القيـام إلـى الثلـث الأخـير من ليـل الروايـة .

القيـام إلـى الثلـث الأخـير من ليـل الروايـة .


08-21-2007, 04:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=265&msg=1241484382&rn=0


Post: #1
Title: القيـام إلـى الثلـث الأخـير من ليـل الروايـة .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 08-21-2007, 04:24 PM



القيام إلى الثلث الأخير من ليل الرواية
آيات شيطانية ( حول عنوان الرواية )


(1)

مقدمة :


قلت لنفسي منذ زمان : إني لا أذهب مع التيار ، ولا يروقني الانصياع لمسلك القطيع . وأعلم أن كثير من الأبواب التي لا ينام حُراسها بقرون استشعارهم الفتية سوف تترصدك ، فهجمة القطيع وهي في انحدارها إلى النهر ، تفل التربة . وأنت بعيد تقرأ وتكتُب على مهل ، ولا تقف أمام ما تكتُب غيوم . لكنك إن رغبت أن تُنير النصوص بنور الإعلام فإن النص يتعين عليه أن يعرف موطئ القدم . بيني وبين الجلوس لنسج الفكرة والدراسة حيز الزمان القلق والمكان المتقلب الأهواء .

(2)

قطوف عن التواري خلف النصوص :


نبدأ بأن نقطف من مقال دسم بقلم الشاعر الباهر ( عالم عباس محمد نور ) خطه تحت ثوب ( مجلة سودانيات الفصلية التجريبية ) . لا أعرف حتى التاريخ حظها من عناية القُراء أو أطلع على حصاد ما كتبنا . لندع كل ذلك إلى القطوف :

التستر بالعري أو التواري خلف النصوص
للشاعر : عالم عباس محمد نور
حين طُلب أليّ أن أقوم بذلك انتابني رعب حقيقي، أنا الذي كنت أتخفى بالقصيد ، أتدثره، وأندس فيه، أنا الهارب منه إليه، هذا القناع الساحر الرقيق، الذي يستر عريي، ويداري سوءتي، مكنون أسراري، وأمان خوفي، ملاذي عند احتدام الخطوب، كيف أهتك هذا الحجاب وأزيل هذه الطمأنينة الوارفة، وأزعج هذا الأمن السابغ؟

(3)

الغرانيق في اللغة :


غَرنَق : غازل بعينه
الغُرانِق : نبات شجري معمّر من فصيل الجارونية ينبت في المناطق المعتدلة ، أوراقه مزغبة طويلة العنق مستديرة النصل تقريباً نورته شبه خيمة ، والثمرة جافة منشقة ذات مِنقار طويل .
الغرانق : الشاب الأبيض الناعم .
الجمع : قرانق وغرانيق .
الغرنوق : طائر مائي أبيض طويل الساق جميل المنظر له قُنـزُعة ذهبية اللون ، وهو ضرب من الكراكي . الجمع غرانيق .

(4)

رؤانا حول اختيار الكاتب للعنوان :


نبدأ بالعنوان الذي انتقاه الكاتب سلمان رشدي ( آيات شيطانية ) ، واستعان من الذاكرة التفسيرية للنص القرآني ( الغرانيق ) : ( ألقى الشيطان على لسان النبي تلك الغرانيق العُلى وإن شفاعتهن لتُرتجى ) واختار لروايته ذلك الاسم من ذلك التعقيد ، رغم تعدد الروايات من أهل السنة التي تقول بأنه تفسير من الإسرائيليات أو تفسير منقطع أو هو من الغرائب . لقد اختار الكاتب الجانب الرطب من القص القرآني والتفاسير ، ليُنسج من منوال ذلك الجنوح الشيطاني رواية ضخمة بتفاصيل حياة من يقتسمون بطولة النص ، ومن هاجرت أرواحه من جسد إلى آخر . نهل الكاتب من المخزون الديني بتفاسيره الموثقة وغيرها ، فالراوي ليس لكتابته حساب كتاب المقالات أو التحقيقات أو الرؤى المباشرة الدلالة ، أو التقريرية التى اعتدنا في الخطاب الصحافي أو المنشور الحزبي . فهو خارج من تحت عباءة النص برواية ليحكم القراء والنقاد على الشخوص وحيواتهم التي صنعها ، وانسل كما يقال في المثل : رمتني بدائها و انسلت.
إن التخفي والالتحاف بالشكل الروائي ، هو طريق مأمون لكل من اعتاد أن الدنيا لا تُفتش الأدمغة ، لتُنظفها بفرشاة العقائد ، إلا عندما استل شيخ من أئمة الشيعة غدارة محشوة وأطلق رصاصة الفتوى بأن النص الروائي قد سب الرسول الكريم وأهل بيته و يستحق كاتب النص ( الموت الحقيقي ) وليس موت المؤلف كما يرد في فن النقد و أخرجت الدولة من بيت المال حافزاً لمن ينفذ الفتوى .كان المال المرصود يكفي لصناعة الأحلام فوق البنفسجية من رهافة العيش وفرح الورثة من بعد .
لقد عبرت الفتوى إلى تحريض ، بل والمشاركة بالمال في التأسيس للقتل ، ليس بسبب الرأى بل بسبب كتابة رواية ! . أسست للقصاص ليس من أبطال الرواية بل من الكاتب نفسه . ذاك الذي صاغ الرواية من بنات أفكاره ، وعبثه الطلق بصناعة الشخوص من عجين يضرب أركان الكون ويأتي بالنفائس من كل شكل ولون . يجنح للغرائب ، ويفتش أعشاش الشياطين عما تُخبئ .

(5)

العنوان ومراجعه من التراث :



بخلاف ما وصلنا من نص قرآني وتفاسير من أهل السنة تقول إن الرواية حول الآيات الشيطانية إما منقطعة أو من الإسرائيليات أو من يقول إنها باطلة لا يصح لها سند ، وذلك شيء ، واسم الرواية شيء آخر . لا يعتد كاتب الرواية لا بالتدقيق في الأصول ولا بالتحقيق في مصادرها . اقتبس الكاتب من الرواية الخاصة بالآيات الشيطانية على اختلاف درجاتها من المصداقية ، وبنى عليها مفتاح الرواية .

(6)

ملاحظة على المراجع في التفاسير :


تقلبت الرواية الشيطانية ما بين آيات سورة النجم ( من الآية 18 وإلى 23 ) ، وبين الآية (52) من سورة الحج ، علماً بأن الآيات الشيطانية لم تُذكر في مكانها من تفسير سورة النجم ، بل ذهبت الرواية التفسيرية إلى سورة الحج كما ورد في المراجع التي سنقوم بإيراد محتوى تلك الآيات الشيطانية التي اقتبس منها الكاتب : سلمان رشدي مفتاح تلك الرواية المُثيرة للجدل . تصاعد الجدل جله ليس من أبجدية السرد و قوانين القص الداخلية والتطوير في النص ، بل في المراجع والخامات التي اتخذها خلفية لروايته ، صحت تلك المراجع أم تناثرت هباء في خباء المُشككين ، فهذا ما لم يُلق له المؤلف بالاً . وهو بذلك طرح الكاتب كمُحرك لقيم ومفاهيم أمسك فيها كحاذق بتصور عن تاريخ مشكوك في رؤاه ، وأنجز ما لم يستطيع آخرون الجهر به ، واتخذه مادة روائية . هرب بجلده من الخطاب والرأي والرؤى والتحقيق إلى صياغة لرواية يتعين الحُكم عليها من داخل قوانينها . وهو أي الكاتب لا دخل لرؤاه فيما ورد في دُنيا القص .

هذا ما نراه من ملاحظة ثم نواصل في إيراد المراجع :

(7)

المرجع الأول من تفسير الجلالين :


النص القرآني من سورة النجم :

َقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى{18} أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى{19} وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى{20} أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى{21} تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى {22}{إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى }النجم23

مختصر من تفسير الجلالين :

18 - (لقد رأى) فيها (من آيات ربه الكبرى) العظام أي بعضها فرأى من عجائب الملكوت رفرفا أخضر سد أفق السماء وجبريل له ستمائة جناح
19 - (أفرأيتم اللات والعزى)
20 - (ومناة الثالثة) للتين قبلها (الأخرى) صفة ذم للثالثة وهي أصنام من حجارة كان المشركون يعبدونها ويزعمون أنها تشفع لهم عند الله ومفعول أفرأيتم الأول اللات وما عطف عليه والثاني محذوف والمعنى أخبروه أ لهذه الأصنام قدرة على شيء ما فتعبدوها دون الله القادر على ما تقدم ذكره ولما زعموا أيضا أن الملائكة بنات الله مع كراهتهم البنات نزلت
21 - (ألكم الذكر وله الأنثى)
22 - (تلك إذا قسمة ضيزى) جائرة من ضازه يضيزه إذا ظلمه وجار عليه.
23 - (إن هي) أي ما المذكورات (إلا أسماء سميتموها) أي سميتم بها (أنتم وآباؤكم) أصناما تعبدونها (ما أنزل الله بها) أي بعبادتها (من سلطان) حجة وبرهان (إن) ما (يتبعون) في عبادتها (إلا الظن وما تهوى الأنفس) مما زين لهم الشيطان من أنها تشفع لهم عند الله تعالى (ولقد جاءهم من ربهم الهدى) على لسان النبي صلى الله عليه وسلم بالبرهان القاطع فلم يرجعوا عما هم عليه.

(8)

المرجع الثاني من تفسير الجلالين :


{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52

ومن تفسير الجلالين :

52 - (وما أرسلنا من قبلك من رسول) هو نبي أمر بالتبليغ (ولا نبي) أي لم يؤمر بالتبليغ (إلا إذا تمنى) قرأ (ألقى الشيطان في أمنيته) قراءته ما ليس من القرآن مما يرضاه المرسل إليهم وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النجم بمجلس من قريش بعد أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى بإلقاء الشيطان على لسانه من غير علمه صلى الله عليه وسلم تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ففرحوا بذلك ثم أخبره جبريل بما ألقاه الشيطان على لسانه من ذلك فحزن فسلي بهذه الآية (فينسخ الله) يبطل (ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته) يثبتها (والله عليم) بإلقاء الشيطان ما ذكر (حكيم) في تمكينه منه يفعل ما يشاء .

(9)

المرجع الثالث من أسباب النـزول للواحدي :


من كتاب أسباب النـزول للواحدي ، تحقيق أيمن صالح شعبان .
ص ( 258 ـ 259 )

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52
التفسير وفق ما جاء في أسباب النـزول للواحدي :

646 ـ قوله تعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) قال المفسرون : لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم تولي قومه عنه ، وشق عليه ما رأى من مباعدتهم عما جاء هم به ، تمنى في نفسه أن يأتيه من الله تعالى ما يقارب به بينه وبين قومه ، وذلك لحرصه على إيمانهم ، فجلس ذات يوم في نادٍ من أندية قريش كثير أهله ، وأحب يومئذ أن لا يأتيه من الله تعالى شيء ينفرون عنه ، وتمنى ذلك ، فأنـزل الله سورة ( والنجم وما هوى ) فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ ( أفرأيتُم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ) ألقى الشيطان على لسانه لما كان يحدث به نفسه وتمناه ، تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهُن لتُرتجى ! ، فلما سمعت قريش ذلك فرحوا ، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءته فقرأ السورة كلها ، وسجد في آخر السورة ، فسجد المسلمون بسجوده وسجد جميع من في المسجد من المشركين ، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد إلا الوليد بن المغيرة وأبا أحيحة ابن العاص ، فإنهما أخذا حفنة من البطحاء ورفعاها إلى جبهتيهما و سجدا عليها ، لأنهما كانا شيخين كبيرين فلم يستطيعا السجود ، وتفرقت قريش وقد سرهم ما سمعوا وقالوا : لقد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر ، وقالوا : لقد عرفنا أن الله يحي ويميت ويخلق ويرزق لكن آلهتنا تشفع عنده ، فإن جعل لها محمد نصيباً فنحن معه ، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام فقال : ماذا صنعت ؟ تلوت على الناس ما لم أنك به عن الله سبحانه وتعالى ، وقلت ما لم أقله لك ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً ، فخاف من الله خوفاً كبيراً ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقالت قريش : ندم محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ على ما ذكر من منـزلة آلهتنا عند الله فازدادوا شراً إلى ما كانوا عليه .
647 ـ أخبرنا أبو بكر الحارثي قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن حيان قال : أخبرنا أبو يحي الرازي / قال : أخبرنا سهل العسكري قال : أخبرنا يحي عن عثمان بن الأسود ، عن سعيد بن جبير قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أفرأيتم اللات والعُزى ومناة الثالثة الأخرى ) فألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن ترتجى ، ففرح المشركون بذلك وقالوا : لقد ذكر آلهتنا ، فجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : اعرض عليَّ كلام الله ، فلما عرض عليه فقال : أما هذا فلم آتك به ، فهذا من الشيطان ، فأنزل الله ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أُمنيته )

تعليق المُحقق أيمن صالح شعبان :

1/ بأن التفسير ( 646 ) متنها غريب وباطلة ، وتناولها بالنقد كثير من الحفاظ ، انظر كتاب الاسرائيليات في كتب التفسير .
2/ بأن تفسير (647 ) لا تقوم به حجة : انظر السيوطي 4/367 . وقال في لباب النقول ص 275 أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير بسند صحيح . قلت : إليه وهو مقطوع كما ذكرت .

(10 )

خيوط تربط الإنس بالجن :


من يكتب عنواناً يحمل أشفاراً و ومضات من زمن بعيد غير كاتب يدرك فداحة القص بين شعاب المقدسات المرجانية . كيف عقدت الشياطين مجلسها وتلصص الكاتب بأخيلته كيف كانت رواية التاريخ بحلف النوافث التي تنفث في خيوط السحرة من زمان قديم بشراكة من يعلمون الناس السحر . نسج الكاتب من الإرث الظاهر والباطن ، من المعروف و مما أضمره الخيال الجمعي من فلكلور الشعوب منذ قديم الزمان . يلبِس الكاتب الملائكة أقنعة البشر . يفُض ورق أنفسهم من الطُهر ، ويلونهم بعبث إبليس وجنوحه حيناً وعبث البشر وصنائعهم أحياناً أُخر . طاف القص طوفان العابث في دفاتر التاريخ المكتوب والمشكوك في صحته والمأمول في مصداقيته . اتخذ أشد السيوف مضاءً و سقاهم من سم الملوك عندما تنوي الغدر . (هاروت وماروت) ملكين و هما ساحران كانا يعلمان السحر أنزلا لتعليمه ابتلاء من الله للناس ...

أنظرالآية الكريمة :

{وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ}البقرة102

من تفسير الجلالين :

102- (واتبعوا) عطف على نبذ (ما تتلوا) أي تلت (الشياطين على) عهد (مُلْك سليمان) من السحر وكانت دفنتْه تحت كرسيه لما نزع ملكه أو كانت تسترق السمع وتضم إليه أكاذيب وتلقيه إلى الكهنة فيدوِّنونه وفشا ذلك وشاع أن الجن تعلم الغيب فجمع سليمان الكتب ودفنها فلما مات دلت الشياطين عليها الناس فاستخرجوها فوجدوا فيها السحر فقالوا إنما ملككم بهذا فتعلموه فرفضوا كتب أنبيائهم. قال تعالى تبرئة لسليمان وردَّاً على اليهود في قولهم انظروا إلى محمد يذكر سليمان في الأنبياء وما كان إلا ساحراً : (وما كفر سليمان) أي لم يعمل السحر لأنه كفر (ولكنَّ) بالتشديد والتخفيف (الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) الجملة حال من ضمير كفروا (و) يعلمونهم (ما أنزل على المَلَكين) أي ألهماه من السحر وقرئ بكسر اللام الكائنين (ببابل) بلد في سواد العراق (هاروت وماروت) بدل أو عطف بيان للملكين ، قال ابن عباس : هما ساحران كانا يعلمان السحر وقيل ملكان أنزلا لتعليمه ابتلاء من الله للناس (وما يعلمان من) زائدة (أحد حتى يقولا) له نصحاً (إنما نحن فتنة) بلية من الله إلى الناس ليمتحنهم بتعليمه فمن تعلمه كفر ومن تركه فهو مؤمن (فلا تكفر) بتعلمه فإن أبى إلا التعلم علماه (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) بأن يبغض كلا إلى الآخر (وما هم) أي السحرة (بضارِّين به) بالسحر (من) زائدة (أحد إلا بإذن الله) بإرادته (ويتعلمون ما يضرهم) في الآخرة (ولا ينفعهم) وهو السحر (ولقد) لام قسم (علموا) أي اليهود (لمن) لام ابتداء معلقة لما قبلها ومن موصولة (اشتراه) اختاره أو استبدله بكتاب الله (ما له في الآخرة من خلاق) نصيب في الجنة (ولبئس ما) شيئا (شروا) باعوا (به أنفسهم) أي الشارين : أي حظها من الآخرة إن تعلموه حيث أوجب لهم النار (لو كانوا يعلمون) حقيقة ما يصيرون إليه من العذاب ما تعلموه.

(11)

حول التناص :


مقدمة لا بُد منها اقتبسناه من مقال كتبه :
د. أحمد بلحاج آية وارهام في مقال له عن ( حضور النص القرآني في الشعر .. أهو تناصٌّ أم اقتباس؟) كتبه في 16/ 05/ 2007 م
حول الأسس التي يرتكز عليها التناص ليكون نقطة انطلاق :
إن التناص ـ كما عرضه كبار منظريه على اختلاف مشاربهم ومنطلقات فكرهم وتياراتهم يرتكزون على أسس جوهرية هي :


1/ النص واضح ولا بداية له ولا نهاية ولا مضمون ولا وحدة كلية ولا عنوان ولا مؤلف ولا قيمة مرجعية بعكس النظرة القديمة لمفهوم النص .

2/ النص مستقر لنصوص أخرى من خلال عملية استيعاب على درجة عالية من المراتب ، يعني أكثر مما يقول وينسف كل المعاني الممكنة .
3/ النص محاولة لنسف التقليد .
4/ النص أفق يبتلع العالم كله في الذهن ، ويتحول إلى مكتبة عالمية
5/ لا يوجد نص مغلق مكتفٍ بذاته ، فهو يجتاح حدوده ويتسع إلى درجة تمكنه من إزاحة نصوص و وضع يده على نصوص أخرى ، وينفتح أمام تأثيراتها في استخدام اللغة والمجاز والمواضيع والأصداء حتى تصبح مدلولاً مُراوغاً لعلامات هي ذاته .

6/ النص دال تجتاح حدوده نصوصاً أخرى لفتح فجوة بين الدال والمدلول أمام تعدد أو لا نهائية الدالة
7/ النص له ديمومة الحياة والمؤلف له ديمومة الموت .
8/ كل نص هو تناص .
9/ التناص يحدث داخل وعي القارئ ، ودون وعي ذلك المتلقي .
10/ النص يحمل في شفراته بقايا آثار وشذرات من الكتاب الأكبر ( الكتاب ) الذي يضم كل ما كُتب بالفعل ، فهو حسب ( رولان بارث ) جزء من كل ما تمت كتابته .
11/ النص يحمل رماداً ثقافياً من نصوص سابقة ، وتشهد بصحته الظواهر النصية .
12/ التناص يرتبط بوعي القارئ وبأفق انتظاره ، وهذا ما يعني لا نهائية التفسير و خطأ الدلالة دون توقف ، واستحالة معرفة الحقيقة .

(12)

تسونامي يقصف الرواية :


كنتُ دوماً أدعم النظر إلى الدنيا بعين العقل الفاحصة ، والاسترشاد بنظريات المعرفة . الإمساك بالجوهر من بعد زينة القشور . كنتُ ومنذ زمان بعيد في توجس من المسلك العام لنـزوح الفعل الجماهيري ككتلة انفعال في ساحة الفعل العام دون روية !. إن معظم من اتخذوا موقفاً من خارج رؤى الرواية هُم من لم يقرءوا الرواية أصلاً أو قرءوا ملخصات مُبتسرة عنها و ما يصور ما كُتب من أنه سب ولا شيء غيره ، إلا النذر اليسير .
واخترت اسم الرواية ولا أتطلع لرؤى الكاتب حول العنوان واختياره كحقيقة أسعى وراء تحقيقها ، ولكنني أُثبِّت مبدأ لم يعهد القراء هُنا : وهو تصوري لاختيار العنوان كرأس من جسد الرواية يتعين الغوص فيه من كل المُحتمل من وراء حُجب التُراث .

لنـزعم أن الكاتب قد ترك النص لنا وترك دُنياه أو ما اعتبرناه موت للكاتب بعد اكتمال النص . لنا نحن هذا الجسد الروائي بكل تضاريسه التي سببتها موجه (تسونامي ) جرفت شواطئه وليست من أصل الأدوات التي يتعين النظر بها إلى الرواية .لم يعرف كثير من القُراء الوجه الحقيقي للرواية وتفاصيلها المُسهبة ، لكنه عمل التبس على الكثيرين حين دخول الفتوى الدينية الكونية ساحة الرواية بوجهها السافر . هذا هو الزمان الذي بدأنا نشهد فيه أساليب الاستعمار البربري تعود أدراجها من القرن التاسع عشر في وقت كُنا نحسب أن رفاته قد محتها السنون ، وعاد يؤاخي وجهاً آخر من رؤى التكفير ويتدرج قادماً من وراء القرون .





Post: #2
Title: Re: القيـام إلـى الثلـث الأخـير من ليـل الروايـة .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 08-21-2007, 09:24 PM
Parent: #1


(13)

المشي على الأشواك :


قلت من يمشي معي في صراط يربُط بنايتين شاهقتين ، وصوت الريح يعوي ؟
لا أحد .
الظلمة في وقتها الأشدُّ إظلاماً : في الثلث الأخير .
هنا تختلط الأجسام وأنت ذاهل .
في الثلث الأخير تبدأ كل الحروب الكونية الجديدة ،
و بهدي القاذفات الذكية ترى النهار في وَضح الظلمة ،
ويفر من الذواكر كل قبيل خُلق من نار الديانات القديمة .


Post: #3
Title: Re: القيـام إلـى الثلـث الأخـير من ليـل الروايـة .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 08-22-2007, 07:42 AM
Parent: #2


(14)
في الذي يلقيه الشيطان :

من أثر القص المقدس يمكننا البناء على تأسيس القص القرآني :
قالت الجن لمسنا السماء لنسترق السمع ووجدناها مُلئت شُهباً .
إن جنح خيال الكاتب وتمنى ألقى الشيطان في أمنيته فجلس يُنسج القص . يُضرب أركان الكون يبحث أين المنافذ فما وجد إلا أكثر الضروع مُدرَّةً للخيال فابتنى سفناً تضرب موج البحر ، وجلس على بساطٍ للريح وراقب الكون من عَلٍ . سأل عن الجن في القص ، و وجد منهم طرائق قِدداً .
أي شيطان كان يخطُف الأماني من صدور الأنبياء في الزمان القديم ويصنع منها نسجاً فكيف لا يصنع بكاتب روائي والأمر أيسر ! .

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52

{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً}الجن 11

Post: #4
Title: Re: القيـام إلـى الثلـث الأخـير من ليـل الروايـة .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 08-24-2007, 07:37 AM
Parent: #3


(15)

التناص في العنوان : ( آيات شيطانية ) :

وفي دراسة القدماء الكثير من أبواب في نقد النصوص عامة وتقارب بعضها
واقتباس البعض وهو باب يسميه القدماء :

الاصطراف ، الانتحال ، الادعاء ،الإغارة ، الغصب ، المرافدة ،
الاهتدام ، الاختلاس ، المواردة وغيرها .

وباب يسميه المُحدثون بالتناص :

التطابق ، التباعد ، التحاذي ، التقاصي ، التفاعل .

وفي معاني المفردات :

الاصطراف : من التصريف
المرافدة : من الاستعانة
الاهتدام : تصريف من الهدم
التقاصي : من التباعد

لقد واجه أبو الطيب المتنبي مُنتقديه بشأن التشابه وشُبهة السرقة في كتابته الشعرية و رد عليهم :

(الشعرُ جادة ، وربما وقع الحافر على موضع الحافر .)


أقرب مدخل للنظر لتناص ( آيات شيطانية ) هي من الآيات القرآنية التي وردت في سورة النجم ومن سورة الحج وفق ما أوردنا ، وفي ملك النبي سليمان يغوص الشياطين لخدمته وفق ما ورد في الذكر الحكيم ، وتلك الإعانة من الشيطان لم تتيسر لنبي غيره :
{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ{81 } وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ }الأنبياء 82 ـ81
أهي استثناءً لخدمة الشياطين تيسرت لنبي ولا تجوز لغيره أم هو باب مفتوح للجلوس إن تيسر لمعونة الشياطين في الغوص ؟
وأي غوص كان للكاتب سلمان رشدي في حيِّز عنوان الرواية الذي نحن بصدد دراسته : من أين جاء وكيف تدحرج من ماضٍ موغل في القدم .
غوص في نثر ما كُتب في التاريخ من الثابت مرجعه ومن المشكوك في أمره ، وتلك ربما يراه البعض من همزات الشياطين ونزعاتهم بما يوسوسون به:
{وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ }المؤمنون97
فكيف يخرج الكاتب من محاذير إغواء الشيطان في أخذ مراجعه من الذاكرة ومخزونها ، ومن الأسفار ومخزونها من مخزون وطنه الأم وكيف سبحت المُقدسات وتزاوجت فيه مع معارف الأمم وتخلقت جسداً آخر ، ومن ذهنه الخلاق أن يستعين بكل ذلك لصناعة رواية يعرف كاتبها تضاريس الخطو في المقدسات و خلطها بتقنيات القص وإعادة الصياغة بذهن منفتح .


Post: #5
Title: Re: القيـام إلـى الثلـث الأخـير من ليـل الروايـة .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-09-2007, 03:22 PM
Parent: #4


نسترِح ثم نبدأ من بعد حين

Post: #6
Title: Re: القيـام إلـى الثلـث الأخـير من ليـل الروايـة .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-17-2007, 06:41 PM
Parent: #5



أتجسُر أن ترى الكاتب كأنه قد رحل من بعد صناعة النص ،
وتُعيد صياغة العنوان وفق رؤاكَ ؟
أتصلُح تلك صياغة أخرى فوق التحرير ودون النص ؟




Post: #7
Title: Re: القيـام إلـى الثلـث الأخـير من ليـل الروايـة .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-18-2007, 04:30 PM
Parent: #4


(16)

شياطين النصوص المُقدسة وشياطين النص ( 1) :

كنتُ أعلمُ أن البحر عميق وأن البحَّار الذي يبحث الأحجار الكريمة ء يخسر كل دُنياه إن خرج بلا ثمر . كم من العُمر يا تُرى منذ أن انطلقت رصاصة الفتوى من صاحب القداسة التي صنعها العامة ومعهم الخاصة ، فالآية في هيكل اللاهوت قَبس من نور مُقدس ، والآية في هيكل الناسوت مؤسسة دينية على هَرمها من يسمونه البحر . لبس حُلة مُقدسة بما أنجزه من الصبر على صعود المراتب .
نعود لصاحب آيات شيطانية ، ولِمَ اختار الآيات من دون فعائل الشياطين الذين يعلمون الناس السِحر وكان سِحر الكاتب ذهناً مفتوحاً على الكون الفسيح في سباحته التي لا نعرف عدد أجرامها ، وكم عدد مجرَّاتها . بيننا وبين انفجار نجم في السماء السحيق تُشاهده المراصد وقد مضى عليه نيفٌ وألف عام مضت بين الحدث التاريخي وبين مُشاهدته بالمراصِد . كم نبوءةٌ أبصرت النور وانطفأت في بُرهة زمان ولم نـزل نُراوح مكاننا من عجائبية هذا الكون .
يقول رجلٌ أسكرته الفلسفة :
كانت الروح العُظمى ولم تزل سيدة الأكوان . سكنت الفراغ العظيم وتفيأت كوننا الذي نعيشه . خرجت من جسدها الروحاني ... ثم كُنا وكانت كل ألاعيب الخيال بلا سقفٍ و بلا حدود ليصنع منه الكاتب رواية !