قطر ليست قناة الجزيرة فحسب!!!!!حمد الماجد

قطر ليست قناة الجزيرة فحسب!!!!!حمد الماجد


03-15-2010, 06:13 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=260&msg=1268629984&rn=0


Post: #1
Title: قطر ليست قناة الجزيرة فحسب!!!!!حمد الماجد
Author: jini
Date: 03-15-2010, 06:13 AM

Quote:
قطر ليست قناة الجزيرة فحسب
حمد الماجد
الاثنيـن 29 ربيـع الاول 1431 هـ 15 مارس 2010 العدد 11430
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: الــــــرأي

في أقاصي القارة الأفريقية جلس رجل من السنغال مغبرة يده وقد التحف السماء وافترش الأرض يقرأ بخشوع مصحفا طبعه مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، لفت هذا المنظر مسؤولا قطريا هو الصديق الشيخ حمد بن ناصر آل ثاني وزير الدولة للشؤون الداخلية السابق، كان يزور السنغال فقال للصديق أحمد المري وزير الأوقاف القطري: «انظر كيف يعمل الرجال؟» يقصد تقديره للملك فهد رحمه الله في إنشاء أكبر مجمع عالمي لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، وكذلك تقدير الوزير القطري للجهد المبذول ليبلغ هذا المصحف الأخضر الشهير بجودة طباعته ومتانة مادته ما بلغ الليل والنهار.

لا أدري إن كان منظر مثل هذا السنغالي أحد المحفزات لتدخل قطر وبطريقة احترافية عالم خط وطباعة المصحف الشريف، فقد نظمت قطر الثلاثاء الماضي حفلا بهيجا كبيرا، شرفت بحضوره، لبدء تداول «مصحف قطر» وهو التسمية التي اختارها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. هذا المشروع الكبير والإنجاز القرآني اللافت استغرق بناؤه والعمل على تحقيق حلمه عشر سنوات، وهو بلا ريب وسام كبير يزين صدر أي دولة، فشرف الإنجاز من شرف المنجز، وهل ثمة شيء في الدنيا أعظم من كلام المولى جلت قدرته.

قد يتصور البعض أن من المبالغة وصف طباعة مصحف بـ«الإنجاز الكبير»، فكل ما يتطلبه الأمر ببساطة التعاقد مع شركة لديها مطبعة إلكترونية فاخرة، والنص القرآني أصلا موجود، والرسم العثماني متوفر كمبيوتريا ومتداول «قص ولزق»، والمال متاح، فأين كبر الإنجاز؟ يتولى الإجابة عن هذا التساؤل زميلي في قاعة الدراسة عندما كنا طلابا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور خليفة الكواري، أحد رجالات قطر الذين تابعوا تنفيذ هذا الإنجاز الكبير، فقد ذكر أن مسابقة دولية نظمتها قطر بالتعاون مع مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي والذي كان يرأسه مطلع التسعينات الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين الحالي لهذه المنظمة للظفر بشرف خط المصحف الشريف، فرست المسابقة، وهي أسلوب غير مسبوق، على أمهر الخطاطين، فخط يراعه الموهوب كامل المصحف الشريف، ثم أعيد خطه مرة أخرى لكي يخرج متسقا وفي أكمل صورة في رسمه وتصميمه وزخرفته المذهبة، تلتها مرحلة المراجعة والتصحيح والطباعة، شارك فيها الأزهر في عمل دؤوب من لجان قطرية رئيسية ولجان متفرعة استغرق عشر سنوات تستحق عليه الشكر والثناء.

أما الوزير الذي حظي بشرف اكتمال هذا الإنجاز في زمن تكليفه فهو الصديق أحمد المري الذي يقل أن ترى مثله في تحاشيه الشديد للقرب من الأضواء حين يكون بعيدا عنها، وكرهه للأضواء لدرجة التطرف حين تسلط عليه بما فيها هذه المقالة. أنا أدرك جيدا أن الناس تميل إلى كره التملق لأصحاب المسؤوليات الكبيرة وامتعاضهم من سماعه أو قراءته، إلا أن هناك أيضا ميلا فطريا نحو امتداح البسطاء المتواضعين الهاربين من الأضواء النافرين منها، إذ إن هناك تناسبا عكسيا في هذه المسألة، فكلما تولع المرء بالأضواء زهد الناس في محبة مدحه، والعكس صحيح، وهذا يذكرني بما فعله الصديق الدكتور زياد الدريس، وهو الزاهد جدا في المديح والتزلف، حين أطربنا في مجلته السابقة «المعرفة» في التسعينات بمديح جميل واستعراض مؤثر لسيرة رمز الزهد وأيقونة التواضع الشيخ صالح الحصين الرئيس العام الحالي لشؤون الحرمين الشريفين.

أعود لموضوع المقال، وأؤكد هنا بأنه إذا كان للسعودية شرف الريادة وقصب السبق والقدح المعلى في خدمة المصحف من خلال تأسيس مجمع ضخم مختص في طباعته ونشره إلى عشرات الملايين في أصقاع الدنيا حتى وصل ليد هذا السنغالي، فإن قطر التي عرفت أكثر من خلال قناة الجزيرة التي أثارت جدلا لا ينتهي، تريد أن يعرفها العالم الإسلامي من زوايا أخرى، ولتكن هذه المرة من زاوية مجمَع عليها من كل المسلمين كـ«مصحف قطر»، وأحسب أن المسلمين في شرق العالم وغربه بانتظار مبادرات رائدة مشابهة من حكوماتهم ولو بصور مختلفة في خدمة الإسلام والمسلمين وإرثهم وتراثهم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.