أغاني و"أماني " !

من اكثر البرامج تميزا ً خلال شهر رمضان في السنوات الماضية ، برنامج أغاني وأغاني الذي يقدمه استاذ الاجيال السر أحمد قدور ، فالبرنامج نجح جماهيريا ً بشكل يفوق التصُّور ، وهذه هي الخطوة الاولى في سلم النجاح ، لكن البرنامج لم يخل من الهفوات ، وتعرض لسليل من النقد منه الهادف ومنه الهادم ، ونأمل أن تكون كتابتنا عنه ضمن "الصنف " الاوّل .
قكرة البرنامج لاغبار عليها ، ورغم أنها ليست جديدة ، غير أن السر قدور استطاع ان يلبثها ثوب الاثارة والتشويق من خلال قدرته الفائقة على كسر الجمود والتغلب على الملل ، والفكرة – أساسا ً – تهدف لتواصل الأجيال وللتحاور والتلاقح الفني ، حيث يمثل السر قدور الاجيال الماضية برمتها ويتدرج الشباب في تمثيل الاجيال المعاصرة .
يُعاب على البرنامج عدم احترامه لحقوق الملكية الفكرية وذلك بعدم ايفاء الشعراء والملحنين حقوقهم ، وقد تعرض لمشاكل في هذا الاتجاه قادته للمحاكم ، نأمل أن يتم تفادي هذه النقطة في هذا العام ، خاصة وأن السودانين بطبعهم متسامحون والشئ القليل يرضيهم ، لكن التجاهل يجعلهم كالاسود الضارية .
ثمة ملاحظة أخرى جديدة بالأهتمام وهي اعتماد السر قدور على ذاكرته في سرد المواقف والتفاصيل ، والرجل "ماشاء الله " يملك ذاكرة قوية ويستعيد ادق التفاصيل ، لكن – وبطبيعة الحال – فهو بشر معرض للخطأ والصواب ، وقد لاحظنا أن السر قدور لا يقبل تصحيح المعلومات ويتعامل بتعال شديد في هذا الجانب .
كما أنه يتعامل بروح (ناظر المدرسة ) مع المطربين الذين يستضيفهم – وهم من الشباب – فهو يّذوب شخصياتهم تماما ً ويجعلهم تابعين له حتى في "البصمات الشخصية " واذا حاول احدهم تصحيح معلومة فان السر يشخط فيه (بطريقة ما كريمة ) .. وقد حدث هذا مع اكثر من مطرب (عاصم البنا سبيل المثال ) .. وكنا نتمنى لو أن ّ السر أحمد قدور اختار أحدالمعاصرين له من ذوي المعرفة والثقل الفني حتى يتم توثيق المعلومات التي ترد في البرنامج بطريقة لا تقبل الشك ، ويضاف للبرنامج صفة التوثيق بدلا ً عن "الونسة " .
واذا كلنا نرفض ان يعتدي البرنامج على حقوق الغير، فإننا نلفت انتباه الاخوة في قناة النيل الازرق إلى أن البرنامج نفسه اصبح عرضة للقرصنة الفنية ، فهنالك جهات عديد ظلت تطبع حلقات هذا البرنامج وتقوم بتسويقها على مستوى واسع جدا ً ، وبهذا فإن خسارة أصحاب الحقوق الاصلية تكون مزدوجة ، مرة من خلال شاشة النيل الازرق ومرة من خلال انتشار (السيديهات ) التي تباع في كل مكان ، وعلى القناة – مع الجهات المسؤولة عن المصنفات الفنية – الحد من هذه الظاهرة ، هنالك ملاحظة ذكرتها أكثر من مرة ولكن يبدو أنها غير ذات أهمية بالنسبة لمعدي ومنتجي البرنامج ، وهي تكرار الأصوات في السنوات الماضية ، فقد ظلت اسرة البرنامج تحتفظ بمعظم المغنيين مع عملية احلال وابدال محدودة ، ويبدو أن الكسل هو السبب في ذلك ، لأن تغيير الشخصيات يستدعي بذل مجهود اكبر في ان يحافظ البرنامج على ايقاعه ، لكن ، ومن ناحية أخرى فإن تجديد الدماء يعطي البرنامج حيوية ويعطي فرصة اوسع للاطلالة لعدد كبير من الموهوبين .
عموما ً ، البرنامج ناجح وهذا هو الاهم ، وتبقى الملاحظات التي أثرتهاهنا ، مجرد افكار تقبل الأخذ والرد ، وهي – بالضرورة – ليست احكاما ً قاطعة .. مع أحلى امنياتي لاستاذي السر احمد قدور بالصحة والعافية وطول العمر ، وقد أدهشني حقيقة بسودانيته الطاغية رغم انه يعيش في مصر لعقود طويلة .!
[email protected]