قصــــــة مظـاهــــرتين..!

قصــــــة مظـاهــــرتين..!


08-31-2006, 05:48 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=323&msg=1193493979&rn=0


Post: #1
Title: قصــــــة مظـاهــــرتين..!
Author: Nazar Yousif
Date: 08-31-2006, 05:48 PM

الخرطوم نهار أمس

قصــــــة مظـاهــــرتين..!


تقرير:شبارقة- عوض

لم تكن المسافة بين صحيفة «الرأي العام» وساحة الشهداء تستغرق اكثر من خمس دقائق بالمواصلات الا ان ذات المسافة استغرقت بالامس ما يزيد عن الساعة بعد ان اكتظت الشوارع المؤدية الى وسط الخرطوم بمئات السيارات والمارة الذين توجهوا للمشاركة في التظاهرتين اللتين شهدتهما العاصمة بالامس في سابقة نادرة الحدوث!.



فالمسيرة الاولى والتي بدا واضحا حسن الاعداد لها و«الحشد لها» في رواية اخرى من المؤتمر الوطني كانت ضد دخول القوات الدولية بينما كانت المسيرة او التظاهرة الثانية والتي تسيرها الاحزاب السياسية والتنظيمات النقابية المعارضة ضد الزيادات الاخيرة على السكر والبنزين والجازولين فيما البعض من الذين استطلعتهم «الرأي العام» مع التظاهرتين- اي ضد القوات وضد الزيادات- كذلك البطء الذي تسير به الحافلة الى ساحة الشهداء جعل الركاب يتحدثون عن المظاهرتين والتعطيل الذي حدث لهم بسببهما!.

وكان رأيهم لا الحكومة بمقدورها ان ترفض القوات الدولية الى الابد مع استمرار تدهور الاوضاع في دارفور ولا المعارضة بامكانها ان تسقط الزيادات وتحقق بذلك هدفا في مرمى المؤتمر الوطني الذي حزم الاخذ بالزيادات الى نهاية الطريق والتي اقرها مجلس الوزراء أخيراً!.

سلحفائية

السلحفانية التي كانت تتحرك بها الحافلة لم تفلح في اصابة الركاب بالملل لحيوية النقاش الدائر فيها وبساطته سألنا رجلاً في الخمسين من عمره كان يجلس الى جوارنا اذا توقفت الحافلة الآن ففي اي المسيرتين ستشارك؟ اجاب بنصف ابتسامة: في الحالتين انا ضايع؟.

وصلت الحافلة اخيراً الى حيث توجد المظاهرة الاولى حيث امتلأت الساحة على سعتها بالرافضين للقوات الدولية بصوت عال وللزيادات كذلك بصوت اقل علواً الا ان من قام بتنظيم هذه المسيرة الكبرى ارادوها رفضا للتدخل الدولي فقط.

الدبابون وعشرات اللافتات الرافضة للتدخل تغطي الساحة خاصة تلك التي رفعها الاتحاد الوطني للشباب السوداني يتوعد فيها امريكا بالموت ان هي اقدمت للدخول حيث ستدفن في مقابل دارفور طبقا للافتة اخرى تحمل اسم الاتحاد كذلك!.

عاد هتاف اوائل التسعينات من جديد وكان الطاغية الامريكان ليكم تدربنا ولن نذل ولن نهان ولن نطيع الامريكان، والموت لامريكا ودارفور مقبرة للغزاة وحزب الله في السودان ولن تحكمنا السي آي ايه وما الى ذلك من الهتافات الصدامية حيث كان الحشد الجماهيري كبيراً فاق الوصف وطبقاً لمواطنين استطلعتهم «الرأي العام» قالوا ان هذه هي اكبر مسيرة رأوها وشاركوا فيها ضد التدخل الدولي وقد كان المشاركون كثيرين بالفعل فقد حضرت نقابات العمال وامامهم الاتحاد العام لنقابات عمال السودان والمحليات المختلفة وعدد من طلاب المدارس التي تم انتقاؤها لتشارك في المسيرة واكثر من ست سرايا من المجندين الذين اطلق عليهم الدبابون وهم يعصبون رؤوسهم بالعصابات الحمراء وشارك اتحاد الطلاب الجنوبيين والاتحاد العام للطلاب السودانيين وممثلو الاحزاب في حكومة الوحدة الوطنية وقوات الدفاع الشعبي، وامتلأ الشارع المطل على القصور من جنباته الثلاثة حتى ان المسيرة كان اولها في الامم المتحدة واخرها عند ساحة الشهداء.. ويبدو ان لجنة المقاومة الوطنية اعدت المكان جيداً فقد كانت هنالك اماكن للجلوس ومياه للشرب كما سهلت عملية الترحيل للمشاركين في المسيرة.

والمسيرة التي تم الحشد لها منذ الصباح الباكر ادت الى خلق وجه آخر للخرطوم من تعديل مسارات بعض وسائل المواصلات وتكدس العربات في الشوارع الجانبية.. واختار بعض المواطنين ان يكملوا الطريق الى وسط البلد سيراً على الاقدام كما اثرت على حركة الكباري في اتجاه بحري وامدرمان وتفرغ اغلب المواطنين للمشاركة في هذه المسيرة وكان الجو العام قصائد حماسية وغناء الحكامات وغناء حماسياً وهتافات تتعالى مع صعود المتحدثين الى المنصة مما الهب مشاعر المواطنين وخلق حالة هستيرية مع الشعارات والهتافات.. وما يجدر ذكره ان المرأة كانت مشاركة بشكل كبير كما تمت تغطية الحدث اعلاميا من الصحافة والاذاعة والتلفزيون وقناة الجزيرة.. عموما كان من الواضح ان جهدا كبيرا بذل في التعبئة لانجاح هذه التظاهرة والتنظيم لها وضمن المتظاهرون رفضهم القاطع للقوات الدولية في مذكرة تم تسليمها للامم المتحدة حيث لم ينقطع سيل المتظاهرين حتى لحظة تسليم المذكرة وانفضاض المجتمعين وعبر المواطنون عن مشاعر غريبة انتباتهم اثناء الحديث مما هيج مشاعرهم وألهب عاطفتهم.

المظاهرة الثانية

ساعة ونصف الساعة او تزيد كانت الفاصل بين نهاية التظاهرة الاولى الرافضة للقوات والاخرى الرافضة للزيادات التقينا فيها «بشله» من الاصدقاء يدرسون في الصف الثاني الثانوي بمدرسة الحارة الثامنة بالثورة جاءوا للمشاركة في مظاهرة رفض القوات حيث وفر لهم المؤتمر الوطني - حسب حديثهم وسائل النقل منذ وقت مبكر من صباح امس وان وجدوا انفسهم «يتسكعون» في السوق العربي بعد نهاية المسيرة حيث لم يجدوا عربة تقلهم الى الثورة التي اصبحت تذكره مواصلاتها بعد الزيادات الاخيرة «800» جنيه لم تكن مع ثلاثة منهم لان جميعهم يعطون مصاريف في اليوم «1500» جنيه لم تزدد مع الزيادات الاخيرة.

سألنا احد الطلاب ويدعى بكري ازهري اي المظاهرات ترى بانها جديرة بالمشاركة فيها! قال بدون تلجلج: مسيرة رفض القوات الدولية الا ان بعض اصدقائه كان لهم رأي آخر حيث رأوا انهم كطلاب يتأثرون بالزيادات اكثر من دخول القوات ومضوا يتحدثون بان بعض زملائهم مع دخول القوات الدولية لذلك «زوغوا» من المظاهرة الرافضة لها جميع الطلاب لم يكن لديهم مانع في المظاهرة ضد الزيادات بنفس القدر الذي شاركوا فيه ضد دخول القوات وانسحب هذا الرأي على الكثير ممن استطلعناهم.

الا ان بكري ورفاقه ما كانوا يعلمون بان الفرق جد كبير بين مظاهرتهم المرضي عنها والاخرى المغضوب عليها، بل ان بعض الرافضين للقوات الدولية عندما حدثتهم انفسهم بالتوجه نحو السفارة الامريكية لم «تتوان» الشرطة في ضربهم.

سكوت تام

سكوت تام في السوق العربي في تمام الساعة الواحدة ظهرا اتضح فيها بعد ان السكوت الذي يسبق العاصفة خاصة وان العديد من التقارير الصحفية كانت تتحدث عن احكام القوى المعارضة كافة لاستعداداتها للخروج في المسيرة السليمة عند الساعة الواحدة والنصف من ظهر امس لتسلم مذكرة اضافية لرئيس الجمهورية تطالب فيها بالالغاء الفوري للزيادات التي اعلنها أخيراً وزير المالية على اسعار المحروقات والسكر.

الوجود الشرطي الكبير على امتداد شوارع الخرطوم اعاد الى الاذهان صورة تواجدها في اعقاب مقتل د. جون قرنق وان تأخرت هناك قليلا الا انها قد بكرت كثيرا امس فما ان تجمع بضع عشرات ممن كانوا بصدد التظاهر ضد زيادة الاسعار حتى طوقتهم الشرطة وخاطبهم نقيب شرطة طالباً من المتجمعين عندها والمتظاهرين فيما بعد الذهاب الى حال سبيلهم وعدم التجمع او اثارة شغب.

الا ان الرد لم يكن كما يشتهي النقيب شرطة «الذي تحدث عبر ميكرفون للمجتمعين حيث ردد الحضور النوعي القليل والمعبئين اصلا بالزيادات واستفزازات د. نافع علي نافع بعدم قدرتهم على الخروج او التظاهر بعد ان تحداهم في تحريك الشارع حيث ارادوا ان يثبتوا عكس ذلك وهو الامر الذي نجحوا فيه الى حد كبير حسب كثير من المراقبين فبينما كان النقيب يتحدث تصاعد الهتاف عاش نضال الشعب السوداني و «تجار الدين غلوا البنزين» وهو الهتاف الذي «كان وقعه قاسيا وقوبل برد فعل اقل ما يوصف به بانه قاسٍ حيث ضربت الشرطة بيد من حديد لم تفرق بين مسالم ومتظاهر!.

مشاهد وملاحظات

- من المشاهد الجديرة بالنقل ان ضابط الشرطة برتبة اللواء قد قام باطلاق سراح الفتيات اللاتي اعتقلتهن قوات الشرطة قبل اخذهن الى «الحراسات».

- لم يستطع الصحافيون ان يتعاملوا مع الحضور من المتظاهرين لان الشرطة هاجمتهم مبكراً وقبل ان تبدأ مراسم المسيرة ويكتمل عددها.

- تعرضت السيدة مريم الصادق التي كانت تحاول تصوير الاحداث عبر جهاز الموبايل الخاص بها لاعتراض من الشرطة التي ردته لها لاحقا وسط صيحات وهتافات شباب الامة.

- بعد ما يقارب الساعتين بدأت الامور في وسط الخرطوم ومنطقة السوق العربي تعود لطبيعتها حيث بدأت النسوة اللائي فرقهن رجال الشرطة بغازاتهم المسيلة للدموع «لفرش» بضائعهم مجددا في السوق العربي تركت احداهن تبيع الطواقي التي كسدت بالامس.

وفي جامعة الخرطوم والتي خرج طلابها في مسيرة آخرى او حاولوا ذلك إلا ان الشرطة كانت هناك تسمع بعد ذلك عن اندياح تلك التظاهرات بجامعة جوبا ببحري وفي الشهداء بامدرمان!.

- لم يكن بالامكان الاقتراب اكثر من جامعة الخرطوم التي طوقت بالكامل بالشرطة حيث افسدت رائحة «البمبان» المكان وفيما كنا ننظر امام مسجد الجامعة آثار الصدام الذي حدث بين الشرطة والطلاب في شارع الجامعة الذي امتلأ بالزجاج المكسر والحجارة ادرنا ظهرنا الى الخلف لنقرأ لافتة كتب عليها ..اتحاد طلاب ولاية الخرطوم الطلاب وقود المعركة القادمة!.



http://www.rayaam.net/news/tag5.htm