مبروك جمهورية جنوب السودان .... عاش شمال السودان

يوم إستقلال الجنوب ليس يوماً حزيناً .. بل هو يوم سعيد لتلك الحشود المبتهجة في جوبا ... و هذا هو المهم
يحق لهم الإبتهاج و قد حققوا أخيراً أحلامهم المشروعة في الحرية و المساواة .. و في إنهاء قرون من الإذلال و الإستعلاء
لم يكن ذلك ممكناً ضمن جمهورية السودان السابقة التي كانت اخر ايامها بالأمس ... أو على الأقل هذا ما رأوه ... و لا يمكننا أن نصف تقديرهم بأقل من أنه منطقي
ليس من العدل و لا من التفكير الموضوعي أن نطلبهم أن يراهنوا على مجرد أفكار نخبوية لدي بعض الشماليين .. و يهملوا خبرة و تجربة و معاناة قرنين من الزمن
أجد عبارات مثل نحن شعب واحد في بلدين و كأنها تأتي من كوكب اخر
كيف نكون شعباً واحداً و علاقتنا بدأت فقط قبل 200 عام .. كانت خلالها علاقة تاجر الرقيق بالمسترق .. ثم علاقة المستعلى بالمضطهد .. ثم علاقة المجاهد بأهل الذمة
كيف نكون شعباً واحداً و كل تلك المشاعر الشالبة من عدم الثقة و التوجس .. و التي إن أنكرتها الصحف و الخطاب السائد ظهرت في أبشع صورها عقب مقتل قرنق

لم نكن في الشمال دوماً قتلة مستعلين و مهوسيين
و خلال فترة الصراع في الجنوب كان هناك دوماً في الشمال صوت مؤثر سعى صادقاً للتعايش و لمشروع وطني يستوعب الجميع
و خلال 200 عام من التواجد في دولة واحدة نشأت العديد من العلاقات الإنسانية الرائعة
و خلال عمر السودان السابق السياسي ظهرت العديد من المشاريع السياسية التي كان يمكن لها أن تنجح في إستيعاب التنوع

و لكن

كل تلك الحقائق لا تكفي ...
فمقابل الجار الشمالي الودود كان هناك الذي يحرق القرى و يقتل الأطفال
و مقابل أحلام دولة المساواة كانت هناك حقيقة الدولة الإسلامية
و مقابل الذي كان يؤوي الجنوبيين في بيته يوم الإثنين كان هناك من يطاردهم في الأزقة

لو كنت مكان الجنوبيين فسأقدر حقاً الشماليين ( الجيدين )
و لكني لن أبقى في ذلك المكان بخيره و بشره

البقاء ضمن السودان الموحد ليس مشكلة الجنوب الوحيدة
و الدولة الجديدة لديها العديد من التحديات لتواجهها
و لكن هذه تحدياتهم هم .. و هذا طريقهم هم

Quote: ليس من العدل و لا من التفكير الموضوعي أن نطلبهم أن يراهنوا على مجرد أفكار نخبوية لدي بعض الشماليين .. و يهملوا خبرة و تجربة و معاناة قرنين من الزمن أجد عبارات مثل نحن شعب واحد في بلدين و كأنها تأتي من كوكب اخر كيف نكون شعباً واحداً و علاقتنا بدأت فقط قبل 200 عام .. كانت خلالها علاقة تاجر الرقيق بالمسترق .. ثم علاقة المستعلى بالمضطهد .. ثم علاقة المجاهد بأهل الذمة

سلامات يا امين
هل مازال بريدك الالكترونى هو هو ام تغير
ارجو مراسلتى على هذا البريد
[email protected]

أما نحن ...

فبإنفصال الجنوب لا نصبح مجرد ( ما تبقى من السودان )
بل جمهورية السودان ..
بمساحة أقل .. بخريطة ليست مألوفة .. بموارد أقل نعم
لكنها ستظل الرقعة التي ننتمي إليها
و لها ولاؤنا السياسي

إنها ليست مجرد شظية من جسم إنفجر
بل هي قبور الأجداد .. و ذكريات الطفولة
و هي حيث يعيش من نهتم لأمرهم ..

أفقنا السياسي هو مصلحة من يعيشون فيها الان .. و نتقاسم معهم مدنها و قراها .. تأريخها و جغرافيتها .. و ليس التحسر الأزلي على ما كان ( يمكن ) أن يكون

الخطاب التحسري على الجنوب لا ينبغي أن يصبح سمة لإرثنا السياسي
و إنه و إن كان مقبولاً اليوم فلن يظل الحال كذلك

لا معطيات موضوعية تشير إلى أن الجنوب و السودان سيتوحدا مرة أخرى

و لا ينبغي أن يصبغ هذا الوهم رؤية بعضنا السياسية

و تحديداً لا ينبغي أن تبني أي حسابات سياسية جادة على هذا الإحتمال

و لا نريد أن نصبح في نفس موقع النخب المصرية التي تتحدث عن أشواق الدولة الموحدة مع السودان

علينا أن نميز جيداً هنا بين المشاعر الشخصية و الرؤية السياسية

العلاقات الإنسانية و التي تجمع العديدين منا مع الجنوبيين شي مختلف ..

و ما هو إنساني و شخصي لا تحده حدود سياسية

و هذا ينطبق على كل الدول و ليس فقط الجنوب

و لكن يجب التعايش مع ، و التعود على واقع أننا لم نعد دولة واحدة

تسليمنا بالواقع الجديد لا يعني بأي حال رضاءنا عن الأتجاه الذي يسير فيه السودان الان

و لا ينبغي أن يفهم الإسلامييون و الشلليات الجهوية في الحكومة أن الولاء لشمال السودان يعني الولاء لمشروعهم السياسي الفاشل و المقيت

بل الرسالة التي يجب أن تصلهم أنهم أول عقبة في طريق الدولة الجديدة

و أنه حتى إنفصال الجنوب كان يمكن أن يتم بدون جرائم الحرب التي إرتكبت بإسمنا هناك

و أن إقتصاد السودان كان يمكن أن يخطط له بصورة أفضل من الإعتماد الغبي على بترول الجنوب

و أننا نلنا كفايتنا من الفساد المالي و القهر السياسي و العشوائية في إدارة الدولة

و أنه في شمال السودان لا زالت هناك أعداد غفيرة لها خصوصيتها الثقافية و تعاني التهميش الإقتصادي و الثقافي

و أن طريقتكم الرعناء في إدارة هذه المسائل مجربة !

إنفصال الجنوب لا يعني أن يصبح الشمال تلقائياً جنة للمهووسين و الفاشيين و العنصريين

سيظل في الشمال و من الشماليين من يرغبون في الحرية و يرفضون القغر الثقافي و الديني

و المعركة طويلة و ستستمر

أما الان .. و حتى لا يتحول الإنفصال إلي حدث مأساوي :

يجب منح الجنوبيين الذين عاشوا في الشمال و أصبحوا جزءاً من نسيجه الإجتماعي و يرغبون في البقاء فيه جنسية الشمال

بدلاً من ان يصبحوا أهدافاً لفش غبائن الفشل السياسي للمجموعة الحاكمة ضيقة الأفق

........

طلعت إزيك

راجع إيميلك

تحياتي

---

أمين ... تسلم يابا

Quote: إنفصال الجنوب لا يعني أن يصبح الشمال تلقائياً جنة للمهووسين و الفاشيين و العنصريين

كلامك كلوووو سمح, لكن المقتبس أعلاه هو الأسمح والأحسم
والضيي الجاي بمنعة.

مشتاقين ... أيها الفتى الخلوق الفاهم النبيل.

واصل ياخ ... فأنت وجيلك ممن يقيمون الفرق بين
مضاداتنا التاريخية الرتيبة... ليكون السودان
أفضل.

وتقبل تقديري

الأستاذ حيدر

تحياتي وودي

تشكر على المرور

علينا أن نفيق من حالة رده الفعل هذه ... و كلما أسرعنا بذلك كان أفضل

يجب علينا الإقرار بالأخطأ و الجرائم التي إرتكبناها كشعب في حق الجنوبيين ، و الإعتذار عنها بكل شجاعة ... لكن لا يجب أن نظل أسيرين لحالة جلد ذات أبدية

هناك 30 مليون هم سكان السودان الشمالي ينتظرون بعد من يحقق لهم الرفاهية و النماء ...

ينتظرون من يقدر على إدارة تنوعهم و يحفظ كرامتهم

ينتظرون من يحقق التنمية الإقتصادية بالموارد التي أصبحت أكثر شحاً

ينتظرون من يحفظ لهم حرياتهم

ينتظرون من يقلل معدلات البطالة و الفقر و الأمراض

ينتظرون قادة متجاوزين ، متأقلمين مع الوضع الجديد ، و ليس نخبة تستمر في حالة الحداد الأبدي على الإنفصال