على شفا بؤرة من ... جنون

على شفا بؤرة من ... جنون


03-14-2004, 04:46 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=28&msg=1116936474&rn=15


Post: #1
Title: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ابو جهينة
Date: 03-14-2004, 04:46 PM
Parent: #0

الواقع المعاش يستمد توازنه من جنون الخيال المتزن و تمرده المقنَن و تبعثره المتناسق، يتقابل كل هذا الجنون و التمرد و التبعثر عند تقاطعات و نقاط إلتقاء مع هذا الواقع سلبا و إيجابا، لذا فإن العقل الباطن يتقبل مجريات الواقع و يتعايش معها لأن تربته تكون مبللة بقطرات ذلكم الخيال ، و مرتوية حد الثمالة من رحيقه ، و يكون سطحه مدهونا بطبقة رقيقة من ألوان طيفها التي تفوق السبعة ، و رذاذها يتطاير فوق أوراقه فيجعلها ندية براقة ، قابلة للمس رغم ملمس الحقيقة الخشن أحيانا.
هكذا كان حال ( الفاضل ) ،، لا يدري أين هو و لا كيف أتى و ماذا حدث ،، أيعيش واقعا حيا أم خيالا يلتف حوله فيجعله كمومياء حية. ما آل إليه جعله يهذي كالمحموم ، لا يدري كيف تمر أيامه و لياليه ، تتداخل رؤاه مع واقع حاله كمياه النهر و البحر عند إلتقاءهما في برزخ لا يبغيان.
يتقلب على ( عنقريب الحبل ) ،، يبصق ( سفته ) و التي خُيِل إليه أنها تنتفخ و تكبر و تزداد حجما مع ما يعربد في ذهنه ،، يعاجل تجاويف مزاجه بسيجارة من نوع رخيص ينفث دخانها إلى أعلى فيتصاعد في خط مستقيم بفعل الهواء المعدوم حوله.
رحم الله أيام الجناح الخاص الذي كنت تتقلب فيه في فندق ( جورج الخامس ) ،، كنت كمن يملك نجمة من نجماته الخمس ، تتقلب على السرير ذو ( المرتبة ) المائية ، تدخن السيجار الكوبي الفاخر ،، و الكل يناديك(مسيو ) ،، توزع ( البقشيش ) يمنة و يسرة ،، تتجول في ردهات الفندق ( بالروب دي شامبر ) المصنوع من القطيفة الحمراء تتهادى منتعلا الصندل الجلدي كسلطان زمانك ، يتهافت كل من يعمل بالفندق لخدمتك و تلبية طلباتك..... أواه يا زمن أواه.
إبتسم إبتسامة باهتة ... سرعان ما إنزوتْ.
( الراديو ) القديم يطلق صوتا متحشرجا متقطعا غير مفهوم ، يضربه على جنباته بعصبية دون فائدة ، فيغلقه و يضعه على الطاولة ذات الثلاث أرجل بجانب كوب به بقايا من الشاى الأسود يحتضن عدة ذبابات منتحرة.
تئن حبال ( العنقريب ) من تقلبه ، و تنثني إحدى أرجله إلى الداخل منذرة بسقوط قريب.
تناوشه ذبابة عنيدة ،، فيرد الصاع بالطاقية و تارة بيديه ، ثم يتركها أحيانا تمارس هوايتها على بشرته الجافة.
يحك رجله برجله ، ثم تلك بتلك ، و لا يدري سبب الحكة و لكنه يتجاوب معها و هو يحس بخدر كلما تأخر عن الإسراع بالتجاوب.
تخيل نفسه غاطسا في ( الجكوزي ) و كأسه على يمينه ،، و موسيقى كلاسيكية حالمة تدغدغ وجدانه ، و فتاة المساج في إنتظاره لينعم بتدليك يجعل المتعة تسري في أنحاء جسده المرهق دونما عمل.
يقدم ( طاقيته ) للأمام ، ثم يعاود فيرجعها للخلف ،، ثم يعضها بين أسنانه ،، ثم يضعها تحت رأسه المثقلة بالهموم و الهواجس ، و يعيد الكرة في رتابة دون وعى.
يغمض عينيه إتقاء ( رقراق ) أشعة الشمس من بين فرجات الراكوبة المغطاة بحصير سيقان القمح و ( البروش ) المهترءة.
يحط طائر على السقف ، يشق جدار الصمت بصوته باحثا عن رفيقته ، فيتساقط التراب متناثرا من تحت مخالبه ، فتضيع حبات الغبار بين طيات ( العراقي ) المتسخ.
يقوم متثاقلا ، يكرع الماء ( بالكوز ) من ( الزير ) الذي تكسوه من الخارج طبقات من الطحالب الخضراء و السوداء.
يسكب محتويات ( الكوز ) دفعة واحدة في جوفه. يلفظ آخر جرعة متأففا ،، فقد شاركه ( جندب ) الشرب من نفس الجرعة.
يعود إلى رقدته ،، ، لا يبالي بطعنات زوائد الحبال المنتصبة تحته و لا بوخزاتها عبر ( العراقي ) الذي بالكاد يستر جلده.
من يصدق أيها الهاجد في هذا السكون تحت سماء هذه القرية الوادعة ، من يصدق أنك أنت ،، نعم أنت بشحمك و لحمك ،، هو ذاك الآتي من خضم الزحام و بهرج الأضواء و صخب المدائن ؟ أنت ذاك الذي كان يرفل في حلل زاهية الألوان من ماركات ( دافنشي ) و ( بيجان ) و ( آنجلو ) ،، تنتقيها من شوارع روما و أنت تفاصل في أسعارها بلغة ( طليانية ) تنافس لسان البرتو مورافيا و زعماء عصابات صقلية.
يزدرد ريقه الجاف ،، و هو ينظر ( للعراقي ) الذي ذهب لونه.
تفوح منه رائحة العرق ،، فيسرح بخياله أيام التجوال في محال باريس ، متأبطا ذراع ( رشيدة المغربية ) ينتقيان العطور الراقية و الغالية الثمن.
إيه يا رشيدة يا سليلة ( البربر ) ،، أين أنت الآن ؟ أما زلت تلك الفتاة التي تتراقص خصلاتها الطويلة على أردافها كذيل جواد رامح ، تبهرين كل من حولك بعينيك الواسعتين و وجهك المستدير الطفولي ،، و رقصاتك المجنونة الشبيهة بإيماءات الزار ؟ ألا زال نهارك كليلك ، و ليلك كنهارك ؟ أين أنت الآن يا همجية المزاج ؟
زفر زفرة طويلة و إنقلب على جنبه الأيمن و هو ( يطقطق ) أصابع يديه.
مرق كلب و أنحنى يشرب من إناء تحت الزير و هو يتلفت في حذر.
تذكر ( الكلبة المدللة ) لفتاته رشيدة ،، كانت تأخذها لكوافير الكلاب كل شهر مرة ، و ها هو رأسه مثقل بالشعر الأكرت دونما ( حلاقة ) منذ شهور مضت ، لا يذكر متى تخلله ( المشط ) ،، يستعمل أصابعه في تخليله.
إبتسم في إمتعاض ،، يمضغ الحسرة.
أحس في لسانه الجاف بطعم طبقه المفضل الذي كان يتناوله في ذلك المطعم الفرنسي الصغير في إحدى الأزقة المتفرعة من شارع الشانزليزيه. رشيدة لا تحب إستعمال الشوكة و السكين ،، تستعمل كلتا يديها غير مبالية بنظرات الإستنكار ،، و من حين لآخر تلقمه في فمه قطعا من لحم ( الإستيك ) المفضل لديها ،، فييزدردها و هو ينهاها عن تكرار ذلك ، و لكنها تضحك في عفوية و غنج بصوت مجلجل و تعاود الكرة وسط نظرات رواد المطعم ،، تستفز خجله و تمتحن إستجابته لشيء تراه طبيعيا في هذا البلد.
لا ينسى يوم أن أكثرتْ رشيدة من شرب النبيذ الأحمر المعتق ، ثم سحبتْ مفرش الطاولة و تحزمتْ بها و إعتلتْ طاولة الطعام و صارت ترقص رقصا شرقيا على أنغام أغنية عربية كان يضعونها كلما أتى زبون عربي ، تجمع كل رواد المطعم حول طاولتهما يصفقون و هم يبحلقون في هذا الجسد الجامح كما الفرس البرية يتلوى في ليونة ، و ينساب مع الموسيقى إنسياب مياه نافورة في فناء منزل دمشقي يترقرق متدفقا من بين ثنايا ( الفسقية ) ،، فتحمستْ و قذفتْ بحذاءها ( كل فردة في إتجاه مختلف ) و صارت تتلوى كأفعى تخرج من سلة فقير هندي ينفخ في مزماره السحري. و عندما أنهكها التعب ، إرتمتْ عليه وسط تصفيق و تهليل الحضور ،، تحيط عنقه بكلتا يديها،، لاهثة الأنفاس محمرة الوجه ، تلوذ بأحضانه من جنونها و نزقها.
إنقلب على الجهة اليسرى و جسده يهتز لهذه الذكرى ،، فأطلق آهة مكتومة.
مرتْ من أمامه عربة من طراز قديم تطلق صوتا مبحوحا ،، و قد تكدس بداخلها و على سقفها الركاب ، تطل أجسادهم في إنبعاج و ترهل. هل ترى ما زلت تقودين عربتي ( البيجو ) الصغيرة يا رشيدة ،، أما زالت تتأرجح على مرآتها الداخلية المسبحة التي أهدانا إياها الشاب الموريتاني في حفل عرس صديقتك ؟
إستلقى على ظهره ،، و قد إتسعت إبتسامته الممتعضة.
سمع صوت إمرأة تتحدث مع أخرى تبدو أنها بعيدة عنها ،، صوت حاد و قوي ينقله الهواء إليه أحيانا ، و أحيانا يذهب به بعيدا ، لم يفهم ماذا تقولان ،، طفا إلى سطح ذاكرته يوم أن أخذ رشيدة و ذهبا لمشاهدة حفل الأوبرا لأول مرة بعد أن حصل على التذكرتين مجانا من صديق فرنسي.
أصابهما الذهول و هما يبحلقان في مبنى الأوبرا الضخم و الديكور المتناسق و الستائر المخملية المتدلية من الشرفات و البلكونات ،، و رشيدة منتشية و في أبهى حللها و هي تتأبط ذراعه و عيناها الواسعتان تتفحصان المكان ،، و ما أن إنطلق المغني يتدرج صوته الأوبرالي بطبقاته المتعاقبة ،، حتى إنطلقت رشيدة في ضحك هستيري لم يستطع أن يسكتها ،، تسكت قليلا واضعة يدها على فمها ، ثم تستمع إلى المغني فاغرة فمها ثم تنطلق ضاحكة تتدرج ضحكاتها مع المغني و كأن صوتها قد تشابك مع صوته الأوبرالي ،، أتاها المشرفون على الصالة مرتين لتحذيرها من مغبة الإستمرار في الضحك بهذا الشكل ،، و في الثالثة كانا خارج الصالة تصحبهما همهمات الغضب و الإستياء ، فشاركها الضحك الهستيري.
ضحك في سره لتلك الحادثة ،،،،،،، فرشيدة عفوية لا تستطيع كبح جماح إنفعالاتها و مشاعرها. سببتْ له الكثير من المشاكل و لكنها كانت تعرف كيف تطفيء غضبه و حنقه.
وقف صبي نحيف حليق الرأس أمامه و هو يلهث : عمي الفاضل ، قالوا ليك تعال إتغدى.
هاهو يا رشيدة ( الروم سيرفس ) ،، و قائمة الطعام لا جدال فيها ،، فهي جاهزة ( كطبق الشيف ) و ( طبق اليوم ) ،، فالأكل هنا تلبية لنداء البطن و الجوع ، لا مجال للمزاج و التنويع.
تذكًرَ عندما شرب لأول مرة شوربة الضفادع تحت إلحاحها الذي لا يستطيع أن يقاومه ،، أحس أن ورما يلازمه في إمعاءه طوال الليل حتى منتصف نهار اليوم التالي ، حتى أنه ليلتها رأى في منامه أن عشرات الضفادع تطارده على طرف جدول مليء بالحساء تنمو الحشائش على جانبيه و نقيقها يملأ المكان.
أما زلت ترتادين ذلك المطعم ؟ ترتفع حرارة غيرتي كلما دلفنا إليه.
أشار إلى الصبي بأن لا رغبة له.
و غطى وجهه بكلتا يديه ،، و راح في غفوة لعل أحلام يقظته تسافر به إلى هناك ،، طفق يتخيل و يحلم كيف أنه يمكن أن يأتيه منها ما يجعل الأمل يفرهد من جديد في قلبه ليحزم أمره و ينطلق عاتقا نفسه من ربقة هذا الأسْر القاتل .

Post: #2
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ابو جهينة
Date: 03-15-2004, 08:59 AM
Parent: #1

*

Post: #4
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ترهاقا
Date: 03-15-2004, 09:37 AM
Parent: #2

عزيزنا ابو جهينة

دائما بتنقذنا بلوحاتك الجميلة دى من هجير البورد ودرجة
حرارتها المرتفعة

بس الراجل ده بعد العز ده كلو الجابو جدعه فى عنقريب الكراب
ده شنو ؟ تكون رشيدة دى ودته فى ستين داهية؟

وتسلم

Post: #3
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ودقاسم
Date: 03-15-2004, 09:34 AM
Parent: #1

ابوجهينة
لك التحية وأنت تهددنا بهذا المصير الذي نقترب منه كل يوم ،، شدني السرد وكأني معني به ، لكن شوربة الضفادع لم أتذوقها حتى الآن ،، يا ترى ايهما شوربته أطعم ذكر الضفدع أم أنثاه .. أم انك أيضا مثلي لم تجرب ؟
بس أبوجهينة لم يبذل الفاضل أي محاولات لتفادي هذا المصير ،، لماذا ؟

Post: #5
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ابو جهينة
Date: 03-15-2004, 09:44 AM
Parent: #3

ود قاسم الحبيب
تحية عارمة

فتحت علينا فتحة كبيرة.
1. شوربة إناث الضفادع ( تلسع ) أما شوربة ذكورها ( ليها كتمة )
2. لا أظن أن مصير الفاضل سيصيبك يا أبو طلال ،، لأن الظروف تختلف تماما قلبا و قالبا.
3. الظروف و الملابسات التي مرتْ بالفاضل طويلة و متشابكة ،، تتداخل فيها إشكاليات إجتماعية و بعضها تتعلق بالمدينة التي كان يرتع فيها ،، رغم كل شيء و رغم تمتعه بإمكانات لا بأس بها ،، فقد تكالبت عليه الظروف و حاول جاهدا أن يتملص و ينفلت منها ،، و لكن دون جدوى.
هل تريد أن تعرف أين هو الآن ؟ بيننا الهاتف مساء هذا اليوم.
تسلم

Post: #7
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ابو جهينة
Date: 03-15-2004, 09:48 AM
Parent: #5

عزيزي ترهاقا
تحياتي و محبتي

رشيدة كانت السبب و لكن بطريق غير مباشر. جرفته إلى القاع دون أن تدري.
تسلم أبو علاء. التفاصيل على الهاتف مساء اليوم مع نغمات الكي بورد.

Post: #6
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: Tabaldina
Date: 03-15-2004, 09:45 AM
Parent: #1

..
.
كالعادة .. يا أبا جهينة
تمتعنا بسردك وروائعك ..
كم هى رائعة هذه اللوحة الجمالية ومزج الماضي
ومجريات الواقع ..
دوماً يخطر ببالي سؤال هل هى حقاً واقعية ام خليط
بين احداث ماضية وخيال خصب ..؟؟
كما جد المراة تلعب دورا اساسياً فى خطواتك وايقاعك المنتظم
فهل السبب أن العقل الباطن يتقبل مجريات الواقع و يتعايش معها
لأن تربته تكون مبللة بقطرات ذلكم الخيال ، و مرتوية حد الثمالة من رحيقه ؟؟؟؟

لا انتظر اجابة هنا فلابد من صنعاء وان طال السفر ،،

ليك القومة أيها النيل

Post: #8
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ابو جهينة
Date: 03-15-2004, 10:59 AM
Parent: #6

الأخ العزيز جدا تبلدينا

تحية أخوية و محبة
تسعدني طلاتك الغنية الدسمة دائما.

كما أجد المراة تلعب دورا اساسياً فى خطواتك وايقاعك المنتظم
فهل السبب أن العقل الباطن يتقبل مجريات الواقع و يتعايش معها
لأن تربته تكون مبللة بقطرات ذلكم الخيال ، و مرتوية حد الثمالة من رحيقه ؟؟؟؟

نعم عزيزي تبلدينا ،،، فالمرأة بالطبع هي الوجه الآخر للعملة ،، و هي التي تجعل إيقاع الحياة متوازنا منذ بدء الخليقة . لا أتخيل حياة بلا إمرأة ( بصرف النظر عن ماهية هذه المرأة ) .

تسلم تبلدينا.

Post: #9
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: THE RAIN
Date: 03-15-2004, 03:10 PM
Parent: #1

العزيز أبوجهينة

شمس الكلام ودليله، حين تمسك العتمة بكل دروب الحروف
ونسمة الإتكاءات الندية، حين يجثم هجير السأم على ساحاتنا

لك التقدير على إمتاعنا دائما، ونحن مدينون لك بما تنفحنا إياه من مسرات عراض والله ومتعة كاملة الدسم

وسلمت لنا وللجمال، ولك المودة

أبوذر

Post: #10
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ابو جهينة
Date: 03-15-2004, 03:39 PM
Parent: #9

عزيزي أبو ذر
تحياتي الخالصة و تقديري اللامتناهي

تطل علينا دائما فتزيد منابع إلهامنا بكلماتك الطيبة العميقة الدلالة.
تشكر على الإطلالة أخي العزيز
و تسلم و دمت لنا.

Post: #11
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: شتات
Date: 03-15-2004, 04:32 PM
Parent: #10

الغالي أبوجهينة ..

ما بين "موسم الهجرة إلى الشمال" ..
"عصفور من الشرق" ..
و"على شفا بؤرة من جنون" ..
هو ما بين لندن .. باريس .. وقرية منسية في أقاصي السودان
هو المسافة المكتظة بعجاج الذكرى .. بين جمر الحقيقة ورطوبة الخيال
أو البحث عن عطر مفقود في دخان سيجارة يذهب بعيدا .. قبل أن يلقيها صاحبها أرضا وهو يردد :

آخر كلام لفيتو بي كرتين أسى .. ودخنتو بي حرقة وألم
سطلت فارقت الحقيقة .. سبحت في بحر العدم
واتلاشت الروح في الدخان .. شدت رحالها مسافرة للنجم البعيد .. للنغم
وصلت نجمك يا جميل .. اتكثَّـفَت روحي المهاجرة ذرات ألم
صبحت بعدك كتلة أسى .. أرجوحة لي طفل الحزن ..
يعزف على وتري الضعيف أجمل نغم
آه يا حقيقة .. وآه يا ألم


و إلى العلا أبا جهينة ..
مع كل الود
صلاح / شتات

Post: #12
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ابو جهينة
Date: 03-15-2004, 04:44 PM
Parent: #11

الغالي و العزيزصلاح شتات
تحية و تقدير و معزة
إنتظرتك و ها أنت تأتي على صهوة كلماتك العابقة بنكهة خاصة.


( هو المسافة المكتظة بعجاج الذكرى .. بين جمر الحقيقة ورطوبة الخيال
أو البحث عن عطر مفقود في دخان سيجارة يذهب بعيدا .. قبل أن يلقيها صاحبها أرضا وهو يردد :

آخر كلام لفيتو بي كرتين أسى .. ودخنتو بي حرقة وألم
سطلت فارقت الحقيقة .. سبحت في بحر العدم
واتلاشت الروح في الدخان .. شدت رحالها مسافرة للنجم البعيد .. للنغم
وصلت نجمك يا جميل .. اتكثَّـفَت روحي المهاجرة ذرات ألم
صبحت بعدك كتلة أسى .. أرجوحة لي طفل الحزن ..
يعزف على وتري الضعيف أجمل نغم
آه يا حقيقة .. وآه يا ألم )

نعم يا شتات ،، وصلنا لنجيماتها ، فتكثفتْ الروح المهاجرة إلى ذرات ألم.
ما أمتع هذا الكلام العميق الدلالة.

هل يا صلاح كما قال ود قاسم هو مصير ينتظر الكثيرين ؟ إن لم يكن بنفس الحد ،، هل يمكن أن يكون بشكل أو آخر ؟
تسلم

Post: #13
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: د.كرار التهامي
Date: 03-15-2004, 06:35 PM
Parent: #12

العزيز ابوجهينة ...السلام والاحترام

كلما القى فسحة من الوقت اقول احوم على البورد واسلم على اولاد الفريق الطيبين واستمتع بكاس شاى اوقهوة نثرية من هذا الطراز ...التجربة الابداعية رائعة لكنها تحرض على الخوف فالبديل لرشيدة وباريس ليس القلق والانهيار الذى غاص فيه البطل الحزبن البديل هو رشيدة السودانية الحليلة وليس الخليلة والبديل تراب الوطن والبديل عن تعاريش النيون فى الشانزليزى هو (القمرة فى ام بده)او كل اقمار الوطن الضواية، البديل ان تكون فى وطنك انسان بانسانيتك ظالمااو مظلومابدلا من تكون رقما على الهويةتجدد جلدك كالحية كل عام او عامين لتثبت حسن السوك والانضباط او لاجى ينتظر الاوراق الثبوتية ونفقات الرعايةفى دول اوروبا الغنيةمنبتا مقطوع الوصل بماضيه ومستقبله...ارجو ابو جهينة الحبيب ان تطوع القلم والراى لصورة تغوينا بالوطن والبشاشة التى تنتظرناويقينى انك قادر على ذلك............................................. لك تقديرى

Post: #14
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ابو جهينة
Date: 03-16-2004, 09:14 AM
Parent: #13

عزيزي جدا د. كرار التهامي
تحية أخوية صادقة

هاتفني كثيرون ،، منهم من يقول أهذا المصير و منهم من يقول لقد أخفتنا و منهم من يصب جام غضبه و لعناته على الخليلة.
و لكن في مداخلتك أصبت أعين كثيرة للحقيقة.

( فالبديل لرشيدة وباريس ليس القلق والانهيار الذى غاص فيه البطل الحزبن )

البطل نعم كان منهارا بسبب النقلة النوعية الهائلة ،، و لكنها كانت إستراحة محارب.

(البديل هو رشيدة السودانية الحليلة وليس الخليلة )

في هذا ،، نعم أنا معك ،، لأن رشيدة كانت سبب مصائبه ،، بطريق غير مباشر و لكنه يتحمل النتيجة.

( والبديل تراب الوطن والبديل عن تعاريش النيون فى الشانزليزى هو (القمرة فى ام بده)او كل اقمار الوطن الضواية، البديل ان تكون فى وطنك انسان بانسانيتك ظالمااو مظلومابدلا من تكون رقما على الهويةتجدد جلدك كالحية كل عام او عامين لتثبت حسن السوك والانضباط او لاجى ينتظر الاوراق الثبوتية ونفقات الرعايةفى دول اوروبا الغنيةمنبتا مقطوع الوصل بماضيه ومستقبله )

صدقت تماما في هذا ،، فالبدائل عن كل ما عاشه هناك موجودة في البلد الحبيب.
أخيرا : نزولا عند رغبتك ،، الموضوع القادم ،، سيصب في صميم دعوتك.
تسلم

Post: #15
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ali othman
Date: 03-16-2004, 11:47 AM
Parent: #1

الرائع ابوجهينة نتمتع دائما بسلاسة السرد ..
وللأخوة الكرام اقول لهم ليس الفاضل وحده من يجتر ذكريات ايام خلت بعزها وبهجتها اوليس لكل منكم روعة ذكرى لأيام غابرات كانت امتع من متع الغربة الزائلة ،
حتى نحن ذلك الجيل الذي عاش آخر أيام عز السودان وبدأ رحلة التدهور لنا ذكريات ممتعة نتخيلها كلما تزاحمت على النفس قتامات البؤس وضيق الحياة .
فهنالك ملايين مثل الفاضل يجترون الذكرى وهم داخل السودان

Post: #16
Title: Re: على شفا بؤرة من ... جنون
Author: ابو جهينة
Date: 03-16-2004, 12:52 PM

الغالي و العزيز علي عثمان
تحياتي الحميمة

لا فض فوك ،، فإجترار ذكرى الأيام الحلوة لا تفرق بين هنا و هناك و بين زيد و عبيد ،، و لكن بما أن الوطن هو مقر عصا الترحال ،، فتظل الذكرى ( تنتح ) لفترة طويلة ،، تطفو على السطح رغما عن كل شيء ،، و كلما وطئت النفس تربة تفاصيل من الذكرى البعيدة
تسلم علي