الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر

الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر


02-20-2011, 05:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=320&msg=1298218807&rn=0


Post: #1
Title: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: فضيلي جماع
Date: 02-20-2011, 05:20 PM


الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
(إلى أرواح شهداء معسكر العيلفون)
(1)
ما الذي يجعل النّيلََ حرباءَ
تخلعُ لوناً وتلبسُ لوْن ؟
وقد شدّ أوصالَه كالمصارع..
بعثر أمواجَه في الضِّفافِ
وأشهر سيفَ المنونْ !
كان يرغِي ويزبدُ
يعلو ويهبُطُ
ثم استدار على بعضه
يلفظ الطمْيَ
يبحث عن صيدِه في جنونْ !
والقُرى والبيادرُ
تحلمُ بالخير والرِّزق
والطيّبون على ضفتيْهِ اطمأنوّا
فقد طالما كان يُعطي ويجزلُ
دون انتظار الثناءْ
ولكنّه اليومَ جاعَ
وقد يأكلُ النِّيلُ أبناءه إذ يجوع !

(2)
وفي ضفّة النّيل في العيلفون..
أطلّ النخيلُ بأعناقهِ
وشْوشَ السعْفُ للسعفِ
ناحت على البعد "قُمْريّةٌ"
ثم ران السكون !
ودبّت على الأرض
رائحةُ الخوفِ
طارت إلى الوكناتِ الطيور
تخلّى عن الضفّة السمبر، الرّهو،
حت الأوز الذي كان في النهر..
أقلع للبرِّ !
إنّ السكون الذي ران في الكون..
ليس السكون !
وثمة شيء يدبُّ على الأرض
يزحف في الموج
ينفث رائحة الموت
شيء تراه القلوبُ
وتعجز كيما تراه العيون !
والإوز الذي كان في النهر أقلع للبرِّ !
إنّ الطبيعةَ تكشفُ أسرارها للطيورِ
وتفتح أغوارها للدواب
وتنبئُهُم أنّ شيئاً يدبُّ على الأرض ..
ينفث ريحَ الخرابْ !!
(2)
..وفي النقطة الصِّفر
بين انتباهة عينٍ وغمضةِ عينْ
تنادوا إلى لُجّة الماءِ
ألقوا بأجسامِهم في العُباب!
إذْ ربّما يمنح النّهر حرّية
ربما يكسرُ القيدَ والأسْر
كان المعسكرُ ذلاً وقهرْ
وكان المعسكر
وصمةَ عارٍ على العيلفون!
لأنّ المعسكر كان المزيجَ
من الهذيان ..
وحبل الغسيل الذي
أرهقته العيوب !
فقد كان ينسج ثوْبَ المنية
للقادمين إليه..
يجهِّزُ أكفانَهم في الشّمالِ
ليدفنَهم في الجنوبْ !
تنادوا إلى النّهر
والنّهر أرغى وأزْبدَ
كشّر عن نابه واكفهرْ
هنا الموجُ يعلو
وفي الخلْف دوّى الرُّصاصُ
وأحْلى الخياريْنِ مُرْ !
امتطى البعض
زورق صيد على الشطّ
والبعضُ لاذ إلى جذع سنطٍ قديمْ..
طفا..ثم غاص بهم
في العميق !
كان السبيلُ الوحيد..
إلى الإنعتاقِ هو النّهر
والنهرُ جاع
وقد يأكلُ النّهر أبناءه إذ يجوعْ !
(3)
وهاج المعسكرُ
دوّى الرّصاصُ ال########
رصاصٌ يلعْلِعُ
دنّس طُهْرَ المكانْ
رصاصٌ تساقط مثل المطرْ
شواظٌ كفعلِ الجحيمِ انهمرْ
رصاص..جحيم ..
قضاء أمرْ
أتى من جميع الزوايا
من البرِّ جاء
من الماء جاء
تسلل عبر فروع الشجرْ !
وهاج المكانْ
مطر من دخانْ
مطرٌ في حشاه المنونْ
مطر في القفا والجبينْ
مطر من رصاص الزنادقة الملتحين !
وضعت أمّنا الأرضُ أوزارَها
ليس في ضفة النّهرِ..
معركة بين جندٍ وجند
ولكنّ في العيلفون
رصاصاً يمزّق صمت الأصيل
وساعةَ نحسٍ تقول :
هنا قاتلٌ..
يتعقّبُ خطوَ القتيلْ !!

(4)
..وفي عتمةِ اللّيل
والنِّيلُ أغْفَى
ورانَ على الضفّتين السكون
مشى النهرُ هوناً
سرت نسمةٌ في المكان
ودبّ وراء السحابِ القمرْ
رأى وجهَه في العُبابِ خجولاً
تُرَى هل مضى زمنُ الشِّعْرِِ
والقمرِِ العسجدي ؟
ويا ليلُ..
أين الحبيبُ الذي
يشتكيك الجوى والغرام؟
وأين المُغنّي الذي
أطربَ الحيَّ؟
وانداح تحنانُه
بين شمبات وابْ روف؟
...................
يا ليلْ أبقالي شاهدْ
على نار..
شوقي وجنوني *
..................
كان ليلُك يا ليلُ
كلََّ المُنَى والسلامْ
وكانت بدورُكَ
كانت نجومُكَ
تضحكُ ،
تنعس ،
تسقط في النهر
والنّهر يغدق آلاءه
ينثر الخيْرَ
والحُبَّ للعالمين !
ويا ليْلُ هل ضاق صدرُكَ
بالجُثَثِ الطافحاتِ على النهر ؟
يا ليل كُنْ شاهداً
أنّ ذاك الزمان الجميل مضى
وأنّ البرابرةَ الملتحين أتوا
من عيوبِ الزّمان الجميل
أتوا من ثقوبِ النوايا
ومن صُلْبِ ذاك الزمان الجميل !
ويا ليل كن شاهداً..
أنّ عصر البرابرة الملتحين سيمضي !
وأنّ الورودَ ستنبُتُ..
حمراءَ في ضفّةِ العيلفون!
---------------------------

* شاعر الحقيبة/أبوصلاح
لندن - القاهرة 1999م

Post: #2
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: Nazar Yousif
Date: 02-20-2011, 05:31 PM
Parent: #1

شكراأستاذ فضيلى
وأنت ترتق الذاكرة المثقوبة .

Post: #5
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: فضيلي جماع
Date: 02-20-2011, 06:46 PM
Parent: #2

شكرا أخي نزار يوسف..ثق أن ذاكرة شعبنا بخير.

Post: #3
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: ياسر السر
Date: 02-20-2011, 05:44 PM
Parent: #1

مأساة عظيمة كنا من الشاهدين عليها يا أستاذ فضيلي ونسأل الله ان يتقبل كل شهداء معسكر العيلفون ، فقد كان النهر بطفح بالضحايا وبالدماء الغانية ،،، وأحداث نسال الله أن لا تتكرر لأن ما رأيناه كفيل في ان يزرع الحزن فينا مدى الدهر ..




تقبل ودي وإحترامي
ياسر العيلفون

Post: #4
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: احمد الامين احمد
Date: 02-20-2011, 06:32 PM
Parent: #3

Quote: وفي ضفّة النّيل في العيلفون..
أطلّ النخيلُ بأعناقهِ
وشْوشَ السعْفُ للسعفِ
ناحت على البعد "قُمْريّةٌ"
ثم ران السكون !
ودبّت على الأرض
رائحةُ الخوفِ
طارت إلى الوكناتِ الطيور
تخلّى عن الضفّة السمبر، الرّهو،
حت الأوز الذي كان في النهر..
أقلع للبرِّ !
إنّ السكون الذي ران في الكون..
ليس السكون !
وثمة شيء يدبُّ على الأرض
يزحف في الموج
...
بين تأريخ كتابة القصيدة وخروج فضيلى عن أرض عزة كرها وجسدا وليس طوعا ووجدانا بين التأريخين يرقد عقد من الزمان وهو فترة طويلة جدا فى ذاكرة الإنسان تنمحى خلالها الذاكرة وتتبدل الهموم وروائح الطعام ومذاقات الاشياء عموما لكن كاذب من يقول أن الفنان الحقيقىخارج وطنه تتبدل ذاكرته وينسى أرضه وملحها وناسها يقول التركى ناظم حكمت :
وضع الشاعر فى الجنه
فقل أه وطنى
وقبله قال أمير الشعراء :
وطنى لوشغلت بالخلد عنه
لنازعتنى إليه فى الخلد نفسى
وقبلهما قال سيدى وشفيعى وهو مهاجرا من ام القرى صوب يثرب حيث النخيل وسقف السماء إلذى يقارب الارض هناك قال مخاطبا بكة "إنك لأاحب أرض الله الى ووالله لو لا أن أخرجنى قومى لما خرجت " لكن هذه طبيعة الحياة وضريبة الحرية والشرف والكرامة ...
الايرلندى جيمس جويس وهو فى سويسرة منفيا من دبلن حيث التاريخ الايرلندى متجمد ومشلول بفعل التأويل الخاطى للانجيل مثل " تأويل شيخهم الترابى لمصحفنا الشريف " ذكر أنه يتعامل بصفة يومية مع أحداث دبلن عبر صحف وطنه التى يحملها إليه البريد لذا ظل يتابع تفاصيل الحياة لشعبه حتى صهر ذلك فى Dublinners/ Aprtrait of the Artist as a Youngman / Ulysses وغير ذلك ...
فضيلى كشاعر ذكر فى حوار ربما فى عودته الثانية لوطنه أن تلك الغربة المضنية مكنته من رؤية تفاصيل الحياة اليومية لشعبة بدقة اكثر وحرية لاتجعله لايرى صغار الالهه فى السودان عراة حتى من ورقة التوت ...
ماالذى يجعل إنسان يكتب قصيدة فى مكانين القاهرة ولندن عن طلاب قضوا فى مذبحة على النيل الازرق فى معسكر للنازية اشبه بسفن العبيد التى كان يشحنها اليانكى لامريكا والغرب عموما ؟؟؟؟؟
الفصيدة / الوثيقة دلالة على حضور ومتابعة الشاعر لتفاصيل يومية فى وطنه يتجاهلها الاعلام الرسمى لكن مثلما خلد صلاح أحمد إبراهيم أحداث جودة فى " عشرون دسته من البشر " هاهو فضيلى يدفن هؤلا الشهداء فى قبر من الشعر ليظلوا أحيار فى ذاكرة امتهم الجاحدة التى تحتفى فقط بالرموز القبيحه
المفردات التى لونتها بالاخدر الزرعى للسمبر/ الرهو / القمرية وغيرهم من الطيور هى مفردات بشارة وخير وتغنى وإحتفال بالجمال وهى مخلوقات بربئة وجميلة راها فضيلى فى طفولته البكر بتلك البادية الجميلة التى إنشطرت نصفين شمالا وجنوبا رغم ان ليس للطيور خارطة او جواز سفر " حقوق العبارة محفوظة لحافظ عباس وليس مصطفى سيد احمد يابدر الدين الامير" الرهو/ الغرنوق/ السمبر/ والقمرية والوزين ..مخلوقات تتنفس حرية والق فى جل شعر ومسرح وغنا فضيلى جماع وحرى ان يفتح لها باب فى دراسة منفصلة ...

Post: #6
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: صلاح الأحمر
Date: 02-20-2011, 09:08 PM
Parent: #4

الشعر الجميل ليس له مكان غير شغاف القلب،
والنقدالأصيل يزاحم بروعته في تلك المساحة
التي لاتتسع للقبح والرداءة.


مرحى فضيلي، وعـفارم عليك ياأحمدالأمين.

لكن هل مازال هناك متسع للجمال في هذا
الزمن "المايل"؟


شكرا لكما.

Post: #8
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: فضيلي جماع
Date: 02-20-2011, 09:56 PM
Parent: #6

لكن هل مازال هناك متسع للجمال في هذا ل
الزمن "المايل"؟
شكرا لكما.

دليلي على أن هناك متسعا للجمال في عالمنا يا صديقنا صلاح الأحمر زراعتك أنت لهذا القليل المفيد. حفظك الله.

Post: #9
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: Salah Idris
Date: 02-20-2011, 11:15 PM
Parent: #6


التحية الي الشاعر الكبير فضيلي جماع , اين انت استاذ فضييلي كل كل التحية والود في هذا الزمان اللئيم . تلميذك صلاح ادريس

Post: #10
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: فضيلي جماع
Date: 02-21-2011, 04:51 AM
Parent: #9

Quote: التحية الي الشاعر الكبير فضيلي جماع , اين انت استاذ فضييلي كل كل التحية والود في هذا الزمان اللئيم .
تلميذك صلاح ادريس

يسعدني أن أطالع هذه التحية الطيبة منك في غرة صباح جديد يا صلاح. أنا يخير..وأتحسس خطاي مع الملايين التي ستصنع فجرا جديدا لهذا الوطن ‘ ويشرفني أن أكون صوتا من أصواتها.

Post: #7
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: فضيلي جماع
Date: 02-20-2011, 09:34 PM
Parent: #4


الأستاذ الأديب حقا/احمد الأمين احمد
لست كما تعلم في موقف من يكثر في الإطناب على تعليقك أو بالأحرى قراءتك النقدية الناضجة لقصيدة ( الورد ينبت في العيلفون) وإلا لردد الخبثاء ما يقوله المثل السوداني :( شكارتها دلاكتها، أمها وخالتها)! لكن دعني أقولها باختصار بأن قراءتك النقدية للقصيدة قدمتها كعادتك مترعة بالحقائق والرصد الدقيق للمعلومة. غاية شكري.

Post: #11
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: فضيلي جماع
Date: 02-21-2011, 07:35 AM
Parent: #3

Quote: ..أحداث نسال الله أن لا تتكرر لأن ما رأيناه كفيل في ان يزرع الحزن فينا مدى الدهر ..

الأخ العزيز/ ياسر السر..آمل أن تكونوا قد دونتم بعضا من فصول هذه المأساة. إن الشعوب العظيمة هي التي تسجل تاريخها
لتمنح الآتين فرصة لمطالعة مثل هذه المآسي بحيث تعرف أجيالهم القادمة ماذا يعني أن يخضع الناس للطغاة والمستبدين.

Post: #12
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: Asim Fageary
Date: 02-21-2011, 07:47 AM
Parent: #11

شكراً أستاذ فضيلي لهذا الإبداع

وحتماً سيقف النهر على قدميه ويحاكي خيول النصر
وسيدمر طغيان القهر
ويهنيء بالظفر
هذا الشعب الحر

Post: #13
Title: Re: الورْدُ ينْبُتُ في العيلفون - شعر
Author: فضيلي جماع
Date: 02-21-2011, 10:54 AM
Parent: #12


Quote: وحتماً سيقف النهر على قدميه ويحاكي خيول النصر
وسيدمر طغيان القهر

الأخ الفاضل، الأستاذ/ عاصم فقيري
لن تطول المدة أبدا على وقوف النهر على قدميه محاكيا خيول النصر كما تفضلت أنت بهذا القول.
قال الشاعر العظيم محمود درويش في قصيدة له:
لن يصب النيل في الفولقا
ولا الأردن في نهر الفرات
كل نهر وله مسرى..
ومجرى وحياة!
يا صديقي أرضنا ليست بعاقر
كل فجر وله موعده
كل أرض ولها مولد ثائر !!