التار.. التار يا كجبار.... التار (قصة)

التار .. التار ... يا كجبار


كان الصباح عاديا في بيتنا، صحونا و لم تشرق الشمس، صحونا قبل صحو المكان بنورها. كانت امي متوترة هي تكره زياراتهم لانهم لا يأتون لخير و ليس للخير أي علاقة بمقدمهم ، كانت كل زياراتهم السابقة كخبر الموت ، هذا ما كانت تقوله امي عنهم باستمرار.. لعن الله الخرطوم، لعن الله السودان اصلا لا يمضي الي خير، يرذل و يرذل الي يوم يبعثون . و كانت تقول عندما يأتي موظفو الحكومة فإنهم يأخذون! لم ارهم في حياتي يعطون هم دائما يأخذون!
والي!
جابي!
بوليس!... ربي يحدفهم ...اولاد الحرام.


الجميع ناموا علي خبر مقدمهم المشئوم، تركوا اعمالهم ليسمعوا منهم ما لن يسر حتي بهائم القرية. شرب الناس الشاي و القهوة و خرجوا عند خشوم ابواب منازلهم يتحدرون عن عن شفاه عتبات البيوت، تبودلت مباركات الصباح و تردد في هواء القرية ترديد
صباح الخير
صباح النور
صباح الخير
كيف اصبحتوا
خرجوا لتدور في المنازل احتفالات اعداد الفطور
*قراصة بدمعة لحم الضأن السمين و نداوة الضنية اتي يصادفها اهل الحظ ، شرائح البصل المحمضة بعصارة الليمون ، خصلات الجرجير اليانعة الاخضرار، حمرة الطماطم الخجولة ، اخضرار الفلفلية البهيج.
*تركين و قراصة، شطة خضراء مختلطة بالدكوة و معطونة بعصير ليمون حاذق.
*ملوحة و قراصة و بصل و خضرة السلطة الوفيرة و شمومة الثوم و الشطة.
*الفول و زيت السمسم ، ربما السمن و الشمار الغني باريج الحقول ، خبز البيت او الفطيرة الرهيفة و مهرجان الوان من خضار السلطة علي صفحة صحن الصيني الابيض الانيق
تعدد الوصفات و الطعام نفسه جميل و عريق. الجميع يأكلون نفس الطعام هم متساوون فيما ياكلون و مختلفون فيما يملكون من نخيل ، سعية و طين .
افطر اهل القرية من حلال كسبهم في ارضهم، افطروا و شبعوا بمحبة اهلهم.
ترددت الاحاديث
يقولون ان السد سيوفر الكهرباء.
ستكون هنالك تعويضات مجزية بيت ببيت، نخلة بنخلة و البساتين قصاص!
سيتم اجراء حفريات لنقل الاثار التي ستغمرها مياه السد.
لن نسمح بتكرار مأساة حلفا القديمة..
و ردد المكان حول الجميع " اتنعل ابو السدود.. احنا مالنا؟"
عندما قدموا حف الغبار سياراتهم البيضاء الكبيرة بطائف من تعكيره لصفو المكان و الهواء ، تبعهم و سبقهم جند في سيارات نصف نقل زرقاء و غيراء، كان معهم الكثير من الجند الغرباء.
وقفت السيارات و هجس الغبار ثم سكت عن مناوشة الغرباء
نزلوا مترجلين عن سياراتهم، استقبلهم بعض الملفوظين من اهل المخازي و النكبات و الاجتماعية ، نزلوا الي حيث الكراسي الوثيرة، مواعين العروض.
تسنم المنصة "المتسنم" مرتلا ايات من القرآن لم يتدبرها احد، لم ينصت اليها احد، لم يسمعها احد، تمت قرأءة الايات لانها جزء اصيل من زينة المنصة هي ديكور مسموع.
قالت لي امي يوما "ان الرجال الذين يرتلون الايات الكريمة بين يدي الحكام سيبعثون يوم القيامة و ادبارهم في عظم سماعات الجرامفونات يستقبلون بها اهل النار، ينز من ادبارهم عفن الذنوب".
بذلت الكذبات نازفة من المنصة تصاحبها رائحة الدم المخيفة، علمت الجموع بالمخطط و سمعوا تفاهة الوعود، صدر من المنصة القول الاتي " سنبني السد .. نبنيه علي جماجمكم حتي و ستكون بواباته صدوركم ايها الكفرة"
سمعت النخلات هذا الكلام الراعف المجنون ،سمعته فارتعشت جدائل السعف من الخوف و سمع الجميع انين سيقان النخيل فيما يشبه كركبة العنقريب الذي ينوء بحمل لا يطيقه قدم اعواده و انهتاك حباله، توتر النخل جميعه و تنادت سائر النباتات بالسهر و الحمي، اصاب الهلع ذرات التراب و ضمت التربة شقوقها من غير رواء، خاف الرمل من مقدم الدم نهرا يلوث طهر التربة بدماء الابرياء، خوف الرمل و استرابة التربة اجفل الغبار عن مراقده فثار، امتدت اذرع الخوف الي سيارات الجنود بلغت صدور رجال النظام و عسسه قادمة من الاطارات المطاطية المرتعدة.
ضج المكان، الصراخ من كل صوب و الانين من كل جانب، تبخرت من الحلوق و البطون نكهات الطعام الزكي الرائحة، فامتلأ تجويف البطن بطنين الغبن. سمع صوته
طاخ ... طراخ ........
طاخ ...... طراخ...
طاخ ... طراخ.......
طاخ.... طاخ...... طراخ
سقطوا اربعة، هم من اشجع فتيان الناحية ، جاءوا الي المكان بجلاليب بيضاء جاءوا ليشهدوا احد اللقاءات المريرة بين اهلهم و رجال المركز، يافعين كانوا ،حماستهم لا تقبل الضيم ، جسارتهم لا تستطيع ان ترخي سيفا اذا تروعت العشيرة برصاص الجند الغاشمين، جند المركز حراس اولاد المصارين البيض.
ضج المكان برائحة الدم، نبتت مكان النخلات القديمة اشجار المقاومة باسقة و فتية، استقر قلب الرمل فطارت نمال الخوف من جحورها كطيور داجنة، ضمت تشققات التربة رائحة الدم العزيز، دم ابنائها، ترقبت التربة قدوم الاجساد الطاهرة الي حضنها المكين الصابر، الحضن الذي حفظ سيرة الاجداد من اهل الجسارة و السمو، تنادت الي المكان ارواحهم قادمة من ########ة الملوك الي جوار البركل العزيز، تنادت الي المكان تشهد فصلا جديد من فصول العذاب بالخلف الذين باعوا قداسة تمرهم الي التاجر و المغامر الكذاب ، الخلف الذين باعوا طهر ضمائرهم الي اله الاغيار.
لم تهدا هائجة ارواح الاسلاف الا عندما سمعت الهتاف يتردد كصلاة
ح نجيب التار يا كجبار
ح نجيب التار يا كجبار
التار .. التار يا كجبار







طه جعفر

Quote: ان الرجال الذين يرتلون الايات الكريمة بين يدي الحكام سيبعثون يوم القيامة و ادبارهم في عظم سماعات الجرامفونات يستقبلون بها اهل النار، ينز من ادبارهم عفن الذنوب".

لمن يهمه:

كل ما يسبق هذه العبارة المقتبسة و العبارة نفسها كتب في 24 يونيو 2010 في المساء، ما يلي هذه العبارة كتبته اليوم.


طه جعفر

http://kajbar.blogspot.com

Quote: تسنم المنصة "المتسنم" مرتلا ايات من القرآن لم يتدبرها احد، لم ينصت اليها احد، لم يسمعها احد، تمت قرأءة الايات لانها جزء اصيل من زينة المنصة هي ديكور مسموع

الاستاذ ابوبكر
شكرا علي الرابط الذي سيوفر مناخا لتذكر ما جري، الرابط سيجعل الناس في حال تذكر طاردين شياطين النسيان التي تهضم الحقوق و تجعل ازهاق الارواح امراً قابل للتجاهل. لقد قتل المجرمون ارواحا كثيرة.
و اشكرك كثيرا علي المرور و الاهتمام


طه جعفر

Quote: ضج المكان برائحة الدم، نبتت مكان النخلات القديمة اشجار المقاومة باسقة و فتية، استقر قلب الرمل فطارت نمال الخوف من جحورها كطيور داجنة، ضمت تشققات التربة رائحة الدم العزيز، دم ابنائها، ترقبت التربة قدوم الاجساد الطاهرة الي حضنها المكين الصابر، الحضن الذي حفظ سيرة الاجداد من اهل الجسارة و السمو، تنادت الي المكان ارواحهم قادمة من ########ة الملوك الي جوار البركل العزيز، تنادت الي المكان تشهد فصلا جديد من فصول العذاب بالخلف الذين باعوا قداسة تمرهم الي التاجر و المغامر الكذاب ، الخلف الذين باعوا طهر ضمائرهم الي اله الاغيار. لم تهدا هائجة ارواح الاسلاف الا عندما سمعت الهتاف يتردد كصلاة ح نجيب التار يا كجبار ح نجيب التار يا كجبار التار .. التار يا كجبار

وصف بديع راق

فانا قد رأيت هذا المكان قبل ان ينبت الدم فقد كانت ارض وادعة تنبت فيه النخل لتقف بخيلاء يعانق السماء

شكرا طه جعفر
على هذه الدوزنة برائحة البلد ولغة اهلها

المحترم زمراوي الولي
لكم مني شكر جزيل علي هذا التشجيع

زرت الشمالية في 1981 ،اهلي يقطنون منطقة القرير ، ينتشرون في جزيرة مساوي و هي الاصل، كل من بالكنيسة اقربائي هي قرية الاسرة الممتدة بفروعها و اصهارها ناس مساوي يسمونها الغرب، بها مقبرة عظيمة يرقد فيها الاسلاف منذ السلطنة الزرقاء و ما قبلها لان بالمقبرة مدافن ذات طراز مسيحي و ربما اقدم ، و لاسرتي اهل ايضا في قوز قرافي و قوز هندي القرينين المجاورتين للكنيسة من جهة الجنوب، في تلك المنطقة ايضا معلم مهم و هو شجيرات غابة صغيرة من الدوم و السلم اسمها دوم المهاجر. تعرفت علي اراضي المحس من وصف اصدقائي و زملاء دراستي و ما عرفته ان الشمال كله واحد من حيث الثقافة المادية و الوجدان، يختلفون ربما في اللغات لكن الوجدان واحد و اعتقد جازما ان هذا الوجدان الواحد يمتد بنا الي جبال النوبا و الجنوب و الغرب ايضا و الشرق الوجدان السودان واحد مع اختلاف الدين و اللغة . وحد بين اهل السودان تاريخ ممتد منذ العصر الحجري ثم الممالك القديمة منذ كرمة الي مروي فالممالك المسيحية، تنتشر الاثار الخاصة بتلك الحضارات في كافة انحاء السودان كل السودان نوبي، انعدام الاثار في الجنوب ربما يعود لظروف المناخ و ضعف اعمال الكشف الاثري الناجم عن ظروف الحرب و انهيار او انعدام البنية التحتية مع انه بالجنوب في مكان ما اعتقد بحر الغزال اثر قديم و هو مقبرة تشبه الردميات الترابية الخاصة بالحضارات القديمة بالشمال. مجزرة كجبار تستوجب التوقف و ضحاياها كانوا شهداء من خيرة بنيها وعلينا جميعا السعي لأخذ الضالعين في المجزرة الي منصات القضاء العادل.

طه جعفر

اهتم جدا برأي الزوار في الكتابة نفسها و ليشعر الجميع بالحرية في النقد و اي كان الرأي فهو يفيدني
و دمتم


طه

Quote: قالت لي امي يوما "ان الرجال الذين يرتلون الايات الكريمة بين يدي الحكام سيبعثون يوم القيامة و ادبارهم في عظم سماعات الجرامفونات يستقبلون بها اهل النار، ينز من ادبارهم عفن الذنوب".

طه جعفر

سلام


مرور


متابعة

وشوق للايام ديك يا ططوه

شكرا يا عوة
علي المتابعة، والله مشتاقين اكتر لتلك الايام

طه جعفر

Quote: سقطوا اربعة، هم من اشجع فتيان الناحية ، جاءوا الي المكان بجلاليب بيضاء جاءوا ليشهدوا احد اللقاءات المريرة بين اهلهم و رجال المركز، يافعين كانوا ،حماستهم لا تقبل الضيم ، جسارتهم لا تستطيع ان ترخي سيفا اذا تروعت العشيرة برصاص الجند الغاشمين، جند المركز حراس اولاد المصارين البيض

Quote: سقطوا اربعة، هم من اشجع فتيان الناحية ، جاءوا الي المكان بجلاليب بيضاء جاءوا ليشهدوا احد اللقاءات المريرة بين اهلهم و رجال المركز، يافعين كانوا ،حماستهم لا تقبل الضيم ، جسارتهم لا تستطيع ان ترخي سيفا اذا تروعت العشيرة برصاص الجند الغاشمين، جند المركز حراس اولاد المصارين البيض

وتلك عقوبة من يخرج لرفض سلمي لبقاء الارض
أن يضرب من خلف برصاص دفعوا قيمته في الجبايات كمواطنين



شكرا طه جعفر..ولشهداؤنا الجنة ولأرضنا البقاء

لكي لا ننسى

Quote: ولشهداؤنا الجنة ولأرضنا البقاء

الحق لن يضيع طالما وراءه مطالب.

رسالة من المناضل الاستاذ عثمان ابراهيم لحكومة الانقاذ ع...انيزاونلاين....فيديو

لك التحية والشكر اجزله الاستاذ طه جعفر.

شكرا جزيلا مدحت
و الف شكر علي الرابط


طه جعفر

Quote: يأخذون! لم ارهم في حياتي يعطون هم دائما يأخذون! والي! جابي! بوليس!... ربي يحدفهم ...اولاد الحرام.

شكرا ناصر
علي المرور و الاهتمام

طه جعفر

شكراً يا فيصل ، شكر جزيل علي
صور الشهداء


طه جعفر

Quote: وتلك عقوبة من يخرج لرفض سلمي لبقاء الارض أن يضرب من خلف برصاص دفعوا قيمته في الجبايات كمواطنين

علينا اخذ الجناة الي منصات القضاء العادل

شكرا قمربوبا


طه جعفر