النسخة العربية لمقالي في صحيفة Observer الخليجية: انتخابات السودان .. ولادة عسيرة لجنين مشوّه

النسخة العربية لمقالي في صحيفة Observer الخليجية: انتخابات السودان .. ولادة عسيرة لجنين مشوّه


04-06-2010, 00:26 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=290&msg=1270509992&rn=0


Post: #1
Title: النسخة العربية لمقالي في صحيفة Observer الخليجية: انتخابات السودان .. ولادة عسيرة لجنين مشوّه
Author: عماد البليك
Date: 04-06-2010, 00:26 AM

انتخابات السودان .. ولادة عسيرة لجنين مشوّه

عماد البليك
كاتب سوداني

يخوض السودان وهو أكبر بلد أفريقي مساحة، الأحد القادم انتخابات على كافة المستويات بعد ربع قرن من أخر ممارسة ديمقراطية جرت في البلاد عام 1986.
وتأتي هذه الانتخابات المرتقبة في ظل تشكيك في نزاهتها حيث سبقتها عملية إحصاء سكاني وتسجيل للناخبين يرى مراقبون أن هذه العمليات تمت دون مصداقية وبناء على شروط المؤتمر الوطني الشريك الأكبر في حكم البلد مع الشريك الأصغر الحركة الشعبية لتحرير السودان، وهم متمردون جنوبيون سابقون وقعوا على اتفاقية سلام مع الحكومة في 2005 أدت إلى وقف الحرب في الجنوب - التي استمرت لربع قرن - وجملة من الاستحقاقات؛ على رأسها موضوع الانتخابات المزمعة والاستفتاء على مصير الجنوب في يناير 2011 والذي يرى أغلب المحللين أنه سيقود إلى انفصال الجنوب عن السودان ليكون أحدث دولة في أفريقيا.
وقد جاءت الانتخابات بعد تأخير عام كامل، لكن هذا لم يمنع المعارضة من المطالبة بتأجيلها لتشكيكها في النزاهة إضافة إلى أنها ترى أن المؤتمر الوطني وظف إمكانية البلد في خدمة حملته الانتخابية لاسيما لمرشحه الرئيس السوداني الحالي عمر البشير والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب في إقليم دارفور الذي تذهب أرقام غربية إلى أن ضحايا الحرب فيه تصل إلى 300 ألف ضحية، فيما تقول الحكومة أن العدد لا يتجاوز 10 ألف. كذلك تشكك المعارضة في نزاهة المفوضية العامة للانتخابات والتي ترى أنها عملت على تجاوزات في أمور إدارية ومالية.
ويرى المعارضون أيضا أن عدم الاستقرار في إقليم دارفور الغربي أحد الأسباب الرئيسة التي تدعو لتأجيل الانتخابات لأنه من الصعب إجراء انتخابات هناك، في ظل الظروف الراهنة في الإقليم، وهو المطلب الذي تنادي به حركة العدل والمساواة أكبر فصيل متمرد في دارفور، وكان قد وقع اتفاقية وقف لإطلاق النار مع الحكومة في فبراير الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة، لم يبارح مكانه ولم يؤدي لاتفاق نهائي، بسبب إصرار المتمردين على تأجيل الانتخابات كشرط أساسي لدخولهم في السلم وقسمة الثروة والسلطة مع الحكومة، وهذا يستدعي بالطبع فترة لحكومة انتقالية لا تقل عن خمس سنوات كما سبق أن صرح زعيم الحركة المتمردة.
وقد كانت أزمة دارفور والقلق بشأن النزاهة فيها على الأقل إن لم تقم الانتخابات أساسا في الإقليم، سببا من الأسباب التي ساقتها الحركة الشعبية لتحرير السودان وهي تسحب منافسها الشمالي المسلم ياسر عرمان من سباق الرئاسة في لحظة حرجة الأسبوع الماضي، برغم أنه كان المنافس الأقوى للرئيس البشير. يضاف لذلك تشكيك الحركة في النزاهة أيضا، لكنها تنظر إلى الانتخابات بخوض مستوياتها دون الرئاسية لكي تضمن إجراء الاستفتاء في موعده، لأن البشير سبق أن هدد أن أي تعطيل للاقتراع سينعكس على تحديد مصير الجنوب ويعطل الاستفتاء.
الولايات المتحدة وهي الطرف الخارجي الأكثر وضوحا الآن في السياسة السودانية وهي حليف قوي للحركة الشعبية، رأت عبر مبعوثها للسودان السبت الماضي أن الانتخابات ستكون أكثر من نزيهة، لكن الضمان الأمريكي لم يكن كافيا لإقناع المعارضين الذين باتوا ينظرون إلى السياسية الأمريكية في السودان بتشكك باعتبار المصالح الأمريكية المعلنة في دعمها لقيام دولة في الجنوب، وبالتالي حرصها على عدم تعطيل الاستفتاء، ولهذا فالانتخابات بالنسبة لها هي المعبر الذي سيؤدي إلى قيام الدولة الجديدة.
الآن يتضح الموقف في قيام انتخابات شكلية على الأكثر، ستؤدي إلى فوز البشير كرئيس وعناصر حزبه كبرلمانيين، لاسيما بعد أن رفضت الأحزاب الكبرى في المعارضة خوض الانتخابات بشكل كامل وسحبت مرشحيها من سباق الرئاسة وأبرزهم زعيم حزب الأمة التقليدي الصادق والمهدي ومرشح الحزب الاتحادي وهو الحزب التقليدي الكبير الثاني، ومرشح الحزب الشيوعي الذي لا يتمتع بثقل شعبي، وإنما ذاكرة قوية في السياسة السودانية إذ أنه أقدم الأحزاب الشيوعية في أفريقيا.
وبعد الانتخابات وبفوز البشير ستجد هذه المعارضة نفسها أمام الأمر الواقع بأن ترضى بفرض هيمنة المؤتمر الوطني من جديد في الشمال.
يشار إلى حزب الترابي وهو المناوئ الأقوى للمؤتمر الوطني بوصف الحزبان كانا شيئا واحدا قبل 1999، قرر خوض الانتخابات، ورشح مسلما جنوبيا لرئاسة السودان، لكن المحللين يرون أن فرصه ضعيفة، في الفوز.
يبقى أن الانتخابات لن تحل مشكلات السودان الراهنة والتي قد تتعقد من حل القضايا العالقة بين شريكي الحكم كترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وتقسيم عوائد النفط الذي يستخرج معظمه من الجنوب، بالإضافة إلى أن مشكلة دارفور تظل معلقة، وثمة جيوب محتلمة في الشرق وفي مناطق التوتر التقليدي في أبيي وجنوب كردفان، وما لم تسارع الحكومة الجديدة إلى حلول سريعة لهذه المشكلات فسوف يدخل أكبر بلد أفريقي في نفق مظلم يعقد أوضاع الاستفتاء ومستقبل الدولة الجنوبية والشمالية معا.