يا بت يا نيــل .. واجب التوثيق للقامة المبدعة حنـان !..

آخر مرة أشاهدها في حفل حي "Live" كان ذلك في شارع "النيل" الذي حق لنا الآن أن نطلق عليه مسمى "شارع حنان"..

كان ذلك في "الفندق الكبير" في أبريل عام 1989 أي قبل إنقلاب الردة عن الديمقراطية و الجمال و نسمات الحرية و الإبداع ببضع أسابيع ..

و كان الدنيا صيف .. و كم نجمات بعاد..

و كانت هناك "السمندل" و الموصلي شخصيا ..و كانت من أجمل ليالي العمر في الوطن "السودان الجديد آنذاك" بحق و حقيقة!..

ليل الوطن كان هادئا مطمئنا و كما النيل في تلك الأيام الحلوات إلا من صوت لعلعة رصاص الإصرار و التمادي في الإخفاق في تحقيق السلام و الديمقراطية في جنوبنا الحبيب..

حضور شبابي كثيف جاء بعد إعلام كثير حول "شوق الهوى" الذي جاء يتأبطه الموصلي من قاهرة المعز" عاجباني الحتة دي مع أني لسة ما قلبت شيعة "!..

و دقي يا مزيكة ..

السمندلاب و النوت الما خمج .. و موسيقى شوق الهوى و الكلام القالوه عنك و الحجروك علي و الأماني السندسية و ما لذ و طاب من ذوق الموصلي الذي لا ينضب "أدعوا معي"..

ثم صعد النيل و تدفق إلي داخل الفندق و ارتوى المسرح العامر بخيرة عازفي البلاد .. نفس الوجوه التي نشاهدها في حضرة محمد الأمين و صحبه الجبل الآخر وردي..

كانن هناك سلمى عبد القادر و حوا المنصوري .. و كان المليجي"أسامة" و صحبه "النو" و الفاتح و سعد و صابر و ميرغني الزين و عمر منصور صديقي الحميم و ميكئيل و أحمد باص و صابر و عثمان المبارك و جراهام و سمندلاوي و باقي العقد "الخاص" !..

كنت أجلس في الصف الأمامي في مواجهة المسرح على بعد حوالي المتر و نص لا أكثر رغبة في التصوف في حضرة السجادة السمندلية و هي الطريقة التي أنتمي لها منذ تأسيسها..و كانت تلك هي المرة الأولى التي أشاهد فيها حنان النيل Live ..
و اندهشت !

إندهشت لما أراه و أنا غارق في التأمل في شموخ و قوة و "شدة " تلك "المرأة" التي تقود عمالقة السمندل كما يفعل الباشكاتب و الباشوردي .. جسارة المشهد و قوة الصوت و الغنا الخالد "داك الصباح أهو لاح يا حبيب .. وداعا روضتي الغنا .. أنا النيـل الصحي بوافي يغني مع المراكبية ..إلخ" ..و الجمع الهائل يسترق السمع و يلقي البصر ..أحسست بالنيل و قد توقف و شرع في التنصت .. الحكي و الصوت "الما بيغباهو "!.. و الموسيقى الفاخرة و الكمنجات الساحرة و الهارموني البديع وو ..

خرجنا من هناك و أنا ألعن "نيو يورك" التي وصلتها بعد بضعة أسابيع و قبيل اللعنة الأكبر "مجئ مسخرة الإنقاذ" و كانت تلك السهرة أفضل ما تزودت به قبل مجئ الطارئ .. و لازلت أتلوى من "المفارقة" ببعديها..أجواء الديمقراطية و حنان النيل مع مشاريع "الذبح".. الوطن الصبيح مع الغربة "الأمريكية" و خيتها الكندية.. آه !

آه لو كنتن/كنتوا معي نوثق لهذه البنت الضخمة ..

فمن أين نبدأ !