الأطفال يتضامنون مع دارفور بأزيائهم

الموضة ليست مجرد ألوان وبهرجة .. إنها قضية وموقف

لندن: «الشرق الأوسط»
الذي قال، إن الأزياء مجرد ترف يستهدف المظهر والتباهي، مخطئ تماما. الأزياء كانت دائما ثقافة تعكس روح العصر، بما فيها اتجاهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. قد لا يكون الأمر غير واضح في السابق، لكنه في السنوات الأخيرة اصبح جليا للعين، ولا يمكن ان يغفل عنه إلا متحامل على الموضة يرفض ان يرى كل وجوهها. وما علينا إلا ان نأخذ اسبوع الموضة النيويوركي الأخير كدليل على هذه الوجوه. فهذا الأسبوع عرف على مدى سبعة ايام نشاطات حافلة بالقضايا الإنسانية، فمن تبرع كل مصمم بإبداع فستان أحمر لصالح برنامج التوعية بأمراض القلب التي تتعرض لها المرأة، وتبرع نجمات كبيرات باستعراضه، بغض النظر عن مقاييسهن الجسدية، إلى إقامة عروض خاصة بأزياء تراعي طرق إنتاجها، من ألف إلى ياء، مثل ماركة «إيدون» التي تحرص على عدم تشغيل أطفال واتباع وسائل أخلاقية في الإنتاج ولو على حساب الربح التجاري، مرورا بالعرض الذي اقيم لدعم برنامج آل غور البيئي، وحملات التوعية بمخاطر النحافة الزائدة الأنوركسيا. وأخيرا وليس آخرا أنهت نيويورك أسبوعها بعرض مثير وحافل لصالح دارفور، من تنظيم «مصممون من اجل دارفور»، الذي أسس هذا العام على يد المصمم مالكولم هاريس والعارضة ليديا هيرست شو، بالتعاون مع «تلفزيون اف.تي. فاشن». اقيم العرض الخيري في قاعة روزليند بنيويورك، بغرض جمع التبرعات وتسليط الضوء على مأساة اقليم دارفور السوداني، وبالتالي تم استقطاب جهود عدد كبير من المصممين، أكثر من 100 مصمم، لإنجاح هذا العرض وإظهار مساندتهم للقضية، ماديا ومعنويا. قدم كل واحد منهم زيا متكاملا بألوان الأحمر والأصفر والأخضر والأسود فقط، وكلها ألوان ترمز إلى افريقيا السمراء. الدعم لم يقتصر على المصممين فحسب، فقد تطوعت العارضات وفنانو الماكياج ومصففو الشعر أيضا بالمشاركة مجانا. من بين المصممين المشاركين في هذا الحدث، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: دونا كاران النجمة جيسكيا سمبسون بمجوعتها «لامب»، بايبي فات، تشادو رالف روتشي، نعيم خان، جايسون وو، جيرمي سكوت، بيري اليس، كارلوس مييل، ولوكاس لوكاس وهلم جرا. بعد الحفل مباشرة، تم عرض كل الأزياء على موقع «إي. بي»E-Bay لبيعها في مزاد علني سيذهب ريعه كاملا لصالح «تحالف انقاذ دارفور».

ورغم القضية المأساوية التي يتعرض لها العرض وسوداويتها، إلا ان الأزياء لم تكن تثير الحزن أو تشير لمأساة من أي نوع، بل العكس تماما، فهي رائعة بألوان افريقيا الدافئة، والتي زادها سحرا تقديم بعض المصممين أزياء خاصة بالأطفال. ولا شك أن مشاركة الصغار فيها اضفت على الجو العام جمالا وتفاؤلا، ليس فقط لجانب شقاوتهم اللذيذة أو براءتهم، بل مشاركتهم أصلا في قضية كبيرة، قد لا يفهمون مغزاها أو حجمها في هذه السن، لكنها حتما ستظل محفورة في أذهانهم طوال العمر، وقد تشكل عقليتهم لمعانقة قضايا انسانية أخرى، ولو من خلال الأزياء. فالموضة ليست فقط مجرد ألوان وأقمشة وتصاميم جذابة.