قصتى مع (تِكَّة)السروال!

قصتى مع (تِكَّة)السروال!


02-05-2005, 08:04 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=307&msg=1240454579&rn=0


Post: #1
Title: قصتى مع (تِكَّة)السروال!
Author: shazaly gafar
Date: 02-05-2005, 08:04 AM

قصتى مع تِكَّة السروال
شاذلى جعفر شقَّاق
تعود بى هذه القصة الى بواكير الصبا وانا فى الصف الثانى الابتدائى حيث بدا ميولى الشعرى من خلال حسن الالقاء لتلك الانشودات الصغيرة التى نتلقفها من المنهج الدراسى ,الامر الذى حدا بمرشدة النشاط بالصف الاستاذة (عشمانة)-التحية لها أينما كانت وكل معلمى عبر كل المراحل-لخوض المغامرة بمواهبنا البضة التى لم تتشكل بعد عن طريق مسرحية شعرية صغيرة لتنشيط برامج الجمعية الادبية واستنفار مواهب الطلاب من الفصول الكبيرة(الخامس والسادس)واستفزاز شجاعتهم الادبية.
وكم كنت اتمنى ان تقودنى الذاكرة الى التفاصيل الدقيقة للمسرحية الصغيرة ولكن هيهات,فكل ما اذكره هو انى أُمثِّّل دور (عكَّام)راعى الابل الذى يتعرَّض لسطو مسلَّح بسيف(الخشب)من قِبَل (صلبوج)(الهمباتى))فينتصر الحق على الباطل بموت الاخير,ثم يعترف عكَّام امام (العمدة) بكل شجاعة حين يقول:
كُتْ فى الخلا حايم معاى نياقى
عاينتَ الفساد عكَّر على اخلاقى
سوّيت البِقى وراجى الاله فى الباقى
فينهض والد (صلبوج)بكل تجرُّد وانحياز للحق فيقول:
عكَّام انت الوفِى وفعل الرجال سوّيتو
ولدى كان خاين وخيانتو قطعت خيتو
تنتهى المسرحية التى ادخلتنى فى السروال الطويل وربطتنى بالتِّكة التى لم استطع حلَّها فى ساعة الصفر,رغم انها لم تكن المرَّة الاولى التى ألبس فيها الزى البلدى(العراقى -السروال-الصديرىوالطاقية)حيث ان هذه اللبسة الكاملة احضرها لى والدى بمناسبة زواجى الاول(الختان)ولكنى لم اتدرَّب على السروال الطويل بالذات لانه من محرمات تلك الايام العجيبة,وليس زمان المسرحية ببعيد عنها.الامر الذى جعل مسرحية عكَّام وقصتى مع السروال تتداخلان فى فصل (الاحراج(:
المشهد الاول:العبد لله فى كامل زيه البلدى داخل الصف الثانى الذى نعبر من شباكه الجنوبى الى خشبة المسرح,واصوات صغيرة تتسلل اليه من كوة الباب تقول:عتَّام..عتَّام أى عكَّام,وبعد قليل يدخل زميلى (الطيب)الذى يمثل دور (صلبوج(وما ان دخل الفصل حتى بادرته بسيف الخشب كَعْ..كَعْ..كَرَعْ..كَعْ والاستاذة (عشمانة)توزع ابتسامات الرضا والطمأنينة.ا
المشهد الثانى:يدلف من خلال الشباك الجنوبى صوت (رشأ)صاحبة اللثغة الجميلة وهى تقدم فقرة القرآن الكريم ,وهنا تتلاشى ابتسامات استاذتنا وتضع يديها على كتفينا -انا والطيب-لتلقى علينا الوصية الاخيرة >لعلها كانت الحركة اثناء التمثيل,وهى اى الاستاذة تعلم ان هذه المرَّة الاولى التى نصعد فبها الى المسرح لغير اللهو واللعب ,فنظرتُ الى زميلى الذى سأقتله بعد قليل رأيتُه يزدرد ريقه على مضض فرجف قلبى وذادنى رهبةً ذلك الصمت المهيب الذى يصاحب تلاوة القرآن الكريم ,فطار عقلى وانقبضت بطنى وتلوَّى قولونى وعندها استأذنت الاستاذة على الفور للذهاب الى الحمام,وهناك باءت كل محاولاتى بالفشل أمام تكة السروال التى تمنَّعت عقدتها بل عقدت العزم ان لا تنحل الا مقطوعةً.
المشهد الثالث:العبد لله يهرول صوب الفصل ممسكاً التكة بيمناه والسروال بشماله,كنتُ اسابق الزمن لانى صاحب المشهد الاول حيث يرفع الستار على رباعية جميلة من الدوبيت الاصيل عن الابل الاصيلة ,وفى منتصف المسافة ما بين الحمام والفصل قابلتنى استاذتى الرائعة,ولما لم يكن ما تبقى من زمن يكفى لمعالجة الامر لم تتحدث معى ولكنها أخرجت (دبوساً)كان يثبت خمارها على شعرها ليحل محل التكة اللعينة,ثم زجتنى من خلال الشباك الجنوبى فى رفقٍ وحنوٍ عظيمين.
المشهد الرابع:يُرفع الستار وانا ارتكز على سيف الخشب وأضع قدمى اليمنى على ساقى اليسرى وسبابتى اليسرى على اذنى اليسرى وأمُطٌّ الكلمات(كلمات الدوبيت)قدر ما أُوتيت من نفس متغزلاً فى الابل مفاخراً بها وولم ألبث ان أهشُّ عليها وهى فى مرعى الخيال واخاطبها خطاب العاشق الولهان فيتجاوب الحضور ويا له من حضور حيث لم يكن مقصوراً على اسرة المدرسة وانما كل القرية كانت حضوراً نساءً ورجالاً صغاراً وكباراً,انها بساطة القرية التى تمنحهم حق اقتحام المدرسة متى ما لامست اسماعهم انغامُ الثقافة أو البرامج الترفيهية.
المشهد الخامس:أُسدل الستار على تصفيق الطلاب وصيحات شباب القرية وتبريكات الاهالى فى تلك الامسية القروية الحالمة التى تجعل من الصدى صدى ومن الزمان مكاناً للهوى ومن المكان زماناً ليس يمحوه التغرب والنوى.ولما وصلت الى الشباك الذى يخرجنى من المسرح حملتنى الاستاذة عشمانة وطبعت على خدى قبلة الام الروءوم وما أن أعادتنى الى الارض حتى حتى سقط السروال اللعين مرة اخرى ولكنى لا آبه به بعد ان اديت الدور بالطريقة التى أشبعت بعضاً من رغبة استاذتى الرائعة ,وقليلٌ من القبول يعطى كثيراً من الألق.فعدت الى البيت وجيوب الصديرى الكثيرة حبلى بالنقود المعدنية التى اعطانيها الاهالى الطيبون,فأودعتها(علبة النقوط)تلك التى تخفِّف آلام الختان,فارتفع رصيدى فى النقود وفى الفرح.
المشهدالأخير:ان انسى لا انس ذلك الزمان الأخضر والصفاء والنقاء الذين سكبتهما الحياة فى جدول روحى لينساب رقراقاً بين رياض المنى وسواقى الحنين ,كما لا انس (عكَّام وصلبوج والاستاذة عشمانة والعراقى والصديرى والسروال اللعين)بل لا زلت الى يومنا هذا احتفظ بالصديرى-أىوالله-كذكرى تبقى ما بقيت على وجه البرية انشاء الله ولكن السروال اللعين قد غيَّبه طول السنين ولكن هيهات هيهات ان يمحو ذكراه.
وبس!!

Post: #2
Title: Re: قصتى مع (تِكَّة)السروال!
Author: almulaomar
Date: 02-08-2005, 02:51 AM
Parent: #1

أخي الكريم shazaly gafar
المتابع لكتاباتك على قلتها يجد فيها الكثير من الجمال وفي تقديري أخي أنت كاتب بارع وإن كنت لظروف أجلها مقلاً في كتاباتك كما أسلفت ، أعجبني جداً هذا السر المموسق وأتمنى أن أقرأ لك كثيراً هنا.
شكرا

Post: #5
Title: Re: قصتى مع (تِكَّة)السروال!
Author: shazaly gafar
Date: 02-08-2005, 03:37 AM
Parent: #2

اخى الملا
تحية الحب والاحترام لك يا اخى

الحقيقة فى جُعبتى الكثير ولكنها ظروف امضى من السيوف تجعلها فى طى الكتمان
لك من الشكر اجزله وكل المنى
شاذلى

Post: #3
Title: Re: قصتى مع (تِكَّة)السروال!
Author: سامى عبد الوهاب مكى
Date: 02-08-2005, 03:14 AM
Parent: #1

شاذلى شاعر مرهف وهذه حقيقه يعلمها من يقرا له ويؤكدها القرب منه.

كل ما يسطره يراع شاذلى دُرر تجبرنا على التوقف والتامل فى قوة المفردات وبديع الكلمات مما يختار لشعره ونثره.

وهو مشروع لشاعر حقيقى وقاص ذو اسلوب جذاب نتمنى ان نرى منه المزيد.

Post: #6
Title: Re: قصتى مع (تِكَّة)السروال!
Author: shazaly gafar
Date: 02-08-2005, 03:40 AM
Parent: #3

سامى اخوى
تُشكر وتسلم من كل بلية
شاذلى

Post: #8
Title: Re: قصتى مع (تِكَّة)السروال!
Author: Habib_bldo
Date: 02-08-2005, 04:18 AM
Parent: #3


شاذلي يا رجل يا شفيف لك تحياتي وتقديري
موضوعك هذا ذكرنا بالذي مضى من سالف الأيام وكيف أن المدارس كانت تهتم بتنمية المواهب من خلال أنشطة الجمعية الأدبية أو الأمسيات الشعرية والمسرحية والأنشطة الرياضية التي كانت تجد كل إهتمام من قبل إدارات المدارس
(التكة) ذكرتني بالنكتة الوحيدة التي كان يحكيها لنا مديرنا (فؤاد الشيخ) في المرحلة المتوسطة بمدرسة البرقيق في كل مناسبة يطلب منه أن يشارك بنكتة
والنكتة لطيارين يمنيين (صالح ومصلح)واليمانية مشهورون بلبس القرباب أبو تكة
النكتة أن الطيارين لا يجيدان اللغة الإنجليزية وتعرضت طائرتهم لعطل مما أستدعى أن يستنجدا بأحد أبراج الملاحة الجوية وعلى حظهم السيئ جاء الرد من شخص يتحدث الإنجليزية
طيارتنا تعطلت يا خواجة...... الخواجة (واط) ؟؟؟
ايش قالك يا صالح؟؟؟ يقول لنا نطوا يا مصلح
التكة أتفكت يا صالح .. نصلح التكة واله نواصل النط؟؟
مصلح تكته اتفكت يا خواجة .... (واط)؟؟؟
يقول لنا نطوا يا مصلح

Post: #9
Title: Re: قصتى مع (تِكَّة)السروال!
Author: shazaly gafar
Date: 02-08-2005, 06:50 AM
Parent: #8

Quote: شاذلي يا رجل يا شفيف لك تحياتي وتقديري
موضوعك هذا ذكرنا بالذي مضى من سالف الأيام وكيف أن المدارس كانت تهتم بتنمية المواهب من خلال أنشطة الجمعية الأدبية أو الأمسيات الشعرية والمسرحية والأنشطة الرياضية التي كانت تجد كل إهتمام من قبل إدارات المدارس



اخى حبيب سلامى وحبى

وكل الامنيات ان نقفز الى اعلى من وحل هذا الزمان
كل المنى
شاذلى

Post: #4
Title: Re: قصتى مع (تِكَّة)السروال!
Author: قرشـــو
Date: 02-08-2005, 03:30 AM
Parent: #1



الأخ الشاذلى جعفر


حقا بعض الذكريات تطبع فى الذاكرة ولا تمحى ابدا لا سيما ايام غضاضة الاهاب لا سيما وان ارتبطت بمواجهة جمهور وبروز عمل عام واعتلاء مسرح ..

سردك جميل سيدى ورائع وانه بحق لأنموذج يحتذى ..

Quote:
كُتْ فى الخلا حايم معاى نياقى
عاينتَ الفساد عكَّر على اخلاقى
سوّيت البِقى وراجى الاله فى الباقى
فينهض والد (صلبوج)بكل تجرُّد وانحياز للحق فيقول:
عكَّام انت الوفِى وفعل الرجال سوّيتو
ولدى كان خاين وخيانتو قطعت خيتو


ارجو أن تمتعنا اكثر بكتاباتك الراقية ..

Post: #7
Title: Re: قصتى مع (تِكَّة)السروال!
Author: shazaly gafar
Date: 02-08-2005, 04:03 AM
Parent: #4

Quote: حقا بعض الذكريات تطبع فى الذاكرة ولا تمحى ابدا لا سيما ايام غضاضة الاهاب لا سيما وان ارتبطت بمواجهة جمهور وبروز عمل عام واعتلاء مسرح ..



الحق ما قلته يا اخى قرشو
السقيا لايام الصبا والصفاء والنقاء
شكرى وتقديرى
شاذلى