أطباء في وطن غير جاذب .......... د. أحمد الأبوابي

أطباء في وطن غير جاذب .......... د. أحمد الأبوابي


01-19-2011, 06:47 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=320&msg=1295416050&rn=0


Post: #1
Title: أطباء في وطن غير جاذب .......... د. أحمد الأبوابي
Author: azz gafar
Date: 01-19-2011, 06:47 AM

صحيفة الجريدة


أطباء في وطن غير جاذب (1)..

كان أول مقال كتبته هنا ( في الجريدة) ،بعنوان ( جاذبية الوحدة ، وجاذبيةالوطن ) ، و قلت عن شعار الوحدة الجاذبة : (و ما لا يسيغ لي في تعبير الوحدة الجاذبة ، هو أنه تعبير(انفصالي)، من الأساس .. ذلك بأنه يكرس لنوع من الانفصال الوجداني، و الفكري، لدى المواطن المنتمي لجغرافية ، بعينها ، هي الجنوب ، عن سائر المواطنين المنتمين للوطن الواحد ، المسمى السودان.. فلكأنه يقوم على فرضية ، مؤداها أن الشروط اللازمة ليشعر مواطن جنوبي ، بالانتماء، لهذا البلد، بحيث، يمكنه على سبيل المثال، أن يردد نشيده الوطني من أعماق أعماقه ، هي شروط مختلفة، عن تلك الخاصة، بذلك المواطن المنتمي لغرب دارفور، مثلاً . أو أن ما يلزم لولاية كجنوب كردفان أن تحقق علاقتها المتوازنة مع ( المركز)، تلك التي تجمع بين استقلالها، و اتحادها معه في آن، يختلف عن ذلك المطلوب، لولاية بحر الغزال، على سبيل المثال.) ، وختمته مسائلاً : (السؤال الذي يجب أن يساله كل منا لنفسه، الآن .. حكاماً، و محكومين ..هو : هل هذا الوطن جاذب.. ؟؟
و هنا اود أن اقدم إجابة عن فئة لدي بها من المعرفة ما يكفي ، لأعبر عنها ..ألا وهي فئة الأطباء ... هذه الفئة التي شهدت الشهور الفائتة هجرة المئات منها ، و منهم من ينتظر .. بل جلهم ينتظر ، بما فقدوا من الأمل في إمكانية إصلاح الواقع المحيط بهم .. فقد صار الأطباء مرزوئين بقطاع عام تديره وزارة عاجزة ، و منقسمة على ذاتها ، تسيطر عليها الضغائن ، و المؤامرات ، فأصبح المخدمين ، تحت رحمة أمزجة البعض من الإداريين ، و رغباتهم ، فغابت ملامح ، مفاهيم الحق ، و سادت روح الهبات ، و العطايا ، و في كل الأحوال ، يتم صرف الحقوق ، بطريقة غاية في الإذلال ، و المهانة.. و في المقابل ، فالحال في القطاع الخاص أدهى ، و أمر ، و هو واقع من الإستغلال للطبيب كبقرة لإدرار الربح ، بكل سبيل ، و هو ما يتم في الكثير من الأحيان على حساب أخلاق المهنة .. لهذا ، و لغيره فالأطباء اليوم ، يعيشون إما في حالة هجرة ، أو تحديث النفس بالهجرة .. و لقد أعجبتني عبارة بليغة قالها الاخ العزيز د.أسامة أرو ، و كنا حينها نتحدث لندوة دعينا لها من قبل جمعية حماية المسهلك .. تلك الندوة التي كانت تتحدث عن حقوق الطبيب.. قال أسامة مدخلاً ، بعد حديث افتتاحي للندوة ، من قبل الدكتورة الفاضلة درية الريس ، وشخصي، أنه إذا كان شهر يناير سيشهد حدثاً هاماً هو انفصال الجنوب ، فأن شهر يونيو 2010 ، قد شهد بالفعل ، إنفصال فئة الأطباء من هذا الوطن الواحد.. و لقد صدق .. أنا من خلال احتكاكي بقبيلة الاطباء، و المجهودات الكبيرة التي شاركتهم إياها من أجل التعبير، عن قضايانا ، و مشاكلنا ، و التوصيف لها عبر طاولات الحوار ،مع ( المسئولين ؟) ، ثم النضال من أجل الضغط على الحكومة لتعطي هذه القضايا العناية، و الإهتمام، و الاعتراف بحدتها ، و إلحاحها ، أرى أن هناك نقلة وجدانية عظيمة (سالبة طبعاً ) حصلت ما بين يوم يناير 2010 ، و يونيو من نفس العام ، أي بين تأريخ تسليم مذكرتنا لرئيس الجمهورية - تلك التي كان الكل يؤمل في أن يتم بفضلها ، و استجابة لها مساراً مبشراً من التغيير ، و الإصلاح في كل أحوال الأطباء ، إبتداءاً من التدريب ، مروراً ببيئة العمل ، و العلاج المجاني ، و انتهاءاً بتحسين الرواتب ، و الحقوق المالية ، أي باختصار ما عنونا به تلك المذكرة ، ألا و هو تحسين شروط خدمة الأطباء -و رفع إضراب يونيو الأخير ، حيث ظهر أن السلطة تهمها صولانها كدولة لا تقهر أكثر من أن يهمها تلمس واقع مواطنيها ، و الإستجابة لمطالبهم.. و لكن الأطباء، رغم المجهودات الضخمة التي بذلوها، لم يجدوا من السلطة غير التنكيل ، و التجاهل ، و التطفيف.. و لعل الجميع كانو متابعين لتلك الأحداث التي رافقت إضراب الأطباء الأخير، و ما صاحبها من التعدي ، على الأطباء و الطبيبات بالسياط ،والهراوات من قبل الشرطة ، بتلك الصورة الدامية ، و المهينة ، التي لم تجد من يبررها ، بل سعى المتحدث بإسم وزارة الصحة - في مناظرة في قناةالجزيرة كان طرفها الآخر هو الدكتور نصيف ممثل نقابة الأطباء السودانيين ببريطانيا – لينكر أن هؤلاءالمعتدى عليهم أطباء ، مستعيناً على ذلك بأنه ما من علامة ( يقصد في زيهم ) ، تدل على ذلك . و لعمري إن هذال يدل على الغرض ، و قلة الذكاء الفطري ، كما يدل على انعدام المصداقية.. فإن القاصي، والداني يعلم أن الصور التي تم عرضها تخص الاطباء ، و هم خارجين من مجلس التخصصات الطبية ، بعد أن تعهد الضابط المسئوول بعدم التعرض لهم بسوء.. ثم أن قلة الذكاء تتمثل في أن الحجة التي ساقها الدكتور حسن عبد العزيز تفيد بأن هذا العمل مقبول، لو أنه تم في حق فئة أخرى غير الأطباء .. و هذا ما لا يسيغ إلا لشخص انعدمت عنده ملكات الإحساس بالآخر ، و غطى الغرض على عينيه ، و امتشق سيق الدفاع عن السلطان ، حقاً كان الدفاع أم باطلاً ، ولو كان الدفاع ضد أبنائه ، و بناته من زملاء المهنة..
كان ذلك التجمع الذي اعترضته الشرطة لعدد كبيرمن الاطباء، من كل الفئات ، و هم يجتمعون في مجلس التخصصات الطبية للتفاكر حول الخطة المطلوبة لمناصرة الزملين المعتقلن ، من لجنة إضراب أطباء السودان، و الذين هما د. الهادي بخيت ،و شخصي.. كان الأطباء في غاية السخط لأن الإعتقال تم مستبقاً لجمعية عمومية دعت لها لجنة إضراب أطباء السودان ، كانت ستبحث في ردود الفعل الممكنة للتعبير عن رفضنا و اعتراضنا على نكوص وزارة الصحة ، و اتحاد العمال عن تنفيذ التزاماتهما تجاه الأطباء القاضية بزيادة رواتب الأطباء من كل الفئات بنسبة 75 بالمائة .. تلك النسبة التي لم يتحقق منها النصف لبعض الفئات كنواب الحتصاصيين ، وكان نصيب الاطباء العموميين ، و الاختصاصيين صفراً كبيراً.. هذا رغم أن النسبة المذكورة منصوص عليها صراحة في اتفاق رفع الإضراب الأول في مارس 2010 .. و الحق ان جهاز الأمن قد ارتكب بقرار عتقال قيادة لجنة الأطباء ، خطأً فادحاً، سيّما ، وأن الاعتقال كان عقب ساعة من قرار رئيس الجمهورية الذي نص على زيادات في رواتب الأطباء، تلك الزيادة التي و إن كانت دون مستوى طموح اللجنة ، و الأطباء ، إلا أنه بصدورها من رئيس الجمهورية تضع اللجنة ، و القاعدة معاً في وضع جديد ، كان الأجدى هو إعطاءهم فرصة لتأمله ، و التقرير حوله ، إذ أن صدور القرار من رئيس الجمهورية ، وعبر الاجهزة الإعلامية ، كان في تقدريري سيباعد بينهم ، وبين اتخاذ قرار الإضراب مرة أخرى ، لأن الإضراب في هذه الحالة سيفهم باعتباره تحدياً مباشراً للرئيس ، مما سيقلل من احتمالية حدوث استجابة قريبة للإضراب –بعد صدور القرار- باعتبار أن الإستجابة ستبدو قي ذهن أولي السلطة نوعاً من التراجع من سيادته عن قراره حديث العهد، بصورة توحي ب( لي الدراع ).. هذا هو الوضع الجديد الذي أتصور أنه كان سيجد الاعتبار عند أي نقابي حصيف ، يبتغي تحقيق الحقوق ، لا مناكفة السلطة ، من أجل المناكفة.. و لكن صدقوا أو لا تصدقوا فإني – و أنا رئيس لجنة الأطباء - قد سمعت عن القرار ، و أنا في قبضة جهاز الأمن ، أتقلب بين الصفعة ، و اللكمة ... لذا فواقع الأمر هو أن جهاز الأمن باعتقاله لقيادة اللجنة، بتلك الصورة غير المبررة، أعطى للأطباء دافعاً جديداً للإضراب، بل دفعهم إليه ، دفعاً ، على نحو زاد من مدته ، و حدته.. نحو هذا كما أن الشرطة قد زادت طين السخط بلة ، فكان ما كان من إضراب هز أركان البلاد ، و قضية أثارت الرأي العام المحلي، و العالمي.... و لكن الواضح هو أن هناك شخص، (أو جهة) ما قدم ( أو قدمت ) ، نظرية جديدة للسلطة، للتعامل مع الأطباء، و هي معالجة الأزمة ، بأزمة ...
نواصل

Post: #2
Title: Re: أطباء في وطن غير جاذب .......... د. أحمد الأبوابي
Author: محمد قرشي عباس
Date: 01-19-2011, 07:11 AM
Parent: #1

متابعة لصيفة لهذا التوثيق الأنيق لأحداث كنت في القلب منها ..

لهفي على وطني

شكرا يا azz gafar

على هذا الرصد الجميل لقلم الأبوابي