الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة

الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة


12-23-2006, 10:44 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=284&msg=1185357208&rn=18


Post: #1
Title: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 12-23-2006, 10:44 PM
Parent: #0

في دراستة العميقة ( ازمة الهوية في شمال السودان ) استخدم الدكتورالباقر العفيف مصطلح الشمال الايديولوجي وعرفه قائلا" ( مصطلح شمال السودان لايعني هنا الشمال الجغرافي , بل الشمال الايدلويوجي بالاحري , والذي تنحصر محدداتة الجغرافية بشمال السودان المسلم العربي الناطق باللغة العربية , والمتمركز بالوسط النيلي . )
اهل هذا الشمال الايدلويوجي عرفوا انفسهم بانهم عرب ومسلمين ومن ثم عرفوا البلد بناءا" علي تعريفهم لانفسهم فكان طبيعيا" ان لايقبلوا بالاخرين كمساوين لهم في الوطن .
لقد حكمت السودان منذ الاستقلال وحتي اليوم نخب مدنية جاءت عن طريق الانتخاب سلمت السلطة عند المنعطفات الخطرة الي نخب عسكرية تواصل السير في نفس الاتجاه . تتكون هذه النخب من الزعامات الطائفية التي تعتقد ان لها حقا" الهيا"في حكم السودان والانفراد بخيراته وذلك بما تتميز به عن جميع اهله من شرف الاصل , كما تتكون من قادة عسكرين استغلوا قوة المؤسسة التي ينتمون اليها في الاستيلاء علي السلطة بدلا" من حماية الحدود والسيادة . وقد تحلقت حول هؤلاء واؤلئك جماعات من الراسماليين الطفيليين , ومن المثقفين العارضين لخدماتهم علي كل حكم , ومن تجار القضايا الوطنية في الجنوب والشمال , وجمع بينهم جميعا" اقتناعهم العميق بان الحكم لايتعلق بحل مشاكل الشعب , بل يعني اولا" واساسا" نهب الثروات المحققة والموارد المتاحة .
لقد جاءت الدولة الدينية الاصولية من هنا , جاءت كخلاصة مركزة لاتشوبها شائبة , لكل النقائص والتشوهات التي صاحبت مسيرتنا الوطنية منذ الاستقلال , جاءت تجسيدا لنزعات الاستعلاء الديني والعرقي التي تصور للبعض انهم فوق البشر , وتتويجا" لغرائز الانانية والطمع التي تبرر لهم الاستيلاء علي كل الثروات , وصيغة متطرفة لاهواء الانفراد بالسلطة , واخضاع الشعب اخضاعا" كليا" وتسيره بالحديد والنار , وبالتعذيب الوحشي , والدم المراق , والابادة الجماعية .
هذه النخب قد تختلف فيما بينها حول الاسلوب الامثل لتنفيذ هذه السياسات ولكن اختلافها شكلي , طالما هي متفقة حول جوهر هذه السياسات فالبرنامج واحد لدي هذه النخب , شقه الاقتصادي النهب والسياسي القمع , وقد عبرت الجبهه الاسلامية عن هذا البرنامج بشجاعه تحسد عليها , لقد عاملت الجبهه الاسلامية شعب السودان كشعب محتل وهو فعلا كذلك, لذلك كان تطبيق البرنامج المتفق عليه تطبيقا " سافرا" .
الشمال الايدلويوجي استوعب الكثيرين من ابناء الهامش التقليدي , لذلك نجد ان هذه النخب مثلت تقريبا كل اصقاع السودان , وبالمقابل نجد ان التصدي لهذه النخب شارك فيه اهل الشمال مشاركات كبيرة .
ان مدخلنا لمحاربة مناهج التهميش والاقصاء هو تحديد العدو الحقيقي الذي ظل ولفترات طويلة يعتمد علي التناقضات المتخيلة بين السودانين وساعده في ذلك تسويقنا نحن لهذه التناقضات .
اذا اتفقنا ان الشمال الايدليووجي هو من همش غالبية الشعب السوداني يصبح من المهم ان نتحد كمهمشين لخوض معركة طويلة الاجل ضد هذه النخب التي ليس لها عرق محدد ولكن لها تصورات محددة لحماية مصالحها , فالقول بان الشمال الجغرافي هو من همش بقية اقاليم السودان هو قول خاطئ لان الشمال نفسة مهمش واهل الشمال لاعلاقه لهم بهذه النخب ,
هذه النخب عازلة ومعزولة بفعل سياساتها وقد ظلت علي راس السلطة تمارس قمعها وتهميشها للكل لاننا لم نتفق علي تصورات واضحه لهزيمتها , البداية الجادة تكون بتعريف انفسنا ومن ثم تعريف عدونا , نحن سودانيون واي انسان يريد ان يصبغ هوية اخري علي هذه البلد هو من يستحق حربنا , حربنا جميعا " مهمشين تقليدين او مهمشين بالمعني الواسع لكلمة التهميش .
اعتقد ان الحوار مهم جدا لترتيب اولويات نضالنا الذي يبدا بالاصطفاف الصحيح , فمن غير المعقول ان يسعي البعض لرفد عدوه بمجموعات كبيرة من البشر هم في الحقيقه حلفاء لهم.
ا

Post: #2
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Emad Abdulla
Date: 12-23-2006, 11:14 PM
Parent: #1

Quote: هذه النخب قد تختلف فيما بينها حول الاسلوب الامثل لتنفيذ هذه السياسات ولكن اختلافها شكلي , طالما هي متفقة حول جوهر هذه السياسات فالبرنامج واحد لدي هذه النخب , شقه الاقتصادي النهب والسياسي القمع
Quote: الشمال الايدلويوجي استوعب الكثيرين من ابناء الهامش التقليدي , لذلك نجد ان هذه النخب مثلت تقريبا كل اصقاع السودان
Quote: اذا اتفقنا ان الشمال الايدليووجي هو من همش غالبية الشعب السوداني يصبح من المهم ان نتحد كمهمشين لخوض معركة طويلة الاجل ضد هذه النخب التي ليس لها عرق محدد ولكن لها تصورات محددة لحماية مصالحها
Quote: البداية الجادة تكون بتعريف انفسنا ومن ثم تعريف عدونا
مساء الخير يا بهاء ..
تحياتي ..
هذا طرح جدير بالحوار حوله لما يفتح من قضايا متشعبة و شائكة , و قد لا يخرج بنا كثيرا عن إشكالية الهوية , إن لم يكن يضيق من دائرة الوصول إلى فض اشتباكاتها .
Quote: ( مصطلح شمال السودان لايعني هنا الشمال الجغرافي , بل الشمال الايدلويوجي بالاحري , والذي تنحصر محدداتة الجغرافية بشمال السودان المسلم العربي الناطق باللغة العربية , والمتمركز بالوسط النيلي . )
أعتقد أن الأيدلوجيا لا تحدها الجغرافيا أو الإثنية , لذلك فحينما نقول بالشمال الآيدلوجي يقتضي الأمر سلخ المصطلح عن مثل تلك التحديدات و إلا لانتفى الأمر برمته و عدنا إلى المربع واحد .

شكرا بهاء و لي عودة .

Post: #3
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 12-24-2006, 00:18 AM
Parent: #1

كتب الصديق الدكتور احمد عثمان عمر زميلتا بالبورد مساهمة في نفس الاتجاه ولم تنل حظها من النقاش , سوف اعيد نشرها علي امل ان يتكرم دكتور احمد بالتعليق علي مساهمات الزملاء من عضوية المنبر .
--------------------------------------------------------------------------------

في أصول ضبط المصطلح
السودان: نخبة نيلية حاكمة أم نخبة حاكمة
د. أحمد عثمان
كاتب سوداني
بصريح العبارة لم أكن أنوي التقدم بأي مداخلة حول قضايا السياسة السودانية الشائكة، ليس زهدا أو ترفعا و لكن إدراكا لمدى الجهد والمثابرة المطلوبين ، وهما أمران عزيزان لا أظن أن وقتي يسمح بهما. ولكن تكرار مصطلح النخبة النيلية في خطاب المتداخلين ، دفعني دفعا للتقدم بهذه المداخلة المبتسرة والتي أوجزها فيما يلي:
الحديث عن نخبة نيلية حاكمة من وجهة نظري مضلل وفي أحسن الفروض غير دقيق وذلك لما يلي من أسباب:
أ. الناظر لحكومات السودان منذ الاستقلال و حتى هذه اللحظة، يجد أن السودان قد حكمته قوى معينة ذا ت جذور اجتماعية وطبقية منسجمة بغض النظر عن طبيعة واجهاتها و منحدراتهم الجهوية والمناطقية. وهذا يسري على الحكومات المدنية كما العسكرية. فأول حكومة بعد الاستقلال شكلها الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الزعيم الأزهري، استمدت ثقلها الجماهيري الرئيس من أماكن بينها الشرق المهمش وهي في مجملها مناطق قطاع تقليدي وليس حديث. ونفس الأمر ينطبق على حكومات حزب الأمة التي جاء بها ثقل انتخابي من غرب السودان المهمش الذي يحمل السلاح الآن. ولكن بالحتم لم تكن تلك الحكومات تمثل مصالح جماهيرها بأية حال.
ب. كل الحكومات بلا استثناء ولأنها قامت على أساس اجتماعي يوحد القوى ذات المصلحة، كان بها أعضاء من جميع مناطق السودان، جمعتهم مصالحهم الطبقية ووحدتهم أيدلوجيات شتى برروا عبرها التمادي في التسلط و النهب.
ج. حكومات ما قبل انقلاب مايو جميعها لعبت فيها الأدارة الأهلية دورا مهما و القول بأن هناك نخبة نيلية فقط تحكم يحجم من دور هذه الأدارة التي تنحدر من كافة أقاليم السودان ويعفيها من مؤونة تحمل نصيبها من الفشل.
د. القول بوجود نخبة نيلية حاكمة دون تمييز هذه النخبة وتحديد ماهيتها يقود لنتائج خطيرة منها:
1- أن العدو الرئيس في السودان هو هذه النخبة غير المعرفة والتي يمكن أن تمدد لتشمل جميع أبناء النيل بحيث تصبح المعادلة و كأنها صراع بين أولاد الغرب وأولاد البحر وهذا هو جوهر الخطاب الجهوي العنصري.
2- اخفاء حقيقة أن أغلبية أبناء النيل وغالبية النخبة النيلية سواء أكان توصيفها كنخبة لأسباب معرفية أو دينية أو اجتماعية كانت ومازالت أول من يعاني القمع و التهميش و نظرة عجلى للمهجرين بالمهاجر تثبت ذلك.
3. افتعال عداء وهمي ومدمر قد يقود إلى قطيعة تضر بوحدة جميع القوى السودانية التي لها مصلحة في التغيير والتنمية بنسبة أبناء المناطق النيلية إلى هذه النخبة المحظوظة واتهامهم بالاستفادة من وجودها في السلطة بالمخالفة للواقع.

فوق ذلك كله إن الحديث عن نخبة نيلية حاكمة يؤسس لمفارقات منها:
1. احتساب أبناء المناطق المهمشة الذين صعدوا إلى مناصب رفيعة بأجهزة الدولة كعملاء للنخبة النيلية دون النظر للأسباب الحقيقة التي دفعتهم للالتحاق بركب سلطة متهمه بالانحياز ضدهم. وهذا بالطبع يغيب البعد الاجتماعي الطبقي للسلطة و يبرئ أيدلوجيات ساقطة هي أس البلاء وأساس المشكلة.
2. تبرئة النخب المثقفة من أبناء المناطق المهمشة التي روجت لأيدلوجيات رأس المال الطفيلي ولشبه الإقطاع وسوقت للنخب الحاكمة كل مخططاتها في تلك المناطق من المسئولية توطئة لعرضها بثوب المناضلين في إعادة صياغة مبتسرة تعيد انتاج التضليل.

3. تغييب الحقيقة الأساسية المتمثلة في وجود قوى اجتماعية معينة في هرم السلطة لم تفرق في قمعها ونهبها وتهميشها بين ابن النيل و ابن الغرب أو ابن الشرق أو ابن الجنوب. فمعتقلاتها فتحت للجميع و تعذيبها وارهابها طال الجميع، ونهبها لم يفرق بين طريق الإنقاذ الغربي و بترول الجنوب وذهب الشرق أو رطب الشمال. هذه القوى هي قوى رأس المال الطفيلي غير المعني بالعملية الإنتاجية، وغير المعني بإنسان السودان في شرقه أو غربه- شماله أو جنوبه. و هذا النمط من التطفل هو الذي يقدم لبلادنا نخبتها الحاكمة بغض النظر عن عدد عضويتها من أي من جهات السودان. فالجميع يمثل عصابة واحدة لاسبيل لتفنيد مكوناتها على أساس جهوي.فهي نخبة طبقية حاكمة لاتصح نسبتها للسودان النيلي فقط ولا لأي منطقة من مناطق السودان الأخرى منفردة.
التحليل الموصوف أعلاه قادر على تجميع كل السودانيين أمام عدو واضح وصريح من الممكن هزيمته بشرط تعرية آيدلوجياه الملتحفة ثوبا دينيا يؤكد عجزها عن المواجهة باختيار التواري خلف واجهات دينية، و كذلك تعرية الخطابات الجهوية التحريضية المستندة إلي حقيقة ضعف الأحزاب القومية ومؤسسات المجتمع المدني التي استهدفتها السلطة الانقلابية ومنذ أول يوم بشراسة غير مسبوقة. ولست في حاجة للقول بأن شرط هزيمة أيدلوجيا التغييب هو تفكيك خطابها و الوسيلة لذلك هي ضبط المصطلح.

أختم بالقول أن هذه المساهمة لا تعدو حالة كونها محاولة للتفكير بصوت مسموع لاتنكر المظالم ولا التهميش ولكنها تحاول تحديد ملامح العدو لتجميع أوسع قطاع معني بهزيمته، وهي بمثابة نداء لكل من يهمهم أمر الوطن وهم أقدر مني على الإفصاح أن يشحذوا أقلامهم فالصمت لم يعد ممكنا و بلادنا تضيع.والشكر موصول لجميع المتداخلين بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف في وجهات النظر مع رجاء إبقاء الحوار منصبا على قضايا الوطن وبعيدا عن المهاترات وشخصنة الخلاف و الحط من قدر أي من المتداخلين.

Post: #4
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: فيصل عباس
Date: 12-24-2006, 05:58 PM
Parent: #1

Quote: اعتقد ان الحوار مهم جدا لترتيب اولويات نضالنا الذي يبدا بالاصطفاف الصحيح , فمن غير المعقول ان يسعي البعض لرفد عدوه بمجموعات كبيرة من البشر هم في الحقيقه حلفاء لهم.


هل من مزيد؟؟


او مزيد
نتابع وفي الدواخل تنبت شجرة الاسئله...


وهل من شفاء يا بهاء؟؟
بمزيد من القول...

Post: #5
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: فارس موسى
Date: 12-25-2006, 02:32 AM
Parent: #1

Quote: أ. الناظر لحكومات السودان منذ الاستقلال و حتى هذه اللحظة، يجد أن السودان قد حكمته قوى معينة ذا ت جذور اجتماعية وطبقية منسجمة بغض النظر عن طبيعة واجهاتها و منحدراتهم الجهوية والمناطقية.

Post: #6
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: فارس موسى
Date: 12-25-2006, 02:41 AM
Parent: #1

Quote: فالقول بان الشمال الجغرافي هو من همش بقية اقاليم السودان هو قول خاطئ لان الشمال نفسة مهمش واهل الشمال لاعلاقه لهم بهذه النخب ,

Post: #7
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Mohamed Suleiman
Date: 12-25-2006, 06:12 AM
Parent: #6


Quote: ان مدخلنا لمحاربة مناهج التهميش والاقصاء هو تحديد العدو الحقيقي الذي ظل ولفترات طويلة يعتمد علي التناقضات المتخيلة بين السودانين وساعده في ذلك تسويقنا نحن لهذه التناقضات .
اذا اتفقنا ان الشمال الايدليووجي هو من همش غالبية الشعب السوداني يصبح من المهم ان نتحد كمهمشين لخوض معركة طويلة الاجل ضد هذه النخب التي ليس لها عرق محدد ولكن لها تصورات محددة لحماية مصالحها , فالقول بان الشمال الجغرافي هو من همش بقية اقاليم السودان هو قول خاطئ لان الشمال نفسة مهمش واهل الشمال لاعلاقه لهم بهذه النخب ,


What a flawed argument !!! x

save your fancy definitions ... x

since 1956 and for a long time we used to see the head of state is a northener , the big merchant in the cities of Darfur ( Tagir Kabir ) was and is a Northerner . xx

i.e. Power and Wealth always in the hands of Northerners . x

Now conveniently some Northern Intellectuals want to blend in the midst of the marginalised people and bluring the lines by telling us : we are all marginalised!!! x

Then who is the enemy ??? X

Who killed millions in the South and hundreds of thousands in Darfur ??X

Who dropped bombs from Antonofs on the head of our people in Darfur ??x

The orphans and widows in the refugees camps in Darfur they don't understand these terminologies of marginalised and Center . x

but they know very well that the Gallabah Government in Khartoum intended to wipe them from the face of this earth . x

Don't ask me what Gallabah means . Ask those in the camps in Darfur . They know that the Gallabah ( inside power and outside ) kept them in those miserable camps for four years and still they are there . x

.







.

Post: #8
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 12-25-2006, 08:12 AM
Parent: #1

Quote: Çهذا طرح جدير بالحوار حوله لما يفتح من قضايا متشعبة و شائكة , و قد لا يخرج بنا كثيرا عن إشكالية الهوية , إن لم يكن يضيق من دائرة الوصول إلى فض اشتباكاتها .

شكرا لك صديقي عماد وانت تذهب مباشرة الي حيث المشكلة الحقيقية ببصيرة نافذة , تعديل الاوضاع يبدا بالاتفاق حول تعريف جديد لهوية الشعب السوداني .
ان بداية الازمة كانت باعتماد مفهوم خطير وقاصرللهوية السودانية , يقف علي ارضية الاستعلاء الديني والعرقي , ويتجاهل كل عناصرها ومكوناتها العديدة , ويحصرها في الانتماء العربي الاسلامي , ويعمل علي تعميم ذلك ليبتلع كل ماعداه , ان لم يكن بالحسني , قبالعنف والازاحة والابادة .
لايمكن اقامة نظام سياسي جديد بدون الانطلاق من مفهوم صحيح للهوية السودانية . من كونها تعددية , فالذين ينطلقون من ان السودان عربي سيقومون بتهميش القوميات الغير عربية , والذين يقولون ان السودان افريقي سينادون بطرد العناصر الدخيلة , والذين يقولون ان السودان اسلامي سيحيلون الاخرين جميعا" الي مواطنين من الدرجة الثانية , والذين يقولون ان السودان بلا هوية سيقسمونه اربا" اربا" . فالسودان قطر متعدد الاثنيات, متعدد الثقافات , متعدد الاديان.
ان مايجمع بين السودانين هو بمنتهي البساطة سودانيتهم , هو انتماؤهم الي هذا الكيان الجغرافي السياسي الكبير المسمي بالسودان , تجمع بينهم حقوق المواطنة المتمثلة في المساواة امام القانون , والضامنة للمشاركة السياسية الديمقراطية , ولحرية الدين والمعتقد والفكر والتعبير .
وتميز بين السودانين قومياتهم وثقافاتهم وأديانهم وألوانهم ، والتى لها جميعاً حق الوجود والتعايش وحق النمو والإزدهار ، وحق التفاعل والإنصهار ، والتى هى مصدر للغنى ، وحافز للتطور ،
. إن ما يسمم العلاقة بين هذه المكونات هو نزعات الاستعلاء الديني , واوهام الافضلية العرقية , والتي يجب محارتها في كل مظاهرها . ان ميل الهوية السودانية للتفتت , واتجاهاتها للانحلال الي مكوناتها الاولية ناتج في واقع الامر عن سياسات الهيمنة والاستعلاء .



ا

Post: #9
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Mohamed Suleiman
Date: 12-25-2006, 09:54 AM
Parent: #8


Quote: ان مايجمع بين السودانين هو بمنتهي البساطة سودانيتهم , هو انتماؤهم الي هذا الكيان الجغرافي السياسي الكبير المسمي بالسودان , تجمع بينهم حقوق المواطنة المتمثلة في المساواة امام القانون , والضامنة للمشاركة السياسية الديمقراطية , ولحرية الدين والمعتقد والفكر والتعبير .


When our blood is spilled recklessly by the Elite , x
When our villages burnt down to ground, x

when our people are slaughtered in hundreds of thousands ,x

It takes more than nice talk about " Sudanna " or " we are all sudanese " .x

No ... No ... we had more than enough of this sleezy talk while you keep milking " Sudanna" ..x

This time what ever happens to so called Sudan let it happen ... x

we are sick of seeing you Gallabah playing good cop bad cop ..x

left or right ... you are all the same

This time let us go to the end of it ... x

because you left us with nothing to lose

.








.

Post: #10
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بشير الخير
Date: 12-25-2006, 01:11 PM
Parent: #8


الأخ محمد سليمان
أولا، إن ما يجري في دارفور عار على جميع السودانيين - وعلى الأخص الشماليين - وينقص من إنسانيتهم، مثلما كان ما يدور في الجنوب عارا على جميع السودانيين وينقص من إنسانتيهم - السودانيين داخل السلطة وخارجها مع تفاوت درجات المسؤولية.

إن ما تقوله، عموما صحيح: الحكام من الشمال والتجار من الشمال، ولكن المسألة أكثر تعقيدا مما توحي به تساؤلاتك بكثير. فالتهميش في الشمال الجغرافي كان حقيقة ولا يزال.

مثلا، إنني نشأت في منطقة شرق الجزيرة المتاخمة للبطانة، وهي - خاصة القرى المشرفة على سهول البطانة - تماثل شرق السودان تماما، أي مناطق البجة، من حيث الفقر والمرض، وعلى الأخص السل، وندرة التعليم، وصعوبة الحصول على مياه الشرب ، وغياب الخدمات الصحية.

كانت الصورة الوحيدة عندنا لكلمة جلابي وجلابة تتجسد في قافلة من الجمال تمر بقرب الحي تحمل الذرة في الغالب متجهة من الجنوب إلى الشمال أو من الشرق إلى الغرب..وأغنى من نراهم من الحلابة نسميهم "التشاشة" أي الذين يبيعون بضائعهم جائلين فوق ظهور حميرهم. يبيعون الخضر والأدوات المنزلية والشمع والزيوت والعطور البلدية والملح والبهارات وأحيانا الملابس، إلخ ويأخذون مقابلها الذرة والويكة والجلود وأحيانا الدجاج. وفي نفس تلك الفترة كان يمر "التكارير"، وهذه التسمية العامة وغير الدقيقة، بنسبتهم إلى بلاد تكرور - وأحيانا يقال لهم التلودية، مفردها التلودي - كانت تطلق على الباعة الراجلين وهم كلهم تقريبا من جهات من غرب السودان أو غرب أفريقيا، يحملون السكسك والعطور الصناعية وأدوات الزينة والملابس، ويأخذون نفس الأعيان تقريبا، إذا لم تتيسر النقود التي كانت نادرة، في الريف، في زمن صبانا.
في ذلك الزمن لم يكن الناس - على الأقل في مناطقنا - يرون فرقا من ناحية المعيشة أو المكانة الاجتماعية بين التاجر أو "الجلابي" والمزارع والراعي مالك البهائم، والبائع المتجول. فكلهم يعيشون حياة بسيطة ومتقشفة. وقد يكون فيها من السعادة أضعاف من نجده اليوم في المجتمع الإستهلاكي.

وكانت كلمة "عربي" تطلق في قرى البحر والمدن على البدوي القح الذي لا يتكلم بلهجة المدينة، التي يعتبرها لهجة فيها "نياة". والصورة النمطية لذلك العربي هو الشخص المتسخ الملابس أو رثها، الذي يأتي راجلا يقود جملا عليه حمولة من حطب الوقود أو الفحم، ليبيعه - وذلك حتى منتصف الستينات تقريبا - بخمسة وعشرين قرشا.

أود أن أضيف إلى تساؤلاتك تساؤلات أخرى، عسى حين تفكر في الإجابة عليها تجد بعض الوجاهة فيما يطرح هنا عن النخبة وعن الإيديولوجية

1_ من أعدم الأستاذ محمود محمد طه بسبب أفكاره، في القرن العشرين، وفي ساحة عامة أمام ألفين من الغوغاء التي تهتف "الله أكبر" "يحيا العدل" . وفيم أعدم محمود محمد طه؟

2 - وقبل ذلك من أعدم عبد الخالف محجوب والشفيع أحمد الشيخ وبابكر النور وفاروق حمد الله وبقية رفاقهم رفاقهم ولماذا أعدمهم؟

3 - لو نظرنا عبر الحدود إلى الجارة تشاد، بعد أن دالت الدولة إلى أهلنا القرعان، في أيام غوكوني وحسين هبري، ماذا كان نصيب غير القرعان؟ وبعد أن آلت السلطة إلى أهلنا الزغاوة في تشاد، ماذا كان نصيب غير الزغاوة؟ بل ماذا كان نصيب بقية كل التشاديين في الريف والحضر خارج أنجمينا؟

4 - إن القاصي والداني يعرف سيرة السلطان علي دينار بين قومه. وهو في ذلك ليس بدعا من سلاطين كل الدنيا في زمنه وعبر التاريخ الطويل

5 - عندما آلت السلطة إلى الخليفة عبد الله التعايشي، ماذا كان نصيب "الأشراف" وأولاد البحر ؟ ومنهم كان خيرة قواده؟

إن الظلم، إذن، ليس جبلة لإثنية معينة دول باقي الإثنيات. إنه آفة في النفس البشرية في جميع المجتمعات والأزمنة والامكنة. وما من قوم يمكن أن يقال عنهم كلهم أشرار أو كلهم أخيار. وكل إثنية أو قومية تجد نفسها في موقع السلطة تفعل نفس الشيء. وليس القصد من هذا مطلقا تبرير ظلم الشمال أو الجلابة وتهميشهم لبقية أقاليم السودان الأخرى، وإنما هي إشارات للتذكير بالتاريخ وطبيعة البشر.

الإيدولوجية العروبية الإسلامية، في الأزمنة الحديثة انتهت بأممها إلى واقع أسوأ من حقب الماضي المظلمة، لأن من يلقنون هذه الإيديولوجية منذ صباهم تنشأ عندهم نفس نزعة الاستعلاء و العنصرية التي عرفت لدى الفاشية والنازية، ويشعرون يقينا بأنهم شعب الله المختار أو أنهم أبناء الله أو أن الله ملكهم هم وحدهم. تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

الحضارة العربية الإسلامية كانت حضارة خصبة استوعبت ما قبلها وما عاصرها من الحضارات، وانتجت منها حضارة جديدة. فكانت حلقة الوصل بين الحضارة الغربية الحديثة والحضارة اليونانية والفارسية والهندية. وهي في قمة ازدهارها لم تكن قاصرة على انتاج الفقه والفقهاء، وإنما حققت فتوحات كبيرة في الرياضيات والعلوم والطب والهندسة والفلسفة والفنون وأساليب الحكم، رفدت الحضارة الإنسانية رفدا كبيرا..

ونفسية السوداني المسلم ونمط تفكيره، سواء كان عربيا أم أفريقيا ، هما مزيج من نتاج تلك الحضارة والحضارات السودانية الأفريقية العريقة التي سبقتها. ولكل شعب من شعوب الأرض في الواقع حضارة ونظام قيم لا يختلف في جوهره عن نظم القيم في أعظم الحضارات التي اشتهرت في العالم. فنظام القيم عند الفور أو البقارة أو الدينكا أو الزاندي لا يقل انضباطا وإنسانية وتماسكا عن نظام القيم في أعظم الحضارات التي سادت الدنيا. ولهذا يقا ل ليست هناك شعوب بدائية.

إنني لا أجد كلمة تصف هويتنا بدقة سوى أننا "سودانيون" ولا يغير في معنى هويتنا "سودانيتنا" شيئا يذكر إذا صحفت لتصبح "سودانوية". نحن سود بمحض تسميتنا، وبحكم لون بشرة الأغلبية الساحقة منا، حتى الجعليين "أحفاد العباس". ولئن كانت اللغة والثقافة العربية الإسلامية هي السائدة عندنا، فإننا متميزون عن بقية العرب تميزا بينا، ليس في لون البشرة واللسان فحسب، وإنما في الثقافة ذاتها والتقاليد، بما في ذلك ثقاقة العرب أو المستعربين السودانيين ، ناهيك عن ثقافات أهل السودان بأعراقهم المتعددة ومعتقداتهم ولغاتهم المتعددة. ونحن متميزون أيضا عن بقية الأفارقة تميزا بينا عل نفس النحو.

السوداني قبل سني الخراب الأخيرة، حيثما ذهب خارج السودان يتسم بصفات معينة تميزه عن بقية الشعوب قاطبة: طيبة النفس والأمانة والاستقامة والجدية والإخلاص في العمل والكرم., والشجاعة - قصص الجهادية الزرق في كرن والعلمين والمسكيك وغيرها تستحق دراسة خاصة. وحيثما التقى السوداني في الخارج بسوداني آخر، يصبح أخاه فورا. هذا قبل سني الضياع والتشرد والهجرة بالملايين. ولو لا تكاثر الشهادات من العرب والأفارقة والأوروبيين على سماحة خلق السودانيين - أو ما كان من سماحة خلق السودانين - لقلنا إننا موهومون في أنفسنا.

هذا لا ينفي أن السوداني ، مثل سائر البشر، كان ولا يزال لديه وجه قبيح آخر. وهو ما يستحق أيضا أن يكون موضوع نقاش أو دراسة منفردة. الوجه الذي رآه بن خلدون ويراه بعض العرب اليوم، ويحجبون عن غيره. السوداني الكسول، الخامل، الطيب إلى درجة الغفلة، السكير، إلخ.. ونضيف إلى ذلك الحسود و السلبي الذي لا يقود ولا ينقاد.

أعتقد أن تبخيس كل ما هو عربي أو إسلامي فينا، على وجه الإطلاق، والتبرؤ منه خطأ كبير، يقابله خطأ كبير آخر هو تبخيس كل ما هو أفريقي فينا ، على وجه الإطلاق، ومحاولة التبرؤ منه . ولكننا نفهم أنه في أزمنة الصراع مع النفس والآخر هذه، لابد أن يظهر الاستقطاب إلى معسكرين متطرفين، ولكن لابد من المجئ إلى الوسط، حيث يجتمع الطرفان، ومثلما ينتج عن مزج اللونين لون جديد مختلف، ينتج عن تمازج الأعراق والثقافات عنصر وثقافة مختلفان أو متميزان. و بلد متنوع مثل تنوع السودان، لا يملك إلا أن يكون قوس قزح من العناصر والثقافات والألوان.

Post: #11
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بشير الخير
Date: 12-25-2006, 02:43 PM
Parent: #10



من العقيدة الدينية الصماء إلى جوهر كل الأديان والفلسفات
ومن الدولة القومية إلى الدولة الإنسانية

العرب لم تكن لهم حضارة تذكر لولا الإسلام. والإسلام جاء مزيجا من اليهودية والمسيحية وتطويرا عليهما. واليهودية والمسيحية أيضا بنتا على ما سبقهما من حضارات ما بين النهرين ووادي النيل والهند والصين. الإسلام فيه التصوف وفيه الفلسفة وفيه الفكر العقلاني و في جوهره نظام للعدالة الاجتماعية. ومثلما انحرف المسيحيون بجوهر المسيحية في العصور الوسطى، أنحرف المسلمون بالإسلام في عصرنا وفي عصور سبقته عن جوهر الإسلام.والظاهرة الدينية أو الروحية ظاهرة قديمة قدم الإنسان نفسه، قبل ديانات التوحيد بأزمنة سحيقة، ولن تنفك مع البشر، ولكنها تتطور بتطور المعرفة الإنسانية في جميع مجالات العلم الطبيعي وعلوم السلوك والعلوم الاجتماعية.

الفهم التقليدي للدين وصل إلى طريق مسدود، ولابد من فتح جديد فيه، ما دامت للبشر حاجة روحية نابعة عن سعيهم الدائب إلى فهم وجودهم وإعطاء معنى وغاية لحياتهم، مما يحقق لديهم توازنا نفسيا وسلاما داخليا ينعكس على السلام في العالم. . وفي زمن العولمة هذا والتعددية، لم تعد الدولة القومية الإطار المناسب لبناء الأمم وتنظيم المجتمع البشري ، خاصة في تركة الاستعمار التي خلفها في شكل دول تتألف من قوميات عديدة. وحل هذه المشكلة، في زمن التكتلات الكبيرة والسعي إلى الوحدة الإقليمية بل والقارية، مثل تجربة أوروبا، لمواجهة تحديات العولمة والمنافسة الحادة والاخطار الامنية، ليس بتفكيك الدولة الموزاييك، وإنما بالسعي إلى اكتساب المنعة وتحقيق التقدم بفضل التنوع.

الدولة القومية منذ بدايات نشأتها وحتى اليوم شرعت في سلاسل من الحروب لا تنقطع، بسبب التنافس على مناطق النفوذ والموارد، وبسبب تزايد السكان، والعيش في عالم تخلق فيه القوة الحق وتتقاضاه، وحيث أصبحت المصلحة القومية أو الوطنية هي هادي سياسات الدولة والبحث عن السعادة في كثرة الاستهلاك المادي هي هادي سلوك الأفراد والمجتمعات . إن الدولة القومية قد استنفدت غرضها، وأصبحت عقبة أمام تحقيق السلام والتعاون والوحدة في العالم، وسيادة القانون فيه. وعجز الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن العمل بفعالية لمواجهة أخطر التحديات للوجود البشري: نزع الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، حل الأساب الجذرية للصراعات العنيفة الدائرة في العالم، تلوث البيئة وما نتج عنه من ظاهرة الاحترار العالمي وتغير المناخ، والأوبئة والمجاعات والحروب، دليل ساطع على أن الدولة القومية أصبحت عقبة أمام تحقيق السلام والعدالة في العالم.

الدولة الإنسانية هي الطور الذي ينبغي أن يعقب الدولة القومية. وفي الدولة الإنسانية يصبح الإنتماء إلى الإنسانية بأسرها وتكون العصبية للإنسانية عموما، باعتبارها أسرة كبيرة ذات منحدر واحد ومصير واحد، في مواجهة الأخطار العظيمة المحدقة بالوجود البشري على كوكبنا الصغير والهش البيئة. والدولة الإنسانية لا تتحق بمجرد التطور السياسي. إنها تحتاج إلى عمل تربوي منظم، يتوالى أجيالا، عن طريق الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام، لغرس القيم الإنسانية الرفيعة المشتركة بين جميع البشر بديلا عن العصبيات الدينية والإثنية والقومية. والتربية في أي مستوى من المستويات لا تتحقق إلا بالنموذج العملي. إذا لم يكن الساسة والآباء والمعلمون ورجال الإعلام نماذج إنسانية رفيعة لن تكون هناك سياسة إنسانية ولا دولة إنسانية. والدولة الإنسانية تتحقق عندما يصبح المجتمع إنسانيا، أو على الأقل قادته وطلائعه إنسانية.

ونحن نعني بالإنسانية - على نسق الأستاذ محمود محمد طه - المرحلة التي تعقب مرحلة التطور البشري الحالية، إذا اعتبرنا أن الإنسان انتقل من مرحلة الحيوان إلى مرحلة البشر التي نحن فيها ، وهو لم يتخلص بعد من صفات الحيوان. وحينما يخرج من مرحلة الحيوان تماما يكون قد دخل مرحلة الإنسانية.بمعناها الدقيق. والدولة الإنسانية تبدأ بترسيخ سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. وقد حققت ديمقراطيات أوروبا وخاصة في دول الشمال، وبالذات السويد، تقدما جيدا نحو الدولة الإ نسانية، حينما طبقت مفهوم دولة الرعاية الإجتماعية أو دولة الرفاه على مستوى القانون والرفاه المادي. ولكن ظل ينقصها شيء هام، هو الأساس الروحي للقيم الإنسانية.
هذه مجرد محاولة لتوسيع الرؤية. ولكن، بما أننا لم ندخل حتى الآن مرحلة الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، لن ننشغل كثيرا بالتنظير للدولة الإنسانية في هذه المرحلة. وينبغي أن ينصب جل همنا وجهدنا على إقامة دولة القانون والعدالة أولا. وهي لا تقوم في شكل مؤسسات إلا إذا قامت أولا في عقول وقلوب قطاع كبير من المواطنين. هي تحتاج إلى نواة قوية. وهذه النواة غائبة في السودان حتى الآن. ولكن عناصرها موجودة بصورة متفرقة. وينبغي أن يكون هم كل سوداني يهمه مصير البلد وبالتالي مصيره الشخصي أن يسهم معنا في جمع عناصر تلك النواة. وهذه دعوة إلى العمل المباشر:. الفكرة فالآلية فالتطبيق.

ولنا عودة


Post: #12
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 12-26-2006, 00:15 AM
Parent: #1

عزيزي فيصل ......... سلام
سالت ثم ماذا بعد ؟ وانا بقول ليك لم اتي بشئ من عندي فقد تحدثت وفق وثائق حركتنا التي تمت صياغتها من ورقة اساسية كتبها الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان ونحن نحضر للمؤتمر الثالث الذي غاب عنه خاتم ولكنه كان حاضرا بفكره وبمساهماته المكتوبةوليس بالهامه فقط , مااريد قوله ان المواقف النظرية التي تعالج اشكالات عدة من ضمنها مسالة الهوية نقلتها انا من وثائقنا وكان للراحل الخاتم القدح المعلي في صياغتها وسوف اكتب عن موقفنا من الدولة الدينية وايضا من الوثائق ومن فكر الخاتم الذي جعل منه الاخ محمد سليمان مجرد جلابي ساكت .نحن يافيصل في حق نعتقد اننا اقرب للهامش من محمد سليمان الذي جعل من الشمال مجموعه من الجلابة وهو يعلم ان كثيرين من اهل دارفور كانوا دعامة اساسية لهذا النظام الذي اذل اهل السودان , والذي اتي كخلاصة لفكر اصولي باطش , نحن ناضلنا ضد كل الانظمة التي اراد محمد سليمان ان يضعنا معها في سلة واحدة .
قصدت ان ابراز مساهمات راحلنا المقيم خاتم حتي يقارن محمد سليمان بين مواقفه ومواقف كثير من رموز الهامش الان ... علي الحاج .. خليل ابراهيم ... السنوسي واخرين وهؤلاء هم زعامات محمد سليمان .
ينطلق محمد سليمان من فرضيات هي خاطئة , فقد عرفت انا العدو الذي دعمه كثير من رموز الهامش وكذلك فعل الصديق الدكتور احمد عثمان , واذا اراد محمد سليمان رفد عدو الشعب السوداني بمناصرين هم في الحقيقة حلفاء له فليحاول .... اما نحن فمواقفنا اصيلة ولا علاقه لها بوجود محمد كمهمش تقليدي .... فسوف نظل ننادي بحل لمشاكل التهميش حتي اذا لم تكن هنالك دارفور .... وسوف نظل ننادي بدولة علمانية حتي اذا لم يكن هنالك مسيحي واحد بالسودان .
فقط نريد ان نعرف ماهي حلول محمد سليمان لمشاكل بلدنا المستعصية ؟
يافيصل انا بطني طمت صدق ...... كنت اعتقد ان محمد وانا واخرين مهمومين بايجاد حلول للمشاكل المستعصية لبلدنا ..... ولكن محمد اراد لنا ان نواجه الانقاذ ومن يمثلهم ...
مشاكل بلدنل لم تبدا بعد العام 1999 فقد بدات منذ بواكير نشاة الدولة السودانية الحديثة , وطيلة هذه الفترة كان محمد يدافع عن مناهج التهميش والاقصاء وكنا نحن نقف في الضفة الاخري , الان يريد محمد سليمان ان يتعامل معنا كمتهمين.... بالطبع لن نقبل ذلك وسوف ننتظر محمد سليمان ليصل الي تسوية مع النظام ليعلم اننا اكثر اصالة في مواقفنا ........ قبل احداث دارفور لم نسمع من محمد سليمان لان الحرب في الجنوب كانت لاتهمة ... التهميش في دارفور كان عرقيا لذلك رفضة محمد بينما كان في جنوب السودان دينيا لذلك لم نسمع منه .... نحن ضد التهميش اذا كان دينيا او عرقيا.
يحاول محمد سليمان ان يبتزنا حينما يتحدث عن اهلة الغبش باكواخ دارفور الذين لايقهمون حديث المثقفين .... ولكننا نقول له ماهو دورك انت كمثقف ؟ من واجبك ان تفهم وتفهم هؤلاء الغبش وتبصرهم بالمهمش الحقيقي .... لقد حزنت يافيصل حينما سمعت من احد قادة العدل والمساواة في احد الفضائيات العربية ان الانقاذ همشتهم سياسيا .... والحقيقة ان الانقاذ همشت اهلهم الغبش عرقيا وليس سياسيا ..... ولكن الرجل يتحدث عن نفسة وعن شيخه حسن الترابي ...... ابتزاز محمد سليمان لنا كمناضلين حقيقين ضد الانقاذ لايجدي ...
سوف اعود للرد علي محمد سليمان ولكن حديثة غريب حقيقة

Post: #13
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: قاسم المهداوى
Date: 12-26-2006, 00:55 AM
Parent: #1

عزيزى جدا
بهاء بكرى سلااااااااااااام وتحايا

وكــــــــــــــــــيف انت وبقية العقدالفريد بتلك الدوحة الوارفة الظلال

بداية شكرا لهذا البوست وايضا عنوان فى غاية التوفيق والتراص

وباعتبارى من (غرابة السودان ) وأأمل ان يكون راى كل الاخوة كذلك طالما جاء الحديث (ناو ) عن
الامكنة والجغرافيا ...
الشمال باى حال من الاحوال يجب ان يعنى ويقصد به الشمالى (النخبوى ) وليس الجغرافى فالشمال الجغرافى
مسكون بالهامش اكثر من غيرة وما النمر الا دليل دامغ وبينة على كل مدعى .... هكذا ارى شمالنا الجغرافى !!!!
رقم انى لم امتطى هذه القاطرة الا خارج الديار ... وحكاويا او حكواتيا تكونت لدى فكرة عن شمالنا الجغرافى

حكومات السودان منذ الاستقلال وحتى كتابة هذه الاسطر هى نخبة شمالية بحتة عسكرتارية شمولية ام ديكتاتورية كانت

ديمقؤاطيا :
انظر لقيادات الاحزاب والحركات السياسية القومية منها ستجدها عن بكرة ابيها شمالية القيادة والقيادة وما بين القيادة
الاولى والتانية ( اعنى المفردة ) تكمن الازمة ... وهى ازمة بنيوية النشأة والتكوين ( اعنى حتى الشمالى الديمقراطى مبرمج
ومنفطم على فكرة القيادة والقائد ولا يقبل بغير ذلك بديلا ) ايضا انها اشكالية ولكنها اخف من الاولى فى نسقها الديمقراطى !!!
وللتدليل على ذلك انظر للخارطة السياسية والتنظيمية السودانية .... وكمثال توضيحى
1_ مؤتمر البجا
2_ التحالف الفدرالى
3_الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان ___ رقم اجتهادها ومثابرتها فى اضفاء الطابع القومى السودانوى لجسمها
4_ الحزب القومى السودانى
5_حركة تحرير السودان ( منى اركو مناوى )
6_ حركة تحرير السودان ( عبد الواحد محمد احمد نور
7_ حركة تحرير السودان ( احمد عبد الشافى )
8_ حركة العدل والمساواة
9_ الجبهة الديمقراطية الشعبية للتنمية والعدالة ( ما يسمى بعرب دارفور
10_ حركة كفاح ( كردفان او ما يسمى بعرب كردفان

_________________________________________________

قس على ذلك منظمات المجتمع المدنى ستجد على راس كل منها نخبة شمالية اما حاكمة او مستحكمة وفى هذه الحالة الحاكمة افضل من المستحكمة ؟؟؟؟؟؟

قاسم المهداوى

Post: #14
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 12-26-2006, 07:41 AM
Parent: #13

Quote: flaud

الصحيح
fraud
مداخلة ، العضو المحترم محمد سليمان ، تبخس المجهود الفكري لصاحب المقال المذكور ، واظنه لم يقرأه بتمعن ، وان حدث فأنه لم يفهم ، بل رمى المقال بدائه وانسل، فالمقال ليس حجة متوهمة ، وانما الوهم في الاحكام المسبقة التي اطلقهاالعضو المحترم ، وهذا دائما سلاح فاقد الحجة والمنطق ، فكرر نفس العبارات الممجوجة ، على شاكلة الجلابة والنخب الشمالية ، والتاجر الكبير ، والى ما ذلك من قاموس النعرات الجهوية والقبلية ، وحتى يتبين العضو المحترم موقفي :
- الانقاذ ادخلت البلاد في كارثة ، ولا يتحمل وزر ذلك كل اهل االسودان .
- كارثة دارفور انسانية سببها الانقاذ والحركات المسلحة وابناء دارفور من كانوا مجاهدين ووزراء طوال تاريخ الحركة الاسلامية وحكم الانقاذ ,
- الدكتور خليل ابراهيم وحركته ، خرجت من عباءة الترابي وهو من قال في حق شيخه ايام المفاصلة ( ضحوا بالدولة ولا تضحوا بالشيخ لانه هو من اتى بالدولة ) - راجع كتاب(الترابي والانقاذ - صراع الهوية والهوى)، وكان خليل يسمى بامير المجاهدين .
- ابناء دارفور من شاركوا في جرائم الانقاذ يتحملون وزرا .

نحن مع النظر بعدالة لكل القضايا:
- نؤيد حلا عادلا ومنصفا لازمة دارفور ومحاكمة كل من ارتكب جرما لان قتل النفس دون حق كان قتل للناس جميعا .
- نرفض ان يحمل الشمال واهله وزر الانقاذ ، لان اهل الشمال هم ايضا متضررون وهم اول من رفع السلاح لمقاومة الانقاذ( حركة رمضان) وجل افرادها من الشمال واعدوموا ووقتها كان امثال على الحاج وخليل ابراهيم في السلطة .
- تفقد قضية دارفور زخمها وتعاطف الناس معها من مثل تلك المواقف التي تسئ للاخرين ، او باطلاق النعوت والصفات وهنا نربأ ان نستخدم نفس الاسلوب ، فاحترام الاخر ضروري ، ونحن ضد الجهوية والقبلية التي تجذرت بشكل واضح في خطاب الانقاذ وحركات دارفور .
- مخرجنا من كل الازمات في الديمقراطية وحكم الشعب وتقرير المصير لكل شعوب السودان ولاهل دارفور ولحركة العدل التي تستشهد في موقعها بسلطنة دارفور وانها ضمت الى السودان عام 1916 وتقرير المصير للجنوب .
سليمان ، ان كان هناك نصيحة ، فهي لاهل دارفور قضية عادلة ولكن يسئ اليها بعض اهلها بمثل هذه الكتابات ، ولا اظن اللغة الانجليزية تكسبك منطقا ، بل ركاكة الدارجية افضل بكثير مما استخدمت من مفردات ، لان العبرة في كيف توصل فكرتك ويبدو انك لم تستوعب المقال المذكور ، اعد قراءته وافهمه واظن موقفك سيتغير .

Post: #15
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: welyab
Date: 12-26-2006, 12:06 PM
Parent: #14

لا يختلف اثنان بان السودان القطر القارة به مزيج وخلط وتشابك اثني وعرقي

والشمال دوما مصطلح لا يعني بالضرورة الشمال الجغرافي .... واغلب المثقفين والمعنيين بالامر يدركون ذلك تماما .. لكن هنالك لبس لدى العامة . وايضا (البعض) يتعمد زج الشمال بكلياته في مؤامرة التهميش ويصور للعامة بان اهل الشمال هم الصفوة .. وهم سبب مشاكل السودان برمته !! ربما بجهل !! او بتعمد خبيث !!
عندما بدات مشكلة الجنوب تجد طريقها الاعلامي المكثف وُضع في الخانة المقابلة (الشمال) على وزن النقيض ( ابيض / اسود)... ( شمال / جنوب ) فترسخت الفكرة في اذهان الكثرين بتلك النمطية !!
ومع تجدد او تعالى اصوات المهمشيين و تمدد خريطة رافعي السلاح كان لكل الجهات نصيب في التذمر والمطالبة بحقوقهم المسلوبة فبدءا من الجنوب .. ثم الغرب .. ثم الشرق .. (كلها جهات بغياب الشمال) فتعززت الصورة المغلوطة فيصبح الشمال الجغرافي والايدلوجي الجهة المعنية أو المتهمة .. و غفل العارفين بتعمد عن الحقيقة لترويج بطاعتهم بل اخذوا يكيلون التهم للشمال بدون تفريق بين الجغرافيا والايدلوجية المعنية !!
وكل من اشتكي من التهميش اشار باصابع الاتهام الى الشمال الجغرافي !!
لو افترضنا جدلا بان ( شمال / جنوب ) نمطية تشعشعت في الاذهان بفرضية النقيض (ابيض/ اسود) فكان من الطبيعي ان يقال ( شرق/ غرب) , حتى ولو كان المقصود بممارسة التهميش (المركز) لكن كان هنالك تعمد في وضع الشمال برمته في الجانب الاخر .

مثلا :- بالرغم من ان اطراف النزاع في غرب السودان لا يميتون باي صلة لا بالشمال الجغرافي اوبلا بالشمال الايدلوجي نقلت الصورة بذات المعاير السابقة ..
الشمال بايدلوجته وكذلك بجغرافته تحمل وزر هفوات سلطات المركز واغلب اساليب الرفض لما كان يمارسه حكومات المركز كانت آتية من الشمال !! ومحاولات تخليص الدولة من الطغم الحاكمة اغلبها تقريبا كانت شمالية !!
كما ان الشمال الجغرافي لم يستأثر بخيرات الوطن كما يصور للعامة!! فهي مقدحة في التهميش بسبب حكومات المركز وصفوية من يعتلون مقاعد السلطة وايدلوجياتهم ..

Post: #22
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Mohamed Suleiman
Date: 12-29-2006, 09:14 AM
Parent: #14


Faisal Al Zubeir



Quote: الصحيح
fraud


No .. infact the word I meant : flawed

the rest of your interaction is more of the same .. nothing new . x

Post: #16
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: محمد أبوجودة
Date: 12-26-2006, 09:20 PM
Parent: #1

عزيزي بهاء بكـري ،
والإخوة المتداخلين، بمداخلاتٍ كلـّها ثرية ،


ســــلام،،

في رأيِّ، أنّ التسليم السـّهل بالرؤية المدوّنة في العنوان :الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش.. والشمال الجغرافي براءة.. لن يتأتـّى منه الفائدة المرجـوّة ما لم يتم التباحث حول الرؤى والآراء المناقضة والدّاحضة لها ، تبياناُ للمُشتركات وجلاءاً للمتشابهات في هذا الأمر الإستشكالي في سِـعة موضوعة كـَـ " أزمة الهوية في شمال السودان " .. وهو عنوان الدراسة الأكاديمية للأخ/
د. الباقر العفيف،، والمقدّمة لمعهد الإنسانيـات الأفريقية (CODSRIA) باللغة الإنجليزية تحت العنوان التالي:

The Identity of Northern Sudan
A Dilemma of a Black people with a White Culture*

وكانت هذه الدراسة الممتازة قد حظيتْ بترجمة مِـهَـنـية قام بها الراحل المقيم الاستاذ/ الخاتم عدلان ،، للـّغة العربية ، فضلاً عن حظـوِّها على اتـّفاق الكثير من القراءات بـما أسهمت به من رصدٍ ثريٍّ للوقائع وتحليل منهجي يستخلص نتائج موضوعية لما تمخـَّضتْ عنه تلك الوقائع والأحداث المتشابكة في خلق أزمة الهوية في السودان عامّة ، وهويّة شمال السودان (الآيديولوجي) على وجه الخصوص ؛ تلك الهوية المصطنعة التى سَـعَـتْ النُّخَب الحاكمة والمستحكمة على الدوام! أن تجعلها هويةً للسودان المتعدّد إثنيـّـاً ، أو أقلـّه أن تكون هيَ الهوية المهَيمِـنة ، مـَا أدّى للحروب والصراعات في السودان بدواعي أزمة الهوية فيما عُرف عند بعض المثقّفين السودانيين ، أمثال (د. فرانسيس دينق) بحرب الرؤى وصراعات الهوية .. وهي الحروب التى تقوم أغلب عناصرها على جدلية الهامش والمركز أو الاستتباع والهيمنة .

من ناحية أخرى، فهناك ، بالطبع، قراءات أخرى ، لا تؤمن بصدقية النتائج التى قدّمتها الدراسة . وللمفارقة ، يمكننا بسهولة تبيـُّن وِجهتين متعارضتين من هذه القراءات الناقدة للدراسة ، إحداهما ترى أن الدراسة قد حمـّلت وِزر المشكل للجماعة المستعربة في السودان، في حين ترى الأخرى أنّ الدراسة قد جاملتْ " شمال السودان" وسعتْ لتبرئته من جُرم التهميش المقيم تجاه غير المستعربين عموماً في السودان . ومن هنا، فإذا افترضنا تساؤلاً مثل : هل كانت تبرئة الشمال الجغرافي من تُهمة تهميش بقيــّة مكوِّنات السودان إثنيـاً وجهويـاً ، واحدة من النتائج الأساسية للدراسة ؟ .. والإجابة ، في اعتقادي، نعم .. بيد أنّ هذه النّعم لا تغلق الباب في وجه الآراء المعارضة ، طالما كان لهذي المعارضات حيثيات ترفدها ، وحقائق موضوعية تدعم منطقها ، ولا نبعد كثيراً إن تداولنا وقائع مأساة دارفور اليوم ، وما تؤثـِّر به سلبـاً على محاولات السودانيين في وضع الحلول لأزمة الهوية والتهميش والنظام السياسي ، من حيث ما تدلقه هذه المأساة من سمومٍ في نفوس إخواننا الدارفوريين ، تدفعهم دفعاً لتعميم التهمة لإثنية سودانية معيـنة هيَ الشمال المستعرِب، وإيكال كل البلاء الحاصل لهذه الإثنية حصراً على هذا القطاع المُهَـيمِن .

اختلاف الفهوم حول الوقائع التاريخية في سوداننا المعاصر ، إضافة لفوضى المصطلح وغموض الصياغة والقراءة المُـغرِضة والمُـتَـسَيـِّسة بفهمٍ مُسـبـَق !وبرغم ما تتيحه من ثراءٍ وحيوية لمثل هذه الدراسات الأكاديمية ، إلاّ أنَّها تُـناسـِل ،لا محالة، قراءاتٍ مُعارضة بوِجهات نظرٍ متقابلة! يمكننا ان نُدلـِّل عليها بقراءات جماعة منبر السلام العادل ، للوضع السوداني حالياًبعد اتفاقيات السلام نيفاشا وأبوجا وأسمرا ، وكذلك، المجموعات الجهوية والإثنية بعد استفحال مأساة دارفور، ومبلغ ظنـِّي، أن الاخ الباقر العفيف، هو الأقدر على جلاء نتائج الدراسة ، إن تيسـَّر له الوقت بقراءة هذا البوست ..

الأخ محمد سليمان، لك التحية،،
وأشكرك بحرارة على مُداخلـتـَيك بما يوضـّحان من وجهة نظر لها اعتبارها من حيث عدم اقتصارها على أفرادٍ سودانيين معدودين ، بل تتعدّى ذلك إلى بعض قطاعاتٍ جهوية وإثنية ، درجَتْ في الآونة الأخيرة على الجّهرِ برؤيتها الساعية لهدِّ وُحدَة السودان وتمزيق نسيجه الإجتماعي والسياسي ليتسنـّى لها إقامة دولتها التى لن تقبل بغير إفراغ السـودان ممّا تعتبره عنصراً أو مكوِّناً دخيلاً على السودان! ولعلّ في احداث الإثنين الاسود والثلاثاء الأسود وكذلك أخبار اعتداءات بعض الدارفوريين في معسكرات النزوح على زوّارهم من المركز ، وعلو نبرة الكراهية في تجمّعات السودانيين في الدياسبورا ، فضلاً عن هذه المقت العنصري! الذي يسعى على قدَمين ببعض المنابر الحوارية ، دلائلٌ واضحة لا تقبل المماراة ..

وحتى لا أتجـَنّى عليك بالقول جزافاً ، فَلتسمح لي بوضع هذه الترجمة (على مسؤوليـّتي) لمداخلتيك :

ياللجدال المخاتل ! لِـمـّوا عليكم تعريفاتكم الواهمة . منذ 1956 ولزمن طويل درجنا ان نرى رأس الدولة شمالي ، التاجر الكبير في مُدن دارفور كان وما يزال شمالي . جُملة القول أن السـُلطة والثروة دوماً في أيدي الشماليين . الآن، بكل اليُـسر، يريد بعض مثقـَــفي الشمال ان ينضووا وسط القوم المهمـَّشــين ويُخفوا المعالم قائلين لنا : كُلـُّنا مهمـََّشين ؛ إذن مَـنْ هو العدو ؟ .. مَن الذي قتل الملايين في الجنوب ومئات الألوف في دارفور؟ مَن الذي ألقى القنابل من الأنتنوفات على رؤوس أهلنا في دارفور ؟ اليتامى والأرامل في معسكرات النازحين لن يفهموا هذه الخطرفات عن الهامش والمركز ؛ ولكنـهم يعرفون جيداً أن حكومة الجلابة في الخرطوم تعمل على مسحهم من وجه الأرض .. لا تسألني ماذا تعني " جلابة " أسأل أولئك الذين في معسكرات دارفور . إنّهم يعرفون أنّ الجلابة ( داخل وخارج السـُّـلطة ) سيـّــجوهم داخل تلك المعسكرات البائسة مدّة أربع سنوات وما يزالون هناك .
عندما نزفت دمائنا بوحشية بواسطة النـُّخـبة
عندما حُرِّقت قرانا وسـُــوِّيتْ بالأرض
عندما ذُبـِح أهلنا بمئات الألوف
سيأخذ هذا الكثير بأكثر من الحديث الجميل عن " ســـــودانــَّـا " أو " كُـلـُّنا ســـودانيين "
لا لا ... لدينا أكثر من اللاّزم من هذا الحديث القمئ وأنتم تستــحلبون " ســــودانــّا " ..
هذا الأوان ، كل ما يحدث لما يُـدعَى ســـــودان ، دعـه يحدث ..
لقد عَـيـينا من رؤيتكم يا جلابة وأنتم تقومون بعباطاتكم الصغيرة والكبيرة ..
يسار أو يمين .. كلــّكم زي بعض
هذه المرّة دعونا نوصــّلها حدّها
لأنّكم تركتمونا بلاشيء نفقده


فأنتَ هاهنا ، لا تدع مكاناً لرتق الفتق ! ولا تحتاج كلماتك لمزيدٍ من الشرح وليس من غموضٍ في تفسيرها . صحيح أنّ ما يحدث من مأساة في دارفور، أكبرُ من أيّ إجهارٍ بوجهة نظر ظالمة ، ولكن للأسى، فإنّ أمثال وِجهات النظر هذه ، تزيد الحريق اشتعالاُ من حيث تطمح الى إطفائه ! وذلك بتجييشها الأفراد العاديين ضد كلّ ما يؤهـِّل الوطن للخروج من الحروبات الأهلية والظلم السياسي والفساد والهوية العرجاء والتهميش العام؛ وتُصـَعـِّب في نفس الآن، تحالف القوى المهمومة بإزالة الضرر .

لقد أثار الإخوة المتداخلون أعلاه ، عديدٌ من النقاط المهمّة التى تدحض وجهة النظر هذه ، ولعلّي لا أضيف جديداً إن قُلتُ بأنّ وجهة نظرك هذه ، تـتماثل مع قِلّة من المثقـّفين السودانيين الذين يزعمون - ضمناً- بأنّهم " نُخبٌ جديدة " تطمحُ الى كتابة إنجيل جديد عبر تحميلها المكوِّن السوداني الآخَر كل أدواء الوطن ، وتسعى الى إفناء عناصره بتعميم الجُرم وقفل الطريق أمام أيِّ إصلاحات من شأنها أن تُسهِـم في تحقيق العدالة .














------------------------------------------------------
* لمزيد من الإطّلاع على الدراسة ، يُمكن الضغط على الرّابط:

http://www.haq-nfdm.com/module.php?p=contents.php&w_id=19&id=51

Post: #17
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: abdalla elshaikh
Date: 12-27-2006, 00:40 AM
Parent: #16

ألإخوة الـمتحاورون حاولت مشاركتكم الحوار في هذه الـمفاهيم الـمهمة ولكن دخول الاخ محمد سليمان دفعني للوراء وذلك لانه يطرح حجج من لـم يعرف تأريخ هذا السودان ماضيا وحاضرا ليستشرف الـمستقبل..ومشكلة نخب دارفور ليست هي زاوية النظر الوحيده التي يجب ان ننظر منها الي الواقع السوداني..فالانقاذ تقوت بهم في بيوت الاشباح واعداد قوائـم الفصل والتشريد من الخدمة..بل وحتي عندما انتظم العمل الـمعارض بداخل الخرطوم وخارجها اصطفت هذه النخب في صف الانقاذ
أعود لأطرح وجهة نظري والقائمة علي فرضية ما الجدوى من سؤال الهوية في بلد متعدد الهويات كالسودان..وهي فرضية طرحتها في شتاء(1992)بالقاهرة بإتحاد الـمحامين العرب في ندوة اقامها مركز الدراسات السودانية بـمناسبة انعقاد المؤتمر الاول للتجمع الوطني الديمقراطي بلندن..وفيها وصلت ان الاجابات علي ذلك السؤال هي اجابات مضلله واضاعت جهدا من وقتنا إذ انها جاءت علي النحو التالي( أفارقة..لا!! عرب!!آفروعرب) والآن اضيف التباسا آخرا من التباسات ذلك السؤال وهو مصطلح أو وصف بعض الشمال بـ(الشمال الايدلوجي) او وصف ناس الحركة الشعبية للشما بالشمال النيلي
سنواصل الحوار ولكن بعيدا من لعب الدافوري

Post: #18
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 12-27-2006, 11:34 PM
Parent: #1

عزيزي فارس موسي ............... سلام
اخونا الدكتور احمد عثمان عمر اعتقل في بدايات الانقاذ واودع مع مناضلين اخرين بيوت الاشباح واشرف علي تعذيبه نفر من اهل دارفور لانه كان يعتقد ان السودان وطن يجب ان يسع الجميع والان هو متهم من دارفوري بانه جلابي ( ساكت ).
الاستاذ التيجاني الطيب بابكر مناضل ثمانيني وينحدر من اسرة شمالية (جعلي ) لها علاقة بالتجارة , قضي اكثر من ست عقود من عمرة المديد وهو يحارب ذلك المشروع الذي دافع عنه علي الحاج وخليل ابراهيم واخرين من اهل الهامش التقليدي والان عمنا تيجاني ليس سوي جلابي , كان يمكن للاستاذ التيجاني ان يمارس مهنة اهله وينضم للحزب الاتحادي ليظل وزيرا لست عقود بدل ان ينفق هذا العمر في قضية اصلا هو متهم حينما تناقش مجرد نقاش , امثال التيجاني وخاتم ودكتور احمد كثر والمفروض ان يستتابوا من قبل محمد سليمان .
يجب ان يعلم محمد سليمان ان مواقف كثير من المناضلين تجاه قضايا بلدهم هي مواقف اصيلة دافعوا عنهاولم ينتظروا جني مكاسب شخصية من وراءها .
شكرا يافارس علي مرورك ونحن في انتظار محمد سليمان ليطرح حلولا لهذه المشاكل المتفجرةالتي تنتظم بلادنا

Post: #19
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 12-27-2006, 11:53 PM
Parent: #1

سلام علي الجميع
قدمت حركة القوي الجديدة الديمقراطية ( حق ) ورقة عن دارفور بعنوان : دارفور اتون الجحيم علي وجه البسيطة, وذلك في مؤتمر الحركة الثالث الذي انعقد بالخرطوم في يناير الماضي , سوف اقوم بانزالها حتي يتم الحوار حولها من قبل الجميع وخاصة الاخ محمد سليمان , الذي نطالبة ان ياتينا بتصورات مكتوبة ومجازة من الحركة التي ينتمي اليها ,حتي نتاكد ان للرجل تصور لحل مشكلة دارفور التي ينتمي اليها , وايضا حتي لايعتقد البعض ان مساهمة الرجل الوحيدة هي التجني علي الاخرين من الذين ناضلوا نضالا حقيقيا ضد كل اشكال الاستعلاء والتهميش والاقصاء .
Quote: دارفور : أتون الجحيم على وجه البسـيطة
في إفادته لمجلس الأمن عن نتائج تقرير اللجنة الدولية للتحقيق في دارفور، ذكر السيد كوفي أنان، الأمين العام للأمم الممتحدة، أن التقرير "يوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن السنتين الأخيرتين لم تكونا لأخوتنا في الإنسانية في دارفور شيئاً أقل من الجحيم على الأرض". وحقاً، لم يكن ما وجدته كل تقارير منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومان رايتس ووتش، ووسائل الإعلام الدولية ووصفته بأهواله، سوى الجحيم. لقد احترقت أعين الملايين من مشاهدي برنامج بانوراما الذي تبثه هيئة الإذاعة البريطانية وهم يتابعون، لا إحصاءات مجردة، بل شهادات حية يقدمها بشر من لحم ودم، يتحدثون إليهم من قاع ذلك السعير. بشر مثل خديجة، تلك المرأة الدارفورية، التي أصبحت تجسيداً للشقاء الإنساني والتعاسة والحزن، واقفة بجانب ركام قريتها المدمرة، متمنية لو كانت هي نفسها قد لقت حتفها، وهي تصف المشهد الذي خلفه الجنجويد وراءهم، قائلة:

"وجدت جثة طفلى ذا الأربعة سنوات ملقاة بجانب المستشفى فحملتها وذهبت أبحث عن طفلي الآخرين، فوجدتهما مقتولين داخل المدرسة، حيث كانا يختبئان في ركن غرفة الدرس. كانت هناك أعداد يصعب حصرها من جثث الأطفال القتلى ملقاة أمام المدرسة. فليغفر لي الله، ليتني لو كنت قد مت."

تلك الشهادة التي تفطر القلوب ليست سوى نسخة طبق الأصل من مئات الشهادات الأخرى التي جمعتها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش ومنظمات أخرى لحقوق الإنسان واللجنة الدولية للتحقيق في دارفور وصحفيون مستقلون. لقد اتفقوا جميعاً في وصف نمط للإعتداءات المنظمة على المدنيين في دارفور، يقتل فيها الرجال، وتغتصب النساء بانتظام ويطرد السكان المحليون من مساكنهم بالقوة ثم تحرق تلك المساكن وكذلك ممتلكاتهم من الأبقار والمحاصيل أو تنهب. لقد تم تحديد المهاجمين بأنهم، بالإضافة إلى الجيش السوداني والقوات الجوية، ميليشيات عربية مدعومة حكومياً. كما أن الضحايا هم باستمرار من قبائل الفور والمساليت والزغاوة والداجو وبعض القبائل الأفريقية الصغرى الأخرى، والذين تطلق عليهم القبائل العربية في دارفور إسم "الزرقة". لقد دخل مصطلح "الزرقة" هذا إلى الاستعمال في الثمانينات من القرن المنصرم مشحوناً بالتحيز العنصري إذ يشير إلى أناس ذوي قيمة إنسانية أدني، من أصول غير عربية، أجلاف، شبه وثنيين لا يستحقون سوى الاستعباد والاسترقاق.

وبالرغم من ذلك، فإن الحكومة السودانية وأجهزة الإعلام العربية ومشائخ إسلاميين كبار وأيضاً كثير من المتعلمين والمثقفين السودانيين، ظلوا يتعاملون مع ذلك الجحيم الأرضي بدرجات متفاوتة من الإنكار والتجاهل. لقد تعامل الشماليون بصفة عامة، وباستثناء قلة منهم، مع الأخبار الملتهبة من دارفور إما بلامبالاة قاسية أو بإنكار فظ، ولكن الأكثر مدعاة للقلق هو أن البعض منهم تعامل معها بعنصرية عارية. ظل أصحاب النوايا الطيبة من الشماليين في قلق وجزع يتسائلون عما إذا كانت تلك الأخبار صادقة، ولكن كالعادة، فإن أغلبيتهم على استعداد لتصديق الرواية الرسمية للأحداث، خاصة عندما تردهم عبر طرف ثالث، كوسائل الإعلام العربية.

كثيراً ما تثير وسائل الإعلام السودانية والعربية وكذلك مواقع الإنترنت الإسلامية أسئلة على شاكلة "لم كل هذا التركيز على دارفور من قبل وسائل الإعلام والحكومات الغربية؟" و "لمصلحة من ولأجندة من؟" و "ربما هناك ثروات معدنية طائلة يعرفها الغرب" وغيرها، مركزة على أن المصالح الاستراتيجية والاقتصادية وليس الأسباب الانسانية هي الدافع الرئيسي لذلك التحرك. إن القاسم المشترك بين تلك الجهات يتمثل في:

• ليس هناك إبادة جماعية أو تطهير عرقي في دارفور وكذلك ليس هناك إغتصاب بالجملة للنساء.
• الجنجويد ليسوا حكراً على القبائل العربية، كما أنه في الأصل لا توجد قبائل عربية فى دارفور، حيث أنهم جميعاً يتشابهون ولهم ذات السحنة والملامح. وليس هناك صلة أو تنسيق بين قوات الحكومة والجنجويد.
• هناك مشكلة محلية هي نزاع قبلي حول الموارد الشحيحة، تم تضخيمه بواسطة الولايات المتحدة والقوى الغربية في مؤامرة لتشويه الإسلام وتقسيم السودان وتحويل أنظار العالم عن خزيانها في العراق والمناطق الفلسطينية المحتلة.

إن تلك مؤشرات إلى وجود خطأ جذري فظيع متمكن من أذهان أولئك الناس وتلك الجهات. إنهم ذاهلون تماما عن مواطني دارفور وليس في ذهنهم أو اهتماماتهم أو معادلاتهم مكان لمعاناتهم الإنسانية. وبتعبيرهم عن الاغتياظ والحنق لأن تركيز الضوء على مأساة أهل دارفور قد صرف انتباه العالم عن مأساة الفلسطينيين والعراقيين، فإنما يقولون أن القيمة الإنسانية لهؤلاء الأخيرين أغلى من القيمة الانسانية للسابقين. وفي محاولتهم خلق أسباب أخرى للاهتمام الدولى بمعاناة أهل دارفور، غير الأسباب الحقيقية المتمثلة في غضب الرأي العام على مرتكبي تلك الفظائع وتعاطفه الانساني مع الضحايا، فإن مروجي تلك المقولات إنما يقولون ببساطة أن ما يهمهم في دارفور هو الأرض وليس البشر. سنعود إلى مناقشة أمثلة لهذه الآراء فيما بعد، ولكن فلنناقش أولاً الأسباب العرقية للصراع.

التكوين الإثني لدارفور:
لقد تشكلت هوية أهل دارفور عبر عملية شبيهة بعملية تشكل الهوية في الشمال النيلي. يقطن دارفور عدد من المجموعات الإثنية، معظمها أفارقة سود مسلمون، بعضها لازالت تحتفظ بلغاتها الأفريقية الأصلية ولكنها تستخدم اللغة العربية كلغة تخاطب بينها، والبعض الآخر فقد لغته الأصلية منذ زمن طويل وأصبح يتحدث العربية كلغة أم منذ قرون كما اتخذ العروبة هوية له. ولكن هناك انقسام رئيسي بين المجموعات الأفريقية السوداء، أو ما يسمى بالزرقة، من جانب، وبصرف النظر عما إذا كانوا يتحدثون العربية كلغة أم أو لا، وبين القبائل العربية، من الجانب الآخر. وتتشكل الزرقة من قبائل الفورة المساليت، الزغاوة، السلامات، الميدوب والبرتي. بينما تشمل القبائل العربية البقارة، الرزيقات، الزيادية، المعاليا والبني هلبا.

عملية التعريب في دارفور:

منذ أن أصدر ملك الفونج السلطان بادي الثالث، في القرن السادس عشر الميلادي، مرسوماً يعلنه هو وجماعته "منحدرين من العرب، وبالتحديد من سلالة الأمويين"، عرفت كل المجموعات الإثنية في هذه المنطقة أن إدعاء هوية عربية إسلامية سيرتقي بها إلى ضفاف دوائر القوة وامتيازاتها. ونتيجة لذلك فإن جميع المجموعات الإثنية تقريباً في شمال السودان الجغرافي تزعم لها شجرة نسب عربية. وينطبق هذا على نوبة الشمال وبعض قبائل النوبا خاصة في الجزء الشرقي من جبال النوبا والبجة في شرق السودان والحوازمة في كردفان وكذلك الفور في دارفور، إذ أن لكثير من قبائل الزرقة ذاتها مزاعم في أصول عربية. وكما يذكر أحد الباحثين في الأنثروبولوجيا من أبناء المنطقة "إن دعاوى هذه المجموعات بأنهم من نسل عربي غالباً ما تكون مدعومة بشجرات نسب مكتوبة ترجعهم إلى النبي أو بعض الصحابة المقربين، وبعض هذه الأشجار مدموغ بأختام التوثيق وتم شراؤه من المملكة العربية السعودية حيث تعمل بعض المكاتب في هذه التجارة." وهذا يشير إلى أن عملية التعريب التي اكتملت في الشمال النيلي (أو السياسي) لا زالت مستمرة في الشمال الجغرافي، ولكن التطور الجديد هنا هو أن الشمال النيلي، والمنفي هو ذاته إلى هامش الهوية العربية، أصبح مركزاً للهوية لدارفور وبقية المناطق، وأصبحت له الأن سلطة الاعتراف أوعدم الاعتراف بادعاءات الهامش.

إعادة صياغة الهوية:

لقد قطعت الأحداث الأخيرة في دارفور تواصل تلك العملية، وأجبرت المركز وكذلك الأطراف على إعادة النظر في قناعاتهم السابقة، فبعض مجموعات الزرقة والتي كانت تزعم أن لها نسباً عربياً بدأت تعيد النظر في ذلك الآن. وكما يقول ذلك الباحث، فوسط تلك المجموعات "استطاعت الأفريقانية أخيرا أن تخلف اللغة والإسلام ونفوذ الثقافة العربية كعامل حاسم في تحديد الهوية. بالنسبة لهم فإن الأفريقانية تعني الانتماء التاريخي للأرض وكذلك الفخر بسواد بشرتهمً، ولكن فوق كل ذلك فإنها تعني التميز عن أعدائهم الجدد العرب."

لقد أدركت تلك المجموعات بأنها لم يسمح لها أن تكون المجموعة التي أرادت أن تكونها، وأن مركز الهوية والتي يطمحون في أن يكونوها لا يعترف بشرعية دعواهم، ولذا فقد شرعت في إعادة صياغة هويتها. لقد ذكرنا من قبل في وثيقة "أزمة الهوية في شمال السودان" أن التوتر بين المركز والأطراف قد يكون كامناً كوميض النار يعمل في صمت في الأوقات الطبيعية وفترات السلام، وحينها تكون مظلة الهوية العربية مستعدة للترحيب بكل المجموعات الاجتماعية التي تزعم الانتماء لها، أما في فترات النزاع العنيف فإن المركز يستخدم أو، كما يحدث في معظم الأحيان، يسئ استخدام سلطته، في منح الاعتراف، إذ أن بوسعه سحب المظلة من ونزع الاعتراف عن أية مجموعات اجتماعية طرفية كلما رأى ذلك ضرورياً. لقد رأى الزرقة أن المركز قد استخدم سلطته في القبول والرفض ضد مصالحهم، وأن الحكومة السودانية، وهي المركز في هذه الحالة، انحازت إلى القبائل العربية في دارفور وسحبت مظلة الاعتراف منهم، الأمر الذي استدعاهم لإعادة النظر في هويتهم. ونتج عن ذلك، كما يذكر ذات الباحث، أن "الأزمة الحالية غيرت تصنيف السكان السابق برمته وانتجت تصنيفاً جديداً يعمل كآيديولوجية لها القول الفصل في التحالف بين مختلف المجموعات الإثنية، وتبعاً لها يمكن تقسيم دارفور الآن بصورة أساسية إلى مجموعتين رئيسيتين، العرب ومعظمهم ولكن ليس كلهم من البدو، ولهم إدعاء قوي بالثقافة والجذور العربية، والأفارقة السود "الزرقة" والذين يعتبرون أنفسهم بصورة أساسية غير عرب وأفارقة في الأصل.

التعليم كعملية اغتراب:

لقد تم استخدام الدولة، وهي التعبير المؤسسي للهوية الشمالية، للتعجيل بعملية التعريب في دارفور وذلك عبر آليتي التنمية والتعليم بصورة رئيسية. لقد تم تهميش دارفور في التنمية والخدمات، كغيرها من المناطق في السودان. وكما يوضح "الكتاب الأسود" فإن من بين مليون ونصف طفل في دارفور تمكن فقط 4211 طفل من الجلوس للامتحان النهائي للمرحلة الأولية، وهو عدد كما يذكر واضعو الكتاب "أقل من عدد تاركي المدارس الأولية في محلية واحدة في ولاية الشمالية، ولكن المقارنة تتجاوز المنطق لأن عدد سكان محلية واحدة في دارفور يساوي عدد سكان الولاية الشمالية بأكملها."

ولكن إلمشكلة لا تنحصر فقط في قلة عدد المدارس المزري في دارفور، وإنما تمتد لتشمل مضمون التعليم الذي يقدم لأطفال دارفور، ذلك إن كانوا من القلة المحظوظة التي وجدت طريقها للمدرسة. تقوم الطبقة الحاكمة الشمالية برسم السياسة التعليمية وبتصميم مضمون المناهج وفقاً لرؤيتها، ولذلك فقد اقتصر الهدف التعليمي، بصورة جوهرية، على ترسيخ جوانب الهوية الشمالية كاللغة العربية وأسلوب الحياة في الشمال وتاريخ العرب في السودان وتاريخ وجغرافيا العالمين العربي والإسلامي. لقد ظلت المناهج فقيرة للغاية فيما يتعلق بتاريخ منطقة النوبة القديم قبل الاسلام، بل وإن شواهد هذا التاريخ التي تجذب المارة بجانب المتحف القومي في الخرطوم، كانت تثير حفيظة أولئك العروبيين والاسلاميين المتطرفين والذين يبدأ تاريخ السودان لديهم بدخول العرب لبلاد السودان "أرض السود". لقد بذلوا كل ما في وسعهم لإخفاء ذلك التاريخ كما فعل ذلك المتطرف، عبد الله محمد أحمد، وزير الثقافة والاعلام في نهاية الثمانينات حينما قرر إزالة جميع رموز فترة ما قبل الاسلام من المتحف القومي واستبدالها بأثريات تعكس التاريخ والثقافة الاسلاميين، سابقاً في ذلك متطرفي طالبان. ونتيجة لكل هذا فقد تم ترسيخ تلك النظرة للتاريخ بشكل واضح بين القطاعات غير العربية في السودان، كما في دارفور.

يتجاهل المنهج بصورة تامة تقريبا كل تاريخ وثقافات وديانات ولغات وأساليب حياة الشعوب السودانية الأخرى في الجنوب والغرب والشرق. ويتطور إنعدام الحساسية هذا تجاه الآخر إلى درجة الإهانة، حين يمجد المنهج تجار الرقيق الشماليين مثل الزبير باشا رحمة والذي يقدم في صفوف التاريخ كبطل وطني. لقد صمم المنهج لإنتاج صنفين من الخريجين، ففي ضفاف الشمال النيلي ينتج المنهج شخصية مفعمة بكونها عربية وبالتالي فهي تتفوق عرقياً وثقافياً على "الآخرين" الذين يشاركونها الوطن، خاصة أولئك الذين تصنفهم كأفارقة سود. ينتج المنهج هنا شخصية واعية بكونها تتربع على قمة الهرمية العرقية وأن بمقدورها ترتيب بقية الأعراق تحتها على ذلك الأساس. أما في المناطق "الأخرى" مثل دارفور وجبال النوبا، فإن المنهج يجبر التلاميذ على قبول دونيتهم للشماليين في كل شئ، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ولغوياً وحتى في لكناتهم، وينتج شخصيات مغتربة عن نفسها وعن ثقافتها وعن شعبها، تهفو لأن تكون شمالية.

تلك المناهج لاتكتفي بكون الأطفال في المناطق الناطقة بغير العربية لايجدون أنفسهم فيها، وإنما هي، في واقع الأمر، تدفعهم للشعور بالعار من أنفسهم ومن لغاتهم ومن ممارساتهم الثقافية. فحينما تتطرق إلى الحياة السودانية المحلية فإنها تكتفي بالثقافة الشمالية النيلية فقط باعتبارها نموذجاًً ثقافياً راقياً تبدو العادات المحلية الدارفورية حياله "بدائية ومتخلفة بصورة محرجة". لقد كان منع التلاميذ من التحدث بلغاتهم المحلية في المدارس يمارس كسياسة عامة، وكان التلاميذ الذين يضبطون وهم يستخدمون "الرطانة" عرضة للعقاب، وكانت سبة كافية للتلميذ أنه كانت لديه رطانة ذات يوم، أما كونه مازال محتفظاً برطانته تلك فذلك أمر لا يغتفر ويؤدي، ضمن عواقب أخرى، إلى الإقصاء الفوري من النادي العربي الإسلامي وفقدان الحق في الانتماء.

لقد صمم المنهج ليعمل، بمعاونة الثقافة السائدة والإعلام، على إنتاج نوعين من البشر، مهيمنون ومهيمن عليهم. وكما يذكر أحد الأكاديميين من قادة حركة تحرير السودان الآن، فإنه بنهاية المرحلة الثانوية يكون تلاميذ دارفور قد أوشكوا على الاغتراب التام من ثقافاتهم المحلية، فما أن يحطوا رحالهم في الخرطوم للالتحاق بالتعليم الجامعي حتى تكتمل غربتهم وتنتصب دونيتهم شاهدة عليهم. ومن الآن فصاعداً سينظر هؤلاء إلى أنفسهم بعيون العالم الشمالي "وسيقيّمون أراوحهم بمعايير تبخسها بينما يراقبهم العالم باستمتاع مشوب بالشفقة ولاحتقار" إذا ما جاز لنا استخدام كلمات دو بوا. إن كلمات دوبوا تنطبق أيضاً على عملية التحاق الشماليين بالعالم العربي، والتي هي أيضاً مثال للذات المنْبَتّة.

إن المفارقة المحزنة هي أن الطبقة المتعلمة من أبناء دارفور قد أعادت إنتاج قصة الشماليين مع العالم العربي ولكن على مستوى محلي، باتخاذها الطبقة الحاكمة في الشمال تعبيراً مجسداً لطموحاتهم ومركزاً لهويتهم. لذلك فإن قلة بسيطة من هؤلاء المتعلمين تعود إلى مجتمعاتها في نهاية تعليمهما الجامعي، بينما تقطع الغالبية العظمى صلتها بجذورها وتلهث خلف "الاندماج في الثقافة النيلية السائدة"، حتى أن أحدهم وهو أستاذ جامعي من دارفور تقلد مناصب عدة في النظام الحالي، روى عنه القول " منذ أن التحقت بالحضارة، لم أعد إلى الغرب". على هذا النحو استمرت الطبقة الحاكمة الشمالية في السيطرة، بل واستطاعت استخدام أشخاص متعلمين من هذه المناطق ذاتها لتعزيز سياساتها العنصرية، وما علي الحاج وخليل ابراهيم، والذين تبوءا مناصب عليا في هذا النظام قبل اختلافهما معه، وكلاهما من دارفور ومن قبائل الزرقة، إلا شواهد حية على ذلك، إذ أنهما حشدا مواطنيهما وأهلهما للحرب في الجنوب تحت شعار الجهاد، كما أن الأخير، والذي يتزعم حركة متمردة في دارفور الآن، كان قد شارك بنفسه مقاتلا في ذلك الجهاد.

الكتاب الأسود: لماذا هو "أسود"؟

يتجلى التخريب الذي أحدثه النظام التعليمي في نفسية بعض المتعلمين من دارفور في عنوان هذا الكتاب، إذ أن مؤلفيه، الذين أسموا أنفسهم "الباحثون عن الحقيقة والعدالة"، هم أنفسهم سود البشرة يعانون من الظلامات القائمة على العرق، ولكنهم مع ذلك لا يرون الأكذوبة والظلم الذين جعلا من اللون الأسود رمزاً للسؤ والقذارة والشر والفساد. إنها عنصرية الثقافات "البيضاء" ضد السود في تجلياتها اللغوية، ومن اللافت للانتباه أن أشخاصا على هذا القدر من التعليم والوعي السياسي لم يروا التناقض في استخدامهم لمصطلح يسئ إلى لون بشرتهم. إنهم باستخدامهم للنظام الرمزي للثقافة العربية إنما يثبتون أنهم مازالوا مستعمرين ثقافياً، وأن القوى التي اضطهدتهم مازالت تحتل ذواتهم. وإذ نقول ذلك عن أولئك المتعلمين من دارفور فإننا ندرك أن ما ينطبق عليهم ينطبق أيضاً على استخدام الشماليين للغة العربية بغير تفكر في دلالات نظامها الرمزي، كما تجلى في حديث الشاعر الطيب العباسي، حفيد الزبير باشا، المفتون ببطولات جده، معتذراً عن سواد بشرته لفتاة بيضاء في مصر صدته بقسوة مستنكرة إعجابه بها، بقوله في قصيدة مغناة ذائعة الصيت:

فلماذا أراك ثائرة
وعلام السباب يضطرد
ألأن السواد يغمرني
ليس لي فيه يافتاة يد
سوف أطوي الجراح في كبدي
غائرات مالها عدد

الفكرة خلف الجنجويد:

إن الصاروخ الذي انطلق بمصطلح الجنجويد من الاستخدام الغارق في المحلية في أقاصي دارفور، إلى أروقة الأمم المتحدة وردهات البرلمان الأوروبي والبيت الأبيض، كان وقوده ناس "الزرقة" في دارفور وعذاباتهم القاسية. لقد انشغل البعض بمعنى الكلمة، ولكن المهم هو مضمون "الفكرة" وليس معنى الكلمة. الفكرة خلف الجنجويد هي "الوكالة" وفي هذه "الوكالة" قد يتبدل الضحايا المستهدفون، وقد يتغير القتلة المأجورون، ولكن الفكرة نفسها تظل ثابتة. والثابت الآخر في هذه الوكالة هو هوية المستهدف، فلابد أن تكون غير عربية، أفريقية سوداء.

إن الجنجويد هم العملاء المأجورون تجاه الضحايا في دارفور، أما بالنسبة للضحايا في الجنوب، فقد كان المراحيل هم العملاء المأجورون. إن الفكرة ليست جديدة في ذهن الطبقة الحاكمة الشمالية، بل قديمة ومركزية حتى أنهم ابتدعوا لها عبارة محددة في قاموس المصطلحات العنصرية الشائعة وسط النخبة السياسية الشمالية ضد الأفارقة السود السودانيين وهي "إقتل العبد بالعبد". حينما وضعت تلك المقولة موضع التطبيق لأول مرة كان العبد الأول فيها هو الجنوبيين، بينما كان العبد الثاني هو أهل دارفور وجبال النوبة، الذين شكلوا الكتلة الأكبر في كتائب الجيش "الوطني" التي أرسلت للجنوب لقتال المتمردين. ثم أعيد إحياء الفكرة مرة أخرى في منتصف الثمانينات، حينما فاقت تكلفة الحرب موارد الحكومة، وحينما رأت الحكومة قواتها خائرة تتلقى الهزيمة إثر الهزيمة وقوات التمردين يشتد ساعدها وتحرز نصرأ إثر نصر. لقد كان المجلس العسكري الانتقالي بعد انتفاضة أبريل 1985 بقيادة سوار الدهب هو صاحب الفضل هذه المرة في إعادة إحياء الفكرة، ولكن الصادق المهدي، رئيس الوزراء المنتخب بعد سنة من ذلك التاريخ، كان هو المسئول عن وضعها موضع التنفيذ بصورة كاملة.

لقد كان العملاء المأجورون في ذلك الوقت هم المراحيل، والذين تم تجنيدهم من قبائل البقارة في كردفان ودارفور لخوض حرب رخيصة الثمن لصالح الطبقة الحاكمة ولتوفير منطقة عازلة ضد المتمردين. بما أن أفراد هذا الجيش القبلي لم يكونوا يتلقون مرتبات من الدولة، وبما أن أسلحتهم الصغيرة كانت أضعف من أن تستطيع مقارعة ترسانات الجيش الشعبي لتحرير السودان، وبما أنه لم يكن لديهم دافع للمخاطرة بحياتهم في سبيل الطبقة الحاكمة التي كانت تضطهدهم أيضا وتهمشهم وتسميهم بالغرابة، واضعة إياهم مباشرة فوق جيرانهم الجنوبيين في أسفل السلم العرقي، فقد كان منطقياً تماماً أن يستخدم المراحيل أسلحتهم التي حصلوا عليها حديثاً، ليس لمهاجمة مواقع الجيش الشعبي، وإنما لتحقيق أجندتهم القبلية التوسعية، فقاموا بمهاجمة جيرانهم المدنيين من الدينكا وقتلوهم ونهبوا ماشيتهم واستولوا على أرضهم واسترقوهم. وفي عام 1987، ارتكب المراحيل مجزرة شنيعة في الضعين ضد جيرانهم الدينكا، حيث قتلوا منهم حوالي 1500 شخص وحرقوا بعضهم أحياء في عربات القطار التي لجأ إليها الدينكا فراراً من مهاجميهم، بل وقتل بعضهم داخل مركز الشرطة تحت نظر وبصر القانون، في أبلغ وأفصح شهادة عن الحصانة المطلقة التي كان يتمتع بها المهاجمون. وبدلاً من التحقيق في الأمر وتقديم المسئولين عنه للعدالة، قامت حكومة الصادق المهدي بحملة تضليل ضخمة لتطويق أخبار المجزرة وكتمانها عن العالم الخارجي. وحينما تجرأ أستاذان جامعيان، هما سليمان بلدو وعشاري محمود، على كسر حصار الحكومة على الأخبار وفضحا المجزرة في كتابهما "مجزرة الضعين"، تم قمعهما وتهديدهما بواسطة أجهزة الأمن الحكومية وهاجمهما الصادق المهدي شخصياً في خطبة له في الجمعية التأسيسية، بينما ظل مرتكبو تلك الجريمة بعيدين عن أيدي العدالة حتى الآن. لقد كانت تلك، كما وصفها أحد الكتاب السودانيين، واحدة من أبشع حالات العنصرية المؤسسية.

لم يكن من قبيل الصدف أنه في نفس السنة، 1987 ، قامت حكومة الصادق المهدي بمباركة تحالف جديد نشأ في دارفور تحت اسم "التجمع العربي". زار وفد من هذا التجمع، والذي ضم 27 قبيلة، الخرطوم والتقى بالصادق المهدي لكسب تأييده لأجندتهم. ظاهرياً، كانت خطة التجمع العربي، وكما فضلت الحكومة أن تراها، تهدف إلى بناء توازن عربي في دارفور يساند الخرطوم وسياستها في المنطقة. أما أجندة التجمع العربي الحقيقية في دارفور فقد كانت هي تصفية الزرقة وإبادتهم. لقد كان ذلك التجمع العربي هو الحاضنة التي نما في حضنها وترعرع الجنجويد.

لقد استقطبت الحكومة الجنجويد من ذلك التجمع لمقاتلة حركة التمرد الجديدة في المنطقة. وكما كان متوقعا، فقد انتهز التجمع العربي تلك الفرصة الذهبية، والتي يسرت ليس فقط الحصول على السلاح والدعم اللوجستي من الحكومة وإنما أيضا مساندة القوات الجوية بكل جبروتها، وانطلقوا فوراً نحو جيرانهم من قبائل الزرقة لشن حربهم القبلية التوسعية بأهداف تطهير عرقي لا تخطئها العيان. ولكن لسؤ حظ الحكومة هذه المرة، كانت الأقمار الصناعية لها بالمرصاد، فصورت مئات القرى المحروقة، وأجهضت كل محاولات الحكومة للتكتم على المسألة، وانتشرت صور وأخبار الفظائع ضد المدنيين في دارفور عبر كل أجهزة الاعلام العالمية ومنظمات حقوق الانسان الدولية.

الحرب بين المهمشين:

كيف ولماذا قبلت القبائل العربية في دارفور، وهي نفسها قبائل مهمشة، أن تصبح أداة في يد السلطة لاستخدامها ضد جيرانهم من الزرقة المهمشين مثلهم، بدلاً من أن توجه أنظارها نحو الطبقة الحاكمة في مركز السلطة باعتبارها العدو المشترك؟ الإجابة على هذا السؤال تكمن، في جانب منها، في نظرية التعويض السايكولوجي في مقابل الفوائد المادية كما أوضحها دوبوا، وفي الجانب الآخر، في الجشع الغريزي المعزز بندرة الموارد وتخلي الحكومة عن مسئولياتها في تلك المناطق. تقوم الطبقة الحاكمة بتهميش المجموعات العربية في دارفور وبحرمانها من نصيبها العادل في الرخاء المادي، ولكنها تعوضها عن ذلك نفسياً وسايكولوجياً بتماهيها معهم كعرب، وكذلك برفضها مزاعم الزرقة بالنسب العربي. وبمساندة الطبقة الحاكمة للمجموعات العربية في النزاع فإنها تمكنهم من جني الفوائد المادية ممثلة في غنائم الحرب. إن فشل السلطة في القيام بمسئوليتها كوسيط نزيه وإنهيار حكم القانون في ظل ندرة الموارد، ما كان من الممكن أن يؤدي إلا إلى إثارة أحط ما في النفس البشرية من نوازع وغرائز، وهي التي أفصحت عن نفسها بأبشع ما يكون في الفظائع التي ارتكبها الجنجويد مدعومين بالجيش الحكومي.

رد الفعل في الشمال
رد فعل الحكومة:

بعد أن تبين لها فشلها في التكتم على الحوادث ومنع تسرب الأخبار إلى أجهزة الإعلام العالمية، اجتهدت الحكومة السودانية لاحتواء التشويه الذي لحق بصورتها. وبالرغم من أن صورتها لم تكن طيبة أصلاً منذ أن استلمت السلطة في يونيو 1989، فقد طرأ عليها بعض التحسن بعد شروعها في مفاوضات السلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ونتيجة لتعاونها المدهش مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية في الحرب على الإرهاب. قامت الدبلوماسية السودانية بحملة عارمة وظفت فيها كل قدراتها ومواردها لاحتواء الضرر الناجم عن تعرية الحكومة، واعتمدت في ذلك استراتيجية تقوم على التقليل من عدد الضحايا في دارفور، وتوزيع الفظائع والجرائم على كل أطراف النزاع وليس فقط الحكومة والجنجويد، وتحميل مسئولية الكارثة للمتمردين باعتبارهم الذين بادروا بالقتال، وأخيراً على تصوير القلق والاهتمام العالميين تدخلاً في الشأن السوداني، وفي هذا الجانب الأخير ركزت ماكينة الدعاية الحكومية على المؤامرة الغربية ضد المشروع الحضاري للأمة، والذي ليس هو غير سلطة الجبهة القومية الاسلامية في السودان.

أما في أجهزة الأمم المتحدة، فقد طفقت الحكومة، ملوحة بعقود النفط الضخمة كرشاوى وبتحالفاتها مع الأنظمة الشبيهة لها، تقاتل بضراوة لإجهاض أو تعطيل أو تخفيف أي إدانة أو قرار قد يصدر من لجنة الأمم المتحدة لحقوق الانسان أو من مجلس الأمن. وبدا وزير الخارجية السابق مصطفى عثمان اسماعيل مزهواً وهو يستعرض نجاحه في تفادي العقوبات. ولكن رغم كل ذلك فقد صدر تقرير اللجنة الدولية للتحقيق في دارفور متهماً الحكومة وميليشيا الجنجويد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، ومتضمناً أسماء 51 شخصاً موصياً بمحاكمتهم لدي محكمة الجنايات الدولية، وهو ما دفع بالوزير السابق إلى تركيز جهده حالياً على تفادي محكمة الجنايات الدولية باستبدالها بمحاكمات مسرحية زائفة داخل السودان. إنها ألاعيب النظام العادية والتي لم تعد تدهش أحداً من أولئك الذين يعرفونه.

أحزاب المعارضة الشمالية:

ولكن الأمر المدهش كان هو رد فعل المؤسسة الشمالية خارج السلطة مثل الأحزاب السياسية المعارضة وممثلي النخبة المثقفة المحافظة الشمالية. لقد لاذت أحزاب الأمة والاتحادي الديمقراطي وكذلك التجمع الوطني الديمقراطي بالصمت، أو تحدثوا عن الأزمة بأفواه ملأى بالماء. وفي حين حافظ التجمع الوطني الديمقراطي والحزب الاتحادي الديمقراطي على الصمت البليغ، قرر حزب الأمة، والذي يستمد سنده الشعبي الرئيسي من دارفور، أن ينحاز للجناة بدلاً من مواطني دارفور. لم يكن مدهشاً للكثيرين، خاصة أولئك الذين يدركون الدور الذي لعبته حكومة الصادق المهدي في ميلاد التجمع العربي في 1987، أن يقرر حزب الأمة التنسيق مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم في عام 2003، في تعبير واضح عن الشراكة في الجرم، فقد قام حزب الأمة بتخطيط ورسم السياسة عندما كان في السلطة حتي 1989 بينما تولى جنح الجبهة القومية الإسلامية "حزب المؤتمر الوطني" الذي خلفه في السلطة تنفيذها. لقد أكد الحزبان في بيانهما أنهما يتقاسمان "الرؤية المشتركة والمسئولية" لحل المشكلة، فلا عجب إذاً أن كانت نقطة الانطلاق للحل الذي اتفقا عليه هي "شن عمل عسكري لهزيمة التمرد"، أما تحليلهما للأزمة فمعروف سلفاً، إنها ليست سوى نزاع قبلي محلي حول الموارد وبقية الرواية. لقد حمّل بيانهما المشترك المسئولية عن الأزمة لكائن من كان ما عدا المؤسسة الحاكمة الشمالية، إذ يقول:

"إن تحول أزمة دارفور من صراع تقليدي حول الموارد ونزاع قبلي، إلى تمرد واسع يرجع إلى نشؤ عوامل أخرى لم تكن معروفة قبل الأزمة الحالية، مثل تصاعد التوجه القبلي والإقليمي وتزايد أعداد الفاقد التعليمي ونسب العطالة المرتفعة بين الخريجين وثقافة العنف ووفرة السلاح والانطباع العام بأن الحكومة لا تفاوض إلا الجماعات المسلحة ووجود الميليشيات المسلحة والمناورات السياسية وتدخل الجيران والهيئات الدولية في الأزمة."

إن تلك الفقرة تفقأ العين بجرأتها في التنصل من المسئولية، وبسردها لتلك العوامل وكأنما قد خلقها الجن أوهبطت علينا من كوكب آخر. من هو المسئول عن انتشار السلاح في المنطقة؟ من هو الذي خلق الانطباع بأن الحكومة لا تفاوض إلا الجماعات المسلحة؟ من نشر ثقافة العنف في البلاد من أقصاها إلى أقصاها بجعل السودان قبلة للمجاهدين من كل أصقاع العالم الإسلامي؟ كيف يغفل البيان كل تلك الأسئلة في تحليله لأسباب الأزمة؟ إن إشارة البيان المشترك إلى التدخل الدولي والإقليمي في الأزمة ماهي إلا ترديد لدعاية الحكومة اليومية، ولكن إشارته إلى "تصاعد التوجه القبلي والإقليمي" تلفت الانتباه بشكل خاص، ليس فقط لمحاولة الحزبين تفادي المسئولية عنها، وإنما لإن التعبير نفسه يذكرنا بتعبير مماثل هو "المؤامرة العنصرية" والذي ظل يستخدم لوصف المحاولات الانقلابية التي يدبرها عسكريون من غرب السودان، دون العسكريين من الشمال.

ما أخفق البيان المشترك في ذكره هو أن هناك وعياً متزايداً لدى الجماهير السودانية المهمشة بأن النخبة الحاكمة الشمالية بمجملها، وفي مختلف أشكال حكمها للبلاد منذ الاستقلال، سواء عسكرية أم مدنية، علمانية، طائفية أو إسلامية، قد خذلتهم، وأنها خذلتهم لإنها عنصرية في الأساس. إن نمو التوجه القبلي والإقليمي إذن ما هو إلا حصاد ما زرعته المؤسسة الشمالية بيديها، ورد الفعل العنيف لهذه الجماهير يجب أن يفهم في هذا الإطار وعلى ضؤ هذه الحقيقة ليس إلا، ومن يزرع الشوك لا يجني العنب و"التسويهو بإيدك يغلب أجاويدك" كما نقول.

جلابة الثقافة الشماليين

إن رد فعل أحزاب المعارضة الرئيسية، والذي لا يختلف عن موقف الحكومة، يوضح أن المؤسسة السياسية الشمالية، في الحكومة والمعارضة، تتبنى نفس الرؤية تجاه مواطني دارفور الأفارقة السود. وهذا التوجه يفصح عنه بالصمت غالباً وبالقول أحياناً ممثلو الثقافة السائدة في الشمال، جلابة الثقافة الذين نصبوا أنفسهم حماة للثقافة العربية الإسلامية في السودان. إنهم يؤمنون إيماناً جازماً بعروبتهم وبأن السودان دولة عربية ليس إلا، ويحملون آراءاً إقصائية إلى أبعد مدى عن هوية السودان، ويتحسسون ويتوجسون إلى حد العصابية من أي دعوة لإعادة التفكير في هوية البلاد أو لبناء هوية متعددة الأبعاد للوطن، كما يكنون عداءاً وكراهية شديدين تجاه مشروع الحركة الشعبية لتحرير السودان السياسي للسودان الجديد ولأولئك الشماليين الذين يتماهون أو يتعاطفون مع ذلك المشروع أو يعملون من أجل هوية جامعة لشمال السودان. فيما يلي سنستعرض أمثلة لبعض قمم هذا التوجه:

الأستاذ الطيب صالح:

الطيب صالح روائي عبقري طبقت شهرته الآفاق، ورغم أنه ليس شخصية سياسية بل ويبدي امتعاضه الواضح من السياسيين، فإن ثورات غضبه الإبداعي تجاه حكومة الجبهة القومية الاسلامية من حين لآخر، والتي فجرها في مقالات قصيرة قوية تم تداولها بصورة واسعة وظل صداها يتردد لفترة طويلة بعد نشرها، كانت مثار إعجاب أغلبية المتعلمين السودانيين. ولكن كثير من قرائه يتسائلون عما الذي ظل يدفعه إلى تلك الغضبات المضرية وعما إذا كانت قوتها تتناسب مع بشاعة الأحداث في الوقت الذي يسجلها أو يفجرها فيه.

ما زال الناس يتوقعون من الطيب صالح أن يقول شيئاً عن دارفور، مسرح أقسى وأبشع الكوارث الآنسانية كما وصفتها الأمم المتحدة. وحينما منح الطيب صالح مؤخراً جائزة القاهرة للمواهب العظيمة في الرواية، كان الناس ينتظرون منه أن يستخدم المنبر العالي والمناسبة ذات التغطية الاعلامية الواسعة ليتحدث عن دارفور في كلمته الاحتفالية، ولكنه استغل المناسبة ليتحدث عن شئ آخر. لقد استغلها لانتقاد تطبيق الشريعة في السودان، صاباً جام غضبه على أسلاميي السودان لتطرفهم حيال تطبيق الشريعة بينما أراضيهم لا تضم قبراً لصحابي واحد. ورغم قناعتنا بصحة وأهمية ما تطرق إليه، إلا أننا لا نجد تبريراً لغياب مأساة دارفور عن خطابه، وهو الروائي المبدع. لقد أطلق ذلك عدداً من الانتقادات ضده في منابر الحوار السودانية على شبكة الانترنت، وقد نسب العديد من تلك الانتقادات لامبالاته بما يجري في دارفور إلى إحساسه القوي بهويته العربية الذي يحصنه من التعاطف مع الأفارقة السود.

د. خالد المبارك:

حينما يتعلق الأمر بدارفور، فإن الدكتور خالد المبارك يفضل أن يكون حديثه معمماً غير مباشر وفضفاضاً. لقد صنف في إحدى مقالاته "الخواجات"، والمقصود بهم موظفو الاغاثة والمنظمات الطوعية في دارفور إلى صنفين: الأشرار، وهم أولئك المدفوعين بمصالحهم الذاتية والأجندة الدينية وغير ذلك من المطالبين بإدانة الجناة، والأخيار، الذين يكتفون بطلب العون الغذائي والمال والمعدات، مثل أطباء بلا حدود التي رفض ممثلها إدانة حكومة السودان قائلاً أن وظيفته هي إنقاذ الحياة، وكذلك ممثل منظمة أوكسفام والذي قال لمندوب هيئة الإذاعة البريطانية أنه يحتاج إلى ثلاثة أشياء بصورة عاجلة، المال والمعدات والمتطوعين، وأنه لم يدع إلى مهاجمة أو غزو السودان. بالرغم من أن الدكتور خالد يبدو هنا كمدافع عن عمل الخواجات الأخيار، فإنه في واقع الأمر ومن طرف خفي يعزز من فرضية التدخل الغربي في الشأن السوداني، وهي النظرية التي تستخدمها الحكومة السودانية ومناصريها لتحجب بها معاناة أهل دارفور. والمثلب الآخر في تعليق الدكتور المبارك هو أنه يجعل من إدانة حكومة السودان أو من الدعوة لأستخدام أي نوع من الضغوط الدولية عليها معياراً تسقط به المنظمات غير الحكومية مباشرة من زمرة الخواجات الأخيار. لقد أدانت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش، على سبيل المثال، حكومة السودان للفظائع التي ارتكبتها ضد الزرقة في دارفور وبأفصح ما تكون الإدانة والشجب، وطالبتا بالمحاسبة وبإسقاط الحصانة لمحاكمة المتهمين أمام المحكمة الجنائية الدولية وبالتعويضات للضحايا، فهل يضعهما ذلك في زمرة الخواجات الأشرار؟

وفي مقالة أخرى اتفق الدكتور خالد مع أولئك الذين يرون أن البترول هو السبب في الاهتمام العالمي بما يجري في دارفور، كما ذكر أن تقرير اللجنة الدولية للتحقيق في دارفور وتقرير اللجنة السودانية للتحقيق في دارفور إتفقا في أن انتهاكات واسعة لحقوق الانسان حدثت في دارفور وأن تلك الانتهاكات ارتكبت من قبل جميع أطراف النزاع. يلفت انتباهنا أن الدكتور قد وزع المسئولية عن الانتهاكات في دارفور على كل أطراف النزاع دون تسميتها، وأنه قد ساوى بين تقرير اللجنة السودانية واللجنة الدولية للتحقيق في دارفور في هذا الشأن. إن جرائم الاغتصاب الواسع والحرق الشامل للقرى والنهب السافر للماشية ارتكبت بواسطة الحكومة والجنجويد، وهو ما حاول أن يخفيه تقرير اللجنة السودانية من خلال الإبهام والتعميم، بيما يذكر تقرير اللجنة الدولية صراحة "من جميع الروايات التي استمعت لها اللجنة، فإن اللجنة توصلت إلى أن الأغلبية العظمى من الهجمات على المدنيين في القرى قد شنت بواسطة حكومة السودان والجنجويد، بالرغم من أن هناك هجمات شنت بواسطة المتمردين فإن اللجنة لم تجد دليلاً على أن تلك كانت واسعة النطاق أو أنها كانت تستهدف المدنيين بصورة منظمة. لقد كانت حوادث الهجمات من قبل المتمردين في معظمها ضد الآهداف العسكرية وقوات الأمن والشرطة".

كرر الدكتور إشادته بمنظمة أطباء بلا حدود التي تعمل دون تدخل في سياسة الحكومة، ولكنه حينما تحدث عن منظمة العفو الدولية اكتفي بالإشارة إلى أن تقاريرها تشجب الحجر على الحقوق والحريات في (الغرب) تحت ستار محاربة الإرهاب، وأن تلك التقارير انتقدت ماجرى في سجن أبوغريب وغوانتنامو. لقد كان موضوع الحديث هو دارفور، فلماذا تجاهل الدكتور التقارير العديدة لمنظمة العفو الدولية عن دارفور، وأحدها كان مخصصاً بالتحديد للاغتصاب كسلاح يستخدمه الجنجويد في الحرب، واختار الإشارة إلى تقارير المنظمة عن أبوغريب وغوانتنامو؟ لا شك أن للأمر علاقة بهوية الجناة والضحايا، فالضحايا في دارفور من القبائل الأفريقية السوداء "الزرقة" والجناة عرب، لذا وجب السكوت. أما في أبو غريب وغوانتنامو فإن الجناة أمريكان والضحايا عرب، ولذا يجب الصياح. وبما أن الدكتور هو من متشددى العروبة في السودان فلا شك أن اختياراته تنبع من موقفه هذا.

د. ابراهيم الشوش

يوفر الشوش أفضل مثال لجلابة الثقافة الشماليين، فمن ناقم على نظام الجبهة القومية الإسلامية في مقالاته النارية التي كان ينشرها في صحيفة "الفجر" التي كانت تصدر من لندن، متعرضاً للنظام ورئيسه بأقذع ألوان السباب والهزء، تحول إلى منافح شرس عن ذات النظام وأركانه وآيديولوجيته وكرس نفسه مدافعاً صلداً عن العروبة في السودان وإلى شحنة من العداء السافر ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي اتهمها بأنها "تطارد مع كلاب الصيد وتجري مع الطرائد"، أي أنها تدعم المتمردين في دارفور بينما تستعد لتقاسم السلطة مع الحكومة في الخرطوم. لم يوفر الشوش أحداً لم ينتقده أو يهاجمه لاهتمامه بدارفور، ونقتطف من مقالة له بعنوان "حينما تمطر السماء لبنا وعسلا":

"المطار في الفاشر يستقبل الطائرات من كل نوع، من الجزيرة العربية، من آسيا، من أوروبا وأمريكا، تحمل أطناناً من المواد الغذائية بعضها معلب بالطريقة الأمريكية. لقد اكتشف العالم فجأة أن هناك فجوة غذائية في دارفور ينبغي سدّها وإلا فإن الدنيا ستنتهي. أخبار دارفور في كل مكان، في الإذاعات ومحطات التلفزة الفضائية. الإتحاد الأوروبي الذي كان مختفياً أثناء غزو العراق، ربما متأسفاً على ضياع نصيبه من غنائم الحرب نتيجة عدم مشاركته فيها، يزأر الآن ويكشر عن أنيابه في دارفور. الأمم المتحدة، التي لم تحركها المجازر التي تعرض لها الفلسطينيون والعراقيون، استيقظت في دارفور. ومجلس الأمن المحترم أصدر بياناً شديد اللهحة عبر فيه عن قلقه تجاه الكارثة الانسانية في دارفور مُعلّياً إياها على كل الكوارث الأخري في العالم. كوفي أنان، رجل الأمم المتحدة الهادئ، عبر عن قلقه بارسال بعثة للتحقيق ولكن منسقه للشئون الانسانية في السودان لم يكن بوسعه الانتظار حتى تنتهي البعثة التي أرسلها رئيسه من عملها، وقال علانية وبملء فمه أن هناك تطهيراً عرقياً ضد القبائل الزنجية في دارفور. لقد جاءت الدنيا بأجمعها إلى دارفور ولم تترك أحداً خلفها، الصليب الأحمر مع الهلال الأحمر وكل المنظمات الانسانية تدافعوا في سباق محموم لانقاذ أهل دارفور من الفقر والقصف والتطهير العرقي، وهكذا في غمضة عين وانتباهتها غير الله حال هذا الجزء من العالم من جحيم الفقر إلى جنة النعيم ومن عدم الأهمية إلى الشهرة العالمية."

تلك الفقرة تتضمن كل العناصر التي تكون القاسم المشترك بين العرب ومناصري العروبة في السودان. إنها نفس النظرية التي ناقشناها من قبل، ولكن في أعلى تعبيراتها خشونة وقسوة وفظاظة تبلغ تخوم العنصرية. هذا مثقف سوداني يستنكر أن يهب العالم لإنقاذ حياة أبناء وبنات وأطفال وطنه، ويحسدهم على حال لا يحسد فيها أحد، ويصف شقاءهم في معسكرات اللاجئين والنازحين ب "جنة النعيم"، ويتهم العالم بازدواج المعايير، ولاشك لدينا في ذلك، ولكنه كالجمل "لايرى عوجة رقبته" مصاب بالعمى تجاه التعاطف الانساني، فلا يرى في تعاطفه مع الفلسطينيين والعراقيين واستهجانه التعاطف مع الدارفوريين ازدواجية في معاييره هو نفسه. هذا يثبت بما لايدع مجالاً للشك أن جلابة المثقفين الشماليين هم على استعداد للذهاب لآخر الشوط في تسويق سياسات المؤسسة الشمالية ضد العنصر الأفريقي الأسود في البلاد، وأنهم خواء من أي القدرة على التعامل بطريقة "وطنية" كسودانيين، وأنه ليس بوسعهم إلا أن يكونوا وكلاء لمركز الهوية العربية.

دكتور عبد الله علي ابراهيم:

هذا الأستاذ الجامعي والكاتب والصحفي المعروف مثال لأولئك الذين انتقلوا من الماركسية إلى اعتناق الإسلاموية، والمسافة التى قطعها في تلك الرحلة يمكن قياسها بالبون الشاسع بين كتابه "الماركسية ومسألة اللغة في السودان" الصادر في 1976 وكتابه "الشريعة والحداثة" الصادر في 2004، وفي هذه ال 28 سنة الفاصلة بين الكتابين تحول من موقع الدفاع الصلد عن التعددية الثقافية واللغوية في السودان إلى داعية غيور للشريعة والعروبة. اختار عبدالله الشفاعة لسياسات المؤسسة الشمالية عبر الطريق الأكاديمي، فكتب مقالاً قصيراً يتقصى فيه تاريخ مصطلح "الجنجويد" إلى جذوره الرومانسية، حيث كان الجنجويد رديفاً لروبن هود، متابعاً المصطلح في سقوطه وترديه من تلك الصورة الشاعرية الجميلة إلى الصعلكة المجردة. وينطلق عبدالله من أطروحته تلك إلى الفصل بين الجنجويد والقبائل العربية بالقول بأنهم مجرد عصابات تجمع قطاع الطرق من كل القبائل، نافياً صلة حكومة السودان بهم أو سيطرتها عليهم. وهو يقول ذلك رغم علمه بأن "النظام الراهن ربما أطلق الجنجويد من حين لآخر ضد الجماعتين المتمردتين في دارفور" كما ذكر.

يأخذ الكاتب إنكار الحكومة سيطرتها على الجنجويد على محمل الجد، بينما الآخرون جميعاً، بما في ذلك منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش واللجنة الدولية للأمم المتحدة، على سبيل المثال لا الحصر، يؤكدون أن الحكومة السودانية قامت بتسليح الجنجويد وبتنسيق الهجمات معهم. كما يتعامل الكاتب مع مسألة ارتباط الحكومة بالجنجويد كفرضية بحتة، بينما الحقائق الواضحة على أرض الواقع تفقأ العين، وكمثال واحد فقط، فإن تقرير المفوضية الدولية للتحقيق في دارفور يذكر أن "حقيقة أن بعض الهجمات تلقت دعما جويا تعطي مؤشرا واضحا عن الصلة بين الجنجويد وحكومة السودان". تلك هي الحقيقة المرة في دارفور، وذلك هو العالم القبيح الذي يدير عبدالله ظهره له منصرفاً وهارباً إلى عوالمه الخيالية، عوالم الافتراضات والرؤى الشعرية والرومانسية. ماذا سيقول الكاتب الآن بعد شهادة موسى هلال، قائد الجنجويد، المسجلة على الفيديو إلى منظمة هيومان رايتس ووتش، والتي ذكر فيها بالحرف أن الحكومة السودانية وجهت جميع النشاطات العسكرية للميليشيا التي استنفرها وجندها؟

رد الفعل في العالم العربي:

لا يحفل العالم العربي بالأزمة إلا في إطار ما يسميه بالتدخل الأجنبي، ولا يرى فيها إلا كونها جزءاً من مؤامرة ضخمة ضد العالمين العربي والاسلامي، بدأت بأفغانستان ثم العراق والآن السودان ثم تليه سوريا فإيران في الطابور. وتعطي العناوين التالية لبرامج خصصتها محطة تلفزة فضائية واحدة، هي قناة الجزيرة، عن أزمة دارفور في الفترة بين نهاية يوليو ومنتصف سبتمبر 2004 فكرة بسيطة عن ذلك، وهي "دارفور والضغط الدولي على الخرطوم" و"دارفور تفتح الباب واسعاً للتدخل الأجنبي في السودان" و"دارفور بين الدوافع الانسانية ومصالح القوى الكبرى". أما البرنامج الرابع والذي حمل العنوان المحايد "أسباب الأزمة في دارفور" فقد كان في حقيقة الأمر حملة دعائية صارخة بالنيابة عن الحكومة عبر مقابلة مطولة مع الدكتور محمد سليم العوا السكرتير العام لرابطة علماء المسلمين، وهي هيئة أنشئت حديثاً ونصبت نفسها مرجعية لكل مسلمي العالم سنة كانوا أم شيعة، عرباً أم غير عرب، يرأسها الشيخ يوسف القرضاوي وتضم في عضويتها بعض الإسلاميين السودانيين مثل حسن الترابي وعصام البشير الوزير الحالي للشئون الدينية.

زيارة وفد الرابطة العالمية لعلماء المسلمين لدارفور: الحقيقة الغائبة
شيخ القرضاوي: دارفور والصهيونية

استجابة لدعوة رسمية من حكومة السودان ترأس الشيخ القرضاوي ومعه محمد سليم العوا، وفداً من الرابطة العالمية لعلماء المسلمين لزيارة السودان. وكان الغرض الرئيسي للزيارة كما أعلنه الوفد هو الحصول على المعلومات عما يجري في دارفور مباشرة ومن منبعها، وإنهاء الأزمة التي شوهت صورة الإسلام، ودفع المصالحة بين مسلمي دارفور. وفي ضجة إعلامية كبيرة استقبل الوفد في الخرطوم من رئيس الجمهورية ونائبه الأول آنذاك وعدد من الوزراء والمؤسسة الدينية. وأمّ الشيخ القرضاوي صلاة الجمعة في مسجد الشهداء، حيث أدي كل المسئولين الصلاة خلفه. وفي خطبته في الصلاة التي نقلت حية عبر الإذاعة والتلفزيون الرسميين، اتهم الشيخ القرضاوي الحكومات الغربية بالتآمر ضد الاسلام، والمنظمات غير الحكومية الغربية العاملة في دارفور باستغلال المساعدات الانسانية كقناع للعمل التبشيري الهادف لتنصير مسلمي دارفور كجزء من حربها الدينية ضد الاسلام. وقد ركز أيضا على ضرورة "تقوية المعرفة الدينية لأهل دارفور" ومقابلة احتياجاتهم المادية، كما أهاب بالأطراف المتحاربة أن توقف تلك الحرب والتي أعطت أعداء الأمة الفرصة للتدخل في شئون المسلمين. بعد ذلك سافر الوفد إلى دارفور حيث قابل ولاة دارفور وغيرهم من المسئولين المحليين وزعماء القبائل، كما زار بعض معسكرات اللاجئين التي تديرها الحكومة. وفي ختام الزيارة أصدر الشيخ بياناً يكرر فيه أن "الصهاينة هم خلف ما يجري في دارفور لخلق القلاقل للسودان وصرف أنظار الأمة عن العراق وفلسطين".

بالرغم من أن هدف الزيارة المعلن كان هو التوصل للحقيقة على الأرض، فإن خطبته يوم الجمعة توضح أن الشيخ القرضاوي كان قد توصل إلى تلك "الحقيقة" قبل أن تطأ قدماه أرض دارفور. لقد أبدى الشيخ في كل تعليقاته، الفارغة من أي تعاطف انساني والمشحونة بالتحيز العرقي، لا مبالاة متناهية تجاه المعاناة الرهيبة لأهل دارفور. لقد بدت تلك المعاناة تفاصيلاً تافهة في خارطة اهتماماته الضخمة والاستراتيجية بالمؤامرة الصهيونية ضد الاسلام، كما كان تزويره للحقيقة في دارفور مذهلاً. أليس مدعاة للتعجب أن الشيخ كان مهتماً تماماً بكون العمل الانساني الذي أنقذ آلاف الأرواح كان بأيدي منظمات غير حكومية مسيحية أكثر من اهتمامه بضياع حياة وأسباب معيشة إخوته المسلمين؟ أليس مدعاة للسخرية ألا يدعوه ذلك لمناداة منظماته الخيرية لمد المساعدة للضحايا في تلك الكارثة الفظيعة بدلاً من دعوته لتقوية المعرفة الاسلامية لأهل دارفور؟ لكأنما الدين أكثر أهمية من الحياة الانسانية، أو كأنما الله قد خلق البشر من أجل الدين وليس الدين من أجل البشر. إن الإجابة على هذه الاسئلة تكمن في الهوية بامتدادها الآيديولوجي، هوية حكومة السودان، هوية الجناة وهوية الضحايا. فالحكومة السودانية والشيخ ينتميان إلى نفس التنظيم الأصلي، تنظيم الإخوان المسلمين، وقد حاول الشيخ من قبل رأب الصدع بين حسن الترابي وأتباعه السابقين الذين أزاحوه، كما إن منظمة الشيخ الجديدة، الرابطة العالمية لعلماء المسلمين، تضم الترابي نفسه ووزير الشئون الدينية في الحكومة.

أولاً، لقد كان الشيخ مهتماً بمحاولات تشويه صورة الاسلام ولكن بما أن الإفصاح عن السبب الحقيقى لذلك التشويه، وهو الحكومة والجنجويد، لم يك ممكناً، فقد كان عليه اختلاق أسباب أخرى من تلك التي يكون العقل العربي على استعداد لتصديقها مثل الصهيونية. وثانياً، إن الجناة في هذه الجرائم الوحشية، حكومة السودان والجنجويد، عرب (على الأقل في نظرتهم لنفسهم) ومسلمون. وتلك حقيقة محرجة وقذيفة مرتدة تجاه افتراض الشيخ الأساسي والذي يؤسس عليه نشاطه اليومي، أي تصوير العرب والمسلمين كضحايا للعدوان الغربي والمسيحي واليهودي. لذا كان عليه إتّباع استراتيجية ذات حدين، الأول هو إنكار أن هناك عرباً في دارفور (سنناقش هذه النقطة فيما بعد)، والثاني هو تزييف أزمة دارفور بجعلها من صنع "المعتدين الحقيقيين" أي القوى الغربية والصهيونية والصليبية، وبحيث تجد مكانها المريح في مشروع الشيخ.

ثالثاً، رغم أن الشيخ اكتشف أن أهالي دارفور مسلمون، إلا أنهم كانوا أفارقة سوداً، ولذا فقد تبنى رأي إخوته الاسلاميين السودانيين تجاه إسلام دارفور، والذي يرى فيه تلوثاً ببعض التقاليد المحلية التي لا تتسق مع الإسلام المتشدد العربي. في هذا الإطار يمكننا فهم مناداة القرضاوي بتقوية المعرفة الإسلامية لأهل دارفور وكذلك تخوفه من اعتنافهم المسيحية. كما يفسر لنا ذلك أيضاً سر عدم تعاطفه مع أهل دارفور وتخوفه من أنهم سيصرفون أنظار العالم عن مآسي العراقيين والفلسطينيين. إن الفلسطينيين والعراقيين هم عرب مثله، يشبهونه في كل شئ، في هيئتهم ورؤيتهم، كما أن هويتهم وإسلامهم ليسا موضع تساؤل عنده، ولذلك فهو يتماهى معهم تماماً ويرى نفسه فيهم. إنهم يمثلون "الذات" بالنسبة له بينما أهل دارفور السود يمثلون له "الآخر". وحينما يتعلق الأمر بالسودان، فإن الشيخ يتماهى مع المؤسسة الحاكمة الشمالية التي تشاركه ايديولوجيته الاسلامية، والتي هي أقرب إليه عرقياً من أهل دارفور السود.

محمد سليم العوا: الخرطوم لم ترتكب خطأ :

في مقابلة تلفزيونية أجريت معه مباشرة عقب عودة وفد الرابطة العالمية لعلماء المسلمين من الخرطوم، قدم محمد سليم العوا دفاعاً مطولاً عن الحكومة السودانية، متبنياً الرواية الرسمية عن الأحداث، ومركزاً بشكل خاص على نفي الاتهامات الخاصة بالأسباب العرقية والإثنية للفظائع والاغتصاب الواسع.

البعد العرقي والإثني:

ينفي العوا تماماً وجود انقسام عرقي بين العرب والأفارقة، ويذكر أنه قبل ذهابه إلى دارفور كان يظن أن الصراع هو بين العرب المسلمين من جهة والأفارقة الوثنيين من الجهة الأخرى، ولكنه اكتشف عند وصوله لدارفور أن الجميع مسلمون، وأنه ليس هناك عرب بل هجين لايمكن وصفه بأنه عربي نقي أو أفريقي صاف، نتج عن ألف سنة من التزاوج بين العرب والأفارقة، و"ليس هناك فرق في الملامح أو اللون أو اللغة بين اهل دارفور فجميعهم متشابهون ويتحدثون هذه العربية القرآنية اللينة الجميلة". ولكن نسبة لأن بعضهم ينسب جذوره إلى قبائل عربية وبعضهم إلى قبائل افريقية، فذلك هو مصدر الضجة حول العرب والأفارقة. تلك هي النظرية التي أسس عليها العوا قضيته في نفي الإبادة الجماعية، إذ طالما أنه لا توجد قبائل عربية في دارفور فإن اتهام الحكومة السودانية بالتآمر مع القبائل العربية لإبادة القبائل الأفريقية في دارفور ينهار من أساسه. ويبقى أن الانقسام في دارفور هو بين البدو الرحل والمزارعين المستقرين وأن النزاع هو حول الموارد ليس إلا.

حجة العوا تلك تفضي بنا إلى أحد أمرين، إما أن الأشياء اختلطت عليه، أو أنه يخلطها عن عمد. إن التصنيف إلى قبائل عربية مقابل قبائل أفريقية في دارفور لم يأت به طرف ثالث خارجي ولكنه صادر من أهل دارفور أنفسهم، إنه تعريفهم هم لأنفسهم وللآخرين. حقيقة الأمر هي أن هناك قبائلاً في دارفور تزعم أنها عربية سواء اتفق معها العوا في ذلك أو لم يتفق، وأن لديها رابطة أو تحالفاً يجمعها اسمه تجمع القبائل العربية في دارفور. إن كونهم لا يشبهون العرب "الخلصاء" في الملامح أو اللون ليست واردة هنا، ولكن الوارد هو أنهم قد صنفوا القبائل "الأخري" بأنهم "الزرقة" وهاجموهم على هذا الأساس، وذلك هو ما يجعل من الهجوم فعلاً مدفوعاً بدوافع عرقية. وبالنسبة لأهل دارفور فهناك قرى عربية وهي التي وجدها تقرير المفوضية الدولية للتحقيق في دارفور في حالة سليمة ولم تمس، وهناك قرى الزرقة والتي وجدها نفس التقرير وقد سويت بالأرض. ولو كان العوا أميناً مع نفسه لكان قد توصل إلى نفس النتيجة التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية وهي أن "الآيدويولوجية الإثنية والعرقية التي تغلغلت في الهجمات في 2003 و 2004 في دارفور قد أصبحت حقيقة أساسية وقاسية".

الاغتصاب ليس في الحقيقة اغتصابا:

أكد العوا عدم وجود أي حالات اغتصاب قائلاً أن القضية برمتها ليست سوى مشكلة لغوية تعود إلى الفهم الخاطئ لمنظمات حقوق الانسان وخلطها بين كلمة "غصب" والتي تعني طرد شخص من بيته بالقوة، وكلمة "اغتصاب"، داعماًً ذلك القول بأنه كان يتحدث إلى إمرأة عجوز في مخيم للنازحين فقالت له "لقد غصبونا" تعني أنهم "طردونا من بيوتنا" وهي كلمة قريبة في النطق من "اغتصبونا"، كما قال. ويدعم العوا حجته تلك بما وصفه "بشهادات من أشخاص ذوي مصداقية"، ومن أكثر مصداقية من نائب والي دارفور الورع، وأحد قضاة دارفور، ثم رئيس القضاء الأسبق دفع الله الحاج يوسف وهو رئيس اللجنة السودانية للتحقيق والتي عينتها الحكومة للتحقيق في الادعاءات بالانتهاكات في دارفور. إن شهود العوا يذكروننا بالمثل المشهور "الكلب شاهدو ضنبو".

شاهد العوا الأول، نائب والي دارفور، الذي كاد أن ينفجر غضباً وفقد القدرة على الكلام حينما ذكرت كلمة "الاغتصاب"، يرى أنه لم يحدث اغتصاب في دارفور لأن أهل دارفور، ببساطة، يستحيل عليهم ارتكاب الزنا. أما شاهده الثاني فقد روى قصة عن أن المتمردين في دارفور في سعيهم لدمغ الحكومة بالاغتصاب قاموا بتجنيد عاهرات وساقطين لتمثيل فعل الاغتصاب في فيلم إباحي يوزع لوسائل الإعلام الدولية كدليل على الاغتصاب، وأنه قد تم إلقاء القبض على المجموعة وتقديمها للمحاكمة حيث أدلت باعترافات كاملة. بصرف النظر عن تناقض هذه الشهادة مع ذلك المجتمع الفاضل لنائب الوالي حيث لايمكن لأحد من رعيته من حيث المبدأ ممارسة الزنا، فإن القصة قد تم دحضها تماماً من قبل منظمة العفو الدولية التي قابل مندوبها النسوة المعنيات وذكرن له كيف أجبرن تحت التعذيب على الاعتراف بأشياء لم يفعلنها وأنهن ذكرن ذلك للقاضي في المحكمة فأمر بإعادتهن لجهاز الأمن الإيجابي، وتم نشر ذلك كله بالتفصيل في تقرير للمنظمة بعنوان "دارفور السودان: لا أحد نشتكي له، لا *** للضحايا، الحصانة للجناة".

أما الشهادة الثالثة فكانت من رئيس القضاء الأسبق رئيس اللجنة السودانية للتحقيق في دارفور، دفع الله الحاج يوسف، وهو أحد الإسلاميين السودانيين، والذي ذكر للعوا أنه توقع أن نساء دارفور ربما لن يتمكّن من الحديث عن موضوع حساس كهذا للجنته مباشرة فلذا، وحتى يقطع الشك باليقين، فقد استعان بنساء ذوات خبرة قضائية وطبية لإجراء المقابلات، وأنهن ذهبن إلى معسكرات النازحين وقابلن النساء ولم يجدن حادثة اغتصاب واحدة. إذا لم كانت خبيرات رئيس القضاء الأسبق لم يخطئن الطريق إلى المعسكرات، فلابد أن فجوة المصداقية بينهن وبين النساء الدارفوريات كانت من الاتساع بحيث جعلت الحديث إليهن بلا جدوى، وإلا فما الذي جعل نساء كحواء وكليمة يواجهن كاميرات هيئة الإذاعة البريطانية ويتحدثن عن مصيبتهن ويصفن بالتفصيل كيف تم اغتصابهن، ويمنع نساء أخريات من الحديث إلى لجنة التحقيق السودانية أو نسائها المعينات؟

وإذ يطمئن إلى أنه قد أثبت قضيته، يخلص العوا إلى أن اتهامات الاغتصاب قد اختلقت للتشهير بالحكومة والشعب السودانيين ولتبرير التدخل الأجنبي في البلد وأن حكومة السودان بريئة وأن كل الاتهامات ضدها زائفة. إن السبب في استهداف دارفور، كما يراه، هو أنها غنية بخام الحديد واليورانيوم والبترول، وأنها بوابة الإسلام إلى أفريقيا، ولذا فإن مسلمي دارفور الموحدين يمثلون خطراً على الغرب، وأن ما يجري في فلسطين ودارفور هو جزء من المؤامرة فالأعداء الصهاينة يعملون في دارفور.

ذلك الصوت هو صوت ممثل المركز يدافع عن وكلائه. في هذا الدفاع فإن الاعتبارات الاستراتيجية للمركز تحجب المأساة الإنسانية وما يهم المركز هو الأرض وليس البشر، وهو الثروة وليست الأرواح، وفي هذه الرؤية يُختزل السودان برمته إلى جسر يحمل المركز إلى قلب القارة المظلمة وتختزل دارفور إلى بوابة في نهاية ذلك الجسر، وتُحجّم الحكومة ذاتها إلى حراس يجلسون عند البوابة.

الخلاصة:

هذه محاولة للتنقيب عن الجذور الأكثر عمقاً للحرب في السودان. إننا على قناعة بأن أسباب الحرب الأهلية في السودان تنبثق جذرياً من مكمن الهوية العرقية. نعم، للحرب أسبابها السياسية، والاقتصادية والتنموية، ولكن جذورها الأعمق تظل سايكولوجية. إن السبب الأعمق جذراً، والمسكوت عنه، هو الهوية ومكوناتها العرقية والثقافية، ولذلك لم يك اعتباطاً ولا صدفة أن أصبحت الهوية هي الخيط الناظم لمجموعتي النزاع. إن محاولة تصوير الصراع بأنه اقتصادي بحت بين الرعاة البدو الرحل والمزارعين المستقرين تتجاهل الإرث الثقافي لنمط الحياة البدوية الرعوية، وهو الإرث المشبع بالنزعة القتالية العدوانية الممجدة للغزو والسبي والنهب والاستباحة والضرورية من أجل التوسع المستمر في رقعة الأراضي التي يترحلون فيها دون قيود. وكما ينظر البدو الرحل إلى أنفسهم كمقاتلين أشاوس وسادة أحرار، فإنهم ينظرون بقدر لا متناه من احتقار لحياة الاستقرار والدعة عند المزارعين والتي يرون فيها حياة ومهنة لا تليق إلا بالعبيد. أما الذين يحاولون قصر الأزمة على رغبة النظام في بناء حزام عربي إسلامي في دارفور تمهيداً لتوسعه غرباً، فإنهم يتجاهلون ما كشفت عنه الأزمة في ثناياها عن الوجه العنصري لتيار الاسلام السياسي، وعن تصنيفه لأخوة الدين على أساس عرقي يتربع على قمة هرمه العرب الخلصاء في فلسطين والعراق وما جاورها، ويقبع في أسفله الزرقة في دارفور الذين لا يجوز أن تصرف تأوهات عذابهم وصرخات شقائهم ولا نواح ثكالاهم وأيتامهم أنظار العالم عن مؤامرات الصهيونية والغرب على الأمة وعن فضائحهما في أبو غريب وغوانتنامو.

هناك الكثيرون، ومن بينهم ثوار دارفور أنفسهم، ممن تحدثوا عن سياسات التهميش كسبب للحرب، وذلك صحيح إلى حد معين. ولكن السؤال الذي يتفرع من ذلك سيكون عن السبب في سياسات التهميش نفسها. صحيح تماماً أن جميع مناطق السودان، ربما باستثناء الخرطوم وبعض مناطق الجزيرة، هي في درجة ما من درجات التهميش في التنمية باختلافات نسبية بينها، ولكن ليس من الصحيح القول بأن أسباب التهميش هي نفس الأسباب في كل المناطق. وكمثال فإن منطقة الشمالية، مسقط رأس الطبقة الحاكمة، مهمشة، ولكنها ليست مهمشة لنفس أسباب تهميش مناطق الجنوب والغرب والشرق. إنها مهمشة لأن معظم سكانها نزحوا إلى وسط السودان والخرطوم والجزيرة وكونوا الطبقة التجارية في البلاد كلها ومن ثم احتل أبناؤها مقاعد السلطة في الخرطوم. بمعني آخر، في حين أن منطقة الشمالية مهمشة فيما يتعلق بفقدان البنية الأساسية والصناعة، فإن أهل المنطقة ذاتها ليسوا مهمشين، تبعاً للمثل الشهير "الفي إيدو القلم ما بكتب نفسو شقي". لقد ظل الذين بقوا في المنطقة، ومعظمهم من كبار السن، يدعمون بالتحويلات النقدية من أبنائهم وبناتهم في وسط السودان قبل زمان أطول بكثير من بداية هجرة السودانيين لدول الخليج. إن هناك عاملاً عرقياً يعزز من أسباب التهميش في جنوب وغرب وشرق السودان، وهذا العامل غير موجود في الأسباب التي قادت إلى التهميش في شمال السودان. وتحكى رواية أنه في بداية 1969 في الفترة الديمقراطية الثانية في السودان، تم تشييد مستشفى جديد على طراز المباني الجاهزة في الحوش في وسط السودان، و كان الناس يتندرون وهم يشيرون إلى إسم "جوبا" المكتوب على أغلفة المواد التي كانت تركب منها المستشفى. لقد كانت المستشفى مهداة من جهة ما خارج السودان لمدينة جوبا ولكن وزير المالية حينها وكان هو النائب عن دائرة الحوش الانتخابية في الجمعية التأسيسية اختطف المستشفى وحولها إلى دائرته. فهل يمكن أن يكون هناك تفسير لذلك غير القيمة العرقية للناس؟ إن جذور الحرب تفصح عن نفسها في كلمات "حكمة" تلك السيدة الدارفورية التي قالت لهيلاري أندرسون أنها سمعت مهاجميها يقولون "السود عبيد، السود أغبياء، إقبضوا عليهم أحياء، قيدوهم، وخذوهم معكم".

إن القسوة التي تميزت بها الطبقة الحاكمة الشمالية في قمع المكون الأسود للبلد، ليست إلا انعكاساً لرغبة الشماليين الجارفة في قتل المكون الأسود في ذواتهم. وكما ذكرنا سابقاً، فإن الأغلبية العظمى من النخبة الشمالية تؤمن أنها متحدرة من أب عربي وأم أفريقية، ولكنها تتماهى مع الأب وتقصي الأم عن وعيها. ومثل الشاعر الجاهلي الكلاسيكي البطولي عنترة فإن الشماليين يخجلون من أمهاتهم ويرونها بعيونه، تجسيداً للقبح، ضبعة، بساقين كساقي النعامة وشعر كحب الفلفل الأسود. إن اضطهاد الجنوبيين والنوبة والأنقسنا والدارفوريين ما هو إلا تعبير خارجي عن القمع الداخلي المستمر للأم في داخل الذات الشمالية. لقد ذكرنا من قبل في ورقة "أزمة الهوية في شمال السودان" أنه "يمكن لمشكلة الحرب في الجنوب أن تحل عن طريق انفصال الجنوب عن الشمال. ربما يكون في ذلك حل لمشكلة الجنوب مع الشمال، ولكنه لن يحل أزمة الهوية الشمالية. ومن الواضح أن أزمة الهوية في الشمال قد وصلت إلى قمتها، وبدأ التوازن يختل من جديد. وقد طرحت التساؤلات حول الهوية وعلي الشماليين أن يختاروا : أما أن يتشبثوا بالهامش، أو يخلقوا مركزا خاصا بهم". لذلك فإننا نطرح هذه الدعوة للشماليين السودانيين كي يواجهوا حقيقة أنفسهم، أن يعترفوا بتناقضات هويتهم المتخيلة وأن يعيدوا النظر فيها وأن يقبلوا ويعترفوا بالأم في داخلهم، حتى يصبحوا سودانيين من الدرجة الأولى بدلا من أن يكونوا عربا من الدرجة الثانية. وما لم يحدث هذا فإنهم لن يقبلوا "الآخرين" كمساوين لهم، وسنستمر في فقدان الفرص الضخمة والتي تحمل وعوداً عظيمة لمستقبل بلادنا وربما لسلام المنطقة بأسرها.

التوصيات:

يجب أن نصدر بيانا قويا يدين الحكومة والجنجويد للفظائع التي ارتكبوها في دارفور ويعبر عن التضامن مع الضحايا ويدعو لمحاكمة ومحاسبة الجناة وتعويض الضحايا أو أسرهم.

يجب أن نفضح الموقف المتآمر للمؤسسة الشمالية متضمنة المعارضة الشمالية وخاصة حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي والتجمع الوطني الديمقراطي وجلابة المثقفين الشماليين.

يجب أن ندعو عضويتنا والجماهير عامة للتعبير عن تضامنهم وتعاطفهم مع الضحايا بصورة عملية مثل جمع التبرعات والتطوع وغيره.

يجب أن ننادي لبناء تحالف قوي لجماهير المناطق المهمشة والقوي الجديدة ودعاة السودان الجديد.



Post: #20
Title: ضرورة الاهتمام ببحث أزمة الهوية في الســودان ..
Author: محمد أبوجودة
Date: 12-28-2006, 04:14 PM
Parent: #1

شكراً ، أخي بهاء ، على إنزال ورقة " دارفور ، أتون الجحيم على وجه البسيطة " ، والورقة ،تحليلٌ موضوعي لدعاوى النظام الحاكم ومشايعيه في الداخل والخارج لدواعي واستفحال مأساة وأزمة دارفور من منظورَين : داخلي، يقصر اللائمة على شُح الموارد والحركات الثورية بدارفور ؛ وخارجي ، يحيل الى ازدواجية المعايير لدى نشطاء المجتمع الدولي في تعلية مصالحهم المادية وتجنـِّيهم بالعمل على مسح الرسالة الحضارية الإسلامية – المزعومة - . وهذا نهجٌ لا يعدو ان يكون دس للرؤوس في الرمال! حيث انّ النظام السياسي الحاكم ، يتولـّى كِبـَر المسألة ، وأنّ أزمة الهوية في السودان ، جِذرٌ أساسي في قيام واستمرار مثل هذه المأساة الإنسانية. من ناحية أخرى ، فإنّ الورقة قد افضت الى توصياتٍ ضرورية ومفيدة ، جديرةٌ بالإسهام المادي والمعنوي للخلوص من الأزمة الماثلة وبقيـّة الأزَمات ..



الاخ عبدالله الشيخ ،،
أطيب التحايا ،، إستوقفني سؤالكأعود لأطرح وجهة نظري والقائمة علي فرضية ما الجدوى من سؤال الهوية في بلد متعدد الهويات كالسودان؟ ..إلخ ,,,).. ولعلّي بدايةً أُحيلَك على جزءٍ من خلاصة ورقة " دارفور ، أتون الجحيم على وجه البسيطة " ، كما يلي:-

هذه محاولة للتنقيب عن الجذور الأكثر عمقاً للحرب في السودان. إننا على قناعة بأن أسباب الحرب الأهلية في السودان تنبثق جذرياً من مكمن الهوية العرقية. نعم، للحرب أسبابها السياسية، والاقتصادية والتنموية، ولكن جذورها الأعمق تظل سيكولوجية. إن السبب الأعمق جذراً، والمسكوت عنه، هو الهوية ومكوناتها العرقية والثقافية، ولذلك لم يك اعتباطاً ولا صدفة أن أصبحت الهوية هي الخيط الناظم لمجموعتي النزاع.

وكما ترى ، فالورقة ، بعد الإشارات العديدة لمظاهر التعامل السياسي " الرسمي " مع أزمة دارفور ، قد خلُـصَـتْ الى أنّ حروبات السودان الأهلية ، تنبثق جذرياً من مكمن الهوية العرقية .. فما رأيك؟ ألا يفيد هذا في ضرورة بحث أمر الهوية في الســودان؟

Post: #21
Title: Re: ضرورة الاهتمام ببحث أزمة الهوية في الســودان ..
Author: abdalla elshaikh
Date: 12-29-2006, 02:49 AM
Parent: #20

ألأخ ابوجوده
الـمشكلة في اعتقادي ليست في الهوية..فالهوية اختيار حر ..ولكن الـمشكلة تكمن في عقلية(النفر)الذين طرحوا هذا السؤال باكرا(ثلاثينات)القرن الـماضي بعبارة(من نحن)او بنظرية(الادب السوداني وما ينبغي ان يكون عليه) وقد طرح هذا السؤال إبتداءا في منطقة(الايدلوجيا) لا منطقة(الثقافة) والايدلوجيا تضخم الذاتى خصما علي الـموضوعي..ولذلك جاءت اجابتهم اننا عرب وعبروا عن ذلك في نشيد مؤتـمر الخريجين بقولهم(امة اصلها للعرب ودينها خير)قابلهم في الضفة الاخري ناس عبدالقادر مرسال وادهم وفيلب غبوش بإطروحة(اليد السوداء) وهي متضخمة بالذات الافريقية..
ومن هنا دخلنا في متاهة سؤال الهوية..فجاء مثقفوا الستينات واجترحوا(الآفرو عروبية) ولكنها هي الاخري محملة برغوة الايدلوجيا والتي لـم تسلم منها إطروحة احمد الطيب زين العابدين(السودانوية) ولـم تسلم منها اطروحات عشاري محمد محمود في مقولة(الترتيب الثقافي)والتي تتماسس مع وجهة نظر جون قرنق
وعليه لو طرح هذا السؤال في منطقة الثقافة لجاءت الاجابة موضوعية لكوننا عدة ثقافات ومتنوعة في آن إن علي الـمستوي الرأسي(التاريخ) أو علي الـمستوي الافقي(الجغرافيا)...فالهوية يا اصدقائي لاتقسم كتقسيم السلطة والثروة ولا تصاغ وفق منظور حضاري معين(الـمشروع الحضاري نـموذجا)وإنـما هي خيارك الحر القائم علي حق الاختلاف ويشترط في ذات الوقت ضرورة إحترام هذا الحق
الاخ ابو جوده هذا تلخيص لورقة قدمتها بإتحاد الـمحامين العرب بالقاهرة في شتاء(1992) في ندوة اقامها مركز الدراسات السودانيه ونشرتها لاحقا بجريدة الخرطوم بالقاهرة عام(94)...

Post: #23
Title: Re: ضرورة الاهتمام ببحث أزمة الهوية في الســودان ..
Author: محمد أبوجودة
Date: 12-29-2006, 08:32 PM
Parent: #21

الأخ عبدالله

شكراُ على تلخيص ورقتك حول الهوية ، والذي وإن أفادني بجزءٍ من روح البحث وأعيان تفاكيره، إلا أنّّ إيجازك فيه قد يُصَـعـِّب مسألة الحسم بين ما هو " آيدلوجي" و " ثقافي" .

تستوقفني بداية عبارة " فالهوية اختيار حـر " ، وفي زعمي ، أن واقع الحال المادي - بكل ما يحفل به من ميراث ومايتأثـّر به من مؤثـّرات - والذي يجب أن تُدرَس فيه مثل هذه المباحث (الهوية) يـحُـدّ من " إطلاقية" الإختيارالحر . وللسياق التى وردت فيه تلك الأفكار ، أثرٌ من طبيعة التأثير الواقع حينئذٍ ..

ثانياً ، ربما يكون المدخل الأوّلي لدرس الهوية السودانية من خلال عبارة " مَنْ نحن" متلبـّساً بآيدلوجية التيّار الباحث ؛ ولكنّ الطرح المُشار إليه بكتاب الأديب الشاعر: حمزة الملك طمبل " الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه " جاء ،حسبمااعتقد، من منطِق ومنطقة الثقافة؛ وهو هاهنا أساساً ، منحـَى الشـِّعر الذي يُـعرِّف موطنه عند قراءته . كأن يشير الى المؤثِّرات السودانية ويدع تقليد شعراء جزيرة العرب من صبا نجدٍ وعشيـّات الحِمى . كذلك، استمرّ نفس النهج عند مدرسة الفجر ، فالغابة والصحراء ثمّ " الســودانوية " ، وإن كان لا يخلو من نزعات آيدلوجية ليست هيَ العامل الغالب ..

الإشتراط الوارد في الجُملة أدناه:

فالهوية يا اصدقائي لاتقسم كتقسيم السلطة والثروة ولا تصاغ وفق منظور حضاري معين(الـمشروع الحضاري نـموذجا)وإنـما هي خيارك الحر القائم علي حق الاختلاف ويشترط في ذات الوقت ضرورة إحترام هذا الحق

ألا يعني ضرورة التراضي بين المتساكنين في " دولةٍ قومية" أن يكون بينهم مَـا يشبَـه " العَقد الإجتماعي ، الهويويّ! " حتى تتراص الحقوق في عدالة للكل بناءاً على المواطَنية القانونية ، وبالتالي ، تتم محارسة أصول وقوانين الربط القومي الهويوي ؟ ، وذلك حتى يتمّ تجنـُّب استعلاء ثقافة أو عِرق على آخر ..



وتحاياي للجميع ،،

Post: #31
Title: Re: ضرورة الاهتمام ببحث أزمة الهوية في الســودان ..
Author: abdalla elshaikh
Date: 01-03-2007, 07:26 AM
Parent: #23

ألأخ ابوجوده
تراضي الهوبات ما محتاج لـ(قوانين) بل هو عملبة ثفافيية بتدور علي مدار التأريخ صعودا وهبوطا

Post: #24
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 12-30-2006, 11:51 PM
Parent: #1

حديث الدكتور محمد جلال هاشم بدار حق عن التهميش له علاقة بموضوع البوست , الرجاء الاطلاع عليهمن دار حق محمد جلال يشن هجوما عنيفا على المركز السلطوي ...حدة قوى الهامش (صور)

Post: #25
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: MAHJOOP ALI
Date: 01-01-2007, 03:28 AM
Parent: #24

لاخ بهاء والاخوة المتداخلين
كل عام وانتم بخير
كما ذكر اعلاه الايدلوجيا لاتحصرها جغرافية , لكن السلطة بالمكان حصرها
واحتكارها على فئة , والسلطة هى انعكاس لواقع اجتماعى . وفى واقع السودان
التعددى نجدها قصرا على جماعة دون سائر الجماعات المكونة لسودان المليون ميل
وحتى مشاركة البقية (المزعومة ) لم تتم على اسس واضحة بل كانت مشاركة ديكورية
والتدليل باعدام عبد الخالق او غيره , لا ينفى عن السلطة طابعها الاحادى . فملك الاردن
ازاح ابن بطن امه لمصلحة ابنه . فللسطة شروطها الخاصة .
ولكم الود

Post: #26
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: احمد ضحية
Date: 01-01-2007, 05:33 AM
Parent: #25

up

Post: #27
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Masoud
Date: 01-01-2007, 07:51 AM
Parent: #1

اهلا بالعيد:
الشمال النيلي ناطق بالعربية و مسلم سودانيا و أكيد مهمش كما شهد السيدرياك مشار...
أما أدلجة اللغة والدين فهو انحراف مرضي أصاب من لم يجدوا لهم مكان في بساط التواضع الكريم لأهل ما يسمى بالشمال النيلي المظلوم ...ما يسمون أنفسهم عرب في بوادي البطانة و دارفور و كردفان وهمو كثر, فانهم أكثر البشر تهميشا في السودان مع أخوتهم من البدو في الجنوب والشرق من السلالات السودانية الأخرى....السودانيون العرب هم ضحية التهميش المتعمد و مصلحتهم الحقيقية هي في التحالف مع بقية البدو في الجنوب و الشرق و أخذ حقوقهم من دولتهم الاتية تحت مشروع السودان الجديد العلماني تماما المرفوض من قبل الذين اختطفوا الأسلام و السودان معا وأودعوهما غياهب جيوبهم الواسعة....
كلنا سودانيون مهمشون فالنتحد لبناء السودان الجديد...
أستهلاك الوقت في تنظير الهوية هو ما يريده لنا اللصوص....

انتبهوا يا عرب!!!

Post: #28
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Masoud
Date: 01-02-2007, 03:27 AM
Parent: #1

سلام!!!

Post: #29
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Masoud
Date: 01-03-2007, 07:05 AM
Parent: #1

سلام تاني!

Post: #30
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Masoud
Date: 01-03-2007, 07:07 AM
Parent: #1

سلام تاني!

Post: #32
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: ahmed haneen
Date: 01-03-2007, 09:43 AM
Parent: #1

الأخ بهاء

تحياتي

وكل عام وانت والأسرة بالف خير

موضوع التهميش في السودان

وتحميل كل ذلك الأرث القبيح من السياسيين
للشمال الجغرافي فيه ظلم كبير

وسوف اعود بمزيدا من التفصيل ...

ورغم ذلك اقودك لهذا الخيط

المستعلواتية.. مواصلة لبوست حوار مع السنجك

Post: #33
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: abdalla elshaikh
Date: 01-04-2007, 02:43 AM
Parent: #32

ألأخ ابو جوده سنواصل الحوار
السودان شهد ثلاثة تراضيات ثقافية مهمة هي كالآتي
1-إتفاقية البقط والتي اتاحت للثقافة العربية الوافدة ان تتوطن بداخل الثقافات السودانية
2-الحلف السناري(1505) مابين عمارة دنقس كبير عيلة الفونج وعبدالله جماع شيخ عرب القواسمة مما انتج زواجا ثقافيا ثـمرته هذا السودان الوسيط والذي تراضت فيه هذه الاقوام داخل سور(الـمسيد) غض النظر كونك تصلي او(بتسكر) وكتاب طبقات ود ضيف الله شاهد علي ذلك
3- سوق ام درمان ...فأمدرمان تقابلت فيه العديد من الـمجموعات السكانية السودانيه إبان قدومهم مع الـمهدي وكانوا لايتعارفون لعدة عوامل ولكن التبادل السلعي في السوق إضطرهم لـمعرفة بعضهم البعض فتزاوجوا وتوالدوا وغنوا اغنية الحقيبه واسسوا الهلال والـمريخ وتوزعوا مابين وطنى اتحادي وحزب امه
في يقيني لو ان جيل مؤتمر الخريجين إستند علي الجزر الثقافي لسوق امدرمان لجنبنا متاهة سؤال الهوية مستشرفا سؤال(التنمية) وهو السؤال الـمهم في نظري ولكن بدلا منه طرح سؤال(التحرير وليس التعمير

Post: #34
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 01-06-2007, 10:39 PM
Parent: #1

*

Post: #35
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: شذى بله محمد
Date: 01-08-2007, 09:45 AM
Parent: #34

العزيز بهاء بكرى

كل التحيا ومباركات الاعياد للاسرة ولمجمل المتداخلين


لفت انتباهى هذا الخيط:

Quote: اذا اتفقنا ان الشمال الايدليووجي هو من همش غالبية الشعب السوداني يصبح من المهم ان نتحد كمهمشين لخوض معركة طويلة الاجل ضد هذه النخب التي ليس لها عرق محدد ولكن لها تصورات محددة لحماية مصالحها


وتذكرت حديث الاستاذ محمد جلال هاشم وتبيانه الفصيح لمفهوم المركز والهامش

محمد جلال هاشم يعتبر ان المفهوم (سلطوى)

اى ان الهامش هامش من حيث موقعه من السلطة

والمركز مركز من حيث موقعه فى السلطة

والاقليات التى يتم تمثيلها فى المركز( السلطة) لو لم تكن لها يد طولى فى ظل الانظمة الشمولية فهى بلا شك انماط ديكورية تستخدم للتضليل وصرف الانظار عما يجرى تحت السطح

تمثيل الهامش الحقيقى فى السلطة وردم الهوة بين المركز والهامش يتطلب ان تنضج الديمقراطية فى هذه البلاد

بحيث ينتخب الهامش نفسه فى السلطة ...ويدير اموره بما تقتضيه مصلحة الشعب

الاقليات والاعراق والكيانات ذات الصبغة الجغرافية...والتى اعتدنا ان نطلق عليها هامشا ...فى كل منها مركز مستبطن...ينبت فى ظروف موائمة له...ويمد اذرعه ليمتص روح البلاد...

يحدث هذا حين لا تكون الديمقراطية الناضجة هى الطريق الى السلطة

ويحدث هذا ايضا فى مناخ التسويات والمراهنات الخاسرة

هذا عمل عظيم..أن نقضى على الفجوة بين الهامش والمركز
وقد يكون ذو كلفة زمنية هائلة... لو تُرك له ان يذهب تبعا لعجلة الزمن والاحاويل التى تطرا كالاقدار

أظننى ساحاول المواصلة فى هذا البوست ما وجدت الى ذلك سبيلا

Post: #36
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: شذى بله محمد
Date: 01-08-2007, 09:46 AM
Parent: #34

حذف للتكرار!!

Post: #37
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: شذى بله محمد
Date: 01-08-2007, 09:46 AM
Parent: #34

حذف للتكرار!!

Post: #38
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: عوض حمزة
Date: 01-08-2007, 09:51 PM
Parent: #1

الاخ بهاء

لقد ذهب العزيز عماد عبدالله مباشرة الى حيث المشكلة الحقيقية, حينما تطرق لمشكلة الهوية . اقترح ان يدار حوار عميق حول مشكلة الهوية فى السودان , حيث ان فى ذلك
توضيح ادق وتعريف اشمل لمشكلة التهميش .

Post: #39
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: TahaElham
Date: 01-08-2007, 09:52 PM
Parent: #1

شكرا بهاء


طه جعفر

Post: #40
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 01-15-2007, 11:08 PM
Parent: #1

سلام علي الجميع
يعتقد بعض اهل الهامش التقليدي ان ( الرطانة) حول القضايا الكلية لايفهمها البسطاء من اهلنا بمعسكرات النازحين في دارفوروهذه حقيقة , ولكن الحقيقة الاسطع هي ان مثقفي الهامش التقليدي لهم دور اساسي في ادارة حوار واسع وجاد حول هذه القضايا فيما بينهم اولا ومن ثم التواصل مع الاخرين للوصول لمواقف نظرية مشتركة ومحددة حولها , وبعدها الذهاب مباشرة لهؤلاء البسطاء لشرح هذه التصورات بلغاتهم التي يفهمونها .
القضايا الكليه التي اعنيها انا هي :
1-علمانية الدولة
2-الديمقراطية
3-الهوية
4-سيادة حكم القانون
5-العدالة الاجتماعية
موضوع البوست الاساسي هو قضايا التهميش , ولايمكننا الحديث عن موضوع كهذا دون التطرق لموضوع الهوية المشتركة لاقوام السودان المختلفة .
ان المواطنة من حيث هي منشأ للحقوق والواجبات هي المدخل السليم للمعالجة الجذرية لكل مشكلات التهميش ومايتبعه من اقصاء وقمع فالت . ولكن بمجرد الحديث عن المواطنة تظهر لنا عقبة كاداء هي الدولة الدينية القائمة الان والتي تزداد رسوخا يوما بعد يوم بفضل غفلتنا جميعا .
مع وجود الدولة الدينية لامعني للحديث عن اي قيم نبيلة مثل العدالة الاجتماعية او الديمقراطية او ....... الخ .
ان هزيمة المشروع الفكري لدعاة الدولة الدينية واجب مقدم علي كل الواجبات بما في ذلك اسقاط السلطة نفسها . ان مناهج التهميش التي انتظمت بلادنا وجدت دعما هائلا من التصورات الشائهة لدعاة الدولة الدينية . وعليه لمعالجة مشاكل التهميش ينبغي علينا ان نتحد لمحاربة الدولة الدينية القائمة الان وهزيمة مشروعها الفكري والسياسي وبعدها التصدي لسلالاتها داخل احزابنا الوطنية .
ونعود

Post: #41
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Mohamed Suleiman
Date: 01-15-2007, 11:27 PM
Parent: #40


الأخ بهاء بكري
Quote: عزيزي فارس موسي ............... سلام
اخونا الدكتور احمد عثمان عمر اعتقل في بدايات الانقاذ واودع مع مناضلين اخرين بيوت الاشباح واشرف علي تعذيبه نفر من اهل دارفور لانه كان يعتقد ان السودان وطن يجب ان يسع الجميع والان هو متهم من دارفوري بانه جلابي ( ساكت ).
الاستاذ التيجاني الطيب بابكر مناضل ثمانيني وينحدر من اسرة شمالية (جعلي ) لها علاقة بالتجارة , قضي اكثر من ست عقود من عمرة المديد وهو يحارب ذلك المشروع الذي دافع عنه علي الحاج وخليل ابراهيم واخرين من اهل الهامش التقليدي والان عمنا تيجاني ليس سوي جلابي , كان يمكن للاستاذ التيجاني ان يمارس مهنة اهله وينضم للحزب الاتحادي ليظل وزيرا لست عقود بدل ان ينفق هذا العمر في قضية اصلا هو متهم حينما تناقش مجرد نقاش , امثال التيجاني وخاتم ودكتور احمد كثر والمفروض ان يستتابوا من قبل محمد سليمان .
يجب ان يعلم محمد سليمان ان مواقف كثير من المناضلين تجاه قضايا بلدهم هي مواقف اصيلة دافعوا عنهاولم ينتظروا جني مكاسب شخصية من وراءها .
شكرا يافارس علي مرورك ونحن في انتظار محمد سليمان ليطرح حلولا لهذه المشاكل المتفجرةالتي تنتظم بلادنا


هذه هي نفس نغمة الأسطوانة المشروخة و هو الخلط المتعمد الخبيث و الذي يقصد به معادلة الصراع الأيديولوجي او الصراع من أجل السلطة مع حملة معدة سلفا و مخطط لها و نفذت بمكر ضد أهل أقليم كامل . أنت يا بكري تذكر أسماء أشخاص بعينهم لم يتعدي الإعتداء عليهم الي قراهم و ذويهم و مناطق صباهم . ما حدث بدارفور هي عملية إبادة لمسح أقوام بعينهم من الوجود . الصراع من اجل السلطة يحدث في عدة أنظمة في العالم . و حتي و إن بلغ بعضه حدا دمويا فلا يمكن إطلاقا مقارنته بشن دولة بكامل عتادها و عدتها لحرب ضد مواطنين عزل . من المحزن أننا نجد مثل مقولتك ( نفر من أهل دارفور) يحمل إرثا من الحقد التاريخي يردده البعض هنا بتعبير أكثر سفورا مرده المهدية و المتمة .
مرة اخري .. لا يمكنك أخلاقيا المساواة بين ما حدث بدارفور من إبادة متعمدة مخططة و بين تصفية حسابات في الصراع من أجل السلطة .

Post: #42
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Gawhar Abdelmagid
Date: 01-16-2007, 03:10 AM
Parent: #1

بسم الله.
العزيز بهاء و المتداخلين/ سلام
كل الدائر أقولو يا أخ بهاء و فيه بختلف مع كل من قال أنك وفقت في
إنتخاب عنوان فيه نوع التساوق مع ما عزمت على تسليط الضوء عليه أو
إدارة حوار موضوعي و هادي حوله, وهو الإتهام الذي ظل يوجه للإخوه من
الشمال الجغرافي بأنهم يمارسون التهميش على سكان الأقاليم الأخرى بهيمنتهم
على أجهزة الدوله السودانيه و مؤسساتها. حاولت بهذا العنوان:
الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة.
نفي هذا الإتهام لكنك عززته للآتي:
الشقين المكوينين للعنوان يحتويان على طاقه عاليه من التضليل. إذا سلمنا
موقتا بأن كل اهل السودان هم ضحايا التهميش لماذا أخترت مفردة الشمال في الشق
الأول والثاني من العنوان كان بإمكانك أن تختار الغرب أو إسم أي إقليم آخر.
أنت عارف يا بهاء السودان دا طبيعة الصراع فيه أبعادها متعدده و معقده, و أعقدها
الموضوع محل الحوار دا. لانوالكتابه كملكه ليست واحده من شروط الخوض فيه. دا أول يحتاج
ليهو من شروط للخوض فيه, تلاته:
1. الأمانه و خلو المنهج من الختل.
2. التصالح مع الذات قبل الآخرين.
3. الشجاعه.

Post: #43
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: كمال علي الزين
Date: 01-24-2007, 08:09 AM
Parent: #42

Quote: مرة اخري .. لا يمكنك أخلاقيا المساواة بين ما حدث بدارفور من إبادة متعمدة مخططة و بين تصفية حسابات في الصراع من أجل السلطة .


بهاء بكري

وضيوفه الكرام

صباح الخير

منطلقات الحديث عن الشمال الآيدولوجي قد تبدو أمر قد ينكره عليك البعض , إرتهان اللحظة والآن ,

فكل مرتكزات الحوار , الجهوي , الأثني , قد تنهار أمام مبدأ الإقتسام , غير العادل للسلطة

والثروة , الشمال الجغرافي ( متهم ) من قبل نخب شاركت في تجميل وجه الشمال ( الآيدولوجي ) حين

شاركت في جرمه التأريخي , لعباً على مصالح الهامش ( الشخوص والزعامات والشركاء في الحكم ) .

براءة الشمال الجغرافي , ورقة سيخرجها دهاقنة الهامش , وسدنة مصالحه , حين تتم تسوية المختلف

حوله وهو الثروة التي سوف تحرسها سلطة منقوصة ليست سوى دروع لحماية مكتسبات أصحاب الأصوات العالية

من أهل الهامش , وبعدها , تعود يبقى الوضع كما هو عليه , حتى تفرغ الجيوب , وتنتزع السلطات ,

لتعود ورقة التهميش , مشهرة , يموت من يموت , وتبقى عظام الضحايا , وخيام النازحين , دليل إثبات

, مبزول دائماً , لظلم تأريخي قد يؤدي إلى دعاوي إبادة مالم تدفع كفالة الشمال الآيدولوجي , من

خذانة الشمال والهامش الجغرافيين .

Post: #44
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: Deng
Date: 01-24-2007, 04:40 PM
Parent: #1

الاخوة الكرام.

لا أحد يحمل كل أبناء الشمال فيما يحدث بأسمهم, وكلنا نعلم أن الشمال الجغرافي مظلوم مثله مثل الاقاليم الاخرى.
ولكن أهل الهامش يعيبون على الغالبية العظمى من أهل الشمال يعيبون صمتهم تجاه ما يحدث في البلاد.
إذا كان لأبناء الشمال صوت مسموع يرفضون فيه الظلم فلن يكون هناك أي حاكم أو حكومة ظالمة في البلاد.

دينق.

Post: #45
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: كمال علي الزين
Date: 01-25-2007, 05:36 PM
Parent: #44

Quote: أحد يحمل كل أبناء الشمال فيما يحدث بأسمهم, وكلنا نعلم أن الشمال الجغرافي مظلوم مثله مثل الاقاليم الاخرى.
ولكن أهل الهامش يعيبون على الغالبية العظمى من أهل الشمال يعيبون صمتهم تجاه ما يحدث في البلاد.
إذا كان لأبناء الشمال صوت مسموع يرفضون فيه الظلم فلن يكون هناك أي حاكم أو حكومة ظالمة في البلاد.

Post: #46
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: كمال علي الزين
Date: 01-26-2007, 03:54 PM
Parent: #45

Quote: ن أهل الهامش يعيبون على الغالبية العظمى من أهل الشمال يعيبون صمتهم تجاه ما يحدث في البلاد.

Post: #47
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 02-17-2007, 00:31 AM
Parent: #1

كل الاعزاء الذين مروا من هنا ..... الشكر لكم واعتذر علي عدم تمكني من الرد علي بعضكم واعتقد ان الحوار اصبح اكثر الحاحا الان .
اجدد دعوتي للاعزاء تراجي , بشاشا , محمد سليمان وكل منسوبي الهامش التقليدي للحوار حول الاسباب الحقيقية للتهميش لنصل لتصورات مشتركة لمحاربة مناهج الاقصاء التي جلبت حروب الابادة الدائرة الان بدارفور وقبلها بجنوب الوطن .
مودتي

Post: #48
Title: Re: الشمال الايدلويوجي هو اساس التهميش .... والشمال الجغرافي براءة
Author: بهاء بكري
Date: 02-17-2007, 01:13 AM
Parent: #1

Quote: لقد حكمت السودان منذ الاستقلال وحتي اليوم نخب مدنية جاءت عن طريق الانتخاب سلمت السلطة عند المنعطفات الخطرة الي نخب عسكرية تواصل السير في نفس الاتجاه . تتكون هذه النخب من الزعامات الطائفية التي تعتقد ان لها حقا" الهيا"في حكم السودان والانفراد بخيراته وذلك بما تتميز به عن جميع اهله من شرف الاصل , كما تتكون من قادة عسكرين استغلوا قوة المؤسسة التي ينتمون اليها في الاستيلاء علي السلطة بدلا" من حماية الحدود والسيادة . وقد تحلقت حول هؤلاء واؤلئك جماعات من الراسماليين الطفيليين , ومن المثقفين العارضين لخدماتهم علي كل حكم , ومن تجار القضايا الوطنية في الجنوب والشمال , وجمع بينهم جميعا" اقتناعهم العميق بان الحكم لايتعلق بحل مشاكل الشعب , بل يعني اولا" واساسا" نهب الثروات المحققة والموارد المتاحة .