سلسبيل الخواطر ...

سلسبيل الخواطر ...


03-13-2005, 06:33 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=28&msg=1134082622&rn=0


Post: #1
Title: سلسبيل الخواطر ...
Author: ابو جهينة
Date: 03-13-2005, 06:33 AM

سلسبيل الخواطر ( من ألبوم الصور ) :
***
الحزن أولى درجات السلم المؤدية إلى الصبر ..
و الصبر قارب الأمل ...
و الأمل شقيق الروح ...
و الروح يعتلج فيه كل هذا الخليط ...

مدخل إلى الصفحات :

أناخ الحزن راحلته في بهو القلب و فناء الروح ..
و لأنه أضمر السكنى .. يأبى الزوال و النزوح ..
نشر عباءته و تربع و جلس القرفصاء ..
و أومأ برأسه أَنْ لا فرار منه إلا إليه ..
ثم دق أوتاد خيمته و ثبتها بحنايا الضلوع ..
و أوقد نار اللوعة بين أثافي العشق الثلاث : ( القلب و الروح و الذكرى ) ...


الحزن ..أحيانا يدفعك للتوغل داخل سراديبه ..
فتتقوقع داخل كهوفه الباردة .. الموحشة .. المُقْفِرة
ينخر فيها سوس الألم عظام تفكيرك...
فيتركها جوفاء تصْفِر رياح الذهول بين جوانبها ..
تضربك أجنحة خفافيش الوحدة ..
تناوشك من كل إتجاه بعشوائية تزيد من وجع الجرح النازف ..

أما أنا .. فقد صالحته هذا الحزن ..
و صادقته .. فأودعني أسراره ..
رغم مرارتها و علقم طعمها ..

عندما تقتحم أسواري أسراب الحزن ..
ألجأ إلى صفحات الألبوم ..
أتصفحه صورة صورة ..
ألوك تفاصيل اللحظة ..
أمضغها على مهل ..
تُشْبع نهمي ..
تُسْكِتُ جوع اللوعة ..
و عند كل صورة ينساب سلسبيل الخواطر..
شلالا مموسَقا بكل خلجة من خلجات الملامح المرسومة عند سفح الذاكرة .
أتصفحه متوشحا سحر تلكم اللحظات التي لن تعود ..
متدثرا بالذكرى الراقدة في الخاطر ...

الصفحات :

أيا أنتِ ...
أيا أنت الراقدة في بهاء الطمأنينة ..
أستأذنُكِ الدخول ..
فأنتِ هنا تتلألأ ذكراك في بريق وضَّاء ..
كنجمة صبح تفارق الليل ..
و صورك هنا ترقد تطويها هذه الصفحات ..
في صمت يجلله السكون ..
بإنتظار إطلالتي الملهوفة ..
إسمحي لي ...
أن أطرق بابك ..
إسمحي لي
بأن أعكر صفاء سكونك السرمدي ...
في أول الألبوم ..
هناك جملة مكتوبة بخط يدك على ورقة زرقاء:
( إليكَ .. يا مَنْ جعلتَ سواد الليالي أكثر إشراقا .. و يا من أضاءت كلماته دروب حياتي ) ..
هذه الكلمات تهدهد كياني المهدود ..
تربت على أكتاف حسرتي ..
ألامس بأصابع مرتعشة الحروف المكتوبة بأناقة بلون أخضر ..
ألامسها حرفا حرفا ..
أتنفسها معنى .. معنى ..
ألامسها علها تنبض..
ببعض نبضك ذاك الذي كان ..
علها تلفحني ببعض حرارة مِداد الصدق..
أكاد أسمع الحرف منطوقا بصوتك ..
و يا لصوتك .. الساكن فيني ..

هنا .. في هذه الصورة .. كان عمرِك سبع سنوات ..
شقاوة الأطفال المرسومة في عينيك ..
تستفز ذاكرتي المتعبة ..
تسافر في سِفْر حياتك ..
تجعلني الصورة أبدأ من حيث بدأنا ..
منتهيا هنا .. في عمرك السابع ..
ثم أعود و أبدؤك ..
يوما يوم .. حتى مماتك ..

هنا في هذه الصورة ..
تستقبل ( الكلية ) أولى خطواتك
أجزم بأنك كنتِ وقتها..
جزءا من خيالي السادر في تيه تفاصيلٍ كتفاصيلك ..
ليتني كنت هناك ..
أداعب قمة حلمك البكر ..
أحتل منك كل تجاويف الفكر ..
أزرع أولى زنابق الحب ..
في بستان قلبك اليانع..
إبتسامتك في هذه الصورة تكاد تقول :
أعرف أنني مرسومة خلفية في قاع عقلك يا هذا ..
فمن أنتَ ... يا أنا ؟
و من أنا .. يا أنت ؟
و متى ألتقيك يا منتهى اللقيا ؟
إقْبِلْ يا توأم الروح ..
تقدم يا وعد قدري الآتي ..
و حلم حاضري المنتظر ..

و هنا في هذه الصورة ..
تقفين محملقة في فضاء لا نهائي ..
أكاد أجزم أنني رأيتك يومها ..
ناديتك .. فلبيتِ النداء ..
أمسكتُ بيدك ..
يا لخدر الوهلة ..
و مشينا حفاة على الرمل ..
و الجبال تردد أهزوجة ضحكاتك ..
لا تزال صداها في أذني ..
ترقد كإيقاع يصاحب كل صوت أسمعه و سأسمعه ....

هنا في هذه الصور ..
أولى سنوات اللقاء ..
زخم مترع بالفرح العارم ..
حين حطّتْ أسراب طيورنا في أعشاشها..
بعد أن سكنتْ صفحة نهرنا الجاري .....
..

من كل الصور
تضج شتى المعاني ...
تعزف شتى أنواع النغم ..
تحلق عشرات المشاعر ..
و الدنيا لا تسع ..
فحجم النغم المدندن في خضم اللحظة ..
أكبر منا .. أكبر منا ..
تكاد الصور تتحدث بما قلناه .. و بما لم نقله ..
تكاد الضحكات المجلجلة تخرج و تشق الصمت المقيم هنا ..
تعربد بها الصفحة الخرساء...
أمد يدي ..
فستان أبيض ..
و طرحة دانتيل مسدلة الحواف ..
و إبتسامة رضا ترقد راضية ..
أكاد أستنشق ذاك العطر المدلوق ..

و هذه الصورة ..
هذه الصورة بالتحديد ..
و بتاريخها المحفور في ذاتي ..
و الممهور ببنانك ..
عذرا ..
فهنا أتوقف رغما عني ..
غامت كل الصور ..
أنا أعرف كنه هذه الدمعات ..
لن يتوقف سيلها ..
لن تبرد حرقتها ..
و عندما أصل هذا الحد ..
أعرف إستحالة الإستمرار.. ..


و أغلق الألبوم ..
ليرقد في سكون ..
يضم صورك في رفق و تحنان ..
منتظرا أن تضج أسراب الحزن
و تهاجر في موسم الشوق
إلى باحات الذكرى لترتاح هنا على ضفافك ..
فإلى ذلك الحين ...
حين الحزن المقيم




Post: #2
Title: Re: سلسبيل الخواطر ...
Author: هشام مدنى
Date: 03-13-2005, 09:13 AM
Parent: #1

Quote: أما أنا .. فقد صالحته هذا الحزن ..
و صادقته .. فأودعني أسراره ..
رغم مرارتها و علقم طعمها ..


تحياتى لك ايها العزيز ابوجهينة

Post: #3
Title: Re: سلسبيل الخواطر ...
Author: ابو جهينة
Date: 03-13-2005, 10:59 AM
Parent: #2

الأخ العزيز هشام مدني

لك التحايا و الود المقيم

تشكر على المرور في صومعة حزني هذه ..
أحس بالحزن في مداخلتك ..
من كان منا بلا حزن فليرمه بحجر ماكن ..
تشكر هشام ..
أرقد بألف عافية

Post: #4
Title: Re: سلسبيل الخواطر ...
Author: نادية عثمان
Date: 03-13-2005, 03:47 PM
Parent: #3

الاكرم ابو جهينة


Quote: و أغلق الألبوم ..
ليرقد في سكون ..
يضم صورك في رفق و تحنان ..
منتظرا أن تضج أسراب الحزن
و تهاجر في موسم الشوق
إلى باحات الذكرى لترتاح هنا على ضفافك ..
فإلى ذلك الحين ...
حين الحزن المقيم



الله

مااروعه من شجن نبيل

و

حزن سامى جدا !!

وحقا من كان منا بلا حزن فليرمه بحجر !!

Post: #5
Title: Re: سلسبيل الخواطر ...
Author: ابو جهينة
Date: 03-13-2005, 11:03 PM
Parent: #4

الممسكة بصولجان الحرف المموسق ( نادية )

تحية خالصة ( بعد أن إنحسر مد الحزن )

أعتقد جازما بأن الحزن .. ضرورة لو لم يرتبط بفراق الأحباب ..
فهو يغسل الروح من أدران كثيرة تعلق بها في مسيرة الحياة ..
لذا قلت أنني صاحبته و صادقته ..

إمتناني لك للجلوس معي في بهو الحزن هذا حتى إنحسر
دمت

Post: #6
Title: Re: سلسبيل الخواطر ...
Author: ابو جهينة
Date: 03-14-2005, 11:09 AM
Parent: #5

و عند كل صورة ينساب سلسبيل الخواطر..
شلالا مموسَقا بكل خلجة من خلجات الملامح المرسومة عند سفح الذاكرة .
أتصفحه متوشحا سحر تلكم اللحظات التي لن تعود ..
متدثرا بالذكرى الراقدة في الخاطر ...