صباح الخير ايها العالم اللذيذ جداً .

كباشى الصافى
سلامات .

صباح الخير أيها العالم ..
صباح الخير يا شاهين .
و السابعة من صباح السبت ..
مررت بحجرة العيال . نائمون ..
خفضت من درجة تبريد مكيف الهواء , شددت الغطاء على عبدالله .. فعاد رماه و غمغم بشيء ..
هذا الولد عنيد - زي أبوي -
الصمت صباح السبت . فأنا صاحيٍ منذ الرابعة و الثلث ..
جئت بشاي الكركديه .. و تعرض القناة الثانية فيلما : big mama , تبسمتُ وحدي و شربت الكركديه وحدي ..
أطفأتُ التلفاز و تمددتُ على الكنبة .. و صمتت الدنيا .
فأنا وحدي فيها إذن .. !!
قليلٌ بعد - و كعادته - ينتهز أبوي سانحة الصمت و انفرادي بحالي , و بحال اللاشيء الذي يعمر داخلي ..
حال المعدن البارد المصقول .
...
أبوي .. !!
( يا ولاد الكـلب .. أنا نروح بلدي هناك نوقد ( نقعد ) تحت التمُر بتائي ( بتاعي ) و نبيع شوة برسيم أهسن لي ( أحسن لي ) ..
يقول ذلك حين نتكاثر عليه .. و نطلب نطلب نطلب ..
يقولها ساخراً , و ربما مفوضاً أمر ضيق ذات اليد للسانه النوبي الفكه .
أسأله حين " يروق " متمدداً على العنقريب في الحوش البراني : يابا .. إنت عندك تمر في البلد ؟؟
- أُمال إيه .. أندي أهسن تمر .. و أندي بيت جدك و أندي فافا هناك , و هجة لي ( خديجة علي ) , و أوض ( عوض ) أخويا .
كل هاجة أندي .. نمشي نوقدو ( نقعدوا ) هناك , ولا مافي هد ( حد ) يعمللي كل شويتين سافوتة في راسي . هناخدك معايا .
فأعتمد ذلك وثيقة منه .. أطيش بها في الدنيا فوق تحت .. و لا هماني شي ..
كيف لا و أنا مسنود بوعد أبوي إذا ما مسني ضرّ و عزّ الملتجأ : ( بلد و أرض و تمر و فافا و حجة لي و عمي عوض و دار و جذور ) .
لم يذهب عبدالله محمد حسين للبلد .. قتلته الخرطوم بضجيجها .. مات غريباً .
...
أغاضب العيال و الدنيا و الحال المايل , فأستعير أبي مني ..
أخرجه بالعراقي و الطاقية الحمراء و صوته الجهير و السخرية النوبية المتينة :
يا اولاد الكـلب .. حقو الواحد يتخارج منكم و يمشي البلد ..
بعيد من العاك عيك دي .. !!
إنتو قايلين ما عندي بلد ؟؟ .. عندي بلد و تمر و فافا و ................ !!!
أقوم أكتشف يا شاهين أني ما عندي شي !!
كل العندي هو هذا " الأبوي عبد الله " , يزورني حين تفقر روحي و يتطاول الهم و العاديات .. و يشحذ القلب الغريب موساه في نية الذبح ..
فأنا عُطيل ..
( رجل رمى بيده - كهندي غبي جاهل - لؤلؤة ، هي أثمن من عشيرته كلها ) .
...
صباح الخير يا صاحبي .

شكرا شاهين شكرا عماد عبد الله

أستاذ شاهين
تحية واحتراما..

قرأتك هذا الصباح ، قلت لأتعرّف عليك أكثر ..
وجدتك مستحقا لاهتمامي ..
ومن الليلة وقعت معاي ..

كهل

أثمرت سنوات غُربتى الطويلة فى بلاد النفط الصحرواية , وأنجبت بيتاً انيقاً فى اطراف العاصمة وعربة فى مقدمتها أسد
تساقط شعر الراس من الامام , واصبحت لا استغنى عن النظارة الطبية ليل نهار
قالت لى ابنة بنت زوجة خالى بلسانها السليط
- الناس اكلوا وشنا عشان انتا ما اتزوجتا لحدى هسع , وانتا عندك قروش , مالك ؟ ناقصك شنو ؟ .
وبدأت رحلة البحث عن من سوف تُنجب من يحمل أسمى , ويبكى على شاهد قبرى المُلوث ببول كلاب الطريق اللعينة .

......

شاهين

Quote: صباح الخير أيها العالم .. صباح الخير يا شاهين . و السابعة من صباح السبت .. مررت بحجرة العيال . نائمون ..

صباح النور يا عمدة وانا أكتب الرد فى ظهيرة السودان التى لا احبها !
فقط لو تترك الكسل , وفقط لو تُركز فى الكتابة الابداعية , وتبتعد عن التناول اليومى المباشر للهم العام
فنحن امام طاقة ابداعية جبارة , حرام هذا الاهدار , ربنا سوف يسألك يوم الحشر عن هذا فيما انفقته
فمتى ينفجر البركان وتتسقط علينا حمم ابداعك يا جميل ؟
تعرف مقدار حبى ؟
والسلام للعيال وام العيال , والسلام عليك يا عمدة يوم ولدت , ويوم تموت , ويوم تُبعث حياً .

Quote: شكرا شاهين شكرا عماد عبد الله

وشكراً ليك كتير مرتضى على هذه المداخلة , وعلى كل المداخلات السابقة .

Quote: ومن الليلة وقعت معاي

تمام التمام , وسعيد جداً بالوقعة
وسعيد اننا تقابلنا بشكل شخصى مرتين , واتمنى دوام المعرفة يا ود قاسم .

شاهين .. !!
شنو ياخ ؟ .. سكتت مالك ؟

Quote: سكت مالك ؟

العود احمد يا عمدة .

فن كتابة الرواية

عندما ذكرت اسمها الثلاثى , عرفتها على الفور
- كان عندك اخوك اسمو الصديق ؟ .
- الله يرحمو .. مات فى مظاهرة أيام ناس نميرى , بتعرفو ؟ .
- لا .. بس بتذكر زمان انى قرأيت اسمو فى جريدة .. بعد الانتفاضة .
- احنا أسرة مناضلة .
اكثر من مرة ذهبت لمنزلهم .. كانت التعليمات ان تدخل دون طرق الباب , وكانت هى صغيرة لدرجة ان تقتحم غرفة الاجتماع عارية تماماً , دخولها كان يشع البهجة والمرح على جو الصرامة المكفهر
- الزميلة هبة .
- الزميلة هبة ضد قوانين الشريعة الاسلامية .
اتذكر أكواب الشاى الساخنة ورائحة البخور .. والاحلام العريضة
والجالسة امامى كهلة , عجوز بدرجة لا تصدق
- انتى عيانة يا هبة ؟ .
تنقر باصابع يدها اليمنى على سطح المكتب
- عندى اكتئاب .. ومتابعة مع دكتور بتاع نفسيات .
- انتى صغيرة شديد على الكلام ده يا بت .
- انتا بتعرفنى ؟ .
- لا .. بس شكلك كده اصغر منى بكتير .
انا من كتبت بخط يدى نعى (الصديق) , وانا من وزعه فى الليل على عنابر مدرسة (حلفا الثانوية الاكاديمية) .. يا للسنوات وهى تمضى مسرعة , تتركنا على الأرصفة بقايا حطام
- ازعجتك بالتلفون ؟ .
هاتفتنى كثيراً , وفى اوقات مزعجة للغاية
- لا .. بالعكس .
- عرفتا رقمك من البروفايل بتاعك .
- ok مافى مشكلة .
- عندى رواية كتبتها عايزة اعرف رأيك فيها .
- انا ما ناقد يا هبة .
- وانا ما زولة بكتب , بس مرات مرات بحاول لما اكون زهجانة .
وضعت امامى كراسة مدرسية عادية
- دى رواية اسمها محاولة انتحار .
الخط كان ركيكاً للغاية
- ح تعرف تقرأ خطى .
- ok مافى مشكلة .. بس انا ما ناقد .
محاولة اخيرة للهرب
قالت فى سخرية وهى تُحاكى طريقتى فى الكلام وهز الراس
- ok مافى مشكلة .
ضحكت , لكنها لم تضحك
على الصفحة الاولى من الكراسة المدرسية كان الاهداء
((الى الصديق .. شقيقى فى عليائه الابدية))
قالت بنرفزة واضحة وهى تنظر لى فى غضب
- لكن معليش يا أستاذ , عرفتنى كيف انا أخت الصديق .

......
شاهين

أنسان عادى

رائحة عرقه العطنة , جعلتنى التصق أكثر بالجسم المعدنى الذى ترتكز عليه نافذة المركبة العامة , لمحته بطرف عينى اليمنى , يقترب مثلى نحو الخمسين من العمر بخطوات سريعة
- الراكب بـ كم يا أستاذ ؟ .
قالها فى يأس
رددت عليه بحسم وانا انظر من النافذة
- 600 جنيه .
شعرت انه ما زال ينظر لى فى رجاء
فى المقعد الذى امامنا كان هناك شاب صغير وامرأة بدينة , كانت هناك حركة مُريبة بينهما , رفعت يدها اليسرى , بينما انزلقت يد الشاب الى ما تحت يديها , كانت حريصة على وضع (التوب) بطريقة اخفت عنى ما يدور
- عندى 1000 جنيه بس .
- الحالة بقت صعبة يا ود العم .
المرأة البدينة التى امامنا نظرت للشاب صغير السن ثم أبتسمت , قال لها كلمة لم أسمعها
وجارى صاحب الرائحة العطنة يطلب باصرار من (كمسارى) المركبة العامة
- عليك الله رجع لى 500 جنيه .
- يا حاج التعريفة بـ 600 , ما تعمل لينا صاموتا فى راسنا من اول الصباح .
قال لى بعد ان خسر معركته
- محطة الشجرة لسه .
- لسه يا ود العم .
نامت , رفعت يدها اليسرى بكاملها على الحافة العلوية للمقعد الذى امامها ووضعت راسها عليها , بينما انحنى الشاب الصغير الجالس بجوارها نصف انحناة ويده اليسرى مُختفية فى ثنايا (التوب) , كانت تتحرك فى بطء
- بالجد الحالة بقت صعبة فى البلد دى , انا هسع ما عندى غير 400 جنيه .
لم اهتم بالرد
المرأة قالت بعض كلمات وهى نائمة على يدها , والشاب رد عليها
- لا .. لازم .
نبهت جارى
- دى محطة الشجرة .
نهض بعد ان توقفت المركبة العامة , لاحظت ان بنطاله مثقوب من الخلف , وانه لا يرتدى سروال داخلى
اعتدلت المرأة فى جلستها واسندت ظهرها على المقعد , قال لها الشاب فى تضرع
- عليك الله .
هزت رأسها بالنفى , وقالت فى همس
- لما ننزل .. بس انشاء الله تكون مُقرش عشان تعزمنى حاجة باردة وسندوتش .
هز الشاب الصغير السن رأسه بالايجاب , كان كف يدها اليمنى ممدداً على فخذه
تمنيت ان تجلس بجوارى على المقعد الشاغر امرأة بدينة .

......
شاهين

برج الحوت

طلبت منى الصحيفة اليومية , طلبتها فى تهذيب
- لو سمحتا .
أشارت باصبعها حيث ترقد مطوية بين ساقى
قلت لها فى أندهاش
- دى جريدة سياسية .
- مش فيها ابراج ؟ .
- فيها .
ناولتها لها , مرت بنظرها سريعاً على الصفحة الاولى
- الابراج فى الصفحة قبل الاخيرة .
اخذت تقرأ باهتمام , ضمت شفتيها , وظهرت تقطيبة صغيرة اعلى الجبين , تنهدت , طوتها كما كانت وناولتها لى
- شكراً .
رسمت نصف أبتسامة سريعة
- برجك شنو ؟ .
- الحوت .
- سبحان الله انا برضو الحوت .
هزت راسها هزات سريعة مرحة
- يا كمسارى .. انا نازلة هنا .
نهضت فى تثاقل .. فتحت صفحة الابراج فى فضول , القيت نظرة على المكتوب تحت البرج
((اليوم ليس يوم السعد بالنسبة لك .. ازمة عاطفية مع الحبيب))
تحولت للصفحة الاخيرة , كان كاتبى المفضل يشتكى فى عموده اليومى من انه ضجر من الكتابة ويفكر فى التوقف عنها للابد .. وضعتها مرة آخرى بين ساقى , الذى يجلس خلفى وضع يده فى كتفى وقال بصوت غليظ
- لحظة الجريدة يا ابو الشباب .
ناولتها له دون ان التفت للوراء .

......
شاهين