عن النخبة الإفريقية المثقفة ومسألة التنمية

عن النخبة الإفريقية المثقفة ومسألة التنمية


07-27-2010, 00:02 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1280185346&rn=0


Post: #1
Title: عن النخبة الإفريقية المثقفة ومسألة التنمية
Author: احمد حامد صالح
Date: 07-27-2010, 00:02 AM


تحتفل الكثير من الدول الإفريقية هذا العام 2010، بالذكرى الخمسين لاسترجاع سيادتها. فماذا تغيّر في هذه البلدان، بعد خمسين سنة من الاستقلال؟ للأسف الشديد، فإن أغلب البلدان الإفريقية توجد اليوم في وضع لا تحسد عليه. حتى الطبيعة رفعت مطرقتها، في السنوات الأخيرة، وراحت تدق بعنف مسامير الجفاف القاتل الذي بلغ ذروته في هذه السنة فأصبح يهدد أكثـر من عشرة ملايين نسمة في بلدان الساحل وشمال نيجيريا بالجوع المميت أو سوء التغذية المعيق مدى الحياة لعقل الإنسان أو أعضاء جسده.
أما مسامير التخلّف البشري التي تدمي الجسد الإفريقي، فهي لا تحصى ولا تعد؛ صراعات على السلطة بطريقة العصور الحجرية، تقاتل عرقي أو قبلي مازال يدير ظهره للحضارة، تراشق ديني عصبي يصرّ على الدموية ويرفض كل طرق المصالحة، تهريب الأموال والثروات الوطنية (بكل أنواعها) إلى البلدان المتقدمة، الرشوة الواسعة التي تنخر اقتصاد إفريقيا الوطني.. إلخ. يكفي أن نذكر أن المواطن الإفريقي البسيط يعرف اليوم أن قارته هي الأخيرة بين جميع قارات الكرة الأرضية في الميادين العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، يكفي هذا لنغلق الملف الإفريقي المأساوي. ومع ذلك، يراودنا أحيانا بصيصا من الأمل في ''تحرك إفريقيا'' بناء على معطيات ملموسة تثير، بالخصوص، تساؤلات نخبتها المثقفة: لماذا يلازم التخلف إفريقيا رغم كل الثروات التي تملكها؟ هل بإمكان الدول الإفريقية أن تتخلص من ''فخ المساعدات الغربية من أجل التنمية'' وتعتمد على نفسها في تقدمها، إذا تحقق فيها ''الحكم الراشد'' وإذا تغيرت بها ''العقليات'' تغيّرا جذريا؟ لماذا لا ''تغري'' البلدان الإفريقية نخبتها المثقفة والعلمية الموجودة بالخارج فتسترجعها لمساعدتها في التقدم، على غرار ما فعلته الصين أو الهند؟
من بين المفكرين الأفارقة المتفائلين بـ''تحرك قارتنا''، نجد الجزائري علي الكنز الذي يعتقد أنه ''يمكن ترشيد ''هذه الفوضى'' (في جميع السلوكات) وخلق شيء منها يمضي بنا إلى الأمام''(1). ويساند علي الكنز المفكر الكاميروني فارديناند ماييغا، بيد أنه يرى أن مستقبل إفريقيا (2) لن يبنى دون استغلال القارة لنخبتها المثقفة والعلمية المقيمة في الدول المتقدمة عموما وبالخصوص تلك الموجودة في أوروبا وأمريكا الشمالية. يجب التذكير أن كلا من علي الكنز (فرنسا) وفرديناند ماييغا (كندا) يقيم في الغرب.
والواقع، أن مسألة توظيف النخبة الإفريقية المثقفة والعلمية المقيمة بالخارج في تنمية قارتنا ليست مسألة جديدة، غير أنها بقيت ''مجرد أمنية'' لحد الآن. فالحكومات الإفريقية لم تبادر ـ إلا نادرا ـ بإغراء نخبتها المهاجرة بالعودة للمساهمة في تنمية بلدانها. أما النخبة الإفريقية المثقفة والعلمية، فإنها لاتزال حائرة: لو عادت: هل سيسمح لها بالبحث كما هو الحال في الغرب؟
هل ستقبل أفكارها من لدن الحكام؟ أية إمكانات مادية وعلمية ستوفر لها في بلدانها الأصلية؟
لذا، فأغلب المثقفين والعلماء الأفارقة الموجودين بالخارج لا يريدون ''تطليق الدول المتقدمة'' نهائيا. ذلك أن تلك الدول توفر لهم الأجر المريح والإمكانات المادية والتكنولوجية لإنجاز مشاريعهم العلمية. والحل؟ يقول الكثير من أولئك المثقفين والعلماء: ''يمكن أن نخدم بلداننا الأصلية دون مغادرة الغرب نهائيا، فما على الحكومات الإفريقية سوى ''التحرك''(3) ''التحرّك؟'' إنه أول خطوة على طريق التنمية والتقدم.
1ـ علي الكنز: كتابات من المنفى (بالفرنسية) دار القصبة ـ الجزائر .2009
2ـ3ـ فرديناند ماييغا: مستقبل إفريقيا (بالفرنسية) دار لارمتان ـ باريس .2010

نقلا عن صحيفة الخبر الجزائرية