قال "لا" للسفينة وأحب الوطن

"كان قلبي الذي نسجته الجروح
كان قلبي الذي لعنته الشروح
يرقد الآن فوق بقايا المدينة
وردة من عطن
هادئا..
قال 'لا' للسفينة
وأحب الوطن!"
أمل دنقل
----------------------------------------------------


كتب جورج أوريل عام 1949 كتابه الشهير 1984، وكأنما برؤيته الثاقبة ونبؤته المذهله يكشف عن تبدل المعاني عندما اصدرت وزارة الحقيقة تعريفا جديدا للمعاني:
الحرب سلام
العبودية حرية
الجهل قوة
وكانت 1984 سنة فريدة في تاريخ السودان الحديث هلك فيها الزرع والضرع وإذل فيها الشعب السوداني ، وزيفت فيها الحقيقة فصار الجاهل إماما، والمنافق وزيرا، واللص قاضيا، ودبرت وحيكت فيها المؤامرة لاغتيال محمود.
وفي يوم 18/يناير/1985 في الهند تم اكتشاف شبكة للتجسس، في استراليا عاصفة تدمر مدينة بريسبين، والاف الاطفال يموتون في اثيوبيا وغرب السودان والخرطوم من فرط الجوع والمرض، وبوب قيلدوف في انجلترا يجمع التبرعات لاطفال اثيوبيا.
ولكن امراض العالم حروب العالم كوارث العالم لاتهم احد، والحكام في هذا السودان مشغولون بامور اكثر سماوية من غيرهم من سكان الارض انهم منهكون في التجريد والافكار، لا لتجويدها أو صنعها أو ابتكارها أو التمتع بها كما يفعل فلاسفة باريس أو حكماء اليونان، لكن لتشكل لها المحاكم، وتنصب لها الحبال، وترصدها، وتحاصرها، وتطاردها العقول الغبية الغيبية والارواح الحمقاء المنتشرة في هذه البقاع التعيسة من الارض.
تعساء القرن العشرين الذين هتفوا في ساحة المشنقة يوم الجمعة 18/يناير/1985، ومازالوا ينعقون لا يدركون ماهي حرية الرأي، ومدي أهميتها، لان حـرية الفـكر والمعتقــد، هي فكرة مناقضة للتعصـب، والتطرف،وافتراض امتلاك الحقيقة، وحرمان حرية الرأي هو المـولد الحقيقي للعسـف والظـلم والإستبداد السياسي، والديني، والإجتماعي، والعائلي، و محمود سوف يسجل التاريخ السوداني تضحيته بأنها أنتصار للفكر الحر، وكلماته البسيطة المعبرة التي دفاع فيها عن حرية الرأي والتعبير، سوف يسجلها أبناء السودان القادمين بكل فخر وإعتزاز في مقدمة دساتيرهم لانها خالدة.
وفي صبيحة يوم الجمعة 18/يناير/1985 توقف أعظم مفكر سوداني معاصر عن التفكير، وتبسم رجال اقل منه ذكاء وفكرا وشجاعة، قلوبهم يملؤها الحقد والحسد وعقولهم يديرها العجز والخمول، حاقدين علي هذا الشعب ومحتقرين له فمن منا ينسي هذه الاسماء القميئة التي سيخجل منها تاريخ السودان الي الابد (الترابي،نميري،فؤاد الامين،والنيل أبو قرون،وعوض الجيد،والمكاشفى،ومحمد الحافظ،، المهلاوى).
كان أعداء محمود يحبون القبح وهو يحب الجمال، يحبون العنف وهو يحب السلام، يبثون الكراهية وهو يبث الحب، يبشرون بالظلم وهو يبشر بالعدل،يجادل الافكار هم يشنقونها، كان محمود يحب هذا الشعب كانوا يحتقرونه، لذلك دافع عنا حين صمت الاخرين، دافع عنا وأحزنه أن يري هذا الشعب ذليلا مهانا محتقرا، عاش ومات وهو يحلم برؤية ومستقبل يعيش فيه الناس في سلام وطمأنينية واتساق.
وألاخوة الجمهوريين من أنبل من التقيت، تسامح بلاحدود، وخلق رفيع، يتحملون في صبر مدهش كل عنفنا اللفظي وحدتنا التي تعلمناها في مدارس اليسار السوداني، يجادلون بادراك موسوعي لقضايا العالم المختلفة، ولهم إهتمام حقيقي بقضايا الانسان السوداني وحقوقه. ولذلك فــــــــــإن محمود كمــــــــــــا يقـــــــول فصحاء الانجليز عند عجــــزهم عـــن تفسير ظاهرة أو تحليلها He must have done something right.

شكرا ليك كتابة جميلة
واستشهادك بارويل استشهاد جميل
ومناسب

على غير العادة فى هذا البورد اذ الاستشهاد الغاية منه اسم الكاتب وليس ما قاله..
ولكن ما كتبته جميل جدا ومؤثر

مشكورة
والشكر لارويل

الذي كان يمقت الشمولية لانها ضد التفكير الحر، وتمجد ثقافة القطيع

أحمد أمين..
شكرا لك وأنت تهبنا جرعة أمل..

Quote: كان أعداء محمود يحبون القبح وهو يحب الجمال، يحبون العنف وهو يحب السلام، يبثون الكراهية وهو يبث الحب، يبشرون بالظلم وهو يبشر بالعدل،يجادل الافكار هم يشنقونها، كان محمود يحب هذا الشعب كانوا يحتقرونه، لذلك دافع عنا حين صمت الاخرين، دافع عنا وأحزنه أن يري هذا الشعب ذليلا مهانا محتقرا، عاش ومات وهو يحلم برؤية ومستقبل يعيش فيه الناس في سلام وطمأنينية واتساق.

يحاربون الفكر بالمشانق؟؟
ونحارب الجهل بالوعي بالأمل..

مشكور يا خالد
والحرية لنا ولسوانا
لانها لا تقدر بثمن