مزامير الإحباط الأخير أو "ترويض الفيلة"

مزامير الإحباط الأخير أو "ترويض الفيلة"


03-09-2011, 02:09 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=320&msg=1299632969&rn=0


Post: #1
Title: مزامير الإحباط الأخير أو "ترويض الفيلة"
Author: عماد البليك
Date: 03-09-2011, 02:09 AM


(قُل هل نُنبِّئكُم بالأخْسَرينَ أعمالاً * الّذينَ ضَلَّ سَعيهُم في الحياةِ الدُّنيا وهُم يَحسَبونَ أنّهم يحسنونَ صنعاً). ( الكهف / 103 ـ 104 )
(وإذا قيلَ لَهم لا تُفسِدوا في الأرضِ قالوا إنّما نحنُ مُصْلحِون * ألاَ إنّهم هُم المُفسدونَ ولكن لا يَشعُرون). ( البقرة / 11 ـ 12 )

(1)

غريب هو الإنسان، كيمياء نادرة مصاغة من الغيب.. مجهول.. آثر.. مثلج بالخوف وأحيانا بالرهق المثير.. كائن لا حياة له إلا في حدود المجسد.. الجسد الغارق في محيطه.. عجيب هو الإنسان لأنه يتلهى بالإثارة دون أن يكتشف حدوها.. يقول قولته وهو شرير الروح فيظن أن الإيمان قد عبأ القلب.. ويرسم خلجات هواجسه في كل موقعة.. ثم يخرج منها مضرجا بالشفقة.. إن لم تشفق عليّ فسوف أزاحم طيفك أيها العنيد الذي يتلهى بتفاصيل أضغاثي. سوف أجرك إلى مجاميع البحار النازقة.. علك تمطس خيالاتك ثم تتهجأ موتك.. ثم تكون أنت ما يسر الغربان في مواسم جسارتها المتأخرة.. قبل أن يكون المكان منعوتا بصفات المحق (يمحق الله ما يشاء)، والزمان آنية مخزفة بالوعود، والشراهة بئر يغرق فيها المثلجون بالانتصار على الهيّن.. وبعدها يطوّف المقام بسدرة الفقد، فيلهج الشكر في مقابل الجهر المسيء للذات.

Post: #2
Title: Re: مزامير الإحباط الأخير أو "ترويض الفيلة"
Author: عماد البليك
Date: 03-09-2011, 02:18 AM
Parent: #1

(2)
ويسأل الإنسان عن سر الباب الذي يكرّ مزلاجه في الليالي.. ثم يرسل حبال هناته على رمق المسغبة.. ويئن بشوكات المراجيح.. ثم يقلق من يقلق من مساجلي الهجس.. ثم يدور .. فلا ترى في جرابه إلا غليونات هي المساحيق البائرة في "ماركتات" الجنس المعلن سلفا في مسافة لا تفصل إلا بين الممنوع والمرغوب.. ويكون حاضر تلك الهنيهة.. جهرا.. لا يسر به إلا الموعود بالخديعة.. فيظن أغلب الظن ثم يرهف السمع.. فهل سيسمع هسهسة الأرواح التي تربت على الفتنة أم يداعب أشواقه الملعونة.. أم يرعى أباليس البرهة، فلا يعود يرى سوى الجهر بالسوء..

Post: #3
Title: Re: مزامير الإحباط الأخير أو "ترويض الفيلة"
Author: عماد البليك
Date: 03-09-2011, 02:26 AM
Parent: #2

(3)
الحق أقول لكم.. وقد أعلمتني اشتياقاتي بالكوة التي هي في أسفل ذلك الموعد.. أن جبار السماوات قد ألقى ثقله على الرمل.. وأطل من بين لهيب النرجس ثلة من العميان .. وهم يمشون على بلاط منعوت بالخفة.. يجامعون أطيافهم ولا يرون الرحمة في أي حجر.. وبعد أن تغلي الأرض وتفتك السماء بالشياطين.. يكون يوم رجمهم الكبير.. لا والد يشفع عن ولده.. أو قسطاس يتعذب بقدر عذاباتي.. وبعد أن تفيض البراكين حمما.. ويكون الكوكب المشغول بالأنسنة قد أراح ظله في ناصية المشاجرة.. ويكون المنعمون قد كشفوا عن نعمهم.. ويكون البين بيّن لا خنق فيه.. يأتي المرجفون من كل حدب وصوب.. وهم أذلة .. ويفتنون الناس بالغلواء.. ثم تأتي الدهمة الكبرى.. ولا بعد.

Post: #4
Title: Re: مزامير الإحباط الأخير أو "ترويض الفيلة"
Author: عماد البليك
Date: 03-09-2011, 02:32 AM
Parent: #3

(4)
ثم يأتي زمان فيه يفتن كل بائع هوى وكل مأجور.. وتخرج الحية من الأرض الصلبة ومن تحت عروش البهائم في زرائبها.. وأغلب الحماقة أن الباقين من أصدقاء الرجفة سوف يعمدون إلى التضليل وبعضهم يرتبك حماقات ودناءات.. ويتشرد الخوف عن قيعان حناجرهم.. ثم ترن أصواتهم في بهامة النهار.. فلا مرآة إلا ووتتنفس هلامات من رسومهم.. ولا جزع دومة إلا ويرقد أسلفه واحد منهم.. ثم يأتي كبير قومهم محمولا على قفة من النحاس.. فلا ترى إلا رأسه وقد أطل وباقي جسده مشروخ مقطع الأطراف.. ثم تبكى النساء وتجور الرجال.. وتعوي الحمير.. وتنهق الودادة قبل أن يشرق قمر مغسول بدموع الأطفال في رياض أحبارهم المدلقة في أحواش من فساتين الرحمة.

Post: #5
Title: Re: مزامير الإحباط الأخير أو "ترويض الفيلة"
Author: عماد البليك
Date: 03-09-2011, 02:42 AM
Parent: #4

(5)
وفي يوم الفزعة، وفي الميدان الأكبر، ساعة ترتص بضائع كاسدة وأدوية لا تنفع، يأتي الدجالون وهم يغمسون شرف بناتهم في شر ما فعلته أنفسهم المنكسرة.. ثم لا يأتي معهم إلا المفزوع الأكبر، وهو يجر خيباته، ويطلق أنامله طويلة تتلظى بالأوهام، حتى ليحار الديك أي فجر سيؤذن له.. فقد تباعد النجم عن النجم.. و"توم" عن "جيري".. وجاءت نسوة من أقصى المزلجان يتوكلن على ربهن وهن خالسات الملمسة.. في بؤبؤاتهن شراشف من شغف.. يشاورن شؤونهن بمكناس من ذهب.. حتى إذا فض فوه أحداهن قالت: "يا أيتها السابلة، هل منكن حليمة، ترضى بأن ترقص في عرس بلا عريس؟". ثم يفيض الكيل، وترجحن المسامير في الخشب.. حتى لا يبقى باب إلا ويهتز.. ولا زجاج إلا ويترضج.. ولا كسرة إلا وتؤكل قبل أن تتهاوى سقوف المسكنة.

Post: #6
Title: Re: مزامير الإحباط الأخير أو "ترويض الفيلة"
Author: عماد البليك
Date: 03-09-2011, 02:55 AM
Parent: #5


last

(6)
وسار سائرون إلى أقصى ما يقدرون على تحمله من وجع، فإذا بهم في بيض يفقسون.. ثم يخرجون كأنهم فيلة لا حول لها ولا خراطيم.. ثم يشقى من يشقى.. ويرغي من يزبد رغيهم لا يسمن ولا يلامس أطراف مواعينهم المطنجرة في نوافير اللهب.. قل أعوذ بهم فهم فتية لا يؤمنون.. قل أعوذ بهم أشرارا لا يبخسون إلا من أحسن صنعا.. ضل ما يهبلون.. ومسكتهم اللذة الخائبة إلى نهار فيه يساقون إلى الويلات لا ينفعهم إلا ما طبلوا به إلا ساعة يخرج النهر عن البر.. وتزعق الشمس في ليل كأنه لا يحزن.. وحينذك يداس كل حسّاب لنفسه رجسا..

Post: #7
Title: Re: مزامير الإحباط الأخير أو "ترويض الفيلة"
Author: عماد البليك
Date: 03-11-2011, 11:26 PM
Parent: #6

$