شعب من الحمير

شعب من الحمير


07-26-2010, 10:33 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1280136839&rn=0


Post: #1
Title: شعب من الحمير
Author: almulaomar
Date: 07-26-2010, 10:33 AM

تهلّلت أسارير السلطان ( .. الرابع عشر) وهو يقرأ واحدة من صحفه الرسمية عن اختراع أجنبي جديد ، آلة تحوِّل البشر إلى حمير !
لم تلبث تلك الابتسامة أن تحولت إلى قهقهة عالية ، بعد أن ذكر تفصيل الخبر أن طبيباً أجنبياً قام باختراع هذه الآلة ليتمكن من إجراء تجاربه على الحمير دون الخوف من المنظمات الحقوقية ، فقد اكتشف الطبيب الأجنبي أن منظمات الحقوق تثور إما للإنسان أو للحيوان ، جميع الحيوانات ما عدا الحمير لا أحد يثور لأجلها أو يعترض !
ويبدو أن صوت الضحكة كان مجلجلاً ، إذ دخل ( .. الثاني عشر ) المستشار الأول للسلطان على إثر ضحكته المزعجه ، وهو ينحني متملقاً حتى أوشك على تقبيل قدمه
وهو يقول : في شنو يا حضرة السلطان ، ما الذي يضحك مولانا هذا الصباح قد كلكلك واحد أم تذكرت نكته .!
تجشأ السلطان في صوتٍ مرتفع مقزز وهو يرمي بالجريدة ليد مستشاره الأكبر ، وهو يقول : اقرأ هذا الخبر المضحك ، ثم قل لي ما رأيك !
أمسك ( .. الثاني ) بالجريدة بيده اليمني ، وهو يتلقف باليسرى تفاحة ضخمة قذفها له سيده ، فبدا أشبه ما يكون بالكلـــــــب !
وأخذ يمر على الأخبار بسرعة ثم توقف وقال للسلطان ياتو خبر بتاع د. شداد فهاج السلطان وقال ليهو يشدوك أربعه يا بهيمه أقرأ كويس وعاود المستشار مطالعة الأخبار بأنفاس متسارعة وزووووم وقعت عينه في الخبر فتس تيس إرتاح ، ثم التمع بريق غامض في عينيه وهو يقول : ما رأيك يا مولاي في أن نستغل هذا الاختراع لصالحنا !
عقد السلطان حاجبيه في تركيز وهو يقول : وكيف ذلك !؟
استطرد المستشار قائلاً : تخيل يا سيدي أن نشتري عدداً هائلاً من تلك الآلات ، ونضعها في مداخل المدارس والمستوصفات والأسواق وملاعب الأطفال !
ومن ثم يمر جميع شعبك من خلالها ، وفجأة ، يتحول شعبك كله إلى حمير !
ازداد انعقاد حاجبي السلطان وهو يسأل في غباء : وما هي فائدتي من كل ذلك !!
تقوس ظهر ( المستشار ) زيو وزي أي كديس قايم من النوم ولامس أنفه الأرض فعلاً بين قدمي السلطان ، ثم اعتدل وهو يقول : هذا سؤال لا يسأله حاكم حكيم مثلكم يا مولاي !
تخيل أنك تحكم شعباً من الحمير ، يعمل دون كلل ولا ملل ..
شعب بلا اعتراض ، ولا إرادة ..!
سوف تمتد سنوات حكمك التى بلغت ثلاثين إلى ستين وربما أكثر !!
برقت عينا السلطان في جشع وهو يقول : أريدك أن تشتري لي كل الآلات الموجودة اليوم ..
بل الآن حالاً !!
المستشار ينحني ( أمرك مولاي ) ثم ينصرف !!
...
..
وبعد أسبوعٍ واحدٍ من شراء الآلات وتعميمها على جميع المرافق والحدائق والأماكن العامة ، استدعى الحاكم مستشاره ( .. الثاني عشر ) على وجه السرعة ..
يصطدم رأس ...... في المائدة الضخمة ، ذلك أنه تسرّع بالانحناء ،
الحاكم يمسكه من تلابيبه بقسوة وهو يقول : ما الذي فعلته آلتك الحمقاء أيها المأفون !!
المستشار يتظاهر بالغباء وهو يقول : المأفون دي شنو يا مولاي أنا والله قبل ما أجيك بنص ساعه إستحميت وبي صابونة كامي كمان ، ما الذي فعلته آلتي يا مولاي ، أخبرني !
الحاكم يقذف بمستشاره بقسوة ، فيقع بين قدميه ، ويزأر في وحشية :
ألم تقرأ صحفنا الرسمية !!
المظاهرات تقوم ضدي في كل مكان !
دولتي هي الدولة الوحيدة التي بدأت تجاهر في اعتراضها على الحاكم !!
مسيرات طلابية ضخمة !
طوابير لا تنتهي من المحتجين على سياستي في الحكم !!
المفكرون يعبرون عن آرائهم بحرية !!
الكتاب والصحفيون يسلخون جلدي وأنا على قيد الحياة !!
كل ذلك وأنت تتظاهر بأنك لا تعرف ..
ثم سال لعابه فوق صلعة مستشاره ، وصرخ غاضباً :
ما الذي يحدث بحق الجحيييم !!!
المستشار يسجد بين قدمي السلطان ، ويرفع رأسه بانكسار وهو يقول بصوتٍ لا يكاد يسمع :
أسف يا سيدى فأنا للتو قرأت الكتالوج المرفق بالآلة !!
نظر الحاكم إلى مستشاره نظرة جففت الدم في عروقه وهو يقول :
ما الذي يعنيه ذلك !؟
خفض ( .. الثاني عشر ) رأسه وهو يقول :
الفقرة الثانية من دليل المستخدم تقول : بأنك بإمكانك أن تحصل على نتيجة عكسية لو أردت !
انعقدت حواجب الحاكم في غباء وهو يقول : أنا لا أفهم ما ترمي إليه !
ما الذي تريد قوله !!
ترقرقت الدموع في عين المستشار وهو يقول : الفقرة الثانية (مهمهما في نفسه: أريت كان ما كتبوها) تقول في وضوح يا سيدي أن تأثير هذه الآلة لا يقتصر على البشر فقط ، أي أنه لا يكتفي بتحويل البشر إلى حمير إذا مروا من خلال الآلة ..
بل إنك بإمكانك أن تحوِّل الحمير إلى بشر من خلال مرورهم في نفس الآلة !!
اتسعت عينا الحاكم في رعب وهو يقول : هل تعني أننا حصلنا على بشر !!
تحشرج صوت المستشار وهو يقول : نعم يا مولاي ، لقد كنت تحكم شعب من الحمير طوال ثلاثين عاماً و ها هو الآن تحول إلى بشر