لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..

لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..


12-08-2005, 11:47 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=341&msg=1282032734&rn=44


Post: #1
Title: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 12-08-2005, 11:47 AM
Parent: #0


منزلها يقع بالقرب من منزلنا لا يفصلنا سوى ميدان يلعب فيه الصبية كرة القدم .
منزلها في الأصل هو مخزن يستخدمه احد التجار لتخزين بعض الماكينات واسبيرات العربات
المنزل متهالك وقديم ولا يوفر لها وقاء من المطر ولا صاد من البرد والحر

كلتوم وهذا أسمها الذي يتادوه بها الناس تعمل في منازل الحلة كعاملة تنظيف وغسيل للملابس كي تعول أطفالها الثلاثة الذين أكبرهم في الصف الثامن أساس. تمتاز بالأمانة والدقة في عملها ، تحافظ على صلواتها الخمسة وفي مواقيتها تماما ..

رغم كل هذا فكلتوم تبيع الخمر البلدي للزبائن على مرأى ومسمع الجميع والكل يعلم ذلك ومن الإعتيادي جدا رؤية عربة الشرطة من حين لأخر تهجم على بيت كلتوم للتفتيش عن العرقي .. تقبض على الزبائن إذا ما وجدوا متلبسين بالسكر وأحايين كثيرة تقبض على كلتوم ويرمونها في عربتهم دون رحمة أو شفقة ودون مراعاة لأطفالها وصراخهم .. تغيب كلتوم فترة تمتد لعدة أشهر أحيانا ويكون اطفالها في ذلك الوقت تحت رعاية احدى قريبات كلتوم التي تحضر فور سماعها الحدث وتظل بالمنزل ترعى الأطفال وتزاول تجارة العرقي لإشباع جوع الأطفال لحين خروج والدتهم ..

في إحدى الأيام خرجت كلتوم من السجن وجاءت لمنازل أهل الحي كالعادة لمزاولة عملها وكان نساء الحي يباركون لها الخروج ويحمدون لها الله على ذلك .

جاءت لمنزلنا ورأيت والدتي وعمتي يحمدون لها السلامة ويباركون لها الخروج وهي تشكرهم على شعورها الطيب وبعد ذلك دخلت لحمام منزلنا وتوضاءت إستعدادا لصلاة العصر وراقبتها جيدا ووجدتها تصلي بخشوع شديد ودعت الله بصوت مسموع أن يبعد عنها رجال النظام العام حتى تستطيع أن تمارس تجارتها لتربية أطفالها وبعد ذلك دعت دعاء مطولا لم أسمعه جيدا ولكني رأيتها تبكي بحرقة .

ورغم أنها صديقتي بحكم الجيرة وحكم حضورها اليومي للعمل في منزلنا وكانت دائما تداعبني وتطمئن لي فقد فكرت أن أتحدث إليها وأطلب منها أن تروي لي قصتها ومأساتها إذ كنت أحس أن وراءها مشكلة وقصة كبيرة كنت أحسها في صوتها وحركتها وتعاملها مع أطفالها .

طلبت منها أن أتحدث إليها على إنفراد فوافقت دون تردد فقلت لها أنه من الأفضل أن أذهب معها لمنزلها للحديث فرفضت وقالت أن ذلك غير مضمون لأن عربة الكشة قد تحضر في أي لحظة وسأكون في ورطة لو وجدوني معها .

فقلت لها أنني سأنتظرها في الصالون في الجهة الثانية من المنزل وعندما تنتهي من عملك ألحقي بي هناك ..
فوافقت وجاءتني في الصالون وسألتها عدة أسئلة وحكت لي قصتها التي تبكي الحجر وتحرك قلب الصخر للدرجة التي أبكتني معها بقصتها المأساوية جدا والتي سأنشرها هنا على حلقات .

وأرجو ممن لا تهزهم القصص الأنسانية ولا يقدرون ما تعانيه شريحة بائعات العرقي في بلادي وأيضا من سيأتون للشتم والسباب والتدثر وراء الدين ومن يريدون أن يطلقوا أحكامهم دون رؤية وتدبر .أطلب منهم الإبتعاد عن هذا البوست . إنني أريد أن أخاطب فقط من تتحرك فيهم الإنسانية التي نحن جميعا أخوان فيها

نواصل

Post: #2
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: sumah
Date: 12-08-2005, 12:33 PM
Parent: #1

العزيز
ناصر محمد خليل

ان محاولة سبر غور انسان ومساعدتة للفضفضة هى في حد ذاتها عمل انسانى نبيل..
وا لفعل النبيل هذا هو الذى يقود النفس البشرية للتطهير كما عند ارسطو..
والتطهير هنا بمعنى امتصاص الشحنات النافرة تلك التى تؤدى لدمار النفس وخلخلة استقرارها الروحي والجسدى..
ونحن في الانتظار..
انما الحياة باسرها لمسرح ..

Post: #3
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Osman M Salih
Date: 12-08-2005, 12:57 PM
Parent: #1

الأخ المفضال ناصر محمد خليل

شكراً لأنك تكتب عمن لا يُـكتبُ عنهن، وتـفعل
ذلك بشعور من التعاطف والتضامن مع معاناة
شريحة كادحة و ملاحقة
رجائي الوحيد ألا تبادر بالنشر قـبل الحصول
على إذن الراوية/ الراويات، وأن تحجب أسماء
الراويات وكل ماقد يشكل نشره على الملأ إنتهاكاً
لخصوصيات حيواتهن و وقـوعه في يد مغرضين
( أجهزة أمن وأفراد ) خطراً قد يتنهك خصوصياتهن
و يتهدد أرزاقهن وهن المعيلات لأسر

ولك في الختام سلامي وتقديري
عثمان


Post: #4
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: noon
Date: 12-08-2005, 01:07 PM
Parent: #3

we are waiting
noon

Post: #19
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Mohamed Elgadi
Date: 12-11-2005, 10:05 AM
Parent: #3

Thanks Osman M Salih for this excellent observation on the confidentiality of the oppressed that usually we tend to forget about...

Mohamed Elgadi

Post: #5
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Osman M Salih
Date: 12-08-2005, 01:25 PM
Parent: #1

لك يا ناصر السند والمدد وأنت
تفـتح الكتابة على أقـليم مجهول

أكتب بلاخوف بعد أن تقـوم بالتحجيب
الضروري لبيانات كادحات

Post: #6
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: سفيان بشير نابرى
Date: 12-08-2005, 02:05 PM
Parent: #1

الاخ العزيز/

ناصر خليل

تحية طيبة...


اكفانى الاخ الاستاذ/ عثمان محمد صالح ما اريد ان اقوله له الشكر:-
Quote: الأخ المفضال ناصر محمد خليل

شكراً لأنك تكتب عمن لا يُـكتبُ عنهن، وتـفعل
ذلك بشعور من التعاطف والتضامن مع معاناة
شريحة كادحة و ملاحقة
رجائي الوحيد ألا تبادر بالنشر قـبل الحصول
على إذن الراوية/ الراويات، وأن تحجب أسماء
الراويات وكل ماقد يشكل نشره على الملأ إنتهاكاً
لخصوصيات حيواتهن و وقـوعه في يد مغرضين
( أجهزة أمن وأفراد ) خطراً قد يتنهك خصوصياتهن
و يتهدد أرزاقهن وهن المعيلات لأسر


وايضاً اراحنى استاذ/ عثمان محمد صالح فى هذا:-
Quote: لك يا ناصر السند والمدد وأنت
تفـتح الكتابة على أقـليم مجهول

أكتب بلاخوف بعد أن تقـوم بالتحجيب
الضروري لبيانات كادحات


لك وله الحب والاحترام

Post: #7
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: عصام ابو القاسم
Date: 12-08-2005, 02:14 PM
Parent: #6


هذا النص القصصي لعبد العزيز بركة لا اعرف بالضبط لماذا رايت ان انزله هنا :

امرأة من كمبو كديس

في صباح قائظ من يوم خريفي، بينما كنت أتسكع في شوارع المدينة – كعادتي – منذ أن طُردت من وظيفتي للصالح العام قبل سنتين – سمعت صرّاخ أطفال وما يشبه التهليل والتكبير وأصوات نسوة تندفع إليَّ مع ريح السموم الصباحية، آتية من جهة تجمع سوق النوبة، كان نهيق حمير الأعراب القادمين من أطراف المدينة هو الصوت الوحيد المعتاد بين مظاهرة الأصوات تلك. هادئون كانوا دائماً رواد سوق النوبة، يساومون في هدوء وخبث وحنكة، يشترون ويبيعون في صمت وكأنهم يؤدون صلاة خاصة. نعم قد يسمع نداء موسي السَمِح الجزار بين الفينة والأخري،وقد تتشاجر بائعتان، و قد، لكن تهليل وتكبير وصراخ أطفال؟!، وكفرد أصيل في هذه المدينة أمتلك حساً تشكيكياً عميقاً هتف في:
- إن هنالك شيئاً ما في سوق النوبة...
وكما يتشمم كلب الصيد أثر الأرنب البريّ تشممت طريقي الي المكان.
عزيزة – إبنة كلتوم بائعة العْرقِي – كنا نحن قطيع المثقفين نطلق عليها اخصائية العْرقِي – مرت امام وجهي كالطلقة الطائشة وهي تحمل – على كتفها – أخاها الصغير منتصر، غير عابئة بصرخاته المتقطعة المخنوقة بلعابه اللزّج والتي تثير الشفقة في قلب أقسى شرطي في العالم الثالث، كان أعجفا صغيرا،له عينان مستديرتان لامعتان كعيني سحلية.. أعرفها جيداً وأعرف أيضاً أنها عائدة من عند أمها كلتومة التي تبيع الكسرة. نهاراً بالسوق، فكان لزاماً على عزيزة أن تحمل منتصر الرضيع ثلاث مرات في اليوم الى أمها بالسوق لكي ترضعه رضعة الصباح، رضعة النهار، ورضعة الغداء، وتحرص كلتومة أشد الحرص بألا تفّوت على إبنها الصغير رضعة واحدة حتى لا يمرض مرض الصعّيد، ويموت. لأن منتصر كان نزقاً شقياً و هبّاش، فما كانت كلتومة ترغب في ابقاءه معها في السوق.
صرخت فيها..
- يا بت.. يا عزيزة..
إلتفتت الي بسرعة رشقتني بنظرة عابرة وجدت في سعيها الي حيث تشاء، ولكني ومن خلال لمحتي الخاطفة لوجهها والتي لم تتعد الثلاثة ثوانٍ، رأيت بؤساً وألماً مكثفاً متقنطراً على وجهها الصغير الأملس، بؤساً لا يمكن اخفاؤه أو احتماله لدرجة أنني تيقنت في نفسي أنه لو قسّمنا هذا الحزن والبؤس على كل مشردي العالم لما وسعوه، وفي نظرتها السريعة كانت أسئلة – أيضاً – غامضة ومبهمة ومحيرة في نفس الوقت، جريت وراءها صارخاً:
- يا بنت....
أنا وأصدقائي من ابناء أعيان البلدة ومثقفيها، نفضل أن نسكر من عَرقِي بلح كلتومة وفي بيتها الصغير في كمبُو كديِس فهي امرأة أمينة صديقة حيث إنها لا تسرقنا – كما تفعل الحبشيات وكثير من بائعات العرقي – آخذة منا ثمن عَرقِي لم نشربه، عندما نثمل وتلعب الخمرة بعقولنا الصفراء – أو تغش العرقي بالسبرتو أو الماء أو غير ذلك من فنون السرقة.
" إنني لا أُطعم أبنائي الحرام ".
كما أنها كانت دائماً حافظة لأسرارنا وخبائث فضائحنا " أنا عن نفسي عندما أسكر أفقد مع وعيي وقاري واحترامي وأصبح حيواناً مثقفاً لا أكثر فقد أتبول في ملابسي وأتقيأ علي صدري، وإذا لم يحدث هذا أفشيت كل أسراري الأسرية وتحدثت عن أبي – ضابط المجلس – وقلت علانية ما يعرفه الناس عنه، وما لا يعرفونه بل أفشيت ما أعرف من خططه المستقبلية في سرقة التموين والجازولين.. الى آخر مآسي يومي وأسرتي.. " فكانت كلثومة – والحق يقال – تسمع بإهتمام ولكنهها لا تقول شيئاً، وكنا جميعاً نحترمها ونقدرها مثل أمهاتنا وبالتالي "عزيزة" كانت لنا أختاً صغرى..
- يا بنت.... قفي..
أمسكت بكمها القصير.. ودون أن تنظر الي قالت بصوت مبحوح تخالطه صرخات " منتصر " الحامضة المتدفقة تباعاً:
- أمي..
- أمي قبضوا عليها..
- "...... "
إذاً فهمت كل شئ وشعرت بأن الدينا أظلمت فجأة أمام عيني وأن شعري تحول الى دبابيس مسمومة توخزني في جلد رأسي،ولم استطع ان اقول او افعل لها شيئاً سوى زلق كفي من على كتفها الصغير المتعب، في برود تاركاً إياها تمضي لتذوب في بحر مآسيها ومحنتها و"منتصر" مبللا صدرها بلعابه اللزّج المُلبِّنْ يصليها بصرخاته وندائه المتواصل – بلثغته الحلوة الممتعة – رغم مآساة الموقف – لأمه " اتوما ".
كثيراً ما كنت اخجل من نفسي عندما اجدني عاجزاً امام موقف ما، فاذا حدث ذلك بالامس لذهبت الى جلال الجميل القاضي ودار بيننا الحوار التالي:
- صدر القرار منك ؟
- كنت مجبراً … فانت تعرف لا شئ بأيدينا تماما ..
- ولماذا كلتومة … فهي تعول اطفالاً وزوجها مقتول في الجنوب منذ سنوات.
- لم يكن الامر بشأن كلتومة وحدها..
ولكن حظها.. فلابد –كما تعرف – ان يكون هنالك ضحايا قالوا ان الوالي في زيارة جاسوسيّة في كل مكان. ويجب ان يعرف ان الناس هنا تعمل، تحارب الفساد الى آخر الاوهام كما ان كلتوم كانت تعلم بقرار التفتيش، لقد أخبرها "احمد صالح" ..
- ولكنهم وجدوا عندها جالوناً من العرقي وثلاث زجاجات مليئة بعرقي البلح.
- هذا تلفيق من الشرطة، فقد كانوا يخبئون هذه الأشياء في عربتهم.. فهم غالباً لا يجدون شيئاً عند هؤلاء النسوة..
- وما العمل ؟
- كالعادة نخفف الحكم ما امكن وبدلاً من السجن نضع الغرامة وصديقاتها يقمن بمساعدتها في الدفع كما يفعلن دائماً..
- هذا ما كان يحدث إذا وقعت احدى " زبوناتنا " في قفص الشرطة، ولكن أين اليوم " جلال الجميل " ؟!
- فإن القاضي الجديد لا يشرب العرقي ولكن – فقط – الويسكي " والانشا* " ويدعى مخالفة الله والتقوي، وبالتالي يصعب الوصول إليه حتى الآن على الأقل.
جسدها النحيل المتعب يرقد على الكنبة في وسط سوق السبت وقد أهالوا عليه صفيحة من المياه ما تزال تقطر من جلبابها القطني الرخيص الى نهاية الجلد، ولو أنها لا تحفل بكتل البشر التي تحيط بها " مشفقة او شامتة " إلا أنها كانت تحاول إخفاء وجهها ما أمكن بين ساعديها وتحاول بقدر المستطاع وبجدية الا تصدر منها تنهيدة، آهة، صرخة ألم أو مجرد زفير مندفع قد يُخّيل للشرطيين القضاة او الجلاد، جمهور المتفرجين أنه توجع من وقع سوط " العنج* " الأسود المشرب بالقطران والذي يصلي ظهرها مشقاً مبرحاً ممزقاً لحميات فيه عجفاء بائسة.
وعندما استطعت أن أجد لنفسي مكاناً أشاهد من خلاله ما يحدث كان الشاويش السمين يصرخ بغلظه..
- ثمانية وثلاثين إإيه.. هوب..
- تسعة وثلاثين.. إييه.. هوب..
- أربعون.. إيييه.. آآه.. تماماً مولانا... أربعون جلدة..
قال القاضي وعلى فمه ابتسامة صفراء قاسية محاولاً من خلالها ان يكون تقياً، عادلاً، محبوباً وحاسماً في نفس الوقت..
- هيا قومي.. استغفري ربك الله واعلني توبتك.. توبة نصوحة امام الجميع..
- نظرت إليه – كلتومة – نظرة فاحصة، عميقة – أحسست انها معتصرة من خلايا كبدها – ثم بصقت على الأرض بصاقاً دامياً مرّاً – واقسم ان جميع المتفرجين: الإعراب ذوو الجلاليب المسودة من الأوساخ والتي تفوح منها رائحة وَبر الجِّمال والحمِّير،وقطرانها وروثها بسياطهم وسيوفهم. الشماسة أبناء الشوارع المتشردين.
أصحاب المتاجر – أغلقوا دكاكينهم مضحين بقدر من المبيعات كبير في سبيل ان يحضروا المحاكمة – الكلاب الضآلة الحذّرة المختبئة خلف العشب متجنبة أعين الناس، وغير الضآلة أيضاً.
أسراب الحدأة والغربان والتي تضع حلقة في السماء، ناعقة. " المثقفاتية " مثلي – والذين ليس بإمكانهم فعل شيئ غير التعليق الذكي الصائب المُبرر غير المقنع لغير شريحتهم والمثير للضحك والسخرية من نساء " الكسرة "، العرقي، الشاي وغيرهم من الكادحات.
أعضاء المحكمة " المتفلقصين " كمُخصيىّ القرون الوسطى، صديقاتها البائسات، موظفات المجلس، الشامتون، المتعاطفون " معها او مع السلطة " الجميع.. الجميع بدون فرز ".. اقسم انهم جميعاً أحسوا بمرارة هذا البصاق وكأنه مقذوفاً في عمق حلوقهم مراً كنقع الحنظّل.
ودون أن تحرك فوهتا عيناها عن وجهه انتعلت حذاءها البلاستيكي القديم وشقت طريقها عبر الجمع مصوبة وجهها المجهد شطر بيتها – ساعية بخطي ثابتة سريعة – رغم ما بها من إرهاق – فكان عليها أن تسرع حتى لا تُفوت منتصر الصغير رضعة الصباح.

Post: #8
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: charles deng
Date: 12-09-2005, 03:38 AM
Parent: #7

Dear Nasar,
Although I have been out of Sudan for the last fifteen years, I believe your story about Kaltoum is the story of hundreds of thousands of poor Sudanese women. Khaltoum might be probably from the South, Nuba mountain, or from Darfur. These women do this business not because they love it, but because of necessity. You will find probably 90% of them ######### single-parent families with kids to bring up. They are therefore forced to sell this local drinks, Aregi.
Since 1983, the governments that have come and gone have been especialized in tormenting these women under the so-call Shari'a. Their story is really a human tragedy, but who will come to their help?
I would want also to comment on the intervention of brother Osman Mohammed Salih that his reservation is to the point, but I believe that you must be using a fictitious name. If the latter is the case, I have no quarrel at all.

Post: #9
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 12-09-2005, 04:07 AM
Parent: #1

الأخ المفضال ناصر محمد خليل

تحياتي لك وأنت تتحدث عن المسكوت عنه في مجتمعنا وتحياتي للقيم الإنسانية الجميلة التي تجري في دواخلك النبيلة ..

فقط أنبههك أن طريقك هذا لن يكون خاليا من العقبات والمكايدات ..أرجو منك أن تتحمل إختلاف الرأي وتوابعه ..

صنفرة :

إستمتعت جدا بالقصة التي أنزلها الأخ عصام أبو القاسم هنا ..
لك التحبة أخ عصام ..

Post: #11
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: معتز تروتسكى
Date: 12-09-2005, 05:23 AM
Parent: #9

الانتاجية:
هى العلاقه بين الناتج من السلع والخدمات وبين المستخدم من الموارد..
الاستهلاك:
هو النشاط الذى يشبع به الانسان حاجاته ؛ وهناك استهلاك فورى واستهلاك تدريجى ويتوقف الاستهلاك على الدخل والحاجات والنزعات النفسية وعادات الافراد الذين يكونون المجتمع ؛فضلا عن المبادئ التى تجرى وفقا تقسيم الدخل..
علاقات الانتاج :
هى العلاقات التى تنشا نتيجة انتاج الاشياء المادية التى تفيد فى اشباع الحاجات البشريه ...
اذا هى العلاقه بين المُنتج والمستهلك..

وخمرة هواك يا مي صافية وجلية..
قلت ليك ارح. .

Post: #12
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: عصام ابو القاسم
Date: 12-09-2005, 02:43 PM
Parent: #9


شكرا" يا نازر ..
يا الف مرحب .

Post: #10
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: نهال كرار
Date: 12-09-2005, 05:04 AM
Parent: #1

الأخ ناصر محمد خليل
تحياتي

جميل منك هذا التصرف
القدرة على الإحساس بمعاناة الآخرين لا تتوفر لدى الجميع


في انتظار القصة


لك التحية والإحترام

Post: #13
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 12-09-2005, 04:57 PM
Parent: #1

الأخوة الأعزاء.

لم أندهش من ردود فعلكم التي سجلتموها هنا في ما أريد ذكره بهذه المأسأة الإنسانية .
ولكني الأن في قمة الغضب والهياج.

جئت لكي أحكي لكم قصة كلتوم بائعة العرقي بحينا .

ولكني لم استطع التركيز بسبب موقف وقصة في غاية الغرابة ومثيرة للإنفعالات .

دعاني أحد اصدقائي مساء اليوم لحضور مسرحية تعرض في المسرح القومي بعنوان (مستر خليل) من ضمن مهرجان يسمى بإسم (أيام الخرطوم المسرحية) فذهبت معه حتى أجد وقتا للتنفيس عن هذا الإكتئاب الذي أشعر به منذ أن سمعت قصة كلتوم .

وجدت أن المسرحية وفي جذء منها تحكي عن رب منزل أدمن السكر والشرب وتعود على كشات البوليس والنظام العام حتى أن ظهره أصبح من كثرة الجلد كـ (كراس العربي) كما يقول .

في يوم ما جاءت خادمة للعمل معهم في المنزل إسمها (حياة) .. وفجأة يكتشف أن حياة هي إبنة أم حقين بائعة العرقي !! فوجدها ذلك الرجل فرصة طيبة للتخلص من جلد المحكمة فرشا حياة مبلغامن المال مقابل أن تأتيه بزجاجة عرقي يوميا في منزله من أمها أم حقين وبذلك يتخلص من السكر أمام عمود الكهرباء والجلد أمام محكمة النظام العام !!

المسرحية تظهر (حياة) إبنة أم حقين بائعة العرقي كداعرة ومغنية وفي قمة الإذلال لمطالب سكران المسرحية وحتى مظهرهاوطريقة كلامها يوحي بأنها من المناطق المهمشة !

لماذا يا ربي هذا الظلم الإجتماعي ؟
ولماذا نجرم في إنسانيتنا بهذه الطريقة ؟
لماذا نجعل من معاناة بعضنا سيناريو ومسرحية للضحك والتندر ؟
ماذا نحن ؟ كلاب ؟ ذئاب . بشر ؟ حيوانات ؟ ماذا نحن يا الهي ؟

والله إن الغضب إكتنفني ولولا تهدئة صديقي لكنت صعدت إلى المسرح ولكمتهم جميعا على أنوفهم القذرة ..

لماذا لا نحس بمعاناة بعضنا البعض في هذه الحياة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

هل يكفي أن أحمل أي إداة صلبة وأحطم شاشة الكمبيوتر التي أمامي الأن للتنفيث عن غضبي وإنفعالاتي ؟

ترى ماذا سيكون رأي ورد فعل كلتوم إذا ما شاهدت المسرحية ورأت أن المجتمع يصور بناتها كالداعرات والفاجرات لأجل الحاجة ؟؟
إخس يا بلد . وإخس يا حكومة وإخس يا مثقفين .
إخس يا مسرحيين وإخس يا ممثلين وإخس يا مخرجين .
إخس عليكم جميعا وإخس علي أنا نفسي لعجزي عن إيقاف ما يحدث ..

أعتذر عن إنفعالي وسأعود إليكم غدا أو بعد غد بإذن الله .

ملحوظة : عندما رجعت للمنزل اخبرني شباب الحي أن قوات أمن المجتمع داهمت منزل كلتوم ولكنها لم تجد شيئا يرجعها للسجن مرة أخرى فعادت بخفي حنين ..

Post: #14
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 12-10-2005, 06:51 AM
Parent: #1

الأخ ناصر تحياتي لك ..

من الصدف الغريبة أنني كنت موجودا وحاضرا للمسرحية بحكم إهتمامي المسرحي وقد أختلف معك في قراءتك للمسرحية وفهمك لها ..

بالمناسبة كان حضورا في تلك المسرحية إثنين من بورداب الخرطوم أيضا أحدهما عصام أبو القاسم دارس النقد بمعهد الموسيقى وصاحب المداخلة التي في الأعلى وايضا التشكيلي الأستاذ عصام عبد الحفيظ ..

أنا أحتفظ برأيي حول المسرحية لنفسي ولكني أريد أن اسمع من الأخ عصام رايه فيها وهل إذا كان متوافقا مع رأيك ..

صنفرة :

ولكني أخشى أن يبعدنا هذا عن موضوع البوست وقصة كلتوم !!

Post: #15
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 12-10-2005, 06:54 AM
Parent: #1

الأخ ناصر تحياتي لك ..

من الصدف الغريبة أنني كنت موجودا وحاضرا للمسرحية بحكم إهتمامي المسرحي وقد أختلف معك في قراءتك للمسرحية وفهمك لها ..

بالمناسبة كان حضورا في تلك المسرحية إثنين من بورداب الخرطوم أيضا أحدهما عصام أبو القاسم دارس النقد بمعهد الموسيقى وصاحب المداخلة التي في الأعلى وايضا التشكيلي الأستاذ عصام عبد الحفيظ ..

أنا أحتفظ برأيي حول المسرحية لنفسي ولكني أريد أن اسمع من الأخ عصام رايه فيها وهل إذا كان متوافقا مع رأيك ..

صنفرة :

ولكني أخشى أن يبعدنا هذا عن موضوع البوست وقصة كلتوم !!

Post: #25
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: عصام ابو القاسم
Date: 12-14-2005, 06:38 AM
Parent: #15

الاخ نازر كنت اعتقد انك اطلعت علي رايي في المهرجان كله ..
وليس فقط في هذه المسرحية التي قصد منها ترميز مكي سنادة اكثر مماهو مرمز ،
وعموما" اعدك بالحديث عنها ..
وحنق الاستاذ ناصر من طريقة تجسيد بنات الهامش في المسرح مفهوم ومقدر تماما" ، خاصة في سياق هذا العرض .. الركيك .

Post: #16
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: قرشـــو
Date: 12-10-2005, 07:25 AM
Parent: #1



الاخ ناصر


ياخى واحدة واحدة عشان نقدر نتابع معاك ونتفاعل

لكن خلينى اجيك من الاخر


زعلت عشان الجماعة ديل مش كده ؟؟؟؟


طيب ليه ما بتزعل من ناس كونوا فرق مسرحية وبقى اكل عيشهم من السخرية على الناس ويدعوا افكا وبهتانا انهم يحاولوا ان يضحكوا الناس ويعالجوا بعض عيوب المجتمع ..

انها ما تسمى فرق الفكاهة او النكات ....


والله كلما اسمعهم اغضب غضب شديد لان كل نكتة هى سخرية من انسان ما ...

ياخى الما بزعل شنو بس عليك الله ؟؟؟

Post: #17
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 12-11-2005, 09:35 AM
Parent: #1

............

Post: #18
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 12-11-2005, 09:35 AM
Parent: #1

............

Post: #20
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: اشرف السر
Date: 12-11-2005, 12:44 PM
Parent: #1

Quote: نزلها يقع بالقرب من منزلنا لا يفصلنا سوى ميدان يلعب فيه الصبية كرة القدم .
منزلها في الأصل هو مخزن يستخدمه احد التجار لتخزين بعض الماكينات واسبيرات العربات
المنزل متهالك وقديم ولا يوفر لها وقاء من المطر ولا صاد من البرد والحر

كلتوم وهذا أسمها الذي يتادوه بها الناس تعمل في منازل الحلة كعاملة تنظيف وغسيل للملابس كي تعول أطفالها الثلاثة الذين أكبرهم في الصف الثامن أساس. تمتاز بالأمانة والدقة في عملها ، تحافظ على صلواتها الخمسة وفي مواقيتها تماما ..

رغم كل هذا فكلتوم تبيع الخمر البلدي للزبائن على مرأى ومسمع الجميع والكل يعلم ذلك ومن الإعتيادي جدا رؤية عربة الشرطة من حين لأخر تهجم على بيت كلتوم للتفتيش عن العرقي .. تقبض على الزبائن إذا ما وجدوا متلبسين بالسكر وأحايين كثيرة تقبض على كلتوم ويرمونها في عربتهم دون رحمة أو شفقة ودون مراعاة لأطفالها وصراخهم .. تغيب كلتوم فترة تمتد لعدة أشهر أحيانا ويكون اطفالها في ذلك الوقت تحت رعاية احدى قريبات كلتوم التي تحضر فور سماعها الحدث وتظل بالمنزل ترعى الأطفال وتزاول تجارة العرقي لإشباع جوع الأطفال لحين خروج والدتهم ..

في إحدى الأيام خرجت كلتوم من السجن وجاءت لمنازل أهل الحي كالعادة لمزاولة عملها وكان نساء الحي يباركون لها الخروج ويحمدون لها الله على ذلك .

جاءت لمنزلنا ورأيت والدتي وعمتي يحمدون لها السلامة ويباركون لها الخروج وهي تشكرهم على شعورها الطيب وبعد ذلك دخلت لحمام منزلنا وتوضاءت إستعدادا لصلاة العصر وراقبتها جيدا ووجدتها تصلي بخشوع شديد ودعت الله بصوت مسموع أن يبعد عنها رجال النظام العام حتى تستطيع أن تمارس تجارتها لتربية أطفالها وبعد ذلك دعت دعاء مطولا لم أسمعه جيدا ولكني رأيتها تبكي بحرقة .

ورغم أنها صديقتي بحكم الجيرة وحكم حضورها اليومي للعمل في منزلنا وكانت دائما تداعبني وتطمئن لي فقد فكرت أن أتحدث إليها وأطلب منها أن تروي لي قصتها ومأساتها إذ كنت أحس أن وراءها مشكلة وقصة كبيرة كنت أحسها في صوتها وحركتها وتعاملها مع أطفالها .

طلبت منها أن أتحدث إليها على إنفراد فوافقت دون تردد فقلت لها أنه من الأفضل أن أذهب معها لمنزلها للحديث فرفضت وقالت أن ذلك غير مضمون لأن عربة الكشة قد تحضر في أي لحظة وسأكون في ورطة لو وجدوني معها .

فقلت لها أنني سأنتظرها في الصالون في الجهة الثانية من المنزل وعندما تنتهي من عملك ألحقي بي هناك ..
فوافقت وجاءتني في الصالون وسألتها عدة أسئلة وحكت لي قصتها التي تبكي الحجر وتحرك قلب الصخر للدرجة التي أبكتني معها بقصتها المأساوية جدا والتي سأنشرها هنا على حلقات .

وأرجو ممن لا تهزهم القصص الأنسانية ولا يقدرون ما تعانيه شريحة بائعات العرقي في بلادي وأيضا من سيأتون للشتم والسباب والتدثر وراء الدين ومن يريدون أن يطلقوا أحكامهم دون رؤية وتدبر .أطلب منهم الإبتعاد عن هذا البوست . إنني أريد أن أخاطب فقط من تتحرك فيهم الإنسانية التي نحن جميعا أخوان فيها

نواصل


الأخ ناصر

في انتظار التتمة..
لهذه القصة التي تحكي ظروف شريحة ليست بالصغيرة من أبناء وبنات شعبنا المغلوبين على أمرهم..

Post: #21
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: nada ali
Date: 12-11-2005, 02:45 PM
Parent: #1

الاستاذ ناصر

تحية طيبة و شكرا للكتابة حول تجربة كلتوم، وفى انتظار اكتمال الكتابة، كما تفضل من سبقونى، ارجو ان تكون قد غيرت الاسم القيقى اواستأذنتها فى نشر قصتها.

خلال عقد التسعينيات قامت عدة منظمات نسائية بتوثيق تجارب النساء اللائى يبعن الخمور، و مطاردتهن بواسطة البوليس، و قامت بعض المنظمات بتقديم العون القانونى و المالى لنساء فى امس الحاجة للدعم.
ندى

Post: #22
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 12-12-2005, 03:22 PM
Parent: #1

الأخوة الأعزاء .

أسف جدا إذ تأخرت عليكم في سرد بقية قصة كلتوم ..

كما أشكر جمبع المتداخلين هنا وإنشاء الله سأكون عند حسن ظنكم وأعمل بملاحظاتكم ..

تنهدت كلتوم تنهيد حارة سالت معها دمعة حارة على وجنتها الزرقاء حتى أنني ندمت ندما شديدا أنني طلبت منها التحدث و بدأت في سرد قصتها ..

تقول كلتوم أنها كانت تعيش في أمن وأمان مع أفراد عائلتها أمها وأبيها وإخوتها الإثنين وزوجها في قرية (........) بإحدى جبال النوبة . وكانت حياتهم تسير في غاية اليسر والسهولة إذ أن أمها كانت تعمل في تجارة القماش مع أبيها حيث أن أباها تعود على الذهاب إلى المدن الكبرى في جنوب كردفان لشراء كميات من الأقمصة والفساتين والأقمشة ومن ثم يحضرها إلى والدتها التي تبيعها في سوق قريتهم الصغير ومن ثم تعطيه ما تجمعه من نقود وهو بدوره يشتري العسل من تجار القرية ويحمله للمدينة لبيعه هناك ويشتري بعائده الملبوسات وهكذا دواليك .

أما إخوتها الإثنين فقد كان أحدهما في سن الدراسة ويذهب للمدرسة الإبتدائية الوحيدة في القرية . والثاني كان يحاول شق حياته بنفسه بأن إستلف من أبيه مالا ودخل في شراكة مع أحد تجار القرية وظهر عائدها سريعا حيث أستطاع أن يرد ما إستلفه من والده في غضون أربعة أشهر فقط ..

أما زوجها فقد كان يعمل في القوات المسلحة برتبة ملازم أول ويغيب عدة أيام في مدينة الدلنج وكادوقلي ولكنه سرعان ما يعود إليهم ..

تقول كلتوم أنها أنجبت من زوجها طفلين توأم في عام 1990 كانت قريتهم بأكملها فرحة بهم ..
كانت الحرب في ذلك الوقت غير مستعرة في القرى القريبة منهم وكانوا يسمعون من الرحل الذين يمروا بقريتهم أن الجيش قد يهاجم الجبال قريبا بعد ان إنتشرت أنباء أن جبال النوبة إنضمت للتمرد وأن التمرد لديه قوات موجودة داخل الجبال .. وحتى ذلك الوقت تقول كلتوم أن سكان القرية المسالمين ليس لهم علاقة بالجيش أو التمرد ولا علاقة لهم حتى بالسياسة ولذلك فقد إستبعدوا أخبار أن يهجم الجيش على قريتهم بالذات ..

في عام 1993 جاء بعض من سكان القرية جريا وعلى وجوههم الخوف الشديد وأخبروا سكان القرية أن قوات من الدفاع الشعبي والجيش في طريقها لقريتهم بالذات .. تقول كلتوم ان الخوف تملك كل سكان القرية للدرجة التي جعلتهم جميعا يتجمعون في ساحات القرية إنتظارا للجيش القادم ..

بعد أقل من ساعة ظهرت جحافل القوات القادمة وهي بكامل أسلحتها وعتادها وعرباتها كان أول ما فعلوه هو محاصرة القرية بحذر شديد وفي وضع الإستعداد الكامل وفوهات دباباتهم ورشاشاتهم موجهة تجاه القرية وفي ذلك الوقت بدأ بعضنا بالبكاء والتشهد وقد ظننا أننا سنرجم وسنضرب بالدبابات ..

بعد قليل صعد أحد قادة القوة على ظهر إحدى العربات وحمل مكرفونا وصاح امرا في الناس المتجمعين يسألهم إن كان معهم مسلحا أو أشخاصا مسلحين أن يضعوا السلاح ويتقدموا ناحية الجيش ..
ولما لم يكن أحد من المسلحين معنا فقد صاح أحد تجار القرية في الجيش وأخبرهم ان القرية امنة وليس بها مسلحين وبإمكانهم التقدم ..

تقول كلتوم ان عدد ثلاث عربات مدرعة المعروفة بإسم صلاح الدين تقدمت إلى حيث الأهالي وبعد ذلك تقدم عدد من الجنود وأفراد الدفاع الشعبي مهللين ومكبرين ناحية الجمع .. وهم يشهرون أسلحتهم في وجه الاهالي ..

خرج من إحدى المدرعات قائد القوة وهو نفسه من منطقة الجبال ويعرفه كبار القرية ولكنه كان فظا جدا مع كبار زعماء قريتنا حيث طلب منهم بكل وقاحة أن يخرجوا من وسطهم أي فرد يعرف ضرب النار وإستعمال السلاح .. ولما أخبروه أنه لا أحد من وسطهم يجيد إستعمال السلاح وفجأة وفي صفاقة غريبة رفع القائد يده وصفع بها أحد كبار شيوخ القرية الذي كان في عمر أبيه أو جده ولما كانت هذه إهانة لشيوخ القرية جميعها فقد إستل زلك الزعيم سكينه وحاول قتل قائد القوة ولكن أحد المرافقين للقائد عمر سلاحه وأطلق عدة مجموعات من الرصاص في جسد ذلك الزعيم وقتله على الففور أمام الجمع المذهولين .!
تقول كلتوم أن الجميع بدأ بالصراخ وحاول بعضهم الهرب في مختلف الأنحاء إلا أن الجيش بدأ في حصدهم دون رحمة أو تمهل وهم يكبرون ويهللون مع أن سكان القرية جميعها من المسلمين المتدينين جدا .

وبعد أقل من ربع الساعة كانت النتيجة مقتل ما لا يقل عن ثمانين من الرجال والنساء والأطفال من بينهم أخوها الصغير التلميذ في المدرسة .. وبعد ذلك تم جمع سكان القرية المذهولة وسط الصراخ والدماء والجثث ومن ثم إستباحوا القرية بأكملها حيث دخلوا للمنازل وسرقوا كل ما صادفهم من طعام ونقود وأواني وإغتصبوا بعض الفتيات العذراوات وهم يهللون ويكبرون وسكان القرية لا يجرأون على المقاومة !

بعد ذلك جاء قائد القوة وسأل عن أهل أحد
الضباط لديهم .. وهو زوجي .. فخفت خوفا شديدا ولكني تملكت نفسي وقلت له نعم انا زوجته وهذا الذي قتلتموه أخي الصغير .. وكانت هذه بداية المعاناة بالنسبة لي حيث أمر القائد بعضا من جنوده بأسري حتى أذهب معهم وفجأة ودون مراعاة أنني فتاة صفعني أحدهم من الخلف صفعة قوية وقبل أن ألتفت وجدت أربعة من الجنود يرفعونني من على الأرض وهم يكبرون ويهللون ويرمون بي على ظهر إحدى عرباتهم وكأنني شوال من الفحم او قطعة من الخشب ومن ثم بدأ الموجودون على ظهر العربة بضربي وركلي على كل أجزاء جسدي حتى الحساسة منها وأنا أصرخ والدم يسيل مني حتى فقدت الوعي وسط تهليلاتهم وتكبيراتهم ..
وبعد ذلك إنسحب الجيش من القرية وأنا معهم بعد أن ترك ورأءه رعبا وفزعا ما بعده من فزع ..

نواصل

Post: #23
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 12-12-2005, 05:00 PM
Parent: #1

الأخ ناصر خليل ..

تحياتي ..

قبل أن اعلق على هذه الصة التي أوردتها أخبرك انني قد سألت عنك أمس العديد من البورداب الذين حضروا للمسرح القومي لمشاهدة مسرحية نبتة حبيبتي بل انني قد تعمدت أن أمعن النظر في الكثير من الوجوه التي مررت بها بالمسرح علني أحظى بالتعرف عليك عن قرب ...

صنفرة :

سأعود للتعليق على السرد اعلاه لاحقا ...

Post: #24
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 12-14-2005, 06:24 AM
Parent: #1

...............

Post: #26
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Abdulgadir Dongos
Date: 12-14-2005, 09:27 PM
Parent: #24

تحية طيبة أستاذ ناصر،
قصتك هذه أصبحت واقع أغلبية من الذين تراهم نذحوا واستقروا حول الخرطوم. ما أن فرغت من قرأتها الا ودار بمخيلتي كم هائل من الموت والدمار الذي كان يعرض علينا بأسم "ساحات الفداء". لا أدري كيف أصف لك مأساتي وأنا أشاهد تلك الترهات، رغما عن ذلك فضلت أن أشاهدها وبكل دقة حتي بت أحفظ وجوههم فردا فردا. من كان يشعر وينتشي ويتوعد ، ومن كان يوصف بجثث الموتي كلهم باتوا في المخيلة. الشرخ الذي أحدثه هؤلاء غائر في النفوس ، والحنق لأجل العدالة ينمو ويكبر. نثمن لك الأحساس النبيل و نتابع ثردك الجميل.








دنقس.

Post: #27
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 12-15-2005, 06:57 AM
Parent: #1

تقول كلتوم أنها أفاقت بعد فترة على اثر جردل من الماء البارد تم دفقه على وجهها بكل قسوة فنهضت وهي تصرخ ولكن أجبرها أحد الواقفين خلفها على الصمت بأن صفعها في أذنها صفعة قوية ففصمتت على الفور ..

وجدت نفسها في مكتب قديم ومهترئ وأمامها عدد من رجال الجيش والدفاع الشعبي وأحدهم يحمل ورقة وقلم ويسألها .. سألوها عن زوجها الضابط في الجيش ولماذا يكثر من السفر إلى المدن الكبرى بسبب وبدون سبب وسألوها إن كانت لها أو لزوجها علاقة بالتمرد ؟؟

سالت الدموع من كلتوم وهي تسترجع ذكرياتها المريرة في رعب شديد حتى أشفقت عليها وواصلت في سرد ماساتها ..

تقول أنها أخبرتهم بأنها لاتعرف شيئا عن زوجها ولا عن حياته في الجيش وأجابتهم أيضا بكل الأسئلة التي سألوها لها بكال صدق إلا أنهم صاروا يضربوها بين كل سؤال وسؤال بقسوة ودون مراعاة لكون أنها أنثى ..

وقد فهمت من حديثهم انهم ألقوا القبض على زوجي في إحدى القرى في منزل أحد الشخصيات التي يراقبوها لشكهم أن لها علاقة بالتمرد وأن زوجها الان في الطريق إلى مكتبهم ..

تصوروا أن هؤلاء الوحوش جاءوا لقريتنا بحثا عني بسبب أنهم ألقوا القبض على زوجي ويريدوني للتحقيق .. إذا ما ذنب الذين قتلوا وهم اكثر من ثمانين من النساء والشيوخ والأطفال تحت التكبير والتهليل وأيضا الإغتصاب ؟؟ ما ذنب هؤلاء الأبرياء إن كانوا يريدونني أنا ؟؟

في هذه اللحظة إنفجرت كلتوم ببكاء هستيري وهي تستعيد هذا المشهد للدرجة التي إنفجرت فيها معها بالبكاء حتى خفت ان تسمعنا أمي وعمتي الموجودين في الطرف الأخر من المنزل وبعد فترة إستعدنا تماسكنا وواصلت كلتوم في حكاية القصة الحزينة ..

بعد أكثر من ساعتين من الضرب المتواصل عهلى أجزاء حساسة من جسمي مع تهديدات بالإغتصاب تخرج من فم شيوخ بألفاظ نابية جاء أحد الجنود من الخارج وأدى التحية العسكرية وأخبرهم أن زوجي قد وصل وهو بالخارج الأن ..

ودون أي سبب مفهوم إنطلقت في الغرفة عبالرات التهليل والتكبير وبعضا من أناشيد الدفاع الشعبي والرقص الهستيري لدرجة أن أحدهم عبر عن شعوره بلكمي بكل قوة في فمي أطارت مني سنين مع كمية من الدماء ..

أدخلوا زوجي والذي كان في حالة مزرية جدا وقد تم تمزيق لبسه العسكري وبدات فيه أثار الدماء والضرب وما أن رأني ورأيته حتى حاولنا أن نجري تجاه بعضنا ولكن لم تمهلنا ركلات الجنود وضربهم لنا بي عقوب مدافعهم الرشاشة حتى سالت منا الدماء ..

بدا التحقيق والضرب لزوجي دون إعتبار أنه ضابط في الجيش السوداني وفي أثناء التحقيق أخبرهم ألا علاقة له بالتمرد أو غيره وأن الشخص الذي كان عنده ساعة القبض عليه هو صديق لأسرتهم منذ زمن طويل وأنه كان في زيارة عادية له لتبادل الاحوال ..

تم ضرب زوجي وضربني أمامه بكل قسوة كي ينتزعوا منه إعترافا أيا كان نوعه ولكن زوجي أصر على موقفه وفي هذه اللحظة جاء أحد الضباط ممن تبدوا عليه علامات الوقار وأمر
إثنان من الجنود بإغتصابي أمام زوجي .. صرخت وصرخ زوجي وحاول منعهم ولكنهم انهالوا عليه بالضرب وبعد أن تمت تعريتي تماما وانا أصرخ والدم يسيل مني سأل الضابط زوجي إن كان سيعترف أم يرى زوجته تغتصب أمام عينيه ؟ ولكن زوجي صرخ في هستيريا وقال لهم أنه لا يدري عما يتكلمون ؟ وفي هذه اللحظة أشار الضابط للجنود بهجموا علي وأرقدني أحدهم ارضا وأمسكني أما الأخر فقد شرع في إغتصابي أمام زوجي وأمام الحاضرين والذين كانت تبدو عليهم علامات التلذذ فصرخ زوجي وحاول مصارعة من يمسكونه إلا أنهم أنهالوا عليه ضريا حتى فقد الوعي ..

أما عني فقد تبادل الجنود الفي الغرفة جسدي وتم إغتصابي حتى فقدت الوعي .
وعندما أفقت وجدت نفسي في ساحة واسعة كان يبدو عليها انها معسكر للدفاع الشعبي أو الجيش ووجدتهم ربطوا زوجي في إحدى الأشجار أمامي بينما شرع بعض الجنود في تهيئة سلاحهم ..
صرخت وترجيت الضابط الملتحي ألا يقتل زوجي البرئ وان لدينا أطفال ولكن الضابط صفعني بقسوة شديدة وقال لي أن الأمر قد صدر بإعدامه وإعادتك لقريتك . قلت لهم إذا أقتلوني معه . وفي هذه اللحظة جاء إثنان من الجنود وجروني على الأرض بعيدا عن منطقة الضرب وأنا أصرخ وفي هذه اللحظة صاح زوجي والذي لم يكن خائفا يوصيني على اطفالنا وأخبرني أيضا بثبات أنه بري من كل التهمة التي دبروها له . وفي هذه اللحظة رأيت من مكاني زوجي يقرأ الشهادة وعندما أخذ الجنود مواقعهم أخذ زوجي يكبر ويهلل بصوت عال لم يسكته إلا هدير الرشاشات والتي إنطلقت تمزق جسد زوجي تمزيقا أمام أعيني ولدهشتي فإن هؤلاء الوحوش أخذوا يكبروا ويهللوا ويعانقوا بعضهم بعضا في فرح غريب . وبعد ذلك جاء أربعة من الجنود وأخذوني معهم لإحدى العربات ورموني بها وإنطلقوا صوب قريتي وقبل ان يصلوها بحوالي مسيرة ساعتين رموني من العربة في الأرض ورجعوا عائدين

أما أنا فقد تحاملت على نفسي رغم ألامي ودموعي وصورة زوجي وهو يقتل أمامي وإتجهت ناحية القرية ووصلتها حوالي الثالثة عصرا .

تقول كلتوم في هذه اللجظة أنها تريد مني ان اعرف أن أسرتها بكاملها مسلمون ابا عن جد ولا يفرطون في صلاتهم وعباداتهم وتقول ان زوجها كان أتقى اهل قريتها بمداومته على الصلاة وتلاوة القرأن وأنه كان يوصيها داءما بألا تفرط في صلاتها وهي تطيعه بحكم الفطرة . وأنها واثقة أن زوجها مصيره الجنة بإذن الله ومصير من قتلوه وهم يكبرون ويهللون النار بإذن الله لأن زوجها كان قمة في الطهر والتفاني والتدين بشهادة كل أهل القرية .

نواصل .

Post: #49
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Mohamed Elgadi
Date: 02-02-2006, 06:21 PM
Parent: #27

Quote:أما عني فقد تبادل الجنود الفي الغرفة جسدي وتم إغتصابي حتى فقدت الوعي .Unquote
Up
ولدهشتي فإن هؤلاء الوحوش أخذوا يكبروا ويهللوا ويعانقوا بعضهم بعضا في فرح غريب .Unquote

UP Up Up

Mohamed Elgadi

Post: #28
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Tabaldina
Date: 12-15-2005, 07:37 AM
Parent: #1

..
.
تحياتي؛؛
جانبك الصواب فى أختيار العنوان
فليس كلهن من اماكن مهمشة لا إنتماءا ولا أقامة..

أسمع ولا اقول اعرف .. عن أحداهن فى حي المظاهر
واخري فى المنشية بظروف مختلفة وانتماءات قبلية مختلفة..واسباب متعددة
فلا تنسبهن للمناطق المهمشة..

وجهة نظر؛؛

أكمل .. وبرضو تحياتي؛؛

Post: #29
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 12-16-2005, 07:16 AM
Parent: #1

كيفك يا تبلدينا ...

Quote: جانبك الصواب فى أختيار العنوان
فليس كلهن من اماكن مهمشة لا إنتماءا ولا أقامة..


الحقيقة أرى أن عنوان الأخ ناصر معبر جدا .. نعم ليسوا كلهم من المناطق المهمشة ولكن قد يكون اغلبيتهم كذلك لإرتباط صناعة الخمور البلدية لديهم بثقافاتهم المحلية ..

صنفرة :

هنالك أجانب أيضا يمتهنون صناعة الخمور البلدية مثل الكنغوليين والزائيريين والتشاديين وأيضا بعض من أحباش ويوغنديين وأخبار البلاغات التي فتحت لهم تعج بها الصحف المحلية هنا !!!

Post: #30
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: حسن النور محمد
Date: 12-16-2005, 08:03 AM
Parent: #1

الاخ ناصر محمد خليل
تحياتى
فى البداية شكرا على تناول موضوع هام نواريه ونتوارى عنه فى خجل لامبرر له اذ ان تعاملنا مع كلتوم واخواتها فيه كثير من الاحتقار لشريحة اجتماعية يحاول البعض تناسيها وامتهانها (بالنهار طبعا ) بينما يسعى الكل لكسب ودها( ليلا) لاننا نعانى من انفصام شخصية فى التعامل مع واقعنا بل ونكيل باكثر من مكيال فى تقيمة.وقد حاولت كثير من القوى الاجتماعية بادوات مختلفة (بعضها دينى واخر سياسى وثالث اخلاقى )ان تمسح من زاكرة شعبنا كثير من الممارسات التى نستطيع ان نقول انها كانت من تراثه . فالشراب من عرقى العيش والتمر الى المريسة بكل اصنافها واعتقد جازما ان اخر مراحل تطوره هو ( الابرى ). كان يقدم الشراب فى كل المناسبات السعيدة عموما وفى المناسبات الحزينة عند بعض الجماعات السودانيةولم يكن فى ذلك مايعيب وكان يحضر مجلسها اناس لايتعاطونها بل عرف عنهم التدين ثم ان بعض من يعاقرونها يقومون بواجباتهم الدينية كاملة وازكر هنا عدم اقبال البعض على الشراب حتى يصلون وهم يقولون (بعد العشاء مافى اختشا ) وهنا ارجو ان اشير الى تقليد (خم الرماد ) بمعنى انتهاْء موسم التقطير والبيع والتعاطى وتنظيف المكان لاستقبال شهر الصوم العظيم واصبح تقليد بوقف الشرب لحين انتهاء الشهر الكريم.زكرتنى قصتك مع كلتوم تجارب انسانية رائعة لسيدات قادتهن الظروف لهذا الطريق ورغم مافيه من ذل وانكسار لبعضهن الاانهن قدمن للمجتمع ابناء وبنات هم مثال للانسان والمواطن الصالح .
لقصتك مع كلتوم اكثر من بعد وان اخترت انت البعد الانسانى وفيه يكمن البعدالاجتماعى و الاقتصادى والسياسى وهى محاولة شجاعة لكشف المسكوت عنه فى واقعنا السودانى وهو كثير.
اكرر شكرى وارجو ان نتناول الظاهرة بكل ابعادها.

Post: #31
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Eng. Mohammed al sayed
Date: 12-16-2005, 08:35 AM
Parent: #30

الأخ الفاضل حسن
العتب علي النظر وشكرا للتوضيح
وأرجو المعذرة للخلط

Post: #32
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: حسن النور محمد
Date: 12-16-2005, 09:08 AM
Parent: #1

الاخ محمد السيد (Eng)
تحياتى
(هناك وين ؟)
لست انا. تاكد ياخى وراجع ماكتبت فربما اختلط عليك ماكتبت مع كاتب اخر او حسن اخر فى بوست اخر(راجعت البوست المقصود وتاكد لى انك خلطت فى الاسماء) .
ولك ودى

Post: #33
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Eng. Mohammed al sayed
Date: 12-16-2005, 03:15 PM
Parent: #32

أخي حسن النور محمد
تقبل إعتذاري
و
لك من الود مثله

Post: #34
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ابوالقاسم ابراهيم الحاج
Date: 12-16-2005, 05:45 PM
Parent: #1

الاستاذ ناصر محمد خليل لك التحية و التقدير
وشكر جزيلا على هذا البوست

فصراحة بقدر تالمت وحزنت على الصورة الماسوية التى رسمتها عن السيدة كلتوم وهي حال كل اغلابة و المهشين الذين في بلادنا الحبيبية , ولكن في نفس الوقت انا سعيد جدا لانك فتحت ما كنا نتهرب منه ونتوارى خجلا وهو ما شجع هولا جلادي العصر الذي يملكون كوكب الجنة ويوزعون بنات الحور على الحابيب , الذي اخذو التوكيل الالهي

يتطبقون شريعتهم في الضعفاء الغلابة الذي لا حولة لهم ولا قوة

وفوق ذالك كله تجد ضرائب زكاة جبانة الخ............ الدولة الوحيدة في العالم تفرط ضريبة وزكاة وجبانة ومجهود ومجهود رجعي

وهاك يازاد مجاهد ودمعة جريح و و تمر الارملة وبول اليتيم والخ...................

السؤال الذي يطرح نفسه هل هذه الافعال سوف تستمر في حلومة الوحدة الو طنية وماهو موقف الحركة الشعبية في هذا العبث القيمي الذي تشهدها بلاد المليون ميل ؟

بو القاسم ابراهيم

Post: #35
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 12-19-2005, 05:22 AM
Parent: #1

أخواني في الإنسانية أعلاه ..

حقيقة أنا في غاية الحرج منكم ، فأنا لم أستطع التعقيب غلى تعليقاتكم هنا فردا فردا كما جرت العادة في المنبر .

ولكن حقيقة ليس هذا تجاهل مني لما كتبتوه ولكن ظروفي الشخصية وحالة الإكتئاب المزمنة التي أعاني منها تجعلني فاقد للصبر المطلوب والتركيز الذي يجعلني أعقب عليكم كما انني أعاني من البطء الشديد في إستعمال الكيبورد .

الشي الأخر هو أنني لا أقضي فترات طويلة في العاصمة وقد أسافر في أي لحظة خارجها حيث لا يتوفر لي إنترنت هناك . لذلك أحاول وبقدر الإمكان إكمال قصة كلتوم قبل السفر .

أشكركم مرة أخرى وسأحضر مساء لمواصلة مأساة كلتوم.

Post: #43
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: فيصل نوبي
Date: 01-15-2006, 08:50 AM
Parent: #35

Quote: أخواني في الإنسانية أعلاه ..

حقيقة أنا في غاية الحرج منكم ، فأنا لم أستطع التعقيب غلى تعليقاتكم هنا فردا فردا كما جرت العادة في المنبر .

ولكن حقيقة ليس هذا تجاهل مني لما كتبتوه ولكن ظروفي الشخصية وحالة الإكتئاب المزمنة التي أعاني منها تجعلني فاقد للصبر المطلوب والتركيز الذي يجعلني أعقب عليكم كما انني أعاني من البطء الشديد في إستعمال الكيبورد .

الشي الأخر هو أنني لا أقضي فترات طويلة في العاصمة وقد أسافر في أي لحظة خارجها حيث لا يتوفر لي إنترنت هناك . لذلك أحاول وبقدر الإمكان إكمال قصة كلتوم قبل السفر .

أشكركم مرة أخرى وسأحضر مساء لمواصلة مأساة كلتوم.

Post: #36
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 12-20-2005, 04:18 AM
Parent: #1

فوق

Post: #37
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Khalid Kodi
Date: 12-21-2005, 10:22 AM
Parent: #1

شكرا ناصر لهذا البوست.

Post: #38
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 12-23-2005, 03:08 PM
Parent: #1

الشكر موصول للجميع .

مع الوعدحضوري غدا لتكملة مأستة كلتوم .

Post: #39
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 12-30-2005, 11:49 AM
Parent: #38

تواصل كلتوم في قصتها وتقول أنها بعد رجوعها لقريتها وجدت ان سكان القرية قد قاموا بدفن جميع قتلاهم في مقبرة واحدة وأن الأسى والحزن لا زال يسيطر عليهم بعد أن فقد الإبن أباه والأب إبنه والمراة زوجها والزوج زوجته ..وما أن رأوها قادمة إليهم وهي في تلك الحالة المذرية حتى خرج جميع سكان القرية وهم يولولون ويبكون وتحلف كلتوم لتقول ان سكان القرية جميعها كانوا يبكون ويصرخون في وقت واحد لدرجة ان سكان قرى مجاورة ذكروا أنهم سمعوا هذا البكاء والنويح .

تبكي كلتوم عند هذه اللحظة بحرقة وهي تحكي لي عن أنها عرفت ولأول مرة مقتل أخاها الصغير الذي يدرس بالمدرسة . وعندما سألوها عن مصير زوجها أخبرتهم أنه قد تم إعدامه امام أعينها دون رحمة .

تقول كلتوم ان القوات الحكومية لم تكتف بتلك المذبحة بل صارت تأتي بصورة شبه إسبوعية وتقوم بمحاصرة القرية وتأخذ بعضا من شبانها الأقوياء وتذهب بهم وهؤلاء الشبان لا يعودون مرة أخرى وعلى الأرجح يتم إعدامهم دون سبب ودون محاكمة . بعضا من شبان القرية فر منها ولجأ لقرى مجاورة لديها السلاح ولا تتجرأ الحكومة على مهاجمتهم والبعض من الشبان الذين فقدوا أموالهم وأبائهم وأمهاتهم فروا من القرية وإلتحقوا بالتمرد من اجل تعلم ضرب السلاح وكي يدافعوا عن أنفسهم وأهليهم .

المأسأة الكبرى كما تقول كلتوم هي أنه في إحدى الأيامات تأخرت هجمة قوات الجيش وقوات الدفاع الشعبي أكثر من اللازم فإعتقد أهل القرية أن الجيش قد تركهم بعد ان إكتشف أن القرية أمنة وليس بها سلاح ولا قوات . ولكن في إحدى الأيامات عند الفجر صحا سكان القرية على ضرب الرصاص وقصف القنابل وكانت الطامة هي طائرة هلوكوبتر تطلق الرصاص والقنابل عشوائيا على السكان . حاول البعض الهرب والإختباء وحاول بعضهم التلويح للهلكوبتر بعلامة الإستسلام ولكن كان رصاص الهلكوبتر يمزق أجسادهم جميعا دون رحمة او شفقة وإستمر هذا الضرب قرابة النصف ساعة تم خلالها حصد أرواح أكثر من 150 قتيلا من الشيوخ والنساء والأطفال منهم أعز صديقاتها وأصدقاء عائلتها من أهل القرية .

عند هذه اللحظة تفجرت الدموع مجددا من عيون كلتوم بغزارة أبكتني أنا أيضا وأنا اسب وألعن في هؤلاء الوحوش الذين لا يمكن ان يكونوا بشرا مهما كانت الأوامر الموجهة إليهم من رؤسائهم .ترى أين سيذهبون من الله يوم القيامة ؟ وتذكرت لحظتها قائد الطائرة التي ألقيت القنبلة الذرية في مدينة هيروشيما وناجازاكي في الحرب العالمية التانية والذي إنتحر بعد أن رأى حجم الدمار والخراب الذي حدث بسبب إلقائه للقنبلة على السكان . ترى هل إنتحر قائد طائرة الهليكوبتر الذي قتل بنفس بارد كل هؤلاء النساء والشيوخ والاطفال دون أي شفقة أم لا زال يعيش بيننا يأكل ويشرب ولديه أطفال وزوجة وأم وأب ويستمتع بالحياة معهم ؟؟

قبل ان تواصل كلتوم قصتها نادتها عمتي من الجهة الاخرى من المنزل فذهبت كلتوم إليها وتركتني أبكي وأتألم وأطلق العنان لمشاعري التي كنت احاول بقدر الإمكان أن أكبتها أمام كلتوم ولكني لم أستطع .

تواصل كلتوم القصة وتقول أنه بعد هذه الحادثة قرر أهل القرية هجر القرية والتفرق في القرى المجاورة أو النزوح للمدن الكبرى والبقاء فيها وفعلا بدأت مجموعات في الخروج من القرية راجلين ولكن جاءت أخبار أن اكثريتهم قتلوا في الطريق على أيدي مليشيات الدفاع الشعبي والتي كانت تطلق النار عليهم فور رؤيتهم دون تردد . إذا كان الموت حوالينا سواء بقينا في القرية أو تركناها ولم يبق لنا شئ غير التوكل على الله والخروج من القرية بإتجاه أقرب مدينة.

أخي الأكبر قرر أن نهرب سويا أنا وهو وأطفالي الإثنين تجاه أقرب مدينة ومنها نذهب للخرطوم لوجود بعضا من أقربائنا بها ولم يكن بإمكاني سوى الموافقة وهو الحل الوحيد .
ففي ليلة مظلمة تحركنا أنا وأخي وأطفالي الإثنين سيرا على الأقدام ولم نحمل معنا سوى ماء وبعضا من الحليب والأكل وتركنا خلفنا كل شئ وسرنا الليل بأكمله دون كلل أو ملل وعندما جاء الصبح وكنا قد قطعنا مسافة لا بأس بها جلسنا كي نستريح تحت ظل إحدى الاشجار وأخذتنا نومة ولم نستيقظ إلا على أصوات عربات الجيش وقواتهم وهي ترفع السلاح في وجوهنا فرفعنا أيدينا على الفور فتقدم أحد الضباط ناحيتنا ومعه عدد من الجنود وامرهم بتفتيش أمتعتنا ففتشونا الجنود ولم يجدوا معنا شيئا طبعا فسألنا الضابط والذي هو من اهل المنطقة من أي القرى أنتم ؟ فأخبرناه فسألنا إلى أين نحن ذاهبون فأخبره اخي بالمدينة التي نقصدها وذكر له ان سكان قريتهم كلهم قد نزحوا منها هربا من الحرب . فسأله الضابط بقسوة : وإنت هارب معاهم مالك ؟ ما تجي تخش معانا الدفاع الشعبي عشان تتدرب وتحمي أهلك ؟ فقال له أخي أنه لا يستطيع لأنني أخته وأن زوجها قد قتل وليس لها من يصرف عليها فقال له الضابط : ما في كلام زي دا أختك ترجع القرية وإنت تجي معانا عشان تتدرب على السلاح . رفض أخي هذا العرض فأشار الضابط لإثنين من الجنود فضربوا أخي ضربا شديدا ولكنه حاول مقاومتهم وكان أخي قويا ولديه عضلات قوية وكاد أن ينتصر على الجنديين وهنا أمرهم الضابط بالتوقف عن القتال وخير أخي بين خيارين إما أن يذهب معهم للتجنيد أو يقتلوه هنا . فصرخت أنا وبكيت للضابط أن يرحمه من أجل أطفالي الصغار ولكن الضابط بصق في وجهي وقال لي أصمتي عندما يتحدث الرجال . أما أخي فقد كان شجاعا وقال لهم انه لن يذهب معهم وعليهم فعل ما يريدونه . صرخت مرة أخرى وترجيت أخي أن يذهب معهم وأنا سأعود للقرية ولكن أخي العنيد رفض ذلك فما كان من الجنود إلا أن ذهبوا به لشجرة قريبة وربطوه بها وإستعدوا لإطلاق النار عليه فإقترب منه الضابط وصفعه وقال له هذه فرصة أخيرة أمامك تذهب معنا او نقتلك . فقال لهم أخي أقتلوني وحاولت التندخل ولكن الجنود ضربوني بقوة ومنها أطلقوا دفعات الرصاص على أخي الشجاع ومزقوا جسده تمزيقا وأنا أصرخ فهذه هي المرة الثانية التي أرى فيها إثنان من عائلتي يقتلون بذات الطريقة امام عيني . أما مصيري بعد ذلك فقد ضربني الجنود وتركوني والدم يسيل مني ملقية في الخلاء وأمامي أطفالي يبكون دون أن يعلموا ما يجري في هذه الدنيا وظلم الإنسان لأخيه الانسان فقمت أغالب دموعي واحزاني وأخذت أطفالي بصفحتي وكان علي أن أواصل المسير وحدي بعد أن تشهدت على روحي ودعوت الله ان يحفظني ويحفظ أطفالي حتى نصل لبر الأمان .

نواصل

Post: #40
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 12-31-2005, 07:41 AM
Parent: #1

الأخ ناصر ..

لا حول ولا قوة إلا بالله !!!!

صنفرة :

ويبدو أن الموت قد لاحق كلتوم كثيرا . إن كان في قريتها أو في طريق الفرار منها أو في الخرطوم حين وصلتها أو ...

في القاهرة المقهورة حين ذهبت تطلب الحياة وواجهوها بالموت !!!

Post: #41
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 01-02-2006, 10:49 AM
Parent: #1

!!!!!!!

Post: #42
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 01-15-2006, 06:55 AM
Parent: #1

لا أفهم كيف يذهب هذا البوست للصفحة السابعة دون أن يكون هناك من يهتمون به الإهتمام المطلوب ؟

أنا أحكي عن مأسأة إنسانية عن إحدى الشرائح وما تعانيه في بلادنا ولا اجد منكم التجاوب المطلوب في حين تمتلئ الصفحة الأولى من هذا المنبر بعدد من البوستات السخيفة والسمجة وقراءها بالألاف ولا موضوع ولا هدف لها ؟!

حقيقة اصبت بالأحباط ولا أدري إن كنت سأواصل السرد أم لا ؟

Post: #44
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: فيصل نوبي
Date: 01-15-2006, 08:54 AM
Parent: #1

**














**

Post: #45
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: فيصل نوبي
Date: 01-15-2006, 09:05 AM
Parent: #1

Quote: منزلها يقع بالقرب من منزلنا لا يفصلنا سوى ميدان يلعب فيه الصبية كرة القدم .
منزلها في الأصل هو مخزن يستخدمه احد التجار لتخزين بعض الماكينات واسبيرات العربات
المنزل متهالك وقديم ولا يوفر لها وقاء من المطر ولا صاد من البرد والحر

كلتوم وهذا أسمها الذي يتادوه بها الناس تعمل في منازل الحلة كعاملة تنظيف وغسيل للملابس كي تعول أطفالها الثلاثة الذين أكبرهم في الصف الثامن أساس. تمتاز بالأمانة والدقة في عملها ، تحافظ على صلواتها الخمسة وفي مواقيتها تماما ..

رغم كل هذا فكلتوم تبيع الخمر البلدي للزبائن على مرأى ومسمع الجميع والكل يعلم ذلك ومن الإعتيادي جدا رؤية عربة الشرطة من حين لأخر تهجم على بيت كلتوم للتفتيش عن العرقي .. تقبض على الزبائن إذا ما وجدوا متلبسين بالسكر وأحايين كثيرة تقبض على كلتوم ويرمونها في عربتهم دون رحمة أو شفقة ودون مراعاة لأطفالها وصراخهم .. تغيب كلتوم فترة تمتد لعدة أشهر أحيانا ويكون اطفالها في ذلك الوقت تحت رعاية احدى قريبات كلتوم التي تحضر فور سماعها الحدث وتظل بالمنزل ترعى الأطفال وتزاول تجارة العرقي لإشباع جوع الأطفال لحين خروج والدتهم ..

في إحدى الأيام خرجت كلتوم من السجن وجاءت لمنازل أهل الحي كالعادة لمزاولة عملها وكان نساء الحي يباركون لها الخروج ويحمدون لها الله على ذلك .

جاءت لمنزلنا ورأيت والدتي وعمتي يحمدون لها السلامة ويباركون لها الخروج وهي تشكرهم على شعورها الطيب وبعد ذلك دخلت لحمام منزلنا وتوضاءت إستعدادا لصلاة العصر وراقبتها جيدا ووجدتها تصلي بخشوع شديد ودعت الله بصوت مسموع أن يبعد عنها رجال النظام العام حتى تستطيع أن تمارس تجارتها لتربية أطفالها وبعد ذلك دعت دعاء مطولا لم أسمعه جيدا ولكني رأيتها تبكي بحرقة .

ورغم أنها صديقتي بحكم الجيرة وحكم حضورها اليومي للعمل في منزلنا وكانت دائما تداعبني وتطمئن لي فقد فكرت أن أتحدث إليها وأطلب منها أن تروي لي قصتها ومأساتها إذ كنت أحس أن وراءها مشكلة وقصة كبيرة كنت أحسها في صوتها وحركتها وتعاملها مع أطفالها .

طلبت منها أن أتحدث إليها على إنفراد فوافقت دون تردد فقلت لها أنه من الأفضل أن أذهب معها لمنزلها للحديث فرفضت وقالت أن ذلك غير مضمون لأن عربة الكشة قد تحضر في أي لحظة وسأكون في ورطة لو وجدوني معها .

فقلت لها أنني سأنتظرها في الصالون في الجهة الثانية من المنزل وعندما تنتهي من عملك ألحقي بي هناك ..
فوافقت وجاءتني في الصالون وسألتها عدة أسئلة وحكت لي قصتها التي تبكي الحجر وتحرك قلب الصخر للدرجة التي أبكتني معها بقصتها المأساوية جدا والتي سأنشرها هنا على حلقات .

وأرجو ممن لا تهزهم القصص الأنسانية ولا يقدرون ما تعانيه شريحة بائعات العرقي في بلادي وأيضا من سيأتون للشتم والسباب والتدثر وراء الدين ومن يريدون أن يطلقوا أحكامهم دون رؤية وتدبر .أطلب منهم الإبتعاد عن هذا البوست . إنني أريد أن أخاطب فقط من تتحرك فيهم الإنسانية التي نحن جميعا أخوان فيها

******

الأخوة الأعزاء.

لم أندهش من ردود فعلكم التي سجلتموها هنا في ما أريد ذكره بهذه المأسأة الإنسانية .
ولكني الأن في قمة الغضب والهياج.

جئت لكي أحكي لكم قصة كلتوم بائعة العرقي بحينا .

ولكني لم استطع التركيز بسبب موقف وقصة في غاية الغرابة ومثيرة للإنفعالات .

دعاني أحد اصدقائي مساء اليوم لحضور مسرحية تعرض في المسرح القومي بعنوان (مستر خليل) من ضمن مهرجان يسمى بإسم (أيام الخرطوم المسرحية) فذهبت معه حتى أجد وقتا للتنفيس عن هذا الإكتئاب الذي أشعر به منذ أن سمعت قصة كلتوم .

وجدت أن المسرحية وفي جذء منها تحكي عن رب منزل أدمن السكر والشرب وتعود على كشات البوليس والنظام العام حتى أن ظهره أصبح من كثرة الجلد كـ (كراس العربي) كما يقول .

في يوم ما جاءت خادمة للعمل معهم في المنزل إسمها (حياة) .. وفجأة يكتشف أن حياة هي إبنة أم حقين بائعة العرقي !! فوجدها ذلك الرجل فرصة طيبة للتخلص من جلد المحكمة فرشا حياة مبلغامن المال مقابل أن تأتيه بزجاجة عرقي يوميا في منزله من أمها أم حقين وبذلك يتخلص من السكر أمام عمود الكهرباء والجلد أمام محكمة النظام العام !!

المسرحية تظهر (حياة) إبنة أم حقين بائعة العرقي كداعرة ومغنية وفي قمة الإذلال لمطالب سكران المسرحية وحتى مظهرهاوطريقة كلامها يوحي بأنها من المناطق المهمشة !

لماذا يا ربي هذا الظلم الإجتماعي ؟
ولماذا نجرم في إنسانيتنا بهذه الطريقة ؟
لماذا نجعل من معاناة بعضنا سيناريو ومسرحية للضحك والتندر ؟
ماذا نحن ؟ كلاب ؟ ذئاب . بشر ؟ حيوانات ؟ ماذا نحن يا الهي ؟

والله إن الغضب إكتنفني ولولا تهدئة صديقي لكنت صعدت إلى المسرح ولكمتهم جميعا على أنوفهم القذرة ..

لماذا لا نحس بمعاناة بعضنا البعض في هذه الحياة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

هل يكفي أن أحمل أي إداة صلبة وأحطم شاشة الكمبيوتر التي أمامي الأن للتنفيث عن غضبي وإنفعالاتي ؟

ترى ماذا سيكون رأي ورد فعل كلتوم إذا ما شاهدت المسرحية ورأت أن المجتمع يصور بناتها كالداعرات والفاجرات لأجل الحاجة ؟؟
إخس يا بلد . وإخس يا حكومة وإخس يا مثقفين .
إخس يا مسرحيين وإخس يا ممثلين وإخس يا مخرجين .
إخس عليكم جميعا وإخس علي أنا نفسي لعجزي عن إيقاف ما يحدث ..

أعتذر عن إنفعالي وسأعود إليكم غدا أو بعد غد بإذن الله .

ملحوظة : عندما رجعت للمنزل اخبرني شباب الحي أن قوات أمن المجتمع داهمت منزل كلتوم ولكنها لم تجد شيئا يرجعها للسجن مرة أخرى فعادت بخفي حنين ..

*******

الأخوة الأعزاء .

أسف جدا إذ تأخرت عليكم في سرد بقية قصة كلتوم ..

كما أشكر جمبع المتداخلين هنا وإنشاء الله سأكون عند حسن ظنكم وأعمل بملاحظاتكم ..

تنهدت كلتوم تنهيد حارة سالت معها دمعة حارة على وجنتها الزرقاء حتى أنني ندمت ندما شديدا أنني طلبت منها التحدث و بدأت في سرد قصتها ..

تقول كلتوم أنها كانت تعيش في أمن وأمان مع أفراد عائلتها أمها وأبيها وإخوتها الإثنين وزوجها في قرية (........) بإحدى جبال النوبة . وكانت حياتهم تسير في غاية اليسر والسهولة إذ أن أمها كانت تعمل في تجارة القماش مع أبيها حيث أن أباها تعود على الذهاب إلى المدن الكبرى في جنوب كردفان لشراء كميات من الأقمصة والفساتين والأقمشة ومن ثم يحضرها إلى والدتها التي تبيعها في سوق قريتهم الصغير ومن ثم تعطيه ما تجمعه من نقود وهو بدوره يشتري العسل من تجار القرية ويحمله للمدينة لبيعه هناك ويشتري بعائده الملبوسات وهكذا دواليك .

أما إخوتها الإثنين فقد كان أحدهما في سن الدراسة ويذهب للمدرسة الإبتدائية الوحيدة في القرية . والثاني كان يحاول شق حياته بنفسه بأن إستلف من أبيه مالا ودخل في شراكة مع أحد تجار القرية وظهر عائدها سريعا حيث أستطاع أن يرد ما إستلفه من والده في غضون أربعة أشهر فقط ..

أما زوجها فقد كان يعمل في القوات المسلحة برتبة ملازم أول ويغيب عدة أيام في مدينة الدلنج وكادوقلي ولكنه سرعان ما يعود إليهم ..

تقول كلتوم أنها أنجبت من زوجها طفلين توأم في عام 1990 كانت قريتهم بأكملها فرحة بهم ..
كانت الحرب في ذلك الوقت غير مستعرة في القرى القريبة منهم وكانوا يسمعون من الرحل الذين يمروا بقريتهم أن الجيش قد يهاجم الجبال قريبا بعد ان إنتشرت أنباء أن جبال النوبة إنضمت للتمرد وأن التمرد لديه قوات موجودة داخل الجبال .. وحتى ذلك الوقت تقول كلتوم أن سكان القرية المسالمين ليس لهم علاقة بالجيش أو التمرد ولا علاقة لهم حتى بالسياسة ولذلك فقد إستبعدوا أخبار أن يهجم الجيش على قريتهم بالذات ..

في عام 1993 جاء بعض من سكان القرية جريا وعلى وجوههم الخوف الشديد وأخبروا سكان القرية أن قوات من الدفاع الشعبي والجيش في طريقها لقريتهم بالذات .. تقول كلتوم ان الخوف تملك كل سكان القرية للدرجة التي جعلتهم جميعا يتجمعون في ساحات القرية إنتظارا للجيش القادم ..

بعد أقل من ساعة ظهرت جحافل القوات القادمة وهي بكامل أسلحتها وعتادها وعرباتها كان أول ما فعلوه هو محاصرة القرية بحذر شديد وفي وضع الإستعداد الكامل وفوهات دباباتهم ورشاشاتهم موجهة تجاه القرية وفي ذلك الوقت بدأ بعضنا بالبكاء والتشهد وقد ظننا أننا سنرجم وسنضرب بالدبابات ..

بعد قليل صعد أحد قادة القوة على ظهر إحدى العربات وحمل مكرفونا وصاح امرا في الناس المتجمعين يسألهم إن كان معهم مسلحا أو أشخاصا مسلحين أن يضعوا السلاح ويتقدموا ناحية الجيش ..
ولما لم يكن أحد من المسلحين معنا فقد صاح أحد تجار القرية في الجيش وأخبرهم ان القرية امنة وليس بها مسلحين وبإمكانهم التقدم ..

تقول كلتوم ان عدد ثلاث عربات مدرعة المعروفة بإسم صلاح الدين تقدمت إلى حيث الأهالي وبعد ذلك تقدم عدد من الجنود وأفراد الدفاع الشعبي مهللين ومكبرين ناحية الجمع .. وهم يشهرون أسلحتهم في وجه الاهالي ..

خرج من إحدى المدرعات قائد القوة وهو نفسه من منطقة الجبال ويعرفه كبار القرية ولكنه كان فظا جدا مع كبار زعماء قريتنا حيث طلب منهم بكل وقاحة أن يخرجوا من وسطهم أي فرد يعرف ضرب النار وإستعمال السلاح .. ولما أخبروه أنه لا أحد من وسطهم يجيد إستعمال السلاح وفجأة وفي صفاقة غريبة رفع القائد يده وصفع بها أحد كبار شيوخ القرية الذي كان في عمر أبيه أو جده ولما كانت هذه إهانة لشيوخ القرية جميعها فقد إستل زلك الزعيم سكينه وحاول قتل قائد القوة ولكن أحد المرافقين للقائد عمر سلاحه وأطلق عدة مجموعات من الرصاص في جسد ذلك الزعيم وقتله على الففور أمام الجمع المذهولين .!
تقول كلتوم أن الجميع بدأ بالصراخ وحاول بعضهم الهرب في مختلف الأنحاء إلا أن الجيش بدأ في حصدهم دون رحمة أو تمهل وهم يكبرون ويهللون مع أن سكان القرية جميعها من المسلمين المتدينين جدا .

وبعد أقل من ربع الساعة كانت النتيجة مقتل ما لا يقل عن ثمانين من الرجال والنساء والأطفال من بينهم أخوها الصغير التلميذ في المدرسة .. وبعد ذلك تم جمع سكان القرية المذهولة وسط الصراخ والدماء والجثث ومن ثم إستباحوا القرية بأكملها حيث دخلوا للمنازل وسرقوا كل ما صادفهم من طعام ونقود وأواني وإغتصبوا بعض الفتيات العذراوات وهم يهللون ويكبرون وسكان القرية لا يجرأون على المقاومة !

بعد ذلك جاء قائد القوة وسأل عن أهل أحد
الضباط لديهم .. وهو زوجي .. فخفت خوفا شديدا ولكني تملكت نفسي وقلت له نعم انا زوجته وهذا الذي قتلتموه أخي الصغير .. وكانت هذه بداية المعاناة بالنسبة لي حيث أمر القائد بعضا من جنوده بأسري حتى أذهب معهم وفجأة ودون مراعاة أنني فتاة صفعني أحدهم من الخلف صفعة قوية وقبل أن ألتفت وجدت أربعة من الجنود يرفعونني من على الأرض وهم يكبرون ويهللون ويرمون بي على ظهر إحدى عرباتهم وكأنني شوال من الفحم او قطعة من الخشب ومن ثم بدأ الموجودون على ظهر العربة بضربي وركلي على كل أجزاء جسدي حتى الحساسة منها وأنا أصرخ والدم يسيل مني حتى فقدت الوعي وسط تهليلاتهم وتكبيراتهم ..
وبعد ذلك إنسحب الجيش من القرية وأنا معهم بعد أن ترك ورأءه رعبا وفزعا ما بعده من فزع ..

******

تقول كلتوم أنها أفاقت بعد فترة على اثر جردل من الماء البارد تم دفقه على وجهها بكل قسوة فنهضت وهي تصرخ ولكن أجبرها أحد الواقفين خلفها على الصمت بأن صفعها في أذنها صفعة قوية ففصمتت على الفور ..

وجدت نفسها في مكتب قديم ومهترئ وأمامها عدد من رجال الجيش والدفاع الشعبي وأحدهم يحمل ورقة وقلم ويسألها .. سألوها عن زوجها الضابط في الجيش ولماذا يكثر من السفر إلى المدن الكبرى بسبب وبدون سبب وسألوها إن كانت لها أو لزوجها علاقة بالتمرد ؟؟

سالت الدموع من كلتوم وهي تسترجع ذكرياتها المريرة في رعب شديد حتى أشفقت عليها وواصلت في سرد ماساتها ..

تقول أنها أخبرتهم بأنها لاتعرف شيئا عن زوجها ولا عن حياته في الجيش وأجابتهم أيضا بكل الأسئلة التي سألوها لها بكال صدق إلا أنهم صاروا يضربوها بين كل سؤال وسؤال بقسوة ودون مراعاة لكون أنها أنثى ..

وقد فهمت من حديثهم انهم ألقوا القبض على زوجي في إحدى القرى في منزل أحد الشخصيات التي يراقبوها لشكهم أن لها علاقة بالتمرد وأن زوجها الان في الطريق إلى مكتبهم ..

تصوروا أن هؤلاء الوحوش جاءوا لقريتنا بحثا عني بسبب أنهم ألقوا القبض على زوجي ويريدوني للتحقيق .. إذا ما ذنب الذين قتلوا وهم اكثر من ثمانين من النساء والشيوخ والأطفال تحت التكبير والتهليل وأيضا الإغتصاب ؟؟ ما ذنب هؤلاء الأبرياء إن كانوا يريدونني أنا ؟؟

في هذه اللحظة إنفجرت كلتوم ببكاء هستيري وهي تستعيد هذا المشهد للدرجة التي إنفجرت فيها معها بالبكاء حتى خفت ان تسمعنا أمي وعمتي الموجودين في الطرف الأخر من المنزل وبعد فترة إستعدنا تماسكنا وواصلت كلتوم في حكاية القصة الحزينة ..

بعد أكثر من ساعتين من الضرب المتواصل عهلى أجزاء حساسة من جسمي مع تهديدات بالإغتصاب تخرج من فم شيوخ بألفاظ نابية جاء أحد الجنود من الخارج وأدى التحية العسكرية وأخبرهم أن زوجي قد وصل وهو بالخارج الأن ..

ودون أي سبب مفهوم إنطلقت في الغرفة عبالرات التهليل والتكبير وبعضا من أناشيد الدفاع الشعبي والرقص الهستيري لدرجة أن أحدهم عبر عن شعوره بلكمي بكل قوة في فمي أطارت مني سنين مع كمية من الدماء ..

أدخلوا زوجي والذي كان في حالة مزرية جدا وقد تم تمزيق لبسه العسكري وبدات فيه أثار الدماء والضرب وما أن رأني ورأيته حتى حاولنا أن نجري تجاه بعضنا ولكن لم تمهلنا ركلات الجنود وضربهم لنا بي عقوب مدافعهم الرشاشة حتى سالت منا الدماء ..

بدا التحقيق والضرب لزوجي دون إعتبار أنه ضابط في الجيش السوداني وفي أثناء التحقيق أخبرهم ألا علاقة له بالتمرد أو غيره وأن الشخص الذي كان عنده ساعة القبض عليه هو صديق لأسرتهم منذ زمن طويل وأنه كان في زيارة عادية له لتبادل الاحوال ..

تم ضرب زوجي وضربني أمامه بكل قسوة كي ينتزعوا منه إعترافا أيا كان نوعه ولكن زوجي أصر على موقفه وفي هذه اللحظة جاء أحد الضباط ممن تبدوا عليه علامات الوقار وأمر
إثنان من الجنود بإغتصابي أمام زوجي .. صرخت وصرخ زوجي وحاول منعهم ولكنهم انهالوا عليه بالضرب وبعد أن تمت تعريتي تماما وانا أصرخ والدم يسيل مني سأل الضابط زوجي إن كان سيعترف أم يرى زوجته تغتصب أمام عينيه ؟ ولكن زوجي صرخ في هستيريا وقال لهم أنه لا يدري عما يتكلمون ؟ وفي هذه اللحظة أشار الضابط للجنود بهجموا علي وأرقدني أحدهم ارضا وأمسكني أما الأخر فقد شرع في إغتصابي أمام زوجي وأمام الحاضرين والذين كانت تبدو عليهم علامات التلذذ فصرخ زوجي وحاول مصارعة من يمسكونه إلا أنهم أنهالوا عليه ضريا حتى فقد الوعي ..

أما عني فقد تبادل الجنود الفي الغرفة جسدي وتم إغتصابي حتى فقدت الوعي .
وعندما أفقت وجدت نفسي في ساحة واسعة كان يبدو عليها انها معسكر للدفاع الشعبي أو الجيش ووجدتهم ربطوا زوجي في إحدى الأشجار أمامي بينما شرع بعض الجنود في تهيئة سلاحهم ..
صرخت وترجيت الضابط الملتحي ألا يقتل زوجي البرئ وان لدينا أطفال ولكن الضابط صفعني بقسوة شديدة وقال لي أن الأمر قد صدر بإعدامه وإعادتك لقريتك . قلت لهم إذا أقتلوني معه . وفي هذه اللحظة جاء إثنان من الجنود وجروني على الأرض بعيدا عن منطقة الضرب وأنا أصرخ وفي هذه اللحظة صاح زوجي والذي لم يكن خائفا يوصيني على اطفالنا وأخبرني أيضا بثبات أنه بري من كل التهمة التي دبروها له . وفي هذه اللحظة رأيت من مكاني زوجي يقرأ الشهادة وعندما أخذ الجنود مواقعهم أخذ زوجي يكبر ويهلل بصوت عال لم يسكته إلا هدير الرشاشات والتي إنطلقت تمزق جسد زوجي تمزيقا أمام أعيني ولدهشتي فإن هؤلاء الوحوش أخذوا يكبروا ويهللوا ويعانقوا بعضهم بعضا في فرح غريب . وبعد ذلك جاء أربعة من الجنود وأخذوني معهم لإحدى العربات ورموني بها وإنطلقوا صوب قريتي وقبل ان يصلوها بحوالي مسيرة ساعتين رموني من العربة في الأرض ورجعوا عائدين

أما أنا فقد تحاملت على نفسي رغم ألامي ودموعي وصورة زوجي وهو يقتل أمامي وإتجهت ناحية القرية ووصلتها حوالي الثالثة عصرا .

تقول كلتوم في هذه اللجظة أنها تريد مني ان اعرف أن أسرتها بكاملها مسلمون ابا عن جد ولا يفرطون في صلاتهم وعباداتهم وتقول ان زوجها كان أتقى اهل قريتها بمداومته على الصلاة وتلاوة القرأن وأنه كان يوصيها داءما بألا تفرط في صلاتها وهي تطيعه بحكم الفطرة . وأنها واثقة أن زوجها مصيره الجنة بإذن الله ومصير من قتلوه وهم يكبرون ويهللون النار بإذن الله لأن زوجها كان قمة في الطهر والتفاني والتدين بشهادة كل أهل القرية .

******

تواصل كلتوم في قصتها وتقول أنها بعد رجوعها لقريتها وجدت ان سكان القرية قد قاموا بدفن جميع قتلاهم في مقبرة واحدة وأن الأسى والحزن لا زال يسيطر عليهم بعد أن فقد الإبن أباه والأب إبنه والمراة زوجها والزوج زوجته ..وما أن رأوها قادمة إليهم وهي في تلك الحالة المذرية حتى خرج جميع سكان القرية وهم يولولون ويبكون وتحلف كلتوم لتقول ان سكان القرية جميعها كانوا يبكون ويصرخون في وقت واحد لدرجة ان سكان قرى مجاورة ذكروا أنهم سمعوا هذا البكاء والنويح .

تبكي كلتوم عند هذه اللحظة بحرقة وهي تحكي لي عن أنها عرفت ولأول مرة مقتل أخاها الصغير الذي يدرس بالمدرسة . وعندما سألوها عن مصير زوجها أخبرتهم أنه قد تم إعدامه امام أعينها دون رحمة .

تقول كلتوم ان القوات الحكومية لم تكتف بتلك المذبحة بل صارت تأتي بصورة شبه إسبوعية وتقوم بمحاصرة القرية وتأخذ بعضا من شبانها الأقوياء وتذهب بهم وهؤلاء الشبان لا يعودون مرة أخرى وعلى الأرجح يتم إعدامهم دون سبب ودون محاكمة . بعضا من شبان القرية فر منها ولجأ لقرى مجاورة لديها السلاح ولا تتجرأ الحكومة على مهاجمتهم والبعض من الشبان الذين فقدوا أموالهم وأبائهم وأمهاتهم فروا من القرية وإلتحقوا بالتمرد من اجل تعلم ضرب السلاح وكي يدافعوا عن أنفسهم وأهليهم .

المأسأة الكبرى كما تقول كلتوم هي أنه في إحدى الأيامات تأخرت هجمة قوات الجيش وقوات الدفاع الشعبي أكثر من اللازم فإعتقد أهل القرية أن الجيش قد تركهم بعد ان إكتشف أن القرية أمنة وليس بها سلاح ولا قوات . ولكن في إحدى الأيامات عند الفجر صحا سكان القرية على ضرب الرصاص وقصف القنابل وكانت الطامة هي طائرة هلوكوبتر تطلق الرصاص والقنابل عشوائيا على السكان . حاول البعض الهرب والإختباء وحاول بعضهم التلويح للهلكوبتر بعلامة الإستسلام ولكن كان رصاص الهلكوبتر يمزق أجسادهم جميعا دون رحمة او شفقة وإستمر هذا الضرب قرابة النصف ساعة تم خلالها حصد أرواح أكثر من 150 قتيلا من الشيوخ والنساء والأطفال منهم أعز صديقاتها وأصدقاء عائلتها من أهل القرية .

عند هذه اللحظة تفجرت الدموع مجددا من عيون كلتوم بغزارة أبكتني أنا أيضا وأنا اسب وألعن في هؤلاء الوحوش الذين لا يمكن ان يكونوا بشرا مهما كانت الأوامر الموجهة إليهم من رؤسائهم .ترى أين سيذهبون من الله يوم القيامة ؟ وتذكرت لحظتها قائد الطائرة التي ألقيت القنبلة الذرية في مدينة هيروشيما وناجازاكي في الحرب العالمية التانية والذي إنتحر بعد أن رأى حجم الدمار والخراب الذي حدث بسبب إلقائه للقنبلة على السكان . ترى هل إنتحر قائد طائرة الهليكوبتر الذي قتل بنفس بارد كل هؤلاء النساء والشيوخ والاطفال دون أي شفقة أم لا زال يعيش بيننا يأكل ويشرب ولديه أطفال وزوجة وأم وأب ويستمتع بالحياة معهم ؟؟

قبل ان تواصل كلتوم قصتها نادتها عمتي من الجهة الاخرى من المنزل فذهبت كلتوم إليها وتركتني أبكي وأتألم وأطلق العنان لمشاعري التي كنت احاول بقدر الإمكان أن أكبتها أمام كلتوم ولكني لم أستطع .

تواصل كلتوم القصة وتقول أنه بعد هذه الحادثة قرر أهل القرية هجر القرية والتفرق في القرى المجاورة أو النزوح للمدن الكبرى والبقاء فيها وفعلا بدأت مجموعات في الخروج من القرية راجلين ولكن جاءت أخبار أن اكثريتهم قتلوا في الطريق على أيدي مليشيات الدفاع الشعبي والتي كانت تطلق النار عليهم فور رؤيتهم دون تردد . إذا كان الموت حوالينا سواء بقينا في القرية أو تركناها ولم يبق لنا شئ غير التوكل على الله والخروج من القرية بإتجاه أقرب مدينة.

أخي الأكبر قرر أن نهرب سويا أنا وهو وأطفالي الإثنين تجاه أقرب مدينة ومنها نذهب للخرطوم لوجود بعضا من أقربائنا بها ولم يكن بإمكاني سوى الموافقة وهو الحل الوحيد .
ففي ليلة مظلمة تحركنا أنا وأخي وأطفالي الإثنين سيرا على الأقدام ولم نحمل معنا سوى ماء وبعضا من الحليب والأكل وتركنا خلفنا كل شئ وسرنا الليل بأكمله دون كلل أو ملل وعندما جاء الصبح وكنا قد قطعنا مسافة لا بأس بها جلسنا كي نستريح تحت ظل إحدى الاشجار وأخذتنا نومة ولم نستيقظ إلا على أصوات عربات الجيش وقواتهم وهي ترفع السلاح في وجوهنا فرفعنا أيدينا على الفور فتقدم أحد الضباط ناحيتنا ومعه عدد من الجنود وامرهم بتفتيش أمتعتنا ففتشونا الجنود ولم يجدوا معنا شيئا طبعا فسألنا الضابط والذي هو من اهل المنطقة من أي القرى أنتم ؟ فأخبرناه فسألنا إلى أين نحن ذاهبون فأخبره اخي بالمدينة التي نقصدها وذكر له ان سكان قريتهم كلهم قد نزحوا منها هربا من الحرب . فسأله الضابط بقسوة : وإنت هارب معاهم مالك ؟ ما تجي تخش معانا الدفاع الشعبي عشان تتدرب وتحمي أهلك ؟ فقال له أخي أنه لا يستطيع لأنني أخته وأن زوجها قد قتل وليس لها من يصرف عليها فقال له الضابط : ما في كلام زي دا أختك ترجع القرية وإنت تجي معانا عشان تتدرب على السلاح . رفض أخي هذا العرض فأشار الضابط لإثنين من الجنود فضربوا أخي ضربا شديدا ولكنه حاول مقاومتهم وكان أخي قويا ولديه عضلات قوية وكاد أن ينتصر على الجنديين وهنا أمرهم الضابط بالتوقف عن القتال وخير أخي بين خيارين إما أن يذهب معهم للتجنيد أو يقتلوه هنا . فصرخت أنا وبكيت للضابط أن يرحمه من أجل أطفالي الصغار ولكن الضابط بصق في وجهي وقال لي أصمتي عندما يتحدث الرجال . أما أخي فقد كان شجاعا وقال لهم انه لن يذهب معهم وعليهم فعل ما يريدونه . صرخت مرة أخرى وترجيت أخي أن يذهب معهم وأنا سأعود للقرية ولكن أخي العنيد رفض ذلك فما كان من الجنود إلا أن ذهبوا به لشجرة قريبة وربطوه بها وإستعدوا لإطلاق النار عليه فإقترب منه الضابط وصفعه وقال له هذه فرصة أخيرة أمامك تذهب معنا او نقتلك . فقال لهم أخي أقتلوني وحاولت التندخل ولكن الجنود ضربوني بقوة ومنها أطلقوا دفعات الرصاص على أخي الشجاع ومزقوا جسده تمزيقا وأنا أصرخ فهذه هي المرة الثانية التي أرى فيها إثنان من عائلتي يقتلون بذات الطريقة امام عيني . أما مصيري بعد ذلك فقد ضربني الجنود وتركوني والدم يسيل مني ملقية في الخلاء وأمامي أطفالي يبكون دون أن يعلموا ما يجري في هذه الدنيا وظلم الإنسان لأخيه الانسان فقمت أغالب دموعي واحزاني وأخذت أطفالي بصفحتي وكان علي أن أواصل المسير وحدي بعد أن تشهدت على روحي ودعوت الله ان يحفظني ويحفظ أطفالي حتى نصل لبر الأمان .


******

Quote:
أخواني في الإنسانية أعلاه ..

حقيقة أنا في غاية الحرج منكم ، فأنا لم أستطع التعقيب غلى تعليقاتكم هنا فردا فردا كما جرت العادة في المنبر .

ولكن حقيقة ليس هذا تجاهل مني لما كتبتوه ولكن ظروفي الشخصية وحالة الإكتئاب المزمنة التي أعاني منها تجعلني فاقد للصبر المطلوب والتركيز الذي يجعلني أعقب عليكم كما انني أعاني من البطء الشديد في إستعمال الكيبورد .

الشي الأخر هو أنني لا أقضي فترات طويلة في العاصمة وقد أسافر في أي لحظة خارجها حيث لا يتوفر لي إنترنت هناك . لذلك أحاول وبقدر الإمكان إكمال قصة كلتوم قبل السفر .



Quote: لا أفهم كيف يذهب هذا البوست للصفحة السابعة دون أن يكون هناك من يهتمون به الإهتمام المطلوب ؟

أنا أحكي عن مأسأة إنسانية عن إحدى الشرائح وما تعانيه في بلادنا ولا اجد منكم التجاوب المطلوب في حين تمتلئ الصفحة الأولى من هذا المنبر بعدد من البوستات السخيفة والسمجة وقراءها بالألاف ولا موضوع ولا هدف لها ؟!

حقيقة اصبت بالأحباط ولا أدري إن كنت سأواصل السرد أم لا ؟


للتوثيق مؤقتا ...

و لي عودة ان مد الله في اجالنا ....

Post: #46
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 01-16-2006, 07:43 AM
Parent: #1

ناصر خليل ..

أنا والله متابع لهذا البوست وأقول لك أن الجميع متابعين معك (راجع عدد زوار الموقع) ولكني أعزي إحجام الناس عن الكتابة لك في انك تتجاهلهم ولا تعلق عليهم ..

صنفرة :

أبق متابعا لبوست تكتيكاتي الاوتومسفيرية لأن هنالك ملحقا سأضيفه بعنوان (فن إدارة البوستات) .. أنصحك ان تتابعه لأن به الكثير من المعلومات الجيدة والجديدة التي ستعينك على كتابة بوستاتك مستقبلا ..

Post: #47
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ود المايقوما
Date: 02-02-2006, 02:51 AM
Parent: #1

العزيز / ناصر

لك التحية والتقدير ..

تداخلت معك في كثير من البوستات وردي كان عليك قاسيا. والاستهزاء بالناس اكيد ليس من صفاتي .

من هنا اعتزر لك بشدة املا ان تقبل اعتزاري ..


والعتبى لك حتى ترضى


لك تحياتي ..

Post: #48
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: Khalid Kodi
Date: 02-02-2006, 05:07 PM
Parent: #1

الاخ ناصر،

تحية، هذه القصه ليس الوحيده من نوعها، لقد مر آلاف من النساء بهذه التجربه،
اتمنى ان تواصل فى السرد، فالكثير يتابعون.

ففى جبال النوبه تعرض أهلنا لأكثر الاساليب البهيمية فى القتل و التشريد والاذلال ، الى ان حملوا السلاح، فقد مارست قوات المرحلين والدفاع الشعبى والجيش النظامى كل انواع القتل والنهب بدم بارد فتأهلوا لكى يصفهم العالم بالفاشية..

واصل...

Post: #50
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 02-04-2006, 07:35 AM
Parent: #1


Post: #51
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: نادية عثمان
Date: 02-04-2006, 10:23 PM
Parent: #50

من اجل المزيد من القراءة والاطلاع ..والى حين وصول الاخ الاكرم ناصر

Post: #52
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 03-03-2006, 06:57 AM
Parent: #1

الاخ ود المايقوما

Quote: العزيز / ناصر

لك التحية والتقدير ..

تداخلت معك في كثير من البوستات وردي كان عليك قاسيا. والاستهزاء بالناس اكيد ليس من صفاتي .

من هنا اعتزر لك بشدة املا ان تقبل اعتزاري ..


شكرا لك أيها النبيل على هذه الكلمات الصادقات التي لم المحها إلا اليوم وتأكد أيضا أنني لا أحمل غلا أو ضغينة لأحد

وأعتذر لك أيضا على حدتى معك السابقة

ناصر

Post: #53
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: ناصر محمد خليل
Date: 03-03-2006, 06:59 AM
Parent: #1

الفنان خالد كودي
المحترمة نادية عثمان
شكرا لكما للحضور وسأعود لمواصلة سرد هذه المأساة .

كونا بخير

ناصر

Post: #54
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: محمد بهنس
Date: 03-03-2006, 06:28 PM
Parent: #53

فووق

Post: #55
Title: Re: لقاء مع ست عرقي من المناطق المهمشة ..
Author: بكرى ابوبكر
Date: 08-04-2010, 05:52 PM
Parent: #1

وقع هنا لادانة الاعتداء على بيت الفنون
http://www.sudaneseonline.com/petitions