الإسـبـتـآليـة...

{font size=4}

لمن طلل بين الجدية والجبل
محل قديم العهد طالت به الطول
عفى غير مرتاد ومرّ كسرحب
ومنخفض طام تنكر وأضمحل
وزالت صروف الدهر عنه فأصبحت
على غير سكان ومن سكن إرتحل


نضر الله ذكرى أهلنا العرب...كانوا يبكون على الأطلال ويزرفون
سخين الدمع على ديار المحبوبة والأيام الخوالي في رحاب ربعها
وعشيرتها. يذكرهم الطلل الدارس بمراتع لهو ومجالس أُنس خلت
في مكان كان يوماً ما مأهول وعامر يرتاده الناس فيجدوا فيه مبتغاهم
وتسكن إليه نفوسهم وترتاح إليه أفئدتهم. كلما عصفت دواعي الحنين
بالعربي يشد زاملته فترى لها خبباً على جادة الطريق إلى أن يقف
بها على الأطلال يبكي الديار ويذكر الأحباب حتى يشفي غليل نفسه
بملآعج الذكرى ودواعي الحنين.

{font size=4}

الإسبتالية... هو الإسم المتداول بين أهلنا الطاغي على الإسم العربي
(المستشفى) الذي هو مشتق من الإستشفاء، بينما أسبتالية إسم أجنبي
من مفردات اللغة الإنجليزية دخيل على لغتنا، يشاركه في ذلك إسم
(الشفخانة) المُستقى من مفردات اللغة التركية، رغم أنّ المقطع الأول
منه يبدو مُشتقاً من كلمة شفاء العربية. ينضمّ للكوكبة إسم (العيادة)،
ويبدو إنه مُشتق من عيادة المريض.

ما زِلتُ أذكر ونحن في المدرسة الإبتدائية (دفتر العيادة) تلك الكُراسة
التي تحوي كلّ صباح أسماء الطلبة الذين تصيبهم وعكات يحالوا
بموجبها إلى المستشفى لتلقي العلاج. يذهب الطلبة إلى المستشفى
ويرجعوا بتقارير الطبيب مُدرجة في الكُراسة بعد تلقي العلاج وصرف
الدواء المجاني للمرضى منهم وكتابة (مُتصنع) لغير المرضى كتقرير
من الطبيب بعد تشخيص الحالة بأنها هروب من حصة الرياضيات
الصباحية. (الله يقطع الرياضيات)..

{font size=4}

الأطباء كانوا على قدرٍ عالٍ من الكفاءة وكلّ مستلزمات ممارسة المهنة
متوفرة لديهم، مع الإلتزام الكامل من جانب أهل المرضى والمسئولين في
الدولة بعدم التدخل في شئون عملهم. كانت الإمور في المستشفيات تسير
بصورة جميلة غاية في الإنضباط والنظام والنظافة. كانت المستشفيات
تقدم الوجبات للمرضى بحيث أنها كانت تأخذ حصتها من اللحوم وغيرها
من المواد التموينية كاملة. أذكر إنه في عطبرة كان معمل الألبان يقوم
بإمداد المستشفي يومياً باللبن ومشتقاته، والفراخ والبيض بينما حصة اللحوم
والكبدة تأتيها من السوق مباشرةً ويومياً، إضافة للفاكهة...
كما لايفوتني أن أذكر (يوم الزيارة) التي كانت مرتين في الإسبوع على ما
أعتقد، حيث يُسمح في هذين اليومين لأهل المرضى بزيارتهم مما يشرح
صدورهم ويعينهم على الشفاء. كذلك يوم الزيارة كان يوم سوق عامر
يقضي منه الناس حوائجهم ومستلزماتهم، ويشتروا منه الهدايا لمرضاهم.

وين سميري المرسوم في ضميري؟. هذه الأغنية فيها مقطع لا أذكره
تحديداً لكنه فيه إشارة ألى أنّ المحبوبة بيتهم يقع في شارع الإسبتالية
حيث أنّ الشوارع أيضاً كانت نظيفة، خاصةً المُطلة عليها المستشفيات.
اليوم الواحد إذا محبوبته بيتهم واقع في شارع الإسبتالية يخجل يصرّح
بذلك، لأنها أصبحت زي المراحيض...

{font size=4}


في فترة شغلي بالمخازن والمهمات كُلِفت وأحد الزملاء بحصر كروت العهدة
لمجموعة مخازن، وجدنا إنه هنالك كروت تحوي باقي عهدة لم تصرف
موجودة في الكرت لكنها غير موجودة في المخزن منها على سبيل المثال
(علآقة دِرِب للمستشفى، صحن حقن للمستشفى...الخ. ) وهذا يدل على أنّ
مصلحة المخازن والمهمات كانت تقوم بإمداد المستشفيات بكل إحتياجاتها.
يتضح من ذلك أنه كان هنالك نظام مُتبع، وهذا ما نفتقر إليه اليوم.

{font size=4}

في إحدى زياراتي للسودان وصلني خبر أنّ حبوبة زوجتي تمّ نقلها لمستشفى
بحري فذهبت لعيادتها. والله العظيم رايت ما لا يسر البال أبداً. تخيلوا النساء
المريضات كل إتنين في سرير! والعنبر خالي تماماً من ممرض أو ممرضة،
وحالته تنبئك بأنه مكان إنتظار للرحيل للدار الآخرة. طلبنا من الدكتور أن
يسمح لنا بأخذها لمستشفى آخر، فرفض بحجة إنه يستطيع أن يعالجها حتى
لو كانت في كوشة! هذا حسب عبارته التي خاطبنا بها!.
قلت، نحن ليس لدينا أدنى شك في إمكانياته كطبيب، لكن كيف تسمح له نفسه
أن يعالج المرضى في مكان ليس فيه أدنى مقومات الإستشفاء؟؟؟!.

ذهبت إلى أتبرا وأنا مُحتار فيما سمعت ورايت! وبديت أحكي لأهلي، فإذا
بأُختي تقول لي: ده كلو هيّن، أنا رقدوني في مستشفى عطبرة وبعد شوية
تفاجاءت برجل مريض جابوهو رقدوهو معاي في نفس السرير!!! طوالي
قمت مشيت أهلي بمرضي...

{font size=4}

مستشفى الباوقة نموذج للحالة المتردية التي وصلت إليها المستشفيات في البلد
عموم البلد بسبب إهمال الحكومات. تخيلوا بعد هذه الحالة التي وصلت إليها
المرافق الصحية في بلدنا، وإنعدمت فيها الصحة تماماً، عندنا وزارة صحة!!!
ليها وزير أو وزيرة ما عارف؟، ونائب وزير، وموظفين، وعربات، ومواهي
ومنصرفات والمرافق في الحضيض!. والله العظيم أنا إتحدى أيّ مسئول في
الحكومة يسمح لأخذ أُمه، أو أبيه، أو أُخته، أو أخيه، أو إبنه، أو بنته، أو حتى
أحد أهله المقربين لواحدة من هذه المستشفيات لتلقي العلاج إن وُجِد.
عبارات مثل: (يا ليتني كنت ترابا) و (ليت أم عمر لم تلد عمر) مثل هذه العبارات
لاتطلق جُزافاً، إنما يصحبها عمل يؤديه الإنسان بتجرد وإخلاص وخوف من
الجليل الرحيم، إنسان كمثل عمر بن الخطاب أو عمر بن عبد العزيز. إنسان
إستشعر عِظم المسئولية، وعرف أنّ الوظيفة وظيفة تكليف وليست وظيفة تشريف.
هذا هو الإنسان المؤمن الكامل الإيمان. أما الذي يطلق مثل هذه العبارات وهو
يتمرغ في ملزات الدنيا ونعيمها الزائل بينما شعبه يعيش في الحضيض فهو منافق
ورب الكعبة..

اعياد ميلاد مجيده
واعياد استقلال مباركه
يا المدير


______________
سلم علي راني

{font size=4}


لِخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

حتى متى ستظل مستشفياتنا ومرافقنا الصحية أطلال نستنطقها بأبيات القريض
كي تحكي لنا عن ماضٍ كانت تعد فيه منتجعات لمن أصابته نوائب الدهر
بالأوجاع والأسقام؟؟؟...

آسف للتكرار

Quote: اعياد ميلاد مجيده واعياد استقلال مباركه يا المدير ______________ سلم علي راني

كلّ الأعياد مباركة عليك أخي نعيم
وكمان الخطوبة..



يصل سلامك لراني بمشيئة الله...





مشور على المرور...

حبيبي ااه وقلبي تاه في يوم الزيارة.


يعني الاسبتالية كان ملتقي الاحبة,,,,

Quote: حبيبي ااه وقلبي تاه في يوم الزيارة. يعني الاسبتالية كان ملتقي الاحبة,,,,

أيَ والله يا نديدي، تجكس فيها بنفس فاتحة
شدة ما نضيفة...