نَطَريَّة‮ ‬القِرْد‮ ‬التَّعِيس (ما براك يا إسحق)

نَطَريَّة‮ ‬القِرْد‮ ‬التَّعِيس (ما براك يا إسحق)


04-01-2010, 05:31 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=290&msg=1270139504&rn=0


Post: #1
Title: نَطَريَّة‮ ‬القِرْد‮ ‬التَّعِيس (ما براك يا إسحق)
Author: علاء الدين يوسف علي محمد
Date: 04-01-2010, 05:31 PM


تقول الطُرفة أن قرداً كان يسكن في الغابة المليئة بأشجار المانجو «المنقة » ويبدو أنه ذات يوم شاهد «حبة منقة » كبيرة جداً وضخمة جداً وقد بلغت درجة النضوج وصارت صفراء فاقع لونها تسُر الناظرين .. وعلى الرغم من أن «المنقة » كانت معلَّقة في أعلى الشجرة إلاّ أن القرد أصرَّ على الوصول إليها وقطفها ، وصار يُقلِّبها ذات اليمين وذات الشمال وهو فرح وسعيد ومغتبط بها ممنياً نفسه بوجبة دسمة لكن مشكلته كانت تتمثَّل في أن حبة المنقة كانت كبيرة وضخمة لدرجة لم يَعْتَد عليها في هذه الغابات ذات الحبوب الصغيرة ، ويبدو أن نفسه قد غلبته بعد أن قام بسلخها من جلدها الخارجي فوصفها في فمه وبدأ يستمتِّع بطعمها الحلو وسكرياتها المركَّزة ، ونظراً لأن المنقة تحتوي على سائل صمغي لزج فقد إنزلقت فجأة في بطنه على الرغم من ضخامتها .. وفي آخر النهار ذهبت السكرة وجاءت الفكرة فقد وُوجِّه القرد التعيس بأن «الدومة » أو الجزء الخشبي من المنقة قد تعارض في مؤخرته ولم يتمكَّن من إخراجه مع المخرجات .. وعند ذلك صار القرد «يكُورك » و «يصيح » ويصرخ «ويفَنْجِط » من الألم الحاد الذي سبَّبته حبة المنقة .. وإستمر الحال به مدة طويلة مابين الجري والصراخ والعويل والتلوي و «النطيط » وأخيراً وبعد جهد جهيد وألم شديد ومخاض عنيد خرجت حبة المنقة .. الذي شعر بأنه قد «إنْفَكَّ » ومن ذلك اليوم بدأ القرد التعيس في إنتهاج مبدأ ونظرية وممارسة جديدة في تناول كل أنواع الفواكه التي بها «دومة » أو أجزاء خشبية بحيث أنه كان قبل أن يأكل اللالوبة الصغيرة مثلاً يقوم بقياس حجمها مستعملاً مقياساً معيارياً فإن وجد أنها تُعادل أو تقل عن « المقاس المعيار » فإنه يقوم بإبتلاعها وإلا فإنه يقذف بها بعيداً ويرفض أكلها وربما صار القرد أكثر تطرفاً في تطبيق هذه النظرية حتى أنه كان يقوم بقياس كل المأكولات مهما كانت صغيرة حتى لو كانت حبة تسالي أو فول قبل أن يبدأ في إلتهامها .
ويبدو أن أهلنا في المعارضة وبالذات تجمع جوبا «ونقابة » مرشحي رئاسة الجمهورية وأهلنا من زعماء الأحزاب التي كانت تُنادي بالديمقراطية وإسقاط الشمولية قد وقعت في ذات الخطأ الذي وقع فيه أخونا القرد فقد إلتهمت منقة «الإنتخابات » وأصرَّت على قيامها معتقدة خطأ أنها قادرة على هضمها وعلى «إخراجها » بصورة سلسة .. وحكومة المؤتمر الوطني يبدو أنها كانت من الذكاء بحيث جعلت هؤلاء القوم يُقبلون على إلتهام حبة المنقة «بتاعة الإنتخابات » ويُصرون عليها دون أن ننبههم إلى أن البتاعة دي مقاسها «كبير شوية » وزعماء الأحزاب فوجئوا بأن مريديهم وحيرانهم وتابعيهم إما أنهم «بقو مؤتمر وطني » أو أن أبناءهم وأحفادهم قد إستقطبهم المؤتمر بوسائل متعددة غير متوفرة للأحزاب الأخرى .. ولهذا فإن السكرة التي أخذت زعماء الأحزاب قبل خمسة سنوات رافعين شعار إزالة الحكم الشمولي ومنادين بالديمقراطية والرجوع الى الشعب كان هذا هو القشَّة التي قصمت ظهر بعير الأحزاب وكان حبة المنقة التي «تعارضت » وأبت الخروج مما جعلهم يُفنجطون ويُنططون ويصرخون ويملأون الساحات ضجيجاً وصياحاً بسبب الألم الشديد الناتج عن إستشعارهم للأزمة التي دخلوا فيها .. والقوم تيقَّنوا الآن أن السقوط أقرب إليهم من حبل الوريد وإنفض سامرهم وعرفوا أنهم لو كانوا يعلمون الغيب لما إبتلعوا «منقة الإنتخابات » التي حشرها في جوفهم المؤتمر الوطني ويبدو الآن أن المطالبة بتأجيل الإنتخابات أو المطالبة بإلغائها أو الإدعاء بأن مفوضية الإنتخابات إدارة منحازة للمؤتمر الوطني ماهي إلا بعض الممحاكات التي برع فيها هؤلاء القوم ، وماهي إلا تعبير عن آلام المخاض الناتج عن إبتلاع شىء أكبر من اللازم وكان الأجدر بهم أن يفعلوا مثلما فعل القرد التعيس الذي كان يقيس حبة التسالي وحبة الفول واللالوب قبل أكلها ناهيك عن تلك المنقة الكبيرة جداً جداً ..







المصدر الذي تنبّأ بتكرار النظرِيّة