الانتصارات البائسة

الانتصارات البائسة


07-19-2011, 04:46 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=340&msg=1311047194&rn=0


Post: #1
Title: الانتصارات البائسة
Author: abubakr
Date: 07-19-2011, 04:46 AM

الانتصارات البائسة

عندما رايت وانا طفل او صبي صغير في اولي ابتدائية في وادي حلفا الاميرية كوامر الجيش وبه عسكر يلبسون قبعات ويحملون عصا وقنابل مسيلة للدموع ودروع كالنت تلك اول مرة في حياتي ان اري جنودا بتلكم الاعداد فكل الذي رايتهم من لابسي الخاكي كانو من بوليس السكة حديد – حيث كان المرحوم والدي يعمل- وفي حلفا كان قبل غزو راكبي الكوامر هؤلاء بعض بوليس سكة حديد في الميناء والمحطة وبوليس واحد كنا نراه عندما نمر صدفة بالمحكمة الخالية اعراشها وبوليس سري ! نعرفه كلنا فهو واحد من اهلنا ولكن وظف كبوليس سري وما هو بسري وكان الفرق بينه وبين الاخريين من بوليس هو انه لابس مدني ويركب بسكليته ...حتي اتي راكبي الكوامر بعد مظاهرات اهلنا رفضا للتهجيير وعندما كثرت مظاهراتنا تلاميذ المدرسة تركو لنا كومريين عند الجزء الغربي المواجه للسوق بصورة دائمة وقفلو باب الداخلية والمدرسة وعندما نقترب من السور كانو يلوحون لنا بكرابيج طويلة ذقنا منها حين التجأنا الي الجامع هربا من القنابل المسيلة للدموع (وكانت في ذلك الزمان احدث اختراعات عالمية وصلت السودان والذي كان قد استقل قبل عاميين او ثلاث ) فطاردنا ذوي القبعات الحديدية الي داخل المسجد فهربنا الي المراحيض (لم تكن تواليت في ذلك الزمان!) ولسوء الحظ كانت فتحة تحت الباب كافية لتمرير تلك الكرابيج ويتفنن حاملها في تحريكها كذيل ثعبان تنال من اجسادنا االصغيرة فنضطر للخروج هربا فنقع بين ايدي راكبي الكوامر مرة اخري وننال جلدا بالكرابيج وهكذا حتي وصلت ضربات الكرابيج الي مدرسينا ونظارنا في المدرستيين الاهلية والاميرية وكذلك الاقباط ونالو جلدا محترما اسوة بنا فقد كان معظمهم من المنطقة ومن لم يكن كان معهم ....وهكذا كان الانتصار الاول فهزمنا ورددنا بائسيين الي داخلياتنا ...انتصارات بائسة

ثم التحقت بوادي سيدنا ونقلت الي عطبرة الثانوية بعد فترة بسيطة وهناك كانت المظاهرة الاسبوعية هي الحصة الثامنة يوم الخميس وكانت الانتصارات تتوالي فننهزم ونعود الي الداخلية ثم نعود الي مرة اخري لننهزم .. وصباح الخميس 22 اكتوبر 1964 انتظرنا البوليس والذي كان يسكن مقابل مدرستنا منذ الصباح الباكر ولكننا كنا قد رتبنا امورنا لنخرج في الحصة الثامنة وقد كان ومن كان سريعا منا وصل الطرف الثاني من السكة حديد الي الشجرة الكبيرة عند السوق مكان التجمع وكثير منا لم يكن قد تجاوز منتصف ساحة السكة حديد حيث الورش حيث امطرت السماء دخانا كثيفا من قنابل مسيلةا لدموع وعندما ركضنا الي تجاه الباب عند السوق كان مقفولا فاضطر بعض منا ان يتسلق حائط عاليا وجرحت ايادينا وارجلنا حتي تمكنا من الوصول الي الطرف الثاني وعندها ولاول مرة لعلع رصاص الطوبجية وكان يوما عجيبا فانتصرو علينا وعدنا مهزوميين مساء الي الداخلية بعد ان ابرم ناظرنا اتفاقا " من وصل الداخلية فهو امن "....الخ ..الخ ..الخ .. انتصارات بائسة
وعندما وصلنا الي الخرطوم طلابا بجامعتها كان ما يزال بعض من رحيق اكتوبر باقيا ولكنه لم يستمر فواحا الا لعاميين وكانت مايو ..في اولها كنا متحمسيين لها ولكن بضع شهور وبدء الموال وتوالت الانتصارات البائسة ...وفي يوليو 1971 كانت انتصارات عجيبة لسودانيين يقتلون سودانيين بالمئات وبكل انواع الاسلحة وسمعنا لاول مرة صوت طلقات المدافع وهي تجوب الشوارع وكانت انتصارت بئيسة .. ثم سمعنا ذات المدافع في سبتمبر 1975 ولكن في يوليو 1976 بدء لنا ما كنا نراه في كلوزيوم وسينما غرب واحيانا العرضة او وطنية بحري كلعب الاطفال ....قيل مرتزقة وقيل غزاة واتت جيوش ولعلعت المدافع واذكر تي 55 وهي تدك بيتا طينيا في مربع الصحافة واحد بالقرب من محطة سبعة في زماننا لان هنالك مرتزقة بالداخل وحينما دكت دكا ومات ضابط وعدد من المدنيين ظهرت الحقيقة بان البيت به جماعة عزابة لم يكن يعرفهم الجيران وابلغ احد الجيران الجيوش بان المرتزقة داخل البيت ..الخ .. الخ ....وذات ليلة وفي شارع الجمهورية وبعد حظر التجوال كانت هنالك عربية خاصة مهكعة تسيير وعادمها يعمل صوتا كطلقات الرصاص فانبطح العسكر ارضا وهات يارش...انتصارات بائسة ...

ومنذ ذاك الزمان وكثرت الانتصارات البائسة والهزائم حتي كانت 1985 ولم تكن فيها لعلعة الطلقات ولكنها لعلعة مكتومة انفجرت بعد اربع اعوام واستمرت باسماء مختلفة وتحركت جيوش ومات شهداء قيل عنهم فطايس حينما اختلف اصحاب الانتصارات ...واستمرت الحروبات والانتصارات البائسة حتي اتي يوم 9 يوليو 2011 وركض جزء حي من بلادنا هاربا بجلده من الانتصارات البائسة وبقينا نحن في انتظار انتصارات بئيسة فلقد ادمناها ولم يمر اسبوعان حتي اتي "الهكر" منتصرا علي "سودانيزاونلاين " متفاخرا منفوخا ببالونة انجازه العظيم وثورته الكبري وانتصاراته البائسة .....