سلسلة حكاوي (دق الجرس)

سلسلة حكاوي (دق الجرس)


09-15-2010, 01:01 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1284552091&rn=0


Post: #1
Title: سلسلة حكاوي (دق الجرس)
Author: سامى عبد الوهاب مكى
Date: 09-15-2010, 01:01 PM

تذكرت صباحات ندية بعد عقود من عمر الأيام والسنين ، كنا نتحلق فيها حول كفتيرة الشاي وهي تغلي في (المنقد) طلباً للدفء وطمعاً في (كباية شاي كبيرة و لذيذة) تدفئ الأيادي الصغيرة قبل الجسم الذي فعل به(السقط) الأفاعيل فترك الوجه (مشقق) لا ينفرد إلا بعد مسحة زيت أو (جلسرين)

كانت متعة الحياة تبدأ في البكور ورائحة شجرة (الجهنمية) المنسدلة على الحائط تغريك بالجلوس لأطول وقت قبالتها وفي مواجهة خيوط الشمس الذهبية المتسللة ما بين فرع وزهرة حمراء.

جالساً ممسكا في يدك كباية الشاي وما بها من بقايا سكر وفي يدك الأخرى ما تبقى من قطعة (اللقيمات الحارة) ووجهك قد تلون بعدة الوان منها لون الشاي نفسه ولون أغبش اخر هو لون أثار البرد وبقايا زيت اللقيمات وربما رماد تطاير من المنقد بعد أن هبته الوالده أو نفخت عليه من نفسها الحياة.

وفي وقت الإجازات بعدها كنا نعدوا سريعا خارجين طلباً للدفء تحت أقرب دفق لضوء الشمس نتسامر أو نلعب ما يحلو لنا قبل أن يناديك نداء مراسيل البيت تجهيزا للـ (فطور) وياله من ترف كان أن ذاك الفطور (سخينة) ربما أو (سليقة) أو حتى (شوربة عدس) تشعر بعدها بالتخمة!

تذكرت الصباحات الشقية ايام المدرسة الابتدائية وكيف كنا لا نحمل هموم يحملها أبناؤنا اليوم ، فكل شي متوفر ومرتب وتحصل عليه بأقل جهد حتى التحصيل الاكاديمي والكراس والكتاب والحبر المنشور في برندات المدرسة.

وفسحة الفطور وطابور يصطف أمام (جبريل) بائع الفطور في دكانه العريق في مؤخرة المدرسة الركابية الإبتدائية من ناحية جامع اللمين عبد الرحمن..

كنت أقف خلف شقيقي الأكبر دائماً وهو في غاية الهدوء لا يحب الثرثرة والسخف وكنت زعيم الثرثارين وكبير المشاغبين وزبون دائم للسوط.

نشتري ما بدا لنا وحلا من (فول وموية فول) ونكملها بالشطة ونجلس في معية الاخرين نفترش جريدة او ورقة ونتشارك طعامنا على تنوعه وبساطتة كالملوك.

اليوم لا يرضى اصغر (مفعوص) بما كنا نرضى به ففطوره الوان ومصاريف لا تقبل النقصان ومدارس كالقشور جميلة المظهر فقيرة المخبر (ثقيلة على الجيب) ذاك زمن جميل وهذا عنوان عريض لجيل مظلوم.

ودق الجرس والكل يجري حتى لا يدخل الفصل بعد الاستاذ ..رحم الله أساتذتنا الأجلاء (صلاح السواكني ودرويش وكمال) وحفظ الأحياء منهم تاج السر يوسف بشير وحنفي.

كشكول كشكول كشكول مصحوبة (بشحطة) في ظهر كل من يتأخر في إخراج الكشكول وأسئلة سريعة تنعش الذاكرة وسياط تلهب الظهر وكله أثمر اليوم.

بكرة تسميع ..

الجميع في طريقه للمدرسة لا يري إلا داخل الكراس وما بين حفرة مليئة بالمياة و كوم رمل و من يا ترى يبالي (لا أحد) المهم أن لا يرتكب غلط في التسميع إلاااااااا والجلد والوقت شتاء.

ومجموعات لها رؤساء مهمتها تحفيظ جداول الضرب من كان يتخيل ان نحفظ (12) جدول ضرب اليوم حفظناها وضربنا معيشتنا عليها وزدنا..

وتلميذ اتانا من بعيد يسمع كالأتي (جدادي يلقط الحبة) ويُجلد ويُخطئ ويُجلد ويُخطئ فيضحك الاستاذ ويبكي هو لكن تبين في نهاية العام أنه من ضمن الخمس الاوائل.

وساعات درس العصر ومذاكرة المساء والتنافس المحموم كل هذا يسير بتناغم عجيب لا نمله ولا يتغير.