من أحفاد (المهدي) إلى أحفاد (عمر المختار) !

من أحفاد (المهدي) إلى أحفاد (عمر المختار) !


02-21-2011, 11:38 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=320&msg=1298327928&rn=0


Post: #1
Title: من أحفاد (المهدي) إلى أحفاد (عمر المختار) !
Author: خالد عويس
Date: 02-21-2011, 11:38 PM

من أحفاد (المهدي) إلى أحفاد (عمر المختار) !
خالد عويس
روائي وصحافي سوداني
[email protected]
للطغاة العرب وجهٌ واحدٌ كالح. ولهم الإحساس ذاته بعظم شأنهم واحتقار الناس. ولهم الشعور نفسه بأنهم أنصاف آلهة. والأسوأ من ذلك أنهم يرددون - كالببغاوات – الأكاذيب ذاتها والهراء نفسه: ليبيا ليست مثل مصر وتونس !
كذب وصدق الفيلسوف الصغير، سيف الإسلام القذافي في ذلك. كذب لأن طبيعة الاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان وامتهان الكرامة وهضم الحقوق لا تختلف. وصدق لأن نظامي زين العابدين بن علي وحسني مبارك لم يستخدما القذائف المضادة للطائرات ولا القذائف المضادة للدبابات لجعل جموع شعبيهما كتلاً ممزعة من اللحم المدمّى، ولا قصفا المتظاهرين بالطائرات الحربية !
ما يحدث في ليبيا هذه الأيام، ويتابعه الجميع عبر شاشات التلفزيون يجلُّ عن الوصف. حتى الهر أدولف هتلر لم يُقدم على اقتراف مثل هذه الجرائم المنكرة التي يقشعر لها المرء.
النظام الليبي، شأنه شأن عدد من الأنظمة الأخرى في المنطقة، لم يعِ الدرسين التونسي والمصري، أن إرادة الشعوب فوق منطق القوة، وأن القوة الجماهيرية الناعمة بوسعها تحطيم أقوى الأجهزة الأمنية، وأن الاستبداد مهما طال أمده فإنه لا يطفئ جذوة الحرية المتأصلة في الإنسان بطبعه. أنظمة المنطقة لا تريد أن تعي أن ما حدث في تونس كان زلزالاً بكل ما تعنيه الكلمة، وأن هذا الزلزال لن يوفر أحداً. أنظمةٌ عدة لوّحت بإصلاحات عاجلة بل وشرعت فيها، لكن هذا لا يجدي. الشعوب تريد ديمقراطية كاملة الدسم. الشعوب ملّت هذه الوجوه الكالحة المسمّرة على كراسي السلطة طيلة عقود. الشعوب ملّت من الإهانات اليومية وتمريغ كرامتها في الأرض. الشعوب لم تأتِ من فراغ كما يتصوّر الحاكمون، لها تاريخٌ حافل تستلهمه، وحولها عالم فسيح تعيش شعوبه وفق إرادتها الحرة.
الشعب الليبي شعبٌ عظيم، كيف لا والعالم بأسره يعرف كيف ثار الشيخ عمر المختار ودوّخ الإيطاليين لسنوات قبل أن يُعتقل ويسطّر مجداً لشعبه عبر موته الفريد مرفوع الرأس. شعبٌ كهذا لا يمكن أن يتجاهل تاريخه. الشعب الليبي شعبٌ عظيم، كيف لا وهو الذي أنجب واحداً من أعظم المفكرين هو الصادق النيهوم، وواحدا من عباقرة الرواية العالمية هو إبراهيم الكوني.
الشعب الليبي شعبٌ عظيم، كيف لا وهو قدم خلال أيام فقط أكثر من 500 شهيد، ويواجه بطشاً من نوعٍ غريب في ظل صمتٍ مخجل وخزٍ من قبل الأسرة الدولية بل وحتى القوى السياسية والمجتمعية في المنطقة.
الشعب الليبي يقدم اليوم درساً عظيماً في الصمود والإرادة، إرادة شعب يعرف شراسة خصمه وعنفه المفرط غير المسبوق.
الشعب الليبي استلهم جيداً - على عكس النظام – درسي تونس ومصر، أن أجهزة البطش والإرعاب ما هي إلا نمور من ورق، وما هي إلا ساعات صمود في الشارع حتى تتبخر وتلوذ بالفرار لتدع الطاغية عارياً كما ولدته أمه. وطاغية ليبيا يدخل اليوم التاريخ من أوسع أبوابه كواحد من عتاة الطغاة وأكثرهم دموية وعنفاً في تاريخ العالم بأسره.
إننا الآن نشهد عصر شعوب المنطقة. فبعد عقود من الانقلابات العسكرية والمغامرات المجنونة وتركيع الشعوب، تثور الشعوب لا للجوع ولا للفقر، وإنما من أجل الكرامة فقط. يبزغ الآن عهد جديد، سيعيد تشكيل المنطقة بأسرها على أسس الحرية والكرامة.
وإنني لأتوجه إلى الفاعليات السودانية كافة، القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والمثقفين، والصحافيين، بإدانة وشجب العنف البالغ الذي يمارسه نظام العقيد القذافي بحق شعبه. إنني أناشد ضمائرهم، وأناشد عقولهم من أجل ألّا نكتفي بالصمت. هؤلاء هم جيراننا. نرتبط معهم بتاريخٍ مشترك، ومصير مشترك، وواجبٌ علينا أن نؤازرهم في ملحمتهم الرائعة من أجل الحرية والكرامة، هذا إن لم تتداعَ القوى الحية في السودان إلى وقفة احتجاجية أمام السفارة الليبية في الخرطوم بأسرع ما تيّسر، وإن لم نشحذ الهمم من أجل تقديم أبسط المعينات الطبية عبر مجهود شعبي من أجل آلاف الجرحى الذين يئنون في مستشفيات بنغازي والبيضاء وغيرها من مدن ليبيا.
إنه عصر الشعوب الحية لا الحكومات المستبدة التي ينصر بعضها بعضاً، فلنهب جميعاً لنصرة الشعب الليبي حتى ولو بأضعف الإيمان، الإدانة الصارمة لجرائم نظام القذافي بحق شعبه.
رحمة الله على شهداء الثورة الليبية العظيمة.
ولينصر الله ثوار ليبيا، الذين رسّخوا مع ثوار تونس ومصر فكرة الكرامة في هذه المنطقة التي كانت تشكو الموت والفساد والاستبداد والمهانة على مدى عقود.
إنهم عبأونا بطاقات الأمل في رؤية المنطقة كلها حرةً وديمقراطية. وولدوا فينا إرادة جديدة بأن أحفاد الثورة السودانية الأولى (الإمام المهدي)، وأخلاف ثورتي أكتوبر وأبريل سيسطرون ملحمةً رابعة من أجل وطن حر كريم ديمقراطي.