حتى لا نصنع شعباً منافقاً !!

حتى لا نصنع شعباً منافقاً !!


11-02-2011, 04:05 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=350&msg=1320246314&rn=0


Post: #1
Title: حتى لا نصنع شعباً منافقاً !!
Author: صلاح غريبة
Date: 11-02-2011, 04:05 PM

hglw]v hghkjfhim

Quote: حتى لا نصنع شعباً منافقاً !!


«لا نريدُ أن يتحول الشعب التونسي إلى منافقين»
هذه العبارة وردت ضمن حديث الشيخ، المفكر الإسلامي البصير المستنير، راشد الغنوشي، مستضافاً في برنامج »في العمق« بقناة الجزيرة أمس الأول الإثنين..
تمنيتُ، وأنا أشهدُ ذلك الحوار مع مجدد الإسلام في هذا القرن، أن يكون من بين شهوده وسامعيه إخوانٌ لنا، شغلتهم ظواهرُ التدين عن روحه، وألجأهم التنطُّعُ الجهول إلى حصر الإسلام كله في ما يجدُهُ »حاطبُ ليلٍ أعمى« بين تركة آبائه، مغروراً بأنَّ الله قد اختارهُ »مُسلماً بالوراثة«، موهُوماً بأن الدين هُو «ما وجدنا عليه آباءنا و »أسلافنا« حصرياً» .. تمنيتُ أن يلتفتَ إخواننا المهمومون بالمشروع الإسلامي إلى فكر رجُلٍ في قامة الشيخ راشد الغنوشي، الذي لم تستنكف الحركة الإسلامية التركية التي تضرِبُ المثل اليوم على حصافة العقل المسلم الحقيقي في التعامُل مع أسوأ الظروف والأوضاع، لم يستنكف قادة الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا الاعتراف بفضل فكر الشيخ راشد الغنوشي عليهم، واستلهامه في تجربتهم التي تقفُ حتى اليوم شاهداً وحيداً على نجاح »حركة إسلامية« في تولي أعباء الحُكم في دولةٍ أرضعتها وغذَّتها العلمانية، واستهدفتها شياطين الشرق والغرب بالتغريب و »التشريق«.
المفكر المسلم المستنير الواثق من نفسه ومن دينه، يُراهنُ على الأصل الأعظم في ديننا هذا الحرية التي جعلها الله حقاً أصيلاً للإنسان، حتى بل وخصوصاً في شأن إيمانه أو كفره .. يسألُهُ المحاوِرُ ما إذا كانُوا سوف يشرعُون تواً في إقامة «المجتمع المسلم الملتزم» في تُونس، ما دامت حركة النهضة هي التي صارت إليها مقاليد تشكيل الحكومة، وما إذا كانُوا سوف يشرعُون في فرض »الحجاب« مثلاً ؟؟..
ردُّ الرجل الحكيم، كان هُو العبارة التي افتتحنا بها هذه الكلمة :«لا نُريد أن يتحول الشعب التونسي إلى منافقين»!!.. ولكي يُوضحُ هذه العبارة أكثر، يروي الشيخ راشد مشهداً شهدهُ بعينيه، في إحدى الدول المسلمة التي تفرض الحجاب، إذ استقلَّ طائرة من تلك الدولة «لم يسمِّها، ولكن لا أظن القارئ يحتاجُ إلى تسميتها» متوجهاً إلى عاصمةٍ أوربية، وكانت الطائرة عامرةً بالمحجبات من رعايا تلك الدولة المسلمة، يقولُ: ما إن وصلنا إلى وجهتنا حتى كانت كل المحجبات أولئك قد نزعن أحجبتهن وخُمُرهن، وغادرن الطائرة سافرات!!..
لن نفرض الحجاب على أحد .. قالها الشيخ راشد، وهُو يستحضرُ ما شهدهُ بعينيه، فأولئك المحجبات اللائي صحبنهُ في الطائرة لم يتورعن عن النفاق في بلدهن المسلم، ولن يتورعن بعيداً عن أعين السلطة التي ألزمتهن بالحجاب عن فعل أي شيء.. أي شيء .. ففرضُ الدين والتدين »بالسوط أو بالسيف« لن يُسفِرَ إلا عن أُمَّةٍ من المنافقين .. ومبدأ المدافعة والمجادلة بالحسنى والحرية المبدئية، هذه المبادئ القرآنية المجيدة، لن تتحقق في ظل نظامٍ يظُنُّ أنهُ جاء لإرغام الناس على طاعة الله، ولاحتكار سلطة الله تعالى في الأرض .. هذا الوهم الغبي الذي يسيطرُ على وعي الكثيرين من إخواننا أولئك، ولا يُثمِرُ إلا فشلاً وحرجاً وتردِّياً وارتداداً ونفاقاً ..
الشيخ راشد الغنوشي عقد العزم على أن يصنع دولة حُرَّة، ولكي تتحقق حرية الدولة حقاً، لا بُدَّ أن تتأسس وتُحمى حُرِّيَّة كل فردٍ فيها، ويبقَى المحكُّ الفاروق في المشروع الإسلامي التونسي «بل وفي كل مشروعٍ إسلاميٍّ جادٍّ وبصير» هُو قيادة الناس بالقدوة، لا بالسوط، فالناسُ لم يكُونُوا كما أوحى الشيخ راشد كفرةً قبل أن تجيء حركة النهضة لتحكم، بل مُسلمون بالأساس، ويجِبُ أن تُثبتَ حركة النهضة وُجُودها من خلال فكرها ومن خلال سعيها في حل مشكلات السياسة والاقتصاد والمجتمع، وعندها لن تكون بحاجةٍ إلى فرض »المظاهر« لأن المظاهر إن لم تكن تعبيراً عن الجواهر فـــلا خير فيها..
لا يخالجني شكٌّ في أن حركة النهضة التونسية سوف تقدِّمُ أنموذجاً فريداً إن شاء الله في شأن »الدولة الإسلامية الناجحة المستنيرة«، مادام دليلها ومُرشدُها رجُلٌ في قامة الشيخ راشد الغنوشي.