مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار

مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار


09-27-2011, 11:54 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=340&msg=1317120872&rn=6


Post: #1
Title: مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار
Author: طلعت الطيب
Date: 09-27-2011, 11:54 AM
Parent: #0

http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/5...85-------------.html

Post: #2
Title: Re: مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار
Author: هاشم احمد الحسن
Date: 09-27-2011, 05:04 PM
Parent: #1


الاخ طلعت الطيب
سلامات ونعلك طيب.
فعلا كتابات البروف عبد اللة على ابراهيم تطرح نفسهاكمادة حوارية. بعكس ما قد تبدو لبعضنا وكانها
مادة تقريرية مكتفية بذاتها ولذاتها.

مثلا هذا الجذء من المقال:-
( وهكذا رأينا في الحالين – الشيوعي والأخواني – كيف ترافق الفتح الجماهيري مع انكسار النزعة التربوية الثقافية . ولست أريد بهذا التقرير أن أشين الفتح الجماهيري أو انتقصه . بل الصواب القول إنه مأثرة غراء تخطت به جماعة من العقائديين قيد "الصفوية والسذاجة" ، كما وصفه الشيخ الترابي ، إلى الجمهور الأوسع بغير واسطة تناجز قوى الطائفية المؤثلة حول موقع في خيال ووجدان وسياسة العامة . ولكن الذي يعيب هذا الفتح الجماهيري تصوير حداته له كالقول الفصل وإرادة التاريخ الغالبة مما يخفض التربية ).
--انتهى الاقتباس من مقال البروف عبد اللة على ابراهيم ----

انا مثلا تجدنى مشغولا جدا بكيف تم الفتح الجماهيرى - الاختراق- لبلاشفة الترابى وفى المقابل تحول جهاديو استاذنا عبد الخالق محجوب من اقوى حزب شيوعى فى افريقيا والشرق الاوسط.
الى مجموعات وشتات وشظايا بعد كربلاء ( 22 يوليو 1971).

اود ان اطرح راى كبداية للحوار:
1. اعتقد ان الترابى وجهاديية قد افلحوا فى قراءة الاقتصاد السياسى لحراكات المجتمع السودانى ولم يكتفوا بالسياسة من اجل الساسية( بمعنى ان محاربة الالحاد ومحاربة الشسيوعية لم تشغلهم وتلهيهم كثيرا مثلما كان همهم عمل اختراق واحداث الفتح الجماهيرى ( خلق جبهة عريضة فى جبهة الميثاق الاسلامى ومن ثم الجبهة القومية الاسلامية بى منهج اقتصادى سياسى محكم ومسبك وظهرت اسنانةو نتائجة فى 1989.
( استمعت اليوم لحديث الشيخ على عبد اللة يعقوب وتكلم عن هذا الاختراق تحديدا).
2.الشيوعيين فى المقابل وحسب طرائق جهادى عبد الخالق (نتعلم من الجماهير ونعلمها TWO WAYS FOR KNOWLEDGE) ; صدقو فى هذا المنحى واصابو نجاحات اكبر من غريمهم اللدود( الجهاديين الترابيين)
حتى 1969 اختراق مافى مثيلو للساحة السياسة السودانية- ودا بى سببو واللى ممكن نتكلم عنو فى محور تانى, لكن المحنة وقعت بعد27 يوليو 1971
حيث تم الفصل التعسفى اللاقتصاد السياسى بوصفة البوصلة التى كان يتعلم ويعلم بها استاذنا عبد الخالق واستعيض عنة( سياسة خالصة وبس - بلورية لا تعكر صفوها اى شائبة اقتصادية) وحتى هذة السياسة تمرحلت من:-
10 سياسة ثارية انتقامية ( الثار لشهداء 19 يوليو).
2 سياسة مترنحة وفاقدة للبوصلة ومتهافتة ومتسولةلاحزاب اليمين ( عاشت ذكرى شهداء الديمقراطية والسيادة الوطنية - نحو جبهة عريضة من اجل الديمقراطية وانقاذ الوطن).
3 سياسة برونيا ( وكيزانو فوبيا بعد ان احاط جهاديو الترابى بمايو ثم اشهار قوانين سبتمبر ومحاكمات المكاشفية والعدالة النجزة- ورائحة الدم تانى جات).
4. سياسة امنية ( حيث تحول الحزب الشيوعى الى حالة امنية وتحول شعار من الجماهير واليها الى الخوف والبرونيا من الجماهير نفسها- فى عزلة وانكماش ادت الى ان يتحدث الحزب مع نفسة فى هضربة اعتزارية ( وهو فى وادى والطبقة والجماهير اغتربت زمان من السودان زاتو)
واصبح الفقر والبروليتاريا والطبقة العاملة والامبريالية والاستعمار موضوعات للشعر والكورال والتسلية والتلهى مثلها مثل الايوقونات فى بترينات البرجوازية والصفوة من اهل الحضر والمدن.

طبعا فى حالة البرونوية دى لم تتوقع الجماهيبر اى اعمال للفكر او المفاكرة وهكذ نجح الاقتصاد السياسى عند جهادى الترابى ونجحت برونيا الحالة الامنية فى بعزقة ما تركة استاذنا عبد الخالق محجوب.

تسلم
هاشم الحسن
سيدنى
27/9/2011

Post: #3
Title: Re: مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار
Author: Abdalla aidros
Date: 09-27-2011, 06:29 PM
Parent: #2

العزيز طلعت

كيفك يا زول طولنا منك ومن كتاباتك

اتفق مع كل النقاط التي رصدها الاخ هاشم واضيف عليه:

استلاف الاخوان المسلمين -تيار الترابي - لفكرة العمل الجبهوي وبناء التحالف العريض ولنقارن بين استخدام كلا الحزبين هذه الوسيلة الفعالة فيما اعقب يوليو 71:

1- بالنسبة للاخوان المسلمين وبعد انتصار التيار الذي اسماه الدكتور عبدالله علي ابراهيم (البلاشفة) لم تقم الجماعة بانشاء الجبهة أوالتحالف فقط ، بل انهم حولوا مجمل الجماعة لتحالف عريض لكل تيارات الاسلام السياسي ، وقاموا بتذويب الحزب فيها مع الاحتفاظ بالحلقة القيادية من السابقين والمقربين ،ورغم ان البنية الهرمية للتنظيم كانت مستعارة ايضا من تجربة الحزب الشيوعي ،الا انهم تعاملوا معها بمرونة وابتكار حسب الحوجة ، ولم تكن للتنظيم لائحة تسمح بالادارة الديمقراطية داخله، بل انه لم تكن هنالك لائحة اطلاقا ولا انتخابات للقيادات الا علي المستويات العليا، مما كرس القيادة في ايدي قليلة واعطاها الوقت الطويل للتخطيط من دون ظهور معترضين او انقساميين ، كما انهم ايضا لم يكونوا حريصين علي الاسم التاريخي .وانما كانوا يستخدمون اسما لكل مرحلة وفي كل مجال كيفما اتفق،ففي مجال الطلاب كانوا يستخدمون اسم الحركة الاسلامية او الاتجاه الاسلامي ، وفي مجالات اخري كانوا ينشئون الجمعيات والمنظمات الاسلامية التي تستخدم كواجهة لعملهم الحزبي،وهذا الاستخدام المستمر لمسميات جديدة كان يخدم اغراض كثيرة منها التنصل من اخطاء وما لصق بكل منها من عيوب في ذهنية المجتمع السوداني ،حتي وصلوا مع الانتفاضة لاستخدام اسم الجبهة الاسلامية القومية ونشطوا عند تكوينها لتجديد الاتصال بمختلف تيارات الاسلام السياسي بما فيها انصار السنة والصوفية، وكان ان شارك في مؤتمراتها وقيادتها بعد الانتفاضة كثير من زعماء واتباع هاتين الجماعتين.

2- في المقابل نجد ان الحزب الشيوعي قد تراجع كثيرا في عمله الجبهوي وفي طرحه للجبهة الوطنية الديمقراطية وفقد الكثير من حلفاءه واصدقاءه ومؤيديه بعد مغامرتي 69 و 71، وخرج الحزب من معمعة 71 وهو اشد حرصا علي غلق المنافذ امام الراغبين بالالتحاق بصفوفه لدواعي التأمين بعد الضربات الامنية البالغة ومن ثم شيئا فشيئا تحولت حتي الجباه الديمقراطية والروابط الاشتراكية الي فروع للحزب بمسميات اخري وافرغت الفكرة من محتواها واصبحت مجالات تفريخ واعداد للكادر الراغب اصلا في الانضمام للحزب،وفي مسالة الجبهة الديمقراطية يطول الحديث ويتشعب لامور ليس محلها هنا

3- براغماتية الترابي ساعدت كثيرا في الانتشار الجماهيري للجبهة الاسلامية ، فهذه الجماعة وفي تمظهراتها المختلفة لم تكن تتبني اطروحات واضحة لطريقة الحكم او شكل الدولة ، وانما كان لديها لكل مقام مقال ، ولكل ضرورة سياسية وحزبية فقها مرنا ومحظورات مباحة، وساعد استخدام العاطفة الدينية في مجتمع تتفوق فيه نسبة الامية باضعاف علي المتعلمين ، واستغلال المساجد والواجهات الدينية الاخري علي تنامي موجة الاستقطاب وتوسع صفوف الجبهة،وزيادة عدد منسوبيها وجغرافية توزعهم في الريف كما في المدن ،ويؤرخ الدكتور التجاني عبدالقادر في احد مقالاته بعد انقسام الجماعة الي انها الفترة التي نشطت فيها لاستقطاب التجار وضمهم الي الصفوف القيادية وهو يحدد بذلك التاريخ الذي تحولت فيه الجماعة من كيان للبرجوازية الصغيرة الي تحالف بين هذه الفئة وفئة الراسمالية الطفيلية التي كان لها دور كبير في خدمة الجماعة وتبادل المنافع معها.

4- علي العكس تماما كان للحزب الشيوعي اطروحات واضحة وبرنامج مفصل وتصور لشكل الدولة ، لكن كل هذا اصبح في غمضة عين خارج سياق الظرف الموضوعي للبلاد وللحزب في عينه، ونتج عما سبق ايراده من ملابسات تجمد الحزب في اطروحات المؤتمر الرابع. ومن ثم حدثت التحولات العالمية الكبيرة بانهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكتلة الاشتراكية وظهور الحوجة لنقد الماركسية وتجديدها، وتجاوزها بالنسبة للبعض ،الامر الذي لم يجد له الحزب متسعا في خضم متابعته للعمل الحزبي اليومي حتي اتي علي الحزب حين يقدر باربعة عقود لم يستطع فيها عقد المؤتمر الخامس فعاني ما عاني من انفضاض المؤيدين وتآكل العضوية وتقلصها

هذه بعض نقاط سريعة للتعليق علي المقال المهم للدكتور وساتابع

Post: #4
Title: Re: مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار
Author: هاشم احمد الحسن
Date: 09-28-2011, 05:41 AM
Parent: #3


الاخ عبد اللة عيدروس
سلامات
اسمح لى اواصل من اخر ماجاء فى مداخلتك:

فى الاقتباس التالى)
- 4.علي العكس تماما كان للحزب الشيوعي اطروحات واضحة وبرنامج مفصل وتصور لشكل الدولة ، لكن كل هذا اصبح في غمضة عين خارج سياق الظرف الموضوعي للبلاد وللحزب في عينه، ونتج عما سبق ايراده من ملابسات تجمد الحزب في اطروحات المؤتمر الرابع. ومن ثم حدثت التحولات العالمية الكبيرة بانهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكتلة الاشتراكية وظهور الحوجة لنقد الماركسية وتجديدها، وتجاوزها بالنسبة للبعض ،الامر الذي لم يجد له الحزب متسعا في خضم متابعته للعمل الحزبي اليومي حتي اتي علي الحزب حين يقدر باربعة عقود لم يستطع فيها عقد المؤتمر الخامس فعاني ما عاني من انفضاض المؤيدين وتآكل العضوية وتقلصها)
انتهى الاقتباس من عبداللة عيدروس.


فعلا تجمد الحزب الشيوعى فى اطروحات المؤتمر الرابع برغم محاولات الاستاذ عبد الخالق فى معالجة المستجدات والمتغيرات ( فى حول البرنامج) بمنهج الاقتصاد السياسى ودراستة وتحليلة لدور الراسمالية الوطنية المهم فى مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وحيوية دورها فى احداث النهوض الاقتصادى ( للمجموعةB ) -انتاج السلع والخدمات واشار الى ان الاقتصاد الاشتراكى يمكنة فى مساعدة الثورة الوطنية الديمقراطية فى انتاج ( المجموعة ِA ( اى الصناعة الثقيلة - الماكينات التى يمكن ان تنتج ادوات الانتاج.
هذا التحليل لدور الراسمالية الوطنية جعلها احد ركائز واعمدة ( الجبهة الوطنية الديمقراطية) والتى لاسبيل للسودان ان يتقدم خطوة واحدة من دونها.

حقيقة حراكات المجتمع السودانى لم تقف عند ( عتبات الستينات واقتصاد الستينات ) بل مرت مياة كثير تحت نهر الماركسية وقضايا الثورة السودانية) التى حللت وتكلمت عن بدايات الدفع الراسمالى- المعونة الامريكية ومشروع الجزيرة والمناقل- فى اقتصاد السوادان والذى كانت تغلب علية ( الصناعات التحويلية والخدمية- ورش ودباغة جلود وعصارة زيت ومصنع نسيج واحد ويتيم!!!! فى بحرى).
واحدة من التسوناميات فى الاقتصاد العالمى زيادة اسعار البترول والنفط والتغيرات البنيوية فى تشكيل كل الاقتصادات التابعة ( للسوق الراسمالى) وبالتالى التبدلات فى سوق العمل- وهجرة الطبقة العاملة حيث سوق العمل الراسمالى- وماتبعها من هجرات من لقيط القطن الى لقيط الريال والدولار فى بلاد الطفرة البترولية.
فى المقابل ظل خطاب الحزب الشيوعى المتجمد عند سنة اولى ماركسية سودانية( ستينات القرن الماضى) وفك رقبة الاقتصاد السياسى وبدا ينظر الى المجتمع بالعين السياسية العوراء عن الاقتصاد ( سقطو عبود. سقطو الطائفية. سقطو نميرى. ثم سقطو الانقاذ ومابنهما على سبيل المثال سقطو اتحاد الكيزان!!! ) غافلا ان هذا هو طريق التطور الراسمالى والذى يسير فى ارض الواقع السودانى ولايرتبط بادنى ارتباط ( باحلام وامنيات) طريق التطور غير الراسمالى والذى يمشى الهوينى احيانا ويسارع الخطى احيانا اخرى - مرة كاكى ومرة مدنى.

سار الخطاب السياسى ( المجرد/ المعيارى) للحزب الشيوعى تاركا خلفة الاقتصاد السياسى - على جنب- و واكتفى بمقارعة ومناهضة ومفاكرة ومساجلة الحاصل( الدفع الراسمالى) بتقريع وملامة شركة لورنو واخبار الخاشقجى و عمولات مستر 10% وسب و نعل سلسفيل بنوك العيش وتجار الفحم والامباز) بديلا عن ان يقدم مشروعا موازيا- حتى ولو على مستوى التنظير كما جاء فى حول البرنامج). قرات فى السبعينات احد الومضات الاعتزارية فى ان فرع الحزب الشيوعى السودانى فى مدينة امدرمان لايعرف عن سوق امدرمان سوى انة مكان لبيع العناقريب والجلود والتشاشة والملجة وسوق الزنك والعمارى. عندها ايقنت اننا مازلنا فى محطة - قنب- فى الماركسيةوقضايا الثورة السودانية- وكما قال البروف ع على ابراهيم عندما تتوقف النهضة ( التربية/ الفكر التنوير / وحركة الوعى) تصبح الشجاعة فقط تكفى وتفضل.- تلات بيانات ومظاهرتين معاهم قصيدة قصيدتين فى سبيل عمال العالم ان يتحدو ( على وزن فى سبيل اللة).

تسلمو
ونواصل
هاشم الحسن
سيدنى
28/9/2011

Post: #5
Title: Re: مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار
Author: طلعت الطيب
Date: 09-28-2011, 02:56 PM
Parent: #4

العزيز الفاضل هاشم
تحية طيبة
عميق الشكر على مساهماتك النوعية والتى سوف احاول التعليق عليها
الاخ العزيز ع عيدروس
اشكرك على المساهمة القوية ايضا التى تستحق ايضا اضاءات ولذلك سوف اقوم بنقل البوست لاهميته اولا ولعمق مساهماتكما ثانيا

بعد انقاذ البوست من الارشفة ، سوف اركز على جوانب اخرى فى غاية الاهمية لانه ومن الواضح ان كاتب المقال قدم ملاحظات صحيحة عن انتصار التيار الحركى او (التدافع) على التثقيف وهو شىء ساعد على الانتشار المؤقت ، وقد كان انتشار يكفى لايجاد الغطاء له من الجيش بغرض الاستيلاء على السلطة السياسية ، وقد فشل مشروع الحزب الشيوعى وانتهى بمقاصل يوليو بينما نجح مشروع الانقاذ فى الوصول للسلطة بعد ان استفاد من دروس فشل حركة ١٩ يوليو ، ولكن ذلك النجاح الموقت تمخض عنه فشل حتمى وبدلا من ان تسود العدالة والفضيلة السودان تمزق البلد واصبح صيعة لبعض الاسلاميين واهل (ود بانقا) ، بمعنى اخر تمخض جبل الفساد وولد فأرا
فى تقديرى ان اسباب الفشل تعود الى الفكرة نفسها فى الحالتين وهذا ما سوف اسعى الى توضيحه

Post: #6
Title: Re: مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار
Author: طلعت الطيب
Date: 09-29-2011, 00:11 AM
Parent: #5

عزيزي طلعت،
يسعدني أن يرى مثل شخصكم مشاركة الآخرين تمميزه لمقالنا عن التربية والسياسة في الحزب الشيوعي وعند الإسلاميين. يكفي أن المشاركة جاءت بالعزيز جداً هاشم الحسن، سدني (تمييزا له عن هاشم آخر) الذي أكرمني بوقفة جامدة بجانبي خلال حملتي الإنتخابية بالرموت كنترول. وهو جميل طوقته به وطوقني به. وضربت لك يا هاشم مرات في الشهور الأخيرة ولم أعثر عليك برغم ان شافعاً ما لطعني على التلفون في إنتظارك. وأنا سعيد ان وجد الأستاذ عبد الله عيدروس في المقال مدخلاً إلى أفكار قيمة جداً بخصوص ازمة اليسار.
أريد في هذه العجالة أن أطلعكم على مقالة أخرى في هذا الاتجاه كتبتها في نفس الوقت تقريباً تغطي همة استاذنا عبد الخالق في توطين التربية في الحزب.

رحلة عبد الخالق محجوب بحثاً عن لقمان الحكيم
عبد الله علي إبراهيم
ما انقضى عقد من الزمان أو نحوه على صدور قصة المرحوم صلاح أحمد إبراهيم
"البرجوازية الصغيرة" ، والتي رأينا كيف استسخفها الأستاذ أحمد علي بقادي وطعن في مروءة كاتبها على صفحات جريدة "الميدان" في 1958 ، حتى أصبح مفهوم البرجوازية الصغيرة وممارستها السياسية شغل الحزب الشيوعي الشاغل . فقد توصل الحزب إلى
أن "تذبذب" و "مغامرة" و "يأس" هذه الفئة في الحزب والمجتمع أخذ يعكر عليه صفوة البروليتاري بعد انتكاسة ثورة أكتوبر 1964 التي خرج منها الحزب مشكوكاً ومداناً في عقائده ، مجرداً من مواقعه البرلمانية ، ومحلولاً في ربيع الديمقراطية السودانية الثانية . فقد وضح للحزب ، والمرحوم أستاذنا عبدالخالق محجوب بشكل رئيسي ، تمرد فئة البرجوازية الصغيرة داخل الحزب على خطة الحزب طويلة المدى في مراكمة قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية للخروج جماهيرياً من عنق زجاجة التطويق "الرجعي" . وعاب الحزب على الفئة جنوحها للمغامرة لاستهوالها الخصم ويأسها من الجماهير. وكان رائد المغامرين من الفئة هو الأستاذ أحمد سليمان المحامي ، وهو الذي وقف الحزب في 1958 يرد عنه شبهة البرجوازية الصغيرة فيما كتب المرحوم صلاح ، ودشن أحمد سليمان ذلك اليأس من خط الحزب للعمل "الدائب والثابت والصبور" بكلمة في جريدة "الأيام" (5 ، 6 ، 8 ديسمبر 1968) يدعو فيها إلى دور للقوات المسلحة لا مكان له في إعراب تكتيك الحزب الجماهيري لكسر شوكة قوى التخلف والرجعية .
وكانت الكلمة بمثابة رأس جبل الجليد لنقاش حام دائر في اللجنة المركزية حول تكتيك الحزب خلال انتكاسة الثورة في دورات يناير 68 ، ويونيو 68 ومارس 1969 .
وخرج انقلاب مايو 1969 بهذا الجدل من الدهليز الشيوعي إلى دوائر أوسع من السكان. وتميزت كتابات أستاذنا عبدالخالق في هذا السجال بنضج وصفاء نظر اجتماعي مميز. فهو الذي وصف الانقلاب العسكري بأنه أداة البرجوازية الصغيرة وخطتها السياسية المثلى في الثورة السودانية وأن نجاح البرجوازية الصغيرة في قيادة الثورة الوطنية الديمقراطية سيكون يوماً حزيناً على البلاد يكلفها الجراح والدم والدموع . وهذه هي نفس المفاهيم التي وردت في بيان اللجنة المركزية تُقوِّم انقلاب 25 مايو يوم وقوعه. وهو البيان الجافي ، البارد الذي وصفه المرحوم عمر مصطفى المكي بـ "الوثيقة الملعونة" .
واستقطب الانقلاب الحزب في جماعتين : جماعة أحمد سليمان البرجوازية الصغيرة وجماعة عبدالخالق البروليتارية . وبلغت الخصومة بينهما مبلغاً كبيراً وصف فيه أستاذنا عبدالخالق أحمد سليمان بأنه "المُصفِّي القانوني للحزب الشيوعي" وأنه "يهوذا الشيوعيين" . ولم يذكر أحد حتى يومنا هذا أن المرحوم صلاح أول من نبه ببصيرة الكاتب إلى معايب فئة البرجوازية الصغيرة ، وأنه ، وبمسئولية الكاتب ، هجاها وهزأ برموزها في الحزب . واستعصم الحزب في 1958 بمحاكم التفتيش ، التي نُصبت للمرحوم صلاح ، عن النظر في مرآة نفسه ، واستهجن الرسالة ليفترس صاحبها كما يقول الأمريكان . فقد جرى استجواب المرحوم صلاح عن اسم وفصل البرجوازي الصغير في قصته بدلاً عن قبول خياله ، وحتى صبواته وحزازاته ، على علاتها كأمر لا مندوحة عنه لكاتب . وهكذا وجد الحزب الشيوعي بعد عقد من قصة المرحوم صلاح في جدلٍ دامٍ مرير لم يتأهل له وجداناً وعاطفة وخيالاً .
وقد رأينا في حديث مضى كيف سخر الأستاذ بقادي من مطلب المرحوم صلاح أن يعفي من شواغل العمل السياسي اليومي ليتفرغ للقراءة والكتابة . وقال بقادي إن صلاحاً قد جاء بأمر إدَّا وهو أن يكون " لقمان حكيم" الحزب وهي وظيفة لا مكان لها في حزب شيوعي . وما انقضى عقد من الزمان حتى كان الحزب الشيوعي يجري جري الوحوش بحثاً عن لقمان حكيم . فحالما فرغ الحزب من انتخاب لجنته المركزية في المؤتمر الرابع في عام 1967 حتى جأر بالشكوى من أزمة القيادة الفكرية التي تحدق به . فقد احتشدت اللجنة المركزية الجديدة بزبدة الكادر السياسي التي تربت في صمت تحت الأرض ، وضوضاء ما فوق الأرض ، ضد الحكم العبودي العسكري ومنابر ثورة أكتوبر 1964 الباكرة وخلت من طاقم فكري يتفرغ لارتياد آفاق الحزب الاستراتيجية . وقد جرى وصف أزمة القيادة هذه في التناقض بين نفوذ الحزب السياسي بين الجماهير وقعوده عن استشراف الآفاق التي يُلزمه بها هذا النفوذ السياسي .
وأخذ أستاذنا عبدالخالق على عاتقه معالجة هذه الأزمة بالسعي بين قيادات الطلاب الشيوعيين الجامعيين يحبب إليهم فكرة التفرغ في الحزب على شروط " لقمان الحكيم" التي ظن بها الحزب الظنون حين "هتر" بها المرحوم صلاح لعشر سنوات خلت . وكان تفرغ كاتب هذه السطور للعمل الثقافي بالحزب عام 1970 هي ثمرة (أتمنى أن لا تكون مرة حنظل) من ثمرات جهد أستاذنا عبدالخالق ، عليه الرحمة في تلك السنوات.
وقد بلغ شغف أستاذنا عبدالخالق بخلق طائفة من " لقمان الحكيم" بالحزب مبلغاً
درامياً . فقد حكى لي الصديق العتيق الدكتور عبدالماجد علي بوب (وهي علبوب في قرانا بالبار وجلاس والقلعة بدار البديرية بالشمالية) أنه زارهم في الستينات في ألمانيا الشرقية حيث كان يدرس عبدالماجد . وقد رتب فرع الحزب الشيوعي بين الطلاب استقبالاً حافلاً للسكرتير العام زيَّن فيه القاعة التي حاضر فيها عبدالخالق بلافتات ترحب بمقدمه ، وتمجد نضال الحزب الشيوعي ، والطبقة العاملة ، وتجدد الثقة في الجبهة الوطنية الديمقراطية ، وتدين الرجعية والرأسمالية ، وتحي المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي العظيم (ترب رابو ترب رابو، في قول الدكتور عبدالله الطيب ومعناها بلغة الإنس : هذا الجنُّ كذابُ) . ونادى أستاذنا عبدالخالق مسؤول الحزب في البلد وقال له : ما هذه الشعارات . وظن المسؤول أنه قد بهر السكرتير العام وأسعده . ولكن سرعان ما قال له أستاذنا عبدالخالق : " لم يبعثكم الحزب عبر البحار لتلوكوا ما نلوكه في السودان من قناعات وشعارات . لقد بعثناكم هنا لفحص هذه القناعات والشعارات في أوراقكم العلمية ومختبراتكم على ضوء إمكانات المعرفة الجمة المتاحة هنا . إنكم فرصتنا لنغتني بالعلم وريادة العالم فلا تردونا إلى الفقر والعزلة" . والتمس أستاذنا عبدالخالق من مسؤول الفرع أن ينزع اللافتات كإعلان مبدئي أن فرع الحزب للطلاب في ألمانيا الشرقية هو لتخريج " لقمان حكيم" بعد آخر لا للضوضاء والزبد الذي
يذهب جفاء .
احذروا أذى الكاتب فأنتم فقراء وعيال حاجة بغيره . فللكاتب بصر عجيب بمصائر الأمور. فبعد عشر سنوات من تبخيس الأستاذ بقادي للمسائل التي عنَّت للمرحوم صلاح أصبحت تلك المسائل هي الأجندة الساخنة للحزب الشيوعي ... وما تزال .
وللكاتب بصر عجيب . فلم أقرأ في أدب السودانيين أذكى وأشف مما كتبه الأستاذ بقادي نفسه حين كان يغطي دراما ترحيل شعب النوبة من حلفا إلى خشم القربة في أوائل الستينات ، مما كان ينشره مسلسلاً في الرأي العام . فقد رأى بقادي امرأة تغادر منزلها أبداً في طريقها إلى قاطرة السكة الحديد إلى خشم القربة . وقد وجدها حائرة : هل تغلق النوافذ أم تتركها سدىً فاتحة . كيف تريد الماء أن يطيح ببيتها ؟ وكلما فكرت في الريح التي تتجمع لتطيح بالسودان تساءلت في نفسي : هل نغلق نوافذ الوطن أن نفتحها انتظاراً للنهاية . هل نشر علينا بقادي هذا الحديث عن المرأة النوبية الغراء بدلاً عن "الصفوة السودانية وإدمان الكسل" لأنها حديث ضعيف موضوع .

Post: #7
Title: Re: مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار
Author: هاشم احمد الحسن
Date: 09-29-2011, 04:48 AM

العزاز : طلعت وعيدروس والبروف والقراء.
نعلكم عوافى
وانشاء اللة يا طلعت تقدر تحجز لهذا ( العصف والتداعى والتفاكر واستفزاز الساكن والراكد والمجمد والمحنط) و الحوارى:
مكانة حتى ولو ضل الدليبة اياها فى الربع الاخير من عام الناس هذا.

تعرف يا بروف الشافع الرد عليك دا المطموس ابننا- قريت ليهوا الجذء اللى يخصة من مداخلتك عالية فرد بالقول عن استفسارى ليهو
لية ما ناديتنى لتلفون عمو: فقال لى يا ابوى انا قلت اريحك من ( من اخبار البشير وسلفا كير والسفنكير والمسامير) فطبقت الضحكة طبقات
وانا لم افرغ من ماتحتوية ( ترب رابو ترب ربوا) من حمولات للضحك والاضحاك والتامل.
غايتو استاذنا المرحوم عبد الخالق كان يبحث عن لقمانيين حكيمن ولم يخطر ببالة وبالتالى لايدرى
انو فى سيدنى برضوا ممكن يتلقى مطاميس مناحيس ومساخيت يعروفون لغة الجن ويشمون معاهوا بخور التيمان - بالشب والشلاقة
او كما قال عرفة الشقا والشقاوة--.
عموما قلت ليهوا واللة بختكم لانو لو كان دا زمن السميناك عليهو كان طلع ليك ( الطرزمطش وصرف ليك كوباكة قديمة).
طبعا جذء من (الدقنية( التى ندفعها لهذا الجيل غير اننا نتكلم لغات مختلفة ونمط تفكبر متباين ومتقاطع
اننا مازلنا نعتمد عليهم كخبرا اجانب فيما يخص التعامل مع التكنولوجيا( فى حلاوة ثمرة الحنظل التى نعمت وتنعم بها يابروف -.
لكن ابشر حناكل من لالوبنا لمن ينجض تمرنا... او كما قالو!!!!!!).
----
العصف ( والتدافع ) الفوق من الاخوان عيدروس وطلعت والبروف والقراء من منازلهم غنى ومتعدد ويغوص بالتحليل والفكرة والراى فى موضوع
( التربية والتثاقف واعمال الذهن والعقل والتفكير ( الخارق/ نافذ) ) لمشروعين ظلا لردحا من الزمان متوازين ومتكاجرين ومتناحرين ومتباغضين
فى الحلال والمكروة وغيرة. والشاهد ان احد المشروعين ( بلاشفة الترابى) طلع حق عشاهوا وداخل على التحلية فى ( الجمهورية الثانية) .
بينما المشروع الغريم الموازى ( جهادى عبد الخالق) قد اصابة ما اصابة- من وعثاء السفر- ولم يجنى من ثمار مشوارة سوى التفتت والتهردم والتبعزق
وتاكل فى ترجيدوكوميديا تحنن الكافر والانس والجن معا.

قاعد اوضب لى فى سبيطة على امل ان يفوز طلعت فى مسعاهو قبل اغلاق النوافذ فى قصة بقادى التى تخاطب فيها وتشابك النهاية البداية-
وكل اول ليهو اخر كما لكل اخر اخر ثانى.

نواصل

تسلمو
هاشم سيدنى
29/9/11

Post: #8
Title: Re: مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار
Author: هاشم احمد الحسن
Date: 09-29-2011, 02:06 PM
Parent: #7

فوق
الى الربع الرابع

هاشم/سيدنى

Post: #9
Title: Re: مقال جيد اخر لدكتور عبد الله على ابراهيم يحتاج للحوار
Author: Amjad ibrahim
Date: 09-29-2011, 03:17 PM
Parent: #8

العزيز طلعت

تحياتي و سلامات
و شكرا على نشر هذا المقال الذكي، المتابع لكتابات عبد الله يجد فيها حقائق تضيع دائما في العموميات، ففي مقالاته عن احداث الجنوب و 55 يبين العنف الذي مارسه الجنوبيون ابانها ضد مدنيين من الشمال، و بالطبع فالظلم الذي وقع على الجنوبيين بعدها فظيع، لكن مثل هذه الحقائق مهمة لفهم طبيعة و طريقة اتخاذ قرارات الحرب

هنا ايضا يوضح الدكتور عبد الله مأساة الاخ عوض عبد الرازق، الذي لا يذكر اسمه في ادبيات الحزب إلا بالانتهازي عوض عبد الرازق حتى يحسب المرء ان الانتهازي جزء من اسمه، و قد جوبه الاستاذ عبد الخالق في احد لقاءاته عندما قيل له بما يخص عوض يا عبد الخالق تقتل القتيل و تمشي في جنازته

و اذا قرأنا مقالي الاخ عبد الله نجد تناقضا بين موقفه من عوض و موقفه من طلاب المانيا الشرقية، لكن الاشكال يكمن عند الشيوعيين ان عبد الخالق له مكانة شبه مقدسة عند العضوية لذا من النادر ان نقراء مقالة ناقدة له، و ذلك مؤسف لانه يحرمنا من جانب من شخصيته أثرت على صيرورة الحزب و طريقته الى يومنا هذا

بالمناسبة يا طلعت سودانايل دي لازم تجيب منها المواضيع لانها بتختفي



85 عاماً على ميلاد عبد الخالق محجوب (1927-2011)الترابي البولشفيكي ، عوض عبد الرازق المنشفيكي

(مر بيوم 22 الماضي الذكري الخامسة والثمانين لميلاد أستاذنا عبد الخالق محجوب. وهذه كلمة قديمة نشرتها في جريدة الفجر، التي اصدرها الاستاذ يحي العوض في لندن، في التسعينات عن جانب من خدمة أستاذنا للوطن. وتلتها كلمات أخرى عرضت فيها لكيف حاول استاذنا استدراك التربية في الحزب )

تعشعش فينا شكوى مقيمة من قلة حيلة الثقافة في شأن السياسة عندنا . ورد السياسة إلى الثقافة مما لا يأتي عن طريق تجديد الشكوي ، وإلحاف الرجاء ، وتدبيج الخطط الغراء . فأهدى السبل إلى قيام السياسة على رؤى من الثقافة وقبس خططها أن نقف على أصل الجفاء بينهما في تاريخنا القريب حتى نعالج عودتهما إلى بيت الزوجية بنظر تاريخي جيد .
وقع طلاق السياسة والثقافة في حظيرة الأحزاب الموصوفة بالعقائدية مثل الشيوعيين والأخوان المسلمين في أعقاب انشقاقين مرموقين في الحركتين تخاصم قبل وقوعهما طائفتان في كل حركة : طائفة الدعويين التربويين وطائفة الجهاديين الثوريين في مصطلح الشيخ حسن الترابي. وانتهت تلك الخصومة بخروج الدعويين التربويين كجماعة أقلية (أو منشفيك بلغة الشيوعيين) ، مجللة بعار مفارقة التاريخ الصائب ، متهمة الأساليب أو المقاصد ، مقهورة منبوذة ، مصادرة في وجه النجاحات الجماهيرية المؤكدة التي أحرزها قبيل الجهاديين الثوريين .
فصراع عام 1952 في الحزب الشيوعي هو نزاع بين الجهاديين الثوريين بقيادة أستاذنا المرحوم عبد الخالق محجوب وبين الدعويين التربويين بقيادة المرحوم عوض عبد الرازق . فقد ساء عوض أن يرى الحزب يبدد طاقته بين الجماهير "من جم" ويفقد التركيز على تربية الطبقة العاملة في حرف وروح الاشتراكية . ومما يذكر أنه في اجتماع المواجهة بين شيعة عوض وشيعة عبد الخالق قذف عوض بطائفة من الكتب الماركسية عن المزارعين أمام المجتمعين سائلاً إياهم أن يطلعوا عليها قبل أن يبلغوا بنشاطهم جمهرة المزارعين (أو كتل الفلاحين كما كان يقول أخونا حسن عبد الماجد المحامي).ولم يُكتب النجاح لعوض وجماعته التربوية في يومهم ذاك.فقد اكتسحهم جهاديو عبد الخالق الذين قالوا يكفينا لبلوغ أوسع الجماهير مجرد عموميات الماركسية ، ثم نغتني منها بالممارسة علماً ودربة ، " نعلم الجماهير ونتعلم من الجماهير" كما جرت العبارة .
وصحب انتصار الجهاديين فظاظة فكرية عالية بحق التربويين . فقد جرى وصفهم بالتصفويين ، ممثلي الطبقة الوسطى القانطة . حتى صار لا يرد ذكر المرحوم عوض عبد الرازق إلا مسبوقاً بـ " الانتهازي" . وللقارئ أن يرجع الى كتيب " لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي" الذي كتبه أستاذنا عبد الخالق بين سنتي 1960 و 1961 ليقف على جزئيات هذا الصراع . وسيُلاحظ القارئ بغير عناء أن الكتيب قبس في خطة التأليف ، وفي اللغة القاطعة الجارحة من الكتاب الحرباء : تاريخ الحزب الشيوعي السوفيتي ، ولعل أهم هدى أخذه كتيب عبد الخالق عن تاريخ الحزب الشيوعي السوفيتي – الفكرة التي مؤداها أن تاريخ الحزب الشيوعي الحق لا يصدر إلا عن لجنة مؤلفة أو مكلفة من اللجنة المركزية للحزب . ومن حسن حظنا جميعاً أن الله قد شغل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني عن كتابة التاريخ بأمهات أخرى من الأمور في حين صدرت أعمال أكاديمية مرموقة أمينة عن تاريخ الحزب الشيوعي مثل التي كتبها صديقنا الدكتور محمد نوري الأمين .
من جهة حركة الأخوان المسلمين تماسك الجهاديون التربويون " الحزز" في مؤتمر عام للحركة عام 1969 . فقد كانت الحركة الإسلامية السياسية بعد ثورة أكتوبر 1964 قد توسعت بقيادة الشيخ الترابي لجبهة الميثاق الإسلامي توسعاً فات ماعون " الأسرة " الأخواني المؤثل . وخشى التربويون على دينهم ومألوف طرائقهم وحركتهم من هذا الإفراط في السياسة على حساب تربية الدعاة الإسلاميين تربية وثقى. وقد سَمّى التربويون قبول الناس في الحركة بغير اعتبار لفرص تربيتهم الإسلامية مؤخراً بـ " تجنيد الكشة" أي " اللملام" أو كيفما اتفق وبغير فرز . وفاز بيوم 1969 الجهاديون الترابيون وخرج أهل التربية من أمثال الدكتور جعفر شيخ إدريس والمرحوم محمد صالح عمر بخاطر جريح ، وقلة في النفر ، وزهد في المستقبل .
وهكذا رأينا في الحالين – الشيوعي والأخواني – كيف ترافق الفتح الجماهيري مع انكسار النزعة التربوية الثقافية . ولست أريد بهذا التقرير أن أشين الفتح الجماهيري أو انتقصه . بل الصواب القول إنه مأثرة غراء تخطت به جماعة من العقائديين قيد "الصفوية والسذاجة" ، كما وصفه الشيخ الترابي ، إلى الجمهور الأوسع بغير واسطة تناجز قوى الطائفية المؤثلة حول موقع في خيال ووجدان وسياسة العامة . ولكن الذي يعيب هذا الفتح الجماهيري تصوير حداته له كالقول الفصل وإرادة التاريخ الغالبة مما يخفض التربية
تخفيضاً ، ويجعلها أمرًا هيناً هو مما يستحصل في مسار النشاط العملي بين الجماهير. علماً بأن التربية والثقافة هما أيضاً مما يُستحصل كدحاً وخلوةً في غير اختلاط بالعامة .
انتصر في صراع الجهاديين والتربويين في الحزب الشيوعي عام 1952 وحركة الأخوان المسلمون عام 1969 الجهاديون على التربويين . بمعنى آخر انتصر السياسي على المثقف في الحركة السياسية الاجتماعية المعنية . ولما لم يستصحب هذا السياسي في نشاطه السياسي مرجعية تربوية ، أو وجدان ، في عبارة لأستاذنا عبد الخالق محجوب ، فقد انتهى الى خبط عشواء وبخاصة حين تعثر أو دنا من الحكم ، أي الميس . فقد ركب السياسي العقائدي مركب المغامرة إلى دست الحكم باسم "حرق المراحل" (عبارة الشيوعيين) "المسارعة إلى الله" (في عبارة الأخوان) . وفتح الباب بذلك ليركبه بغير إذن سوى الشعار، كل مغامر، دجال ، دعىّ ، عجول ، يائس ، بائس إلى غنائم الحكم .