إستطلاع لصحيفة الوطن السودانية عن اسباب فشل التحول الديمقراطي بالسودان

إستطلاع لصحيفة الوطن السودانية عن اسباب فشل التحول الديمقراطي بالسودان


07-09-2019, 04:17 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=30&msg=1562685462&rn=1


Post: #1
Title: إستطلاع لصحيفة الوطن السودانية عن اسباب فشل التحول الديمقراطي بالسودان
Author: صلاح الباشا
Date: 07-09-2019, 04:17 PM
Parent: #0

04:17 PM July, 09 2019

سودانيز اون لاين
صلاح الباشا-السعودية
مكتبتى
رابط مختصر




يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي صلاح الباشا وهو في نفس الوقت يشغل مقعد رئيس المكتب الإعلامي للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ، وذلك عندما إستطلعته ( الوطن ) عن رأيه وتوقعاته لما يحدث في مرحلة التحول الديمقراطي وعن مدي تحقق هذا التحول خلال الفترة القادمة ، قال الباشا :
الناظر إلي تجارب تطبيقات الديمقراطية الليبرالية المفتوحة في السودان وبرغم قلة فتراتها فإنها تأتي دائما مشحونة بالتوتر السياسي بين الكيانات السياسية مايؤدي الي عدم ثبات التجربة .. وهذا الشحن قد نما في بلادنا قبيل إستقلال السودان بقليل حينما رأي الحزب الإتحادي أهمية تحقيق الإستقلال علي أن يكون مرتبطا بمصر بما يسمي الإتحاد بين الدولتين ، بينما كان يري التيار الآخر في الساحة وقتذاك وهو حزب الأمة أن يصبح السودان مستقلا تماما عن الإتحاد مع مصر ، ومن هنا بدأ الشحن بين الكيانين الكبيرين وقد إنعكس هذا الشحن علي قواعد الحزبين ايضا .. ولكي يتفادي الحزب الاتحادي حدوث حرب اهلية بالبلاد فإنه قد إتفق مع حزب الامة علي تبني دعوة الإستقلال التام للسودان وقد حدث ذلك وفقاً لترتيبات معينة بين الحزبين في جلسة البرلمان المشهورة بتاريخ 19 ديسمبر 1955م حيث تقرر في تلك الجلسة تسليم مذكرة للحاكم العام البريطاني تطاالب بخروج المستعمر، في موكب مهيب من البرلمان حتي سراي الحاكم العام ( وهو القصر الجمهوري حالياً ) يتقدمه وزير الداخلية وقتها الزعيم إساعيل الازهري .
ولكن بعد نيل السودان لأستقلاله بدأت القوي السياسية ( الإتحادي والأمة ) في الدخول في صراعات سياسية أضرت كثيرا بمسألة نجاح التحول الديمقراطي الحقيقي.
فقد قام حزب الامة عن طريق رئيس الوزراء وهو وزير الدفاع في ذات الوقت الأميرلاي عبدالله بك خليل بدعوة القائد العام للجيش وهو الفريق ابراهيم عبود لإستلام مقاليد الحكم في البلاد حينما إتفق نواب حزب الشعب الديمقراطي مع نواب الوطني الاتحادي بعد إنقسام قصير الاجل حدث بينهما في العام 1957م لإعادة الأزهري الي رئاسة الوزارة تارة اخري عن طريق طرح صوت ثقة في حكومة عبدالله خليل والتصويت بالاغلبية لصالح الأزهري لرئاسة الوزارة ، فقطع عبدالله خليل الطريق علي تلك الخطوة متعللا بأنها سوف تحدث مواجهات جماهيرية بين الحزبين تهدد أمن البلاد الإجتماعي .فكانت تلك أول ضربة قوية لتطور مسألة التحول الديمقراطي.فإستلم الجيش الحكم في 17 نوفمبر 1958م .
وبعد إنتهاء فترة حكم الفريق ابراهيم عبود التي استمرت لست سنوات ( 1958- 1964م ) إثر نجاح ثورة 21 اكتوبر 1964م الشعبية ، فإن ذات المكايدات السياسية قد حدثت مرة اخري وسط الأحزاب الحاكمة والمعارضة ، وقد تم إجهاض التجربة حينما قامت الأحزاب الثلاثة ( الميثاق الإسلامي والأمة والوطني الاتحادي ) بالتصويت في البرلمان بحل الحزب الشيوعي السوداني في العام 1965م وطرد نوابه الثمانية من البرلمان حيث سبق ان فازوا بالأغلبية في دوائر الخريجين من اصل 15 دائرة ، كما تم إغلاق دور الحزب في كل المدن السودانية وتم حظر نشاطه السياسي وايقاف جريدته ( الميدان ) ما دعا الحزب الشيوعي بان يغض الطرف عن تحركات الضباط القوميين في الجيش بأن يتحركوا وينفذوا إنقلابا عسكريا ناجحاً اطلقوا عليه ثورة 25 مايو 1969م بقيادة العقيد الركن وقتها جعفر محمد نميري بل وقد ايد الشيوعيون الإنقلاب وثبتوا أقدامه بواسطة حراكهم الجماهيري وسيطرتهم علي معظم النقابات المهنية ، ثم اختلف الشيوعيون مع نظام مايو منذ العام الأول ، فإنقلاب مايو يعتبر هو الإجهاض الثاني لمسألة التحول الديمقراطي في السودان.
ثم نأتي إلي الديمقراطية الثالثة التي أطلت عقب إنتفاضة 6 ابريل 1985م بعد إسقاط حكم الرئيس جعفر نميري ، حيث عاد الحكم الإئتلافي برلمانيا بين الحزبين الأمة والاتحادي ثم لحقت بهما الجبهة الإسلامية وشاركت معهما في الحكم ، غير أن تجربة التحول الديمقراطي قد أجهضت للمرة الثالثة في تاريخ السودان بسبب المكايدات الحزبية عندما اسقط حزب الامة والجبهة الاسلامية وبالتصويت من داخل البرلمان مبادرة السلام السودانية الموقعة بالعاصمة الأثيوبية بين الإتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية في 16 نوفمبر 1988 والتي كانت فرصة تاريخية لأنهاء الحرب التي استمرت بين الشمال والجنوب منذ العام 1955م حيث لم تحمل المبادرة أي شرط عن تقرير مصير السودان يؤدي إلي انفصال الجنوب .. ولما تقدم الجيش بمذكرته للحكومة في فبراير 1989م عن أهمية تحقيق السلام لإيقاف الحرب فإن الجبهة الإسلامية سارعت بتدبير إنقلابها في 30 يونيو 1989م منهية بذلك أكبر فرص السلام بالسودان ، وقد إستمر تخبط ألإسلاميين وعزلتهم العربية والافريقية والعالمية إلي ان قاد هذا التخبط وضيق الأفق السياسي إلي الموافقة علي تقرير المصير الذي أدي إلي إنقسام السودان الي دولتين لم تنعما بالاستقرار حتي هذه اللحظة ( إتفاقية نايفاشا ) .
وبالتالي فإن اي تحول ديمقراطي حقيقي يحقق الإستقرار والأمن والنماء للسودان لن يكتب له النجاح مالم يحرسه الجيش ويتفرغ إلي مسؤولياته في تأمين حدود البلاد التي أصبحت أراضيها مستباحة الآن في كافة أنحائه . أما إذا واصل الجيش مسلسل الشراهة في تقلد مقاعد الحكم ، أو إذا قامت الاحزاب بخلق كوادر لها داخل الجيش فإن التحول الديمقراطي لن يتحقق مطلقاً وستعيش البلاد مأساة سنوات اخري ربما تكون أكثر إيلاماً من سابقاتها .. فالساقية لسه مدورة.
** الوطن : الثلاثاء 9/7/2019م