بأى حق تفعل الدولة ذلك؟

http://www.sudaneseonline.com/ar4/publish/article_3095.shtml

أثار الفيديو الكارثة تساؤلات هامة لدى من شاهده من المهتمين بعلم العقاب عن مدى سلطة الدولة في توقيع العقاب على مواطنيها. كل سلطات الدولة ومن ضمنها سلطة توقيع العقاب تنبع من رضا المحكومين، فالدولة هى جهاز بشرى أقامه البشر بمختلف عقائدهم لتنظيم حياتهم على الأرض، وبالتالى فإن سائر سلطات الدولة مصدرها العقد الإجتماعي الذي يلزم الدولة بتحقيق الأمن والأمان لمواطنيها، والدولة تتوسل لذلك بإصدار القوانين العقابية التي تواجه الأفعال التي من شأنها أن تهدد المصالح المشروعة للجماعة والأفراد بشكل قد يؤدي لإضطراب أمن الجماعة. وحق الدولة في العقاب هو حق إستمدته من الجماعة وليس حقاً إلهياً منحه لها الله، وبالتالي فإن سلطتها في العقاب يجب أن تقتصر على حماية مصالح الجماعة. وكون أن الدولة تستمد سلطتها في العقاب من العقد الإجتماعي فإن ذلك من شأنه أن يحد من تلك السلطة ليس فقط من حيث تحديد الأفعال الموجبة للعقاب، بل أيضاً من حيث نوع العقاب ودرجة شدته. يُعرِّف علم العقاب التقليدي العقوبة بأنها إيلام مقصود يتناسب مع الجريمة، وهذا يعني أن شدة العقوبة تحددها درجة الأذى الذى أحدثته الجريمة، ولكن التناسب مع الجريمة لا يجب أن يواجه الماضي فحسب، بل يجب أن يواجه المستقبل أيضاً، وهذا يعني مواجهة الخطورة الإجرامية الكامنة في نفس الجاني، والتي يكشف عنها الفعل الإجرامي. كانت هذه الخطورة تُواجه أول الأمر بالردع، وهذا يقود لتشديد العقوبة كلما أزدادت خطورة الفعل الإجرامي، ولكن التطور اللاحق في علم العقاب وجد أن الشدة الزائدة في العقوبة تؤدي لنتيجة عكسية لأن الخوف من العقاب في غالب الأحيان لا يمنع من إرتكاب الجريمة بل يؤدي إلى الإنغماس في عالم الإجرام وإرتكاب مزيد من الجرائم للهروب من وجه العدالة، وبالتالى فقد إتجهت العقوبة نحو إصلاح الجانى وإعادة تأهيله. العقوبات الجسمانية بطبيعتها تنأى عن إعادة التأهيل لما تنطوى عليه من إهانة وإذلال يؤدي إلى تشويه في نفسية من تُوقع عليه، من شأنه أن يخلق فى نفسه رغبةً فى الإنتقام وميلاً للسلوك المعادي للمجتمع، وحتى حين لا يصل لذلك فإنه من شأنه أن يحدث خللاً في التوازن النفسي في شخص من توقع عليه هذه العقوبة. فهل تمتد سلطة الدولة في العقاب إلى ذلك؟ وهل هنالك مصلحة للمجتمع في الإضرار بالصحة النفسية لمواطنيه؟ وهل تهدف العقوبة لإصلاح الجاني أم إفساده؟ لا يقف الأمر عند هذا الحد لأن الأذى النفسي الذي تتحدثه العقوبات الجسمانية لا يقف عند الجاني بل يتعداه إلى منفذ العقوبة، لأن إحداث الأذى الجسماني بشخص لم يعتدي عليك هو قبل كل شئ يحتاج لدرجة من القسوة لا توجد لدى الشخص المتوازن نفسياً. لذلك فإن من يوقع العقوبة الجسمانية يتعرض بدوره لأذى نفسي حين يفقد العاطفة الإنسانية التي تدفع الناس للتعاطف مع من يكابدون الألم. إن المشاهد المتوازن نفسياً للفيلم الذي أذاعته اليوتيوب عن جلد تلك الفتاة، لابد له من أن يتأذى من تلك الضحكات الكريهة الصادرة من رجال الشرطة كرد فعل لما تبديه تلك الفتاة من تعبير عن الألم عندما تتلوى وتستغيث بأمها من شدة ما تشعر به من ألم وإذلال. أي حق للدولة في أن تنتقص من إنسانية مواطنيها إلى الدرجة التي يشعرون فيها بالغبطة لألم من يوقعهم القانون تحت سياطهم.
نبيل أديب عبدالله
المحامى

ادفع حق العتاله ياريس

Quote: ولكن التطور اللاحق في علم العقاب وجد أن الشدة الزائدة في العقوبة تؤدي لنتيجة عكسية لأن الخوف من العقاب في غالب الأحيان لا يمنع من إرتكاب الجريمة بل يؤدي إلى الإنغماس في عالم الإجرام وإرتكاب مزيد من الجرائم للهروب من وجه العدالة، وبالتالى فقد إتجهت العقوبة نحو إصلاح الجانى وإعادة تأهيله. العقوبات الجسمانية بطبيعتها تنأى عن إعادة التأهيل لما تنطوى عليه من إهانة وإذلال يؤدي إلى تشويه في نفسية من تُوقع عليه، من شأنه أن يخلق فى نفسه رغبةً فى الإنتقام وميلاً للسلوك المعادي للمجتمع، وحتى حين لا يصل لذلك فإنه من شأنه أن يحدث خللاً في التوازن النفسي في شخص من توقع عليه هذه العقوبة. فهل تمتد سلطة الدولة في العقاب إلى ذلك؟ وهل هنالك مصلحة للمجتمع في الإضرار بالصحة النفسية لمواطنيه؟ وهل تهدف العقوبة لإصلاح الجاني أم إفساده؟ لا يقف الأمر عند هذا الحد لأن الأذى النفسي الذي تتحدثه العقوبات الجسمانية لا يقف عند الجاني بل يتعداه إلى منفذ العقوبة، لأن إحداث الأذى الجسماني بشخص لم يعتدي عليك هو قبل كل شئ يحتاج لدرجة من القسوة لا توجد لدى الشخص المتوازن نفسياً.

كلام فى غاية الاهميه يجب مراعاته فى البيت و المدرسه والمحكمه والشارع
وعساكر المرور ياخدو دوره فى علم النفس بل كل العسكر فى السودان

امقال ممتاز بحق!
ياخي البلايين التي سرقها المفسدون واللصوص كانت أكثر
من كافية لكي تحدث التوازن الذي شرحه الاستاّذ أديب
ومنها ما يكفي لإعادة تأهيل الجميع من أجل الجميع.
منها ما يكفي لكي يتفرغ أطياؤنا لعلاج عيوب التوازن
النفسي.
هؤلاء القوم وعلمائهم الاطباء لا ينتبهون لمدى التروما
التي أصابت وتصيب المجلودين وبخاصة هذه الشابة التي شهد
عذابها الملايين وليس طائفة كما تمنت الآية القرآنية!
Post Traumatic Stress Disorder
هو من أكثر الأمراض النفسية وبالا و مناخاً
من سيدفع تعويض هذه الفتاة عن طوحان توازنها الأزلي
ومتى يا أستاذ أديب

Good Read

Good Read