التدين البديل .....علاء الأسوانى

فى عموده (اسس جديدة) بصحيفة (اجراس الحرية) اقتطف الأستاذ ياى جوزيف مقالا للكاتب المصرى(علاء الأسوانى) بعنوان ( التدين البديل) والذى اسميه انا (التدين الزائف) انقله للبورد لأن المقال كأنه يصف بالضبط حالنا اليوم , فقط استبدلوا كلمة مصر بالسودان وأسم مبارك بأسم رئيسنا الملياردير صاحب الثروة التى يحسده عليها سيلفيو بيرلسكونى , وستجدون كما لو ان الكاتب علاء الأسوانى يتحدث عن واقعنا نحن .
المقال :
هل نزل الأسلام فقط من اجل تغطية شعر المرأة ؟!..
فى العام الماضى هاجم الوزير المصرى (فاروق حسنى) الحجاب , فوقف اعضاء الحزب الوطنى فى مجلس الشعب يدافعون بضراوة عن الحجاب والمحجبات , وبلغ الحماس بأحدهم ان صاح فى وجه فاروق حسنى (انت فتنة على الأسلام) ثم سقط مغشيا عليه من فرط الأنفعال .
ووجدتنى اتساءل : اذا كان ممثلو الحزب الحاكم يحرصون على الأسلام الى هذا الحد ,الم يفكروا قط فى تزوير الأنتخابات واعتقال الأبرياء وتعذيبهم وهتك اعراضهم ونهب اموال المصريين وافقارهم وغيرها من الجرائم التى يرتكبها النظام الذى يمثلونه لا يمكن ان تتفق مع مبادئ الأسلام ؟
من المعروف ان كثيرا من ضباط امن الدولة ملتزمون دينيا , يؤدون الصلاة فى اوقاتها ويصومون ويحجون الى بيت الله , لكن ذلك لايمنعهم ابدا من ممارسة عملهم اليومى فى التعذيب والضرب واستعمال الكهرباء فى صعق المعتقلين .
فى نفس السياق تربطنى علاقة مصاهرة بمسؤول بارز فى الحكومة اشتهر بتزوير الأنتخابات والأعتداء على استقلال القضاء وهو معروف فى نطاق الأسرة بتدينه العميق , حتى انه يعطى اقاربه دروسا فى الدين والفقه .
الأمثلة لا تحصى – كثير من المصريين (والحقيقة المسلمين!!) يؤدون فرائض الدين بأخلاص لكنهم فى حياتهم اليومية يتصرفون بطريقة ابعد ما تكون عن الدين .
ففى شهر رمضان الماضى نشرت جريدة (المصرى اليوم) تحقيقا ممتازا عن المستشفيات العامة ساعة الأفطار , لنكتشف ان معظم الأطباء يتركون المرضى بدون رعاية حتى يتمكنوا من اداء صلاة التراويح .
والذين يفعلون ذلك ليسوا جهلاء , بل هم اطباء متعلمون , لكنهم ببساطة يعتبرون ان صلاة التراويح اهم بكثير من رعاية المرضى حتى ولو كانت حياتهم فى خطر .
المسألة اذن ليست مجرد نفاق او جهل , وانما هى وعى فاسد بالدين , يؤدى الى نوع من التدين الظاهرى الذى يشكل بديلا عن التدين الحقيقى . وهذا التدين البديل مريح وخفيف ولايكلف جهدا ولا ثمنا لأنه يحصر الدين فى الشعائر والمظاهر .
فالدفاع عن مبادئ الأسلام الحقيقية التى هى العدل والحرية والمساواة مسألة محفوفة بالمخاطر فى مصر ستؤدى بك حتما الى السجن وقطع الرزق والتشريد .
اما التدين البديل فلن يكلفك شيئا , وهو يمنحك احساسا كاذبا بالطمأنينة والرضا عن النفس .
الذين يتبنون التدين البديل يصومون ويصلون ويحيون التاس بتحية الأسلام ويلزمون زوجاتهم وبناتهم بالحجاب والنقاب , وربما يشتركون فى مظاهرة ضد الرسوم الدنماركية او منع الحجاب فى فرنسا او يكتبون الى بريد الأهرام منددين بالكليبات العارية . وهم يعتقدون بعد ذلك انهم قد ادوا واجبهم الدينى كاملا غير منقوص .
وهم لايكترثون اطلاقا للشأن السياسى ولا يهتمون بموضوع توريث السلطة بل ان بعضهم لايرى بأسا فى ان يورث البلد من الأب الى الأبن وكأنه مزرعة دواجن .
المتدين البديل لا يعتقد اساسا ان له حقوقا سياسية كمواطن , وفكرة الديموقراطية لاتشغله , واقصى ما يفعله بهذا الصدد ان يدعو الله ان يولى علينا من يصلح , ثم يحدثك بحماس عن الخلفاء العظام مثل عمر بن الخطاب او عمر بن عبدالعزيز .
التدين البديل مرض محزن اصاب المصريين فأدى بهم الى السلبية والغفلة وجعلهم قابلين للأستبداد والقمع .. ولم تكن هذه طبيعة المصريين فمنذ عام 1919 وحتى عام 1952 خاضت الحركة الوطنية المصرية بقيادة حزب الوفد نضالا عنيفا وقدمت آلاف الشهداء من اجل طرد الأحتلال البريطانى وتحقيق اليموقراطية .
والحق ان انتشار التدين البديل له اسباب عديدة : فحتى نهاية السبعينات كان المصريون مسلمين واقباطا اقل اهتماما بمظاهر الدين واكثر تمسكا بمبادئه الحقيقية , حتى جاء انور السادات الذى استعمل الدين لترجيح كفته السياسية ضد اليسار المعارض .
ثم اندلعت الثورة الأيرانية لتشكل تهديدا حقيقيا للنظام السعودى المتحالف مع الفكر السلفى الوهابى , وعلى مدى ثلاثة عقود انفق النظام السعودى مليارات الدولارات من اجل نشر الفهم السعودى للأسلام الذى يؤدى بالضرورة الى التدين البديل وكل من يجادل فى هذه الحقيقة عليه ان يراجع التناقض الفاحش بين المظهر والجوهر فى المجتمع السعودى وفى القنوات الفضائية السعودية يظهر يوميا عشرات المشايخ الذين يتكلمون مدى 24 ساعة عن تعاليم الأسلام ولا أحد منهم يتكلم ابدا عن حق المواطن فى انتخاب من يحكمه, او قوانين الطوارئ والأعتقالات والتعذيب .
على ان النظام الأستبدادى فى مصر قد حرص دائما على انتشار التدين البديل , فالمتدين البديل هو المواطن النموذجى فى عرف الحاكم المستبد,لأنه يعيش ويموت بجوار الحائط , ويقصر اعتراضاته اما على مايحدث خارج مصر او على اشياء لاتزعج النظام فى شيئ كرقصة ادتها دينا او فستان ارتدته يسرا فى فيلم لها ...
مجموعة من المتدينين البدلاء ينشطون الآن بحماس على النت من اجل توقيع عريضة ادانة للمغنى تامر حسنى لأنه نظر الى جسد بطلة فيلمه الجديد بطريقة غير لائقة .
النظام المصرى يرحب تماما بالتدين البديل لأنه يعفيه من المسئولية . ففى عرف الأسلام الحقيقى يكون الحاكم المسئول الأول عن مشاكل المواطنين فى بلاده, اما المتدين البديل فعندما يعانى من الفقر والبطالة لن يفكر ابدا فى مسئولية الحاكم عن ذلك بل سوف يرجع ذلك الى احتمالين :
اما انه قصر فى العبادة ولذلك فأن الله يعاقبه, واما ان الله يختبره بهذا الشقاء فعليه ان يصبر ولا يعترض .
ان شهداء نظام مبارك فاقوا فى عددهم شهداء كل الحروب التى خاضتها مصر .ضحايا القطارات المحترقة,العبارات الغارقة,العمارات المنهارة ومرضى الفشل الكلوى والسرطانات بفضل مبيدات يوسف والى وغيرهم—كل هؤلاء فى نظر الأسلام الحقيقى ضحايا الفساد والأستبداد , والحاكم مسئول مباشرة عن موتهم وتشريد اسرهم . اما التدين البديل فيعتبر هذه المآسى جميعا من القضاء والقدر لا أكثر, ويعتقد ان هؤلاء الضحايا قد انتهت اعمارهم , وبالتالى كانوا سيموتون فى كل الأحوال , فلا معنى اذن لأن نلوم احد بأعتباره متسببا فى موتهم .
ان الأسلام العظيم قد دفع بالمسلمين يوما لكى يحكموا العالم ويعلموا البشرية الحضارة والفن والعلم, اما التدين البديل فقد ادى بنا الى كل هذا الهوان والشقاء الذى نعيش فيه .
اذا اردنا ان نغير واقعنا, علينا ان نتبنى منهج الأسلام الحقيقى وليس التدين الظاهرى بديلا عنه .

صدقت يا قلقو
لكن الكلام ده ينطبق على شريعة نميرى و شريعة الانقاذ حتي يناير 2011
و دي شرائع مدغمسة
نحن في انتظار الشريعة الغير مدغمسة ..
و اذا طلعت مضروبة برضو ما في مشكلة
حيكون عندنا شريعة مبرأة... و بعد داك شريعة سوبر..

شكرا على المقال الجميل يا مقلق

مصطفى

Quote: و اذا طلعت مضروبة برضو ما في مشكلة

حبيبنا درش
اكيد مافى مشكلة طالما الشعب السودانى صار مثل فئران التجارب والكل يريد ان يطبق عليه نظرياته الخاصة بالشريعة .
كدى النسألك يا مصطفى ياخوى : هو غير الشعب السودانى ده , مافى تانى شعب مسلم يطبقوا فيه نظرياتم وعباطتم دى ؟

الأخ قلقو....

شكرا علي هذا المقال الهام....

فهو يعكس وبصدق أصل الأزمة ...

إسلام الشعائر الذي خلا من الروحانيات....

الأخ هيثمالصديق
تشكر على المرور ياهيثم. وازمتنا بل ومحنتنا عميقة ومتجذرة.

ابو الدول
ده ما يسمى بالتدين الطقوسى
تدين مريح للضمير والنافوخ الفاضى
ودي مشكلة الخطاب الديني الموجة للمسلمين

سلام يا قلقولك وللجميع
سلام ىا مصطفي

علمانية الاسلام السياسي، واقع ام خيال.

شكرا يابشاشة على الرابط وهو فعلا مقال جدير بالقرآءة والتأمل .

Quote: ودي مشكلة الخطاب الديني الموجة للمسلمين

كوفى العزيز
وطالما ظل هذا الخطاب قائما فأن شاء الله سنكون كما نحن فى مزابل التاريخ .

الحبيب قلقو


الطبيب بيفتكر ان صلاة التراويح السنة افضل من احياء النفس

وهو عارف ان من قتل نفس فان جزاءهو جهنم خالدا فيها

ومن احياءها كانما احيا الناس جميعا

فتامل وتالم

Quote: ان صلاة التراويح السنة

حتى هذه الصلاة ياكوفى ياعزيزى اختلف العلماء فى حجية سنتها, ومع ذلك يعطيها اولئك الأطباءالجهلاء اهمية اكثر من الصلاة المكتوبة, والقلم مابيزيل بلم.
انه التدين الزائف البديل .

قلقو

قبل فترة فى قناة النيل الازرق فى برنامج عن التحرش الجنسي فى اماكن العمل

في رد لسودانية عن هل تعرضت لتحرش او هل سمعت عن واحدة تعرضت له

فاجابت : نعم لى قريبة تركت العمل بسبب ذلك ولكن بالنسبة لي ى انا شغالة مع

اقباط والاقباط ما بيرفع الواحد عينه يشوف انت لابسة شنو .......

حبيبنا كوفى

Quote: إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا ، فإن لهم ذمة و رحما

هذه وصية النبى (ص)بشأن الأقباط فتأمل فى اقوال رسول آخر الزمان الرئيس الملياردير الذى يريد ان ينفى اى تعدد عرقى ودينى فى شمال السودان .