قصّة "تيتو بول" من موظف لبائع سجائر .. !

قصّة "تيتو بول" من موظف لبائع سجائر .. !


04-17-2010, 09:43 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=290&msg=1271537011&rn=0


Post: #1
Title: قصّة "تيتو بول" من موظف لبائع سجائر .. !
Author: هشام الطيب
Date: 04-17-2010, 09:43 PM

"تيتو بول" صاحب كُشك لبيع السجائر، شاهدته وهو يجلس على كرسيِّ عالٍ، تحت ظلال جدار كبير، يقع على أحد الشوارع الملتوية في مدينة الخُرطوم. كان "بول" هائماً في التفكير، بدا ذلك من عيناه، كان ينظر نحو ابنه الصغير "سمير" الذي يجلس على "بنبّر" بجواره "سمير" يحمل كرة صغيرة على يديه يُدحرجها على الأرض لمسافة قريبة، ثم يُسرع لالتقاطها من جديد، بعدها يقوم بمناولة أحدالزبائن "سيجارة" ثُم يعود لدحرجة الكرة مرةً أخرى. كان سمير يتقاسم شقاء المهنة مع والده الذي يجلس على الكرسي وينظر نحوه بعمق وبقلق شديد، عيناه تحمل تساؤلاً ضخماً لإبنه مفاده أن: كيف سيكون مستقبلك يا ابني..

Post: #2
Title: Re: قصّة "تيتو بول" من موظف لبائع سجائر .. !
Author: هشام الطيب
Date: 04-17-2010, 09:46 PM
Parent: #1


لـ"بول" ثلاثة أبناء وبنت واحدة، وجميعهم يدرسون بمراحل مختلفة، جلست معهما، هو وابنه الذي يساعده في مهنته، وتحدثنا كثيراً عن مسيرة عمله، كيف بدأت؟ والى أين وصلت؟ وعن رؤيتهم للانتخابات التي جرت في هذه الأيام.. وعن مشاكل الدولة السودانية التي يرى بول أنها تدخل في نفق مظلم. بدأ "بول" حديثه معرفاً بمسيرة عمله التي يقول أنها ابتدأت في العام 1985م بعد أن غادر مدينة جوبا متجهاً إلى الخرطوم .. يقول بول عن سبب مجيئه للخرطوم: (كان في الجنوب في جفاف بسبب الحروب والمشاكل.. الوقت داك اشتغلت للمرة الأولى في حياتي، كنت أبيع العصائر واللبن، بعدها بقيت أوزّع بضاعة، بعدها التحقت بالعمل في شركة الأسواق الحُرّة بمطار الخرطوم). عن تلك الفترة التي قضاها بمطار الخرطوم يقول بول:( لما كنت في المطار.. كانت أحوالي الماديّة أكتر من ممتازة) ويضيف:(اشتغلت في المطار أكتر من 8 سنين)، وعندما سألته لماذا تركت العمل.؟ أجابني:(ما في زول بخلي شغل براهو.. ديل قاموا بخصخصة شركة الأسواق الحرّة، بعديها تم فصلي مع العشرات من العمال والموظفين). وكحال المئات الذين تم تشريدهم من العمل بفعل خصخصة المؤسسات الحكومية، دون ييتم النظر لما يمكن أن يصيبهم جراء فصلهم وتشريدهم من العمل. يواصل بول قائلاً:(بعد فصلنا وتشريدنا ازدادت أحوالي سوءاً، فتّشت شغل وما لقيت، بعديها قررت أسافر للبحث عن العمل خارج السودان، مشيت مصر، وليبيا، لكن لم يكن عملي في ليبيا مجديّاً ولم يكن العائد المادي منه كبير). بعدها رجع "بول" للسودان لأن النقود التي كان يتلقاها نظير عمله خارج السودان لم تكفي لإعالة أسرته الموجودة في السودان، لذا فقد قرر العودة، وبدأ رحلة البحث عن مهنة في وطنه، لكنه كما يقول فقد بحث كثيراً ولم يوفق في ذلك: (فتشت لمن رأسي ضرب، وما لقيت شغل)، وعن بدايته في كُشك السجائر يقول:( قررت أن أفتح كُشك السجائر بعد أن رجعت من ليبيا ومالقيت شغل وظيفة في السودان..). سألته عن دخله من هذا الكُشك هل يكفي لإعالة أبنائه فأجابني قائلاً:( بكفي في حالة واحدي، إذا ما جات الكشة وصادرت السجائر)، وبدأ "بول" يقص عليّ حكاية "الكشة" التي تداهمهم من وقت لآخر قائلاً:( مفروض يكون في نظام في الشغل .. لكن المحلية دا بيعمل لخبطة بدل يعمل النظام)، ويضيف:( كتير جداً بندفع غرامات باهظة.. وكتير جداً يقوم العسكري يصادر كل الكشك).. وزاد:( المحلية سبب في عدم استقرارنا المعيشي) تحدثنا عن الوضع الراهن في السودان والانتخابات، كان "بول" في غاية الإهتمام بالموضوع، ومتابعاً بصورة دقيقة لما يجري في الساحة السياسية فتحدّث قائلاً:(انا سجّلت في الإنتخابات، لكن ما مشيت للتصويت) سألته لماذا؟ أجابني بامتعاض شديد:(لأنو مافي إنتخابات نزيهة بتعملها الحكومة.. الحكومة مكنكشه في الحكم، وانا سجلت عشان أحفظ حقي بس..لكن الانتخابات دا مزور) وأضاف: (الأغلبية ما عاوزين يصوِّتوا في الإنتخابات لأنهم مقتنعين إنو ما فيها نزاهة؛ وبالطريقة دا السودان بيدخل في نفق مظلم.. لأنو الشهور الجاية في استفتاء جنوب السودان، والمشاكل ح تتعقّد أكتر وأكتر..) الفترة القادمة من تاريخ السودان حساسّة جداً كما يراها "بول"، و إذا ما استمرت الحكومة في تطبيق سياستها الحالية فإنه يرى أن الوطن مقبل على كوارث ومشاكل كبيرة وحادة للغاية، ويضيف بول:( اذا أردنا أن نجتاز مشاكلنا فإننا نحتاج لرئيس يقف ضَد الكشّات القمعية التي يمارسها علينا النظام. و نحن محتاجين مجَانيّة التعليم والصحّة) وأستدرك بول قائلا: (علي قدر البتشتغلو، لو ما شالوه ناس المحلية، هو رايح في الأكل والعلاج وتعليم العيال) ويضيف: (نحن محتاجين لرئيس أقيف مع الشعب ويحس بمعاناتهم.. وما محتاجين رئيس يزيد من مشاكل البلد ومشاكل الشعب التعبان دا). صمت بول بعد أن عدد احتياجات السودان للمرحلة المقبلة، لكنه عاد للتحدث مرةً أخرى قائلاً:(السودان يحتاج ويحتاج .. لكن وين مع الناس المكنكشة في حكومة دي!).