عوض (أرسطو) / أو عن تلك الأيام يا(خضر حسين) ..!!

(*)

حرمني من دخول حصة (التأريخ) حتى نهاية العام ..
(عوض أرسطو) كما أطلقنا عليه ..
كان يدرسنا (التأريخ) وكنا نحمل هم (الحاضر ) و(المستقبل)
و(اليوم) الذي لم يكتمل بعد ..

كنا وقد ألقت بنا الأقدار بعد تطواف طويل بين (مدارس الله )
إلا ذلك (الحوش) الذي تحيط به أشجار البان ..
بتلك البقعة النائية وأسموها (مدرسة)
(سلامة المدارس) ..!!

كان (عوض أرسطو) طويلاً , أسمراً ممتلئ الجسم , ملتحي وناعم وصوته (غليظ)
ونظاراته تزن مايفوق (نصف الكيلو) من الألمنويوم والزجاج ..
وحبل مهترئ , يدرء عنها خطر السقوط , حين ترتمي على صدره الممتلئ ..
كأنه يقول لها :
(وين يا .. إنتي نسيتي) إنك نظارة (عوض أرسطو) تقعي كيف) ؟



ثم كان يميز نفسه عن بقية المعلمين ..
بميله إلى ذلك البنطال الشارلستون والقميص الأزرق ..
كأنه يقول :
نحن نختلف عن الآخرون ..!!

(*)

تذكرت تلك الأيام بالأمس ..
تذكرتها حين هددني أحدهم , ..

(منذ متى نحن بهذه الهشاشة) ياصاحب ..؟

منذ متى نخاف ..؟
وحين نصطدم بجدار ما , نقول :
وإحنا مالنا ؟

أظن أن التقدم في السن , يكسب الناس خبرات عدة ..
لكني كرهته حين أحسست أنه يصيب الإنسان بشئ من (الجبن)
ربما يلحظه الآخرون ..
فيطمعون بك ..

ليت ذلك (القلب) الذي كنا نحمله حينها ..
مازال ينبض كسابق عهده ..
لا يخاف ..
لا يرتجف ..
لا يدفع بنا للإنحناء للعاصفة ..

أظنك أيضا يا(خضر) ..
لم تعد كما (أنت) ..

(*)

سأحكي (الآن) عن (خضر حسين) قبل عشرة أعوام ..
أعلم أنها خمسة عشر ..

لكن أريدها هكذا حتى لا أشعر بأنها سنوات طويلة ..
وأننا نقترب من خريف العمر ..
وخريف القلب ..!!

(*)

(طارق عمر مكاوي) ..
أظنك ضمن المتواجدين الآن ..

وتتابع ..
سأتحدث عنك بعيون تلك الأيام ..!!
(الدور جاييك) ..

محبتي ..

(*)

عن ماذا كنت أتحدث ؟

أه ..

كنت أحدثكم عن (عوض أرسطو)
ثم أنتقلت للحديث عن (خضر وطارق )

أظنها إحدى إشارات التقدم بالسن ..

(*)

(عوض أرسطو) كان يحفظ كتاب (التاريخ) عن ظهر قلب ..
كان يكتفي بتسميع ماحفظه ..
يلقي به على آذاننا هكذا ..
ثم يمضى ..
كنت قد :
واجهته بالأمر ..
وكان قد إعتبره تطاولاً ..
ولكنه أكتفي (بضربي)
و(توبيخي) ..

ثم بدأت المباراة بيننا ..
حتى فصلت ..
وأعادوني ..
ثم فصلت ..

ثم ولما يأس من أمري ..
أكتفى بمنعي عن حضور حصته
حتى نهاية العام ..

فكان على (أستاذ أمانويل) أن يحتملني ..
أتذكره يا (خضر) ؟
أتذكره يا (طارق) ؟

له الله ..
ياله من رجل جميل ..
كان صديقي , صديقنا ..

أذكر أنه عندما نتأخر بحضور الطابور الصباحي ..
كان يدعي أننا حضرنا باكراً ولكنه أرسلنا لقضاء حاجة ..

أظنني ..
أنتقل من موضوع إلى آخر ..
لم يصبني خرف مبكر ..
لكنني ..

آه ..

ماذا كنت أود القول ..!!

(*)

كان قصيراً ممتلئأً ..
لم يكن بديناً كما أنه لم يكن نحيلاً ..
ثم أنه كان (مكعوجاً )
تلحظ هذا (التكعوج) ..


عند حصة الرياضة ..
فقد كان لاعباً ماهراً ..
وكان يحب (كرة القدم) ..

ثم أنه كان يلبس لباساً مميزاً ..
كنا نرتدي (البنطال البني) ..
و(القميص الأبيض )..

وكان هو يلبسه على درجة مختلفة ..
من البياض ومن (البني) أيضاً ..



كان (شيوعياً) بالفطرة ..
وكان مناضلاً ..
صلداً ..

أو هكذا كنا نراه ..!!

مكرر

(*)

(خضر حسين) ..
كان متقدماً على بعض أبناء (جيلنا)
إن لم يكن كله ..

بإستثناء ..
(الشفيع الطيب يوسف) سقى الله ذكراه ..

حيث أنه كان (شيوعياً) بحق
كان فاعلاً ..
وكان يقرأ واقعنا السياسي بوضوح أكثر ..

ثم أنه لم يكن يقرأه فحسب ..
كان يدفع ثمن هذ القراءة ..

حين يستطيفونه (أيام الخمايس)
بأحدى معتقلات الجماعة ..

ثم يعود يوم السبت ..
(يتكعوج ) ..
و(يضحك) ..!!

كمل يا كمل
كمل

(*)

أخاف ياصديق أن أكمل ..
فبعدها لن نستطيع النظر إلى المرآة..

فقد أختلفت الصورة ..
إختلفت كثيراً ياصاحبي ..

(*)

(أظن الإنسان تفسده متلطبات حياته)

حين يكبر يصبح أكثر حرصاً على أشياء
كانت لتبدو تافهة بوجهه في الماضي

كنا مجرد (طلبة)
لا نملك إلا مايجود به أهلنا

لكنا كنا أغنياء ..

لم يكن لأي شئ قيمة
أمام الموقف (الصاح)

والمبدأ ..
وكنا نهتم للناس ..
للوطن ..

آه ..

يا(خضر) ..

أين نحن الآن .. ياصاحب ..؟


___________________________________
الآن فقط علمت : الجود يفقر و الإقدام قتال ..!!

(*)

(عم الديبة) ..
الغفير ..
ذو القامة القصيرة والجلباب (المهترئ)
والضحكة المجلجلة ..



أخافونا من الإقتراب منه كثيراً ..
بحجة أنه (ع .. جلاتي) ..

كان (خضر) صديقه المقرب ..
ثم أتهم بعدها أنه كان يبيع أدوات (الجنس الآمن)
من (كاندوم وخلافه) ..

كان مقرب من (الجنسين) ..
فقد كنا ومدرسة البنات نتشارك نفس (الحوش) ..

قبل أن يفصلوننا بذلك الجدار القصير ..
(قاتلهم الله ولعن حسدهم) ..

(عم الديبة) ..
كان جميلاً حين أقتربنا منه ..
وصار صديقنا ..

ولم يكن (عج ..لاتياً ) بالطبع ..
لكنه كان مجرم على وجه آخر ..!!

(*)

كنا نعتبره رايداً من رواد (التنوير)

أي والله ..

(عم الديبة) ..
وكنا نحبه ..

وكلما أدعى أحدهم أن (عم الديبة)

ع.. جلاتي ..
كنا نسارع إلىه بالسؤال :
ليه شح ..؟

فيصمت ويسقط بيده ..

ثم أننا كنا
نرى أن كل أمرؤ حر بإختياراته ..

مالو مايكون ع... جلاتي ..
مش حر ؟

وكان وسيم قصير ضئيل الجسم


آه
من هذا الخرف المبكر ..
أظنني أعني (طارق عمر مكاوي )
فقد كانت قامته القصيرة
وحلاوة شكله تغرى أية أمرأة بالقول:
(هي حلاتو تعال أقعد في رجليني) ..!!

اسلوبك يجبر الواحد انو يكمل البوست

Quote: اسلوبك يجبر الواحد انو يكمل البوست

شكراً يافيصل ..

سأحاول المضي ..
بالذاكرة ..
والذكريات ..

محبتي وأمتناني ..

(*)

وكان (عمار البيه) ..
يتشارك و(طارق مكاوي) ..

قصر القامة وحلاوة الشكل
إلا أن (عمار البيه)
لو أجلسته إحداهن على حجرها
(مابقعد ساكت) ..

(طارق ) كان خلوقاً مهذباً ..
ولم يعرف درب (الجكس) إلا على كبر ..
قابلته بعد أعوام طويلة
بصحبة فتاة (جميلة) ..
ممشوقة القوام ..

كان لا يرى هذا النوع من الفتيات
إلا بصحبتنا ..

قلت لنفسي:
طارق كبر
وعرف الدرب ..

(وسعدت فلطالما شجعت اللعبة الحلوة)

(عمار البيه)
ذلك الكارثة ..
لا أدرى ما الذي أقحم
بسيرته هنا ..

آه ..

كنت قد قارنت بينه وبين (طارق مكاوي)

(
خضر حسين) ..
تغير كثيراً ..
لم أكن أود أن أراه هكذا
صار يجيد فن (العلاقات العامة) ..
هذا الفن الذي أكرهه رغم أنني متخصص به
حسب دراستي ..

أكرهه حين يجعل مناضلاً مثل (خضر حسين)
يخشى مواجهة أحدهم بالحقيقة ..
ويلتئم شمله مع أصدقاء ..
أبلغ همهم جمع الناس حولهم
وتبادل حديث معسول ..
ينتهى دائماً ب:
أنا بحبك يا(رائع) ..
وينظرون ويناضلون من (بنابرهم) ..

(خضر) ياصاحب ..
ربنا يكفيك شر الرائعين ..!!

(*)

(نحن الذين كنا نجرؤ على قول:
لا)

أتذكر ياصاحب ..

أستاذ/ علوب (مدير المدرسة)..

سمعت أنه (مات) ..
هكذا ببساطة , فقد تسببنا كعادتنا دائماً
في تخريب حياة أحدهم ..

كنا قد عدنا صباح الأحد
وكانت زيارة (الخميس)
ثقيلة بعض الشئ ..
فتغيبنا عن الدراسة صباح السبت

فجاء بنا المسكين
ووضعنا في وسط الطابور الصباحي
بعد أن أتاه إخطار من (الجهاز)

مفاده :أننا كنا بضيافتهم
كان معي المرجوم (عامر الخير) وآخران
لا أجرؤ على ذكر إسمهما الآن ...

كانا معنا ..

ثم أصبحا الآن بالطرف الآخر ..

خفنا أن يوبخنا (أستاذ/ علوب) ..
لكنه فاجأ نا حين قال أمام الطابور
وكنا أنا و(عامر ) رحمه لا نتصور أنه يعرف أسماءنا حتى
قال (علوب) سقى الله ذكراه:


ليه ياولاد كلكم ماتبقوا زي أخوانكم ديل؟
كانو بيدفعوا في تمن قولة لا ..
حيوهم ..

حيانا بعضهم ..

وحييت أناحتى اللحظة ..

ومات أستاذ / علوب
ومات (عامرالخير) ..!!

(*)

آه

ياصاحب..

خرج من الأمر من تحت سيطرتي ..
(وجبت طاري الحيين والميتين) ..


أطنني بعد تلك الحادثة لم أزرهم كثيراً ..
لكنك كنت بعدها لسنوات ..
زبونهم الدائم ..

أتدري لما أنزعج لأمرك ..
لأنني أعلم أنك أكثر صلابة مني ..
ولأنك لست متهوراً أحمقاً مثلي ..
ثم ..

أظن أن أستاذ/ علوب (رحمه الله)
دفع ثمن تلك الحادثة ...
وثمن مواقف أخرى ..

وخسر وظيفته ..
وأنقطع رزقه ..

وأحيل للمعاش ..

نحن أيضاً ..
يبدو أننا بطريقنا إلى المعاش ..

لكنه (معاش) ..
من نوع آخر ..

سنتقاعد عن قول :

لا ..!!

(*)

حتى عودة ياصاحب ..

(*)

ألف سلامة ياصاحب
وأتمنى أنو تكون قد بلغت الصحة ..

محبتي ..