الخليل: رفع العقوبات الأمريكية سيمثل كارثة على القضارف
البدوي : عيش الزكاة تم توظيفه كسلاح ضد المزارعين
البدوي : الحكومة الآن لا تملك ولا جوال ذرة واحد
البدوي: نطالب بتطبيق قانون الزكاة الاتحادي واستخراج الزكاة بعد خصم التكاليف
الخليل : محمية الدندر القومية مسكونة
لا تزال قضايا الزاعة هي الشغل الشاغل والهم الأكبر بولاية القضارف ويتزايد الجدل مع كل موسم زراعي ولكن لا تزال المشاكل ماثلة بل متفاقمة .
انشغالا بهذا الهم وتحت عنوان (الزراعة في القضارف إلى أين ؟) نظم منتدى شروق الثقافي ندوة يوم السبت الماضي بقاعة عدن بالقضارف . وقال الخبير الزراعي الباشمندس مصطفى السيد الخليل ـ في الندوة ـ أن وزارة الزراعة ما عندها يد على الغابات ولا على الثروة الحيوانية وأنّ الزراعة بالقضارف فقدت البوصلة ووصلت مرحلة التوهان لغياب التخطيط . وكشف الخليل أن مشروع الرهد الذي أنشأ لتحسين المستوى المعيشي يشهد تدهورا ضخما وقد وصل مرحلة الفشل .
وأضاف الخليل أن العالم المتطور يمارس دكتاتورية في الزراعة ويحدد المحاصيل التي يجب زراعتها ، وأن امريكا التي هي أكبر منتج للذرة والسمسم والقطن والذرة الشامي تدعم المزارع ، بينما يفتقر المزارع السوداني للدعم ، وبناء على ذلك ذهب الخليل إلى أن رفع العقوبات الأمريكية عن السودان ودخولنا في التجارة العالمية سيمثل كارثة على القضارف ، بالرغم من أن المزارع سيستفيد من التقانة الأمريكية المتطورة .
وأوضح الخليل أن الصراع في ريف القضارف متشابك فهنالك صراع بين المزارعين والرعاة وبين الرعاة والمواطنين وبين المزارعين والمواطنين . وقال أن هنالك حزازات بين قبائل اللحوييين ورفاعة والبني عامر . وزاد أن الصراع بين الرعاة والمزارعين وصل مرحلة حرجة وأن الدولة غائبة عن هذه الصراعات التي تمثل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار .
وأفاد الخليل أنه التقى بأفراد من قبيلة الفلاتة الرعوية "الويلا" وقد أكدوا له أن محمية الدندر لا توجد بها حيوانات سوى "الككو" وعدد لا يذكر من الخنازير ، وأنهم يسكنون داخل المحمية . وأكد الخليل أنه كان يعرف حقيقة واقع المحمية المرير ، ولكن لم يكن يدري أن المحمية وصلت هذه الدرجة من السوء وبلغت مرحلة ان تكون مسكونة . وردا على سؤال الخليل عن منع السكن في المحمية والعقوبات المشددة قال أحد منسوبي قبيلة "الويلا" "لو جانا زول بندفع ليهو الفيها النصيب" .
ومن ناحيته قال الأستاذ حيدر عبد اللطيف البدوي ـ أحد كبار المزارعين بالولاية ـ في ذات الندوة ـ أن السؤال الحقيقي هو "القضارف إلى أين؟" لأن القضارف ولاية زراعية . وقال البدوي أن سكان القضارف الأصليين رعاة وصيادين ويمارسون زراعة الحريق أو السلوكة . وعندما بدأت الزراعة الآلية اشترطت الحكومة الاستعمارية شراء تركتر للحصول على مشروعين وعمل دورة زراعية ، وعليه فإن الحصول على المشاريع كان رهين بالقدرة المالية ، وقد تشارك بعض أهل القرى لشراء تركتر .
لاحقا سمحوا للمزارع فصل الدورة بين المشروعين ، ثم سمحوا بالحق في التنازل عن الأرض بمقابل مالي وهذه درجة من الملكية المكتسبة ، مؤخرا سمحت الحكومة برهن المشروع للحصول على التمويل . وقال في فترة البترول تم إعفاء المزارعين من الرسوم لثلاث أو أربع سنوات ، ومن بعد ذلك تزايدت رسوم تجديد الأرض باستمرار ، وهنالك صراع حول الارض وسؤال عن ملكيتها ، والمزارع يعيش الآن في حالة عدم استقرار نفسي . وقال الآن نحن ما طمعانين يدعمونا نحن نريد منهم أن يرفعوا عنا الجبايات .
وأكّد البدوي لا يوجد تخطيط استراتيجي بوزارة الزراعة ، وأن أي وزير جديد يأتي بسياسة جديدة وأن الموظفين ومدراء الإدارات "يشوفو الوزير داير شنو ويمشو معاهو" حفاظا على كراسيهم . واستشهد بأن الحكومة وجهت بزراعة القطن وعباد الشمس ، لكن القطن يجب أن يزرع يوم 15 يوليو ، وهم وفروا التقاوي يوم 24 يوليو ، أما عباد الشمس لا تقاويه متوفرة ولا المبيد ، فكيف لتوجيه الحكومة أن يكون ؟ وزاد أن الحكومة حلت اتحاد المزارعين وأصبحت تتصرف كما تشاء .
وقال القضارف كانت جاذبة للناس من السودان وخارجه ، ولم تكن القضارف تعرف الاغتراب ، الآن انقلب الحال . وذكر البدوي معلومة مهمة وهي أن أعضاء المجلس التشريعي بولاية القضارف في 1994 تم منح كل واحد منهم 500 فدان فقاموا ببيعها جميعا عدا اثنين منهم احتفظا بالأرض إلى الآن .
وأضاف البدوي أن التمويل ضعيف وفوائده عالية ويبدأ المزارع دفع الأقساط بعد ستة شهور ، وقال أن التقانات الزراعية الحديثة تحتاج إلى تمويل كبير ، وحكى عن زيارة شارك فيها إلى تركيا وعلموا من الخبراء هناك أن التمويل لمدة 20 سنة وبفائدة 3% فقط وعند سؤال الحبيب مختوم عن تنفيذ مثل هذا في السودان قال "الكلام ده لا بنعملو ليكم ولا بننقلو نقول سمعناهو" .
والرعاة يعانون أشد المعاناة ، فقد بيّن البدوي أن الراعي الموسم الماضي فقد نصف القطيع كي يحافظ على النصف الآخر ، والان لا يدري الرعاة أين يذهبون بقطيعهم لأن المنطقة الشمالية الغربية بها مشكلة أمطار .
وكشف البدوي أن الحكومة اشترت في بداية يوليو كل ما تبقى من محصول الذرة بمبلغ 500ج للأردب ، وهو سعر التركيز الثابت على مدى أربع سنوات . وأضاف البدوي بعد أن جمعت الحكومة كل محصول الذرة ، قامت ببيع كل المخزون الاستراتيجي للذرة في السودان البالغ 12 مليون جوال لثلاثة أشخاص فقط بمبلغ 380ج فقط للأردب ، أي أقل من سعر التركيز بفارق 120ج ، وهو بيع آجل وحين السداد غير معلوم . وأكد البدوي أن الحكومة الآن لا تملك ولا جوال واحد ، لا في البنك الزراعي ولا المخزون الاستراتيجي ، وشدد "الحكومة غير عيش الزكاة ما عندها حاجة" .
وأكثر من ذلك قال البدوي أن عيش الزكاة نفسه تم توظيفه بواسطة الحكومة كسلاح ضد المزارعين لتخفيض السعر دون سعر التركيز ، ولتخفيض السعر سبق أن تم بيع 200 ألف جوال من عيش الزكاة في القضارف وسنار الدمازين لخفض سعر جوال الذرة .
وأوضح البدوي أن مزارع القضارف لا يستطيع أن ينافس المزارع الأثيوبي الذي يزرع داخل الأرض السودانية المحتلة أو في أرضه ، والذي يبيع في سوق القضارف ، لأن مزارع القضارف يتعرض للجبايات المتزايدة وتؤخذ منه زكاة زروع 10% .
وضرب البدوي مثلا أنه إذا زرع المزارع بتمويل من البنك بمبلغ 100 مليون يكون المال مال البنك ، وإذا افترضنا أنه حقق عائد 110 مليون ، فإن ديوان الزكاة يأخذ ال10% من كل المبلغ الذي هو ليس ملكا للمزارع ، وأضاف البدوي أن المزارع يدفع زكاة مال وزكاة زروع . وأكّد أن ديوان الزكاة "بشيل من عضم المزارع" وشبه الأمر ب"تربيزة القمار" حيث كل المزارعين "مخروتين" ولا رابح سوى الحكومة "ست التربيزة" .
وزاد "بالحساب أفضل الربا" واستدرك "نحن دايرين الحلال"ونطالب بتطبيق مادة قانون الزكاة الاتحادي التي تنص على استخراج الزكاة بعد خصم التكاليف . ودعا البدوي منتدى شروق للمساعدة في الضغط لتنفيذ القانون وإلزام الحكومة به حماية للمزارعين وتطبيقا للدين وليس معارضة للحكومة .
ومن جهته أكد رئيس منتدى شروق الأستاذ رمزي يحي على استمرار طرح قضايا الزراعة في منبر شروق ، ووعد بالتفاكر حول إقامة فعالية حول زكاة الزروع وأخرى حول محمية الدندر .