الحركة الليبرالية السودانية:الانقاذ تستغل القضاء السوداني لتصفية خصومها السياسيين

الحركة الليبرالية السودانية:الانقاذ تستغل القضاء السوداني لتصفية خصومها السياسيين


07-18-2014, 11:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=30&msg=1405721311&rn=0


Post: #1
Title: الحركة الليبرالية السودانية:الانقاذ تستغل القضاء السوداني لتصفية خصومها السياسيين
Author: اخبار سودانيزاونلاين
Date: 07-18-2014, 11:08 PM

نص مداخلة الاستاذ عادل عبد العاطي في ندوة التضامن مع محمد بشرى قبان ومحمد الأمين الفيل – الخميس 17/7/2014 – دار حزب البعث إم درمان



احي الحضور الكرام واود أن أقول لهم ان اجتماعكم اليوم هو دليل على ان جذوة النضال من اجل الحقوق في الشباب السوداني لم تمت – رغما عن موت الكثير من القيم والمؤسسات السودانية. واعتذر مسبقا اذا ما كررت مداخلتي بعض ما طرحه او سيطرحه الاساتذة الاجلاء في هذه الندوة، فلم تتح لي الفرصة للتنسيق معهم حول محاور حديثنا – وساتناول هنا قضية علاقة القضية الراهنة للمناضلين بالقانون وخصوصا محاولات نظام الانقاذ استغلال القضاء السوداني لتصفية الخصوم السياسيين.

اخترت هذا المحور للحديث حيث يعيب علينا البعض الوقوف في حملة تضامن واسناد للمناضلين د. محمد بشرى قبان والاستاذ محمد الامين الفيل، باعتبار انهما ليسا معتقلان وانما هما مسجونان بحكم قضائي، وأنه بهذا الشكل لا يجوز التعاطف معهما او التضامن، وكل ما علينا ان نفعله هو ان نرضخ لحكم القضاء او ان نسير في اجراءات الاستئناف ولا نعطي للقضية طابعا سياسيا.

نقول اولا ان القضية سياسية par execlence - أي هي قضية سياسية بإمتياز . فهذين المناضلين لم يتم اعتقالهما ومحاكمتها لانهما كانا متهمان بسرقة الناس او نهبهم ، وانما لدورهما في الحراك الشبابي وخصوصا حركة غاضبون بلا حدود- كما تم اعتقالهما من منشط سياسي حيث كانا يشاركان في ندوة سياسية تمت دعوتهما لها .. والغريبة ان الاتهام الاول الذي كان موجها لهما هو العمل على تفجير الاحتفال واغتيال الصادق المهدي، وهنا يحق لنا التساؤل لماذا اذا كان المناضلان يسلكان سلوكا عنيفا لا يوجهان حد ضربتهما لرجال ورموز النظام بدلا من الصادق المهدي ؟ وهل النظام حريص فعلا على حياة الصادق المهدي ؟! كم مرة تعرض الصادق المهدي نفسه للتهديد بالقتل في معتقلات النظام نفسها ؟ هل كان محمد بشرى ومحمد الامين هما المسؤولان عن ذلك؟ حقيقة هذه المحاكمة يكتنفها التناقض ولا تقنع طفلا صغيرا يعرف ما يدور بالسودان اليوم بصدد جديتها ومصداقيتها.

تراجع النيابة ذاتها عن بعض التهم مثل الاتهام بتدبير القتل والاشتراك الجنائي وحيازة متفجرات الخ، والاقتصار على تهمة ادارة منظمة غير مشروعة، يوضح تهافت التهم وعدم قدرة الاتهام على اثباتها- وهناك قاعدة فقهية تقول ان ما بطل بعضه بطل كله، اذا كان البعض مرتبط بالكل. وتحديدا تقول القاعدة (ان ما لا يقبل التبعيض يكون اختيار بعضه كاختيار كله، وإسقاط بعضه كإسقاط كله.) والواضح هنا ان التهم كانت تشكل كلا واحدا وهي ادارة منظمة ارهابية بقصد اجراء اعمال ارهابية، فاذا لم يستطع الاتهام والمحكمة اثبات تهم الشروع في القتل والاشتراك الجنائي والاعمال الارهابية الخ، فكيف تكون المنظمة ارهابية اذن، وحيث ان تهمة الارهاب او حتى الشروع فيه لم تثبت، فلا يمكن أن تكون المنظمة ارهابية. كما يثير الاسى الحديث عن منظمة ارهابية غير مسجلة- وهل تسجل المنظمات الارهابية اصلا ؟! الواضح ان المحكمة لم تجد شيئا غير انتماء المناضلين لمنظمة غير مسجلة، ولكن الدستور لا يربط ممارسة النشاط السلمي بالتسجيل، وانما التسجيل الغرض منه التقنين فقط، والسماح بامتيازات من نوع فتح حساب بنكي او فتح دار او المشاركة في الانتخابات. اذن ادارة منظمة غير مسجلة لا يشكل جريمة في نظر الدستور، وما اضافة ارهابية هنا الا للتجريم ، في الوقت الذي يعرف فيه كل الناس ان غاضبون بلا حدود تستخدم النضال السلمي في نشاطها.

امر اخر نشير اليه وهو اشتراك جهاز الامن في كل الموضوع. فجهاز الامن السياسي هو من قام باعتقال المناضلين وهو من فتح البلاغات ضدهما. وهو من اصدر البيانات في وقتها لتشويه سمعة المناضلين ومحاكمتهم اعلاميا، وهو من مثل الاتهام عن طريق مستشاره القانوني. والسؤال هو لماذا يقوم جهاز الامن السياسي بكل هذا ، في حين ان حماية الندوات الجماهيرية هي من اختصاص الشرطة وليس الامن، وباعتبار ان كل التهم الموجهة للمناضلين كان يمكن ان يتم التحري فيها من قبل جهاز الشرطة وليس جهاز الامن، وان تمثل الاتهام فيها النيابة العامة وليس نيابة أمن الدولة. ووفقا لقانون الامن الوطني فان مهمته هي جمع المعلومات والتعاون مع المؤسسات الامنية الاخرى، فحتى لو كانت هناك معلومات متوفرة له كان يمكن نقلها للشرطة، كما كان يمكن ان تنقل كل القضية للنيابة العامة. ان ضلوع جهاز الامن في كل القضية بدءا من الغضب والتحري ثم فتح البلاغات ثم تمثيل الاتهام توضح الطابع السياسي للقضية. ناهيك عن التعذيب والمعاملة القاسية التي تعرض لهما المتهمان، والتي تجعل جهاز الامن نفسه تحت الاتهام بتجاوز السلطات واستخدام التعذيب الممنوع حسب الدستور السوداني والقوانين والمعاهدات الدولية التي وقع عليها السودن.

قضية محمد بشرى قبان والاستاذ محمد الامين الفيل تعتبر اذن حلقة جديدة في سلسلة القضايا الضعيفة من حيث الاجراءات والاثبات في تاريخ القضاء السوداني في زمن الانقاذ – وكلنا نذكر اعدام مجدي وجرجس في قضية شغلت الرأي العام وللاسف تم تنفيذها، كما نذكر الحكم بالاعدام على الدكتور مامون محمد حسين في اول حكم الانقاذ ، وهو الامر الذي تم التراجع عنه فيما بعد – وغيرها من الاحكام الجائرة مثل اعدام شهداء رمضان – ونحن الان في شهر رمضان – بعد محاكمات ايجازية لم تتوفر لها ادنى اسس العدالة- ويمكن ان نعدد الكثير من النماذج بطول عمر الانقاذ الذي استمر 25 عاما .

هذا الامر ليس هو من التاريخ البعيد، فقبل اشهر او قل اسابيع شهدنا قضية الاستاذة مريم يحي والتي كانت تشكل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان وفي اولها حق التدين وحرية الضمير والتي يحميها الدستور السوداني. وايضا نذكر انه تم حكم قضائي في هذا الامر تم التراجع عنه من قبل محكمة الاستئتاف من دون نشر الحيثيات حتى اليوم. وعدم نشر الحيثيات في هذه القضية يوضح ضعف الحكم الابتدائي اصلا، وان الحكم كان سياسي.

ومن الاشياء التي توضح استخدام النظام للقضاء وشكليات القانون ان متهما بالارهاب والجرائم ضد الدولة كما نشر عنه في حينها، قد اصبح بين ليلة ونهارها نائبا لرئيس النظام، اقصد هنا السيد الحاج ادم يوسف ، دون ان يكلف النظام نفسه التبرير كيف كان الرجل متهما هاربا خطيرا في يوم ونائبا لرئيس النظام في يوم. نفس الشيء نجده في تعامل النظام مع قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ، والذين تحاورهم في يوم ثم تصدر عليهم احكام الاعدام في اليوم التالي ، ولا نزال نذكر الاتهامات تجاه الاستاذ ياسر عرمان بأن له دور في موت طلاب تابعين للاتجاه الاسلامي في عام 1986 ، وكثيرا ما كانت ولا زالت صحافتهم تتهمه بأنه مجرم هارب، رغم انه لم توجه له تهمة قط – ورغم افادة لبابة الفضل ان كل الامر كان مؤامرة سياسية على الرجل، ورغم الشهادات المتعددة حول الرجل والقضية، وقد كنت ادليت بشهادتي في الموضوع عدة مرات نفيت فيها علاقة ياسر عرمان بالقضية وانه لم يكن متهما اصلا فيها، وان كل الاتهامات السياسية والاعلامية تجاهه قد بدأت بالظهور بعد عام 1991.

اخلص للقول ان النظام يحاول استخدام النظام القضائي لتصفية خصوماته السياسية، وهو في هذا لا يلتزم حتى بحدود القانون نفسه، وانما يتجاوز الدستور والقوانين السارية وهناك نماذج كثيرة تعرض لها العديد من القانونيين ومنظمات حقوق الانسان المحلية والعالمية. والامر كله هو جزء من محاولة النظام الاستمرار في الحكم بقوة الحديد والنار وبالاعتقالات الاجهاضية التي يقوم بها للمناضلين، ومن بينها الاعتقالات الاخيرة للاماجد في حزب المؤتمر السوداني بقيادة المناضل ابراهيم الشيخ، ثم يتم البحث عن تبريرات لها، او ما هو انكى وهو طلب اعتذار . كيف يعتذر الانسان اذا كان قد ارتكب جريمة، وهل هناك في قانون الاجراءات الجنائية او القانون الجنائي او قانون جهاز الامن مادة تسمى بالاعتذار تسقط التهم، ام انها العشوائية وغياب دولة القانون، والتي يشكل تورط بعض القضاة في تنفيذ مخططات النظام جزءا اساسيا من غيابها وغياب هيبة القانون.

تورط هؤلاء القضاة يعبر عن ازمة القضاء السوداني الذي تعرض للتخريب من قبل نظام الاتقاذ كغيره من مؤسسات الدولة الاخرى، دون ان يعني هذا عدم وجود قضاة شرفاء ينحازون لضميرهم وشرف المهنة، لكن النظام القانوني التسلطي نفسه كما يتجلى في ترسانة القوانين المعادية للحريات مثل القانون الجنائي لعام 1991 وقانون الامن الوطني وغيرها، وادلجة النظام القضائي وتشريد مئات بل الاف القضاة الشرفاء، يجعل النظام القضائي يكاد ينهار تحت حكم الانقاذ.

هذا الانهيار للنظام القضائي هو جزء من انهيار النظام السياسي والاقتصادي والاخلاقي والدستوري الشامل، وعجزه عن توفير أي من اهدافه التي زعم المجيء لأجلها، وتحويله السودان الى دولة فاشلة، وفقا لكل التقارير والاحصائيات المحلية والعالمية – يعيش سكانه في فقر يتزايد باستمرار وحروب طاحنة بالاطراف، حتى تحول الى دولة طاردة لمواطنيها. هذا الفشل للدولة يحاول النظام تعويضه بتشديد القبضة الامنية، وبتكوين مليشيات من نوع قوات الدعم السريع الخ، بل وبقتل المتظاهرين كما تم في انتفاضة سبتمبر المجيدة ، وكذلك بتلفيق التهم واعتقال المناضلين في ضربات اجهاضية ثم اطلاق سراحهم مرات دون تقديمهم للمحكمة. ونحن نعرف ما تعرض له المناضلان تاج السر جعفر ومحمد صلاح وغيرهم، وقد تعرضنا نحن الليبراليين الى مثل هذه الممارسات، حيث تم اعتقال الاستاذ عبد المجيد صالح في وقتها لمدة اربعة اشهر دون محاكمة ثم اطلق سراحه بعد التعذيب، وكذلك تم الامر مؤخرا مع الدكتور الفاضل سعيد سنهوري، اما المناضلة نهلة بشير فقد تم اعتقالها لاكثر من عشرة اشهر ثم براتها المحكمة من كل التهم الضعيفة التي وجهت اليها من قبل جهاز الامن الذي تحول الى الخصم والحكم، وتحول من جهاز لأمن الوطن كما هو منوط به، الى مجرد جهاز لأمن النظام المفلس والمتهاوي.

ما هي واجباتنا وواجباتكم اذن كشباب وقوى سياسية ومدنية: الواجب الاول هو الاستمرار في التمسك بخط النضال السلمي الجماهيري، وثانيا تعبئة المواطنين حول قضاياهم العادلة التي يحاول النظام التشويش عليها بمنطق التضليل والارهاب، وثالثا خوض كل المعارك مع النظام على جميع الجبهات السياسية والدبلوماسية والاعلامية والانتفاضية بصورة مثابرة وجادة.

ما هو جدير بالاهتمام هنا، هو اذدياد الوعي يوما بعد يوم واذدياد نشاط التضامن الداخلي والخارجي تجاه ممارسات النظام الفجة، وفي قضيتنا مثار التضامن هذه نذكر الحشود الضخمة التي كانت تصاحب جلسات المحاكمة، وندوتكم الحاشدة هذه. كما هناك درس تاريخي، ان كل الانظمة التي فقدت شرعيتها واعتمدت فقط على الأمن، كان سقوطها يرتبط طرديا مع ازدياد قمعها، فالمتسلط يزداد عنفه بقدر ازدياد ضعفه. ولن يفيد النظام هنا عنفه المباشر او استخدامه شكليات القانون لادامة نفسه، ولا التشبث بالدين وادعائه والتجارة به، لأنه كما قال ابن تيمية (إن الله ينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة - ولا ينصر الدولة الظالمة وان كانت مؤمنة) – ونحن نقول ان الشباب والشعب سيسقطان دولة الانقاذ الظالمة، قريبا جدا. وسيبتهج محمد البشرى ومحمد الامين بحريتهما مع الشعب، كما سيحتفل كل الاحرار.

والسلام عليكم ورمضان كريم.



إعلام الحركة اللليبرالية السودانية

18/7/2014

http://liberalsudan.info