Post: #1
Title: زاد الشجون : حِمل على كتِف السنين
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-25-2005, 06:29 AM
Parent: #0
زاد الشجون : حِمل على كتِف السنين
محمد الأمين يصدح بزاد الشجون ، من نفائس الشاعر فضل الله محمد.
لفافة حنين في زمن تحترق النفس من ضيق ما بها . الدنيا مطلع ثمانينات القرن الماضي ، كريح لولبية . تزحف الكائنات من حولنا ببطء والدُنيا تُسرِع الخُطى . على سرير الراحة والاستشفاء في بدء المساء ذات يوم كنت هناك . يدخلان عليَّ : هي كزهرة تتلوى بلا عِظام تفوح من حولها روائح الطفولة المنطلقة . هو بوسامته وبسمته يُورق بلُطف . متأنق يُمسك يديّ ، سرت مودته إلى القلب فنبض بشدة . هنالك مقعدان لم ينتبها إليهما لأن سرير مرقدي إلى نفسيهما كان أقرب . في الباحة جلسا جواري ، يُمنة ويُسرى . كأنني في قارب ملائكي ، يحملاه آلهتا الجمال والمحبة .
الليل ودود .. نسمة يانعة ونشوة تسري في العِظام . وددت لهذا اليوم أن يمتد ليأخذ من مُقبل أيامي ، ويفرحنا الليلة . هذه الليلة كحُلم العبقري .. لا تُشبه أيامي .إنه أشبه بعِيدٍ فرِحت به السماوات ، حين أحضر هُو الوصلات الكهربائية . من مأخذٍ في داخل غرفة الضيوف مدّ حبال الاتصال .على منضدة صغيرة جَلست آلة التسجيل بيننا . قبل البدء تحلَّقا حولي ، وأنا في وَهني ومن حولي نضارٌ صارخ ومحبة للكون ترفُل في حُلل المجدالذي لا تعرفه الدنيا من حولنا تلك الأيام :
صداقة تنضح إلفة ومحبة وتُفسح للأرواح الحالمةأن تطوف من حولنا : بدأت المُقدمة الموسيقية لزاد الشجون لفنان السودان و الموسيقار الرائع ( محمد الأمين ) :
كأنك خارج من محبس سنوات سِجنٍ طويل أنت فيه المظلوم ، ونزلت إلى مسبحٍ ، ماؤه من النيل العذب وقد نقَّته سُبل الحضارة من دنس الكائنات غير المنظورة . اليوم تغطس يا ( مانديلا ) العَصر ، قادم أنتَ من الكهف الأسود ثم إلى الشمس المُشرِقة .
بدأت مياه الموسيقى تُغسل البشرة من تعب العُمر . ينفتح الوجدان مُتصالحاً مع الدنيا أن العالم مهما قست أحجاره ، فنباته الأخضر دوماً يبث إكسير الحياة ويتألق الوجدان متلوناً . رغوة تخرج من دفق المشاعر . تآلفت كائنات الطرب الداخلي وسط فرحة غامرة . برهة ثم تحِس خيطاً رفيعاً من حُزن تسلل من بين ثنايا النص الشعري . علمت من بعد أن النص ظلَّ في خلوة الموسيقار الفنان (محمد الأمين ) عدة سنوات ، قبل أن ترى الأغنية النور . ظل في معبده الموسيقي يقرأ النص حرفاً حرفا ، كلمة إثر كلمة ، وبيتاً إثر بيت . كانت حزمة مشاعر غريبة التكوين ، يأبى النص الموسيقي الإحاطة بها . انتظر الفنان الرائع رنين الخواطر ، بين يديه عُود أوتاره تآخت مع أوتار الجيتار فتخلَّقت خُلاسية نغمية متفردة . لا تعرف وأنت بين سحر الكلمات و عمق الحس الموسيقي ، أأنت في حضرة الفرح أم أنتَ مُعلق بمشجب الأحزان ، أم أنك مسحور بنص شاعر كذوب أمسك بخيوط دُنياك يُراقص أحلامك . قرأ مرآتك ورأى جسدك عارياً من كل زيف . عَرِف الفجوات المظلمة في عوالمك العاشقة حين تعثرت الخُطى ، فبدت الدنيا تبسط من جنانها المورقة ويتساقط الورق الأصفر هُنا و هُناك وقد انتهى عُمره .
من شفاه تكاد تبوح بالمحبة ، لكنها تقف في منتصف الطريق . تصمت الكائنات كلها تنتظر . الفراشات مُعلقة بأجنحتها في الهواء كأنها صور ضوئية . النسمة تكلست و تساقطت شُهب الذكريات ، والخيال معلق بين بحار العيون المتلألئة و شفاه ترِف حيرى .كانت عيناها تقول :
ـ لولاك يا عبد الله ما أقبلت الدُنيا عليَّ من بعد فقدك من جديد . لا أعرف كيف أرد لك هذا العرفان النبيل ؟ .
قالت بفرح جمَّل وجنتيها :
ـ اسمع هذه الأغنية فيها من صفاء النفس ، واختلاط الأشياء ، وعمق الإحساس الكثير ..نُهديها لكَ اليوم .
انكفأ الماضي ، كقدر به كنوز العصر الخرافي القديم . أهي الأيام تورق من جديد ؟ . أهي الدنيا تنـزعك من كُرسي العِشق وصولجانه ، وتهبط بكَ إلى طرقات العامة ؟. أهي الدنيا تلُفكَ في خصر راقصة تذوب حُسنا ؟ . أهي الدنيا تُبيعك الأنجم ليلاً ويُشرق عليك الصباح .. كلام الليل يمحوه العِشق المُغادر ؟. هزتني دروب أغنية ( زاد الشجون ) وحواريها ، وأتعبني النص ولم يزل : { ما افتكرت الحظ يساعد عمري يورق من جديد من بعد فرقتنا ديك مين كان بيفتكرك تعود .. كنتَ بحتاج ليك بشدَّة وإنتَ عني بعيد ما في عِيشة بلاكْ بِتبقى }
. . . . . . . . يكاد ندى الدمع يطفر من العيون .
عبد الله الشقليني 24/09/2005 م
|
Post: #2
Title: Re: زاد الشجون : حِمل على كتِف السنين
Author: ابو جهينة
Date: 09-25-2005, 06:51 AM
Parent: #1
عبدالله الشقليني سلامات يا عزيزي و تحياتي
Quote: يكاد ندى الدمع يطفر من العيون . |
أما أنا .. فقد حصل و السلام .. رجعت بي الذاكرة إلى سكناى في لندن في Apple Brook و هذه الأغنية تموسق أيامي في مدينة الضباب .. بالأمس سمعت الأغنية في برنامج تلفزيوني فغامت الغرفة بما حوت و أحتوت و لم أر غير أيامي تلك و لم أسمع غير ود الأمين و هو يغوص في الكلمات و تغوص الكلمات في لحنه .. ياااااااااااااااااااااااااااااااااه .. دمت يا أستاذ
|
Post: #3
Title: Re: زاد الشجون : حِمل على كتِف السنين
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-14-2005, 07:26 AM
Parent: #1
عزيزنا أبو جهينة
لك الود والتحية كان تاريخاً للقلوب النضرة قد فرد أجنحته، حين كان للوجدان سلطان مطلق على مسلك المُحبين . جلس الرائع محمد الأمين جلسة عابد ، ونسج لنا سجادة فارهة النقش
|
|