(في حضرة طه)... إلى أُستاذي عبدالباسط سبدرات في عليائه الشعرية

(في حضرة طه)... إلى أُستاذي عبدالباسط سبدرات في عليائه الشعرية


09-16-2010, 12:59 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1284638387&rn=0


Post: #1
Title: (في حضرة طه)... إلى أُستاذي عبدالباسط سبدرات في عليائه الشعرية
Author: Ahmed musa
Date: 09-16-2010, 12:59 PM



تسلّل العنوانُ إلى مخيلتي المشوبةُ حينها بالرهبةِ والرغبةِ.. وأعجزتني قدرتي على تذكُّر مصدره مع صورة للأُستاذ عبدالباسط سبدرات والفنان أُسامة سالم بظنِّ أنهما قدما عملاً مشتركاً بينهما بذات الاسم (في حضرة طه).. تذوقت العنوانُ ببطءٍ حتى لا أفقد حالة الشبق الفنّي التي دثرتني بالوقار.. وتسمّرتْ رُوحي على وضاءةٍ خشيتُ فيها على نفسي.. و(طه) يتبسّمُ بسودانيتهِ القُحة، فلا ترى إلا (تربالي) يتحرك بين مزرعته والدار.. وينادي على زواره بفرح طفولي تبحث فيه عن مظاهر السيادة فلا تجدها إلا لوقتها، فيأمر بالتمرِ وبالماءِ وأكوابٍ من مشروبِ الشاي الساخن مخلوط بلبنٍ طازج تُعبِّقة أنفاسُ (القرية) تُحيطها صرخةُ طفلٍ يُنادي رفيقه يتخللها صوت وابورُ الماءِ يقذفُ بالخيرِ على الخيرِ.. ( في حضرة طه) ... هكذا وجدتني مجذوباً وصوت المادح يلزمني بالصراخ أن :(قف فإن روحي أوهنُ من بيتِ العنكبوت) ليتسلّل العنوان إلى مخيلتي المشوبة بالرهبة والرغبة رهبةُ المكانِ والزمانِ والشخوص ... و(طه) يتبسم ويُعانقُ الزُائر تِلو الزائر فاتحاً يديه هاشاً باشاً لتُغسل بساطته رهبتي برهبتي... وتخورُ قُواي فيجثو خيالي على ركبتيّ الرغبة... و( طه) يُمازحُ المادح منتشياً بحبِّ الحبيب سيد الخلقِ كُلهُمُ { ص} فتخرّج صلاته برداً وسلاماً على حريقِ ذاتي في كلماتِ المادح... فيتسلّل العنوان مشوباً بالرهبة... ورغبة الوقوف ثُم الجُلوس ثُم الركض على مساحاتِ الاحترام وتتجاذبني حينها رغبتيّ الصمتِ والصراخِ بذات الوقت وذات الفكرة ومضمون التعبير... فتتسلّل يدي خلسة بمحاولة مس حنجرة ذلك المادح و(ابتلاعها) دفعةً واحدة... كانت الدارُ مُكتظة بالمحبين من الزائرين والعاملين بها وأبناء سبيل الوطن... بياضُ الأزياءِ وبياضُ القلوبِ وبيضاءُ النفوسِ تقذفُ بك راضياً مرضياً بغيمةِ العشقِ الصوفي وتحاصرك الطُرُقُ الصوفيةُ بحنوٍ بالغ وعيني تتعلقُ ببابِ الدار هل يحضر (عبدالباسط) لأسأله: هل تعني هذه الحضرة ؟؟؟ ويغيب (عبدالباسط) إلا في خيالي لتفتح أبوابه مُشرعةً لكل (الحضرات)... دعاني (مصطفى المجذوبُ) لتهنئة (الشيخ) بعيد الفطر و(المجذوب) يطربه حتى اسم (الشيخ) ويحكي عن عهد بالحرم المدني {أُشهد عليه المصطفى (ص) ونحن بحضرته وهو شهيد الأُمة ورحمن الأُمة وشفيع الأُمة عهد لا ينقضه إلا الموت} وتمر اللحظات وبإطراق (الشيخ) وصمته تسمع دقات قُلوب المارة ويأتي صوت (الشيخ) لا تدري من أين ولكن يأتي وبعد زهاء عشر دقائق فيدخل بين مسام العصب الحسيّ {حتى في ظل مثل هذا العهد أخي لا يكون الموت فناءً وإنما هو بإذن الله حياة برزخية ممتدة}... فتذكرتُ (صديقي) يحكي عن (طه)... وعن طاقاته الروحية التي يتصورها وعن.. وعن.. وعن.. حتى ظننتُ أن (صديقي) سيورّثه... فذهبتُ مهنئاً وعدتُ(مجذوباً) مع (مجذوب) ليُفاجئني صوتي (الآن اكتملَ العيدُ) تُفاجئني الكلمات وهي تخرجُ متمردة علىَّ وعلى وقاري كفرسِ عاطف خيري (... يا فرس كُل القبيلة تلجِمُه... يِكسرْ قناعاتها ويفر... يسكن مع البدو في الخلا... ما يرضى غير الريح تجادله وتقنعه)... فالتفتُ جَزعاً و فرحاً لأبحث عن صاحبِ الكلمات (الآن اكتملَ العيدُ) فأجدُ نفسي تُحدِّثُ نفسي لأخرج طائراً على زَهْرَتيّ وَطَنْ... وفي طريقي أتعثرُ على كتف (بِلَالْ) لأُودِعه فرحاً باكتمال العيد وأُغادرُ سريعاً خشية إملاقٍ روحي بعد ثرائِها وأغلقُ ذاكرتي بمفتاحٍ من ذهبٍ أحفظُ فيها تلك اللحظات التي مافتئت تزيدني يقيناً بكلماتِ صديقي عن هذا الشيخ الشاب وأطوي الطُرقات أحصي كلمات الشيخ وصوت المادح وكتف (ضياء) ونور (المجذوب) يضئُ طريقي نحو الحدِّ الفاصلِ بين الرهبةِ والرغبة... (في حضرة طه)... كان العيد... (في حضرة طه) كانت نارُ القرآنُ تضيء على لوحِ صبيٍ طاهر... (في حضرةِ طه) كانت كلماتي تتساقطُ كزخاتٍ من مطرِ السافنا على نخلاتٍ شمخت أقصى قُدرتها... (في حضرة طه) يجري النيلُ باطمئنانٍ نحو مصبٍ آمن ويسقى أطفال البلدة من لبن الأُم الصافي... (في حضرة طه) لا تشعرُ إلّا أنّك (في حضرةِ طه)...

http://www.altayarnews.net/shownewstxt.aspx?cno=16452&%20serch=1
صحيفة التيار عدد الأربعاء 15 سبتمبر 2010