك أشخاص ترجلوا من القطار وصعد آخرون هناك أناس صعدوا في المحطة الاولى, وغيرهم في الثانية وغيرهم في الثالثة... الخ.
تقدير
* منذ منتصف الستينات بت شاعرا معروفا في العالم العربي والاعتراف بك وتقديرك الى تزايد مستمر من ذلك الوقت, أحب أن أعرف متى بدأ أمك وأبوك, وأهلك وعائلتك, بالنظر اليك بتقدير, إذ يحدث أحيانا أن نكون مقدرين على نطاق واسع لكن عائلتنا لا تقدرنا على النحو نفسه, متى بدأت تشعر انك مهم أو لك معنى في عيون أهلك بالذات?
* منذ بدأت بدخول السجن, أهلي كانوا يعرفون أنني أكتب الشعر وأعمل في الصحافة, لكن شعورهم بأن ما أقوم به مؤثر هو حين بدأت بدخول السجن, وحين وضعت في الإقامة الجبرية صاروا يعاملوني كشخص له وزن, ولاحقا صاروا يسمعون شعري في الإذاعات فأدركوا أنني شخص مهم نوعا ما, واعتقد انهم بدأوا يقدرونني منذ ذلك الوقت, لكنهم لا يعبرون بالضرورة عن ذلك.
* هل كان لديهم مشكلة بسبب خلفيتهم الثقافية والاجتماعية مع كونك شيوعيا?
* اطلاقا, لم يكن لكلمة الشيوعي معنى ايديولوجي, بل معنى نضالي ووطني.
* يتبادر الي الآن اننا لا نعرف الكثير عن دراستك?
* أنا لم أتلق دراسة جامعية, إذ توقفت عن الدراسة في الثانوية, وذلك للأسباب التي ذكرتها وايضا لانه لم يكن في مقدور أبي تعليمنا جميعا بسبب الكلفة العالية للتعليم في اسرائيل.. بالتالي كان علي أن أعلم نفسي بنفسي من خلال القراءات.. والمفارقة انني دخلت الجامعة لاحقا لاعطاء المحاضرات, لكنني لم أدخلها تلميذا.
* أمك قرأت بالتأكيد أو سمعت »أحن الى خبز أمي« لكننا لا نعرف رد فعل أمك عليها?
* ولا أنا, حتى الآن لا أعرف..
* لم تسألها?
* ولا مرة, لا تجيب.. لكن أخواتي قلن لي انها تفرح حين أكتب لها خاصة حين اسميها بالاسم كما في »تعاليم حورية«.. علاقة اخواتي البنات بها مختلفة عن علاقتنا نحن الذكور بها, وهن ينادينها باسمها الأول, رافعين الكلفة معها, وهن يخبرنني انها تفرح كثيرا, لكنها لا تعبر عن ذلك أمامي..
* هل تدرك انها بعد قصيدتك لها باتت أما استثنائية?
* لا أعرف شعورها, مع انها سليطة اللسان ولاذعة ودمها خفيف, لكنها لا تفصح بسهولة عن عالمها الداخلي.
* هل يحزنك انها كبرت?
* لا , كبرت أمي في غيابي مثلما كبرت في غيابها, ولا تنس اننا لم نر بعضنا قرابة ثلاثين عاما.
* اطلاقا?
* كانت علاقتنا مقتصرة على المخابرات الهاتفية, ومرة رأيتها في القاهرة.
* كيف تصف مشهد عودتك بعد هذا الغياب الطويل واستقبال أمك لك?
* حرصت لدى زيارتي الأولى لمناسبة المشاركة في تأبين اميل حبيبي على ان يكون دخولي صامتا أو متواريا, لذلك ذهبت الى البيت ليلا وقلت لأخي بألا يخبر احدا انني ذاهب الى البيت, لكن حال وصولي الى البيت ورؤية أمي لي حتى راحت تزغرد وكان هذا إشعار للبلدة كلها بأني رجعت.
* هل بكيت?
* خبأت دموعي.
* هل بكيت كثيرا في حياتك?
* كثيرا وما أزال ابكي.
* تبكي أي تذرف الدموع أم تخبؤها?
* اذرف الدموع.
* ما الذي يبكيك?
* أشياء كثيرة, أحيانا حين أشاهد التلفزيون وأرى مشاهد الانتفاضة, مشهد محمد الدرة ابكاني مثلا, وقد يفاجئك ان الأفلام العاطفية القديمة تبكيني.
* متى بكيت آخر مرة?
* قد يفاجئك هذا, لكنني بكيت هنا في لبنان خلال أمسية البلمند, فخلال القائي المقطع الذي أقول فيه »وانا وقد امتلأت بكل أسباب الرحيل/ فانا لست لي/ انا لست لي« وحين وصلت الى العبارة الأخيرة غالبتني الدموع وفاجأتني ووجدتني ادير وجهي الى الجهة الاخرى لكيلا يرى الحضور ذلك. وهذه ربما هي المرة الثانية التي ابكي فيها على المنبر, ففي تونس في الثمانينات فاجأني البكاء أيضا, وبعض الذين كانوا حاضرين تلك الليلة قالوا لاحقا أن هيئة البكاء كانت بادية علي منذ اللحظة الاولى لاعتلائي المنبر, لكن أول بكاء جارف وغزير كان في 1967.
* وقت الهزيمة?
* مع طقس دخول دايان الى القدس, بدا المشهد أكبر من احتمالي ووجدتني منخرطا في بكاء عنيف شعرت معه أن جسدي كله يهتز معه, ولم أحس بالزمن وهو يهر علي على هذه الحالة.
الشعر العبري
* هناك شاعر امريكي اختارك والشاعر اليهودي ايهودي مينوحين كشاعرين للسلام كيف تصف علاقتك بالشعر اليهودي?
* ماذا تعني بالسلام?
* اعني ان هذا الشاعر الامريكي اختار قصيدة لك ووضعها في مقابل قصيدة أخرى لمينوحين يعبر فيها كل منكما ومن زاوية نظرته الخاصة عن توقه الخاص الى السلام والحرية وعن علاقته بالأرض.
* حسنا.. علاقتي بالشعر العبري بدأت بطبيعة الحال من خلال الكتب المدرسية حيث كان هناك عدد من الشعراء المقررين في المنهاج, لكنني لم أكن أحب هذا الشعر, إذ كانت علاقتي به كعلاقة فضول, أحببت التوراة مثلا لانني وجدت فيها شعرية اكثر مما وجدت في شعر بياليك, الشاعر القومي في اسرائيل.. لم أحب شعره بسبب قوميته الشديدة التي تفوق احتمال شخص مثلي, فهو يغني للمكان, لفلسطين, ويحن إليها, بحيث لا يبقى لي شيء في المكان.
* هناك علاقة مبتورة أصلا بهذا النوع من الشعر?
* تماما, فلغة بياليك تستولي على مكاني وأنا أولي هذا الحب والحنين للأرض, منذ البداية اذا هناك نوع من الجدار وأنا نفسيا كنت دائما ضد اختراق هذا الجدار, وبياليك هو شاعر مكشوف لا يضللك جماليا, وبالتالي ما لفت نظري الى الشعر العبري بعد المدرسة هو بالذات الشاعر الذي ذكرت, أي مينوحين, فهو شاعر كبير حقا.
* حزنت حين مات مؤخرا?
* أسفت, لانه ليس هناك علاقة بيني وبينه, وأنا التقيته مرتين عابرتين فقط, وكان أنيقا ومهذبا, المرة الثانية كانت في نيويورك, واقتصر اللقاء على المصافحة, لكنني رفضت جميع الدعوات الى مهرجانات شعرية تجمعني به أو بسواه من الشعراء العبريين, وقد حاول أن يوسط بعض الأشخاص لكي اشارك, وكان هذا سبب اضافي لدي للرفض.
* ماذا عن العلاقة الشعرية به, فهو يكاد يكون الوجه المقابل لك في الجهة الأخرى?
* مينوحين شاعر بارع في إخفاء حسه الايديولوجي, فهو يحاول أن يوظف اليومي والهامشي والانساني مكان الاسطورة اليهودية, وبالتالي فان شعره يقترح تعديلات شعرية على التوراة. فهو يفضل أن ينظر السياح الى رجل عادي يحمل سلة خضار بدلا من الآثار الرومانية, أي تسليط الضوء على إنسانية الإنسان, ولكن مع ذلك هو شاعر ايديولوجي, المشترك بيني وبينه هو اننا نتنافس, أو أن لغتي ولغته تتنافسان على المكان نفسه, هو يمتلك المكان بلغته وأنا امتلك المكان بلغتي, وحفريات لغتنا تلتقي أحيانا ونحن نحفر, لاننا نتصارع في نهاية الأمر على المكان نفسه, دائما كنت أقول أتمنى ان تكون حروبنا حروبا لغوية وشعرية ومن يملك جماليات أكثر, كنت أحب هذه المبارزة غير المقصودة بيننا, كنا دائما نلتقي عند ذلك الفراق, او نفترق عند ذلك اللقاء, لكنه شاعر كبير بلاشك, وهو الشاعر الأهم في الأدب العبري الحديث.
* تقول لريتا في »شتاء ريتا الطويل« من »أحد عشر كوكبا«: »ضاع يا ريتا الدليل/ الحب مثل الموت وعد لا يرد ولا يزول« وتحدثها عن »لعنة الحب المحاصر بالمرايا« هل يحاصرك تأويل قصائدك الغرامية لريتا?
* أخشى أن يؤول الحب بصورة عامة الى موضوع من خارجه, وقصيدة الحب عندي تمثل البعد الانساني الذاتي شبه الوحيد القادر على التعبير عنه وسط الصفة التمثيلية التي تحمله, ولكنني لا أستطيع أن أتحرر من ضغط التاريخ على المشاعر وعلى الهوية, وأحذر ألا أحول المرأة الى موضوعة, أتعامل مع المرأة ككائن إنساني, وأجري معها حوارا شعريا إنسانيا متكافئا بين كائنين إنسانيين. للأسف في ريتا تتداخل نساء عدة, صارت ما يشبه الشيفرة, لذلك أقلعت تماما عن الكتابة عنها لكيلا تتحول الى ؛سجل أنا عربي« عاطفية.
* في »أنا يوسف يا أبي« من »ورد أقل« تقول »اخوتي لا يحبونني« هناك التباس قائم حول هؤلاء الاخوة, هل نستطيع ان نعرف من هم?
* هذا هو السؤال الوحيد الذي لا أريد الاجابة عنه لانه يحرج اخوتي ويحرجني, ولكنهم بالتأكيد ليسوا اشقائي, أي ليسوا اخوتي في العائلة.
* أظن أن هذه اجابة?
* ربما.
* ارتبطت بصداقة بياسر عرفات, ألم يخفك ارتباط اسمك به?
* لا اعرف, لا يستطيع الشاعر أن يقول إنه صديق لقائد أو حاكم, لان الشروط غير متكافئة, ولكن تعاملي مع ياسر عرفات فيه الكثير من البعد الانساني, وعنده من لياقة السلوك ما ينسيني انني أمام زعيم, بل أمام انسان.
* بعض الخبثاء يقول إن »مديح الظل العالي« كتبت له?
* لا.
* ظل من إذن?
* هو ظل المقاتل والفدائي وهذا واضح في القصيدة.
تأثرات
* هل تأثرت بالعمق بشعراء غربيين بمعنى هل ثمة من الشعراء الغربيين من تعتبره من روافد عبارتك الشعرية?
* بالطبع, لا يمكن فهم شعري اذا لم تفهم مرجعياته, أكثر شاعر تأثرت به في شبابي الشعري هو لوركا, تعلمت منه تغيير وظائف الحواس في اللغة, تعلمت الشفافية التعبيرية, أي كيف تستطيع جعل شيء ثقيل ومادي في غاية الخفة كالفراشات, لوركا ادخلني عالم الفراشات, كيف يصير البحر فراشة, والغابة فراشة, والمقعد فراشة, شاعر مائي بامتياز, شاعر آخر هو بابلو نيرودا علمني سلوك الطرق الوعرة, تلك الغنائية المتصاعدة في رحلات كبيرة, على طرق الملاحم, صعود المنحدرات والجبال والعناصر.
* بالنسبة الى لوركا يبدو أحد أكثر الشعراء التي التصقت صورتهم الشخصية بشعرهم, بمعنى ان سيرته وصورته هما رافدان اضافيان في قراءة شعره, هل تعلمت ذلك منه أيضا, بمعنى هل طمحت الى ان تكون صورتك على صورة شعرك?
* لم أتأثر بشخص لوركا, وحتى وقت لاحق بدأت في قراءة السير والانسحار بها ومنها سيرة لوركا, لكن هذه المعادلة, أي الصورة والنص, لم تكن بين ما تعلمته من لوركا, علمني شعره, هناك ذات النبض الداخلي الذي يحيل الاشياء الى خفة مطلقة كما قلت لك, ثم تعلمت مع نيرودا قوة الشكل, وانه لا حدود للاندفاعات الكبرى للشاعر, وهذه غير موجودة عند لوركا.
* تحدثت في بداية حوارنا عن ناظم حكمت?
* جذبتني انسانيات ناظم حكمت, لكنه خرج بسرعة مني ربما لشدة ما اصبح موضة, لكن الآن استعدته واكتشفت ان شعره في الواقع اهم من صورته في الشعر العربي, اهم بكثير.
* ماذا عن ت.س . إليوت?
* من بين الشعراء الانجليز سحرني إليوت بصورة خاصة, حاولت أن أكون أقرب عاطفيا الى نص أودن, ان اعلم نفسي حبه, بسبب يسارية هذا الاخير ويمينية او محافظة إليوت, لكنني ملت في النهاية الى اليوت.
* ما الذي اعجبك في نصه?
* إليوت منظومة شعرية كاملة, ومنه تعلمت تلك العلاقة الفريدة بين النثر والشعر, أي كيف يتحول الشعر الى نثر الحياة, أي أن الشعر يتسع بنثر الحياة, أضف الى أن إليوت صاحب مشروع يمكن اختصاره في نظريته الغامضة حول المعادل الموضوعي, أي حين يكون هناك شيء موضوعي, حدث ما, يخفف حدة اندفاع العواطف, النقد بشكل عام لم يجد حتى الآن تحليلا كاملا.
* هناك شعور بأن إليوت بالنسبة الى المتلقي العربي والحداثة العربية بقدر ما فتح أبواب الحداثة أقفل أخرى, بمعنى أن جزءا كبيرا من الحداثة العربية علق عند حدود »الأرض الخراب«.
* هناك الكثير من التقويمات والاحصاءات التي تضع إليوت كأحد أكبر القامات الشعرية في عصرنا الحديث, المشكلة كما قلت في التلقي,إذ لا نستطيع أن نطالب إليوت بألا يكون عظيما الى هذا الحد مثلا.
* هل تشعر انك اقفلت أو فتحت أبوابا?
* لم أفعل في الشعر العربي ما فعله إليوت, لا أدعي شيئا من هذا النوع.
* قرأت ازراباوند?
* قرأته وتعبت في قراءته, باوند كمشروع شعري ونظرية أهم منه, كانجاز شعري, وهذه النظرية تتجلى في أناشيده, اقتراحات باوند الثقافية والشعرية أكبر بكثير من انجازه الشعري.
قصيدة النثر
* لم تدخل في سجالات مع قصيدة النثر?
* لا ينبغي لي فعل ذلك, هناك من اتهمني سابقا بالعداء لقصيدة النثر, لكن الدليل الوحيد على »عدائي« لقصيدة النثر هو انني لم اكتبها, بالنسبة لي أهم ظاهرة شعرية وأهم اختراق شعري في العالم العربي تمثل في قصيدة النثر, لكن بقدر ما تطورت قصيدة النثر بسرعة بقدر ما دخلت بسرعة في أزمة, قصيدة النثر كابداع ليست هي المشكلة, لكن المشلكة ربما أن قصيدة النثر لم تخلق نظامها.
* لكنها في طبيعتها ضد النظام?
* ضد النظام له نظام, اذ ليس هناك كتابة لا موسيقى من دون نظام, والنظام لا يحدده الفهم العام بل كل شاعر في حد ذاته, المشكلة الثانية في قصيدة النثر ليست في سؤال ابداعيتها أم لا, واعتقد ان هذا السؤال حسم منذ زمن طويل, لكن في عصبويتها احيانا. فقصيدة النثر تبالغ احيانا في نفي كل ما عداها, وهي لا تعرف الشعر الا اذا كان نثرا, ولا تعرف الحداثة الا اذا كانت نثرا, أي انها اقفلت الخيارات الاخرى, وفهمت الايقاع على انه لا يأتي الا من الداخل. هذه مسألة للنقاش, فحتى الايقاع الداخلي يمكن ان يأتي من الوزن, لم لا. فالايقاع ليس المسطرة والقاعدة, بل طريقة تنفس الشاعر, خذ مثلا معلقة امرئ القيس المكتوبة على وزن واحد, البحر الطويل, هذا الوزن فيه ايقاعات كثيرة, تتبدل بحسب تبدل نفس الشاعر وعبارته, اذن لماذا نعادي الوزن الى هذا الحد? الوزن هو اداة قياس لا اكثر والايقاع يمكن ان يتشكل من الوزن نفسه. لذلك الرفض المطلق في قصيدة النثر للتعامل مع ايقاع قادم او مقاس بالوزن. اظن هذا ترفا, لكن هذا لا ينفي انني احب قصيدة النثر, واذا قمنا باحصائيات نجد انها الاكثر حضورا.
* هل فرضت عليك قصيدة النثر للسبب الذي ذكرت نوعا من التحدي? أي بسبب الاقبال الواسع عليها هل خشيت ان يصبح شعرك خارج البوصلة?
* لم أخف, لكنني اضطررت ان اقف ابداعيا في حالة دفاع, قصيدة النثر هي التي عادتني, وبالاحرى ليست قصيدة النثر, بل بعض شعرائها الذين اتخذوا موقفا هجوميا, المعالجة هنا لم تكن سجالية او نقدية, بل ابداعية, فما احاول القيام به هو كتابة قصيدة نثر بالوزن, لكي اقول ان الوزن يستطيع قول كل شيء ثم انني أحاول اجراء نوع من المصالحة, ولا يشكل علي نظامي الشعري أي ثقل, فلا استطيع العمل من دون نظام.
* الم يغرك كتابة قصيدة نثر?
* بم يفيدني هذا الامر? استطيع في قصيدة ان اغير بعض المفردات هل تصبح قصيدة نثر, هل تصبح قصيدة نثر, هذا سؤال مطروح عليكم.
* تبقى الغنائية الخارجية رغم ذلك?
* لا , فهذه تزول مع زوال الوزن, فعندما يكف الايقاع عن ان يكون معروفا لا يعود مسموعا, حين ترى ان هذا غير موزون تقول انه شعر نثر, هناك أيضا ما يمكن ان نسميه بالنثر الموزون, شعر ابي العتاهية هو نثر موزون مثلا, في اية حال اقتراحي ان نتوقف عن هذه السجالات, ما ينقصنا هو ان نجد حلولا لهذه المشكلات لا حلولا نظرية.
* هل تابعت السجال الدائر حاليا في مصر حول قصيدة النثر?
لم اتابعه, وكما قلت ينبغي ان تتوقف هذه السجالات, انا استمتع بالكثير من تجارب شعراء النثر اكثر ما استمتع بتجارب الشعر الموزون, واظن انه حتى قصيدة النثر ينبغي ان تتحرر من تحديدات الاسم أي نفي صفة الشعر عنها والقول بالقصيدة, لماذا القول قصيدة النثر?
فالقصيدة هي تحقق الشعرية في الشكل? لنسم قصيدة النثر شعرا فحسب ولدي ملاحظة هنا. أيضا ان قصيدة النثر تغري بالسهولة, اذ ينتج الكثير من التجارب التي هي اقرب الى الخواطر, من دون البحث الشعري او تصور ما عن الشعر, وهذه التجارب بحاجة للدفاع عن نفسها ابداعيا.
* كتبت المقالة بكثرة, لكنك شعرا لم تجنح الى التنظير, هل كان هذا خيارك?
* كان خيارا واعيا منذ البداية, اخاف ان اسجن نصي الشعري في نظريته, اخاف ان تصبح النظرية سابقة على النص, اذ اذا كنت منظرا مهما كنت منفتحا على سائر الخيارات فانت منحاز الى خيارات النظري, واذا ملت الى تجارب اخرى تكون كمن يدمر نظريته. وهذا لا ينفي ان هناك شعراء كبارا اشتغلوا في التنظير ومنهم الايطالي العظيم مونتاليو واودن واوكتافيو باث الذي اشعر ان تنظيره اهم من شعره, بالتالي لست ضد التنظير لكنه ليس خياريا.
ورطات
* متى شعرت خلال تجربتك الابداعية انك في ورطة انك وصلت الى حائط مسدود بسبب تصورات او متطلبات شعرية معينة?
* حين تمر في هذه الورطة من الافضل الا تكتب, وانا اعيش في هذه الورطة منذ البداية, بل انني اقفز من ورطة الى اخرى, وانا كثير الاحباطات وليس لدي ضمانات نهائية فيما يتعلق بشعري.
* هذه الورطات تولد شعرا احيانا, ورطات جدلية?
* نستطيع ان ننظر هنا لنقول ان الكلام على ازمة في الشعر لا معنى له, لان الشعر في أزمة دائمة, ووعي الشاعر بأزمته يساعده على تجاوزها, الازمة ملازمة لكل عمل ابداعي, ازمة الافق غير المضمون.
* هل تتخلص من قصائد لا ترضى عنها?
* كثيرا, مثلا »لماذا تركت الحصان وحيدا« كان نحو ستين قصيدة وتخلصت من نصفه تقريبا, فأنا محرر صارم لشعري. الكتابة الاهم عندي هي الثانية, الكتابة الاولى هي الكتابة الحرة, والكتابة الثانية هي الامتع التي اهتم فيها في بناء النص وفي الامساك اكثر بايقاعه, والكتابة الثالثة هي التنقيح النهائي وهذه اقوم بها بعد عرض عملي على عدد من الاشخاص, وخاصة على اشخاص لا علاقة لهم بالشعر, أي عينات قراء عاديين.
* ماذا تطلب من هذا القارئ العادي? رأيا نقديا?
* لا, اسأله بعد ان أريه النص هل ذكرك هذا النص بي, هل هناك ما قرأته في هذا النص عندي من قبل. مثلا »الجدارية« اقرأتها لاحد الاصدقاء الذي لا علاقة له بالشعر, فقال لي انه يشعر انه قرأ سابقا الصفحات الثلاث الأولى فحذفتها من دون تردد, لانني بت أشعر مثله ان هذه الصفحات مكررة.
* ماذا تفعل حين تمتنع عليك الكتابة?
* اتوقف تماما, مرة في بيروت بقيت نحو اربع سنوات بلا كتابة, الشعر كالجنس لا يعاند, مكابدته وقسريته تضران به.
* هل تشعر انك حين تريد كتابة نص جديد, في حال امتناع الكتابة, تلجأ الى مشاعر النص السابق?
* لا . حين اريد كتابة نص جديد ينبغي ان اكون ابتعدت تماما عن النص السابق, احتاج الى المسافة الزمنية والخروج تماما, بل التمرد تماما على المشروع السابق, احتاج الى ان انظف نفسي من تاريخي, اقرأ كثيرا في هذه الفترة, واطلع على الكثير من المراجع, وهذا ما فعلته مثلا قبل وخلال كتابة ؛احد عشر كوكبا« القراءات التاريخية تقربك من المكان وزمنه, تشعرك انك ملتصق به.
* هل زرت غرناطة مثلا بعد كتابتك عنها?
* زرتها بعد سنتين تقريبا من كتابة النص, وجدت المكان نفسه كما تخيلته, الشيء الوحيد الذي لم يعد موجودا كان الرياحين, اما عدا ذلك فكان لدي الشعور بانني أزور المكان للمرة الثانية.
* هل تصيبك حالات انفعالية حين تتوقف عن الكتابة, هل تصطدم بالآخرين مثلا?
لا, يبقى انفعالي داخليا ونصيحتي في حالة كهذه الا يقرأ الشاعر شعرا, وانصح الشعراء الشباب خاصة بقراءة كل شيء من الجغرافيا الى التاريخ الى السياسة الى جيولوجيا البحار, اكثر مما يقرأون شعرا, لان جمال الشعر في ندرته, وليس في متناول اليد.
* لا تنصح اذن بان يقرأك الشعراء الشباب كثيرا?
* كل شغلي لن يؤدي الى اشباع احد.
* هل تشعر ان النقد افاد تجربتك الشعرية, هل كان هناك نقد حقيقي لشعرك?
* اتطلع الى ان استفيد من النقد, ولكن اغلب نقادي هم اما مداحون او هجاؤون او قراء سيرة شخصية, او قراء ومؤولون لسيرة المعنى اكثر مما هم قراء لمكونات النص الشعري, وان كنت اعلق املا كبيرا على صبحي حديدي وغيره من الشعراء.
* تقرأ الرواية?
كنت في السابق, لكن لم يعد لدي الكثير من الوقت, تحتاج الى وقت لتستمتع بشرط الرواية, أي المتعة.
* هل هناك روائي تعتبره من روافدك الشعرية?
* لا.
* تشاهد المسرح او تقرأه?
* أحيانا , لكن لدي شعور بان المسرح انتهى.
* في العالم? نعرف ان هناك حركة تتجدد في اماكن كثيرة من العالم.
* لكن ليس في العالم العربي.
* اصدرت الكثير من المجموعات خلال حياتك هل أنت نادم على نشر احداها, هل تتمنى أن يكون بعضها خارج تاريخك?
* لو افترضنا ان شيئا من شعري لم ينشر وأردت نشره الآن لنشرت المجموعات الأربع الأخيرة ربما, وحتى هذه المجموعات لكنت نشرت مختارات منها وليس كلها.
محطات
* هل تستطيع تحديد محطات تطورك الشعري?
* المحطة الأولى كانت حين كتبت »العصافير تموت في الجليل« الذي اعتبرته قطيعة بالنسبة الى عملي السابق. المحطة الثانية هنا في بيروت مع »انتحار العاشق« لكن هذه المحطة اجهضت, بسبب الحرب والأجواء النفسية الضاغطة. محطة أخرى ربما كانت في »ورد اقل«, وبعدها جاء اشتغالي على التاريخ ابتداء بـ»أرى ما أريد« و»أحد عشر كوكبا«, ثم جاءت السيرة الذاتية في »سرير الغريبة« و»لماذا تركت الحصان وحيدا« و»الجدارية«.
* هل ستتابع في السيرة الذاتية?
* أفكر في المتابعة لجهة ان لا عودة الى الحيوات السابقة, ازمة الشخص تتغير ولا عودة على ما كانه هذا الشخص, استطيع القول ان الشعر الصافي, أي البحث عن الشعر الصافي, البلوري, بدأ هذا السعي من »أرى ما أريد«.
* هل كانت بيروت مؤثرة في تجربتك?
* عشت بيروت في الحرب, لذلك لا أستطيع القول أنها كانت مؤثرة, بمعنى أنني لم استطع القيام بمشروع متواصل هنا في بيروت.
* قلت لي في حلقة سابقة انك بدأت فتى في محاكاة المعلقات, هل ما زال طموحك كتابة معلقة?
* كتبتها بالفعل في »الجدارية«, فالمعلقة هي ما يعلق على جدار, هذه القصيدة كتبتها مفترضا انني لن أكتب بعدها, أي ان هذه شهادتي الشعرية وأثري الشعري.
* أين أنت متجه شعريا, الى جدارية أخرى?
* اتجه الى شيء أبسط, وهذا أفضل لي, لأنني لا أستطيع مواصلة الصعود, فأنا لست متسلق جبال دائما, يستطيع المرء أن يتسلق جبلا عاليا, ثم يذهب في نزهة الى أحد الحقول أو الحدائق, جميلة الحدائق.
* لن تتوقف عن الكتابة?
* حين أشعر أنني غير قادر على الكتابة أتوقف تماما, أو أتوجه نحو النثر, ولدي بالفعل حنين الى النثر, وأتمنى أن أفشل شعريا لاتجه الى النثر, لانني أحبه وأنحاز اليه واعتبر ان فيه أحيانا شعرية متحققة أكثر من الشعر نفسه.


http://www.nizwa.com/volume29/p25_37.html

Post: #619
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-19-2006, 07:13 PM
Parent: #1

لا تبدو المسالة في ظاهرها ،حين النظر الى مسالة الهوية ،وتوسيع فضاء الغرب،
كما يطرح حسن موسى ،مقتصرة فقط ،
على تمسح حسن موسى بالغرب،
وفهمه المغلوط تماما للهوية المركبة ،
كبديل عن انبطاحه للغرب ،
وانما الادهي من ذلك محاولة فرض تقاليد غوغائية في النقاش من أمثال:
Quote: كسم أم الاثنولوجيا

و
Quote: اولاد الغلفاء

و لا يغفر لابي على انه نشر المقال في الازمنة الحديثة،
فهذا نوع من السوقية والابتذال في النقاش .
فلنتخيل هذا السيناريو:
قام دكتور ابو سبيب بمجاراة حسن موسى قائلا:
Quote: أنيك ام سوسيولجيا الثقافة

فقال ثالث مثقف من عينة حسن موسى المبتذلة،للاثنين:
Quote: جعباتكم الاتنين


ثم ياتي رابع من "عجين" حسن موسى ذي النكهة المنحطة ،و"ذي " يرجع للعجين ،
ليقول:
Quote: اركبوا كلكم هنا يا كداينة الخطاب التشكيلي


تخيلوا مدى الانحطاط الفكري الذي يؤسس له مثل هذا الخطاب الانحطاطي؟
المشاء

Post: #620
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-20-2006, 02:27 AM
Parent: #1

أوردنا ذلك السيناريو الصادم،
كي نننبه الى المخاطر التي تنتج من امثال هذه التعابير الهابطة.
وانا على ثقة ان الدكتور أبوسبيب لن ينساق الى مثل هذه الغوغائية والسوقية التي ابتدعها ،
أبو علي.
للاسف حاول الصديق الدكتور بولا الدفاع عن نشر مثل هذه الترهات،
والتي ستفتح ابوابا من الجحيم ،
خاصة ان بولا يتبنى مقولات مثل توقير المخالف واحترامه.
فهل وقر الدكتور حسن موسى مخالفه ،أبا سبيب؟؟؟؟؟
ولتبرير نشر المقال ،بما حمله من ازدراء بالمرأة،
و محاولة جر المتناقشين الى مثل هذه العبارات السوقية الهابطة،
حاول بولا الدفاع عن تلك الترهات،بحجة انها نشرت في "مجلة الازمنةالحديثة"،
يقول الدكتور بولا:

Quote: تاني أحب أذكرك بأنه حسن موسى ما كتب العبارة الإنت "استشهدت بيها" في المنبر ولا في سياق بتاع حوار مع زول في المنبر ولا في الموقع. كلام حسن موسى البتستشهد بيهو وبتحاجج بيهو، ورد في دراسة نشرتها له مجلة الأزمنة الحديثة التي هي من أكبر المجلات المحكمة في فرنسا وفي العالم، والتي أسسها جان بول سارتر، والنص موجود في باب الدراسات بقسم التشكيل بالموقع، وهو ترجمة عربية معتمدة من المؤلف لنصه المكتوب بالفرنسية ليس لدينا حق التدخل أو التصرف فيها. استشهد صاح.
بــــــــولا


هذا تبرير تنقصه الدقة.فمن حق أية جهة ان تعترض على نشر مقال لانه لا يتفق مع مفهومها حول النشر.وكان يمكن لسودانفوراول ان يقترح على حسن موسى اعادة كتابة تلك الكلمات السوقية ،او حذفها.واذا لم يوافق يمكن لسودانفوراول ان يعتذر عن نشر المقال.
فهذا مقال يحتوي على عبارات سوقية، لا يمكن ان تنشر في منبر يدعي توقير المخالف.
و توقير المخالف ،ليس مرتبطا،بالحوارات الاسفيرية فقط،كما حاول بولا ان يخارج حسن موسى،
فهذا مفهوم شامل.
وللقارئ ان يسأل:
هل وقر حسن موسى ابا سبيب حين قال له:
كس ام الاثنولوجيا
و ما اعقب ذلك من كلام عن انعدام حياء ابي سبيب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

نتمنى للصديق بولا عاجل الشفاء
والعفو والعافية

المشاء

Post: #621
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-27-2006, 03:07 AM
Parent: #1


نسبة لانشغالنا بالغابة والصحراء ،
و انشغالات اخرى،
لم نتمكن من التطرق لما يروج له أبو علي "حسن موسى"،
وهو ما يمكن ان نسميه:
Quote: غربنة الحداثة


وهو مما لا يليق بكاتب يساري من العالم الثالث،

وسنعود بعد اسبوع،
كمقدمة لمسالة الهوية و علاقتها بالعولمةعند محمود درويش.

*مسابقة اسفيرية "بدون جوائز" لزوم تنشيط الامخاخ:

بماذا تذكركم صورة "ابوعلي " المنشورة هنا نقلا عن سودانفور؟

حسن الترابي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
محبتي
أرقدوا عافية
المشاء[/B

]

Post: #622
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-27-2006, 03:22 AM
Parent: #621

سبق ان تنم التنويه الى العلاقة بين حسن الترابي وحسن موسى،
مع احترامنا لسمت حسن موسى الابداعي الضخم،
لكنهما يشتركان في انعدام الاخلاقية في التعامل مع المخالف،
والرغبة في دحر الآخر.
محبتي
المشاء

Post: #623
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: فيصل عباس
Date: 11-30-2006, 03:04 AM
Parent: #1

كن عاليا

وما اطيب التسكع فيك وسط حضور الحلم والورد

وعسى ان تتضارى الغدد المهتمه
فقط بانتاج الغثاء فيينا
حينما تمر من هنا

كن عاليا...
كن ما اسطتعت ان تكن...

Post: #624
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 11-30-2006, 11:49 PM
Parent: #623

thanks very much:

FaisalAbbas
iam sorry for being late


Issam gabarallah said:
Re: المسخ العجيب و فضح العنقريب ... عن محنة الديمقراطية...مسخرة النخبة النقادة
I will be back
Almashaaaaaaaa

Post: #625
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-09-2006, 06:02 PM
Parent: #624

سنحيل هذا البوست الى عام 2007.

وسنبدأ بملحق عن:

عشرات الاخطاء اللغوية ،

التي ارتكبها حسن موسى،

الذي ينعي على "الشباب"،

في اطار "زرزرته لهم"،

انهم
Quote: لا يعرفون "لغة العربان"
،
و كأنه مبرأ من ذلك .

وبعد ذلك سنتطرق الى أفهامه الخاطئة،

والشنيعة معاً ،
حول الهوية ،
والحداثة ،

وكون انه
Quote: غربي غير أوروبي
.

محبتي

المشاء

Post: #626
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: مريم الطيب
Date: 12-09-2006, 06:34 PM
Parent: #625

Quote: سبق ان تنم التنويه الى العلاقة بين حسن الترابي وحسن موسى،
مع احترامنا لسمت حسن موسى الابداعي الضخم،
لكنهما يشتركان في انعدام الاخلاقية في التعامل مع المخالف،
والرغبة في دحر الآخر.

Quote: عشرات الاخطاء اللغوية ،
التي ارتكبها حسن موسى،

Quote: وبعد ذلك سنتطرق الى افهامه الخاطئة والشنيعة معاً

!!!!!!

Post: #627
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-09-2006, 08:33 PM
Parent: #626

مرحبا بالاستاذة :
مريم محمد الطيب
ونتمنى ان تكون اضافة حقيقية لحوارنا حول الهوية والحداثة ،
وغيرها من الموضوعات التي طرحت هنا.

المشاء

Post: #628
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: مريم الطيب
Date: 12-09-2006, 09:14 PM
Parent: #627

الحداثة حتة واحدة كدة!!!!!!!!!!
لا دي كثيرة

Post: #629
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-10-2006, 03:26 AM
Parent: #628

مرحبا مرة أخرى بالاستاذة :

مريم محمد الطيب

تحت سقف الوردة

في البوست مواضيع متشعبة ،

والقارئات،

والقراء،

يتوقعن،

و يتوقعون،

مساهمتك فيها .

وفي انتظار مساهمتك.

أرقدي عافية

المشاء

Post: #630
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: مريم الطيب
Date: 12-10-2006, 05:01 PM
Parent: #629

أنت قلت الآتي :ـ

Quote: في البوست مواضيع متشعبة ،


والقارئات،

والقراء،

يتوقعن،

و يتوقعون،

مساهمتك فيها .

وفي انتظار مساهمتك

دخلت لاقول كلمة واحدة في الموضوع عن الاخلاق ادناه حيث قلت الآتي :ـ
Quote: سبق ان تنم التنويه الى العلاقة بين حسن الترابي وحسن موسى،
مع احترامنا لسمت حسن موسى الابداعي الضخم،
لكنهما يشتركان في انعدام الاخلاقية في التعامل مع المخالف،
والرغبة في دحر الآخر.

عاوزة اقول انو انعدام الاخلاقية ده هو حاجة واحدة مع المخالف وغير المخالف
هل من الممكن ان يكون الشخص غير اخلاقي مع المخالف واخلاقي مع الاصدقاء .قطعا لا
الاخلاق ليست جلبابا نلبسه متي نشاء ونركله برغبتنا.وهل يجب ان نفهم من خلال صياغة كلامك ان الرجلين
بنصف اخلاق!!!!( و الرجلان هنا حسب تشبيهك المخل هما حسن موسى و حسن الترابي ).
أقول لك :ـ
عديم الاخلاق هو عديم اخلاق دائما ولايستثني [ بكسر النون ] احدأ ولا يفرز بين العدو ناهيك عن
المخالف وبين اصدقاء العمر......هي اشياء لاتـُشْتَرى(ولاتتجزأ)ـ أمل دنقل ـ

Post: #631
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-10-2006, 05:23 PM
Parent: #630

عزيزتي مريم
ما علاقة ما تقولين به بهذا البوست؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

Post: #632
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-10-2006, 06:36 PM
Parent: #631

أدناه بعض من أخطاء حسن موسى الذي يلوم شباب الكتاب كونهم لا يعرفون لغة العربان.
ويمكن الرجوع الى الافريقاينة دوت كوم في منبر سودان للجميع
نبدأ:
قال حسن موسى:
Quote: اذا رغبت، بصفتك فنان أفريقي،

ثم قال :
Quote: لكن أخواي من ذوي "الدم الاسود" اللذين كنت أتناقش معهما كانا في واد آخر

ثم قال:
Quote: غير أن المشكلة هي أن محاوراي

ثم قال:
Quote: غير أن الطريف في الأمر هو أن الخرطوميون

ثم قال:
Quote: ومغزى هذه الحكاية يمكن تلخيصه بكون الأفارقة قمينون

ثم قال:
Quote: ذلك أن هنالك عدد كبير من الفنانين الأمريكان

راجع الحلقة الأولى
http://www.sudaneseonline.com/sections/plastiic_arts/page...t_hassan-musa02.html
ثم قال:
Quote: ما معناه أن الجزائريون

ثم قال:
Quote: ذلك أن الفنانون الأوروبيون


ثم قال:
Quote: و أقول سوق رمزي


ثم قال:
Quote: كان أن نظم- في سبتمبر 90 معرضا لأربعة وستين فنان معاصر من السنغال.

ثم قال:
Quote: وقد بدا لي أن هذا الواقع الذي يعيشه هؤلاء الفنانين

ثم قال:
Quote: فان المبدعين يعرضون بوصفهم اشخاص سود

ثم قال:
Quote: و هكذا فان المنظمون الاوروبيون

ثم قال:
Quote: و نحن ما زلنا في الجهة الاخرى –إلا أن نفر من قوميسرات المتاحف

راجع الحلقة الثاينة
قال حسن موسى:
Quote: وليس بوصفه مبدع فرد منخرط في عالمنا المعاصر

ثم قال:
Quote: فكيف نفهم الثقل الاعلامي العالمي الذي يتمتع به بضعة عشرات

ثم قال:
Quote: هؤلاء المستعمرين السابقين الذين صاروا –بين ليلة وضحاها- خصوم اقتصاديين ذوي بأس

ثم قال:
Quote: مما نظمه رعاة الفن المعاصر الاوروبيين

راجع الحلقة الثالثة
قال حسن موسى:
Quote: إنما تموه تحت غشاءه الثقافي

ثم قال:
Quote: التي ورثها عملاء النيوكولونيالية المعولمين من ميراث القهر الاستعماري

ثم قال:
Quote: فسنلاحظ أن هناك عدد متنام من الحواضر الفرنسية

ثم قال:
Quote: كون الرجل فنان عصامي

ثم قال:
Quote: بيد أن وقاحة "شيري سامبا" تجعل منه نوع

راجع الحلقة الرابعة
قال حسن موسى:

Quote: و جدير بالذكر ان كلاهما موجود في الساحة الفرنسية

ثم قال:
Quote: فهذا لا يعني أن الاوروبيين محرومين من مشاهدة الصورتين والصيرورتين

ثم قال:
Quote: كلما شعرت اوروبا بان هنالك خطر يتهددها من الخارج

ثم قال:
Quote: فان هنالك سؤال يبقى بلا اجابة

ثم قال:
Quote: الذي كان بين أصدقاءه نفر من سدنة الحداثة في القرن العشرين

ثم قال:
Quote: و أشد نجر من ما هو في متناول يد البحاث

راجع الحلقة الخامسة
قال حسن موسى:
Quote: على شكل ملتوي من أشكال قتل الأب

ثم قال:
Quote: الذي يعتبر الفن كممارسة ثقافية شأن يخص الأوروبيين دون غيرهم

راجع الحلقة السادسة
قال حسن موسى:
Quote: لان الرعاة الاوروبيون يتجاهلون

ثم قال
Quote: لأن الرعاة الأوروبيون يجهلون الجسور

ثم قال:
Quote: هؤلاء القوم الذين يوصفون ذواتهم بكونهم ذكور وبيض

ثم قال:
Quote: يمكن أن توجز في كون هؤلاء القوم زاهدون

راجع الحلقة السابعة

Post: #633
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: مريم الطيب
Date: 12-10-2006, 07:23 PM
Parent: #632

هده هي العلاقة التي اشرت اليها في كلامي واعيدها إذا لم تكن واضحة
وحصرت كلامي في مسألة الاخلاق وفقط..سؤالك غريب جدا..هل تريد ايهام
القراء انني خارج الموضوع.. لان ماكتبتة انت و كان ممهورا
بصورة حسن موسي وزوجته ..لايحتاج الي شرح
فموضوعي الذي تتعامى عنه هو في مسألة الأخلاق التي تقارن فيها بين
( حسن و حسن : أي حسن موسى و حسن الترابي )
اكرر اردت فقط ان اوضح مسألة هامة ولا اظنها قد فاتت عليك!!
التي هي مسألة الأخلاق... فعن أي أخلاق تتحدث في المقارنة بين
حسن موسى و حسن الترابي.. عن أي أخلاق تتحدث..


بعد هذه الصورة هذا ما ورد في كلامك على لسانك:ـ
[QUOTE]*مسابقة اسفيرية "بدون جوائز" لزوم تنشيط الامخاخ:
بماذا تذكركم صورة "ابوعلي " المنشورة هنا نقلا عن سودانفور؟
حسن الترابي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


سبق ان تنم التنويه الى العلاقة بين حسن الترابي وحسن موسى،
مع احترامنا لسمت حسن موسى الابداعي الضخم،
لكنهما يشتركان في انعدام الاخلاقية في التعامل مع المخالف،
والرغبة في دحر الآخر.
محبتي
المشاء

أنتهى كلامك..

Post: #634
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-10-2006, 08:05 PM
Parent: #633

الأستاذة مريم محمد الطيب
سلامات وتحايا
ماقلته واضح وهو:
Quote: سبق ان تنم التنويه الى العلاقة بين حسن الترابي وحسن موسى،
مع احترامنا لسمت حسن موسى الابداعي الضخم،
لكنهما يشتركان في انعدام الاخلاقية في التعامل مع المخالف،
والرغبة في دحر الآخر.
محبتي
المشاء

أرقدي عافية
المشاء

Post: #635
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: مريم الطيب
Date: 12-10-2006, 09:36 PM
Parent: #634

وماقلته انا ايضا واضح واظنه قد وصلك
ولاازيد!!!

Post: #636
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-10-2006, 10:05 PM
Parent: #635

سنعود بملحق لأخطاء حسن موسى اللغوية،
وهذه المرة نقلا عن بوسته:
جيوبوليتيك الجسد العربسلامي
محبتي
المشاء

Post: #637
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-11-2006, 00:13 AM
Parent: #636

يزرز العم حسن موسى الشباب لانهم لا يعرفون
Quote: لغة العربان
.
وأدناه ملحق لما قلنا به عن أخطاء حسن موسى اللغوية،
نقلا عن بوسته :
جيوبوليتيك الجسد العربسلامي
وهي عينات عشوائية
*
ملحق عشوائي لأخطاء "حسن موسى"،
نقلا عن :
جيوبوليتيك الجسد العربسلامي

قال حسن موسى:
Quote: سواء كانوا من انصار الخفاض أو من أعداءه،

ثم قال:
Quote: و لو كان لنا ان نجد عزاءا

ثم قال:
Quote: حول العائد المادي و الرمزي الذي يعود على أنصار الختان و أعداءه

ثم قال:
Quote: طبعا هشام هباني لو قالوا ليهو: يا زول تعال"نخفضك" اعلاءا للشأن العام،

ثم قال:
Quote: وهو خطاب نسيجه مجدول بأنواع المحذور والمحظور ابتداءا وانتهاءا بعورة المرأة العربسلامية


ثم قال:
Quote: وهي ليست استثناءا ـ نظمت اقتصاد الحلال والحرام ابتداءا من عورة المرأة وانتهاءا بها

ثم قال:
Quote: ومن الجهة الأخرى انطوى مشروع الحداثة السودانية، على الأقل، في نسخة الأستاذ محمود، على طعن مبدأي


ثم قال:

Quote: و هي الصورة التي تمكننا من موضعة أعضاءنا في الفضاء و ضبط توجهات الجسد في الفضاء

ثم قال:
Quote: في الحالات المرضية التي يفقد الشخص فيها بعض اعضاءة في الواقع

ثم قال:
Quote: يعرّف للجسد صورة وجودية بالغة التركيب ابتداءا من المستوى المادي للانسان

ثم قال:
Quote: و هم يملكون أسباب بقاءهم الحيوي.


ثم يقول:
Quote: لمجرد كونهم ذكور

ثم قال:
Quote: ذلك أن الشرع في قراءتها يشكل فضاءا

ثم قال:
Quote: و كل ذات قارءة تعيد خلق نصها

ثم قال:
Quote: لكن الفرنسيون الذين يسمعون الحكاية يضحكون أكثر

ثم قال:
Quote: و أنا أعتبر الفكر الديني فكر مادي متحقق ضمن الشروط المادية التاريخية

ثم قال:

Quote: الذين كانوا يستعيذون من مرأى زملاءهم

ثم قال:
Quote: ارتدى الدرديري " تي شيرت "، ممزّق

ثم قال:
Quote: اقتص منه محمد شداد لاعتداءه على الدرديري

ثم قال:
Quote: فالأمر يتم ضمن سلسلة طويلة من التحديدات التي ترمي لحجب الحضور الجسدي للمرأة والغاءه ما أمكن

ثم قال:
Quote: وكشحيها يتمايلان في خفـّة هي خلاصة عز الأنثى

ثم قال:
Quote: وهل كنا نحتاج لأية ذريعة وهذا المسرح/الشارع هو فضاءنا بالأصالة؟.

ثم قال:
Quote: فماذا اذن أخرجهن الى هذه الأرض الممنوعة عليهن، أرضنا،ـ وهن في أبهى زينة ـ ان لم تكن الرغبة في انتزاعها، وقيل إجلاءنا عنها بالمرة ؟[/QUOTE
]ثم قال:
Quote: كنا نجد عزاءا

ثم قال:
Quote: نظرت في الصورة التي تمثل أربعة فتيات

ثم قال:
Quote: كونهم قوم خبروا تصانيف حركية أخرى

ثم قال:

Quote: و تسائلت عن طبيعة الصورة الرمزية

ثم قال:
Quote: و قيل " الإرتجاعية" ـ لهؤلاء القوم الحديثون القمينون بالعودة للتقليد

ثم قال:
Quote: تمكن ذوي النوايا الطيبة ـ مثلما تمكن ذوي النوايا المرذولة

ثم قال:
Quote: و رغم أن رقصة الرقبة هي أساسا رقصة نساء ـ ممنوع أداءها على الذكور ـ

ثم قال:
Quote: و الراقصة تباشر الرقص ابتداءا

ثم قال:
Quote: تتواتر تنويعاتها بين الإسراع و الإبطاء في مختلف الاتجاهات بناءا على شفرة سرية

ثم قال:
Quote: أما التنويع الثاني فيتكون ابتداءا

ثم قال:
Quote: و إذا كانت العروس الحضرية ترقص اليوم بلا ثوب و هي تلبس فستان قصير

ثم قال:
Quote: نظّمت التبادل بين أفراد مجتمعاتها إبتداءا من فروج نساءها

ثم قال:

Quote: و أنا أضمر أن هناك نوع من الرفث المشهدي الممنهج ذي القيمة الآيديولوجية،

ثم قال:
Quote: يسوّغ لسدنة المشروع السودانوي دعم وَهـَم التكافوء العادل في الواقع الراهن

ثم قال:
Quote: و إختيار المشهد الطفولي للبطان

وهذا النمط كثير في كتابات حسن موسى
كما في المثال التالي،ضمن عشرات الامثلة:

Quote: يناديني بإسم أمي من شدة الإستحقار، يقول لي : يا ود حليمة متين تبقى راجل تدخل الحلقة مع الرجال؟". و حين يصير ود حليمة " راجل"، بعد تبدّل الأدوار، فهو ينادي مختار ود حسب الرسول بإسم أمه كـ " ود ميمونة " تحقيرا له

ثم قال:
Quote: و ذلك لأن المتباطنون يتبادلون الضربات على ظهورهم

ثم قال:

Quote: ضمن نوع فريد من التواطوء العام. و فرادة التواطوء الجمعي على غض النظر عن التجاوزات السلوكية

ثم قال:
Quote: يبدو تواطوء الجماعة على غض النظر عن " النظر الثاني" الزاني

ثم قال:
Quote: المنطوية على أعضاءها المعرفين ضمن مواصفات ثقافة فالتة

ثم قال:
Quote: دون أن تعني السماحة أن الريفيون أكثر تساهلا من الحضريين

. http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=697&postd...f22b0ffbcf09[/B[/RED]

Post: #638
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: munswor almophtah
Date: 12-11-2006, 02:52 AM
Parent: #637

يا أسامه السلام والرحمه والله قالب الإملاء بتاعك لو ذهبت به المصحف لأخرجت أخطاءا وأخطاء وكتبت أخطاءا بهذه الطريقه لأنى لا أعرف كيف أستعمل التنوين بالماوس ولأجعلها مقروءه فأميركا وصلت السماء لأنها تجوزت الحرفيه الإنجليزيه فكل تلك الأخطاء جائزه لأنه السايبر تكتب وتبعث وليس هنالك منقح أو مصحح واظننى كحلت فى مكان ما تعليقا عن الأخطاء الإملائيه والنحويه التى وقع فيها أسامه الخواض وأظن ذلك الشخص ناقد وأديب ولغوى متمكن فكلنا خطاؤون وخيرنا من يقلع عنه ولك صادق وخالص الود.......................



منصور

Post: #639
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-11-2006, 03:04 PM
Parent: #638

عزيزي المنصور
شكرا على كلامك
صحيح كلنامعرضون للوقوع في الخطأ ،
لكن من يلاحق الآخرين بعجة
Quote: عدم اتقانهم للغة العربان
،
عليه ان ينظر اولا الى بيته المتهالك من كثر ة الاخطاء ،
وهي اخطاء واضحة وغير غميسة.

ثانيا المادة التي استندت عليها ليست مادة اسفيرية ،
هي مقالات منشروة بعد مراجعتها.
لك محبتي
المشاء

Post: #640
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: munswor almophtah
Date: 12-11-2006, 04:24 PM
Parent: #639

هي مقالات منشروة بعد مراجعتها.

شايف منشوره دى يا أسامه


منصور

Post: #641
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: مريم الطيب
Date: 12-11-2006, 11:57 PM
Parent: #640

Quote: لكن من يلاحق الآخرين بعجة

Post: #642
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-14-2006, 02:36 AM
Parent: #641

سنعود بعد الأرشفة -كان الله هون-
للحديث عن المساخر الفكرية ل:

الغلاواتية

على وزن :

الملاماتية

والملاماتي ،و أبرزهم هو الشيخ اسماعيل صاحب الربابة رضى الله عنه و أرضاه-
هو من يفعل الخطأ عن قصد ،
ثم يلوم نفسه على ذلك .

أما :
الغلاواتي

فهو من يفعل الخطأ اللغوي ،

ثم يتباهى على الآخرين بتمكنه من اللغة.

وهنا نشير الى الخطا اللغوي ب:

الغلت.

وسنعود
محبتي
المشاء

Post: #644
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: sharnobi
Date: 12-14-2006, 04:15 AM
Parent: #642

لاهوت
المشاء
كم كنت احلم من قبيلة المبدعين ان يصوبوا سهام ابداعئهم
لهزيمة البغى..
الروعة ان تتحس بعض من مذاق الحلو بين هائل زعفران المر

العزيز
اسامة حول دفة ذورقك
انت او من يشبهك فى هذا اليم
واجعلوا من التسامى
ايقاع فى هذا الزمن القمئ
فلا نجتاج نحن جمهرة المشاهدون غير
التسامى لا التناص
ورغم
عجز التعبير
حين كان لامر الكتابة بالحرف العربى
معضلة
تمنيت لكل قبيلة المبدعين لحظة التصافى

وحمل اسنة القلم السنين لمحالة
غول الجهل
لتأجل معارك الاذقة لاحقا
الى حين ان ستبين الخيط الاسود من البيض
ولك جزيل الامنيات

تربال اغلف اللسان يحاول محاورة
المتنبئ

Post: #643
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: د.محمد حسن
Date: 12-14-2006, 04:09 AM
Parent: #1

لم ادري كيف اقرأك

بعين من اختبأ عنه نصك سنينا بين ارتال التغرب و(التأنقذ)

ام بعين من هوى حرفك سنينا فهوى في عمق نصوصك

ام اقراك بقلب ليس فيه من عشق سوى لوطن تتنازعه الاحن والانانية

ام اقرأك بحس من يهوى المحبة والسلام والاختلاف في ود

لك مودتي

Post: #645
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 12-19-2006, 02:16 AM
Parent: #643

شكرا للعزيزين شرنوبي و دكتور محمد حسن على الكلمات المشجعة الجميلة المفعمة بحب الكلمة.
لكما خالص محبتي
ارقدا عافية
المشاء

Post: #646
Title: السارق الأكبر الغلاواتي د.حسن موسى:توسيع مواعين الحداثة
Author: osama elkhawad
Date: 12-26-2006, 05:16 AM
Parent: #645

قبل أكثر من شهر تحدثنا في نقدنا المستمر لمفهوم غربنة الحداثة الذس يتبناه:
الغلاواتي، المستغرب حسن موسى،
تحدثنا عن نقدنا لغربنة الحداثة،
و اقترحنا بدلا عن غربنة الحداثة كما يقترح د.حسن موسى،
اقترحنا توسيع مواعين الحداثة،
مع الاحتفاظ للغرب بحق الريادة،
حين قلنا:

Quote: محمود درويش هو نموذج لحداثي فلسطيني،
ولا اظنه يمكن ان يقول انه حداثي غربي،لكنه ليس اوروبيا،
كما زعم حسن موسى،
وسنعود لمواصلة حوارنا معه حول اطروحاته الغربية عن الحداثة.
هنالك تعالقات في الحداثة بين مختلف اشكالها،
لكنها لا يمكن ان تصل درجة التسليم بغربية الحداثة،
وأن يكون سعينا هو توسيع مواعين الغرب ،ك"سبلة" لكي نحشر أنفسنا فيها.

يمكن ان نتحدث عن تعدد لنماذج الحداثة.
ولذلك ،
فعلينا توسيع مواعين الحداثة ،
بحيث تكون نماذج الحداثة الاوروبية،
بحسب زعم حسن موسى،
ضمن نماذج يمكن ان تكون لا نهائية -نظريا-،
بدلا من التحدث عن توسيع "الغرب"،
كي نكون ضمن نماذج الحداثة الغربية ،
بحسب زعم حسن موسى.
ان توسيع الحداثة،وليس توسيع الغرب،
لا ينفي اعترافنا بان الغرب قد أسس الحداثة.
المشاء

http://www.sudaneseonline.com/cgi-
bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=3&msg=1166692512&rn=617
ثم قام السارق الأكبر "الغلاواتي"،
الدكتور حسن موسى،
في بوسته الاخير عن :
جيوبوليتيكا الجسد العربسلامي
الوارد أعلاه ،
بسرقة كلامنا عن :
Quote: توسيع مواعين الحداثة

حين قال:
و لو شئت قلت: إصلاح الحداثة ـ و توسيع مواعينها لتسعنا جميعا
رغم انه كان يسخر من الافارقة الذين يريدون موقعا لهم في الحداثة،
وهو قد بالغ في سخريته منهم و أدعى انه غربي.
مشكلة حسن موسى أنه يتعامل برد الفعل من اجل دحر الخصوم،
ولا يتحدث اطلاقا عن المشترك بينه وبين خصمه.
حسن موسى سارق بامتيار لكلامنا.
محبتي
المشاء[/B

]

Post: #647
Title: Re: السارق الأكبر الغلاواتي د.حسن موسى:توسيع مواعين الحداثة
Author: osama elkhawad
Date: 12-26-2006, 05:47 AM
Parent: #646

في ردنا سقط سهوا ما سرقه منا حسن موسى،حول توسيع مواعين الحداثة،
وقد صححنا ذلك ،لكنه غير واضح،
المهم ،
للذين ،لم يتضح لهم ما سرقه حسن موسى ،
نعيد نشره
قال حسن موسى في سرقة باستحياء ،حين ربط كلامه ب:
لو شئنا
و قد خجل ان يقول كما قال فلان.
وهذا ما قال به د.حسن موسى:

Quote: و لو شئت قلت: إصلاح الحداثة ـ و توسيع مواعينها لتسعنا جميعا [/QUOTE
المشاء

Post: #648
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2007, 08:40 AM
Parent: #645

أفرد حسن موسى بوستا بعنوان عيون الكلام
وهذا ما قال به:
Quote: عيون الكلام"
من المنتدى العام لسودانيز أونلاين:

" كشف جديد مزهل....مهد الحضارة المصرية في السودان!" توجد صور"
عنوان بوست عبد الغفار محمد سعيد بالخط العريض على صدر الصفحة.
بحثت في المعجم عن مادة " زهل" في معنى " مزهل" و وجدت " زهَل ـ زهلا عن الشيء في معنى تباعد عنه. و زَهِلَ الشيء : كان أبيض أملس، و الزهلول هو الأملس و الزاهل هو المطمئن البال،.يعني مبروك علينا إكتشاف متباعد أبيض أملس و بالنا مطمئن كمان.
و قد أثار الكشف "المزهل "حفيظة شخص " ذنجي" اسمه بشاشا فخاطب أرواح آبائه و تمنى من الإله آمون

"لهم الرحمة ولزويهم الصبر."

ولم ينتبه السارق الأكبر الى اصلاح اخطائه الاملائية.
راجع ما قلنا به هنا عن أخطاء حسن موسى الاملائية،
رضى الله عنه .
المشاء

Post: #649
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2007, 08:50 AM
Parent: #648

هنا نعيد نشر ما اثبتناه من أخطاء حسن موسى اللغوية
Re: لاهوت الوردة

Post: #650
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: zumrawi
Date: 01-13-2007, 09:14 AM
Parent: #1

العزيز اسامة
قرات القصيدة فاعجبتنى روعتها ودفقة الحب فيها
ربما لن اذهب الى ما ذهب اليه البعض
السلام والتحية

Post: #651
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2007, 10:00 AM
Parent: #650

عزيزي زمراوي
مرحبا بك
و مليون مرحبا
آخر عهدي بك انك في القاهرة.
شكرا لكلامك ،
و أرجو ان تكون بخير والف عافية.
ارقد عافية
محبتي
المشاء

Post: #652
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 01-14-2007, 07:57 AM
Parent: #651

قال الاستاذ سيف الدين ابراهيم محمود في سودان للجميع:
Quote: فهلا تداركتم أهل البيت قبل الخروج علي الجيران ؟
مع وافر التقدير .
سيف

وأعتقد انه يشير الى أخطاء حسن موسى ،
ضمن ما قال به تلميحا.
و التي اشرنا اليها،
واثبتناها في هذا البوست.
وسنعود الى ذلك .

محبتي لسيف ,

و لكل محبي الحقيقة في العالم.
المشاء

Post: #653
Title: Re: لاهوت الوردة
Author: osama elkhawad
Date: 03-26-2007, 02:29 AM
Parent: #652

لمزيد من القراءة.
المشاء