وداعا أصدقاء دروب الحياة..(تاديوس وشارلس وشارلس)

وداعا أصدقاء دروب الحياة..(تاديوس وشارلس وشارلس)


09-28-2010, 09:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=310&msg=1285867169&rn=0


Post: #1
Title: وداعا أصدقاء دروب الحياة..(تاديوس وشارلس وشارلس)
Author: سامى عبد الوهاب مكى
Date: 09-28-2010, 09:16 PM

قبل فترة وفي واحد من أسود أيام (السودان) كتبت عن (ليلة زارني فيها صديقي الجنوبي سايمون) اتذكرونه؟؟

لابد أن تذكروا الأثنين الأسود والثلاثاء الأشد سوادا إذن لتذكروا ما فعل لتكونوا أكثر إستعدادا لتقبل (أحلك أيام الوداع)

فالنستعد إذن لرؤية كل أحبابنا وهم يغرسون قناتهم مابين شطري السودان ويدفعوا بكل عزمهم مبحرين نحو وجهة إختاروها.

(لا يهم) مجبرين أم طائعين أم فقط كان قدرهم نعم (لا يهم) فكل المؤشرات تقول أن الشرخ قد إتسع ما بين الشِطرين وتبدت الهوة السحيقة التي سيستعصي ردمها على كل (اليات) الدنيا السياسية والإجتماعية والدينية ..

لأنها هوة مكان شرخ أصله صدع كان مغطى بطبقة خفيفة من الأيادي الممتدة من الجانبين والكلـ يشد بجهد وعزم وصفاء..

دينق يشد حتى تقطعت عروقه ومحمد أحمد يشد حتى وهن عزمه وبلل العرق الأيادي الممتدة وهذا غير (زيت)سكب بكثافة ليعجل بأنزلاق الشطرين وفك (الأيادي الصادقة)

زيت صب من الجنوب وإسفين دق من الشمال فإنزلقت يد شارلس و جفلت يد محمد أحمد قبل أن تغمض عينيه في ألم وبنقس اليد المشلولة يعتصر القلب المفطور..

يا إلهي ما هذا الإبتلاء والإمتحان ومن يقويني على الصبر على فراق من تعلق قلبي بحبهم؟؟

كيف لعقلي المحب لتاديوس (الشاطر) أن يصدق أن ما بيني وبين ساعة الفراق أيام معدودات؟؟

سأحدثكم عنه أولاً فهو أحد من علموني (مهنياً) ..

سأحدثكم عن تاديوس إبن اللاتوكا الرجل الشامخ العزيز المخلص حاد الذكاء..

تخرج هو وتخصص في الإحصاء وكان نصيبي الإقتصاد وجمعنا العمل ..

سبقني هو لكن جمعتنا شركة واحدة ..

شركة كندية كانت هي البيئة الخصبة للتعرف على إخواني وأشقائي الجنوبيين في إطار العمل الواحد..

كان أول من أخذ بيدي ووضح وشرح وأسهب في الشرح حرصاً على شي واحد (مظهر السوداني الأفريقي) أمام الغربي وسمعة السوداني على المحك..والبيئة التنافسية شديدة العداء فقد كنا أكثر من جنسية في مكن واحد..

طيلة معرفتي به لم يتخلف عن موعد ولم يتأخر عني في إستلام مناوبة ليلية كان عنوان للإنضباط.

أما شارلس إليا فقد كان هو (روح الإنسان) بين الجميع فهو رجل وهب نفسه لخدمة الجميع بلا مقابل ..

يخدمهم إن عجز جهده بإبتسامته البيضاء كالحليب..

كانت أمي تعده إبن لها وكان يناديها (أمي) يحرص على زيارتها كأنها ولدته وما نسيته قط حتى بعد أن تركنا وإنتقل لعمل أخر تسألني عنه ولم يخيب ظنها ولم ينساها وإجتهد في زيارتها قدر المستطاع!

حكي لي ذات يوم كيف أنه كان (موترجي) في الجيش وفي صباح يوم وجد طفل متروك في قارعة الطريق (لحمة طرية) لم يبلغ من العمر دقائق..فأخذه وبعد أن فشل في معرفة زويه بعد أن جرب كل طريق وطريقه تبناه وأسماه (يوسف) وكان إبنه البكر وشقيق (جاكوب) الأكبر وشقيقتهم الصغرى..

زرتهم في البيت ووجدت يوسف كقطعة القمر فتى يعتمد عليه أباه شارلس الذي حرص على أن ينشأ مسلماً حتى لا يصاب بالعقد (كما أخبرني) ..

يعتمد عليه في كل شئ..ويطيعه أخوته الصغار..زرناهم ونحن عائدون من العمل في تمام الساعة الثالثة صباحاً وأيقظهم ليسعدهم (بكيس الباسطة) الذي وعدهم به ولاراهم فاحبهم ويتعلقوا بي..

أما شارلس الأخر فهو عملاق مرح يمشي كالطود العظيم ويتحدث كالطفل ويحب الهلال وأظنه لا يزداد حبه للهلال إلا حين يلقاني وأبادله الحرب المريخية الهلالية ويا ليت حروبنا كانت كلها كلام في المريخ والهلال..

شارلس لا يفوت تمرين للهلال ولا مباراة ولا جمع أو حشد للهلال فهو ببساطة مجنون بحب الهلال ...كنت أداعبه قبل وقت طويل وأقول له (أخير ليك تقلب الجنوبيين بموتو في المريخ إبتداء من جون قرنق ومرورا بكل الشعب وفي كل مدينة..) فيغضب ..

يا ترى هل هو الفراق يا شارلس ؟؟

أهو الوداع يا تاديوس؟؟..

أكتب لكم أصدقاء دروب الحياة وأخواني في (السودان) ناعياً وحدة السودان فإني أرى في الافق سودان لا يجمعنا جغرافيا وأتمنى أن لا يفرقنا وجدانياً فإني لا أقوى على ذلك.